روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الاثنين، 13 يونيو 2022

مجلد 17. و18. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

 مجلد 17. و18. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

 مجلد 17.التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: كان ابن عمر إذا حيا ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي ... ]
4264# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا هو المُقدَّميُّ؛ بضمِّ الميم، وفتح الدال المهملة المشدَّدة، منسوب إلى جدِّه، وعمُّ أبي بكر هذا: هو عمر بن عليٍّ، الذي روى عنه محمَّد هنا، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ؛ بفتح الشين، وهذا كلُّه ظاهرٌ.
قوله: (إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ): [2] هو عبد الله بن جعفر، والله أعلم، وقد ذكرت أولاد جعفر أنَّهم ثلاثة: عبد الله، ومحمَّد، وعون، والله أعلم.
قوله: (يَا بْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ [3]): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (مناقب جعفر)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[2] زيد في (أ): (الذي)، وكانت العبارة: (الذي ظهر لي أنَّه)، ثمَّ ضرب على ما بعد (الذي)، وأثبت بدلًا منه كلمة: (هو).
[3] في هامش (ق): (فإنَّه رُوي: أنَّه أخذ اللواء بيمينه وقاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بيساره، فقطعت يَساره، فاحتضن الراية فقاتل حتى قتل، فأبدله الله تعالى بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، وليس معنى الجناحين: كما يسبق إلى الوهم مثل جناحي الطائر وريشه؛ لأنَّ الصورة [الآدمية أشرف] الصور وأكملها، ولكنها عبارة عن صفة ملكية، وقوة روحانية أعطيها جعفر كما أعطيها الملائكة، وقد قال تعالى لموسى: {اضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} [طه: 22]، فعبر عن العضد بالجناح توسُعًا، وليس ثم طيران، فكيف بمن أعطي القوة على [الطيران مع] الملائكة أخلق به إذًا أن يوصف بالجناح مع كمال [الصورة الآدمية] وتمام الجوارح البشرية، وقد قال أهل العلم في أجنحة الملائكة: ليست كما يتوهم من أجنحة الطير، ولكنها صفات ملكية لا تفهم إلا بالمعاينة، واحتجوا بقوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، فكيف تكون كأجنحة الطير على هذا، ولم ير طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة، فكيف بست مئة جناح).
[ج 2 ص 202]

(1/7694)


[حديث: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف]
4265# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الثوريُّ، كذا عيَّنه هنا المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (إِسْمَاعِيلُ) هذا: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (يَمَانِيَةٌ)، وكذا (يَمَانِيَةٌ) الثانية [خ¦4266]: بتخفيف الياء على الفصيح، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 202]

(1/7695)


[حديث: لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف]
4266# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي): (دُقَّ)؛ بضمِّ الدال المهملة، وتشديد القاف: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (تِسْعَةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[ج 2 ص 202]

(1/7696)


[حديث: أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي]
4267# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ فُضَيلًا بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة، و (حُصَيْنٌ): هو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، هو ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، و (عَامِرٌ) هذا: هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، و (النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ): تَقَدَّم أنَّ بَشِيرًا بفتح الموحَّدة، وكسر الشين، والنعمان صَحابيٌّ، وبَشِير صَحابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما، تَقَدَّما.
قوله: (أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ): (أُغمِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
[ج 2 ص 202]
قوله: (فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي): (عمرة): هي بنت رواحة، أخت عبد الله بن رواحة، وهي والدة النعمان بن بَشِير راوي هذا الحديث، لها في «مسند أبي داود الطيالسيِّ»، صحابيَّة، وهي امرأة بَشِير بن سعد والد النعمان، قال ابن عبد البرِّ: من حديثها عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّه قال: «وجب الخروج على كلِّ ذاتِ نطاق».
قوله: (وَاجَبَلاَهْ): أي: كنتُ في عزٍّ ومنعة من أجلك، فكنت لي كالجبل.
4268# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْثَرُ): هو بفتح العين المهملة، ثُمَّ موحَّدة ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ راء، وهو ابن القاسم، أبو زُبيد الزُّبيديُّ، عن حُصَين، وسليمان التيميُّ، وعنه: هنَّاد، ومسدَّد، وقتيبة، تُوُفِّيَ سنة (178 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وأحمد، وقال أبو داود: ثِقةٌ ثِقةٌ، و (حُصَيْنٌ): هو ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم بظاهرها، و (الشَّعْبِيُّ): تقدَّم [أنَّه بفتح] الشين، عامر بن شراحيل، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا، و (النُّعْمَانُ بنُ بَشِيرٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين، وأنَّ النعمان صَحابيٌّ كوالده.
فائدةٌ: استشهد بمؤتة فيما ذكر ابن إسحاق منهم من بني هاشم: جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، ومن بني عديٍّ: مسعود بن الأسود [1] بن حارثة بن نضلة، ومن بني مالك بن حسل: وهب بن سعد بن أبي سرح، ومن الأنصار: عبد الله بن رواحة، وعبَّاد بن قيس، والحارث بن النعمان، وسراقة بن عمرو بن عطيَّة، وزاد ابن هشام عن الزُّهريِّ فيهم: أبا كليب، وقال السهيليُّ في آخر غزوة مؤتة: وذَكَرَ فيمن استشهد بمؤتة أبا كليب _وقال ابن هشام فيه: أبو كلاب، وهو المعروف عندهم، وقال أبو عمر: لا يعرف في الصَّحابة أحد يقال له: أبو كليب، انتهى، وفي «ابن هشام»: (أبو كليب) هو من زيادته على ابن إسحاق، ثُمَّ قال: (ويقال: أبو كلاب)، انتهى_ وجابرًا ابني عمرو بن يزيد بن عوف بن مبذول، وهما لأب وأمٍّ، وعمرًا وعامرًا ابني سعْد بن الحارث بن عبَّاد، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (الأوس)، وفوقها ضبَّة، وكذا في «عيون الأثر»، والمثبت موافق لسائر المصادر.

(1/7697)


[باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة]
قوله: (بابُ بَعْث النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): (أسامةَ): منصوب مفعول المصدر، و (ابنُ): تابع له.
قوله: (إِلَى الْحُرَقَاتِ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الراء، وبالقاف، وهو بطن من جُهينة.
ثُمَّ اعلم أنَّ هذه السريَّة هي سريَّة غالب بن عبد الله الليثيِّ إلى المِيفعة في رمضان سنة سبع، قالوا: بعث رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غالب بن عبد الله إلى بني عُوَال _يعني: بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الواو، وباللام في آخره_ وبني عبْد بن ثعلبة وهم بالمِيفعة، وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلًا ناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية بُرد، بعثه في مئةٍ وثلاثين رجلًا، ودليلهم يسار مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _وهو بالمثنَّاة تحت، ثُمَّ بالسين المهملة_ فهجموا عليهم جميعًا، ووقعوا في وسط محالِّهم، فقتلوا مَنْ أَشْرَف لهم، واستاقوا نعمًا وشاءً، فحَدَروه إلى المدينة، ولم يأسروا أحدًا.
وفي هذه السريَّة قتل أسامةُ بن زيد الرجلَ الذي قال: لا إله إلَّا الله، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «هلَّا شققت عن قلبه ... »؛ الحديث، وسأذكر تسمية الرجل المقتول قريبًا إن شاء الله تعالى.
وقد بوَّب الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ على هذه السريَّة كما رأيت، وساق حديث أسامة، وذِكْرُ البُخاريِّ لهذه السريَّة بعد مؤتة يدلُّ على أنَّه عنده كان بعد مؤتة، وقد ذكرت لك متى كانت هذه السريَّة أعلاه، وفيما ذكر البُخاريُّ أنَّ أسامة بن زيد الأمير، وقدَّمتُ أنا أنَّ أميرها غيره، ويبعد تعدُّد الواقعة، فإنَّه لا يقتل بعد النهي، ويبعد النسيانُ أيضًا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 203]

(1/7698)


[حديث: يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله]
4269# قوله: (عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو عمرو بن محمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان البغداديُّ، الناقد الحافظ، نزل الرقَّة، و (هُشَيْمٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن بَشِير، أبو معاوية، السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، و (أَبُو ظِبْيَانَ)؛ بكسرالظاء المعجمة، وقيل: بالفتح، وأهل اللغة يفتحونها، ويلحِّنون من يكسرها، وأهل الحديث يكسرونها، وهو الذي اقتصر عليه غير واحد من أهل الحديث، وبعضهم حكى الوجهين، واسم أبي ظِبيان حُصَين _أيضًا كالذي قبله_ ابن جندب، الجنبيُّ الكوفيُّ، من مَذْحج، عن حذيفة، وسلمان، وعليٍّ، وأسامة بن زيد، وجَرِير بن عبد الله، وعائشة، وجماعةٍ، وعنه: ابنه قابوس بن أبي ظِبيان، وحُصَين بن عبد الرَّحمن، وعطاء بن السائب، والأعمش، وآخرون، وثَّقه ابن معين وجماعة، تُوُفِّيَ سنة تسعين، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة، ذُكِر في «الميزان» للتمييز.
قوله: (إِلَى الْحُرَقَةِ): تَقَدَّم ضبطها أعلاه، وأنَّها بطن من جُهينة.
قوله: (أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): الأنصاريُّ لا أعرف اسمه، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ، ثُمَّ قال: ويحتمل أن يكون أبا الدرداء، ففي تفسير عبد الرَّحمن بن زيد ما يرشد إليه.
قوله: (رَجُلًا مِنْهُمْ): هذا الرجل اسمه مرداس بن نهيك، كذا ذكره ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق له شاهدًا، وكذا ذكره غيرُه، وقيل: مرداس بن عمرو، شهيد رضي الله عنه، وسيجيء في (سورة النساء) في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} ... ؛ الآية [النساء: 94] في كلامي أنَّها نزلت في أسامة بن زيد حين قتل مرداس بن نهيك، والله أعلم.
وقد ذكر الذهبيُّ في «تجريده» مرداسًا هذا في الصَّحابة، وحدُّ الصحابيِّ لا يطلق عليه؛ لما تَقَدَّم في كلام البُخاريِّ، نعم هو تابعيٌّ؛ لأنَّه رأى الصَّحابة، وكان ينبغي للذهبيِّ أن يحمِّره كشرطِه وعادتِه، والله أعلم.
تنبيهٌ: كان أمير هذه السريَّة غالبَ بن عبد الله الليثيَّ، وقد تَقَدَّم.
قوله: (حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ): قال الشيخ محيي الدين النوويُّ في قوله: (حتى تمنيت ... )؛ الحديث: معناه: لم يكن تَقَدَّم إسلامي، بل ابتدأت الآن الإسلام؛ ليمحو عني ما تَقَدَّم، وقال هذا الكلام من عظم ما وقع فيه.
ثُمَّ اعلم أنَّ الإمام الرافعيَّ ذكر فرعًا في «شرحه الكبير» في الردَّة، فقال: لو أسلم كافر، وأعطاه الناس أموالًا، فقال مسلم: ليتني كنت كافرًا فأسلم فأُعطى، قال بعض المشايخ: يكفر، وقد تعقَّب هذا الفرع النوويُّ في «روضته»، فقال ما لفظه: (في هذا نظر؛ لأنَّه جازم بالإسلام في الحال والاستقبال، وثبت في الأحاديث الصحيحة ... )، فذكر قصَّة أسامة هذه، ثُمَّ قال في آخره: (ويمكن الفرق بينهما، والله أعلم)، انتهى.

(1/7699)


تنبيهٌ: تأوَّلَ أسامةُ قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85]، ولم ينقل أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ألزمه دية ولا غيرها، إمَّا لمكان تأويله، أو أنَّ أولياء المقتول لم يطلبوا.

(1/7700)


[حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات]
4270# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، تَقَدَّم.
4271# قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ): وفي نسخة بعد (حفص): (بن غِيَاث)، و (غِيَاث): تَقَدَّم أنَّه بكسر الغين المعجمة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، و (عمر) هذا: هو شيخ البُخاريِّ ومسلم.
وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة.
و (حفص) والده نخعيٌّ، قاضي الكوفة، وقاضي الجانب الشرقيِّ، قال يعقوب
[ج 2 ص 203]
بن شيبة: ثَبْتٌ إذا حدَّث من كتابه، ويُتَّقى بعض حفظِه، تُوُفِّيَ سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
تنبيهٌ: لهم حفص بن غِيَاث شيخ بصريٌّ، له عن ميمون بن مهران، مجهول.

(1/7701)


[حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات وغزوت ... ]
4272# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): هو الضحَّاك بن مَخْلد، وكذا هو في نسخة في أصلنا مسمًّى منسوبًا، و (ابْنُ حَارِثَةَ): هو زيد بن حارثة، وهذا يظهر من الحديث قبله.
==========
[ج 2 ص 204]

(1/7702)


[حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات فذكر .... ]
4273# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ): قال ابنُ طاهر في ترجمة حمَّاد بن مَسْعَدَة: روى عنه محمَّد بن عبد الله وهو _فيما يقال_ الذهليُّ في (بعث النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أسامةَ بن زيد إلى الحرقات) عند البُخاريِّ، انتهى.
قوله: (وَيَوْمَ الْقَرَدِ): تَقَدَّم أنَّ (القَرَد) بفتح القاف والراء، وحكى السهيليُّ عن أبي عليٍّ الضمَّ في القاف والراء، قال شيخنا: وربَّما وجد مضبوطًا بضمِّ القاف، وفتح الراء، انتهى، وقد قدَّمتُ تاريخها.
قوله: (قَالَ يَزِيدُ: وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ): اعلم أنَّه بقي الفتح والطائف وتبوك.
وقوله: (وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ): كذا في أصلنا وأصل آخر لنا دمشقيٍّ، والوجه: بقيَّتَهنَّ أو بقيَّتَها.
==========
[ج 2 ص 204]

(1/7703)


[باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة ... ]
(بابُ غَزْوَة الْفَتْحِ) ... إلى (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25])
اعلم أنَّ غزوة الفتح كانت في رمضان سنة ثمان، خرج عَلَيهِ السَّلام يوم الأربعاء لعشر مضين من رمضان من سنة ثمان، وسيأتي فيه شيء عن ابن عباس غريبٌ.
وقد اختُلِف متى كان الفتح من الشهر؛ ففي (الصوم) من «مسلم»: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام صبَّح مَكَّة لثلاث عشرة خلت من رمضان)، ثُمَّ ذكر عن أبي سعيد قال: (غزونا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لستَّ عشرة مضت من رمضان)، وفي رواية: (لثمان عشرة خلت)، وفي رواية: (ثنتي عشرة)، وفي رواية: (لسبع عشرة أو تسع عشرة).
قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: (والمشهور في كتب المغازي: أنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج في غزوة الفتح من المدينة لعشر من رمضان، ودخلها لتسع عشرة منه، ووجه الجمع بين هذه الروايات ... )، ثُمَّ أخلى بياضًا، ولم يُحِب.
وفي «سيرة مغلطاي» في الفتح: (وطاف النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالبيت يوم الجمعة، لعشر بقين من رمضان)، وقد تَقَدَّم أنَّ الفتح يوم الجمعة، لتسع عشرة، وينبغي أن يجمع بين الروايات في ذلك، وقد حاولت ذلك، فلم يمكنِّي، وحاصل الروايات التي وقفت عليها في ذلك: ثلاث عشرة، ثماني عشرة، ثنتا عشرة، سبع عشرة أو تسع عشرة، خروجه من المدينة إلى مَكَّة بعد مضي ثماني عشرة، وهذه في «مسند أحمد» بسند صحيح.
وقال ابن القيِّم: (خرج من المدينة إلى مَكَّة في أواخر رمضان، بعد مضي ثماني عشرة ليلة منه ... )، ثُمَّ ساق مستنده، والله أعلم.
وقد قدَّمتُ ذلك غير هذه المرَّة، وسبب الفتح معروف في كتب المغازي والسير؛ لنقضهم العهد الذي عاقدوا عليه.
قوله: (وَمَا بَعَثَ بِهِ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ [1] إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِغَزْوِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على حاطب، وقدَّمتُ ما ذكرَ أنَّه كتب به إليهم في (كتاب الجهاد)، والاختلاف في صورة ما كتبه إليهم، وقدَّمتُ أنَّه كتب إلى سُهَيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: أبو بلتعة: اسمه عمرو في اللغة: التظرُّف).
[ج 2 ص 204]

(1/7704)


[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينةً معها كتاب]
4274# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو سفيان بن عيينة، و (الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو الحسن بن محمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، و (محمَّد): هو ابن الحنفية، وقد قدَّمتُ ترجمة الحسن بن محمَّد، وأنَّه أوَّل المرجئة، وله فيه تأليف، وقدَّمتُ ما ذُكِر في غيره من هذه البدعة، وجمعتُ بينهما، قال عمرو بن دينار: أخبرنا الحسن بن محمَّد، ولم أر أحدًا قطُّ أعلمَ منه.
قوله: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ): تَقَدَّم في (الجهاد) من أرسله معهم، أو قيل: إنَّه أرسله معهم، وذكرت مجموعهم، وتَقَدَّم الكلام على (رَوْضَةَ خَاخٍ)، وأنَّها بخاءين معجمتين، بينهما ألف، وما وقع لبعض الرواة في ذلك، وقدَّمتُ أين هي، وذكرت اسم (الظَّعِينَة [1]) حاملة الكتاب، وأنَّها سارة أَمْ أمُّ سارة، أو كنود المزنيَّة، وقال الدِّمْياطيُّ: (واسمها سارة، مولاة عمرو ابن هاشم، أمر النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بقتلها يوم الفتح مع جماعة؛ منهم: ابن خطل)، انتهى.
وكذا (فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا)، والجمع بين هذه وبين (فأخرجته من حُجزتها)، والحُجزة: معقد الإزار والسراويل، وقدَّمتُ ما العِقاص، وأنَّه بكسر العين، وكذا قوله: (إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّم أنَّه كتب لعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة، وسُهَيل بن عمرو، كما قدَّمتُه أعلاه، وذكرت ما الذي كتبه، والاختلاف فيه.
(كُنْتُ حَلِيفًا): تَقَدَّم أنَّه حليف قريش، وقيل: هو حليف للزبير بن العوَّام، وهو لخميٌّ، ويقال: إنَّه من مَذْحج، وقيل: كان عبدًا لعُبيد الله بن حُمَيد بن زهير بن الحارث بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، وكاتبه فأدَّى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن، والأكثر أنَّه حليف لبني أسد بن عبد العزَّى، وكذا (مِنْ أَنْفُسِهَا)، وأنَّه بضمِّ الفاء.
قوله: (أَهْلِيهِمْ): هو بإسكان الياء، وأصله: أهلين، حذفت النون؛ للإضافة، وهو منصوبٌ.
قوله: (يَحْمُونَ بِهَا [2] قَرَابَتِي): تَقَدَّم أنَّه كان له فيهم أمٌّ، وفي بعض طرق الحديث: (أهلي وولدي).
قوله: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ): (أمَا): تَقَدَّم أنَّها بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، بمنزلة (أَلَا)، ولهذا كُسِرت همزة (إِنَّ) بعدها.
==========
[1] في هامش (ق): (وقد قيل: كان في [الكتاب: إنَّ] رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل، وأقسم بالله لو صار إليكم [وحده؛ لنصره الله عليكم، فإنَّه منجزٌ له ما وعده]).
[2] (بها): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 204]

(1/7705)


[باب غزوة الفتح في رمضان]
قوله: (بابُ غَزْوَة الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ): أمَّا كون الشهر شهر الفتح رمضان؛ فلا أعلم فيه خلافًا، وقد قدَّمتُ الخلاف في كم كان في رمضان أعلاه وقبله أيضًا.
==========
[ج 2 ص 204]

(1/7706)


[حديث: صام رسول الله حتى إذا بلغ الكديد أفطر]
4275# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام الجواد، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم.
قوله: (وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيّبِ يَقُولُ): قائل ذلك هو ابن شهاب الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (ابن المُسَيّب): هو سعيد، وقد تَقَدَّم أنَّ (المُسَيّب) بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيِّب) لا يجوز فيه غير الفتح، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَخْبَرَه): وهذا أيضًا معطوف عليه، وقائله هو الزُّهريُّ، و (عُبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود المذكور في السند.
[ج 2 ص 204]
قوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ الْمَاءَ الَّذِي بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ): (الكَدِيْد)؛ بفتح الكاف، وكسر الدال المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال أخرى مهملة، وهو على اثنين وأربعين ميلًا من مَكَّة، و (قُدَيد)؛ بضمِّ القاف، وفتح الدال المهملة الأولى، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة أخرى: مكانٌ معروف، وكذا (عُسفان) معروفةٌ.

(1/7707)


[حديث: أن النبي خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف]
4276# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه [ابن] غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بعده: هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الذي تَقَدَّم.
قوله: (وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ): هذا هو الأكثر، وعن الحاكم: (في اثني عشر ألفًا)، قال شيخنا: وفي «شرف المصطفى»: (في اثني عشر ألفًا)، وقال يحيى بن سعيد: (في عشرة آلاف، أو اثني عشر ألفًا ... ) إلى أن قال: (وقال مالك: خرج في ثمانية آلاف أو عشرة آلاف)، انتهى، وفي «مسلم» في (الزكاة): (ونحن بشر كثير قد بلغنا ستَّة آلاف)، والرواية الأولى التي فيها (عشرة آلاف والطلقاء) أصحُّ من هذه؛ لأنَّ المشهور في كتب المغازي أنَّ المسلمين كانوا يوم حُنين اثني عشر ألفًا؛ عشرة آلاف شهدوا معه الفتح، وألفان من أهل مَكَّة ومَنِ انضاف إليهم، وهذا معنى قوله: (معه عشرة آلاف ومعه الطلقاء)، قال القاضي عياض: («ستَّة آلاف»: وَهم من الراوي عن أنس)، انتهى.
قوله: (وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ): في هذا نظر؛ لما تَقَدَّم أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان من الهجرة، وهذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا: أنَّه كان الفتح سنة ثمان، ولو كان كما ذكر في الرواية؛ لكان الفتح في التاسعة، وسواء قلنا: إنَّ أوَّل التاريخ ربيع الأوَّل شهر المقدم، أو من أوَّل سنة المقدم، أو أسقطنا الكسر، وأرَّخنا من أوَّل السنة التي تلي سنة المقدم، وقد تَقَدَّم الخلاف في أوَّل التاريخ قبيل (المغازي)، وذكرت هناك قولًا آخر غريبًا، وهو قد ذكرته هنا، ولا يصحُّ أيضًا عليه، والله أعلم.
قال شيخنا: وحقيقة الحساب على ما ذكره الشيخ أبو محمَّد في «جامع مختصره»: أنَّها سبع سنين وسبعة أشهر؛ لأنَّ الفتح في الثامنة في رمضان، وكان مقدمه المدينة في ربيع الأوَّل، ثُمَّ ذكر له دليلًا.
قوله: (حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه، وأنَّه هو، وقبل ذلك أيضًا.
قوله: (وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآخِرُ فَالآخِرُ): (يُؤخَذ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآخرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (الآخرُ) الثاني.
==========
[ج 2 ص 205]

(1/7708)


[حديث: خرج النبي في رمضان إلى حنين والناس مختلفون .. ]
4277# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ عيَّاشًا هذا بالمثنَّاة تحت، وبالشين المعجمة، وقد قدَّمتُ الكلام عليه، وعلى (عبَّاس بن الوليد)؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، وأنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ»: (عيَّاش)؛ فهو الأوَّل، ولم يكن عن الثاني إلَّا موضعان؛ أحدهما: في (باب علامات النبوة)، والثاني: في (المغازي) في (باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن)، وفي مكان آخر نسبه، فقال: (النرسيُّ)؛ يعني: المهمل.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): هذا هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى الساميُّ، أحد المحدثين الكبار، تَقَدَّم، و (خَالِدٌ) بعده: هو خالد بن مهران الحذَّاء، أبو المُنازِل، تَقَدَّم.
قوله: (فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ): قال الدِّمْياطيُّ: (لم تكن غزوة حنين في رمضان، وإنَّما كانت في شوَّال سنة ثمان)، انتهى، قال مغلطاي في «سيرته» قولًا؛ وهو: أنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج _يعني: لحُنين_ لستِّ ليال خلون من شوَّال، ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان إلى حُنين، فالذي في الأصل قوله: (في رمضان) هو على قول، وقيل: رواية: (في رمضان إلى حُنين) دليل قول مغلطاي، والله أعلم.
وقال المحبُّ الطبريُّ: وصوابه _والله أعلم_: (إلى خيبر)؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام قصدها في هذا الشهر، وأمَّا حُنين؛ فكانت بعد الفتح بأربعين ليلة، وكان قصده أيضًا مَكَّة في هذا الشهر، هكذا حكاه الشيخ ابن تيمية في كتابه عن شيخه عبد الرزَّاق بن عبد القادر ... إلى أن قال: ويجوز أن يكون ذلك لمَّا قصد مَكَّة، وكان في هذا الشهر، وكان قصده بعدها حُنينًا، فأُطلِق عليه خروج إلى حُنين؛ لاحتمال قصدهما جميعًا، ويكون فطره بعد الخروج بأيام لمَّا بلغ الكَدِيد على ما تَقَدَّم، لا يوم الخروج، والحديث محتمل، فيُحمَل المطلق على المقيَّد؛ توفيقًا بينهما، وما ذكره ابن تيمية [1] عن شيخه فيه نظر؛ إذ قد ذكر بعض أهل التاريخ أنَّ خروجه إلى حُنين كان بعد الفتح بخمسة عشر يومًا، وبعضهم ذكر دون ذلك، انتهى.
وما قاله الدِّمْياطيُّ الحافظ شيخ شيوخنا هو الظاهر، وأنَّ ما في «الصحيح» يجيء على قولٍ قدَّمتُه قريبًا في كلامي، وقول المحبِّ الطبريِّ: (صوابه: خيبر) فيه نظر، ومن يعرف المغازي؛ يعرف ذلك، والله أعلم.
4278# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): كذا في أصلنا، وعلى الواو [في] (وقال) علامة نسخة، يبقى الكلام على حذفها: (قال عبد الرزَّاق)، اعلم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، وهذا ظاهرٌ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتعليق عبد الرزَّاق ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ): هذا أيضًا تعليق مجزوم به، وتعليق حمَّاد ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/7709)


[حديث: سافر رسول الله في رمضان فصام حتى بلغ عسفان]
4279# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، و (جَرِيرٌ) بعده: هو ابن عبد الحميد، الضبيُّ القاضي، و (مَنْصُورٌ) بعده: هو ابن المعتمر.
==========
[ج 2 ص 205]

(1/7710)


[باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح]
[ج 2 ص 205]
قوله: (بابٌ أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَايَتَهُ [1] يَوْمَ الْفَتْحِ): تجاه هذا الباب: قال الدِّمْياطيُّ ما لفظه: (كان شعار المهاجرين يومئذٍ: عبد الرَّحمن، وشعار الخزرج: عبد الله، وشعار الأوس: عُبيد الله)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الراية).

(1/7711)


[حديث: احبس أبا سفيان عند حطم الخيل حتى ينظر إلى المسلمين]
4280# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم مِرارًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام.
قوله: (لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ): هذا مرسل هنا؛ لأنَّ عروة تابعيٌّ، وذكر قصَّة لم يدركها.
قوله: (عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّ الفتح كان سنة ثمان في رمضان، وتَقَدَّم الكلام على رواية: (وذلك على رأس ثماني سنين ونصف من مقدمه المدينة) قريبًا؛ فانظره.
قوله: (أَبُو سُفْيَانَ [1] بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّم الكلام على أبي سفيان في أوَّل هذا التعليق وفي غيره، وترجمته معروفة، من مسلمة الفتح.
قوله: (وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ): تَقَدَّم أنَّ (حَكِيمًا) بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ (حِزَامٍ) بكسر الحاء، وبالزاي، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته، من مسلمة الفتح.
قوله: (وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ): (بُدَيل): هو بضمِّ الموحَّدة، وفتح الدال المهملة، و (وَرْقَاء): بفتح الواو، وإسكان الراء، وبالقاف، ممدود الآخر؛ الثلاثة أسلموا يوم الفتح بمرِّ الظَّهران، كذا قال الذهبيُّ، وفيه تجوُّز، وكان بُدَيل من كبار مسلمة الفتح، وتُوُفِّيَ بُدَيل قبل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
قوله: (حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ): (مَرَّ): بفتح الميم، وتشديد الراء، و (الظَّهران): بفتح الظاء المعجمة المشالة، وإسكان الهاء، وبالراء، وهو على بريد من مَكَّة، وقال ابن وضَّاح: على أحدٍ وعشرين ميلًا، وقيل: على ستَّة عشر، ويقال فيه: مرُّ ظهران والظهران، ويقال فيه: الظهرانُ؛ من غير إضافة إلى (مرٍّ)، وهو الذي تسميه العامَّة بطنَ مرو.
قوله: (فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ [2] كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ): أوقدوا تلك الليلة عشرة آلاف نار، كما نقله ابن سيِّد الناس في «سيرته» في الفتح، والظاهر من عبارته أنَّه من «سيرة ابن إسحاق»، والله أعلم.

(1/7712)


قوله: (نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ، فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا هنا أنَّ أبا سفيان وحَكِيمًا وبُدَيلًا رآهم الحرس، فأدركوهم، فجاؤوا بهم رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: سُمِّيَ معهم: عمر بن الخَطَّاب في السيرة، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس» من «سيرة ابن إسحاق» _وهو في «أبي داود» في (الخراج)، وفي السند ابن إسحاق وشخص مجهول_: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام جعل على الحرس عمر بن الخَطَّاب، وأنَّ العباس رقَّت نفسه لأهل مَكَّة، قال: فجلست على بغلة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم البيضاء، فخرجت عليها حتَّى جئت الأراك، فقلت: لعلِّي أجدُ بعض الحطَّابة، أو صاحب لبن، أو ذا حاجة، يأتي مَكَّة، فيخبرهم بمكان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليخرجوا إليه، فيستأمنوه قبل أن يدخلها عَنوة، فوالله إنِّي لأسير عليها؛ إذ سمعتُ كلام أبي سفيان وبُدَيل بن وَرَقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيتُ كالليلة نيرانًا قطُّ ولا عسكرًا ... ، إلى أن قال: فعرفتُ صوته، فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: ما لك فداك أبي وأمِّي؟ قال: قلتُ: هذا رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في الناس، وا صباحَ قريش والله! قال: فما الحيلة فداك أبي وأمِّي؟ قال: قلتُ: والله لئن ظفر بك؛ ليضربنَّ عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتَّى آتي بك رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأستأمنه لك، فركب خلفي، ورجع صاحباه ... ، إلى أن قال: حتى مررتُ بنار عمر بن الخَطَّاب، فقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلمَّا رأى أبا سفيان على عجز الدابَّة؛ قال: أبو سفيان عدوُّ الله؟! الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ... ، إلى أن قال: فلمَّا أصبح؛ غدوت به إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... ، إلى أن قال: فشهد شهادة الحقِّ، فأسلم)؛ فانظر ما بينهما من المخالفة، ولفظ «الصحيح» صحيحٌ لا شكَّ فيه، لكنَّه عن عروة ... ، فذكره، وذاك من حديث ابن إسحاق، وفي السند أيضًا رجل مجهول كما تَقَدَّم، والله أعلم.
قوله: (فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ): قال شيخنا: هذا هو الصواب، وقيل: بل رجع وهو على كفره، حكاه ابن التين، انتهى، وهذا نحو كلام ابن إسحاق، ولكنَّ عبارة «الصحيح» في هذا القدر لا تنافي ما قاله ابن إسحاق، والله أعلم.

(1/7713)


قوله: (عِنْدَ خَطْمِ الجَبَل حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ): قال ابن قُرقُول: (عند خطم الجبل): كذا رواه القابسيُّ، والنسفيُّ، وأهل السير، وخطم الجبل: أنفه؛ وهو طرفه السائل منه، وهو الكراع، ورواه سائر الرواة _الأصيليُّ، وابن السكن، وأبو الهيثم_: (عند حطم الخيل)؛ أي: حيث تجتمع فيحطم بعضُها بعضًا، والأوَّل أشهر وأشبه بالمراد، وحبسه هناك حيث يضيق الطريق، وتمرُّ عليه جنود الإسلام على هيئتها شيئًا بعد شيء، فيعظم في عينه، وأمَّا الانحطام؛ فليس يختصُّ بموضع، ولا هو المراد، وأكثر ما يقال ذلك في المعارك، وعند الملاقاةِ، وقد ضبطه بعضهم عن القابسيِّ وأبي ذرٍّ لغير أبي الهيثم: (عند حطم الجبل)، وكذا قيَّده عبدوس، وهو وَهم لا وجه له، انتهى.
و (حطم الخيل)؛ بالحاء، و (الخيل)؛ بالخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة: كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (خطم الجبل): (خطم)؛ بالخاء المعجمة، و (الجبل)؛ بالجيم، والموحَّدة.
قوله: (كَتِيبَةً كَتِيبَةً): (الكتيبة): الجيش المجتمع الذي لا ينتشرُ، وهذا ظاهرٌ، و (كتيبةً): منصوب منوَّن، كذا في أصلنا، يجوز رفعهما مع التنوين.
قوله: (سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ): هو بضمِّ الهاء، وفتح الذال المعجمة، وهذا ظاهرٌ جدًّا [3].
قوله: (ثُمَ مَرَّتْ سُلَيْمُ): هو بضمِّ السين، وفتح اللام، وهذا ظاهرٌ أيضًا.
قوله: (لَمْ يُرَ مِثْلُهَا): (يُرَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مثلُها): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ أيضًا.
قوله: (عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ): (سعد) هذا: سيِّد الخزرج، تَقَدَّم ببعض ترجمة.
قوله: (الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ): تَقَدَّم إعراب (اليوم يوم) في قوله: (وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ) [خ¦3041]، وما نقل فيه السهيليُّ، و (الملحمة): الحرب، أو يوم حرب لا يجد منه المرءُ مخلصًا، أو يوم القتل، يقال: لحم فلان فلانًا: قتله، و (الملحمة) أيضًا: موضع القتال، والجمع: الملاحم، مأخوذة من اشتباك الناس واختلاطهم فيها؛ كاشتباك لُحمة الثوب بالسَّدى، وقيل: هو من اللحم؛ لكثيرة القتلى فيها.
وأمَّا قوله: «أنا نبيُّ الملحمة»؛ يعني: نبي القتال، وهو كقوله الآخر: «بعثتُ بالسيفِ».
[ج 2 ص 206]
قوله: (الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ): (تُستَحلُّ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الكعبةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ [4]): (يومُ): مرفوع، ورفعه معروفٌ.
قوله: (الذِّمَارِ): هو بكسر الذال المعجمة، ثُمَّ ميم مخفَّفة، وفي آخره راء، ما يجب على المرء حفظه وحمايته، والدفع دونه، ومعنى (حبَّذا يوم الذِّمَار): يريد: الحرب؛ لأنَّ الإنسان يقاتل على ما يلزمُه حفظه، والله أعلم، وقال شيخنا: إنَّ هذا يوم أُؤمِّل فيه حفظي وحمايتي من أن ينالني مكروه.

(1/7714)


قوله: (وَهْيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ): قال ابن قُرقُول: (هي أقلُّ): كذا لجميعهم، ورواه الحُمَيديُّ في «اختصاره»: (هي أجلُّ الكتائب)، وهو الأظهر، وقد يتَّجه لـ (أقل) وجه؛ وهو أنَّها كانت كتيبة المهاجرين، وهم كانوا عددًا من الأنصار، وقد ذكر أنَّ الكتائب تَقَدَّمت كتيبة كتيبة، وقد تَقَدَّم كتيبة الأنصار، فلم يبق إلَّا كتيبة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في خاصَّة المهاجرين، انتهى.
وقال ابن سيِّد الناس في «سيرته» في قوله: (أقلُّ الكتائب): كذا وقع عند جميع الرواة، ورواه الحُمَيديُّ في كتابه: (هي أجلُّ الكتائب)، وهو الأظهر، انتهى.
قوله عَلَيهِ السَّلام: (كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ): اعلم أنَّ في «سيرة ابن سيِّد الناس» بعد أن وقع هذا الكلام: فأرسل رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى سعد بن عبادة، فنزع اللواء من يده، وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّ اللواء لم يخرج عنه إذ صار إلى ابنه قيس، قال ابن عبد البرِّ: (وقد روي: أنَّه عَلَيهِ السَّلام أعطى الراية للزبير إذ نزعها من سعد)، انتهى.
قوله: (أَنْ تُرْكَزَ الرَّايَةُ): (تُركَز)؛ بضمِّ أوله، وفتح الكاف: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرايةُ): مرفوعة قائمة مقام الفاعل.
قوله: (بِالْحَجُونِ): هو بفتح الحاء، وضمِّ الجيم، وهو الجبل المشرف عند المحصَّب حذاء مسجد العقبة، قال الزُّبَير: (الحَجُون): مقبرة أهل مَكَّة، انتهى.
قوله: (قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ... )؛ الحديث: أخرج هذا البُخاريُّ في (الجهاد) عن أبي كُرَيب، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن نافع بن جُبَير بن مطعم، عن العبَّاس، وعن عبيد الله بن إسماعيل عن أبي أسامة به في حديث طويل، وهو هذا الذي تَقَدَّم قبله عن هشام عن أبيه قال: لمَّا سار النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عام الفتح فبلغ قريشًا ... )؛ الحديث.
قوله: (أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ): هو بضمِّ الكاف، و (الرايةَ): منصوبٌ مفعول، والفاعل الضمير؛ وهو: (أنت)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (مِنْ كَدَاءٍ): تَقَدَّم أنَّ العليا بفتح الكاف، ممدودٌ، مصروف، تَقَدَّمتُ، وهي ممدودة في أصلنا هنا، وهي الثنيَّة العليا، وسيأتي بُعَيْدَ هذا ما في ذلك.
قوله: (وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدًى): هي بضمِّ الكاف، وبالقصر، منوَّنة، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّم الكلام عليها في (الحج)، وأنَّها الثنيَّة السُّفلى، فقال شيخنا هنا: قد أسلفنا في (الحج) أنَّ الصواب: دخوله عَلَيهِ السَّلام من كَداء؛ بالفتح؛ فراجعه، وقد سلف السرُّ فيه، انتهى، وسيأتي قريبًا (باب دخول النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من أعلى مَكَّة)، وكونه ذكر هذا في الفتح دلَّ عنده على أنَّه دخل في الفتح منها أيضًا.

(1/7715)


وقد ذكرت أنا السرَّ فيه من عند السهيليِّ؛ أعني: دخوله في الحجِّ من العُليا التي هي بالمدِّ والفتح مصروفة، والله أعلم.
قوله: (فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ): أمَّا (خُنَيس)؛ فهو بالخاء المعجمة المضمومة، وفتح النون، وفي آخره سين مهملة: كذا عند ابن إسحاق، وقد قُيِّد بالحاء المهملة المضمومة، وفي آخره شين معجمة، وهو حُبيش بن خالد بن منقذ، الخزاعيُّ الكعبيُّ، أبو صخر، ويقال لأبيه: الأشعر؛ بالشين المعجمة، كذا قيَّده السهيليُّ، انتهى، و (حُبيش) هذا بالحاء المهملة والشين المعجمة أصحُّ من (خُنَيس)؛ بالخاء المعجمة والسين المهملة، وفي «المطالع» لمَّا ذكر حُبيشًا هذا؛ قال: فضبطه البُخاريُّ بالشين، وروي عن ابن إسحاق: بالخاء المعجمة، والنون، والسين المهملة، والأوَّل هوالصواب، انتهى.
روى حُبيش هذا في «الغيلانيات» من حديثه قصَّة أمِّ معبد بطولها، وهو صَحابيٌّ رضي الله عنه، قال الدِّمْياطيُّ: هو حُبيش بن خالد بن حُليف، والأشعر: هو خالد أبوه، قاله ابن سعد، وهو المقتول مع كُرز لا ابنه حُبيش، وأمُّ معبد عاتكة هي عمَّة حُبيش، فإنَّها عاتكة بنت حُليف، وأمَّا كُرز بن جابر بن حُسيل؛ فهو الذي ولَّاه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الجيش الذي خرج في طلب العرنيين، انتهى.
وقد قدَّمتُ الخلاف في أمير سريَّة العرنيين، وقد ذكر ابن عبد البرِّ حُبيشًا: أنَّه قتل مع كُرز بن جابر، وذكر أيضًا في أبيه خالد ما لفظه: (قال الواقديُّ: قتل مع كُرز بن جابر بطريق مَكَّة عام الفتح)، انتهى.
تنبيهٌ: وقد أصيبت من جُهينة سلمة ابن الميلاء، وسلمة هذا صَحابيٌّ، قال الحافظ أبو موسى: سلمة ابن الملياء الجهنيُّ، وأمَّا سلمة ابن الميلاء؛ فقتل [5] يوم الفتح رضي الله عنه، وأُصيب من المشركين قريب من اثني عشر رجلًا، أو ثلاثة عشر رجلًا، وقال ابن سعد: قتل أربعة وعشرون رجلًا من قريش، وأربعة من هُذَيل، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (صخر بن حرب وحَسُنَ إسلامه، وكان رسول الله يحبه ويشهد له بالجنة، ويقول: «أرجو أن يكون خَلفًا من حَمزة»، ويُروى أنَّه قال عند موته: لا تبكنَّ عليَّ، فإنَّي لم أتنطَّف بخطيئة منذ أسلمت، ومات من ثؤلول حلقه الحلَّاق في حج، فقطعه مع الشعر فنزف منه.× ينظر في هذه الحاشية، هذا القائل في حق سفيان بن الحارث لا في أبي سفيان بن حرب؛ فافهم).
[2] في هامش (ق): (أوقدوا عشرة آلاف نار).
[3] في (أ): (أيضًا)، وفي اللاحقة: (جدًّا)، وقد حصل بين الفقرتين تقديم وتأخير، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[4] في هامش (ق): ([ذمرته] أذمُرُه [ذمرًا] إذا حضضته على القتال).
[5] في (أ): (قتل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7716)


[حديث: رأيت رسول الله يوم فتح مكة على ناقته]
4281# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الميم، وفتح الغين، وفتح الفاء المشدَّدة، وأنَّه صَحابيٌّ، رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله.
قوله: (عَلَى نَاقَتِهِ): تَقَدَّم الكلام على ناقته عَلَيهِ السَّلام الجدعاء، والعضباء، والقصواء، هل هنَّ ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ والله أعلم.
قوله: (يُرَجِّعُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الجيم المشدَّدة، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد تَقَدَّم، وسيجيء صفة ترجيعه في آخر «الصحيح» إن شاء الله تعالى.
قوله: (كَمَا رَجَّعَ): هو بتشديد الجيم، وهذا ظاهرٌ يعرف مما قبله من كلامي.
==========
[ج 2 ص 207]

(1/7717)


[حديث: وهل ترك لنا عقيل من منزل]
4282# 4283# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى): كنيته هو أبو سعد [1]، واسمه سعيد بن يحيى بن صالح اللخميُّ، ولقبه: سعدان، عن زكريَّاء ابن أبي زائدة، وهشام بن عروة، وغيرهما، وعنه: هشام بن عمَّار، وعليُّ بن حجر [2]، صدوق، وقال الدارقطنيُّ: ليس بذاك، له ترجمة في «الميزان» وصحَّح عليه، وقد وثَّقه ابن حبَّان، فقال: ثِقةٌ مأمون، وقال أبو حاتم: محلُّه الصدق.
قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم، وهو ابن شهاب، العالم المشهور، و (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ) بعده: هو زين العابدين، رضي الله عن آبائه.
[ج 2 ص 207]
قوله: (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ): (عَقِيل) هذا: بفتح العين، وكسر القاف، وهو ابن أبي طالب، أخو جعفر وعليٍّ لأبويهما، كنيته: أبو يزيد، وقيل: أبو عيسى، أسلم قبيل الحُدَيْبيَة، وشهد مؤتة مع أخيه جعفر، له أحاديثُ، روى عنه: ابنه محمَّد، والحسن، وعطاء بن أبي رَباح، وجماعة، قال ابن سعد: مات في خلافة معاوية بعدما عمي رضي الله عنه، أخرج له النَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند».
قوله: (وَرِثَهُ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ): أمَّا (عَقِيل)؛ فقد تَقَدَّم أعلاه، وأمَّا (طالب)؛ فإنَّه لم يسلم، وأولادُ أبي طالب: طالب، وعَقِيل، وجعفر، وعليٌّ، وكان كلٌّ من هؤلاء أكبرَ من الآخر بعشر سنين، وأختهم أمُّ هانئ فاختة، وقيل غير ذلك، وقد قدَّمتُ الاختلاف في اسمها، وجُمانة بنت أبي طالب أختٌ ثانية لهم، قسم لها رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثلاثين وَسْقًا من خيبر، وهي أمُّ عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، وأمُّ طالب أختٌ أخرى لهم، ذكرها الذهبيُّ في «تجريده»، وسمَّاها: ريطة، ولم يذكرها في (الأسماء)، أسلموا كلُّهم إلَّا طالبًا، فيقال: إنَّ الجنَّ اختطفته، والله أعلم.
قوله: (قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ [3] الزُّهْرِيُّ): تعليق مَعْمَر هذا أخرجه النَّسائيُّ به.
قوله: (وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ: حَجَّته، وَلاَ زَمَنَ الْفَتْحِ): حديث يونس عن الزُّهريِّ أخرجه النَّسائيُّ بإسناده عن يونس عن الزُّهريِّ.

(1/7718)


[حديث: منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف ... ]
4284# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هذا: هو الأعرج عبد الرَّحمن بن هرمز، تَقَدَّم كلُّ واحد منهم مرارًا، وكذا (أَبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.
قوله: (الْخَيْفُ): هو معروفٌ، وهو مرفوعٌ خبرُ المبتدأ؛ وهو (مَنْزِلُنَا)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ): (تقاسموا): من القَسم؛ وهو اليمين؛ أي: تحالفوا، يريد: لمَّا تعاهدت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطَّلب، وترك مخالطتهم.
==========
[ج 2 ص 208]

(1/7719)


[حديث: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة ... ]
4285# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا): في هذا تجوُّز، وإنَّما قاله حين أراد مَكَّة، وقد تَقَدَّم، وصرف (حُنينًا) على إرادة الموضع، وهو كذلك في أصلنا مصروفٌ.
==========
[ج 2 ص 208]

(1/7720)


[حديث: أن النبي دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ... ]
4286# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (قزعة) بفتح الزاي وإسكانها، و (ابنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم.
قوله: (دَخَلَ [مَكَّةَ] يَوْمَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّه كان يوم الجمعة تاسع عشر رمضان، وقد تَقَدَّم الخلاف كم كان من الشهر في الفتح قريبًا، وقدَّمتُه بعيدًا أيضًا.
قوله: (وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ): تَقَدَّم الكلام على (المغفر) ما هو، قال الحافظ أبو ذرٍّ: لم يرو حديث المغفر عن الزُّهري إلَّا مالك، انتهى، وهذا فيه نظرٌ، وسأذكر ذلك بما فيه في (كتاب
اللباس) مطوَّلًا إن شاء الله تعالى وقدره.
قوله: (جَاءَه رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ [1] مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ): هذا الرجل لا أعرفه، ولعلَّه أحد قتلةِ ابن خطل، وقد قدَّمتُ في (الحج) الاختلاف فيمن قتله، وقد أباح عَلَيهِ السَّلام دم جماعة حين الفتح قد ذكرتُهم في (الحج) أيضًا؛ فانظرهم _والله أعلم_ وما جرى لكلٍّ منهم.
قوله: (قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _فِيمَا نُرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ_ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا): (نُرى)؛ بضمِّ النون: نظنُّ، وكذا قال شيخ مالك الزُّهريُّ، كما رواه بعضُهم، لكنَّه جزم، فإنَّه قال: (ولم يكن النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يومئذٍ مُحْرِمًا).
==========
[1] في هامش (ق): (ابن خطل اسمه [عبد الله، وقيل]: هلال، وقيل: هلال أخوه [يقال] لهما: الخطلان، وهما من [بني تيم بن] غالب بن فِهر، وفي هذا دليل أنَّ الكعبة لا تعيذ عاصيًا، ولا تمنع من إقامة حد واجب، وأنَّ معنى قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [آل عمران: 97] إنَّما معناه الخبر عن عظيم حرمة الحرم في [الجاهلية] نعمة منه على أهل مَكَّة، كما قال تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ... } [المائدة: 97]، فكان في ذلك قوام للناس [ومصلحة لذرية] إسماعيل، وإجابة لدعوة إبراهيم حيث يقول: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [إبراهيم: 37]).
[ج 2 ص 208]

(1/7721)


[حديث: دخل النبي مكة يوم الفتح وحول البيت ... ]
4287# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): (ابن أبي نَجِيح) هذا: هو عبد الله بن أبي نَجِيح يسار، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ)؛ بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة: عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ الشهير، رضي الله عنه.
قوله: (نُصُبٍ): هو بضمِّ النون والصاد المهملة، وتسكَّن، وبالموحَّدة، قال شيخنا: يجوز فتح النون مع ذلك أيضًا، وكلُّها واحد الأنصاب، كما نبَّه عليه ابن التين، انتهى، و (النُّصُب): حجر كانوا ينصبونه في الجاهليَّة، ويتَّخذونه صنمًا، فيعبدونه، والجمع: أنصاب، وقيل: هو حجر كانوا ينصبونه، ويذبحون عليه، فيحمرُّ بالدم، والله أعلم.
قوله: (يَطْعنُهَا): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بضمِّ العين وفتحها.
قوله: (بِعُودٍ فِي يَدِهِ): كان قوسًا، كما في بعض الطرق.
==========
[ج 2 ص 208]

(1/7722)


[حديث: قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط]
4288# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: وقال _يعني: البُخاري_ في (الوضوء)، وفي (الصلاة) في موضعين، وفي (الأوقاف)، و (مناقب سعد بن عبادة)، و (خيبر)، و (الفتح)، و (الاستئذان)، و (الاعتصام)، و (الأحكام): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا عبد الصمد)؛ يعني: ابن عبد الوارث.
نسب الأصيليُّ في ثلاثة مواضع من هذه الذي في (الأوقاف)، و (الفتح)، و (الأحكام): ابن منصور، وأهمل سائرها، ولم أجده لابن السكن ولا لغيره منسوبًا في شيء من هذه المواضع، وقد نسبه البُخاريُّ في (مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن منصور، حدَّثنا عبد الصمد، عن أبيه، عن أبي التَّيَّاح ... )؛ الحديث.
وذكر أبو نصر أنَّ ابن منصور وابن إبراهيم يرويان عن عبد الصمد، وقد روى مسلم في (الحجِّ) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه ... ، فذكر حديثًا، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ [1]: حَدَّثَنَا [2] أَبِي): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الصمد بن عبد الوارث، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور.
قوله: (فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ): المأمور بإخراجها الظاهر أنَّه عمر بن الخَطَّاب، وسيجيء فيما يليه ما يشدُّه من كلام ابن شيخنا البلقينيِّ، وقال بعض المتأخِّرين: الذي أُمر بإخراجها عمر، روى أبو داود من حديث جابر معناه، انتهى، وقد رأيته في آخر «أبي داود» في (باب الصُّور).
قوله: (فَأُخْرِجَتْ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره ساكنة علامة التأنيث.
قوله: (فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ): (أُخرِج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صورةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ولم يبيَّن هنا من أخرجها، قال ابن شيخنا البلقينيِّ عن «طبقات ابن سعد»: إنَّه عَلَيهِ السَّلام أمر عمر وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة يمحو كلَّ صورة فيها، ولم يدخلها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حتَّى محيت كلُّ صورة
[ج 2 ص 208]
فيها، انتهى، قال ابن شيخنا: فحينئذٍ يحتمل أن يكون عمر بن الخَطَّاب هو المبعوثَ للإخراج، يفسِّر المبهم في رواية البُخاريِّ، انتهى، وما عزاه ابن شيخنا البلقينيِّ إلى «الطبقات»؛ فهو في «أبي داود» من رواية جابر في أواخره في (باب الصُّور)، وقد تَقَدَّم.
قوله: (فِي أَيْدِيهِمَا [مِنَ] الأَزْلاَمِ): تَقَدَّم الكلام عليها وواحدِها.
قوله: (مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ): (الاستقسام بالأزلام): الضرب بها لإخراج ما قُسم لهم من أمر وتمييزه بزعمهم.

(1/7723)


قوله: (وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ... ) إلى آخره: [تقدَّم] (وُهَيب) أنَّه بالتصغير، وأنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وهذا تعليق مجزوم به، و (أيوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وإنَّما ساق هذا التعليق؛ لينبِّه على أنَّ عبد الوارث رواه عن أيوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس مرفوعًا، ورواه مَعْمَر عن أيوب عن عكرمة مرسلًا، وهذا على ما في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ كان فيه إثباتُ (ابن عباس)، فضُرِب عليه، وكذا ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» مرسلًا، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ إثباتُ (ابن عباس)، وعليه: راويةُ مثبته، والله أعلم، وكذا ذكر شيخنا هذا التعليق مرسلًا، والله أعلم.
وقد أخرج الحديث من أصله البُخاريُّ في (الحجِّ): عن أبي مَعْمَر عن عبد الوارث، والتِّرْمِذيُّ في (المغازي): عن إسحاق عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، وفي (أحاديث الأنبياء): عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن مَعْمَر؛ كلاهما عن أيوب به، وقال في عقيب حديث عبد الصمد عن أبيه: (وقال وُهَيب: عن أيوب، عن عكرمة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وأخرجه أبو داود في (الحجِّ): عن أبي مَعْمَر به، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

(1/7724)


[باب دخول النبي من أعلى مكة]
قوله: (بابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ): تَقَدَّم أنَّ دخوله من كَداء؛ بفتح الكاف، والمدِّ، وهي أعلى مَكَّة، وأنَّ السُّفلى بضمِّ الكاف، مقصورةٌ منوَّنة، وأنَّ هذا هو الصواب في ضبطها وإن اختلف الرواة في ذلك، فهذا هو الصواب، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 209]

(1/7725)


[معلق الليث: أن رسول الله أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته .. ]
4289# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه في (الجهاد): عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن يونس هذا، وهو يونس بن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم به، والله أعلم، لا يونس بن عُبيد، هذا الثاني إنَّما أخرج له عن نافع عن ابن عمر النَّسائيُّ فقط؛ فاعلمه.
قوله: (وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الْحَجَبَةِ): (الحجبة)؛ بفتح الحاء المهملة والجيم، وبالموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: سُدَّان الكعبة، وهو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزَّى العبدريُّ الحَجَبيُّ، قُتِل أبوه وعمُّه عثمان يوم أُحُد كافرَين في جماعة من بني عمِّهما، هاجر عثمانُ هذا مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاصي، ودفع النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى هذا وإلى ابن عمِّه شيبة بن عثمان مفتاحَ الكعبة، تُوُفِّيَ رضي الله عنه سنة اثنتين وأربعين، وقد أخرج له مسلم، وأبو داود، وأحمد في «المسند».
قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ): كذا هنا، وقد سأله كما رواه البُخاريُّ وأبو داود.

(1/7726)


[حديث: أن النبي دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة]
4290# قوله: (مِنْ كَدَاءٍ [1]): تَقَدَّم أنَّها بفتح الكاف، وبالمدِّ، وكذا هي في أصلنا، وهي العليا.
قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَوُهَيْبٌ فِي كَدَاءٍ): الضمير في (تابعه) يعود على حفص بن ميسرة؛ أي: فروياه عن هشام بن عروة، و (أبو أسامة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (وُهَيب): تَقَدَّم أنَّه ابن خالد، و (كَداء): تَقَدَّم قريبًا أنَّها بفتح الكاف، والمدِّ، وكذا هي هنا في أصلنا، ومتابعة حمَّاد في «البُخاريِّ» في (الحجِّ) أخرجها عن محمود عنه، وفي «مسلم»: عن أبي كُرَيب عنه، وأبو داود في (الحجِّ): عن هارون بن عبد الله عن أبي أسامة مختصرًا، ورواه عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة، كما أخرجه البُخاريُّ مرسلًا فيما يلي هذا، وتأتي متابعة وُهَيب بُعَيده، ولم أرها في المسندات، إنَّما رأيتها في المراسيل؛ فاعلمه.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: إنما دخل النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من أعلى مَكَّة من كداء؛ لأنَّ بكداء وقف إبراهيم حين دعا لذريته بالحرم، كذا روى سعيد بن جبير عن ابن عباس، فقال: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [إبراهيم: 37]، فاستجيبت دعوته وقيل له: {أذن في الناس بالحج يأتوك} [الحج: 27]، ألا ترى قال: {يأتوك}، ولم يقل: يأتوني؛ لأنَّها استجابة لدعوته، فمن ثمَّ _والله أعلم_ استحب رسول الله إذا أتى مَكَّة أن يدخلها من كداء).
[ج 2 ص 209]

(1/7727)


[حديث: دخل النبي عام الفتح من أعلى مكة من كداء]
4291# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة، (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ... ) إلى آخره: هذا مرسلٌ، والحاصل: أنَّه اختُلِف في إرساله ووصله، فقدَّم هنا الموصولَ، وأخَّر المرسل، وقد أخرج المرسلَ البُخاريُّ في (الحجِّ) عن عبد الله بن عبد الوهَّاب عن حاتم بن إسماعيل، وعن موسى بن إسماعيل [عن] وُهَيب بن خالد، وهنا عن عُبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة؛ ثلاثتهم عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، ورواه محمود في «البُخاريِّ» عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة، وكذلك رواه سفيان بن عيينة في «البُخاريِّ» عن هشام عن أبيه عن عائشة، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) وسائر النُّسخ: (حدَّثنا).
[ج 2 ص 209]

(1/7728)


[باب منزل النبي يوم الفتح]

(1/7729)


[حديث: ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي يصلي الضحى غير أم هانئ ... ]
4292# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (شُعَيْبٌ [1]): هو ابن أبي حمزة، و (عَمْرٌو): هو ابن مرَّة، أحد الأعلام، الجَمَليُّ، و (ابْنُ أَبِي لَيْلَى) بعده: هو عبد الرَّحمن بن أبي ليلى الأنصاريُّ، و (أُمُّ هَانِئٍ): تَقَدَّم أنَّ اسمها فاختة، ويقال: هند، وقيل غير ذلك في أوائل هذا التعليق.
قوله: (غَيْر أُمِّ هَانِئٍ [2]): (غير): يجوز فيها النصب والرفع، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» وغيرها: (شعبة)، وهو ابن الحجَّاج.
[2] في هامش (ق): (أم هانئ اسمها فاختة، وقيل: جمانة، [كنيت] بابنها هانئ بن هبيرة، ولها ابن آخر من هبيرة اسمه؟؟؟، وثالث واسمه [جعدة]، إياه عنت في حديثها).
[ج 2 ص 209]

(1/7730)


[باب في نزول سورة النصر، وما قاله النبي يوم الفتح]

(1/7731)


[حديث: كان النبي يقول في ركوعه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ... ]
4293# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار لقبه، وتَقَدَّم أنَّ (غُنْدَر) محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبط (غُنْدُر)، و (مَنْصُورٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أنَّه مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، وفتح الموحَّدة.
==========
[ج 2 ص 209]

(1/7732)


[حديث: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر]
4294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، عارم، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): جعفر بن أبي وحشيَّة إياس.
قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا [1] مَعَنَا ... ؟!) إلى آخره: قائل ذلك هو عبد الرَّحمن بن عوف، كما سيأتي في (باب مرض النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وقوله: (لِمَ): هو بفتح الميم، استفهام إنكار.
قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ): هذا لا أعرفه أو أعرفهم، وكذا (قَالَ بَعْضُهُمْ) الثانية.
قوله: (أَمَرَنَا): هو بفتح الهمزة والراء، كذا في أصلنا.
قوله: (إِذَا نُصِرْنَا): هو بضمِّ النون، وكسر الصاد، وكذا (فُتِحَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
[ج 2 ص 209]
قوله: (هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ [اللهُ] لَهُ): إن قيل: من أين أخذ ذلك ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما وكذا عمر رضي الله عنه من (سورة النصر) كونَها أجلَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ قيل: أخذا ذلك من قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3].
قال ابن قيِّم الجوزيَّة الإمام شمس الدين: أمر الله نبيَّه بالاستغفار بعد أداء الرسالة، والقيام بما عليه من أعبائها، وقضاء فرض الحجِّ والجهاد، واقتراب أجله، فقال في آخر ما أنزل عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ... ؛ السورة [النصر: 1]، ومن ههنا فهم عمر وابن عبَّاس رضي الله عنهم أنَّ هذا أجلُ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، أعلمه به، فأمره أن يستغفره عقيب أداء ما عليه، فكان إعلام بأنَّك قد أديت ما عليك، ولم يبق عليك شيء، فاجعل خاتمته الاستغفار، كما كان خاتمةَ الصلاة _يعني: كان يقول في آخرها: أستغفر الله ثلاثًا_ قال: والحجِّ _يعني قوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199]_ قال: وقيامِ الليل، وخاتمة الوضوء أيضًا أن يقول بعد فراغه: اجعلني من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين، انتهى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الفتى).

(1/7733)


[حديث: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس لا يحل ... ]
4295# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (الْمَقْبرِيُّ): هو سعيد بن أبي سعيد كيسان، تَقَدَّم، وهو بضمِّ الموحَّدة وفتحها، و (أَبُو شُرَيْحٍ): تَقَدَّم أنَّه بالشين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، العدويُّ، واسمه: خويلد بن عمرو، وقيل: بالعكس، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل: [هانئ] بن عمرو، صَحابيٌّ جليل، حمل لواء قومه يوم الفتح، وكان من العقلاءِ، تُوُفِّيَ سنة (68 هـ)، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، وقد قدَّمتُ الكلام عليه.
قوله: (أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ [1]): كذا هنا، وهو عمرو بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، وعن ابن إسحاق من طريق زياد البكائيِّ قال: حدَّثني سعيد بن أبي سعيد المقبريُّ عن أبي شريح الخُزاعيِّ قال: لمَّا قدم عمرو بن الزُّبَير مَكَّة لقتال أخيه عبد الله بن الزُّبَير؛ جئته، فقلتُ: يا هذا، إنَّا كنا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حين افتتح مَكَّة، فلمَّا كان الغد من يوم الفتح؛ عَدَتْ خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه ... ، فذكره، وما وقع في «الصحيح» هو الصحيح والصواب، والوهم فيه عمَّن دون ابن إسحاق، وقد رواه يونس بن بكير عنه على الصواب، وقد قدَّمتُ الكلام على ذلك بزيادة في (كتاب العلم)؛ فانظره، فإنَّه مكان حسن.
قوله: (وَلاَ يَعْضِدَ): هو بكسر الضاد المعجمة، تَقَدَّم.
قوله: (وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ): (الشاهدُ): مرفوع فاعل، و (الغائبَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (بِخَرْبَةٍ [2]): تَقَدَّم الكلام عليها ضبطًا ومعنًى، وأنَّ البُخاريَّ قال: (الخربة: البليَّة)، وقيل غير ذلك في (كتاب العلم).
==========
[1] في هامش (ق): (ابن العاصي بن أمية. قال ابن هشام في «السيرة»: عمرو بن الزُّبَير وهو وهم؛ فليتنبه له.× عمرو بن سعيد بن العاصي بن أمية، وهو الأشدق ويكنى أبا أمية وهو الذي كان يسمى لطيم الشيطان وكان جبارًا شديد البأس حتى خافه عبد الملك على ملكه فقتله بحيلة).
[2] في هامش (ق): (فائد: بضم الخاء ولا يقال بفتحها، وصوَّبه [بعضهم]).
[ج 2 ص 210]

(1/7734)


[حديث: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر]
4296# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وأنَّ (عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ) بفتح الراء، وبالموحَّدة.
قوله: (عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّه سنة ثمان، ولا أعلم فيه خلافًا، وتَقَدَّم الكلام قريبًا على ما وقع في هذا «الصحيح»، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 210]

(1/7735)


[باب مقام النبي بمكة زمن الفتح]
قوله: (بابُ مقَام النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الميم وضمِّها، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (مَقَام النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [بِمَكَّةَ] زَمَنَ الْفَتْحِ): وأخرج حديث أنس: (أقمنا عشرًا نقصر الصلاة)، يعكِّر على هذا ما ذكرناه في تاريخ فتحها، وقد قالوا: إنَّه خرج عَلَيهِ السَّلام لستِّ ليال خلون من شوَّال _ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان_ إلى حُنين، وقد قدَّمتُ ذلك، ولكن إذا قلنا: إنَّ الفتح تاسع عشر رمضان، وخرجوا لليلتين بقيتا منه؛ فإقامته بها عشر، وهذا قُوَيل، والله أعلم.
واعلم أنَّه اختلف في إقامته عَلَيهِ السَّلام بمَكَّة زمن الفتح؛ فهنا عشر، وتسع عشرة، وقال مغلطاي: قال البُخاريُّ: (وأقام بها خمس عشرة ليلة)، وفي رواية: (تسع عشرة)، وفي رواية أبي داود: (سبع عشرة)، وفي «التِّرْمِذيِّ»: (ثماني عشرة)، وفي «الإكليل»: أصحُّهما: (بضع عشرة يصلِّي ركعتين)، انتهى، وكذا قاله بعض الحفَّاظ كما في حفظي، ولكن هنا قد بوَّب عليه بـ (زمن الفتح)، فلم يرد ذاك.
==========
[ج 2 ص 210]

(1/7736)


[حديث: أقمنا مع النبي عشرًا نقصر الصلاة]
4297# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ.
قوله: (وحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): كذا في أصلنا، ومكتوب على (وحدَّثنا) على الواو: (ه) و (صح)، فيبقى الكلام على حذف الواو (حدَّثنا قبيصة)، و (قبيصة) هذا: هو ابن عقبة، شيخ البُخاريِّ، مشهور الترجمة، والواو أحسن؛ ليُعرَف أنَّه تحويل، ولئلَّا يجيء شخص يَحسبُ أنَّ سفيانَ روى هذا الحديث عن قبيصة، بل هو العكس: قبيصة رواه عن سفيان، والله أعلم، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ) بعد سفيان [1]: هذا هو الحضرميُّ النحويُّ، عن أنس وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العوَّام، وعبد الوارث، وابن عليَّة، ثِقةٌ، صاحب قرآن وعربيَّة، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيهٌ: من اسمه يحيى وهو يروي عن أنس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: يحيى هذا، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، ويحيى بن عبَّاد بن شيبان، ويحيى بن عُمارة بن أبي حسن، ويحيى بن أبي كثير، ويحيى بن يزيد الهنائيُّ، والله أعلم.
قوله: (عَشْرًا نَقْصُرُ الصَّلاَةَ): هذا كان في حجَّة الوداع، ولم تكن إقامته في الحجِّ بمَكَّة فقط، بل كان فيها وفي عرفات ومِنًى، فأقام بمَكَّة ثلاثة أيام سوى يومَي الدخول والخروج، هذا في حجَّة الوداع، وليس المراد هنا، وقد قدَّمتُ الاختلاف في مدَّة إقامته زمن الفتح أعلاه.

(1/7737)


[حديث: أقام النبي بمكة تسعة عشر يومًا يصلي ركعتين]
4298# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن المبارك، و (عَاصِمٌ) بعده: هو ابن سليمان، الأحولُ، البصريُّ.
==========
[ج 2 ص 210]

(1/7738)


[حديث: أقمنا مع النبي في سفر تسع عشرة نقصر الصلاة]
4299# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو شِهَابٍ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: (عبد ربِّه بن نافع، أبو شهاب الحنَّاط المدائنيُّ، وأصله من الكوفة، مات بالمَوصِل، سنة إحدى _أو اثنتين [1]_ وسبعين ومئة)، انتهى.
تنبيهٌ: أبو شهاب اثنان؛ الأوَّل: الحنَّاط، أبو شهاب الأكبر، واسمه: موسى بن نافع الهذليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، يروي عن عطاء بن أبي رباح، روى عنه أبو نُعيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (الحجِّ)، والثاني: أبو شهاب الأصغر، واسمه: عبد ربه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، يروي عن يونس بن عُبيد، وابن عون، وعاصمٍ الأحول، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، رويا جميعًا، روى له البُخاريُّ في (الزكاة)، و (الاستقراض)، و (الكفَّارات)، و (التوحيد)، وغير ذلك، حدَّث عنه: أحمد ابن يونس، وعاصم بن يوسف، قال البُخاريُّ: (عبد ربه بن نافع، أبو شهاب الحنَّاط، صاحب الطعام، سمع محمَّد بن سوقه، ويونس بن عبيد، وعوفًا الأعرابيَّ ... ) إلى آخر كلامه.
قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول.
قوله: (أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلاَةَ): تَقَدَّم الاختلاف أعلاه في إقامته عَلَيهِ السَّلام زمن الفتح.
==========
[1] في (أ): (اثنين)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 210]

(1/7739)


[باب من شهد الفتح]

(1/7740)


[معلق الليث: أخبرني عبد الله بن ثعلبة وكان النبي قد مسح وجهه .. ]
4300# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح إلى الليث، وقد أخرجه في (الدعوات) عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير، و (يونس) بعد (الليث): هو ابن يزيد الليثيُّ، و (شُعَيْبٌ) في المسند المُتَّصِل: هو ابن أبي حمزة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْر): بالصاد المهملة المضمومة، وفتح العين المهملة أيضًا، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، كنيته: أبو محمَّد، حليف بني زُهرة، له رؤية ورواية، تُوُفِّيَ سنة (87 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ في «الكاشف»: (له صحبة إن شاء الله)، انتهى، وفي «التذهيب»: ولد قبل الهجرة، وقيل: بعدها، وقد حفظ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مسح رأسه، ودعا له زمن الفتح، تُوُفِّيَ سنة (89 هـ) انتهى، وفي ترجمة أبيه في «التجريد» قال: (ولابنه صحبة أيضًا)، وقال ابن عبد البرِّ: عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير، ويقال: ابن أبي صُعير العذريُّ، حليف بني زهرة، ولد قبل الهجرة بأربع سنين، وتُوُفِّيَ سنة (89 هـ)، وهو ابن ثلاث وتسعين سَنةً، وذكر اختلافًا في سنة وفاته، وفي سنِّهِ انتهى، ووالده صَحابيٌّ أيضًا.
[ج 2 ص 210]

(1/7741)


[حديث: وزعم أبو جميلة أنه أدرك النبي وخرج معه عام الفتح]
4301# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، قاضي صنعاء، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: ابن راشد، تَقَدَّم، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سُنَيْنٌ أَبُو جَمِيلَةَ): تَقَدَّم ضبطه والكلام عليه، وأنَّ (جَمِيلة) بفتح الجيم، وكسر الميم، في (كتاب الشهادات) بعد (حديث الإفك) سواء، و (ابْن الْمُسَيبِ): هو سعيد، وقد تَقَدَّم أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غيره بالفتح ليس إلَّا.

(1/7742)


[حديث: صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا كذا في حين كذا]
4302# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه السختيانيُّ، ابن أبي تميمة، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبموحَّدة بعد الألف، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ، و (عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر اللام، ابن نُفيع الجرميُّ، أبو بُريد أو يزيد، وقد تَقَدَّم الكلام في ذلك، وقيل: سَلِمة بن قيس الذي كان يؤمُّ قومه وهو صبيٌّ في حياته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهو تابعيٌّ تَقَدَّم في (الصلاة) من هذا التعليق.
قوله: (قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلاَبَةَ: أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟): معناه: قال أيوب: قال لي أبو قلابة: وهو [1] حيٌّ، ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته؛ يعني: أنَّ أيوبَ لقيَ عمرَو بن سلمة فسأله: قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرِّ النَّاسِ، والدليل على ذلك: أنَّ أيوب رواه عن عمرو بن سلمة في «أبي داود»، وكذا رواه عن أيوب عن عمرو بن سلمة النَّسائيُّ.
قوله: (فَتَسْأَلَهُ): هو بالنصب، ونصبه معروفٌ.
قوله: (بِمَاءٍ مَمَرِّ [2] النَّاسِ): (ماء) ممدود؛ يعني: مَنْهَلًا، و (ممرِّ): مجرورٌ، بدل من (ماء).
قوله: (أَوْحَى إِلَيْهِ): (أوحى): بفتح الهمزة والحاء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِي): في أصلنا: (يُغْرَى): بضمِّ الياء المثنَّاة تحت، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الراء، قال الدِّمْياطيُّ: (غَرَوت الجلد: ألصقته بالغِراءِ)، انتهى، وفي نسخة في طرَّة أصلنا: (يُقَرُّ)، وفي نسخة في الهامش أيضًا: (يُقْرَأُ)؛ بهمزة في آخره، قال ابن قُرقُول: (يَغْرَى في صدري)؛ أي: يَلْصَقُ كالغراء، وعند الأصيليِّ والقابسيِّ وكافَّة الرواة: (يُقْرَى في صدري)؛ بغير همزٍ، من قريت الماءَ؛ أي: جمعته، والأوَّل أوجه، انتهى، ونقل بعضُهم عن القاضي _يعني: عياضًا_: (يُغرَّى)؛ بالغين المعجمة، والراء المشدَّدة؛ أي: يُلصق بالغِراء، قال القاضي: (وهو الوجه)، انتهى، وذكره ابن الأثير في (غَرى)، فقال: (كأنَّما يَغْرَى؛ أي: يَلْصَقُ به، يقال: غَرِي يَغْرَى هذا الحديث في صدري؛ بالكسر، يغرَى بالفتح؛ كأنَّه يلصق بالغراء)، انتهى، و (يُقْرَأ)؛ بهمزة في آخره لم أرها، وهي بضمِّ أوَّلها مهموزة، والله أعلم.
قوله: (تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وفتح اللام، وتشديد الواو مفتوحة، ثُمَّ ميم، قال الدِّمْياطيُّ: (التلوُّم: الانتظار والتمكُّث)، انتهى، و (تَلَوَّمُ): محذوف إحدى التاءين.
قوله: (وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ): (أبوه): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه سَلِمة؛ بكسر اللام، قال الذهبيُّ في «تجريده»: (والأصحُّ أنَّه بكسر اللام)، انتهى، وهو سلِمة بن نُفيع الجرميُّ، له صحبة.

(1/7743)


قوله: (وَأَنَا ابْنُ سِتِّ [3]_أَوْ سَبْعِ_ سِنِينَ): (ستِّ): مخفوضٌ من غير تنوين، كذا في أصلنا، كأنَّه قال: وأنا ابن ستِّ سنين أو سبع سنين، فحذف (السنين) الأولى؛ لدلالة الثاني عليه، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر الغرناطيِّ في نسخته: (ستٍّ)؛ بالتنوين بالقلم، والله أعلم.
قوله: (تَقَلَّصَتْ): هو بتشديد اللام المفتوحة؛ أي: ارتفعت، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ): هذه المرأة لا أعرف اسمها.
قوله: (أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا): كذا في أصلنا، وفي نسخة في أصلنا: (تغطُّون)، وهو الوجه.

(1/7744)


[حديث: هو لك هو أخوك يا عبد بن زمعة]
4303# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): هذا تعليق مجزوم به، و (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ولم يخرِّجه أحد من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّم الكلام على (عتبة)، وأنَّ الصحيح أنَّه لم يسلم، وقدَّمتُ غلط من عَدَّه صحابيًّا، وقدَّمتُ أنَّ في «مستدرك الحاكم»: أنَّه قتله في أُحُد حاطبُ بن أبي بلتعة.
قوله: (ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ [1]): تَقَدَّم أنَّ ابن وليدة زمعة اسمه عبد الرَّحمن بن زمعة بن قيس القرشيُّ، صَحابيٌّ، وتَقَدَّم أنَّ (الوليدة) هذه لا أعرف اسمها، وأنَّها [2] يمانيَّة.
قوله: (وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): بغير إضافةٍ، هذا صَحابيٌّ مشهور، وقد نسبه أبو نعيم، فقال: (عبد بن زمعة بن الأسود العامريُّ، أخو سودة أمِّ المؤمنين)، فَوَهِمَ، وإنَّما هو عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودِّ بن نصر رضي الله عنه.
قوله: (يَا عَبْد بْنَ زَمْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ في (عبد) وجهين: الضمُّ والفتح، وأنَّ في (ابن) وجهين؛ كهُمَا في (عبدة)، وقلَّ من ذكرهما، وجمهور الناس إنَّما ذكروا في مثل هذا في (ابن) وجهًا واحدًا، وهو الفتح، وقد ذكر الضمَّ ابنُ مالك في «التسهيل».
قوله: (يَا سَوْدَةُ): هي سودة أمُّ المؤمنين بنت زمعة، وقد قدَّمتُ نسب والدها أعلاه.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [3]): (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ، وروايته عن عائشة مرسلة، لم يسمعها، وقد ذكرتُ أنَّه سمع من سبعة عشر ما بين صَحابيٍّ ومختلفٍ في صحبته، ولم أذكر منهم عائشة رضي الله عنها، وقد ذكرتُ ذلك فيما مضى في (الجنائز)، قال المِزِّيُّ: (قال أحمد بن صالح: يقولون: إنَّ مولده سنة خمسين)، وقال خليفة: (ولد سنة إحدى وخمسين)، وقال ابن بكير: (سنة ستٍّ وخمسين)، وقال الواقديُّ: (سنة ثمان وخمسين).
ووفاة عائشة رضي الله عنها: قال هشام بن عروة: (تُوُفِّيَت سنة سبع وخمسين)، وقال جماعة: سنة ثمان، وقال الواقديُّ: (سنة ثمان، في ليلة سابع عشر رمضان)، والله أعلم، ولم أرَ المِزِّيَّ ذكر هذا في رواية الزُّهريِّ عن عائشة، بل ذكر حديث: (أنَّ عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين ... )؛ الحديث، وعزاه لمسلم، والتِّرْمِذيِّ، والنَّسائيِّ.
وذكر حديث: (لمَّا مضت تسع وعشرون ليلة؛ دخل عليَّ رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... )؛ الحديث، أخرجه البُخاريُّ والنَّسائيُّ.
وذكر أيضًا حديثه عنها: (لا يصوم إلَّا من أجمع الصيام قبل الفجر)، أخرجه النَّسائيُّ، والله أعلم.

(1/7745)


قوله: (وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ [4] أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ): رواية الزُّهريِّ عن أبي هريرة مرسلة أيضًا، كما صرَّح بذلك غير واحد، بل قال المِزِّيُّ: إنَّه لم يرَه، والله أعلم، ولم أرَ المِزِّيَّ ذكر هذا في مسند الزُّهريِّ عن أبي هريرة؛ إنَّما ذكر له حديثًا في (الحوض) معلَّقًا عند البُخاريِّ، وحديثًا؛ وهو: (لا يؤذِّن إلا متوضِّئ) من عند التِّرْمِذيِّ، وحديث: (إذا دخل رمضان؛ فتحت أبواب الجنَّة) من عند النَّسائيِّ، والله أعلم.

(1/7746)


[حديث: أتكلمني في حد من حدود الله]
4304# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ ... )؛ فذكر القصَّة: هذا مرسل؛ لأنَّه ذكر قصَّة لم يدركها، وهو تابعيٌّ؛ فهي مرسلة إلى قوله: (قالت عائشة: وكانت تأتي بعد ذلك ... ) إلى آخره، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الشهادات) كذلك مرسلًا، وفي (الحدود) بإسناده عن عائشة: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قطع يد امرأة، قالت عائشة: فكانت تأتي بعد ذلك ... ) إلى آخره.
[ج 2 ص 211]
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً [1] سَرَقَتْ ... ) إلى قوله: (فِي [2] الْفَتْحِ): هذه المرأة تَقَدَّم أنَّها فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، صحابيَّة رضي الله عنها، قال الدِّمْياطيُّ: والأسود قتله حمزةُ ببدرٍ، انتهى.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل من قالها.
قوله: (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ [3] سَرَقَتْ): تَقَدَّم لم نظَّر عَلَيهِ السَّلام بابنته فاطمة رضي الله عنها، وتَقَدَّم رواية ابن ماجه عن محمَّد بن رمح شيخه عن الليث بن سعد ما يقال عند ذكر هذا الكلام.

(1/7747)


[حديث: ذهب أهل الهجرة بما فيها]
4305# 4306# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، تَقَدَّم، و (عَاصِمٌ) بعده: هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم، و (أَبُو عُثْمَان)، قال الدِّمْياطيُّ: عبد الرَّحمن بن مَلٍّ النهديُّ، قال: وأمَّا (مُجَاشِعٌ)؛ فهو أخو أبي معبد مجالد، ابنا مسعود بن ثعلبة، قتل مجاشع يوم الجمل، واتَّفقا عليه، وانفرد البُخاريُّ بأخيه مجالد، انتهى.
فقوله: (وانفرد البُخاريُّ بأخيه مجالد) فيه نظر، فقد أخرج له الشيخان، والله أعلم، ولم يذكر وفاته، وقد قتل الآخر يوم الجمل، قاله أحمد ابن حنبل، وقد تَقَدَّم ضبط (مَلٍّ) غيرَ مرَّةٍ فيما مضى، والله أعلم.
قوله: (بِأَخِي بَعْدَ الْفَتْحِ): المراد بأخيه: هو مجالد، وسيأتي بكنيته، وباسمه أيضًا.
==========
[ج 2 ص 212]

(1/7748)


[حديث: مضت الهجرة لأهلها أبايعه على الإسلام والجهاد]
4307# 4308# قوله: (فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ)، وكذا قوله بعد هذا: (انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ)، وكذا قوله: (فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ)، و (أبو معبد) فيها كلِّها: هو مجالد بن مسعود، تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه وقبله أيضًا.
قوله: (وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): (خالد) هذا: هو الحذَّاء، و (أبو عثمان): عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم اللغات في (مَلٍّ)، وهذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن إبراهيم بن موسى، عن يزيد بن زريع، عن خالد به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 212]

(1/7749)


[حديث: لا هجرة ولكن جهاد]
4309# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه لقب محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم أنَّ (الغُنْدُر) المُشغِّب بلغة أهل الحجاز، وتَقَدَّم من قال له ذلك، و (أَبُو بِشْرٍ [1])؛ بالشين المعجمة: جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تَقَدَّم.
قوله: (إِلَى الشَّأْمِ): تَقَدَّم الكلام عليه وطوله وعرضه في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (فَاعْرِضْ نَفْسَكَ): هو ثلاثيٌّ، همزته همزة وصل، وكسر الراء.
4310# قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ: أَنْبَأَنَا [2] شُعْبَةُ): (النضر): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ نصرًا _ بالصاد _ لا يأتي بالألف واللام، بخلاف النضر، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهذا هو ابن شميل، الإمام المشهور، شيخ مرو ومحدِّثُها، وأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ شعبة _حاشاه من التدليس_ عنعن في السند الأوَّل عن أبي بشر، وهنا صرَّح بالإخبار، وفي السند الأوَّل أبو بشرٍ عنعن عن مجاهد، وليس مدلِّسًا، وفي التعليق صرَّح بالسماع من مجاهد، فأحبَّ أن يخرج من الخلاف الذي قدَّمتُه في العنعنة وإن كانت من غير مدلِّس، والله أعلم، وتعليق النضر عن شعبة هذا ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (مِثْلَهُ): هو بالنصب؛ لأنَّه مفعول، والله أعلم.
4311# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ ابْنُ يَزِيدَ): قال الدِّمْياطيُّ: هو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد، الدِّمَشْقيُّ الفراديسيُّ، مولى عمر بن عبد العزيز، انتهى، روى إسحاق هذا عن يحيى بن حمزة، وإسماعيل بن عياش، وصدقة بن خالد، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، ومحمَّد بن عوف، وأبو زرعة الدِّمَشْقيُّ، وآخرون، قال أبو زرعة: كان من الثقات البكَّائين، ولد سنة إحدى وأربعين، ومات سنة سبع وعشرين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم بعض ترجمته؛ ومنها: أنَّه أفتى في سبعين ألف مسألة، رحمه الله، و (عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الموحَّدة، وهذا مشهور، و (جَبْرٌ) والد (مُجَاهِد): تَقَدَّم أنَّه بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة.
تنبيهٌ: من يقال له: مجاهد، وهو يروي عن ابن عمر اثنان: هذا العالم المَكِّيُّ ابن جبر، وآخر يقال له: مجاهد بن رباح، يقال: إنَّه شاميٌّ، أخرج له عنه النَّسائيُّ، رأيته في «الأطراف» في مسند ابن عمر، ولم أر له ذكرًا في نسختي بـ «الكاشف» ولا بـ «التذهيب»، لكنِّي رأيت ابن حبَّان ذكره في «الثقات»، وأنَّه روى عن ابن عمر، فهو وارد على المِزِّيِّ، والله أعلم، وكذا على فرعه.

(1/7750)


قوله: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه لا هجرة من مَكَّة؛ لأنَّها صارت دار إسلام، أو لا هجرةَ فضيلتُها كفضيلة الهجرة من مَكَّة.

(1/7751)


[حديث: إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض]
4313# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في «باب مقام النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بمَكَّة»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا أبو عاصم»، فذكر هذا المكان، وقال في «التوحيد»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، عن ابن شهاب»، نسبه الحاكم: إسحاق ابن نصر، وذكر أبو نصر في كتابه: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاق غير منسوب عن أبي عاصم النَّبيل، ولم يزد على هذا، وقد حدَّث مسلم عن إسحاق بن منصور عن أبي عاصم النَّبيل في مواضع من كتابه، وهو به أشبه، والله أعلم، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا.
تنبيهٌ: حديث مجاهد هذا هو هنا مرسلٌ؛ لأنَّه تابعيٌّ، وقد أسند مثله _أو نحوه_ عن ابن جُرَيج، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس بمثل هذا، أو نحو هذا.
و (ابْنُ جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَبْدُ الْكَرِيمِ): هو ابن مالك الجزريُّ، أبو سعيد، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المُسَيّب، وعنه: مالك، وابن عيينة، وكان حافظًا، من العلماء الثقات، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وتُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، و (عِكْرِمَةُ): هو مولى ابن عباس، تَقَدَّم أنَّه ثبت، لكنَّه إباضيٌّ يرى السيف، ويحايده مالك إلَّا في حديث أو حديثين، روى له الجماعة، لكنْ مسلمٌ مقرون، تَقَدَّم.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم أنَّه النَّبيل، وتَقَدَّم أنَّ اسمه الضحَّاك بن مخلد، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ): تَقَدَّم الجمع بينه وبين «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ» [خ¦2129].
[ج 2 ص 212]
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها بما فيه من اللغات، وكذا على قوله: (إِلاَّ سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ)، وكذا (يُعْضَدُ شَوْكُهَا)، و (يُعضَد): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شوكُها): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا تَقَدَّم الكلام على (المُنْشِد)؛ وهو المعرِّف، وتَقَدَّم الكلام على (الإِذْخِرَ) غيرَ مرَّةٍ، وأنَّه نبت طيِّب الرائحة، وعلى (القَيْنِ)، وأنَّه الحدَّاد، ويطلق أيضًا على الصائغ.
قوله: (وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم قُبَيْلَ هذا الكلام عليه وعلى رجاله؛ فانظره، والذي ظهر لي: أنَّ هذا معطوف على الحديث الذي قبله، فروى هذا البُخاريُّ عن إسحاق، عن أبي عاصم، عن ابن جُرَيج به، والله أعلم.

(1/7752)


تنبيهٌ: مَكَّة _شرَّفها الله تعالى_ هل فتحت صلحًا أو عَنوة؟ فالشافعيُّ يرى: أنَّها صلحًا لا عنوة، فلذلك كان يجيز كراءها لأربابها، وأبو حنيفة وأكثرُ أهل العلم خالفوا في ذلك، وقيل: إنَّ أعلاها فُتِح صلحًا وأسفلَها عنوة، قال السهيليُّ في (غزوة خيبر) ما لفظه: وكانت الشام كلُّها عنوة إلَّا مدائنها، فإنَّ أهلها صالحوا عليها، وكذلك بيت المقدس، فتحها عمر رضي الله عنه صلحًا بعد أن وجَّه إليها خالد بن ثابت الفهميَّ، فطلبوا منه الصلح، فكتب بذلك إلى عمر وهو بالجابية، فقدِمها، وقبل صلح أهلها، وأرض السواد كلُّها عنوة إلَّا الحيرة، فإنَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه صالح أهلها، وكذلك أهل بانقيا أيضًا صلح، وأخرى يقال لها: أُليِّس، وأرض خراسان عنوة إلَّا ترمذ، فإنها قلعة منيعة، وقلاع سواها، وأمَّا أرض مصر؛ فكان الليث بن سعد اقتنى بها مالًا، وعاب ذلك عليه جماعة؛ منهم: يحيى بن أيوب ومالك بن أنس؛ لأنَّ أرض العنوة لا تشترى، وكان الليث يروي عن يزيد بن أبي حبيب: أنَّها فتحت صلحًا، قال السهيليُّ: وكلا الخبرين حقٌّ؛ لأنَّها فتحت صلحًا أوَّل، ثُمَّ ابتُلِيَت بعدُ وأُخِذَت عنوة، فمن ههنا نشأ الخلاف في أمرها، قاله أبو عبيد، وذكر في (غزوة الفتح) الخلاف في مَكَّة، هل فتحت عنوة أو صلحًا؟ وفي آخر الكلام: فلا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحًا وإن كانت ظواهر الأحاديث أنَّها فتحت عنوة، انتهى.
ورأيت عن العلَّامة الصالح بدر الدين ابن جماعة في كتابه «تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام» قال: وأمَّا مصر؛ ففتحت صلحًا، وقيل: عنوة، وقيل: بعضها صلحًا، وبعضها عنوة، والأصحُّ أنَّها فتحت مرتين؛ الأولى صلحًا، ثُمَّ نكثوا، ففتحها عمرو ثانيًا عنوة، والحكم للعنوة، وأمَّا الشام؛ ففتحت أراضيه عنوة، وأمَّا مدنه؛ فبيت المقدس، ونابلس، والأردن، وفلسطين، وبصرى، وأجنادين؛ فتحت صلحًا، وأمَّا حلب وقنسرين؛ ففتحت عنوة، انتهى، وسيأتي ما يخالفه، وهو الظاهر؛ لأنَّ فيها كنائس لليهود ثلاثًا، فواحدة ثبت أنَّها إسلامِيَّة، فأُخِذَتْ منهم في سنة بضع وعشرين وسبع مئة، واسمها اليوم الناصريَّة، وهي مسجد، وتُقام فيها خطبة، وأخرى بقرب حوض إسماعيل بن الفاكهانيِّ، وكنيسة كبرى بحارتهم، والتي عند حوض إسماعيل خربت في فتنة تمرلنك، وللنصارى كان فيها ستُّ كنائس، والباقي لهم اليوم واحدة فقط، قال: وأمَّا دمشق؛ فدخلها أبو عبيدة من باب الجابية صلحًا، ودخلها خالد من الباب الشرقيِّ عنوة، والتقوا في وسط البلد، فكان الفتح لأبي عبيدة؛ لأنَّه أمير الجماعة، انتهى.
وفي كلام صاحبنا الإمام الفقيه شرف الدين عيسى الغزِّيِّ الشافعيِّ عن أحمد ابن حنبل قال: فتحت الشام عنوة إلَّا حمص وموضعًا آخر، وقال أبو عبيد: أرض الشام عنوة إلَّا مدنها، فإنَّها فتحت عنوة، انتهى، وأحد الموضعين غلطٌ لا شكَّ فيه، وينبغي أن يكون الثاني هو الغلط؛ أعني: في المدن؛ ليتَّفق مع كلام السهيليِّ، والله أعلم.

(1/7753)


ورأيت في «تاريخ حلب» للإمام الحافظ الرئيس الصاحب كمال الدين ابن العديم: أنَّ منبجًا افتُتِحَت صلحًا، صالح عليها عمرو بن العاصي، وهو من قبل أبي عبيدة، وقيل: إنَّ عياض بن غنم فتحها صلحًا على صلح حلب، وقال فيه أيضًا: وأعمال قنِّسرين كلُّها ومدينة حلب فُتِحَت صلحًا، وذكر فيه أنَّ أنطاكية فتحت صلحًا، فتحها أبو عبيدة، وقد قدَّمتُ في خيبر هل فتحت [1] كلُّها عنوة أو صلحًا، أو جلا أهلُها بغير قتال، أو بعضها صلحًا، وبعضها عنوة، وبعضها جلا أهلُها رعبًا؟ قال مغلطاي: وعلى ذلك تدلُّ السنن الواردة، انتهى.

(1/7754)


[باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ... }]
(بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25]) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)
فائدةٌ: حنين: هو ابن قانية بن مهلائيل، هو الذي نسب إليه الموضع، وهي غزوة حنين، وهوازن، وأوطاس، سُمِّيَت بـ (أوطاس) باسم الموضع الذي كان فيه الوقعة أخيرًا، حيث اجتمع فُلَّالهم، وتوجَّه إليهم أبو عامر الأشعريُّ، قال الدِّمْياطيُّ: وكانت غزوة حنين في شوَّال، سنة ثمان من الهجرة، وكان سيما الملائكة فيها عمائم حمر، قد أَرْخَوها بين أكتافهم، انتهى.
وحنين: واد بين مَكَّة والطائف، وراء عرفات، بينه وبين مَكَّة بضعة عشر ميلًا، وهو مصروفٌ، كما نطق به القرآن.
==========
[ج 2 ص 213]

(1/7755)


[حديث: ضربتها مع النبي يوم حنين]
4314# قوله: (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن أبي خالد، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى)، ووالده اسمه علقمة بن خالد بن الحارث، تَقَدَّم رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله، صحابيَّان.

(1/7756)


[حديث البراء: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب.]
4315# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، العالم المشهور، و (أبو إِسْحَاقَ): هو السَّبِيعيُّ، عمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (وَجَاءَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل الجائي للبراء لا أعرف اسمه، غير أنَّه من قيس، كما سيأتي قريبًا، وكذا في «مسلم»: أنَّه من قيس، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: أخرج الإمام أحمد في «مسنده» عن أبي إسحاق قال: سألت البراء، وسأله رجل من قيس، انتهى.
قوله: (أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ ... ) إلى قوله: (لَمْ يُوَلِّ): وفي بعض طرق هذا الحديث: أنَّه قيل للبراء: (أفررتم؟)، كما سيأتي قريبًا، فذكر ما ذكر، وسيأتي أيضًا قريبًا: (أوَلَّيتم مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم حنين؟)، أمَّا الكلام الأوَّل؛ فلا اعتراض عليه، وإنَّما الكلام في (أفررتم؟) و (أوَلَّيتم؟)، وجواب البراء من بديع الأجوبة مع الأدب؛ لأنَّ تقدير الكلام: فررتم كلُّكم؟ وأوَلَّيتم كلُّكم؟ فيقتضي أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وافقهم في ذلك، وخصوصًا رواية: (أوليتم مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟)، فأجاب البراء بما أجاب، وسيأتي قريبًا جدًّا نقل الإجماع على أنَّه لا يجوز أن يُعتَقد أنَّه عَلَيهِ السَّلام ولَّى؛ فاعلمه.
قوله: (عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ): (عجِل): بكسر الجيم، فعل ماض، و (سرعان القوم): المستعجلون، وقد قدَّمتُ ضبطه، وهو ما قاله ابن
[ج 2 ص 213]
قُرقُول، كذا لمتقني شيوخنا؛ يعني: بفتح السين والراء، قال: وهو قول الكسائيِّ، وهو الوجه، قال: وضبطه بعضهم بسكون الراء، وله وجه، والأوَّل أوجه، لكن يكون جمعَ «سريعٍ»؛ مثل: قفيز وقُفزان، وحكى الخطابيُّ: أنَّ بعضهم يقول: سُرعان، قال: وهو خطأ، انتهى، وقد ذكرت ذلك في أوَّل هذا التعليق في حديث السهو، والله أعلم.
قوله: (وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ): هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأخوه من الرضاعة، تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه، وتَقَدَّم الاختلاف في اسمه، فقيل: المغيرة، وقيل: بل المغيرة أخوه، وفيه نظر، وقيل: اسمه كنيته.
قوله: (آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ): (آخِذ): بمدِّ الهمزة، وكسر الخاء، اسم فاعل، وسأذكر هذه البغلة ما هي من بغلاته عَلَيهِ السَّلام قريبًا.
قوله: (أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ): الرواية بإسكان الموحَّدة، وقد فتحها بعضهم في (لاكذبَ)؛ حرصًا منه على أن يفسد الرويَّ، فيستغني عن الاعتذار في ذلك، وقال شيخنا: وقد قيل:
أنت النَّبيُّ لا كذب
أنت ابن عبد المطَّلب

(1/7757)


فقال: حكاية قولهم: «أنا النَّبيُّ لا كذب»، واعلم أنَّ هذا رجز، وقد اختلف فيه؛ هل هو شعر أم لا؟ وقد ذكرت فيما مضى الكلام في ذلك، وأنَّ الصحيح: أنَّ الرجز شِعرٌ، وأنَّ ما قاله النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليس بشعر وإن قلنا: إنَّ الرجز شعر، وذلك لفقد شرط من شروط الشعر؛ وهو القصد، وفيه الوزن والقافية.
قوله: (أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ): إن قيل: كيف انتسب إلى جدِّه دون أبيه، وافتخر بذلك، مع أنَّ الافتخار في حقِّ أكثر الناس من عمل الجاهليَّة؟ فالجواب: أنَّه عَلَيهِ السَّلام كان مشهورًا بجدِّه أكثر، وذلك لأنَّ أباه تُوُفِّيَ شابًّا في حياة عبد المطَّلب والده قبل اشتهار عبد الله، وكان عبد المطَّلب مشهورًا شهرة شائعة ذائعة، وكان الناس يدعونه عَلَيهِ السَّلام ابنَ عبد المطَّلب، وقيل: إنَّ عبد المطَّلب رأى رؤيا تدلُّ على ظهور النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكان ذلك مشهورًا عندهم، فأراد عَلَيهِ السَّلام تذكيرهم بذلك، وتنبيههم بأنَّه عَلَيهِ السَّلام لا بدَّ من ظهوره على الأعداء، أو لغير ذلك، والله أعلم.
4316# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.
قوله: (أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟): اعلم أنَّهم نقلوا الإجماع على أنَّه لا يجوز أن يُعتَقد أنَّه عَلَيهِ السَّلام انهزم، ولا يجوز ذلك عليه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يرد أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم انهزم في موطن من المواطن.
تنبيهٌ: الحديث الذي في «مسلم» عن سلمة ابن الأكوع؛ وهو (فولَّى صحابة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأرجعُ منهزمًا وعليَّ بردتان، مؤتزرًا بإحداهما مرتديًا بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما، ومررت على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم منهزمًا، وهو على بغلته البيضاء)، فـ (منهزمًا) حال من ابن الأكوع، كما صرَّح أوَّلًا بانهزام نفسه، ولم يرد أنَّه عَلَيهِ السَّلام انهزم، هذا مما لا شكَّ فيه، وإنَّما ذكرته؛ لأنَّه قد يقف عليه من لا يعرف الأشياء فيهوي، والله الموفِّق للصواب.
تنبيهٌ ثانٍ: وهو أن يقال: كيف فرَّ القوم والفرار كبيرة؟ وجوابه: الكبيرة هو أن ينوي عدم العود عند وجدان القوَّة، وأمَّا من تحيَّز إلى فئة، أو كان فراره لكثرة عدد العدوِّ، أو نوى العود إذا أمكنه؛ فلا محذور فيه، ولا داخلًا في الوعيد، ولهذا قال تعالى في حقِّ هؤلاء: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 26]، واعلم أنَّ العدوَّ كانوا أضعاف [1] المسلمين، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (ضعاف)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7758)


[حديث: أنا النَّبي لا كذب]
4317# قوله: (فَاسْتُقْبِلْنَا): هو بضمِّ التاء، وكسر الموحَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ): اعلم أنَّ هذه البغلة كانت بيضاء، كما صرَّح هنا، وفي «مسلم»: (أهداها له فروة بن نُفاثة)، كما صرَّح به العبَّاس بن عبد المطَّلب في «مسلم»، وقد سمَّاها بعض الحفَّاظ: فضَّة، وقال بعض مشايخ مشايخي، وهو الحافظ مغلطاي في (غزوة حنين): وركب بغلة تسمَّى دلدل، انتهى.
قال الشيخ محيي الدين النوويُّ في «شرح مسلم»: أمَّا قوله: بيضاء؛ فكذا قال في هذه الرواية، وفي أخرى بعدها: (أنَّها بغلة بيضاء)، وفي آخر الباب: (على بغلته الشهباء)، وهي واحدة، قال العلماء: لا يعرف له عَلَيهِ السَّلام بغلة سواها يقال لها: دلدل، أهداها فروة بن نُفاثة، وقد ذكرت للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عدَّة بغلات؛ فانظر ذلك في (الجهاد)، وقال الشيخ محيي الدين في الدلدل: (أهداها له فروة بن نُفاثة)، [و] فيه نظر، وإنَّما البغلة التي أهداها فروة فضَّة، والدلدل أهداها له المقوقس، والله أعلم، وقال شيخنا الشارح: وكان عَلَيهِ السَّلام على بغلته البيضاء التي أهداها له فروة بن نفاثة ... إلى أن قال: وعند ابن سعد: أنَّ البغلة هي دلدل، وتبعه أبو عمر وابن حزم وغيرُهما، وفي «مسلم»: «بغلته الشهباء»؛ يعني: دلدل، أهداها له المقوقس، ويجوز أن يكون ركبهما يومئذ، انتهى، وقد تَقَدَّم عنه نحوُه في (الجهاد)، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ في «مسلم»: «أهداها له فروة بن نفاثة».
قوله: (وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن الحارث بن عبد المطَّلب أعلاه، والاختلاف في اسمه، والله أعلم.
قوله: (قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ: نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ): هذا تعليق مجزوم به، و (إسرائيل) هذا: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، يروي عن جدِّه أبي إسحاق، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن عبيد الله بن موسى عنه بإسناد الذي قبله، وتعليق (زهير): هو ابن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة الكوفيُّ، عن أبي إسحاق، فأخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن عَمرو بن خالد، ومسلمٌ في (المغازي) عن يحيى بن يحيى؛ كلاهما عنه بإسناد الذي قبله المتَّصل، والله أعلم.
[ج 2 ص 214]

(1/7759)


[حديث: معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه ... ]
4318# 4319# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم أيضًا (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام، وتَقَدَّم أنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين المهملة، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابنُ شِهَابٍ): أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): ذكر الجيَّانيُّ فيه كلامًا ذكرته في (غزوة الحُدَيْبيَة)؛ فراجعه إن أردته، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا، و (ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّه ثِقةٌ، و (مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ) بعده: هو الزُّهريُّ عمُّه، وتَقَدَّم الكلام على (مَرْوَان)، وهو ابن الحكم، وعلى (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ)، وأنَّ مروانَ تابعيٌّ، والمسور صَحابيٌّ صغير، وأبواهما صحابيَّان: الحكم ومخرمة، وتَقَدَّم أنَّ هذا يرويانه عن صحابة مبهمين، كذا في بعض طرقه، وأهمل هذه الطريق التي عن مبهمي المِزِّيِّ في «أطرافه»، فلم أرها، وتَقَدَّم الكلام على (وَفْد هَوَازِنَ)، وأنَّهم أربعة عشر رجلًا، ورأسهم زهير بن صُرد، وفيهم أبو بَرْقان عمُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الرضاعة، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «طبقات ابن سعد» ... ؛ فذكر حديثًا منها، وفيه: «وفي الوفد عمُّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الرضاعة أبو ثُروان»، ثُمَّ قال: «وقدم عليه أربعة عشر رجلًا من هوازن ... » إلى أن قال: «وكان رئيس القوم والمتكلِّم أبو صرد زهير بن صرد ... »؛ الحديث، وقد رأيت أبا صرد في «الأُسْد»، وأنَّه المتكلِّم في قصَّة هوازن، ولكن لم أرَ أبا ثُروان عمَّه عَلَيهِ السَّلام، ولكنَّه ذكر أبا مروان التميميَّ الراعي؛ فليُزد هذا عليه، انتهى، واعلم أنَّ النسخة التي نظرتها من «مبهماته» مصحَّفة هنا، وإنَّما عمُّه عَلَيهِ السَّلام أبو بَرْقان؛ بالموحَّدة، ثُمَّ راء، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، وقد ذكره الذهبيُّ في «تجريده»؛ فاعلمه.
وتَقَدَّم عدد المال والسبي، وأنَّه ستَّة آلاف رأس من النساء والذريَّة، وأربعة وعشرون ألفًا من الإبل، وفوق أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقيَّة فضَّة، والأوقيَّة: أربعون، والله أعلم.
قوله: (بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً): تَقَدَّم أنَّ (البضع) في العدد بكسر الباء وفتحها، وتَقَدَّم كم هو في أوائل هذا في (الإيمان).
قوله: (حِينَ قَفَلَ)؛ أي: رجع، وقد تَقَدَّم.
قوله: (نَخْتَارُ سَبْيَنَا [1]): تَقَدَّم أنَّ السبي كان ستَّة آلاف رأس من النساء والذريَّة.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم إعرابها، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِك [2]): هو بضمِّ أوله، وفتح الطاء، وتشديد المثنَّاة تحتُ ثالثه.

(1/7760)


قوله: (فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا): في هذا أنَّ جميعهم طيَّب وأذِن، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس»: فقال الأقرع بن حابس: أمَّا أنا وبنو تميم؛ فلا، وقال عيينة بن حصن: أمَّا أنا وبنو فزارة؛ فلا، وقال العبَّاس بن مرداس: أمَّا أنا وبنو سُليم؛ فلا، فقالت بنو سُليم: ما كان لنا؛ فهو لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال العبَّاس: وهَّنتموني، انتهى، وفي «النَّسائيِّ» نحوه، والله أعلم.
قوله: (هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ [3] سَبْيِ هَوَازِنَ): هذا من قول الزهريِّ، كذا قاله البُخاريُّ في هذا «الصحيح» في (الهبة)، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: كان سبي حنين ستة آلاف رأس، وكان صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قد ولى أبا سفيان بن حرب أمرهم، وجعله أمينًا عليهم).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ذلك).
[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (عن).
[ج 2 ص 215]

(1/7761)


[حديث: لما قفلنا من حنين]
4320# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، عارم، وعارم لقبه، وتَقَدَّم أنَّه بعيد من العرامة، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ): كذا في أصلنا، ثُمَّ ذكره البُخاريُّ عقيب هذا عن نافع عن ابن عمر قال: «لمَّا قفلنا من حنين ... »؛ الحديث، فاعلم أنَّ نافعًا لم يدرك عمر، فيبقى فيه إرسال، وإن شئت؛ سمَّيته منقطعًا، وقد قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في «مسند عمر»: نافع مولى ابن عمر عن عمر، ولم يدركه، فذكر حديث: «أنَّ عمر فرض للمهاجرين الأوَّلين أربعة آلاف»، قال: هكذا وقع في عامَّة الأصول، ووقع في بعضها: عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر: «فرض ... »، انتهى، ولم يذكر هذا الحديث؛ وهو: (نذر عمر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام)، ثُمَّ أسنده كما ذكرنا عقيبه عن نافع عن ابن عمر، قال: سأل عمر ... ، فالأوَّل منقطع، والثاني مسند، وما أظن أنَّ مثل هذا يدخل على البُخاريِّ؛ لأنَّ الإرسال فيه ظاهر جدًّا، وليس بخفيٍّ، وقد ذكر المِزِّيُّ الحديث الأوَّل: (فرض للمهاجرين) في المسندين؛ في «مسند عمر» و «مسند ابن عمر»، والله أعلم.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو عبد الله بن المبارك، وتَقَدَّم أنَّ (مَعْمَرًا) بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، وأنَّ (أَيُّوبَ) هو ابن أبي تميمة السختيانيُّ، الإمام المشهور.
قوله: (قَفَلْنَا)؛ أي: رجعنا، وقد تَقَدَّم.
قوله: (اعْتِكَافٍ): هو مجرور منوُّن، بدل من (نذر) المجرور.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ): (بعضهم) لا أعرفه، و (حمَّاد) بعده: هو ابن زيد، كما وضحه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقد أخرج حديث حمَّاد بن زيد به مسلمٌ عن أحمد بن عبْدة الضبيِّ عن حمَّاد بن زيد، وأحمد بن عبدة الضبيُّ لم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا، وقد أخرج له مسلم والأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وسبب ذكره في «الميزان»: أنَّ ابن خراش قال: تكلَّم الناس فيه، قال الذهبيُّ: فلم يُصدَّق ابن خراش في قوله هذا، فالرجل حجَّة، انتهى.
تنبيهٌ: هذا الحديث جعله بعض الرواة من «مسند ابن عمر» كما هنا، وبعضهم جعله من «مسند عمر»، فأخرجه من حديث ابن عمر البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، ومن «مسند عمر» الجماعة كلُّهم.
قوله: (وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): أمَّا (جرير بن حازم)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وتعليق جرير بن حازم أخرجه مسلم، وكذا أخرج مسلم تعليق حمَّاد بن سلمة، وأخرجه النَّسائيُّ أيضًا.
==========
[ج 2 ص 215]

(1/7762)


[حديث: خرجنا مع النبي عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين ... ]
4321# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّم مِرارًا، و (عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (أَبُو مُحَمَّد مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه نافع بن عبَّاس، وقيل: ابن عيَّاش، نسب إلى أبي قتادة وإنَّما ولاؤه لغيره، وثَّقه النَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة، تَقَدَّم، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن ربعيٍّ، تَقَدَّم.
قوله: (عَامَ حُنَيْنٍ): تَقَدَّم أنَّها في السنة الثامنة، في شوَّال.
قوله: (جَوْلَةٌ): هي بفتح الجيم، وإسكان الواو؛ أي: انهزام.
قوله: (فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلاَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ): الرجلان لا أعرفهما.
[ج 2 ص 215]
قوله: (قَدْ عَلاَ): أي: غلب، وقيل في معناه غير ذلك، وقد تَقَدَّم.
قوله: (عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ): (حبل العاتق): ما بين المنكب والعنق، وقال ابن دريد: حبل العاتق: عصبتاه، موضع الرداء من العنق.
قوله: (فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ؛ فَلَهُ سَلَبُهُ»): قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: ويوم حنين قال عَلَيهِ السَّلام: «من قتل قتيلًا؛ فله سلَبُه»، فصار حكمًا عامًّا، فقد يفهم شخص من هذا أنَّ هذا لم يُقَل قبل ذلك، وقد قال مالك رحمه الله: ولم يبلغني أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال ذلك إلَّا يوم حنين، كما نقله عنه ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي»، والذي في «مسلم» في أوائل (الجهاد): قال عوف _يعني: ابن مالك_: فقلت يا خالد؛ إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قضى بالسلب للقاتل، قال: بلى، انتهى، كأنَّه يريد بيومئذ قصَّة معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح مع أبي جهل، فإنَّه عَلَيهِ السَّلام قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، ويكون خالد بلغه ذلك من بعض الصَّحابة، أو سمع القصَّة من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّها جرت قبل إسلام خالد بزمان، وقصَّة عوف مع خالد كانت في مؤتة قبل حنين بالاتِّفاق، وقد يجمع بين كلام مالك وما في «مسلم» بأنَّ الذي في «مسلم» فعل، والذي في حنين قول، ويكون قول مالك صحيحًا، أو أنَّ مالكًا ما بلغه ذلك، وكذا ما قد يفهمه الشخص من كلام ابن سيِّد الناس، وقد تَقَدَّم أنَّه عَلَيهِ السَّلام أعطى سلب أبي جهل لمعاذ بن عمرو بن الجموح في «البُخاريِّ» وفي «مسلم» أيضًا.

(1/7763)


وقد قال ابن سيِّد الناس في «سيرته» في غزوة بدر بعد أن ذكر من عند ابن عائذ سندًا فيه محمَّد بن السائب الكلبيُّ عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس: أنَّه عَلَيهِ السَّلام لمَّا كان يوم بدر؛ قال: «من قتل قتيلًا؛ فله سلبه ... »؛ الحديث ما لفظه: المشهور أنَّ قول رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «من قتل قتيلًا؛ فله سلبه» إنَّما كان ذلك يوم حنين، وأمَّا قوله ذلك يوم بدر وأُحد؛ فأكثر ما يوجد من رواية من لايحتجُّ به، وقد روى أرباب المغازي والسير: أنَّ سعد بن أبي وقاص قتل يوم بدر العاصي بن سعيد، وأخذ سيفه، فنفله رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إيَّاه حتَّى نزلت سورة الأنفال، وأنَّ الزُّبَير بارز يومئذ رجلًا، فنفله رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سلبه، وأنَّ ابن مسعود نفله رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سلب أبي جهل، كذا قال، وقد تَقَدَّم أنَّ في «الصحيح»: (قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح)، وقد تَقَدَّم، ثُمَّ شرع بذكر ضعف الكلبيِّ وأبي صالح، وترجمتهما معروفة.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ): هذا الرجل الذي شهد لأبي قتادة سيجيء قريبًا أنَّه من قريش، وقد تَقَدَّم من كلام شيخنا: أنَّه شهد له بالسلب اثنان، وسمَّاهما: الأسود بن خزاعيٍّ وعبد الله بن أنيس، ونقل ذلك عن المنذريِّ، وهذان غير قرشيَّين، الأسود بن خزاعيٍّ _وقيل بالعكس_ أحد من قتل ابن أبي الحقيق، أسلميٌّ، من حلفاء بني سلمة من الأنصار، وأمَّا ابن أنيس؛ فهم جماعة؛ أحدهم: أسلميٌّ، والثاني: جهنيٌّ، ثُمَّ أنصاريٌّ حليفهم، والثالث: زهريٌّ، قال الذهبيُّ: روى عبد الله بن عمر العُمريُّ عن ابنه عيسى عنه، قال الذهبيُّ: وإنَّما هو الجهنيُّ الأنصاريُّ، والرابع: هو ابن أنيس أو أنس، قيل: هو الذي رمى ماعزًا لمَّا رجموه فقتله، والخامس: عامريٌّ له وفادة، والسادس: قُتِل يوم اليمامة، والله أعلم.
قوله: (فَأَرْضِهِ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (لاَ هَا اللهِ إِذًا): تَقَدَّم الكلام عليها مطوَّلًا، وتغليط الرواية، ومن قال: إنَّها صواب، بما فيه كفاية في (الخمس).
قوله: (لاَ يَعْمِدُ): هو بكسر الميم، وقد تَقَدَّم أنِّي رأيت في حاشية عُزيت لـ «شرح الفصيح»: أنَّ (عَمِد) في الماضي فيه لغة كسر الميم، وهي غريبة، ولفظ الحاشية: (عمَد)؛ بفتح الميم، وحكى المطرِّز عن ثعلب كسرها أيضًا، قال اللبليُّ شارح «الفصيح» بعد أن ذكر حكاية المطرِّز [عن] ثعلب الكسر، قال: ولم أر أحدًا حكاه غيره. انتهت.
قوله: (فَيُعْطِيَكَ): هو بالنصب جواب النفي، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا [2]): هو البستان، وتَقَدَّم ضبطه، وكذا (فِي بَنِي سَلِمَةَ)؛ بكسر اللام، قيل: من الأنصار، وكذا (تَأَثَّلْتُهُ)؛ أي: اتَّخذته أصلًا ورأس مال، وأثلة الشيء: أصله، ومنه: (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا) [خ¦2313].
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (النَّبيُّ).

(1/7764)


[2] في (ق): (فائد: مخرف؛ بفتح الراء وكسرها، وأمَّا كسر الميم؛ فهو اسم الآلة التي تخترف بها الثمرة؛ أي: تجتنى، وأجاد في تفسيره، فقال: المخرف: نخلة واحدة أو نخلات يسيرة إلى عشر فما فوق ذلك؛ فهو بستان أو حديقة، وفي هذا الحديث من الفقه: أنَّ السلب للقاتل حكمًا شرعيًّا جعل ذلك الإمام له أو لم يجعله، وهو قول الشافعي، وقال مالك: إنَّما ذلك إلى الإمام له أن يقول بعد معمعة الحرب: من قتل قتيلًا؛ فله سلبه، ويكره مالك أن يقول ذلك قبل القتال؛ لئلا يخالط النية غرض آخر غير احتساب نفسه لله تعالى).

(1/7765)


[معلق الليث: لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين ... ]
4322# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الأحكام) عن قتيبة عن ليث، وأخرجه مسلم في (المغازي) عن قتيبة عن الليث به، و (يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ): تَقَدَّم في الصفحة قبله أنَّه الأنصاريُّ.
قوله: (إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّم أنَّ الرجلين لا أعرفهما.
قوله: (وَآخَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ): هذا الثالث أيضًا لا أعرفه، و (يَختِله): هو بفتح أوَّله، وكسر المثنَّاة فوق؛ أي: يأخذه في غفلة.
قوله: (ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ): (تَرَكَ): بفتح المثنَّاة فوق والراء والكاف؛ أي: ترك ضمِّي، وتحلَّلتْ قواه، كما قال في موضع آخر: (فَأَدْرَكَهُ [1] الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي) [خ¦4321]، قاله ابن قُرقُول، وقوله: (ثُمَّ ترك فتحلل) مقلوب؛ أي: تحلَّلت قواه فترك ضمِّي، والله أعلم.
قوله: (فَتَحَلَّلَ): هو بالحاء المهملة، وتشديد اللام الأولى، وهو (تفعَّل)، من الحلِّ؛ أي: حلَّ نفسه مني، وانفصل عنِّي، كما قال في رواية أخرى: (ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي) [خ¦4321]، وقوله: (فتحلَّل) هذا: الفاء ليست للترتيب، وإنَّما هي لعطف جملة على جملة؛ لأنَّه تحلَّلت قواه فترك ضمَّه، كما تَقَدَّم أعلاه، وقد جاءت (ثُمَّ) للعطف لا للترتيب في بعض الأماكن، فكذا الفاء، والله أعلم.
قوله: (وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ): هذا فيه مجاز، ولم ينهزم جميع المسلمين، وقد قدَّمتُ عدد من ثبت مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في حنين في أوائل (الجهاد)، وها أنا أذكره لك، قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: وفيمن ثبت معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته: عليٌّ، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه، والفضل بن عبَّاس، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن بن أمِّ أيمن، وقُتِل يومئذ، انتهى، وقال مغلطاي: ولم يثبت معه حين ذلك إلَّا عشرة، وقيل: ثمانية، انتهى.

(1/7766)


وقال شيخنا: وثبت معه يومئذ العبَّاس، وعليٌّ، والفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأبو بكر، وعمر، وأسامة في أناس من أهل بيته، قال الحارث بن النعمان: مئة رجل، وسيأتي تعداد بعضهم ... إلى أن قال: وعدَّ ابن هشام وغيره معه قُثَم بن العبَّاس، وفيه نظر؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام تُوُفِّيَ وهو صغير، وعند الزُّبَير بن أبي بكر: وكان عتبة ومعتِّب ابنا أبي لهب ممَّن ثبت معه يومئذ، ولابن إسحاق: وأيمن بن أمِّ أيمن، ولابن عبد البرِّ: وجعفر بن أبي سفيان بن الحارث، وأمُّ سليم، ولعبد الغنيِّ: وعبد الله بن الزُّبَير بن عبد المطَّلب، ولابن الأثير: وعَقِيل بن أبي طالب، ولابن عبَّاس في «تفسيره»: وأبو دجانة، ونفر من الأنصار تعلَّقوا بثفر البغلة، وللبَيهَقيِّ عن ابن مسعود: ثبتُّ معه في ثمانين رجلًا من الأنصار والمهاجرين ... إلى أن قال: ولأبي معشر: ثبت معه يومئذ مئة رجل؛ بضعة وثلاثون من المهاجرين، وسائرهم من الأنصار، انتهى.
وفاتَه نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب، قاله أبو عمر في «الاستيعاب»، والذي عزاه شيخنا للبَيهَقيِّ هو في «المستدرك» في (الجهاد)
[ج 2 ص 216]
من حديث ابن مسعود، ولفظه: (وبقيتُ [2] معه في ثمانين رجلًا)، وفي «التِّرْمِذيِّ» محسَّنًا عن ابن عمر: (وما معه إلَّا مئة رجل)، وذكر ابن سيِّد الناس في أعمامه وعمَّاته: أنَّ عتبة ومعتِّبًا ابني أبي لهب ثبتا معه، وقد تَقَدَّما في كلام شيخنا، وذكر أيضًا في أعمامه وعمَّاته: الزُّبَير، فقال: فولده عبد الله شهد يوم حُنين، وثبت معه، وهذا أيضًا في كلام شيخنا، وذكر ابن عبد البرِّ في «استيعابه»: أنَّ أمَّ الحارث الأنصاريَّة ثبتتْ معه يوم حُنين، ذكر ذلك في ترجمتها، وفي «الاستيعاب» أيضًا في ترجمة العبَّاس: (وانهزم الناس عن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم حُنين غيره وغير عمر وعليٍّ وأبي سفيان بن الحارث، وقد قيل: غير سبعة من أهل بيته ... ) إلى أن قال: (قال ابن إسحاق: والسبعة: عليٌّ، والعبَّاس، والفضل بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثامن: أيمن بن عبيد، وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان عمرَ بن الخَطَّاب، والصحيح: أنَّ أبا سفيان كان معه يومئذ، ولم يُختَلف في عمر)، انتهى، والله أعلم.
قوله: (فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ ظَاهِرٌ [3]): هذا فيه نظرٌ، إلَّا أن يقال: إنَّه في الناس الذين ثبتوا معه عَلَيهِ السَّلام، وذلك لأنَّه عُدَّ في الذين ثبتوا، وقد قال قبيل هذا أبو عمر بن عبد البرِّ: ولم يُختَلف في عمر رضي الله عنه.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ): تَقَدَّم قريبًا الكلام على هذا الرجل قريبًا، والله أعلم.
قوله: (فَأَرْضِهِ مِنْهُ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بهمزة قطع، وهذا ظاهرٌ؛ لأنَّه رباعيٌّ.

(1/7767)


قوله: (أُصَيْبِغَ [4] مِنْ قُرَيْشٍ): هو بالصاد المهملة، وغين معجمة، كذا للأصيليِّ، والنسفيِّ، وأبي ذرِّ، والسمرقنديِّ؛ ومعناه: أُسَيْوِد، كأنَّه عيَّره بلونه، وللباقين: (أضيبع)، كذا للقابسيِّ، وعبدوس، ولأبي ذرٍّ في رواية، وللعذريِّ، وابن الحذَّاء، والسجزيِّ؛ كلُّهم يقوله بالضاد، تصغير (ضبع) على غير قياس؛ تحقيرًا له، وهو أشبه بسياق الكلام؛ لقوله: (وَيَدَعَ أَسَدًا)، قال أبو مروان بن سراج: ولكنَّه لا يحتمله قياس اللسان؛ لأنَّ تصغير (ضبع): ضبيع، والأوَّل أصحُّ، انتهى، وعن ابن مالك: هو تصغير (أضبع)؛ وهو القصير الضبع، ويكنَّى به عن الضعيف، وتَقَدَّم الكلام عليه في (الخمس)، وما فيه من اختلاف الرواة.
قوله: (خِرَافًا): (الخِراف)؛ بكسر الخاء المعجمة: اسم لما تُختَرف منه الثمار، أو يكون جمع (خريف)؛ وهو النخلة؛ مثل: كريم، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (تَأَثَّلْتُهُ) قريبًا وفي (الخمس).

(1/7768)


[باب غزاة أوطاس]
قوله: (بابُ غَزْوَةِ [1] أَوْطَاسٍ): تَقَدَّم في أوَّل (غزوة حنين) أنَّها يقال لها: غزوة حنين، وهوازن، وأوطاس، سُمِّيَت بـ (أوطاس) باسم الموضع الذي كان فيه الوقعة أخيرًا حيث اجتمع فلَّالهم، وتوجَّه إليهم أبو عامر الأشعريُّ، والوطيس: التنور، وفي هذه الغزوة قال عَلَيهِ السَّلام: «الآن حمي الوطيس، حيث استعرتِ الحرب»، وهي من الكلم التي لم يُسبَق إليها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهنَّ جماعة كلم؛ منها: «لا ينتطح فيها عنزان»، و «مات حتف أنفه»، و «لا يلدغ المؤمن من جحر مرَتين»، و «يا خيل الله اركبي»، و «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»، و «كلُّ الصيد في جوف الفَرأ»، و «الحرب خدعة»، و «إيَّاكم وخضراءَ الدِّمَن»، و «إنَّ ممَّا ينبت الربيع لما يقتل أو يلمُّ»، و «الأنصار كرشي وعيبتي»، و «لا يجني على المرء إلَّا يده»، و «الشديد من غلب نفسه»، و «ليس الخبر كالمعاينة»، و «المجالس بالأمانة»، و «اليد العليا خير من اليد السفلى»، و «البلاء موكَّل بالمنطق»، و «الناس كأسنان المشط»، و «ترك الشرِّ صدقة»، و «أيُّ داء أدوأ من البخل»، و «الأعمال بالنيَّات»، و «الحياء خير كلُّه»، و «اليمين الفاجرة تدع الديار بَلَاقِعُ»، و «سيِّد القوم خادمهم»، و «فضل العلم خير من فضل العبادة»، و «الخيل في نواصيها الخير»، و «عِدَة المؤمن كأخذ باليد»، و «أعجل الأشياء عقوبة البغيِّ»، و «إنَّ من الشعر لحكمًا»، و «الصحة والفراغ نعمتان»، و «نيَّة المؤمن خير من عمله»، و «الولد الوطء»، و «استعينوا على الحاجات بالكتمان، فإنَّ كلَّ ذي نعمة محسود»، و «المكر والخديعة في النار»، و «من غشَّنا؛ فليس منا»، و «المستشار مؤتمن»، و «الندم توبة»، و «الدالُّ على الخير كفاعله»، و «حبُّك الشيء يُعمِي ويُصِمُّ»، و «العارية مؤدَّاة»، و «الإيمان قيَّد الفتك»، و «سبقك بها عكاشة»، و «عجب ربُّكم من كذا»، و «قتل صبرًا»، و «ليس المسؤول بأعلم من السائل»، و «لا ترفع عصاك عن أهلك»، و «لا تضحِّي بشرقاء [2]» ... إلى غير ذلك ممَّا يطول ذكره، ذكر ذلك مغلطاي في «سيرته» في سريَّة عمير بن عديٍّ الخطميِّ إلى عصماء بنت مروان، والله أعلم.

(1/7769)


[حديث: لما فرغ النبي من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى ... ]
4323# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وتَقَدَّم (بُرَيْدٌ): أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وتَقَدَّم أنَّ (أَبَا بُرْدَة) اسمه الحارث أو عامر، القاضي، وتَقَدَّم (أَبُو مُوسَى): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.
قوله: (بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ): تَقَدَّم أنَّ أبا عامر هذا اسمه عبيد، كذا هو مسمًّى في «الصحيح»: «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر»، ويأتي قريبًا كذلك، وهو عبيد بن سُلَيم بن حَضَّار بن حرب بن عامر بن بُكَير بن عامر بن عدد بن وائل بن ناجية بن جماهير بن الأشعر، وهو ابن نبت بن أدد بن زيد بن يشجبَ بن يعرب بن قحطان، وتَقَدَّم أنَّه عمُّ أبي موسى الأشعريِّ، وقد استشهد بأوطاس، كما سيأتي.
تنبيهٌ: وقع في «سيرة ابن سيِّد الناس» في غزوة حنين عن ابن إسحاق: أنَّ أبا موسى ابن عمِّ أبي عامر، وفيه نظر، وقد ذكرت لك نسبهما، والله أعلم.
قوله: (فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ): (دريد): مصغَّر، وهو منصوب مفعول، و (الصِّمة): بكسر الصاد المهملة، وتشديد الميم، وهو دريد بن الصِّمَّة بن الحارث بن معاوية بن جُداعة _بضمِّ الجيم_ ابن غَزيَّةَ بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، قتل كافرًا بالله كما سيأتي.
قوله: (فَقُتِلَ دُرَيْدٌ [1]): (قُتِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (دريدٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقاتل دريد هو ربيعة بن رفيع بن أهبان، ذكر ذلك ابن عبد البرِّ في ترجمة ربيعة هذا، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد ذكر ربيعة هذا: إنَّه قاتل دريد، قال: ويقال: ابن الدَّغنة، واسمه: لدغة؛ بالغين المعجمة، قال ابن هشام: ويقال: اسم الذي قتل دريدًا عبدُ الله بن قنيع بن أهبان، كذا ذكره في «الأُسْد»، انتهى، وكذا ذكر الذهبيُّ في «تجريده»: أنَّه عبد الله بن قنيع، والله أعلم.
قوله: (فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ [2]): (رُمِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أبو عامر): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وسيأتي من رماه.
قوله: (رَمَاهُ جُشَمِيٌّ): قال ابن إسحاق: فيزعمون أنَّ سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر، وقال ابن سعد: قتل أبو عامر منهم تسعة مبارزةً، ثُمَّ نزل العاشر معلَّمًا بعمامة صفراء، فضرب أبا عامر فقتله، انتهى، وقال شيخنا عن ابن هشام: رماه أخوان من بني جشم بن معاوية، فأصاب
[ج 2 ص 217]
أحدهما قلبه، والآخر ركبته [3]، انتهى.
والذي رأيته في «سيرة ابن هشام» من زياداته فيما حدَّثه به من يثق به من أهل العلم بالشعر: أنَّ أبا عامر رماه أخوان؛ العلاء وأوفى ابنا الحارث، من بني جشم بن معاوية، وأصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته، فقتلاه، ووَلِي الناس أبو موسى الأشعريُّ، فحمل عليهما، فقتلهما، انتهى.

(1/7770)


وقوله: وعند أبي عمر؛ يعني: في غير «الاستيعاب»، وأنا لم أره فيه في ترجمته ولا في ترجمة ابن أخيه أبي موسى، والله أعلم، وقد قيل: أبو موسى الأشعريُّ قاتل عمِّه أبي عامر، كما سيأتي، وتَقَدَّم أيضًا أعلاه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد ذكر كلام ابن إسحاق: وقال ابن هشام: وحدَّثني من أثق به: ورمى أبا عامر أخوان [4]؛ العلاء وأوفى _وفي نسخة: أوفى_ ابنا الحارث من بني جشم بن معاوية، وأصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته فقتلاه ... إلى أن قال: فحمل عليهما _يعني: أبا موسى_ فقتلهما، انتهى.
قوله: (فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ): (نزا): معتلُّ غير مهموز، وهو بالنون والزاي؛ ومعناه: ارتفع وظهر، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: يقال: نُزِيَ دمه، ونُزِف؛ إذا جرى ولم ينقطع، ثُمَّ ذكر حديث أبي عامر، فقال: ومنه حديث أبي عامر، وكلاهما قريب، وقوله: (الماء)؛ أي: الدم، أطلق عليه ماء؛ بجامع ما بينهما من السيلان، والله أعلم.
قوله: (عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ): هو بضمِّ الميم الأولى، وفتح الثانية، بينهما راء ساكنة، ويجوز فتح الراء، وتشديد الميم، وهما نسختان في أصلنا، الأولى في الأصل، والثانية في الطرَّة، وكذلك (سرير مرمول)، و (رمال حصير)، كلُّ ذلك يراد به: المنسوج من السعف بالحبال.
قوله: (وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ): قال شيخنا: قال أبو الحسن: الذي أحفظ في هذا: (ما عليه فراش)، وأُراها سقطت، انتهى، وقد رأيت بخطِّ شيخنا أبي جعفر في نسخته: (وعليه فراش)، وقد خرج من بعد الواو، وكتب في الهامش: (ما)، وعليها صورة نسخة، فبقي على هذه النسخة: (وما عليه فراش)، وهذا هو الذي نقله شيخنا عن أبي الحسن، وسيأتي ما في هذه النسخة، وفي «المطالع» لابن قُرقُول ما نصُّه: (وعليه فراش): كذا في جميع النسخ من «مسلمٍ» و «البُخاريِّ»، قال القابسيُّ: الذي أعرف: (على سريرٍ مُرْمَل ما عليه فراش) ألا ترى إلى قوله: (وقد أثَّر رمال السرير في ظهره ... ) إلى آخر كلامه، والظاهر أنَّ أبا الحسن في كلام شيخنا هو القابسيُّ المذكور في «المطالع»، والله أعلم.
قوله: (قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ فِيْ ظَهْرِهِ [5]): تَقَدَّم أعلاه ما الرمال.
قوله: (وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ [6]): تَقَدَّم أنَّ بياض إبطيه من علامات نبوَّته.
قوله: (وَأَدْخِلْهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (مدْخَلًا كَرِيمًا): (المُدخل): بضمِّ الميم وفتحها.
قوله: (قَالَ أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم أنَّه ولد أبي موسى، وأنَّه القاضي، وأنَّه الحارث، ويقال: عامر، وتَقَدَّم ببعض ترجمة بعيدًا.
تنبيهٌ: استشهد من المسلمين في حنين وأوطاس أربعة، وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلًا.
==========
[1] في هامش (ق): (الدريد في اللغة: تصغير [أدرد]، وهو تصغير الترخيم، و [الصِّمَّة: الشجاع]، وجمعه: صِمَم).
[2] في هامش (ق): (هو أبو عامر الأشعريُّ، واسمه عُبيد بن سُلَيم، وهو عَمُّ أبي موسى الأشعريِّ [عبدِ الله]).

(1/7771)


[3] في (أ): (الحارث)، والمثبت موافق لما في «التوضيح» (21/ 470).
[4] في (أ): (أخو)، والمثبت موافق لمصدره.
[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بظهره).
[6] في هامش (ق): ([أبو عامر: هو الذي استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قُتِل رافعًا يديه، يقول: «اللَّهمَّ اغفر لعبيدٍ أبي عامر» ثلاثًا، وفيه من الفقه: رفع اليدين في الدعاء]، وقد كرهه قوم، رُويَ عن عبد الله بن عمر: [أنَّه رأى قومًا يرفعون أيديهم في الدعاء، قال]: أوقد رفعوها؟ قطعها الله، والله لو كانوا بأعلى شاهق ما ازدادُوا بذلك من الله قربًا، وحجَّة من رَأى الرفع أحاديثُ؛ منها: هذا، ومنها حديث الاستسقاء، ومنها في سريَّة خالد: «اللَّهمَّ إنِّي أبرأُ إليك ممَّا صنع خالد»، ولكلٍّ وجهٌ، فمَن كَرِه؛ فإنَّما كره الإفراط في الرفع؛ كما كره رفع الصوت بالدعاء جدًّا).

(1/7772)


[باب غزوة الطائف]
(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ) ... إلى (السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ)
(الطَّائِفِ): بلد معروف على مرحلتين من مَكَّة في جهة المشرق.
تنبيهٌ: حاصَرَ عَلَيهِ السَّلام الطائف ثمانية عشر يومًا، وقيل: خمسة عشر، وقيل: عشرين، وقال ابن حزم: بضع عشرة ليلة [1]، وفي «مسلم» في (الزكاة): أربعين يومًا، من حديث أنس.
==========
[1] في (أ): (له)، والمثبت من المصادر.
[ج 2 ص 218]

(1/7773)


[حديث: لا يدخلن هؤلاء عليكن]
4324# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وتَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق لماذا نسب، وأنَّ اسمه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ): هو هشام بن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ) تَقَدَّمتُ، وهي بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزوميَّة، ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وتَقَدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها، و (أُمُّهَا أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة، تَقَدَّم بعض ترجمتها، والكلام في تاريخ وفاتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد الستِّين، وأنَّها آخر الأزواج وفاةً، رضي الله عنها.
قوله: (وَعِنْدِي مُخَنّثٌ): المخنِّث؛ بكسر النون أفصح، وبفتحها أشهر؛ لغتان، وهذا المخنّث هو: هيت، كما هنا من كلام ابن عيينة عن ابن جُرَيج، قال شيخنا عن الكلبيِّ: إنَّ هيتًا هو مولى عبد الله بن أبي أُمَيَّة، انتهى، وقيل: هيت اسمه، ولقبه: ماتع، والمَخانِثة الذين كانوا في عهده عَلَيهِ السَّلام أربعة: هيت، وهِدم [1]، وأنَّة، وماتع، قاله السهيليُّ، ونقله الذهبيُّ عنه في «تجريده» في (أنَّة)، انتهى، وهِدم: بالدال، ذكره الذهبيُّ في (أنَّة)، وفي نسخة من «الروض»: (هرم)، وضبطه شيخنا في هذا الشرح: بالهاء المكسورة، وبالدال الساكنة.
واعلم أنَّ المخنّث ضربان:
أحدهما: من خلق كذلك ولم يتكلَّف التخلُّق بأخلاق النساء، وزِيِّهنَّ، وكلامهنَّ، وحركاتهنَّ، بل هو خلقة خلقه الله تعالى عليها كما كان هؤلاء، هذا لا ذمَّ عليه، ولا إثم، ولا عتب، ولا عقوبة؛ لأنَّه معذور لا صنع له في ذلك، ولهذا لم ينكر عَلَيهِ السَّلام أوَّلًا دخوله على النساء، ولا خلقه الذي هو عليه حين كان من أصل خلقته.
الضرب الثاني: هو من لم يكن له ذلك خلقة، بل يتكلَّف أخلاق النساء، وحركاتهنَّ، وصفاتهنَّ، وكلامهنَّ، ويتزيَّا بزيِّهن، فهذا هو المذموم الذي جاء في الأحاديث الصحيحة لعنُه، والضرب الأوَّل ليس بملعون، والله أعلم.
وأمَّا دخول هذا على أمِّ سلمة، وفي رواية في «مسلم»: (كان يدخل على أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مخنّث)؛ فكأنَّه يعدُّونه من غير أولي الإربة، فقد بيَّن سببه في هذا الحديث بأنَّهم كانوا يعدُّونه من غير أولي الإربة، ومن كان من غير أولي الإربة؛ فإنَّه مباح دخوله، فلمَّا سمع عَلَيهِ السَّلام الكلام الذي قاله؛ علم أنَّه من أولي الإربة، فمنعه عَلَيهِ السَّلام الدخول، والله أعلم.

(1/7774)


قال الإمام السهيليُّ: ولم يكونوا يُزَنُّون بالفاحشة الكبرى، وإنَّما كان تأنيثهم لينًا في القول، وخضابًا في الأيدي والأرجل كخضاب النساء، ولعبًا كلعبهنَّ، وربَّما لعب بعضهم بالكُرَّج، وفي «مراسيل أبي داود»: أنَّ عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه رأى لاعبًا يلعب بالكُرَّج، فقال: لولا أنِّي رأيت هذا يلعب به على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لنفيته من المدينة، انتهى.
قال الجوهريُّ: الكُرَّج: معرَّب، وهو بالفارسية: كرَّه، انتهى، وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين: وكـ «قُبَّر»: المهر، معرَّب كُرَّه، والكُرَّجيُّ: المخنّث، انتهى.
قوله: (يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ [2]): هو عبد الله بن أبي أُمَيَّة بن المغيرة المخزوميُّ، أخو أمِّ سلمة، أمُّه: عاتكة عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كان شديدًا على المسلمين، معاديًا لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، أسلم قُبَيل الفتح هو وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، رُمِيَ عبد الله هذا بسهم يوم الطائف قتله، وقد تَقَدَّم ذلك.
قوله: (فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلاَنَ [3]): (ابنة غيلان) هذه: اسمها بادية، وقيل: بادنة، والصحيح بالمثنَّاة تحت، تزوج باديةَ عبدُ الرَّحمن بن عوف، وهي صحابيَّة، وغيلان أبوها صَحابيٌّ أيضًا، أسلم وتحته عشر نسوة، وقصَّته معروفة، وبادية هذه إحدى المستحاضات التسع في عهده عَلَيهِ السَّلام، وقد ذكرتها في (الحيض) من هذا التعليق.
[ج 2 ص 218]
قوله: (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ): قال ابن قُرقُول: يعني: أطراف العكن الأربع التي تكون في بطنها تظهر ثمانية في جنبها، وقال: ثمان، ولم يقل: ثمانية، وهي الأطراف مذكَّرة؛ لأنَّه لم يذكُرها؛ كما يقال: هذا الثوب سبع في ثمان؛ يريد: سبعة أذرع في ثمانية أشبار، فلمَّا لم يذكُر الأشبارَ؛ أنَّث؛ لتأنيث الأذرع التي قبلها.
فائدةٌ: في حديث هيت زيادة لم تقع في «الصحيح» بعد قوله: (بثمان): (مع ثغر كالأقحوان، إن قامت؛ تثنَّت، وإن قعدت؛ تبنَّت، وإن تكلَّمت؛ تغنَّت _يعني: من الغنَّة، والأصل: تغنَّيَت، فقلبت إحدى النونين ياء_ وهي هيفاء شَموع نجلاء)، انتهى.
والشَّمُوع _بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الميم_ من النساء: اللَّعوب الضَّحوك، وذكر شيخنا في «شرحه» عن ابن الكلبيِّ هذا إلى قوله: (تغنَّت)، ثُمَّ قال: وفي لفظ ... ، فذكر كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، وفي آخره: (بين رجليها مثل الإناء الملفوف)، وقال في (باب ما يكره من دخول المتشبِّهين بالنساء على المرأة)، وفي بعض الأخبار زيادة: (ولها ثغر كالأقحوان، إن جلست؛ تبنَّت، وإن نطقت؛ تغنت، وبين رجليها كالإناء الملفوف)، انتهى، وهذا يعِّين الذي لم يتحرَّر من سقم النسخة، والله أعلم.

(1/7775)


فائدةٌ: ذكر أبو موسى في «غريبه» على ما قاله ابن الأثير في «نهايته»: أنَّ سعدًا خطب امرأة بمَكَّة، فقيل: إنَّها تمشي على ستٍّ إذا أقبلت، وعلى أربع إذا أدبرت؛ يعني بالستِّ: يديها، وثدييها، ورجليها؛ أي: إنَّها لعظم ثدييها ويديها كأنَّها تمشي مُنكبَّة، والأربع: رجلاها، وأليتاها، وأنَّهما كادتا تمسَّان الأرض؛ لعظمهما، وهي بنت غيلان الثقفيَّة التي قيل فيها: تقبل بأربع، وتدبر بثمان، وكانت تحت عبد الرَّحمن بن عوف، انتهى لفظ «النِّهاية».
ثُمَّ إنِّي رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» عن سعد بن مالك: (أنَّه خطب امرأة بمَكَّة وهو مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: ليت عندي من يراها ومن يخبرني عنها، فقال رجل يدعى هيت: أنا أنعتها لك، إذا أقبلت؛ قلت: تمشي على ستٍّ، وإذا أدبرت؛ تمشي على أربع ... )؛ الحديث.
قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْمُخَنَّثُ هِيتٌ): تَقَدَّم أنَّه بكسر النون من (المخنّث) وفتحها، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الخلاف في (هيت)، وهل هذا المتكلم هيت أو غيره أعلاه؛ فانظره، والظاهر أنَّ قول: (قال ابن عيينة)؛ يعني: بالسند المتَقَدَّم، وهو الحُمَيديُّ عنه، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: كذا هو في «البُخاريِّ» من قول ابن جُرَيج، ووقع موصولًا من حديث عائشة في «صحيح ابن حبَّان»، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أيضًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، وقوله: (بِهَذَا)؛ أي: بالسند الذي قبله والحديث، ويؤكِّد هذا قولُه: (وزاد).
قوله: (الطَّائِفَ): هو منصوبٌ؛ لأنَّه مفعول اسم الفاعل؛ وهو (مُحاصِر)، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] في (أ): (هرم)، وكتب فوقها: (هدم)، وعليها: (صح).
[2] في هامش (ق): (وهو أخو أمِّ سَلَمة، فيكون أخو أبيها أبا أُميَّة).
[3] في هامش (ق): (وبادية هذه كانت من المستحاضات النساء اللاتي كنَّ على عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ذكرها ابن الأثير، وأبوها غيلان بن سلمة هو الذي أسلم وَعِنده عشر نسوة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُمسِك أربعًا، ويُفارق سائرهنَّ، وكان قال فيها هيت المخنث لعبد الله بن أبي أمية: إنْ فتح الله عليكم الطائف؛ فإنِّي أدلُّك على بادية بنت غيلان، فإنَّها تُقبِل بأربع وتُدبِر بثمان، فسمعه رسول الله، فقال: «قاتلك الله لقد أمعنت النظر»، وقال: «لا يدخلن هؤلاء عليكنَّ»، ثم نفاه إلى روضة خاخ، فقيل: إنَّه يموت بها جوعًا، فأذن له أن يدخل المدينة كل جمعة يسأل الناس).

(1/7776)


[حديث: لما حاصر رسول الله الطائف فلم ينل منهم ... ]
4325# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وأنَّ (سُفْيَانَ) بعده: ابن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (أَبُو العَبَّاس) بعده: هو السائب بن فرُّوخ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو): كذا في أصلنا بإثبات الواو، وفتح العين، وفي نسخة في الطرَّة: (عُمر)؛ بضمِّ العين، محذوف الواو، سيأتي فيه كلامٌ للدِّمْياطيِّ في (الأدب)، وسأذكره حيث ذَكرَه، قال ابن قُرقُول: (عن عبد الله بن عمرو): كذا لرواة مسلم: ابن سفيان الجرجانيِّ، والنسفيِّ، والحمُّوي في حديث الطائف، وفي (باب التبسُّم والضحك)، وكانت الواو هنا عند أحمد ملحقة، وعند ابن ماهان والمروزيِّ وأبي الهيثم والبلخي: (عن عبد الله بن عمر)، قال لنا القاضي الصدفيُّ: وهو الصواب، وكذا ذكره البُخاريُّ في موضع آخر: (عن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب)، وحكى ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» فيه عن سفيان الوجهين، وكذلك اختلف فيه في (كتاب التوحيد) في آخر (باب المشيئة والإرادة)، فعند الجرجانيِّ: (ابن عَمرو) مُصحَّح، ولغيره: (ابن عمر)، انتهى.
واعلم أنَّ هذه المسألة ذكرها جماعة من الحفَّاظ كأبي عليٍّ الغسانيِّ وغيرِه، ولكن آثرت ذكرها من «المطالع»، ومثل هذه تمرُّ بي كثيرًا، ولا أتعرَّض له؛ لأنَّ فيه طولًا، ومن أراد ذلك؛ فعليه بالمؤلَّفات التي فيها ذلك، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّف هذا الحديث في ترجمة أبي العباس الشاعر عن ابن عَمرو: منهم من قال: (عن عبد الله بن عمر)، ومنهم من قال: (ابن عَمرو)، وكان القدماء من أصحاب سفيان يقولون: (ابن عُمر)، كما وقع عند البُخاريِّ في عامَّة النسخ، وكان المتأخِّرون منهم يقولون: (عبد الله بن عَمرو)، كما وقع في «مسلم» و «النَّسائيِّ» في أحد الموضعين، ومنهم من لم ينسبه، كما وقع عند النَّسائيِّ في الموضع الآخر، والاضطراب فيه من سفيان، قال أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني: بلغني أنَّ إسحاق بن موسى الأنصاريَّ وغيرَه قالوا: (عبد الله بن عَمرو)، ورواه عنه _يعني: عن سفيان_ من أصحابه من يفهم ويضبط، فقالوا: (عبد الله بن عُمر)، انتهى، وذكره في (مسند عبد الله بن عَمرو)، وأحال على (مسند ابن عمر)، والذي ظهر لي من كلامه ترجيح (ابن عمر بن الخَطَّاب)، والله أعلم.
قوله: (إِنَّا قَافِلُونَ [1]): تَقَدَّم أنَّ (القفول) الرجوع.
قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً): (سفيان) هذا: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة.

(1/7777)


قوله: (قَالَ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْخَبَرَ كُلَّهُ [2]): كذا في أصلنا: (قال: قال)، وعلى الثانية: (صح)، والمراد: قال البُخاريُّ: قال الحُمَيديُّ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ (الحُمَيديَّ) عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق لماذا نسب، والاختلاف في ذلك، و (سفيان): هو ابن عيينة، وتَقَدَّم أنَّ قول البُخاريِّ: (قال فلان) إذا كان المسند إليه القولُ شيخَه؛ كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب استعمالها في المذاكرة، والله أعلم.

(1/7778)


[حديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام]
4326# 4327# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما معنى (البُنْدَار)، و (غُنْدُر) بعده: تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وأنَّ معنى (غُنْدُر) المشغِّب، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم مِرارًا، وتَقَدَّمت اللغات في (مَلٍّ)، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (سَعْدٌ) بعده: هو ابن مالك [بن] أبي وقاص، أحد العشرة، مشهور، رضي الله عنهم.
قوله: (وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ): إن قيل: في أيِّ سريَّة أو غزاة رمى به؟
فالجواب: أنَّه في بعث عبيدة بن الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، بعثه في ستِّين _أو ثمانين_ راكبًا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، وكان ذلك في ربيع الأوَّل على رأس ثلاثة عشر شهرًا
[ج 2 ص 219]
من مقدمه المدينة، فسار حتَّى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنيَّة المرَّة، فلقي بها جمعًا عظيمًا من قريش، فلم يكن بينهم قتالٌ، إلَّا أنَّ سعد بن أبي وقاص قد رمى بسهم، فكان أوَّلَ من رمى به في الإسلام، والقصَّة معروفة، وقد قدَّمتُ ذلك في (مناقب سعد)، وقدَّمتُ أيضًا أنَّه أوَّل من أراق دمًا في الإسلام، ويقال: أوَّل من أراق دمًا في الإسلام طليب بن عمير.
قوله: (وَأَبَا بَكْرَةَ [1]، وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ): (أبو بكرة): نفيع بن الحارث، وقيل: نفيع بن مسروح، خرج إلى عكسر المسلمين من الطائف في بضعة عشر رجلًا، كذا قال أهل المغازي، وسيجيء في هذا «الصحيح» قريبًا جدًّا: (أنَّه نزل إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف)، والجمع ممكن.
فائدةٌ: لم يعيِّن هنا غير أبي بكرة، غير أنَّه قال: (في أناس)، وسيأتي قريبًا: (وَأَمَّا الآخَرُ _يعني: أبا بكرة_؛ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ)، انتهى، وقد قال موسى بن عقبة: يقال: (لم يخرج من الطائف غير أبي بكرة، فأعتقه عَلَيهِ السَّلام)، وتبعه الحاكم والبَيهَقيُّ وغيرهما، وينبغي أن يؤوَّل على أنَّه خرج وحده أوَّلًا، وهو مبيَّن كذلك في بعض الكتب، ثُمَّ خرج بعده جماعة، وعن الزُّهريِّ: (لم يخرج إليه غيره وغير زياد)، انتهى؛ يعني بزياد: ابن سمية، وفي صحبته نظر، وليست له صحبة ولا رواية وإن كان وُلد عام الهجرة، وقيل: يوم بدر، وقيل: قبل الهجرة، قال ابن عبد البرِّ: وليست له صحبة ولا رواية، انتهى، وقد عدَّه الذهبيُّ فيهم في «تجريده»، وقد قدَّمتُ ترجمة زياد فيما مضى.

(1/7779)


وكان فيمن نزل: الأزرق، وكان عبدًا للحارث بن كلدة المتطبِّب، وهو زوج سميَّة أمِّ زياد ابن أبيه، ومنهم: المنبعث، وكان اسمه المضطجع، فغيَّره عَلَيهِ السَّلام، وكان عبدًا لعثمان بن عامر، ومنهم: يحنس النبَّال، وكان عبدًا لبعض آل يسار، ومنهم: وردان جدُّ الفرات بن زيد بن وردان، وكان عبدًا لعبد الله بن ربيعة بن خرشة، وإبراهيم بن جابر، وكان أيضًا لخرشة، كلُّ هذا ذكره ابن إسحاق في غير رواية ابن هشام، وذكر أبو عمر فيهم: نافع بن مسروح أخو نفيع أبي بكرة، وذكر ابن سلَّام فيهم: نافعًا مولى غيلان بن سلمة الثقفيِّ، وذكر أنَّ ولاءه رجع إلى غيلان حين أسلم، وأحسبه وَهمًا من ابن سلَّام أو ممَّن رواه عنه، وإنَّما المعروف: نافع بن غيلان، ويحتمل أن يكون له عبد اسمه نافع؛ كاسم ابنه نافع بن غيلان، والله أعلم، هذا ملخَّص من كلام السهيليِّ رحمه الله ما أكثر فوائده! والله أعلم.
تنبيهٌ: استشهد بالطائف اثنا عشر رجلًا من الصَّحابة؛ منهم أربعة من الأنصار.
قوله: (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ): هذا إن اعتُقِد حلُّ ذلك، وإلَّا؛ فمؤوَّل، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وهذا هو هشام بن يوسف، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، شيخ مشايخ البُخاريِّ، تَقَدَّم مترجمًا، ولم أر تعليقه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا هنا، و (مَعْمَرٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، و (عَاصِمٌ) بعده: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول، و (أَبُو الْعَالِيَةِ): هو زياد بن فيروز، وقيل في اسمه: كلثوم، تَقَدَّم أنَّه بَرَّاءٌ بصريٌّ، يروي عن ابن عباس وأبي برزة، وعنه: أيوب وابن أبي عروبة، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (90 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وقوله: (أَوْ أَبِي عُثْمَانَ): شكٌّ، و (أبو عثمان): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ.
قوله: (قَالَ عَاصِمٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول، وقوله: (لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلاَنِ): يقوله لأحد شيخيه المشكوك فيه؛ هل أبو عثمان أو أبو العالية؟ والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (اسم أبي بكرة نُفيع بن مَسروح، تدلى من سُور الطائف على بكرة فكُنِّيَ أبا بكرة، وهو من أفاضل الصحابة، مات بالبصرة، سنة إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين).

(1/7780)


[حديث: اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا]
4328# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ) بعده: تَقَدَّم أنَّه بموحَّدة مضمومة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحارث _أو عامر_ القاضي، و (أَبُو مُوسَى): هو والد أبي بُردة، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، الأشعريُّ، تَقَدَّم [1] مرارًا.
قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّم الكلام أنَّها بالتشديد والتخفيف.
قوله: (بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ): كذا هنا، قال شيخنا: اعترض الداوديُّ فقال: قوله: (بين مَكَّة والمدينة) وَهم، إنَّما هو: (بين مَكَّة والطائف)، انتهى، وما قاله الداوديُّ صحيح، وقد صرَّح بعضهم بأنَّها بين مَكَّة والطائف، وهذا معروفٌ، والله أعلم.
قوله: (فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟): هذا الأعرابيُّ لا أعرفه.
قوله: (وَأَبْشِرَا): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّم بعض ترجمتها ووفاتها، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين وفاةً رضي الله عنها.
قوله: (أَفْضِلَا): هو بهمزة قطع، وكسر الضاد؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (طَائِفَةً)؛ أي: بقيَّة وقطعة منه.
==========
[1] في (أ): (تقدَّم الأشعري)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 220]

(1/7781)


[حديث: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات]
4329# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، المَكِّيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَعْلَى): تَقَدَّم أنَّه ابن أُمَيَّة التميميُّ، وهو أبو خلف، ويقال: أبو صفوان يعلى بن أُمَيَّة بن أبي عبيدة، واسمه عبيد، ويقال: زيد بن همَّام، ويعرف يعلى بابن مُنْيَة، وهي أمُّه، ويقال: جدَّته، رضي الله عنه، شهد حُنينًا.
قوله: (يُنْزَلُ عَلَيْهِ): (يُنزَل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (قَدْ أُظِلَّ): هو مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله.
قوله: (إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ تَقَدَّم اسمه في (الحجِّ)، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: تَقَدَّم في (الحجِّ) قول من زعم أنَّ اسمه عطاء، انتهى.
قوله: (مُتَضَمِّخٌ): هو بالخاء المعجمة؛ أي: متلطِّخ، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (يَغِطُّ)، وأنَّ (الغطيط): صوت يخرجه النائم مع نفسه، وكذا (آنِفًا)، وأنَّ فيها لغتين: المدُّ، والقصر، وقُرِئ بهما في السبع، و (التُمِسَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَأُتِيَ بِهِ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا قوله: (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الحجِّ).
==========
[ج 2 ص 220]

(1/7782)


[حديث: يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي]
4330# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم لماذا نسب، وتَقَدَّم (وُهَيْبٌ)، وأنَّه بالتصغير، وأنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا.
[ج 2 ص 220]
قوله: (لَمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ): تَقَدَّم الكلام على الفيء والغنيمة، وأنَّ الغنيمة: الفائدة لغة، والمال المأخوذ من الكفار ينقسم إلى ما تحصَّل بغير قتال وإيجاف خيل وركاب، وإلى حاصلٍ بذلك، ويُسمَّى الأوَّل: فيئًا، والثاني: غنيمةً، وذكر المسعوديُّ وطائفة من الشافعيَّة: أنَّ اسم كلِّ واحد من المالين يقع على الآخر إذا أُفرِد بالذكر، فإذا اجتمعا؛ افترقا؛ كاسمي الفقير والمسكين، وقال أبو حاتم القزوينيُّ وغيره: اسم الفيء يشمل المالين، واسم الغنيمة لا يتناول الأوَّل، وفي لفظ الإمام الشافعيِّ في «المختصر» ما يشعر بهذا، وكلام الناس في ذلك فيه طول، فإن أردته؛ فانظر المطوَّلات، والله أعلم.
قوله: (فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ): تَقَدَّم الكلام فيمن ذُكِر أنَّه من المؤلَّفة، وقد قال السهيليُّ: إنَّهم كانوا أربعين رجلًا فيما ذكروا، وقال شيخنا: نحو الخمسين، انتهى، وقد ذكرتهم، فلعلَّك ألَّا تجدهم مجموعين كما ذكرتهم في (باب ما كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يعطي المؤلَّفة قلوبهم وغيرهم من الخمس)، وأنَّهم أقوام تُؤلِّفوا في بدء الإسلام، ثُمَّ تمكَّن الإسلام من قلوبهم، فخرجوا بذلك عن حدِّ المؤلَّفة، وإنَّما ذكرهم الإمام في المؤلَّفة؛ اعتبارًا ببداية أحوالهم، وفيهم من لم يُعلَم حسنُ إسلامه، والظاهر بقاؤه على حال التألُّف، ولا يمكننا أن نفرِّق بين من حسن إسلامه ومن لم يحسن؛ لجواز أن يكون مَن ظننَّا به الشرَّ على خلاف ذلك؛ إذ الإنسان قد يتغيَّر عن حاله ولا يُنقَل إلينا أمره، فالواجب أن نظنَّ بكلِّ مَن سمعنا عنه الإسلام خيرًا، قال شيخنا: واختلف في الوقت الذي يتألَّفهم فيه؛ فقيل: قبل إسلامهم؛ ليسلموا، وقيل: بعده؛ ليثبتوا، واختلف في قطع ذلك عنهم؛ فقيل: خلافة الصدِّيق، وقيل: في خلافة الفاروق، واختلف في نسخه واستمراره، ذكر ذلك في (سورة براءة).

(1/7783)


ثُمَّ اعلم أنَّ في الذي أعطاهم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثلاثةَ أقوال، ذكرها السهيليُّ في «روضه»؛ أحدها: أنَّه أعطاهم من خمس الخمس، ورُدَّ بأنَّ خمس الخمس ملك له، ولا كلام لأحد فيه، الثاني: أنَّه أعطاهم من رأس الغنيمة، وأنَّ ذلك خصوص بالنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لقوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]، ورُدَّ بأنَّها منسوخة، انتهى، غير أنَّ بعض العلماء احتجَّ لهذا القول: بأنَّ الأنصار لما انهزموا يوم حنين، فأيَّد الله رسوله وأمدَّه بملائكته، فلم يرجعوا حتَّى كان الفتح؛ ردَّ الله أمر المغانم إلى رسوله من أجل ذلك، ولم يعطهم منها شيئًا، وقال لهم: «ألا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير ... » إلى آخره، فطيَّب نفوسهم بذلك بعدما فعل ما أُمِر به، انتهى، قال السهيليُّ: والثالث: أنَّه أعطاهم من الخمس، وهذا جائز للإمام أن يصرفه عن الأصناف المذكورة في آية الخمس حيث يرى أنَّ فيه مصلحةً للمسلمين، نقل السهيليُّ هذا الثالث عن اختيار أبي عبيد، انتهى.
وذكر الخلاف فيما أعطاهم منه غيرُ السهيليِّ أيضًا، وقد ذكر الأقوال الثلاثة ابن القيِّم الحافظ شمس الدين في «الهدي»، وأطال في ذلك النفس، وقد ذكرت ذلك في تعليقي على «سيرة أبي الفتح ابن سيِّد الناس»، والله أعلم.
قوله: (وكَأَنَّهُمْ [1] وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ [2])؛ أي: غضبوا، وسيأتي قريبًا [أنَّهم] غضبوا، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (مَا أَصَابَ النَّاسَ): (الناسَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ، و (ما): موصولة، وهي مرفوع فاعل.
قوله: (وَعَالَةً): هو بتخفيف اللام، و (العالَة): الفقراء.
قوله: (جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا): هذا الكلام قاله الراوي كناية عمَّا قاله عَلَيهِ السَّلام، قال ابن إسحاق: (وحدَّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدريِّ ... )؛ فذكر القصَّة، وفيها: («أَمَا والله لو شئتم؛ لقلتم، فلصَدقتم ولصُدِّقتم [3]: أتيتنا مكذَّبًا فصدَّقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك»، انتهى.
قوله: (وَشِعْبًا): هو بكسر الشين، تَقَدَّم ما هو.
قوله: (الأَنْصَارُ شِعَارٌ): تَقَدَّم ما (الشعار)، وكذا (الدِّثَار)، وكذا (الأثرَةً) بلغاتها، وتَقَدَّم أنَّ (الأثرة) كانت زمن معاوية.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فكأنَّهم).
[2] قوله: (في أنفسهم): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[3] في (أ): (ولصدقتهم)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(1/7784)


[حديث: فإني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم]
4331# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم الكلُّ مترجمين.
قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الفاء وكسرها؛ لغتان؛ ومعناه: جعل.
قوله: (رِجَالًا الْمِئَةَ مِنَ الإِبِلِ): اعلم أنِّي ذكرت في الباب المشار إليه أعلاه من أعطاه عَلَيهِ السَّلام مئة من الإبل، ومن أعطاه مئتين، ومن أعطاه ثلاث مئة؛ وهو صفوان بن أُمَيَّة، كما في «مسلم»، في أوَّل (المناقب)، ومن أعطاه خمسين، ومن أعطاه أربعين، ثُمَّ كمَّل له مئة، أو كمَّل له تسعين؛ فانظر ذلك، والله أعلم.
تنبيهٌ: في السيرة بعد أن أعطى المئة من الإبل المئة: ثُمَّ أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم، ثُمَّ فضَّها على الناس، فكانت سهمانهم لكلِّ رجل أربعًا من الإبل أو أربعين شاة، فإن كان فارسًا؛ أخذ اثني عشر بعيرًا أو مئة وعشرين من الغنم، وإن كان معه أكثر من فرس واحد؛ لم يسهم له، انتهى.
قوله: (فَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ): (حُدِّث): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (لَمَا [1] يَنْقَلِبُونَ بِهِ): (لَما)؛ بفتح اللام، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أُثْرَةً شَدِيدَةً): تَقَدَّمتُ اللغات في (الأثرة)، وأنَّها كانت زمن معاوية، قاله ابن سيِّد الناس في «سيرته».

(1/7785)


[حديث: لو سلك الناس واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار]
4332# قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، واسمه يزيد بن حُمَيد، تَقَدَّم.
قوله: (لَمَّا كَانَ يَوْم فَتْحِ مَكَّةَ): كذا قال، وهذا فيه تجوُّز، ومَكَّة لم تكن فيها غنائم تُقسَم، والمراد: حنين، والله أعلم.
قوله: (أَوْ شِعْبًا): تَقَدَّم ما (الشِّعب).
==========
[ج 2 ص 221]

(1/7786)


[حديث: أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير]
4333# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مراراً أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (أَزْهَرُ): هو ابن سعد السمَّان، أبو بكر البصريُّ، عن سليمان التيميُّ وطبقتِه، وعنه: ابن راهويه، وابن الفرات، والكديميُّ، حجَّة، تُوُفِّيَ سنة (203 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وقد قدَّمتُ ذلك مرارًا.
[ج 2 ص 221]
قوله: (عَشَرَةُ آلاَفٍ وَالطُّلَقَاءُ): تَقَدَّم أنَّ أهل فتح مَكَّة كانوا عشرة آلاف، والطلقاء كانوا ألفين، وقدَّمتُ ما قاله الحاكم، في أوَّل (غزوة الفتح)، وما قيل في عددهم.
قوله: (شِعْبًا): تَقَدَّم ما (الشِّعب).

(1/7787)


[حديث: إن قريشًا حديث عهد بجاهلية ومصيبة]
4334# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا ضبطه، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ضبط (غُنْدُر)، وأنَّه محمَّد بن جعفر.
قوله: (حَدِيثُ عَهْدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: الوجه: (حديثو عهدٍ).
قوله: (أَنْ أَجْبُرَهُمْ): هو بالموحَّدة والراء، من الجبر، كذا للرواة، وعند النسفيِّ والمستملي والحمُّوي: (أجيزهم)؛ بالمثنَّاة تحت، والزاي؛ من الجائزة، قال ابن قُرقُول: والأوَّل أبين.
==========
[ج 2 ص 222]

(1/7788)


[حديث: رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]
4335# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وهو ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ فيما يظهر، ومستندي في ذلك: أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثوريَّ في مشايخه، ولم يذكر ابن عيينة، وأمَّا الذهبيُّ؛ فأطلق، وقال: روى سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللهِ): هذا الرجل من الأنصار لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّ هذا الرجلَ تَقَدَّم عن الواقديِّ: أنَّه معتِّب بن قُشير، انتهى، والله أعلم، وسيجيء قريبًا ما قاله شيخنا فيه.
==========
[ج 2 ص 222]

(1/7789)


[حديث: رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر]
4336# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، وتَقَدَّم أيضًا (مَنْصُورٌ): أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن مسعود بن غافل رضي الله عنه.
قوله: (أَعْطَى الأَقْرَعَ [1] بْنَ حَابِسٍ [2] مِئَةً مِنَ الإِبِلِ): تَقَدَّم، ونسبه معروف، وقد شهد معه عَلَيهِ السَّلام الفتح وحنينًا وحصار الطائف، وشهد مع خالد بن الوليد فتح العراق والأنبار، وكان على مقدِّمة خالد، قال ابن دريد: اسم الأقرع: فراس، ولُقِّب بالأقرع؛ لقرع كان في رأسه، ترجمته معروفة، وقد قدَّمتُ من أعطاه عَلَيهِ السَّلام مئة، ومن أعطاه مئتين، ومن أعطاه ثلاث مئة؛ وهو صفوان بن أُمَيَّة، كما رواه مسلم في أوَّل (المناقب)، وقدَّمتُ من أعطاه دون المئة، والله أعلم، وقدَّمتُ الخلاف قريبًا في الذي أُعطِيَ منه، والله أعلم.
قوله: (وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ): (عيينة): ترجمته معروفة، واسمه حذيفة، وسُمِّيَ عيينة؛ لشتر كان بعينه.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَجْهُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام على اسم هذا الرجل أعلاه، وأنَّه من الأنصار، وفي كلام شيخنا هنا: اسمه عريب، انتهى، هذه صورته في النسخة، ولا أعلم النطق به، والله أعلم.

(1/7790)


[حديث: يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا ... ]
4337# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ (محمَّدًا) بُنْدَار، وتَقَدَّم ما معنى (البُنْدَار)، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، وأنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.
قوله: (وَذَرَارِيِّهِمْ): تَقَدَّم أنَّ (الذراري) بتشديد الياء وتخفيفها، وهذا معروف.
قوله: (وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلاَفٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي خارجًا من أصلنا في الحاشية: (و) عوض (مِنْ)، فيبقى الكلام: (عشرة آلاف والطلقاء)، وهذه النسخة هي الصواب؛ لأنَّه تَقَدَّم أنَّ أهل الفتح كانوا عشرة آلاف على الأصحِّ، وقدَّمتُ ما قاله الحاكم: أنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج من المدينة في اثني عشر ألفًا، انتهى، والطلقاء كانوا ألفين، فالطلقاء هم أهل مَكَّة الذين منَّ عليهم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ): الظاهر أنَّ معناه _والله أعلم_: حتَّى تَقَدَّم أمام الناس، ولم ينفرد عَلَيهِ السَّلام في حنين ولا في غيرها وحده؛ بمعنى: أنَّ الناس كلَّهم فرُّوا عنه، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، ومن عرف الغزوات؛ يعرف ذلك، والله أعلم.
قوله: (وَهْوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ): تَقَدَّم الكلام على هذه البغلة التي ركبها يوم حنين مطوَّلًا في أوَّل (غزوة حنين)؛ فانظره.
قوله: (غَنَائِمَ كَثِيرَةً): تَقَدَّم الكلام على عدد هذه الغنائم كم مِن رأس مِن النساء والذريَّة، وكم الإبل، وكم الغنم، وكم الفضَّة، في أوَّل هذه الغزوة وقبله أيضًا.
قوله: (فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ): تَقَدَّم أنَّ الطلقاء كانوا ألفين غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّم الكلام أعلاه على رواية: (عشرة آلاف)، وأنَّ الصواب إثبات الواو، وحذف (مِن)، والله أعلم.
قوله: (وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا): (يُعطى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (غيرُنا)؛ بالرفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الغنيمةَ)؛ بالنصب: مفعول ثان.
قوله: (شِعْبًا): تَقَدَّم ما (الشِّعب)، وأنَّه بكسر الشين، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (قَالَ هِشَامٌ: قُلْتُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؛ وَأَنْتَ شَاهِدٌ): (هشام) هذا: هو المذكور في السند، هشام بن زيد بن أنس بن مالك، وهو ابن ابن أنس، و (أبو حمزة)؛ بالحاء والزاي: هي كنية أنس بن مالك، والحمزة: البقلة، رآه عَلَيهِ السَّلام يجتنيها، فقال له: «يا أبا حمزة»، فكانت كنيتَه رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 222]

(1/7791)


[باب السرية التي قبل نجد]
(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ) ... إلى (حَجُّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ [1] سَنَةَ تِسْعٍ)
تنبيهٌ: ذكرت سؤالًا وجوابه في أوَّل (المغازي) في ذكر البُخاريِّ الغزوات دون العدد المذكور فيها بكثير، وكذا السرايا؛ فانظره من هناك.
تنبيهٌ آخر: كان ينبغي للإمام البُخاريِّ رحمة الله عليه أن يرتِّب
[ج 2 ص 222]
السرايا والبعوث التي وقعت له؛ كما رتَّب المغازي غير تبوك، فإنَّه ذكرها بعد حجَّة الوداع، ولا خلاف أنَّها في التاسعة، وأنَّ الحجَّة في العاشرة، وسأذكر لِمَ فعل ذلك، فيقدِّم غزوة ذات السلاسل؛ لأنَّها في جمادى سنة ثمان، ثُمَّ غزوة سيف البحر؛ لأنَّها في رجب سنة ثمانٍ، ثُمَّ سريَّة أبي قتادة؛ لأنَّها في شعبان سنة ثمانٍ، ثُمَّ سريَّة خالد إلى بني جَذيمة؛ لأنَّها في شوَّال سنة ثمانٍ، ثُمَّ بعْثَ أبي موسى؛ لأنَّ أبا عمر بن عبد البرِّ ذكر في ترجمته أنَّه في سنة ثمانٍ، وقد قدَّمتُ في أوَّل (الزكاة) الخلاف في بعثه، وبعثِ معاذ متى هو، ثُمَّ سريَّة علقمة؛ لأنَّها في ربيع الآخر سنة تسع، ثُمَّ بعثَ عليٍّ رضي الله عنه؛ لأنَّه كان مرَّتين؛ إحداهما: في رمضان سنة عشر، وقدم مَكَّة في سنة عشر، والأخرى: الإرسال في رمضان سنة عشر؛ فانظر كلام أبي الفتح ابن سيِّد الناس في «سيرته»؛ تعرف ما هنا، وبعثَ خالد في ربيع الآخر وجمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام، وقصَّته معروفة، ثُمَّ ذي الخلصة؛ لأنَّ السهيليَّ قال: إنَّها قبل الوفاة بشهرين، ثُمَّ إرسال جَرِير إلى اليمن؛ لأنَّه سنة إحدى عشرة، وقدم بعد الوفاة، والله أعلم.
قوله: (بابُ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: بعث النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أبا قتادة ومعه خمسة عشر رجلًا إلى غطفان؛ وهي أرض محارب بنجد في شعبان سنة ثمانٍ، فقتلوا من أَشرف لهم، واستاقوا النَّعَم، فكانت الإبل مئتي بعير، والغنم ألفي شاة، وسبَوا سبيًا كثيرًا، وجمعوا الغنائم، فأخرجوا الخمس وعزلوه، وقسموا ما بقي على أهل السريَّة، فأصاب كلَّ واحد اثنا عشر بعيرًا، وعدل البعير بعشر من الغنم، انتهى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في).

(1/7792)


[حديث: بعث النبي سرية قبل نجد فكنت فيها]
4338# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبه عَارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد، وقد رأيت في ترجمة عَارم: أنَّه روى عن الحمَّادين، ورأيت في ترجمة أيوب: أنَّه روى عنه الحمَّادان، لكنَّ حمَّادَ بن سلمة لم يروِ له البُخاريُّ في الأصول، إنَّما علَّق له، فهذا هو ابن زيد، والله أعلم، ولكن قد ذكرت قاعدة غيرَ مرَّةٍ: أنَّ حمَّادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو عَارم هذا؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عفَّان أو الحجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام.
قوله: (قِبَلَ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَنفّلنَا بَعِيرًا بَعِيرًا): (نفلنا): هو بفتح أوَّله، وفتح اللام، وبضمِّ أوله، وكسر الفاء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ نسختان، الأولى: في أصلنا، والثانية: نسخة.
==========
[ج 2 ص 223]

(1/7793)


[باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة]
قوله: (بابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ): (خالدَ): منصوب مفعولُ المصدر، و (جَذِيمة): بالذال المعجمة المكسورة، قال الدِّمْياطيُّ: وكانت في شوَّال سنة ثمانٍ، وكان بنو جَذِيمة بأسفل مَكَّة، على ليلة ناحية يلملم، بعث النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خالدًا إليهم داعيًا إلى الإسلام، ولم يبعثه مقاتلًا، في ثلاث مئة وخمسين رجلًا من المهاجرين والأنصار، فخرجوا إليه وعليهم السلاح، وكانوا أسلموا، وبنَوا المساجد، وأذَّنوا، وصلَّوا، فقال: ما هذا السلاح؟ قالوا: ظننَّا أنَّكم عدوٌّ، فقال: ضعوا السلاح، فوضعوه، واستأسرهم، وقتل منهم، وبعث عليًّا، فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، قاله ابن سعد، انتهى.
==========
[ج 2 ص 223]

(1/7794)


[حديث: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد]
4339# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بعده: هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: هو ابن راشد، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (ح [1] وَحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ): تَقَدَّم الكلام على (ح) كتابةً ونطقًا في أوَّل هذا التعليق، و (نعيم) هذا: هو ابن حمَّاد الخزاعيُّ المروزيُّ، أحد الأئمة الأعلام على لينٍ فيه، كنيته: أبو عبد الله، الأعور الحافظ، ترجمته معروفةٌ، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وهذا المكان هو قرن قرنه هنا بـ (محمود)؛ هو ابن غيلان، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن راشد.
قوله: (صَبَأْنَا صَبَأْنَا): (صبأ)؛ إذا خرج من دين إلى دين، من قولهم: صبأ ناب البعير؛ إذا طلع، وصبأتِ النجومُ؛ إذا خرجت من مطالعها، وقد تَقَدَّم.
قوله: (وَيَأْسِرُ): هو بكسر السين، وهذا ظاهرٌ.
قوله: («اللَّهُمَّ [2]؛ أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»، مَرَّتَيْنِ): أنكر على خالد عَلَيهِ السَّلام موضع العجلة، وتَرْكَ التثبُّت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم: (صبأنا)؛ لأنَّ هذه الكلمة قد تدلُّ على الخروج من دين إلى دين، وإنَّما تأوَّل خالد أنَّه مأمور بقتالهم إلى أن يسلموا، وقد تَقَدَّم من عند الدِّمْياطيِّ غيرُ ذلك، انتهى، وقولهم: (صَبَأْنَا) غير صريح، وقيل: ظنَّ أنَّهم عدلوا عن أمر الإسلام أنفةً، فلم ير ذلك القول إقرارًا منهم [3].
==========
[1] (ح): ليس «اليونينيَّة» و (ق).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (إنِّي).
[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة مستدركةً بعد قوله: (قاله ابن سعد، انتهى).
[ج 2 ص 223]

(1/7795)


[سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي]
قوله: (سَرِيَّةُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ [1] الْمُدْلِجِيِّ وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ): قال الدِّمْياطيُّ: (كانت في ربيع الآخر سنة تسع، وكان الركب ثلاث مئة)، انتهى.
هذه السريَّة هي سرية علقمة بن مجزِّز المدلجيِّ، وقد تَقَدَّم ضبط (مجزِّز)، والخلاف فيه، وسأذكره أيضًا في (الفرائض)، وكانت إلى الحبشة في ربيع الآخر، كما قاله الدِّمْياطيُّ، قالوا: بلغ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّ ناسًا من الحبشة تراءاهم أهلُ جُدَّة، فبعث إليهم علقمة بن مجزِّز في ثلاث مئة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم البحر، فهربوا منه، فلمَّا رجع؛ تعجَّل بعض القوم إلى أهليهم، فأذن لهم، فتعجَّل عبد الله بن حذافة السهميُّ فيهم، فأمَّره على من تعجَّل، وكانت فيه دعابة، فنزلوا ببعض الطريق، وأوقدوا نارًا يصطلون عليها ويصطنعون، فقال: عزمت عليكم إلَّا تواثبتم في هذه النار ... ؛ القصَّة، فأمير السريَّة منه عَلَيهِ السَّلام علقمةُ بن مجزِّز، وعبد الله بن حذافة أمير من جهة علقمة، وكذا في «الغيلانيات» في الجزء السابع، ذكر بسنده إلى عمر بن الحكم: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث سريَّة وأمَّر عليهم رجلًا من أصحابه، وأمَّر ذلك الرجل عبدَ الله بن حذافة، وكان فيه دعابة ... )؛ الحديث، وانظر حديث «الصحيح» ممَّا يخالف ما ذكر، فمنه: (فاستعمل عليها رجلًا من الأنصار)، وعلقمة ليس أنصاريًّا ولا عبد الله بن حذافة، وقوله: (فغضب، فقال: أليس أمركم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن تطيعوني)، وقد علمت أنَّ الآمر بذلك هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، ولم يؤمِّره عَلَيهِ السَّلام عليهم، ولكنَّ هذا يمكن الجواب عنه، وكذا الذي قبله، لكن بتعسُّفٍ، وقد روى أحمد في «مسنده» عن ابن عبَّاس في قوله: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، بعثه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في سريَّة ... ، وكذا في (تفسير النساء) من حديث ابن عبَّاس، فيحتمل أن يكون واقعتين، أو يكون حديث «الصحيح» الذي هو عن عليٍّ هو المحفوظ،
[ج 2 ص 223]
والله أعلم.
قال الخطيب البغداديُّ كما نقله النوويُّ عنه في «مبهماته»: حديث عنه _أي: عن عليٍّ رضي الله عنه_: (بعث رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جيشًا، وأمَّر عليهم رجلًا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويُطيعوا، فغضب ... )؛ الحديث، قال الخطيب: هذا الرجل الأمير هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، وقول بعض الرواة: (رجل من الأنصار) وَهم، إنَّما هو سهميٌّ، انتهى.
قال ابن طاهر في «مبهماته»: هو علقمة بن مجزِّز المدلجيُّ، أو عبد الله بن حذافة، انتهى.

(1/7796)


وقال النوويُّ في «شرح مسلم» في حديث عليٍّ المذكور: قيل: هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّه قال في الرواية التي بعد هذه: إنَّه رجل من الأنصار، فدل على أنَّه غيره، انتهى.
وقال ابن شيخنا البلقينيِّ في (كتاب الأحكام): وأمَّر عليهم رجلًا هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، كما تَقَدَّم أنَّه مرويٌّ عن أبي سعيد الخدريِّ في «ابن ماجه» و «مسند أحمد»، وأنَّ أبا سعيد كان من جملة المأمورين، ولا يعترض على ذلك بأنَّه ليس من الأنصار؛ لأنَّه سهميٌّ؛ لاحتمال أن يقال: إنَّه من الأنصار بالمحالفة، انتهى، قال ابن شيخنا المشار إليه: والظاهر أنَّ علقمة بن مجزِّز إنَّما أمَّر هذا بأمر النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، إمَّا بأمر عامٍّ أو خاصٍّ، فلذلك نُسِبَ هذا الاستعمال إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، والله أعلم بهذه القصَّة وبمن أميرها.
==========
[1] في هامش (ق): (مُجَزِّز: كذا قيَّده ابن مَاكولا وغيره، وذكر الدارقطنيُّ و [عبد الغنيِّ] عن ابن جُريج: أنَّه قاله [بفتحها]، قال عبد [الغنيِّ: بكسر] الزاي [الصواب]؛ لأنَّه [يجزُّ نواصي] أسارى من العَربِ).

(1/7797)


[حديث: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة]
4340# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ له مناكير اجتنبها أصحاب «الصحيح»، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبيب بن رُبيِّعة، الإمام، مقرئ الكوفة.
قوله: (فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا [1] رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا قُبَيل هذا في أوَّل هذه السريَّة؛ فانظره.
قوله: (أَوْقِدُوا نَارًا): هو بقطع الهمزة، وكسر القاف، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ [2]): (خمدت)؛ كـ (نَصَرَ) و (سَمِعَ)، خمْدًا وخمُودًا: سكن لهبها، ولم يطفأ جمرها، وأخمدتُها.
قوله: (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ): إن قيل: فلو دخلوها؛ دخلوها طاعة لله ورسوله في ظنِّهم، فكانوا متأوِّلين، فكيف يُخلَّدون فيها؟
قيل: لمَّا كان إلقاء نفوسهم في النار معصية يكونون بها قاتلي أنفسهم، فهمُّوا بالمبادرة إليها من غير اجتهاد منهم هل هو طاعة أو قربة أو معصية؛ كانوا مقدمين على ما هو معصية محرَّم عليهم، ولا تُشرَع طاعةُ وليِّ الأمر فيه؛ لأنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال السؤالَ والجواب ابن القيِّم شمس الدين بأطول من هذا، وهذا على أنَّ الحديث الذي سأل فيه وأجاب بغير قيد (يوم القيامة)، وقال النوويُّ في «شرح مسلم»: هذا ممَّا علمه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالوحي، وهذا التقييدُ بـ «يوم القيامة» مبيِّن للرواية المطلقة: (لا يخرجون منها لو دخلوها)، انتهى، وقال شيخنا: (لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة)؛ أي: ذلك جزاؤهم لو فعلوا، انتهى.
==========
[1] قوله: (عليها): ليس في «اليونينيَّة»، وقد وضع فوقها في (ق) خطٌّ بالحمرة.
[2] في هامش (ق): (لم يذكر الجوهريُّ سوى «خَمَدَت»، وقال لي شيخي: إنَّ في «القاموس» الوجهَين).
[ج 2 ص 224]

(1/7798)


[باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع]
(بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ).
(أبو موسى): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، وقد تَقَدَّم متى بعثهم قريبًا وفي أوَّل (الزكاة).
==========
[ج 2 ص 224]

(1/7799)


[حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا.]
4341# 4342# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل، التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عمير، القبطيُّ، الكوفيُّ، رأى عليًّا، وسمع جَرِيرًا، والمغيرة، والنعمان بن بَشِير، وعنه: شعبة والسفيانان، قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالحافظ، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس بالقويِّ، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وإنَّما عُرِف بالقبطي؛ لفرس كان له قبطيٍّ، والله أعلم، و (أَبُو بُرْدَة): تَقَدَّم أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، ولد أَبِي مُوسَى عبد الله بن قيس، وهذا الحديث هنا مرسل؛ لأنَّ أبا بُردة تابعيٌّ حكى قصَّة لم يدركها، ولا أسندها هنا لمن حضرها؛ كوالده أو غيره، وقد رواه البُخاريُّ في هذا «الصحيح» تارةً مسندًا، وتارةً مرسلًا، وكذا مسلم.
قوله: (عَلَى مِخْلاَفٍ [1]، وَالْيَمَنُ مِخْلاَفَانِ): (المِخْلاف): بكسر الميم، وإسكان الخاء، وفي آخره فاء، وهو في اليمن كالرستاق في العراق، وجمعه: المخاليف، وقال شيخنا: المراد بالمِخْلاف: الكورة من الإقليم، وقيل: المِخْلاف في لغة أهل اليمن كالرستاق من الرساتق، وعبارة الخليل: أنَّه الكورة بلغة أهل اليمن، وعبارة غيره: أنَّه الإقليم، والجمع: مخالف، انتهى.
قوله: (وَإِذَا عِنْدَهُ يَهُودِيٌّ [2]): هذا اليَهوديُّ المقتول على الردَّة لا أعرف اسمه.
قوله: (أيُّمَ هَذَا؟): (أيُّمَ): بفتح الهمزة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مضمومة، ثُمَّ ميم مفتوحة، كذا هو مضبوط في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (أيَّمْ هذا؟): كذا وجدته مضبوطًا بخطِّه؛ بفتح الياء، وإسكان الميم، وأظنُّه وَهمًا، والصواب: (آيَّمَ هذا؟)، و (أيّمَ هذا؟)، كذا ضبطه الأصيليُّ، وعند ابن أبي صفرة: (أَيْمَ هذا؟)؛ بسكون الياء، وفتح الميم، وفتح الهمزة على كلِّ حال؛ وهما لغتان بتشديد الياء وإسكانها، مفتوح الميم، قاله الخطابيُّ، وهي كلمة استفهام، قال الحربيُّ: هي (أي)، و (ما): صلة، قال الله تعالى: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص: 28]، و {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]، ومنه الحديث: «الأجر أيَّم هذا؟»، وعند السمرقنديِّ: (أيَّهم)، وهما بمعنًى، انتهى.
وقال ابن الأثير في قوله: «ويكثر الهرج»، قيل: أيَّم هو يا رسول الله؟ قال: «القتل القتل»، ما لفظه: يريد: ما هو؟ وأصله: أيُّ ما هو؟ أي: أيُّ شيءٍ هو؟ فخفَّف الياء، وحذف ألف (ما)، وما ضبط في أصلنا صحيح، وهي (أيُّ) دخل عليها (ما)، فأسقط الألف منها، والله أعلم.
قوله: (فَأَمَرَ بِهِ): هو مبنيٌّ للفاعل، وقيل: مبنيٌّ للمفعول، كذا هما في أصلنا.

(1/7800)


قوله: (أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا): هو بالفاء أوَّلًا، وفي آخره قاف؛ ومعناه: أقرؤه شيئًا بعد شيء، ولا أقرؤه دفعة، وهو من فواق الناقة؛ وهو حلبها ساعة بعد ساعة؛ لتدرَّ أثناء ذلك، وكذلك إذا شرب شربًا بعد شرب، وقال الحافظ الدِّمْياطيُّ بعد هذا في الحديث الآتي بعده: (أتفوَّقه تفوُّقًا)؛ أي: لا أقرأ جزئي بمرَّة، ولكنِّي أقرأ منه شيئًا بعد شيء، انتهى، وكذا ذكرت، ولكنَّ شرطي أن آتي على الحواشي التي وجدتها للدِّمْياطيِّ، والله أعلم.
[ج 2 ص 224]
قوله: (وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي): قال الدِّمْياطيُّ: (لعلَّه: وقد قضيت أَرَبي)، انتهى، ونقل شيخنا عن الدِّمْياطيِّ: (لعلَّه: أربي، وهو الوجه)، انتهى، قال شيخنا: ولا يتعيَّن ما ذكره، انتهى.

(1/7801)


[حديث: كل مسكر حرام]
4343# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ بعد أن ذكر مواضع من «البُخاريِّ» فيها: (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا خالد)، ما لفظه: فـ (إسحاق) في هذه المواضع كلِّها: هو إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطحَّان، وكذلك نسبه ابن السكن في أكثر هذه المواضع من «الجامع»، وقال أبو نصر الكلاباذيُّ: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالد بن عبد الله، روى عنه البُخاريُّ في (الصلاة)، وفي غير موضع، فلم يزد على أن قال: (حدَّثنا إسحاق الواسطيُّ)، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في «المدخل»، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (عن إسحاق): هو ابن شاهين، فوضَّحه، وقال شيخنا في المكان الذي في (سورة القمر): هو ابن شاهين، كما صرَّح به غير واحد، وإن كان إسحاق الأزرق روى أيضًا عن خالد الطحَّان، لكنَّ البُخاريَّ ما روى عنه في «صحيحه»، انتهى.
وتَقَدَّم فيه أنَّ (خَالِدٌ) هو الطحَّان، وهو خالد بن عبد الله، أحد العلماء، تَقَدَّم مترجمًا، و (الشَّيْبَانِيُّ) بعده: هو سليمان بن أبي سليمان فيروز، ويقال: خاقان، أبو إسحاق الشيبانيُّ؛ بالشين المعجمة، تَقَدَّم، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسم أبي بردة القاضي الحارثُ أو عامر، ووالده (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس.
قوله: (قَالَ: الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ): (البِتْع): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان المثنَّاة فوق، وقد فتحها بعض أهل اللغة، ثُمَّ العين المهملة، وقد فسَّره هنا وفي غير هذا المكان بنبيذ العسل، و (المِزْر) معروفٌ.
قوله: (رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): أمَّا (جَرِير)؛ فهو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، تَقَدَّم، وأمَّا (عبد الواحد)؛ فهو ابن زياد العبديُّ البصريُّ، تَقَدَّم أيضًا مترجمًا، و (الشيبانيُّ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، وما رواه جَرِير وعبد الحميد لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة من طريقهما عن الشيباني، و (أبو بُردة): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحارث أو عامر القاضي، وقد تَقَدَّم مترجمًا.

(1/7802)


[حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا]
4344# 4345# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، وأنَّها إلى جدِّه فرهود، ويقال في النسبة إليه: الفرهوديُّ والفراهيديُّ.
قوله: (عَنْ [1] سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّهُ): هذا مرسلٌ، وسيأتي في التعليق تعليق وكيع، ومن ذكر معه مسندًا، وسأعزو تعليق وكيع ومن معه قريبًا، و (أبو بُردة) تَقَدَّم أعلاه، وهو تابعيٌّ.
قوله: (جَدَّهُ): الضمير في (جدِّه) عائد على سعيد لا على أبي بُردة؛ لأنَّ أبا بردة ولد أبي موسى، وأبو موسى هو جدُّ سعيد؛ فاعلمه.
قوله: (وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا [2]): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، وقد ذكر هنا الدِّمْياطيُّ تفسيره، وقد ذكرته قبل هذا عنه قريبًا.
قوله: (وَضَرَبَ فُسْطَاطًا): تَقَدَّم الكلام على (الفسطاط) بلغاته.
قوله: (فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ): هذا الرجل يهوديٌّ، تَقَدَّم ويأتي قريبًا، وتَقَدَّم أنِّي لا أعرفه.
قوله: (تَابَعَهُ الْعَقَدِيُّ وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (العَقَديُّ)؛ فهو بفتح العين والقاف، وبالدال المهملة، وقد قدَّمتُ فيما مضى ضبطه، واسمه عبد الملك بن عَمرو، والعَقَدُ: بطن من بجيلة، وأمَّا (وهب)؛ فهو ابن جَرِير بن حَازم، تَقَدَّم، وكذا هو في «الأطراف»: (وهب)؛ مكبَّر، وكذا في كلام شيخنا في «شرحه»، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (وُهَيب)؛ بالتصغير، وكذا هو في نسخة في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم، والضمير في (تابعه) يعود على مسلم؛ هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، أمَّا متابعة العَقَدي؛ فأخرجها البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمَّد بن بَشَّار عن العَقَدي عن شعبة، وأمَّا متابعة وهب عن شعبة؛ فلم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجهما شيخنا.

(1/7803)


قوله: (وَقَالَ وَكِيعٌ وَالنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (وكيع)؛ فهو ابن الجراح، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وأمَّا (النضر)؛ فهو بالضاد المعجمة، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّه لا يلتبس بـ (نصر)؛ بالصاد المهملة، وذلك لأنَّ (نصرًا) لا يأتي بالألف واللام بخلافه، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهو ابن شميل، الإمام المشهور، تَقَدَّم، وأمَّا (أبو داود)؛ فهو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيُّ الحافظ، تَقَدَّم، وأنَّه لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له، وقد تَقَدَّم، وتعليق وكيع عن شعبة أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن يحيى عن وكيع عن شعبة بالقصَّة الأولى: «يسِّرا ولا تعسِّرا»، وأخرجه مسلم في (الأشربة) عن قتيبة وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن وكيع به، وفي (المغازي): عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن وكيع بالقصَّة الأولى، وأمَّا ما رواه النضر عن شعبة؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عن إسحاق عن النضر عن شعبة به، وأمَّا ما رواه أبو داود عن شعبة؛ فأخرجه ابن ماجه في (الأشربة) عن محمَّد بن بشار عن أبي داود الطيالسيِّ عن شعبة به مختصرًا: «كلُّ مسكر حرامٌ»، والله أعلم، ولم يخرِّج شيخنا شيئًا من هذه التعليقات.
قوله: (رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): ما رواه جَرِير لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[2] في هامش (ق): («أتفوَّقه تفوُّقًا»؛ أي: لا أقرأ جُزئي [بمرَّة]، ولكنِّي أقرأ منه شيئًا بعد شيء).
[ج 2 ص 225]

(1/7804)


[حديث: أحججت يا عبد الله بن قيس]
4346# قوله: (حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (النرسيُّ)، و (عبَّاس): تَقَدَّم أنَّه بالموحَّدة، والسين المهملة، وقد قدَّمتُ الكلام عليه، وعلى عيَّاش بن الوليد؛ بالمثنَّاة، والشين المعجمة، وذكرت أنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ» عيَّاش بن الوليد، هو بالمثنَّاة، والشين المعجمة إلَّا هنا وفي (علامات النبوة) ومكان آخر، وهو في (كتاب الفتن) بعد حديث خرَّجه من طريق هشام الدستوائيِّ عن قتادة عن أنس ... ، فذكره، ثُمَّ قال: (وقال عبَّاس النرسيُّ: حدَّثنا يزيد، حدَّثنا سعيد، أخبرنا قتادة: أنَّ أنسًا حدَّثهم ... )؛ فذكره، وما في «البُخاريِّ» أكثر من هذه الأماكن الثلاث، والباقي: عيَّاش؛ بالمثنَّاة، والشين المعجمة، ونقل شيخنا هنا عن خطِّ الدِّمْياطيِّ: أنَّه بالإعجام، قال: وهو الرقَّام، وقال في (باب علامات النبوة) بعد أن ضبطه بالإهمال، فذكر كلام الدِّمْياطيِّ، وما قاله الدِّمْياطيُّ قال صاحب «المطالع» بعد أن ضبطه بالإهمال ما لفظه: وذكر بعضهم فيه عن أبي أحمد أنَّه كان يقوله بالشين المعجمة، ولم يحكِ الأصيليُّ عنه وعن أبي زيد إلَّا بالمهملة، انتهى، فهو مسبوق بذلك، وهو خطأ، والله أعلم.
و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، تَقَدَّم، و (أَيُّوبُ): هو ابن عائذ، كما نسبه هنا، وهو بالمثنَّاة تحت، وبالذال المعجمة، الكوفيُّ، عن الشعبيِّ، وقيس بن مسلم، وبُكَير بن الأخنس، وعنه: عبد الواحد بن زياد،
[ج 2 ص 225]
والسفيانان، وجَرِير بن عبد الحميد، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه فيها [1]، وأمَّا أبو زرعة؛ فسرد اسمه في كتاب «الضعفاء»، وكان من المرجئة، قاله البُخاريُّ، وأورده في «الضعفاء»؛ لإرجائه، والعجب من البُخاريِّ يغمزه وقد احتجَّ به! له عنده حديث، وعند مسلم له حديث آخر، فإنَّه مقلٌّ، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.
قوله: (مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ): (مُنيخٌ)؛ بضمِّ الميم؛ لأنَّه رباعيٌّ، و (الأبطح): تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (أَحَجَجْتَ؟)؛ أي: أنويت الحج؟ تَقَدَّم.
قوله: (حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ): هذه المرأة لا أعرفها، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: تَقَدَّم أنَّها لم تُسَمَّ، قال: وأظن المراد بـ (قيس) والده، وكأنَّها كانت من نساء أحد إخوانه، انتهى، وقد تَقَدَّم، و (مشطت)؛ بالتخفيف.
قوله: (حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ): (استُخلِف)؛ بضمِّ التاء، وكسر اللام: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عمرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[1] زيد في (أ): (وثَّقه أبو حاتم وغيره)، وهو تكرار.

(1/7805)


[حديث: إنك ستأتي قومًا من أهل الكتاب]
4347# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ): هو بكسر الحاء المهملة، وهو ابن موسى، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ ثلاثة في «البُخاريِّ» و «مسلم» بالكسر: هذا، وحِبَّان بن عطية، وحِبَّان ابن العَرِقَة الذي رمى سعد بن معاذ في الخندق، هلك ابن العَرِقَة على كفره، والباقي: بفتح الحاء: حَبَّان؛ فاعلمه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، تَقَدَّم، و (أَبُو مَعْبَدٍ): بفتح الميم، وبالموحَّدة، واسمه نافذ؛ بالنون، والفاء، والذال المعجمة، وروايته عن مولاه ابن عبَّاس متَّصلة في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وروايته عن أخي مولاه الفضل بن عبَّاس مرسلة، والله أعلم.
قوله: (فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ): (كرائمَ): منصوب، ونصبه معروف، و (الكرائم) تَقَدَّمتُ، وأنَّها النفيسات.
قوله: (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ)؛ يعني: لا تظلم أحدًا فيدعُوَ عليك.
==========
[ج 2 ص 226]

(1/7806)


[حديث: أن معاذًا لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ ... ]
4348# قوله: (عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ) هذا: هو الأوديُّ، أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وروى عن عمر، ومعاذ، وأبي ذرٍّ، وعائشة، وابن مسعود، وطائفةٍ، تَقَدَّم مترجمًا، وهو الذي رجم القردة، لا عَمرو بن ميمون بن مهران، هذا ابن بنت سعيد بن جُبَير، هذا متأخِّر الطبقة عن الأوَّل، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، قال شيخنا: وروي: أنَّه قرأ (سورة الإخلاص)، فقال المأموم كذلك، فلم يأمره بالإعادة، انتهى.
واعلم أنَّ الكلام في الصلاة حرام سواء كان لحاجة أو غيرها، وقد قدَّمتُ المسألة في هذا التعليق في (الصلاة)، وتتخرَّج هذه المسألة المذكورة في الحديث: أنَّ المتكلِّم هنا جاهل، أو قريب العهد بالإسلام، أو هما، فهو عند الشافعيَّة كالناسي، فلا تبطل صلاته بالكلام اليسير دون الكثير، وهذا قليل، والله أعلم، فلهذا لم يأمره بالإعادة.
قوله: (زَادَ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ): هذا هو معاذ [1] بن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، قال أحمد: إليه المنتهي في التثبُّت بالبصرة، أخرج له الجماعة، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فهو تعليق مجزوم به، وهذا التعليق على شرطه، ولم أر ما زاده في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، و (حَبِيبٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي ثابت، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن جُبَير، و (عَمْرٌو): هو ابن ميمون الأوديُّ، تَقَدَّم.
==========
[1] زيد في (أ): (هو معاذ)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 226]

(1/7807)


[بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع]
قوله: (بَعْثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [1] وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ [2]، إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ): رأيت بخطِّ شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ ما لفظه: هذه الترجمة يقتضي ظاهرها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث عليَّ بن أبي طالب وخالد بن الوليد دفعة واحدة، ولم يتَّفق ذلك، وحديث البراء الذي أخرجه البُخاريُّ صريح في أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث خالدًا أوَّلًا، ثُمَّ بعث عليًّا بعد ذلك مكانه، ومقتضى ذلك أن تكون الترجمة: بعْثُ خالد بن الوليد إلى اليمن، ثُمَّ بعثُ عليٍّ مكانه، وحديث بُريدة: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث عليًّا إلى خالد ليقبض منه الخمس، وكأنَّ المصنِّف راعى تقديم عليٍّ في الترجمة؛ لتَقَدُّمه على خالد في المرتبة، انتهى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عليه السلام).
[2] زيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنه)، وفي (ق): (رضي الله عنهما).
[ج 2 ص 226]

(1/7808)


[حديث: بعثنا رسول الله مع خالد بن الوليد إلى اليمن]
4349# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانُ): هو أحمد بن عثمان بن حَكِيم بن ذُبيان الأوديُّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، يروي عن أبيه، وجعفر بن عون، وأبي نعيم، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وغيرهم، وثَّقه النَّسائيُّ وابن خراش، مات يوم عاشوراء سنة (261 هـ)، أخرج له من الأئمَّة من روى عنه، و (شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): بالشين المعجمة، والحاء المهملة، و (أبو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا، عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، تَقَدَّم.
قوله: (أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ): (يعقِّب): بكسر القاف المشدَّدة، و (التعقيب): الغزوة بإثر الأخرى في سنة واحدة، قاله ابن قُرقُول، وعن الخطابيِّ: التعقيب: أن يعود الجيش بعد القفول؛ ليصيبوا غرَّة من العدوِّ، انتهى، وقال ابن فارس: التعقيب: غزاة بعد غزاة.
قوله: (فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ): كذا في أصلنا، وفي أصل آخر: (أواقيَ)، (الأواقي): جمع أوقيَّة، وقد تَقَدَّم الكلام على (الأوقيَّة)، وأنَّها أربعون درهمًا.
==========
[ج 2 ص 226]

(1/7809)


[حديث: لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك]
4350# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ (محمَّدًا) لقبه بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، و (عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ): (مَنْجُوْف): بفتح الميم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ جيم مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (بُرَيْدَةُ) هذا: هو ابن الحصيب الأسلميُّ، شهد خيبر، عنه: ابناه، والشعبيُّ، وعدَّةٌ، تُوُفِّيَ سنة (63 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.
قوله: (وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا): قال الحافظ أبو ذرٍّ: إنَّما أبغض عليًّا؛ لأنَّه رآه أخذ من الغنيمة، فظنَّ أنَّه غلَّ، فلمَّا أعلمه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّه أخذ أقلَّ [من] حقِّه؛ أحبَّه، انتهى.
قوله: (وَقَدِ اغْتَسَلَ): يريد: أنَّه وقع على جارية، وقد صارت الجارية له في القسمة من الخمس، فاعتذر عنه الشارع بأنَّ له في الخمس أكثرَ من ذلك، وقد روي هذا الحديث بأتمَّ مما هنا، قال بُرَيدة: (كنت في جيش فغنموا، وبعث أمير الجيش إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن ابعث إليَّ بخمسها، فبعث عليًّا، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي، فوقعت في الخمس، ثُمَّ خمَّس، فصارت في أهل بيت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم،
[ج 2 ص 226]
ثُمَّ خمَّس، فصارت في آل عليٍّ، فأتى ورأسه يقطر ... )؛ وذكر الحديث، وفيه شيئان: قسمته لنفسه، وإصابته قبل الاستبراء، وقد أجاب عنهما الخطابيُّ كما نقله شيخنا عنه، وجوابه عن الإصابة قبل الاستبراء قال: فيحتمل أن تكون غير بالغة، وقد قال: بعدمه في حقِّها غير واحد من العلماء، وعدَّدهم، ثُمَّ قال: ويحتمل أن تكون عذراء _وهو رأي ابن عُمر_ وإن بلغت، انتهى، وهذا يتمشَّى على تخريج ابن سريج، وقد قدَّمتُه.
وأمَّا قسمته لنفسه؛ فيجوز أن يقع ذلك ممَّن هو شريك فيما يقسمه؛ كما يقسم الإمام بين الرعيَّة وهو منهم، ومن ينصِّبه الإمام؛ يكون قائمًا مقامه.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثني)، وكذا كتب فوقها في (ق) بالحمرة.

(1/7810)


[حديث: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء]
4351# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّم ما فيه، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): هو بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الميم، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ): بضمِّ النون، وإسكان العين، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، صَحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ): (الذُّهَيبة): تصغير (ذهب)، وأدخل الهاء فيها؛ لأنَّ الذهب يؤنَّث، والمؤنَّث الثلاثيُّ إذا صُغِّر؛ أُلحِق في تصغيره الهاء؛ نحو قوله: قُويسة وشُميسة، وقيل: هو تصغير (ذهبة) على نيَّة القطعة منه، فصغَّرها على لفظها، و (مقروظ)؛ يعني: دبغ بالقرظ، والقرظ معروفٌ.
قوله: (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا): (تُحصَّل)؛ بفتح الصاد المشدَّدة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أي: لم تُخلَّص من تراب المعدِن.
قوله: (بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ ابْنِ بَدْرٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، ونسبه هنا إلى جدِّه الأعلى، وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريُّ، قال الدِّمْياطيُّ: هو ابن حصن بن حذيفة بن بدر، واسم عيينة: حذيفة، وكان عيينة من المنافقين [1]، ارتدَّ بعد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وبعث به خالد في وثاق [2] إلى أبي بكر، فأسلم وعفا عنه، انتهى.
قوله: (وَالأَقْرَعِ [3] بْنِ حَابِسٍ): تقدَّم الكلام على (الأقرع) قبل هذا.
قوله: (وَزَيْدِ الْخَيْلِ): هو زيد بن مهلهل بن زيد بن منهب، الطائيُّ النبهانيُّ، زيد الخيل، من المؤلَّفة _وقد تَقَدَّم_ ثُمَّ حسن إسلامه، وفد سنة تسع، وسمَّاه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: زيد الخير، وأثنى عليه، وأقطعه أرضين، وله ابنان: مُكنَّف وحُرَيث، لهما صحبة، وكان زيد شاعرًا خطيبًا بليغًا جوادًا، مات في آخر خلافة عمر، وقيل: قبل ذلك، رضي الله عنه.
قوله: (وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ، وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ): أمَّا (علقمة)؛ فقد جزم به في (التوحيد) في (بابٌ في قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4])، وفي (الزكاة) في «مسلم»، وفي «مسلم» أيضًا الشكُّ، والجزم أيضًا في «أبي داود» في «السُّنَّة»، لكن قال الشيخ محيي الدين النوويُّ في «شرحه لمسلم»: قال العلماء: ذِكر عامر هنا غلطٌ ظاهر؛ لأنَّه تُوُفِّيَ قبل هذا بسنين، والجزم بأنَّه علقمة بن علاثة، كما هو مجزوم به في باقي الروايات، انتهى، وقال الدِّمْياطيُّ: ذِكره وَهم؛ لأنَّه مات كافرًا، انتهى.

(1/7811)


وأمَّا (علقمة)؛ فهو علقمة بن علاثة بن عوف العامريُّ الكلابيُّ، من الأشراف، ومن المؤلِّفة قلوبهم، ثُمَّ ارتدَّ، ثُمَّ أسلم وحسن إسلامه، واستعمله عمر على حوران، فمات بها، وأمَّا (عامر بن الطُّفيل)؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ بعضهم ذكره في الصَّحابة، فوهِم في ذلك، وقد مات كافرًا وقد أخذته غُدَّة، فكان يقول: (غدَّة كغدَّة البَكْر في بيت سلوليَّة!)، كما تَقَدَّم في هذا «الصحيح»، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): هذا الرجل لا أعرفه.
قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ... )؛ الحديث: في هامش أصلنا: اسمه نافع، ذكره أبو داود، وقيل: اسمه حرقوص، والأوَّل أصحُّ، انتهى، ونافعٌ إنَّما هو ذو الثديَّة، وقيل: اسم ذي الثديَّة ثرملة، وقيل: بلبول، وأمَّا هذا؛ فهو ذو الخويصرة، وهو الذي قال له عَلَيهِ السَّلام: «اعدل»، وتَقَدَّم ذو الخويصرة التميميُّ، وأنَّه قُتِل في الخوارج يوم النهروان، وأنَّ والده اسمه زُهير، وتَقَدَّم ما وقع في هذا «الصحيح» في (كتاب استتابة المرتدين)، وهذا قال للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: (اتق الله)، والظاهر أنَّهما واحد.
قوله: (وَهْوَ مُقَفِّي): كذا في أصلنا، وهذه لغة، والوجه: (مقفٍّ)، وجُعلت الثانية نسخةً في هامش أصلنا، وكتب عليها: (صح)؛ ومعناه: مولٍّ.
قوله: (مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا): تَقَدَّم الكلام على (الضئضئ)، واختلاف الرواة فيه.
قوله: (رَطْبًا): قيل: سهلًا، كما جاء في الرواية الأخرى: (ليِّنًا)، وقيل: أي: يواظب عليها، فلا يزال لسانه رطبًا بها، ويكون أيضًا من تحسين الصوت بالقراءة، ويقال في معناه غيرُ ذلك.
قوله: (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ): أي: الطاعة، دون الملَّة.
قوله: (قَتْلَ ثَمُودَ): إن قلت: إذا كان قتلهم واجبًا؛ فكيف منع خالد بن الوليد أن يقتله، وفي رواية: (منع عمر)؟
فالجواب _كما قال الخطَّابيُّ_: إنَّما منعه؛ لعلمه بأنَّ الله سيمضي قضاءه فيه، حتَّى يخرج من نسله من يستحقُّ القتل؛ لسوء فعله ومروقه من الدِّين، فيكون قتلُهم عقوبةً لهم، فيكون أدلَّ على الحكمة، وأبلغَ في المصلحة، انتهى، نقله شيخنا.
==========
[1] في حاشية الدمياطيِّ التي في هامش (ق): (المتألَّفين).
[2] في (أ): (وفاق)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وأقرعَ).
[ج 2 ص 227]

(1/7812)


[حديث: فأهد وامكث حرامًا كما أنت]
4352# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج أحد الأعلام، و (عَطَاءٌ) بعده: هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام رضي الله عنهما.
قوله: (زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): (محمَّد بن بكر) هذا: هو البُرسانيُّ، من الأزد، بصريٌّ، عن ابن جُرَيج وطبقته، وعنه: عبدٌ وخلقٌ، ثِقةٌ صاحب حديث، مات سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا الحديث هنا والزيادة لم يطرِّفها المِزِّيُّ، وإنَّما ذكرها في (الحجِّ) لا هنا، ولعلَّه سقط من نسختي، وهو في (الحجِّ) بهذا السند، وشيخنا لم يطرِّفها أيضًا؛ أعني: الزيادة.
[ج 2 ص 227]
قوله: (بِسِعَايَتِهِ): وفي «مسلم»: (من سِعايته)، اعلمْ أنَّ (السِّعاية) بكسر السين المهملة، وبالعين المهملة أيضًا؛ وهي العمل في السعي على الصدقات، قال القاضي عياض رحمه الله: قال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث أنَّه إنَّما بعث عليًّا أميرًا لا عاملًا على الصدقات؛ إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصَّدقات؛ لقوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم للفضل بن عبَّاس وعبد المطَّلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: «إنَّ الصَّدقة لا تحلُّ لمحمَّد، ولا لآل محمَّد»، ولم يستعملهما، قال: ويحتمل أنَّ عليًّا وَلِيَ الصدقات بغير أجر احتسابًا، أو أُعطِي عُمالتَه عليها من غير الصدقة، قال الشيخ محيي الدِّين: وهذا الذي قاله حسنٌ إلَّا قوله: إنَّ السِّعاية تختص بالعمل على الصدقات، وليس كذلك؛ لأنَّها تستعمل في مطلق الولاية وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصَّدقة، واستدلَّ لما قاله بحديث: «ليردنَّه عليَّ ساعيه»، انتهى.
واعلمْ أنَّ الصدقة الواجبة محرَّمة على آل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر والمسكنة، وغيرها من الأسباب الثمانية، هذا هو الصحيح عند الشَّافعيَّة، وجوَّز بعض أصحابه لبني هاشم وبني المطَّلب العمل عليها بسهم العامل؛ لأنَّها إجارة، وهذا ضعيف أو باطل، والحديث في «مسلم» في قصَّة ربيعة بن عبد المطَّلب والفضل بن عبَّاس يردُّ هذا الوجه، والله أعلم.
قوله: (فَأَهْدِ): هو بقطع الهمزة، فعل أمر، وهو رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/7813)


[حديث: أن النبي أهل بعمرة وحجة ... ]
4353# 4354# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (المفضَّل): بتشديد الضَّاد المعجمة المفتوحة، اسم مفعول من المشدَّد.
قوله: (حَدَّثَنَا بَكْرٌ): هذا هو بكر بن عبد الله المزنيُّ البصريُّ، أحد الأعلام، عن المغيرة بن شعبة، وابن عبَّاس، وابن عمر، وأنس، وطائفة، وعنه: قتادة، وثابت، وحُمَيد، وسُليمان التَّيميُّ، وخلق، قال محمَّد بن سعد: كان ثِقةً ثبتًا مأمونًا حجَّةً فقيهًا، انتهى، تُوُفِّيَ سنة ستٍّ ومئة، ويقال: سنة ثمان، قال ابن سعد: وهو أثبت عندنا، أخرج له الجماعة.
قوله: (ذُكِرَ لاِبْنِ عُمَرَ): (ذُكر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَأَمْسِكْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ.
==========
[ج 2 ص 228]

(1/7814)


[باب غزوة ذي الخلصة]
قوله: (غَزْوَةُ ذِي الْخَلَصَةِ): قال السُّهيليُّ: وذلك قبل وفاة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بشهرين أو نحوهما، وقد تَقَدَّم ذلك في أوَّل السَّرايا أنَّ البُخاريَّ ما رتَّبها كما رتَّب الغزوات إلَّا في تبوك، والله أعلم، و (ذو الخَلَصة): تَقَدَّم أنَّها بفتح الخاء المعجمة واللَّام، قال ابن قُرقُول: ويقال: بضمِّهما، وكذا ضبطناه عن ابن سراج، وبالفتح قيَّدناه عن أبي بحر، لكن بسكون اللَّام، وكذا قال ابن دريد، وهو بيت صنم ببلاد دوس، وهو اسم صنم، لا اسم بيته، وكذا جاء تفسيره في الحديث، انتهى.
وقال السُّهيليُّ: (ذو الخُلُصة): بضمِّ الخاء واللَّام في قول ابن إسحاق، وبفتحهما في قول ابن هشام، وقال القُرْطبيُّ في «تذكرته» بعد أن ذكر اللغتين اللَّتَين ذكرتهما من كلام ابن دحية الحافظ أبي الحسن: وقيَّده الإمام أبو الوليد الكنانيُّ الوقشيُّ بفتح الخاء، وسكون اللام، وكذا قال ابن دريد، انتهى.
قال في «النِّهاية» في (ذي الخلصة): هو بيت كان فيه صنم لدوس، وخثعم، وبجيلة، وغيرهم، وقيل: ذو الخلصة: الكعبة اليمانية التي كانت باليمن، فأنفذ إليها رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جَرِير بن عبد الله، فخربها، وقيل: ذو الخلصة: اسم الصنم نفسه، وفيه نظر؛ لأنَّ (ذو) لا تضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس، انتهى.

(1/7815)


[حديث: ألا تريحني من ذي الخلصة؟ ... ]
4355# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان الواسطيُّ، أحد العلماء، تَقَدَّم، و (بَيَانٌ) بعده: هو بيان بن بِشْر المؤدِّب، عن أنس وقيس بن أبي حَازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعدَّة، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثِقةٌ، تُوُفِّيَ في حدود أربع عشرة [ومئة]، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم أعلاه، و (جَرِير): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد [الله] البجليُّ، يوسف هذه الأمة، تَقَدَّم رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 228]

(1/7816)


[حديث: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا .. ]
4356# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان شيخ الحفَّاظ، تَقَدَّم، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (جَرِيرٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله البجليُّ أعلاه وقبله أيضًا.
قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّم أنَّ هذا من المقلوب؛ أي: مهديًّا هاديًا، وهذا ظاهرٌ [1].
قوله: (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ): (رسول جَرِير) سيأتي قريبًا في هذا «الصحيح» بكنيته؛ وهي أبو أرطاة، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه حُصَين بن ربيعة بن الأزور، انتهى، وقيل: حصن _مكبَّرًا_ ابن ربيعة بن عامر بن الأزور، أبو أرطاة، صَحابيٌّ رضي الله عنه، وقد قدَّمتُ الكلام عليه أطول من هذا.
تنبيه: وقع في «مسلم» لبعض الرواة له: (حسين)، والصواب: بالصَّاد المفتوحة، والسينُ وَهَمٌ، والله أعلم.
قوله: (أَجْرَبُ): أي: مدهونًا بقطران؛ يعني: محترقةً، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] زيد في هامش الأصل بخط مغاير: (لا يحتاج أن تجعله من المقلوب، فإنَّ المراد أن يكون ممَّن اتَّصف بهاتين الصفتين، وليس معنا حرف يدلُّ على تأخر «مهديًّا» حتى يكون من المقلوب، وقدَّم «هاديًا»؛ لأنَّها صفة أعلى من «مهديًّا»، حرَّره أبو الوفا القرطبيُّ).
[ج 2 ص 228]

(1/7817)


[حديث: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا ... ]
4357# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (فِيهِ نُصُبٌ): تَقَدَّم الكلام على النُّصُب، وأنَّه بضمِّ النُّون والصاد المهملة وإسكانها.
قوله: (كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (بِالأَزْلاَمِ): والاستقسام بالأزلام ذكرت معناه، وذكرت الكلام على الأزلام، وأنَّ واحدَها فيه لغتان.
قوله: (وَلَتَشْهَدْ [1]): هو بإسكان اللَّام؛ لأنَّ اللَّام هي لام الأمر، وهي مكسورة إذا لم يتقدَّمها واو ولا فاء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ [2]): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ولَتَشْهَدًا)، ورواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والكشميهنيِّ: (ولَتَشْهَدَنَّ).
[2] في هامش (ق): (هو حصين بن ربيعة بن الأزور).
[ج 2 ص 228]

(1/7818)


[باب غزوة ذات السلاسل]
[ج 2 ص 228]
قوله: (بَاب غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ): قال الدِّمْياطيُّ: كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان، وكانت قبل سريَّة الخَبَط، وكانت الخَبَط في رجب سنة ثمان، انتهى، و (السَّلاسِل): بفتح السين الأولى، وكسر الثانية المهملتين على المشهور على الألسنة، وقال السُّهيليُّ: بضمِّ السين الأولى، وكسر الثانية: ماء بأرض جذام، به سُمِّيت الغزاة، وفي «النِّهاية»: هو بضمِّ السين الأولى، وكسر الثانية؛ ماء بأرض جذام، به سميت الغزوة، وهو في اللُّغة: الماء السَّلسال، وقيل: بمعنى: السَّلسال، انتهى.
وقد اقتصر المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» على ضمِّ السين الأولى، وكسر الثانية، وقيل: سُميَّت ذات السَّلاسل؛ لأنَّ المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض؛ مخافة أن يفرُّوا.
تنبيه: ذكر النَّوويُّ في «تهذيبه» غزوة ذات السَّلاسل وتاريخها، ثُمَّ قال عن ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: إنَّها كانت بعد مؤتة فيما ذكر أهل المغازي سوى ابن إسحاق، فإنَّه قال: هي قبل تبوك، انتهى.
قوله: (قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ): تَقَدَّمتُ ترجمته.
قوله: (قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ): (ابن إسحاق): هو محمَّد بن إسحاق بن يسار، إمام أهل المغازي، تَقَدَّم، و (يزيد) بعده: لعلَّه ابن رُومان، والله أعلم.
قوله: (بِلاَدُ بَلِيٍّ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر اللَّام، وتشديد الياء، بوزن (عَلِيٍّ)، والنسبة إليها: بَلَوِيٌّ.
قوله: (وَعُذْرَةَ): هو بضمِّ العين المهملة، وإسكان الذَّال المعجمة، وهذا معروف ظاهر.
قوله: (وَبَنِي الْقَيْنِ): هو بفتح القاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالنُّون، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

(1/7819)


[حديث: أن رسول الله بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل ... ]
4358# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، وقال فيه المِزِّيُّ هنا: عن إسحاق بن شاهين، و (خالد بن عبد الله): هو الطَّحَّان، تَقَدَّم، و (خَالِد الْحَذَّاء): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن مهران أبو المُنازل، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمت اللُّغات في (مَلٍّ) غيرَ مرَّةٍ، وهذا الحديث هنا مرسل؛ لأنَّ أبا عثمان تابعيٌّ إلَّا أنَّ قوله: (قال: فأتيته): هذا متَّصل إلى آخره، وقد تَقَدَّم متَّصلًا عن عمرو بن العاصي في (فضل أبي بكر رضي الله عنه)، وأخرجه مسلم متَّصلًا عن عمرو بن العاصي، وكذلك التِّرْمِذيُّ، وكذلك النَّسائيُّ، والله أعلم.
قوله: (بَعَثَهُ [1] عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ): قال ابن سعد: إنَّهم كانوا ثلاث مئة من سَراة المهاجرين والأنصار، ومعهم ثلاثون فرسًا.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ).
[ج 2 ص 229]

(1/7820)


[باب ذهاب جرير إلى اليمن]
قوله: (ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ): هو جَرِير بن عبد الله البجليُّ رضي الله عنه، تَقَدَّم، وكان بعثه سنة إحدى عشرة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 229]

(1/7821)


[حديث: كنت بالبحر فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو]
4359# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ): هذا هو الحافظ الكبير المصنِّف أبو بكر، و (العبسيُّ)؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، و (ابْنُ إِدْرِيسَ): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، عن أبيه، وعمِّه داود، وحُصَين، وهشام بن عروة، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، قال أحمد: كان نسيجَ وَحْدِه، تُوُفِّيَ سنة (192 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن معين: ثِقةٌ في كلِّ شيء، وقال يعقوب بن شيبة: كان عابدًا فاضلًا، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم.
قوله: (رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ؛ ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو): رأيت في حاشية نسخة من «استيعاب ابن عبد البَرِّ» بخطِّ ابن الأمين الحاشية والأصل: (قال أحمد ابن حنبل: من كان من أهل اليمن يقال له: «ذو»؛ فهو شريف، يقال: فلان له ذو، وفلان لا ذي له) انتهت، قال أبو عُمر: ذو الكلاع: اسمه أيفع بن ناكور من اليمن، أظنُّه من حِمْيَر، يقال: إنَّه ابن عمِّ كعب الأحبار، يكنى أبا شرحبيل، ويقال: أبا شراحيل، كان رئيسًا مُطَاعًا في قومه ... ؛ فذكر ترجمته، وفي هامش «الاستيعاب» بخطِّ ابن الأمين: (قال ابن دريد: اسمه سُميقع بن ناكور، تصغير «سَمْقَع» إن كان أوَّله مضمومًا، وإلَّا؛ فهو مثل: سَميدَع، والسَّمْقَع: الجُرْأَة والإقدام، و «ناكور»: «فاعول» من النُّكر؛ وهو المكر والدَّهاء) انتهت.
(ذو الكلاع): اسمه سميفع؛ بالفاء وبالقاف، وقيل: اسمه أيفع، أبو شرحبيل الحِمْيَريُّ، أسلم في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، تابعيٌّ، له ترجمة في «الاستيعاب»، و (ذو عَمرو): تابعيٌّ أيضًا، وله ترجمة في «الاستيعاب»، قال ابن عبد البَرِّ في ترجمته: وأظنُّه أحدَ الوفود عليه، والله أعلم.
فائدة: ذكر شيخنا عن «المنثور» لابن دريد: أنَّ ذا الكلاع ادَّعى الربوبيَّة في الجاهليَّة، وأنَّ إسلامه كان زمن عمر رضي الله عنه، وذكر عن ابن عبد البَرِّ: أنَّه أعتق عشرة آلاف أهل بيت، انتهى، والظاهر أنَّ هذا في غير «الاستيعاب»، ولم أر ذلك في «الاستيعاب»، والله أعلم.
قوله: (مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ): (قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة.
قوله: (قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ).
قوله: (خَبَرًا): هو بالموحَّدة، وكذا في أصلنا.
قوله: (تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ): من الائتمار والمشاورة، قاله أبو ذرٍّ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 229]

(1/7822)


[باب غزوة سيف البحر]
قوله: (بَابُ غَزْوَةِ سِيْفِ الْبَحْرِ): (سِيْف)؛ بكسر السين المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالفاء، وهذا ظاهرٌ، و (سِيْف البَحر): ساحله، وهذه سريَّة الخَبَط، بعثهم عَلَيهِ السَّلام إلى حيٍّ من جُهينة ممَّا يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمسُ ليالٍ، فأصابهم جوع شديد، وأكلوا الخَبَط، انتهى، قاله الدِّمْياطيُّ، وكانت هذه السريَّةُ في رجب سنة ثمان.
قوله: (وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ): كذا في «الصَّحيح»، وفيه نظر؛ لأنَّه لم يكن بعد الحُدَيْبيَة يُعترض لعير قريش، وهي سنة ثمان، والظاهر أنَّ ابن إسحاق جعلها في هذه الرتبة، وكذا أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس جعلها بعد مؤتة، وبعد سريَّة عَمرو بن العاصي إلى ذات السَّلاسِل، وهي في جمادى الآخرة سنة ثمان، وعمرٌو إنَّما هاجر على الصَّحيح إلى المدينة في صفر سنة ثمان، وظاهر سريَّة الخَبَط أنَّها كانت
[ج 2 ص 229]
قبل الهُدنة بالحُدَيْبيَة، فإنَّه من حين صالح أهل مَكَّة لم يكن يرصُدُ لهم عيرًا، بل كان زمن أمنٍ وهدنة إلى حين الفتح، وقد تعقَّب الحافظ شمس الدين بن قيِّم الجوزيَّة سريَّة الخَبَط في جعلها سنة ثمانٍ بهذا التعقُّب، وهو تعقُّبٌ صحيحٌ لا شكَّ فيه، وتعقَّب أيضًا كونها في رجب، فقال: الظاهر أنَّه غير محفوظ؛ إذ لم يُحفَظ عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّه غزا في الشهر الحرام، ولا أغار فيه، ولا بعث فيه سريَّة، وقد عَيَّر المشركون المسلمين بقتالهم في أوَّل رجب في قصَّة عمرو بن الحضرميِّ، وقالوا: استحلَّ محمَّدٌ الشهر الحرام ... إلى آخر كلامه، فإن أردته؛ فانظره من «الهدي»، وهذا بناء منه على أنَّ القتال لم يُنسَخ في الشهر الحرام، وهو مذهب جماعةٍ قليلةٍ، والأكثرون على نسخه، والله أعلم.
قوله: (وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ ابْنُ الجَرَّاح [1]): وكذا في «مسلم»، وهنا أيضًا، قال شيخنا: (وفي «الأطعمة» لابن أبي عاصم من حديث جابر: أنَّ الأمير عليهم يومئذٍ سعدُ بن عبادة، وهو عجيبٌ)، انتهى، ذكر ذلك في (الأطعمة)، واعلم أنَّ سعدًا لم يكن معهم في سريَّة الخَبَط، كما هو ظاهر هذه القصَّة؛ فانظرها أيضًا من السير تجدْ ذلك، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

(1/7823)


[حديث: بعث رسول الله بعثًا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة]
4360# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه [ابن] أخت الإمام مالك بن أنس المجتهد، أحد الأعلام.
قوله: (أَبَا عُبَيْدَةَ ابْنَ الْجَرَّاحِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح الفهريُّ، أمين الأمَّة، وأحد العشرة، تَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (فَجُمِعَ): هو بضمِّ الجيم، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (إِلاَّ تَمْرَةٌ): هي مرفوعة منوَّنة، وكذا الثانية.
قوله: (مِثْلُ الظَّرِبِ): هو بفتح الظاء المعجمة المشالة، وكسر الراء، وبالموحَّدة، الجُبيل، وبعضهم قال: الرابية الصغيرة، وهما قريب.
قوله: (فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانَ [1] عَشْرَةَ لَيْلَةً): وسيأتي: (فأكلنا منها نصف شهر)، وفي «مسلم»: (نصف شهر)، وفي رواية: (ثمانية عشر يومًا)، وفي رواية أبي الزُّبَير عن جابر في «مسلم»: (شهرًا)، وفي حديث وهب بن كيسان عنه عند الحاكم: (اثني عشر يومًا)، ولا تنافي؛ لأنَّه ليس في ذكر القليل ما ينافي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، والله أعلم، قال شيخنا: قال ابن التين: إحدى روايتي البُخاريِّ: (نصف شهر) أو (ثمان عشرة [2] ليلة) وَهم، أو يتجاوز أحدهما؛ لتقارب ذلك، انتهى.
قوله: (بِضِلعَيْنِ): (الضِّلع)؛ بكسر الضاد، وفتح اللام وإسكانها، معروفة.
قوله: (فَنُصِبَا): الوجه: (فنُصبتا)؛ لأنَّ الضِّلع مؤنَّثة، وسهَّل ذلك أنَّه مؤنَّث غير حقيقيٍّ.
قوله: (فَرُحِلَتْ): هو بكسر الحاء مخفَّفة، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/7824)


[حديث: بعثنا رسول الله ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح]
4361# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة.
قوله: (بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح المثلَّثة، والضمير مفعول، و (رسولُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمَّة، وأحد العشرة، الفهريُّ، رضي الله عنه.
قوله: (نَرْصُدُ): هو بضمِّ الصاد، وفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، و (العِيْرُ): تَقَدَّم ما هو، وتَقَدَّم أنَّ قوله: (نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ) مع تأريخه هذه السريَّة فيه نظر.
قوله: (الْخَبَطَ): هو بفتح الخاء المعجمة والموحَّدة، وبالطاء المهملة، ورق الشجر، وقال بعضهم: ورق السَّمُر، و (الخبْط)؛ بإسكان الموحَّدة: ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق المتساقط: خَبَط؛ بالتحريك (فَعَل)؛ بمعنى: مفعول، وهو من علف الإبل.
قوله: (حَتَّى ثَابَتْ): هو بالثاء المثلَّثة، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: رجعتْ، و (أَجْسَامُنَا)؛ بالضمِّ: فاعل (ثابَتْ)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (ضِلعًا): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بكسر الضاد، وفتح اللام، وتُسكَّن، وتَقَدَّم (فَعَمَدَ): أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وقد ذكرت ما رأيته في «حاشية عن شرح الفصيح»: أنَّ الماضي بالكسر، والله أعلم.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة المذكور في السند.
قوله: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ): هذا الرجل هو قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه، قاله النوويُّ في «شرح مسلم»، انتهى، وهنا في هذا «الصحيح» ما يرشد إليه، ترجمته معروفة، صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، وفي كلام شيخنا: والظاهر أنَّه قيس بن سعد بن عبادة، وبه صرح الدِّمْياطيُّ بخطِّه في (الذبائح)، انتهى.
تنبيهٌ: قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين في قيس هذا: إنَّه مرَّ على بعيره راكبًا تحت ضِلع الحوت، انتهى، وسيجيء أيضًا.
تنبيهٌ ثانٍ: لم يكن في الأوس والخزرج أربعة مطعمون إلَّا قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم، وفي قريش خمسةٌ مطعمون؛ وهم: عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أُمَيَّة بن خلف، وقد نظمت الفريقين في بيت رجز، فقلت:
~…والمطعمون من قريشٍ خمسةٌ…في نسقٍ وخزرج أربعةُ
تنبيهٌ شاردٌ: أزواد الراكب ثلاثة أشخاص: مسافر بن أبي عمرو، وأبو أُمَيَّة حذيفة بن المغيرة، وربيعة بن الأسود، وقد نظمتهم في بيت رجز، فقلت:
~…أزوادُ راكبٍ هم ثلاثةُ…مسافرٌ ربيعةٌ حذيفةُ
كلٌّ منهم يقال له: زاد الراكب؛ لأنَّه لم يكن أحد يتزوَّد معهم في سفر، يطعمونه ويكفونه الزاد.
قوله: (ثَلاَثَ جَزَائِرَ): (الجزائر)؛ بفتح الجيم: جمع جزور، ويجمع أيضًا الجزور على جزر، و (الجزور): البعير ذكرًا كان أو أنثى، إلَّا أنَّ اللفظة مؤنَّثة، تقول: (هذه الجزور) وإن أردت ذكرًا.

(1/7825)


قوله: (وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ): هو عَمرو بن دينار المذكور في السند، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ): هو ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان فيما يظهر، تَقَدَّم.
قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لِأَبِيهِ): هذه القصَّة مرسلة؛ لأنَّ أبا صالح ذكوان ذكر قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ لكان صحابيًّا، ولا يحتمل أن يكون سمع قيسًا يذكر ذلك لأبيه، وذلك أنَّ أباه سعد بن عبادة تُوُفِّيَ [سنة] خمس عشرة بحوران، وقيل: سنة أربع عشرة، ويقال: في سنة إحدى عشرة، وقد شهد الدار أبو صالح زمن عثمان سنة خمس وثلاثين، وهذا أقدم ما رأيت له، وما أظن أنَّه أدرك سعد بن عبادة، والله أعلم، وقد قال أبو زرعة: لم يلق أبا ذرٍّ، وهو عن أبي بكر وعن عمر وعن عليٍّ رضي الله عنهم مرسلٌ، والله أعلم.
قوله: (نُهِيتُ): هو بضمِّ النون، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، والتاء مضمومة على التكلُّم، والناهي هو أميره أبو عبيدة كما في «سيرة ابن سيِّد النَّاس».

(1/7826)


[حديث: كلوا رزقًا أخرجه الله أطعمونا إن كان معكم]
4362# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد، يحيى القطَّان، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّموا.
قوله: (فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين لمَّا ذكر قيسًا في أنَّه الذي نحر؛ قال: (وهو الذي مرَّ على بعيره راكبًا تحت ضلع الحوت)، وقد تَقَدَّم.
قوله: (فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ): قائل هذا هو سفيان بن عيينة، وقد أخرج هذا النَّسائيُّ في (الصيد) عن محمَّد بن منصور، عن سفيان، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، ولم يعلِّم عليه المِزِّيُّ سوى النَّسائيِّ، و (أبو الزُّبَير): محمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، علَّق له البُخاريُّ وقرنه، وقد قدَّمتُ ترجمته، وأنَّه أخرج له مسلم والأربعة، والله أعلم.
[ج 2 ص 230]
قوله: (أَطْعِمُونَا): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ): (بعضهم): لا أعرف اسمه.
فائدةٌ: اتَّفق للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مثل ما جرى لجيش الخَبَط في العنبر، كما رواه مسلم في الحديث المطوَّل في أواخر «صحيحه»، وفي آخر الحديث: (وشكا الناس إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الجوع، فقال: «عسى الله أن يطعمكم»، فأتينا سِيْف البحر، فزخر البحرُ زخرة، فألقى دابَّة، فأورينا على شقِّها النار، فأطبخنا واستوينا فأكلنا، قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان حتَّى عدَّ خمسة في حِجاج عينها حتَّى ما يرانا أحد حتَّى خرجنا، وأخذنا [1] ضِلَعًا من أضلاعه، فقوَّسناه، ثُمَّ دعونا بأعظم رجل في الركب، وأعظم جمل في الركب، وأعظم كفلٍ في الركب، فدخل تحته ما يطأطئ رأسه)، انتهى.
وهذه الغزوة يقال لها [2]: بواط، كما هو مصرَّح به في الرواية في «مسلم»: (وهو يطلب النجديَّ بن عمرو الجهنيَّ) كذا في «مسلم»، قال ابن إسحاق: إنَّها في ربيع الأوَّل، يريد قريشًا من ناحية رضوى، جعلها بعد الأبواء في أوائل (المغازي)، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (وأخذ)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] في (أ): (له)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7827)


[حج أبي بكر بالناس في سنة تسع]
(حَجُّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ) .... إلى (بابُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ)
اعلم أنَّ أوَّل من أقام للناس الحجَّ عتَّابُ بن أَسِيد، سنة ثمانٍ من الهجرة، وهي عام الفتح، وحجَّ بالناس تلك السنة وهو أمير البلد على ما كانت عليه العرب في الجاهليَّة، وكان عَلَيهِ السَّلام استعمله على مَكَّة، ومضى عَلَيهِ السَّلام إلى حنين، وقال أبو الوليد الأزرقيُّ: لم يبلغنا أنَّه استعمله على الحجِّ في هذه السنة، فلمَّا كان وقت الحج؛ حجَّ المسلمون والمشركون، وكان المسلون بمعزل، يدفع بهم عتَّاب بن أَسِيد، ويقف بهم المواقف؛ لأنَّه أمير البلد، وذكر الماورديُّ في «الحاوي» في (السير): أنَّه عَلَيهِ السَّلام لمَّا فتح مَكَّة؛ استعمل عتَّاب بن أَسِيد للصلاة والحجِّ، وذكر أيضًا في (كتاب الحجِّ): أنَّه عَلَيهِ السَّلام أمَّر عتَّاب بن أَسِيد أن يحجَّ بالناس عام الفتح، وهذا إثباتٌ لم يبلغ الأزرقيَّ، فليعتمد عليه.
ثُمَّ حجَّ أبو بكر الصدِّيق سنة تسع على ذلك، ولم يزل عتَّاب بن أَسِيد أميرًا حتَّى تُوُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأقرَّه أبو بكر إلى أن تُوُفِّيَ، وكانت وفاته على ما ذكر الواقديُّ يوم تُوُفِّيَ الصديق، قاله المحبُّ الطبريُّ بأطول من هذا، ثُمَّ ذكر في (عمرة الجعرانة) في أواخر (كتاب الحجِّ) عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 1]، قال: لمَّا قفل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من حنين؛ اعتمر من الجعرانة، ثُمَّ أمَّر أبا بكر في تلك الحجَّة، أخرجه أبو حاتم، ثُمَّ عقَّبه بأن قال: قلت: وهذا مغاير لما تَقَدَّم في صفة حجِّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: أنَّ الذي حجَّ بالناس تلك السنة عتَّابَ بن أَسِيد، وهي سنة ثمان، فإنَّ تأمير أبي بكر كان سنة تسع، وهو الأظهر، انتهى.
فائدةٌ ثانيةٌ هي تنبيهٌ: اختلف في حجَّة الصِّدِّيق هذه؛ هل هي التي أسقطت الفرض، أو المسقطة هي حجَّة الوداع معه عَلَيهِ السَّلام؟ قال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدين: على قولين، أصحُّهما الثاني، والقولان مبنيَّان على أصلين؛ أحدهما: هل كان الحجُّ فُرِض قبل عام حجَّة الوداع، أو لا؟ والثاني: هل كانت حجَّة الصِّدِّيق في ذي الحجَّة، أم وقعت في ذي القعدة من أجل النسيء الذي كان في الجاهليَّة يؤخِّرون له الأشهر ويقدِّمونها؟ على قولين، والثاني قول مجاهد وغيره، انتهى.
وقد حكى القولين أيضًا الحافظ العلَّامة محبُّ الدين الطبريُّ في (كتاب الصوم) من «أحكامه» في ذكر الأشهر الحرم، قال المحبُّ الطبريُّ: إنَّ حج الصدِّيق وقع في ذي القعدة، وعزا ذلك إلى الماورديِّ في «نكته»، والثعلبيِّ، والرمَّانيِّ، وغيرِهم، قال: وذكر الأزرقيُّ: أنَّ حجَّ أبي بكر في ذي الحجَّة في السنة التاسعة، وذكر بعض المفسرين الروايتين، وذكر كلامًا متعلِّقًا بهذا، وفي «سيرة مغلطاي الصُّغرى»: وكان حجُّهم ذلك العام في ذي القعدة، انتهى.

(1/7828)


وكذا نقل شيخنا عن الداوديِّ: أنَّها في ذي القعدة، وأنا أستبعد _أو أقول: إنَّه مستحيل_ أن يكون حجُّ أبي بكر وقع في ذي القعدة وقد أمَّره عَلَيهِ السَّلام عليها، نعم، يحتمل أنَّه لم يكن فُرِض الحجُّ وإن كانت الشافعيَّة قالوا: إنَّه كان فُرِض، وإنَّما اختلفوا في وقت فرضه، وقد ذكرت الأقوال في وقت فرضه في أوَّل (الحجِّ)، ومن أغربه: أنَّه فُرِض قبل الهجرة، حكاه الإمام وجهًا، وهو غريب جدًّا، والله أعلم.
واعلم أنَّ ابن سعد قال: قالوا: استعمل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أبا بكر الصديق على الحجِّ، فخرج في ثلاث مئة رجل من المدينة، وبعث معه عَلَيهِ السَّلام بعشرين بدنة قلَّدها وأشعرها بيده، عليها ناجية بن جندب الأسلميُّ، وساق أبو بكر خمس بدنات، فلمَّا كان بالعرج _وابن عائذ يقول: بضجنان_؛ لقيه عليُّ بن أبي طالب على ناقته عَلَيهِ السَّلام القصواء، وابن إسحاق قال: العضباء، نقله ابن القيِّم شمس الدين.
==========
[ج 2 ص 231]

(1/7829)


[حديث: أن أبا بكر الصديق بعثه في الحجة التي أمره النبي]
4363# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أوحد الأعلام، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ، وهو حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، وليس بحُمَيد بن عبد الرَّحمن الحميريِّ، الثاني عن أبي هريرة، ليس له في «البُخاريِّ» شيء، وإنَّما روى له مسلم حديثًا واحدًا: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم ... »؛ الحديث، وهذا الحديث ليس في «البُخاريِّ»، فلا شيء للحميريِّ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ» شيءٌ، والله أعلم، وإنَّما له في «البُخاريِّ» عن غير أبي هريرة، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أَمَّرَهُ): هو بتشديد الميم، من التأمير، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّم الكلام على (الرهط)، والله أعلم.
[ج 2 ص 231]

(1/7830)


[حديث: آخر سورة نزلت كاملةً براءة]
4364# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَراءُ): هو ابن عَازبٍ، صحابيَّان؛ البَراء وعَازبٌ.
قوله: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ): كذا هنا، ولم يذكر في (التفسير): (كاملة)، اعترض الداوديُّ _كما قاله شيخنا_ على قوله: (كاملة)، وقال: إنَّه ليس بشيء، إنَّما أُنزِلت شيئًا بعد شيء، وقال ابن عبَّاس _كما نقله النحَّاس_: آخر سورة نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، وسيأتي في آخر (سورة البقرة): أنَّ آخر آية نزلت آيةُ الربا، انتهى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر سورة أُنزِلت، وكذا في آخر آية؛ فانظره.
قوله: (وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ): كذا في أصلنا، وعليها: (صح)، قال ابن قرقول: (كذا لكافَّة الرواة، ولابن السكن: وآخر آية نزلت خاتمة «سورة النساء»، وهو الصواب)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 232]

(1/7831)


[باب وفد بني تميم]
قوله: (وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ): من هنا بدأ الإمام البُخاريُّ بالوفود، و (الوفد): جمع وافد؛ كزائرٍ وزَوْرٍ؛ وهم القوم يأتون الملوك ركبانًا، وقد وفد وَفْدًا ووفادةً، ثُمَّ سُمِّي القوم بالفعل.
تنبيهٌ: ذكر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ من الوفود ما صحَّ عنده على شرطه، وقد عدَّدوا وفودًا كثيرة، ومن أجمع ما رأيته فيهم كلام الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخنا في «سيرته الصغرى»، وقد ذكر غالبهم الحافظ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس وشيخُنا الحافظ زين الدين العراقيُّ في «سيرته» التي نظمها بضعًا وستِّين، ولفظ مغلطاي: وفد عليه وفد ثقيف، وتتابعت الوفود، فوفد عليه وفد تميم، وعبس، وفزارة، ومرَّة، وثعلبة، ومحارب، وسعد بن بكر، وكلاب، ورؤاس، وعُقيل، ولقيط، وجعدة، وقُشير، والبكَّاء، وكنانة، وعبد بن عديٍّ، وناهلة، وأشجع، وسُليم، وهلال بن عامر، وقدر _بالراء_ بن عمَّار_كذا رأيته في نسخة صحيحة قُرِئت على المؤلِّف، وعليها خطُّه، وقد نظمه شيخنا العراقيُّ: وقدد؛ بالدال المهملة في آخره_، وعامر بن صعصعة، وعبد القيس، وبكر بن وائل، وتغلب، وحنيفة، وطيِّئ، وتُجيب، وخولان، وجُعف، ومُراد، وزُبيد، وكندة، والصَّدِف، وخُشين، وسعد هُذيم، وبليٍّ، وبهراء، وعُذْرة، وسلامان، وجُهينة، وكلب، وجَرْم، والأسد، وغسَّان، والحارث بن كعب، وهَمْدان، وسعد العَشِيرة، وعنس، والدار، والرَّهَا، وغامد، والنَّخَع، وبَجيلة، وخثعم، وحضرموت، وأزد، وعُمان، وغافق، وبارق، ودَوْس، وثُمالة، والحُدَّان، وأسلم، وجذام، ومهرة، وحِمْيَر، ونَجران، وجيشان، ومن الوحش: السباع والذئاب، انتهى، وهذا اثنان وسبعون وفدًا، وقد قال شيخنا العراقيُّ في «سيرته» لمَّا نظم الوفود:
~…وفدُ السباعِ والذئابِ ذُكرا…في غابةٍ وغيرِها واستُنكِرا
تنبيهٌ: وفد الذئاب هو في «سنن الدارميِّ» في أوائله بإسناد صحيح، غير أنَّ الصحابيَّ راويَه مجهولٌ، ولا يضرُّ الجهل بعين الصَّحابة؛ لأنَّهم كلَّهم عدولٌ على الصحيح، والله أعلم، واعلم أنَّه عَلَيهِ السَّلام بعث عيينة بن حصن الفزاريَّ إلى بني تميم، وكانوا فيما بين السُّقيا وأرض بني تميم، وذلك في المحرَّم سنة تسع في خمسين راكبًا من العرب ليس فيهم مهاجريٌّ ولا أنصاريٌّ، فلمَّا رأوا الجمع؛ ولَّوا، وأُخِذ منهم أحد عشر رجلًا، ووجدوا في المحلَّة إحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبيًا، فجلبهم إلى المدينة، وأمر بهم عَلَيهِ السَّلام، فحبسوا في دار رملة بنت الحارث، فقدم فيهم عدَّةٌ من رؤسائهم: عطاردُ بن حاجب، والزِّبْرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، والأقرع بن حابس، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، وعمرو بن الأهتم، ورِياح بن الحارث بن مجاشع، وقصَّتهم معروفة، فإن أردتها؛ فانظر من «سيرة ابن سيِّد النَّاس» أو غيرها.
==========
[ج 2 ص 232]

(1/7832)


[حديث: اقبلوا البشرى يا بني تميم ... ]
4365# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، و (أَبُو صَخْرَةَ): اسمه جامع بن شدَّاد، المحاربيُّ الكوفيُّ، أخرج له الجماعة، قال أبو حاتم وغيره: ثِقةٌ، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ سنة ثماني عشرة ومئة، وقال في موضع آخر: سنة سبع.
قوله: (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ): هو بضمِّ الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، اسم فاعل من (أحرز)، و (عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ): تَقَدَّم، وأنَّ الأسماء بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وأنَّ الكنى بالفتح، وحُصَين صَحابيٌّ أيضًا؛ كابنه عمران، ووالد حُصَين اسمه عُبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعيُّ، أُخرِج له شيء، رحمه الله ورضي عنه، وقد قال المِزِّيُّ: مختلف في إسلامه، وقد قيل: إنَّه مات مشركًا، وتعقَّبه علاء الدين مغلطاي، وأمَّا الذهبيُّ؛ فقال: مختلف في إسلامه، روى عنه: عمران بن حُصَين قصَّة إسلامه إن صحَّ، والله أعلم.
قوله: (أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ): قد ذكرت من جاء فيهم من رؤسائهم أعلاه.
قوله: (فَأَعْطِنَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الطاء، وقد تَقَدَّم في أوَّل (بدء الخلق) من قال ذلك، وأنَّه الأقرع بن حابس، قاله ابن الجوزيِّ.
==========
[ج 2 ص 232]

(1/7833)


[باب مناقب بني تميم]
قوله: (بَابٌ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ): تَقَدَّم الكلام على (عيينة) غيرَ مرَّةٍ، وقد قدَّمتُ من بعثه عَلَيهِ السَّلام في هذه السريَّة قريبًا، وهو سبب مجيء وفد بني تميم.
قوله: (وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا، وَسَبَى مِنْهُمْ نِسَاءً): تَقَدَّم أعلاه أنَّه أخذ منهم أحد عشر رجلًا، وثلاثين صبيًا، وإحدى وعشرين امرأةً.
==========
[ج 2 ص 232]

(1/7834)


[حديث: هم أشد أمتي على الدجال ... ]
4366# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهذا هو جَرِير بن عبد الحميد القاضي، تَقَدَّم، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): بضمِّ العين، وتخفيف الميم، معروف ذلك عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه هَرِم، وقيل غير ذلك، تَقَدَّم مطوَّلًا مترجمًا.
قوله: (وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ): هي بتشديد الياء لا بالهمز، وهي ما غُلِب عليه من بنات المشركين واستُرِقَّت، تَقَدَّم أنَّ اسمها أمُّ سمرة في (العتق).
قوله: (فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم نسبهم في (العتق)؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 232]

(1/7835)


[حديث: قدم ركب من بني تميم على النبي ... ]
4367# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (ابن جُرَيج) عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وزُهيرٌ صَحابيٌّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو مؤذِّن ابن الزُّبَير وقاضيه، تَقَدَّم مترجمًا.
[ج 2 ص 232]
قوله: (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ ... ) إلى أن قال: (وَقَالَ [1] عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ): سأذكر في (تفسير الحجرات) ذلك، وما وقع في «التِّرْمِذيِّ»؛ فانظره، وقد ذكر السهيليُّ في (قدوم الوفود): وقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما اختلفا في أمر الزِّبرقان وعمرو بن الأهتم، فأشار أحدهما بتقديم الزبرقان، وأشار الآخر بتقديم عمرو بن الأهتم، حتَّى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقَدَّموا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] ... إلى آخر كلامه.
وفي «الاستيعاب» في ترجمة خالد بن ربعيٍّ: أنَّه تنافر هو والقعقاع بن معبد إلى ربيعة بن جذار، فقال لهما رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «قد عرفتكما»، وأراد أن يستعمل أحدهما على بني تميم، فقال أبو بكر: يا رسول الله؛ استعمل فلانًا، وقال عمر: يا رسول الله؛ استعمل فلانًا، فقال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أَمَا إنَّكما لو اجتمعتما؛ لأخذت برأيكما، ولكنَّكما تختلفان عليَّ أحيانًا»، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقَدَّموا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، هكذا في رواية ابن المنكدر، وأمَّا حديث ابن الزُّبَير؛ ففيه: أنَّ الرجلين اللذَين جرت لهما هذه القصَّة [فاختُلِف] فيهما بين أبي بكر وعمر القعقاعُ بن معبد والأقرعُ بن حابس، وسيأتي ذلك في (باب القعقاع)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال) من غير واو.

(1/7836)


[باب وفد عبد القيس]
قوله: (بابُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ): (وفد عبد القيس): وفدوا عام الفتح قبل خروجه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى مَكَّة، وقد ذكرت في أوَّل هذا التعليق أسماءَ جماعة من هذا الوفد، وقد اختلف في عددهم، فقال بعض الحفَّاظ: إنَّهم كانوا أربعين، انتهى، والمعروف أنَّهم أربعة عشر، وقد ذكرت منهم خمسة عشر رجلًا، والله أعلم، وقد ذكرته في أوَّل هذا التعليق بأطول من هذا؛ فانظره إن أردته.
==========
[ج 2 ص 233]

(1/7837)


[حديث: مرحبًا بالقوم غير خزايا ولا الندامى]
4368# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: قال _يعني: البُخاري_ في (باب وفد عبد القيس): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا أبو عامر العَقَديُّ)، فذكر هذا المكان، ذكر أبو نصر: أنَّ إسحاق بن راهويه يروي عن أبي عامر العَقَديِّ في «الجامع»، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا، والله أعلم، و (أبو عامر العَقَديُّ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه بفتح العين المهملة والقاف، وبالدال المهملة، وأنَّ اسمه عبد الملك بن عمرو، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالجيم، والراء، وأنَّ اسمه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (يُنْتَبَذُ لِي نَبِيذٌ): (يُنتَبذ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نبيذٌ): مرفوع منوَّن ناب مناب الفاعل.
قوله: (فِي جَرٍّ): تَقَدَّم أنَّه فُسِّر في الحديث: كلُّ شيء يصنع من المَدَر، والمراد: الجرار؛ وهي أواني الخزف.
قوله: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّم أنَّهم أربعة عشر، ويقال: أربعون، قدموا عام الفتح قبل خروجه عَلَيهِ السَّلام إلى مَكَّة، وتَقَدَّم الكلام في (كتاب الإيمان) على (خَزَايَا)، وعلى (غَيْر)، وأنَّها بالنصب والجرِّ أيضًا، وعلى قوله: (لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ)، وعلى قوله: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ)، وعلى قوله: (مَا انْتُبِذَ فِي الدُّبَّاءِ): و (انتُبِذ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى (الْحَنْتَمِ)، و (النَّقِيرِ)، وعلى أنَّ الانتباذ في هذه الأواني الأربعة منسوخ على قول الجمهور، وذكرت ناسخه، وذكرت من قال بعدم النسخ، كلُّ هذا في (كتاب الإيمان).
==========
[ج 2 ص 233]

(1/7838)


[حديث: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع.]
4369# قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا انَّه بالجيم، والراء، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وتَقَدَّمت ترجمته.
قوله: (إِنَّا هَذَا الْحَيَّ): (الحيَّ): منصوب، وتَقَدَّم أنَّه منصوب على الاختصاص، و (مِنْ رَبِيعَةَ): الخبر، كذا أعربه النوويُّ.
قوله: (نَأْخُذْ [1] بِهَا): هو مجزومٌ، جواب الأمر، وهو (فَمُرْنَا).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (نأخذُ).
[ج 2 ص 233]

(1/7839)


[حديث: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر ... ]
4370# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث، كما قاله بكر بن مضر، وهو عَمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ): هو بكر بن مضر بن محمَّد المصريُّ، مولى شرحبيل بن حسنة الكنديِّ، يروي عن أبي قبيل المعافريِّ، وجعفر بن ربيعة، وعمارة بن غَزيَّةَ، وطائفةٍ، وعنه: ابنه إسحاق بن بكر، وابن وهب، وابن القاسم، ويحيى ابن بُكَير، وقتيبة، وطائفةٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، تُوُفِّيَ سنة [1] (174 هـ)، كان عبدًا صالحًا، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وهذا التعليق لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وتَقَدَّم الكلام على (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ)، وأنَّه ابن أخي عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه شهد حنينًا، رضي الله عنه، و (الْمِسْوَرَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه صَحابيٌّ صغير، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّ (مَخْرَمَةَ): من مُسْلِمة الفتح، وتَقَدَّمتُ ترجمة (أُمِّ سَلَمَةَ)، وأنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة المخزوميَّة، وأنَّها آخر أمهات المؤمنين وفاةً، وتاريخ وفاتها، وما وقع فيها.
قوله: (وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ): هؤلاء النسوة لا أعرفهنَّ، و (حرام) في نسب الأنصار؛ بالراء، تَقَدَّم مِرارًا، وتَقَدَّم أنَّ هذه الخادم لا أعرف اسمها.
==========
[1] زيد في (أ): (سنة)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 233]

(1/7840)


[حديث: أول جمعة جمعت بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله]
4371# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): هذا هو المسنديُّ، وهو مولى البُخاريِّ من فوق، وتَقَدَّم الكلام لِمَ قيل له: المسنديُّ، حافظ مشهور، و (أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو عبد الملك بن عمرو، القيسيُّ العَقَديُّ، الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو جَمْرَةَ)؛ بالجيم، والراء: نصر بن عمران، تَقَدَّم مِرارًا، وأدناها أعلاه.
قوله: (جُمِّعَتْ): هو بضمِّ الجيم، وكسر الميم مشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، و (جُوَاثَى [1]): تَقَدَّم الكلام عليها وعلى (الْبَحْرَيْنِ).
==========
[1] في هامش (ق): («جواثى»: قال القاضي: بواوٍ محضة مخفَّفة، ومنهم من يهمزها).
[ج 2 ص 233]

(1/7841)


[باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال]
قوله: (وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ): تَقَدَّم أنَّ (أُثَالًا) بضمِّ الهمزة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، و (ثُمَامة): صَحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم الكلام عليه، رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 233]

(1/7842)


[حديث: ما عندك يا ثمامة؟]
4372# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ): هو المقبريُّ، تَقَدَّم.
قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: ذكر سيف في «الردَّة»: أنَّ الذي لقي ثُمَامة وأخذه
[ج 2 ص 233]
هو العبَّاس بن عبد المطَّلب، قال ابن شيخنا: وفيه نظر، انتهى، والنظر فيه ظاهر، وانظر آخر الحديث تعرفْ ذلك، وإسلام العبَّاس معروف، ومجيئه إلى المدينة لمَّا خرج عَلَيهِ السَّلام إلى الفتح لقيه بالطريق، فرجع معه، وجاء عياله إلى المدينة، فأين هذا من هذا؟! والله أعلم.
قوله: (تَقْتُلْ ذَا دَمٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ معناه: صاحب دم يُستشفى بقتله، ويدرك به قاتلُه ثأرَه، فاختُصِر؛ اعتمادًا على مفهوم الكلام، وروى بعضهم عن أبي داود في «مصنَّفه»: (ذا ذمٍّ)؛ بذال معجمة، وفسَّره: بالذمام والحرمة في قومه؛ أي: إذا عقد ذمَّة؛ وفى له ولم يُخفِر، قال شيخنا: قال القاضي أبو الفضل: بالدال المغفلة أصحُّ؛ لأنَّه لو كان ذا ذِمام؛ لم يجز قتله، كأنَّ شيخنا حمله على الذمَّة؛ أي: أن يقبل بقتل من عُقِدت له ذمَّة، وهذا لا يليق بالحديث، قاله ابن قُرقُول.
قوله: (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ): هو بقطع الهمزة، وكسر اللام، أمرٌ من الرباعيِّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ): تَقَدَّم أنَّه بالخاء المعجمة، وأنَّه الرواية، وأنَّ ابن دريد ذكره بالجيم، وهو الماء الجاري.
قوله: (قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ): هذا القائل لا أعرفه، و (صبوت): تَقَدَّم أنَّ معناه: خرجت من دينك إلى دين غيره.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).

(1/7843)


[حديث: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك]
4373# 4374# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة.
قوله: (قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ): تَقَدَّم الكلام على مسيلمة، وما يتعلَّق به، والاختلاف في قاتله باليمامة، في (غزوة أحُد).
قوله: (وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللهِ فِيكَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى (لَيَعْقِرَنَّكَ اللهُ)؛ أي: يقتلنَّك، وعلى قوله: (وَإِنِّي لَأُرَاكَ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة؛ أي: لأظنُّك، وعلى (يَدَيَّ)، وأنَّه بتشديد الياء، وعلى (سِوَارَيْنِ [1])، وأنَّ (السّوار)؛ بكسر السين وضمِّها، و (أُسوار)؛ بضمِّ الهمزة، وعلى (فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا)، وأنَّه مرفوع فاعل، وعلى (أُوحِيَ)، وأنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى قوله: (يَخْرُجَانِ بَعْدِي).
قوله: (أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ): هو بالنون الساكنة، وسيأتي في قصَّته ما ذكر فيه، واسمه الأسود أشهر من أن يُذكَر، وهو الأسود بن كعب، ويقال له: ذو الخمار؛ إمَّا لأنَّه شيطانه، أو لأنَّه كان يخمِّر وجهه، وهو بالخاء المعجمة، كذا قيَّده جماعة؛ كابن ماكولا، والزمخشريِّ في «مشتبه النسبة» له، والذهبيِّ، ورأيت في «الذيل والصلة لكتاب التكملة» للإمام أصمعيِّ زمانه أبي الحسن الصغانيِّ _وعندي من هذا الكتاب نسخة عظيمة، عليها تخاريج غالبها بخطِّ الصغانيِّ_ في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود» بالحاء المهملة ما لفظه: والأسود العنسيُّ كان يُلقَّب: ذا الحمار، اسمه عَبْهلة، وقيل له: الأسود؛ لعلاط أسود كان في عنقه، انتهى، وقد ذكر أيضًا في «البُخاريِّ» و «مسلم» و «أبي داود» بالخاء المعجمة شخصًا يقال له: ذو الخمار، ولم يذكر الأسود، وهذا غريب، انتهى.
والأسود يلقَّب عبهلة، وكان يدَّعي أنَّ سُحيقًا وشُقيقًا يأتيانه بالوحي، ويقول: هما مَلَكان يتكلَّمان على لساني، في خُدَع كثيرة يزخرف بها، قتله فيروز الديلميُّ، وقيس بن مكشوح، وداذَوَيْهِ رجلٌ من الأبناء، دخلوا عليه من سرب صنعته لهم امرأة كان قد غلب عليها _ولعلَّها التي أذكرها في آخر الكلام عليه، والله أعلم_ فوجدوه سكران لا يعقل، وقيل في سبب قتله غير ذلك، والله أعلم، وسيأتي الكلام على فيروز رضي الله عنه في (التعبير)، وأذكر معه هناك الاختلاف في الوقت الذي قُتِل فيه الأسود، وهل حُمِل رأسُه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أم لا؟ إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره، قال شيخنا: ولقبه عبهلة؛ أي: أمرُه لا يُرَدُّ، انتهى.
فائدةٌ: ذكر الذهبيُّ في «تجريده»: مَرْزُبانة زوجة الأسود العنْسيِّ، كانت صالحة، فسقته البنج، وأعانتهم على قتله، انتهى.
==========

(1/7844)


[1] في هامش (ق): (قال بعض أهل العلم بالتعبير: تأويل نفخه إياهما: أنَّهما بريحه قُتِلا؛ لأنَّه لم يغزهما بنفسه، وتأويل الذهب: أنَّه زخرف، فدلَّ لفظه على زخرفتهما، ودلَّ الإسواران بلفظهما على أنَّهما ملكين؛ لأنَّ الأساورة هم الملوك، وبمعناهما على التضييق عليه؛ لكون السوار يضيق على الذراع).
[ج 2 ص 234]

(1/7845)


[حديث: بينا أنا نائم أتيت بخزائن الأرض]
4375# قوله: (أُتِيتُ): هو بضمِّ الهمزة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَكَبُرَا): هو بضمِّ الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأُوحِيَ إِلَيَّ): (أُوحِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (صَاحِبَ صَنْعَاءَ): (صاحبَ): منصوبٌ؛ لأنَّه بدل من (الكَذَّابَيْنِ)، وهو منصوبٌ، وهو الأسود العنسيُّ، و (صَنْعَاء) تَقَدَّمتُ، وأنَّها قاعدة اليمن، و (صنعاء) أيضًا: قرية، قريب من الربوة من دمشق، وأخرى بالروم، والمراد: الأولى، وقد تَقَدَّم، وكذا (صَاحِبَ) الثانية، (وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ): مسيلمة، و (اليمامة) تَقَدَّمتُ، وأنَّها مدينة باليمن، على يومين من الطائف، وعلى أربعة من مَكَّة، ولها [1] عمائر، وقاعدتها حَجْر اليمامة.
==========
[1] في (أ): (وله)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 234]

(1/7846)


[حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرًا هو أخير منه ألقيناه ... ]
4376# 4377# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ): اسم (أبي رجاء) هذا: عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، وقد تَقَدَّم، أسلم في حياته عَلَيهِ السَّلام بعد فتح مَكَّة، ولم يرَ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، أخرج له الجماعة، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمت، تُوُفِّيَ سنة (107 هـ)، قاله غير واحد، وقيل غير ذلك.
قوله: (هُوَ أَخْيَرُ): كذا في أصلنا، وهذه لغة، وفي نسخة في هامش أصلنا: (خير)، وهذه الفصحى، وفي نسخة: (أحسن)، وهذه معروفة معناها.
قوله: (جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ): (الجُثوة): بضمِّ الجيم وكسرها وفتحها؛ ثلاث لغات معروفات، ثُمَّ ثاء مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة [1]، ثُمَّ تاء التأنيث؛ وهو التراب المجموع المرتفع، وأصله: كلُّ شيء مرتفع.
قوله: (مُنْصِلُ [2] الأَسِنَّةِ): (مُنْصِل)؛ بضمِّ الميم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة مكسورة، ثُمَّ لام، وفي أصلنا: الصاد مشدَّدة مكسورة أيضًا، وكأنَّ هذه على المبالغة، وقد أنشد الجوهريُّ في «صَحاحه» بيتًا للأعشى لا يستقيم وزنه إلَّا بالتخفيف، وسيأتي أنَّ ابن الأسير ذكره بالتشديد، قال ابن قُرقُول: من أنصلتُ الرمح؛ إذا نزعتَ نصله، فإن جعلت له نصلًا؛ قلت: نصلتُه؛ يعني: أنَّ العرب كانت لا تقاتل فيه، فكأنَّ أسنَّة الرماح فيه قد أُزيلَت من العصيِّ، وقد قيل: إنَّهم كانوا يزيلونها، انتهى، وهذا القول هو الصحيح؛ للحديث الذي نحن فيه: (فلا ندع رمحًا فيه حديدةً ولا سهمًا فيه حديدة إلَّا نزعناه وألقيناه)، وفي «النِّهاية»: (منصِل الأسنَّة)؛ أي: مخرج الأسنَّة من أماكنها، كانوا إذا دخل رجب؛ نزعوا أسنَّة الرماح ونصال السهام؛ إبطالًا للقتال فيه، وقطعًا لأسباب الفتن لحرمته، فلمَّا كان سببًا لذلك؛ سُمِّيَ به، فقلت: نصَّلتُ الرمح تنصيلًا؛ إذا جعلتَ له نصلًا، وإذا نزعت نصله، فهو من الأضداد، وأنصلته فانتصل؛ إذا نزعتَ سهمه، انتهى.

(1/7847)


[قصة الأسود العنسي]
[ج 2 ص 234]
قوله: (باب قِصَّةُ الأَسْوَدِ [1] الْعَنْسِيِّ): تَقَدَّم أنَّه بالنون الساكنة، ولا أعلم في ذلك خلافًا إلَّا ما نقله شيخنا عن ابن التين هنا: أنَّه ضبطه بالإسكان والفتح، قال: ولم يحك في (التعبير) سوى الإسكان، فقال: به قرأناه، انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام على الأسود العنسيِّ قُبَيل هذا في (وفد بني حنيفة)؛ فانظره، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (ابن كعب، وكان يقال له: ذو الخِمار، ويلقَّب عَبْهَلة، وكان يدَّعي أنَّ سحيقًا وشقيقًا يأتيانه بالوحي، ويقول: هما مَلكان يتكلَّمان على لساني، في خُدع كثيرة يُزَخرِف بها، قتله فيروز الديلميُّ، وقيس بن مكشوح، ودَاذَوَيْه رجل من الأبناء، دخلوا عليه من سربٍ صنعته لهم امرأة كان قد غلب عليها فوجدوه سكران، ذكره الدولابيُّ، وذكر ابن إسحاق في رواية يونس عنه: أنَّ امرأته سقته البنج تلك الليلة وهي التي احتفرت السرب للدخول عليه، وكان اغتصبها؛ لأنَّها كانت من أجمل النساء، وكانت مسلمة صالحة، وكانت تُحدِّث عنه أنَّه كان لا يغتسل من الجنابة، واسمها المرزبانة).

(1/7848)


[حديث: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه]
4378# 4379# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ محمَّد الْجَرْمِيُّ): هو بفتح الجيم، وإسكان الراء، وضبطه ابن السكن: (الحَرَمي)؛ بحاء، وراء مفتوحة، وهو تصحيف، قاله ابن قُرقُول، و (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن سعد، عن أبيه، و (صَالِحٌ): هو ابن كيسان، تَقَدَّم.
قوله: (عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ): وكان في موضع آخر اسمه عبد الله، وهو كذلك، عبد الله بن عُبَيدة _بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة_ ابن نَشِيط؛ بفتح النون، وكسر الشين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ طاء مهملة، الرَّبَذيُّ، أخو موسى ومحمَّد، مولى قريش، قال البُخاريُّ: يُنسَبون في حمير، عن عقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله مرسلًا، وعن سهل بن سعد، وعليِّ بن الحسين، وعبيد الله بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، وغيرِهم، وعنه: أخواه، وصالح بن كيسان، وغيرُهم، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عديٍّ: يتبيَّن على حديثه الضعف، وقال الدارقطنيُّ وغيره: ثِقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال الواقديُّ: قتلته الحروريَّة بقديد سنة (130 هـ)، وكذا قال غيره، له في «الصحيح» هذا الحديث الواحد في ذكر مسيلمة، أخرج له البُخاريُّ فقط، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (فَنَزَلَ فِي دَارِ ابْنَةِ [1] الحَارثِ وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهْيَ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِر): قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: أمُّ ولد عبد الله بن عامر، وعامر: هو شقيق أروى أمِّ عثمان بن عفَّان، انتهى، وسأذكر كلام السهيليِّ، فتبيَّنه منه على التصويب، إنَّه صواب، قال السهيليُّ في «روضه» في بني قريظة: اسمها كيِّسة بنت الحارث بن كُرَيز بن حبيب بن عبد شمس، وكانت تحت مسيلمة الكذاب، ثُمَّ خلف عليها عبد الله بن عامر بن كُرَيز، ثُمَّ قال في آخر كلام ذكره: ووقع اسمها في «السيرة» من غير رواية ابن هشام: زينب بنت الحارث النجاريَّة، والله أعلم، انتهى.
و (كيِّسة)؛ بالمثنَّاة تحت مشدَّدة، ثُمَّ سين مهملة، و (كُرَيز)؛ بضمِّ الكاف، وقد ذكرها في وفد بني حنيفة، فقال ما لفظه: وقول ابن إسحاق: (أُنزلوا _يعني: وفد بني حنيفة_ بدار بنت الحدث [2])، الصواب: (بنت الحارث)، واسمها كيِّسة بنت الحارث بن كُرَيز بن حبيب بن عبد شمس، وقد تَقَدَّم في (غزوة بني قريظة) الكلام على كيِّسة، وكيْسة؛ بالتخفيف، وأنَّها كانت امرأة مسيلمة قبل ذلك، فلذلك أنزلهم بدارها، ثُمَّ خلف عليها عبد الله بن عامر بن كُرَيز، وذكرنا هناك أنَّ الصواب ما قاله ابن إسحاق: إنَّ اسم تلك المرأة زينب بنت الحارث، كذا وقع في رواية يونس عن ابن إسحاق المذكورة هنا: هي كيِّسة بنت الحارث، انتهى.
وكيَّسة هذه لا أعلم لها ذكرًا في الصحابيَّات، وقد قال ابن إسحاق: وكان منزلهم _يعني: وفد بني حنيفة_ في دار بنت الحارث؛ امرأة من الأنصار، ثُمَّ من بني النجَّار، انتهى.

(1/7849)


وهذا يشعر بأنَّ التي نزلوا بدارها مسلمة، والله أعلم، وكيِّسة لا أعلمها في الصحابيَّات، بل ولا أعلم فيهنَّ امرأةً اسمها كيِّسة، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: صوَّب بعضهم على البُخاريِّ، وقال: إنَّما نزل في دار بنت الحارث، وهي رملة، وهذا قد ذكره ابن سعد في «الطبقات»، انتهى، وفي الصحابيَّات: رملة بنت الحارث بن ثعلبة النجاريَّة، والله أعلم أهي هي أم لا؟ والله أعلم.
قوله: (وَإِنِّي لَأُرَاكَ): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّك، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (ذُكِرَ لِي): (ذُكِر)؛ بضمِّ الذال، وكسر الكاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد رواه ابن عبَّاس عن أبي هريرة في هذا «الصحيح» في (المغازي)، وفي (علامات النبوة)، والله أعلم.
قوله: (وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ): (وُضِع)؛ بضمِّ الواو، وكسر الضاد المعجمة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يديَّ): بتشديد الياء، و (سِواران): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّ (السّوار) بكسر السين وضمِّها، وبالهمزة المضمومة.
قوله: (فَفُظِعْتُهُمَا [3]): كذا في أصلنا: بضمِّ الفاء، وكذا رأيته مضبوطًا بالقلم بخطِّ شيخنا الشارح في «شرحه لهذا الكتاب»، قال ابن قُرقُول: (ففُظِعتهما)؛ بضمِّ الفاء، وكسر الظاء؛ أي: كرهتهما أشدَّ الكراهية، والشيء الفظيع: الشديد الكراهة، انتهى، وقال الجوهريُّ: فَظُع الأمر؛ بالضمِّ، فظاعةً، فهو فَظِيع؛ أي: شديدٌ شنيعٌ، جاوز المقدار، وكذلك أُفظِعَ الرجل، على ما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: نزل به أمر عظيم، ثُمَّ قال: وأفظعتُ الشيء استفظعته؛ أي: وجدته فَظِيعًا، وقال ابن الأثير ما لفظه: (فَظِعتهما): هكذا روي متعدِّيًا؛ حملًا على المعنى؛ لأنَّه بمعنى: أكبرتهما، يقال: فُظِع الأمر؛ بالضمِّ، فظاعةً، فهو فَظيع [4]؛ أي: شديد شنيع، جاوز المقدار، وكذلك أفظع الأمر، فهو مفظِع، وأُفظِع الرجل، على ما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: نزل به أمر عظيم، وأفظعت الشيء واستفظعته: وجدته فظيعًا؛ والمعنى على هذا: وجدتهما فظيعين، انتهى.
والحاصل: أنَّه يقال: (فُظِعتهما)؛ بضمِّ الفاء وكسر الظاء، وبفتح الفاء أيضًا.
قوله: (فَأُذِنَ لِي): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ): الذي قتله فيروز باليمن، تَقَدَّم قريبًا.
قوله: (وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ [5]): تَقَدَّم الكلام عليه في (أحُد)، وذكرت من شارك في قتله، وأنَّه قُتل باليمامة سنة اثنتي عشرة.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بنت).
[2] كذا، وعبارة «الرَّوض» (&): (وقول ابن إسحاق: أُنزلوا _يعني: وفد بني حنيفة_ بدار الحارث؛ الصواب: بنت الحارث).
[3] في هامش (ق): (قال ابن الأثير: «ففظعتهما» هكذا رُوِيَ متعدِّيًا، والمعروف: فُظِعتُ به، والتعدية تُحمَل على المعنى؛ لأنَّه بمعنى: أكبرتهما وخفتهما).
[4] في (أ): (فضاعة، فهو فضيع)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[5] في هامش (ق): (الذي قتله خالد بن الوليد، وأفنى قومه قتلًا وسبيًا).
[ج 2 ص 235]

(1/7850)


[قصة أهل نجران]
قوله: (قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ): اعلم أنَّ ابن سيِّد النَّاس بعد أن فرغ من دخول بني هاشم في الشعب، وقبل ذكر وفاة خديجة قال: قال ابن إسحاق: ثُمَّ قدم على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو بمَكَّة عشرون رجلًا أو قريبٌ من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة ... إلى أن قال: ويقال: إنَّ النفر من النصارى من أهل نَجْران، ويقال: فيهم نزلت: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ
[ج 2 ص 235]
مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} ... إلى قوله: {الْجَاهِلِينَ} [القصص: 52 - 55]، وقال الزُّهريُّ: ما زلت أسمع من علمائنا أنَّهنَّ نزلن في النَّجاشيِّ وأصحابِه، انتهى.
هذا بمَكَّة، وأمَّا بالمدينة؛ فقال: وقال ابن إسحاق: إنَّ أهل نجران كانوا ستِّين راكبًا، فيهم أربعة عشر من أشرافهم، من الأربعة عشر ثلاثة إليهم يؤول أمرهم: العاقب أمير القوم وذو رأيهم، واسمه عبد المسيح، والسيِّد ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل أُسقفُّهم وحبرهم وإمامهم ... إلى أن قال: وكانت تسمية الأربعة عشر: العاقب، والسيد، وأبو حارثة، وأوس، والحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، ونُبَيه، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، ويَحنس، وهذا مراد البُخاريِّ لا الأوَّل؛ أعني: الستِّين الذين أتَوا المدينة، وقد رأيت في كتاب «في هدم الكنائس» للإمام العلَّامة تقيِّ الدين أبي الحسن السبكيِّ الشافعيِّ ما لفظه: عن ابن سعد: فلم يلبث السيِّد والعاقب إلَّا يسيرًا حتَّى رجعا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب، انتهى، ولم أر أنا من ذكرهما في الصَّحابة، وكذا عزا شيخنا إلى ابن سعد: أنَّ السيِّد والعاقب رجعا فأسلما، والله أعلم.
و (نَجْران)؛ بفتح النون، وإسكان الجيم: بلدة معروفة، كانت منزلًا للنصارى، وهي بين مَكَّة واليمن، على نحو سبع مراحل من مَكَّة، وليست من الحجاز الذي هو مَكَّة والمدينة واليمامة ومخاليفُها، وفي كلام أبي بكر الحازميِّ: (أنَّ نَجْران من مخاليف مَكَّة من صوب اليمن) تساهلٌ، وصرَّح الجوهريُّ بأنَّ (نَجْران) بلد باليمن، انتهى.
وفي «صحيح مسلم» في (المناقب): أنَّ أهل اليمن قدموا على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقالوا: ابعث معنا رجلًا يعلِّمنا السُّنَّة والإسلام، فأخذ بيد أبي عبيدة، فقال: «هذا أمين هذه الأمَّة»، ففي هذا أنَّ نَجْران من اليمن، والله أعلم.

(1/7851)


[حديث: لأبعثن معكم رجلًا أمينًا حق أمين ... ]
4380# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عبَّاس بْنُ الْحُسَيْنِ): هو بالموحَّدة، والسين المهملة، وهو عبَّاس بن الحسين القنطريُّ، روى عنه: البُخاريُّ، وموسى بن هارون، وعبد الله بن أحمد، وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (240 هـ)، وله ترجمة في «الميزان»، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ من بين رفاقه، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله، تَقَدَّما، و (صِلَةُ بْنُ زُفَرَ): تَقَدَّم، وكذا (حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِي)، و (اليماني): صَحابيٌّ جليلٌ، حُسيل، ويقال: حسل.
قوله: (جَاءَ الْعَاقِبُ): هو بالعين المهملة، وبعد الألف قاف مكسورة، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن الأثير: السيِّد والعاقب هما من رؤسائهم وأصحاب مراتبهم، والعاقب يتلو السيِّد، وفي «الصحاح»: والعاقب يخلف السيِّد بعده، وقد تَقَدَّم كلام السبكيِّ وشيخِنا عن ابن سعد: أنَّهما رجعا فأسلما.
قوله: (وَلاَ عَقِبُنَا): (العَقِبُ) هنا: الذرية، وقيل: كلُّ الورثة، قاله شيخنا.
قوله: (يَا أَبَا عُبَيْدَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمَّة، وأحد العشرة.
قوله: (هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ): (الأمين): الحافظ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 236]

(1/7852)


[حديث: لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حق أمين ... ]
4381# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه: بُنْدَار، وهو حافظ، و (محمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه غُنْدُر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه السَّبِيعيُّ، عَمرو بن عبد الله، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم عدد من جاء من أهل نَجْران، وقدَّمتُ عدد رؤسائهم الأربعة عشر، وذكرتهم قريبًا جدًّا.
==========
[ج 2 ص 236]

(1/7853)


[حديث: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبوعبيدة بن الجراح]
4382# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك، الطياليسيُّ الحافظ، و (خَالِدٌ) بعد (شعبة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحذَّاء، خالد بن مهران، أبو المُنازل، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم ضبطه [1]، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
==========
[1] في (أ): (ضبط)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 236]

(1/7854)


[باب قصة عمان والبحرين]
قوله: (قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ): أمَّا (عُمَان)؛ فهي بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الميم: من بلاد اليمن، وأمَّا (البَحْرين)؛ فقد تَقَدَّمت غيرَ مرَّةٍ.

(1/7855)


[حديث: لو قد جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا ثلاثًا]
4383# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، و (ابْنُ الْمُنْكَدِرِ) بعده: هو محمَّد بن المنكدر، و (ابن المنكدر): مرفوعٌ، فاعل (سمع)، و (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (مُنَادِيًا فَنَادَى): هذا المنادي من قِبَل أبي بكر لا أعرف اسمه.
قوله: (وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ): (أدوأُ): مهموزٌ مقصور، كذا في أصلنا بالقلم، ونقله شيخنا كذلك عن خطِّ الدِّمْياطيِّ، قال ابن قُرقُول: (أدوى): كذا يقوله المحدِّثون غير مهموزٍ، والصواب: (أدوأُ)؛ بالهمز؛ لأنَّه من الداء، والفعل منه: داء يُداء، وغيرُ المهموز من دَوِيَ؛ إذا كان به مرض باطن في جوفه، فهو دوٍ، وقال الأصمعيُّ: أَدَى الرجلُ يَدِي؛ إذا صار في جوفه داءٌ، وبالوجهين قيَّدناه عن أبي الحسين، انتهى، وقال في «النِّهاية»: («أدوى»؛ أي: أيُّ عَيْبٍ أقبح منه، والصواب: أدوأُ؛ بالهمز، وموضعه أوَّل الباب؛ يعني: في المهموز)، قال: (ولكن هكذا يُروى، إلَّا أن يجعل من باب دَوَى يَدْوي دوًى، فهو دَوٍ؛ إذا هلك بمرض باطن)، وقد تَقَدَّم ذلك.
قوله: (وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ محمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): (عَمرو): هو ابن دينار، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وقائله هو سفيان بن عيينة، رواه بالطريقين معًا، من طريق ابن المنكدر عن جابر، ومن طريق محمَّد بن عليٍّ الباقر بن زين العابدين عن جابر، وليس تعليقًا، والله أعلم.

(1/7856)


[باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن]
قوله: (بابُ قُدُومِ الأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ): (الأشعريُّون): قبيلة أبي موسى عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار رضي الله عنه.
[ج 2 ص 236]

(1/7857)


[حديث: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا ... ]
4384# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ): (عبد الله بن محمَّد): هو المسنديُّ، وابن أبي شيبة روى عن يحيى بن آدم، لكن عند مسلم، قاله ابن طاهر، و (ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ): هو يحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة، تَقَدَّم، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو عَمرو الكوفيُّ، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّم قريبًا جدًّا.
قوله: (قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي): قال بعض حفَّاظ العصر هنا: إنَّه أبو رُهم، انتهى، وفي رواية في «الصحيح»: (أنا وأخوان لي؛ أحدهما: أبو بُردة، والآخر: أبو رُهم)، تَقَدَّم أنَّ أبا موسى له عدَّة إخوة: أبو رُهم، وأبو بُردة واسمه عامر، ومجديُّ بن قيس، استدركه أبو عليٍّ الغسانيُّ، ومحمَّد بن قيس، ذكره ابن حبَّان في «ثقاته»، كنيته أبو زهير، قال الذهبيُّ عقيب تسميته في «تجريده»: ورد اسمه في حديث لا يصحُّ، وأمَّا أبو عمر في «الاستيعاب»؛ فإنَّه ذكر في ترجمة أبي رُهم ما لفظه: هاجر إلى المدينة في البحر مع إخوته، وكانو أربعة: أبو موسى، وأبو بُردة عامر، وأبو رُهم، ومجديٌّ، وقيل: أبو رُهم اسمه مجديٌّ، بنو قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، فنسبه، ثُمَّ قال: قدموا مَكَّة في البحر، ثُمَّ قدموا المدينة في البحر مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة حين افتتح خيبر، فأسهم له مع من شهدها، انتهى.
وله أخٌ آخر يقال له: أبو عامر، واسمه هانئ، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: عبيد، وقيل: عبَّاد، ذكره الذهبيُّ في «تجريده»، والله أعلم، تَقَدَّم، فالمراد بأخيه لا أعلمه بعينه؛ لتصريح أبي عمر بأنَّهم قدموا معه من اليمن مَن ذكر، والله أعلم، وفي مكان صرَّح _كما تَقَدَّم أعلاه_ بأنَّه قدم معه أبو بُردة وأبو رُهم، فعلى هذه هو أحدهما، والله أعلم، وتَقَدَّم ما قاله بعض الحفَّاظ العصريِّين أعلاه.
قوله: (مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ): (نُرَى): بضمِّ النون؛ أي: نظنُّ، و (ابن مسعود): هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ، مشهور جدًّا، رضي الله عنه، وأمُّه أمُّ عبد بنت سود بن قريم بن صاهلة، فرض لها عمر رضي الله عنه ألفين، وهي من المهاجرات، وقد تَقَدَّمتْ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 237]

(1/7858)


[حديث: أجل ولكن لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا .. ]
4385# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكين، الحافظ، و (عَبْدُ السَّلاَمِ) بعده: هو عبد السلام بن حرب النهديُّ، أبو بكر الملائيُّ، عن أيوب، وخُصَيف، وعطاء بن السائب، وعنه: ابن معين وهنَّاد، ثِقةٌ، عاش ستًّا وتسعين سَنةً، وتُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، قال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: ثِقةٌ حافظ، وقال الدارقطنيُّ: ثِقةٌ حُجَّة، وقال ابن سعد: فيه ضعف، وقال يعقوب بن شيبة: ثِقةٌ، في حديثه لين، وفيه توثيق لغير من ذكرت، له ترجمة في «الميزان»، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (أبو قِلَابَة): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عبد الله بن قيس.
قوله: (دَجَاجًا): هو مثلَّث الدال؛ كمفرده.
قوله: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ): هذا الرجل لا أعرفه، غير أنَّ في بعض طرقه في «الصحيح»: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ، أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوْالِي [1]) [خ¦6721]؛ أي: كأنَّه من سبي الروم.
قوله: (فَقَذِرْتُهُ): هو بكسر الذال المعجمة في الماضي، وتُفتَح في المستقبل؛ أي: كرهتُه.
قوله: (هَلُمَّ): تَقَدَّم الكلام عليها بلغتَيها، و (أُخْبِرْكَ): مجزومٌ، جواب الأمر؛ وهو (هلمَّ)، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر: مرفوع ومجزوم، وهو ظاهرٌ.
قوله: (نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ): تَقَدَّم أنَّ (النفر) ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرهط).
قوله: (فَاسْتَحْمَلْنَاهُ)؛ أي: طلبنا منه شيئًا يحملنا، وكان ذلك في غزوة تبوك، كما هو مصرَّح به في «الصحيح» في بعض الطرق.
قوله: (ثمَّ [2] أُتِيَ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر التاء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): هو بفتح النون، ولا أعلم فيه خلافًا، وسأذكره مطوَّلًا، فإنِّي سمعت من يقوله بكسر النون ممَّن لا تحقيق عنده، وسمعته عن بعض فضلاء العصريِّين القاهريِّين، ثُمَّ أُخبِرتُ أنَّه رجع عنه إلى الفتح.
قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّم الكلام على (الذود) غيرَ مرَّةٍ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (كأنَّه مولًى).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (لم يلبث النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ).
[ج 2 ص 237]

(1/7859)


[حديث: اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم]
4386# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الحافظ الصيرفيُّ الفلَّاس، و (أَبُو عَاصِمٍ) بعده: هو الضَّحَّاك بن مَخْلد، النَّبيلُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ)؛ بضمِّ الميم، وإسكان الحاء المهملة، وكسر الراء، وبالزاي، من أحرز، اسم فاعل منه، وهذا ظاهرٌ عند أهله.
قوله: (جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم في وفدهم من جاء من رؤسائهم؛ فانظر ذلك بُعَيد (حجِّ أبي بكر بالناس).
قوله: (أَبْشِرُوا): تَقَدَّم أنَّه بقطع الهمزة، وكسر الشين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا؛ فَأَعْطِنَا): (أَمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (أَعطِ): رباعيٌّ، بقطع الهمزة، وكسر الطاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وتَقَدَّم في (بدء الخلق) وقريبًا من قال ذلك من كلام ابن الجوزيِّ أبي الفرج الحافظ، وأنَّه الأقرع بن حابس.

(1/7860)


[حديث: الإيمان هاهنا والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين]
4387# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّم أنَّه المسنديُّ، وأنَّه مولى البُخاريِّ من فوق، حافظٌ مشهور، وتَقَدَّم لِمَ قيل له: المسنديُّ.
قوله: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو، الأنصاريُّ البدريُّ، وتَقَدَّم نسبه، وأنَّه نُسِب إلى ماء ببدر كان ينزله، ولم يحضرها وإن عدَّه البُخاريُّ في «الصحيح» فيهم، وتُعقِّب عليه.
قوله: (وَالْجَفَاءُ): هو بفتح الجيم، ممدودٌ: غِلَظُ الطبع، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (الفَدَّادِينَ)، و (قَرْنَا الشَّيْطَانِ).

(1/7861)


[حديث: أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدةً وألين قلوبًا]
4388# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه بُنْدَار، وفي «أطراف المِزِّيِّ» في نسختي _وهي مقابلة_: (محمَّد بن المثنَّى) عوض (ابن بَشَّار)، وكما في أصلنا القاهريِّ: (محمَّد بن بَشَّار) في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بلا خلاف فيهما، وتَقَدَّم (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شعبة): هو سليمان بن مهران الأعمش، و (ذَكْوَانُ): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّم مِرارًا.
[ج 2 ص 237]
قوله: (هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه جمع (فؤاد) على غير القياس، وكذا (أَلْيَنُ قُلُوبًا)، قال ابن قُرقُول: (أرقُّ قلوبًا، وأرقُّ أفئدة)، ويروى: (أضعف قلوبًا)، الرِّقَّة: اللين، والضعف مثله، وهو ههنا ضدُّ القسوة والشدة التي وصف بها غيرهم في الحديث، والإشارة به إلى سرعة إجابتهم للإيمان وقَبولهم الهدى؛ كما فعلتِ الأنصار، وفرَّق بعض أرباب المعاني بين اللين في هذا والرِّقَّة، وجعل اللين ما تَقَدَّم ذكره، والرقة: عبارة عن صفاء القلب، وإدراكِه من المعرفة ما لا يدركه من ليس قلبُه كذلك، وأنَّ ذلك موجب لقَبولهم وسرعة إجابتهم، وقيل: يجوز أن تكون الإشارة بلين القلب وضعفه إلى خفض الجناح وحسن العشرة، وبرقَّة القلب إلى الشفقة على الخلق والعطف والرحمة، انتهى، وفي «النِّهاية»: (أرقُّ قلوبًا)؛ أي: ألين [1] وأقبل للموعظة؛ والمراد بالرِّقَّة: ضدُّ القسوة والشدة، انتهى.
قوله: (وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ): هي بتخفيف الياء، قال ابن قُرقُول: و (الحكمة): ما منع من الجهل، فالحاكم: المانع من الظلم والعِداء ... إلى أن قال: قيل: (الحكمة): الإصابة في القول من غير نبوَّة، وقيل: الفقه في الدين والعلم به، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله، وقال فيه غيرَ ذلك، والله أعلم.
قوله: (وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ): تَقَدَّم أنَّه التكبُّر واستحقار الناس.
قوله: (وَقَالَ غُنْدَرٌ ... ) إلى آخره: أمَّا (غُنْدُر)؛ فهو محمَّد بن جعفر، وقد تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وهذا تعليق مجزوم به، وهو شيخ مشايخه، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ (سليمان) في السند تَقَدَّم قريبًا أنَّه الأعمش سليمان بن مِهران، وهو مدلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ فيه التصريح بسماعه من ذكوان أبي صالح السَّمَّان الزَّيَّات، والله أعلم، وتعليق غُنْدُر أخرجه مسلم في (الإيمان) عن بِشْر بن خالد، عن غُنْدُر، عن شعبة به، والله أعلم، ولم يخرِّجه شيخنا.
==========
[1] في (أ): (اللين)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7862)


[حديث: الإيمان يمان والفتنة هاهنا هاهنا يطلع ... ]
4389# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمام، و (أَخُوهُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس، وتَقَدَّم مترجمًا، وما قيل فيه لا يصحُّ، و (ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ): كذا في أصلنا، وهو الصواب، وفي أصلٍ لنا دمشقيٍّ في الهامش كهذا، وفي الأصل: (ثور بن يزيد)، والصواب _كما تَقَدَّم_ ما في الهامش، وهو ثور بن زيد الديليُّ المدنيُّ بلا خلاف، و (أَبُو الغَيْثِ): سالمٌ مولى ابن مُطيع، تَقَدَّم.
قوله: (قَرْنُ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّم الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 238]

(1/7863)


[حديث: أتاكم أهل اليمن أضعف قلوبًا وأرق أفئدة ... ]
4390# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم أنَّه بالنون مرارًا، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): تَقَدَّم أيضًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) أيضًا: عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً): تَقَدَّم أعلاه، وتَقَدَّم الكلام على (الْحِكْمَةُ) أعلاه أيضًا، و (يَمَانِيَةٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنّه بتخفيف الياء.
==========
[ج 2 ص 238]

(1/7864)


[حديث: يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرؤوا]
4391# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقب له، و (أبو حَمْزَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالحاء، والزاي، محمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وتَقَدَّم أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد النخعيُّ.
تنبيهٌ: إبراهيم بن سويد النخعيُّ عن علقمة عن ابن مسعود: ليس له في «البُخاريِّ» شيء بهذا، إنَّما روى له مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ حديثًا واحدًا، والله أعلم.
و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ.
قوله: (فَجَاءَ خَبَّابٌ): هو خبَّاب بن الأرتِّ، تَقَدَّم مترجمًا، وقصَّته في هذا الخاتم مع ابن مسعود مشهورةٌ عنه، ذُكِرتْ في ترجمته، وكأنَّه خفي على خبَّابٍ النهيُ، والله أعلم.
قوله: (أَمَا إِنَّكَ): (أمَا): تَقَدَّم مرَّات أنَّها بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، بمنزلة (ألَا)، ولهذا كُسِرَتْ همزة (إنَّ) بعدها.
قوله: (أَمَرْت بَعْضَهُمْ): التاء [في] (أمرت): مضمومة على التكلُّم، ومفتوحة على الخطاب، وبهما ضُبِطَتْ في أصلنا.
قوله: (فَقَالَ [1]: أَجَلْ): هو بإسكان اللام؛ ومعناه: نعم، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ.
قوله: (فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ، أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ): (حُدَيْر)؛ بضمِّ الحاء وفتح الدال المهملتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهو زيد بن حُدَيْر الأسديُّ الكوفيُّ، أخو زياد، له ذكر في هذا المكان من «صحيح البُخاريِّ»، وهو من أصحاب ابن مسعود، ولا رواية له فيما أعلم، وقد تعقَّب الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخنا الحافظَ جمال الدين المِزِّيَّ ترجمة زيد هذا في «تهذيبه»، وقد تابع الذهبيُّ المِزِّيَّ في «تذهيبه»، قال مغلطاي ما لفظه: لأنَّ في الكُتُب السِّتَّة ذكرَ جماعة كثيرة من السلف والخلف لم يُترجِم هو ولا غيره لأحد منهم ترجمةً إلَّا إذا كان راويًا، فأيُّ خصوصية لهذا؟! فينظر، والله أعلم، وهو تعقُّبٌ جيِّدٌ، والله أعلم.
وأمَّا أخوه (زياد) الأسديُّ الكوفيُّ؛ فروى عن عمر، وعليٍّ، وابن مسعود، وغيرِهم، وعنه: حَبِيب بن أبي ثابت، وجامع بن شدَّاد، وأبو حَصِين، وإبراهيم بن مهاجر، وجماعةٌ، وثَّقه أبو حاتم، وكان خيِّرًا صالحًا، أخرج له أبو داود فقط في (نصارى بني تغلب).
قوله: (ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه ابن الأرتِّ رضي الله عنه.
قوله: (وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه خفي على خبَّابٍ النهيُ، والله أعلم.
قوله: (أَمَا إِنَّكَ): تَقَدَّم أعلاه الكلام على (أَمَا) و (إنَّك)، وقبله أيضًا.

(1/7865)


قوله: (رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ): تَقَدَّم أنَّ (غُنْدُرًا) محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبطه، و (شعبة)؛ يعني: رواه عن الأعمش به، والله أعلم، وما رواه غُنْدُر عن شعبة لم يذكره المِزِّيُّ، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 238]

(1/7866)


[قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي]
قوله: (قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ): هو الطُّفيل بن عمرو بن طريف بن العاصي بن ثعلبة بن سُلَيم بن فهم بن غنم بن دوس الدوسيُّ، أسلم وصدَّق النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بمَكَّة، ثُمَّ رجع إلى بلاد قومه من أرض دوس، فلم يزل مقيمًا بها حتَّى هاجر رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ثُمَّ قدم على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو بخيبر بمن تبعه من قومه، فلم يزل مقيمًا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حتَّى قُبِض عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ كان مع المسلمين حتَّى قُتِل باليمامة شهيدًا، وروى إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قال: قُتِل الطُّفيل بن عمرو الدوسيُّ عام اليرموك، في خلافة عمر بن الخَطَّاب، وذكر المدائنيُّ عن أبي معشر: أنَّه استشهد باليمامة، يقال له: ذو النور؛ لأنَّه وفد عليه عَلَيهِ السَّلام، فقال: يا رسول الله؛ إنَّ دوسًا قد غلب عليهم الزنى، فادع الله عليهم، فقال عَلَيهِ السَّلام: «اللهمَّ اهد دوسًا»، ثُمَّ قال: يا رسول [الله]؛ ابعثني إليهم، واجعل لي آية يهتدون بها، فقال: «اللهمَّ نوِّر له»، فسطع نورٌ بين عينيه، فقال: يا ربِّ؛ أخاف أن يقولوا: مثلة، فتحولَّت إلى سوطه، فكان يضيءُ في الليلة المظلمة، فسُمِّيَ ذا النور، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أنَّ أصحابَ النور ستَّةُ رجال فيما مضى؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 238]

(1/7867)


[حديث: اللهم اهد دوسًا وأت بهم.]
4392# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن عيينة، و (ابْنُ ذَكْوَانَ) بعده: هو أبو الزناد، عبد الله بن ذكوان، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ): هو ابن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
تنبيهٌ: هذا الحديث هنا أغفله المِزِّيُّ في «أطرافه»، إنَّما عزاه إلى البُخاريِّ في (الدعوات)، فأغفل هذا هنا، وهو ثابتٌ في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقد استدركه شيخنا البلقينيُّ عليه في هذا المكان، والله أعلم.
قوله: (قَدْ هَلَكَتْ): قال شيخنا: قال الدارقطنيُّ: قوله: (هلكت) ليس بمحفوظ، إنَّما قال: (عصت وأبت)، قال شيخنا: وفيه بُعدٌ.

(1/7868)


[حديث: يا أبا هريرة هذا غلامك]
4393# قوله: (حَدَّثَنَا [1] محمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ): هذا هو أبو كُرَيبٍ، الحافظ، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، وكذا (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم.
قوله: (مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ): (دارة)؛ أي: دار الكفر، وحيث مجتمع أهله، يقال: دارة القوم، ودارُ القوم.
قوله: (وَأَبَقَ غُلاَمٌ لِي فِي الطَّرِيقِ): قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: لم أعرف اسمه، ويحتمل أن يكون هو سعدٌ الدَّوسيُّ، انتهى.
قوله: (وَأَبَقَ): قال شيخنا: قوله: (وأبق) وَهم، وإنَّما ضلَّ كلُّ واحد منهما من صاحبه، لا دليل له على ذلك، انتهى، وهذا الكلام سقط منه شيء، وحاصله: أنَّ لفظة: (أَبَقَ) وُهِّمَتْ، ولا دليل على توهيمها، وهذا الغلام لم يأبق، وإنَّما ضلَّ أحدُهما من صاحبه، كما في رواية أخرى، والله أعلم، وقد قدَّمتُ ذلك أنَّ الصواب: (ضلَّ) فيما تَقَدَّم، و (غلامه): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمه.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 239]

(1/7869)


[باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم]
قوله: (قِصَّةُ وَفْدِ طَيِّئٍ، وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ [1]): (عديُّ بن حاتم): كنيته أبو ظريف، وقيل: أبو وهب، عديُّ بن حاتم بن عديِّ بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عديِّ بن ربيعة بن جَرْول _بفتح الجيم، وإسكان الراء_ ابن ثُعَل _بضمِّ الثاء المثلَّثة، وفتح العين المهملة_ ابن عَمرو بن الغوث بن طيِّئ بن زيد بن أُدد بن كهلان بن يشجبَ بن يعرُبَ بن قحطان الطائيُّ، ويختلف النَّسَّابون في بعض الأسماء، قدم على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في شعبان سنة تسع من الهجرة فأسلم، وقصَّته معروفة، وكان نصرانيًّا، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، قال ابن قتيبة: كان عديٌّ طويلًا، إذا ركب الفرس؛ كادت رجله تخطُّ الأرض، شهد مع عليٍّ الجمل، ثُمَّ صفين، قال: ولم يبقَ له عقب إلَّا من قِبَل ابنتيه: أسدة وعمرة، وإنَّما عَقِبُ حاتم من ولده عبدِ الله بن حاتم، وهم ينزلون كربلاء، ترجمة عديٍّ معروفةٌ، وليس لحاتمٍ بنتٌ سوى سَفَّانة، أسلمت، وهي صحابيَّة، والسَّفَّانة: الدُّرَّة، وهي بفتح السين المهملة، وتشديد الفاء، وبعد الألف نون، ثُمَّ تاء التأنيث.

(1/7870)


[حديث عدي: أتينا عمر في وفد فجعل يدعو ... ]
4394# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عُمير الكوفيُّ، رأى عليًّا، وسمع جَرِيرًا، والمغيرة، والنعمان بن بَشِير، وعنه: شعبةُ والسفيانان، قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالحافظ، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 239]

(1/7871)


[باب حجة الوداع]
(بابُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ)
اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يحجَّ من حين هاجر إلى المدينة غير هذه المرَّة، هذا لا خلاف فيه، ولا خلاف أنَّها كانت سنة عشر، واختلف؛ هل حجَّ قبل الهجرة؟ في «التِّرْمِذيِّ» عن جابر: (أنَّه حجَّ عَلَيهِ السَّلام ثلاث مرَّات؛ حجَّتين قبل أن يهاجر، وحجَّة بعدما هاجر)، استغربه التِّرْمِذيُّ، وفي «ابن ماجه» عن الحكم عن مقسم عن ابن عبَّاس: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام حجَّ ثلاث حجج؛ حجَّتين قبل أن يهاجر ... )؛ الحديث، أخرجه في (الحجِّ)، وهو في «المستدرك» على شرط مسلم، وسيأتي قريبًا في هذا «الصحيح» من كلام أبي إسحاق _هو السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله_: (أنَّه حجَّ عَلَيهِ السَّلام وهو بمَكَّة أخرى)، وقال الإمام في «النِّهاية»: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كان يحجُّ قبل الهجرة كلَّ سَنَة)، قال: واختلف أصحابنا؛ هل كان الحجُّ واجبًا قبل الهجرة؟ على وجهين، انتهى.
وقد ذكرتُ في (كتاب الحجِّ) الجملة الثانية، وهي والأولى غريبتان، وقال أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «مثير العزم الساكن»: وقد حجَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حججًا قبل النبوَّة وبعدها لا يعرف عددُها، انتهى.
وفي «المستدرك» في آخر (المغازي) قبل (فضل أبي بكر) عن الثوريِّ: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام قبل أن يهاجر حجَّ حججًا، وحجَّ بعدما هاجر حَجَّة الوداع).
تنبيهٌ: حجَّ معه حجَّة الوداع أربعون ألفًا، كذا رُوِّيناه عن أبي زرعة الرازيِّ، وقال السهيليُّ في (الإسراء) في «روضه»: وحجَّ معه ذلك العام نحوٌ من سبعين ألفًا من المسلمين، انتهى.
وقد تُوُفِّيَ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن مئة ألف وأربعة عشر ألفًا ممَّن روى عنه وسمع منه، فيما قاله أبو زرعة أيضًا، وقال شيخنا العراقيُّ في «سيرته»: إنَّهم في حجَّة الوداع كانوا أربعين ألفًا، وما معناه: أنَّهم كانوا مئة ألف وعشرين ألفًا، وفي «سيرة مغلطاي»: تسعون ألفًا، ويقال: مئة وأربعة عشر ألفًا، ويقال: أكثر من ذلك، فيما حكاه البَيهَقيُّ.
تنبيٌه: كان ينبغي لشيخ الإسلام البُخاريِّ أن يقدِّم غزوة تبوك على حجَّة الوداع كعادته في ذلك؛ لأنَّ تبوك في التاسعة، والوداع في العاشرة، فكأنَّه لمَّا ذكر حجَّ أبي بكر، وهو في التاسعة، [و] ذكر الوفود، وهو في التاسعة؛ استطرد حجَّة الوداع، ثُمَّ ذكر بعدها تبوك، وهذا جوابٌ غير مرضيٍّ، ومقتضى الاستطراد أن يذكر تبوك مع ما ذكر، لا بعد ذلك، والله أعلم.

(1/7872)


واعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ساق معه ثلاثًا وستِّين بدنة هديًا، كما رواه التِّرْمِذيُّ، وجاء عليٌّ معه بتكملة المئة، والظاهر أنَّه عَلَيهِ السَّلام نحر ما ساقه معه من الهدي الذي جاء معه، وأعطى عليًّا البدن التي جاءت معه من اليمن، وهي تكملة المئة، فنحرها، وإنَّما نحر ثلاثًا وستِّين؛ إشارة إلى سني حياته عَلَيهِ السَّلام، وإنَّما قيل لها: حجَّة الوداع؛ لأنَّه ودَّعهم فيها، وتُسمَّى حجَّةَ البلاغ؛ لقوله: «هل بلَّغت؟»، وحجَّةَ الإسلام؛ إذ لا مشرك فيها.
==========
[ج 2 ص 239]

(1/7873)


[حديث: من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة]
4395# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك بن أنس، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الزُّهريُّ.
قوله: (فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ): تَقَدَّم أنَّ (الإهلال) رفع الصوت بالتلبية.
[ج 2 ص 239]
قوله: (فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ): تَقَدَّم أنَّها حاضت بسَرِف يوم السبت، وتَقَدَّم متى طهرت فيما مضى، وقد طهرت عشيَّة الجمعة يوم عرفة، وكذا تَقَدَّم (التَّنْعِيمُ): أنَّها المساجد، وتَقَدَّم لِمَ سُمِّيَت التنعيم، وتَقَدَّم أنَّ بين مكان الإحرام منها وباب المسجد ستةَ عشرَ ألف خطوة، ذهابًا وإيابًا اثنتان وثلاثون ألف خطوة، وتَقَدَّم الكلام على (هَذِهِ مَكَانُ)؛ بالرفع، و (مكانَ)؛ بالنصب، وأنَّه يجوز بهما.

(1/7874)


[حديث: إذا طاف بالبيت فقد حلَّ ... ]
4396# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفلَّاس الحافظ، أحد الأعلام، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو القطَّان، شيخ الحفَّاظ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، الإمام، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عَطَاءٌ): أنَّه ابن أبي رَباح.
قوله: (بَعْدَ الْمُعَرَّفِ): هو بضمِّ الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد الراء المفتوحة، ثُمَّ بالفاء؛ يعني: الوقوف بعرفة؛ وهو التعريف أيضًا، و (المعرَّف) في الأصل: موضع التعريف، ويكون بمعنى المفعول.
قوله: (قَبْلُ وبَعَدُ): هما بالضمِّ، مقطوعان عن الإضافة.
==========
[ج 2 ص 240]

(1/7875)


[حديث: طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل ... ]
4397# قوله: (حَدَّثَنِي بَيَانٌ): هذا هو بيان بن عمرو البُخاريُّ العابد، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، تَقَدَّم، و (النَّضْرُ): هو ابن شميل الإمام، تَقَدَّم، و (قَيْسٌ): هو ابن مسلم، الجَدَليُّ الكوفيُّ العابد، عن ابن الحنفيَّة، وطارق بن شهاب، وعنه: شعبة، وسفيان، والناس، ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (120 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، و (طَارِقٌ): هو ابن شهاب، تَقَدَّم أعلاه، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (بِالْبَطْحَاءِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وكذا تَقَدَّم على (أَحَجَجْتَ؟)؛ أي: أنويتَ الحجَّ، وعلى المرأة التي من قيس التي فلت رأسه، لا أعرف اسمها، و (فَلَتْ)؛ بفتح اللام المخفَّفة.
==========
[ج 2 ص 240]

(1/7876)


[حديث: لبدت رأسي وقلدت هديي فلست أحل حتى أنحر هديي]
4398# قوله: (إنِّي [1] لَبَّدْتُ): تَقَدَّم الكلام على (التلبيد)، وأنَّه سُنَّة، وما هو، وتَقَدَّم (تَقْلِيدُ الهَدْي) ما هو.
==========
[1] (إني): ليس «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث رقم (1566).
[ج 2 ص 240]

(1/7877)


[حديث: أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله ... ]
4399# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، تَقَدَّم، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (وَقَالَ محمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن يوسف بن واقد، الفريابيُّ الحافظ، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذِكْرُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه مذاكرةً غالبًا، وتَقَدَّم ذلك مطوَّلًا، و (الأَوْزَاعِيُّ): هو أحد الأعلام، أبو عَمرو، عبد الرَّحمن بن عَمرو، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، و (سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ): هو بتقديم المثنَّاة تحت، ثُمَّ السين المهملة، مشهور عند أهله.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ): وجاء في رواية في «الصحيح»: (أنَّ امرأة من جُهينة)، وخثعم وجهينة لا يجتمعان، فهما اثنتان، قاله شيخنا، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك في (الحجِّ)، ولا شك أنَّهما اثنتان؛ لأنَّ الجهنيَّة قالت: (إنَّ أمي نذرت ... )؛ الحديث، وقالت الخثعميَّة: (إنَّ فريضة الله على عباده في الحجِّ أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا ... )؛ الحديث، والله أعلم، ولا أعرفهما، وأبو الخثعميَّة هذه لا أعرفه، وقد تَقَدَّم ذلك، وقد تَقَدَّم في (الحجِّ) ما قاله شيخنا في المرأة الخثعميَّة.
==========
[ج 2 ص 240]

(1/7878)


[حديث: أقبل النبي عام الفتح وهو مردف أسامة على القصواء]
4400# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّدٌ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني البُخاري_ في (باب الرمل في الحجِّ والعمرة): (حدَّثنا محمَّد، حدَّثنا سريج بن النعمان) ... إلى أن قال: وقال أيضًا في (المغازي) في (باب حجَّة الوداع) _يعني: هذا المكان_: (حدَّثنا محمَّد، حدَّثنا سريج)، فذكر هذا، ثُمَّ قال: لم يقل أبو نصرٍ في (محمَّد) هذا شيئًا، وقال أبو عبد الله الحاكم: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، وقد قال البُخاريُّ في (كتاب الصلح) في (باب عمرة القضاء): (حدَّثنا محمَّد بن رافع، حدَّثنا سريج بن النعمان، حدَّثنا فُلَيح ... )، فذكره، ثُمَّ قال: والأشبه عندي أن يُحمل ما أهمل البُخاريُّ من نسبة (محمَّد) في الحديثين المتَقَدِّمَين على ما بيَّن في هذا الموضع الثالث، فنقول: إنَّ محمَّدًا هذا هو محمَّد بن رافع النيسابوريُّ، لا سيَّما والأحاديث الثلاثة من نسخة واحدة من رواية سريج عن فُلَيح عن نافع عن ابن عمر، وهي كلُّها في معنى الحجِّ، ونسب ابن السكن الذي في (الحجِّ): محمَّد بن سلَام، والله أعلم، وقد قدَّمتُ ذلك في (الحجِّ)، وزدت هناك في (محمَّد) المذكور في (الحجِّ) قولين من كلام شيخنا؛ فانظره.
و (سريج) هذا: هو بالسين المهملة، وبالجيم، قال الدِّمْياطيُّ: روى عنه البُخاريُّ، وروى عن واحد عنه، مات سنة (217 هـ)، روى له الجماعة إلَّا مسلمًا، انتهى، وله ترجمة في «الميزان»، وتَقَدَّم أنَّ أحمد بن أبي سريج، وسريج بن النعمان هذا، وسريج بن يونس؛ الثلاثة بالسين المهملة والجيم، فأحمد روى عنه البُخاريُّ، وكذا ابن النعمان، وأمَّا ابن يونس؛ فهو في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، والله أعلم، و (فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام.
قوله: (وَهْوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ): تَقَدَّم الكلام على أردافه عَلَيهِ السَّلام في أوائل هذا التعليق، وأنَّهم بضع وثلاثون نفرًا، وأنَّه أفردهم ابن منده بالتأليف، وذكرتُ أنا من وقفتُ عليه منهم، و (مردفٌ): منوَّن، و (أسامةَ): منصوب مفعول اسم الفاعل؛ وهو (مُردِف)، و (أسامة): هو ابن زيد بن حارثة، تَقَدَّموا، و (القَصواء): تَقَدَّم أنَّها بفتح القاف، وبالمدِّ، وتَقَدَّم [الكلام] على القصواء، والجدعاء، والعضباء؛ هل هنَّ ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ والله أعلم.
قوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه.
قوله: (فَفَتَحَ لَهُ الْبَابَ): (فَتح)؛ بفتح الفاء: مبنيٌّ للفاعل، والفاعل (هو)، راجع على عثمان، و (البابَ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (سَطْرَيْنِ): هو في أصلنا بإهمال السين بالقلم، وفي نسخة في الهامش: بإعجام الشين، قال الدِّمْياطيُّ: (سطرين)؛ بالسين المهملة: للجماعة، وعند الأصيليِّ: (شطرين)؛ بالمعجمة، وهو تصحيفٌ، قاله عياض، انتهى، وكذا قال ابن قُرقُول أيضًا.

(1/7879)


قوله: (مِنَ السَّطْرِ الْمُقَدَّمِ): هو بالمهملة أيضًا في أصلنا، وينبغي أن يجيء فيه ما جاء في (سطرين)، والله أعلم.
قوله: (وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى): تَقَدَّم أنَّه سأله، وأجابه بركعتين، وتَقَدَّم عزوُهُ.
قوله: (مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ): (المرمرة): الرخامة، و (حمراء)؛ بالمدِّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/7880)


[حديث عائشة: أحابستنا هي؟]
4401# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم، وتَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه ابن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل.
قوله: (أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حيَيٍّ): تَقَدَّم ترجمة صفية بنت حُييِّ بن أخطب النَّضَريَّة، وأنَّ أباها بضمِّ الحاء وكسرها، رضي الله عنها.
قوله: (إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ): أي: طافت طواف الإفاضة، وقد تَقَدَّم، وهو ظاهرٌ.

(1/7881)


[حديث: ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته]
4402# 4403# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عُمَرُ بْنُ محمَّدٍ): هو بضمِّ العين، وهو عمر بن محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، العمريُّ المدنيُّ، نزيل عسقلان، تَقَدَّم.
قوله: (ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ): تَقَدَّم الكلام عليه، ومن أراد الإمعان فيه؛ فلينظر «التذكرة» للقُرْطبيِّ.
قوله: (فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ): (أطنب)؛ أي: أطال الكلام فيه وبالغ، مأخوذ من أطناب الخِباء.
قوله: (أَنْذَرَهُ نُوحٌ): تَقَدَّم لِمَ خصَّص نوحًا بالذكر دون غيره من الأنبياء.
قوله: (طَافِئَةٌ): قال ابن قُرقُول: تهمز، ولا تهمز، وقال: (طافية)؛ أي: بارزة؛ كحبَّة العِنَب الطافية على الماء، وقيل: نابتة من بين صواحبها في العُنقود، قال: ورُوِّيناه عن بعضهم بالهمز، وأنكره أكثرهم، ولا وجه لإنكاره؛ إذ قد رُوِيَ: أنَّه ممسوح العين، ومطموس العين، وليست بحجراء ولا ناتئة [1]، وهذه صفة حبَّة العِنَب إذا سال ماؤها، فشجَّنت وطفيت، وقد جاء: أنَّه جاحظ العينين؛ كأنَّهما كوكب، وهذه حُجَّة للرواية الأخرى، وقد يُجمَع بينهما: بأن يكونا مختلفَي الصفة، كما قد جاء: أنَّه أعور عين اليمنى، وفي بعضها: اليسرى، انتهى، وقوله: (وفي بعضها: اليسرى): هي روايةٌ في «مسلم»، وكلاهما مَعيب، والعور: العيب في العين.
قوله: (وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمْ): تَقَدَّم الكلام [على] (ويل) و (ويح)، وهذا شكٌّ من الراوي، وكذا (يَضْرِبُ): أنَّه بالرفع، وأنَّه الرواية، وتَقَدَّم ما جُوِّز فيه، في أوائل هذا التعليق.
==========
[1] في «المطالع» (&): (نابتة)، وهو تصحيف.
[ج 2 ص 241]

(1/7882)


[حديث: أن النبي غزا تسع عشرة غزوةً]
4404# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زُهير بن معاوية، أبو خيثمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو إِسْحَاقَ): عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّم أيضًا مرارًا.
قوله: (غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً): تَقَدَّم الكلام على عدد غزواته وسراياه في أوَّل (المغازي)، وتَقَدَّم الكلام على هذا الحديث هناك.
قوله: (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَبِمَكَّةَ أُخْرَى): تَقَدَّم أنَّ هذا هو أبو إسحاقَ السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله المذكور في سند هذا الحديث، وقد قدَّمتُ ذلك _أعني: الكلام على حججه_ مطوَّلًا في أوَّل هذه؛ وهي حجَّة الوداع؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 241]

(1/7883)


[حديث جرير: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض]
4405# قوله: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ): هو اسم فاعل من أدرك، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ) بعده: هو أبو زرعة بن عمرو بن جَرِير، تَقَدَّم أنَّه اسمه هَرِم، وقيل غير ذلك؛ كعبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جَرِير، وقيل: عَمرو، والأوَّل أصحُّ، وقدَّمتُ ترجمته، ووقع في أصلنا: (عن أبي زرعة عن عَمرو بن جَرِير)، وهو تصحيف، وصوابه: (أبو زرعة بن عمرو بن جَرِير)، والله أعلم.
قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بالرفع، وأنَّه الرواية، وقد جوَّز فيه بعضُهم الجزمَ على تقدير شرط، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق مطوَّلًا.
==========
[ج 2 ص 241]

(1/7884)


[حديث أبي بكرة: الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات ... ]
4406# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفيُّ الحافظ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (مُحَمَّدٌ): هو ابن سيرين، و (ابْنُ أَبِي بَكْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن أبي بكرة نفيعِ بن الحارث.
قوله: (ثَلَاثٌ [1] مُتَوَالِيَاتٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (ثلاثة)، وهذه جارية على القاعدة، وما في الأصل مؤوَّل بالمُدَد، فكأنَّه عبَّر عن الشهر بالمدَّة، والله أعلم.
قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ): تَقَدَّم أنَّ فيهما الكسرَ والفتحَ، وتَقَدَّم الكلام على (رَجَبُ مُضَرَ): قال ابن قُرقُول: نُسِب إليهم؛ لتعظيمهم له، وكانوا لا يُغِيرون فيه، ولا يستحلُّون حرمته، خلافًا لربيعة، فإنَّها كانت تستحلُّه، وفي «النِّهاية»: أضاف (رجب) إلى (مضر)؛ لأنَّهم كانوا يعظِّمونه، خلاف غيرهم، فكأنَّهم اختصُّوا به.
وقوله: (بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ): تأكيد للبيان وإيضاح؛ لأنَّهم كانوا ينسؤونه ويسمُّونه على حساب النسيء، انتهى، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ ربيعة كانت تحرِّم رمضان، وتسمِّيه رجبًا، فبيَّن عَلَيهِ السَّلام أنَّه رجب مضر، لا رجب ربيعة، وأنَّه الذي بين جمادى وشعبان، انتهى.
قوله: (قَالَ محمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ): (محمَّد) هذا: هو ابن سيرين الراوي لهذا الحديث.
قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ الرواية بالرفع، ومن جوَّز فيه الجزم على تقدير شرط، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (يُبَلَّغُهُ): هو بضمِّ الياء، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ لام مشدَّدة مفتوحة، كذا هو مضبوط في أصلنا، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَكَانَ محمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ): (محمَّد) هذا: هو ابن سيرين المذكور في سند الحديث، وقد تَقَدَّم أعلاه.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ثلاثة)، وهي نسخة في هامش (ق).
[ج 2 ص 241]

(1/7885)


[حديث: أن أناسًا من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا]
4407# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق أنَّ هذا هو الفريابيُّ، وقد ذكرت أنَّهما اثنان: محمَّد بن يوسف هذا، والآخر: البيكنديُّ البُخاريُّ، وذكرت الأماكن التي حدَّث فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْيَهُودِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: تَقَدَّم أنَّ هذا كلام كعب الأحبار، كما أخرجناه من «الطبرانيِّ الأوسط» في (كتاب الإيمان) انتهى، وكذا قال غيره من حُفَّاظ مِصْرَ، وقد قدَّمتُ أنا ما في ذلك، والله أعلم.
قوله: (أَيَّ مَكَانٍ): (أيَّ): منصوب، ونصبه معروف.

(1/7886)


[حديث: خرجنا مع رسول الله فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة]
4408# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.
==========
[ج 2 ص 241]

(1/7887)


[حديث: والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً]
4409# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ): هو عامر بن سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة، والده سعد بن مالك رضي الله عنهم.
[ج 2 ص 241]
قوله: (وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ): تَقَدَّم أنَّ هذه اسمها عائشة، وأنَّها تابعيَّة، لها رؤية، وتَقَدَّم كلام بعض حُفَّاظ مِصْرَ من أنَّه وَهم، وإنَّما هي أمُّ الحكم الكبرى، وتَقَدَّم أنَّ سعدًا رُزِق بعد ذلك عدَّة أولاد ذكرتهم في (كتاب البيع)؛ فانظرهم.
قوله: (أَنْ تَذَرَ): تَقَدَّم الكلام على (أنْ) فيما تَقَدَّم، وكذا الثانية، وعلى (عَالَةً)، وأنَّه بتخفيف اللام، و (العالَة): الفقراء، وعلى (يَتَكَفَّفُونَ)، وأنَّ معناه: يأخذون الصدقات في أكفِّهم، وعلى قوله: (حَتَّى اللُّقْمَة)، وأنَّه يجوز فيها النصب والجر والرفع، وتَقَدَّم الكلام على قوله: (وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ)، وأنَّه كان ما يرضاه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، حتَّى تُوُفِّيَ سنة خمس وخمسين من الهجرة، فتخلَّف بعد الواقعة خمسًا وأربعين سَنةً، وعلى قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ)، وعلى (أَمْضِ)، وأنَّه بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وعلى قوله: (لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ)، وأنَّ قائله هو الزُّهريُّ، وقيل: غيره ممَّن ذكرتُه، وأنَّ (سعد بن خولة) هو من بني عامر بن لؤيٍّ، وقيل: حليف لهم، وقيل: مولى أبي رُهم العامريِّ، من السابقين، بدريٌّ، تُوُفِّيَ عن سُبيعة الأسلميَّة سنة عشر بمَكَّة، قال الدِّمْياطيُّ في «حواشيه» في غير هذا المكان: سعد بن خولة: من أهل اليمن، حليف بني عامر بن لؤيٍّ، كنيته أبو سعيد، هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ إلى المدينة وهو ابن خمس وعشرين سَنةً، وشهد أحُدًا، والخندق، والحُدَيْبيَة، وخرج إلى مَكَّة فمات بها قبل الفتح، ولمَّا كان يوم الفتح؛ مرض سعد بن أبي وقاص، فأتاه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يعوده لمَّا قدم من الجعرانة معتمرًا، فقال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: («اللهمَّ أمضِ لأصحابي هجرتهم، ولا تردَّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة»، يرثي له رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن مات بمَكَّة)، قاله ابن سعد، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا الكلام وتعقيبه بأنَّ قصَّة سعد كانت في حجَّة الوداع، كما في «الصحيح»، والله أعلم.

(1/7888)


[حديث: أن رسول الله حلق رأسه في حجة الوداع]
4410# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه أنس بن عياض.
قوله: (حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ): الذي حلق رأسه الشريف في حجة الوداع هو مَعْمَرُ بن عبد الله، كذا في «مسند أحمد» من حديثه، وهو مَعْمَر _بفتح الميمين، وإسكان العين_ ابن عبد الله بن نافع بن نضلة القرشيُّ العدويُّ، وأمَّا الحالق في الحُدَيْبيَة؛ فهو خراش بن أُمَيَّة الخزاعيُّ، وقد تَقَدَّم ذلك، قال ابن شيخنا البلقينيِّ عن «الأُسْد»: مَعْمَر هو الذي حلق رأس رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، اختُلِف في اسمه؛ فقيل: خراش بن أُمَيَّة، وقيل: الحالق مَعْمَر بن عبد الله العدويُّ، وهذا أصحُّ وأشهر، قال: وفي «صحيح البُخاريِّ»: قال: زعموا أنَّه مَعْمَر بن عبد الله، انتهى، قال: وهذا الخلاف متعقَّب، فإنَّ كلًّا منهما حلق بالحُدَيْبيَة، ومَعْمَرٌ حلق في حجَّة الوداع، وقد قدَّمتُ اسم الذي حلقه في الجعرانة، ولم أستحضر اسم الذي حلقه في القضيَّة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 242]

(1/7889)


[حديث: أن النبي حلق في حجة الوداع وأناس من أصحابه ... ]
4411# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج الإمام، أحد الأعلام.
قوله: (حَلَقَ رَأْسَهُ [1] فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ): المقصِّر في حجة الوداع لا أعرفهم، وأمَّا في الحُدَيْبيَة؛ فقد ذكرتُ بعضَهم فيها.
==========
[1] (رأسه): ليس «اليونينيَّة»، وهي مضروبٌ عليها في (ق).
[ج 2 ص 242]

(1/7890)


[حديث ابن عباس: أنه أقبل يسير على حمار ورسول الله ... ]
4412# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا هو الزُّهريُّ، تَقَدَّم مِرارًا، محمَّد بن مسلم.
اعلم أنَّ المِزِّيَّ لم يذكر في «أطرافه» طريق يحيى بن قَزَعة، وإنَّما قال: وفي (المغازي): وقال الليث، واستدركه عليه شيخنا الحافظ البلقينيُّ سراج الدين، وهو استدراكٌ صحيح، والله أعلم.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها كتابةً ونطقًا في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): أمَّا (الليث)؛ فهو ابن سعد الإمام، وأمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، تَقَدَّم.
==========
[1] (ح): ليس «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 242]

(1/7891)


[حديث: سئل أسامة وأنا شاهد عن سير النبي في حجته ... ]
4413# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ، مرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن خويلد.
قوله: (الْعَنَقَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح العين المهملة والنون، وبالقاف، وأنَّه سيرٌ سهلٌ ليس بالشديد، وكذا تَقَدَّم الكلام على (الفَجْوَة)، وعلى (النَّصِّ)؛ وهو منتهى الغاية في السير.
==========
[ج 2 ص 242]

(1/7892)


[حديث أبي أيوب: أنه صلى مع رسول الله في حجة الوداع .. ]
4414# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السفَّاح، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه خالد بن زيد، [أبو] أيوب الأنصاريُّ، رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 242]

(1/7893)


[باب غزوة تبوك]
(بابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ) ... إلى (بابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ)
قال الحافظ أبو محمَّد عبد المؤمن بن خلف الدِّمْياطيُّ شيخ شيوخنا: كانت في رجب سنة تسع، قدمها في ثلاثين ألفًا من الناس، والخيل عشرة آلاف فرس، فأقام بها عشرين يومًا يصلِّي ركعتين، انتهى.
فقول الدِّمْياطيِّ: (إنَّه خرج إلى تبوك في رجب)، وكذا قال غيره، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدين في «الهدي» في (غزوة تبوك) فيما تضمَّنته من الفقه: ومنها: جواز القتال في الشهر الحرام إن كان خروجه في رجب محفوظًا على ما قاله ابن إسحاق، ولكن ههنا أمرٌ آخر؛ وهو أنَّ أهل الكتاب لم يكونوا يحرِّمون الشهر الحرام، بخلاف العرب، فإنَّها كانت تُحرِّم، وقد تَقَدَّم أنَّ في نسخ تحريم القتال فيه قولين، وذكرنا حجج الفريقين، انتهى.
وقول الدِّمْياطيِّ: (إنَّه قدَّمها في ثلاثين ألفًا)، في الربع الأخير من «مسلم» في نحو نصفه في حديث كعب بن مالك ما لفظه: وغزا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بناس كثير يزيدون على عشرة آلاف، ولا يجمعهم ديوان حافظ، انتهى، وإن كان هذا لا ينافي الأقوال في عدد أهل تبوك إلَّا أنَّ مثلَ هذه العبارة لا تقال في ثلاثين ألفًا، ولا فيما زاد، والأقوال التي وقفت عليها في عددهم: ثلاثون ألفًا، يزيدون على عشرة آلاف، كما في «مسلم»، وعن «الإكليل» للحاكم: (أكثر من ثلاثين ألفًا)، وفي «علوم الحديث» لابن الصلاح عن أبي زرعة: (سبعون ألفًا)، وقال بعضهم في رواية عنه: (أربعون ألفًا)، وذكر بعض العلماء عن ابن إسحاق: (ثلاثين ألفًا)، وعن أبي زرعة: (سبعين ألفًا)، ثُمَّ قال: وجُمِع بينهما بأنَّ أبا زرعة عدَّ التابع والمتبوع، وابنَ إسحاق عدَّ المتبوع فقط، والله أعلم، انتهى، ولعلَّ من قال: عشرة آلاف؛ عدَّد الرؤساء، والله أعلم.
قوله: (بابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ): هي بفتح التاء المثنَّاة فوق، وضمِّ الموحَّدة، وهي في طرف الشام من جهة القبلة، وبينها وبين المدينة المشرَّفة
[ج 2 ص 242]
نحو أربع عشرة مرحلة، واليوم يأخذها الحاجُّ في اثنتي عشرة مرحلة، وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة، والمشهور عدم صرفها؛ للعلميَّة والتأنيث، ومُحِيَ آخرُ هذا الباب من هذا «الصحيح»: (حتَّى بلغ تبوكًا)، هكذا في النسخ، وهو في هذا الأصل الذي لنا: (تبوك) على عدم الصرف، وفي غالب نسخ «مسلم» مصروف؛ تغليبًا للموضع، والله أعلم.
قوله: (وَهْيَ غَزْوَةُ الْعُسْرَةِ): هي بضمِّ العين وإسكان السين المهملتين، سُمِّيَت غزوة العُسْرة؛ لمشقَّة السفر فيها وعُسره على الناس؛ لأنَّها كانت في زمن الحرِّ، ووقت طيب الثِّمار، ومفارقة الظلال، وكانت في مفاوز صعبة، وشُقَّة بعيدة، وعدوٍّ كثير، وأمَّا غزوة العشيرة؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل (كتاب المغازي) فيما مضى، والله أعلم.

(1/7894)


[حديث: والله لا أحملكم على شيء]
4415# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ الْعَلاَءِ): هو أبو كُرَيب الحافظ، تَقَدَّم، و (أَبُو أُسَامَةَ) بعده: حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ) بعده: بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّم، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم [أنَّه] الحارث أو عامر القاضي، ولد أَبِي مُوسَى عبدِ الله بن قيس الأشعريِّ.
قوله: (أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي): هؤلاء أصحابه لا أعرفهم، إلَّا أنَّهم أشعريُّون، كما في بعض الطرق.
قوله: (وَلاَ أَشْعُرُ): أي: أعلم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَجَدَ [1] عَلَيَّ): أي: غضب عليَّ.
قوله: (هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ): قال شيخنا: قال ابن التين: صوابه: (هاتين)؛ لأنَّ القرينتين تؤنَّثان، انتهى، وما صوَّبه هو نسخة في هامش أصلنا، قال ابن قُرقُول: وفي رواية أخرى: (هذين القرينتين)؛ يعني: الناقتين أو الراحلتين، انتهى، أراد: النظيرين المتساويين في السنِّ.
قوله: (ابْتَاعَهُنَّ [2] مِنْ سَعْدٍ): هذا لا أعرف ابن من هو، وفي الصَّحابة جماعةُ سعودٍ، والله أعلم.
قوله: (ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ): هو منصوبٌ، معطوف على المفعول.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في نفسه).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (حينئذٍ).
[ج 2 ص 243]

(1/7895)


[حديث: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى]
4416# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان الحافظ، و (الْحَكَمِ) بعد (شُعْبَةَ): هو ابن عتيبة، القاضي المشهور، تَقَدَّم.
قوله: (أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (مناقب عليٍّ)، وأنَّه ممَّا تمسَّك به الإمامِيَّة، وردُّه.
قوله: (وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ مُصْعَبًا): أمَّا (أبو داود)؛ فهو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيُّ الحافظ، تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وأخرج له مسلم والأربعة، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وهذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح إلى المعلَّق عنه، وهو أبو داود الطيالسيُّ، وإنَّما أتى بهذا التعليق؛ لأنَّ يحيى _هو ابن سعيد القطَّان_ عنعن في الحديث عن شعبة، وإن حوشي القطَّان عن التدليس، إلَّا ليخرج من خلاف في المسألة تَقَدَّم.
وشعبة في السند الأوَّل عنعن عن الحكم؛ وهو ابن عتيبة، وشعبة من أبعد الناس عن التدليس، وقد قدَّمتُ عنه أنَّه قال: لَأن أزنيَ أحبُّ إليَّ من أن أدلِّس، وأنَّ هذا محمول على المبالغة في التنفير عن التدليس، وقال أيضًا: إنَّه أخو الكذب، فلا فرق بين أن يقول: (عن) أو (حدَّثنا) ونحوها.
والحَكَمُ في الأوَّل عنعن عن مُصعب، وفي هذا التعليق صرَّح بالسماع من مُصعب، والحَكَم وصفه بالتدليس غيرُ واحد، فأتى به للتصريح فيه بالسماع من مُصعب، والله أعلم، قال شيخنا الشارح في تعليق أبي داود: أسنده البَيهَقيُّ في «دلائله» من حديث يونس بن حَبِيب: حدَّثنا أبو داود الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبة ... ، فذكره، انتهى، والله أعلم.

(1/7896)


[حديث: أفيدع يده في فيك تقضمها كأنها في في فحل يقضمها]
4417# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، و (يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه يعلى بن أُمَيَّة بن أبي عبيدة التميميُّ المَكِّيُّ، حليف قريش، وأنَّه يعلى ابن مُنية، وهي أمُّه، ويقال: جدَّته، من مسلمة الفتح، شهد حنينًا والطائف وتبوك، عن يعلى قال: دخلت على عنبسة وهو في الموت، قال الليث وخليفة: حجَّ عنبسة بالناس سنة (47 هـ)، وهذا يردُّ على أبي حسَّان الزياديِّ؛ لأنَّه ذكر يعلى فيمن قُتِل بصِفِّين، رضي الله عنه.
قوله: (كَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ): هذا هو الصحيح المعروف: أنَّه أجير يعلى لا يعلى، ووقع في «مسلم» في رواية: (قاتل يعلى بن أُمَيَّة أو ابن منية رجلًا، فعضَّ أحدهما صاحبه)، وفي رواية: أنَّ المعضوض أجير يعلى لا يعلى، ويحتمل أنَّهما قصَّتان جرتا ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتين، وأجيرُ يعلى لا أعرف اسمه، ولا اسم العاضِّ، وقد تَقَدَّم ذلك، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر هنا: تَقَدَّم أنَّ الأجير لم يُسَمَّ، وأنَّ يعلى هو الذي عضَّ يد أجيره، انتهى.
قوله: (فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ): أي: أبطلها دون قصاص ولا دية، يقال: هدر الدمُ يهدِر هدْرًا، وأهدره السلطان.
قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي رَباح.
قوله: (تَقْضَمُهَا): هو بفتح الضاد في الموضعين على المشهور الأكثر، وقد تَقَدَّم مطوَّلًا.

(1/7897)


[حديث كعب بن مالك]
قوله: (حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): قال شيخنا: سلف بعضه في (الجهاد)، قال: وأشرنا إلى أنَّ البُخاريَّ خرَّجه في عشرة مواضع من «صحيحه» مطوَّلًا ومختصرًا، انتهى، وقد طرَّفه الحافظ المِزِّيُّ في «أطرافه»، فأغنى عن ذكره هنا، والله أعلم.
و (كعب بن مالك): هو ابن أبي كعب عمرِو بن القين، الخزرجيُّ السَّلَميُّ، عقَبيٌّ، فاتته بدر، كان يهجو المشركين ويتهدَّدهم بالحرب، روى عنه بنوه: عبد الله، وعبد الرَّحمن، ومحمَّد، ومعبد، وعبيد الله، وآخرون، ذكر ابن الكلبيِّ أنَّه شهد بدرًا، فوهم، قال الواقديُّ: تُوُفِّيَ سنة (50 هـ)، ويقال: سنة (51 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 243]

(1/7898)


[حديث: لم أتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها ... ]
4418# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضمِّ العين: ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ [1]): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
[ج 2 ص 243]
قوله: (مِنْ بَنِيهِ): جمع: ابنٍ، كذا لهم، وهو المعروف، ولابن السكن: (من بيته)، وكذا للقابسيِّ في (المغازي)، وهو وَهم في الرواية، وله وجه على حذف مضاف؛ أي: من أهل بيته، قاله ابن قُرقُول.
قوله: (غَيْرَ أَنِّي [2] تَخَلَّفْتُ عَنْ [3] غَزْوَةِ بَدْرٍ): في هذا ردٌّ على ابن الكلبيِّ حيث قال: إنَّه شهد بدرًا، وقد تَقَدَّم قريبًا.
قوله: (وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا): قال الدِّمْياطيُّ: تَقَدَّم في (غزاة بدر) بهذا السند بعينه في هذا الحديث: (وَلَمْ يُعَاتِبِ اللهُ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا) [خ¦3951]، انتهى، هذا الذي قاله صحيح، وقد تَقَدَّم في أصلنا هناك: (ولم يعاتَبْ أحدٌ): (يُعاتَب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أحدٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي بعض النسخ _وهي في هامش أصلنا_ كما قال الدِّمْياطيُّ: (ولم يعاتِب اللهُ أحدًا)، ولا شكَّ أنَّ قوله: (ولم يعاتب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أحدًا) هو مثلُ قوله: (ولم يعاتب الله أحدًا)؛ لأنَّ من عاتبه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ فقد عاتبه الله تعالى، فلمَّا كانا متلازمين؛ قال الراوي مرَّة هذا، ومرة هذا، والله أعلم.
قوله: (يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ): تَقَدَّم ما (العير)، وتَقَدَّم كم كانت هذه العير، وبكم بيعتْ، وكم ذبحوا فيها، وتَقَدَّم تسمية بعض من كان بها، والله أعلم.
قوله: (لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ)؛ يعني: العقبة الثالثة، وإن شئت؛ قلت: الثانية، وقد تَقَدَّم عددُ كم كانوا من رجل، وكم النسوة، وهما امرأتان: نَسِيبة بنت كعب أمُّ عُمَارة، وأسماء بنت عمرو بن عديٍّ، كنيتها: أمُّ مَنيع.
قوله: (إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ [4]): وقال ابن إسحاق في (تبوك): (وكان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قلَّما يخرج في غزوة إلَّا كنَّى عنها وورَّى بغيرها، إلَّا ما كان من غزوة تبوك)، وقال في (غزوة الفتح): (ثُمَّ إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أعلم الناس أنَّه سائر إلى مَكَّة)، فإن صحَّ ما قاله ابن إسحاق؛ فتأويل ما في «الصحيح» ممكنٌ؛ لأنَّ في بعض طرق «الصحيح»: (قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً [يَغْزُوهَا] إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ) [خ¦2948]، وإلَّا؛ فالقول قول «الصحيح»، والله أعلم.

(1/7899)


قوله: (فَجَلَى [5] لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ): هو بتخفيف اللام؛ أي: كشف، كذا قيَّده النوويُّ في «شرح مسلم»، وكذا شيخنا في هذا الشرح، وفي الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ: بتشديد اللام بالقلم، قال شيخنا لمَّا نقل التشديد عن نسخة الدِّمْياطيِّ: خطأ، انتهى، وفي ذلك نظرٌ؛ لأنَّ الله تعالى قال: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]، والذي ينبغي أن يكون مشدَّدًا في الحديث أيضًا، ويجوز فيه التخفيف، والتشديد أفصح، والله أعلم.
قوله: (لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ): كذا في أصلنا، وعليها (صح)، وفي نسخة: (عدوِّهم)، قال ابن قُرقُول: («عدوِّهم»: كذا لابن ماهان، وسائر الرواة: «غزوهم»؛ بالزاي)، انتهى.
قوله: (وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ): تَقَدَّم الاختلاف في عددهم في أوَّل هذه الغزوة؛ فانظره.
قوله: (كِتَابٌ حَافِظٌ): (كتابٌ): مرفوع منوَّن، و (حافظٌ): صفة له، ويجوز في (كتاب) الرفع من غير تنوين، وجرُّ (حافظ) على الإضافة.
قوله: (يُرِيدُ الدِّيوَانَ): هو بكسر الدال على المشهور، وحُكِيَ فتحها، وهو فارسيٌّ معرَّب، وقيل: عربيٌّ، قال الجوهريُّ: أصله: دَوَّان، فعُوِّض من إحدى الواوين ياء؛ لأنَّه يُجمَع على دواوين، ولو كانت الواو أصليَّة؛ لقالوا: دياوين، وذكر الماورديُّ في تَسمِّيه وجهين؛ أحدهما: أنَّ كسرى اطَّلع يومًا على كُتَّاب ديوانه، فرآهم يحسُبون مع أنفسهم، فقال: دوانه؛ أي: مجانينُ، ثُمَّ حُذِفَت الياء؛ لكثرة الاستعمال، تخفيفًا، والثاني: أنَّ الديوان بالفارسيَّة اسمٌ للشيطان، فسُمِّيَ الكُتَّاب باسمهم؛ لحِذْقِهم بالأمور، انتهى.
وهو الكتاب الذي يُكتَب فيه أهل الجيش وأهل العطيَّة، وأوَّل من دوَّن الدواوين في الإسلام عمرُ بن الخَطَّاب رضي الله عنه، وقد ذكر الماورديُّ في «أحكامه» في الديوان وشروطه وأحكامه وما يتعلَّق به أكثرَ من كرَّاسة مشتملة على نفائسَ؛ فانظر ذلك إن شئت من «الأحكام السلطانيَّة» له، والله أعلم.
قوله: (فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ [6] إِلاَّ ظَنَّ أنَّه سَيَخْفَى): كذا الصواب، ووقع في «مسلم»: (فقلَّ رجلٌ يريد أن يتغيَّب [7] يظنُّ أنَّ ذلك سيخفى): كذا في جميع النسخ.
قوله: (فَطَفقْتُ): تَقَدَّم أنَّ (طفِق) بكسر الفاء وفتحها؛ لغتان، وأنَّ معناه: جعل.
قوله: (الْجِدُّ): هو بكسر الجيم [8]، ضدُّ الهزل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جهَازِي شَيْئًا): (الجهاز)؛ بفتح الجيم وكسرها.
قوله: (وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ): أي: تَقَدَّم الغُزاة، وسبقوا، وفاتوا.
قوله: (فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي): (يُقدَّر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، مشدَّد الدال.
قوله: (مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ): أي: متَّهمًا به، وهو بالغين المعجمة، وبالصاد المهملة، وهذا ظاهرٌ.

(1/7900)


قوله: (حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّم في أوَّل الغزوة أنَّ المعروف في النسخ: (تبوكًا) مصروفة، وأنَّه كذا في أكثر نسخ «مسلم»، على إرادة الموضع.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه عبد الله بن أنيس، قاله الواقديُّ في «سيره»، انتهى، و (بنو سلِمة)؛ بكسر اللام: قبيلٌ من الأنصار، من الخزرج، تَقَدَّم.
[ج 2 ص 244]
قوله: (فِي عِطْفَيهِ [9]): (عطفاه): جانباه.
قوله: (قَافِلًا): (القُفول): الرُّجوعُ، وقد تَقَدَّم، وكذا (فَطَفقْتُ [10]): أي: جعلت، وذكرت فيها كسر الفاء وفتحها قريبًا وبعيدًا، و (أَظَلَّ): تَقَدَّم أنَّه دنا وقَرُبَ، و (زَاحَ [11]): ذهب، وهذا ظاهرٌ، و (بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ): هو بالهمز، وهذا معروفٌ.
قوله: (جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ): هو بتشديد اللام مفتوحة، اسم مفعول.
قوله: (وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا): تَقَدَّم أنَّ (البضع) في العدد بكسر الباء وفتحها، وكم هو، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (الْمُغْضَبِ): هو بفتح الضاد، اسم مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (خَلَّفَكَ): هو بتشديد اللام.
قوله: (لَقَدْ [12] ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ): أي: ما يُركَبُ.
قوله: (أَنْ سَأَخْرُجُ): هو [13] بالرفع، وهي مخفَّفة من الثقيلة، وهي بفتح الهمزة.
قوله: (جَدَلًا): هو بفتح الجيم والدال المهملة؛ وهو القوَّة في الفصاحة.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمتُ اللغات فيها ومعناها.
قوله: (أَمَّا هَذَا): هو بفتح الهمزة، وتشديد الميم.
قوله: (وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم، و (سَلِمة): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر اللام، قبيل من الأنصار، من الخزرج.
قوله: (لَقَدْ عَجَزْتَ): هو بفتح الجيم على اللغة الفصحى، وفيه الكسر، والمضارع على الأولى بالكسر، وعلى الثانية بالفتح.
قوله: ([قَدْ كَانَ] كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (استغفارُ): مرفوع غير منوَّن، وهو اسم (كان)، و (كافيَك): منصوبٌ خبرها، و (ذنبَك): منصوب، مفعول اسم الفاعل؛ وهو (كافي)، وقال شيخنا: أي: كافيك من ذنبك، فأسقط حرف الجرِّ، انتهى، يعني: أنَّه منصوب بنزع الخافض.
قوله: (يُؤَنِّبُونِي): أنَّبه تأنيبًا: لامه، وبكَّته أيضًا، وسأله فنجهَهُ، والمراد الأوَّل.
قوله: (فَأُكَذِّبَ نَفْسِي): (أكذِّبَ): منصوب، ونصبُه ظاهر.
قوله: (مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ): (مُرَارة)؛ بضمِّ الميم، وتخفيف الراء، و (الرَّبِيع)؛ بفتح الراء، وكسر الموحَّدة، و (العَمْريُّ)؛ بفتح العين المهملة، وإسكان الميم: نسبة إلى بني عمرو بن عوف، وقد تَقَدَّم.
قوله: (وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ): هو نسبة إلى بني واقِف؛ بالقاف المكسورة، وبالفاء، قال الدِّمْياطيُّ: (واسمه _أي: اسم واقِف_: سالم) انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/7901)


قوله: (قَدْ شَهِدَا بَدْرًا): قال ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين: هذا وَهم من الزُّهريِّ، فإنَّه لا يُحفَظ عن أحد من أهل المغازي والسير ذكرُ هذين الرجلين في أهل بدر، لا ابنِ إسحاق، ولا موسى بن عقبة، ولا الأمويِّ، ولا الواقديِّ، ولا أحدٍ ممَّن عَدَّ أهل بدرٍ، ولكن ينبغي ألَّا يكونا من أهل بدر، فإنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يهجر حاطبًا ولا عاقبه، وقد جسَّ عليه، وقال لعمر رضي الله عنه لمَّا همَّ بقتله: «وما يدريك أنَّ الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم»، فأين ذنب التخلُّف من ذنب الجسِّ؟!
قال ابن الجوزيِّ أبو الفرج الحافظ: ولم أزل حريصًا على كشف ذلك وتحقيقه حتَّى رأيت أبا بكرٍ الأثرم قد ذكر الزُّهريَّ، وذكر فضلَه وحفظه وإتقانه، وأنَّه لا يكاد يُحفَظ عنه غلطٌ إلَّا في هذا الموضع، فإنَّه قال: إنَّ مُرَارة بن الرَّبِيع وهلالَ بن أُمَيَّة شهدا بدرًا، وهذا لم يقله أحد غيره، والغلط لا يُعصَم منه إنسان، انتهى.
وقد تَقَدَّم الكلام على ذلك في (غزوة بدر)، وذكرت أيضًا كلام الحافظ الدِّمْياطيِّ، فإنَّه نبَّه على أنَّ ذِكرَهما في أهل بدر غلطٌ، والله أعلم.
قوله: (فِيهِمَا إسْوَةٌ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان قرئ بهما في السبع.
قوله: (وَنَهَى النَّبِيُّ [14] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [15] عَنْ كَلاَمِنَا): إنَّما اشتدَّ غضبه على من تخلَّف عنه ونزل فيهم من الوعيد ما نزل حتَّى تاب الله على الثلاثة منهم وإن كان الجهاد من فروض الكفاية لا من فروض الأعيان، لكنَّه في حقِّ الأنصار خاصَّة كان فرضَ عينٍ، وعليه بايعوا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ألا تراهم يقولون:
نحن الذين بايعوا محمَّدا
على الجهاد ما بقينا أبدا
قاله السهيليُّ عن ابن بطَّال، انتهى.
وفي مذهب الشافعيِّ وجهان؛ هل الجهاد في زمنه عَلَيهِ السَّلام فرض عين أو كفاية؟ والأصحُّ الثاني؛ وهو كفاية، وقال الماورديُّ: كان فرض عين على المهاجرين، وكفاية على غيرهم، وقال بعض العلماء من أصحاب الشافعيِّ: كان فرض عين على الأنصار دون غيرهم؛ لأنَّهم بايعوا عليه، والله أعلم، وهذا موافقٌ لما قاله السهيليُّ عن ابن بطَّال، وقد قدَّمتُ الكلام على الجهاد في أوَّل (كتاب الجهاد)؛ هل هو كفاية أو عين؟ أو عين على الأنصار؟ أو عين على المهاجرين؟
قوله: (أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: (أيُّها الثلاثة)؛ بالرفع، وهو موضع النصب على الاختصاص، قال سيبويه عن العرب: (اللهمَّ اغفر لنا أيَّتُها العصابة)، انتهى.
قوله: (فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ): هو بفتح الموحَّدة، والضمير مفعولٌ، و (الناسُ): مرفوع فاعل.
قوله: (فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً): إن قيل: لِمَ لم يزدهم على الخمسين، ولم ينقصهم عنها؟

(1/7902)


فالجواب: لعلَّه كانت غيبته عن المدينة في هذه الغزوة خمسين ليلة؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج إليها في رجب، كما تَقَدَّم إن كان محفوظًا، وقدم المدينة في رمضان، هذا ما ظهر لي، وأنت من وراء البحث عن ذلك [16].
قوله: (فَاسْتَكَانَا): أي: خضعا.
قوله: (وَأَجْلَدَهُمْ): هو بالجيم؛ أي: أقواهم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَآتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (آتِي): هو بمدِّ الهمزة، وكسر التاء المثنَّاة فوق، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (حَتَّى تَسَوَّرْتُ): أي: علوت، يقال من حيث اللغة: تسوَّر الحافظ وسوَّره؛ أي: علاه.
[ج 2 ص 245]
قوله: (أَبِي قَتَادَةَ): تَقَدَّم أنَّ (أبا قتادة) هو الحارث بن ربعيِّ بن بُلدمة بن خناس الأنصاريُّ، تَقَدَّم.
قوله: (فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ): قال القاضي عياض رحمه الله: لعلَّ أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه؛ لأنَّه منهيٌّ عن كلامه، وإنَّما قال ذلك لنفسه لمَّا ناشده اللهَ، فقال أبو قتادة مظهرًا لاعتقاده لا ليُسمعَهُ، ولو حلف رجل لا يكلِّم رجلًا، فسأله عن شيء، فقال: الله أعلم، يريد بذلك إسماعه وجوابه؛ حنث، انتهى.
قوله: (إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ): (النبط) و (النَّبيط): قوم ينزلون بين العراقين، والجمع: أنباط، ويقال: رجل نَبَطيٌّ، ونَباطيٌّ، ونباط، وحكى يعقوب: نُباطيٌّ، قال ابن قُرقُول: هم أهل سواد العراق، وقيل: بل هم جيل وجنس من الناس، ويقال: سُمُّوا بذلك؛ لإنباطهم المياه، واسم الماء: النَّبط، وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لعمارتهم الأرض، انتهى، وأوضح من هذا: الفلاحون من العجم، وهذا النَّبَطيُّ لا أعرفه.
قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناه: جعل.
قوله: (مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ): (ملك غسَّان): يحتمل أن يكون الحارثَ بن أبي شمر، ويحتمل أن يكون جبلة بن الأيهم، وكذا قال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه الحارث بن أبي شمر، فإنَّه الذي كان في زمنه، وذكرنا في (اعتزال النساء) أنَّه هو، وقيل: جبلة بن الأيهم، وهذا الخلاف يُحرَّر، انتهى، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرة: هو الحارث بن أبي شمر، انتهى.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (وَلاَ مَضْيَعَةٍ [17]): فيها لغتان: سكون الضاد وفتح الياء، والثانية: كسر الضاد وسكون الياء.
قوله: (فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ): (تيمَّمت)؛ أي: قصدت، وأنَّث هنا على إرادة الصحيفة.
قوله: (إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرسول الذي جاء كعبًا لا أعرف اسمه.

(1/7903)


قوله: (أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ): امرأة كعب بن مالك لا أعرفها، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: ولكعب زوجة تُسمَّى خيْرةَ؛ فتُحرَّر؛ أهي هذه أم غيرها؟ انتهى، وخيْرة زوج كعب بن مالك؛ بالخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، قال ابن عبد البَرِّ: ويقال: حَبْرة؛ بالحاء غير معجمة، حديثها عند الليث بن سعد من رواية ابن وهب وغيره بإسناد ضعيف لا تقوم به حُجَّة: أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال: «لا يجوز لامرأة في مالها أمرٌ إلَّا بإذن زوجها»، انتهى، صحابيَّة، وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه في (الأحكام) عن حرملة، عن ابن وهب، عن الليث، عن عبد الله بن نجيٍّ رجلٍ من ولد كعب بن مالك، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ جدته خيْرة ... ؛ فذكره، وقال الذهبيُّ: خيْرة امرأة كعب بن مالك لها حديث غريب في «الوُحدان» لابن أبي عاصم، انتهى، أخرج لها ابن ماجه، والله أعلم، وجزم بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: أنَّها خيْرة.
قوله: (إِلَى صَاحِبَيَّ): هو بتشديد الياء على التثنية، وهما: مُرَارة، وهلال، تَقَدَّما.
قوله: (فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ): امرأة هلال لا أعرف اسمها، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: اسمها خولة بنت عاصم، انتهى.
قوله: (لاَ يَقْرَبْكِ): هو بالجزم على النهي.
قوله: (فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي): بعض أهله القائل له ذلك لا أعرفه، والظاهر أنَّه امرأة، فإنَّ الظاهر أنَّ النساء لم يدخلن في النهي؛ لأنَّ الحديث: «ونهى المسلمين»، وإن كان رجلًا؛ فلعلَّه قال ذلك بالإشارة، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى كَمَلَتْ): هو مثلَّث الميم، والأفصح: الفتح، ويجوز الضمُّ، ويليه الكسر، وقد تَقَدَّم.
قوله: (مِنْ حِينَ نَهَى): يجوز في (حين) الفتح _وهو أفصح_ والكسر؛ لأنَّ (حين) بعدها فعلٌ ماضٍ.
قوله: (صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ ... ) إلى أن قال: (فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي؛ نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ): هذا الرجل الذي جاء كعب بن مالك يبشِّره بالتوبة، قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: يقال: هو حمزة بن عمرو الأسلميُّ، ذكر ذلك في ترجمته، ويؤيِّد ذلك أنَّ في «الصحيح» _كما سيجيء_: (وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ)، وقد ذكر ذلك أيضًا الإمام الحافظ وليُّ الدين أبو زرعة ابنُ شيخنا العراقيِّ، فقال: هو حمزة بن عمرو الأسلميُّ، قاله الواقديُّ، انتهى، وسيأتي نقله عنه من «طبقات ابن سعد» قريبًا.
قوله: (أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ): (أَوْفَى)؛ أي: صعد، و (سَلْع)؛ بفتح السين، وإسكان اللام، وعند ابن سهل: بفتح اللام وسكونها، وذكر بعضهم: أنَّه رواه بغين معجمة، وكلُّه خطأ، جبل معروف بسوق مدينة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد تَقَدَّم.
قوله: (يَا كَعْب بْن مَالِكٍ): تَقَدَّم أنَّ (كعبًا) يجوز فيه الفتح والضمُّ، وأنَّ (ابنًا) كذلك.
قوله: (أَبْشِرْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/7904)


قوله: (وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا): هذا الرجل الذي ركض الفرسَ لا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: لم أعرف اسمه، وفي «مغازي الواقديِّ»: أنَّ الذي استعار منه كعبٌ الثوبين أبو قتادة، فيحتمل أن يكون هو صاحبَ الفرس؛ لأنَّه كان فارس رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
قوله: (وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا): أي: من اللباس، وإلَّا؛ فقد كان له مال؛ ولذلك قال: (إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً)، والله أعلم.
قوله: (وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: ذُكِر عن «طبقات ابن سعد» عن محمَّد بن عمر: كان حمزة بن عمرو هو الذي بشَّر كعبَ بن مالك بتوبته وما نزل فيه من القرآن، فنزع كعب ثوبين كانا عليه، فكساهما إيَّاه، قال كعب: والله ما كان عليَّ غيرُهما، واستعرت ثوبين من أبي قتادة، انتهى، ذكر ذلك ابن سعد في حمزة بن عمرو الأسلميِّ، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك عن بعض حفَّاظ العصر، لكنَّه عزاه للواقديِّ، وهو شيخ ابن سعد.
قوله: (لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ): (تَهنِك): بفتح أوله، وقيل: مكسورٌ، كذا قيَّده بعضهم به، قال: وبعضهم يفتحها، قال: وهو الصواب، لأنَّ أصله (يهنَأُ)؛ بفتح النون، كذا عن السفاقسيِّ، وفيه نظرٌ، والله أعلم، و (توبةُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ [18] بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ ... ) إلى أن قال: (وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرهُ): إن قيل: لِمَ قام إليه دون غيرِه؟
وجوابه: أنَّه كان أخاه، آخى بينهما النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حين قدم المدينة، قاله السهيليُّ، وقد رأيته عن ابن إسحاق في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، والله أعلم.
[ج 2 ص 246]
قوله: (وَهَنَّأنِي [19]): هو بهمزة مفتوحة بعد النون الأولى وقبل الثانية، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَبْشِرْ): هو بقطع الهمزة، وكسر الشين؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ): يعني: سوى يوم إسلامك؛ لأنَّه يوم التوبة الكبرى، وإنَّما لم يستثنِه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّه معلومٌ، ما منه بُدٌّ.
قوله: (إِذَا سُرَّ): هو بضمِّ السين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أَمْسِكْ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، وكسر السين، رباعيٌّ، وهو ظاهرٌ.
قوله: (مِمَّا أَبْلاَنِي): قال الدِّمْياطيُّ: (أبلاني) هنا: بمعنى: أنعم عليَّ، ومنه قوله: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [الأعراف: 141]؛ أي: نعمة، و (الابتلاء): الاختبار، يُطلَق على الخير والشرِّ، وأكثر ما يأتي مطلقًا في الشرِّ، فإذا جاء في الخير؛ جاء مقيَّدًا؛ كما قال: {بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17]، وكما قال هنا: (أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي)، انتهى، ونحوُه قاله ابن قُرقُول في «مطالعه».
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها بما فيها من اللغات.

(1/7905)


قوله: (أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ): كذا في كثير من نسخ «البُخاريِّ»، وكذا في أصلنا، وكذا في كثير من نسخ «مسلم»، قال العلماء: (لا): زائدة؛ ومعناه: أن أكون كذبتُه، وهو مثل قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]، والله أعلم.
قوله: (فَأَهْلِكَ): هو منصوب، ونصبه ظاهر.
قوله: (وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أرجأ): يهمز ولا يهمز؛ لغتان، وقد قُرِئ بهما في السبعة؛ ومعناه: أخَّر.
تنبيهٌ: روى الحاكم في «المستدرك» بإسناد سكتَ عليه الذهبيُّ في «تلخيصه» من حديث كعب بن عُجرة: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أمر كعب بن مالك حين تيب عليه وعلى أصحابه أن يصليَ سجدتين).
فائدةٌ: روى أبو بكرٍ المقرئ في كتاب «الرخصة في تقبيل اليد» بسند ضعيف من حديث كعب بن مالك، قال: (لمَّا نزلت توبتي؛ أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقبَّلتُ يدَهُ).
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابن شهاب).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (كنتُ).
[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (في).
[4] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث رقم (2948)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كانت تلك الغزوةُ).
[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فجلَّى).
[6] في (أ): (يتغب)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[7] في (أ): (يتغب)، والمثبت موافق لما في «صحيح مسلم».
[8] في (أ): (الجد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[9] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (عطفِه).
[10] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وطَفِقْتُ).
[11] في هامش (ق): (يُقال: زاح عني الباطل وانزاح؛ أي: ذهب، والمصدر: زُيُوحًا وزِيحانًا؛ إحداهما عن الأصمعيِّ، والأخرى عن الكسائيِّ. «روض»).
[12] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قَد).
[13] زيد في (أ): (هو)، ولعلَّه تكرار.
[14] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).
[15] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (المسلمين).
[16] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة بعد قوله: (أيَّتها العصابة، انتهى).
[17] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: ومنه قولهم: فلان بِدَارِ مَضِيْعَةٍ؛ مثالُ: مَعِيشَة).

(1/7906)


[18] في هامش (ق): ([فيه: جواز السرور بالقيام إلى الرجل؛ كما سُرَّ كعبٌ بقيام طلحةَ إليه، وقد قال عليه السَّلام في خبر سعد بن مُعاذ: «قوموا إلى سيِّدكم»، وقام هو صلى الله عليه وسلم] إلى قوم؛ منهم: صفوان بن أميَّة حين قدم عليه، وإلى عديِّ بن حاتم، وإلى زيد بن حارثة حين قدم عليه من مكَّة، وليس هذا بمعارض لحديث: «مَن سرَّه أن يمثل له الرجال قيامًا؛ فليتبوَّأ مَقعده من النار»، ويُروى: «يستجمَّ له الرجال قيامًا»؛ أي: يستجمع له الرجال قائمين؛ لأنَّ هذا الوعيد إنَّما توجَّه للمتكبِّرين وإلى مَن يغضب ويسخط ألَّا يقام له، وقد قال بعض السلف: يقام للوالد برًّا به، وإلى الولد سُرورًا به، وكانت فاطمة رضي الله عنها تقوم لأبيها برًّا به، ويقوم هو صلى الله عليه وسلم لها سرورًا بها، وكذلك كلُّ قيام أثمره الحُبُّ في الله وَالسرور لأخيك بنعمة الله وَالبرُّ بمَن يجب بره في الله).
[19] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وهنَّاني).

(1/7907)


[باب نزول النبي الحجر]
قوله: (نُزُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجْرَ): قال شيخنا: أُخِذ على البُخاريِّ في قوله: (نزوله)، وإنَّما مرَّ به مسرعًا، انتهى، وفي هذا «الصحيح» في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: 73]) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لمَّا نزل الحجرَ في غزوة تبوك؛ أمرهم ألَّا يشربوا من مائها ... )؛ الحديث، ففي هذا ردٌّ لمن أَخَذ على البُخاريِّ (نزوله)، وفيه أيضًا غيرَ هذا المكان: أنَّه نزله، والله أعلم.
قوله: (الْحِجْرَ): هو بكسر الحاء المهملة، وإسكان الجيم، وكان نزوله عَلَيهِ السَّلام الحِجْر في غزوة تبوك، في ذهابه إلى تبوك، ولهذا ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 247]

(1/7908)


[حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم]
4419# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو المسنديُّ الحافظ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو الحافظ الكبير ابن همَّام، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين، وفتح الميمَين، وهو ابن راشد، تَقَدَّم مِرارًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (أَنْ يُصِيبَكُمْ): (أَنْ)؛ بفتح الهمزة، وسكون النون، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ): أي: غطَّاه، وقد تَقَدَّم أنَّ (التقنُّع) ليس التطيلُس في كلام طويل، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 247]

(1/7909)


[حديث: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا .. ]
4420# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر.
قوله: (لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ): أي: لأجل أصحاب الحِجْر.
==========
[ج 2 ص 247]

(1/7910)


[باب في تتمة أحداث تبوك]

(1/7911)


[حديث: هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه]
4422# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الخاء، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، تَقَدَّم، و (عبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ)؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، مشهور عند أهله، و (أَبُو حُمَيدٍ)؛ بضمِّ الحاء، وفتح الميم: قيل: اسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه ابن عمِّ سهل بن سعد، تَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.
قوله: (أُحُدٌ [1] يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ): تَقَدَّم الكلام على حبِّ أُحُد، وأنَّ الصحيح أنَّه حقيقةٌ، وقد تَقَدَّم أنَّه عَلَيهِ السَّلام في مرجعه من خيبر ومرجعه من تبوك قاله مرَّتين، وتَقَدَّم الكلام على جبل أُحُد في (غزوة أحد)، وما ذكر فيه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (جبلٌ).
[ج 2 ص 247]

(1/7912)


[حديث: إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا .. ]
4423# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في مواضع من الكتاب: (حدَّثنا أحمد بن محمَّد عن ابن المبارك): قال أبو عبد الله النيسابوريُّ: هو أحمد بن محمَّد بن موسى المروزيُّ، [يُكنَّى]: أبا العبَّاس، ويُلقَّب: مردويه، وقال الدارقطنيُّ: هو أحمد بن محمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شَبُّويَه، وقد تَقَدَّم ذلك، و (عبد الله): هو ابن المبارك، كما تَقَدَّم في كلام الغسانيِّ.
==========
[ج 2 ص 247]

(1/7913)


[باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر]
(كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ) ... إلى (بابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
اعلم أنَّه لم يَذكر من كتبه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلَّا إلى هذين الاثنين، ولم يَذكر في كتابه إلى قيصر حديثًا، وكأنَّه اكتفى بذكره له في غير هذا الموضع؛ لأنَّه تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، ويأتي أيضًا، وقد كتب عَلَيهِ السَّلام إلى كلِّ جبَّارٍ عنيد، كما في «مسلم»، وقال السهيليُّ في «روضه» في حديث الإسراء: وكُتِب عنه بالقلم إلى جميع ملوك الأرض ... إلى آخر كلامه، انتهى.
فبعث دحيةَ الكلبيَّ إلى قيصر الروم، وعبدَ الله بن حذافة إلى كسرى، وعمرَو بن أُمَيَّة
[ج 2 ص 247]
الضمريَّ إلى النجاشيِّ ملكِ الحبشة، وحاطبَ بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندريَّة، وعَمرَو بن العاصي إلى جيفر وعبْدٍ ابنَي الجُلندَى ملكَي عُمان، وسَلِيطَ بن عمرو العامريَّ إلى ثُمَامة بن أُثَال وهوذة بن عليٍّ الحنفيَّين ملكَي اليمامة، والعلاءَ بن الحضرميِّ إلى المنذر بن ساوى العبديِّ ملكِ البَحْرين، وشجاعَ بن وهب الأسديَّ إلى الحارث بن أبي شمر الغسانيِّ ملكِ تَخوم الشام، ويقال: بعثه إلى جبلة بن الأيهم الغسانيِّ، والمهاجرَ بن أبي أُمَيَّة المخزوميَّ إلى الحارث بن عبد كُلال الحميريِّ ملكِ اليمن، وقد ذكر هذا كلَّه أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس.
وزاد عليه شيخنا العراقيُّ في «سيرته» في رسله إلى الملوك، فذكر: عمرَو بن أُمَيَّة إلى النجاشيِّ، ودحيةَ بن خليفة لقيصر، وعبدَ الله بن حذافة لكسرى، وحاطبَ بن أبي بلتعة للمقوقس، وعمرَو بن العاصي إلى ابنَي الجُلندى، وسَلِيطَ بن عمرو لهوذة، وشجاعًا الأسديَّ للحارث بن أبي شمر، وقيل: إلى جبلة بن الأيهم، والمهاجرَ بن أبي أُمَيَّة للحارث بن عبد كُلال، والعلاءَ بن الحضرميِّ للمنذر بن ساوى، ومعاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وجَرِيرًا إلى ذي الكلاع، وعمرًا الضمريَّ أيضًا إلى مسيلمة، والسائبَ إليه أيضًا، وعيَّاشًا إلى بني عبد كُلال، فزاد شيخنا: معاذًا، وأبا موسى، وجَرِيرًا، وعمرًا الضمريَّ إلى مسيلمة، والسائبَ إليه أيضًا، وعيَّاشًا.
ثُمَّ قال شيخنا العراقيُّ: وأرسل أيضًا لعدَّة، ولم يُسمِّ من ذهب بها، فذكر أنَّه أرسل لعروة بن عمرو الجذاميِّ، ولبني عمرو من حمير، ولمعد يكرب المشهور، ولأساقفة نَجْران، ولمن أسلم من حدس، ولخالد بن ضماد الأزديِّ، ولعمرو بن حزم، ولتميم أخي أوس، وليزيد بن الطُّفيل الحارثيِّ، ولبني زياد بن الحارث، والله أعلم، والظاهر أنَّ هذه الرسل إنَّما أرسلهم بكتب، والله أعلم، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس بعضَ هذه الكتب إلى الملوك، وصورةَ ما كتب به إليهم، فإن أردت ذلك؛ فانظره.

(1/7914)


قوله: (إِلَى كسْرَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الكاف وفتحها، واسم كسرى المكتوب إليه: أَبْرَوِيْز بن هرمز، كذا سمَّاه غير واحد؛ منهم السهيليُّ، ولفظه: (كسرى؛ وهو أَبْرَوِيز بن هرمز بن أنوشروان الذي كتب إليه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليلة الثلاثاء، العاشر من جمادى الأولى، سنة سبع من الهجرة، قتله بنوه، والمتولِّي لقتله شيرويه)، انتهى.
وتفسير أَبْرَوِيْز: المُظفَّر، نقله البكريُّ عن المسعوديِّ والطبريِّ، ابن أنوشروان، وتفسير أنوشروان بالعربيَّة: مجدِّد الملك، فيما ذكروا، قاله السهيليُّ، و (قيصر): تَقَدَّم الكلام عليه، والكتاب الذي كتبه عَلَيهِ السَّلام إلى قيصر ذكره البُخاريُّ في أوَّل «الصحيح»، وكرَّره، وكان بعث هذا الكتاب سنة ستٍّ، قاله أبو عمر، وقال خليفة: سنة خمس، وفيه نظر؛ لأنَّ صلح الحُدَيْبيَة كان في السادسة، وسيأتي كلام الواقديِّ؛ وهو أنَّه لقيه بحمص، فدفع إليه الكتاب في المحرَّم سنة سبع، وقال السهيليُّ في «روضه»: إنَّه عَلَيهِ السَّلام كتب له من تبوك، وفيه نظر إلَّا أن يقال: إنَّه كتب إليه مرَّتين.
تنبيهٌ: في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: لمَّا كان شهر ربيع الأوَّل _وقيل: المحرَّم_ سنة سبع من الهجرة؛ كتب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى النجاشيِّ كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث به مع عَمرو بن أُمَيَّة، كذا في (هجرة الحبشة)، والله أعلم.

(1/7915)


[حديث: أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة ... ]
4424# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاقُ) هذا: قال الجيَّاني كلامًا ذكرته غيرَ مرَّةٍ؛ منها: في (الحُدَيْبيَة)؛ فانظره، و (صَالِحٌ): هو ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.
قوله: (مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ): إنَّما خصَّ عبدَ الله بن حذافة بإرساله إلى كسرى؛ لأنَّه كان يتردَّد إليهم كثيرًا، ويختلف إلى بلادهم، وقيل: إنَّ الذي مضى بكتابه إلى كسرى خنيسُ بن حذافة أخو المذكور، وقيل: شجاع بن وهب الأسديُّ، ذكر ذلك ابن بشكوال في «مبهماته»، وفي القول بأنَّه خنيس نظرٌ؛ لأنَّ خنيسًا قَبْلُ أصابته جراحةٌ بأُحُد، فمات منها، والمعروف أنَّه مات بالمدينة على رأس خمسة عشر شهرًا بعد رجوعه من بدر، وأين هذا من بعثه إلى كسرى؟! لأنَّه عَلَيهِ السَّلام بعثه إلى كسرى منصرفه من الحُدَيْبيَة، كما ذكره الواقديُّ من حديث الشفاء بنت عبد الله، كما تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق، وقال السهيليُّ: كتب إليه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليلة الثلاثاء العاشر من جمادى الأولى سنة سبع من الهجرة _وقد قدَّمتُ الخلاف قريبًا في تاريخ الكتابة_: «بسم الله الرَّحمن الرحيم، من محمَّد رسول الله إلى كِسرى عظيم فارس: سلامٌ على من اتَّبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، أدعوك بداعية الله، فإنِّي أنا رسول الله إلى الناس كافَّة؛ لينذر من كان حيًّا، ويحقَّ القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت؛ فعليك إثم المجوس».
قوله: (أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ): (عظيم البَحْرين): هو المنذر بن ساوَى كما تَقَدَّم، وساوَى _بفتح الواو، كذا أحفظه، ورأيت عن الحافظ قطب الدين الحلبيِّ ما لفظه: بكسر الواو، كذا رأيت بخطِّ شيخنا الرضيِّ الشاطبيِّ، وقال: ذكره عياض في «التنبيهات» _ ابن الأخنس بن بيان بن عمرو بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم الدارميُّ، صاحب البَحْرين، الأسبذيُّ؛ بالباء الموحَّدة، والذال المعجمة: نسبة إلى إسبذ؛ قرية بهجر، كانوا ينزلون بها، وقيل: فرس كانوا يعبدونه، وقيل: اسم رجل بالفارسيَّة، ويقال له: العبديُّ؛ منسوب إلى عبد الله بن دارم، انتهى.

(1/7916)


وهو المنذر بن ساوَى التميميُّ الداريُّ، نقله الدارميُّ، صاحب البَحْرين وعاملُها لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ذكره ابن قانع وجماعة، قال ابن قانع: وفد على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال أبو الربيع بن سالم: ولا يصحُّ، انتهى، ذكره الذهبيُّ في الصَّحابة، ولم يحمِّر عليه، فهو عنده صَحابيٌّ، ولم يذكره ابن عبد البَرِّ فيهم، وقد رأيت بخطِّ الحافظ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس حاشية على «الاستيعاب» لفظها: المنذر بن ساوَى العبديُّ ملك البَحْرين، كتب له رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بكتاب بعثه إليه مع العلاء بن الحضرميِّ، فأسلم وحسن إسلامه، وخبره بذلك مشهور، انتهى، وكلام أبي الربيع بن سالم ذكره في غير هذا المكان ابنُ سيِّد النَّاس، والله أعلم.
قوله: (فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيّبِ): قائل هذا الحسبان عن ابن المُسَيّب الظاهر أنَّه الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، وقول سعيد: (فَدَعَا عَلَيْهِمْ ... ) إلى آخره: هو مرسلٌ هنا.
==========
[ج 2 ص 248]

(1/7917)


[حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأةً]
4425# قوله: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هذا هو عوف الأعرابيُّ، تَقَدَّم مترجمًا، وإنَّما قيل له: الأعرابيُّ؛ لدخوله درب الأعراب، و (الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وتَقَدَّم الكلام في روايته عن أبي بكرة نفيع بن الحارث فيما تَقَدَّم، والصحيح: أنَّه سمع منه، كما تَقَدَّم في «إنَّ ابني هذا سيِّد»، وغيرِه، والله أعلم.
[ج 2 ص 248]
قوله: (أَيَّامَ الْجَمَلِ): تَقَدَّم مرَّات أنَّ وقعة الجمل سنة ستٍّ وثلاثين، وتَقَدَّم ذكر من أنكرها؛ وهم: هشام، وعَبَّاد، وابن حزم، وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة، هكذا جزم به غير واحد، فقيل: يوم الجمعة، وقيل: يوم الخميس، ويقال: في جمادى الأولى، والمشهور الأوَّل.
قوله: (مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى): هذه البنت اسمها بُوران بنت كسرى، فملكت سنةً وهلكت، وتشتَّت أمرُهم كلَّ الشتات، ثُمَّ اجتمعوا على يزدجرد بن شهريار، والمسلمون قد غلبوا على أطراف أرضهم، ثُمَّ كانت حروب القادسية معهم إلى أن قهرهم الإسلام، وفُتِحت بلادهم على يدي عمر بن الخَطَّاب، قاله السهيليُّ في أوَّل «روضه»، قال ابن شيخنا البلقينيِّ بعدما ذكر أنَّها بُوران: وله بنت أخرى ملكت، وهي أَرْزميدخت، ذكره الطبريُّ في «تاريخه»، وتملُّك البنت بعد قَتْلِ شيرويه أباه أَبْرَوِيزَ، وموتِ شيروز بعد أبرويز بستَّة أشهر، وكان قد أفنى جميع إخوته الذكور، فلم يبقَ إلَّا هاتان البنتان، انتهى.

(1/7918)


[حديث: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله]
4426# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ): صَحابيٌّ صغير، تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 249]

(1/7919)


[حديث: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي ... ]
4427# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): الظاهر أنَّه المسنديُّ الحافظ، [لا] أبو بكر ابن أبي شيبة، ويؤيِّده ما تَقَدَّم في (الجمعة)، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه محمَّد بن مسلم [1].
قوله: (إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: (إلى ثنيَّة الوداع): ليس بمحفوظ؛ لأنَّها من جهة مَكَّة، وتبوك من الشام مقابلها؛ كالمشرق والمغرب، إلَّا أن يكون ثَمَّ ثنيَّة أخرى في تلك الجهة، ولم يتعقَّب هذا الكلامَ شيخُنا، وهو مُتعقَّب، قال ابن إمام الجوزيَّة عقب غزوة تبوك: ولمَّا دنا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من المدينة؛ خرج الناس لتلقِّيه، وخرج النساء والصبيان والولائد يقلنَ:
~…طلع البدر علينا من ثنيات الوداع… ... ؛ البيت
وبعض الرواة يهم في هذا، ويقول: إنَّما كان ذلك عند مقدمه المدينة من مَكَّة، وهو وَهم ظاهر؛ لأنَّ ثنيَّات الوداع إنَّما هي من ناحية الشام، لا يراها القادم من مَكَّة إلى المدينة، ولا يمرُّ بها إلَّا إذا توجَّه إلى الشام، انتهى.
وقد تَقَدَّم الكلام على (ثنيَّة الوداع) في (الجهاد) من عند ابن قُرقُول، ونبَّهت هناك على أنَّ ما قاله فيه نظر، وأشرت إلى هذا المكان، ولا يظهر لي تخريجُ حديث السائب هنا، والذي يظهر: أن لو أخرجه قبل كتاب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ كان حسنًا، والله أعلم.
==========
[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متأخرة إلى نهاية الباب، بعد قوله: (كان حسنًا، والله أعلم).
[ج 2 ص 249]

(1/7920)


[باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته]
(بابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ... إلى (كِتَابُ التَّفْسِير)
اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم [لمَّا] قفل من حجَّة الوداع؛ أقام بالمدينة بقيَّة ذي الحجَّة والمحرَّم وصفرًا، ثُمَّ ابتُدِئ بشكواه الذي قبضه الله فيه في ليالٍ بقين من صفر أو في أوَّل شهر ربيع الأوَّل، وابتداء الوجع ينبني على كم أقام مريضًا، وقد صرَّح الحاكم أبو أحمد بأنَّه يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر، وتتامَّ به وجعه وهو يدور على نسائه حتَّى استُعِزَّ به، وهو في بيت ميمونة، ودعا نساءه، واستأذنهنَّ أن يُمرَّض في بيت عائشة، فأذنَّ له، فخرج ورجلاه تخطَّان في الأرض، ثُمَّ غُمِرَ وتُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
واختلف أهل العلم في اليوم الذي مات فيه بعد اتَّفاقهم على أنَّه يومُ الاثنين في ربيع الأوَّل؛ فذكر الواقدي وجمهورُ الناس: أنَّه الثاني عشر، وتعقَّبه السهيليُّ بتعقُّبٍ حسنٍ، وقد أجاب عنه بعض شيوخ شيوخنا بجواب فيه نظر، قال الطبريُّ: يوم الاثنين لليلتين مضتا من ربيع الأوَّل، وسيأتي ما يعارضه، لكنَّه معلول، وهو ما ذكره شيخنا من عند البزَّار من حديث ابن مسعود قال: (تُوُفِّيَ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في إحدى وعشرين من رمضان، وكذلك عيسى ويوشع)، قال شيخنا: وأُعِلَّ، انتهى، وقال أبو بكر الخوارزميُّ: أوَّل يوم منه، حين زاغت الشمس، وقيل: عندما اشتدَّ الضَّحاء، وفي عبارة بعضهم: ضحى يوم الاثنين، والضَّحاء؛ بالفتح والمدِّ: بعد الضحى، وفي «مسلم»: (وتُوُفِّيَ من آخر ذلك اليوم)، وقد ذكرت جمعًا في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، وهو: أنَّ المراد أوَّل النصف الثاني؛ فهو آخر وقت الضحى؛ وهو من آخر النهار باعتبار أنَّه من النصف الثاني، ويدلُّ عليه ما رواه أبو عمر بن عبد البَرِّ بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: (مات رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون_ ارتفاع الضحى وانتصافَ النهار يوم الاثنين)، وذكر موسى بن عقبة في «مغازيه» عن ابن شهاب: تُوُفِّيَ يوم الاثنين حين زاغت الشمس، والله أعلم.

(1/7921)


وغسله عليٌّ، والعبَّاس، وابناه: الفضل وقثم، ومولَياه: أسامة وشقران، وحضرهم أوس بن خوليٍّ الأنصاريُّ، وكُفِّن في ثلاثة أثواب بيض سحوليَّة، ليس فيها قميص ولا عمامة، وصلَّى عليه المسلمون أفذاذًا، لم يؤمَّهم أحد، وقد ذكر السهيليُّ وجه الفقه في ذلك، وقد ذكرته في تعليقي على سيرة ابن سيِّد النَّاس، وهو أنَّ الله تعالى افترض الصلاة عليه بقوله: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وحكم هذه الصلاة التي تضمَّنتها الآية ألَّا تكون بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلةٌ في لفظ الآية، وهي متناوِلة لها والصلاة عليه في كلِّ حالٍ، وأيضًا فإنَّ الرب تبارك وتعالى قد أخبر أنَّه يصلِّي عليه وملائكتُه، فإذا كان الربُّ هو المصلي سبحانه والملائكةُ قبل المؤمنين؛ وجب أن تكون صلاةُ المؤمنين تبعًا لصلاة الملائكة، وأن تكون الملائكة هم الإمام والأُمَّام، انتهى، وقال ابن الماجِشُون لما سُئِل: كم صُلِّيَ عليه صلاةً؟ قال: اثنتان وسبعون صلاة؛ كصلاة حمزة، فقيل له: من أين لك هذا؟ فقال: من الصندوق الذي تركه مالكٌ بخطِّه عن نافع عن ابن عمر، انتهى لفظه.
غريبةٌ: قال شيخنا العراقيُّ في «منظومته»:
~…وَقِيلَ: ما صَلَّوا عليهِ بَلْ دَعَوا…وانصَرفُوا وذَا ضعيفٌ قدْ رَوَوا
~…عَنْ مَالِكٍ: أنْ عددُ الصلاةِ…سبعونَ واثنانِ منَ المرَّاتِ
~…وليسَ ذَا متَّصلَ الإسنادِ…عنْ مَالِكٍ في كُتُبِ النُّقَادِ
والله أعلم، وعلى القول بأنَّه صُلِّيَ عليه أفذاذًا، فمَن تَقَدَّم الجميع؟ الجواب: أنَّ العبَّاس تَقَدَّم، ثُمَّ بنو هاشم، ثُمَّ المهاجرون، ثُمَّ الأنصار، ثُمَّ سائر الناس، ولمَّا فرغ الرجال؛ دخلَ الصبيان، ثُمَّ النساء، نقله النوويُّ في أوائل «تهذيبه» عن أبي أحمد الحاكم، والله أعلم، وفُرِش تحته قطيفة حمراء كان يتغطَّى بها، فقيل: إنَّ ذلك خاصٌّ به، وقيل: إنَّها أُخرِجت.
قال شيخنا العراقيُّ في «سيرته»:
~…وفُرِشَتْ في قبرِهِ قطيفةُ…وقيلَ: أُخرجتْ، وهذا أثْبَتُ
ودخل قبرَه العبَّاسُ، وعليٌّ، والفضل، وقثم، وشقران، وزاد بعضهم: أسامة في رواية، وعبد الرَّحمن بن عوف، وأوس بن خوليٍّ، وعَقِيل بن أبي طالب في رواية، وقد ذكرت ذلك بزيادة في تعليقي المشار إليه، وأُطبِق عليه تسع لَبِنَات، ودُفِن في الموضع الذي توفَّاه الله فيه، حُوِّل فراشه، ودُفِنَ تحته، فقيل: من وسط الليل ليلة الأربعاء، وذكر بعض مشايخ مشايخي: ودفن ليلة الأربعاء، وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الاثنين عند الزوال، قاله الحاكم وصحَّحه، انتهى.
وفي كلام بعضهم: يوم الثلاثاء حين زالت الشمس، وقيل: ليلة الأربعاء، وقال ابن الجوزيِّ: ودفن ليلة الأربعاء وسط الليل، وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الثلاثاء، والأوَّل أصحُّ.
وكانت مدَّة شكواه ثلاثة عشر يومًا، وقال بعض مشايخ مشايخي: وكانت مدَّة توعُّكه اثني عشر يومًا، وقيل: أربعة عشر، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: عشرة، انتهى، وقيل غير ذلك.

(1/7922)


والحاصل: أقوالٌ في مدَّة مرضه: أربعة عشر، ثلاثة عشر، اثنا عشر، عشرة، ثمانية، وهو ما رواه الخطيب في «الرواة عن مالك» بسنده إلى أنس بن مالك، وكلُّ هذا في تعليقي على سيرة أبي الفتح، وسأذكر في (الطبِّ) العلَّةَ التي تُوُفِّيَ بها عَلَيهِ السَّلام.
فائدةٌ: عن المعتمر بن سليمان عن أبيه: أنَّه عَلَيهِ السَّلام بدأ به وجعه عند وليدته ريحانة، وعند أبي معشر: في بيت زينب بنت جحش، انتهى، وريحانة قد اختلف فيها؛ هل هي زوجة أو وطئها بملك اليمين؟ قولان تَقَدَّما.
==========
[ج 2 ص 249]

(1/7923)


[معلق يونس: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ... ]
4428# قوله: (وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهريُّ): محمَّد بن مسلم، وتعليق يونس بهذا السند لم يكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.
قوله: (مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: إنَّه كان نقص من لذَّة ذوقه، قاله الداوديُّ، وليس ببيِّن، كما قال ابن التين؛ لأنَّ نقص الذوق ليس بألم، انتهى، لا شكَّ أنَّه ألم؛ لأنَّا إذا مرضنا؛ نبقى بعض أيام لا نجد للماء طعمًا، فنتألَّم لذلك، وكذا إذا لم يجدِ الشخص طعم الطعام؛ يتألَّم لذلك، ويشكو للناس ذلك، وهو ألمٌ، وأيُّ ألمٍ [أشدُّ من] بقاء عدم الذوق للطعام والشراب وذهاب ذوقه إذا لم يحسَّ بشيء من المذاق؟ وهي الخمسة: الحلاوة، والمرارة، والحموضة، والملوحة، والعذوبة، والمَذَاق؛ بفتح الميم، وتخفيف الذال المعجمة، وبالقاف.
قوله: (فَهَذَا أَوَان [1] انْقِطَاعِ أَبْهَرِي): قال الدِّمْياطيُّ: الأبهر: عرق مستبطنٌ القلب، (هذا أوانَ)؛ بفتح النون على الظرف، وبُنِيَت على الفتح؛ لإضافتها إلى مبنيٍّ؛ وهو الفعل الماضي؛ لأنَّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، ورُوِيَ بالرفع على أنَّه خبر (هذا)، انتهى.
وقد أَخذ هذا الكلام من القاضي عياض أو ابن قُرقُول، قال ابن قُرقُول: «فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري»؛ أي: حين وجدته ووجدت تأثيره ووقت وجدته، والأوان: الزمان والوقت، مفتوح الهمزة، وضبطنا في النون الوجهين: الفتح والضمَّ على خبر المبتدأ وإعطائِه حقَّه من الرفع، والنصبُ على الظرف، والبناء لإضافته إلى مبنيٍّ؛ وهو الفعل الماضي؛ لأنَّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، وهو في التقدير: مرفوع بخبر المبتدأ، انتهى.
قال الجوهريُّ: الأبهر: إذا انقطع؛ مات صاحبه، وهما أبهران يخرجان من القلب، ثُمَّ يتشعَّبُ منهما سائر الشرايين، ثُمَّ أنشد بيتًا.
قوله: (مِنْ ذَلِكِ [2] السّمِّ): (ذلكِ)؛ بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، و (السُّم): تَقَدَّم أنَّه مثلَّث السين، الفتح أفصح، ويليه الضمُّ، وأردؤها الكسر.
فائدةٌ: روى الإمام أحمد في «المسند» عن عبد الرزَّاق، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرَّة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: (لأَنْ أحلفَ تسعًا أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قُتِل قتلًا؛ أحبُّ إليَّ أن أحلف واحدة أنَّه لم يُقتَل، وذلك بأنَّ الله عزَّ وجلَّ جعله نبيًّا، واتَّخذه شهيدًا، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: كانوا يُرَون أنَّ اليهود سمُّوه وأبا بكر رضي الله عنه)، ثُمَّ ذكره عن شيخ له آخر عن سفيان عن الأعمش، ثُمَّ ذكره عن شيخ آخر عن الأعمش باختصار قول إبراهيم.
تنبيهٌ: التي [3] سمَّته هي زينب بنت الحارث، وقيل: هي أخت مرحب، وقد تَقَدَّمتْ، ويأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وقد تَقَدَّم ما فُعِل بها، ويأتي.

(1/7924)


[حديث: سمعت النبي يقرأ في المغرب {المرسلات عرفًا}]
4429# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أُمُّ الْفَضْلِ): لبابة بنت الحارث الكبرى، أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، وقيل: إنَّ أوَّلَ امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب، تَقَدَّم بعض ترجمة أمِّ الفضل زوج العبَّاس.
==========
[ج 2 ص 250]

(1/7925)


[حديث: كان عمر يدني ابن عباس فقال له عبد الرحمن: إن لنا أبناء ... ]
4430# قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بالموحَّدة، والشين المعجمة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم من أين أخذ عمر وابن عبَّاس ذلك من السورة في (الفتح)؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 250]

(1/7926)


[حديث: ائتوني أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا]
4431# قوله: (فَقَالَ: ائْتُونِي؛ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): تَقَدَّم الكلام على هذا الكتاب وما يتعلَّق به في (الجهاد) وفي (كتاب العلم)، والاختلاف فيما أراد أن يكتب.
فائدةٌ: لمَّا تنازعوا عنده واشتدَّ مرضه؛ عدل عن الكتاب معوِّلًا على ما أصَّل في ذلك من استخلاف أبي بكر في الصلاة، وروى مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «ادعوا لي أبا بكر وأخاكِ أكتب كتابًا، فإنِّي أخاف أن يتمنَّى متمنٍّ، ويأبى الله والمؤمنون إلَّا أبا بكر»، وفي رواية البزَّار عنها: (لمَّا اشتدَّ وجعه؛ قال: «ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه الناس»، ثُمَّ قال: «معاذ الله أن يختلف الناس على أبي بكر»)، فهذا نصٌّ على أنَّه ترك معوِّلًا على أنَّه لا يقع إلَّا كذلك، وبهذا بطل قول من ظنَّ أنَّه كتاب زيادةٍ في الأحكام والتعليم، وخَشِيَ عجز الناس عنها، والله أعلم.
قوله: (أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ): قائل هذا هو عمر بن الخَطَّاب، قاله ابن الأثير في «نهايته»، قال ابن قُرقُول: كذا هو الصحيح بفتح الهاء؛ أي: هَذَى، وإنَّما هو على طريق الاستفهام الذي معناه التقرير والإنكار على ظنِّ ذلك به؛ إذ لا يليق به الهذيان ولا قولٌ غير مضبوط في حالة من حالاته، وإنَّ ما يتكلَّم به حقٌّ وصحيح لا سوء فيه، ولا خلف، ولا غلط، في حال صحة ومرض، ونوم ويقظة، ورضًا وغضب، صلى الله عليه [وسلَّم] تسليمًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا.
والهُجْر: الهذيان، وكلام المُبَرسَم، ومنه يقال في كثرة الكلام من غير كبير فائدة: أهجرَ، وسنذكر الخلاف فيه، ثُمَّ ذكر (ما شأنه؟ أهَجَر؟): كذا لأكثر الرواة بلفظ الاستفهام، وكذا جاء في رواية سعيد بن منصور، وقتيبة، وابن أبي شيبة، والناقد في «كتاب مسلم» في حديث سفيان وغيره، وكذا وقع عند البُخاريّ من رواية ابن عيينة وجُلِّ الرواة في حديث الزُّهريِّ، وفي حديث محمَّد بن سلَام عن ابن عيينة، وكذا ضبطه الأصيليُّ بخطِّه من هذه الطرق، وهذا أرفع للإشكال وأقرب إلى الصواب، وعند أبي ذرٍّ في (باب جوائز الوفد): (هُجِر): على ما لم يُسَمَّ فاعله، وعند غيره: (هَجر)، وعند مسلم في حديث إسحاق: (يهجر)، وفي رواية قبيصة كالأوَّل: (أَهَجر؟) وقد يُتأوَّل (هجر) على ما قدَّمناه، وقد يكون ذلك من قائله دهشًا لعظم ما شاهده من حال النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم واشتداد وجعه، وعظم الأمر الذي كانت [فيه] المخالفة حتَّى لم يُضبَط كلامه ولا يُفقَه، قال عمر: لم يمت النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، وكان عندي مؤلَّف في هذه المسألة لبعض فضلاء المِصْريِّين، اختصر ذلك من كلام ابن دحية الحافظ رحمه الله تعالى.
قوله: (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ): تَقَدَّم الكلام على حدِّ جزيرة العرب وما المراد من ذلك في (الجهاد).

(1/7927)


قوله: (وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ [1]، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا): الساكت: هو ابن عبَّاس، والناسي: سعيد بن جُبَير، كذا قال الشيخ محيي الدين النوويُّ، وقد تَقَدَّم ما في ذلك، قال المهلَّب: هي تجهيز جيش أسامة، قال شيخنا: وقد ورد في رواية أنَّه القرآن، انتهى، وقال القاضي عياض: ويحتمل أنَّه قوله: «لا تتَّخذوا قبري وثنًا يُعبَد»، فقد ذكر مالك في «الموطأ» معناه مع (إجلاء اليهود) من حديث عمر، انتهى، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: أوصى بالأرحام.

(1/7928)


[حديث: هلموا أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده]
4432# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): الإمام الكبير المصنِّف المشهور، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.
قوله: (لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُضِر)؛ بضمِّ الحاء المهملة، وكسر الضاد المعجمة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ ومعناه: نزلت به المنيَّة.
قوله: (هَلُمُّوا): هذا على لغة، ولغة أهل الحجاز: (هلمَّ)، وقد تَقَدَّم الكلام عليها.
قوله: (أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وما أراد أن يكتب فيه، وتَقَدَّم قريبًا جدًّا شيء يتعلَّق به.
قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ): القائل هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، كذا ذكره مسلم في (الوصايا)، وهو في «البُخاريِّ» في (أبواب الطبِّ)، في (باب قول المريض: قوموا عنِّي).
قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: (عُبيد الله): هو المذكور في السند، ابن عبد الله بن عتبة؛ هو ابن مسعود، وقول ابن عبَّاس: (إِنَّ الرَّزِيَّةَ): تَقَدَّم أنَّها بالهمز، ويجوز التشديد، إنَّما كان يقول ذلك بعد زمن من القضيَّة، لا أنَّه قالها بعد خروجه من اجتماعهم، لكن لمَّا رأى الفتن والاختلاف؛ قال ذلك، ذكر ذلك ابن تيمية أبو العبَّاس في «الردِّ على ابن المطهَّر».
قوله: (وَلَغطِهِمْ): (اللغط)؛ بفتح الغين وسكونها: اختلاط الأصوات والكلامِ حتَّى لا يفهم.

(1/7929)


[حديث: دعا النبي فاطمة في شكواه الذي قبض فيه]
4433# 4434# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ): (يَسَرة)؛ بالمثنَّاة تحت، وفتح السين المهملة، و (جَمِيل)؛ بفتح الجيم، وكسر الميم، ثِقةٌ عالم، انفرد به البُخاريُّ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)، وكذا كتب فوقها في (ق) بالحمرة.
[ج 2 ص 251]

(1/7930)


[حديث: كنت أسمع أنه: لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة]
4435# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (سَعْدٌ): هو ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّم.
قوله: (يُخَيَّرَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (خُيِّر) بعده: مبنيٌّ أيضًا.
قوله: (بُحَّةٌ): هي بضمِّ الموحَّدة، وتشديد الحاء المهملة المفتوحة، وهي غِلَظٌ في الصوت، يقال: بحَّ يبُحُّ بُحوحًا، وإن كان من ذا؛ فهو البُحاحُ.
==========
[ج 2 ص 251]

(1/7931)


[حديث: لما مرض النبي المرض الذي مات فيه ... ]
4436# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، وأنَّها إلى جدِّه، و (سَعْدٌ): هو الذي تَقَدَّم أعلاه، سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف.
قوله: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا.
==========
[ج 2 ص 251]

(1/7932)


[حديث: إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة]
4437# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (ثُمَّ يُحَيَّا، أَوْ يُخَيَّرَ): الذي يظهر أنَّ الصواب من أحد الشكَّين: أنَّه (يُخيَّر)، وقد تَقَدَّم الجزم به قريبًا، وسيأتي الجزم به في غير مكان، ويأتي: (فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ) [خ¦4586]، والله أعلم.
قوله: (شَخَصَ [1] بَصَرُهُ): (شَخَصَ)؛ بفتح الشين والخاء والصاد، و (بصرُه)؛ بالرفع [2]، و (الرَّفِيقِ الأَعْلَى): تَقَدَّم.
قوله: (إِذًا [لَا] يُجَاوِرَنَا [3]): هو بالنصب في أصلنا بالقلم، وفي بعض النسخ: (يختارنا)، وكلاهما بالرفع في خطِّ شيخنا أبي جعفر الأندلسيِّ، وكتب تجاه (يجاورنا) ما لفظه: (يختارنا) مرفوعٌ؛ لأنَّ المراد به الحال، انتهى، وما قاله ظاهر حسن، وسأذكره في (باب سكرات الموت)، وأذكر ما ذكره فيه شيخنا الشارح.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: قال أبو زيد: شَخَص البعير يشخَص؛ بالفتح فيهما).
[2] زيد في (أ): (بالرفع)، وهو تكرار.
[3] في هامش (ق): (كذا وجدتهما _ أي: «أَوْ يُخَيَّرُ»، و «إذًا لا يجَاوِرُنا» _ مكتوبين بخطِّ بعض الفضلاء وعليهما «صح»).
[ج 2 ص 251]

(1/7933)


[حديث: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي ... ]
4438# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد: حَدَّثَنَا عَفَّانُ): (محمَّدٌ) هذا: قال الجيَّانيُ: قال الأصيليُّ: كذا في كتاب أبي زيد المروزيِّ: (حدَّثنا محمَّد، حدَّثنا عفَّان)، وكذلك قرأ لنا أبو زيد، وكذلك في رواية ابن السكن، قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا.
قوله: (دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ... ) إلى آخره: فيه أنَّ الداخلَ بالسواك عبدُ الرَّحمن بن أبي بكر، وفي «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديثها في حديث طويل: أنَّ الذي دخل بسواك من أراك رطب أسامةُ بن زيد، فذكرتْ مثل قصَّتها هذه، لكن فيه عَوْبَدٌ عن أبيه، وهو ابن أبي عمران الجونيِّ، قال النَّسائيُّ: متروك، وفيه مقالٌ غير ذلك، وفيه أيضًا: ابن بابَنُوس ما روى عنه سوى أبي عمران الجونيِّ، وقد ذكره الدولابيُّ، فقال: هو من السبعة الذين قاتلوا عليًّا، ونقل ابن القطَّان هذا القول عن البُخاريِّ، وقال أبو داود: كان شيعيًّا، وقال ابن عديٍّ: أحاديثه مستقيمة، وقال الدارقطنيُّ: لا بأس به، انتهى.
فلو صحَّ هذا الحديث؛ كان يُحمَل على أنَّهما دخلا، لكن في القصَّة ما ينفي هذا الحمل؛ لأنَّ في قصَّة كلِّ واحد أنَّه تُوُفِّيَ عقب السواك _والله أعلم_ وغير ذلك أيضًا.
قوله: (يَسْتَنُّ بِهِ): (الاستنان): الاستياك، وقد تَقَدَّم.
قوله: (فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (فأمدَّه)، الأولى: بالباء، والنسخة: بالميم عوضها، والدال مشدَّدة فيهما، قال ابن قُرقُول: (فأبدَّه بصره)؛ أي: أمدَّه، قاله الحربيُّ، قال القعنبيُّ: معنى: (أبدَّ): مدَّ، وقيل: طوَّل، وقال ابن الأثير: فأبدَّ بصره إلى السواك؛ أي: أعطاه بدَّته من النظر؛ أي: حظَّه، وقد تَقَدَّم أوَّل المادَّة أنَّ (أبدَّ) معناه: مدَّ.
قوله: (فَقَضِمْتُهُ): هو بكسر الضاد المعجمة على المشهور؛ ومعناه: قطعت طرفه بأسناني، قال ابن قُرقُول في (القاف مع الصاد المهملة): (فقصمته)؛ يعني: السواك؛ أي: شققته بأسناني، هكذا في (باب من تسوَّك بسواك غيره)، وفي كتاب التميميِّ: (فقضمته)؛ أي: قطعت رأسه، والقضم: العضُّ، وفي «البُخاريِّ» في «الوفاة» مثلُه للقابسيِّ وابن السكن، كذلك فيه عن أبي ذرٍّ، انتهى.
ثُمَّ ذكر بُعَيده في (الصاد المهملة) أيضًا ما لفظه: (فقصمته ثُمَّ مضغته): كذا لأكثرهم، ولابن السكن والمستملي والحمُّوي: بضاد معجمة، فالقصم: الكسر، والقضم: القطع بالأسنان، والمضغ: التليين، انتهى.
[ج 2 ص 251]
قوله: (فَاسْتَنَّ بِهِ): تَقَدَّم قريبًا معناه، وكذا (قَطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها قبل ذلك بلغاتها، وكذا اللغات العشر في (الإِصْبَع) تَقَدَّمتُ، وكذا الكلام على (الرَّفِيقِ الأَعْلَى).

(1/7934)


قوله: (مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي): وسيأتي: (بين سحري ونحري)، وتَقَدَّم (ورأسه على فخذي)، قال شيخنا: وفي حديث جابر بن عبد الله عند ابن سعد عن عليٍّ قال: (قُبِض رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأنا مُسنِدُه إلى صدري)، وفي حديث عبد الله بن محمَّد بن عمر بن عليِّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدِّه: قال عليٌّ: (لمَّا ثقل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في حجري؛ قلت: يا عبَّاس؛ أدركني فإنِّي هالك)، فكان جِدَّهما جميعًا أن أضجعاه، وعن عليِّ بن حسين: (قبض ورأسه في حجر عليٍّ)، وكذا قاله الشعبيُّ وابن عبَّاس، قال أبو غطفان: فقلت له: إنَّ عروة حدَّثني عن عائشة قالت: (تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين سحري ونحري، فقال ابن عبَّاس: أتعقل؟ والله لتُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وإنَّه لمستند إلى صدر عليٍّ، وهو الذي غسله وأخي الفضل وأبَى أبي أن يحضر)، وقال: (إنَّه عَلَيهِ السَّلام كان يستحيي أن أراه حاسرًا)، وروى الحاكم في «إكليله» من حديث عمرو بن ثابت بن [1] أبي المقدام، عن أبيه، عن جدِّه القرني، عن عليٍّ قال: (أسندت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى صدري، فسالتْ نفسه)، ومن حديث أمِّ سلَمة: (كان عليٌّ آخرهم عهدًا به، جعل يسارُّه، فاه على فيه، ثُمَّ قُبِض)، ومن حديث عائشة قالت: (قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لمَّا حضره الموت: «ادعوا لي حبيبي»، فقلت: أدعو عليَّ بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره، فلمَّا رآه؛ نزع الثوب الذي كان عليه، ثُمَّ أدخله فيه، فلم يزل يحضنه حتَّى قُبِض ويده عليه)، انتهى.
لم يتكلَّم شيخنا على هذا التعارض، ولا ذكر كلامًا لأحدٍ عليه، وأنا أقول: أمَّا الحديث الثاني؛ فمرسلٌ، هذا من غير أن نتكلَّم في الرجال، وأمَّا قول الشعبيِّ؛ فمقطوع لا حُجَّة فيه؛ لأنَّه لم ينقله عن أحد من الصَّحابة، وأمَّا قول ابن عبَّاس؛ فلا أعلم السند إليه، ويردُّه حديثُ عائشة الصحيح، وأمَّا حديث عَمرو بن ثابت؛ فعَمرٌو متروكٌ رافضيٌّ، وجدُّه لا أعرف له ترجمة، والله أعلم.
وأمَّا (الحاقنة)؛ فهي بالحاء المهملة، وبعد الألف قاف، ثُمَّ نون، قال ابن قُرقُول: وهي ما سفل من الأرض، انتهى، و (الذاقنة)؛ بالذال المعجمة، وبعد الألف قاف، ثُمَّ نون، قال ابن قُرقُول: وهو ما علا؛ يعني: منها، وقيل: الحاقنة: ما دون الترقوتين من الصدر، وقيل: الحاقنة: ما فيه الطعام، وقيل: الحاقنتان: الهيطتان [2] اللتان عند الترقوتين من الصدر وحبلي العاتق، قال أبو عبيد: الحواقن: ما يحقن الطعام في البطن، والذواقن: أسفل من ذلك، وقيل: الذاقنة: ثغرة الذقن، وقيل: طرف الحلقوم، وفي «النِّهاية»: الحاقنة: الوَهْدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق، والذاقنة: الذقن، وقيل: طرف الحلقوم، وقيل: ما يناله الذقن من الصدر، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وعليها ضبَّة، وفي الهامش: (عن) من غير علامة تصحيح، والمثبت هو الموافق للمصادر.

(1/7935)


[2] كذا في (أ)؛ بالياء، وفي «المطالع»: (الهبطتان).

(1/7936)


[حديث: كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده]
4439# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا بكسر الحاء المهملة، وأنَّه ابن موسى، وأنَّ (عبد الله) بعده هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.…
قوله: (نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ): (نَفَثَ)؛ بفتح النون والفاء والثاء المثلَّثة، قال ابن قُرقُول: مثل البزْق، وقيل: مثل التَّفْل، إلَّا أنَّ التفل في قول أبي عبيد لا يكون إلَّا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء يكون معهما ريق، وقيل: بعكس الأوَّل، وقد قدَّمتُ كلام الجوهريِّ في (غزوة خيبر)، وكلام غيره.
و (المعوِّذات)؛ بكسر الواو، وهذا ظاهرٌ، قال ابن قُرقُول في قوله: (يعوِّذ نفسه بالمعوِّذات): {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، انتهى، وهذا خلاف الظاهر؛ لأنَّ الظاهر من (المعوِّذات) السور الثلاث، ولو أراد السورتين؛ لقال: بالمعوِّذتين، والله أعلم، وقال شيخنا: إنَّها {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، انتهى، وإليهما ينحلُّ كلام النوويِّ في «شرح مسلم» في (الطبِّ)، فإنَّ الحديث المذكور في «مسلم» في (الطبِّ)، انتهى، وكنت أنا قلت: إنَّها السور الثلاث، ولم أر ذلك لأحد، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا نقل مثله عن الداوديِّ، والله أعلم.
قوله: (طَفقْتُ): تَقَدَّم أنَّها بمعنى: جعلت، وأنَّها بكسر الفاء وفتحها غيرَ مرَّةٍ.
قوله: (أَنْفثُ): هو بضمِّ الفاء وكسرها، وتَقَدَّم قريبًا الكلام على (النفث) ما هو.
==========
[ج 2 ص 252]

(1/7937)


[حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق]
4440# قوله: (وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعلَى): (ألحقني)؛ بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ، و (الرفيق الأعلى): تَقَدَّم الكلام عليه ما هو.
==========
[ج 2 ص 252]

(1/7938)


[حديث: قال النبي في مرضه الذي لم يقم منه: لعن الله ... ]
4441# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.
قوله: (لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ): (أُبرِز): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قبرُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ يعني: لم يُعمَل عليه حائط.
قوله: (خَشِيَ [1] أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا): (خَشِيَ)؛ بفتح الخاء في أصلنا، وقال النوويُّ في «شرح مسلم»: ضبطناه بضمِّ الخاء وفتحها، وكلاهما صحيحان، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدين في «إغاثة اللهفان»: هو بضمِّ الخاء؛ تعليلًا لمنع إبراز قبره، انتهى.
==========
[1] في هامش (ق): (ضبطه النوويُّ بالوجهين، ووهَّى ابن إمام الجوزيَّة: «خَشي»؛ أعني: بفتح الخاء).
[ج 2 ص 252]

(1/7939)


[حديث: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن ... ]
4442# 4443# 444# 445# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا القبيلة، وكذا يحيى بن عُقَيل؛ هؤلاء في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وذكر القبيلة في «مسلم» فقط، ويحيى روى له مسلمٌ فقط، وابن خالدٍ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (فَخَرَجَ [1] بَينَ رَجُلَيْن [2] ... ) إلى أن قال: (بَيْنَ العَبَّاسِ [3] بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ و [4] رَجُلٍ آخَرَ): وقد سمَّى ابنُ عبَّاس الآخر: عليَّ بن أبي طالب، تَقَدَّم الكلام على ذلك وما جاء من الروايات في ذلك في أوائل هذا التعليق، وكذا على قوله: (مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ)، وعلى (لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ)، وعلى (المِخْضَب)، و (طَفِقْنَا).
قوله: (وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ): قائل ذلك هو ابن شهاب المذكور في سند الحديث، وتَقَدَّم أنَّه ابن شهاب، وهذا معطوف على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن سعيد بن عُفَير، عن الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله، عن عائشة وابن عبَّاس، وهذا ظاهرٌ، والله أعلم.
قوله: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (نَزَل)؛ بفتح النون والزاي: كذا هو مجوَّد في أصلنا، وعليه (صح)؛ أي: نزل به المَلَك لقبض روحه الكريمة، وقد تَقَدَّم في (ذكر بني إسرائيل) الكلام عليه.
[ج 2 ص 252]
قوله: (خَمِيصَةً): تَقَدَّمتْ.
قوله: (أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ): قائل ذلك هو ابن شهاب المذكور في السند، وهذا ظاهرٌ، وهو معطوف بغير حرف العطف على الحديث الذي قبله المسند عن سعيد بن عُفَير، عن الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله به.
قوله: (وَلاَ كُنْتُ أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

(1/7940)


[حديث: مات النبي وإنه لبين حاقنتي وذاقنتي]
4446# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم أنَّ اسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وأسامة: هو الهادي، ويزيد ثِقةٌ، أخرج له الأئمة السِّتَّة، والصحيح: إثبات الياء في (الهادي)، و (ابن العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن اليماني)، كما تَقَدَّم مرَّات.
قوله: (لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي): تَقَدَّم الكلام عليهما قريبًا؛ فانظره إن أردته.

(1/7941)


[حديث: أصبح بحمد الله بارئًا]
4447# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ): قال الجيَّانيُّ لمَّا ذكر هذا الموضع وموضعًا في (الاستئذان): لم ينسبه أبو نصر في كتابه، ونسبه ابن السكن في (باب مرض النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) _يعني: هذا المكان_: إسحاق بن منصور، وأهمله في (الاستئذان)؛ انتهى، وكذا لم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا.
و (بِشْر بن شعيب)؛ بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، عن أبيه.
تنبيهٌ: اعلم أنَّ البُخاريَّ احتجَّ ببِشْر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه، وقد قال ابن معين: لم يسمع من أبيه شيئًا، سألوه عنها _يعني: كتب أبيه_ فقال: لم أسمعها من أبي، إنَّما أنا صاحب طبٍّ، فلم يزالوا به حتَّى حدَّثهم بها، وذكر غيره: أنَّ روايته عن أبيه إنَّما هي بالإجازة، وقال أبو اليمان: سمعت شعيب بن أبي حمزة وقد احتضر: من أراد أن يسمع هذه الكتب؛ فليسمعها من ابني، فإنَّه قد سمعها منِّي، وهذا يردُّ القولين الأوَّلين، ويؤيد فعل البُخاريِّ، وقد رأيت عبارته هنا، فإنَّه قال: بِشْر بن شعيب: حدَّثني أبي، فصرَّح بالتحديث، وهذا صريح في سماعه منه، وقد تَقَدَّمتْ هذه المسألة، والله أعلم.
قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): أمَّا (الزُّهريُّ)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم، قال الدِّمْياطيُّ: انفرد البُخاريُّ بهذا الإسناد عن الأئمَّة، وعندي في سماع الزُّهريِّ من عبد الله بن كعب بن مالك نظرٌ، وقد تَقَدَّم في حديث كعب بن مالك رواية الزُّهريِّ عن ابنه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعبٍ عن أبيه، وكذلك هو عند مسلمٍ: الزُّهريُّ عن عبد الرَّحمن بن كعب عن أبيه، وتارةً: الزُّهريُّ عن عبد الرَّحمن بن عبد الله عن عمِّه عبيد الله؛ جميعًا عن كعب، انتهى.
وما نظَّر فيه الدِّمْياطيُّ؛ صرَّح به أحمد بن صالح كما نقله العلائيُّ في «مراسيله»، فإنَّه قال: لم يسمع الزُّهريُّ من عبد الله بن كعب بن مالك شيئًا، والذي يروي عنه هو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، انتهى، وما قاله أحمد بن صالح ونظَّر فيه الدِّمْياطيُّ؛ فيه نظر، فإنَّه قال هنا: (أخبرني)، فصرَّح بالإخبار، وأيضًا البُخاريُّ اشترط اللقيَّ، والله أعلم.
قوله: (عَبْدُ الْعَصَا): ومعناه: أنَّه عَلَيهِ السَّلام يموت ويلي غيرُه، فيكون عليٌّ وغيره مأمورين رعيَّةً، والله أعلم.
قوله: (يُتَوَفَّى): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (فَلْنَسْأَلْهُ): هو بالجزم، جواب الأمر، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (إِنَّا وَاللهِ): هي (إنَّ) واسمها، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 253]

(1/7942)


[حديث: أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين ... ]
4448# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): ضبطته قريبًا وبعيدًا، وكذا (اللَّيْثُ)، وكذا (عُقَيْلٌ)، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ).
قوله: (أَتِمُّوا): هو بقطع الهمزة، وكسر التاء، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 253]

(1/7943)


[حديث: لا إله إلا الله إن للموت سكرات]
4449# قوله: (عَنْ عَمْرِو [1] بْنِ سَعِيدٍ [2]: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): كذا في أصلنا بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وهذا خطأ، وقد ضبَّبتُ أنا عليه في أصلنا في الموضعين؛ هذا وقريبًا يأتي، وصوابه: (عُمر بن سعيد)؛ بضمِّ العين، وحذف الواو من آخره، وهو عمر بن سعيد بن أبي حسين القرشيُّ النوفليُّ المَكِّيُّ، يروي عن طاووس، وابن أبي مُلَيْكَة، وغيرِهما، وعنه: عيسى بن يونس وغيرُه، وأمَّا (عَمرو بن سعيد)؛ بفتح العين، وزيادة واو؛ فهو عَمرو بن سعيد الأشدق، ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، وعَمرو بن سعيد مولى ثقيف، ليس للآخر في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما له في كتاب «الأدب المفرد» للبخاريِّ، ولا ثالث لهما في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفاتهم التي أخرج رجالَها المِزِّيُّ الحافظ، والله أعلم.
و (ابن أبي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وقدَّمتُ مرارًا أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ رضي الله عنه.
قوله: (وَبَيْنَ سحْرِي وَنَحْرِي): (السَّحْر)؛ بفتح السين وضمِّها وإسكان الحاء المهملتين، قال ابن قُرقُول: والسّحْر: الرئة، بضمِّ السين وفتحها، وقال الداوديُّ: ما بين ثدييها، وهو تفسير على المعنى والتقريب، وإلَّا؛ فهو ما قدَّمناه، وقال بعضهم: (شَجْري)؛ بالجيم والشين؛ يعني: المعجمة، و (نحري)؛ ومعناه: بين تشبيك يديَّ وصدري، انتهى.
وقال ابن الأثير: السحْر: الرئة؛ أي: أنَّه مات وهو مستند إلى صدرها، وما يحاذي سحرها منه، وقيل: السحْر: ما لصق بالحلقوم من أعلى البطن، وحكى القتيبيُّ عن بعضهم: أنَّه بالشين المعجمة، والجيم؛ يعني: والشين مفتوحة، والجيم ساكنة، قال ابن الأثير: وإنَّه سئل عن ذلك، فشبك بين أصابعه، وقدَّمها عن صدره؛ كأنَّه يضمُّ شيئًا إليه؛ أي: أنَّه مات وقد ضمَّته بيديها إلى نحرها وصدرها، والشَّجْر: التشبيك، وهو الذقن أيضًا، والمحفوظ الأوَّل، انتهى.
و (النحر): مجتمع التراقي على الصدر، وهو معروف، والله أعلم.
قوله: (دَخَلَ [3] عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ): تَقَدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن أبي بكر، وتَقَدَّم ما في «أبي يعلى الموصليِّ» قريبًا، والكلام عليه، والله أعلم.
قوله: (رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ): تَقَدَّم أنَّ (الرَّكوة) بفتح الراء، وتكسر، قال شيخنا: وحكى ابن دحية تثليثها، انتهى، وهي شبه تور من أدم.
[ج 2 ص 253]
قوله: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/7944)


[حديث: أن رسول الله كان يسأل في مرضه الذي مات]
4450# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك بن أنس الإمام.
قوله: (لبين سَحْرِي ونَحْرِي [1]): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.
قوله: (وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي): الأوَّل: بالرفع، والثاني: منصوب، وإن عكست؛ انعكس الأمر؛ لأنَّه من باب المفاعلة.
قوله: (يَسْتَنُّ بِهِ): تَقَدَّم أنَّ (الاستنان) الاستياكُ قريبًا، وكذا تَقَدَّم (قضِمته)، وأنَّه بكسر الضاد على المشهور.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (نَحْرِي وَسَحْرِي).
[ج 2 ص 254]

(1/7945)


[حديث: في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى]
4451# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ) قريبًا: أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وكذا (بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي)، وكذا (الرَّفِيقِ الأَعْلَى).
==========
[ج 2 ص 254]

(1/7946)


[حديث: أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل ... ]
4452# 4453# 4454# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وأنَّ (أَبَا سَلَمَة) عبد الله _ويقال: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (بِالسُّنحِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه بضمِّ السين والنون وإسكانها، وبالحاء، المهملتين، وهو منازل بني الحارث بن الخزرج، بالعوالي من المدينة، بينه وبين منزله عَلَيهِ السَّلام ميل.
قوله: (فَتَيَمَّمَ): أي: قصد.
قوله: (وَهْوَ مُتغَشًّى [1] بِثَوْبِ): (متغشًّى) في أصلنا: بالتنوين، وفتح الشين، وهو مرفوع خبر، وأمَّا أنا؛ فأحفظه: (متغشٍ)، مرفوعٌ على أنَّه خبر، والله أعلم.
قوله: (بِثَوْبِ حِبَرَةٍ): هي بكسر الحاء المهملة، وفتح الموحَّدة، عَصْبُ اليمن، وقال الداوديُّ: الحِبَرة: ثوبٌ أخضر.
قوله: (ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ): تَقَدَّم الكلام على (أكبَّ) أنَّه لازمٌ، وأنَّ (كبَّ) متعدٍّ، وعلى أخوات هذا الفعل، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (فَقَبَّلَهُ): تَقَدَّم أنَّه قبَّله بين عينيه، كما عزوته في (الجنائز) إلى النَّسائيِّ، وهو فيها في «ابن ماجه» أيضًا.
قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ... ) إلى آخره: قول الزُّهريِّ هو معطوف على السند الذي قبله؛ يعني: بالسند الذي قبله، وفي أصلنا: (وحدَّثني أبو سلمة)، ولم يذكر فيها: (قال [2] الزُّهريُّ)، والأولى نسخة في أصلنا، وهذه أصلٌ، وقائل: (وحدَّثني أبو سلمة) هو الزُّهريُّ؛ يعني: بالسند الذي قبله، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللهِ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو الزُّهريُّ، ورواية ابن المُسَيّب سعيد عن عمر مرسلة، لم يسمع منه إلَّا نعي النعمان بن مقرِّن على المنبر، وقد وُلِد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، قاله أبو حاتم، انتهى.
وحديثه عن عمر في «السنن الأربعة»، وعن أبي بكر في «ابن ماجه»، قاله العلائيُّ، وإنَّما هي في «سنن أبي داود»، على أنَّ شيخنا العراقيَّ وهَّم المِزِّيَّ في ذلك، وإنَّما الذي في «أبي داود» روايته مرسلة، ليس فيها أبو بكر، انتهى، قال المِزِّيُّ في «تهذيبه»: (قال أحمد: رأى سعيدٌ عمرَ وسمع منه، وإذا لم نقبل «سعيد عن عمر»؛ فمن نقبل؟)، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك في (باب الاستلقاء في المسجد) بزيادة، والله أعلم.
قوله: (فَعَقِرْتُ): هو بفتح العين المهملة، وكسر القاف، قال ابن قُرقُول: قال يعقوب وغيره: عَقِر الرجل، فهو عَقِرٌ؛ إذا فجئه [3] أمر، فلم يقدر على أن يتَقَدَّم أو يتأخَّر، وقال الخليل: عَقِر الرجلُ؛ إذا دَهِشَ، وضبطه القابسيُّ: عَقُر؛ بضمِّ القاف، وهو وَهم، انتهى.

(1/7947)


وفي أصلنا: (فعَقِرت)؛ بفتح العين، وكسر القاف، وفي الهامش: (فعُقِرت)؛ بضمِّ العين، وكسر القاف، وعليها علامة راويها، وقال شيخنا: ضبطه أبو الحسن بضمِّ العين، وضبطه غيره بفتحها، وكذا هو في كتب اللغة، انتهى.
قوله: (وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ): وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (هويت)؛ بحذف الهمزة، قال الدِّمْياطيُّ: هَوَى؛ بالفتح، يَهْوي هَويًّا؛ أي: سقط إلى أسفل، وهَوِي؛ بالكسر، يَهوِي هوًى؛ إذا أحبَّ، وأهوى إليه بيده ليأخذه، انتهى، قال في «المطالع»: (هوَيت إلى الأرض؛ أي: سقطت؛ بفتح الواو، وهَوى أيضًا بمعنى: هلك ومات؛ ومنه: {فَقَدْ هَوَى} [طه: 81]، وزعم بعضهم أنَّ صواب هذا الحرف: «أهوى إلى الأرض»، وكذا جاء في «البُخاريِّ» في «الوفاة»، ولم يقل شيئًا، إنَّما يقال من السقوط: هَوى؛ ومنه: «يَهْوِي في النار»؛ أي: ينزل ساقطًا، وقيل: أهوى من قريب، وهَوَى من بعيد)، انتهى.

(1/7948)


[حديث: أن أبا بكر قبل النبي بعد موته]
4455# 4456# 4457# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو القطَّان الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر لي وإن كان السُّفيانان رويا عنه، وكذا يحيى القطَّان روى عنهما، والله أعلم.
قوله: (قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه قبَّله بين عينيه، كما رواه النَّسائيُّ وابن ماجه.
==========
[ج 2 ص 254]

(1/7949)


[حديث: لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا العباس فإنه لم يشهدكم]
4458# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن عبد الله بن المَدينيِّ، الحافظ الناقد، وأمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ.
قوله: (وَزَادَ: وَقَالَتْ [1] عَائِشَةُ)؛ يعني: فروى الحديث المذكور قبله باللفظ أو بالمعنى والسند يحيى، وزاد كذا وكذا، والله أعلم.
قوله: (لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ): (اللَّدود)؛ بفتح اللام: الدواء الذي يُصَبُّ من أحد جانبي الفم؛ وهما لديداه، ولدَدْتُه: فعلت ذلك به.
تنبيهٌ: اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لُدَّ يوم الأحد، وتُوُفِّيَ ثاني يوم، يوم الاثنين حين زاغت الشمس، وقد تَقَدَّم متى تُوُفِّيَ من النهار، ويأتي في (الطبِّ) بأيِّ داء تُوُفِّيَ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إن شاء الله تعالى ذلك، وسأذكر في (الطبِّ) بمَ لدُّوه _إن شاء الله تعالى_ ومن أشار به.
قوله: (كَرَاهِيَة الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ): (كراهية): تَقَدَّم مرَّات أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللغة: كراهي، و (كراهية) في أصلنا: مرفوعة ومنصوبة بالقلم، وكذا في قوله بعده: (كَرَاهِيَة الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ)، وإعرابهما ظاهر، أمَّا الرفع؛ أي: هذا منه كراهية، وهو أوجه من النصب، قال أبو البقاء: الرفع خبر مبتدأ؛ أي: هذا الامتناع كراهية، ويحتمل النصب على أن يكون مفعولًا له؛ أي: للكراهية، ومصدر؛ أي: كرهه كراهيةً.
قوله: (لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ [2] إِلاَّ الْعبَّاس): قال شيخنا: فيه مشروعيَّة القصاص فيما يصاب به الإنسان عمدًا، وفيه أنَّه عَلَيهِ السَّلام ربَّما انتقم لنفسه، ويبقى معنى حديث عائشة: (إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا) [خ¦3560]: أنَّ ما أُصيب به في بدنه قد انتهكت به حرمة الله، وأنَّ تركَ الانتقام تركُ الأموال، انتهى، وسأذكر فيه كلامًا في (كتاب الطبِّ)، وهو حسنٌ، نقله شيخنا هناك؛ فانظره، والله أعلم.
تنبيهٌ: ذكر السهيليُّ في أواخر «روضه»، وذكر حديث العبَّاس وأنَّه قال: (لألُدَّنَّه)، فلدُّوه، وحسبوا أنَّ به ذات الجنب: ففي هذا الحديث: أنَّ العبَّاس حضر ولدَّ مع من لدَّ، وفي «الصحيحين»: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قال: «لا يبقينَّ أحد بالبيت إلَّا لُدَّ إلَّا عمِّيَ العبَّاس، فإنَّه لم يشهدكم»، وهذا أصحُّ من رواية ابن إسحاق، انتهى.
[ج 2 ص 254]

(1/7950)


قوله: (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ... ) إلى آخره: أمَّا (ابن أبي الزناد)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (أبا الزناد) بالنون، وتَقَدَّم أنَّ ابنَه اسمُه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّم أنَّ عبد الرَّحمن ليس على شرط الكتاب، وإنَّما علَّق له البُخاريُّ كهذا، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير، والباقي معروفٌ، وأراد بهذا تقوية الحديث، والله أعلم، وتعليق ابن أبي الزناد لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

(1/7951)


[حديث: من قاله؟! لقد رأيت النبي وإني لمسندته إلى صدري ... ]
4459# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَزْهَرُ) بعده: هو ابن سعد السَّمَّان، تَقَدَّم، وهو حُجَّة، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّموا.
قوله: (ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ): تَقَدَّم الكلام على أحاديث رُوِيَت في أنَّ عليًّا وصيُّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، والكلام عليها؛ فانظرها في (الوصيَّة).
قوله: (فَدَعَا بِالطَّسْتِ): تَقَدَّم اللغات فيه، وإنَّما دعا به؛ ليبول فيه، كما في بعض السنن و «الشمائل» للترمذيِّ.
قوله: (فَانْخَنَثَ): أي: انثنى ومال للسقوط، تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 255]

(1/7952)


[حديث طلحة: سألت بن أبي أوفى: أوصى النبي؟]
4460# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الواو، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (طَلْحَةُ) بعده: هو طلحة بن مُصَرِّف بن كعب بن عمرو الياميُّ، ومُصَرِّف؛ بضمِّ الميم، وفتح الصاد المهملة، وكسر الراء المشدَّدة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عَبْدُ اللهِ بْنً أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم، واسم أبي أوفى: علقمة بن خالد، وأبو أوفى قدَّمتُ أنَّه صَحابيٌّ، وقد تَقَدَّم أيضًا.
قوله: (كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ): (كُتِب): مبنيُّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (الوصيةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (أُمِرُوا): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعله.
==========
[ج 2 ص 255]

(1/7953)


[حديث: ما ترك رسول الله دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة]
4461# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الحاء المهملة، وبالصاد المهملة أيضًا، والواو مفتوحة، وتَقَدَّم أنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وتَقَدَّم الكلام على (عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ) أنَّه ختن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه أخو جويرية بنت الحارث أمِّ المؤمنين، رضي الله عنهما، وتَقَدَّم أنَّ الحارث والدهما أسلم وصحب؛ فانظر ذلك في (الوصايا).
قوله: (إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الوصايا)، وأنَّ الظاهر أنَّها الدلدل، وتَقَدَّم لِمَ قلت هذا.
قوله: (وَسِلاَحَهُ): تَقَدَّم الكلام على (سلاحه) في (الوصايا)؛ فانظره.
قوله: (وَأَرْضًا): تَقَدَّم أنَّها فدك والتي بخيبر، قاله شيخنا عن ابن التين.
==========
[ج 2 ص 255]

(1/7954)


[حديث: ليس على أبيك كرب بعد اليوم]
4462# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو ابن زيد بن درهم الإمام، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ حمَّادًا إذا لم يُنسَب؛ فإن كان الراوي عنه سليمان بن حرب _كهذا_ أو محمَّد بن الفضل عَارم؛ فهو ابن زيد، وإن كان الراوي عنه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عفَّان أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا كان الراوي عنه هدبة بن خالد، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أنَّ حمَّاد بن سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له، وأخرج له مسلم والأربعة، والله أعلم.
قوله: (وَا كَرْبَ أَبَاهْ): قال بعضهم: هذا فيه نظر، وقد رواه مبارك بن فضالة عن ثابت: (وا كرباه، إلى جبريل ننعاه)، انتهى، وهذا فيه نظر، وكيف يكون فيه نظر وقد قال عَلَيهِ السَّلام في جوابها هنا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ»، نعم؛ رواه ابن خزيمة في روايةٍ: (وا كرباه)، فعلى هذا تكون فاطمة قالت ذلك مرَّتين؛ مرَّةً: (وا كرب أبتاه)، ومرَّةً: (وا كرباه)، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 255]

(1/7955)


[باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله: (بابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فائدةٌ: روى ابن سعد في «طبقاته» بإسناد جيِّد عن أنس رضي الله عنه: كانت عامَّة وصيَّة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حين حضره الموت: «الصلاة، وما ملكت أيمانكم»، حتَّى جعل يغرغر بها في صدره، وما كاد يفصح بها لسانه، وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: آخر ما عهد به عَلَيهِ السَّلام أنَّه أوصى بالرَّهاويِّين، وجعل يقول: «إن بقيت؛ لا أدع بجزيرة العرب دينين»، وفي حديث عن عليِّ بن عبد الله بن عبَّاس: أوصى بالدَّوسيِّين والرَّهاويِّين خيرًا، وعن جابر رضي الله عنه: أوصى قبل موته بثلاث: «ألا لا يموتنَّ أحدكم إلَّا وهو يحسن الظنَّ بالله ... »، وأخرجه مسلم أيضًا، وفي «مسند أحمد» من حديث أبي عبيدة ابن الجرَّاح: آخر ما تكلم به رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أخرجوا يهود الحجاز وأهل نَجْران من جزيرة العرب»، وفي «الإكليل»: « ... اليهود والنصارى من الحجاز»، وروى سليمان بن طرخان: آخر ما تكلَّم به: «جلال لربي الرفيع، فقد بلَّغت»، انتهى ما ذكره شيخنا، وفي «الصحيح»: «اللَّهمَّ الرفيق الأعلى»، والجمع ممكن أن يؤوَّل ما تَقَدَّم أنَّه من آخر كلامه عَلَيهِ السَّلام.
==========
[ج 2 ص 255]

(1/7956)


[حديث: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير]
4463# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ محمَّد): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه ممن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وهذه الطريق لم أرها في «أطراف المِزِّيِّ»، إنَّما رأيت فيها الطريق التي في (الدعوات) وفي (الرقاق) مرَّتين، وأسقط ما هنا، ولعلَّ هذه الطريق سقطت من نسختي، وذلك لأنَّها ثابتة في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ هنا، والله أعلم، قول الزُّهريِّ: (أخبرني سعيد بن المُسَيّب في رجال من أهل العلم: أنَّ عائشة)، سُمِّيَ منهم: عروة _وهو عند البُخاريِّ_ وأبو سلمة بن عبد الرَّحمن.
قوله: (ثُمَّ يُخَيَّرَ): هو منصوبٌ معطوفٌ على (يرى)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ): هو بفتح النون والزاي؛ أي: نزل به المَلَك لقبض روحه الكريمة، وقد تَقَدَّم في (ذكر بني إسرائيل) ما فيه.
قوله: (فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ): (بصرَه): منصوب مفعول.
قوله: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى): تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (إِذًا لَا يَخْتَارنَا): منصوب كذا هنا في أصلنا، وتَقَدَّم أنَّه مرفوع أيضًا على الحال، وقد تَقَدَّم قريبًا، وسأذكر فيه كلامًا في (الرقائق)؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 255]

(1/7957)


[باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/7958)


[حديث: أن النبي لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن]
4464# 4465# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، و (يَحْيَى) بعده: تَقَدَّم أنَّه يحيى بن أبي كَثِير، و (أبو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ ... ) إلى آخره: هذا تفريعٌ على أنَّه عَلَيهِ السَّلام عاش ستِّين سَنةً، وقد قدَّمتُ في المسألة أقوالًا؛ هذا أحدها، والثاني: ثلاثًا وستِّين سَنةً، وهذا أصحُّ، والثالث: خمسًا وستِّين، وذكرت غير ذلك أيضًا، وقال شيخنا العراقيُّ: عن ستِّين، وخمسِ وستِّين؛ قولان وهَّنوهما بمَرَّة، قال بعض الحفَّاظ: واتَّفق العلماء على أنَّ أصحَّها ثلاثٌ وستُّون، أو تأوَّلوا الباقي عليه، فرواية: (ستِّين) اقتصر فيها على العقود، وترك الكسر، ورواية: (الخمس) متأوَّلة أيضًا، أو حصل فيها اشتباه، وقد أنكر عروةُ على ابن عبَّاس قولَه: خمسًا وستِّين، ونسبه إلى
[ج 2 ص 255]
الغلط، وأنَّه لم يدرك أوَّلَ النبوَّة، ولا كثرت صحبته، بخلاف غيره، واتَّفقوا على أنَّه أقام بالمدينة عشرًا، وإنَّما الخلاف في إقامته في مَكَّة بعد النبوَّة قبل الهجرة، وقد قدَّمتُ جمعين للسهيليِّ بين الأقوال في (باب المبعث)، وقدَّمتُ جمعًا آخر لغيره، وقدَّمتُ الاختلاف في كم كان عمره حين تُوُفِّيَ، وحين نُبِّئ، فيه، والله أعلم.

(1/7959)


[حديث: أن رسول الله توفي وهو ابن ثلاث وستين]
4466# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (تُوُفِّيَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ): تَقَدَّم الكلام على ذلك قريبًا جدًّا، وفي (باب المبعث) مطوَّلًا، وأنَّ هذا هو الصحيح في عمره عَلَيهِ السَّلام.

(1/7960)


[باب آخر أحواله صلى الله عليه وسلم]

(1/7961)


[حديث: توفي النبي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين]
4467# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو فيما يظهر أنَّه الثوريُّ، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ.
قوله: (وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاَثِينَ): تَقَدَّم أنَّ هذه الدرع هي ذات الفضول، قاله غير واحد، وتَقَدَّمتْ أدراعُه عَلَيهِ السَّلام، وتَقَدَّم أنَّ اليَهوديَّ أبو الشحم، وما وقع فيه في بعض كتب الشافعيَّة، وتَقَدَّم أنَّ الثلاثين كانت ثلاثين صاعًا من شعير، وتَقَدَّم ما في ذلك من الروايات في (البيع)، وتَقَدَّم كم كان الأجل.
فائدةٌ: إنَّما ذكر هذا الحديث ببابٍ مفرد؛ ليُعلَم أنَّه من آخر أحواله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/7962)


[باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه]
قوله: (بابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ [1] فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ): (أسامةَ): منصوب مفعول المصدر؛ وهو (بعث)، و (ابنَ): تابع له.
قوله: (فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ): اعلم أنَّما بعثه قبل ابتداء مرضه، وقد يُجابُ عنه بأنَّه عَلَيهِ السَّلام إنَّما عقد اللواء له وهو مريض، أو أنَّه عَلَيهِ السَّلام لمَّا قال وهو مريض: «أنفذوا جيش أسامة»؛ أطلق البُخاريُّ عليه في التبويب ما ذكر، وسأذكر ذلك قريبًا جدًّا.
ثُمَّ اعلم أنَّ هذه السريَّة التي بعثها عَلَيهِ السَّلام _سريَّة أسامة بن زيد بن حارثة_ بعثها إلى أُبنى؛ وهي أرض الشَّراة، ناحية البلقاء، قالوا: لمَّا كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجره عَلَيهِ السَّلام؛ أمر رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الناس بالتهيُّؤ لغزو الروم، فلمَّا كان من الغد؛ دعا أسامة بن زيد، فقال: «سر إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد ولَّيتك هذا الجيش، فأغِرْ صباحًا على أهل أُبنى، وحرِّق عليهم، وأسرع السير؛ لسبق الأخبار، فإن ظَفَّرَك الله؛ فاقتل الليث فيهم، وخذ معك الأدلَّاء، وقدِّم العيون والطلائع معك»، فلمَّا كان يوم الأربعاء؛ بُدِء برسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وجعُه، فحُمَّ وصُدِع، فلمَّا أصبح يوم الخميس؛ عقد لأسامة اللواء بيده، ثُمَّ قال: «اغزُ بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله»، فخرج بلوائه معقودًا، فدفعه إلى بريدة بن الحُصيب الأسلميِّ، وعسكر بالجُرف، فلم يبقَ أحد من وجوه المهاجرين الأوَّلين والأنصار إلا انتدبَ في تلك الغزوة؛ منهم: أبو بكر، وقد تَقَدَّم إنكار أبي العبَّاس ابن تيمية كون أبي بكر معهم، والذي قاله ظاهر صحيح، وكيف يستخلفه في الصلاة ويأمره بالخروج؟! وقيل: إنَّ عمر كان معهم، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ عائشة قالت لحفصة: (قولي: فلو أمرت عمر)، اللهمَّ إلَّا ألَّا تكون عائشة وحفصة علمتا تعيين عمر، والله أعلم، وكان معهم أبو عبيدة ابن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش.
فتكلَّم قوم، وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأوَّلين، والذي عُرِف من القائلين: عيَّاش بن أبي ربيعة، فغضب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، فصعد المنبر، وذلك يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الأوَّل سنة إحدى عشرة، والقصَّة معروفةٌ مشهورةٌ في كتب المغازي والسير، فلا نطوِّل بذكرها كلِّها.

(1/7963)


وقد تأخَّر الجيش؛ لموت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فلمَّا كان هلال ربيع الآخر سنة إحدى عشرة؛ خرج أسامة فسار إلى أهل أُبنى عشرين ليلة، فشنَّ عليهم الغارة، وكان شعارهم: (يا منصورُ أَمِتْ)، فقتل من أشرف له، وسبى من قدم عليه، وحرَّق في طوائفها بالنار، وحرق منازلهم وحرثهم ونخلهم، وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم، وكان أسامة على فرس أبيه سبحة، وقتل قاتل أبيه في الغارة، وأسهم للفرس سهمين، وللفارس سهمًا، وأخذ لنفسه مثلَ ذلك، فلمَّا أمسى؛ أمر الناس بالرحيل، ثُمَّ أغذَّ السير، فوردوا وادي [2] القرى في تسع ليال، ثُمَّ بعث بشيرًا إلى المدينة بسلامتهم، ثُمَّ قصد بعدُ في السَّير، فسار إلى المدينة ستًّا، وما أصيب من المسلمين أحد، وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهلِ المدينة يتلقَّونهم سرورًا بسلامتهم، ودخل على فرس أبيه سبحة، واللواء أمامه يحمله بُريدة بن الحُصيب، حتَّى انتهى إلى باب المسجد فدخل، فصلَّى ركعتين، ثُمَّ انصرف إلى بيته، وبلغ هرقلَ _وهو بحمص_ ما صنع أسامةُ، فبعث رابطةً تكون بالبلقاء، فلم يزل هنالك حتَّى قدمتِ البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).
[2] في (أ): (ودي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 256]

(1/7964)


[حديث: قد بلغني أنكم قلتم في أسامة وإنه أحب الناس إلي]
4468# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، و (سَالِمٌ): هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب.
قوله: (اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ، فَقَالُوا فِيهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه استعمله على جيش أُبنى، وقدَّمتُه ملخَّصًا أعلاه، وتَقَدَّم أعلاه ما قالوا فيه، ومن عُرِف من القائلين، وقبله أطول ممَّا هنا بعد (خيبر).
==========
[ج 2 ص 256]

(1/7965)


[حديث: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل .. ]
4469# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.
قوله: (بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): تَقَدَّم أعلاه الكلامُ على هذا البعث.
قوله: (إِنْ تَطْعنُوا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين وفتحها، وكذا (تَطْعنُونَ)، وهذا على رأي الفرَّاء، فإنَّه يُجيز الفتح، حكاه الجوهريُّ عنه، وتَقَدَّم الكلام على قوله: (فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ [1]) في (باب غزوة زيد بن حارثة) بعد (غزوة خيبر)، والله أعلم.
[ج 2 ص 256]
قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ همزه همزُ وصل، وأنَّ بعضهم قطع، وتَقَدَّم الكلام على معناها مطوَّلًا.
قوله: (إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا): هو بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام، وبالقاف؛ أي: حقيقًا وجديرًا.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث رقم (4250)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قبلُ).

(1/7966)


[باب من وصل المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/7967)


[حديث: خرجنا من اليمن مهاجرين فقدمنا الجحفة]
4470# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّم أنَّه ابن الفرج، المصريُّ الفقيه، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم (ابْنُ وَهْبٍ): أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة، الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ): بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو يزيد بن أبي حَبِيب، و (أَبُو الخَيْرِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، ويزن من حمير، و (الصُّنَابِحِيُّ): اسمه عبد الرَّحمن بن عُسيلة بن عِسْل بن عَسَّال الصُّنَابحيُّ _بضمِّ الصاد، ثُمَّ نون مخفَّفة، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ حاء، مهملتين، ثُمَّ ياء النسبة_ المراديُّ، وصُنَابح: بطن من مراد، قُبِض صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو بالجحفة، فقدم المدينة بعد خمس ليال كما هنا، قيل: أو نحوها، ثُمَّ نزل الشام، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مرسلًا، وعن أبي بكر، وعمر، وبلال، وعُبادة بن الصامت، ومُعاذ، وجماعة، وعنه: سويد بن غفلة، وابن محيريز، وأبو الخير مرثد، وأبو عبد الرَّحمن الحُبُليُّ، وعطاء بن يَسار، ومكحول، وغيرُهم، وثَّقه ابن سعد وغيره، تُوُفِّيَ في خلافة عبد الملك، تابعيٌّ كبير، جليل القدر، أخرج له الجماعة.
==========
[ج 2 ص 257]

(1/7968)


[باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم؟]
قوله: (بابٌ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنِّي قدَّمتُ كم غزا عَلَيهِ السَّلام من غزوة بالاختلاف في ذلك، وكم قاتل منها في غزوة، وكم أرسل من سريَّة، في أوَّل (كتاب المغازي).
==========
[ج 2 ص 257]

(1/7969)


[حديث أبي إسحاق: سألت زيد بن أرقم: كم غزوت مع رسول الله؟]
4471# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله.
قوله: (سَبْعَ عَشْرَةَ ... ) إلى قوله: (تِسْعَ عَشْرَةَ): تَقَدَّم الكلام على هذا، وأنَّ مراد زيدِ بن أرقم: أنَّ منها تسع عشرة، وكذا مراد بريدة في حديثه، وفي بعض طرقه في «مسلم»: (ستَّ عشرة)، وفي «مسلم» عن جابر: (أنَّه غزا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تسع عشرة غزوة)، قال: (ولم أشهد بدرًا ولا أُحدًا)، فهذا تصريحٌ منه بأنَّ غزواته عَلَيهِ السَّلام ليست منحصرة في تسع عشرة، وقد جوَّزت فيه احتمالًا آخر في أوَّل (المغازي).
==========
[ج 2 ص 257]

(1/7970)


[حديث بريدة: غزا مع رسول الله ست عشرة غزوةً]
4473# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ): هذا هو أحمد بن الحسن بن جُنيدب التِّرْمِذيُّ الحافظ، أبو الحسن، أحد الجوَّالين، عن أحمد ابن حنبل، وأبي عاصم، والفريابيِّ، وغيرِهم، وعنه: البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وجعفرٌ الفريابيُّ، وابن خزيمة، ومحمَّد بن جَرِير، قال ابن خزيمة: كان أحدَ أوعية الحديث، انتهى، وهو من تلامذة أحمدَ ابنِ حنبل، وقد روى البُخاريُّ عنه عن أحمد، أخرج له من روى عنه من الأئمَّة، ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته».
و (ابْنُ بُرَيْدَةَ): عبد الله بن بريدة، قاضي مروَ وعالمُها.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 257]

(1/7971)


((65)) (كِتَابُ التَّفْسِير) ... إلى (آل عمران)
اعلم أنِّي لا أذكر في تفسير هذا الإمام شيخ الإسلام أقوالًا زائدة على ما ذكره، فإنَّها كثيرة جدًّا، وكلُّ الذي قاله من تفسير الصَّحابة والتابعين وغيرهم، عزا غالب ذلك شيخنا إلى الكتب التي هو فيها، وإلى قائليها، ولكن أذكر ما قد تُشكِل قراءته على بعض الناس، أو ما قاله ورأيت في كلام غيره مخالفةً له، أمَّا ما قاله وهو قولٌ لأهل اللغة أو لبعض المفسِّرين؛ فإنِّي لا أُعرِّج عليه غالبًا، وجلُّ مقصودي ضبط ما قد تُشكِل قراءته، فإنَّ هذا الإمام يُؤخَذُ ما نقله مسلَّمًا إليه، فإنَّه عزيزٌ نظيرُه في زمانه، فكيف بهذه الأزمان؟!
تنبيهٌ: قدَّمتُ في أوَّل (كتاب بدء الخلق) في قوله: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5] قاعدةً تنفعك في قراءة هذا التفسير.
تنبيهٌ آخر: قدَّمتُ أنَّ ترتيب الآي لا خلاف أنَّه من جبريل عن الله عزَّ وجلَّ، وأمَّا ترتيب السور؛ فذكرت فيه قولين مع احتمال كلٍّ منهما، وأنَّ الصحيح: أنَّه من تصرُّف الصَّحابة، والله أعلم، وعلى هذا مشى البُخاريُّ، وهو ترتيب المصحف اليوم.

(1/7972)


(((1))) [سورة الفاتحة]
قوله: ({الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]: اسْمَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ)، انتهى: وهذا مثل: نَدمان ونديم، وهما من أبنية المبالغة، و (رحمن) أبلغ من (رحيم)، و {الرَّحمن}: خاصٌّ به سبحانه، لا يُسمَّى به غيره، ولا يوصف به إلَّا هو، وأمَّا {الرَّحِيمِ}؛ فيُوصَف به غيره، وقول البُخاريِّ: (اسمان من الرحمة)؛ أي: مشتقَّان من الرحمة، وقد قيل: إنَّ {الرَّحمن} ليس مشتقًّا؛ لأنَّ العرب لم تعرفه في قولهم: {وَمَا الرَّحْمَن}؟ [الفرقان: 60]، وأجاب ابن العربيِّ عنه: بأنَّهم جهلوا الصفة دون الموصوف؛ ولذلك لم يقولوا: ومَن الرَّحمن؟ ومِن غريب ما رأيته في إعراب الإمام شهاب الدين السمين _وهو كثير الفوائد_ أنَّه قال: ومن غريب ما نُقِل فيه: أنَّه معرَّب، وليس بعربيِّ الأصل، وهذا يأتي، قال: وإنَّه بالخاء المعجمة، قال ثعلب والمبرِّد ... ، ثُمَّ أنشد شاهدًا على ذلك، وهذا غريبٌ جدًّا، وكأنَّها لثغةٌ، والله أعلم.
تنبيهٌ: قال شيخنا: وأغربَ أحمدُ بن يحيى حيث قال: {الرَّحمن}: عربيٌّ، و {الرَّحِيم}: عبرانيٌّ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 257]

(1/7973)


[باب ما جاء في فاتحة الكتاب]
قوله: (وَسُمِّيَتْ أُمّ الْكِتَابِ): (سُمِّيت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أم): يجوز فيه النصب والرفع، وهما ظاهران.
تنبيهٌ غريب: كره تسميتها بـ (أمِّ الكتاب) الحسنُ وابن سيرين، كما حكاه القُرْطبيُّ عنهما، وقد رأيتها أنا في كلام السهيليِّ في «روضه»، وحُكِيَ كراهة تسميتها بـ (أمِّ الكتاب) عن بقيِّ بن مَخْلد الإمام الحافظ شيخ الإسلام المغربيِّ صاحبِ المسند الكبير والتفسير، ثُمَّ تعقَّبه السهيليُّ، والله أعلم، انتهى، وفي هذا «الصحيح» في (سورة الحجر) تسميتها بـ (أمِّ القرآن)، وهو ردٌّ على من كره ذلك.
قوله: (يُبْتَدَأُ [1]): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله بعده: (وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا): مبنيٌّ أيضًا.
قوله: (مُحَاسَبِينَ): هو بفتح السين، اسم مفعول؛ لأنَّ {مَدِينِينَ} [الواقعة: 86]: اسم مفعول أيضًا، وهذا ظاهرٌ.

(1/7974)


[حديث: لأعلمنك سورةً هي أعظم سورة في القرآن]
4474# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.
قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى): (أبو سعيد) هذا: اسمه رافع بن أوس بن المعلَّى، وقيل: الحارث، قال أبو عمر: أصحُّ ما قيل في اسمه: الحارث بن نفيع
[ج 2 ص 257]
بن المعلَّى بن لوذان، وقيل غير ذلك، الأنصاريُّ الزُّرقيُّ، له حديثان، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند»، وأخرج له بقيُّ بن مَخْلد حديثين، ترجمته معروفة، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وسبعين.
فائدةٌ: حكى القاضي حُسين من الشافعيَّة _كما أفاده بعض مشايخي_ في (باب الأذان) مثلَ هذه القصَّة عن معاذ بن جبل، انتهى، وفي «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ» مثلُها عن أُبيِّ بن كعب، وقال: حسن صحيح، فصار مجموع من جرى له ذلك ثلاثةَ أشخاص.
تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «منهاج البيضاويِّ»: احتُجَّ لذمِّ أبي سعيد الخدريِّ على ترك استجابته وهو يصلِّي بقوله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24]، كذا قال: (الخدريِّ)، وهو وَهمٌ تبع فيه الإمام فخر الدين والغزاليَّ، والصواب: أبي سعيد بن المعلَّى، كما هو هنا.
قوله: (هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ): يأتي الكلام عليه في (فضل الفاتحة) في (فضائل القرآن) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

(1/7975)


[باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}]

(1/7976)


[حديث: إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا ... ]
4475# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه بضمِّ السين المهملة، وفتح الميم، ثُمَّ ياء مشدَّدة، بوزن: (عُلَيٍّ) المصغَّر، وهو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ)، وهو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.
==========
[ج 2 ص 258]

(1/7977)


(((2))) [سورة البقرة]

(1/7978)


[{وعلم آدم الأسماء كلها}]

(1/7979)


[حديث: يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا ... ]
4476# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه منسوب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النسبة إليه: فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدستوائيُّ، تَقَدَّم مرَّات، ومرَّةً مترجمًا.
قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شباب العُصفريُّ الحافظ، وأنَّ قولَ البُخاريِّ: (وقال لي) هو كقوله: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالبَ استعمالُها في المذاكرة، والله أعلم، و (سَعِيدٌ): هو ابن أبي عَرُوبة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم ما قاله في «القاموس»: (وهو ابن أبي العَرُوبة؛ باللام، وتركها لحنٌ أو قليل)، انتهى.
قوله: (وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ)، انتهى: الأنبياء معصومون من الصغائر والكبائر، قبل النبوَّة وبعدها، هذا الذي ينبغي أن يُعتَقد، والكلام في هذه المسألة معروفٌ، وقد ذكرت فيها بعض كلام في (كتاب الأنبياء) في (آدم)، وأنَّ ما وقع في ظواهر القرآن والحديث قد أجاب عنه العلماء بأجوبة سائغة، ومن جملتهم القاضي عياض في «الشفا»، وقد ذكر عدَّة أماكن من ذلك، والمسألة طويلة، والله أعلم.
قوله: (فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّم الكلام في أوائل هذا التعليق؛ فانظره.
قوله: (فَيُؤْذَن لِي): بالرفع والنصب.
قوله: (فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي [1]): تَقَدَّم أنَّ الله عز وجل يدعه في هذه السجدة والسجدة التي بعدها، كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، كما في «مسند أحمد» من حديث أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، وكذا رأيته من حديثه في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» في الأولى والتي بعدها، والله أعلم، وقد تَقَدَّم فيها شيءٌ آخر؛ انظره في أوائل هذا التعليق وبعده أيضًا، وهو أنَّه جاء في بعض الأجزاء: أنَّ كلَّ يوم من السبعة بعشر سنين، فإذن مقدار السجدة سبعون سَنةً.

(1/7980)


[قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون}]

(1/7981)


[حديث: أي الذنب أعظم عند الله؟]
4477# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو جَرِير بن عبد الحميد، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عبدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا.
قوله: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا): (النِّدُّ)؛ بكسر النون، وتشديد الدال المهملة: المثل والنظير، وقد فسَّره البُخاريُّ فيما يأتي في هذه السورة بالضدِّ، وهو قريب.
قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟): تَقَدَّم الكلام على (أي) هذه؛ هل منوَّنة مرفوعة أم مضمومة الياء فقط؟ وكلام الناس فيها، في أوائل هذا التعليق.
قوله: (أَنْ يَطْعَمَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ): (تُزاني): (تفاعل)؛ من الزنى؛ ومعناه: أن يزني بها برضاها.
==========
[ج 2 ص 258]

(1/7982)


[وقوله تعالى: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ... }]
قوله: (قَالَ مُجَاهِدٌ ... {وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57]: الطَّيْرُ): إن قيل: إنَّ (الطير) جمع، و {السَّلْوَى} مفرد، ففسَّر المفرد بالجمع؟
وجوابه: أنَّ {السَّلْوَى} أيضًا جمع ومفرد عند بعضهم، وكذا (الطير) جمع ومفرد، فلهذا فسَّر بما فسَّر، والله أعلم.
تنبيهٌ: {السَّلْوَى}: قيل: هو السُّمَانى، وقيل: طائر تشبهها، وقيل: {السَّلْوَى}: اللحم، قال الغزاليُّ: سُمِّيَ سلوى؛ لأنَّه يُسَلِّي الإنسان عن سائر الإدام، والناس يسمُّونه: قاطع الشهوات، انتهى.
==========
[ج 2 ص 258]

(1/7983)


[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين]
4478# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عُمير، و (سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ): أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وهو سعيد بن زيد بن عَمرو بن نُفيلٍ القرشيُّ، وتَقَدَّم أنَّ في الصَّحابة شخصًا آخر يقال له: سعيد بن زيد الأنصاريُّ الأشهليُّ، وقيل فيه: سعد بن زيد، أهدى سيفًا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من نَجْران، فأعطاه محمَّدَ بن سلمة، وإسناده ضعيفٌ، فلهذا ميَّزت راوي الحديث، والله أعلم.
قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): (الكَمْأَة)؛ بفتح الكاف، وإسكان الميم، ثُمَّ همزة مفتوحة، و (الكَمْأَة): جمعٌ، واحده: (كمءٌ)، وهذا خلاف قياس العربيَّة، فإنَّ ما بينه وبين واحده التاءُ؛ فالواحد منه بالتاء، وإذا حُذِفت؛ كان جمعًا، وهل هو جمع أو اسم جمع؟ على قولين مشهورين، قالوا: ولم يخرج عن هذا إلَّا حرفان: كمأة وكمء، وخبأة وخبء، قاله ابن الأعرابيِّ، وقال غيره: بل هي على القياس، و (الكَمْأَة): للواحد، و (الكمء): للكثير، وقال غيرهما: الكَمْأَة: تكون واحدًا وجمعًا، والحجج لكلِّ قول ليس هذا موضعَه.
قوله: (مِنَ الْمَنِّ): أي: من المنِّ الذي أُنزِل على بني إسرائيل، كما رواه مسلم، وقيل: من جنسه، شبَّهها بالمنِّ الذي أُنزِل على بني إسرائيل؛ لأنَّها لا تُغرَس، ولا تُسقَى، ولا تُعتَمل كما يُعتَمل سائر النبات نبات الأرض، وقد يكون معناها هنا: من منِّ الله، وتطوُّله، وفضله، ورفقه بعباده؛ إذ هي من جملة نِعَمِه.
قوله: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ): قيل: هو نفس الماء مجرَّدًا، وقيل: معناه: أن يُخلَط ماؤها بدواء تعالج به العين، وقيل: إن كان لبرودة ما في العين لحرارة؛ فماؤها مجرَّدًا شفاءٌ، وإن كان لغير ذلك؛ فمركَّب مع غيره، والصحيح بل الصواب _كما قاله النوويُّ في «شرح مسلم» _: إنَّ ماءها مجرَّدًا شفاءٌ للعين مطلقًا، فيُعصَر ماؤها، ويُجعَل في العين منه، قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة، فكحل عينيه بماء الكَمْأَة مجرَّدًا، فشُفي وعاد إليه بصره، وهو الشيخ العدل الكمال ابن عبْدٍ الدِّمَشْقيُّ، صاحب صلاح ورواية للحديث، وكان استعماله لماء الكَمْأَة اعتقادًا في الحديث وتبرُّكًا به، والله أعلم، انتهى.
[ج 2 ص 258]
ونقل ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهَدْي» قولًا آخر، وهو: أنَّ المراد بمائها: الماء الذي تحدث به من المطر، وهو أوَّل مطر ينزل إلى الأرض، فتكون الإضافة إضافة اقتران، لا إضافة جزء، ذكره ابن الجوزيِّ، قال ابن القيِّم: وهو أبعد الوجوه وأضعفُها، انتهى.

(1/7984)


[باب: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا ... }]
قوله: ({ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} ... ) إلى آخر الآية [البقرة: 58]: {الْقَرْيَةَ}: بيت المقدس، ويقال: البلقاء، ويقال: الرملة؛ أقوال، وقيل غير ما ذكرت؛ ومنها: أنَّها أريحاء.
وقوله: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58]: قال السُّدِّيُّ: باب من أبواب بيت المقدس، وكذا قال ابن عبَّاس، وقال الضَّحَّاك: باب حطَّة، و (السجود) بمعنى: الركوع، وأصل السجود: الانحناء لمن تعظِّمه.
==========
[ج 2 ص 259]

(1/7985)


[حديث: قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة}]
4479# قوله: (حَدَّثَنَا [1] محمَّد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: نسبه ابن السكن وحدَه: ابن سلَام، والأشبه فيه: محمَّد بن بَشَّار، أو محمَّد بن المثنَّى، فقد ذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن بَشَّار ومحمَّد بن المثنَّى من جملة من خرَّج عنه البُخاريُّ في «الجامع» عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، ولم يذكر فيهم: محمَّد بن سلَام، انتهى، ولخَّص شيخنا كلام الجيَّانيِّ، ولم يزد، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه».
و (ابْنُ الْمُبَارَكِ): عبد الله، أحد الأعلام، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين، وهو ابن راشد.
قوله: (حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ): (حَبَّة)؛ بفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، واحدة الحبوب، و (الشعرة): واحدة الشَّعر.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 259]

(1/7986)


[قوله: {من كان عدوًا لجبريل}]
قوله: (قَالَ عِكْرِمَةُ): هو مولى ابن عبَّاس البربريُّ، العلم المشهور، مشهور الترجمة، وقد تَقَدَّم بعضها.
قوله: (جَبْرَ، وَمِيكَ، وَسَرَافِ: عَبْدُ [1]، إِيلُ [2]: اللهُ): أمَّا (جَبْرَ)؛ فإنَّه بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة، وفتح الراء، وهذا الضبط على لغة: جَبْرائيل، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (جبرٌ، وميكٌ، وسرافٌ)؛ مرفوعٌ منوَّن الكلِّ بالقلم، وبخطِّ بعض الحفَّاظ مرفوع من غير تنوين، وأمَّا (مِيْكَ)؛ فإنَّه بكسر الميم، وإسكان الياء، وفتح الكاف، وأمَّا (سَرَافِ)؛ فإنَّه بفتح السين، وتخفيف الراء، والفاء مكسورة، وأمَّا (عبد)؛ فإنَّه مرفوع منوَّن في أصلنا، وفي نسخة: مرفوع من غير تنوين، وهذا أحسن؛ لأنَّه مضافٌ، قال الجوهريُّ: وإسرافيل: اسمٌ أعجميٌّ، كأنَّه مضاف إلى (إيلَ)، قال الأخفش: ويقال في لغةٍ: إسرافين؛ كما قالوا: جبرين، وإسماعين، وإسرائين، انتهى.
وأمَّا (سرافيل)؛ بغير همزة فقد ... [3]
وأمَّا قوله: (إيل: الله)؛ فإنَّ (إيل) في أصلنا مرفوعٌ من غير تنوين، وأحسن منه أن يكون مفتوح اللام على الحكاية، واعلم أنَّ جماعات من المفسِّرين وابن سيده والجوهريَّ وغيرَهما من أهل اللغة قالوا في (جبريل) و (ميكائيل): إنَّ (جبر) و (ميك) اسمان أضيفا إلى (إيل) و (إِلْ)، وقالوا: و (إيل) و (إِل): اسمان لله تعالى، و (جبر) و (ميك) بالسريانيَّة: عبد؛ فتقديره: عبد الله، وهذا الذي نقله الإمام البُخاريُّ عن عكرمة.
قال أبو عليٍّ الفارسيُّ: هذا الذي قالوه خطأ من وجهين؛ أحدهما: أنَّ (إيل) و (إل) لا يُعرَفان في أسماء الله تعالى، والثاني: أنَّه لو كان كذلك؛ لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربيَّة، ولكان آخره مجرورًا أبدًا؛ كعبدِ الله، قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: وهذا الذي قاله أبو عليٍّ الصواب، وإنَّ ما زعموه باطلٌ لا أصل له، انتهى.
وقد قال السهيليُّ في «روضه»: واسم جبريل سريانيٌّ؛ ومعناه: عبد الرَّحمن، أو عبد العزيز، وهكذا جاء عن ابن عبَّاس موقوفًا ومرفوعًا، والوقف أصحُّ، وأكثر الناس على أنَّ آخر الاسم منه هو اسم الله تعالى، وهو (إيل)، وكان شيخنا يذهب مذهب طائفة من أهل العلم في أنَّ هذه الأسماء إضافتها مقلوبة، وكذلك الإضافة في كلام العجم، يقولون في غلام زيد: زيد غلام ... إلى آخر كلامه في أوَّل (المبعث)، انتهى.
وفي (جبريل) تسع لغات حكاها ابن الأنباريِّ وابن الجواليقيِّ، والله أعلم.

(1/7987)


[حديث أنس: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله]
4480# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بضمِّ الميم، وكسر النون، وإسكان المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، وهو اسم فاعل من (أنار)، وقد تَقَدَّم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ) بعده: هو عبد الله بن بكر السهميُّ، أبو وهب، حافظ ثِقةٌ، تَقَدَّم، و (حُمَيْدٌ): هو الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، تَقَدَّم، لا حُمَيد بن هلال، وقد قدَّمتُ الفرق بينهما مرارًا، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ): تَقَدَّم مترجمًا في مناقبه، و (سلَام)؛ بتخفيف اللام.
قوله: (يَخْتَرِفُ): هو بالخاء المعجمة، وفي آخره فاء؛ أي: يجني.
قوله: (وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدَ): (ينزِع)؛ بكسر الزاي، و (الولدَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (آنِفًا): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر؛ لغتان، وهما قراءتان في السبع؛ ومعناه: الآن والساعة.
قوله: (ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ): قال شيخنا: الذي قال هذا: هو عبد الله بن صوريا، كذا قال، وفي (بدء الخلق) في (باب ذكر الملائكة) قال: قائله عبد الله بن سلَام، انتهى، وكأنَّهما قالاه، قال شيخنا: وحكى الطبريُّ خلافًا في سببه ليس هذا موضعَه، وقيل: سببها أن قالوا: إنَّ جبريل يطلعه على أسرارنا، وأنَّهم قالوا: أُمِر أن يجعل النبوَّة فينا، فجعلها في غيرنا، لعنهم الله، انتهى.
قوله: (فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ): زيادة الكبد وزائدته: هي القطعة المنفردة المتعلِّقة من الكبد، وهي أطيبه، وقد تَقَدَّمتْ، قال الإمام السهيليُّ في «روضه»: وفي «الصحيحين»: ذكر أكل أهل الجنَّة من كبد الحوت أوَّلَ ما يأكلون، قال: (ثُمَّ يُنحَر لهم ثور الجنَّة)، وفي هذا الحديث من باب التفكُّر والاعتبار: أنَّ الحوت لمَّا كان عليه قرار هذه الأرض وهو حيوان سابح؛ ليستشعر أهل هذه الدار أنَّهم في منزل قُلعة، وليست بدار قرار؛ فإذا نُحِر لهم قبل أن يدخلوا الجنة، فأكلوا من كبده؛ كان في ذلك إشعارٌ لهم بالراحة من دار الزوال، وأنَّهم قد صاروا إلى دار القرار؛ كما يُذبَح لهم الكبش الأملح على الصراط؛ وهو صورة الموت؛ ليستشعروا أن لا موت، وأمَّا الثور؛ فهو آلة الحرث، وأهل الدنيا لا يخلون من أحد الحرثين؛ حرثٌ لدنياهم، وحرث لأخراهم، ففي نحر الثور لهم هنالك إشعارٌ بإراحتهم من الكدَّين، وترفُّههم من نَصَب الحرثين؛ فاعتبر، والله المستعان، انتهى.
قوله: (قَوْمٌ بُهتٌ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه يقال: (بُهْت)؛ بالإسكان، و (بُهُت)؛ بالضمِّ، وأنَّ معناه: يواجهون بالباطل، والله أعلم.
قوله: (بَهَتُونِي [1] عِنْدَكَ [2]): أي: يقاتلوني ويواجهوني من الباطل بما يحيِّرني.
قوله: (خَيْرُنَا): هو بالخاء المعجمة، وإسكان المثنَّاة تحت، وهذا ظاهرٌ، وقد تَقَدَّم ما وقع في أصلنا.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يبهتوني).
[2] قوله: (عندك): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث رقم (3329).
[ج 2 ص 259]

(1/7988)


[باب قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}]

(1/7989)


[قول عمر: أقرؤنا أبي وأقضانا علي]
4481# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ): هو الثوريُّ فيما يظهر،
[ج 2 ص 259]
و (حَبِيبٌ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو ابن أبي ثابت.
قوله: (أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ): هو أُبيُّ بن كعب بن قيس، أبو المنذر، أقرأُ الأمَّة، صَحابيٌّ مشهور الترجمة، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند».
تنبيهٌ: هذا الحديث لم أره في «أطراف المِزِّيِّ» في مسند عمر بن الخَطَّاب، وإنَّما ذكره في مسند أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه.
تنبيهٌ آخر: لهم في الصَّحابة شخصٌ آخر اسمه أُبيُّ بن كعب بن عبد ثور، قدم في وفد مزينة مسلمًا، ذكره المدائنيُّ.
قوله: (وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا} [البقرة: 106]): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: ({أَوْ نُنْسِهَا})، وكما في أصلنا ذكرها عن عمر البُخاريُّ في (فضائل القرآن) في (باب القرَّاء من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وقد قرأ: {نُنْسِخ}؛ بضمِّ النون، وكسر السين: ابنُ كَثِير وابن عامر، والباقون: بفتحهما، وأمَّا {نَنْسَأْهَا}؛ فقرأ ابن كَثِير وأبو عمرو: {نَنْسَأْهَا}؛ بالهمز مع فتح النون والسين، والباقون: بغير همز، مع ضمِّ النون، وكسر السين، والله أعلم.

(1/7990)


[باب: {وقالوا اتخذ الله ولدًا سبحانه}]

(1/7991)


[حديث: قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك]
4482# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، تَقَدَّم مِرارًا.
==========
[ج 2 ص 260]

(1/7992)


[قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}]

(1/7993)


[حديث عمر: وافقت الله في ثلاث]
4483# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، تَقَدَّم مِرارًا، الحافظ، شيخ الحفَّاظ، و (حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل، حُمَيد بن أبي حُمَيد.
قوله: (وَافَقْتُ اللهَ فِي ثَلاَثٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه وافقه في غير هذه الثلاث، في (باب ما جاء في القبلة) في (كتاب الصلاة).
قوله: (وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (معاتبةُ): مرفوع فاعل.
قوله: (بَعْضَ نِسَائِهِ): هما: عائشة وحفصة.
قوله: (أَتَيْتُ بَعْضَ [1] نِسَائِهِ، قَالَتْ: يَا عُمَرُ ... ) إلى آخره: قائلة ذلك لعمر هي زينب بنت جحش، كذا في حفظي، وكذا هو في كلام النوويِّ عن الخطيب، ذكره النوويُّ في «مبهماته» في (حرف الهمزة) عن أنس، وقد ذكره أيضًا ابن بشكوال والخطيب _كما تَقَدَّم_ وابن طاهر، وكذا رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكره عن الخطيب، قال: وتبعه النوويُّ، قال: (ولأمِّ سلمة مخاطبة مع عمر: «عجبًا لك يا بن الخَطَّاب!» قال: فيحتمل أن تُفسَّر هذه القصَّة بها)، انتهى، وما ذكره حسن، والله أعلم، ورأيت بعضهم جزم بأمِّ سلمة، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من العصريِّين: هي زينب بنت جحش، رواه الخطيب، ولأمِّ سلمة مع عمر كلام آخر أخرجه البُخاريُّ بعد ذلك من حديث ابن عبَّاس عن عمر، انتهى.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه شيخه، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والحكمة في إتيانه بتعليق ابن أبي مريم؛ لأنَّ مسددًا عنعن عن يحيى بن سعيد القطَّان، والقطَّان عنعن عن حُمَيد، وحُمَيد عنعن عن أنس، أمَّا مسدَّد ويحيى القطَّان؛ فليسا بمدلِّسَين، ولكن أتى به؛ ليخرج من خلاف من خالف في ذلك، وقد تَقَدَّم أمثاله، وأمَّا (حُمَيدٌ)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه الطويل، وتَقَدَّم أنَّه مدلِّس، وقد روى هنا عن أنس بالعنعنة، فأتى بهذا؛ لأنَّه من أوَّله إلى آخره سالم من العنعنة، وتعليق ابن أبي مريم لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، و (يَحْيَى بنُ أَيُّوبَ): هو الغافقيُّ المصريُّ، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الصلاة) في (القبلة)، وكذا على مَن اسمه يحيى بن أيوب في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (إحدى).
[ج 2 ص 260]

(1/7994)


[قوله تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل .. }]

(1/7995)


[حديث: ألم تري أن قومك بنوا الكعبة واقتصروا عن ... ]
4484# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام، وتَقَدَّم مرارًا أنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (لَمَّا [1] بَنَوُا الْكَعْبَةَ): تَقَدَّم متى بنتها قريش ومعهم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، [و] كم كان سنُّه عَلَيهِ السَّلام، في (بنيان الكعبة)، وتَقَدَّم كم بُنِيَت من مرَّة.
قوله: (اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ): أي: من قواعد إبراهيم، ونقصوا منها، وعند أبي أحمد: (على قواعد إبراهيم).
قوله: (لَوْلاَ حِدْثَانُ): هو بكسر الحاء وإسكان الدال المهملتين؛ أي: قُرب عهدهم بالكفر، وقد تَقَدَّم.
قوله: (لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ هذا من ابن عمر ليس على سبيل التضعيف والتشكيك، ولكن كثيرًا ما يقع في كلام العرب صورة التشكيك والتقرير، والمراد: اليقين؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لعلَّه فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111]، وقولِه: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} ... ؛ الآية [سبأ: 50]، قاله القاضي عياض رحمه الله تعالى.
قوله: (مَا أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وقد تَقَدَّم.
قوله: (الْحِجْرَ): هو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، معروف، وقد تَقَدَّم.
==========
[1] قوله: (لمَّا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي في رواية الحديث رقم (1853)، و (3368) من رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني.
[ج 2 ص 260]

(1/7996)


[{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا}]

(1/7997)


[حديث: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم]
4485# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه: بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 2 ص 260]

(1/7998)


[{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم ... }]

(1/7999)


[حديث: أن النبي صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا]
4486# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (زُهَيْرٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة، الحافظ، تَقَدَّم، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عَازب، تَقَدَّم، وأنَّ عَازبًا صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تَقَدَّم الكلام على كم أقام عَلَيهِ السَّلام يصلي إلى بيت المقدس منذ قدم المدينة، وفي أيِّ شهر حُوِّلت القبلة، وفي أيِّ يوم، وفي أيِّ صلاة، وفي أيِّ ركن، وفي أيِّ مسجد، في (باب الصلاة من الإيمان) في (كتاب الإيمان) مطوَّلًا.
قوله: (قِبَلَ الْبَيْتِ): (قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وكذا الثانية الآتية قريبًا.
قوله: (وَإِنَّهُ صَلَّى _أَوْ صَلاَّهَا_ صَلاَةَ الْعَصْرِ): كذا في أصلنا هنا، و (إنَّ)؛ بالكسر، مشدَّد النون، و (صلاةَ)؛ بالنصب، ونصبه معروف، وفي نسخة تجدَّدت على هامش أصلنا: (وإنَّه صلَّى أوَّل صلاة صلَّاها)، والله أعلم.
قوله: (فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ [1] مَعَهُ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل في (كتاب الإيمان)، وقال الدِّمْياطيُّ في غير هذا الموضع: واسمه عبَّاد بن نهيك، انتهى، وقد تَقَدَّم.
قوله: (رِجَالٌ وَقُتِلُوا [2]): قال الدِّمْياطيُّ: تحويل القبلة كان قبل بدر، ولم يُقتَل أحد قبل بدر، وإنَّما مات قبل تحويل القبلة البَراءُ بن معرور في صفر، قبل مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم المدينة، وأبو أمامة أسعد بن زُرارة ومسجد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يبنى، بعد الهجرة بستَّة أشهر، وقد قدَّمتُ أنا ذلك في (كتاب الإيمان)، وزدت عليه: كلثوم بن الهدم؛ فانظره إن أردته، وقد قُتِل في أوَّل الإسلام: سميَّة أمُّ عمَّار بن ياسر، وياسرٌ أيضًا، فسميَّة قتلها أبو جهل، وقُتِل الحارث بن أبي هالة ابن خديجة تحت أستار الكعبة.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (صلَّى).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قتلوا)؛ بغير واو.
[ج 2 ص 260]

(1/8000)


[{وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ... }]

(1/8001)


[حديث: يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب]
4487# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ رَاشِدٍ): هو يوسف بن موسى بن راشد بن بلال، أبو يعقوب، الكوفيُّ القطَّان، نسبه إلى جدِّه، نزيل الرِّيِّ مدَّةً للتجارة، وكان عالمًا صاحب حديث، عن جَرِير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وابن عيينة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنسائيُّ في «مسند عليٍّ»، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبغويُّ، وآخرون، وكتب عنه ابن معين مع تَقَدُّمه، وقال هو وأبو حاتم: صدوق، تُوُفِّيَ سنة (253 هـ)، أخرج له مَن أخذ [1] عنه من الأئمَّة.
قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو أُسَامَةَ): أمَّا (جَرِير)؛ فهو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد، كما قدَّمتُ أعلاه، و (أبو أسامة): حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج له في الأصول، وإنَّما أخرج له تعليقًا، وهنا قرنه، وأخرج له مسلم والأربعة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ): يعني: انفرد أبو أسامة عن جَرِير بقوله: (عن الأعمش: حدَّثنا أبو صالح)، وجَرِير قال: (عن الأعمش عن أبي صالح)، ولهذا ذكر في السند: (قال: واللفظ لجَرِير)، فانفرد عنه أبو أسامة بأن قال: (عن الأعمش: حدَّثنا أبو صالح)، وذلك لأنَّ الأعمش مدلِّس، فصرَّح عنه بالتحديث من أبي صالح؛ لأنَّ أبا أسامة رواه عن أبي صالح؛ فاعلم ذلك، وتنبَّه له، ولا تظنَّ غيره.
و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (يُدْعَى نُوحٌ): (يُدعى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نوحٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّم أنَّ (نوحًا) اسمٌ أعجميٌّ، والمشهور صرفه، وقيل: يجوز صرفه وترك صرفه، قال الله: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [الإسراء: 3]، وقد تَقَدَّم الكلام عليه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8002)


[{وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ... }]

(1/8003)


[حديث: بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء ... ]
4488# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وأنَّه يصرف ولا يصرف، ويؤنث ولا يؤنث، ويمدُّ ولا يمدُّ، والله أعلم، والأصحُّ: أنَّه ممدود مذكَّر مصروف، وتَقَدَّم الكلام على الجائي الذي جاءهم، وكذا (فَاسْتَقْبِلُوهَا)، وأنَّ الكسر في الباء أصحُّ وأشهر.
==========
[ج 2 ص 261]

(1/8004)


[باب: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}]

(1/8005)


[حديث: لم يبق ممن صلى القبلتين غيري]
4489# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، و (مُعْتَمِرٌ) بعده (عَنْ أَبِيهِ): هو معتمر بن سليمان بن طرخان التيميُّ، تَقَدَّما.
قول أنس: (لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِي): صدق؛ لأنَّ أنسًا تُوُفِّيَ سنة تسعين، ويقال: سنة إحدى وتسعين، ويقال: سنة اثنتين وتسعين، ويقال: سنة ثلاث وتسعين، وتخلَّف بعده بعضُ أناس، ولا أعلم أحدًا منهم صلَّى القبلتين، وممَّن قيل في وفاته: سنة ستٍّ وتسعين _والمشهور في وفاته سنة ثماني وثمانين_: عبد الله بن بُسْر، وقال بالأوَّل عبد الصمد بن سعيد، وبه جزم أبو عبد الله بن منده وأبو زكريَّا بن منده، وقال: إنَّه صلَّى القبلتين، فعلى هذا هو آخر من بقي ممَّن صلَّى القبلتين، والله أعلم، وقد قدَّمتُ أنَّ المشهور أنَّه تُوُفِّيَ سنة ثماني وثمانين، فلا يرد على أنس، وقدَّمتُ فيما مضى أنَّ عبد الله بن بُسْر آخر من صلَّى القبلتين، وهذا على القول بأنَّه تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وتسعين، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 261]

(1/8006)


[{ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ... }]

(1/8007)


[حديث: بينما الناس في الصبح بقباء جاءهم رجل فقال ... ]
4490# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم أنَّ (مَخْلدًا) بإسكان الخاء، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال المدنيُّ.
تنبيهٌ: من اسمه سليمان ويروي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: سليمان هذا، وسليمان بن سفيان المدنيُّ، لكنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ بهذه الطريق، وإنَّما روى له بها التِّرْمِذيُّ، ولم يروِ له أيضًا بها ولا بغيرها إلَّا التِّرْمِذيُّ، والله أعلم.
قوله: (بِقُبَاءٍ): تَقَدَّم أعلاه، وعلى هذا الرجل قريبًا، وفي (كتاب الإيمان).
قوله: (وَأُمِرَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَاسْتَقْبِلُوهَا): تَقَدَّم أعلاه أنَّ الكسر أصحُّ وأشهر، وقبله أيضًا.
==========
[ج 2 ص 261]

(1/8008)


[{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ... }]

(1/8009)


[حديث: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم ... ]
4491# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الزاي وإسكانها.
قوله: (بِقُبَاءٍ): تَقَدَّم أعلاه، وتَقَدَّم الكلام على الآتي الذي جاءهم، وكذا (أُمِرَ): أنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَاسْتَقْبِلُوهَا) أعلاه وقبله، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين في قوله: (إِذْ جَاءَهُمْ جَائِي [1]): لم يُسَمَّ، ومَن فسَّره بالذي قبله؛ فقد أخطأ؛ لأنَّ الصلاة في حديث البراء العصر، وهذه الصبح، وذاك مسجد بني حارثة، وذا مسجد قباء، انتهى، وهو حسن مليح.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (آتٍ).
[ج 2 ص 261]

(1/8010)


[{ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ... }]

(1/8011)


[حديث: صلينا مع النبي نحو بيت المقدس ستة عشر]
4492# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عَازبٍ، وعَازبٌ صَحابيٌّ، تَقَدَّما.
قوله: (سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا [1] أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تَقَدَّم الاختلاف في المدَّة في (كتاب الإيمان).
==========
[1] قوله: (شهرًا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي في رواية الحديث رقم (40) و (4486).
[ج 2 ص 261]

(1/8012)


[{ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ... }]

(1/8013)


[حديث: بينا الناس في الصبح بقباء إذ جاءهم ... ]
4493# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة لماذا.

(1/8014)


[{إن الصفا والمروة من شعائر الله ... }]
قوله: ({شَعَائِرِ} [البقرة: 158]: عَلاَمَاتٌ، وَاحِدُهَا [1]: شَعِيرَةٌ): قال الجوهريُّ عن الأصمعيِّ: واحدة {شَعَائِرِ}: شعرة، وقال بعضهم: شِعارة، انتهى.
قوله: (لاَ تُنْبِتُ شَيْئًا): (تُنْبِت)؛ بضمِّ المثنَّاة فوق، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة أخرى: من الإنبات، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحدتها).
[ج 2 ص 261]

(1/8015)


[حديث عروة: قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السنِّ: أرأيت قول الله]
4495# قوله: (فَمَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ): (أَرى)؛ بفتح الهمزة: من الرأي.
قوله: (لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، كَانَتْ: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا): هذا من فهم عائشة رضي الله عنها الثاقب، وذلك أنَّ الآية الكريمة ليس فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه، وبيَّنت السبب في نزولها، والحكمة في نظمها، وأنَّها نزلت في الأنصار حين تحرَّجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام، وأنَّها لو كانت كما يقول عروة؛ لكانت: (فلا جناح عليه ألَّا يطَّوَّف بهما)، وقد يكون الفعل واجبًا، ويعتقد إنسان أنَّه يمتنع إيقاعه على صفة مخصوصة؛ وذلك كمن عليه صلاة الظهر، وظنَّ أنَّه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس، فيسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك أن تصلِّيَها في هذا الوقت، فيكون جوابًا صحيحًا، ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر.
ثُمَّ اعلم أنَّ مذاهب الجماهير: أنَّ السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحجِّ لا يصحُّ إلَّا به، ولا يُجبَر بدم ولا غيره، وقال بعض السلف: هو تطوُّع، وقال أبو حنيفة: هو واجب، فإن تركه؛ عصى، وجبره بالدم، وصحَّ حجُّه، وقد تَقَدَّم ذلك.
قوله: (يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ): (يُهلُّون)؛ بضمِّ أوله؛ لأنَّه رباعيٌّ، وقد تَقَدَّم [أنَّ] (الإهلال) رفع الصوت بالتلبية، و (مناة): صنم معروف، تَقَدَّم في (الحجِّ)، وكذا (قُدَيْدٍ) ضبطًا، وأنَّها بين الحرمين.
==========
[ج 2 ص 261]

(1/8016)


[حديث عاصم بن سليمان: سألت أنس عن الصفا والمروة فقال ... ]
4496# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو محمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ، محدِّث قيساريَّة، تَقَدَّم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، وقد قدَّمتُ في أوائل هذا التعليق الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، والأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ.
قوله: (كُنَّا نُرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ): (نُرَى)؛ بضمِّ النون: نظنُّ، ويجوز فتح النون.
==========
[ج 2 ص 261]

(1/8017)


[{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا}]
قوله: (وَاحِدُهَا نِدٌّ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بكسر النون، وتشديد الدال، وأنَّه المثل والنظير، وقد فسَّره البُخاريُّ بالنظير، وهو قريب.

(1/8018)


[حديث: من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار]
4497# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقب له، و (أَبُو حَمْزَةَ) بعده: بالحاء المهملة، والزاي، وهو محمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وتَقَدَّم أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، و (شَقِيقٌ): هو ابن سلَمة، أبو وائل، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ المشهور، تَقَدَّم.
قوله: (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً، وَقُلْتُ أُخْرَى): تَقَدَّم الكلام على ذلك في أوَّل (الجنائز)؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 261]

(1/8019)


[{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ... }]

(1/8020)


[حديث: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية]
4498# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضم الحاء، وتَقَدَّم لماذا نُسِب، في أوَّل هذا التعليق، وأنَّ اسمه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، أحد الأعلام.
قوله: (ويُؤدّي): هو بتشديد الدال مفتوحة مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ومكسورة مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (كُتِبَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ): (قَتَل)؛ بفتح القاف والتاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وهو مبنيٌّ للفاعل.

(1/8021)


[حديث: كتاب الله القصاص]
4499# قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الطويل، حُمَيد بن أبي حُمَيد [1] تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ): [يجوز] رفعهما، ونصبهما إغراءً، ونصب الأوَّل ورفع الثاني خبر مبتدأ محذوف.

(1/8022)


[حديث أنس: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره]
4500# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الميم، وكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء.
قوله: (أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ): تَقَدَّم أنَّ (الرُّبَيِّع)؛ بضم الراء، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ عين، بنت النَّضر، صحابيَّة معروفة، وهي عمَّة أنس بن مالك، كما هنا.
قوله: (ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ): (الثنية): تَقَدَّمتُ ما هي، و (الجارية): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمها.
قوله: (فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّ (النَّضر) بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بنصر؛ لأنَّ (نصرًا) لا يأتي إلا مجرَّدًا عن الألف واللام، بخلاف (النَّضر)، فإنَّه لا يأتي إلا بهما، وأنَّ (أنسًا) صَحابيٌّ معروف، وهو عمُّ أنس بن مالك، وأخو الرُّبَيِّع الكاسرة الثنيَّة، وهذا ظاهرٌ عند أهلِه، فائدةٌ عند غيرهم.
==========
[ج 2 ص 262]

(1/8023)


[باب: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ... }]

(1/8024)


[حديث: كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية فلما نزل رمضان]
4501# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم مرارًا.
قوله: (كَانَ عَاشُورَاءُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى أيِّ يوم هو في (كتاب الصوم)، وأنَّه بالمدِّ والقصر.
==========
[ج 2 ص 262]

(1/8025)


[حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر]
4502# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هو المسنديُّ كما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا ابن أبي شيبة، و (الزُّهْرِيُّ): هو محمَّد بن مسلم.

(1/8026)


[حديث: كان يصام قبل أن ينزل رمضان]
4503# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): هو ابن غيلان، تَقَدَّم مرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، وتَقَدَّم مترجمًا، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق، تَقَدَّم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّما، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (وَهْوَ يَطْعَمُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، يأكل.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 262]

(1/8027)


[حديث عائشة: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية]
4504# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان.
تنبيهٌ: من اسمه يحيى، ويروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: القطَّان هذا، ويحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريا أبو مروان، ويحيى بن سعيد الأَمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن يمان، والله أعلم.
قوله: (فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ): تَقَدَّم أنَّ رمضان فُرِض صومه في شعبان في السنة الثانية من الهجرة.
قوله: (وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ): (تُرِك): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عاشوراءُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 262]

(1/8028)


[{أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر ... }]
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، المَكِّيُّ، الإمام.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، مشهور الترجمة، وأمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد بن قيس النخعيُّ الفقيه، فقيه أهل الكوفة، مشهور الترجمة.
قوله: (فِي الْمُرْضِعِ): (المرضع): هي المرأةُ التي لها ولد تُرضِعُه، فإن وصفتها بإرضاع الولد؛ قلت: مرضعة، قاله الجوهريُّ.
قوله: (قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: {يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]، وَهْوَ أَكْثَرُ): يشير إلى قراءة ابن عبَّاس وعائشة وعكرمة وسعيد بن جُبَير ومجاهد: {وَعَلَى الَّذِينَ يَطَّوَّقُونَه}؛ أي: يعجزون عنه، والمراد بـ (العامَّة) هنا: القراءة المشهورة الموافقة لرسم المصحف، قاله بعض حفَّاظ المِصْريِّين، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 262]

(1/8029)


[حديث عطاء: سمع ابن عباس يقرأ: {وعلى الذين يطوقونه}]
4505# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر مواضعَ فيها: إسحاق عن رَوح بن عبادة_: لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا عند أحد من شيوخنا في شيء من هذه المواضع، وقد حدَّث البُخاريُّ في (الأحزاب) و (ص) عن إسحاق بن إبراهيم عن رَوح بن عبادة، وحدَّث أيضًا في (كتاب الصلاة) في موضعين، وفي (الأشربة)، وغير موضع عن إسحاق بن منصور عن رَوح بن عبادة، انتهى، وقد قدَّمتُ كلام الجيَّانيِّ قبل هذا، وقال شيخنا هنا: و (إسحاق): هو ابن إبراهيم، كما صرَّح به أبو نَعيم، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه».
و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، تَقَدَّم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 262]

(1/8030)


[{فمن شهد منكم الشهر فليصمه}]

(1/8031)


[حديث ابن عمر أنه قرأ: {فدية طعام مساكين}]
4506# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن عبَّاس بن الوليد _بالموحَّدة، والسين المهملة_ النرسيُّ، وأنَّها في (أعلام النبوة)، وفي (بعث أبي موسى)، وفي (الفتن)، لكنَّه في (الفتن) نسبه، فقال: (عبَّاسٌ النرسيُّ)، والله أعلم، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْدَ الأَعْلَى) هذا هو ابن عبد الأعلى الساميٌّ، أحد المحدثين الكبار، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.
==========
[ج 2 ص 262]

(1/8032)


[حديث: لما نزلت: {وعلى الذين يطيقونه}]
4507# قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ ابْنِ الأَكْوَعِ): تنبيهٌ: إذا رأى الشخص هذا السندَ، ويرى أحاديثَ رواها البُخاريُّ عن المَكِّيِّ بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عُبيد _وهو هذا مولى سلمة ابن الأكوع_؛ يظنُّ أنَّ الأوَّل زِيدَ فيه شيء، أو أنَّه سقط من الثاني شيء، وليس كذلك؛ لأنَّ بينه _في هذا الحديث_ وبين يزيد أربعةَ أشخاص، ولا أعلم نظير هذا المكان في «البُخاريِّ»، وهو أن يكون بينه وبين شخص في بعض الأحاديث واحد، وفي بعضها أربعة، لكن تَقَدَّم في (خيبر): أنَّ بينه وبين مالك ثلاثةَ أشخاص، وفي أحاديث كثيرة واحدٌ، والله أعلم.
قوله: (مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ): قال الدِّمْياطيُّ: مات يزيد بن أبي عُبيد مولى سلمة سنة ستٍّ _أو سبع_ وأربعين ومئة، ومات بُكَيْر بن عبد الله بن الأشجِّ سنة سبع عشرة ومئة، وقيل: سنة عشرين، وقيل: اثنتين وعشرين، وقيل: سبع وعشرين ومئة، انتهى، وما قاله معروف رحمه الله.
==========
[ج 2 ص 262]

(1/8033)


[{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم ... }]

(1/8034)


[حديث: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله]
4508# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن موسى العبسيُّ، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، وعنه البُخاريُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مترجمًا، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيِّ.
قوله: (حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وتَقَدَّم سريج أيضًا، و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، والحكمة في إتيانه بالسند الثاني؛ لأنَّ أبا إسحاق السَّبِيعيَّ مدلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بالثاني؛ لأنَّ فيه تصريحَه بالسماع من البَراء، ولأنَّ السند الأوَّل عنعن فيه عُبيد الله وإسرائيل، وفي الثاني صرَّحا فيه بالتحديث وإن كان عُبيد الله وإسرائيل ليسا مدلِّسين؛ إلا ليخرج من الخلاف، والله أعلم.
[ج 2 ص 262]
قوله: (لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه فُرِض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة.

(1/8035)


[{وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ... }]

(1/8036)


[حديث: إن وسادك إذًا لعريض أن كان الخيط الأبيض والأسود]
4509# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وأنَّ الأسماء بالضم، والكنى بالفتح، إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، فردٌ، وهذا المذكور هنا هو حُصَين بن عبد الرَّحمن السُّلَميُّ، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شراحيل، [تقدَّم]، وأنَّه بفتح الشين، و (عَدِيٌّ): هو ابن حاتم الطائيُّ، أبو طريف، وتَقَدَّم مترجمًا رضي الله عنه.
قوله: (إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الصوم).
قوله: (أَنْ كَانَ الْخَيْطُ [الأَبْيَضُ وَ] الأَسْوَدُ ... ) إلى آخره: (أنْ)؛ بفتح الهمزة، وإسكان النون: كذا في أصلنا بالقلم، وقال ابن قُرقُول وقد ذكر هذا المكان: وفي رواية: (إن أبصرت الخيطين): (إن)؛ بكسر الهمزة للشكِّ، ولا يصحُّ الفتح، فإن كان مرويًّا؛ فيُخرَّج على تقدير: إنَّ وسادك لعريض من أجل أن أبصرت، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 263]

(1/8037)


[حديث: إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين]
4510# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ، القاضي، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عامر بن شراحيل.
قوله: (لَعَرِيضُ الْقَفَا): تَقَدَّم في (الصوم).
قوله: (إنْ أَبْصَرْتَ): هو في أصلنا الآن ضُبِط بالفتح والكسر، وقد قدَّمتُ الكلام عليه أعلاه أنَّه بالكسر، فإن روي بالفتح؛ كان له وجهٌ.
==========
[ج 2 ص 263]

(1/8038)


[حديث: وأنزلت: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}]
4511# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المهملة: سلمة بن دينار، تَقَدَّم.
قوله: (وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ): قال بعض حفَّاظ العصر: هم من الأنصار، سُمِّيَ منهم: قيس بن صرمة، انتهى.
قوله: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا): كذا هو في أصلنا، تَقَدَّم الكلام عليه في (الصوم) مطوَّلًا، وأنَّ ابن قُرقُول قال: (رِئْيُهما)؛ بكسر الراء وهمزةٍ ساكنة قيَّدناه عن متقني شيوخنا، وذكرت أيضًا أنَّ النوويَّ ضبط الرواية الأولى في «شرح مسلم»، فقال: براء مكسورة، ثُمَّ ياء ساكنة، ثُمَّ همزة؛ ومعناه: ينظرهما، وهذا أيضًا يخالف ما قاله ابن قُرقُول، وكذا ابن الأثير، وقد ذكر ابن الأثير هذه اللفظة في (الراء مع الهمزة).
==========
[ج 2 ص 263]

(1/8039)


[{وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ... }]

(1/8040)


[حديث: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره]
4512# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله.
==========
[ج 2 ص 263]

(1/8041)


[{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ... }]

(1/8042)


[حديث ابن عمر: أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس]
4513# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثقفيُّ، أبو محمَّدٍ الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ مرارًا.
قوله: (أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ): هذان الرجلان اللذان جاءا عبدَ الله بن عمر لا أعرفهما، وقال شيخنا: إنَّهما من أهل العراق، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: هما: نافع بن الأزرق _كما تَقَدَّم_ ويحتمل أن يُفسَّر الثاني بالعلاء بن عرار الآتي.
قوله: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ [1] صَنَعُوا): بالصاد والنون، كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة؛ وهي: (ضُيِّعوا)؛ بضمِّ الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مكسورة مشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، قال ابن قُرقُول: (صنعوا)؛ بالصاد والنون: كذا للكافَّة، ولأبي الهيثم: (ضُيِّعوا)؛ بالضاد المعجمة، وتشديد المثنَّاة تحت، قال ابن قُرقُول: وهو أشبه.
قوله: (أنَّ اللهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي): (أنَّ)؛ بفتح الهمزة وكسرها، مشدَّد النون فيهما.
4514# قوله: (وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ): هو عثمان بن صالح بن صفوان، السهميُّ مولاهم، المصريُّ، عن مالك، والليث، وابن لهيعة، وبكر بن مضر، وابن وهب، وعنه: البُخاريُّ، وأبو عبيد القاسم بن سلَّام، والذهليُّ، وابن وارة، وأبو حاتم، ويعقوب الفسويُّ، وخلقٌ، مات في المحرَّم سنة تسع عشرة ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المنسوب إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.
قوله: (أَخْبَرَنِي فُلاَنٌ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ): (فلان): قيل: هو ابن لهيعة، ذكر ذلك المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة بُكَيْر بن عبد الله بن الأشجِّ عن نافعٍ عن ابن عمر، وكذا قال الذهبيُّ في ترجمة ابن لهيعة، والظاهر أنَّه في أصل الذهبيِّ «التهذيب»، روى لابن لهيعة مسلمٌ مقرونًا بعَمرو بن الحارث، وروى البُخاريُّ والنَّسائيُّ له أحاديث مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحا باسمه، ففي بعضها: (ابن وهب عن حيوة بن شريح وفلان)، وفي بعضها: (عن عَمرو بن الحارث ورجل آخر)، انتهى، و (حيوة بن شريح)؛ بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

(1/8043)


قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، لكن تَقَدَّم ما قاله شيخنا عن الحُمَيديِّ: إنَّ البُخاريَّ سمَّاه حَكِيمًا، انتهى، وكذا ذكره شيخنا أيضًا في (سورة الأنفال)، وعزاه للحُمَيديِّ عن البُخاريِّ أيضًا، ونقل ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه العلاء بن عرار، وعزاه إلى «الخصائص» للنسائيِّ؛ فاعلمه، والله أعلم، وقد تَقَدَّم، زاد بعض حُفَّاظ مِصْرَ ما لفظه: وفي «أمالي النجاد» أنَّه ابن عرار أو الهيثم بن حنش، والعلاء هذا: خارفيٌّ كوفيٌّ، يروي عن ابن عمر، وعنه: أبو إسحاق، قال الكوسج عن ابن معين: ثِقةٌ، حديثه في فضل عليٍّ وعثمان، انفرد النَّسائيُّ بالإخراج له في «الخصائص».
قوله: (إِمَّا يَقَتَلُوهُ [2]، وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ) (إمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وكذا التي قبلها، وقوله: (إمَّا يقتلوه، وإمَّا يعذِّبوه): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (يقتلونه) و (يعذِّبونه)؛ وهاتان على الجادَّة، والأوليان على لغة.
4515# قوله: (وَهَذَا [3] بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ): (بيته)؛ يعني: سكنه، قال ابن قُرقُول: (فهذه ابنته حيث ترون): كذا للكافَّة، وعند أبي الهيثم: (وهذه ابنته أو بنته) انتهى، وقوله: (بيته)؛ يريد: بين أبيات رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، يشير إلى قربه من رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
==========
[1] قوله: (قد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قتلوه).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (هذا)؛ بغير واو.
[ج 2 ص 263]

(1/8044)


[{وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ... }]
قوله: (التَّهْلُكَةُ وَالْهَلاَكُ: وَاحِدٌ): كذا هو كما قال رحمه الله، يقال: هلك الشيء يهلك هلاكًا، وهُلوكًا، ومَهْلَكًا، ومَهْلِكًا، ومَهلُكًا، وتهلُكةً، والاسم: الهُلْك؛ بالضمِّ، قال اليزيديُّ: {التَّهْلُكَةِ}: من نوادر المصادر، ليست ممَّا يجري على القياس، قاله الجوهريُّ، وقال شيخنا: إنَّ {التَّهْلُكَةِ}: مثلَّث اللام، وعزاه للزجَّاج، انتهى.
==========
[ج 2 ص 263]

(1/8045)


[حديث حذيفة: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}]
4516# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (سورة البقرة) في موضعين، وفي (الفضائل)،
[ج 2 ص 263]
و (اللباس)، و (الأدب)، و (خبر الواحد): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا النضر)، نسبه ابن السكن في بعض هذه المواضع: إسحاق بن إبراهيم، وفي نسخة الأصيليِّ في (الوضوء) في (باب من لم ير الوضوء إلَّا من المخرجين): قال البُخاريُّ: (حدَّثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا النضر ... )، فذكر حديثًا، قال أبو نصر: النضر بن شميل يروي عنه إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور، انتهى باختصار، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «الأطراف»، وشيخنا لخَّص فيه كلام الغسانيِّ، ولم يزد.
قوله: (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن شميل، الإمام المشهور، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شُعْبَةُ): هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني حسيل، تَقَدَّموا.

(1/8046)


[{فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه}]

(1/8047)


[حديث: ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا أما تجد شاة؟]
4517# قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ): تَقَدَّم ما في (أصبهان) من اللغات.
قوله: (عَنْ [1] عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ): (مَعْقِل) والد عبد الله؛ بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وبالقاف المكسورة، وهذا مشهور، إلَّا أنَّه قد يشتبه بـ (عبد الله بن مُغَفَّل) الصحابيِّ الذي هو بضمِّ الميم، وفتح الغين المعجمة، وفتح الفاء المشدَّدة، وهذا فردٌ، والمذكور هنا تابعيٌّ، وابنُ مُغَفَّل صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، مغفَّل أيضًا صحابيٌّ، وقد تَقَدَّم.
قوله: (حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُمِلت)؛ بضمِّ الحاء، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مَا كُنْتُ أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.
قوله: (لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ): (نصفُ): مرفوعٌ مبتدأ، و (لكلِّ مسكين): خبرٌ مقدَّم، و (الصاع): تَقَدَّم أنَّه أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ رطلٌ وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّم الكلام على رطل بغداد، وتَقَدَّم التنبيه في (الحجِّ) على وَهَمٍ وقع في «مسلم» في بعض الروايات، والله أعلم.
قوله: (فِيَّ خَاصَّةً): (فيَّ): جارٌّ ومجرور، وهذه مشدَّدة الياء، و (خاصَّةً): منصوبٌ منوَّن، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَهْيَ لَكُمْ عَامَّة): يجوز في (عامَّة) الرفع مع التنوين، والنصب معه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سمعتُ).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).
[ج 2 ص 264]

(1/8048)


[{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}]

(1/8049)


[حديث: أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله]
4518# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان الحافظ، وقوله: (عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ): هو عمران بن مسلم القصير المنقريُّ، أبو بكر البصريُّ، مشهور الترجمة، و (أَبُو رَجَاءٍ): هو أبو رجاء العطارديُّ، واسمه عمران بن ملحان، تَقَدَّم، و (عِمْرَانَ بْن الحُصَين): تَقَدَّم أنَّ والده بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وقد قدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّم الكلام على حُصَين هذا، وأنَّه صَحابيٌّ، وذكرت ما وقع فيه، وفي هذا السند لطيفةٌ؛ وهي أنَّ فيه عمران عن عمران عن عمران.
قوله: (وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ): (يُنزَل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قرآنٌ): نائبٌ مَنَابَ الفاعل، كذا هو مضبوط في أصلنا.
قوله: (وَلَمْ ينْهَ عَنْهُ [1]): هو مبنيٌّ للمفعول وللفاعل، كذا في أصلنا، وهو ظاهرٌ.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ): تَقَدَّم أنَّ الرجل هو عمر بن الخَطَّاب، وكذا وقع في نسخة هنا، وقد تَقَدَّم في (الحجِّ)؛ فانظره، قال شيخنا: قال ابن التين في قوله: (قال رجل ... ) إلى آخره: غير بيِّنٍ؛ لأنَّ عمر إنَّما كان ينهى عن فسخ الحجِّ، ولم يخالف كتاب الله ولا سنَّة نبيِّه.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عنها).
[ج 2 ص 264]

(1/8050)


[{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلًا من ربكم}]

(1/8051)


[حديث: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية.]
4519# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (عمرة القضاء)؛ فانظره، وقال شيخنا هنا: هو ابن سلَام، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام.
قوله: (كَانَتْ عُكَاظُ وَمَجنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ): تَقَدَّم الكلام على (عُكاظ)، وهنا في حاشية أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (عُكاظ: يصرف في لغة الحجاز، وبنو تميمٍ لا يصرفونه)، انتهى، وهذا في «المحكم»، و (مجنَّة) تَقَدَّمتْ، و (ذو المجاز) تَقَدَّم أيضًا.
قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ}): هذه قراءة شاذَّة، قرأ بها ابن عبَّاس، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 264]

(1/8052)


[{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}]

(1/8053)


[حديث: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة]
4520# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (مُحَمَّدُّ بْنُ خَازِمٍ) بعده؛ بالخاء المعجمة: هو أبو معاوية الضرير، تَقَدَّم.
قوله: (وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ): هو بضمِّ أوله، وفتح الميم المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الحُمْس): منصوب مفعول ثان، و (الحُمْس): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وسكون الميم، وبالسين، المهملتين، و (الحُمْس): قريش وما ولدت من غيرها، وقيل: قريش ومن ولدت وأحلافُها، قال الحربيُّ: سُمُّوا بذلك؛ لأنَّ الكعبة حمساء في لونها؛ وهو بياض يضرب إلى سواد، وهم أهلها، وقال غيره: سُمُّوا بذلك في الجاهليَّة؛ لتحمُّسهم في دينهم؛ أي: لتشدُّدهم، والحماسة: الشدَّة، وقيل: لشجاعتهم، وقد تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 264]

(1/8054)


[حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج]
4521# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الفاء مصغَّرٌ، وهذا معروف عند أهله.
قوله: (حَتَّى يُهِلَّ): تَقَدَّم أنَّ (الإهلال) رفع الصوت بالتلبية.
قوله: (أيَّ ذَلِكَ شَاءَ): (أيَّ): مشدَّدة الياء، منصوب مفعول، تَقَدَّم.
قوله: (فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ): إن رفعتَ (آخر)؛ نصبتَ (يوم)، وإن عكست؛ انعكس الحال، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (جَمْعًا): هو بفتح الجيم، وإسكان الميم؛ وهي المزدلفة، وقد تَقَدَّم.
قوله: (وأَكْثِرُوا): هو بقطع الهمزة، وكسر الثاء المثلَّثة، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 264]

(1/8055)


[{ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة ... }]

(1/8056)


[حديث: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة]
4522# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج ميسرة المنقريُّ مولاهم، البصريُّ، أحد الحفَّاظ، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التنوريُّ، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ) بعده: هو ابن صُهيب.
==========
[ج 2 ص 264]

(1/8057)


[{وهو ألد الخصام}]
قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، تَقَدَّم.

(1/8058)


[حديث: أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم]
4523# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ معروف عند أهله، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، صرح به المِزِّيُّ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وتَقَدَّم أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: (الْأَلَدُّ: الْخَصِمُ): (الألدُّ): دائم الخصومة، من لديدَي الوادي؛ وهما جانباه؛ لأنَّه كلَّما أُخِذ من جانب من الحُجَّة؛ أَخَذ في آخر، وقيل: لإعماله لديدَيه؛ وهما جانبا فمه، و (الخَصِم)؛ بفتح الخاء المعجمة، وكسر الصاد: الكثير الخصومة.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قال المِزِّيُّ: هو ابن الوليد العدنيُّ، انتهى، وعزا شيخنا ذلك إلى خلف، انتهى، و (عبد الله) هذا: أمويٌّ مولاهم، المَكِّيُّ، وكان يقول: أنا مكيٌّ، فلِمَ يقال لي: عدنيٌّ؟! عن سفيان الثوريِّ، وزمعة بن صالح، وإبراهيم بن طهمان، وغيرِهم، وعنه: أحمد ابن حنبل، والمؤمِّل بن إهاب، وطائفةٌ، قال أحمد: حديثه صحيح، ولم يكن صاحب حديث، وقال أبو زرعة: صدوقٌ، وقال أبو حاتم: لا يحتجُّ به، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم في غالب ظنِّي، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، كما عزاه المِزِّيُّ إلى التِّرْمِذيِّ والنَّسائيِّ في «أطرافه»، وكذا عزاه شيخنا إليهما، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وأنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.

(1/8059)


[{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين ... }]

(1/8060)


[حديث: قال ابن عباس {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}]
4524# 4525# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ) تَقَدَّم أعلاه، وكذا (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ).
قوله: ({وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110]: خَفِيفَةً ... ) إلى آخر كلام عائشة رضي الله عنها: اعلم أنَّ {كُذِبُوا} فيها قراءتان؛ قرأ الكوفيُّون _وهم: حمزة وعاصم والكسائيُّ_ بالتخفيف، والباقون بالتشديد، وهو الذي ذهبَتْ إليه عائشة، قال شيخنا: وهو الصحيح، كما قاله ابن الجوزيِّ، ويُحمَل التخفيف على أنَّ قوم الرسل ظنُّوا أنَّهم قد كُذِبوا فيما وُعِدوا به من النصر، انتهى لفظ شيخنا، وقد ذكر نحوه في (يوسف)، وقد ذكرت لفظَه هناك، وقال شيخنا أيضًا: وفي روايته _يعني: البرقاني_: كانوا بَشَرًا ويئسوا، فظنوا أنَّهم قد كذبوا، ذهب بها هناك، وأومأ بيده إلى السماء، انتهى.
قوله: (فَلَقِيتُ عُرْوَةَ): قائل هذا هو ابن أبي مُلَيْكَة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، كما تَقَدَّم أعلاه.

(1/8061)


[{نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} الآية]

(1/8062)


[حديث: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه]
4526# 4527# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، وقال شيخنا هنا: إسحاق: هو ابن إبراهيم، كما نسبه ابن السكن، ثُمَّ نقل بعد ذلك شيئًا عن أبي نعيم وغيره لا يتحرَّر من سقم النسخة، انتهى، و (ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، تَقَدَّم أنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ.
قوله: (فِيمَا أُنْزِلَتْ): كذا في أصلنا، وفي الطرَّة نسخة: (فيمَ)، وهذه هي الجادَّة، وما في الأصل لغة، وقد تَقَدَّمتْ.
قوله: (قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا): قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: للطبرانيِّ في «التفسير» قال: نزلت في إتيان النساء؛ يعني: مدبراتٍ.
قوله: (وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ: حَدَّثَنِي أَبِي: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، وقد رواه البُخاريُّ: عن إسحاق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن أيوب به.
قوله: (يَأْتِيهَا فِي ... ): كذا في أصلنا (في)، وعليها (صح)، وبعدها بياض، ويوجد في بعض الأصول: بعد (في): (ضب)، وهذه تُسمَّى عند المحدِّثين: ضبَّة، إشارة إلى أنَّه سقط منه شيء، وكأنَّ البُخاريَّ رحمه الله حذف ما بعد (في)؛ للعلم به، ولتنزيه الكتاب عنه، وهو الدبر؛ لاستنكاره، وقد استنكره عليه ابنُ عبَّاس، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.
قوله: (رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): (محمَّد) هذا: تعليقه لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: زعم خلف أنَّ البُخاريَّ رواه تعليقًا عن محمَّد هذا، ورواه أبو نعيم عن أبي عمرو بن حمدان: حدَّثنا الحسن بن سفيان: حدَّثنا أبو بكر الأعين: حدَّثني محمَّد بن يحيى بن سعيد عن أبيه به، وزعم ابن طاهر أنَّ محمَّدًا هذا ممَّن انفرد به البُخاريُّ، وأباه ابن عساكر فمَن بعده، فذكره في شيوخ مسلم، انتهى.
و (محمَّد) هذا: هو ابن يحيى بن سعيد القطَّان، أبو صالح البصريُّ، عن أبيه، وابن عيينة، ومعاذ بن معاذ، وجماعةٍ، وعنه: ابناه: أحمد وصالح، وعفَّان وهو أكبر منه، والذهليُّ، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل، وأبو يعلى، وخلقٌ، قال ابن حبَّان في «الثقات»: مات في رمضان سنة (223 هـ)، وكذا أرَّخه غيرُه، وقيل: مات سنة (226 هـ)، قال الذهبيُّ: قلت: هذا والذي قبله وُهِم في تاريخ موته، فإنَّ أبا يعلى والحسن بن سفيان إنَّما دخلا البصرة في حدود الثلاثين ومئتين، وقد رأيت بعض العلماء أرَّخ موتَه سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، وهو أشبه، انتهى، علَّق له البُخاريُّ هنا، وأخرج له مسلم في المقدِّمة، وأخرج له أبو داود في المسائل التي سأل عنها الإمامَ أحمد ابن حنبل.

(1/8063)


و (عُبَيدُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).
[ج 2 ص 265]

(1/8064)


[حديث جابر: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد]
4528# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْنُ الْمُنْكَدِرِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه محمَّد، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرامٍ الأنصاريُّ، تَقَدَّم.
قوله: (كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ): اعلم أنَّ جمهور السلف وأئمَّةَ الفتوى على تحريم الوطء في الدبر، ولا عبرة بمن خالف فيه، وفيه عدَّة أحاديث فوق العشرة، صحَّح ابن حزم منها حديثَ ابن عبَّاس رضي الله عنهما مرفوعًا: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأةً في دبرها»، وحديث خزيمة مرفوعًا: «إنَّ الله لا يستحيي من الحقِّ، لا تأتوا النساء في أدبارهنَّ»، ثُمَّ قال: هما صحيحان، تقوم بهما الحُجَّة، ولو صحَّ خبرٌ في ذلك؛ لكانا ناسخَين، وقد جاء تحريمه عن عدَّةٍ من الصَّحابة وغيرهم، وما رُوِيَ إباحة ذلك عن أحد إلَّا عن ابن عمر وحده باختلافٍ عنه، عن نافعٍ باختلاف عنه، وعن مالكٍ باختلاف عنه فقط، وقد روى مالك عن ابن عمر أنَّه قال: أفِّ أفِّ! أوَيفعل ذلك مؤمنٌ؟!
وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي»: وأمَّا الدبر؛ فلم يُبَح على لسان نبيٍّ من الأنبياء، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها؛ فقد غلط عليه، انتهى، ثُمَّ ذكر بعد ذلك تعليل سبب غَلَطِ مَن غَلِطَ على بعضهم في ذلك، وهو كلام حسنٌ؛ أعني: كلامه على الوطء في الدبر، وقد أطال فيه النَّفَس؛ فانظره من «الهدي»، وقال شيخنا: وجاء عنه _أي: عن مالك_ إنكارُه، ويؤيِّد الجمهورَ ردُّها بالرتق والقرَن، ولو ساغ الانتفاع بغيره؛ لما رُدَّت، انتهى.
وقد سمعت شيخنا الإمام العلَّامة البلقينيَّ يقول: إنَّ الشافعيَّ نصَّ على تحريمه في ثلاثة أمكنة من «الأمِّ»، هذا _غالب ظنِّي_ لفظه، ويحتمل أنَّه قال: مكانين، وجاء الإمام نور الدين بن الجلال القاهريُّ المالكيُّ بكتاب «السرِّ» إلى شيخنا المشار إليه، فأراه الكتاب، وأنا رأيته أيضًا، وهو كتاب صغير جدًّا في قدر «غاية الاختصار» الذي للشافعيَّة، فقال شيخنا: وأظنُّ الشيخ نور الدين أيضًا قال: إنَّ هذا الكتاب لم يثبت عن مالك، والله أعلم.
وقال الذهبيُّ في ترجمة النَّسائيِّ في «التذهيب»: وقال محمَّد بن موسى بن يعقوب بن المأمون الهاشميُّ عنه: إنَّه لا يصحُّ في إباحته ولا تحريمه شيءٌ، ولكنَّ محمَّد بن كعب نقل عن جدِّك ابن عبَّاس: اسق حرثك من حيث شئت، فلا ينبغي لأحد أن يتجاوز قوله، انتهى؛ يعني: فيحرم الإتيان في الدبر؛ لأنَّه ليس محلًّا للحرث، والله أعلم، وفي حديث: (كان عَلَيهِ السَّلام إذا حاضت المرأة؛ حرَّم منها الجحران)، نقل ذلك بعض أشياخنا الحلبيِّين، كما سمعته من لفظه، قال الخطَّابيُّ: أي: استويا في الحرمة.

(1/8065)


تنبيهٌ: ذكر الذهبيُّ ما لفظه: أخبرتنا خديجةُ بنتُ الرضيِّ: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد: أخبرنا عبد المنعم الفراويُّ: أخبرنا عبد الغفَّار بن محمَّد: أخبرنا أبو سعيد الصيرفيُّ: أخبرنا أبو العبَّاس الأصمُّ: سمعت محمَّد بن عبد الله _يعني به: ابن عبد الحكم، الفقيه المصريُّ_: سمعت الشافعيَّ يقول: ليس فيه عن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في التحريم والتحليل حديثٌ ثابتٌ، والقياس: أنَّه حلال، قال الذهبيُّ: هذا منكر من القول، بل القياس التحريم؛ يعني: الوطء في دبر المرأة، وقد صحَّ الحديث فيه، وقال الشافعيُّ: إذا صحَّ الحديث؛ فاضربوا بقولي الحائط، قال ابن الصبَّاغ هذه الحكاية، قال الربيع: والله لقد كُذِب على الشافعيِّ، فإنَّ الشافعيَّ ذكر هذا في ستَّة كتب من كتبه، وقد حكى الطحاويُّ هذه الحكاية عن ابن عبد الحكم عن الشافعيِّ، فقد أخطأ في نقله ذلك عن الشافعيِّ، وحاشاه من تعمُّد الكذب، انتهى.

(1/8066)


[{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}]

(1/8067)


[حديث: أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها]
4529# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الملك بن عَمرو، وأنَّ (العَقَديَّ) بفتح العين والقاف وبالدال المهملتين، و (الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، و (مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ)؛ بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وكسر القاف، و (يسار)؛ بالمثنَّاة تحت أوَّلًا، كنية مَعْقِل: أبو عليٍّ، ويقال: أبو يسار، ويقال: أبو عبد الله، مَعْقِل بن يَسار بن عبد الله بن معبر، ويقال: معير، ويقال: مغيرة، يُنسَب إلى معدِّ بن عدنان، المزنيُّ، نُسِبوا إلى أمِّهم، ومزينة هم ولد عثمان بن عمرو، ومزينة هي بنت كليب بن وبرة، وكان مَعْقِل ممَّن بايع تحت الشجرة، تُوُفِّيَ في خلافة معاوية في آخرها، وقيل: في خلافة يزيد، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.
قوله: (كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ): أخت مَعْقِل بن يسار اسمها جُمَيل بنت يسار؛ بضمِّ الجيم، وفتح الميم، كذا قيَّدها الأمير ابن ماكولا، وقال: سمَّاها ابن الكلبيِّ في (التفسير)، وهي التي عضلها أخوها، وكذا قيَّدها بضمِّ الجيم النوويُّ في «تهذيبه» في لفظة (مِنْ)، والذهبيُّ في «المشتبه»، وكذا سمَّاها ابن بشكوال
[ج 2 ص 265]
في «مبهماته»، قال شيخنا: وفي رواية ابن إسحاق: اسمها فاطمة بنت يسار، وسمَّاها ابن فيحون: جُمْلًا، وقيل: جُمَيل، وسمَّاها المنذريُّ: ليلى، انتهى، ورأيت ابن شيخنا البلقينيِّ نقل عن السهيليِّ: أنَّ اسمها ليلى، انتهى، وكذا عزاه إليه بعض الحفَّاظ المتأخِّرين، وجُمَيل هذه مذكورة في الصحابيَّات رضي الله عنهنَّ.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ): (إبراهيم): هو ابن طهمان، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (النكاح) به، و (يونس): هو ابن عبيد، يأتي قريبًا مترجمًا، و (الحسن): تَقَدَّم أنَّه البصريُّ.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو ابن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (يُونُسُ): هو ابن عبيد، أحد أئمَّة البصرة، عن الحسن وأبي بُردة، وعنه: عبد الوهَّاب الثقفيُّ وابن عُليَّة، من العلماء العاملين الأثبات، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا غير يونس بن عبيد الكوفيِّ، حدَّث عن البَراء بن عَازب، لا يُدرى مَن هو، وقد ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، حديثه في راية النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّها سوداء مربَّعة من نمرة، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ: حديث حسن، كذا في «الميزان»، وأمَّا التِّرْمِذيُّ؛ فقال: حسن غريب.

(1/8068)


قوله: (عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ): تَقَدَّم أنَّ (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، وهذا مرسل هنا، وذلك لأنَّه ذكر قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ لكان صحابيًّا، وهو تابعيٌّ، ولا أسندها إلى مَعْقِل كما أسندها قبل ذلك.
تنبيهٌ: هذه الطريق لم أرها في «أطراف المِزِّيِّ» في نسختي، ورأيتها في أصلنا القاهريِّ، وكذا في أصل لنا دمشقيٍّ، ورأيت نفس هذا الحديث مُخرَّج في هامشها بخطِّ المِزِّيِّ، ومُصحَّح عليه، وكأنَّ هذه الطريق سقطت من نسختي بـ «الأطراف»، والله أعلم.
قوله: (طَلَّقَهَا زَوْجُهَا): زوجها هو البدَّاح بن عاصم بن عديٍّ، قاله ابن بشكوال، ونقل ابن شيخنا العراقيِّ الحافظ وليُّ الدين: أنَّ ابن بشكوال سمَّاه أبا البدَّاح عاصم بن عديٍّ، كذا رأيته في «مبهمات ابن شيخنا العراقيِّ»، وهو الحديث الثالث والثمانون منها، وسمَّى ابن بشكوال المرأة: جُمَيل، كما تَقَدَّم عنه، كلاهما في حديث واحد، وساق لهما شاهدًا من «أحكام إسماعيل القاضي»، ونقل شيخنا عن الطبريِّ من حديث ابن جُرَيج: أنَّ أخت مَعْقِل بن يَسار جُمَيل بنت يَسار كانت تحت أبي البدَّاح، انتهى.
وقال الذهبيُّ في «تجريده»: أبو البدَّاح بن عاصم بن عديٍّ البلويُّ، عن أبيه، مختلف في صحبته، والأظهر: أنَّه تابعيٌّ، انتهى، وقد حمَّر عليه أيضًا، فالأصحُّ: أنَّه عنده تابعيٌّ على شرطه، ولكنَّ ابن عبد البَرِّ صحَّح صحبته، ولا أعرف أنا في الصَّحابة من كنيته: أبو البدَّاح سواه، والله أعلم.
وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد أن نقل كلام الذهبيِّ في أبي البدَّاح: فإن ادُّعيَ أنَّه غيره؛ أمكن ذلك، وفي «المجاز» لابن عبد السلام: أنَّ زوجها عبد الله بن رواحة، ولا أعلم من أين أخذه، انتهى.
وقد انتقد بعض حُفَّاظ مِصْرَ القولَ بأنَّه أبو البدَّاح، وأنكره فقال: وهو غلطٌ، فإنَّ أبا البدَّاح تابعيٌّ، والصحبة لأبيه، فلعلَّه هو الزوج، ثُمَّ نقل ما قاله ابن شيخنا عن ابن عبد السلام في «مجازه».

(1/8069)


[{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن ... }]

(1/8070)


[حديث ابن الزبير: قلت لعثمان: {والذين يتوفون منكم ويذرون}]
4530# قوله: (حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ): و (بِسطام): بكسر الموحَّدة وفتحها، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة، و (حَبِيبٌ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو المعلِّم، وحَبِيب تَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، واسمه زُهير صَحابيٌّ، و (ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العوَّام، الصحابيُّ الجليل، الخليفة، مشهور الترجمة، رضي الله عنه وعن أبيه وأمِّه.
قوله: (نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى): (الآيةُ): مرفوع فاعل، ومراده بـ (الآية الأخرى): {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
قوله: (فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟): (لمَ)؛ بفتح الميم: استفهاميَّة، و (تكتبُها): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (أَوْ تَدَعُهَا): (أوْ)؛ بإسكان الواو، و (تدعُها): مرفوعٌ أيضًا، والظاهر أنَّ (أو) بمعنى: (بَلْ)، وقد رأيت بخطِّ شيخنا العلَّامة البلقينيِّ ما نصُّه: فائدةٌ: قوله: (فلِمَ تكتبُها؟) يقتضي أنَّ الجملتين من كلام ابن الزُّبَير، وليس كذلك، بل قوله: (فلِمَ تكتبُها؟) من كلام ابن الزُّبَير، وأمَّا الجملة الثانية؛ فمن كلام عثمان، ويظهر ذلك ممَّا رواه في آخر (باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234])، فإنَّ فيه: قال _يعني: عثمان_: (تدعها يا بن أخي، لا أغيِّر شيئًا من مكانه)، قال حميدٌ: أو نحو هذا. انتهت.
قوله: (لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا [1] مِنْ مَكَانِهِ): كأنَّ عثمان رضي الله عنه راعى الإثبات؛ لأنَّه إنَّما نُسِخ الحكم خاصَّة دون اللفظ، وكأنَّ عبد الله بن الزُّبَير ظنَّ أنَّ ما نُسِخ لا يُكتَب، وليس كما ظنَّه، بل له فوائد التلاوة والامتثال، ولأنَّه لو أراد نسخ لفظه؛ لرفعه، والأكثرون _كما عزاه شيخنا إلى النحَّاس_ على أنَّ هذه الآية ناسخةٌ لآية: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234]، ثُمَّ أخرج المتوفى عنها الحامل.

(1/8071)


[حديث: إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت]
4531# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (باب ذكر الجنِّ)، و (البقرة)، و (الرقاق [1]): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا رَوح بن عبادة)، لم أجد هذا منسوبًا عند أحد من شيوخنا في شيء من هذه المواضع، وقد حدَّث البُخاريُّ في (سورة الأحزاب) و (ص) عن إسحاق بن إبراهيم عن رَوح بن عبادة، وحدَّث أيضًا في (الصلاة) في موضعين، وفي (الأشربة)، وغير موضع عن إسحاق بن منصور عن رَوح بن عبادة، انتهى، وقد أهمل الجيَّانيُّ موضعين فيهما: إسحاق عن رَوح؛ أحدهما: في (الحجِّ) في (بابٌ: النسكُ شاة)، والثاني: في (غزوة الأحزاب)، على ما في أصلنا في المكانين، وقال شيخنا هنا: إنَّه ابن إبراهيم، أو ابن منصور.
قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيْح يَسار، المَكِّيُّ.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنِ [2] ابْنِ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: (عطاء) هذا: هو ابن أبي رَباح، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وقائله هو عبد الله بن أبي نَجِيْح عن مجاهد، فرواه البُخاريُّ عن إسحاق، عن رَوح، عن شبل، عن ابن أبي نَجِيْح، عن عطاء به.
قوله: (نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا): (الآيةُ): مرفوعة فاعل، و (عدَّتَها): منصوبة مفعول.
قوله: (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، في أوائل هذا التعليق، وقائل ذلك هو البُخاريُّ، والفريابيُّ شيخه كما تَقَدَّم، و (وَرْقَاءُ): هو ابن عمر اليشكريُّ، أخرج له الجماعة، صدوق صالح، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيْح يَسار.
قوله: (وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على طريق محمَّد بن يوسف، فالبُخاريُّ روى هذا عن محمَّد بن يوسف، عن ورقاء، عن ابن أبي نَجِيْح به، والله أعلم.
قوله: (نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا): (الآيةُ): مرفوعٌ فاعلُ (نسختْ)، و (عدَّتَها): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] في (أ): (الرقان)، والمثبت موافق لما في مصدره.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 266]

(1/8072)


[حديث ابن مسعود: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة؟!]
4532# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ، حَدَّثَنِي [1] عَبْدُ اللهِ): (حِبَّان) هذا: بكسر الحاء، وهو ابن موسى، وقد تَقَدَّم مِرارًا، و (عبد الله): هو ابن المبارك، تَقَدَّم أيضَا.
قوله: (فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن قُرقُول: بضمِّ العين _يعني: وإسكان الظاء_ أي: معظمهم، وقيل: عظماؤهم.
[ج 2 ص 266]
قوله: (فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ): هو عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافلٍ الهذليُّ، وحديثه في شأن سُبيعة في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»: (أنَّه كتب إلى ابن الأرقم يسأل سُبيعة الأسلميَّة: كيف أفتاها رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ فقالت: أفتاني إذا وضعتُ؛ أن أنكح).
و (عبد الله بن عتبة) المشار إليه: من أبناء المهاجرين، له رؤيةٌ، سمع عمر وعمَّه عبد الله بن مسعود، وعنه: ابناه: الفقيه عبيد الله وعون الزاهد، وابنُ سيرين، قال ابن سعد: ثِقةٌ رفيع، كثير الفتيا والحديث، تُوُفِّيَ بالكوفة سنة (74 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (سُبيعة بنت الحارث): أسلميَّة، زوجة سعد بن خولة الذي رثى له رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لموته بمَكَّة، فوضعت هي بعده بليالٍ، روى عنها: عمر بن عبد الله بن الأرقم، ومسروق، وزفر بن أوس بن الحدثان، وغيرُهم [2]، روى عنها ابن عمر: «من مات بالمدينة؛ كُتِب شهيدًا»، أخرج لها البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (لَكِنْ عَمُّهُ [3] لاَ يَقُولُ ذَلِكَ): (عمُّه): هو عبد الله بن مسعود بن غافل، عمُّ عبد الله بن عتبة بن غافل.
قوله: (إِنِّي لَجَرِيءٌ): هو بهمز في آخره، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ): وسيأتي من طريق أيوب عن محمَّد بن سيرين: أنَّه أبو عطيَّة مالك بن عامر، وهذا هو أبو عطيَّة الوادعيُّ، واسمه مالك، فقيل: ابن عامر، وقيل: ابن حمزة، وقيل: ابن أبي حمزة، وقيل: ابن عمرو بن جندب، وقيل: هما اثنان، عن ابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وغيرِهم، وعنه: محمَّد بن سيرين، وعُمَارة بن عمير، وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ، وحُصَين بن عبد الرَّحمن، والأعمش، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.
وقوله: (فلقيت): قائله هو محمَّد بن سيرين، وهذا ظاهرٌ.
تنبيهٌ: اعلم أنَّ هذا الحديث ذكره البُخاريُّ هنا كذا، وقد قال الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ في «أطرافه»: مالك بن عامر، أبو عطيَّة الهَمْدانيُّ، عن ابن مسعود حديث: (لقيت مالكًا، فقلت له: كيف كان ابن مسعود يقول في شأن سُبيعة؟ ... )؛ الحديث، النسائيُّ في (الطلاق)، وفي (التفسير): عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، عن ابن عون، عن محمَّد بن سيرين قال: (لقيت ... )؛ فذكر في حديثٍ، انتهى.

(1/8073)


وقد كتب الحافظ عماد الدين بن كَثِير _وقد عاصرناه، ولكن ما أخذت عنه شيئًا، ولا رأيته، وهو شيخ بعض شيوخنا_ كتب بخطِّه حاشيةً على هذا المكان لفظها: ورواه البُخاريُّ في (التفسير) تعليقًا، فقال: (وقال سليمان بن حرب وأبو النعمان: حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن أيوب، عن محمَّد؛ هو ابن سيرين ... )؛ فذكره. انتهت.
وهذا الذي أشار إليه ابن كَثِير سيأتي في (سورة الطلاق)، ولم يتعرَّض لهذا المكان الذي في (البقرة)، وهو كلام المِزِّيِّ، وينبغي أن يلزم ابن كَثِير، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو ابن سيرين، و (أَبُو عَطِيَّة): هو مالك بن عامر، كما سمَّاه هنا ونسبه إلى أبيه، وإنما أتى به هنا؛ لأن محمَّد بن سيرين في الأوَّل شكَّ؛ أهو مالك بن عامر، أو مالك بن عوف؟ وفي الثاني الجزم بأنَّه أبو عطيَّة مالك بن عامر، والله أعلم.
قوله: (لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى): أمَّا (القُصرى)؛ فهي (الطلاق)، وأمَّا (الطولى)؛ فهي (البقرة)؛ لذكر العدَّة فيها، وسأذكر فيه كلامًا في (سورة الطلاق) إن شاء الله تعالى، و (سورة النساء القصرى)؛ يعني: الذي فيها: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).
[2] في (أ): (وغيره)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] كذا في (أ)، وفي (ق): (ولكنْ عمُّه)، وهذا الضبط رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (ولكنَّ عمَّه)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (كان).

(1/8074)


[{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}]
قوله تعالى: ({حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]): قدَّمتُ في {الصَّلَاةِ الْوُسْطَى} في (كتاب الصلاة) سبعة عشر قولًا، والصحيح: أنَّها العصر، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم» وإن كان الشافعيُّ قال: إنَّها الصبح.
==========
[ج 2 ص 267]

(1/8075)


[حديث: حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس]
4533# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، لا ابن أبي شيبة أبو بكرٍ الحافظ الكبير، و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن هارون، و (هِشَامٌ): هو هشام بن حسَّان، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو محمَّد بن سيرين، و (عَبِيدَةُ) بعده: هو عَبِيدة؛ بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عمرو، وقيل: ابن قيس، السَّلْمانيُّ، تَقَدَّم.
قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو عبد الرَّحمن بن بِشْر بن الحكم العَبْديُّ النيسابوريُّ، عن ابن عيينة والقطَّان، وعنه: البُخاريُّ وهو القائل: (وحدَّثني)، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه، ومكيُّ بن عبدان، وابن الشرقيِّ، ثِقةٌ، صاحب حديث، مات سنة (260 هـ)، أخرج له من الأئمَّة من روى عنه، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو القطَّان، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن حسَّان، و (مُحَمَّدٌ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن سيرين، و (عَبِيدَةُ): تَقَدَّم أعلاه وقبله ضبطه، وأنه السَّلْمانيُّ.
قوله: (شَكَّ يَحْيَى): هو ابن سعيدٍ القطَّان المذكور في السند.
==========
[ج 2 ص 267]

(1/8076)


[{وقوموا لله قانتين} مطيعين]

(1/8077)


[حديث: كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجته]
4534# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، و (أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانيُّ)؛ بالشين المعجمة: اسمه سعد بن إياس، تَقَدَّم، أخرج له الجماعة.
قوله: (كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ): تَقَدَّم الكلام على هذا الحديث في (الصلاة) في (باب ما ينهى من الكلام في الصلاة)، في أوائل التعليق.
قوله: (فَأُمِرْنَا): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 267]

(1/8078)


[{فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا فإذا أمنتم فاذكروا الله .. }]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {كُرْسِيُّهُ} [البقرة: 255]: عِلْمُهُ): أمَّا (ابن جُبَير)؛ فهو سعيد، وهو أشهر من أن يُذكر، قال الذهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة جعفر بن أبي المغيرة القميِّ صاحبِ سعيد بن جُبَير: (روى هشيم عن مطرِّف، عنه، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس في قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، قال: (علمه)، قال ابن منده: لم يُتابَع عليه، ثُمَّ قال: قد روى عمَّار الدِّهنيُّ عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس قال: {كُرْسِيُّهُ}: موضع قدمه، والعرش: لا يُقدَر قدْرُه، روى أبو بكر الهذليُّ وغيره عن سعيد بن جُبَير من قوله، قال: الكرسيُّ: موضع القدمين)، انتهى.
وقد أخطأ شجاع بن مَخْلد الفلَّاس، أحد الثقات، فروى عن أبي عاصم عن سفيان، عن عمَّار الدهنيِّ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس مرفوعًا: ({كُرْسِيُّهُ}: موضع قدمه، والعرش: لا يُقدَر قدْرُه)، أخطأ شجاع في رفعه، رواه الرماديُّ والكجِّيُّ عن أبي عاصم موقوفًا، وكذا رواه ابن مهديٍّ ووكيع عن سفيان، وقد أخرجه الحاكم في «المستدرك» في (التفسير) من طريق الدهنيِّ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس موقوفًا، وقال: على شرط البُخاريِّ ومسلم، وأقرَّه الذهبيُّ على ذلك.
وقال الإمام السهيليُّ في «روضه» في (الوفود) في خطبة ثابت بن قيس: («وَسِعَ كُرْسِيَّهُ علمُه»، وفيه ردٌّ على مَن قال: الكرسيُّ هو العلم، وكذلك من قال: هو القدرة؛ لأنَّه لا تُوصَف القدرة والعلم بأنَّ العلم وسعهما، وإنَّما {كُرْسِيُّهُ}: ما أحاط بالسموات والأرضين، وهو دون العرش، كما جاءت به الآثار ... ) إلى آخر كلامه، وهو كلام حسن نفيس ينبغي لك أن تقف عليه.
قوله: (آدَنِي: أَثْقَلَنِي): (آدني): بمدِّ الهمزة.
قوله: (وَالآدُ وَالأَيْدُ: الْقُوَّةُ): (الآد): بهمزة مفتوحة ممدودة، ثُمَّ دال مهملة.
قوله: (الطَّلُّ: النَّدَى): هو بفتح النون، مقصورٌ، وهو المطر والبلل.
==========
[ج 2 ص 267]

(1/8079)


[حديث ابن عمر: كان إذا سئل عن صلاة الخوف]
4535# قوله: (فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ): (أشدّ): يجوز فيه النصب والرفع، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُرى)؛ بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، قال البَيهَقيُّ كما نقله شيخنا في شرح «التنبيه» له: هو ثابت من جهة موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في (صلاة شدَّة الخوف) انتهى؛ يعني: في «البُخاريِّ».

(1/8080)


[حديث ابن الزبير: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة]
4536# قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، أزديٌّ، روى عن أبي مجلز وابن سيرين، وعنه: شعبة والأنصاريُّ، ثِقةٌ ثبت، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، أخرج له الجماعة، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وزُهيرٌ صَحابيٌّ، تَقَدَّم مِرارًا.
[ج 2 ص 267]
قوله: (قُلْتُ لِعُثْمَانَ: هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره إن أردته.
قوله: (فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟): (لِمَ): استفهاميَّة، و (تكتبُها): مرفوعٌ، وقد تَقَدَّم قريبًا.
قوله: (قَالَ حُمَيْدٌ: أَوْ نَحْوَ هَذَا): (حُمَيد) هذا: هو المذكور في السند، حُمَيد بن الأسود.

(1/8081)


[{وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى}]

(1/8082)


[حديث: نحن أحق بالشك من إبراهيم]
4537# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّه أبو جعفر ابن الطبريِّ، المصريُّ الحافظ، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أبو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّم مِرارًا، و (سَعِيدٌ): هو ابن المُسَيّب، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم.
قوله: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا في (الأنبياء) في إبراهيم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
قوله: ({فَصُرْهُنَّ} [البقرة: 260]: قَطِّعْهُنَّ) [1]: هو في أصلنا: بضمِّ الصاد، وفي هذا الضَّبط نظر، وإنَّما هو بالكسر؛ لأنَّه بالكسر معناه: قطِّعْ، وأمَّا بضمِّها؛ فمعناه: ضُمَّ أو أمِلْ، وقد قرأ بكسر الصاد حمزةُ، وبضمِّها الباقون، فالتفسير وقع لقراءة حمزة، لا لقراءة الباقين، والله أعلم، وقال شيخنا: قال ابن التين: ضبطه في أكثر الكتب بالضمِّ، والذي ذكره المفسِّرون: أنَّه بالضمِّ معناه: ضُمَّهنَّ إليك، وبالكسر: قطِّعْهنَّ، انتهى.

(1/8083)


[باب قوله: {أيود أحدكم أن تكون له جنة}]

(1/8084)


[حديث عمر: فيم ترون هذه الآية نزلت: {أيود أحدكم أن تكون له جنة}]
4538# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن موسى الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، تَقَدَّم، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحابيٌّ.
قوله: (وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ): هو أبو بكر بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، عن عائشة، وعثمان بن عبد الرَّحمن التيميِّ، وعبيد بن عمير، وعنه: ابنه عبد الرَّحمن المليكيُّ، وابن جُرَيج، وهشام بن عروة، وغيرُهم، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ فقط.
قوله: (فِيمَ ترَوْنَ؟): يجوز فيها ضمُّ التاء وفتحُها.
قوله: (قَالُوا: أللَّهُ أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ، فَقَالَ: قُولُوا: نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ): إن قيل: ما وجه غضبه وقد وكلوا العلم إلى الله؟
قيل: لأنَّ جوابهم يصلح للعالم بالجواب والجاهل، فأراد منهم تعيين إحدى الحالتين، ورأيت في هامش نسخة بـ «البُخاريِّ» حاشيةً بخطِّ شيخنا العلَّامة البلقينيِّ، قال: لأنَّه كناية، انتهى، وما ذكرته أحسن وأوضح ممَّا قاله شيخنا المشار إليه.
قوله: (أيّ عَمَلٍ؟): يجوز في (أي) الجرُّ على البدل، والرفع على الابتداء.

(1/8085)


[{لا يسألون الناس إلحافًا}]
قوله: ({إِلْحَافًا} [البقرة: 273]): نصب على أنَّه مفعول من أجله، ويحتمل أن يكون مصدرًا في موضع الحال، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 268]

(1/8086)


[حديث: ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان]
4539# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو ابن أبي كَثِير المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقتِه، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفةٌ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وقال ابن المدينيِّ: معروفٌ، وقال النَّسائيُّ: صالحٌ.
قوله: (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: (أبو عَمرة): بشير بن عمرو بن محصن، قُتِل مع عليٍّ بصفِّين، وله صحبة، وقُتِل أخوه أبو عبيدة يوم بئر معونة، وقُتِل أخوهما ثعلبة يوم جسر أبي عبيد، وقُتِل أخوهم حَبِيبٌ يوم اليمامة، انتهى.
فقوله في أبي عَمرة: (اسمه بشير بن عمرو)؛ قدَّم بعض الحفَّاظ تارة هذا، وتارة هذا، وأمَّا أخوهم (ثعلبة)؛ فهو ثعلبة بن عمرو بن محصن الأنصاريُّ النجَّاريُّ، شهد بدرًا، وقُتِل يوم جسر أبي عبيد كما قال، وقال ابن عبد البَرِّ في نسبه: ثعلبة بن عمرو بن عبيد بن محصن، أخو بني مالك بن النجَّار، فزاد في نسبه: عبيدًا، وخالفه هشام بن الكلبيِّ وغيرُه، وقال الواقديُّ: إنَّه تُوُفِّيَ بالمدينة في خلافة عثمان، وقيل: هو الذي روى عنه ابنه عبد الرَّحمن في السرقة، قال الذهبيُّ: وكأنَّه الصحيح، قال: فإنَّ ذاك لم يُنسَب، وهنا في هذا الموطن قد نُسِب إلى عَمرو، انتهى، وأمَّا (حَبِيبٌ)؛ فهو بفتح الحاء، وكسر الموحَّدة، قال الذهبيُّ: استشهد في ذهابه إلى اليمامة، والله أعلم.
قوله: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ ... ) إلى آخره: يعني: الكامل المسكنة.
==========
[ج 2 ص 268]

(1/8087)


[{وأحل الله البيع وحرم الربا}]

(1/8088)


[حديث: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا ... ]
4540# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا معروف عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (مُسْلِمٌ) بعده: هو ابن صُبَيح، أبو الضحى، تَقَدَّم.
قوله: (لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (الصلاة).
==========
[ج 2 ص 268]

(1/8089)


[{يمحق الله الربا} يذهبه]

(1/8090)


[حديث: لما أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة]
4541# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدُر، وقد تَقَدَّم ضبط (غُنْدر)، وما هو، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه أنَّه مسلم بن صُبَيح.

(1/8091)


[{فأذنوا بحرب من الله ورسوله} فاعلموا]
قوله: ({فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ} [البقرة: 279]: فَاعْلَمُوا): إن قَرأتَ بالوصل؛ فاقرأ: (فاعلموا)؛ بالوصل، وإن قرأت: {فآذِنوا}؛ بمدِّ الهمزة مفتوحة، وكسر الذال؛ فاقرأ: (أعلِموا)؛ بفتح الهمزة، وكسر اللام، وكلا القراءتين في السبع، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وقد قرأ أبو بكر وحمزة: بالمدِّ وكسر الذال، والباقون: بالقصر وفتح الذال.
==========
[ج 2 ص 268]

(1/8092)


[حديث: لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قرأهن النبي]
4542# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّه بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ) ضبطًا، وأنه محمَّد بن جعفر مرارًا، و (مَنْصُورٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه مسلم بن صُبَيح.
==========
[ج 2 ص 268]

(1/8093)


[{وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ... }]

(1/8094)


[حديث: لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام رسول الله]
4543# قوله: (وَقَالَ لَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): هو محمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ، والظاهر أنَّ (سُفْيَانَ) بعده: هو الثوريُّ، والله أعلم، وقد روى عن ابن عيينة، وأيضًا السُّفيانان رويا عن منصور أيضًا، ولكنْ محمَّدٌ مكثرٌ عن الثوريِّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم أعلاه ومرارًا، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح، تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.
==========
[ج 2 ص 268]

(1/8095)


[{واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}]

(1/8096)


[حديث: آخر آية نزلت على النبي آية الربا]
4544# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثوريُّ، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم مترجمًا، و (الشَّعْبيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، وأنَّه بفتح الشين المعجمة.
قوله: (عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ [1]: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الرِّبَا): قد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الخلافُ في آخر آية أُنزِلت، وذكرت هذا المكان هناك، وقدَّمتُ أيضًا الخلافَ في أيِّ سورة أُنزِلت أخيرًا، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنهما)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (قال).
[ج 2 ص 268]

(1/8097)


[{وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}]

(1/8098)


[حديث ابن عمر: أنها قد نُسخت: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه}]
4545# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ): قال الدِّمْياطيُّ: قيل: هو الذهليُّ، قال ابن البيِّع: هو محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، وأمَّا (النُّفيليُّ)؛ فاسمه عبد الله بن محمَّد بن عليِّ بن نُفيل، أبو جعفر الحرَّانيُّ، روى عنه: أبو داود، وروى البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ والدارقطنيُّ عن رجل عنه، مات سنة (234 هـ)، وأمَّا (مسكين)؛ فهو ابن بُكَيْر الحذَّاء، يكنَّى: أبا عبد الرَّحمن، انتهى.
فقوله: (والدارقطنيُّ): هذا وَهم من الناقل من خطِّ الدِّمْياطيِّ، والظاهر أنَّ الدِّمْياطيَّ رقم: (ق)؛ يعني: ابن ماجه القزوينيَّ، فظنَّه الناقل الدارقطنيَّ، وقد ذكرت لك وفاة النُّفيليِّ، وأمَّا الدارقطنيُّ؛ فإنَّه وُلد سنة ستٍّ وثلاث مئة؛ فانظر ما بين وفاة النُّفيليِّ ومولد الدارقطنيِّ؛ يظهر أنَّه وَهَمٌ، والله أعلم.
وقد ذكر هذا المكان الجيَّانيُّ: (محمَّد عن عبد الله بن محمَّد النُّفيليُّ)، قال: هكذا ثبت (محمَّد) قبل (النُّفيليِّ) في أكثر النُّسخ، وسقط من كتاب ابن السكن، وقال أبو نصر: محمَّدٌ هذا أُراه محمَّد بن يحيى الذهليَّ، وقال في موضع آخر: قال لي أبو عبد الله بن البيِّع الحافظ: إنَّ هذا محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، وهذا الحديث ممَّا أملاه البوشنجيُّ بنيسابور، والله أعلم، انتهى.
وذكر أيضًا هذا المكان عبد الغنيِّ المقدسيُّ فقال في ترجمة النُّفيليِّ: وروى البُخاريُّ عن محمَّدٍ غير منسوب عنه، وهو محمَّد بن يحيى الذهليُّ، وقيل: محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، انتهى.
وذكر الذهبيُّ هذا المكان في «طبقات الحفَّاظ»، فذكر هذين القولين: الذهليَّ، والبوشنجيَّ، وذكر في «تذهيبه» القولين: الذهليَّ، وقيل: البوشنجيُّ، وقال: قاله الحاكم.
و (مسكين): هو ابن بُكَيْر الحرَّانيُّ، قال أحمد: حدَّث بأحاديث عن شعبة تفرَّد بها، وقال ابن معين وأبو حاتم: لا بأس به، زاد أبو حاتم: كان يحفظ الحديث، وقال ابن حبَّان في «الثقات»: مات سنة (198 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (قَدْ نُسِخَتْ: {وَإِنْ [1] تُبْدُوا ... }؛ الآية [البقرة: 284]): (نُسِختْ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8099)


[{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه}]

(1/8100)


[حديث ابن عمر في {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه}]
4546# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في أصلنا: (ابن منصور)، وقال شيخنا عن الجيَّانيِّ: إنَّه لم يجده منسوبًا، قال: وقد حدَّث البُخاريُّ عن ابن إبراهيم، وعن ابن منصور، وقد ذكره أبو نعيم، وأبو مسعود، وخلف: ابن منصور، انتهى، وكذا هو منسوب في «أطراف المِزِّيِّ» الحافظ جمال الدين، والله أعلم، و (رَوح): هو ابن عبادة، تَقَدَّم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

(1/8101)


(((3))) (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ) ... إلى (سُورَة النِّسَاء)
قوله: ({تُقَاةً} [آل عمران: 28] وَ {تَقِيَّةً} [1]: وَاحِدَةٌ): فيه إشعار بأنَّها قراءة، وهي قراءةٌ شاذَّة [2].
قوله: (الَّذِي لَهُ سِيمَا [3]): (السيما): مقصور، قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم} [الفتح: 29]، وقد يجيء (السيماءُ) و (السِّمياء) أيضًا ممدودين.
قوله: ({رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146]، الْجَمِيعُ، وَالْوَاحِدُ: رِبِّيٌّ): يشير بذلك إلى قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]، وهو كما قال: الرِّبِّيُّ: واحد الربيِّين؛ وهم الألوف من الناس؛ أي: قُتِلَ معه الألوف من الناس، و (رِبِّيٌّ) في كلامه: بكسر الراء، وتشديد الموحَّدة، ثُمَّ ياء مشدَّدة، واعلم أنَّهم قالوا في قوله تعالى: {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}: قيل: جماعات كثيرة، وقيل: هم الصُّبَّر والأتقياء، وقيل: العلماء الفقهاء، وقيل: وزراء الأنبياء، وقيل: الأنبياء، وقيل: الرِّبِّيُّون: الأتباع، والرِّبِّيُّون: القادة والولاة، {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].
قوله: ({غُزًّى} [آل عمران: 156]: وَاحِدُهُمْ [4]: غَازٍ): اعلم أنَّ (غازيًا): يُجمَع على غزاة؛ مثل: قاضٍ وقضاة، و {غُزًّى}؛ مثل: سابق وسُبَّق، و (غَزِيٌّ)؛ مثل: حاجٍّ وحجيج، وقاطنٌ وقَطِين، و (غُزَّاءٌ)؛ مثل: فاسق وفسَّاق، والله أعلم.
قوله: (الْمُطَهَّمَةُ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطاء المهملة، وتشديد الهاء المفتوحة، ثُمَّ ميم مفتوحة أيضًا، ثُمَّ تاء التأنيث، يقال: رجل مُطهَّم، وفرس مطهَّم، قال الأصمعيُّ: المطهَّم: التامُّ كلِّ شيء منه على حدته، فهو بارع الجمال.
قوله: (أُرَاهُ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ): (أُراه): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وقد تَقَدَّم.
==========
[1] رواية «اليونينيَّة»: (تقاةٌ وتقيَّةٌ).
[2] كذا، وهي قراءة يعقوب من العشرة، فهي متواترة، انظر.
[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (سيماء).
[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحدها).
[ج 2 ص 269]

(1/8102)


[باب {منه آيات محكمات}]

(1/8103)


[حديث: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله]
4547# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): هذا هو القعنبيُّ، الإمام المشهور، و (يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ)؛ بمثنَّاتين فوق؛ الأولى: مضمومة، والثانية: مفتوحة، بينهما سين مهملة ساكنة؛ إلى مدينة مشهورةٍ بخوزستان، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: (فَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ): هو بكسر التاء على أنَّ الخطاب لعائشة، ويجوز فتحها على أنَّه لكلِّ أحد.
قوله: (فَأُولَئِك): يُروى: بكسر الكاف وفتحها على ما ذكرتُ.
==========
[ج 2 ص 269]

(1/8104)


[{وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}]

(1/8105)


[حديث: ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد]
4548# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم لمَ قيل له: المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيره ممن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا): (يَسْتَهِلُّ): يرفع صوته، وقد تَقَدَّم الكلام على هذه المادَّة.
قوله: (إلَّا مَرْيَمَ وابْنَهَا): اعلم أنَّ هذه فضيلة ظاهرةٌ لمريم وابنِها، وظاهر الحديث: اختصاصهما بذلك، وأشار القاضي عياض رحمه الله إلى أنَّ جميع الأنبياء يشاركون فيها، وقد تَقَدَّم ذلك في (الأنبياء).
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 269]

(1/8106)


[{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا ... }]

(1/8107)


[حديث: من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله]
4549# 4550# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم.
قوله: (عَلَى يَمِينِ [1] صَبْرٍ): بالإضافة، كذا قيَّده بها الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»، ورأيته في مكان من أصلنا: بالإضافة والصفة، وأمَّا هنا؛ فإنَّه مضبوط بالإضافة، ومعنى يمين الصبر: التي أُلزِم بها وحُبِس عليها، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وفي بعض الأحاديث: «من حلف على يمين مصبورة ... »، قيل لها: مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور؛ لأنَّه إنَّما صُبِر من أجلها؛ أي: حُبِس، فوُصِفت بالصبر، وأضيفت إليه مجازًا.
قوله: (فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ): هو الأشعث بن قيس بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة بن عديٍّ الكنديُّ، اسمه معد يكرب، أبو محمَّد، وفد سنة عشر في قومه وكانوا ستِّين راكبًا فأسلموا، ثُمَّ ارتدَّ، فحوصر وأُتِيَ به الصدِّيقُ أسيرًا، فقال: استبقني لحربك، وزوِّجني أختَك، فزوَّجه، فلما زوَّجه؛ دخل سوق الإبل، فاخترط سيفه، فجعل لا يرى جملًا ولاناقة إلَّا عرقبه، فصاح الناس: كفر الأشعث، فلمَّا فرغ؛ طرح سيفه، وقال: إنَّ هذا الرجل زوَّجني أخته، ولو كنَّا ببلادنا؛ لكانت لي وليمة غير هذه، يا أهل المدينة؛ انحروا، وأعطى أصحاب الإبل أثمانها، وشهد اليرموك والقادسيَّة وجَلُولاء، وكان ممَّن أَلزم عليًّا بالحكمين، رواه ابن إسحاق عن ابن شهاب، وترجمته معروفة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، تُوُفِّيَ بعد عليٍّ بأربعين ليلة، صَحابيٌّ، وعند من يقول: إنَّ الردَّة محبطة للعمل وإن لم يتَّصل بها الموت؛ لا يعدُّه، والله أعلم.
قوله: (مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟): هو عبد الله بن مسعود، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَبَيْنَ ابْنِ عَمٍّ لِي [2]): ابن عمِّه: هو المخاصم له، كما في رواية أخرى، وابن عمِّه: هو الجفشيش بن النعمان الكنديُّ، أبو الخير، ويقال: حفشيش؛ بالحاء والخاء، وهو الذي قال للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: أنت منَّا؟ فقال: «نحن من ولد النضر بن كنانة، لا نقفو أمَّنا، ولا ننتفي من أبينا»، قال الذهبيُّ: هو الذي خاصم إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في أرض، انتهى.

(1/8108)


وفي «مبهمات النوويِّ» في حديث الأشعث: خاصمت رجلًا في بئر إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «بيِّنتك أو يمينه ... »؛ الحديث، قال الخطيب: هذا الرجل اسمه الجفشيش؛ بالجيم، وقيل: بالحاء المهملة، وقيل: بالخاء المعجمة،
[ج 2 ص 269]
ثُمَّ رواه الخطيب عن كلِّ شيخ من شيوخه بوجه من الأوجُه، وعن أبي حاتم الرازيِّ: أنَّه ذكره بالجيم، وكنَّاه: أبا الخير، وقال الطبرانيُّ: له صحبة، ولا رواية له، وفي رواية: رجل يقال له: الجَفشِيش بن حُصين، قلت: هو بالشين المعجمة المكسورة، وبفتح أوَّله، انتهى، بل بالحركات الثلاث، وفي «تجريد الذهبيِّ»: شخص آخر يقال له: الجفشيش، نسبُه أيضًا الكنديُّ، ثُمَّ قال: هو معدان بن الأسود بن معد يكرب، له وفادة، قاله محمَّد بن سعد، انتهى، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه الجفشيش، ويقال: اسمه معدان، ويقال: جَرِير بن معدان، انتهى.
قوله: (بَيِّنَتَكَ أَوْ يَمِينَهُ [3]): هما بالنصب، ونصبهما معروف.
قوله: (قُلْتُ [4]: إذًا يَحْلِفَ): هو بنصب (يَحْلِفَ)، وقال الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر النصب: وقال أبو الحسن بن خروف في «شرح الجُمل»: إنَّ الرواية بالرفع، وقد تَقَدَّم.
قوله: ([عَلَى] يَمِينِ صَبْرٍ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا جدًّا، وأنَّها بإضافة (يمين) إلى (صبر)، وفي هامش أصلنا نسخة معزوُّة إلى نسخة الدِّمْياطيِّ: (يمينٍ)؛ بالجرِّ منوَّنًا، وقد قدَّمتُ ذلك أنَّه وقع كذلك في بعض الأماكن في أصلنا.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي في آخر هذا الحديث، وفي (ق): (بيمينِ)، ورواية «اليونينيَّة»: (يمينَ).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كانت لي بئر في أرض ابن عمٍّ لي)، ولعلَّ في المثبت إشارةً إلى رواية (2417): (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ ... ).
[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» بضمِّهما.
[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (فقلت).

(1/8109)


[حديث: أن رجلًا أقام سلعةً في السوق فحلف فيها لقد أعطى بها]
4551# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ؛ هُوَ ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ): هذا من توضيح مَن بعد البُخاريِّ ممَّن روى «البُخاريَّ» لا من البُخاريِّ، وهو عليُّ بن أبي هاشمٍ عبدِ الله بن طِبْرَاخ، البغداديُّ، عن شريك، وأيوب بن جابر، وهُشيم، وغيرِهم، وعنه: البُخاريُّ، ويعقوب بن شيبة، وتمتام، وجماعةٌ، قال أبو حاتم: صدوق تركوا حديثه؛ لأنَّه كان يتوقَّف في القرآن، أخرج له البُخاريُّ فقط، ذكره في «الميزان» لذلك، والجرحُ بالبدعةِ أَمْرٌ صَلِفٌ إذا لم نكفِّره بتلك البدعة، والمسألة معروفة فلا نطوِّل بها، و (هُشَيمٌ) بعده: هو ابن بَشِير، أبو معاوية، السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تَقَدَّم، و (الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى): تقدَّم هو وأبوه، وأبوه صَحابيٌّ، رضي الله عنهما.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (أَقَامَ سِلْعَةً): أي: عرضها للبيع، وقد تَقَدَّم.
قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ): (أَعطَى)؛ بفتح الهمزة والطاء، و (يُعطِه): بضمِّ أوَّله، وكسر الطاء، ويجوز (أُعطِي بها)؛ بضمِّ الهمزة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يُعطَه)؛ بضمِّ أوله، وفتح الطاء، ومعنى الأولى: اشتراها بما لم يشترها به، ومعنى الثانية: دُفِع له فيها ما لم يُدفَع له فيها، ورأيت بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة حاشية منقولة من خطِّ اليونينيِّ لفظها: يتَّجه فتح الهمزة وضمُّها، وفتح الطاء مع ضمِّ الهمزة، وكسرها مع فتح الهمزة، قاله بعض الحفَّاظ، انتهى، كذا قال، والذي أعرفه ما ضبطتُ به أوَّلًا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 270]

(1/8110)


[حديث: لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم]
4552# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة.
قوله: (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ): هاتان المرأتان [1] لا أعرفهما.
قوله: (كَانَتَا تَخْرزَانِ): هو بكسر الراء وضمِّها؛ لغتان في «الصَّحاح».
قوله: (وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى [2]): (أُنْفِذَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وبالذال المعجمة، و (الإِشْفَى)؛ بكسر الهمزة: مقصورٌ، و (الإِشْفَى): هو الذي للأساكفة، قال ابن السكِّيت: الإِشْفَى: ما كان للأساقيِّ، والمزادة، وأشباهها، والمِخصف للنعال، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (بإِشْفًى): منوَّن بالقلم.
قوله: (فَرُفِعَ لِابنِ [3] عبَّاس): (رُفِعَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ): (يُعْطَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الناسُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] في (أ): (المرتان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بإشفًى).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (إلى ابن).
[ج 2 ص 270]

(1/8111)


[{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ... }]

(1/8112)


[حديث أبي سفيان: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله]
4553# قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: ابن راشد، تَقَدَّم.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره إن شاء الله تعالى في أواخره.
قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو الحافظ الكبير المصنِّف، ابنُ همَّام، و (مَعْمَرٌ) تَقَدَّم أعلاه، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سُفْيَانَ): هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق مترجمًا، وتَقَدَّم الكلام في أوَّل هذا التعليق على (الْمُدَّةِ) _وهي أمد الصلح_ كم كانت، والاختلاف فيها، و (الشَّأمِ)، و (هِرَقْلَ) بلُغَتَيه والكلام عليه، ومتى هلك، وأنَّه هلك سنة عشرين على نصرانيَّته، وعلى (دحْيَةُ) ابن خليفة، بلُغَتَيه، و (عَظِيمِ بُصْرَى)، وكذا على قوله: (فِي نَفرٍ مِنْ قُرَيْشٍ) كم كانوا، ومن عُرِف منهم، والكلام فيه، وكذا (إِجْلَاس أَصحَابِه خَلْفَه)، و (التّرْجُمَان) معناه ولفظه، وعلى (وَايْمُ اللهِ)، وعلى (الحَسَب)، وعلى (مِنْ مَلِكٍ)، وعلى (سَخْطَةً)، وعلى (السِّجَال)، وعلى (غَيْرَ هَذِهِ) في إعرابها، وعلى (بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ)، وعلى (الغَدْرِ)؛ وهو ترك الوفاء، وعلى (العَفَافِ)، وأنَّه بفتح العين، وهو ترك المحرَّمات، وترك خوارم المروءة، وعلى (أَمَّا بَعْدُ)، وعلى (دِعَايَةِ الإِسْلاَمِ) ضبطًا ومعنًى، وعلى (الأَرِيسِيِّينَ) ضبطًا ومعنًى، وعلى الواو في قوله: (و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64])، وعلى الحكمة في مكاتبته بهذه الآية دون غيرها من الآي، وذلك لأنَّ النصارى جمعوا الأمور الثلاثة المذكورة في الآية، وعلى (اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَأُخْرِجْنَا): مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله، وعلى (لَقَدْ أَمِرَ)، وعلى (ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ)، وعلى (بَنِي الأَصْفَرِ).
[ج 2 ص 270]
قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ): هذا موقوف على الزُّهريِّ، وإن شئت؛ قلت: مقطوعًا.
قوله: (فِي الْفَلاَحِ وَالرّشدِ): (الفلاح): الفوز والظفر، و (الرُّشْد)؛ بضمِّ الراء، وإسكان الشين، ويجوز بفتحهما.

(1/8113)


قوله: (فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ): تَقَدَّم الكلام عليه، قال الدِّمْياطيُّ: (حاصوا: نفروا وكرُّوا راجعين)، انتهى.

(1/8114)


[{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} ... ]

(1/8115)


[حديث: بخ ذلك مال رايح ذلك مال رايح وقد سمعت ما قلت]
4554# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.
قوله: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، وتَقَدَّم نسبه، ونسب (حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ) و (أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ) من عند البُخاريِّ في (الوصايا)، وعلى (بيْرحَاء)، وعلى (بَخْ) ضبطًا ومعنًى، و (رَايِحٌ) في الموضعين في أصلنا: بالمثنَّاة تحت، وفي رواية عبد الله بن يوسف _هو التنيسيُّ_ ورَوح بن عبادة؛ والاثنان رويا هذا الحديث عن مالك، فقالا: (رَابِحٌ): بالموحَّدة؛ أي: ذو ربح، وقد قدَّمتُ اختلاف الرواة في ذلك في (الزكاة)؛ فانظره، وهذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ عن عبد الله بن يوسف وروح: بالمثنَّاة تحت بالقلم؛ فاعلمه.
أمَّا عبد الله بن يوسف التنيسيُّ؛ فهو شيخ البُخاريِّ، فقوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) مثل: (حدَّثنا) كما تَقَدَّم، ويكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأمَّا (رَوْحٌ)؛ فتعليق؛ لأنَّه من شيوخ شيوخه، والله أعلم، وحديث عبد الله بن يوسف _أعني: عن مالك_ أخرجه البُخاريُّ في (الزكاة) و (الوصايا)، وأمَّا رَوح بن عبادة _أعني: عن مالك_؛ فلم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.
قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ: «مَالٌ رَايِحٌ»): (رايح)؛ بالمثنَّاة تحت: كذا في أصلنا وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (يحيى بن يحيى) هذا: هو يحيى بن يحيى بن بُكَيْر بن عبد الرَّحمن بن يحيى، أبو زكريَّا، التميميُّ، الحنظلي مولاهم، وقيل: من أنفسهم، وقيل: مولى بني منقر من تميم، النيسابوريُّ الحافظ، أحد الأئمَّة، عن حمَّاد بن سلمة، ومالك، والليث، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وإسحاق، وغيرُهم، قال أحمد: ثِقةٌ وزيادة، وقال النَّسائيُّ: ثِقةٌ ثبت، تُوُفِّيَ في صفر سنة (226 هـ)، قال الحاكم: المكتوب على لوح قبره خطأ، وهو أنَّه مات سنة (224 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، ويحيى بن يحيى راوي «الموطأ» الليثيُّ مولاهم البربريُّ: ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيء؛ فاستفده.

(1/8116)


4555# قوله في حديث محمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ من كلام أنسٍ: (فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبِيٍّ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ): هذا الحديث في أصلنا القاهريِّ، ومكتوب عليه: (نسخة)، وهو في هامش الأصل، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، لكن كُتِب عليه: (لا ... إلى)، الظاهر معناه: أنَّه زائد، ولم يذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فاعلمه.
واعلم أنَّ البُخاريَّ قدَّم نسب أبي طلحة، وأُبيٍّ، وحسان بن ثابت، وقد تَقَدَّم في (الوصايا) من قول أنس: (أنَّهما [1] أقرب إليه منِّي) [ح قبل: 2752]، وهذا يناقض ما في هذا المكان، وقد تَقَدَّم الوعد بهذا المكان هناك، فإن أراد أنس أنَّه أقرب منهما؛ لكونه ابن زوجته؛ ففي [2] هذه الإرادة بُعدٌ بعيد، وما أظنُّ أنسًا يريد هذا، وإن أراد غير ذلك؛ فلا أعلمه، والذي يظهر ويتَّضح: أنَّهما أقرب إلى أبي طلحة من أنس، ففي هذا المكان نظرٌ، وذلك أنَّ أنسًا يجتمع مع أبي طلحة في النجَّار؛ وهو الأب العاشر لأنس، وحسَّان يجتمع مع أبي طلحة في الأب الثالث، وأُبيُّ بن كعب يجتمع مع أبي طلحة في الأب السادس لأُبيٍّ، وأمَّا أمُّه أمُّ سُلَيم؛ فإنَّها [3] تجتمع مع أبي طلحة في النجَّار أيضًا، كما يجتمع معه أنس، وذلك لأنَّ أم سُلَيم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن تميم بن عديِّ بن النجَّار.
ثُمَّ إنِّي اعتبرت الحديثين، فوجدتهما كليهما من رواية محمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ، عن أبيه، عن ثُمَامة، عن أنس، غير أنَّ الذي في كتاب (الوصايا) معلَّق على ما يقوله المِزِّيُّ والذهبيُّ، ومسند عند ابن الصلاح وغيرِه، وكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، كما هو المعروف في تعليقه عن بعض مشايخه؛ لأنَّ صورته: (وقال الأنصاريُّ)، وقد تغيَّر الأنصاريُّ تغيُّرًا شديدًا، قاله أبو داود، وقد ذكر الأنصاريَّ الذهبيُّ في «ميزانه»، ثُمَّ قال: ما ينبغي أن يُتكلَّم في مثل الأنصاريِّ لأجل حديث تفرَّد به، فإنَّه صاحب حديث، انتهى.

(1/8117)


ويحتمل أنَّ أنسًا أراد حديثًا رواه أبو يعلى الموصليُّ من رواية أبي طلحة في دعاء النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى بيته، وفيه: (فأرسلتُ أنسًا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقلت: سارِّهِ في أُذُنه وادْعُهُ، فلمَّا أقبل أنسٌ؛ قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أرسلك أبوك يدعونا يا بُنيَّ؟ ... »؛ الحديث، وهذا مجازٌ؛ لأنَّه رابُّه، فأطلق عليه أبًا ولم يصر أباه، ولا هو صار ابنًا للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وفي هذا الاحتمال بُعد.
وفي «مسند أبي عوانة» أيضًا في حديث أنس في صنع أمِّ سُلَيم الطعام، قال أنس: فلمَّا رآني رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ قال: «دعانا أبوك؟» قلت: نعم، وفي رواية: «أرسلك أبوك؟» قلت: نعم، وفي روايات: قال أنس: (يا رسول الله؛ إنَّ أبي يدعوك)، وفي رواية: (فلما رجعت؛ قلت: يا أبتاه؛ قد قلت لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وفي رواية: (يا أبه)، وفي «مسلم» في (كتاب الأدب): قال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لأنس: «يا بنيَّ»، وكذا قال فيه للمغيرة بن شعبة: «يا بنيَّ»، ولم يصر أباه، ولم تحرَّم الزكاة على أنس ولا على المغيرة؛ لكونهما صارا من بني هاشم، والله أعلم.
والحاصل: أنِّي لا أعرف كون أنس أقرب منهما، وقد ذكرت أنَّ أُبيًّا ابن عمَّة أنس في (الوصايا)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وكانا).
[2] في (أ): (وفي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ): (فإنَّه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 271]

(1/8118)


[باب: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}]

(1/8119)


[حديث: كيف تفعلون بمن زنى منكم؟]
4556# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه أنس بن عياض.
قوله: (أَنَّ الْيَهُودَ جَاؤُوا [1] بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا): تَقَدَّم أنَّ الرجل اليَهوديَّ الزاني لا أعرف اسمه، وأنَّ اليَهوديَّة الزانية سمَّاها السهيليُّ: بسرة.
قوله: (نُحَمِّمَهُمَا): أي: نحمِّم [2] وجوههما، مأخوذ من الحميم؛ وهو الفحم.
قوله: (فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ: كَذَبْتُمْ): تَقَدَّم الكلام على عبد الله بن سلَام، وأنَّ [3] أباه بتخفيف اللام.
قوله: (فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا): كذا في أصلنا، وفي الطرَّة نسخة: (مُدارسها)، قال ابن قُرقُول: (مِدراسها): هو هنا للمبالغة؛ كمِعطاء: للكثير العطاء، وعند الحمُّوي والمستملي: (مُدارسها: الذي يُدَرِّسُهَا)، وهو والأوَّل سواء، ولكنَّ المِدراسَ ههنا أظهر، انتهى.
فائدةٌ: الذي وضع يده على آية الرجم هو الأعور، كما جاء في بعض طرق هذا «الصحيح»: «ارفع يدك يا أعور»، وسيأتي في آخر «الصحيح»، واسمه عبد الله بن صورَى الحبر الأعور، وكذا قال شيخنا: إنَّه عبد الله بن صورى، وفي «أبي داود»: «ائتوني بأعلم رجل منكم»، فأتَوه بابنَي صوريا، ولعلَّهما _كما قال
[ج 2 ص 271]
ابن المنذر_: عبد الله هذا، وكنانة بن صوريا، ويكون ثنَّاهما على أحدهما، أو يكون عبد الله يقال فيه: ابن صوريا، وكان عبد الله أعلمَ من بقي من الأحبار بالتوراة، ثُمَّ كفر بعد ذلك، وزعم السهيليُّ أنَّه أسلم، انتهى، والسهيليُّ لم يقله من قِبَل نفسه، وإنَّما قال في عبد الله بن صوريا عن النقَّاش: إنَّه أسلم، ولم يتعقَّبه، والله أعلم.
قوله: (مِنْ حَيْثُ مَوْضعُ): (مَوْضِعُ): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (يَجْنَأُ عَلَيْهَا): اعلم أنَّ ابن قُرقُول ذكر في هذه اللفظة رواياتٍ واختلافَ الرواة فيها، ثُمَّ قال: والصحيح من هذا كلِّه ما قاله أبو عبيد: (يَحنأُ)؛ ومعناه: ينحني عليها، يقيها من الحجارة ... إلى آخر كلامه، فمن أراد البسط؛ فلينظر «المطالع» لابن قُرقُول، أو «المشارق» للقاضي عياض، ونقل بعضهم عن أبي عُبيد: أنَّه بالجيم والهمز، قال بعضهم: وهو الصواب، انتهى.

(1/8120)


وقد ذكر هذا اللفظ في «النِّهاية» في (الجيم مع النون في المهموز)، ثُمَّ قال في آخر كلامه: ويروى: بالحاء المهملة، وسيجيء، وذكر في (الحاء المهملة مع النون في المعتلِّ): (فرأيته يَحْنَى عليها)، قال الخطَّابيُّ: الذي في كتاب «السنن»: (يجنأ)؛ بالجيم، والمحفوظ إنَّما هو (يَحْنَى)؛ بالحاء؛ أي: يُكِبُّ عليها، يقال: حَنَا يَحْنَى حُنُوًّا.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم).
[2] في (أ): (نحم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8121)


[{كنتم خير أمة أخرجت للناس}]

(1/8122)


[حديث أبي هريرة في قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}]
4557# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ): هو محمَّد بن يوسف الفريابيُّ، تَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، و (سفيان): هو الثوريُّ فيما يظهر؛ لأنَّه مكثرٌ عنه وإن كان محمَّد بن يوسف هذا روى عن السُّفيانين، و (مَيْسَرَةُ) هذا: هو ميسرة الأشجعيُّ ابن تمَّام، ويقال: ابن عمَّار، عن أبي حَازم وابن المُسَيّب، وعنه: سفيان، وزائدة، والثوريُّ، وُثِّق، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وثَّقه أبو زرعة، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المهملة: اسمه سلمان الأشجعيُّ، تَقَدَّم
قوله: ({كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ): قال الدِّمْياطيُّ: ليس تفسير أبي هريرة هذا بصريحِ الرفع إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولا بواجبٍ أن يدخل في المسند، وقد قيل: الكاف زائدة، ومعنى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}: أنتم خير أمَّة، انتهى.
اعلم أنَّ الحاكم قال في «المستدرك»: ليعلم طالبُ العلم أنَّ تفسير الصحابيِّ الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسندٌ، قال أبو عمرو بن الصلاح: إنَّما ذلك في تفسير يتعلَّق بسبب نزول آية يخبر به الصحابيُّ، أو نحو ذلك؛ كقول جابر: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته في دبرها في قبلها؛ جاء الولدُ أحول، فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... }؛ الآية [البقرة: 223])، قال: وأمَّا تفسيرات [1] الصَّحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ فمعدودةٌ في الموقوفات، انتهى، والكلام في هذه المسألة، ومن قال: إنَّ مثل ذلك مرفوعٌ؛ معروف، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (تفسير)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 272]

(1/8123)


[{إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا}]

(1/8124)


[حديث جابر: فينا نزلت: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا}]
4558# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.
قوله: (بَنُو حَارِثَةَ): هو بالحاء المهملة، وبالثاء المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ، وهم من الأوس.
قوله: (بَنُو سَلِمَة): هو بكسر اللام، وهذا ظاهرٌ، وهم من الخزرج.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة.
==========
[ج 2 ص 272]

(1/8125)


[{ليس لك من الأمر شيء}]

(1/8126)


[حديث ابن عمر: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا]
4559# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الحاء المهملة، وتَقَدَّم من يقال له كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»؛ وهم ثلاثة: هذا، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقة؛ وهذا كافر هلك على كفره، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: تَقَدَّم أنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم.
قوله: (اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا): تَقَدَّم الكلام عليهم في (غزوة أحُد)؛ فانظر ذلك، وقد ذكر بعضُ الحفَّاظ هنا ما ذكرته في (غزوة أحُد)، ثُمَّ قال: وفي كتاب ابن أبي شيبة منهم العاصي بن هشام، وهو وَهَمٌ، فإنَّ العاصي قُتِل قبل ذلك ببدر، ونقل ما قاله السهيليُّ، وقد ذكرته هناك ووهمَه في نقله، وقد ذكرته بعد هذا، هنا أيضًا.
تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «الروض» للسُّهيليِّ: أنَّ في «التِّرْمِذيِّ» حديثًا مرفوعًا في (التفسير): أنَّه عَلَيهِ السَّلام كان يدعو على أبي سفيان، والحارث بن هشام، وعمرو بن العاصي، فذِكْرُ عَمرٍو في هذا متعقَّبٌ بلا شكٍّ، والله أعلم، ولم أرَ ذلك إلَّا في أصلٍ عندي بـ «التِّرْمِذيِّ»، وقد تَقَدَّم في (أُحُد).
قوله: (رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تكلَّموا في سماعه من الزُّهريِّ، قاله الدارقطنيُّ، وهو إسحاق بن راشد الجزريُّ الحرَّانيُّ، أبو سليمان، وقيل: هو رَقِّيٌّ، عن سالم، وميمون بن مهران، والزُّهريِّ، وجماعةٍ، وعنه: عتَّاب بن بَشِير، وموسى بن أعين، وآخرون، وثَّقه ابن معين، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: شيخ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن خُزيمة: لا يُحتجُّ بحديثه، وقال الدارقطنيُّ: تكلَّموا في سماعه من الزُّهريِّ، وقال أبو المليح الرقِّيُّ وغيره: قال إسحاق بن راشد: بعث محمَّدُ بن عليٍّ زيدَ بن عليٍّ إلى الزُّهري قال: يقول لك أبو جعفر: استوص بإسحاق خيرًا، فإنَّه منَّا أهلَ البيت، وقال عبيد [1] الله بن عمرو: كان إسحاق _يعني: ابن راشد_ صاحب مال، فأنفق عليهم أكثر من ثلاثين ألف درهم ورثها؛ يعني: على آل عليٍّ، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وما رواه إسحاق بن راشد لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.
==========

(1/8127)


[1] في (أ): (عبد)، والمثبت موافق لما في المصادر، انظر «تهذيب الكمال»، «تاريخ ابن عساكر».
[ج 2 ص 272]

(1/8128)


[حديث: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد اللهم أنج الوليد]
4560# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.
قوله: (قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ): كذا الصواب، ووقع في أصلنا القاهريِّ: (قبل الركوع)، وكانت قبل ذلك على الصواب، فأصلحها بعض المتفضِّلين على ما في زُعمه، فأفسدها، وقد ضبَّبت أنا عليها، وكتبت الصواب في الهامش، والله أعلم.
قوله: (اللَّهُمَّ أَنْجِ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّم الكلام على (الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ)، وأنَّه أخو خالد بن الوليد، وعلى (سَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ)، وأنَّه أخو أبي جهلٍ لأبويه، وعلى (عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ)، وأنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وأنَّه أخو أبي جهلٍ لأمِّه، وعلى (الوَطأَةِ)، وعلى (مُضَرَ)، وعلى (كَسِنِي يُوسُفَ)، وأنَّها بتخفيف الياء، في أوائل هذا التعليق، وعلى («الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا»، لِأَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ)، تَقَدَّم: «اللهمَّ العن رِعْلًا، وذكوان، وبني لحيان، وعُصيَّة الذين عصوا الله ورسوله»، وتُعقِّب ذكر بني لحيان مع هؤلاء، وأُجيب عنه، والله أعلم، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين في قوله: (لأحياء من العرب)، قال: هم الذين قدَّمنا؛ يعني: المذكورين في (أحُد)، وقد ذكرهم هنا أيضًا: الحارث، وصفوان، وسهيلًا، قال: ولم يُرِد بقوله: (أحياء): قبائل، وإنمَّا أراد: ضدَّ أمواتٍ، وعند الإسماعيليِّ: (العن فلانًا وفلانًا وأناسًا من العرب)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 272]

(1/8129)


[{والرسول يدعوكم في أخراكم}]
قوله: ({وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153]: وَهْوَ تَأْنِيثُ آخِرِكُمْ): كذا في أصلنا بكسر الخاء، وإنمَّا هو تأنيث: آخَر؛ بفتح الخاء، (أفعل) تفضيل، لكنَّ المرادَ هنا الانتهاءُ، فإنَّه ذُكِر مدحًا للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، والأعقاب موضع الأبطال.

(1/8130)


[حديث: جعل النبي على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا]
4561# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زُهير بن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة الكوفيُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.
[ج 2 ص 272]
قوله: (جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ): المراد بـ (الرَّجَّالة): الرماة، وكذا جاء في بعض طرقه: (وكانو خمسين)، وتَقَدَّم الكلام على عبد الله بن جُبَير في (أحُد)، وكذا الكلام على أنَّهم ليس معهم فرس، أو كان معهم فرسان، في (أحُد) أيضًا.

(1/8131)


قوله: (وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ): إن كان المرادُ الرماةَ؛ ففيه مجازٌ، فإنَّ أميرهم عبد الله بن جُبَير ثبت في نفر يسير دون العشرة مكانَه، وقال: لا أجاوز أمر رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بغنًى، ووعظ أصحابَهم، وذكَّرهم أمرَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقالوا: لم يُرِد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هذا، قد انهزم المشركون، فما مقامنا ههنا؟! وإن كان المراد العسكر؛ ففيه أيضًا مجاز؛ لأنَّهم لم ينهزموا بأجمعهم، وقد ذكرت في (أحُد) وفي (الجهاد) مَن ثبت معه عَلَيهِ السَّلام، وقد اختُلِف في عددهم، والله أعلم، ولهذا قال في هذا: (ولم يبقَ مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غير اثني عشر رجلًا)، قد ذكرت في (أحُد) وفي (الجهاد) مَن ثبت معه؛ فانظرهم إن أردتهم، وقد ذكر بعض حُفَّاظ مِصْرَ القولَ بأنَّهم العشرة، وعمَّار، وابن مسعود، وجابر، وهذا غلطٌ من قائله، إنَّما ذاك يوم الجمعة في حال الانفضاض، وقد ذكرت تغليطه في ذلك في (أُحُد)، فقال الحافظ المصريُّ: وقد ثبت في «الصحيح»: أنَّ عثمان بن عفان لم يبق معه، وحكى ابن التين: أنَّ الاثني عشر كانوا من الأنصار، وأنَّهم ممَّن قُتِل، ولحقَ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالجبل وليس معه إلَّا طلحة بن عبيد الله، وقد ذكر الواقديُّ والبلاذريُّ أسماءَ من ثبت معه بأحُد: فمن المهاجرين: أبو بكر، وعمر، وعليٌّ، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزُّبَير، وأبو عبيدة، وعبد الرَّحمن بن عوف، ومن الأنصار: أُسَيد بن حُضَير، والحباب بن المنذر، والحارث بن الصمَّة، وسعد بن معاذ، وأبو دُجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وسهل بن حنيف، قالوا: وبايعه يومئذ على الموت من المهاجرين: عليٌّ، وطلحة، والزُّبَير، ومن الأنصار: الحارث، والحباب، وعاصم، وسهل، وأبو دُجانة، والله أعلم، انتهى.

(1/8132)


[باب: {أمنةً نعاسًا}]

(1/8133)


[حديث: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد]
4562# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ): قال الدِّمْياطيُّ: يُلقَّب بلؤلؤ، بغويٌّ، ابن عمِّ أحمد بن منيع بن عبد الرَّحمن البغويِّ أبي [1] جعفر الأصمِّ، مات إسحاق سنة (259 هـ) بعد البُخاريِّ بثلاث سنين، روى عنه: البُخاريُّ، ومات ابن عمِّه أحمد سنة (244 هـ)، روى عنه: الأئمَّة السِّتَّة، وروى البُخاريُّ عن حسين عنه، انتهى.
فقوله: (روى عنه الأئمَّة السِّتَّة): المراد: الخمسة، فإنَّ البُخاريَّ لم يرو عن أحمد بن منيع نفسِه، إنَّما أخرج عن واحد عنه، وهذا مراد الدِّمْياطيِّ، فإنَّ الأئمة الخمسة روَوا عنه، والبُخاريُّ عن واحد عنه، وقد يُؤخَذ ذلك من كلام الدِّمْياطيِّ من قوله بعد (السِّتَّة): (وروى البُخاريُّ عن حسين عنه)، والله أعلم.
تنبيهٌ: الذين روى عنهم البُخاريُّ وروى مسلم عن واحد عنهم: خمسة وثلاثون شيخًا، ومن روى مسلم عنه وروى البُخاريُّ عن واحد عنه: سبعة أشخاص: أحمد بن منيع المشار إليه، وداود بن رشيد، وسريج بن يونس، وسعيد بن منصور، وعبَّاد بن موسى، وهارون بن معروف، وعبيد الله بن معاذٍ العنبريُّ، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو الحُسين بن محمَّد بن بهرام، أبو أحمد، المروذيُّ المؤدِّب، نزيل بغداد، عن ابن أبي ذئب، وإسرائيل، وشيبان، وجرير بن حازم، وطبقتِهم، وعنه: أحمد، وابن معين، وعبَّاس الدوريُّ، وخلقٌ، وثَّقه ابن سعد وغيرُه، وقد حدَّث عنه من القدماء ابن مهديٍّ، قال مُطيَّن: مات سنة أربع عشرة _وقال حنبل: سنة ثلاث عشرة_ ومئتين، أخرج له الجماعة، ذكره في الميزان لغلطٍ فيه لبعض الحفَّاظ، والله أعلم، و (شَيبَانُ): هو النَّحويُّ، ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم، و (أَبُو طَلْحَةَ): زيد بن سهل النجاريُّ، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (غَشِيَنَا النُّعَاسُ): هو بفتح المثنَّاة تحت، والضمير مفعولٌ، و (النُّعاسُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (فِي مَصَافِّنَا): هو بتشديد الفاء، وهذا ظاهرٌ أيضًا.
==========
[1] في (أ): (أبو)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 273]

(1/8134)


[{الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ... }]
قوله: ({الْقَرْحُ} [آل عمران: 172]: الْجِرَاحُ): {القرْحُ}؛ بضمِّ القاف وفتحها؛ كالضَّعف والضُّعف، وقيل: هو بالفتح: الجراح، وبالضمِّ: ألمها، ولفظ الجوهريِّ: (القرحة: واحدةُ القَرْح والقُروح ... ) إلى أن قال: (والقَرح والقُرح: لغتان)، انتهى، ففيه أنَّه بالفتح والضمِّ جمعٌ، وقرأ أبو السَّمَّال قعنَبٌ: {قَرَح}؛ بفتحتين، قال شيخنا: وبضمِّهما على الإتباع، حكاه أبو البقاء؛ كـ (اليُسُر) و (العُسُر)، انتهى، وأبو السمَّال قعنبٌ متكلَّمٌ فيه، وسأذكره في {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
==========
[ج 2 ص 273]

(1/8135)


[{إن الناس قد جمعوا لكم} الآية]

(1/8136)


[حديث ابن عباس: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام]
4563# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسب إلى جدِّه، اليربوعيُّ الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (أُرَاهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): (أُراه)؛ أي: أظنُّه؛ بضمِّ الهمزة، و (أبو بكر): هو ابن عيَّاش؛ بالمثنَّاة، والشين المعجمة، كذا في أصلنا: (أحمد ابن يونس أُراه قال: حدَّثنا أبو بكر)، وكان في أصلنا: (أحمد ابن يونس قال: أُراه)، فضُرِب على (قال)، فعلى ما ضُرِب يكون الذي قال: (أظنُّه) البُخاريَّ، وكذا هو في أصل لنا آخر: (حدَّثنا أحمد ابن يونس أُراه قال: حدَّثنا أبو بكر)، وعلى إثبات (قال) يكون الظانُّ هو أحمد ابن يونس، وفي «الأطراف» ما لفظه: (في «التفسير»: «عن أحمد ابن يونس قال: أُراه حدَّثنا أبو بكر»)، فيه قوَّة أنَّ الظانَّ أحمد ابن يونس أو كالصريح، والله أعلم.
تنبيهٌ: الحديث المشار إليه أخرجه الحاكم في «المستدرك» من طريق أحمد ابن يونس عن أبي بكر بن عيَّاش من غير حسبان، والحديث أخرجه أيضًا عقيب هذا، وفيه: حدَّثنا مالك بن إسماعيل: حدَّثنا إسرائيل عن أبي حَصِين به؛ فذكره مختصرًا، والله أعلم، وأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير): عن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، وفيه وفي «اليوم والليلة»: عن هارون بن عبد الله؛ كلاهما عن يحيى بن أبي بكر، عن أبي بكر بن عيَّاش نحوه.
و (أَبُو حَصِين): بفتح الحاء وكسر الصَّاد المهملتين، وقد قدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، واسم هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبيح.
قوله: ({الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173]): أمَّا قوله: {الذين قال لهم الناس}؛ [فالنَّاس] هو عروة بن مسعود الثقفيُّ، والناسُ الذين جمعوا: أهلُ مَكَّة.
==========
[ج 2 ص 273]

(1/8137)


[حديث: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ... ]
4564# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو حَصِين): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، واسمه واسم أبيه، وقبله أيضًا، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه اسمه واسم أبيه.
قوله: (كَانَ آخِر قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ): يجوز في (آخر) الرفع والنصب، فإن رفعت؛ كان (حسبي الله) منصوبًا؛ الخبر، وإن نصبت؛ كان (حسبي الله) مرفوعًا؛ الاسم، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 273]

(1/8138)


[{ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية]

(1/8139)


[حديث: من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته]
4565# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بضمِّ الميم، وكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا معروفٌ مشهورٌ عند أهله، و (أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وهذا ظاهرٌ، تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هاشم بن القاسم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.
قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزكاة)، وعلى (لَهُ زَبِيبَتَان)، وعلى (لِهْزِمَتَيْه).
==========
[ج 2 ص 273]

(1/8140)


[{ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ... }]

(1/8141)


[حديث: يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب]
4566# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (عَلَى حِمَارٍ): هذا الحمار [تقدَّم]، وفي الحديث الآتي ما يقوِّي أنَّه ملكه؛ وهو قوله: (دابَّته)، وإضافتها على الظاهر إضافة ملك، فيشبه على هذا أن يكون أهداه له سعد بن عبادة، فإنَّه يقال: إنَّ سعدَ بن عبادة أهدى له حمارًا فركبه، ولم يكن هذا الحمار المذكور هنا يعفورًا
[ج 2 ص 273]
ولا عُفيرًا؛ لأنَّهما لم يجيئا إلَّا بعد ذلك بزمن، والله أعلم.
قوله: (عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ): و (القطيفة): تَقَدَّم أنَّها كساء ذو خمل، وجمعه: قطائفُ، وهي الخميلة أيضًا، و (الفدكيَّة)؛ بالفاء، والدال المهملة: منسوبة إلى فَدَك، واعلم أنَّ (فدكيَّة) _بالدال_ كذا لكافَّة رواة مسلم، ولبعضهم: (فركيَّة)، وكذا للنسفيِّ، وهو تصحيف.
قوله: (وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق أنَّ ابن منده جمع أردافه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في جزء، فبلغ بهم بضعًا وثلاثين، وقد ذكرتُ من تيسَّر لي منهم.
قوله: (يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ): الظاهر أنَّ هذه العيادة هي التي ذكرها ابن إسحاق في رواية يونس بن بُكَيْر، قال: كان سَعْد قد دعاه رجل من الليل، فخرج إليه، فضربه الرجل بسيفه فأشواه، فجاءه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يعوده من تلك الضربة، ولامه على خروجه ليلًا، ذكر ذلك السُّهيليُّ في «روضه».
قوله: (قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ): تَقَدَّم متى كانت وقعة بدر؛ فانظره في مكانه.
قوله: (فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم كيف النُّطق به وكتابته، والنطق به أن تُنوِّن (أُبيًّا)، و (ابن) بعده تابع لـ (عبد الله)، وتكتب بألف، و (سَلول): لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وهي أمُّ عبد الله، وقد قدَّمتُ ترجمته ونسبه.
قوله: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ): يعني: قبل أن يُظهِر الإسلام، وإَّلا؛ فهو لم يسلم في الباطن قطُّ، ومات على نفاقه وكفره.
قوله: (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ): أي: غبارها الذي تنثره حوافرها.
قوله: (خَمَّرَ): أي: غطَّى، وهذا ظاهرٌ.

(1/8142)


قوله: (فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ): لعلَّه عَلَيهِ السَّلام نوى بالسلام المسلمين، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم أعلاه كيف النطق به، وقدَّمتُ قبل ذلك نسبه وترجمته.
قوله: (لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (لا أُحِسنُ ما تقول)، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: (لا أحسن): هكذا هو في نسخ بلادنا بالألف في (أحسن)؛ أي: ليس شيء أحسن من هذا، قال: وكذا حكاه القاضي عن جماهير رواة مسلم، قال: فوقع للقاضي أبي عليٍّ: (لَأُحسِنُ من هذا)؛ بالقصر من غير ألف، قال القاضي: وهو عندي أظهر، وتقديره: أحسنُ من هذا أن تقعد في بيتك ولا تأتينا، انتهى.
وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: كثير من المحدِّثين يضمُّون ألف (أُحسِنُ)، ويكسرون السين؛ أي: لا أعلم منه شيئًا، وسمعت أبا محمَّد بن الخشَّاب يفتح الألف والسين؛ أي: ليس شيء أَحسَن من هذا، ثُمَّ ذكر رواية أبي عليٍّ وكلامَ القاضي، انتهى.
وأمَّا ابن قُرقُول؛ فقال: (لا أحسنَ من هذا)، وعند القاضي أبي عليٍّ: (لأَحسنُ)؛ برفع النون مع لام الابتداء، وكذلك اختلفت الرواية فيه عندنا في كتاب «المشاهد» لابن هشام، ولكلٍّ وجهٌ، ومن الناس من يرجِّح النفي ويجعله الصواب ... إلى أن قال: ورجَّح القاضي أبو الفضل روايةَ أبي عليٍّ، وقال: إنَّه الأشبه بمقصد هذا المنافق ... إلى آخر كلامه، والله أعلم.
قوله: (وَارْجِعْ [1] إِلَى رَحْلِكَ): (الرَّحل): المنزل والمسكن، وقد تَقَدَّم.
قوله: (حَتَى سَكَنُوا): هو بالنون، وفي نسخة: بالتاء.
قوله: (أَبُو حُبَابٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره موحَّدة أخرى، تَقَدَّم، والحُبَاب: هو عبد الله بن عبد الله بن أُبيٍّ ابنُ سَلول، كذا كان اسمه، فغيَّره عَلَيهِ السَّلام إلى عبد الله، الرجلُ الصَّالح المستشهد باليمامة، رضي الله عنه.
قوله: (هَذِهِ البُحَيْرَة): يعني: المدينة، و (البَحرة): الأرض والبلد، قال ابن سراج: ويقال: البَحيرة: على لفظ الناقة البَحيرة ... إلى أن قال ابن قرقول: قال الحربيُّ: البَحيرة دون الوادي، وأعظم من التلعة، وقال الطبريُّ: كلُّ قرية لها نهرٌ جارٍ أو ماءٌ ناقع؛ فالعرب تسمِّيها البحيرة، انتهى.
وقال القاضي: وفي غير مسلم: (البَحِيرة)؛ بفتح الباء، وكسر الحاء، قال: وكلاهما بمعنًى واحد، انتهى.

(1/8143)


قوله: (بِالْعِصَابَةِ): أي: يسوِّدونه، وكان السيد عندهم يُسمَّى معصَّبًا؛ لأنَّه يُعصَّب بالتاج، أو يُعصَّب به أمر الناس، وقيل: معناه: يعصِّبونه بعصابة الرئاسة، وينصبوا [2] عليه تاجًا، ومنه في الحديث الآخر: فكانوا ينظمون له الخرز ليتوِّجوه، وينظمون له العصابة؛ يعني: التي كانت ملوك العرب تتعصَّب بها وتتعمَّم، والعمائم تيجان العرب، وفي «مسلم»: (ويتوِّجوه).
قوله: (شَرِقَ بِذَلِكَ): (شَرِق)؛ بفتح الشين المعجمة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ قاف؛ أي: ضاق صدره حسدًا منك؛ كمن غصَّ، لكنَّ الشَّرَق بالمشروب، والغصيص بالمطعوم.
قوله: (وَأَهْلِ الْكِتَابِ): هو بالجرِّ، معطوف على (المشركين).
قوله: (فَقَتَلَ اللهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ): (الصناديد): الشجعان السادات، وقد تَقَدَّم أنَّه قُتِل منهم سبعون، وقدَّمتُ مشاهير القتلى منهم في (بدر).
قوله: (فَبَايَعُوا لِرَسُولِ اللهِ): هو فعل ماضٍ، بفتح الياء.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ارجع)؛ بغير واو.
[2] كذا، شرحًا للفظ الحديث: (على أن يتوِّجوه).

(1/8144)


[{لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}]

(1/8145)


[حديث: أن رجالًا من المنافقين على عهد رسول الله كان إذا خرج ... ]
4567# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو محمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، تَقَدَّم، و (عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ): تَقَدَّم أنَّه بتقديم المثنَّاة تحت، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ): هؤلاء لا أعرفهم بأعيانهم، وسأذكر من ذكر بنفاق في (سورة المنافقين) إن شاء الله تعالى وقدَّره.
==========
[ج 2 ص 274]

(1/8146)


[حديث: أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس ... ]
4568# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وأنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ، و (مَرْوَانُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه ابن الحكم، وأنَّه تابعيٌّ.
قوله: (قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عبَّاس): (رافعٌ) هذا بوَّاب مروان سأل ابن عبَّاس، وعنه: علقمة بن وقاص، وحُمَيد بن عبد الرَّحمن، وهما عنه في هذا الحديث؛ الأوَّلُ في الطريق الأوَّل، والثاني في الطريق الثاني، ولكنَّ هذا الحديث قد أخرجه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة علقمة عن ابن عبَّاس، وكذا في ترجمة حُمَيد بن عبد الرَّحمن عن ابن عبَّاس،
[ج 2 ص 274]
والذي يظهر أنَّه من مسند رافع هذا عن ابن عبَّاس، كما هو في هذا «الصحيح» في الطريقين وغيره، والحديث من مسند حُمَيد بن عبد الرَّحمن عن ابن عبَّاس في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، ومن مسند علقمة عن ابن عبَّاس في «البُخاريِّ» فقط، وإذا كان الحديث من مسند علقمة وحُمَيد عن ابن عبَّاس؛ فلم يرويا عن رافع شيئًا، وإن كانا رويا عنه؛ فالحديث من مسنده عن ابن عبَّاس، وقد قال الذهبيُّ في «تذهيبه» تبعًا لأصله في ترجمة رافع: روى عنه علقمة وحُمَيد بن عبد الرَّحمن، وهذا الفعل فيه تباينٌ، والله أعلم، اللهمَّ إلَّا أن يكونا قد رويا عنه في غير هذا الحديث، فيحتاج إلى نقلٍ، والله أعلم، و (رافع) هذا: روى عنه ثقتان، ولا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا صريحًا.
قوله: (بِمَا أُوتِيَ): قال الدِّمْياطيُّ: رواه مسلم عن زهير وهارون، عن حجَّاج، عن ابن جُرَيج به، وفيه: (بما أَتَى)؛ يعني: بفتح الهمزة والتاء، قال: وهذا هو الوجْهُ؛ لموافقة التلاوة ومرسوم المصحف، وبيان المعنى، انتهى، والحديث في «الترمذيِّ» و «النَّسائيِّ» أيضًا، وراجعت نسخة عندي من «التِّرْمِذيِّ»؛ فوجدته كـ «البُخاريِّ»، ولكنَّ «النَّسائيَّ الكبير» ليس عندي، والله أعلم.

(1/8147)


قوله: (إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: كان السؤال عن صفته عندهم بإيضاح، فأَخْبَروه بأمر محمَّد.
قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): الضمير في (تابعه) يعود على هشام؛ هو ابن يوسف الصنعانيُّ، و (عبدُ الرزَّاق): هو ابن همَّام، المسند الكبير، والحافظ المكثر، ومتابعته هذه لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: أخرجه الإسماعيليُّ في «صحيحه» عن ابن زنجويه وأبي سفيان قالا: عن عبد الرزاق به، وقال أبو نعيم: حدَّثنا محمَّد بن إبراهيم: حدَّثنا أبو عَرُوبة: حدَّثنا سلمة بن شبيب: حدَّثنا عبد الرزاق به، قال أبو مسعود: تابعه أيضًا محمَّد بن ثور عن ابن جُرَيج، انتهى، والظاهر لي سقوط واحد بين شيخَي الإسماعيليِّ وبين عبد الرزَّاق.
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو محمَّد بن مقاتل المروزيُّ رُخٌّ، تَقَدَّم، و (الْحَجَّاجُ) بعده: هو الحجَّاج بن محمَّد الأعور، الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا: (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة).

(1/8148)


[{إن في خلق السموات والأرض} الآية]

(1/8149)


[حديث: بت عند خالتي ميمونة فتحدَّث رسول الله مع أهله ساعة]
4569# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، وتَقَدَّم قريبًا أنَّ (محمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ) هو ابن أبي كَثِير.
قوله: (عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ): هي أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلاليَّة، تَقَدَّم بعضُ ترجمتها.
قوله: (فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ): وسيأتي: (حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ) [خ¦4571]، وفي رواية: (فقام من آخر الليل)، ولا تضادَّ؛ إذ في بعض الروايات الصحيحة: (أنَّه توضَّأ وضوءًا بين الوضوءين، ثُمَّ أتى فراشه فنام، ثُمَّ قام قومة أخرى، ثُمَّ توضأ هو الوضوء، ثُمَّ قال: «اللهمَّ أعظم لي نورًا»)، وهو دالٌّ على أنَّه قام قومتين، وكذا أخرجه الصيدلانيُّ _كما أفاده شيخنا_: (فلمَّا كان في جوف الليل الأوَّل؛ خرج إلى الحجرة، فقلَّب وجهه في السماء، ثُمَّ عاد إلى مضجعه، فلمَّا كان في ثلث الليل الآخر؛ خرج إلى الحجرة، فقلَّب وجهه في أفق السماء، ثُمَّ عمد إلى قربة ... )؛ الحديث.
قوله: (وَاسْتَنَّ): تَقَدَّم أنَّه استاك.
==========
[ج 2 ص 275]

(1/8150)


[{الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ... }]

(1/8151)


[حديث: بت عند خالتي ميمونة فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله]
4570# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ.
قوله: (فَطُرِحَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَةٌ): (فطُرِحتْ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وسادةٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (شَنًّا): تَقَدَّم أنَّه بفتح الشين المعجمة، وتشديد النون؛ السقاء البالي.
قوله: (فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا): تَقَدَّم أنَّ المحوَّلين من الشمال إلى اليمين: ابنُ عبَّاس في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وجابر بن عبد الله في «مسلمٍ»، وجَبَّار بن صخر في «مسند أحمد»، والله أعلم، وتَقَدَّم حذيفة بن اليمان أنَّه من المحوَّلين وعزوه.
==========
[ج 2 ص 275]

(1/8152)


[{ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار}]

(1/8153)


[حديث ابن عباس: أنه بات عند ميمونة ... ]
4571# قوله: (فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ): قال ابن قُرقُول: بفتح العين عند أكثر شيوخنا؛ وهو ضدُّ الطول، ووقع عند بعضهم _منهم: الداوديُّ، وحاتم الأطرابلسيُّ، والأصيليُّ_ في موضع من «البُخاريِّ»: بضمِّ العين؛ وهو الناحية والجانب، والفتح أظهر، انتهى، وقد تَقَدَّم.
قوله: (إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله ما (الشَّنُّ)، والمراد هنا: القِربة؛ لأنَّه أنَّث الصفة.
==========
[ج 2 ص 275]

(1/8154)


[{ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادى للإيمان} الآية]

(1/8155)


[حديث ابن عباس: أنه بات عند ميمونة زوج النبي ... ]
4572# قوله: (ثُمَّ [1] جَاءَهُ المُؤذِّنُ): هو بلال، وهذا مشهور، وكذا في بعض الطرق.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حتَّى).
[ج 2 ص 275]

(1/8156)


(((4))) (سُورَةُ النِّسَاءِ) ... إلى (المَائِدَة)
قوله: ({قِوَامًا} [النساء: 5]: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ): هو بكسر القاف، وهي قراءةٌ شاذَّة، قرأ بها ابن عمر، وقرأَ بفتحها: الحسن وعيسى بن عمر، وفيها غير هاتين القراءتين، ونبَّه الإمام البُخاريُّ لهذه القراءة التي لابن عمر على أنَّ أصله واويٌّ، والله أعلم.
قوله: (وَلاَ تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ): اعلم أنَّه يقال: عُشار؛ بضمِّ العين، معدولٌ عن (عشرة)، يقال: جاء القوم عُشارَ عُشارَ؛ أي: عشرة عشرة، قال أبو عبيد: ولم نسمع أكثر من أُحادَ وثُناءَ ورُباعَ إلَّا في قول الكُمَيت ... ، وأنشد بيتًا، ذكره الجوهريُّ، وذكر شيخنا عن خلف الأحمر أنَّه أنشد أبياتًا عربيَّة فيها من (خُماسَ) إلى (عُشارَ)، انتهى، وكذا ذكره غير شيخنا عن الحريريِّ في «درَّة الغوَّاص» عن خلف، قال بعضهم: وعزاه غيره لرواية أبي عَمرو وأبي حاتم.

(1/8157)


[حديث: أن رجلًا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق]
4573# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ جُرَيْج): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ): هذا الرجل ويتيمته لا أعرفهما.
قوله: (وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ): هو بفتح العين، كذا في أصلنا، وبإسكان الذال المعجمة: النَّخلة، وبكسر العين، والباقي مثله: العرجون، وقيل: لا [1] يقال للنخلة: عَذْق، إلَّا إذا كانت بحملها، وللعرجون إلَّا إذا كان بشماريخه، وقال شيخنا: العذق في حديث عائشة فسَّره الداوديُّ بالحائط، والذي قاله أهل اللغة: إنَّه بالفتح: النَّخلة، وبالكسر: الكِباسة؛ وهو ما في أكثر النُّسخ، انتهى، وسيأتي في آخر هذه السورة مكانٌ آخر ذكره ابن قُرقُول، والظاهر أنَّ هذا مثله، فهما سواء، والله أعلم.
[ج 2 ص 275

(1/8158)


[حديث عائشة: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها]
4574# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور.
قوله: (تَشْرَكُهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا): (مالُها): مرفوعٌ فاعل (يُعجِب)، و (جمالُها): معطوف عليه.
قوله: (فَيُعْطِيَهَا): هو منصوبٌ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَإِنَّ النَّاسَ): (إنَّ): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ أيضًا.
قوله: (وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]): إنَّما هو في هذه الآية؛ أعني: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}، إلَّا أن تكون أرادت به الآية المتَقَدِّمة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]، وفيه بُعدٌ، والله أعلم.
قوله: (رَغْبَة أَحَدِكُمْ): (رغبة): يجوز فيه النصب والرفع غير منوَّنين؛ للإضافة.

(1/8159)


[{ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ... }]

(1/8160)


[حديث عائشة: أنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرًا]
4575# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاق: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (البيوع) و (تفسير النساء): (حدَّثني إسحاق: حدَّثنا عبد الله بن نُمَيْر)، لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا في هذه المواضع لأحد من الرواة، ولا نسب أبو نصر إسحاقَ عن ابن نُمَيْر في كتابه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إسحاق بن منصور)، فنسبه في (التفسير) ولم ينسبه في (البيوع)، انتهى، وكذا نسبه شيخنا عن خلف وأبي نعيم، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثني).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).
[ج 2 ص 276]

(1/8161)


[{وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} الآية]

(1/8162)


[حديث ابن عباس في {وإذا حضر القسمة أولو القربى ... }]
4576# قوله: (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عُبيد الرَّحمن، ويقال: ابن عبد الرحيم، الأشجعيُّ الكوفيُّ، نزيل بغداد، قال أبو داود: كتب عبيد الله الأشجعيُّ عن سفيان الثوريِّ ثلاثين ألف حديث، قال عبَّاس عن ابن معين: ثِقةٌ مأمون، ولكن هاتوا من يروي عنه، قال أبو داود: مات سنة (182 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (سُفْيَان) بعده: هو الثوريُّ، و (الشَّيْبَانيُّ)؛ بالشين المعجمة: هو سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيبانيُّ.
قوله: (تَابَعَهُ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عبَّاس): الضمير في (تابعه) يعود على عكرمة، و (سعيد) هذا: هو ابن جُبَير، وحديثه تَقَدَّم في (الوصية)، وانفرد به البُخاريُّ.
==========
[ج 2 ص 276]

(1/8163)


[{يوصيكم الله}]

(1/8164)


[حديث: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟]
4577# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْج): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ المُنْكَدِرِ): محمَّد بن المنكدر.
قوله: (فِي بَنِي سَلِمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر اللام، وأنَّهم من الخزرج.
قوله: (فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]): قال الدِّمْياطيُّ: وَهِمَ ابن جُرَيج في هذا الحديث، والذي نزل في جابرٍ الآيةُ الأخيرة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، كذلك رواه شعبة والثوريُّ وابن عيينة عن محمَّد بن المنكدر، ويؤيِّده ما ورد في بعض الطرق قول جابر: (يا رسول الله؛ إنَّما يرثني كلالة)، والكلالة: من لا ولد له ولا والد، ولم يكن لجابر حينئذٍ لا ولد ولا والد، وأمَّا قوله: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}؛ فإنَّما نزلت في ورثة سعد بن الربيع، قُتِل يوم أحُد وخلَّف ابنتين وأمَّهما وأخاه، فأخذ أخوه المالَ ولم يدع لهما شيئًا، فجاءت أمُّهما إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فقالت: يا رسول الله؛ ابنتا سعدٍ قُتل أبوهما يوم أحُد شهيدًا، وإنَّ عمَّهما أخذ مالهما، والله لا ينكحان إلَّا ولهما مال، قال: فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «يقضي الله في ذلكِ»، فأنزل الله آية الميراث: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، فدعا عمَّهما، فقال: «أعط ابنتَي سعد الثلثين، وأعطِ أمَّهما الثمن، ولك ما بقي»، انتهى.
فقول الدِّمْياطيِّ: (وكذلك رواه شعبة والثوريُّ وابن عيينة عن محمَّد بن المنكدر): الذي رأيته في «التِّرْمِذيِّ» عن ابن عيينة عن محمَّد بن المنكدر عن جابر، قال فيه: حتَّى نزلت: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، ثُمَّ قال: حسن صحيح، ثُمَّ ذكر من طريق أخرى إلى ابن عيينة به، فقال نحوه، انتهى.

(1/8165)


قال شيخنا: وفي «تفسير مقاتل»: أُنزِلت في أوس بن مالك، وذكر قصَّته، وفي «الكشَّاف»: (مات أوس بن الصامت)، وفي «ابن جَرير»: (مات عبد الرَّحمن أخو حسَّان بن ثابت)، انتهى، وليس عبد الرَّحمن بأخي حسَّان، إنَّما هو ابنه، وهو تابعيٌّ على الصحيح، وأوس: تُوُفِّيَ سنة (34 هـ) بالرملة، كما ذكره العسكريُّ وغيره، وقيل: سنة (32 هـ)، وقيل: (72 هـ)، انتهى، وفي «تجريد الذهبيِّ»: أمُّ كُحَّة زوجة أوس بن ثابت فيها نزلت آية المواريث، ذكره الواحديُّ، انتهى، ونقل شيخنا عن «تفسير مقاتل» و «تفسير ابن جَرير» و «الزمخشريِّ» كذلك، انتهى، وفي «الصحاح» للجوهريِّ وغيره: وأمُّ كُحَّة: امرأة نزلت في شأنها الفرائض، انتهى، وهي في نسختي بضمِّ الكاف، مشدَّد الحاء المهملة بالقلم، والكُحُّ؛ بضمِّ الكاف، وتشديد الحاء المهملة: القُحُّ، يقال: عربيٌّ قُحٌّ، وعربيَّة قُحَّة: الخالص من اللؤم أو الكرم.
==========
[ج 2 ص 276]==

 مجلد18.من كتاب  التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[{ولكم نصف ما ترك أزواجكم}]

  [حديث: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين.]
4578# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، و (وَرْقَاءَ): هو ابن عُمر، تَقَدَّما، وكذا (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): أنَّ اسمه عبد الله بن أبي نَجِيح، واسمه يسار، وكنية عبد الله: أبو يسار كذلك، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ ... ) إلى آخره: قال الدِّمْياطيُّ: ذكر البُخاريُّ في (الفرائض) هذا الحديث بهذا السند، ولم يذكر (الثلث)، وهو على ما ذكر هناك من سقوطِه، انتهى، وهو كما قال، وقد بوَّب عليه البُخاريُّ في (الفرائض): (باب ميراث الزوج مع الولد وغيره)، بالسند المذكور في هذا المكان إلى ابن عبَّاس، قال: كان المال للولد، وكانت الوصيَّة للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظِّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلِّ واحدٍ منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 276]

  [{لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} الآية]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19]: [لَا] تَقْهَرُوهُنَّ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ولم يصحَّ عنده على شرطه، فلهذا عبَّر عنه بصيغة تمريض، وقوله: (تقهروهنَّ): كذا في أصلنا، قال القاضي: ولأكثر الرواة: (تنهروهنَّ)، من الإنهار، والأوَّل للمستملي، قال شيخنا: وتعليق ابن عبَّاس أسنده أبو محمَّد الرازُّي من حديث عليِّ بن أبي طلحة عنه به، والضَّحَّاك عنه بلفظ: (تحبسوهنَّ)، انتهى، والظاهر أنَّ مراده بـ (أبي محمَّد الرازيِّ): ابن أبي حاتم الرازيِّ، شيخ الإسلام، أبو محمَّد عبد الرَّحمن بن الحافظ أبي حاتم محمَّد بن إدريس، له كتب كثيرة؛ منها: «التفسير»، وهو كتاب جليل كما وصفه العلماء، فيه آثار كثيرة لم يذكرها ابن جَرير، والله أعلم.
قوله: ({تَعُولُوا} [النساء: 3]: تَمِيلُوا): ورد مرفوعًا ما يؤيِّده: «تجوروا»، وقال زيد: أي: لا تكثر عيالكم، وبه قال الشافعيُّ، وأنكره المبرِّد وغيره؛ لأنَّه أحلُّ ممَّا مُلِك باليمين ما كان من العدد، وهنَّ مما يُعال، وأيضًا فإنَّما ذكر النساء وما يحلُّ منهنَّ والعدل بينهنَّ، فليس لـ {أَلَّا تَعُولُوا} من العيال مَدخل هنا، وأيضًا إنَّما يقال: أعال، وانتصر بعضُهم للشافعيِّ، وصنَّف فيه.
قوله: (النِّحْلَةُ: المَهْرُ): اعلم أنَّ للمهر ثمانيةَ أسماءٍ، وقد جمعت في بيت واحد وهو:
~…صَداقٌ ومَهرٌ نِحْلةٌ وفَريضَةٌ…حِبَاءٌ وأجرٌ ثُمَّ عُقرٌ علائقَ

  [حديث: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته]
4579# قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المعجمة، تَقَدَّم قريبًا أنَّه سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيبانيُّ.
قوله: (قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ السّوَائِيُّ، وَلاَ أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنِ ابْنِ عبَّاس): (أبو الحسن السُّوائيُّ): اسمه عطاء، والسّوائيُّ؛ بضمِّ السين وفتحها، يروي عن ابن عبَّاس، وروى عنه مقرونًا بعكرمة أبو إسحاق الشيبانيُّ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»؛ لكونه لم يروِ عنه غيرُ أبي إسحاق، والله أعلم.

(1/8170)


[{ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} الآية]
قوله: (وَهُوَ [1] مَوْلَى الْيَمِينِ، وَهْوَ الْحَلِيفُ ... ) إلى آخر كلامه: ذَكر أنَّ (المولى) يقع على كلِّ من ذكره، وقد ذكر أشياء ستَّة، واعلم أنَّ (المولى) اسم يقع على جماعة كثيرة؛ فمنها: الربُّ، والمالك، والسيِّد، والمنعم، والمعتِق، والناصر، والمحبُّ، والتابع، والجار، وابن العمِّ، والحليف، والعَقِيد، والصهر، والعبد، والمعتَق، والمنعَم عليه، وأكثرها قد جاءت به الأحاديث، فيضاف كلٌّ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلُّ من وَلِيَ أمرًا أو قام به؛ فهو مولاه ووليُّه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، والوَلاية؛
[ج 2 ص 276]
بالفتح: في النسب والنصرة والمعتق، والوِلاية؛ بالكسر: في الإمارة، والولاء: في المعتق، والموالاة: مِنْ وَالَى القوم، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (هو)؛ بغير واو.

(1/8171)


[حديث: كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون .. ]
4580# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (إِدْرِيسُ) بعده: هو إدريس بن يزيد الأوديُّ، عن قيس بن مسلم، وطلحة بن مُصرِّف، وعدَّةٍ، وعنه: ابنه عبد الله، ووكيع، وعدَّةٌ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، و (طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّف): تَقَدَّم أنَّ (مُصرِّفًا) بتشديد الراء مكسورة: اسم فاعل من (صرَّفه) المشدَّد، تَقَدَّم.
قوله: (يَرِثُ المُهَاجِريُّ الأَنْصَارِيَّ): (المهاجريُّ): مرفوع فاعل، و (الأنصاريَّ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ، كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش وعليها (صح): (المهاجر)؛ بغير ياء النسبة.
قوله: (نُسِخَتْ): هو بضمِّ النون وكسر السين.
قوله: (وَالرِّفَادَةِ): هي بكسر الراء، وبعدها فاء، وبعد الألف دالٌ مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ بمعنى: المَعُونة، ورِفادة قريش: تعاونها على ضيافة الحاجِّ.
قوله: (سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ): إنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ أبا أسامة _هو حمَّاد بن أسامة_ عنعن في السند، ولا أعلمه مدلِّسًا، ولكن ليخرج من خلاف من خالف في العنعنة مطلقًا من مدلِّس ومن غيره، وكذا القولُ في إدريس، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 277]

(1/8172)


[{إن الله لا يظلم مثقال ذرة}]
قوله: ({إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]؛ يَعْنِي: زِنَةَ ذَرَّةٍ): اعلم أنَّ ابن مسعود قرأ: {مثقال نملة}، انتهى، و (الذرَّة): النملة الصغيرة الحمراء، قال شيخنا: قال ثعلبٌ: مئة نملة وزن حبَّة، والذرَّة واحدة منها، وقيل: إنَّ الذرَّة لا وزن لها، ويراد بها: ما يُرَى في شعاع الشمس، حكاه ابن الأثير، وزعم بعضُ الحُسَّاب أنَّ زنة الشعيرة حبَّة، وزنة الحبَّة أربع ذرَّات، وزنة الذرَّة أربع سمسمات، وزنة السمسمة أربع خردلات، وزنة الخردلة أربع ورقات نُخالة، وزنة النُّخالة أربع ذرَّات، فعلمنا بهذا أنَّ الذرَّة أربعة في أربعة في أربعة، فأدركنا أنَّ الذرَّة جزء من ألف وأربعة وعشرين من حبَّة، وذلك لأنَّ الحبَّة ضربناها في أربع حبَّات جاءت ستَّ عشرة [1] سمسمة، والسمسمة ضربناها في أربعةٍ جاءت أربعًا [2] وستِّين خردلة، وضربناها في أربعٍ وستِّين خردلة جاءت مئتين وأربعٍ وخمسين [ورقة نخالة]، ضربناها في أربعة جاءت ألفًا وستَّ عشرة ذرَّة، انتهى.

(1/8173)


[حديث: نعم هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة]
4581# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.
قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ): بضمِّ أوَّله، والراء بالتشديد والتخفيف، فالتشديد؛ بمعنى: لا تخالفون ولا تتجادلون في صحَّة النظر إليه؛ لوضوحه وظهوره، يقال: ضارَّه يُضارُّه؛ مثل: ضرَّه يضرُّه، قال الجوهريُّ: يقال: أضرَّني فلان؛ إذا دنا مني دنوًّا شديدًا، فأراد بالمضارَّة: الاجتماع والازدحام عند النظر إليه، وأمَّا التخفيف؛ فمن الضير، لغةٌ في الضُّرِّ، والمعنى فيه كالأوَّل.
قوله: (بِالظَّهِيرَةِ): (الظَّهيرة)؛ بفتح الظاء المعجمة المشالة: ساعة الزوال؛ لأنَّ الشمس تظهر ذلك الوقت؛ أي: تعلو غاية ما لها أن تعلو، وقال يعقوب: الظَّهيرة: نصف النهار حتَّى تكون الشمس حيالَ رأسك.
قوله: (إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَةِ): يجوز في (يوم) الرفع والنصب، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ): هذا المؤذِّن لم أقف على اسمه.
قوله: (وَالأَنْصَابِ): تَقَدَّم الكلام عليها.
قوله: (وَغُبَّرَات أَهْلِ الْكِتَابِ): (الغُبَّرات)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وتشديد الموحَّدة بعدها، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ تاء ممدودة، وهو مرفوعٌ، ويجوز جرُّه؛ أي: بقايا، وفي الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ: (غبْرات)؛ بإسكان الموحَّدة، وبتشديدها مفتوحة أيضًا، وأمَّا التاء في آخره؛ فإنها مضمومةٌ ومكسورةٌ منوَّنة، والله أعلم.
قوله: (فَيُدْعَى الْيَهُودُ): (يُدعَى)؛ بضمِّ أوَّله، وفتح العين: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهودُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذلك: (ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى).
قوله: (فَاسْقِنَا): تَقَدَّم، يقال: ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، ويقال: بينهما فرق.
قوله: (يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا): (يحطِم): بكسر الطاء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فِي أَدْنَى صُورَةٍ): يأتي الكلام عليه مطوَّلًا في (الرقائق) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.
قوله: (فَارَقْنَا النَّاسَ): (فَارَقْنا): هو بإسكان القاف، والضمير: فاعل، و (النَّاسَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا): (أفقرِ): مجرورٌ؛ لأنَّه مضاف وإن كان (أفعل) تفضيل.
==========

(1/8174)


[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).
[ج 2 ص 277]

(1/8175)


[{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}]
قوله: (الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ): قال ابن قُرقُول: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: (والخال)، وكلُّه صحيح، من الخيلاء، انتهى، هذا قاله في (الخاء مع التاء المثنَّاة فوق)، وقال في (الخاء مع الياء المثنَّاة تحت): (المختال والخال واحد): كذا للأصيليِّ، ولغيره: (والخيَّال)، وليس بشيء ههنا، انتهى، و (الختَّال)؛ بالمثنَّاة فوق رواه أبو ذرٍّ، ولغيره: بالمثنَّاة تحت، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة ما لفظه: أنكر ابن مالك (الختَّال)، وقال: صوابه: (الخال)؛ بغير تاء، وهي رواية الأصيليِّ، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ كلَّه صحيحٌ، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ): معناه: نذهب بالأنف، والشفة، والعين، والحواجب، فتعود قفا.
فإن قيل: لم يُفعَل ذلك بهم؟
ففيه جوابان؛ أحدهما: أنَّ المخاطبَ بذلك رؤوسُهم، قاله ابن عبَّاس، والثاني: حُذِّروا أن يُفعَل بهم في الآخرة، والله أعلم.
[ج 2 ص 277]
قوله: ({سَعِيرًا} [النساء: 55]: وُقُودًا): (الوُقود) هنا: بضمِّ الواو، يقال منه: وَقَدتِ النار تقِدُ وُقودًا _بالضمِّ_ ووَقْدًا وقِدةً ووقِيدًا وَوَقدانًا؛ أي: توقَّدت، وأمَّا الوَقود؛ بفتح الواو؛ فهو الحطبُ، وليس المرادَ هنا، والله أعلم، وبالضمِّ: الإيقاد، قال يعقوب: وقُرِئ: {النَّارِ ذاتِ الوُقود} [البروج: 5]؛ يعني: بالضمِّ.

(1/8176)


[حديث: فإني أحب أن أسمعه من غيري]
4582# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هذا هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، حافظ إمام ثبت، تَقَدَّم، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ): لم أعرف من هو منهما، وذلك لأنَّ القطَّان روى عنهما، والأعمش رويا عنه، والله أعلم، ويظهر أنَّه الثوريُّ، أو البتُّ؛ لما يأتي في (فضائل القرآن) في (باب البكاء عند القراءة)، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن مِهران الأعمش، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبِيدةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو تَقَدَّم أنَّه السَّلْمانيُّ، له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وليس في «البُخاريِّ» ولا «مسلمٍ» من الرُّواة من اسمه عَبِيدة سواه وسوى عامر بن عَبِيدة الباهليِّ، وقد ضُبِط عن المهلَّب بالضمِّ، وقع ذكره في «البُخاريِّ» في (كتاب الأحكام)، وعَبِيدة بن حُمَيد، روى له البُخاريُّ، والرابع: عَبِيدة بن سفيان، له في «مسلمٍ» و «الموطأ»، وقد تَقَدَّم ذلك، و (عَبْدُ اللهِ): هو ا بن مسعود.
قوله: (قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ ... ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه القطَّان.
قوله: (بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ): هذا قال الأعمش: وبعضُ الحديث حدَّثني به عمرو بن مرَّة عن إبراهيم، وعن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، ويوضِّح ذلك أنَّ البُخاريَّ لمَّا ساقه في (فضائل القرآن) عن مسدَّد، عن يحيى، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم_وهو ابن يزيد النخعيُّ_، عن عَبِيدة، عن عبد الله، قال الأعمش: وبعض الحديث حدَّثني عَمرو بن مرَّة عن إبراهيم، وعن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، فوضَّحه المِزِّيُّ، فقال: عن إبراهيم، وعن سُفيان عن أبيه عن أبي الضحى، عن عبد الله، والله أعلم.
قوله: (قَالَ: «أَمْسِكْ»): هو بقطع الهمزة، وكسر السين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (تَذْرِفَانِ): هو بالذال المعجمة، وكسر الراء، تَقَدَّم أنَّ معناه: تنصبَّان دمعًا.

(1/8177)


[{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط}]

(1/8178)


[حديث: هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي في طلبها]
4583# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ: محمَّدٌ [1] هذا، وذكر أماكن في «البُخاريّ» فيها: (محمَّد: أَخْبَرنا عَبْدة)، وقال بعد ذلك: هكذا أتى (محمَّد) غير منسوب عن عَبْدة، وفي بعض هذه المواضع قد نسبه ابن السكن في بعضها: (ابن سلَام)، وكذلك صرَّح البُخاريّ في بعض المواضع باسمه، فقال: (حدَّثنا محمَّد بن سلَام، حدَّثنا عَبْدة)، وذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة، انتهى، ولم يذكر الجيَّانيُّ في الأمكنة التي ذكرها هذا المكان، فالظاهر أنَّه لو وقف عليه؛ لقال فيه كما قال في الأمكنة المذكورة، وقال المِزِّيُّ: محمَّد بن سلَام، وقال شيخنا: يشبه أن يكون البيكنديَّ؛ يعني به: محمَّد بن سلَام المذكور في كلام الجيَّانيِّ، وأمَّا (عَبْدة)؛ فهو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان.
قوله: (هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لِأَسْمَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها في (التيمم).
قوله: (فَبَعَثَ [2] فِي طَلَبِهَا رِجَالًا): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (التيمم)، إن كان ذلك في الأبواء؛ فقد ذكر ابن بشكوال أنَّه عَلَيهِ السَّلام أرسل في طلبها الزُّبَير وأُسيد بن الحُضير، والله أعلم.
قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ [3] التَّيَمُّم): تَقَدَّم أيُّ آية أراد في (التيمم).
==========
[1] في (أ): (محمدًا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يعني آية)، وصحَّ سقوطهما من رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 278]

(1/8179)


[{أولي الأمر منكم}]

(1/8180)


[حديث ابن عباس في: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}]
4584# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ): (صدقة) هذا: مروزيٌّ، تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه.
تنبيهٌ: هكذا روى النَّاس عن الفربريِّ عن البُخاريِّ هذا الحديث في طاعة أولي الأمر، وشذَّ أبو عليٍّ ابن السَّكَن، فقال: (عن الفربريِّ عن البُخاريِّ: حدَّثنا سُنيد)، بدل (صدقة)، وسُنيد: ليس من شرط هذا الكتاب، إنَّما روى عنه البُخاريُّ خارج «صحيحه»، وهو متكلَّم فيه، والله أعلم.
و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ؛ إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على ذلك، ومتى كانت هذه السَّريَّة، وما وقع فيها، في (سريَّة عبد الله بن حذافة السَّهميِّ وعلقمة بن مجزِّز المدلجيِّ)؛ فانظر ذلك.

(1/8181)


[{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}]

(1/8182)


[حديث: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك]
4585# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، تَقَدَّم ضبطه وما معناه، و (مَعْمَرٌ) بعده: هو بإسكان العين، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا ... ) إلى آخره: هذا مرسل؛ لأن عروة حكى قصَّةً لم يدركها، وقد رواها في (الشرب) عن أخيه عبد الله بن الزُّبَير، ولم أرَ هذه الطريق المرسلة في «أطراف المِزِّيِّ»، والله أعلم.
قوله: (رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل مطوَّلًا.
قوله: (فِي شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ): (الحرَّة): تَقَدَّم الكلام عليها غيرَ مرَّةٍ، و (الشَّرِيْج) هنا: بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ جيم، قال ابن قُرقُول: وفي (التفسير) في خبر الزُّبَير: (في شَرِيْج)، والصواب: (شِرَاج)، وإنَّما الشَّرِيْج: المثل، إلَّا أن يكون جمع شرْج؛ ككَليبٍ جمع: كلب، إلَّا أنَّه شاذٌّ مسموع، انتهى، وقد تَقَدَّم ما (الشِّرَاج) في (الشرب).
قوله: (آن كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟!): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشّرب)، وفي هامش أصلنا هنا ما لفظه: عند الحافظ أبي ذرٍّ: (آن)؛ بفتح الهمزة ومدِّها، ولم يذكر القاضي مدَّها، بل قال: بفتح الهمزة؛ أي: من أجل هذا حكمتَ له عليَّ؟! انتهى، وفي نسختي بـ «المطالع» قيَّد الهمزة بالمدِّ، وقد ذكرت ذلك في (الشرب)، وأنَّ القاضي ومن بعدِه النوويُّ لم يذكرا مدًّا، وكذا غيرهما، بل ذكروا فتح الهمزة تعليلًا، وأنَّ في «المطالع» المدَّ.

(1/8183)


قوله: (إِلَى الْجَدْرِ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشرب)، ووقع هنا في أصلنا: بإعجام الذال، وقد قال شيخنا في (الشرب): (الجدر)؛ بفتح الجيم وكسرها، ورواه بعضهم: بضمِّها، حكاه أبو موسى المَدينيُّ، ثُمَّ دال مهملة، وحكى إعجامها الحافظ، وقيل: أصل الجدار، وقيل: أصل الشجر، وقيل: المسنَّاة، وقيل: جدور المشارب التي يجتمع فيها الماء في أصول النخل، قال الخطَّابيُّ: هكذا الرواية: (الجَدْر)، والمتقنون من أهل الرواية يقولون: [الجذر]؛ يعني: بالذال المعجمة؛ وهو مبلغ تمام الشرب، ومنه: جذر الحساب، وهو أصله ... إلى أن قال: وعبارة ابن التين: (الجدَر): أكثر الروايات بفتح الدال، وفي بعضها بالإسكان، وهو كذلك عند أهل اللغة، انتهى، وفي «المطالع» ذكره في (الجيم مع الدال المهملة): بفتح الجيم، وسكون الدال فقط.
قوله: (حِينَ أَحْفَظَهُ): هو بالحاء المهملة، وبالظاء المعجمة المشالة؛ أي: أغضبه، قال شيخنا في كتاب (الشرب): يشبه _كما قال الخطَّابيُّ_ أن يكون من قول ابن شهاب دون نفس الحديث، وقد كان من عادته أن يصل بعض كلامه بالحديث إذا رواه، ولذلك قال له موسى بن عقبة: من قولك أو من قول رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ انتهى.
قوله: (لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ): هو بفتح السين، وهذا ظاهرٌ.

(1/8184)


[{فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين}]

(1/8185)


[حديث: ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة]
4586# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة، مصروف.
[ج 2 ص 278]
قوله: (إِلاَّ خُيِّرَ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (خُيِّرَ) الثانية.
قوله: (بُحَّةٌ): هي بضمِّ الموحَّدة، وتشديد الحاء المهملة المفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْياطيُّ: غلظة في الصوت، يقال: بَحَّ يبُحُّ بُحوحًا، فإن كان من داء؛ فهو البُحاحُ، انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/8186)


[قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} ... ]

(1/8187)


[حديث: كنت أنا وأمي من المستضعفين]
4587# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو [1] المسنديٌّ، ويؤيِّده ما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا أبو بكر ابن أبي شيبةَ، وأمَّا (سُفْيانُ)؛ فهو ابن عيينة، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن أبي يزيد الليثيُّ المَكِّيُّ، من الموالي، عن ابن عبَّاس وجمعٍ، وعنه: شعبة، وابن عيينة، وعدَّةٌ، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيهٌ: من اسمه عُبيد الله ويروي عن ابن عبَّاس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: عُبيد الله بن أبي بُردة، ويقال: ابن المغيرة بن أبي بُردة، وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذليُّ، وعُبيد الله بن أبي يزيد صاحب الترجمة.
قوله: (كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي): (أمُّه): تَقَدَّم أنَّها أمُّ الفضل، لبابة بنت الحارث الكبرى الهلاليَّة، يقال: إنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: بعد خديجة فاطمة بنت الخطَّاب، وتَقَدَّم ذلك.
==========
[1] زيد في (أ): (هو)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 279]

(1/8188)


[حديث: أن ابن عباس تلا: {إلا المستضعفين} قال: كنت أنا وأمي ... ]
4588# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَصِرَتْ} [النساء: 90]: ضَاقَتْ): تَقَدَّم أنَّ (يُذكر) مبنيٌّ للمفعول، صيغة تمريض، ولم يصحَّ ذلك عنده عن ابن عبَّاس على شرط الكتابِ كما تَقَدَّم، قال شيخُنا: أسنده ابن أبي حاتم في «تفسيره» من حديث عليِّ بن أبي طلحة عنه، انتهى، وعليُّ بن أبي طلحة: عن مجاهد، وأبي الوَدَّاك، وراشد بن سعد، وأخذ تفسير ابن عبَّاس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهدًا، بل أرسله عن ابن عبَّاس، قال دحيم: لم يسمع عليُّ بن أبي طلحة التفسير من ابن عبَّاس، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: روى معاوية بن صالح عنه عن ابن عبَّاس تفسيرًا كبيرًا ممتعًا، انتهى، وقال ابن حِبَّان في «الثقات»: وهو الذي يروي عن ابن عبَّاس التفسيرَ ولم يره، انتهى، والظاهر أنَّ هذه العلَّة التي لأجلها قال البُخاريُّ: (ويُذكَر عن ابن عبَّاس)، والله أعلم.

(1/8189)


[{فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم}]

(1/8190)


[حديث: إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة]
4589# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، و (غُنْدُرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو ابن مهديٍّ الإمام، أحد الأعلام، و (عَدِيٌّ): هو ابن ثابت الأنصاريُّ، تَقَدَّم أنَّه ثِقةٌ، ولكنَّه قاصُّ الشيعة وإمام مسجدهم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): هو أبو موسى الأنصاريُّ الخطميُّ، له صحبة، وشهد الحُدَيْبيَة وله سبع عشرة سنة، ووُلِّيَ الكوفة، تَقَدَّم.
قوله: (رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ): هؤلاء الناس رجعوا عن أحُد من الطريق، تَقَدَّمتْ قصَّتُهم في (غزوة أحُد).
قوله: (فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ): قال بعض الحفَّاظ المِصْريِّين: المهاجرون.
قوله: (وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ): تَقَدَّم في (أحُد) أنَّ هذا حديث آخر.

(1/8191)


[غريب آيات النساء: 83 - 122]
قوله: ({إِلَّا إِنَاثًا} [النساء: 117]: الْمَوَاتَ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَمَا أَشْبَهَهُ): (المَوات)؛ بفتح الميم؛ كالموات المعروف، و (حَجَرًا)؛ بفتح الحاء المهملة والجيم، و (المدر): معروف، وقد قيل في قوله تعالى: {إِلَّا إِنَاثًا}؛ كاللات والعزَّى ومناة، دليله قراءة عائشة رضي الله عنها: {إلَّا أوثانًا}، وقيل: مواتًا من الحجر والخشب والذهب؛ لأنَّ الأصل في الجمادات التأنيث، وقيل: الملائكة؛ لأنَّهم يزعمون أنَّهم بنات الله، تعالى الله عن ذلك.
==========
[ج 2 ص 279]

(1/8192)


[{ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم}]

(1/8193)


[حديث ابن جبير: اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت فيها ... ]
4590# قوله: (هِيَ آخِرُ مَا أُنْزِلَ [1]، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ): يعني: آخر ما أُنزل في هذا المعنى، أو تقديره: من آخر، أو في آخر، والله أعلم، وقد ذكرت في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر ما أنزل من القرآن؛ فانظره، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (نَزَلَ).
[ج 2 ص 279]

(1/8194)


[{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا}]
قوله: (السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ): (السِّلْم) الأولى: مكسورة السين، والثانية: بفتح السين واللام، كذا في أصلنا، قال شيخنا: {السَّلَمَ} و {السَّلْمَ} و {السِّلْمَ} و {السَّلاَمَ}؛ الأولى: بفتح السين واللام، والثانية: بفتح السين وإسكان اللام، والثالثة: بكسر السين وإسكان اللام، وحُكيت عن قراءة أبان بن يزيد عن عاصم، والرابعة: بلام ألف [1]، واختارها أبو عُبيد، وخالفه أهلُ النظر، وقالوا: {السَّلَمَ} هنا أشبه؛ لأنَّه بمعنى: الانقياد والتسليم؛ لقوله تعالى: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [2] [النحل: 28]، ولا شكَّ أنَّ {السَّلَمَ} بفتح اللام: الاستسلام والانقياد، و {السلْم}؛ بإسكان اللام، وفتح السين وكسرها: الإسلام والصلاة، وقراءة ابن عبَّاس: {السَّلاَمَ}؛ باللام [ألف]، انتهى.
ورأيت في نسخة صحيحة: (السلْم والسَّلَم والسَّلام واحد): الأولى: بكسر السين وفتحها، وكتب عليها: (معًا)، وسكَّن اللام، والثانية: بفتح السين واللام، وكتب على اللام: (صح)، والله أعلم، انتهى.
وقد قرأ نافع، وابن عامر، وحمزة: {السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]؛ وهو الأخير بغير ألف، والباقون: بالألف، قاله أبو عَمرو الدانيُّ في «تيسيره».
==========
[1] في (أ): (التعريف)، والمثبت موافق لمصدره (22/ 250).
[2] في (أ): (وألقوا).
[ج 2 ص 279]

(1/8195)


[حديث: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم ... ]
4591# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ ... ) إلى آخره: هذه الآية نزلت في أسامة بن زيد، خرج في سريَّة فسلَّم عليهم مرداس بن نَهيك بأنِّي مسلم، وظنَّه أسامة تقيَّةً فقتله، فقال عَلَيهِ السَّلام: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلَّا الله ... »؛ الحديث، وقد تَقَدَّم الكلام على مرداس بن نَهيك في (باب بعث النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم
[ج 2 ص 279]
أسامةَ بن زيد إلى الحرقات من جُهينة)، وقال ابن شيخنا البُلقينيِّ هنا ما لفظه: في «أُسْد الغابة» في ترجمة محلِّم بن جَثَّامة: أنَّه قتل عامر بن الأضبط الأشجعيَّ، وأنَّه نزل فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]، وقد تَقَدَّم في قصَّة أسامة نزول هذه الآية؛ فليتأمَّل، فبين الواقعتين سَنةً، فعن ابن إسحاق: أنَّ في هذه السريَّةِ سريَّة أبي قتادة، وعبد الله بن أبي حدرد، ومحلِّم بن جَثَّامة، وهي في رمضان سنة ثمان، وأميرُها أبو قتادة، ومنهم من يقول: ابن أبي حدرد الأسلميُّ، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: إنَّ القاتل: محلِّم بن جَثَّامة، والمقتول: عامر بن الأضبط، رواه البغويُّ في «معجم الصَّحابة» من طريق عبد الله بن أبي حدرد، وكان أميرَ السريَّة أبو قتادة الأنصاريُّ.

(1/8196)


[{لا يستوي القاعدون من المؤمنين} ... ]

(1/8197)


[حديث: أن رسول الله أملى عليه: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}.]
4592# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِي الْمَسْجِدِ ... ) إلى أن قال: (فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ): في هذا الإسناد من لطائف الإسناد: رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو رواية صَحابيٍّ _وهو سهل بن سعد_ عن تابعيٍّ؛ وهو مروان بن الحكم، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، ومثلُه: حديث السائب بن يزيد، عن عبد الرَّحمن بن عبدٍ القاريِّ، عن عمر بن الخَطَّاب، وهو في «مسلم» و «الأربعة»، ومثلُه: حديث جابر بن عبد الله، عن أمِّ كلثوم بنت أبي بكر الصِّدِّيق، عن عائشة، في «مسلم»، ومثلُه: حديث عَمرو بن الحارث المصطلقيِّ، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، في «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ»، ومثلُه: حديث يعلى بن أُمَيَّة، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أخته أمِّ حبيبة، في «النَّسائيِّ»، وأحاديث غير ما ذكرت يطول ذكرُها، هي عشرون حديثًا من رواية الصَّحابة عن التابعين، ذكرها شيخُنا العراقيُّ في «النكت على ابن الصلاح»، وقد قرأت «النكت» عليه، والله أعلم.
قوله: (فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ [1]): تَقَدَّم أنَّ اسم ابن أمِّ مكتوم عَمرو بن قيس بن زائدة العامريُّ، شهد القادسيَّة ومعه اللواء، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل غير ذلك، وسيجيء: (وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) [خ¦4990]، وكذا هو مسمًّى بـ (عَمرو) في «مسلم»، هاجر إلى المدينة، واستخلفه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على المدينة ثلاث عشرة مرَّة، كما قدَّمتُه وعدَّدتُها، وكان مؤذِّنَهُ عَلَيهِ السَّلام مع بلال، رضي الله عنهما.
فائدةٌ: تَقَدَّم فيما مضى العُميان من الصَّحابة في أوَّل هذا التعليق في قوله في حديث ورقة: (وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ) [خ¦3]، والله أعلم.
قوله: (أَنْ تَرُضَّ [2] فَخِذِي): (تَرُضَّ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ الراء، وبالضاد المعجمة المشدَّدة: مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ، ويجوز بناؤه للمفعول.

(1/8198)


قوله: (ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): تَقَدَّم أنَّه بالتخفيف والتشديد، وأنَّ معناه: كُشِف.
قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]): قال شيخنا في «فضائل القرآن» في (باب كاتب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) ما لفظه: (قال مالك: نزل جبريل بقوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قبل أن يجفَّ القلم، فأُلحق بما في القلم، وذلك مسيرة ألف سنة في هبوطه وعروجه) [3]، انتهى، وقد تَقَدَّم.
==========
[1] في هامش (ق): (وهو عمرو عند الأكثرين، وقيل: عبد الله، وقيل: كان اسمه الحُصين، فسمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ووالده قيس، الأعمى القرشيُّ العَامريُّ، واسم أمِّ مكتوم عاتكةُ بنت عبد الله، وكان قديم الإسلام بمكَّة، وهاجر إلى المدينة قدمها بعد بدر بيسير، وقيل: قدمها بعد مصعب بن عمير، وقيل: قبل قدومه عليه السلام، واستخلفه على المدينة رسول الله قيل: ثلاث عشرة مرة، وقيل: قدم المدينة بعد بدر بسنتين، وقيل: إنَّه استعمله صلى الله عليه وسلم على المدينة، من العدة).
[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (تُرَضَّ).
[3] «التوضيح»: (24/ 26).
[ج 2 ص 280]

(1/8199)


[حديث: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} دعا ... ]
4593# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، وعازب صَحابيٌّ أيضًا، تَقَدَّم.
قوله: (دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا): هو زيد بن ثابت، كاتب الوحي، وقد تَقَدَّم في الحديث قبله منسوبًا إلى أبيه.
==========
[ج 2 ص 280]

(1/8200)


[حديث: اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} ... ]
4594# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، لا البيكنديُّ البُخاريُّ، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب.
قوله: (ادْعُوا فُلاَنًا): (فلان): هو زيد بن ثابت، كما بيَّنه قبله.
==========
[ج 2 ص 280]

(1/8201)


[حديث ابن عباس: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر والخارجون.]
4595# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد) في موضعين، وفي (سورة النساء)، و (الأعراف)، و (القدَر)، و (ترك الحيَل): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الغسل) وفي (الصلاة) في موضعين، وفي حديث (بني النضير)، و (غزوة أحُد)، وفي (وفد بني حنيفة)، و (مناقب ابن عُمر)، وفي (الأنبياء)، و (التمنِّي)، وغير موضع: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وهو عندنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديُّ، بخاريٌّ، نسبه إلى جدِّه، وقد روى عنه البُخاريُّ في (العيدين)، وفي (باب موعظة الإمامِ النساءَ يوم العيد)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الوضوء) أيضًا: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الإيمان) و (تفسير {قل هو الله أحد}): (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، فاجتمع لنا من هذا: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديِّ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، وإسحاق بن منصور الكوسج عن عبد الرزَّاق، غير أنَّ الموضع الذي في (وفد بني حنيفة) اختلف فيه شيوخُنا، فقال أبو زيد وابن السكن: وفي نسخة النسفيِّ: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وفي نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقول أبي زيد _عندي_ ومن تابعه أشبه؛ لجلالة مَن تابعه، وقد تَقَدَّم هذا في «علل البُخاريِّ»، انتهى.
وقد أهمل مكانًا في سورة (الأنعام) فيها: (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، والظاهر أنَّه يجيء فيه ما جاء في هذا الحديث هنا من أنَّه ابن منصورٍ، كما ذكره صاحبا «الأطراف»؛ أبو مسعود وخلف، وقال أبو نعيم: ذُكِر أنَّ البُخاريَّ روى عنه أيضًا، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه».
قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ): هذا هو عبد الكريم بن مالك الجزريُّ، حافظ مشهور، تَقَدَّم مترجمًا.
==========
[ج 2 ص 280]

(1/8202)


[{إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ... }]

(1/8203)


[حديث: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه]
4596# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ [1]: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ): (غيرُه): هو عبد الله بن لهيعة، القاضي المصريُّ المشهور، قال شيخنا: يوضِّحه أنَّ ابن أبي حاتم رواه: (عن يونس بن عبد الأعلى: أَخْبَرنا عبد الله بن وهب: أَخْبَرني ابن لهيعة عن أبي الأسود ... )؛ فذكره، انتهى، وفي «التذهيب» وهو في أصله: روى البُخاريُّ والنَّسائيُّ _يعني: لابن لهيعة_ أحاديث مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحا باسمه، ففي بعضها: (ابن وهب عن حيوة بن شريح وفلان)، وفي بعضها: (عن عمرو بن الحارث ورجلٍ آخرَ)، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا أيضًا قبل هذا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: إنَّه ابن لهيعة، كما رواه الطبرانيُّ في «الأوسط».
قوله: (قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ): (قُطِعَ)؛ بضمِّ القاف، وكسر الطاء: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بَعْثٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (البَعْث)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان العين المهملة، وبالثاء المثلَّثة: هو الجيش، والبُعوثُ: الجيوش.
[ج 2 ص 280]
قوله: (فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ): (اكتُتِبْتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ العصر: سمَّى ابنُ أبي حاتم في «تفسيره» من طريق ابن جُرَيج عن عكرمة، ومن طريق ابن عيينة عن ابن إسحاق الناسَ المذكورين [2]؛ وهم: عليُّ بن أُمَيَّة بن خلف، وأبو العاصي بن منبِّه بن الحجاج، وزمعة بن الأسود، والحارث بن زمعة، وأبو القيس بن الفاكه، وعند ابن جُرَيج: أبو قيس بن الوليد بن المغيرة، انتهى.
قوله: (فَيُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (يُضْرَبُ): مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا: (فيُقْتَلُ).
قوله: (رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (أبو الأسود): تَقَدَّم في السند الذي قدَّمه أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن أبو الأسود، وأراد تقوية الحديث بهذه المتابعة، وما رواه الليث لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: ورواية الليث ذكرها الإسماعيليُّ من حديث أبي صالح: (حدَّثني الليث عن أبي الأسود)، انتهى.

(1/8204)


==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (قالا).
[2] في (أ): (المذكورون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8205)


[{إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ... }]

(1/8206)


[حديث ابن عباس: كانت أمي ممن عذر الله]
4597# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد وإن كان عارم روى عن الحمَّادين، وكذا الحمَّادان رويا عن أيوب، إلَّا أنَّ ابن سلمة علَّق له البُخاريُّ، وابن زيدٍ روى له البُخاريُّ في (الأُصول)، فهو هذا، وقد تَقَدَّم أنَّ حمَّادًا إذا لم ينسب، فإن كان الراويَ عنه سُليمان بن حرب، أو أبو النُّعمان هذا الراوي هنا؛ فهو ابن زيد، وإن كان الراويَ عنه التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ.
قوله: (كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ): تَقَدَّم أن أمَّه أمُّ الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلاليَّة، وأنها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: إن أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب.
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8207)


[ف {عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا}]

(1/8208)


[حديث: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام ... ]
4598# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، وأنَّه منسوب إلى القبيلة لا إلى صناعة النَّحو، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ)، وكذا (الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ)، وعيَّاش أخو أبي جهل لأمِّه، وسلَمة أخو أبي جهل لأبَويه، والوليد أخو خالد بن الوليد، وتَقَدَّم الكلام على (الوَطْأَةَ)، و (مُضَرَ)، و (كَسِنِي)، وأنَّه بالتخفيف، وأنَّ معنى (كَسِنِي يُوسُفَ): أي: قحطًا وجدبًا.
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8209)


[{ولا جناح عليكم إن كان بكم أذًى من مطر أو كنتم مرضى ... }]

(1/8210)


[حديث ابن عباس في قوله تعالى: {أو كنتم مرضى}]
4599# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حَجَّاجٌ): هو ابن محمَّد الأعور المصيصيُّ، و (ابْنُ جُرَيْج): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج الإمام، أحد الأعلام، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن مسلم المَكِّيُّ، وهو يعلى بن مسلم بن هرمز، عن أبي الشعثاء وسعيد بن جُبَير، وعنه: ابن جُرَيج وشعبة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وثَّقه ابن معين وأبو زُرعة.
تنبيهٌ: روى عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس اثنان؛ كلٌّ منهما اسمه يعلى: صاحبُ الترجمة الذي ذكرناه، ويعلى بن حَكِيم الثقفيُّ البصريُّ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).
[ج 2 ص 281]

(1/8211)


[{ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ... }]

(1/8212)


[حديث: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها]
4600# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (حَتَّى فِي الْعَذْقِ [1]): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، كما تَقَدَّم في أوَّل هذه السورة، كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: بكسر العين بالقلم، قال ابن قُرقُول في هذا المكان: وقد رواه الأصيليُّ بالكسر، وغيره بالفتح، قال ابن قُرقُول: وهو أصوب.
قوله: (فَيَشْرَكهُ): هو بفتح الياء والراء.
قوله: (بِمَا شَرِكَتْهُ): هو بكسر الراء.

(1/8213)


[{وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا}]

(1/8214)


[حديث عائشة في قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا ... }]
4601# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك الإمام، أحد الأعلام.
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8215)


[{إن المنافقين في الدرك الأسفل}]
قوله: ({نَفَقًا} [الأنعام: 35]: سَرَبًا): هذا ليس في هذه السورة، إنَّما هو في (الأنعام).

(1/8216)


[حديث: لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرًا منكم ... ]
4602# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّموا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني، تَقَدَّما.
قوله: (كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّها بإسكان اللام، ويجوز فتحها.
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8217)


[{إنا أوحينا إليك} ... ]

(1/8218)


[حديث: ما ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى]
4603# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام على (أنا) وعلى (متَّى) في (الأنبياء).
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8219)


[حديث: من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب]
4604# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مصغَّر، بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ، و (هِلاَلٌ) بعده: هو ابن عليٍّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن يَسار.
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8220)


[{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... }]
قوله: (وَالْكَلاَلَةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ): اعلم أنَّ الكلالة فيها خلاف؛ فقيل: الوارث إذا لم يكن للميت ولد ولا والد، وقيل: اسم للميت الذي ليس له ولد، ذكرًا كان أو أنثى، وقيل: اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد، وقيل: اسم للمال الموروث، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/8221)


[حديث: آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت: {يستفتونك}]
4605# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، تَقَدَّم أيضًا، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ: {بَرَاءَةٌ}، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176]): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر سورة نزلت وآخر آية.
==========
[ج 2 ص 281]

(1/8222)


(((5))) (سُورَة الْمَائِدَةِ) ... إلى (الأَنْعَامِ)
قوله: ({فَبِمَا نَقْضِهِمْ} [المائدة: 13]: بِنَقْضِهِمْ): يعني: أنَّ (ما) زائدة؛ مثل قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِغْرَاءُ [1]: التَّسْلِيطُ): الظاهر من لفظه (غير): أنَّه غير من فسَّر ما قبله، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هو قول صاحب «العين».
قوله: (قَالَ سُفْيانُ: مَا فِي القُرآن آيَةٌ أَشَدُّ عَليَّ مِنْ {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حتَّى تُقِيمُوا} [المائدة: 68]): (سفيان) هذا: هو [ ... ] [2].
==========
[1] في (ق): (الأغرَّ)، وفي هامشها: (صوابه: الإِغْرَاء).
[2] في (أ) بياض.
[ج 2 ص 281]

(1/8223)


[{اليوم أكملت لكم دينكم}]

(1/8224)


[حديث: إنكم تقرؤون آيةً لو نزلت فينا لاتخذناها عيدًا]
4606# قوله: (حَدَّثَنَي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ الإمام، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، و (قَيْسٌ): هو ابن مسلم.
قوله: (قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ): تَقَدَّم أنَّ قائل ذلك هو كعب الأحبار في أوَّل هذا التعليق، قاله ابن شيخنا البلقينيِّ، وفيه وقفة.
[ج 2 ص 281]
قوله: (وَإِنَّا وَاللهِ): (إنَّا): هي إنَّ واسمها، مكسورة الهمزة، مشدَّدة النون، وكذا هو في أصلنا مضبوط.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ): (سفيان): هذا هو المذكور في السند، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، وقوله: (وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةِ [1] أَمْ لَا؟)، هو كان يوم الجمعة بغير شكٍّ، كما جُزِم به في «الصحيح».
تنبيهٌ هو فائدةٌ: رأيت في «أحكام المحبِّ الطبريِّ» في كتاب (الحجِّ) لمَّا ذكر حج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من حديث جابر عقَّبَه بكلام على الحديث، وفيه ما لفظه: وذكر الواقديُّ أيضًا أنَّ يوم التروية وافق يوم الجمعة، فعلى هذا تكون الوقفة بالسبت، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّه خلاف ما جاء في «الصحيح»، انتهى، وهذا غريب جدًّا، وقال المحبُّ أيضًا في «مناسكه» نحوه، وقال: إنَّ الأوَّل أصحُّ؛ يعني: أنَّ الوقفة الجمعة، ثُمَّ رأيته في «الأحكام» ذكر ما لفظه: وعن الحسن بن مسلم قال: وافق يوم التروية يوم جمعة في زمان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فوقف رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بفناء الكعبة، وأمر الناس أن يروحوا إلى منًى، وراح، فصلى الظهر بها، أخرجه الشافعيُّ والبَيهَقيُّ، وقال: هذا حديث منقطع، وحديث عُمر بن الخَطَّاب: (أنَّ يوم عرفة وافق يوم جمعة) حديثٌ موصول، فهو أولى، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الجمعة).

(1/8225)


[{فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيبًا}]

(1/8226)


[حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.]
4607# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.
قوله: (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (التيمم)، وكذا الكلام على (البَيْدَاءِ)، و (ذَاتِ الجَيْشِ)، وعلى (العِقْدِ)، وأنَّها استعارته من أسماء، وجمعت في (التيمم) بين استعارته وكونِه لها، وأنَّه انقطع مرَّتين، وكم كان يساوي، وعلى (يَطْعُنُ)، وأنَّه بضمِّ العين وفتحها؛ لغتان، و (مَكَانُ): مرفوعٌ على الاستثناء المفرَّغ، وعلى قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ [1] عَلَى غَيْرِ مَاءٍ)، وعلى آية التيمم التي أنزلت في ذلك أيُّ الآيتين؟ آية (النساء) أو آية (المائدة)؟ وعلى (أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرٍ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة، وضمِّ الحاء، كلُّه في (التيمم).
قوله: (فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ): (بعثُه): إثارتهُ من بروكه، وقد تَقَدَّم.
==========
[1] في هامش (ق): (قوله: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حينَ أصبح): كذا عند المروزي وأبي ذر والنسفي، وفي «الموطأ» عن ابن السكن: (فنام) من النوم، وكلاهما صحيحٌ، والثاني أوجه، وعند المستملي: (فقام رسول الله حتى أصبح)، وهو بيِّن، ذكر ذلك صاحبُ «المطالع» بتقديم وتأخير).
[ج 2 ص 282]

(1/8227)


[حديث: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة]
4608# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (بِالْبَيْدَاءِ): تَقَدَّم الكلام على (البيداء) في (التيمم) وغيره.
قوله: (فَالْتُمِسَ الْمَاءُ): (التُمِس)؛ بضمِّ التاء، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الماءُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 6]): في هذا تعيينُ إحدى الآيتين، وقد تَقَدَّم في (التيمم).
قوله: (فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّ (أُسَيدًا) بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وأنَّ (حُضَيرًا) بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، وهذا معروف عند أهله.
==========
[ج 2 ص 282]

(1/8228)


[{فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}]

(1/8229)


[حديث: قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت.]
4609# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (إِسْرَائِيلُ) بعده: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، و (مُخَارِقٌ) هذا: وهو مُخارق بن خليفة، وقيل: ابن عبد الرَّحمن، وقيل: ابن عبد الله، هو الأحمسيُّ الكوفيُّ، عن طارق بن شهاب، وعنه: السفيانان وشعبة، قال أحمد: ثِقةٌ ثِقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، والترمذيُّ، والنَّسائيُّ.
قوله: (ح): تَقَدَّم الكلام عليها، ويأتي في أواخر هذا التعليق.
قوله: (وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ): قال الدِّمْياطيُّ: حمدان لقبٌ، واسمه: أحمد بن عُمر، أبو جعفر الحميريُّ، البغداديُّ، البزَّاز، السِّمسار، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، روى عنه هذا الحديث الواحد، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين بعد البُخاريِّ، انتهى، اعلم أنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا كما ترى؛ لأنَّه روى عنه هذا الحديث بعد أن أخرجه من طريق غيره، وهذا نوع من القَرْن، وقد تَقَدَّم له نظائرُ، ولم يخرِّج له استقلالًا، وقد روى عنه: المحامليُّ، ومحمَّد بن مَخْلد، وآخرون، قال الخطيب: كان ثِقةً، وأرَّخه، كما ذكره الدِّمْياطيُّ.
قوله: (وَحَدَّثَنَا [1] أَبُو النَّضْرِ): هو هاشم بن القاسم، وهو بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييده، وهذه الواو في قوله: (وحدَّثنا أبو النضر): هي ثابتة في أصلنا، وعليها (صح)، وليست في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فعلى ما في أصلنا القاهريِّ: هي واو العطف، والظاهر أنَّ هذا الحديث حدَّث به أبو النضر حمدانَ بن عُمر في جملة أحاديث معطوفٍ بعضها على بعض بالواو، فرواه حمدان كما سمعه من أبي النضر بالعطف، والله أعلم، وعلى حذفها لا كلام.
قوله: (حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ): هو عُبيد الله بن عُبيد الرَّحمن الأشجعيُّ، أبو عبد الرَّحمن، كوفيٌّ، إمام بغداد، تَقَدَّم أنَّه كتب عن الثوريِّ ثلاثين ألف حديث، قال ابن معين: ثِقةٌ مأمون، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مُخَارِقٌ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (طَارِقٌ)، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/8230)


قوله: (قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ ... ) إلى آخره: كذا هنا، وجاء أنَّه سعد بن مُعاذ، فيجوز أن يكونا قالاه؛ قاله شيخنا، والذي رأيته أنا في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: أنَّ ابن مُعاذ قال كلامًا آخرَ غير كلام المقداد، وفي «مسلم» عَزو مقالة ابن مُعاذ لابن عبادة، قال أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس: وإنَّما اختلف في شهوده بدرًا؛ يعني (في شهوده) سعدَ بن عبادة، والصحيح: أنَّه لم يشهدها وإن وقع في «مسلم» شهوده، قال شيخنا: وهنا أنَّ ذلك يوم بدر، وعن قتادة فيما ذكره الطبريُّ أنَّه كان في يوم الحُدَيْبيَة حين صُدَّ، والله أعلم.
قوله: (فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): (سُرِّي): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه مخفَّف ومشدَّد، وقد رواه بها، وكلاهما جائز.
قوله: (وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ: أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (وَكيع)؛ فهو ابن الجرَّاح، الإمام المشهور، و (سُفيان): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الثوريُّ، و (مُخارق): تَقَدَّم الاختلاف في اسم أبيه، و (طَارق): هو ابن شهاب، كما تَقَدَّم، وفائدة هذا التعليق: أنَّه نبَّه به على أنَّه روي بطريقين؛ الاتِّصالِ والإرسالِ، وقدَّم المُتَّصِل؛ لأن الذي وصله ثِقةٌ، فبهِ العبرة على الصحيح من أقوال أربعةٍ تَقَدَّمتْ.
[ج 2 ص 282]
==========
[1] كذا في (أ) و (ق) وعليها (صح)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)؛ بغير واو.

(1/8231)


[{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا ... }]

(1/8232)


[حديث: هذه نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها]
4610# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، و (سُلَيمَانُ [1] أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ): كذا في أصلنا، وفي هامشه: (سلمان)، وعليه علامة راويه و (صح)، وهذا هو الصواب، وما في الأصل غلطٌ، وهو سَلمان؛ بغير ياء، قال ابن قُرقُول: (حدَّثني سلمان أبو رجاء)، وعند القابسيِّ: (سليمان)، وهو وَهَمٌ، انتهى، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسمه عبد الله بن زيد، وسيأتي في هذا الحديث مسمًّى بذلك منسوبًا إلى أبيه، وهو الجرميُّ، تَقَدَّم.
قوله: (فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا، فَقَالُوا وَقَالُوا): قد أتى مبيَّنًا في موضع آخر من «البُخاريِّ»؛ وهو: (أنَّ عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس، ثُمَّ أذن لهم فدخلوا، فقال لهم: ما تقولون في القسامة؟ فقالوا: نقول في القسامةِ ... )؛ الحديث.
قوله: (مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا ... ) إلى آخره: قد ذكر خصالًا ثلاثًا، وقد جاء في أحاديث أُخَر زيادةٌ عليها: «حدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف»، ومنها: «إذا بُويع لخليفتين؛ فاقتلوا الآخِر منهما» على أحد القولين فيه، وهو الصحيح، ومنها: قتل اللائط، ومنها: «من أتى بهيمة؛ فاقتلوه، واقتلوا البهيمة»، رواه أحمد والأربعة من حديث ابن عبَّاس، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ومنها: قتل شارب الخمر في الرابعة، وهو منسوخ في قول الأكثرِ.

(1/8233)


قوله: (فَقَالَ عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ بِكَذَا وَكَذَا؟): قال الدِّمْياطيُّ: عنبسة هذا: هو ابن سعيد بن العاصي، كنيته: أبو خالد، متَّفق عليه، سمع أبا هريرة وأنسًا، وعنبسة بن أبي سفيان أبو الوليد _وقيل: أبو عثمان_ انفرد به مسلم، روى عن أخته أمِّ حبيبة، وعنبسة بن خالد، انفرد به البُخاريُّ، روى عن عمِّه يونس بن يزيد، انتهى، فقوله في الأوَّل: (كنيته: أبو خالد)، وقد قيل: كنيته: أبو أيوب، وقدَّمها بعضُ الحفَّاظ على أبي خالد، وقوله في ابن أبي سفيان: (انفرد به مسلم)؛ يعني: عن البُخاريِّ، وكذا أراد، وقولُه في ابن خالد: (انفرد به البُخاريُّ)؛ فاعلم أنَّه لم يخرِّج له استقلالًا، إنَّما قرنه بغيره، وأهمل اثنين علَّق لهما البُخاريُّ؛ أحدهما: عنبسة بن سعيد بن الضُّريس، والثاني: عنبسة بن عبد الواحد.
قوله: (قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أنَّهم من عُكْل، وفي بعضها: (من عُرَينة) وفي بعضها: (من عُكْل أو عُرَينة) على الشكِّ، وفي بعضها: (من عُكْل وعُرَينة) من غير شكٍّ، وفي بعضها: (أنَّ نفرًا قدموا)، ولم يُذكَر من أيِّ قبيلة هم، والكلُّ في «الصحيح» من حديث أنس، وقد قدَّمتُ الكلام على عُكْل وعُرَينة، وعلى الجماعة الذين جهَّزهم عَلَيهِ السَّلام في طلبهم، وأنَّها سريَّة سعيد بن زيد، وكانت في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد، وأنَّ هؤلاء القوم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: سبعة، وتَقَدَّم الكلام على وَهَمٍ في أمير هذه السريَّة والاختلافُ فيه، والله أعلم.
قوله: (فَاشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه، و [من] قال بالطهارة، ومن حمله على التداوي.
قوله: (وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِي فَقَتَلُوهُ): تَقَدَّم أنَّ اسم الراعي يسار.
قوله: (يَا أَهْلَ): كذا قال بعض الحفَّاظ من المِصْريِّين، وفي رواية أخرى: (يا أهل الشام)، وفي رواية: (يا أهل هذا الجند).
قوله: (مَا أُبْقِيَ هَذَا فِيكُمْ): (أُبقِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (سلمان).
[ج 2 ص 283]

(1/8234)


[{والجروح قصاص}]

(1/8235)


[حديث: يا أنس كتاب الله القصاص]
4611# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سلَامًا) بتخفيف اللام على الصحيح، وأنَّ ابن قُرقُول قال: نقله الأكثر، مطوَّلًا، و (الْفَزَارِيُّ): هو مروان بن معاوية الفزاريُّ، تَقَدَّم.
قوله: (كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ، وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّم أنَّ (الرُّبَيِّع) هذه بضمِّ الراء، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، وتَقَدَّم الكلام عليها، قال الدِّمْياطيُّ: هي أمُّ حارثة بن سراقة المقتول ببدر، بنت النضر، وأخوها أنس بن النضر قُتل يوم أحُد، عمُّ أنس بن مالك بن النضر، والبراء بن مالك قتله الهرمزان سنة عشرين بتُسْتَر، انتهى.
البراء بن مالك في كلام الدِّمْياطيِّ هو كما قال، البراء بن مالك بن النضر الأنصاريُّ، أخو أنس بن مالك، شهد أحُدًا وما بعدها، وكان شجاعًا، قيل: كان عمر رضي الله عنه يكتب: لا تستعملوا البراء على جيش؛ فإنَّه مهلكة من المهالك، يقدم بهم، ويوم حديقة مسيلمة احتُمِل على ترس على الرماح، واقتحم إليهم، فقاتل وفتح الباب، وجُرِح يومئذٍ بضعًا وثمانين جرحًا، وأقام خالد بن الوليد شهرًا عليه ليتداوى، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «رُبَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله؛ لأبرَّه؛ منهم البراء بن مالك»، فقال المسلمون يوم تُسْتَر: أقسِم على ربِّك، فقال: أقسم عليك لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيِّك، فحمل وحمل الناس معه، فانهزم الفُرس وقُتِل البَراء، وقد قَتل مئةً مبارزةً، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم متى فُتِحت تُسْتَرُ.

(1/8236)


تنبيهٌ: سيجيء في (كتاب الديات) من هذا «الصحيح» في (باب القصاص بين الرجال والنساء) معلَّق مجزوم به: (وجَرحت أخت الرُّبَيِّع إنسانًا، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «القصاص»)، كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»: (أخت الرُّبَيِّع)، والصواب: (الرُّبَيِّع)؛ بحذف (أخت)، وكذا في أصلنا في (كتاب الدية) ما لفظه: كذا وقع: (أخت الرُّبَيِّع)، وصوابه: الرُّبَيِّع بنت النضر بن أنس؛ قاله أبو ذرٍّ، انتهى، وفي سورة (المائدة) هنا: أنَّها كسرت ثنيَّة جارية من الأنصار، وفي (الديات): جرحت إنسانًا، وإن كان يقال للمرأة: إنسان، ولا يقال لها: إنسانة، إلَّا أنَّه علَّقه في (الديات) مستدلًّا به، والظاهر أنَّ الإمام البُخاريَّ فهم منه أنَّ المراد بالإنسان: الذكر، وفي «مسلمٍ»: (أنَّ أختَ الرُّبَيِّعِ أمِّ حارثة جرحت إنسانًا، فاختصموا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «القصَاصَ القصَاصَ»، فقالت أمُّ الرَّبيع: يا رسول الله؛ أتقتصُّ من فلانة؟! والله لا يُقتَصُّ منها ... )؛ الحديث، ففيه مخالفة لما في «البُخاريِّ» من جهتين؛ إحداهما: أنَّ الجارحة أختُ الرُّبَيِّع، وفي هذا «الصحيح»: أنَّها الرُّبَيِّع كما هنا وغيرِه، والثاني: أنَّ الحالف في «مسلم» أمُّ الرَّبيع؛ بفتح الراء، وفي «البُخاريِّ» الحالف: أنس بن النضر، قال النوويُّ: قال العلماء: والمعروف في الروايات رواية البُخاريِّ؛ يعني: التي في بقيَّة الطرق، لا التي في (الديات)، وكذا رواه أصحاب السنن، قال النوويُّ في «شرح مسلم»: يحتمل أنَّهما قضيَّتان، والله أعلم، وستأتي هذه المسألة، وأذكر فيها كلامًا للبَيهَقيِّ مطوَّلًا، وهو مهمٌّ؛ فانظره، والله أعلم.
[ج 2 ص 283]

(1/8237)


[باب: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}]

(1/8238)


[حديث: من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل عليه فقد كذب]
4612# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، وكذا قاله شيخنا، قال كما صرَّح به أبو نعيم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، قاله شيخنا، وهو ظاهرٌ، كذا قاله غيره، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الشين المعجمة، واسمه: عامر بن شراحيلَ.
==========
[ج 2 ص 284]

(1/8239)


[{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

(1/8240)


[حديث: أنزلت هذه الآية: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]
4613# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ) كذا في أصلنا منسوبًا (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (المائدة): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا مالك بن سُعَيْر)، فذكر هذا المكان، وقال في (الدعوات): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا مالكٌ)، فذكر مكانًا آخر، قال أبو مسعود في عليٍّ هذا عن مالك بن سُعَيْر في الموضعين جميعًا: إنَّه ابن سلمة اللَّبَقيُّ، وتابعه أبو نصر على الذي في (المائدة)، وكذلك قال أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي، ولم ينسب الأصيليُّ عليًّا هذا لا عن أبي زيد ولا عن أبي أحمد، وَكذلك ابن السكن لم ينسبه في الموضعين جميعًا، وهو عليُّ بن سلمة اللَّبَقيُّ النيسابوريُّ، يكنَّى أبا الحسن، انتهى ملخَّصًا.
وذكر المِزِّيُّ هذين المكانين، فقال: قال أبو مسعود في الحديث الأوَّل _يعني: المذكور هنا_: هو ابن سلمة، وقال في الثاني: يقال: هو ابن سلمة، انتهى، والمِزِّيُّ لم يرقم عليه في «التهذيب» إلَّا (ق)، وقد اعترضه مغلطاي فقال: وحديثه ثابت في «صحيح البُخاريِّ» في مواضع؛ منها: في (تفسير المائدة)، فذكره في رجال البُخاريِّ غيرُ واحد؛ منهم: الكلاباذيُّ، وأبو مسعود الدِّمَشْقيُّ، وأبو ذرٍّ الهرويُّ، وابن عساكر، وابن طاهر، والصريفينيُّ، وأبو الوليد الباجيُّ، والله أعلم، انتهى، وقد يدلُّ لما قاله قولُ المِزِّيِّ في «تهذيبه»: قال أبو الوليد الفقيه: سمعت أبا الحسن الزُّهريَّ يقول: حضرت محمَّد بن إسماعيل وسئل عن عليِّ بن سلمة اللَّبَقيِّ، فقال: ثِقةٌ، وقد مضينا معه وسمعنا منه، انتهى، وما ذكرته أيضًا عن المِزِّيِّ في «أطرافه» ممَّا قدَّمتُه، والله أعلم.
و (مالك بن سُعَيْر): بضمِّ السين، وفتح العين، المهملتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا معروفٌ عند أهله.
قوله: (أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): اعلم أنَّ في «أبي داود» في (الأَيمان) من حديث عطاء _هو ابن أبي رَباح_، عن عائشة رضي الله عنها، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «اللغو في اليمين: هو كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله»، فالموقوف في «البُخاريِّ» مرفوعٌ [في] «أبي داود»، قال شيخنا: وصحَّحه ابن حِبَّان.
==========
[ج 2 ص 284]

(1/8241)


[حديث: أن أباها كان لا يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين]
4614# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ نصرًا _بالمهملة_ لا يجيء إلَّا مجرَّدًا عن الألف واللام، بخلاف النضر _ بالمعجمة_؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهو ابن شميل الإمام.
قوله: (لاَ أَرَى يَمِينًا أُرَى أنَّ غَيْرَهَا): (أَرى) الأولى: بفتح الهمزة، والثانية: بضمِّها، كذا في أصلنا، وهو ظاهرٌ.

(1/8242)


[{لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}]

(1/8243)


[حديث: كنا نغزو مع النبي وليس معنا نساء]
4615# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): خالد هذا هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطيُّ، أحد العلماء، تَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات بزنته فضَّةً، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (عَبدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، من المهاجرين، رضي الله عنه.
قوله: (أَلاَ نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ): سيأتي الكلام على (الخِصاء) في أوَّل (النكاح) إن شاء الله تعالى وقدَّره.
==========
[ج 2 ص 284]

(1/8244)


[{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ... }]
قوله: ({وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ} [المائدة: 90]): قال الدِّمْياطيُّ: (الأنصاب: الأوثان، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّهم كانوا ينصبونها، واحدها: نَصْبٌ ونُصْبٌ ونُصُبٌ)، انتهى، وقد فسَّرها البُخاريُّ هنا، وقد تَقَدَّمتْ.
قوله: ({وَالأَزْلاَمُ}): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ واحدها فيه لغتان، وسيأتي ذلك قريبًا جدًّا، وقد فسَّرها البُخاريُّ هنا.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الزلَمُ: الْقِدْحُ): (الزّلَم)؛ بضمِّ الزاي وفتح اللام، وبفتحهما، و (القِدْح)؛ بكسر القاف، وإسكان الدال وبالحاء المهملتين: السهم قبل أن يُراش ويركَّب نصلُه، وأمَّا (غيره)؛ فقال بعض حفَّاظ العصر: هو تفسير السُّدِّيِّ، رواه الطبريُّ وغيره، وروى معناه عن مجاهد وغيرِه، انتهى.
قوله: (وَالْقُسُومُ: الْمَصْدَرُ): (القُسوم)؛ بضمِّ القاف، كذا في أصلنا، وقال ابن قُرقُول: القَسوم؛ يعني: بالفتح: مصدر، كذا لأبي زيدٍ ولغيِره، وهو الصوابُ، وإنَّما القُسوم: الجمع، انتهى، يعني: بضمِّ القاف هو الجمع، والله أعلم.

(1/8245)


[حديث: نزل تحريم الخمر وإن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة]
4616# قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة.
قوله: (نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ): تَقَدَّم أنَّ تحريمها كان في السنة الرابعة في شهر ربيع الأوَّل، وقيل: في الثالثة بعد أحُد وبعد حمراء الأسد، في شوَّال من السنة الثالثة.
==========
[ج 2 ص 284]

(1/8246)


[حديث: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ]
4617# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ): هو الإمام، أحد الأعلام [1]، إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة، مشهور جدًّا.
قوله: (غَيْرُ فَضِيخِكُمْ): (الفَضِيْخ)؛ بفتح الفاء، وكسر الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة، قال ابن قُرقُول: بُسرٌ يُشدَخ ويُفضَخ ويُنبَذ حتَّى يُسكِر في سرعة، وفي الأثر: أنَّه يُلقى عليه الماء والتمر، وقيل: يفضخ التمر وينبذ في الماء، وعليه يدلُّ الحديث، انتهى، وفي «النِّهاية»: وهو شراب يُتَّخَذ من البُسر المفضوخ؛ أي: المشدوخ، انتهى.
قوله: (أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا): في «صحيح مسلم» من حديث أنس: (كنت أسقي أبا عُبيدة، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب)، وكذا في (باب ما جاء في إجازة خبر الواحد): من هذا «الصحيح»، غير أنَّ لفظه: (كنت أسقي أبا طلحة الأنصاريَّ، وأبا عُبيدة ابن الجرَّاح، وأُبيَّ بن كعب)، وفي «البُخاريِّ» أيضًا: (أبا طلحة، وأبا دجانة، وسُهَيل بن البيضاء)، وفي «مسلم»: (أسقيها أبا طلحة، وأبا أيُّوب، ورجالًا من أصحاب رسول الله عليه وسلم)، وفيه أيضًا من حديثه هذا: (كنت أسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، ومُعاذ بن جبل في رَهْطٍ من الأنصار)، وفيه بعدَهُ من حديثه: (إنِّي لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل بن بيضاء)، وفيه بعده: (أسقي أبا عُبيدة ابن الجرَّاح، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب).
فتحصَّلنا على: أبي طلحة، وأبي أيُّوب، وأبي دجانة، ومُعاذ بن جبل، وسُهيل بن بيضاء، وأبي عُبيدة ابن الجرَّاح، وأُبيِّ بن كعب، وذكر بعضُ الحفَّاظ المتأخِّرين غالبَ من ذكرته، وقال: إنَّ منهم أبا بكر ابن شَعوب، وقد ذكر شيئًا قاله في (المظالم) مطوَّلًا؛ فانظره، وعند أحمد ابن حنبل: (وكانوا أحد عشر رجلًا).
قوله: (إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ): هذا الرجل الذي جاء بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.
قوله: (أَهْرِقْ): هو بفتح الهمزة.
==========
[1] في (أ): (الإمام)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 284]

(1/8247)


[حديث: صبح أناس غداة أحد الخمر فقتلوا من يومهم جميعًا شهداء]
4618# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن دينار، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.
قوله: (صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ): هؤلاء الأناس لا أعرفهم بأعيانهم، وقد تَقَدَّم أنَّها إنَّما حُرِّمت بعد أحُد، ففعلوا شيئًا جائزًا، رضي الله عنهم.
==========
[ج 2 ص 284]

(1/8248)


[حديث: أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة]
4619# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ): أمَّا (عيسى)؛ فهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله، وهو أحد الأعلام في الحفظ والعبادة، تَقَدَّم، وأمَّا (ابن إدريس)؛ فهو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو حَيَّانَ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، واسمه يحيى بن سعيد بن حَيَّان التيميُّ _تيم الرِّباب_ الكوفيُّ، تَقَدَّم، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الشين المعجمة، وأنَّ اسمه عامر بن شراحيل.
[ج 2 ص 284]
قوله: (أمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها والاختلاف في أوَّل من قالها في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): (خامره)؛ أي: خالطه.

(1/8249)


[{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... }]

(1/8250)


[حديث: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر]
4620# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو النعمان: محمَّد بن الفضل، يُلقَّب عَارمًا، مات في صفر سنة أربع وعشرين _وقيل: ثلاث وعشرين_ ومئتين، روى عنه: البُخاريُّ، وروى هو، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، عن رجلٍ عنه، انتهى.
قوله: (الَّتِي أُهرِيقَتِ [1]): هو بضمِّ الهمزة، والهاء مفتوحة وساكنة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (الْفَضِيخُ): تَقَدَّم بظاهرها ما (الفَضِيْخُ).
قوله: (وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر هذا الموضع وموضعًا آخر في (الحجِّ) _: (محمَّد) في هذين الموضعين: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ إن شاء الله، ونسب ابنُ السكن الذي في (الحجِّ): محمَّد بن سلَام، فالله أعلم، انتهى، وقد ذكر المكان الذي في (الحجِّ) في مكانه، وذكرت هناك كلام الجيَّانيِّ، وقد ذكر شيخنا في ذاك الموضع كلام الجيَّانيِّ وكلام غيره؛ فانظره، والمِزِّيُّ لم ينسب محمَّدًا هنا في «أطرافه»، وقال شيخنا في هذا المكان في (المائدة): (ومحمَّد: هو ابن سلَام، كما جاء مصرَّحًا به في بعض النُّسخ)، انتهى، وقال بعضهم: المتكلِّم: الفربريُّ، ومحمَّد: هو البُخاريُّ، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لكلام مَن تَقَدَّمه مِن الأئمَّة الذين ذكرتهم، ولكنَّ هذا الردَّ الذي ذكرته أنا باتجاه، والله أعلم.
و (أبو النُّعمان): هو محمَّد بن الفضل عَارم، تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى): المنادي بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.
قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، زوج أمِّ سُلَيم.
قوله: (فَأَهْرِقْهَا): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ): (السِّكك): الطُّرُق والأزِقَّة، وقد تَقَدَّم.
قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّم ما (الفَضِيْخ) بظاهرها.

(1/8251)


[{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}]

(1/8252)


[حديث: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا]
4621# قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمتْ بلُغاتها في أوَّل هذا.
قوله: (لَهُمْ خَنِينٌ): هو بالخاء المعجمة المفتوحة، كذا في أصلنا، وفي الهامش [1]: (حَنينٌ)؛ يعني: بالحاء المهملة، وعليها علامة راويها، قال الدِّمْياطيُّ: (الخَنين: ضربٌ من البكاء دون الانتحاب، وأصل الخنين: خروج الصوت من الأنف؛ كالحنين من الفم)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («حَنين»؛ بالحاء المهملة للقابسيِّ والعُذريِّ، وللكافَّة: بالخاء، وهو الصواب، وهو تردُّد البكاء بصوتٍ أغنَّ، وقال أبو زيد: الخنين مثل الحنين، وهما الشديد من البكاء، وقد جاء في بعض الرِّوايات: «وأكثَرَ الناسُ من البكاء»، قال ابن دريد: الخنين؛ بالخاء المعجمة: تردُّد البكاء من الأنف، وبالحاء: تردُّده من الصدر)، انتهى.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟): هذا الرجل يحتمل أن يكون عبدَ الله بن حُذافة، كما صرَّح به في (الاعتصام)، وهو عبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، أبو حذافة السَّهميُّ، له هِجْرتان، وهو أخو خنيس بن حذافة، زوج حفصة أمِّ المؤمنين، ترجمته معروفة، وقال شيخنا: وقيل: أخوه قيس، فيما ذكره العسكريُّ، وجزم بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين بأنَّه عبد الله بن حذافة، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ آخَرَ قام، فقال: مَن أبي؟ قال: «أبوك سالمٌ مولى شيبة»، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: فذُكِر لي أنَّ اسمه سَعْد في «التمهيد» لابن عبد البَرِّ، انتهى، ونقل شيخنا عن مقاتل في سبب نزولها، وفيه: ثُمَّ قام رجل من بني عبد الدار، فقال: يا رسول الله: من أبي؟ قال: «سعد»، نسبه إلى غير أبيه، انتهى، وسالم مولى شيبة تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، ولا أعرف له ترجمة، ولعلَّه هلك على كفره، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر في (كتاب الاعتصام): هو سعد بن سالم، مولى شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، وقد أوضحته في (كتاب الإيمان).
قوله: (رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (النضر)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وهو ابن شميل، وتعليقه هذا رواه مسلم، وأمَّا تعليق رَوح؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الاعتصام): عن محمَّد بن عبد الرحيم عن رَوح، ومسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) عن محمَّد بن مَعْمَر عن رَوح، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمَّد بن مَعْمَر عن رَوح نحوه، وقال: حسن صحيح غريب.

(1/8253)


[حديث: كان قوم يسألون رسول الله استهزاء]
4622# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ اسم هذا هاشم بن القاسم، و (أَبُو خَيْثَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية، و (أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ)؛ بالجيم: اسمه حطَّان بن خفاف الجرميُّ، عن ابن عبَّاس ومعن بن يزيد الأسلميِّ، وغيرِهما، وعنه: شعبة، والسفيانان، وإسرائيل، وزُهير، وأبو عوانة، وجماعةٌ، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 285]

(1/8254)


[{ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام}]
قوله: (و {إِذْ} [آل عمران: 55] ههنا: صلة): أي: زائدة؛ يعني: للتأكيد.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55]: مُمِيتُكَ): كذا هنا، وهذا اللفظ في (سورة آل عمران)، والذي في هذه السورة: {فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي} [المائدة: 117]، قال شيخنا: قال وهب فيما حكاه ابن أبي حاتم: توفَّاه الله حين رفعه ثلاث ساعات من النهار، انتهى، وهذا قول حكاه بعض المفسِّرين.
==========
[ج 2 ص 285]

(1/8255)


[حديث: رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار]
4623# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ): قال الدِّمْياطيُّ: إنَّما هو عَمرو بن لُحيٍّ، واسم لُحيٍّ ربيعة، انتهى.
تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «مسلم» في (الكسوف): «ورأيت فيها عَمرو بن لُحيٍّ يجرُّ قُصْبه»، هذا هو المعروف، وفي بعض النُّسخ: (عَمرو بن يحيى)، وكذا ذكره الحُمَيديُّ في «اختصاره للصحيحين»، وهو خطأ محضٌ.
فائدةٌ: عَمرو بن لُحيٍّ أوَّل من سيَّب السوائب، كما في هذا الحديث مرفوعًا، وقال بعض العلماء في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103]: أبدع الكلَّ جنادةُ بن عوف، وقيل: عَمرو بن لُحيٍّ.
قوله: (يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ): (القُصْب)؛ بضمِّ القاف، وإسكان الصاد المهملة، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن قُرقُول: وهي الأمعاء، وفي «النِّهاية»: القُصْب؛ بالضم: المِعى، وجمعه: أقصاب، وقيل: القصب: اسم للأمعاء كلِّها، وقيل: ما كان أسفل البطن من الأمعاء، انتهى.
[ج 2 ص 285]
قوله: (تُبكِّرُ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، ويجوز فتح ثانيه، وتشديد الكاف.
قوله: (أنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ): قال ابن قُرقُول: بالفتح؛ بمعنى: من أجل، وبالكسر: للشرطِ، انتهى.
قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب استعماله مذاكرة، والله أعلم، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدٌ) بعده: هو ابن المُسَيّب.

(1/8256)


قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (ابن الهادي)؛ فقد تَقَدَّم أنَّ الصحيح إثبات الياء فيه، وهو هنا في أصلنا بغير ياء، وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، و (ابن شهاب): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (سعيد): هو ابن المُسَيّب، و (أبو هريرة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قال الحاكم: أراد: رواه ابن الهادي عن عبد الوهَّاب بن بُخْت عن الزهريِّ، نقله عنه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة عبد الوهاب عن الزهريِّ به، فقال: البُخاريُّ في (التفسير) عقيب حديث صالح، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، وقال في «الأطراف» في يزيد بن عبد الله بن الهادي، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة في هذا التعليق: البُخاريُّ في (التفسير) عقيب حديث صالح بن كيسان، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، ورواه يزيد ابن الهادي، وقد ذكرنا قول الحاكم فيه في ترجمة عبد الوهَّاب بن بُخْت، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، انتهى.

(1/8257)


[حديث: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا]
4624# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْكرْمَانِيُّ): تَقَدَّم أنَّ (كرمان) بفتح الكاف وكسرها، و (يُونُسُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (يَحْطِمُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الطاء؛ أي: يكسِر، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ): (عَمرو) المذكور هنا: تَقَدَّم قريبًا أنَّه عَمرو بن لُحيٍّ، و (القُصْبُ): تَقَدَّم قريبًا أيضًا.
==========
[ج 2 ص 286]

(1/8258)


[{وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب ... }]

(1/8259)


[حديث: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غرلًا]
4625# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (غُرْلًا): هو بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ لام؛ أي: غير مختونين، الواحد: أغرلُ، وقد ذكرت الحكمة في ذلك في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم).
قوله: (وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم ما الحكمة في ذلك، والكلام في أنَّه أوَّل من يُكسَى _والله أعلم_ في (الأنبياء) في (إبراهيم عَلَيهِ السَّلام).
قوله: (يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ... ) إلى آخره: قال النوويُّ في «شرح مسلم» في (الوضوء) حين ذكر هذا الحديث: هذا ممَّا اختلف العلماء في المراد به على أقوال؛ أحدها: أنَّ المراد به المنافقون والمرتدُّون، والثاني: من كان في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ثُمَّ ارتدَّ بعده، والثالث: أنَّ المراد أصحاب المعاصي الكبائر الذين ماتوا على التوحيد، أو أصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا القول لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، بل يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثُمَّ يرحمهم الله سبحانه، فيدخلهم الجنَّة من غير عذاب، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 286]

(1/8260)


[{إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}]

(1/8261)


[حديث: إنكم محشورون وإن ناسًا يؤخذ بهم ذات الشمال]
4626# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الظاهر أنَّه الثوريُّ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 286]

(1/8262)


(((6))) (سُورَةُ الأَنْعَامِ) ... إلى (الأَعْرَافِ)
قوله: ({أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70]: أُفْضِحُوا): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والذي يظهر أن يكون (فُضحوا)؛ بغير همز، والله أعلم؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ مُعَدًّى، فإذا بنيت منه؛ قلت: فُضِحَ، والله أعلم.
قوله: ({مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]: مُهرَاقًا): هو بفتح الهاء وإسكانها.
قوله: (وَأَمَّا الْوِقْرُ: الْحِمْلُ): (الوِقر) بمعنى: الحِمل؛ بكسر الواو.
قوله: ({أَسَاطِيرُ} [الأنعام: 25]: وَاحِدُهَا: أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ): (الأُسطُورة)؛ بضمِّ الهمزة، و (الإِسطارة)؛ بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (وَهِيَ التُّرَّهَاتُ): (التُّرَّهات)؛ بضمِّ المثنَّاة فوق، ثُمَّ راء مشدَّدة مفتوحة، قال الأصمعيُّ: التُّرَّهات: الطرق الصغار، وقال غيره: الجادَّة تشعَّبت عنها، الواحدة: تُرَّهَةٌ، فارسيٌّ معرَّب، ثُمَّ استُعير في الباطل، فقيل: التُّرَّهات البَسَائسُ، والتُّرَّهات الصحاصح، وهو من أسماء الباطل، وربما جاء مضافًا، وناس يقولون: تُرَّةٌ، والجمع: تَرَاريْهُ، والله أعلم.
قوله: (و {الصُّوَر} [الأنعام: 73]: جَمَاعَةُ صُورَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: سُورَةٌ وَسُوَرٌ): هذه قراءةٌ شاذَّة قرأ بها الحسن، وعن «معاني النحَّاس»: أنَّه لم يقرأ بها أحد، ولعلَّه أراد في السبع، وإلا؛ فهي قراءة الحسن، كذا في «صحاح الجوهريِّ»، وهي بضمِّ الصاد، وفتح الواو، والصورة واحدته، وهو {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ} [يس: 51]: جمع صورة؛ أي: صُوَر الخلائق، وهذا ظاهرٌ؛ لأنَّه نظَّره بـ (سُوْرة وسُور)، وسيأتي هذا أيضًا، كرَّره، والله أعلم [1].
قال ابن قُرقُول في (التفسير): (و {الصُّوَر}: جمع صورة، وصُوَر: كقولك: صُورَةٌ وصُوَرٌ: كذا لأبي أحمد [2]؛ أي: جُمِع على صُوْر وصُوَرٍ؛ بسكون الواو وفتحها، وروى غيره: (سُوْرة وسُوَر)؛ بالسين، إذ ليس مقصود الباب ذلك، وهذا أحد تفاسير الآية، انتهى.
تنبيهٌ: القراءة بالشواذِّ قد ذكرت حكمها في (سورة {تبارك}؛ الملك)، كذا اتفق؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

(1/8263)


قوله: ({وَإِنْ تَعْدِلْ} [الأنعام: 70]: تُقْسِطْ): كذا هو ثابت في بعض النُّسخ، وليس في أصلنا، قال شيخنا: ({تَعْدِلْ}: تقسط): كذا قال، والذي يظهر أنَّ المراد: وإن تَفْدِ كلَّ فداء، والعدلُ: الفدية، وقد صرَّح به في «الكشاف»، انتهى، وفي «تفسير ابن عبد السلام» الشيخ عزِّ الدين الشافعيِّ: {تَعْدِلْ}: تفتَدِ بالتوحيد والانقياد كلَّ فداء، وقيل: تقسط.
قوله: (تُرْهَبُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (تُرْحَمُ) مثلُه.
قوله: (والقِنْوُ: العِذْقُ): هو بكسر العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، وقد تَقَدَّم في (النساء): أنَّه العرجون، وقيل: لا يقال له عِذْق إلَّا إذا كان بشماريخه.
==========
[1] قوله: (وهو {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ} ... ) إلى هنا جاء في (أ) متأخِّرًا بعد استدراك قول ابن قرقول والتنبيه، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] وهو الجرجانيُّ.
[ج 2 ص 286]

(1/8264)


[{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}]

(1/8265)


[حديث: مفاتح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة]
4627# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
==========
[ج 2 ص 286]

(1/8266)


[{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} الآية]

(1/8267)


[حديث: لما نزلت: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم}]
4628# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدُوسيُّ، وأنَّ لقبه عَارم، وتَقَدَّم ما معنى العَارم.
تنبيهٌ: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في أصله: (حدثنا أبو نعيم)، وفي الهامش: (أبو النُّعمان)، وكتب عليه: (خ صح)، ولم يطرِّفه المِزِّيُّ إلَّا عن أبي النُّعمان في (التفسير)، وقتيبة في (التوحيد).
قوله: (هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ: هَذَا أَيْسَرُ): هذا شكٌّ من الراوي؛ يعني: أنَّ الفتن بين المخلوقين وعذابَهم أهونُ من عذاب الله، وبالفتن ابتُليت هذه الأمَّة، وقد سألها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مع الاثنتين المعروفتين، فمُنِع هذه، وأُعطي الاثنتين، والحديث بذلك معروف.
==========
[ج 2 ص 286]

(1/8268)


[{ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}]

(1/8269)


[حديث: لما نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}]
4629# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (بَشَّار) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش ابن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.
[ج 2 ص 286]
قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم بظاهرها ضبطه، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحمن، أحد الأعلام، و (أَبُو العَالِيَة): قال الدِّمْياطيُّ: أبو العالية: هو رُفيع بن مهران، أعتقته امرأة من بني رياح من تميم سائبة لوجه الله، أسلم بعد موته عَلَيهِ السَّلام بعامين، ودخل على أبي بكر، وقرأ القرآن بعد وفاته عَلَيهِ السَّلام بعشر سنين، تُوُفِّيَ في ولاية الحجَّاج، سنة تسعين في شوَّال، وروى عن ابن عبَّاس آخر يقال له: أبو العالية البرَّاء، واسمه: زياد بن فيروز البصريُّ، مولى قريش، كان يبري النَّبل، مات في ولاية الحجَّاج أيضًا سنة تسعين، روى له البُخاريُّ حديثًا في تقصير الصلاة عن ابن عبَّاس من رواية أيوب السَّختيانيِّ عنه، وقد اتَّفقا عليه وعلى رُفيع بن مهران، انتهى.
وهذا معروف، ولكنَّ شرطي أن أذكر حواشي الدِّمْياطيِّ التي وقعَتْ إليَّ على «صحيح البُخاريِّ»، كلاهما بخطِّه، والله أعلم، وسأذكر الكلام في السائبة في (الفرائض) من هو.

(1/8270)


[{ويونس ولوطًا وكلا فضلنا على العالمين}]

(1/8271)


[حديث: ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى]
4630# قوله: (أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام على (أنا)، وعلى (متَّى)، في (الأنبياء)؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 287]

(1/8272)


[{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}]

(1/8273)


[حديث مجاهد: أنه سأل ابن عباس: أفي {ص} سجدة؟]
4632# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (أَفِي {ص} سَجْدَةٌ؟): في {ص} [ص: 1] قراءات؛ وها هي: ذكر مكيٌّ فيها قراءات: إسكان الصاد وكسرها وفتحها من غير تنوين، وكسرها منوَّنة، وما عدا الإسكان؛ فشاذٌّ، وقد تَقَدَّم.
قوله: (زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ) أمَّا (يزيد بن هارون)؛ فهو أبو خالد، أحد الأعلام، وأمَّا (محمَّد بن عُبيد)؛ فهو محمَّد بن عُبيد بن أبي أُمَيَّة الطنافسيُّ، أبو عبد، الكوفيُّ الأحدب، عن هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، والعوَّام بن حَوْشب، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، وابن راهويه، وابن معين، وأبو بكر ابن أبي شيبة، ومسدَّد، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، وقال العجليُّ: ثِقةٌ عثمانيٌّ، وكان حديثه أربعة آلاف يحفظها، ووثَّقه الدارقطنيُّ، تُوُفِّيَ سنة (25 هـ)، وقيل: سنة (24 هـ)، والأوَّل أصحُّ، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».
و (سهْل بن يوسف): هو الأنماطيُّ، أبو عبد الرَّحمن، عن سليمان التيميِّ، وحُميد، وعنه: أحمد، وبندار، وابن معين ووثَّقه، أخرج له البُخاريُّ، والأربعة، قال أحمد: سمعت منه سنة تسعين ومئة، و (العوَّام): هو ابن حوشب الواسطيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وحديث العوَّام أخرجه البُخاريُّ في (أحاديث الأنبياء) عن محمَّد عن سهل بن يوسف، وفي (التفسير) عن محمَّد بن عبد الله عن محمَّد بن عبيد، وعن بندار عن غندر عن شعبة؛ ثلاثتهم عن العوَّام به.
قوله: (مِمَّنْ أُمِرَ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ): فاعل (يَقتدي): (هو)، عائد على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهذا ظاهرٌ.

(1/8274)


[{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ... }]
قوله: ({الحَوَايَا} [الأنعام: 146]: الْمِبْعَرُ [1]): {الحَوايَا}: جمع حَوِيَّة، وجمع الحوايا: حواوي على (فواعِل)؛ وهي الأمعاء، قال ابن قُرقُول: (وفي «باب {الحوايا}: المباعر» كذا له [2]، ولغيره: «الِمِبْعَرُ»، ولأبي إسحاق: «الأمعاء»، والأوَّل أوجه)، انتهى وقوله: (المِبْعَر): هو مكسور الميم في أصلنا.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ): أي: غير من فسَّر الذي قبله، وقد تَقَدَّم أنَّ هذا هو الظاهر، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (المَبعر)؛ بفتح الميم، وهي في هامش (ق) معًا مستدركة.
[2] أي: لأبي الوقت.
[ج 2 ص 287]

(1/8275)


[حديث: قاتل الله اليهود لما حرم الله عليهم شحومها جملوه]
4633# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله، و (عَطَاءٌ) بعده: هو عطاء بن أبي رباح، تَقَدَّم.
قوله: (جَمَلُوهُ): هو بالجيم، قال ابن قُرقُول: «جملوه»، وفي حديث آخر: «أجملوه»؛ يعني: الشحوم؛ يعني: أذابُوها، وكذلك يقال: جمل وأجمل.
قوله: (وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ): هذا هو الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، شيخ البُخاريِّ، ومن أكبر شيوخه، وعنه: الجماعة بواسطة، وقد تَقَدَّم الكلام فيما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، و (عَبْدُ الْحَمِيدِ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: ابن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، انفرد به مسلم، انتهى، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وقد قدَّمتُ أنَّ هذا وأمثاله يسمِّيه المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، وقال ابن الصلاح: إنَّه مثل: حدَّثنا، وقد تُكلِّم في عبد الحميد من أجل القدر، وقال ابن معين وغيره: ثِقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، وقال ابن سعد: ثِقةٌ كثير الحديث، قال: ومات بالمدينة سنة (153 هـ)، وله سبعون سَنةً، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، وكمثل ما هنا (وقال أبو عاصم) به ذكره البُخاريُّ في (البيوع) أيضًا.
و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن أبي حبيب، كما تَقَدَّم أعلاه، (قَالَ [1] يَزِيدُ: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ)، وأخرجه مسلم عن محمَّد بن المثنَّى، عن أبي عاصم به، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة، ومحمَّد بن عبد الله بن نمير؛ كلاهما عن أبي أسامة عن عبد الحميد به، وأخرجه أبو داود عن محمَّد بن بشار عن أبي عاصم به، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الكلام على رواية الحديث بالمكاتبة، وقد ذكرتها مطوَّلة؛ المقرونة بالإجازة، وغير المقرونة؛ كهذه، والكلُّ صحيح، وهو عندهم من المسند المُتَّصِل، والله أعلم.

(1/8276)


[{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}]

(1/8277)


[حديث: لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش]
4634# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو ابن مرَّة، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا.
قوله: (لاَ أَحَدٌ أَغْيَرَ [1] مِنَ اللهِ): إن نوَّنت (أحدًا) مرفوعًا؛ فقل: (أغيرَ)؛ بالنصب، وإن فتحت (أحدًا) غير منصوب؛ فقل: (أغيرُ)؛ بالرفع.
قوله: (وَلاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ): (حُبُّ المدح): ليس من جنس ما نفعلُ من حبِّ المدح، وإنَّما الربُّ عزَّ وجلَّ أحبَّ الطاعات،
[ج 2 ص 287]
ومن جملتها مدحُه عزَّ وجلَّ؛ ليُثيب على ذلك، فينتفع المكلَّف، لا لينتفع هو بالمدح، وأمَّا نحن؛ فنحبُّ المدح لننتفعَ به في الدنيا، ويرتفعَ قدْرُنا في قومنا، فظهر من هذا أنَّ من غلط العامَّةِ قولَهم: إذا كان الله يحبُّه؛ فكيف لا نحبُّه نحن؟! نبَّه عليه ابن عَقِيل، قاله شيخنا.
تنبيهٌ: استنبط عبد اللطيف البغداديُّ منه جواز قولك: مدحت الله، وليس صريحًا.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (أحدَ أغيرُ)، وهي في (ق) معًا.

(1/8278)


[تتمة غريب سورة المائدة الآيات: 102 - 138]
قوله: ({قُبُلًا} [الأنعام: 111]: جَمْعُ قَبِيلٍ): بضمِّ القاف والباء بالقلم في أصلنا، قال شيخنا بعد أن ضبطه كما ضبطته ما لفظه: قال ابن التين: ضُبِط في بعض الأمَّهات بكسر القاف، وفتح الباء، وليس ببيِّن، وإنَّما يكون جمعًا إذا كان بضمِّ القاف والباء، انتهى.
قوله: ({حِجْرٌ} [الأنعام: 138]: حَرَامٌ): قال الدِّمْياطيُّ: الحجْر: الحرام، يُكسَر، ويضمُّ، ويُفتَح، والكسر أفصح، قاله الجوهريُّ، وحجْر الإنسان: يُفتَح ويُكسَر، وحَجْر اليمامة: قصبة بها، يُفتَح خاصَّة، انتهى، قال الجوهريُّ بعد أن ذكر اللغات الثلاث في (حجر): والكسر أفصح، وقد قُرِئ بهنَّ في قوله تعالى: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138].
قوله: (وَالْحِجْرُ: كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ): هو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وكذا قوله: (وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ: حِجْرٌ)؛ بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وكذا: (وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجْرٌ) مثله، قال ابن قُرقُول في (كتاب الأنبياء): (ويقال للعقل: حَجْل وحِجًا)؛ كذا لهم، وللأصيليِّ: و (حجنٌ) مكان (حِجًا)، وهو وهم، وفي آخر (سورة الأنعام) للنسفيِّ مثله، انتهى.
وقوله: (وَأَمَّا الْحِجْرُ؛ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ): مثل ضبط ما قدَّمتُه؛ وكذا (وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ)، (حجرت): مخفف ومشدَّد، وقوله: (فَهُوَ حِجْرٌ): مثل ما تَقَدَّم، وقوله: (وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ): هذا بفتح الحاء، وقد قدَّمتُ تقييده عن الدِّمْياطيِّ، وتَقَدَّم أيضًا في كلامي، والحاصل: أنَّ كلَّ ما ذكره البُخاريُّ؛ فهو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، إلَّا (حَجْر: حرام) على لغة، وإلَّا ([حَجْر] اليمامة)؛ فإنَّه بفتح الحاء، وإسكان الجيم فقط، والله أعلم.
قوله: (وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا): (الحطيم): معروف، وقد تَقَدَّم ما هو، ومراده هنا بـ (الحِجْر)؛ وهو شبه نصف دائرة ملاصقًا للبيت من جانبه الشماليِّ، وقد قدَّمتُ هل هو من البيت، كلُّه أو بعضه؟ وكم البعض؟ في (الحجِّ)؛ فانظره، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 288]

(1/8279)


[{هلم شهداءكم}]
قوله: ({هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: 150] لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ: {هَلُمَّ}، لِلْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ)، انتهى، تَقَدَّم الكلام على هذه المسألة قبل هذا.
==========
[ج 2 ص 288]

(1/8280)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رأها]
4635# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ له مناكير يجتنبها أصحاب «الصحيح»، و (عُمَارَةُ) بعده: هو بضمِّ العين، مخفَّف الميم، ابن القعقاع، تَقَدَّم، وكذا (أَبُو زُرْعَةَ)، وأنَّ اسمه هرم، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم أنَّه ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.
==========
[ج 2 ص 288]

(1/8281)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت]
4636# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة النساء) قبل هذا؛ فانظره، وقال المِزِّيُّ في هذا الحديث: (إسحاق ابن نصر)، وفي كتاب أبي مسعود: (إسحاق بن منصور)، وفي أكثر النسخ من البُخاريِّ: (إسحاق)؛ غير منسوب، انتهى، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّامٌ): هو ابن مُنَبِّه.
==========
[ج 2 ص 288]

(1/8282)


(((7))) (سُورَةُ الأَعْرَافِ) ... إلى (الأَنْفَالِ)
قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَرِيَاشًا} [الأعراف: 26]: الْمَالُ): هي قراءة، قال شيخنا: قراءة عاصم؛ يعني: خارج «الشاطبية» و «التيسير»، قال شيخنا: ورسولِ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال أبو حاتم: رواها عنه عثمان بن عفَّان، انتهى.
قال الشيخ الإمام النحويُّ البارع شهاب الدين السَّمين في «إعرابه»: وقرأ عثمان، وابنُ عبَّاس، والحسنُ، ومجاهد، وقتادة، والسُّلَميُّ، وعليُّ بن الحسين، وابنُه زيد، وأبو رجاء، وزِرُّ بن حُبيش، وعاصم وأبو عَمرو في رواية عنهما: {وَرِيَاشًا}، انتهى، و (الريش): القراءة المشهورة، وسيجيء قريبًا أنَّ (الرياش) و (الريش) واحدٌ، وهو ما ظهر من اللباس، انتهى، و (الريش): اللباس والنعيم، وقيل: الزينة، والجمال، و (الرياش): المال، كما نقله عن ابن عبَّاس، وقيل: إنَّه يحتمل أن يكون جمعَ (ريش)؛ كذئب وذِئاب، وقيل: الرياش: الأثاث، وما ظهر من المتاع، والله أعلم.
قوله: ({عَفَوْا} [الأعراف: 95]: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ): اعلم أنَّ (عفا) من الأضداد، فيستعمل بمعنى: كثر، وهي هنا بمعنى: كثر، كما قال، والله أعلم.
قوله: (أَخَذَا الْخِصَافَ): (الخِصاف)؛ بكسر الخاء المعجمة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى [1] سُمُومًا): (مَشاقُّ): بفتح الميم، وبالشين المعجمة المخفَّفة، وبعد الألف قاف مشدَّدة، وفي أصلنا: (كلُّهم)، وهي في الهامش، وعليها (صح)، وفي رواية: (كلُّها)، وعليها علامة راويها، وهي الجادَّة، والأفصح: كلُّهنَّ؛ لأنَّها دون العشرة، ويجوز (كلُّها).
قوله: (تُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا: سَمٌّ)، اعلم أنَّ (السَّم): الثَّقْبُ، ومنه: {سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، وسُموم الإنسان، وسِمامه؛ بكسرها، وهي ما ذكرها البُخاريُّ هنا، الواحد: سَمٌّ وسُمٌّ؛ بفتح السين وضمِّها.
قوله: (مَا غُشُوا [2] بِهِ): هو بضمِّ الغين والشين المخفَّفة المعجمتين.
قوله: ({الْقُمَّلَ} [الأعراف: 133]: الْحُمْنَانُ) هو بضمِّ الحاء المهملة، كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ الحافظ: بكسرها، وكذا قيَّده بعضهم، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ نونان، بينهما ألف، قال الجوهريُّ: والحَمنانة: قُراد، قال الأصمعيُّ: أوَّله قَمْقامة صغير جدًّا، ثُمَّ حَمْنانة، ثُمَّ قُراد، ثُمَّ حَلَمة، ثُمَّ عَلٌّ وطِلْحٌ.

(1/8283)


قوله: (يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ): (الحَلَم): بفتح الحاء المهملة واللام، جمع حَلَمة؛ بفتحهما، قال الجوهريُّ: والحَلَمَة: القُراد العظيم، وهو مثل: العلِّ، وجمعها: حَلَم.
قوله: ({سُقِطَ} [الأعراف: 149]: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ): قال الجوهريُّ: وسُقِطَ في يديه؛ أي: ندم، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149]، قال الأخفش: وقرأ بعضهم: {سَقَط}؛ كأنَّه أضمر الندم، وجُوِّز: أُسْقِط في يديه، وقال أبو عَمرو: لا يقال: (أُسقِط)؛ بالألف على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأحمد بن يحيى مثله، انتهى.
قوله: ({يَعْدُونَ} [الأعراف: 163]؛ يَتَعَدَّوْنَ [3]: يُجَاوِزُونَ، {تَعْدُ} [الكهف: 28]: تُجَاوِزْ): {تَعْدُ}: في أصلنا بإسكان العين، وضمِّ الدال، فـ (تجاوِزْ) على هذا: بكسر الواو، وهو فعلٌ مستقبلٌ مجزومٌ، وفي أصل آخَرَ صحيحٍ: (تَعَدَّ): بفتح التاء والعين والدال المشدَّدة، فعلى هذا (تُجاوِزْ): فعل أمر، فإن أراد التي في هذه السورة؛ فكان ينبغي أن يقول: (تعدو)، فعل مضارع مرفوع، ولا يجزمُه، وإن أراد التي في الكهف: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28]؛ فهذه مجزومة بالنهي، وهذه أليق بما في أصلنا، ويكون أراد هذه، والله أعلم.
[ج 2 ص 288]
قوله: ({وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]: خَوْفًا، {وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]: مِنَ الإِخْفَاءِ): من الخوف: {خِيفة}؛ بكسر الخاء، ومن الإخفاء: {خُفْية}، وهذا ظاهرٌ.
قوله: ({وَالْآصَالِ} [الأعراف: 205]: وَاحِدُهَا: أَصِيلٌ؛ وَهُوَ [4] مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ): اعلم أنَّ (الأصيلَ) كما قاله: من العصر إلى المغرب، وجمعه: أُصُلٌ، وآصالٌ، وأصائلُ؛ كأنَّه جمع أَصِيلة، ويجمع أيضًا على أُصْلَان؛ مثل: بعير وبُعران، ثُمَّ صغَّروا الجمع فقالوا: أُصَيْلانُ، ثُمَّ أبدلوا من النون لامًا، فقالوا: أُصيلال [5]، وحكى اللِّحيانيُّ لغتيه: أُصَيْلالًا وأُصَيْلانًا.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) أيضًا مصحَّحة: (كلُّهم يُسمَّى).
[2] كذا في (أ) و (ق) وعليها: (خف)، ورواية «اليونينيَّة»: (غُشُّوا).
[3] زيد في «اليونينيَّة»: (له)، وهي ساقطة من رواية أبي ذرٍّ.
[4] قوله: (وهو): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت.

(1/8284)


[5] في (أ): (أصيلان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8285)


[{إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن}]

(1/8286)


[حديث: لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها]
4637# قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام على إعرابه قريبًا؛ فانظره في (النساء).
قوله: (وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا في (النساء)، و (المِدْحة)؛ بكسر الميم، وإسكان الدال: الثناء والذكر الحسن، فإذا فتحت؛ قلت: المَدح؛ ومعناه: أنَّه يريدها، ويأمر بها، ويثيب عليها.
==========
[ج 2 ص 289]

(1/8287)


[{ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ... }]

(1/8288)


[حديث: لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة]
4638# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّه الفريابيُّ، لا البيكنديُّ، وقدَّمتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، وأنَّ (سُفْيَانَ) هو الثوريُّ، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ): هذا الرجل من اليهود تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، وقال ابن بشكوال: إنَّ اليَهوديَّ اسمه فنحاص، واللاطم: أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وهذا متعقَّبٌ، قصَّة أبي بكر وفنحاص في غير ذلك، ويردُّ عليه أيضًا: أنَّ اللاطم شخص من الأنصار، كما في بعض طرق «الصحيح»، وهو هنا وفي غيره أيضًا، وقوله: (قد لُطِم وجهُه): (لُطِم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وجهُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف هذا الأنصاريَّ.
قوله: (لِمَ لَطَمْتَ؟): هو بفتح الميم على الاستفهام.
قوله: (لاَ تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الخصومات).
قوله: (فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الخصومات).

(1/8289)


[المن والسلوى]

(1/8290)


[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء العين]
4639# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هذا هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير.
قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (سورة البقرة) مطوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ للْعَيْنِ [1]): تَقَدَّم الكلام علىه في (سورة البقرة).
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (4478)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (شفاءُ العينِ)، وزيد في هامش (ق): (من) مع تنوين (شفاءٌ) في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.
[ج 2 ص 289]

(1/8291)


[{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا ... }]

(1/8292)


[حديث: أما صاحبكم هذا فقد غامر]
4640# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): شيخ البخاريِّ (عبد الله) هذا: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قيل: إنَّه ابن حمَّاد الآمليُّ، انتهى، قال شيخنا بعد ذكر هذا القول من غير أن يعزوَه لأحد: ويحتمل أن يكون عبد الله بن أُبيٍّ، قاضي خوارزم، انتهى، وهذا أخذه من المِزِّيِّ أو من الذهبيِّ؛ فإنَّهما نقلا ذلك، قال الذهبيُّ في «التذهيب» في ترجمة عبد الله بن أُبيٍّ: روى البُخاريُّ: حدَّثنا عبد الله: حدَّثنا سليمان بن عبد الرَّحمن ... ؛ فذكر حديثًا، فقيل: هو عبد الله بن حمَّاد الآمليُّ، ويحتمل أن يكون عبد الله بن أُبيٍّ؛ فإنَّه مكثر عن سليمان، انتهى، وقد ذكرت في إسلام أبي بكر رضي الله عنه ما قيل في هذا، وكلامَ المِزِّيِّ، وكلامَ شيخنا الحافظ العراقيِّ؛ فانظره.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ): هو بفتح الزاي، وإسكان الموحَّدة، وبالراء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ بُسْرًا هذا: بضمِّ الموحَّدة، وإسكان السين المهملة، وقدَّمتُ أنَّ من يقال له: (بُسْر) كهذا الضبط في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطأ»: ابنُ عبيد الله المشار إليه، وبُسْر بن سعيد، وبُسْر المازنيُّ والد عبد الله بن بُسْر، وبُسْر بن مِحْجن، وقد اختُلف فيه، وقد قدَّمتُه مطوَّلًا.
و (أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ): تَقَدَّم أنَّ اسمه: عائذ الله بن عبد الله بن عَمرو، وقيل غير ذلك، أحد علماء التابعين، مشهور جدًّا، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل: عبد الله بن قيس، وقيل: عويم، ابن زيد بن قيس بن أُمَيَّة، وقيل: عامر بن مالك، أنصاريٌّ خزرجيٌّ، تَقَدَّم رضي الله عنه.
قوله: (مُحَاوَرَةٌ): هي بالحاء المهملة والراء؛ وهي المجاوبة.
قوله: (مُغْضَبًا): هو بفتح الضاد، وهو اسم مفعول.
قوله: (فَقَدْ غَامَرَ): هو بالغين المعجمة، والميم، والراء، قال الدِّمْياطيُّ: أي: خاصم غيره؛ ومعناه: دخل في غمرة الخصومة؛ وهي مُعظمُها، والغامر: الذي يرمي بنفسه في الأمور المهلكة، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام عليه في (المناقب).

(1/8293)


قوله: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟!): كذا في أصلنا في الموضعين، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وفي نسخة في المكانين: (تاركون)، وهذه الجادَّة، وتلك على قراءة من قرأ: {زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شُرَكَائِهم} [الأنعام: 137]، وهي قراءة ابن عامر من السبعة، وكذا: {مخلفَ وعدَهُ رسلِه} [إبراهيم: 47]؛ شاذًّا، وقد ذكرتُ فيما مضى تخريجَها في (مناقب الصِّدِّيق)؛ فانظره.

(1/8294)


[{وقولوا حطة}]

(1/8295)


[حديث: قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدًا}]
4641# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة النساء)، قال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث: [البُخاريُّ] في (التفسير) عن إسحاق، وفي (أحاديث الأنبياء) عن إسحاق ابن نصر، ومسلم في آخر الكتاب عن محمَّد بن رافع، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن عبد بن حميد؛ كلُّهم عن عبد الرزَّاق به، ففي قوَّة كلامه أنَّ ميله إلى أنَّه ابن نصر، والله أعلم، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين مرارًا.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).
[ج 2 ص 289]

(1/8296)


[{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}]

(1/8297)


[حديث: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس]
4642# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): هو محمَّد بن مسلم.
قوله: (قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وذكرت بعض ترجمته.
قوله: (فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بْنِ حِصْنٍ [1]): (الحرُّ): مذكور في الصَّحابة، له وفادة، وهو الذي خالف ابن عبَّاس في صاحب موسى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الكلام عليه.
[ج 2 ص 289]
قوله: (هِيْ يَا بْنَ الْخَطَّابِ): قال ابن قُرقُول: قال ثابت: تقول للرجل؛ إذا استزدته: هيه، وإيهِ، وقد ذكرنا هذا في (الألف)، انتهى، وقد ذكرها في (الهاء مع الياءِ)، وقال شيخنا: (هيْ يا بن الخَطَّاب): على معنى التهديد، وفي كلام بعضهم: «هِيءَ»؛ بكسر الهاء، وآخره همزة مفتوحة، تقول للرجل إذا استزدته: هيه، وإيه، انتهى، وهذا الكلام فيه نظرٌ، وكأنَّه فيه غلطٌ، والذي أعرفه ما ذكرته، غير أنَّه يقال: هَأْهأَ بالإبل هِيْهَاءً وهأْهَأً: دعاها للعلف، فقال: هِيءْ هِيءْ، أو زجرها فقال: هَأْ هَأْ، والاسم: الهِيْءُ؛ بالكسر، والرجل قهْقهَ؛ فهو هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ: ضحَّاك، انتهى، فعلى الزجر يكون بفتح الهاء ساكنَ الهمز، والله أعلم.
قوله: (مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ): هو بفتح الجيم، وإسكان الزاي، وهو العطاء الكثير.
==========
[1] (بن حصن): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8298)


[حديث: ما أنزل الله إلا في أخلاق الناس]
4643# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (السَّلَم)، و (الجهاد)، و (حديث الإفك)، و (سورة الأعراف)، و (مريم)، و (الدخان) في موضعين، و (النجم)، و (اقْتَرَبَتِ)، و (المدثِّر)، و (الليل)، وفي (النكاح) في موضعين، و (الذبائح)، و (الأدب)، وفي آخر (كتاب استتابة المرتدِّين)، وفي (خبر الواحد)، وفي (التوحيد): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا وكيع)، فنسب ابن السكن في أكثر هذه المواضع: يحيى بن موسى الحُدَّانيُّ، وأهمل بعضَها، وقال البُخاريُّ في (الخوف): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا وكيع: حدَّثنا عليُّ بن المبارك ... )، فذكر حديثًا، نسبه ابن السكن أيضًا: يحيى بن موسى، ونسبه أبو ذرٍّ عن المستملي: يحيى بن جعفر، وقد قال البُخاريُّ في (عدَّة أصحاب بدر): (حدثنا يحيى بن جعفر: حدثنا وكيع عن سفيان)؛ هكذا في «الجامع» لجميع الرواة، وذكر أبو نصر أنَّ يحيى بن موسى الحُدَّانيَّ ويحيى بن جعفر البلخيَّ يرويان جميعًا عن وكيع في «الجامع»، انتهى.
4644# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الراء، وبالدال المهملة، وهو عبد الله بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريِّ، الكوفيُّ، أبو عامر، عن عبد الله بن إدريس، وابن فُضَيل، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، وأبو زرعة، ومُطيَّن، وعبدان، والحسن بن سفيان، وجماعةٌ، قال أحمد: ليس به بأس، وقال مُطيَّن: تُوُفِّيَ في جمادى الآخرة سنة (234 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلمٌ، كما تَقَدَّم، وقد قدَّمتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه؛ كـ (حدَّثنا)، كما قاله ابن الصلاح، ولكنِ الغالبُ أخذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، وأنَّ المِزِّيَّ والذهبيَّ يجعلانه تعليقًا، والله أعلم، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة.
==========
[ج 2 ص 290]

(1/8299)


(((8))) (سُورَةُ الأَنْفَال) ... إلى (بَرَاءَة)

(1/8300)


[حديث ابن جبير: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الأنفال؟]
4645# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشير، أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تَقَدَّم، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، وتَقَدَّم مترجمًا.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا)، وكذا في هامش (ق) مصحَّحة.
[ج 2 ص 290]

(1/8301)


[تتمة غريب آيات سورة الأنفال 9 - 30]
قوله: (رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي: جَاءَ بَعْدِي): هو في أصلنا بفتح الدال، قال الجوهريُّ: (وردِفه): بالكسر؛ أي: تبعه ... إلى أن قال: وأردفه امرؤٌ: لغة في ردِفه؛ مثل: تبعه وأتبعه بمعنًى، وأنشد بيتًا، ولفظ ابن القطَّاع في «أفعاله» نحوُ لفظ البُخاريِّ في «الصحيح»، ولكنَّ الماضيَ بالكسر لا بالفتح، ولم أر فيما وقفت عليه في كتب اللغة: ردَفه؛ بفتح الدال، فيحرَّر ما في الأصل، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً} [الأنفال: 35]: إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ، {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]: الصَّفِيرُ): هذا تفسير غريب، والذي أعرفه: أنَّ (المكاء) الصفير، (والتصدية): التصفيق باليدين، ثُمَّ رأيت شيخنا قال بعد هذا التفسير الذي في «البُخاريِّ»: أسنده ابن أبي حاتم من حديث ابن أبي نجيح عنه بزيادة: (فكانوا يخلطون على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم صلاته)، وهو عكس قول المفسِّرين وأهل اللغة؛ لأنَّهم قالوا: (المكاء): الصفير، (والتصدية): التصفيق، وكذا قال النحَّاس: إنَّه المعروف في اللغة، والمرويُّ عن ابن عمر وغيره من العلماء، قال مقاتل: كان عَلَيهِ السَّلام إذا صلَّى في الكعبة؛ قام رجلان من المشركين من بني عبد الدار عن يمينه، فيصفِّران كما يصفِّر المُكَّاء؛ وهو طائر هذا اسمه، ورجلان عن يساره يصفِّقان بأيديهما؛ ليخلطا عليه صلاته وقراءته، فقتل الله الأربعة ببدر، ولهم يقول ولبقيَّتهم: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ}؛ يعني: القتل ببدر {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون} [الأنفال: 35]، انتهى.
و (المُكَّاء): الطائر؛ بضمِّ الميم، وتشديد الكاف، ممدود، قال في «الكفاية»: (المكَّاء): طائر يصوِّت في الرياض، سُمِّيَ مُكَّاءً؛ لكونه يمكو؛ أي: يصفِّر.

(1/8302)


[{إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون}]

(1/8303)


[حديث ابن عباس في قوله: {إن شر الدواب}]
4646# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه محمَّد بن يوسف الفريابيُّ، وتَقَدَّم الفرق بين وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (وَرْقَاءُ) بعده: هو ابن عُمر، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ.
قوله: (هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ): (عبد الدار) المذكور هنا: هو عبد الدار بن قصيٍّ، وتنسب إليه جماعة، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هم الذين كانوا يحملون اللواء يوم أُحُد حتَّى قُتِلوا [1]، وأسماؤهم في السيرة، انتهى.
==========
[1] في (أ): (تُقلوا)، والمثبت موافق لمصدره.
[ج 2 ص 290]

(1/8304)


[{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم .. }]

(1/8305)


[حديث: ما منعك أن تأتي؟]
4647# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ): تَقَدَّم الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة
البقرة)، وقبل ذلك أيضًا، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: في (التفسير) عن إسحاق بن منصور، انتهى، وقال شيخنا هنا: هو ابن منصور، كما صرَّح به أبو مسعود وخلف، انتهى، و (روح): تَقَدَّم أنَّه ابن عُبادة، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، وهذا معروف عند أهله، و (أَبُو سَعِيدِ بْنُ المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا في أوَّل (البقرة) في (الفاتحة)، ومن اتَّفق له مثله؛ فانظره.
قوله: (أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ): تَقَدَّم أنِّي أذكر الكلام على هذا في (فضائل القرآن) إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): الحكمة في الإتيان بتعليق معاذ؛ لأنَّ حفص بن عاصم عنعن عن سعيد أبي سعيد بن المعلَّى، وفي التعليق صرَّح بالسماع منه، و (معاذ) هذا: هو ابن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، تَقَدَّم، تُوُفِّيَ سنة (196 هـ).
==========
[ج 2 ص 290]

(1/8306)


[{وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة.}]
قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا سَمَّى اللهُ [1] مَطَرًا فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ عَذَابًا ... ): إلى آخر كلامه، قال الدِّمْياطيُّ: بل قد سمَّى ما ليس عذابًا مطرًا، فقال: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَر} [النساء: 102]؛ فهو وإن نَسَب إليه الأذى؛ لا يُخرِجه من أن يكون غيثًا، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ معروف، قال في «المطالع»: مَطَرَتِ السماء وأمطرت؛ بمعنًى واحد، وحكى بعضُ المفسِّرين: مَطَرَت في الرحمة، وأمطرت في العذاب؛ لأنَّهم وصفوه كذلك في القرآن في مواضع، والصحيح: أنَّهما بمعنًى، ألا تراهم {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]، وإنَّما ظنُّوه مطر رحمة؛ فقيل لهم: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24]، انتهى.
[ج 2 ص 290]
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (تعالى).

(1/8307)


[حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر .. ]
4648# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ): قال الإمام الذهبيُّ في «التذهيب»: (أحمد عن عبيد الله بن معاذ) في (سورة الأنفال)، قال الحاكمان: إنَّه أحمد بن النضر، وقد مرَّ؛ يعني: مرت ترجمته، انتهى، وقال الدِّمْياطيُّ في قول البُخاريِّ بُعَيد هذا المكان: (حدَّثنا محمَّد بن النضر) ما لفظه: أخو أحمد المطلق في الباب قبله، قاله ابن البيِّع، انتهى، فوافقه، وما قاله الذهبيُّ هو في «تهذيب المِزِّيِّ»، وقد ذكر هذا المكان الجيَّانيُّ، ونقل فيه: أنَّه أحمد بن النضر، وذكر شيخنا هنا كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، ثُمَّ تحرَّر لي أنَّه صحَّح أنَّه أحمد بن النضر، والله أعلم.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ [2] الزِّيَادِيِّ): هو بكسر الزاي، وبالمثنَّاة تحت، و (عبد الحميد): وقع في بعض النسخ هنا: هو ابن كِرْدِيد، وكِرْدِيد؛ بكسر الكاف، وإسكان الراء، ثُمَّ دال مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال أخرى، مهملتين، وهو مصروفٌ، والكِرديدة: ما يبقى في أسفل الجُلَّة من التمر، والجُلَّة: وعاء التمر، قاله الجوهريُّ، وقال الغسانيُّ في «تقييده»: بكسر الكاف، والراء والدال المهملتين، انتهى، وهذا مثل ما ضبطته [3]، غير أنَّ الذي ضبطتُه أتمُّ، وهو عبد الحميد بن كِرْدِيد، وهو عبد الحميد بن دينار، وقيل: ابن واصل البصريُّ، صاحب الزياديِّ، عن أنس، وأبي رجاء العطارديِّ، وجماعةٍ، وعنه: شعبة وحمَّاد بن زيد وأثنى عليه، وجماعةٌ، وثَّقه أحمد وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وإنَّما ضبطتُ كِرْديدًا؛ لأنِّي رأيتُ بعض محدِّثي بلدنا وقد ذُكر هذا الاسم عنده، فاستغربه جدًّا، وقال: ما سمعته قطُّ، أو نحو هذا، والله أعلم، والذي ظهر لي منه أنَّه كان يكثر القراءة في نسخة عنده من البُخاريِّ مصريَّة، والظاهر أنَّ التوضيح لم يكن فيها، والله أعلم.
قوله: (قَالَ أَبُو جَهْلٍ): تَقَدَّم أنَّه عَمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، وبقيَّة نسبه ذُكِرَت.

(1/8308)


[{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم ... }]

(1/8309)


[حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر ... ]
4649# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وضبط (الزِّيَاديِّ).
==========
[ج 2 ص 291]

(1/8310)


[{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}]

(1/8311)


[حديث: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه]
4650# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، ثُمَّ واو، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شُريح التُّجَيبيُّ، أبو زُرعة، فقيه مصر وزاهدها ومحدِّثها، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، ويزيد بن أبي حبيب، وربيعة القصير، وعنه: الليث، وابن وهب، وغيرُهما، له كرامات وأحوال، مات سنة (158 هـ)، أخرج له الجماعة، و (بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو) بعده: هو المعافريُّ، و (بُكَيْرٌ): هو ابن عبد الله بن الأشجِّ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ): هذا الرجل الذي جاء ابنَ عُمر تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة البقرة)، وفي مكان آخر، وأنَّ شيخنا قال عن الحُميديِّ في «جمعه»: إنَّه حكيم، انتهى، وتَقَدَّم أنَّ ابن شيخنا البلقينيِّ قال: إنَّه العلاء بن عَرار، ونقله عن «الخصائص» للنسائيِّ، وتَقَدَّم ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين.
قوله: (أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ): (أغترُّ) في الموضعين: بفتح الهمزة، ثُمَّ غين معجمة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ راء مشدَّدة، كذا هو مضبوط في أصلنا في الموضعين؛ أي: أخاطر، تركي مقتضى الأمر بها أحبُّ إليَّ أن أخاطر بالدخول تحت خطر وعيدِ الآية الأخرى، و (الغَرَر): المخاطرة، ولم يذكر في «المطالع» سوى هذه الرواية، وفي نسخة هي على هامش أصلنا: (أُعَيَّر)؛ بضمِّ الهمزة، ثُمَّ عين مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة مشدَّدة، ثُمَّ راء، من التعيير؛ وهوالتوبيخ، وأمَّا اللفظة الثانية؛ فلم يُكتَب تجاهها شيء، والله أعلم.
قوله: (إِمَّا يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا يُوثِقُوهُ): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم، ووجه الكلام: (يقتلونه، وإمَّا يوثقونه)؛ بإثبات النون، والأوَّل في أصلنا، والثاني نسخة في هامشه، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (يقتلوه ويوثقوه) في الموضعين بغير تردُّد، قال شيخنا: بإثبات النون هو الصواب، ثُمَّ ذكر حذف النون، ثُمَّ قال: وهو خلاف الصواب، قال: لأنَّ (إمَّا) هنا عاطفة مكرَّرة، وإنَّما تَجزم إذا كانت شرطًا، انتهى، وما قاله ظاهر، غير أنَّ حذف النون لغة معروفة حيث لا جازم ولا ناصب أيضًا.
قوله: (حَتَّى كَثُرَ): هو بضمِّ الثاء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَخَتَنُهُ): (الختن): زوج البنت.

(1/8312)


قوله: (وَهَذِهِ ابْنَتُهُ _أَوْ بِنْتُهُ_ حَيْثُ تَرَوْنَ)، تَقَدَّم الكلام عليه في (البقرة)، وفي أصلنا: (أو بيته حيث ترون)، وفي الهامش نسخة: (أَبْيُتُهُ): جمع (بيت)، جمع قلَّة.
==========
[ج 2 ص 291]

(1/8313)


[حديث: خرج علينا ابن عمر فقال رجل: كيف ترى في قتال الفتنة؟]
4651# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ) بعده: تَقَدَّم مرارًا أنَّه زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، و (بَيَانٌ) بعده: هو ابن بِشر المؤدِّب، عن أنس، وقيس بن أبي حازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعدَّةٌ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثِقةٌ، تُوُفِّيَ في حدود الأربعين ومئة، أخرج له البُخاريُّ فقط، و (وَبرَةُ) بعده: بفتح الباء الموحَّدة وإسكانها، هو ابن عبد الرَّحمن.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟): تَقَدَّم أعلاه وقبله ما قيل فيه، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في هذا: هذا الرجل اسمه حكيم، سمَّاه البَيهَقيُّ في روايته لهذا الحديث من الطريق التي أخرجها البُخاريُّ.
==========
[ج 2 ص 291]

(1/8314)


[{يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ... }]

(1/8315)


[حديث: لما نزلت: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}]
4652# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.
قوله: (فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ): (كَتب): بفتح الكاف والباء، مبنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا.
قوله: (زَادَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة المذكور في السند، وكذا (سفيان) المذكور قبله وبعده.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): (ابن شُبرمة): هو عبد الله بن شبرمة بن طُفيل، أبو شبرمة، الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، الفقيه العالم، عالم أهل الكوفة
[ج 2 ص 291]
عن أنس، وأبي الطفيل، والشعبيِّ، وأبي زُرعة البجليِّ، وإبراهيم النخعيِّ، وطائفةٍ، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وابن المبارك، وخلقٌ، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم.
قوله: (وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ): (أُرَى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وقد تَقَدَّم.

(1/8316)


[{الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا} ... ]

(1/8317)


[حديث: لما نزلت {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}]
4653# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ): هو بضمِّ السين، وفتح اللام، وهو يحيى بن عبد الله بن زياد المَروزيُّ، يعرف بخاقان، انفرد به البُخاريُّ، ثِقةٌ، وترجمته معروفة، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، و (الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ): بكسر الخاء المعجمة، وتشديد الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق، مصروف، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ): (فُرِض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ): (خُفِّف) في أصلنا: مبنيٌّ للمفعول، ولو بُنِيَ للفاعل؛ جاز، ولم يمتنع.
==========
[ج 2 ص 292]

(1/8318)


(((9))) (سُورَةُ بَرَاءَةَ)
فائدةٌ هي تنبيهٌ: قيل: إنَّما لم يُبسمَل في هذه السورة؛ لأنَّها و (الأنفال) سورة واحدة، ومعنى هذا في «التِّرْمِذيِّ» في (الصلاة)، وكذا في «أبي داود»، واللفظ للترمذيِّ عن ابن عبَّاس قال: قلت لعثمان بن عفَّان: ما حملكم على أن عمدتم إلى (براءة) وهي من المِئِين، وإلى (الأنفال) وهي من المثاني، فجعلتموهما [1] في السبع الطُّوَل، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرَّحمن الرحيم)؟ فقال عثمان: كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ممَّا تَنزل عليه الآياتُ، فيدعو بعض من كان يكتب له، ويقول: «ضع هذه الآية في السورة التي يُذكَر فيها كذا»، وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت (الأنفال) من أوَّل ما نزل عليه بالمدينة، وكانت (براءة) من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصَّتها شبيهةً بقصَّتها، فظُننت أنَّها منها، فمِن هناك وضعتها في السبع الطول، ولم أكتب بينهما سطر: (بسم الله الرَّحمن الرحيم)، والتِّرْمِذيُّ أيضًا في (التفسير)، والنَّسائيُّ في (فضائل القرآن)، انتهى.
ونقل شيخنا في (سورة اقرأ): أنَّ عبد الله بن الزُّبَير سأل عثمان عن ذلك، والله أعلم، وفي «الحاكم» عن ابن عبَّاس قال: سألت عليًّا عن ذلك، فقال: لأنَّ البسملة أمان، و (براءة) نزلت بالسيف، ليس فيها أمان، قال القشيريُّ: والصحيح أنَّ جبريل ما نزل بها فيها.
قوله: (وَقَالَ: إِذَا مَا قُمْتُ ... )؛ البيتَ: كذا في نسختنا الأصل هنا، وكتب عليه وعلى شيء آخر غيره: إنَّه زائد، ولفظ البُخاريِّ فيما يأتي، وقال الشاعر:
~…إذا ما قُمْتُ أرحلُها بليل… ........
والشاعر المشار إليه هو: المُثَقَّبُ العبديُّ، والمُثَقَّبُ؛ بضمِّ الميم، وفتح الثاء المثلَّثة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهذا لقبٌ له، واسمه: عائذ بن محصن، من عبد القيس، وإنَّما قيل له: المثقَّب؛ لقوله:
~…أَرَيْنَ مَحَاسِنًا وَكَنَنَّ أُخْرَى…وَثَقَّبْنَ الوَصَاوِصَ لِلعُيُونِ
وقد ذكر شيخنا في اسمه قولين آخرين مع الأوَّل، ثُمَّ قال: والأوَّل أثبت، انتهى.
قوله: (إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الراء.
قوله: (تَأَوَّهُ): هو بتشديد الواو المفتوحة، وضمِّ الهاء، محذوف إحدى التاءين.

(1/8319)


قوله: (آهَةَ): هو بفتح الهمزة الممدودة، والهاء مخفَّفة، ثُمَّ تاء، منصوب، ونصبه معروف، يقال: أوَّهَ الرجلُ تأويهًا، وتأوَّه تأوُّهًا؛ إذا قال: أوَّهْ، والاسم: الآهَةُ؛ بالمدِّ، وهذا البيت الذي أنشده الإمام البُخاريُّ يروى كما قيَّدته، ويُروى: (أَهَّةَ)؛ بفتح الهمزة، وتشديد الهاء مفتوحة، ونصب التاء، من قولهم: أَهَّ؛ بفتح الهمز، وتشديد الهاء مفتوحة؛ إذا توجَّع، قال العجَّاج:
…~…وإِنْ تَشَكَّيْتِ أَذَى القُرُوْحِ
…~…بأهَّةٍ كَأَهَّةِ المَجْرُوْحِ
قوله: (وَالْخُبَالُ [2]: الْمَوْتُ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، قال ابن قُرقُول: كذا للجميع، والصواب: المُوْتةُ؛ يعني: الجنون، انتهى.
قوله: ({كَرْهًا} و {كُرْهًا} [التوبة: 53]: وَاحِدٌ): يعني: بفتح الكاف وضمِّها؛ لغتان، وهذا رأي الكسائيِّ، والفرَّاءُ يقول: الكُره؛ بالضمِّ: المشقَّة، يقال: قمت على كُره؛ أي: على مشقَّة، ويقال: أقامني فلان على كَره؛ بالفتح؛ إذا أكرهك عليه، وسأذكره في (الإكراه) بزيادة إن شاء الله تعالى وقدَّره، وقد قرأ: {كُرْهًا} التي في (النساء [الآية: 16]) وهنا حمزة والكسائيُّ بالضمِّ، والباقون بالفتح، وأمَّا التي في (الأحقاف)؛ فقرأ الكوفيُّون وابن ذكوان بالضمِّ فيهما، والباقون بفتح الموضعين.
قوله: ({أَهْوَى} [النجم: 53]: أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ): (الهُوَّة): بضمِّ الهاء وتشديد الواو، ثُمَّ تاء، وهي الوهدة العميقة، وكذا (الأُهْويَّة) على (أُفعولة) مثلُها.
قوله: (وَمِنْهُ: مَعْدِنٌ): هو بكسر الدال؛ وكذا قوله: (فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ)، وهذا معروف.
قوله: (إِلَّا [3] فَارِسٌ وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ): أهمل جموعًا أخرى ذكرها شيخنا في «شرحه».
قوله: (الشَّفَا: شَفِيرٌ؛ وَهْوَ حَدُّهُ): (حَدُّه): بفتح الحاء وتشديد الدال المهملتين، ثُمَّ هاء الضمير.
قوله: (وَفَرَقًا): هو بفتح الراء، و (الفرَق): الفزع، وهذا معروف.
قوله: (وَقَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مَا قُمْتُ ... )؛ البيت، تَقَدَّم الكلام قُبَيل هذا على الشاعر، وعلى هذا البيت؛ فانظره.

(1/8320)


[{براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}]
قوله: ({أُذُنٌ} [التوبة: 61]: يُصَدِّقُ): هو بضمِّ الياء، وفتح الصاد، وكسر الدال المشدَّدة، المهملتين، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 292]

(1/8321)


[حديث: آخر آية نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}]
4654# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السبيعيُّ.
قوله: (آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ): تَقَدَّم الاختلاف في آخر ما أُنزِل من الآيات في أوَّل هذا التعليق.
قوله: ({يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ} [النساء: 176]): تَقَدَّم الكلام على (الكلالة) في (النساء) وقبلها.
قوله: (وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ): تَقَدَّم الخلاف في آخر سورة نزلت، وقد ذكرت هناك أنِّي أذكر تعقُّبًا في ذلك، وها هو، قال الداوديُّ: لم يختلفوا أنَّ أوَّل (براءة) نزلت سنة تسع لمَّا حجَّ الصِّدِّيق بالناس، وأُنزِلت: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] عام حجَّة الوداع، فكيف تكون (براءة) آخرَ سورة أنزلت؟! ولعلَّ البراء أراد: بعض (براءة)، انتهى، نقله شيخنا.
==========
[ج 2 ص 292]

(1/8322)


[{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ... }]

(1/8323)


[حديث: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين]
4655# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح الفاء، وتَقَدَّم أنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد الإمام، وأنَّ (عُقَيْلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ) هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) _عن أبي هريرة_: تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ، لا حميد بن عبد الرَّحمن الحميريُّ؛ لأنَّ الحميريَّ ليس له في «البُخاريِّ» شيء عن أبي هريرة، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ [1] قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا الحديث وضعه أبو مسعود وابن عساكر في (مسند أبي بكر)، وأنَّ خلفًا وضعه في (مسند أبي هريرة)، وأنَّ المِزِّيَّ ذكره فيهما.
قوله: (فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ): تَقَدَّم أنَّ هذه الحجَّة كانت سنة تسع، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فِي مُؤَذِّنِينَ): هو بكسر النون، جمع (مُؤذِّن).
قوله: (قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ أعلاه وقبله أيضًا مطوَّلًا.
قوله: (قَالَ حُمَيْدٌ) _هو (ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ_: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق في الحكمة في إردافِ عليٍّ الصِّدِّيقَ بـ (براءة)، وذكرت فيه أقوالًا.
تنبيهٌ: قال أبو زرعة: حديث حُميد بن عبد الرَّحمن عن أبي بكر وعليٍّ مرسلٌ، قال العلائيُّ في «المراسيل»: قد سمع من أبيه وعثمان رضي الله عنهما، فكيف يكون حديثه عن عليٍّ مرسلًا وهو معه بالمدينة؟! نعم؛ روى عن عمر رضي الله عنه، وكأنَّه مرسلٌ، انتهى، ولم تقع هنا روايته عن أبي بكر، ولكنْ أبو زرعة ذكر ذلك، فلم أحذف كلامه في روايته عن أبي بكر، والله أعلم.
[ج 2 ص 292]

(1/8324)


[{وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ... }]

(1/8325)


[حديث: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في المؤذنين]
4656# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم في ظاهرها أنَّه الزُّهريُّ، لا الحِمْيَريُّ.
قوله: (فِي الْمُؤَذِّنِينَ): تَقَدَّم بظاهرها أنَّه بكسر النون، وأنَّه جمع.
==========
[ج 2 ص 293]

(1/8326)


[{إلا الذين عاهدتم من المشركين}]

(1/8327)


[حديث: ألا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان]
4657# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (ذكر بني إسرائيل)؛ فانظره.
قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو ابن كيسان، تَقَدَّم مرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الزُّهريُّ.
قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّم أنَّ (الرهط) ما دون العشرة من الرجال؛ كالنَّفرِ.
قوله: (يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ): وكذا في «مسلم»، وقوله: (يوم النحر: يوم الحجِّ الأكبر)، وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء: قال النوويُّ في «مناسكه»: إنَّ الصواب أنَّه يوم النحر، انتهى، والثاني: عرفة، والثالث: يأتي، والفاصل للنزاع: أنَّ عليَّ بن أبي طالب سأل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن يوم الحجِّ الأكبر، فقال: «يومُ النحر»، ذكره التِّرْمِذيُّ، وعند أبي داود بإسناد صحيح: أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحَجَّة التي حجَّ فيها، فقال: «أيُّ يوم هذا؟» قالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحجِّ الأكبر»، وقد قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة: 3]، وإنَّما أذَّن المؤذِّن بهذه البراءة يوم النحر، وثبت في «الصحيح» عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: «يوم الحجِّ الأكبر يوم النحر»، وفي هذ «الصحيح» في (الحجِّ) حديث ابن عُمر رضي الله عنهما: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قال يوم النحر في الحَجَّة التي حجَّ: «هذا يوم الحجِّ الأكبر»، وفي الباب غير ما ذكرت.

(1/8328)


وقد رأيت المحبَّ الطبريَّ ذكر في «أحكامه» في (الحجِّ): (فضل يوم النحر) _هذه ترجمته_ فقال: واختلف في يوم الحجِّ الأكبر على أقوال؛ فذكر القولين المذكورين، والقائلَ بكلٍّ منهما، ثُمَّ قال: والقول الثالث: أنَّه أيَّام الحجِّ كلُّها، عبَّر عن الأيَّام باليوم؛ كما قيل: يوم الجمل، ويوم صفِّين، قال: وهو قول الثوريِّ، وعن مجاهد كالأقوال الثلاثة، وفي تسميته «الأكبر» أربعة أقوال؛ أحدها: الحجُّ الأكبر: هو الحجُّ، والأصغر: العمرة، وهو قول عطاء والشعبيِّ، والثاني وهو قول مجاهد: الأكبر: القِران، والأصغر: الإفراد، وفي يوم النحر يجوز فعل بقيَّة الأركان، فيتمُّ فيه الحجُّ؛ فلذلك قيل: (يوم الحجِّ الأكبر)، الثالث: سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه حصل في تلك الحَجَّة حجُّ المسلمين والمشركين، ووافق ذلك يوم عيد اليهود والنصارى، قاله الحسن، الرابع: سُمِّيَ به؛ لأنَّ أكبر أفعال الحجِّ تُفعَل فيه، وتَحلُّ فيه المحرَّمات، قاله عبد الله بن أبي أوفى، انتهى، وقال نحوه في مثله.
وقال السُّهيليُّ عقيب غزوة تبوك في إنزال سورة (براءة) ما لفظه: وقوله: (يوم الحجِّ الأكبر): قيل: أراد: حين الحجِّ؛ أي: أيَّام الموسم كلَّها؛ لأنَّ نداء عليٍّ رضي الله عنه بـ (براءة) كان في تلك الأيام، انتهى.
==========
[ج 2 ص 293]

(1/8329)


[{فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم}]

(1/8330)


[حديث: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة]
4658# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ) هذا: هو إسماعيل بن أبي خالد.
قوله: (إِلَّا ثَلاَثَةٌ): هؤلاء الثلاثة لا أعرفهم.
قوله: (وَلاَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ): هؤلاء الأربعة لا أعرفهم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: الأربعة من المنافقين الذين أشار إليهم حذيفة يمكن معرفة تعيينهم من الاثني عشر أصحاب العقبة بتبوك، فينظر من تأخَّر منهم، ويطبَّق على ذلك، انتهى.
قوله: (الَّذِينَ يبقّرُونَ بُيُوتَنَا): هو بضمِّ أوَّله، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مكسورة، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: (يَبْقُرون)؛ بفتح أوَّله، وإسكان الموحَّدة ثانية، وضمِّ القاف، قال ابن قُرقُول: يبقرون بيوتنا؛ أي: ينقبونها فيسرقوننا، وفي «النِّهاية» نحوه، ولفظه: يبقُرون بيوتنا؛ أي: يفتحونها ويوسِّعونها، وقال شيخنا: (يبقرون)؛ بالباء، ثُمَّ قاف؛ أي: يفتحون، ورواه قوم بالنون بدل الباء، حكاه ابن الجوزيِّ، والأوَّل أصحُّ.
قوله: (أَعْلَاَقَنَا): هو بالعين المهملة، قال ابن قُرقُول: أي: ما يعلق من الدوابِّ والأحمال من أسباب المسافرين، وهو أظهر في هذا الحديث، أو يكون جمعَ (عِلْق)؛ يعني: بكسر العين؛ وهو خِيار المال، وبه فسَّره بعضهم، انتهى، وفي «النِّهاية» في (العين المهملة والقاف): (أعلاقنا)؛ أي: نفائس أموالنا، الواحد: (عِلْق)؛ بالكسر، قيل: سُمِّي به؛ لتعلُّق القلب به، انتهى، وقال شيخنا: وبخطِّ الدِّمْياطيِّ بالغين المعجمة ضبطًا؛ يعني: (أغلاقنا)، قال شيخنا: وقد حكاه ابن التين، ثُمَّ قال: ولا أعلم له وجهًا.
قوله: (أَجَلْ): هو بفتح الهمزة والجيم، وإسكان اللام، تَقَدَّم أنَّ معناه: نعم.
قوله: (إِلاَّ أَرْبَعَةٌ): هؤلاء الأربعة لا أعرفهم.
قوله: (لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ): يعني: عاقبَهُ الله ببلاءٍ لا يجد معه ذوق الماء ولا طعم برودته.
==========
[ج 2 ص 293]

(1/8331)


[{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ... }]

(1/8332)


[حديث: يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعًا أقرع]
4659# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): هذا هو أبو اليمان، تَقَدَّم مِرارًا، و (شُعَيْبٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.
قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): تَقَدَّم الكلام على (شجاع)، وعلى (الأقرع)، في (الزكاة).
==========
[ج 2 ص 293]

(1/8333)


[حديث: مررت على أبي ذر بالربذة فقلت: ما أنزلك بهذه الأرض؟]
4660# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (حُصَيْنٌ): بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، هو ابن عبد الرَّحمن السُّلَميُّ، ابن عمِّ منصور، ومنصور: هو ابن المعتمر، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جُنْدب بن جُنادَة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم مترجَمًا.
قوله: (بِالرَّبَذَةِ): هي بفتح الراء والموحَّدة والذال المعجمة، ثُمَّ تاء التأنيث، على ثلاث مراحل من المدينة، قريب من ذات عرق، تَقَدَّمتْ.
[ج 2 ص 293]
قوله: (مَا هَذِهِ الآيَةُ [1] [إلَّا] فِي أَهْلِ الكِتَابِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليها في (الزكاة) مطوَّلًا.
==========
[1] (الآية): ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8334)


[{يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم ... }]

(1/8335)


[معلق ابن شبيب: هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما ... ]
4661# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ): (أحمد) هذا: هو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (يُونُسُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ) الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (خَالِدُ بْنُ أَسْلَمَ): عدويٌّ مدنيٌّ، عن عبد الله بن عُمر، وعنه: أخوه زيد بن أسلم، والزُّهريُّ، وغيرُهما، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له ابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، هذا على قول المِزِّيِّ والذهبيِّ: على أنَّ (قال فلان) وإن كان شيخَه يكون تعليقًا، وأخرج له أبو داود في كتاب «الناسخ والمنسوخ»، وهو جزآن.

(1/8336)


[{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا ...... }]

(1/8337)


[حديث: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض]
4662# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، و (مُحَمَّدٌ): هو ابن سيرين، و (ابْنُ أَبِي بَكْرَة): عبد الرَّحمن، كما تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه نفيع بن الحارث الثقفيُّ، وعَبْدُ الرَّحْمَن: أوَّل من ولد بالبصرة، عن أبيه، وعليٍّ، والأسود بن سريع، والأشجِّ العصريِّ، وغيرِهم، وعنه: ابن سيرين، وقتادة، وعبد الملك بن عمير، وخلقٌ، ذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، أخرج له الجماعة.
قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ): في كلٍّ منهما لغتان: الفتح والكسر في أوَّلهما، لكنَّ الأفصح في (القَعدة) الفتح، وفي (الحِجَّة) الكسر، (وَرَجَبُ مُضَرَ): تَقَدَّم الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 294]

(1/8338)


[{ثاني اثنين إذ هما في الغار}]
قوله: (السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة)، وعلى لغة فيها غريبة قُرِئ بها شاذًّا.

(1/8339)


[حديث: ما ظنك باثنين الله ثالثهما]
4663# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ): هذا هو المسنديُّ، هكذا هو في «الكلاباذيِّ» و «ابن طاهر»، والله أعلم، و (حَبَّان بن هلال): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة.
قوله: (فِي الْغَارِ): هذا الغار هو بثور؛ جبل بقرب مَكَّة.
==========
[ج 2 ص 294]

(1/8340)


[حديث ابن عباس أنه قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير ... ]
4664# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، ومستندي ما قدَّمتُه في (الجمعة)، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: (حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ): قال بعضهم: كان ذلك بينهما في بعض قراءات القرآن، انتهى، وسيأتي قريبًا ما قاله بعض حفَّاظ هذا العصر من المتأخِّرين، وهو ظاهرٌ؛ وذلك لأنَّ في الحديث الأوَّل: ابن أبي مليكة عن ابن عبَّاس، وفي الطريق الثاني: ابن أبي مليكة عن ابن عبَّاس، وفيه: قال ابن عبَّاس: (قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ ... )؛ الحديث [خ¦4665].
قوله: (وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ): يعني: بنت أبي بكر، تَقَدَّم بعض ترجمتها.
قوله: (وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ): يعني: عمَّةَ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهي أمُّ والدةِ الزُّبَير بن العوَّام، (وصفيَّة): صحابيَّة مشهورة.
قوله: (فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل لذلك: هو عبد الله بن محمَّد الراوي عنه هنا.
قوله: (إِسْنَادهُ): يجوز فيه النصب والرفع، وإعرابهما ظاهر.
قوله: (فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ): هذا الإنسان لا أعرفه.
قوله: (وَلَمْ يَقُلِ: ابْن جُرَيْجٍ): (ابن): يجوز فيه الرفع والنصب.
==========
[ج 2 ص 294]

(1/8341)


[حديث: إن الله كتب ابن الزبير وبني أمية محلين ... ]
4665# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وقد تَقَدَّم لم قيل له: المسنديُّ، و (حَجَّاجٌ): قال الدِّمْياطيُّ: حجَّاج بن محمَّد، أبو محمَّد الأعور التِّرْمِذيُّ، مات ببغداد سنة خمس _أو ستٍّ_ ومئتين، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ)، وقبله مرارًا.
قوله: (وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ): الضمير يرجع إلى ابن عبَّاس وعبد الله بن الزُّبَير، تَقَدَّم أعلاه أنَّ بعضهم قال: إنَّه كان بينهما في بعض قراءات القرآن، وقال بعض حفَّاظ العصر: الاختلاف بينهما في أمر البيعة بالخلافة لابن الزُّبَير، فأبى ابن عبَّاس حتَّى يجتمع الناس عليه، فأمره ابن الزُّبَير بالخروج من مَكَّة، فآل الأمر إلى أن خرج إلى الطائف، فأقام بها حتَّى مات، وساق مسلم طرفًا من ذلك، انتهى، وقوله: (في أمر البيعة): هذا هو ظاهر هذا الحديث، والله أعلم، والأوَّل مختَصَرٌ منه، وهذا مطوَّلٌ.
قوله: (فَتُحِلَّ حَرَمَ اللهِ): (تحلَّ): منصوبٌ، جواب الاستفهام، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم ما معنى (الحواري)، وتَقَدَّم [أنَّ] الحواريِّين من الصَّحابة [2] اثنا عشر، ذكرتهم قبلُ غيرَ مرَّةٍ.
قوله: (فَذَاتُ النِّطَاقِ): تَقَدَّم الكلام على (النِّطاق) ما هو مطوَّلًا.
قوله: (وَاللهِ إِنْ وَصَلُونِي؛ وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ): كذا في جميع النسخ، وسقط من ذلك: «وتركت بني عمِّي إن وصلوني ... »؛ الحديث، يريد: بني أُمَيَّة؛ لكونهم من بني عبد مناف، وقد جاء ذلك مبيَّنًا في رواية ابن أبي خيثمة في «تاريخه»، وبهذه الزيادة يستقيم الكلام، ويبيِّنه الحديث الآخر بعده، انتهى، قاله بعضهم.
قوله: (وَإِنْ رَبُّونِي رَبَّنِي): وفي رواية الثانية: (ربُّوني) أيضًا، وعليها (صح)، (رَبُّوني): بفتح الراء، وتشديد الموحَّدة المضمومة؛ أي: ملكوني، ودبَّروا أمري، وصاروا لي أربابًا؛ أي: سادة وملوكًا، قال الدِّمْياطيُّ: يريد بذلك: بني أُمَيَّة؛ ومعنى (ربُّوني): تعاهدوا إحسانَهم عندي ووصلوه، انتهى، وقال ابن الأثير: أي: يكونون عليَّ أمراء وسادة متَقَدِّمين؛ يعني: بني أُمَيَّة، فإنَّهم في النسب إلى ابن عبَّاس أقرب من ابن الزُّبَير، يقال: ربَّه يَربُّه؛ أي: كان له رَبًّا، انتهى.

(1/8342)


قوله: (فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ): يريد أبطنًا من بني أسد: بني تُوَيت، وبني أسامة، وبني حميد [3]، (آثر)؛ بمدِّ الهمزة، و (التُّوَيْتات): بضمِّ المثنَّاة فوق، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ تاء مثنَّاة فوق، (بنو تويت): هو ابن حبيب بن أسد، و (الأسامات): هو ابن عبد الله بن حميد بن زهير، و (الحُمَيدات)؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الميم: بنو حُمَيد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، و (بنو أسَد): بفتح السين، وقد تَقَدَّم من هم، وهم قرابته.
قوله: (إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَاصِي): يريد: عبد الملك بن مروان، كما سيأتي في هذا الحديث نفسِه، وهو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، ترجمته معروفة مشهورة، قال الذهبيُّ: أنَّى له العدالة وقد سفك الدماء وفعل الأفاعيل؟! انتهى، وقد ذكره ابن حبَّان في «الثِّقات» فقال: وهو بغير الثقات أشبه، انتهى، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّمتْ ترجمة أبيه مروان، وأنَّه ليس بصحابيٍّ.
قوله: (يَمْشِي الْقُدَمِيَّةَ): هي بضمِّ القاف، وفتح الدال المهملة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْياطيُّ: قال أبو عُبيد: هذا مثلٌ ضربه؛ يريد به: أنَّه ركب معاليَ الأمور وعمل بها، انتهى، وقال ابن قُرقُول: كذا الرواية في «الصحيح»، ورواه بعض الناس: (اليَقَدميَّة): بفتح الدال وضمِّها، والضمَّ صحَّح لنا شيخُنا أبو الحسن؛ يعني: أنَّه تَقَدَّم في الشرف والفضل على أصحابه؛ وأصله: التبختُر، قال أبو عُبيد: إنَّما هو مثلٌ ضربه؛ يريد: أنَّه ركب معالي الأمور وعمل بها، انتهى، وفي «النِّهاية»: (مشى القُدَميَّة)، وفي رواية: (اليَقَدمية)، الذي جاء في رواية البُخاريِّ:
[ج 2 ص 294]
(القُدَميَّة)؛ ومعناها: أنَّه تَقَدَّم في الشرف والفضل على أصحابه، وقيل: معناه: التبختر، ولم يُرِد المشي بعينه، والذي جاء في كتب الغريب: (اليَقَدميَّة)؛ بالياء والتاء، وهما زائدتان؛ ومعناهما: التَقَدُّم، ورواه الأزهريُّ بالياء المعجمة من تحت، والجوهريُّ بالمعجمة من فوق، وقيل: إنَّ (اليقدُّمية) _بالياء من تحت_ هو التَقَدُّم بهمَّته وأفعاله، انتهى.

(1/8343)


قوله: (لَوَّى ذَنَبَهُ): يعني: ابن الزُّبَير، قال الدِّمْياطيُّ: قال أبو عبيد: يريد: لم يبرز لاكتساب المجد وطلب الحمد، ولكنَّه تنحَّى، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (لوَّى ذنبه)؛ بشدِّ الواو: كناية عن الجُبن والميل إلى الدَّعَة؛ كالكلب، وقال أبو عُبيد ... ؛ فذكر عنه ما ذكره عنه الدِّمْياطيُّ أعلاه، غير أنَّه زاد قبل (تنحَّى): راغ وتنحَّى، قال ابن قُرقُول: وكذلك (لوَّى ثوبه في عنقه)، ويقال بالتخفيف، وقد قُرِئ: {لَوَوْا رُؤُوسَهُمْ} [المنافقون: 5]، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[2] استدك هنا في (أ): (أنَّهم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ): (أسد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8344)


[حديث: ألا تعجبون لابن الزبير قام في أمره هذا]
4666# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا غيرَ مرَّةٍ أنَّه عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: (وَلَهُمَا): هو بفتح اللام؛ لام التأكيد، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: صفيَّة رضي الله عنها، وهي [1] والدة الزُّبَير.
قوله: (وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ): يعني: أمَّه أسماء بنت أبي بكر.
تنبيهٌ: أولاد بنات النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يُنسَبون إليه، وأولاد بنات غيره لا يُنسَبون إليه في الكفاءة وغيرها؛ لحديث: «كلُّ سببٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة، إلَّا سببي ونسبي»، رواه الحاكم من حديث جعفر بن محمَّد عن عمر، وقال: صحيح الإسناد، ومن حديث المِسْوَر بن مخرمة بزيادة: «وصهرتي»، ثُمَّ قال: صحيح، وأخرجه الطبرانيُّ في أكثر معاجمه من حديث ابن عبَّاس بإسناد لا أعلم به بأسًا، وقد وقع لنا من حديث عمر بطريق آخر غيرُ ما سلف، وهذه الخَصِيصة قالها صاحبُ «التلخيص»، وتبعه الرافعيُّ، وأنكرها القفَّال وقال: لا اختصاص في انتساب أولاد البنات إليه، واختلف في معنى الحديث السالف، فقيل: معناه: أنَّ أمته ينسبون إليه يوم القيامة، وأمم سائر الأنبياء لا ينسبون إليهم، وقيل: لا يُنتَفع يومئذ بسائر الأنساب، ويُنتَفع بالنسبة إليه، وذكر القضاعيُّ هذه الخَصِيصة فيما خُصَّ به دون غيره من الأنبياء، وقد رأيت ما في هذا «الصحيح» من قول ابن عبَّاس، وأنَّه أطلق على ابن الزُّبَير أنَّه ابن أبي بكر، وهو ابن ابنته أسماء، فالظاهر: أنَّ عنده لا اختصاص، والله أعلم، وسيجيء مكان آخر في (سورة الحجرات)، وقد أطلقه عليه ابن أبي مليكة عبد الله الذي تَقَدَّم قريبًا، والله أعلم.
قوله: (وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ): (أخو خديجة) المشار إليه: هو العوَّام؛ لأنَّه ابن خويلد، وخديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، فالعوَّام وخديجة أمُّ المؤمنين أخوان، والله أعلم.
قوله: (وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ): يعني: أنَّه ابن أسماء بنت أبي بكر أختِ عائشة بنت أبي بكر، رضي الله عنهم.

(1/8345)


قوله: (فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي): أي: يتكبرَ ويرتفع، و (عنِّي) هنا بمعنى: (عليَّ)، وقد جاءت (عن) بمعنى (على) كثيرًا؛ كما جاء في حديث السقيفة: (وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ) [خ¦6830]، ومثله: قول أبي سفيان بن حرب: (لَكَذَبْتُ عَنْهُ) [خ¦7]؛ أي: عليه، وجاء العكس أيضًا، والله أعلم.
قوله: (أَعْرِضُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَمَا أُرَاهُ): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وهذا ظاهرٌ أيضًا.
قوله: (لَأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/8346)


[{والمؤلفة قلوبهم}]

(1/8347)


[حديث: يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين]
4667# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْنُ أَبِي نُعْمٍ): هو عبد الرَّحمن بن أبي نُعْم، أبو الحكم، البجليُّ الكوفيُّ، الزاهد، عن المغيرة، وأبي هريرة، وسفينة، وعنه: الحكم، ومغيرة، وفُضَيل بن غزوان، وكان يحرم من السنة إلى السنة، ويقول: لبيك، لو كان رياءً؛ لاضمحلَّ، مشهور من الأولياء الثقات، وقال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف، كذا نقل ابن القطَّان، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: وهذا لم يتابع عليه أحمد؛ يعني: ابن أبي خيثمة، تُوُفِّيَ إلى حدود سنة مئة، أخرج له الجماعة، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك الخدريُّ، تَقَدَّم.
قوله: (بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بُعِث): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ: أَتَأَلَّفُهُمْ): تَقَدَّم الأربعة المشار إليهم، تَقَدَّم أنَّهم عُيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع وقع فيه شكٌّ للراوي؛ هل هو علقمة أو عامر بن الطفيل؟ وتَقَدَّم أنَّ الصوابَ: أنَّه علقمة، وأنَّ عامرًا هلك على كفره بالطاعون، وقد تَقَدَّم الكلام عليهم في (بعث عليٍّ وخالد إلى اليمن)، وذكرت بعض تراجم هؤلاء الأربعة.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل في الباب المشار إليه أعلاه، وقد قال ابن شيخنا البلقينيِّ في هذا: والقائل يظهر أن يكون ذا الخويصرة التميميَّ، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ العصر، لكن جزم به، وهو كذلك، والله أعلم.
قوله: (مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/8348)


[{الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين}]

(1/8349)


[حديث: لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل]
4668# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، و (سُلَيْمَانُ) الذي بعده (شعبة): الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّموا كلُّهم، وكذا (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، وتَقَدَّم أنَّه ليس من أهل بدر على الصحيح.
قوله: (لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ): (أُمِرنا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (نَتَحَامَلُ): كذا في أصلنا وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، كذا وقع، والوجه: يُحامِلُ، وقد تَقَدَّم معناه.
قوله: (فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ): هو بفتح العين، وكسر القاف، تَقَدَّم الكلام عليه في (الزكاة).
قوله: (وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ): هذا الإنسان تَقَدَّم في (الزكاة) في قوله: (وَجَاءَ [1] رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ) [خ¦1415]، ويحتمل أن يكون واحدًا ممَّن ذكر أنَّه تصدَّق بالصاع،
[ج 2 ص 295]
وقد ذكرتهم في (الزكاة)، وفيه نظرٌ، وذكرت ما وقفت عليه من صدقات عبد الرَّحمن بن عوف هناك، والظاهر: أنَّه المراد، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (فجاء).

(1/8350)


[حديث: كان رسول الله يأمر بالصدقة فيحتال أحدنا ... ]
4669# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، و (أَبُو أُسَامَةَ): حمَّاد بن أسامة، و (زَائِدَةُ): هو ابن قدامة، تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو، تَقَدَّموا.
قوله: (حَتَّى يَجِيءَ بالمُدِّ): تَقَدَّم أنَّ (المُدَّ) رطل وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّم الخلاف في رطل بغداد.
==========
[ج 2 ص 296]

(1/8351)


[{استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... }]

(1/8352)


[حديث: إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم}]
4670# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبيٍّ ابن سلول، وتَقَدَّم متى هلك، وتَقَدَّم الكلام على عبد الله ابنه، وأنَّه رجل صالحٌ، صَحابيٌّ، وأنَّه استشهد باليمامة سنة (12 هـ)، وتَقَدَّم الكلام على: (فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ) في (الجنائز)، وهل هما قميصان، أو واحد؟ مطوَّلًا؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 296]

(1/8353)


[حديث: إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على ... ]
4671# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ): (غيرُه): قال المِزِّيّ في «أطرافه» ممَّا زاده: قيل: إنَّ قول البُخاريِّ: (وقال غيره): كناية عن عبد الله بن صالح كاتبِ الليث، انتهى، قال الذهبيُّ: وعنه أخرج البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصحيح» أيضًا، كما يذكره في اسم الذي بعده، وقد ذكر في الذي بعده _وهو عبد الله بن صالح العجليُّ_ أقوالًا في رواية البُخاريِّ في (تفسير الفتح) عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، فذكر فيه أقوالًا، ثُمَّ قال عن المِزِّيِّ: وأولى الأقوال بالصواب: قول من قال: إنَّه كاتب الليث، ثُمَّ شرع يعلِّل ذلك، انتهى، فصحَّح أنَّ البُخاريَّ روى عن كاتب الليث، قال الذهبيُّ: وروى عنه في (كتاب القراءة خلف الإمام) وغيرِه، انتهى.
وسأذكر في (سورة الفتح) ما يتعلَّق به إن شاء الله تعالى، وقد قدَّمتُه أيضًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تَقَدَّم مِرارًا، ومرَّةً مترجمًا.
قوله: (دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (دُعِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وابن عبد الله بن أُبيٍّ هو الداعي، وهو عبد الله، كما تَقَدَّم قريبًا.

(1/8354)


[{ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره}]

(1/8355)


[حديث: إنما خيرني الله أو أخبرني فقال: {استغفر لهم أو لا}]
4672# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ): (عبيد الله) هذا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.
قوله: (جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مترجمًا رضي الله عنه، وأنَّه صَحابيٌّ جليل استشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة.
==========
[ج 2 ص 296]

(1/8356)


[{سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم ... }]

(1/8357)


[حديث: والله ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقي]
4673# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بكير، وأنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن كعب بن مالك، وأبوه: عبد الله بن كعب بن مالك.
قوله: (عَنْ تَبُوكَ): تَقَدَّم متى كانت تبوك، ولا خلاف أنَّها في التاسعة.
قوله: (مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ): (رسولَ): منصوبٌ، مفعول المصدر؛ وهو (صِدقي).
قوله: (أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ): قال الدِّمْياطيُّ: قال عياض: كذا في نسخ «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»: (أَن لا أكون كذبته)، والمعنى: أن أكون كذبته، و (لا): زائدة، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا في (غزوة تبوك).
==========
[ج 2 ص 296]

(1/8358)


[{وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا ... }]

(1/8359)


[حديث: أتاني الليلة آتيان فابتعثاني فانتهينا إلى مدينة]
4674# قوله: (حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ): وفي نسخة منسوبًا: (هُوَ ابْنُ هِشَامٍ)، وهو هو، لا شكَّ فيه، و (مُؤَمَّل): اسم مفعول من (أمَّله)؛ بتشديد الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، إلَّا أنَّه سألني عنه بعض فضلاء الشافعيَّة من بلدنا: هل هو اسم فاعل، أو اسم مفعول؟ فلهذا ضبطته، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عُلَيَّة، و (عَوْفٌ): هو الأعرابيُّ، و (أَبُو رَجَاءٍ): هو العطارديُّ، عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان، تَقَدَّم، قال الدِّمْياطيُّ: أبو رجاء: عمران بن ملحان العطارديُّ البصريُّ، أسلم بعد فتح مَكَّة، ولم يرَ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يهاجر إليه، عمره مئة وثلاثون سَنةً، انتهى.
قوله: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ): هما جبريل وميكائيل، كما في بعض طرقه في (الجنائز): «وأنا جبريلُ وهذا ميكائيلُ».
قوله: (فَابْتَعَثَانِي): أي: أيقظاني من نومي، يقال: بعثته من نومه، فانبعث، كذا نحفظه، وفي أصلنا القاهريِّ: (فانبعثاني)، وهذا غير معروف في اللغة، وذلك لأنَّه لازمٌ، والمعروف ما ذكرته في الأوَّل، وكما هو المعروف هو في النسخ، والله أعلم.
قوله: (كَأَحْسَنِ) و (كَأَقْبَحِ): هما مجروران؛ للإضافة، وكذا قوله: (فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ).
==========
[ج 2 ص 296]

(1/8360)


[{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}]

(1/8361)


[حديث: أي عم قل: لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله]
4675# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتَقَدَّمتُ ترجمة (المُسَيّب)، وأنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيد، وأنَّ فيه ردًّا على الحاكم وغيره، وحزن: والد المُسَيّب صَحابيٌّ، وأنَّه مخزوميٌّ، له هجرة، وكان أحد الأشراف، وقال سعيد: كان جدِّي من الطُّلَقاء، وقد قتل يوم اليمامة، وكانت في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة.
قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّم الكلام على اسم أبي طالب، وعلى تاريخ وفاته، والاختلاف فيها، وعلى (أَبِي جَهْلٍ): عمرو بن هشام، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ)، وأنَّه ابن عاتكة عمَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه أسلم وصحب، واستشهد بالطائف.
==========
[ج 2 ص 296]

(1/8362)


[{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... }]

(1/8363)


[حديث: أمسك بعض مالك فهو خير لك]
4676# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المصريُّ، أبو جعفر، الحافظ المعروف بابن الطبريِّ، من كبار الحُفَّاظ، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم.
وقوله: (قَالَ أَحْمَدُ: وحَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ): قال الدِّمْياطيُّ: ابن خالد بن يزيد، ابن أخي يونس بن يزيد، قال أبو حاتم: كان على خَراج مِصر، وكان يعلِّق النساء بالثدي، مات سنة ثمان وتسعين ومئة، ومات عمُّه يونس بن يزيد بصعيد مصر سنة اثنتين وخمسين ومئة، وأخوه أبو عليِّ بن يزيد، روى عنه الزُّهريُّ، وهم موالي معاوية بن أبي سفيان، انتهى، لعنبسةَ ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ قرنه؛ كهذا المكان، والله أعلم، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (مِنْ بَنِيهِ): تَقَدَّم أنَّه جمع (ابن)، وتَقَدَّم ما رواه به بعضهم، وذكرت العميان من الصَّحابة في أوَّل هذا التعليق.
[ج 2 ص 296]
قوله: (أَمْسِكْ): تَقَدَّم أنّه بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/8364)


[{وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ... }]

(1/8365)


[حديث: إذًا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة]
4677# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ وقد ذكر هذا المكان: لم يقع في نسخة ابن السكن ذكر (محمَّد) قبل (أحمد بن أبي شعيب)، وثبت لغيره من الرواة، واضطرب قول أبي عبد الله الحاكم في نسبة (محمَّد) هذا، فمرَّةً قال: هو محمَّد بن النضر بن عبد الله، ومرَّةً قال: هو محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، والذي عندي: أنَّه محمَّد بن يحيى الذهليُّ، فقد رُوِّينا هذا الحديث عن الذهليِّ عن أحمد بن أبي شعيب الحرانيِّ في كتاب «علل حديث الزُّهريِّ»، وساق سنده بذلك، والله أعلم، والمِزِّيُّ ذكره من طريق محمَّد، ولم ينسبه، وشيخنا لم يتعرَّض له.
قوله: (غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ): تَقَدَّم أنَّها بالسين المهملة، وتَقَدَّم في أوَّل (غزوة تبوك) لِمَ قيل لها: العسرة.
قوله: (عَنْ كَلاَمِي وَكَلاَمِ صَاحِبَيَّ): تَقَدَّم أنَّ (صاحبيه) مراراة بن الربيع العَمريُّ، وهلال بن أُمَيَّة الواقفيُّ.
قوله: (عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ أمَّ [2] سلمة اسمُها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وأنَّها آخرهنَّ وفاةً، وبعض ترجمتها، وتاريخ وفاتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين، رضي الله عنهما.
قوله: (مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي): هو بفتح الميم، وإسكان العين، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: أي: ذات اعتناء، كذا للأصيليِّ، ولغيره: (مُعِينة)؛ بضمِّ الميم، من العون، والأوَّل أليق بالحديث، انتهى.
قوله: (فَأُبَشِّرَهُ): هو بالنصب، جواب الاستفهام، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (يَحْطِمَنَّكُمُ [3] النَّاسُ): قال ابن قُرقُول: كذا للقابسيِّ وعبدوس، وللباقين: (يخطفكم الناس)، والأوَّل أشبه، ومعناه: يزدحمون عليكم، ويكثرون في منازلكم، ويدوسونكم، وأخَّر ذلك إلى النهار؛ ليكون ذلك في سعة فضاء المسجد.
قوله: (الَّذِي قُبِلَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8366)


[{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}]

(1/8367)


[حديث كعب بن مالك: فو الله ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث]
4678# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): بضمِّ العين، وفتح القاف، هو ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْنُ السَّبَّاقِ): هو بفتح السين المهملة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره قاف، واسمه: عبيد بن السَّبَّاق المدنيُّ، عن زيد بن ثابت، وسهل بن حنيف، وجويرية، وابن عبَّاس، وجماعةٍ، وعنه: ابنه سعيد، وابن شهاب، وآخرون، وثَّقه غير واحد، أخرج له الجماعة، و (زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه كاتب الوحي، وقدَّمتُ مَن كتب له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الوحيَ أو الرسائلَ في (كتاب الصلح).
==========
[ج 2 ص 297]

(1/8368)


[{لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... }]

(1/8369)


[حديث زيد: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ... ]
4679# قوله: (مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّها كانت في ربيع الأوَّل، سنة اثنتي عشرة، في خلافة الصِّدِّيق.
قوله: (اسْتَحَرَّ): أي: كثر واشتدَّ.
قوله: (لَأَرَى): (أَرى): بفتح الهمزة.
قوله: (وَالأَكْتَافِ): هو جمع (كتف)؛ وهو العظم العريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدوابِّ، كانوا يكتبون فيه، لعلَّه الكاغد عندهم.
قوله: (وَالْعُسُبِ): هو بضمِّ العين والسين المهملتين، وبالموحَّدة، جمع (عسيب)؛ وهو من السَّعف فوق الكَرَب ما لم ينبت عليه الخوص، وما ينبت عليه الخوص؛ فهو السَّعَفُ، وكانوا يكتبون فيه، لعلَّه الكاغد عندهم.
قوله: (مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): سيأتي الخلاف في الموجود معه آخر (سورة التوبة)، والصحيح: أنَّه أبو خزيمة، وأنَّ آية (الأحزاب) مع خزيمة، وسيأتي الاختلاف فيه في كلام البُخاريِّ عقيب هذا، ويأتي أيضًا كلام الدِّمْياطيِّ، وأنَّ آية (التوبة) مع أبي خزيمة، وآية (الأحزاب) مع خزيمة قريبًا.
قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْره): يجوز جرُّ (غير)، ويجوز النصب.
قوله: (تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه) يعود على شعيب، و (عثمان بن عمر): هو عثمان بن عمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جُرَيج، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، والرماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثقات، تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، و (الليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، تَقَدَّم مترجمًا، ومن جملة ترجمته أنَّ الشافعيَّ قال: الليث أفقه من مالك، غير أنَّ أصحابه أضاعوه.
ويعني: تابعاه على رواية ذلك عن ابن شهاب في قوله: (خزيمة الأنصاريِّ)، ومتابعة الليث عن يونس عن ابن شهاب أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن يحيى ابن بكير عن الليث به، ومتابعة عثمان بن عمر لم تكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدَّثنا محمَّد بن يحيى قال: حدَّثنا عثمان به، انتهى، وأبو بكر هذا: هو ابن أبي داود صاحبِ «السنن»، حافظ مشهور.

(1/8370)


قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): أمَّا (الليث)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وأمَّا (عبد الرَّحمن بن خالد)؛ فهو عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه الليث، ويحيى بن أيوب، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له البُخاريُّ في الأصول، ومسلمٌ في الشواهد، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن يونس: كان ثبتًا في الحديث، وتعليق الليث هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا.
قوله: (وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غَنْم بن مالك بن النَّجَّار، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان، وليس له عقب، وأخوه أبو محمَّد مسعود بن أوس الذي كان يزعم أنَّ الوتر واجب، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن الخَطَّاب، وليس له عقب، وأبو خزيمة: هو صاحب هذه الآية، وأمَّا خزيمة بن ثابت بن الفاكه؛ فصاحب قوله: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا} [الأحزاب: 21]
[ج 2 ص 297]
انتهى.
تنبيهٌ: آية (التوبة) وجدها زيد بن ثابت أيام الصِّدِّيق، وآية (الأحزاب) وجدها أيام عثمان، كما صرَّح به بعض الحُفَّاظ في «مسنده» وغيره، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، شيخ البُخاريِّ، (عَنْ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): هذا التعليق لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، لكن روى هذا التعليق _كما قال شيخنا_ البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمَّد بن عبيد الله أبي ثابت: حدَّثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب به، انتهى، ولكن قال: مع خزيمة أو أبي خزيمة، والله أعلم، وليس هذا مراد البُخاريِّ.
قوله: (وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ): يعني: عن ابن شهاب به، فلم أجد هذه المتابعة في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخنا: يريد المتابعة في أبي خزيمة، لكنَّ ابن أبي داود لمَّا ذكر حديث يعقوب هذا عن أبيه عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق، عن زيد؛ قال في الحديث: (حتَّى [وجدت] آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت)، انتهى.

(1/8371)


قوله: (وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الأحكام) عنه، وهو محمَّد بن عبيد الله، أبو ثابت المدينيُّ، يروي عن مالك وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وإسماعيل القاضي، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، وأخرج له النَّسائيُّ في «عمل اليوم والليلة»، قال أبو حاتم: صدوق، والله أعلم.

(1/8372)


(((10))) (سورة يُونُسَ) ... إلى (يُوسُفَ)
قوله: ({تِلْكَ آيَاتُ} [يونس: 1]؛ يَعْنِي: هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ): يعني: {تلك} للغائب؛ والمراد بها: الحاضر؛ مثل قوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ أي: بكم، فقوله: (وَمِثْلُهُ): هو بكسر الميم، وإسكان المثلَّثة، وسأذكر في هذا التعليق إن شاء الله تعالى أنَّه ردَّ عليَّ بعضُهم في قولي: (ومِثْله)، فقال: (ومُثُله)؛ يعني: بضمِّ الميم والثاء، جمع (مَثَل)، ولفظ شيخنا: (يقال: {تلك}؛ يعني: هي أعلام القرآن ومُثُله، أسنده ابن أبي حاتم عن السُّدِّيِّ عن أبي مالك: تِلْكَ آيَاتُ اللهِ؛ يعني: أعلام الدين ... ) إلى آخر كلامه، فإن كان هذا صحيحًا من النسخة التي نقلت منها؛ فإنَّ فيها سقمًا، فإنَّ الذي أسنده ابن أبي حاتم ليس فيه دليل على أنَّها مُثُلٌ، وسببه أنَّه لم يسند: (ومثله)، وإنَّما أسند {تلك آيات}، وسأذكره في أواخر التعليق مبسوطًا، فإنَّ البُخاريَّ ذكره هناك أيضًا، وقال شيخنا عقيب قوله: (المعنى: بكم): (قلت: ويجوز أن يكون عودًا بعد الخطاب إلى الإخبار)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 298]

(1/8373)


[شرح غريب الآيات [24 - 90]]
قوله: (أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ): جمع (عَلَم)، و (العَلَم): العلامة، قاله الجوهريُّ.
قوله: ({فَاتَّبَعَهُمْ} [يونس: 90] وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ)؛ انتهى: قال الجوهريُّ: تبِعت _بالكسر_ القوم تبعًا وتبَاعة؛ بالفتح؛ إذا مشيت خلفهم، أو مرُّوا بك فمضيت معهم، وكذلك (اتَّبعهم)، وهو افْتَعَلْت، وأَتبعت القوم؛ على أفعلت؛ إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم، وأتبعت أيضًا غيري، يقال: أتبعه الشيءَ فتبعَهُ، قال الأخفش: تبعته وأتبعته بمعنًى؛ مثل: ردفته وأردفته، ومنه قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10].
قوله: (لَأُهْلِكَ مَنْ دَعَا [1] عَلَيْهِ): (أُهلِك): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ مثل: {لَقُضِيَ} [يونس: 11].
قوله: ({وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]: مَغْفِرَةٌ): جاء في حديث مرفوع في «التِّرْمِذيِّ»: «الزيادة: النظر إلى وجه الله»؛ يعني: في الجنَّة، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ في قوله: (وقال غيره: النظر إلى وجه الله): (هذا رواه مسلم من حديث ثابت، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، عن صهيب مرفوعًا، وقيل: الصواب: أنَّه موقوف على عبد الرَّحمن، ورواه الطبريُّ من قول أبي موسى الأشعريِّ وحذيفة بن اليماني وغيرهما، وأخرجه ابن خزيمة من قول جرير بن عبد الله البجليِّ وغيره)، انتهى.
وكذا قال شيخنا الشارح: (إنَّه في «مسلم»، ثُمَّ قال: قال أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ: رُوِيَ عن ابن أبي ليلى قولَه، وقال التِّرْمِذيُّ: إنَّما أسندها حمَّاد، ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى قولَه، قلت: أسنده سفيان بن سعيد عن عطاء بن السائب عن ابن أبي ليلى عن صهيب، وشعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن صهيب مرفوعًا بزيادة: «{الحُسْنَى}: شهادة أن لا إله إلَّا الله»، رواهما ابن مردويه، وذكر له شاهدًا ... ) إلى آخر كلامه، وكونه النظر إلى وجه الله أخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وذكر التِّرْمِذيُّ عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أنَّه من قوله.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (دُعِيَ).
[ج 2 ص 298]

(1/8374)


[{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا}]
قوله: (عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ): (النَّجْوة): بفتح النون، وإسكان الجيم، وهو النَّشز؛ المكان المرتفع، والنَّشز: بفتح النون والشين المعجمة وتُسَكَّن، وبالزاي، والنشْز والنشَز: المكان المرتفع، وجمع النشْز؛ بالإسكان: نشوز، وجمع النشَز؛ بالتحريك: أنشاز ونِشاز؛ مثل: جبل، وأجبال، وجبال، وأمَّا النَّشَاز؛ بفتح النون، وتخفيف الشين؛ فهو المكان المرتفع، وهو واحد، يقال: اقعد على ذلك النَّشَاز، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 298]

(1/8375)


[حديث: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا]
4680# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وقدَّمتُ ما (الغندر)، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، قال الدِّمْياطيُّ: (أبو بشر: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ اليشكريُّ الواسطيُّ، مات سنة أربع _أو ثلاث_ وعشرين ومئة، انتهى، وهذا معروف، ولكنَّ شرطي أن أذكر ما رأيته للدِّمْياطيِّ من الحواشي على «الصحيح».
قوله: (عَاشُورَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وقدَّمتُ أيضًا الاختلاف في أيِّ يوم هو، وأنَّ الصحيح: أنَّه عاشر المحرَّم.
==========
[ج 2 ص 298]

(1/8376)


(((11))) [سورة هود]
قوله: (وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ): (أبو ميسرة) هذا: هو عمرو بن شرحبيل، أبو ميسرة الهمْدانيُّ الكوفيُّ، يروي عن عمر، وعليٍّ، وابن مسعود، وقيس بن سعد، وعائشة، وجماعة، وعنه: أبو وائل، والشعبيُّ، والقاسم بن مخيمرة، وأبو إسحاق، وطلحة بن مصرِّف، وآخرون، وكان من فضلاء التابعين، حُجَّة، قيل: مات قبل أبي جحيفة السُّوائيِّ، وأوصى أن يصليَ عليه شريحٌ القاضي، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد قدَّمتُ ترجمته في (كتاب الأنبياء).
قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ [1]): يعني: أنَّ الحبشيَّة وافقت العربية في ذلك؛ لأنَّ القرآن ليس فيه غير عربيٍّ.
قوله: ({بَادِيَ [2] الرَّأْيِ} [هود: 27]): هو بغير همز، وذلك لأنَّ البُخاريَّ فسَّره فقال: (مَا ظَهَرَ لَنَا)، وهذا تفسير للقراءة التي بغير همز، ولم يقرأ بالهمز إلَّا أبو عمرو من السبعة، والله أعلم، وقرأ السِّتَّة بترك الهمز.
قوله: ({الجُودِيِّ} [هود: 44]: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ): (الجزيرة) المشار إليها: هي الجزيرة المعروفة بابن عمر، ناحية الموصل، وقد تَقَدَّم الكلام على نسبتها لابن عمر، ومن هو ابن عمر، وعلى جبل آخر يقال له: الجوديُّ، في (كتاب الأنبياء عليهم السلام).
قوله: ({أَقْلِعِي} [هود: 44]: أَمْسِكِي): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بالحبشة).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): ({بَادِئَ}).
[ج 2 ص 298]

(1/8377)


[{ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}]
قوله: (وَقَال غَيْرُه: {وَحَاقَ} [هود: 8]: نَزَلَ ... ) إلى آخر قوله: (مِنْ يَئِسْتُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هذا كلام أبي عبيدة في «المجاز».

(1/8378)


[حديث ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء ... ]
4681# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن محمَّد الأعور الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {أَلَا إنَّهم تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} [هود: 5]): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة ما لفظه: عن ابن عبَّاس ثلاثة أوجه: {يَثْنُونَ}، و {يَثْنُونِي}، و {يَثْنَونَى}، انتهى، قال البُخاريُّ: (شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ)، وهذا التفسير وقع للقراءة المتواترة، وقال شيخنا: قراءة الجمهور بفتح الياء، وعن سعيد بن جُبَير ضمُّها، ثُمَّ ذكر بعده بقليل [1] كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، وبخطِّ شيخنا الإمام أبي جعفر الأندلسيِّ ما لفظه: لابن عبَّاس في هذه الآية قراءتان: بالتاء على تأنيث الصدور، والياء على إرادة الجمع، وهو مضارعٌ ماضيه: (اِثْنَوْنَى) على وزان (اِفْعَوْعَل)، و {صُدُورُهُم}: فاعل؛ والمعنى: تنطوي صدورهم، انتهى.
وقال بعضهم: قرأ ابن عبَّاس: (تَثنَونِي)؛ بمثنَّاة مفتوحة، ثُمَّ مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ واو ساكنة، ونون مكسورة، على وزن (تَفْعَوعِل)؛ وهو بناء مبالغة؛ أي: تلتوي [2]، وقد نسب أهل القراءات لابن عبَّاس فيها قراءاتٍ، الثانية: بفتح الياء، وسكون الثاء المثلَّثة، وفتح النون، وكسر الواو، وتشديد النون الأخيرة، وفي (يثنوني) قراءاتٌ ذكرها الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»؛ أحدها: المتواترة، ثُمَّ ذكر فيها عشر قراءات شواذٍّ، وعزا كلَّ قراءة لقارئها، وذكر تخريجها وأطال، وقد ذكرت ذلك في المسوَّدة في ورقة أجنبيَّة، فإن أردت ذلك؛ فانظره من المسوَّدة.
قوله: (أَنْ يَتَخَلَّوْا): هو بالخاء المعجمة في أصلنا، قال شيخنا: وروي بالخاء المعجمة، من (الخلوة)، وبالمهملة، حكاهما ابن التين، ثُمَّ قال عن الشيخ أبي الحسن: إنَّ الثاني أحسنُ، ولعلَّه يريد: [أنَّه يرقد] على حُلاوة قفاه [3]، فيقال: يحلى، انتهى.
قوله: (فَيُفْضُوا): هو بضمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيُّ (أفضى)، وكذا (فَيُفْضُوا) الثانية.

(1/8379)


[حديث: أن ابن عباس قرأ: {ألا إنهم تثنوني صدورهم}]
4682# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه الفرَّاء الحافظ، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن يوسف، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْج): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (أَوْ يَتَخَلَّى): هو بالخاء المعجمة، ومعناه: يقضي حاجته، وهذا ظاهرٌ، وبالمهملة من حُلاوة القفا، وقد تَقَدَّم أعلاه.
==========
[ج 2 ص 298]

(1/8380)


[حديث: قرأ ابن عباس {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}]
4683# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.
[ج 2 ص 298]
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): أي: غير عمرو؛ يعني: ابن دينار، وهذا ظاهرٌ، وأمَّا (غيره عن ابن عبَّاس)؛ فقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هذه رواية عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس، أخرجها الطبريُّ وغيرُه من طريقه، وعن ابن عبَّاس فيها قولٌ ثالث، انتهى.

(1/8381)


[{وكان عرشه على الماء}]

(1/8382)


[حديث: قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك]
4684# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أيضًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أَنْفِقْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، والثانية بضمِّ الهمزة.
قوله: (لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ): (تَغِيضها): هو بفتح التاء المثنَّاة فوق، ثُمَّ غين معجمة مكسورة، ثُمَّ ضاد معجمة، ومعناه: لا تنقصها، و (نفقةٌ): مرفوع منوَّن، فاعل؛ ومعناه: لا تنقصها ولا تُقِلُّ عطاءها، يقال: غاض الشيء يغيض، وغضته أنا، ومنه قوله تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} [الرعد: 8]؛ أي: تنقص من مدَّة الحمل، وقيل: ما تُسقِط قبل تمام مدَّته، والله أعلم.
قوله: (سَحًّا [1] اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ): (السَّحُّ): بفتح السين وتشديد الحاء المهملتين، وهو منصوب على المصدر، و (الليلَ والنهارَ): منصوبان، ظرفان، قال ابن قُرقُول: («سحًّا» كذا عند جميع شيوخنا منوَّنٌ على المصدر؛ أي: تسحُّ سحًّا، إلَّا عند القاضي الصدفيِّ في «مسلم» وابن عيسى فعنده: «سحَّاءُ»، على النعت؛ أي: دائمة العطاء، والسَّحُّ: الصبُّ، ولا يقال إلَّا في المؤنَّث لم يأت له مذكَّر؛ مثل: هطلاء، ولم يأت له «أهطلُ»، وبعده: «لا يغيضها شيء الليلَ والنهارَ»؛ منصوبان على الظرف: لا ينقصها، وقد فسَّرناه في الحديث الآخر عند مسلم: «لا يغيضها، سحَّاءُ، الليلَ والنهارَ»، والخلاف فيه كما تَقَدَّم، لكن عند الطبريِّ ههنا: «سحَّاءُ الليلِ والنهارِ»؛ برفعه على الفاعل على «يغيض»، وكسر «الليل والنَّهار»؛ للإضافة، يقال: سحَّت السماء والشاة تسِحُّ سحًّا، وتسُحُّ؛ بالضمِّ والكسر)، انتهى.
قوله: (لَمْ يَغِضْ): هو بفتح المثنَّاة تحت، وكسر الغين، وبالضاد، المعجمتين؛ أي: لم ينقص.

(1/8383)


[شرح غريب الآيات [54 - 82]]
قوله: (فِي ملْكِهِ وَسُلْطَانِهِ): (ملكه): بضمِّ الميم وكسرها، كذا في أصلنا.
قوله: ({سِجِّيلٍ} [هود: 82]: الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ): (الكبير): في أصلنا بالموحَّدة، قال شيخنا: (وأُنكِر على البُخاريِّ تفسير «السِّجِّيل» بالشديد، ولو كان كذلك؛ لكان حجارة سجِّيلًا؛ لأنَّه لا يقال: حجارة من شديد؛ لأنَّ «شديدًا» نعت)، انتهى.
قوله: (وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ): هو من بني ... [1].
قوله: (وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ): (رَجْلة): بفتح الراء، وإسكان الجيم، وفي آخره تاء، وهو مجرور؛ لأنَّ الواو بمعنى: رُبَّ، قال ابن قُرقُول: («ورَجْلة»: بفتح الراء للمستملي، وهو الصواب، وبكسر الراء لأكثر الرواة، وهما جمع «راجل»، وعند القابسيِّ: «ورحلة»؛ بالحاء المهملة، وليس بشيء، فأمَّا «رَجلة»؛ فجمع «راجل»، وبكسر الراء أكثر في العدد، ويقال أيضًا: رِجِلة؛ بكسر الجيم، ورِجْل، ورَجْل، ورُجْل، ورَجَّالة، ورجال؛ كلُّه جمع الماشي، وأراجل، ومرجل)، انتهى.
وأمَّا (يضربون)؛ فكذا أحفظه، وفي أصلنا: (يضْربُنَّ)، وهذا ينبغي أن يكون بضمِّ الموحَّدة، وبنون التوكيد الثقيلة، وذلك لأجل الوزن، والله أعلم، وهذا الذي ذكرته عن أصلنا إنَّما هو قبل هذا، وكتب عليه: زائد، وأمَّا هنا؛ فـ (يضربون) ليس غير.
قوله: (يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ): هو بفتح الموحَّدة، جمع (بيضة)؛ وهي الخوذة، قال ابن قُرقُول: (كذا للكافَّة)، قال: (وفي رواية أبي الوليد عن أبي ذرٍّ: «البِيض»؛ يعني: بكسر الموحَّدة؛ يعني: السيوف، والأوَّل الصواب، إلَّا على من يرى حذف باء الإلصاق؛ كقوله:
~…تمرُّون الديارَ ولم تَعُوجوا… ...............
ومررتُ زيدًا)، انتهى.
وقد أنشد الجوهريُّ هذا البيت الذي أنشده البُخاريُّ في (سجن):
~…ورَجْلة يضربون الهام عن عُرُضٍ…ضربًا تواصت بها الأبطال سِجِّينا
فقال: وقال ابن مقبل: ولم يسمِّه إنَّما نسبه إلى أبيه، وهو هو، قال شيخنا: (ورواه ابن الأعرابيِّ: «سخينا»؛ بالخاء المعجمة؛ أي: سخنًا حارًّا؛ يعني: الضرب)، انتهى.
قوله: (ضَاحِيَةً): هو بالضاد المعجمة، وبعد الألف حاء مهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء؛ ومعناها: علانيةً، والله أعلم.
==========
[1] في (أ) بياض.
[ج 2 ص 299]

(1/8384)


[باب تتمة شرح غريب الآيات [27 - 92]]
قوله: (وَالظِّهْرِيُّ [1]: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ)، اعلم أنَّ (الظهير): المعين، ومنه قوله تعالى: {بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وإنَّما لم يجمعه؛ لأنَّ (فَعِيلًا) و (فُعُولًا) قد يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث والجمع؛ كما قال تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 16]، قال الأصمعيُّ: بعير ظهير، بيِّن الظهار؛ إذا كانا قويًّا، وناقة ظهيرة، قال: والبعير الظِّهريُّ: العُدَّة للحاجة إن احتيج، وجمعه (ظهارِيُّ) غير مصروف؛ لأنَّ ياء النسبة ثابتةٌ في الواحد، و (الظِّهريُّ): الذي يجعله بظهر؛ أي: ينساه، ومنه قوله تعالى: {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92].
قوله: ({إِجْرَامِي} [2] [هود: 35]: مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرَمْتُ) انتهى: قال الجوهريُّ: الجُرم: الذنب، والجريمة مثله، تقول منه: جرم، وأجرم، واجترم؛ بمعنًى، وأمَّا (بعضهم)؛ فقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين من المتأخِّرين: هكذا ذكره أبو عبيدة في «المجاز»، انتهى.
قوله: ({الفُلْكَ} [هود: 37] وَالْفُلُكُ [3] وَاحِدٌ): الأوَّل في أصلنا بإسكان اللام، والثاني بضمِّها، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر: كلاهما بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، قال ابن قُرقُول: («{الفُلْكَ} والفَلَك واحد»؛ يعني: الأوَّل بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، والثاني: بفتح الفاء واللام، كذا لبعض الرواة عنه، وعند آخرين: «الفُلْك والفُلْك واحد»، وهو الصواب؛ يعني: أنَّهما بضمِّ الفاء، وإسكان اللام)، قال: (أي: الواحدُ والجمعُ واحدٌ، وهو مراد البُخاريِّ بقوله: «وَهْيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ»؛ أي: الفُلْك: السفينة، والفُلْك أيضًا: هي السفن؛ أي: الواحد والجمع بلفظ واحد، وقد قيل: واحده «فَلْك»، وقد تَقَدَّم آنفًا، وقد يخرَّج على هذه الرواية الأخرى)، انتهى، وقال شيخنا: (قال ابن التين: ضبط في بعض الأمَّهات بالإسكان، وفي بعضها بالفتح، وهو أبيَن)، انتهى.
[ج 2 ص 299]

(1/8385)


قوله: ({مُجْرَاهَا} [4] [هود: 41]: مَدْفَعُهَا): (مُجرى): بضمِّ الميم، قال ابن قُرقُول: («{ومُرسيها}: موقفها» كذا عندهم للمروزيِّ، وعلى الميم الرفع والنصب، وعند الجرجانيِّ: «{مُرسيها}: موقفها»، ثُمَّ قال: ويُقرَأ: {مَرساها}: من رست، و {مَجريها}: من جرت، وكلامه يدلُّ على أنَّ الميمات أوَّلًا مضموماتٌ، وأنَّه اسمُ فاعلِ ذلك بها، [و] لغير الأصيليِّ تلك الكلمات ساقطة، وإنَّما عندهم: «{مجراها}: موقفها»)، انتهى، وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائيُّ: {مَجريها} [5]؛ بفتح الميم، والباقون بضمِّها.
قوله: (وَيُقْرَأُ: {مَرْسَاهَا} [هود: 41] مِنْ رَسَتْ هِيَ، و {مَجْريهَا} [هود: 41] مِنْ جَرَتْ هِيَ): هو بفتح الميم، وقد تَقَدَّم من قرأ بذلك أعلاه.
قوله: (و {مُجْريهَا وَمُرْسيهَا} [هود: 41] مِنْ فُعِلَ بِهَا): هما بضمِّ الميم، قال الجوهريُّ في (جرى): وقوله عزَّ وجلَّ: {مُجريها ومُرسيها}: هما مصدران من أُجرِيَت السفينة، وأُرسِيَت، و {مَجريها} و {مَرساها}؛ بالفتح، من جرت السفينة ورست، انتهى.
وقوله: (فُعِلَ بِهَا): هو بضمِّ الفاء، وكسر العين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (ههنا)، وإسقاطها موافق لرواية أبي ذرٍّ.
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مصدر).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصلَّحًا بالقلم: (الفَلَك).
[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({مَجراها})، وهي غير واضحة في (ق).
[5] في (أ): (مجراها)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(1/8386)


[{ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ... }]
قوله: (وَاحِدُ الأَشْهَادِ: شَاهِدٌ؛ مِثْلُ: صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ) قال الجوهريُّ: وشهد له بكذا شهادة؛ إذا أدَّى ما عنده من الشهادة، فهو شاهد، والجمع: شَهْد؛ مثل: صاحب وصَحْب، وسافر وسَفْر، وبعضهم يُنْكِره، وجمع (الشَّهْد): شهود وأشهاد، وكذا في كلام غيره من أهل اللغة: أنَّ «شهود» و «أشهاد» جمعُ الجمع، وفي كلام بعضهم: الأشهاد: جمع «شاهد»؛ كصاحب وأصحاب، أو «شهيد»؛ كشريف وأشراف، وهم الأنبياء، أو الملائكة، أو هما والمؤمنون وأعضاؤهم، أو الخلائق، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 300]

(1/8387)


[حديث: يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه]
4685# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ): الظاهر أنَّهما سعيد بن أبي عَروبة، وهشام الدَّستوائيُّ، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ): (مُحرِز): بضمِّ الميم، اسم فاعل من أحرز الشيءَ.
قوله: (إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرفه، وكذا قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: إنَّه لم يسمَّ.
قوله: (سَمِعْتَ رَسُولَ الله [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سمعتَ): بفتح التاء للخطاب، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فِي النَّجْوَى): (النجوى) هنا: تقرير الله العبدَ على ذنوبه في سترٍ عن الناس، و (النجوى): اسمٌ أُقِيم مقام المصدر؛ وهو المناجاة، وأوضح من هذا في (النجوى)؛ أي: في مساررة الله عبده، والله أعلم.
قوله: (يُدْنَى الْمُؤْمِنُ): (يُدنَى): بضمِّ أوله، وفتح النون، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والمؤمنُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّ الظاهر أنَّه الدَّستوائيُّ.
قوله: (كَنَفَهُ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، قال ابن قُرقُول: أي: ستره ولا يفضحه، وقد يكون (كنفه) ههنا: عفوه ومغفرته، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: (كتفه)، وهو قبيح، انتهى، وفي «النِّهاية»: («كنفه»؛ أي: يستره، وقيل: يرحمه ويلطف به، والكَنَف؛ بالتحريك: الجانب والناحية، وهذا تمثيل بجعله تحت ظلِّ رحمته يوم القيامة).
قوله: (فَيُنَادَى): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بفتح الدال.
قوله: (وَقَالَ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ): (شيبان) هذا: هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، أبو معاوية، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قاله ابن الأثير، وقال ابن أبي داود وغيره: المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النحويُّ، لا شيبان النحويُّ هذا، انتهى، وتعليقه هذا أخرجه في (التوحيد) فقال: (وقال آدم عن شيبان ... )؛ فذكره، وأتى به هنا؛ لأنَّ قتادة مدلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريح قتادة بالتحديث من صفوان، والله أعلم، ولزيادة: {أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، والله أعلم، وهذه الزيادة ليست في أصلنا الدِّمَشْقيِّ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).
[ج 2 ص 300]

(1/8388)


[{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ... }]

(1/8389)


[حديث: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته]
4686# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم الضرير، و (خازم): بالخاء المعجمة، و (بُرَيْدٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عامر، أو الحارث، القاضي، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (أَبِي مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيْم بن حَضَّار الأشعري.
==========
[ج 2 ص 300]

(1/8390)


[{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل ... }]
قوله: (وَزُلْفَى [1]: سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ): كذا في الأصل، وفيه تفسير المفرد بالجمع، والصواب: {وَزُلَفًا} [هود: 114]، والله أعلم.
قوله: (وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةُ): قال شيخنا: ظاهر هذا أنَّ المزدلفة سُمِّيَت بذلك؛ للاجتماع بها، ولعلَّه لاجتماع قريش بها دون عرفة، وقيل: سُمِّيَت بذلك؛ لقربها من عرفات.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({وزُلَفًا}).
[ج 2 ص 300]

(1/8391)


[حديث: أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة]
4687# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): (أبو عثمان) هذا: هو النهديُّ، عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّ (ملًّا) مثلث الميم، ثُمَّ لام مشدَّدة، ويقال فيه: بفتح الميم، وإسكان اللام، ثُمَّ همزة.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): قال الدِّمْياطيُّ: اسمه أبو اليَسَر، واسمه: كعب بن عمرو، شهد العقبة مع السبعين، وشهد بدرًا وهو ابن عشرين سَنةً، وأَسَرَ العبَّاسَ يومئذ، وكان رجلًا قصيرًا، تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (55 هـ) وله عَقِب، انتهى.
فقول الدِّمْياطيِّ: (مع السبعين): تَقَدَّم أنَّ هذا قولٌ من أقوالٍ في عددهم، وأمَّا أبو اليَسَر؛ فكذا ذكره الخطيب البغداديُّ، وتابعه النوويُّ: أنَّه أبو اليَسَر، وكذا قدَّمه ابن بشكوال، وساق له شاهدًا، ثُمَّ قال: وقيل: نبهان التمَّار، وساق شاهده، وقيل: معتِّب الأنصاريُّ، وساق شاهدًا، كذا في النسخة التي نقلت منها، ولكن بعده عن إبراهيم قال: (جاء رجل إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقال له: فلان بن معتِّب)، فالظاهر أنَّه سقط (ابن) من الأوَّل، وقد ذكرت هذه الأقوال الثلاثة، وثلاثةَ أقوال أخرى في (باب: الصلاة كفَّارة) في أوائل هذا التعليق؛ فانظرها، وذكرت هناك أيضًا أقوالًا في قوله: (فقال رجل: أله خاصَّة؟).
قوله: (أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): هذه المرأة لا أعرفها.

(1/8392)


(((12))) (سُورَةُ يُوسُفَ) ... إلى (سُورَة {سُبْحَان})
قوله: (وَقَالَ فُضَيْلٌ: عَنْ حُصَيْنٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة؛ وهو ابن عياض، التميميُّ الخراسانيُّ الزاهد، عن منصور، وحصين، وصفوان بن سُلَيم، وخلقٍ، وعنه: القطَّان، وابن مهديٍّ، ولوين، وخلقٌ، ثِقةٌ رفيع الذكر، مات في المحرَّم سنة (187 هـ)، جاوز ثمانين سَنةً، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ: مُجمَعٌ على ثقته وجلالته، ولا عبرة بما رواه ابن أبي خيثمة قال: سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت حديث فضيل بن عياض؛ لأنه روى أحاديث أزرى فيها على عثمان رضي الله عنه، قال الذهبيُّ: فمَن قطبة؟! وما قطبة حتَّى يُجرِّح وهو هالك؟!
تنبيهٌ: قال في «الميزان»: قطبة بن العلاء، قال البُخاريُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حبَّان: كان يخطئ كثيرًا، فعُدِل به عن مسلك الاحتجاج به، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، انتهى كلامه في «الميزان»، ولم يذكر فيه أنَّه هالك.
تنبيهٌ آخر: لهم شخص آخر يقال له: الفضيل بن عياض الخولانيُّ، لاندري من ذا؟ ولهم آخر يقال له: الفضيل بن عياض الصدفيُّ بمصر، قال الذهبيُّ: فهذا ما علمت به بأسًا.
و (حُصَين): هو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم.
قوله: ({مُتْكَأً} [يوسف: 31]: الأُتْرُجُّ): (مُتْكأً): هو بضمِّ الميم، وإسكان المثنَّاة فوق، منوَّن الآخر، وكذا قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا)، وكذا قوله: (عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتْكًا}: كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ)، ضبْطُه واحدٌ،
[ج 2 ص 300]
وهي قراءة شاذَّة، قال الفرَّاء: حدَّثني شيخ من ثقات أهل البصرة: أنَّه الزُّمَّاوَرْدُ، قال بعضهم: هو الأترجُّ، حكاه الأخفش، والزُّمَّاوَرْد معرَّب، والعامَّة تقول: بزْمَاوَرْد، قال ابن قُرقُول: ذكر البُخاريُّ: (المتَّكأ)، وأنكر قول من قال: إنَّه الأترجُّ، وقد قُرِئ: {متْكًا}، وقد قيل: إذا ثُقِّل؛ فهو الطعام، وإذا خُفِّف؛ فهو الأترجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وقيل: بالتشديد هو المرافق (متَّكأ)، وهو الذي رجَّح البُخاريُّ، وقال: إنَّما (المُتَّك): طرف البظر قُيِّد بالضمِّ والفتح والكسر، وامرأةٌ مَتْكَاء: غير مخفوضة، ويقال: لا تمسك بولها، انتهى لفظه.

(1/8393)


قوله: (وَلَيْسَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الأُتْرُجُّ): قال ابن قُرقُول: يعني: أنَّه لا يعرف ذلك في تفسير (المتك)، لا أنَّه أنكر اللفظة، انتهى، وهذا أحسن ممَّا قال شيخنا: قلت: ودعوى أنَّ ذلك ليس في كلام العرب من الأعاجيب، فقد قال في «المحكم»: المتك: الأترجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وهو ما في «الصحاح» عن حكاية الفرَّاء، وعن الأخفش: هو الأترجُّ، قال في «الجامع»: (المتك): الأترجُّ، وأنشد عليه شعرًا، واحده: متكة، وأهل عُمَان يسمُّون السوسنَ المتكَ، وأما أبو حنيفة الدِّينوَريُّ؛ فزعم أنَّ المُتك _ بالضمِّ_ الأترجُّ، قال: وقرأ قوم هذا الحرف بالإسكان، وقالوا: هو الأترجُّ، وكذلك قال ابن عبَّاس، وذكر أنَّ الذي بالفتح هو السوسن، وبنحوه ذكره أبو عليٍّ القاليُّ، وابن فارس [في] «المجمل»، وغيرُهما، انتهى.
و (الأُتْرُجُّ): بضمِّ الهمزة، ثُمَّ مثنَّاة فوق ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ جيم مشدَّدة، وفي نسخة: ({متْكًا}: الأترنج)، انتهى، يقال في الواحدة: أترجَّة وأترنجة، وحُكِيَ أيضًا: ترنجة لغة ثالثة، والأترجَّة أفصح، وأترنجة: ليست في «الصحاح» للجوهريِّ، ولا في «القاموس» لشيخنا مجد الدين على ما جمعه، وهي في «المطالع» لابن قُرقُول، وأمَّا قوله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31]؛ قيل: مجلسًا للطعام، وقيل: طعامًا، وقيل: هو كلُّ ما يُحَزُّ؛ لأنَّه في الغالب يؤكل على متَّكأٍ، وقيل: بطيخًا وموزًا، وقيل: أترجًّا وعسلًا يؤكل به، وقيل: زُمَّاوَرْد، والله أعلم ما كان.
قوله: (قَالَ فُضَيْلٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عياض رحمة الله عليه.
قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ): يعني: أنَّه وافقت الحبشيَّةُ لغةَ القرآن العربيَّة.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هو منصور بن المعتمر.
قوله: (و {الجُبِّ} [يوسف: 10]: الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ): كذا أيضًا في «صحاح الجوهريِّ»، وفي «القاموس»: (والجبُّ: البئر، أوالكثيرة الماء البعيدة القعر، أو الجيِّدة الموضع من الكلأ، أو التي لم تطوَ، أو ممَّا وُجد [لا] ممَّا حفر الناس)، انتهى.

(1/8394)


قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ): بيَّض بعض حفَّاظ المِصْريِّين له، قال ابن قُرقُول: («واحدها: شُدٌّ»؛ بالضم، كذا لهم، وعند المهلَّب بالفتح، وكذلك حكى أبو عبيدة بالضمِّ، ولم ينكر الفتحَ، وحكى غيره اللغتين، قال الهرويُّ: هو جمع «شِدَّة»؛ أي: قوَّة وغاية، قال ابن عبَّاس: هو ثلاث وثلاثون سَنةً، والاستواء: أربعون، وقيل: الأشُدُّ: الحلم، وقيل: أوَّله من خمسة عشر عامًا، وقيل: ثمانية عشر)، انتهى، قال الجوهريُّ: {أَشُدَّهُ} [يوسف: 22]: قوَّته، وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين، وهو واحدٌ جاء على بناء الجمع؛ مثل: آنُك؛ وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظير لهما، ويقال: هو جمع لا واحد له من لفظه؛ مثل: أشاكٍ، وأبابيل، وعباديد، ومذاكير، وكان سيبويه يقول: واحده (شِدَّة)، وهو حسن في المعنى؛ لأنَّه يقال: بلغ العالَم شدَّته، ولكن لا يجمع فعله على (أفعُلٍ)، وأمَّا (أنعُم)؛ فإنَّما هو جمع (نُعْمٍ)، من قولهم: (يوم بُؤْسٍ، ويوم نُعْمٍ)، وأمَّا قول من قال: واحده: شَدٌّ؛ مثل: كلب وأكلب، أو (شِدٌّ)؛ مثل: ذئب وأذؤب؛ فإنَّما هو قياس، كما يقولون في واحد الأبابيل: أَبَّوْلٌ قياسًا على عَجَّوْل، وليس هو شيء سمع عن العرب، انتهى، وقال غيره: {أَشُدَّهُ}: منتهاه في قوَّته وشبابه، وآخره أربعون سَنةً، وقيل: خمسون، وقيل: ستُّون.
قوله: (وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ: الأُتْرُجُّ): قال بعض حفاظ المِصْريِّين: قال أبو عبيدة في «المجاز»: زعم قوم أنَّه التُّرنج، وهذا أبطل باطلٍ في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتَّكأ تُرُنْجٌ، انتهى.
قوله: (فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ الْمُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا الْمُتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ (المَتْك) هنا مثلَّث الميم، ساكن التاء.
قوله: (وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: مَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ): (المَتْكاء): بفتح الميم، وإسكان التاء فوق، وفي آخره همزة ممدودة، والمتكاء من النساء: التي لم تُخفَض.
قوله: (إِلَى شِغَافِهَا؛ وَهْوَ غِلاَفُ قَلْبِهَا): (الشِّغاف): بكسر الشين المعجمة، كذا في أصلنا بالقلم، وفي «الصحاح»: بفتح الشين بالقلم، قال شيخنا: بفتح الشين، كما في كتب اللغة، وضبطه المحدِّثون بكسرها، انتهى.

(1/8395)


قوله: (وَأَمَّا {شَعَفَهَا} [يوسف: 30]؛ فَمِنَ الْمَشْعُوفِ): هذا اللفظ ثابت في بعض أصولي، وهو في أصلنا القاهريِّ، وهو بالشين المعجمة، والعين المهملة، قال ابن قُرقُول في (الشين المعجمة والعين المهملة): (وأمَّا شعفها من المشعوف): القرب، يقال [1]: فلان مشعوف بفلانة؛ أي: ترَّح [2] به حبُّها، ومنه: {قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30]، وقال في (الشين والغين المعجمتين): {شَغَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30]، وشغفة القلب: أعلاه، وهو معلَّق النياط، قال أبو عبيد: المشغوف: الذي بلغ حبُّه شغاف قلبه، وبالمهملة: الذي خلص الحبُّ إلى قلبه وأحرقه، ويكون بمعنى: أفزعني وراعني، قال الهرويُّ: الشعف: الفزع حتَّى يذهب بالقلب، انتهى، و {شعفها}؛ بالعين المهملة: قراءة الحسن، كما عزاها الجوهريُّ إليه.
قوله: (الضِّغْثُ: مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ): (الضِّغْث): بكسر الضاد، وإسكان الغين، المعجمتين؛ مثل: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: 44].
قوله: ({كَيْلَ بَعِيرٍ} [يوسف: 66]: مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ): قال مجاهد: أراد: كيل حمار، وقال بعض العرب: يقال للبعير: حمار، وهذا شاذٌّ، قال ابن خالويه: وذلك أنَّ يعقوب وإخوة يوسف كانوا بأرض كنعان، ولم يكن هناك إبل، وكذا قال مقاتل بن سليمان، وفي «زبور داود»: البعير: كلُّ ما يُحمَّل، ويقال لكلِّ ما يُحمَّل بالعبرانيَّة: بعير، قال ابن خالويه: وهذا حرف نادر ألقيته على المتنبِّي بين يدي سيف الدولة، ولم يأت بحُجَّة؛ لأنَّ المقالة لم تكن بأرض كنعان، بل بأرض مصر، وما حكاه عن «الزَّبور» لا سبيل إلى إثباته؛ لثبوت التغيير، والله أعلم، قال ابن عبد السلام في «تفسيره»: {حِمْلُ بَعِيْرٍ} [يوسف: 72]؛ لأنَّه كان يُكَال، وقيل: حمل حمار، وهي لغة، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وعبارة «المطالع»: (العرب تقول).
[2] كذا في (أ)، وعبارة «المطالع»: (برَّح).

(1/8396)


[{ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب ... }]

(1/8397)


[حديث: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ... ]
4688# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال عبد الله بن محمَّد)، وكذا ذكره المِزِّيُّ وخلف، قال شيخنا: والبُخاريُّ رواه عن عبد الله بن محمَّد؛ يعني: المسنديَّ، كذا هو في الأصول، وأمَّا خلف؛ فذكره بلفظ: وقال، انتهى، وقد قدَّمتُ أنَّ المِزِّيَّ ذكره كذلك، وأنَّه كذلك في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فالحاصل: أنَّه اختلف فيه؛ هل أخذه عنه مذاكرة، أو في وقت التحديث؟ وعلى قول المِزِّيِّ: هل هو تعليقٌ، أم لا؟ و (عَبْدُ الصَّمَدِ) بعده: هو ابن عبد الوارث.
==========
[ج 2 ص 301]

(1/8398)


[{لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}]

(1/8399)


[حديث: أكرمهم عند الله أتقاهم]
4689# قوله: (حَدَّثَنِي مَحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي [1] عَبْدَةُ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)؛ فانظره، وكذا (عبدة) بعده: أنَّه ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر العُمريُّ.
[ج 2 ص 301]
قوله: (مَعَادِنِ الْعَرَبِ): هي أصولها وبيوتها، ومعدِن كلِّ شيء: أصلُه، وقد تَقَدَّم.
قوله: (إِذَا فَقهُوا): تَقَدَّم ضبطه في (المناقب)، وأنَّه بضمِّ القاف وكسرها؛ ومعناه: إذا صاروا فقهاء علماء.
قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على (عبدة)، وهو ابن سليمان، و (أبو أسامة): هو حمَّاد بن أسامة، ومتابعة أبي أسامة أخرجها البُخاريُّ عن عبيد بن إسماعيل عنه به في (أحاديث [2] الأنبياء).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا).
[2] في (أ): (الأحاديث)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8400)


[{قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا}]

(1/8401)


[حديث: إن كنت بريئةً فسيبرئك الله]
4690# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (وَحَدَّثَنَا الحَجَّاجُ): هو الحجَّاج بن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، عن قرَّة وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وعن واحد عنه، وعبدٌ، والكجِّيُّ، وكان دلَّالًا ثِقةً ورعًا، ذا سُنَّة وفضل، تَقَدَّم، و (يُونُسُ بْنُ يَزيِدَ الأَيْليُّ): بفتح الهمزة، منسوب إلى أيلة؛ قرية معروفة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّ ياءه بالفتح والكسر، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ): تَقَدَّم في (الشهادات) مَن أهل الإفك.
==========
[ج 2 ص 302]

(1/8402)


[حديث أم رومان: بينا أنا وعائشة أخذتها الحمى ... ]
4691# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام [على] نسبته هذه لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، المهملتين، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، وأنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ): تَقَدَّم الكلام على روايته عن أمِّ رومان في (الشهادات) مطوَّلًا، و (أُمُّ رومَانَ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الراء وفتحها، وأنَّ اسمها دعد [1]، ويقال: زينب، وتَقَدَّم الكلام على بعض ترجمتها، ووفاتها، وما يتعلَّق بها.
قوله: (تُحُدِّثَ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الدال المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] في (أ): (دعدد)، والمثبت موافق لما في المصادر.
[ج 2 ص 302]

(1/8403)


[{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ... }]
قوله: ({وَرَاوَدَتْهُ الَتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ} [يوسف: 23]): هي زَلِيْخَا؛ بفتح الزاي، وكسر اللام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة، مقصورٌ.
قوله: ({هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23]): هو بفتح التاء في أصلنا، والثانية بضمِّها في أصلنا: {هَيْتُ لَكَ}؛ بضمِّ التاء، وقد قرأ نافع وابن ذكوان: {هِيْتَ}؛ بكسر الهاء من غير همز وفتح التاء، وهشام كذلك إلَّا أنَّه يهمز، وقد روي عنه ضمُّ التاء، وابن كثير: بفتح الهاء وضمِّ التاء، والباقون: بفتحهما.
قوله: (بِالْحَوْرَانِيَّةِ): اعلم أنَّ {هَيْتَ لَكَ} قيل: هي لغة نبطيَّة، وقيل: سريانيَّة؛ أي: عليك، وقيل: حورانيَّة؛ أي: تعال، وقيل: عربيَّة؛ أي: أقبل، والجمهور على أنَّها عربيَّة، وقيل: معرَّبة.
==========
[ج 2 ص 302]

(1/8404)


[حديث ابن مسعود: وإنما نقرؤها كما علمناها]
4692# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شعبة): هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة.
قوله: (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ): الظاهر أنَّه بالسند المتَقَدَّم الذي قدَّمه، وهو عن أحمد بن سعيد، عن بشر بن عمر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن عبد الله، والله أعلم، وأنَّه ليس تعليقًا.
قوله: ({هَيْتُ لَكَ} [1] [يوسف: 23]): كذا في أصلنا بضمِّ التاء، وقد تَقَدَّم من قرأ بها أعلاه.

(1/8405)


[تتمة حديث قراءات ابن مسعود]
قوله: ({بَلْ عَجِبْتُ} [الصافات: 12]): هو بضمِّ التاء في أصلنا، وقد قرأها بضمِّ التاء حمزة والكسائيُّ، والباقون: بفتحها، وهذه اللفظة ليست في هذه السورة؛ بل في (الصافَّات)، وإنَّما ذكرها هنا؛ لأنَّها قُرِئت بضمِّ التاء؛ كما قُرِئ: {هَيْتُ}؛ بضمِّها، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 302]

(1/8406)


[حديث: اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف]
4693# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام على نسبته هذه، في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو أبو الضحى، مسلم بن صبيح، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ): (حصَّت): بفتح الحاء، وتشديد الصاد المفتوحة، المهملتين، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: استأصلته واجتاحته، يقال: حصَّ رحمه؛ إذا قطعها، وحصَّت البيضة رأسه: حلقته، وقد تَقَدَّم.
قوله: (أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (أفيَكشف عنهم العذابَ): (يَكشف): بالفتح مبنيٌّ للفاعل، و (العذابَ): منصوبٌ، مفعولٌ.

(1/8407)


[{فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك ... }]
قوله: ({فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ} [يوسف: 50]): هذا الرسول الذي جاء يوسف من الملِك لا أعرف اسمه.
قوله: (وَحَاشَ وَحَاشَى: تَنْزِيهٌ): هو بمثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون ساكنة، وبعد النون زاي مكسورة، ورواه ابن السكن: (تَبْرِئَة)؛ بموحدة ساكنة بعد التاء المثنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ راء.
==========
[ج 2 ص 302]

(1/8408)


[حديث: يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ... ]
4694# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: سعيد بن عيسى بن تليد، أبو عثمان، مات سنة تسع عشرة ومئتين، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، يعني: عن مسلم، وقد أخرج له مع البُخاريِّ النَّسائيُّ، قال أبو حاتم: ثِقةٌ لا بأس به، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ) بعده: هو عبد الرَّحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العُتَقيُّ، أبو عبد الله المصريُّ، الفقيه، صاحب مالك، روى عن مالك، وبكر بن مضر، وابن عيينة، وجماعةٍ، وعنه: سعيد بن عيسى بن تليد، وأصبغ بن الفرج، وآخرون، قال أبو زرعة: ثِقةٌ صالح، وقال النَّسائيُّ: ثِقةٌ مأمون، أحد الفقهاء، تُوُفِّيَ في صفر سنة (191 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، والظاهر أنَّه ليس له في «البُخاريِّ» غيرُ هذا الحديث، والله أعلم.
قوله: (عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ): (مضر): لا ينصرف؛ لأنَّه معدول عن (ماضر)، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
[ج 2 ص 302]
قوله: (يَرْحَمُ اللهُ لُوطًا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الأنبياء)، وعلى قوله: ({رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80])، وعلى (الدَّاعِيَ)، وأنَّه رسول الملِك، وعلى قوله: (وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ)؛ يعني: بالشكِّ، والجواب عنه مطوَّلًا، كلُّه في (الأنبياء).

(1/8409)


[{حتى إذا استايس الرسل}]

(1/8410)


[حديث عائشة: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها ... ]
4695# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريَّ.
قوله: (أ {كُذِبُوا} أَوْ [1] {كُذِّبُوا} [يوسف: 110]): اعلم أنَّهما قراءتان في السبع، قرأ عاصم وحمزة بالتخفيف، والباقون بالتشديد، وهو الذي ذهبت إليه عائشة، قال ابن الجوزيِّ: وهو الفصيح، نقله شيخنا عنه، قال: ويُحمَل التخفيف على أنَّ قوم الرسل ظنُّوا أنَّهم قد كُذِبوا فيما وُعِدوا به من النصر، انتهى، وهذا لفظه في (البقرة)، وأمَّا في هذا المكان؛ فقريب منه، ولفظه: ومعنى التخفيف: ظنَّ الأمم أنَّ الرسل كَذَبوهم فيما أخبروهم [2] به من نصر الله إياهم بإهلاك أعدائهم، انتهى، وما قاله هو تأويل عائشة في الآية.
4696# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (مَثَلُ الْمُشْرِكِ): (مَثَل): بفتح الميم والثاء، وكذا الذي بعده (كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ).
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُّتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: 4]: مُتَدَانِيَاتٌ): هذا كلام أبي عبيدة في «المجاز»، وكذا قوله: (وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ الأَمْثَالُ)، ولفظ أبي عبيدة: مجازها مجاز الأمثال، انتهى [3]
قوله: (واحدها: مَثُلة) هي بفتح الميم، وضمِّ الثاء؛ كسَمُرةٍ وسَمُراتٍ.
قوله: (تُعَقِّبُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر القاف المشدَّدة، وكذا (عَقَّبْتُ): هو بفتح العين والقاف المشدَّدة، قال شيخنا: وبخطِّ الدِّمْياطيِّ: بتشديد القاف، وقال ابن التين: بفتح القاف وتخفيفها، قال: وضبطه بعضهم بتشديدها، وفي بعض النسخ بكسرها، ولا وجه له، إلَّا أن يكون لغةً، انتهى.
قوله: (فِي أثرِهِ): تَقَدَّمت [4] اللغات فيها.
قوله: (أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ؛ إِذَا غَلَتْ): قال الدِّمْياطيُّ: جفأَتِ القدر؛ إذا غلت: أفصح من أجفأَت، وجفأْتُ القدر؛ إذا كفأتَها وأملتَها، فصببتَ ما فيها، ولا تقل: أجفأتُها، انتهى، وهذا في «الصحاح».

(1/8411)


قوله: ({أَفَلَمْ يَيْئَسِ} [الرعد: 31]: لَمْ يَتَبَيَّنْ): كذا قال أبو عبيد: ألم يعلم ويتبيَّن؟ وردَّ الفرَّاء هذا، وقال: لم يسمع (يئست) بمعنى: علمت، ورُدَّ عليه بأنَّ مَن حفظ حُجَّةٌ على من لم يحفظ، ويدلُّ عليه قراءة ابن عبَّاس وجماعةٍ من السلف: {أفلم يتبيَّن} من (تبيَّنتُ)، كذا إذا عرفته، وقد افترى من قال: إنَّما كتبه الكاتب وهو ناعس، وكان أصله: (أفلم يتبيَّن) سوَّى هذه الحروف فتوهَّم أنها سين، وهذا لا يُصدَّق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وييئس؛ بمعنى: يعلم: لغة النَّخَع، وقيل: يتبيَّن: بلغة جرهم.
قوله: (مِنَ الْمَلِيِّ): هو بفتح الميم، مشدَّد الياء.
قوله: (وَالْمُلاَوَةِ): هي بضمِّ الميم، وكسرها، وفتحها، قال الجوهريُّ: ويقال لمن لبس الجديد: أبليت جديدًا وتملَّيت حبيبًا؛ أي: عشت معه مَلاوة من دهرك وتمتَّعت به، وأقمت عنده مَلاوة من الدهر، ومُلاوة، ومِلاوة؛ أي: حينًا وبرهة، انتهى، وقال شيخنا: (والملاوة): بضمِّ الميم وفتحها؛ أي: قد أُطيل في عمره، انتهى.
قوله: (وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ: مَلَا [5]): هو بفتح الميم، مقصور، قال الدِّمْياطيُّ: («الملا»؛ مقصور غير مهموز: الصحراء الواسعة التي لا بيت فيها ولا جبل)، انتهى، وما قاله معروف، وأمَّا (الملوان)؛ فالليل والنهار، الواحد: مَلًا؛ بفتح الميم، مقصورٌ، منوَّن.
قوله: (وَالْحِلْيَةِ): هي بكسر الحاء المهملة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو مجرور معطوف على المضاف إليه؛ أي: وخبث الحلية.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أم).
[2] في (أ): (أخبروه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدمة على قوله: (مثل المشرك ... ).
[4] في (أ): (تقدَّم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[5] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ملًى).
[ج 2 ص 303]

(1/8412)


(((13))) [سورة الرعد]

(1/8413)


[{الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام}]
قوله: ({غِيضَ} [هود: 44]: نُقِصَ): هو بضمِّ النون، وكسر القاف، كذا في أصلنا، يقال: نقص الشيء نقصًا ونقصانًا، ونقصته أنا، يتعدَّى لواحد واثنين أيضًا، ولا يتعدَّى بالكلِّيَّة، وانتقص الشيء؛ أي: نقص، وانتقصته أنا، فإذا بنيت من (نقص) المتعدِّي؛ قلت: نُقِص، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 303]

(1/8414)


[حديث: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله]
4697# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): هو معن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز، أبو يحيى، أحد الأئِمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المدينيِّ، وابن معين، ومحمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوُفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.
==========
[ج 2 ص 303]

(1/8415)


(((14))) [سورة إبراهيم]
قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} [الرعد: 33]: دَاعٍ) هذا في (سورة الرعد)، وليس هو في هذه السورة.
قوله: (هَذَا مَثَلٌ): هو بفتح الميم والثاء، تَقَدَّم قريبًا.
قوله: ({لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]: وَاحِدُهَا تَابِعٌ، مِثْلُ: غَيَبٍ وَغَائِبٍ)، انتهى، ومثل: خَدَم وخادم، وقال الجوهريُّ: والتبع: يكون واحدًا وجماعة، قال الله تعالى: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]، ويُجمَع على أتباع، انتهى؛ فانظر ما بينهما.
قوله: ({وَلاَخِلالٌ} [إبراهيم: 31]: مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلاَلًا، وَيَجُوزُ _ أَيْضًا_ جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ): وهذا الذي قال فيه: (ويجوز) جزم به بعض المفسِّرين ولم يحكِ غيرَه، فقال: (خلال): جمع خُلَّة؛ كقُلَّة وقِلَال، انتهى، وكظُلَّة وظِلَال، قال شيخنا: قال ابن التين: كذا قال، والذي قاله الجماعة: أنَّه مصدر خاللته؛ كما ذكره أوَّلًا، انتهى.

(1/8416)


[{كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ... }]

(1/8417)


[حديث: أخبروني بشجرة تشبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها]
4698# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة مرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.
قوله: (لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا، وَلَا، وَلَا، وَلَا): أي: ولا يصيبها كذا، ولا كذا، ولا كذا، ولم يذكر الراوي تلك الأشياء المعطوفة، ثُمَّ ابتدأ فقال: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25]، قد تكلَّم القاضي عياض في «شرح مسلم» في (كتاب التوبة) على ذلك، وعلى كلام لإبراهيم بن محمَّد بن سفيان راوي «مسلم» عنه فيه، واستشكاله، والصوابُ في معناه ما ذكرته؛ فانظره.
قوله: (أَنْ تَكَلَّمَ): هو محذوف إحدى التاءين، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (لأَنْ تَكُونَ): هو بفتح لام (لأن)، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 303]

(1/8418)


[{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}]

(1/8419)


[حديث: المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله]
4699# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ): بفتح الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة.

(1/8420)


[{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}]
قوله: ({بُورًا} [الفرقان: 18]: هَالِكِينَ): هو بضمِّ الباء الموحَّدة، فسمَّى {بُورًا}؛ أي: هالكين.
[ج 2 ص 303]

(1/8421)


[حديث ابن عباس في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}]
4700# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.
==========
[ج 2 ص 304]

(1/8422)


(((15))) [سورة الحجر]
قوله: ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]: مُسْرِعِينَ): هذا في (سورة هود)، لا في هذه السورة، وفيه تجوُّز؛ لأنَّ {يهرعون}؛ أي: يسرعون، فعَبَّر عنه باسم الفاعل مجموعًا، والإهراع: الإسراع، وقد جاء في القرآن مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه، قال أبو عبيدة: يُسْتَحَثُّونَ إليه، كأنَّه يحثُّ بعضُهم بعضًا، وأُهْرِع الرجلُ؛ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، فهو مهرع؛ إذا كان يُرْعَد من غضب، أو حمَّى، أو فزع، وقد قدَّمتُ فيه كلامًا؛ فانظره.
قوله: ({لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: مَلاَقِحَ): قال الجوهريُّ: لقِحَ الفحلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقح، ولا يقال: ملاقح، وهو من النوادر، وقد قيل: الأصل فيه: مُلقَحَة، ولكنها لا تُلقِح إلَّا وهي في نفسها لاقح؛ كأنَّ الرياح لقحت بخير، فإذا أنشأت السحاب وفيها خير؛ وصل ذلك إليه، انتهى، وفي «القاموس»: وألقحت الرياحُ الشجرَ، فهو لواقح وملاقح، انتهى، فهذا يؤيِّد ما قاله البُخاريُّ، قال ابن قُرقُول: قول البُخاريِّ في تفسير {لواقح}: (ملاقح): هو أحد الأقوال؛ بمعنى: مُلقَحة، أو ذوات لقح؛ أي: تَلقِح الشجر والنبات، وتأتي بالسحاب، وقيل: {لواقح}: حاملاتٌ للسحاب؛ كما تحمل الناقة، انتهى.
قوله: ({حَمَأٍ} [الحجر: 26]: جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ) انتهى: وكذا قال غيره: إنَّ (حمأً): جماعة حَمْأة، لكن في «صحاح الجوهريِّ» ما لفظه: (الحمأ): الطين الأسود، قال تعالى: {مِنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر: 26]، وكذلك الحمْأة؛ بالتسكين: واحد، وفي «القاموس»: الحمأة: الطين الأسود المنتن؛ كالحمَأ؛ محرَّكة، فمقتضى كلامهما أن يكون الحَمَأُ والحَمْأَة واحدًا [1]، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 304]

(1/8423)


[{إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين}]

(1/8424)


[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها]
4701# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (سُفْيَانُ)، و (عَمْرٌو)، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ): هو في أصلنا بضمِّ الخاء، قال ابن قُرقُول: بكسر الخاء، وضبطه الأصيليُّ بضمِّها، فيحتمل أن يكونا [1] مصدرَين؛ كالوجدان والكفران، وهو التذلُّل، وقد يكون بالضمِّ صفةً للملائكة، وحالًا منهم، وجوَّز بعضهم فيه الفتح، والخضوع: الرضا بالذلِّ، يقال: خضع هو، وخضعته، متعدٍّ ولازم، انتهى لفظه، وقال بعضهم: ورُوِيَ بكسر الخاء.
قوله: (عَلَى صَفْوَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ [2]): الأولى: بإسكان الفاء، والثانية: بالفتح، كذا في أصلنا، وقوله: (قال عليٌّ): هو عليُّ بن عبد الله المدينيُّ: (وقال غيرُه)؛ أي: غير سفيان؛ يعني: شَيخَه، والله أعلم، وقد ذكرت لك أنَّ الثانية بالفتح، وعليها: (صح)، وتجاهها (صفْوان)؛ مسكَّنة الفاء، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ، فإذن: اللفظتان بإسكان الفاء عند الدِّمْياطيِّ، وهذا الذي أعرفه، ولا أعرف الفتح لغة، و (الصفوان): الحجر الأملس، وقيل: هو جمع، واحده: صفوانة، قال ابن قُرقُول: ساكنة الفاء، وفي (التوحيد): (وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ يَنْفُذُهُمْ) [خ¦7481]؛ بفتح الفاء، وقد أتى أنَّ ذلك هو موضع الاختلاف، ولا يُعلَم فيه الفتح، والخلاف إنَّما هو في زيادة قوله: (ينفُذُهم)، بدليل أنَّ النسفيَّ لم يذكره في قول غيره: (صفوان) جملةً، وإنَّما قال: (وقال غيره: ينفذهم ذلك)، انتهى، وهذا يؤيِّد ما في نسخة الدِّمْياطيِّ، وهو الذي أعرفه، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ [3]: يَنْفُذُهُمْ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ كما سيأتي قريبًا: وأمَّا الغير الأوَّل المبهم؛ فما عرفت من هو، انتهى، والظاهر أنَّه أراد هذا، لا الأوَّل في قوله: {كِتَابٌ مَّعْلُومٌ} [الحجر: 4]، والله أعلم.
قوله: (يَنْفُذُهُمْ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الفاء، وبالذال المعجمة، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ): (بعضَها): بالنصب، ويجوز فيه الرفع، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَيُحْرِقَهُ): هو مضموم الأوَّل، وبالحاء المهملة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/8425)


قوله: (فَتُلْقَى): هو بضمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فيُصَدَّقُ [4]): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الدال المشدَّد، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله، ابن المدينيِّ، وفي أصلنا هنا هو منسوب إلى أبيه فقط، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.
قوله: (وَزَادَ: الْكَاهِنِ): تَقَدَّم الكلام على (الكاهن)، وهو هنا مجرور؛ أي: زاد بعد قوله: (على فم الساحرِ): (والكاهنِ)؛ أي: وعلى فم الكاهن.
قوله: (وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قائل هذا هو عليٌّ ابن المدينيِّ.
قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له هو ابن المدينيِّ عليُّ بن عبد الله، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ): هذا الإنسان لا أعرفه بعينه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: والإنسان المذكور هو الحميدي، وأشار عليٌّ بذلك إلى الرواية الشاذَّة التي قرأها الحسن في هذا الحرف: {إذا فُرِّغَ} [سبأ: 23]؛ بالراء، والغين المعجمة، وأمَّا (الغير) المبهم في الأوَّل؛ فما عرفت مَن هو؟
قوله: (أَنَّهُ قَرَأَ: {فُزِعَ} ... ) إلى أن قال: (قَالَ سُفْيَانُ: وَهْيَ قِرَاءَتُنَا): اعلم أنَّ ابن عامر قرأ: {فَزَّعَ} [سبأ: 23]؛ مبنيًّا للفاعل مشدَّدًا، وقرأ الباقون: مبنيًّا للمفعول، مشدَّدًا بهما، وقرأ الحسن: {فُرِغَ}؛ مبنيًّا للمفعول مخفَّفًا؛ كقولك: ذُهِب بزيدٍ، وهذه التي قرأ بها سفيان كما في أصلنا، وقرأ أيضًا الحسن وقتادة ومجاهد: {فَرَّغ}؛ مشدَّدًا مبنيًّا للفاعل، من (الفراغ)، وعن الحسن أيضًا تخفيف الراء، وعنه أيضًا وعن ابن عمر وقتادة: مشدَّد الراء مبنيًّا للمفعول، والفراغ: الفناء؛ والمعنى: حتَّى إذا أفنى اللهُ الوَجَلَ، أو انتفى بنفسه، أو نُفِيَ الوجل والخوف عن قلوبهم ... ، فلمَّا بُنِيَ للمفعول؛ قام الجارُّ مقامه، وقرأ ابن مسعود وابن عمر: {افرنقع}، من الافرنقاع؛ وهو التفرُّق، وهذه القراءة مخالفة للشواذِّ [5]، ومع ذلك هي لفظة عربيَّة ثقيلة اللفظ، نصَّ أهل البيان عليها، ومثَّلوا بها، لخَّصته من كلام الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (يكون)، والمثبت موافق لمصدره.
[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (صفْوان).
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (صفْوانٍ).

(1/8426)


[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (فيَصْدُقُ).
[5] كذا في (أ)، وفي «الدر» (&): (للسَّواد).
[ج 2 ص 304]

(1/8427)


[{ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}]

(1/8428)


[حديث: لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين]
4702# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه، وأنَّه ابن عيسى، إمام مشهور.
[ج 2 ص 304]
قوله: (لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ): أي: لأجل أصحاب الحجر.

(1/8429)


[{ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم}]

(1/8430)


[حديث: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد]
4703# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما (البندار)، و (غُنْدَرٌ) تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو سَعِيدِ بْنُ المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (البقرة)، وغلطُ من غَلِطَ فيه، ومن جرى له مثلُ ما جرى له.
==========
[ج 2 ص 305]

(1/8431)


[حديث: أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم]
4704# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ) هو ابن أبي إياس، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة وفتحها.
قوله: (أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ [1]): هذا التفسير مُقَدَّم على كلِّ تفسير، وقيل لها: السبع المثاني؛ لأنَّها سبع آيات، وتُثنَّى في الصلاة، أو ثُنِّيَ نزولها، أو قسمان: ثناء ودعاء، وقيل: السبع الطُّوَل من (البقرة) إلى (الأنفال) مع (التوبة)؛ لتثنِّي الأحكام والعِبَر، أو لأنَّها جاوزت المئة الأولى إلى الثانية، أو (السبع): أسباع القرآن؛ تقديره: وهي القرآن العظيم، أو الواو مقحمة، وقيل: سبعًا من المعاني المثناة [2]: وهي مُرْ وانْهَ، وبشِّرْ وأنذرْ، واضربِ الأمثالَ، واعددِ النِّعَم، واذكرِ القَصَص، وقيل: سبعًا من الكرامة: الهدى، والنبوَّة، والرحمة، والشفقة، والمودَّة، والأُلفة، والسكينة، وفي هذه السورة سبعة أبواب، والسبع المثاني، فمن أُعطِيَ السبعُ؛ أَمِنَ من السبعة، {واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].
==========
[1] (الذي أوتيته): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث السابق (4703).
[2] في (أ): (المياه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 305]

(1/8432)


[{الذين جعلوا القرآن عضين}]
قوله: (وَتُقْرَأُ: {لَأُقْسِمُ} [القيامة: 1]): هذا في (سورة القيامة)، وقد قرأ قنبل: {لأقسم}؛ بغير ألف بعد اللام، وكذا روى النقَّاش عن أبي ربيعة عن البَزِّيِّ، والباقون بألف، ولا خلاف في الثاني، والله أعلم، ونسبها بعضهم إلى الحسن أيضًا، وقال: والجمهور ضعَّفوها؛ لأنَّ اللام تصحبها النون في القسم.
==========
[ج 2 ص 305]

(1/8433)


[حديث: {الذين جعلوا القرآن عضين} قال: هم أهل الكتاب]
4705# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشير؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، حافظ بغداد، تَقَدَّمتْ ترجمته، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، واسمه: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، تَقَدَّم مِرارًا.
==========
[ج 2 ص 305]

(1/8434)


[حديث: {كما أنزلنا على المقتسمين} قال: آمنوا ببعض وكفروا ببعض]
4706# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): هو سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو ظبْيَانَ): هو بكسر الظاء المعجمة المشالة والفتح، فأهل الحديث يكسرونها، وأهل اللغة يفتحونها، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه حُصين بن جندب، مات سنة تسعين، وهو والد قابوسَ، اتَّفقا عليه، وقال فيه أحمد: منكر الحديث، انتهى، تَقَدَّم، وقول الدِّمْياطيِّ: (اتَّفقا عليه)؛ أي: على أبي ظبيان، وقد أخرج له الجماعة كلُّهم، وأمَّا ابنه قابوس؛ فأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وقوله: (قال فيه أحمد: منكر الحديث) إن أراد صاحبَ الترجمة أبا ظبيان؛ فهو فائدة، ولا أعلم فيه كلامًا لأحمد ولا لغيره، وإن أراد قابوس؛ فهو متكلَّم فيه، وفيه كلام لأحمد، وظاهر عبارة الدِّمْياطيِّ أن يكون الكلام في أبي ظبيان، وفيه نظرٌ، والله أعلم.
قوله: (الْيَهُودِ [1] وَالنَّصَارَى): (اليهودِ): بالجرِّ، بدل من {المُقْتَسِمِينَ} [الحجر: 90]، (والنصارى): معطوف عليه، ويجوز رفعه، ويكون بدلًا من الضمير في (آمنوا)، ويحتمل أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هم اليهود، و (النصارى) معطوف عليه، والله أعلم.

(1/8435)


[{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}]
قوله: (قَالَ سَالِمٌ: الْمَوْتُ): الظاهر أنَّه سالم بن عبد الله بن عمر، الفقيه المشهور، والله أعلم، وقد ذكره ابن أبي الدنيا في «اليقين» بإسناده إليه.
==========
[ج 2 ص 305]

(1/8436)


(((16))) [سورة النحل]
قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَمِيدُ: تُكْفَأُ [1]): قال ابن التين _كما نقله شيخنا عنه_: ضبطه بعضهم بضمِّ التاء وتخفيف الفاء، وبفتح التاء وتشديد الفاء، وهو أشبه، انتهى، وهو مهموز الآخر، وهذا الضبط الثاني هو في أصلنا.
قوله: ({مُفْرَطُون} [النحل: 62]: مَنْسِيُّونَ): {مُفْرَطُونَ}: بفتح الراء، وهذا التفسير لهذه القراءة، وقد قرأ بفتح الراء مَن عدا نافعًا، وهم السِّتَّة، وقرأ نافع بكسر الراء؛ ومعنى: (منسيُّون)؛ أي: متروكون في النار، وأمَّا من قرأ بكسرها؛ فمعناه: مبالغون في الإساءة، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: أشار إلى هذا المعنى أبو عبيدة في «المجاز»، ونقله ابن جرير عن بعض أهل العربيَّة مبهمًا، وردَّه على قائله.
قوله: (هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ): وذلك أنَّ الاستعاذة قبل القراءة ما قاله هنا هو ما عليه الأكثرون، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه ودَاود ومالك: أنَّهم قالوا: إنَّها بعدها؛ أخذًا بظاهر الآية، والله أعلم، وقال بعضهم: وعليه من القرِّاء حمزةُ، انتهى.
قوله: ({شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]: نَاحِيَتِهِ): كذا في أصلنا، وكتب عليه زائد، وهو ثابت في بعض النسخ هنا، وهذه اللفظة في (سُبْحَانَ)، لا في هذه السورة.

(1/8437)


قوله: ({الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: 66]، وَهْيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ [2] النَّعَمُ، الْأَنْعَامُ [3]: جَمَاعَةُ النَّعَمِ)، انتهى، فصريح كلامه أنَّ (النَّعَم) أيضًا تُؤنَّث وتُذكَّر، وهو فائدة، وسيجيء مَن ذكره، والذي في «الصحاح»: (والنَّعَم: واحد الأنعام؛ وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، قال الفرَّاء: هو ذكر لا يُؤنَّث، يقولون: هذا نَعَمٌ واردٌ، ويُجمَع على نُعمان؛ مثل: حَمَل وحُملان، والأنعام: تذكَّر وتؤنَّث، قال الله عز وجل في موضع: {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: 66]، وفي موضع: {مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21]، وجمع الجمع: أناعيم ... ) إلى آخر كلامه، ثُمَّ إنِّي رأيت أنَّ (النَّعَم) تُؤنَّث وتُذكَّر، حكاها ابن دريد في «الجمهرة»، والمطرزيُّ في «المُغْرِب»، وهذا الإمام البُخاريُّ قد حكاها هنا، وقد تَقَدَّم أنَّ الفرَّاء قال: لا تُؤنَّث، وهؤلاء مثبتون، وهو نافٍ، فكلامهم مقدَّم على كلامه؛ لأنَّ معهم زيادةَ علمٍ، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ): قال شيخنا: ابن عيينة حكاه عن صدقة عن السُّدِّيِّ، كذا أخرجه الطبريُّ وابن أبي حاتم، انتهى، و (صدقة) هذا: يحتمل أن يكون صدقة بن يسار الجزريَّ نزيل مَكَّة، يروي عن ابن عمر، وطاووس، وسعيد بن جُبَير، وجماعةٍ، والزُّهريِّ وهو من أقرانه، وعنه: ابن إسحاق، وشعبة، ومالك، والسُّفيانان، وجماعةٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، قال أبو داود: كان متوحِّشًا، يصلي جمعةً بمَكَّة وجمعةً بالمدينة، وقال ابن عيينة: قلت له: يزعُمون أنَّكم خوارج، قال: كنت منهم، غير أنَّ الله تعالى عافاني، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ في أوَّل خلافة بني العبَّاس، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم.
وأوَّل خلفاء بني العبَّاس السَّفَّاحُ عبدُ الله بن محمَّد بن عليِّ بن عبد الله بن العبَّاس، وقد بُويع ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومئة.

(1/8438)


قوله: (هِيَ خَرْقَاءُ ... ) إلى آخره: هذه المرأة هي رَيطة بنت كعب، وذكر السُّهيليُّ: أنَّها بنت سعد بن زيد مناة، وجزم به ابن التين، وزعم غيره: أنَّها رَيطة بنت عمرو بن سعد، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: وروى ابن مردويه في «تفسيره» عن ابن عبَّاس: أنَّها نزلت في التي كانت تُصرَع، وخيَّرها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين الصبر والدعاء لها، فاختارت الصبرَ والجنَّةَ، قال: وهذه المجنونة سعيدة الأسديَّة، انتهى، وقد رأيت في كلام المحبِّ الطبريِّ: أنَّ الجعرانة لقب رَيطة بنت سعيد بن زيدٍ، وكانت من قريش، وهي المشار إليها في قوله تعالى: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل: 92]،
[ج 2 ص 305]
حُكِيَ ذلك عن السهيليِّ في «الأعلام»، انتهى، وهي خرقاء كانت تغزل الصوف وتأمر جواريَها بذلك إلى نصف النهار، ثُمَّ تنقض ما غُزِل في النصفِ الآخرِ، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: قال مقاتل: هي ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ذكره السُّهيليُّ، قلت: وذكره البلاذريُّ وغيرُه أيضًا، وزاد: أنَّ لقبها الخطيا، قالوا: وهي والدة أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ، وفي «تفسير ابن مردويه»: أنَّها المجنونة التي كانت تُصرَع، فدعا لها عَلَيهِ السَّلام بالصبر، واسمها: سُعَيرة الأسديَّة، أخرجه من طريق ابن عبَّاس بسندٍ ضعيفٍ، وسيأتي في (الطب) أنَّها أمُّ زُفَر.

(1/8439)


[{ومنكم من يرد إلى أرذل العمر}]

(1/8440)


[حديث: أعوذ بك من البخل والكسل]
4707# قوله: (عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ): هذا هو شعيب بن الحبحاب الأزديُّ، أبو صالح البصريُّ، عن أنس، وأبي العالية، وعنه: يونس بن عُبيد، والحمَّادان، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة ثلاثين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.
قوله: (أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ): في (البخل) لغتان: بُخْل وبَخَل، وقد قُرِئ بهما.
قوله: (وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ): آخره، في حال الكبر، والعجز، والخرف، والأرذل من كلِّ شيء: الرديء، قال بعض المفسِّرين: {أَرْذَلِ العُمُرِ} [النحل: 70]: أوضعُه؛ يعني: الهرم، أو الخرف، وقيل: سبعين سَنةً، وقيل: تسعين، وفي الحديث: «خمسة وسبعين»، انتهى.
قوله: (وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ): تَقَدَّم الكلام على استعاذته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم منها، وما الحكمة فيه، في (الصلاة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (فتنة المحيا والممات).

(1/8441)


(((17))) (سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) .... إلى (سُورَة مَرْيَم)
(إِسْرَائِيل): هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلَّى الله عليهم وسلَّم، قيل: معنى (إسرائيل): عبد الله، (إِسْر): هو العبد، أو الصفوة، (وإيل): هو الله عزَّ وجلَّ، عبريٌّ غير مشتقٍّ، وقيل: سُمِّيَ به؛ لأنَّه أسرى بالليل هاربًا من أخيه عيص إلى خاله، وقيل: لأنَّ إسرائيل حنَّا كان يُطفِئ سراج بيت المقدس، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام في (سورة البقرة) على قول من قال: إنَّ (إيل): الله، وردَّه؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 306]

(1/8442)


[حديث ابن مسعود: إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي]
4708# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ): هو النخعيُّ، أبو بكر الكوفيُّ، روى عن عمِّه علقمة وابن مسعود، وعنه: منصور، والأعمش، وأبو إسحاق، وعدَّةٌ، مات قبل الجماجم، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقد تَقَدَّم، ولكن تقادم العهد به.
قوله: (قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): كذا قال ابن مسعود، ورواه البُخاريُّ في (فضائل القرآن)، فقال في (بني إسرائيل)، و (الكهف)، و (مريم)، و (طه)، و (الأنبياء): (إنَّهن من العتاق الأُوَل).
قوله: (مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): قال ابن قُرقُولَ: أي: من أوَّل ما أُنزِل، والعتيق: القديم، وقيل: من قديم ما تعلَّمت من القرآن، والأوَّل أشبه؛ لقوله: (وهُنَّ من تلادي)؛ أي: ممَّا تعلَّمتُ أوَّلًا، ولا وجه لتكراره هنا، وقد يَكُنَّ بمعنى: الشريفات الفاضلات، والعرب تقول لكلِّ متناهٍ في الجود: عتيق.
قوله: (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي): (التِّلاد): بكسر المثنَّاة فوق، وتخفيف اللام، وبعد الألف دال مهملة، ثُمَّ ياء الإضافة، وقد تَقَدَّم تفسيره أعلاه.
==========
[ج 2 ص 306]

(1/8443)


[غريب الآيات 4 - 111]
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ): قال بعض الحُفَّاظ من المِصْريِّين المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز».
قوله: (نَغَضَتْ سِنُّكَ؛ أَيْ: تَحَرَّكَتْ): (نَغَضت): بفتح النون والغين والضاد المعجمتين، ثُمَّ تاء التأنيث، (وسنُّك): مرفوع فاعل، يقال: نغض رأسه، ينغُض، وينغِض؛ بالضمِّ والكسر في المستقبل، نغْضًا ونُغُوضًا؛ أي: تحرَّك، وأنغض رأسه؛ أي: حرَّكه كالمتعجِّب من الشيء، ومنه الآية: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسراء: 51]، ويقال أيضًا: نغض فلان رأسه؛ أي: حرَّكه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، حكاه الأخفش.
قوله: (وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ ... )؛ فذكر منها ثلاثة: قال الأزهريُّ: وقضى في اللغة على وجوهٍ مرجعُها إلى انقطاع الشيء وتمامهِ، وكلُّ ما أُحكِم عملُه، أو أُتِمَّ، أو خُتِم، أو أُدِّيَ، أو وجب، أو أُعلِم، أو أُنفِذ ومضى؛ فقد قضى، وقد جاءت هذه الوجوه كلُّها في الحديث، انتهى، وقد رأيت أن أذكر ما حضرني من معاني (قضى)؛ فمنها: قضى؛ بمعنى: ختم، ومنه: {قَضَى أَجَلًا} [الأنعام: 2]؛ أي: أتمَّه وختمه، وتأتي بمعنى: الأمر؛ كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]؛ أي: أمر، وتأتي بمعنى: الإعلام؛ {قَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر: 66]، وبمعنى: فصل في الحكم، ومنه: {لَقُضِيَ إِلَيْهِم} [يونس: 11]، و {لَقُضِيَ بَيْنَهُم} [يونس: 19]، ويأتي بمعنى: الفراغ؛ {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71]؛ وبمعنى: أَنفِذْ وأمضِ؛ كقوله: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72]؛ وبمعنى: الانفصال والخروج عن الشيء، ومنه: قضى دَينَه، والله أعلم.
قوله: ({حَصِيراً} [الإسراء: 8]: مَحْبِسًا مَحْصِرًا [1]): (مَحبِسًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا، ولم يتعرَّض شيخنا إلَّا للموحَّدة، فقال: إنَّها مكسورة، انتهى، وضبطها غير شيخنا: بفتح الميم وكسر الموحَّدة، وكذا في نسختي من «صحاح الجوهريِّ» بالقلم، وهي صحيحة جدًّا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر في نسخته مفتوح الباء بالقلم، وهو القياس؛ لأنَّه مكان الحبس، والمكان بالفتح، ويأتي بالكسر في بعض الألفاظ أيضًا؛ كـ (مطلِع) وغيرِه، قال شيخنا بعد تقييدها كما ذكرته عنه: والأحسن سكونها؛ مثل: كذا وكذا، فذكرته شيئًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، انتهى.

(1/8444)


و (مَحْصِرًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء وكسر الصاد المهملتين، ثُمَّ راء، كذا في أصلنا بالقلم، وهو الظاهر، وقال شيخنا: و (محصِرًا) بفتح الصاد؛ لأنَّه من حصر يحصر، انتهى.
قوله: (يُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مبنيٌّ لما لمْ [يُسَمَّ] فاعلُه.
قوله: (وَجَمْعُهُ [2]: تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ): قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «تارة: جمع تِيَرَة وتارات»، وكذا للمهلَّب وغيره، وفي أصل الأصيليِّ: تِيَرٌ وتاراتٌ، وهو الصواب)، انتهى، وقوله: (تِيَر): هو بكسر المثنَّاة فوق، وفتح المثنَّاة تحت، وهو مقصور، من (تِيَار)، كما قالوا: قاماتٌ وقِيَمٌ، وإنَّما غُيِّرَ؛ لأجل حرف العلَّة، ولولا ذلك؛ لما غُيِّر، ألا ترى أنَّهم قالوا في جمع رَحْبَة: رِحاب، ولم يقولوا: رِحَبٌ، قال الشاعر:
تَقُومُ تاراتٍ وتَمشِي تِيَرا
وربَّما قالوا بحذف الهاء، قال الشاعر:
فالويلُ تارًا والثُّبُورُ تَارَا
والله أعلم.
قوله: (لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا): (يُحالِف): بالحاء المهملة، والحِلف والمحالفة: المؤازرة [3] والمناصرة، وهذا معروفٌ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (محصَرًا).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وجماعته).
[3] في (أ): (والمؤازرة)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 306]

(1/8445)


[باب قوله: {أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام}]

(1/8446)


[حديث: أتي رسول الله ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن]
4709# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ.
قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ [1]: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): (محمَّد): هو البُخاريُّ صاحب «الصحيح»، وهذا ظاهرٌ، ولايحتاج إلى كتابته.
قوله: (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّه المصريُّ، أبو جعفر، المعروف بابن الطبريِّ، من كبار الحُفَّاظ، تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، ومرَّة مترجمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: عنبسة بن خالد بن يزيد، ابن أخي يونس بن يزيد، مات سنة ثمان وتسعين ومئة، انتهى، وقد تَقَدَّم مترجمًا، وأنَّ البُخاريَّ قرنه كهذا، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».
[ج 2 ص 306]
قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ الإمام، أحد الأعلام، و (ابْنُ الْمُسَيّبِ): هو سعيد، وتَقَدَّم أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.
قوله: (بِإِيلِيَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وأنَّها يقال: إنَّها بالسُّريانيَّة بيت الله، وتَقَدَّم أنَّ (الفِطْرَةَ): الاستقامة، و (غَوَتْ أُمَّتُكَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: انهمكت [2] في الشرِّ.
==========
[1] (قال محمد): ليس في «اليونينيَّة»، وفيها بدلًا منها: (ح).
[2] في (أ): (انهمتْك)، والمثبت ممَّا تقدَّم.

(1/8447)


[حديث: لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلى الله]
4710# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم في ظاهرها أنَّه أحد الحُفَّاظ، ابن الطبريِّ، وتَقَدَّم قبله مترجمًا، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم قريبًا، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، اسمه: عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (قُمْتُ فِي الْحِجْرِ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وأنَّه كنصف دائرة من جانب الكعبة الشماليِّ، وتَقَدَّم الكلام عليه؛ هل كلُّه من البيت أو بعضه؟ وقد ذكرت ذلك البعض في (الحجِّ)؛ فانظره إن أردته.
قوله: (فَجَلَّى اللهُ لِي): تَقَدَّم ضبطه في (الإسراء)، وأنَّه مخفَّف، وهنا هو في أصلنا مشدَّدٌ، وبهما ضبطه النوويُّ في «شرح مسلم»، والتشديد لغة القرآن: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَ هُوَ} [الأعراف: 187]، و (طَفقَتُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الفاء وفتحها؛ ومعناه: جعلتُ، و (آيَاتِهِ): علاماته.
قوله: (زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): (يعقوب) هذا: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، أبو يوسف الزُّهريُّ، حدَّث ببغداد، تَقَدَّم مترجمًا، وهذا تعليق، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وتُوُفِّيَ هذا سنة (182 هـ) على المعروف فيها، أخرج له الجماعة، وليس يعقوب بن إبراهيم الدورقيَّ، هذا الثاني هو شيخه وشيخ بقيَّة السِّتَّة، ولو كان الدورقيَّ؛ لكان كـ (حدَّثنا)، كما تَقَدَّم في نظرائه، و (ابن أخي ابن شهاب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزُّهريِّ، و (عَمُّهُ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهابٍ.
قوله: (حِينَ أُسْرِيَ بِي): (أُسرِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8448)


[{ولقد كرمنا بني آدم}]
قوله: (وَهْيَ مِنْ شَكْلِهِ): هو بفتح الشين المعجمة، وإسكان الكاف، و (الشكل): المثل، يقال: هذا أشكل بكذا؛ أي: أشبه، وأمَّا بالكسر؛ فهو الدَّلُّ، تقول: امرأة ذات شِكْلٍ؛ بالكسر، وشَاكِلَتُه: عادته أو جديلته التي طُبع عليها من شقاءٍ أو سعادة، أو ناحيته، أو بيته، وحقيقته: ما يقرب منه ويألفه، تقول: لست على شكلي وشاكلتي، والله أعلم.
قوله: (وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا): هو بفتح أوَّله، وهذا ظاهرٌ، وقال شيخنا: ضبطه بعضهم بضمِّ التاء، كما نقله ابن التين، وليس ببيِّن، انتهى.
قوله: (أَنْفَقَ الرَّجُلُ: أَمْلَقَ): معناه: افتقر، (وأنفق)؛ بمعنى: افتقر وذهب ماله، معروفٌ، ومنه الآية هذه.
قوله: (وَنَفَقَ [1] الشَّيْءُ: ذَهَبَ): هو بفتح الفاء، كذا في أصلنا، وقال شيخنا: إنَّه بكسر الفاء، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (نفَق الشيء: ذهب)؛ بفتح الفاء، وهي اللغة الفصيحة، ويقال: بالكسر، وليست بالعالية، انتهى، وفي «الصحاح»: نفَقَتِ الدابَّة تنفُق نُفوقًا؛ أي: ماتت، ونفق البيع نَفاقًا؛ بالفتح؛ أي: راجَ ... إلى أن قال: ونفِق الزاد _يعني: بالكسر_ ينفَقُ نَفَقًا؛ أي: نَفِدَ، ولم يذكر غيره، وقال ابن القطَّاع: ونفِق المال: فَنِيَ، ونفَق أيضًا؛ بالفتح: لغة، انتهى، فهذا مخالف لما في الحاشية، والله أعلم.
قوله: ({قَتُورًا} [الإسراء: 100]: مُقْتِرًا [2]): هو بضمِّ الميم، وإسكان القاف، وكسر المثنَّاة فوق، اسم فاعل، يقال: قَتَر على عياله _بالتخفيف_ يقتُر ويقتِر قتْرًا وقتورًا؛ إذا ضيَّق عليهم في النفقة، وكذلك التقتير والإقتار؛ ثلاث لغاتٍ.
قوله: (مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ): (اللحي): بفتح اللام وكسرها، و (اللحي): منبت اللحية من الإنسان وغيره، والنسبة إليه: لحويٌّ.
قوله: ({خَبَتْ} [الإسراء: 97]: طَفِئَتْ): هو بفتح الطاء، وكسر الفاء، ثُمَّ همزة مفتوحة، وهذا معروفٌ.

(1/8449)


[حديث ابن مسعود: كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية]
4711# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أبو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الإمام المشهور.
قوله: (أَمِرَ بَنُو فُلاَنٍ): (أَمِر)؛ بفتح الهمزة، وكسر الميم، وكذا قوله بعده: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَالَ: أَمِرَ)، كذا في أصلنا في الموضعين، وفيه نظرٌ، فإنَّه لا بدَّ وأن يخالف الأوَّلُ الآخرَ حتَّى يحسن ذكره، وكان كذلك، ثُمَّ غُيِّر في أصلنا، فأُصلِح الثاني بالفتح في الميم، وقال شيخنا: (قال ابن التين: كسر الميم أنكره أهل اللغة؛ لأنَّ «أَمِر» لا يتعدَّى)، انتهى، وحكى بعضهم عن أبي حاتم: أنَّه حكى عن أبي زيد أنَّه يقال: (أَمِر اللهُ مالَه)، و (أَمَره): بفتح الميم وكسرها؛ إذا كثَّره، انتهى.
وقال شيخنا أيضًا: (ما ذكره عن الحميديِّ عن سفيان: «أَمَر»؛ بفتح الميم لا وجه له؛ لأنَّه لا يقال: أمَر بنو فلان؛ إذا كثروا ... ) إلى آخره، وهذا _فيما يظهر_ الصواب في الرواية، وإن كان من حيث المعنى سفيان مؤاخذٌ فيه، والله أعلم، وقد ذكرت لك عن بعضهم أعلاه أنَّه حكى ذلك عن أبي زيدٍ، ورأيت في نسخة مقروءة ومقابلة: بضمِّ الهمزة، وكسر الميم، فتحرَّر، والله أعلم، والذي رأيته أنا: أمِر الشيء؛ بالكسر في الميم، أمَرًا؛ بفتحها في المصدر: كثُر، وكذا أَمُر؛ بفتح الهمزة وضمِّ الميم، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم لماذا نُسِب، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة، و (قَالَ: أَمِرَ): تَقَدَّم أعلاه.

(1/8450)


[{ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا}]

(1/8451)


[حديث: أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك؟]
4712# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، وأنَّ اسمه يحيى بن سعيد بن حيَّان، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّم أنَّه اختُلِف في اسمه، فقيل: هرم، وقيل: غيره، ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ.
قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً): هما بالإهمال والإعجام، قال ابن قُرقُول: وبالمهملة للأصيليِّ، ومعناهما واحد، وقيل بالمهملة: الأخذ بأطراف
[ج 2 ص 307]
الأسنان، وبالمعجمة: بالأضراس، وقال الخَطَّابيُّ بالعكس، وقال ثعلب: النَّهس: سرعة الأكل، انتهى.
قوله: (يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الميم، رُباعيٌّ، والضمير مفعول، (والداعي): مرفوعٌ فاعل.
قوله: (وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ): قال ابن قُرقُول: («يُنفذهم»: بضمِّ الياء، ورواه بعضهم بالفتح؛ أي: يخرقهم ويتجاوزهم، ورواه الكافَّة بفتحها؛ أي: يحيط بهم الرائي لا يخفى منهم شيء؛ لاستواء الأرض؛ أي: ليس فيها شيء يستتر أحدٌ عن الرائي، وهذا الأوَّل من قول أبي عبيد، يأتي عليهم بصرُ الرَّحمن؛ إذ رؤية الله لجميعهم محيطةٌ في كلِّ حال، في المستوي وفي غيره، يقال: نفَذَه؛ إذا بلغه وجاوزه)، انتهى، وهو بالذال المعجمة، وقال ابن الأثير في «نهايته»: قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنَّما هو بالمهملة؛ ومعناه: أنَّه يبلغ أوَّلَهم وآخرَهم حتَّى يراهم كلَّهم ويستوعبهم، من نفِذَ الشيء، وأنفذته، انتهى.
قوله: (فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ): (الناسَ): منصوبٌ مفعول.

(1/8452)


قوله: (فَيَأْتُونَ آدَمَ): وكذا قوله: (فَيَأْتُونَ نُوحًا)، وكذا المواضع الباقية، إن قيل: من هؤلاء الذين يأتون هؤلاء الأنبياء، ويسألونهم الشفاعة؟ فالجواب: أنَّ الغزاليَّ الإمام أبا حامد ذكر في كتاب «كشف علم الآخرة»: أنَّهم العلماء العاملون، كذا نقله القُرْطبيُّ عنه، ولفظه: (والعلماء العالمون على كراسيَّ من نور ... ) إلى أن قال: (وهذه الطائفة العالية أصحاب الكراسيِّ هم الذين يطلبون الشفاعة من آدم ونوح حتى ينتهوا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، قال القُرْطبيُّ بعد هذا: وذكر أبو بكر بن برَّجان في «الإرشاد» له: ويُلْهَم رؤوس المحشر بطلب من يشفع لهم ويريحهم ممَّا هم فيه، وهم رؤساء أتباع الرسل، فيكون ذاك، انتهى.
تنبيهٌ وهو تتمَّةٌ لما قبله: قال أبو حامد الغزاليُّ في «الكشف»: إنَّ بين إتيانهم من آدم إلى نوح ألفَ عام، وكذلك بين كلِّ نبيٍّ ونبيٍّ إلى محمَّد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
قوله: (إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا): هو بفتح الغين المعجمة، هذا هو الصحيح المعروف، قال النَّوويُّ: وضبطه بعض الأئِمَّة المتأخِّرين بالفتح والإسكان، وهذا له وجهٌ، ولكنَّ المختارَ ما قدَّمناه؛ يعني: الفتح، ويدلُّ له: «ألا ترون إلى ما قد بلغكم»، ولو كان بإسكان الغين؛ لقال: بلغتم، انتهى.
قوله: (أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّم الكلام عليه مع إثبات إدريس في النسب الشريف؛ فانظره في أوائل هذا.
قوله: (وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ): تَقَدَّم الكلام على هذه، وأنَّها ليست بكذب، وكيف أطلق عليها إبراهيم _وكذا النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ كذبات، في (كتاب الأنبياء صلى الله عليهم وسلم) في (إبراهيم عَلَيهِ السَّلام).
قوله: (فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ (حَيَّان) بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، وتَقَدَّم اسمه، ومن قبل ذلك تَقَدَّمتْ ترجمتُه، وتَقَدَّم في (كتاب الأنبياء) الثلاث.

(1/8453)


قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا): كذا في الصحيح: (ولم يذكر ذنبًا)، والذاكر هو أبو حيَّان، وحاشاهم من الذنوب، والذي نعتقده: أنَّهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، والكلام في المسألة مشهورٌ معروفٌ، وقد ذكرته في (الأنبياء) في قول آدم: (فعصيته)؛ فانظره وفي «النَّسائيِّ» وهو في «مسند أحمد» من حديث ابن عبَّاس ولفظه: «إنِّي اتُّخِذتُ إلهًا من دون الله»، وفي «التِّرْمِذيِّ» في سورة (سبحان) من حديث أبي سعيد مرفوعًا ولفظه: «إنِّي عُبِدتُ من دون الله ... »؛ الحديث.
قوله: (فَأَنْطَلِقُ): هو بفتح الهمزة، وكسر اللام، مرفوعٌ، فعلٌ مضارعٌ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ): (آتي): بمدِّ الهمزة، وكسر التاء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي): تَقَدَّم أنَّ هذه السجدة والتي بعدَها كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، كذا في «المسند» لأحمد، وكذا في «مسند أبي يعلى»، وتَقَدَّم أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعة مقدار سبعين سَنةً، كلُّ يوم بعشر سنين.
قوله: (أَدْخِلْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الخاء، مجزومٌ، فعلُ أمرٍ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ): (حِمْيَر): بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، وفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، قال الدِّمْياطيُّ: يريد: صنعاء؛ لأنَّها بلدة حِمْيَر، انتهى، وأمَّا ابن قُرقُول؛ فقال: (كذا عند البُخاريِّ في «سورة سبحان»، وصوابه: «وهَجَر»، وكذا في «مسلم»، وللنسائيِّ، وابن أبي شيبة)، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ أحسن من التغليط، والله أعلم.

(1/8454)


[{وآتينا داود زبورًا}]

(1/8455)


[حديث: خفف على داود القراءة فكان يأمر بدابته لتسرج]
4713# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن مُنَبِّه بن كامل، اليمانيُّ الأبناويُّ.
==========
[ج 2 ص 308]

(1/8456)


[{قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ... }]

(1/8457)


[حديث: كان ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن]
4714# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفص الفلَّاس، أحد الأعلام، و (يَحيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (إِبْراهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو مَعْمَرٍ): بفتح الميمين، وإسكان العين، وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن سخبرة الأزديُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ): وكذا بعده (كَانَ نَاسٌ مِنَ الجِنِّ)، ذكر ابن التين المكان الأوَّل، وقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ الجنَّ لا يُسمَّون ناسًا، انتهى، نقله شيخنا عنه، ولم يتعقَّبْه في ذلك، وفيه نظرٌ، قال الجوهريُّ: والناس: قد يكون من الإنس ومن الجن، انتهى.
قوله: (زَادَ الأَشْجَعِيُّ): هو عبيد الله بن عبيد الرَّحمن؛ مصغَّرٌ فيهما، وقيل: ابن عبد الرَّحمن؛ مُكبَّرًا، الأشجعيُّ، أبو عبد الرَّحمن الكوفيُّ، نزيل بغداد، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ثِقةٌ مأمون، تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثمانين ومئة، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فهو تعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ المذكور في السند، و (الأَعْمَشُ): سليمان، تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 308]

(1/8458)


[{أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} الآية]

(1/8459)


[حديث في تفسير {الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}]
4715# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر الحافظ، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش ابن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أعلاه، و (أَبُو مَعْمَرٍ): عبد الله بن سخبرة، وقد تَقَدَّم ضبطه أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
[ج 2 ص 308]
قوله: (كَانُوا يُعْبَدُونَ): هو بضمِّ [الياء]، وفتح الباء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8460)


[{وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناس}]

(1/8461)


[حديث في قوله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك}]
4716# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.
قوله: (هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ ... ) إلى آخره: في هذا أنَّ مصدر (رأى) البصريَّة يأتي على (رؤيا)، وقد أنكره الحريريُّ وغيره، وقالوا: إنَّما يقال: رؤيةٌ، وفي الحُلُميَّة: رؤيا، وخطَّؤوا المتنبِّيَ في قوله:
ورؤياكِ أحلى في العُيونِ مِنَ الغمْضِ
وهذا التفسير يردُّ عليهم، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 309]

(1/8462)


[{إن قرآن الفجر كان مشهودًا}]

(1/8463)


[حديث: فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون ... ]
4717# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): بإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، و (ابْنُ المُسَيّبِ): سعيدٌ، بفتح الياء وكسرها.
==========
[ج 2 ص 309]

(1/8464)


[{عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا}]

(1/8465)


[حديث: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها]
4718# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ) تَقَدَّم أنَّ (أبانًا): الصحيح صرفه مطوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، الورَّاق، عن مسعر، وعدَّةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وخلقٌ، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (216 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، وثَّقه أحمد وجماعةٌ، وقال البُخاريُّ: صدوق، له ترجمة في «الميزان»، قال بعضهم: كان يتشيَّع، وروى الحاكم عن الدارقطنيِّ أنَّه قال: ليس عندي بالقويِّ.
تنبيهٌ: وهذا غير إسماعيل بن أبان الغنويِّ الكوفيِّ الخيِّاط، هذا الثاني كذَّبه يحيى بن معين، قال أحمد: روى أحاديث موضوعةً، وقال البُخاريُّ: ترك أحمد والناس حديثَه، لهذا أيضًا ترجمة في «الميزان»، روى عنه أحمد عن هشام بن عروة.
و (أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، وسكون الحاء، ثُمَّ واو مفتوحة ثُمَّ صاد مهملتين، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه سلَّام بن سُليم، الحنفيُّ مولاهم، الكوفيُّ، مات هو ومالك بن أنس وحمَّاد بن زيد وخالد بن عبد الله الطَّحَّان في سنة سبع وسبعين ومئة، انتهى، و (سلَّام): بتشديد اللام، و (سُلَيم): بضمِّ السين وفتح اللام، تَقَدَّم.
قوله: (جُثَاء [1]): هو في أصلنا بضمِّ الجيم، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، وفي آخره همزة ممدودة، وفي الهامش نسخة، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ: (جُثًا)؛ بضمِّ الجيم منوَّنٌ مقصورٌ، قال ابن الأثير: (الجُثا: جمع جُثوة؛ بالضمِّ: وهي الشيء المجموع، ومنه: حديث ابن عمر ... فذكره؛ أي: جماعة، وتروى هذه اللفظة: «جُثِيٌّ»؛ بتشديد الياء: جمع جاثٍ؛ وهو الذي يجلس على ركبتيه)، انتهى.
وفي «المطالع»: («جُثًا، كلُّ أمَّة تتبع نبيَّها»، قوله: «جثوة من تراب»: هو التراب المجموع المرتفع، ويقال: جُثوة وجِثوة، أصله: كلُّ شيء مرتفعٌ، وصريح كلامه: أنَّ «جثًا»: جمع جثوة)، انتهى، وفي (الجثوة) ثلاث لغاتٍ: فتح الجيم، وضمُّها، وكسرها، وقد تَقَدَّم، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ عن ابن الخشَّاب: («جُثًّا»؛ بالتشديد والضمِّ: جمع جاثٍ؛ كغازٍ وغُزًّا، وجُثَا؛ مخفَّفة: جمع جثوة، ولا معنى له ههنا، وقال ابن التين: جُثًا؛ بضمِّ الجيم: جمع جُثوةٍ؛ كخُطًا وخُطوة)، انتهى.

(1/8466)


قوله: (الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ): بَوَّبَ عليه: ({عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]): وقد فسَّره بأنَّها الشفاعة العظمى، وفي (المقام المحمود) مقالات ذكرها القُرْطبيُّ في «تذكرته»، وذكرها غيره، وهي خمسة أقوال؛ الأول: الشفاعة العامَّة للناس، الثاني: إعطاؤه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لواء الحمد، انتهى، ولواء الحمد تَقَدَّم كيفيَّته، ثُمَّ قال القُرْطبيُّ: ولا تنافي بين هذا القول وبين الأوَّل، فإنَّه يكون بيده لواء الحمد ويشفع، الثالث: قول مجاهدٍ، وسيأتي، ثُمَّ قال عقيبه: وهذا قولٌ مرغوبٌ عنه، فإن صحَّ؛ فيُتأوَّل على أن يجلسه مع أنبيائه وملائكته، ثُمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ، وسأذكره، والرابع: إخراجه طائفةً من النار، وذكره مستنده من حديث مسلم، والخامس: شفاعته رابع أربعة، وسيأتي، انتهى.
ثُمَّ ذكر بُعَيد هذا مستندَ هذا القول، ومستندُ هذا القول ما رواه أبو داود الطيالسيُّ، فذكر حديثًا عن أبي الزعراء عن عبد الله قال: «ثُمَّ يأذن الله عزَّ وجلَّ في الشفاعة، فيقوم روح القدس جبريل عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم إبراهيم عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم عيسى عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم موسى عَلَيهِ [السَّلام]_قال أبو الزعراء: لا أدري أيُّهما قال؟ قال_: ثُمَّ يقوم نبيُّكم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم رابعًا، فيشفع ... »؛ الحديث، قال: وهو المقام المحمود الذي قال الله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]، انتهى.
ذكر هذا الحديثَ الذهبيُّ في ترجمة عبد الله بن هانئ أبي الزعراء، وتعقَّبه: بأنَّ المعروف أنَّه عليه [السلام] أوَّلُ شافعٍ، نقله غير البُخاريِّ، وقال قبل هذا: قال البُخاريُّ: لا يتابع على حديثه، والحديث في «مستدرك الحاكم»، وقال: على شرط البُخاريِّ ومسلم، وتعقَّبه الذهبيُّ: بأنَّ أبا الزعراء لم يخرِّجا له، والله أعلم، وفيه غير ما ذكر من الأقوال، وقد ذكر شيخنا في حديث الشفاعة في أواخر «البُخاريِّ»: أنَّ (المقام المحمود): هو أن يكون أقربَ من جبريل، فهذا سادسٌ فيه.

(1/8467)


وقد ذكر القاضي عياض في «الشفا» أقوالًا؛ منها: مقالة وقال: إنَّها شاذَّةٌ، عن بعض السلف، يجب ألَّا تثبت ... إلى آخر كلامه، والظاهر أنَّ المراد بهذه المقالة: ما فسَّر به مجاهد (المقام المحمود)، قال: (المقام المحمود): بأنَّ الله تعالى يُجلِسُه معه على العرش، وقد عُدَّ هذا منكرًا، وقد ذكر مجاهدًا الذهبيُّ في «ميزانه»، وذكر له هذا التفسير، فقال ما لفظه: ومِن أنكر ما جاء عن مجاهدٍ في التفسير في قوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]؛ فذكره، ومجاهد هذا أجمعت الأمَّةُ على إمامته والاحتجاج به، وقد قال ابن عبد البَرِّ في «تمهيده»: ومجاهد وإن كان أحدَ الأئِمَّة بتأويل القرآن؛ فإنَّ له قولين مهجورين عند أهل العلم؛ أحدهما ... فذكر ما ذكرته عنه في تأويل (المقام المحمود)، قال: والثاني: في تأويل قوله تعالى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]، قال: تنتظر الثواب، ليس من النظر، انتهى.
ومجاهد بن جبر: إمامٌ، ثبتٌ، مفسِّرٌ، أحد الأعلام، له ترجمة في «الميزان»؛ فانظرها إن أردتها، ومقالته ذكرتُ مثلَها في حديث مقاتل بن سليمان، ذكر ذلك الذهبيُّ في ترجمة مقاتل بسنده إليه عن الضَّحَّاك عن ابن عبَّاس قال: (إذا كان يوم القيامة؛ نادى منادٍ: أين حبيب الله؟ فيتخطَّى صفوفَ الملائكة حتَّى يصير إلى العرش، حتَّى يمسَّ ركبته)، فهذا الحديث كذبٌ، قال الذهبيُّ في «الميزان» عَقيب روايته: فهذا لعلَّه وضعه أحد هؤلاء: صاحب مقاتل، أو مقاتل، أو القادسيُّ، انتهى.
ومقاتلٌ معروف الترجمة، وذكر في ترجمته عن أبي حنيفة الإمام: أنَّه أفرط في الإثبات، حتَّى جعله مثلَ خلقه، وقد ذكر القُرْطبيُّ في «التذكرة» أقوالًا في (المقام المحمود) _كما تَقَدَّم_ عن فرقة منهم مجاهد: أنَّه يُجلِسُه معه على الكرسيِّ، ثُمَّ قال: وهذا قول مرغوبٌ عنه، وإن صحَّ الحديث؛ فيُتأوَّل على أن يجلسه مع أنبيائه، ثُمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ.

(1/8468)


[حديث: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة ... ]
4719# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّم أنَّه بالمثنَّاة تحت، وبالشين المعجمة.
قوله: (رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها.
قوله: (رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حمزة) هذا: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، روى عن أبيه، وعمَّته حفصة، وعائشة أمِّ المؤمنين، وعنه: الزُّهريُّ، وموسى بن عقبة، ثِقةٌ إمام، وثَّقه العجليُّ وغيره، وكان أحد فقهاء المدينة، أخرج له الجماعة، وهذا تعليق، وهو في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ عقيب حديث عليِّ بن عيَّاش أبي جابر: «اللهم؛ ربَّ هذه الدعوة التامَّة ... »؛ الحديث، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فذكره عقيب حديث آدم بن عليٍّ عن ابن عمر: «أنَّ الناس يصيرون يوم القيامة جُثًا ... »؛ الحديث، فقال: ما لفظه لمَّا ذكر (مسند حمزة عن عبد الله بن عمر): (البُخاريُّ في «التفسير» عقيب حديث آدم بن عليٍّ عن ابن عمر، ورواه حمزة بن عبد الله عن أبيه عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهذا الحديث في أصلَينا بعد حديث ابن عمر من حديث جابر، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 309]

(1/8469)


[{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا}]

(1/8470)


[حديث: دخل النبي مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب]
4720# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق،
[ج 2 ص 309]
و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن أبي نجيح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق الثقفيِّ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه عبد الله بن سخبرة، قريبًا.
قوله: (نُصُبٍ): تَقَدَّم ضبطه، وما هو، وكذا (يَطْعنُ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين وفتحها.
قوله: (بِعُودٍ فِي يَدِهِ): كان في يده قوس، فأخذ بِسِيَةِ القوس، وفعل ذلك بها.

(1/8471)


[{ويسألونك عن الروح}]

(1/8472)


[حديث: بينا أنا مع النبي في حرث وهو متكئ على عسيب]
4721# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غِياثًا) بالغين المعجمة المكسورة، وبالمثنَّاة تحت، وبعد الألف ثاء مثلَّثة، وهذا مشهورٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (فِي حَرْثٍ): هو في أصلنا بالحاء المهملة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، قال ابن قُرقُول: («في خِرَب المدينة»، كذا في «باب: {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 85]» لجميعهم، وفي غير هذا الموضع: «في حرث المدينة»، وكذا رواه مسلم قبل، وهو الصواب، ومثله رواية مسلم في الحديث الآخر: «في نخل»)، انتهى.
قوله: (عَلَى عَسِيبٍ): تَقَدَّم.
قوله: (سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ): قال المازريُّ: الكلام في الروح والنفس ممَّا يغمض ويدقُّ، ومع هذا فأكثرَ الناسُ فيه الكلام، وألَّفوا فيه التآليف، قال أبو الحسن الأشعريُّ: هو النَّفَس الداخل والخارج، وقال ابن الباقلَّانيِّ: هو متردِّدٌ بين هذا الذي قاله الأشعريُّ وبين الحياة، وقيل: جسم لطيف مشارك للأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة، وقال بعضهم: لا يعلم الروحَ إلَّا اللهُ تعالى؛ لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]، وقال الجمهور: هي معلومة، واختلفوا فيها على هذه الأقوال، وقيل: هي الدم، وقيل غير ذلك، وليس في الآية دليلٌ على أنَّها لا تُعلَم، ولا أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يكن يعلمها، وإنَّما أجاب بما في الآية الكريمة؛ لأنَّه كان عندهم أنَّه إن أجاب بتفسير الروح؛ فليس بنبيٍّ، وفي (الروح) التذكير والتأنيث، والله أعلم.

(1/8473)


قوله: (مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ؟): بالموحَّدة، قال الدِّمْياطيُّ: وكلام العرب: ما أَرَبكم إليه؟ انتهى، قال ابن قُرقُول: («ما رابكم إليه؟» قيَّده الأصيليُّ بباء، وعن القابسيِّ: بياء، من الرَّأي، قال الوقشيُّ: صوابه: ما أَرَبكم؟ أي: حاجتكم، قال القاضي: ويحتمل أن يكون معنى «رابكم»: ما شكَّكَكُم [1] في أمره؟ يعني: الروح الذي سألوا عنه، أو ما الرَّيبُ الذي رابكم منه حتَّى احتجتم إلى معرفته والسؤال عنه؟ وما دعاكم إلى تعرُّف شيء قد تسوءُكم عقباه؟ ألا ترى إلى قولهم: لا يستقبلَنَّكُم بشيء تكرهونه؟!)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («ما رابكم إليه؟» أي: ما أَرَبكم وحاجتكم إلى سؤاله؟)، انتهى، وقال الخَطَّابيُّ _كما نقله شيخنا عنه_: («رابكم إليه»: كذا تقول العامَّة، وإنَّما هو «ما أربكم إليه؟» أي: ما حاجتكم؟)، انتهى.
قوله: (فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ): تَقَدَّم أنَّ مثلَه يجوز فيه الضمُّ والفتح.
قوله: (فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ ... ) إلى آخره: ظاهر هذا السياق أنِّه لم يتأخَّر، لكن في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه تأخَّر خمس عشرة ليلة، قال القاضي عياض: «فلمَّا نزل الوحي»، هكذا ثبت في «مسلم» أيضًا، وهو وهم بيِّنٌ؛ لأنَّه إنَّما جاء هذا الفعل عند انكشاف الوحي، وفي «البُخاريِّ» في (الاعتصام): (فلمَّا صعد الوحي)، وهو صحيحٌ، والله أعلم.
وقال النوويُّ: وكلُّ الروايات صحيحةٌ، ومعنى رواية مسلم: أنَّه لمَّا نزل الوحي، وتمَّ نزوله، انتهى، والظاهر أنَّهما قصَّتان؛ الأولى: كانت بمَكَّة حين بعثت قريش النضرَ بن الحارث بن كلدة ومعه عقبة بن أبي مُعَيط إلى أحبار يهود ... إلى أن قال: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهنَّ؛ فهو نبيٌّ مرسل، وإن لم يفعل؛ فالرجل متقوِّلٌ، سلوه عن فتيةٍ ذهبوا في الدهر الأوَّل ... إلى أن قال: وسلوه عن الروح ... إلى أن قال: فقال: «أُخبركم غدًا»، ولم يستثنِ، فمكث رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _فيما يذكرون_ خمس عشرة ليلة لا يُحدِث اللهُ إليه في ذلك وحيًا، ولا يأتيه جبريل، كذا في «ابن إسحاق»، وقال السُّهيليُّ في «روضه» بعد أن ذكر ما في السيرة، وفي «سيرة التيميِّ»، و «موسى بن عقبة»: أنَّه أبطأ عنه ثلاثة أيام، انتهى.

(1/8474)


وقصَّة ابن مسعود في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وفي بعض الطرق في «الصحيح»: أنَّها كانت بالمدينة، فهذه غيرُ تلك، والظاهر: أنَّهم اقترحوا عليه السؤال مع سؤالين بمَكَّة مع النضر وعقبة، وهذا الذي أبطأ عليه الوحي فيه، وسأله أيضًا عن الروح بالمدينة اليهودُ بأنفسهم، فأنزل الله فيه ما أنزل، والله أعلم، وهما قصَّتان؛ الواحدة بمَكَّة، والثانية بالمدينة.
==========
[1] في (أ): (شككم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 310]

(1/8475)


[{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

(1/8476)


[حديث: نزلت ورسول الله مختف بمكة]
4722# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشِير؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، الحافظ، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
قوله: ({وَلاَتَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَتُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] ... )؛ الحديث: هذا تصريح من ابن عبَّاس أنَّها نزلت في القراءة في الصلاة، وقد عقَّبه البُخاريُّ هنا بحديث عائشة، وسيجيء أيضًا في (كتاب الدعاء) من حديثها: أنَّها نزلت في الدعاء، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم» حين ذكر مسلمٌ الحديثين ما لفظه: (كون الآية نزلت في الدعاء قال به الطبريُّ وغيره، ولكنَّ المختار ما قدَّمه مسلمٌ عن ابن عبَّاس)، انتهى، وكذا قدَّمه البُخاريُّ هنا، وقد رُوِيَ عن ابن عبَّاس كمقالة عائشة، لكنَّ في سنده أشعثَ، أخرجه ابن مردويه، كما أفاده شيخنا.
==========
[ج 2 ص 310]

(1/8477)


[حديث: أنزل ذلك في الدعاء]
4723# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النون، و (زَائِدَةُ): هو زائدة بن قدامة، أبو الصلت، الثقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة، وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد ابن يونس، ثِقةٌ حُجَّة، صاحب سنَّة، تُوُفِّيَ غازيًا بالروم في سنة (161 هـ)، تَقَدَّم، لكن طال العهد به.
==========
[ج 2 ص 310]

(1/8478)


(((18))) [سورة الكهف]
قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17]: تَتْرُكُهُمْ، {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ} [1] [الكهف: 34]: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ): هذا كلُّه قول مجاهد، وقد أخرجه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن جُرَيج عنه، قاله شيخنا.
قوله: ({وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: 34]: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ): هو بفتح الثاء والميم، قال شيخنا المؤلِّف: هو من تتمَّة قول مجاهد؛ يعني قوله: ({تَقْرِضُهُمْ}: تتركهم)، قال: وقد أخرجه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن جُرَيج؛ يريد: بضمِّ الثاء والميم، قال: وكلُّ ما في القرآن من {ثُمُر}؛ فهو المال، وقوله: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}: قال أبو عمرو الداني في «التيسير»: عاصم: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}، {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42]؛ بفتح الثاء والميم فيهما، وأبو عمرو: بضمِّ الثاء وإسكان الميم، والباقون: بضمِّهما، فعلى هذا يقرأ قول الله في «البُخاريِّ»: {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ}؛ بالضمِّ فيهما، ومن قرأه بغير ذلك؛ فهو يخطئ التفسير؛ أعني: مجاهدًا، إنَّما فسَّر قراءة الباقين، والله أعلم.
قوله: ({تَزَّاوَرُ} [الكهف: 17]: تَمِيلُ، مِنَ الزَّوَرِ): هو بفتح الواو، و (الزَّوَر)؛ بالتحريك: المَيْلُ، و (الميَل)؛ أيضًا بالتحريك: ما كان خِلقةً.
قوله: (آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ): (آصد): بمدِّ الهمزة، وفتح الصاد.
قوله: ({أَزْكَى} [الكهف: 19]: أَكْثَرُ، وَيُقَالُ: أَحَلُّ): (أكثر): بالمثلَّثة، وكذا (أَكْثَر) الثانية، و (أحلُّ): بالمهملة [2].
قوله: (رَيْعًا): هو بفتح الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ عين مهملة، الزيادة والنماء.
قوله: ({وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ} [الكهف: 33]: لَمْ تَنْقُصْ): هو بفتح التاء، وضمِّ القاف، وقد تَقَدَّم الكلام في (سورة الرعد) في (نقص)، وأنَّه لازم، ومتعدٍّ إلى واحد وإلى اثنين، وهو هنا متعدٍّ إلى واحد.
قوله: (كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ): أي: أسماء أصحاب الكهف، وقد ذكرتهم في قول الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ} [الكهف: 9] مطوَّلًا؛ فانظرهم، وأمَّا عاملهم؛ فلا أعرف اسمه، والله أعلم.
قوله: (فِي خِزَانَتِهِ): تَقَدَّم أنَّها بكسر الخاء، ولا تفتح.

(1/8479)


قوله: (وَأَلَتْ تَئِلُ: تَنْجُو): (وَأَلَت): بعد الواو همزة مفتوحة، ثُمَّ لام مثلها، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، و (تَئِل): بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ لام، (والموئلُ): الملجأ، وكذا (المَوئِلة)؛ مثال: المهلِكة، وقد وأَلَ إليه، يَئِل وَأْلًا وَوُؤُلًا؛ على (فُعولٍ)؛ أي: لجأ، ووَاءَلَ منه؛ على (فاعَل)؛ أي: طلب النجاة، قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «وأَلَ يَئِلُ؛ أي: نجا ينجو»، صوابه: لجأَ يلجأُ، قال القاضي: كلاهما صواب، وما قاله البُخاريُّ صحيح، قال في «الجمهرة»: وأل يئِل؛ إذا لجأ، فهو وائل؛ ومثله في «الغريبَين»، وبه سُمِّيَ الرجل وائلًا، وكذلك صحَّحنا هذا التفسير على أبي الحسين بن سراج، ويقول: لا وَأَلْتُ؛ أي: لا نجوتُ إن نجوتَ، وقال في «الغريبين»: فوألنا؛ أي: لجأنا، وبهذا التفسير فسَّر الكلمة صاحبُ «العين»، وبه فسَّر الآيةَ مكيٌّ لا غير، قال صاحب «الأفعال»: وألت إلى الشيء: لجأت إليه، والموئل: الملجأ، ولا وَأل من كذا؛ أي: لا نجاء)، انتهى.
[ج 2 ص 310]
قوله: ({مَوْئِلاً} [الكهف: 58]: مَحْرِزًا): (المَحْرِز): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({ثَمَرٌ})، ورواية (ق): ({ثُمْر}).
[2] زيد في (أ): (المهملة)، وهو تكرار.

(1/8480)


[{وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}]

(1/8481)


[حديث: أن رسول الله طرقه وفاطمة قال ألا تصليان]
4724# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَاب): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنٍ): هو زين العابدين، تَقَدَّم.
قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، و (فَاطِمَةَ): بالنصب؛ لأنَّها معطوف على الضمير المنصوب في (طرق).
==========
[ج 2 ص 311]

(1/8482)


[تتمة غريب آيات سورة الكهف]
قوله: (وَالْحُجْرَةِ): هي بضمِّ الحاء المهملة، وإسكان الجيم، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (الفَسَاطِيط): واحدها (فسطاط)، وقد تَقَدَّم ما هو، وما فيه من اللغات.
قوله: ({لَكِنَّاْ هُوَ اللهُ رَبِّي} [الكهف: 38])؛ أي: لكنْ أنا هو الله ربي، (لكنْ): بإسكان النون، إلَّا أنِّي رأيت في نسخة الشيخ أبي جعفر مشدَّد النون بالقلم، وفيه نظرٌ.
قوله: (مَصْدَرُ الْوَلْيِ [1]): هو بفتح الواو، وإسكان اللام، كذا في أصلنا بالقلم، وفي أصل آخر: (من الوَلِيِّ)؛ بفتح الواو، وكسر اللام، مشدَّد الياء، اسم فاعل، وقال ابن قُرقُول: («{الوَلَايَةُ} [الكهف: 44]: مصدر وَلِيَ»، كذا للأصيليِّ، وعند النسفيِّ: «مصدر الولاءِ»، وعند غيرهما: «مصدر الوَلَى»؛ مقصور، وهو وهم)، انتهى، و (الوَلْي)؛ بفتح الواو، وإسكان اللام: القرب والدنوُّ، والله أعلم.
قوله: ({قِبَلًا} وَ {قُبُلًا}: وَ {قَبَلًا} [الكهف: 55]: اسْتِئْنَافًا): الأولى في أصلنا: بكسر القاف وفتح الموحَّدة، والثانية: بضمِّهما، والثالثة: بفتحهما.
قوله: (الدَّحضُ: الزَّلَقُ): (الدحض): بإسكان الحاء وفتحها.

(1/8483)


[{وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين}]
قوله: ({وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: 60]): تَقَدَّم أنَّ فتاه هو يوشع بن نون، وقدَّمتُ نسبه، والمراد هنا بـ (فتاه): خادمه.
قوله: ({حُقُبًا} [الكهف: 60]: [زَمَانًا]، وَجَمْعُهُ: أَحْقَابٌ): قال شيخنا مجد الدين في «قاموسه»: (والحُقب؛ بالضمِّ، وبضمتين: ثمانون سَنةً أو أكثر، والدهر، والسنة، أو السنون، ج _يعني: الجمع_: أحقاب وأحقب)، انتهى، وفي «الصحاح»: (الحُقب؛ بالضمِّ: ثمانون سَنةً، ويقال: أكثر من ذلك، والجمع: حِقاب) ... إلى أن قال: والحُقُب: الدهر، والأحقاب: الدهور، ومنه قوله تعالى: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} [الكهف: 60]، وكلام «القاموس» فيه زيادة على الجوهريِّ من وجهين، وكذا على البُخاريِّ، وأمَّا قوله تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ: 23]؛ فجمع حُقْب، والحُقْب: سبعون خريفًا، كلُّ خريف سبع مئة سنة، السنة ثلاث مئة وستُّون يومًا، واليوم كألف سنة، قاله بعض المفسِّرين، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].
==========
[ج 2 ص 311]

(1/8484)


[حديث: إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فسئل أي الناس]
4725# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وتَقَدَّم لماذا نسب في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، قدَّمتُ ذلك مرارًا.
قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): تَقَدَّم الكلام عليه وعلى نسبته هذه في (كتاب العلم)، وعلى (الْخَضِرِ)، وما يتعلَّق به، مطوَّلًا، ومن أين له هذه المقالة: إنَّه ليس بصاحب موسى، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين من المتأخِّرين في قوله: (لَيْسَ هُوَ مُوسَى [1] بَنِي إِسْرَائِيلَ) ما لفظه: قلت: هو قول غير واحد ممَّن أسلم من أهل الكتاب، كما نقله وثيمة عنهم، يزعمون أنَّه موسى بن منشا بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب، وهو ابن عمِّ يوشع؛ لأنَّه يوشع بن نون بن إفرايم، والحقُّ أنَّه موسى بن عمران، انتهى.
وقد قدَّمتُ بعض هذا، وذكرت نصَّ التوراة كما هو عندهم الآن، وهو مُبدَّلٌ، وعلى قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ)، وأنَّه من باب الإغلاظ عليه، وعلى قوله: (فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ)، وعلى (مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: بحر الأردن وبحر القُلزُم، انتهى، وعلى (المِكْتَل)، وعلى (ثَمَّ)، وعلى أنَّ (نُونًا) مصروف، والد يوشع، وعلى (الصَّخْرَةَ)، وعلى (سَرَبًا) وانتصابه، وعلى (بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا)، وانتصاب (ليلتهما)، وما قاله فيه الشيخ محيي الدين، وأنَّه بالنصب والجرِّ، وعلى (نَصَبًا)، وعلى (مُسَجًّى)؛ ومعناه: مغطًى، وقوله: (وَأَنَّى): هو بفتح الهمزة، وفتح النون مشدَّدة، قال العلماء: (أنَّى) تأتي بمعنى: أين، ومتى، وحيث، وكيف، وعلى (النَوْل)، وسيأتي قريبًا مفسَّرًا في الحديث، وعلى (القَدُومِ)، وهي آلة النجَّار وأنَّها بالتخفيف، وحكى فيها البُخاريُّ التشديدَ، و (عَمَدْتَ): تَقَدَّم [2] مرارًا أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل؛ عكس (صعِد)، وما رأيته في حاشية عن «شرح الفصيح»، وهو عكس ذلك أيضًا، وعلى قوله: (وَجَاءَ عُصْفُورٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا العصفور قال ذلك: (مَا نَقَصَ ... ) إلى آخره، وعلى (الغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ)، والاختلاف في اسمه، وسيأتي مسمًّى في هذا «الصحيح»، وعلى (القَرْيَةِ الَّتِي أَتَيَاهَا)، والاختلاف فيها.

(1/8485)


قوله: (وَدِدْنَا): هو بكسر الدال الأولى.
قوله: ({وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ}): تَقَدَّم أنَّه هُدَد بن بُدَد، وسأذكر قريبًا فيه أقوالًا.
قوله: ({كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا}): هذه قراءة ابن عبَّاس، وهي شاذَّة.
قوله: ({وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ}): وهذه أيضًا شاذَّة.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (صاحبَ).
[2] في (أ): (تفتح)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 311]

(1/8486)


[{فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ... }]
قوله: (يَسْرُبُ: يَسْلُكُ): هو بضمِّ الراء، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 311]

(1/8487)


[حديث: موسى رسول الله ذكر الناس يومًا حتى إذا فاضت العيون]
4726# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (وَغَيْرهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ): في (غير): الرفع والنصب، وقائل ذلك: هو ابن جُرَيج، وهذا ظاهرٌ، و (غيرهما): لا أعرفه، وقد رواه مسلم من طريق أبي إسحاق _هو السبيعيُّ_ عن سعيد بن جُبَير، والله أعلم، وفي نسخة شيخنا أبي جعفر: (وقد سمعته)؛ بإثبات واو في (قد)، ثُمَّ كُتِب في الهامش ما لفظه: (وغيرهما): معطوف على (يعلى) و (عمرٍو)، انتهى، يعني: قوله: (أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ)، وما قاله صواب على ما في نسخته.
قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (رَجُلٌ قَاصٌّ): هو بتشديد الصاد المهملة، وهو الذي يقصُّ الأخبار، تَقَدَّم.
[ج 2 ص 311]
قوله: (يُقَالُ لَهُ: نَوْفٌ): تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب العلم).
قوله: (أَمَّا): هو بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا الثانية.
قوله: (ذَكَّرَ النَّاسَ): هو بتشديد الكاف، وهذا ظاهرٌ جدًّا، من التذكير: الذي هو الموعظة.
قوله: (فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ): الرجل الذي أدرك موسى صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لا أعرف اسمه.
قوله: (قَالَ: بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمْ [1] ذَلِكَ بِهِ): (علَمًا): هو بفتح اللام؛ أي: علامة، (أعلم): مجزومٌ، جواب الأمر، وفي أصلنا مرفوعٌ، وهو جائزٌ.
قوله: (قَالَ لِي عَمْرٌو): قائل ذلك هو ابن جُرَيج، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (يَعْلَى): هو ابن مسلم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (خُذْ نُونًا): (النون): الحوت، وفي «مسلم»: «حوتًا مالحًا».
قوله: (حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والروحُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فِي مِكْتَلٍ): تَقَدَّم ما (المكتل).
قوله: (مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا): (كلَّفتَ): مبنيٌّ للفاعل، والتاء مفتوحة للخطاب، و (كثيرًا): هو بالمثلَّثة في أصلنا.
قوله: (فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ): هو بفتح الثاء المثلَّثة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، والألف والنون زائدتان؛ فلا ينصرف، يقال: مكانٌ ثَرْيانُ، وأرضٌ ثَرْياءُ؛ إذا كان في ترابهما بللٌ وندًى.

(1/8488)


قوله: (إِذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ): هو بالمثنَّاة فوق، والضاد المعجمة، والراء المشدَّدة، المفتوحات، ثُمَّ مُوَحَّدَة؛ أي: تلَوَّى.
قوله: (فِي حَجَرٍ): وكذا بعده: (كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ): هو بفتح الحاء والجيم، واحد الحجارة، كذا في أصلنا مضبوطٌ، و (الأثر): تَقَدَّم الكلام عليه مرارًا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر: (حِجَر)؛ بكسر الحاء وفتح الجيم بالقلم في المكانين؛ فيُحرَّر هذا الضبط، وقد رأيت في نسخته بخطِّه في (التفسير) أشياءً استنكرتُ ضبطَها، والله أعلم.
قوله: (وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيانِهِمَا): هو بتشديد اللام؛ أي: جعل حلْقةً.
قوله: (قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ): هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مُطعِم النوفليُّ المَكِّيُّ، قاضي مَكَّة، عن عمِّه نافع، وابن عمِّه سعيد بن محمَّد، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وسعيد بن جُبَير، وعروة، وأرسل عن صفوانَ بن أُمَيَّة، وعنه: ابن جُرَيج، وابن إسحاق، وابن عيينة، وآخرون، وثَّقه أحمدُ، وأبو حاتم، وغيرُهما، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والقائل: (قال لي) هو ابن جُرَيج، والله أعلم.
قوله: (على طنْفُسة): (الطنفسة): بضمِّ الطاء والفاء، وبكسرهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء؛ وهو الأفصح، وحكى أبو حاتم فتح الطاء مع كسر الفاء، وقال أبو عليٍّ القاليُّ: بفتح الفاء لا غير، وهي بساط صغير، وقيل: حصير من سعف أو دَوْم، عرضه ذراع، وقيل: قَدرُ عظم الذراع، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: بكسر الطاء والفاء، وبضمِّهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، وهو البساط الذي له خمل رقيق، وجمعه: طنافس.
قوله: (عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ): أي: على وسط موضعٍ من شاطئه، قاله ابن الأثير.
قوله: (مُسَجًّى): أي: مغطًّى.
قوله: (إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ).
قوله: (فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وَقَالَ: وَاللهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ الطائر قال ذلك، كما رواه الحاكم في «المستدرك»؛ فانظره في (كتاب العلم).
قوله: (إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ): تَقَدَّم الكلام على (إلَّا) في (العلم)؛ فانظره.

(1/8489)


قوله: (وَجَدَ [2] مَعَابِرَ صِغَارًا): أي: سفنًا يُعبَر فيها من ضِفَّةٍ إلى ضِفَّة، والضِّفَّةُ: جانب النهر، وضِفَّتاه: جانباه.
قوله: (وَوَتَّدَ فِيهَا وَتِدًا): (وتَّد): بتشديد المثنَّاة فوق، كذا في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (وتَدَ)؛ بفتح التاء غير مشدَّدة، قال الجوهريُّ: (الوَتِد؛ بالكسر: واحد الأوتاد، وبالفتح لغة، وكذلك «الوَدُّ» في لغة من يُدغِم، تقول: وتَدْتُ الوتِد أَتِدُه وَتْدًا، وإذا أمرت؛ قلت: تِدْ)، فكلامه كالصريح في أنَّه بتخفيف التاء لا بتشديدها، بل كلام «القاموس» صريح في أنَّ المشدَّد لازمٌ، ولفظه: (الوَتْد؛ بالفتح، وبالتحريك، وكـ «كَتِف»: ما زُرَّ في الأرض والحائط من خشب ... )، إلى أن قال: (ووَتِد الوتِدَ يَتِده وَتْدًا وتِدةً: ثبَّته؛ كأوتده، ووتَد هو، ووتَّد، والأمر منه: تِدْ)، انتهى، فالذي يظهر أنَّ ما في «البُخاريِّ» يُقرَأ بالتخفيف، وهو الموافق لنسخة الدِّمْياطيّ.
قوله: (وَتِدًا): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.
قوله: (لَقِيَا غُلاَمًا): تَقَدَّم الكلام على اسمه، والاختلاف فيه، ويأتي مسمًّى.
قوله: (فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ): كذا هنا، وفي رواية ستجيء: (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَفَهُ [3]) [خ¦4727]، وفي لفظٍ [ ... ] [4].
قوله: (لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ): هو بالحاء المهملة المكسورة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، كذا في أصلنا.
[ج 2 ص 312]
قوله: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا [5]: {زَاكِيَةً مُسْلِمَةً}): هذه شاذَّة؛ أعني: زيادة {مُسْلِمَةً}، وقد قرأ الكوفيُّون وابن عامر: {زَكِيَّةً} [الكهف: 74]؛ بتشديد الياء من غير ألف، والباقون: بالألف وتخفيف الياء، وأمَّا {مُسْلِمَةً}؛ فقال شيخنا: الأشبه قراءتها بفتح السين واللام؛ يعني: مع تشديدها، انتهى، قال بعضهم: قال القاضي: وهو أشبه؛ لأنَّه كان كافرًا، انتهى، وما قاله شيخنا والقاضي ظاهرٌ، ويحتمل أنَّ موسى صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال ذلك بناءً على أنَّه وُلِدَ بين مؤمنين، وعلى أنَّه وُلِدَ على الفطرة، والله أعلم، وقال شيخنا: وضبط أيضًا بإسكانها، انتهى، أمَّا في أصلنا؛ فهي بالثاني، وعُمِل على هامش أصلنا الأولى، والله أعلم.
قوله: ({جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ} [الكهف: 77]): تَقَدَّم الكلام على هذا الجدار طولًا وعرضًا وسمكًا في (العلم).

(1/8490)


قوله: (وَقَرَأَ [6] ابْنُ عبَّاس: {أَمَامَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79]): هذه شاذَّة.
قوله: (يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ): (غير سعيد): لا أعرفه، وفي «تفسير الثعلبيِّ»: وقال شعيب الجَبَأبيُّ: اسمه هَدَد بن بَدَد، انتهى، (والجَبَأبي)؛ بفتح الجيم، ثُمَّ مُوَحَّدَة كذلك، ثُمَّ همزة مقصورة، له ترجمة في «الميزان»، وذكره ابن حبَّان في «الثقات»، فلعلَّه المراد بقول البُخاريِّ: (غير سعيد)، والله أعلم.
قوله: (أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَد): (هُدَد): بضمِّ الهاء، وفتح الدال المهملة الأولى، وكذا (بُدَد): بضمِّ الموحَّدة، والباقي مثل ما قبله، وقد ذكر شيخنا في اسم الملك أقوالًا، منها: جُلَندَى، وكذا ذكره غيره، انتهى، قال: أو هُدَد بن بُدَد، أو مَنُولة بن الجُلندى بن سعيد الأزديُّ، وسمَّاه الرضيُّ الشاطبيُّ: فلع بن سارق بن ظالم بن عمرو بن شهابٍ، وقال ابن دريد: هُدَد بن العمال، انتهى، وفي «تاريخ ابن خَلِّكان» في ترجمة يوسف بن الحسن السيرافيِّ: يقال: إنَّ صاحبه _يعني: صاحب حصن ابن عمارة، وهو على بحر النجْر، وليس بجميع فارس حصنٌ أمنعَ منه_ الذي قال الله في حقِّه: {وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79] وقيل: إنَّ اسم ذلك الملك: الجُلندَى، وقيل غير ذلك، انتهى، في «ذيل الصغانيِّ» على «صحاح الجوهريِّ» في (قنَنَ) _بقاف، ثُمَّ نونين_ ما لفظه: وقيل: قنان اسم الملك الذي كان يأخذ كلَّ سفينة غصبًا.
قوله: (يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ): تَقَدَّم الكلام في ضبطه في (كتاب العلم).
قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بِالْقَارِ): (القار)؛ بتخفيف الراء: القير، و (القارورة): فَعْلُولَة من ذلك، وإلَّا؛ فـ (القارورة): واحدة القوارير من الزُّجَاجِ، ولا معنى له هنا، والله أعلم.
قوله: (وَكَانَ [7] أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ): اسم أبيه: ملَّاس، ويقال: كازيرى، وأمُّه: رُحمى، وقيل: سهوى، وقد تَقَدَّم ذلك كلُّه في (العلم).
قوله: (وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً): قال شيخنا: (لعلَّ المراد بـ «الغير»: الكلبيُّ، فإنَّه قال ذلك بزيادة: فتزوَّجها نبيٌّ، فولدت أنبياء، فهدى الله بهم أمَّةً من الأمم)، انتهى، والكلبيُّ ترجمته معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، وهو هالكٌ.

(1/8491)


قوله: (أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً): قال بعض أهل التفسير: فأُبدِلا غلامًا زكيًّا، وقيل: جارية ولدت نبيًّا، وقيل: كان من نسلها سبعون نبيًّا، وقد تَقَدَّم أعلاه كلامُ الكلبيِّ.
قوله: (وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ): هو داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفيُّ المَكِّيُّ، ويقال: داود بن عاصم، عن عثمان بن أبي العاصي، وابن عمر، وسعيد بن المُسَيّب، وأبي سلمة، وعنه: قتادة، وحجَّاج بن أرطاة، وابن جُرَيج، وجماعةٌ، وثَّقه أبو داود وغيرُه، وقد علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود والنَّسائيُّ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أعلمُ).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وجدا).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقطعه).
[4] في (أ) بياض.
[5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): ({زكيَّة})، وضرب عليها في (أ).
[6] كذا في (أ)، ورواية و (ق): (قرأ)؛ بغير واو، ورواية «اليونينيَّة»: (قرأها).
[7] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كان)؛ بغير واو.

(1/8492)


[{فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا ... }]
قوله: ({يَنقَضَّ} [الكهف: 77]: يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ): في هامش أصلنا: (ينقاض): بتخفيف الضاد، قاله الإمام في «مشارقه»، انتهى، وهذا معروفٌ، وسيأتي، وقال شيخنا وضبط (ينقاض) مشدَّدةَ الضاد: (ومخفَّفٌ، ومعناه مخالفٌ لمعنى الأوَّل، فإنَّ معنى {ينقضَّ}: ينكسر وينهدم ويسقط بسرعة، و «ينقاض»: ينقطع من أصله)، وذكر فيه قراءةً أنَّه بالصاد المهملة، قال: (قيل: معناه: انشقَّ طولًا)، انتهى، قال الجوهريُّ في (قضض): انقضَّ الحائط؛ أي: سقط، وقال في (قيض): (قال أبو زيد: انقاض الجدار انقياضًا؛ أي: تصدَّع من غير أن يسقط، فإن سقط؛ قيل: تقيَّض تقيُّضًا، وتقوَّض البيت تقوُّضًا، وقوَّضته أنا) ... إلى أن قال: (وانقاضت السن؛ أي: تشقَّقت طولًا).
قوله: ({رُحْمًا} [الكهف: 81]: مِنَ الرُّحْمِ، وَهْيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ): (الرُّحْم): بضمِّ الراء، وإسكان الحاء، قال الجوهريُّ: (والرُّحم؛ بالضم: الرحمة، قال عزَّ وجلَّ: {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81]، وقد حرَّكه زهير، فقال ... وأنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وهو مثل: عُشْر وعُشُر)، انتهى.
قوله: (وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ؛ أَيِ: الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا): اعلم أنِّي قد ذكرت لِمكَّة عدَّةَ أسماء في (كتاب الحجِّ)، تسعةً وأربعين اسمًا، بل خمسين؛ فانظرها، منها: هذا الذي ذكره الإمام البُخاريُّ هنا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 313]

(1/8493)


[حديث: قام موسى خطيبًا في بني إسرائيل فقيل له: أي الناس أعلم؟]
4727# قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): تَقَدَّم الكلام على نوف، وعلى نسبته هذه في (كتاب العلم)، وعلى قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ)، وأنَّه من باب التغليظ عليه، وعلى قوله: (أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَنَا)، وعلى (عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي)، وأنَّه الخَضِر، وما يتعلَّق به، وعلى (المِكْتَل)، وعلى (فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ)، وأنَّ (نونًا) مصروف، ونسبه، وأنَّه خادمه لا مملوكه، وهذا الحديث يردُّ قول من قال من المفسِّرين: إنَّ فتاه عبدٌ له، وغير ذلك من الأقوال؛ لأنَّه يوشع بن نون بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب، قال بعضهم: قيل: كان معه يخدمه، وقيل: إنَّه ابن أخته، والكلام على (الصَّخْرَةِ)، وأين هي.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو): أمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عيينة المذكور في السند، وأمَّا (عمرو)؛ فهو ابن دينار المذكور أيضًا في السند، وأمَّا (غير عمرو)؛ فلا أعرفه، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: («وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الْحَيَاةُ»: هذا كلام سفيان، يشير إلى أنَّ ذلك لم يقع في حديثِ عمرٍو، وقد رواه ابن مردويه من وجه آخر عن سفيانَ، فأدرجه في حديث عمرٍو)، انتهى.
قوله: (فَأَصَابَ الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ): (الحوت) في أصلنا: منصوبٌ على أنَّه مفعول، و (أصاب): عليه (صح)، وكذا هو منصوب في نسخة أخرى صحيحةٍ، و (من ماء): محلُّه الرفع، فاعل، وهذا كلامٌ صحيحٌ، ولكنَّ مقتضى أوَّل الحديث أن يُجعَل (الحوت) مرفوعًا فاعلًا، وذلك؛ لأنَّه قال فيه: (وفي أصل الصخرة عين ... لا يصيب من مائها شيء)، فـ (شيء): مرفوع فاعل، ولم يقل: (لا يصيب ماؤها شيئًا إلَّا حيي)، لكنَّ في بعض النسخ: (شيئًا)؛ بالنصب، وعلى هذه يتَّجه النصبُ، والله أعلم، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (فأصاب الحوتُ)؛ بالرفع، (ماءَ)؛ بالنصب، وعلى (الحوت) صح؛ فاعلمه.
قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8494)


قوله: (كَالطَّاقِ): قال ابن قُرقُول: («مثل الطاق»؛ يعني: الحوت في البحر مثل الطاق؛ البناء الفارغ ما تحتَه، وهي الحنيَّة، وتُسمَّى الأزجَ أيضًا، وفسَّره بقوله: «أَمْسَكَ [1] اللهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ، [حَتَّى] كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ ... » وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامِهِ وَالَّتي تَلِيهَا [2] [خ¦4726])، انتهى.
قوله: (مُسَجًّى): تَقَدَّم أنَّه مغطًّى، وعلى (وَأَنَّى)، وعلى (القَدُومِ)، وأنَّه مخفَّف ومشدَّد، [وعلى] (النَّوْل)؛ وهو الأجر، وكذا فسَّره هنا، وعلى (عُصْفُورٌ)، وأنَّه القائل، كما في «المستدرك»،
[ج 2 ص 313]
وعلى قوله: (إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ)، وعلى (الغُلام)، والاختلاف في اسمه، وعلى قوله: (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ)، وبيَّن ذبحه، وعلى (الجِدَار) طولًا وعرضًا وسمكًا، وعلى (الْقَرْيَة)، والاختلاف فيها، وعلى (وَدِدْنَا)، وأنَّه بكسر الدَّال الأولى، و (يُقَصَّ): بضمِّ أوَّله، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى قراءة ابن عبَّاس: ({وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ})، وعلى ({يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا}) [الكهف: 79]، وأنَّهما شاذَّتان، وعلى قوله: ({وَأَمَّا الْغُلاَمُ؛ فَكَانَ كَافِرًا}) [الكهف: 80]، وأنَّها شاذَّةٌ أيضًا.

(1/8495)


[{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالًا}]

(1/8496)


[حديث سعد في قوله: {قل هل ننبئكم بالأخسرين}]
4728# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه غندر، و (عَمْرٌو): هو ابن مرَّة، وكذا هو منسوب في نسخة، و (مُصْعَبٌ): هو ابن سعد بن أبي وقاص مالكِ بن أُهَيب، وهو منسوب في نسخة إلى والده، وهو زهريٌّ، كنيته أبو زرارة المدنيُّ، روى عن أبيه، وعليٍّ، وطلحةَ، وغيرِهم، وعنه: طلحة بن مُصرِّف، وعمرو بن مرَّة، وإسماعيل السُّدِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: ثِقةٌ كثير الحديث، وقال جماعة: تُوُفِّيَ سنة ثلاث ومئة، أخرج له الجماعة، والله أعلم.
قوله: (الْحَرُورِيَّةُ): تَقَدَّم الكلام عليهم، وأنَّهم الخوارج، ونُسِبُوا إلى حروراء، وأين هي.
==========
[ج 2 ص 314]

(1/8497)


[{أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم} الآية]

(1/8498)


[حديث: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ... ]
4729# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): قال الدِّمْياطيُّ: قيل: إنَّه محمَّد بن عبد الله الذهليُّ، انتهى، وقال الجيَّانيُّ في «تقييده» وقد ذكر هذا الموضع: نسبه أبو عبد الله الحاكمُ وأبو نصرٍ الكلاباذيُّ: محمَّد بن يحيى الذهلي، ثُمَّ عقَّب البُخاريُّ في إثر حديث ابن أبي مريم الذي ذكره عن المغيرة بعد قوله: (جناح بعوضة): (واقرؤوا: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِوَزْناً} [الكهف: 105]، وَعَنْ يَحْيَى ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِثْلَهُ) [خ¦4729]، وقول البُخاريِّ: (وعن يحيى) إنَّما يرويه البُخاريُّ عن الذهليِّ، انتهى ملخَّصًا، يعني: ويرويه الذهليُّ عن يحيى ابن بُكَيْر، وقد ذكروا فيمن روى عنه الذهليُّ يحيى ابنَ بُكَيْرٍ، وقد ذكر شيخنا هذا المكان، ونقل فيه كلامَ الجيَّانيِّ ملخَّصًا، ثُمَّ قال: وكذا ذكر أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ حيث قال: رواه محمَّد عن محمَّد بن يحيى عن سعيد ويحيى ابن بُكَيْر، ورواه مسلمٌ عن محمَّد بن إسحاق الصغانيِّ، عن يحيى ابن بُكَيْر، عن مغيرة بن عبد الرَّحمن، انتهى.
وقال المِزِّيُّ ما لفظه: البُخاريُّ في (التفسير): عن محمَّد بن عبد الله، عن سعيد بن أبي مريم، عن المغيرة بن عبد الرَّحمن الحزاميِّ به، وقال في عَقِبه: وعن يحيى ابن بُكَيْر عنه به، ولم يقل: حدَّثنا يحيى ابن بُكَيْر، ومسلم في (التوبة) و (ذكر المنافقين): عن أبي بكرٍ محمَّدِ بن إسحاق عن يحيى ابن بُكَيْرٍ به، انتهى، والله أعلم، والذي ظهر لي من كلام المِزِّيِّ أنَّه يترجَّح عنده أنَّ البُخاريَّ روى الثاني عن يحيى، لا عن محمَّد بن عبد الله عنه، والله أعلم.
قوله: (مِثْلَهُ): هو منصوب على ما ظهر لي من كلام المِزِّيِّ، والله أعلم، وعلى القول الآخر كذلك، وفي أصلنا (مثلُه)؛ بالضمِّ بالقلم، وفيه نظرٌ.

(1/8499)


قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الذهليُّ، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن محمَّد، و (الْمُغِيرَةُ): هو ابن عبد الرَّحمن الحزاميُّ؛ بالحاء المهملة والزاي، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَعَنْ يَحْيَى ابْنِ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم قوله: (وعن يحيى ابن بُكَيْر) أعلاه؛ فانظره.

(1/8500)


(((19))) (سُورَةُ مَرْيَم) ... إلى (الفُرْقَان)
قوله: ({أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] ... ) إلى آخره: يريد أنَّه أمر بمعنى: الخبر، والله أعلم.
قوله: ({لأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46]: لَأَشْتمَنَّكَ): (يشتم)؛ بكسر التاء وضمِّها، كذا في «الجمهرة» لابن دريد.
قوله: ({بُكِيًّا} [مريم: 58]: جَمَاعَةُ بَاكٍ): هذا قول؛ مثل: جاث وجُثِيٍّ، ومثل: جالس وجلوس، إلَّا أنَّهم قلبوا الواو ياء، وقيل: إنَّه مصدر؛ نحو: صلى يصلى؛ أي: وبكوا بكيًّا.
==========
[ج 2 ص 314]

(1/8501)


[{وأنذرهم يوم الحسرة}]

(1/8502)


[حديث: يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة]
4730# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ): اعلم أنَّ (الموت) عند أهل السنة عَرَض من الأعراض، يضادُّ الحياة، وقد قال بعض المعتزلة: ليس بعَرَض؛ بل معناه: ضدُّ الحياة، وهذا خطأ؛ لقوله تعالى: {خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2]، فأثبت الموت مخلوقًا، وعلى القولين: ليس الموت جسمًا، فإن قيل: ما ليس بجسم كيف يُجسَّد؟ قيل: يؤوَّل الحديث على أنَّه تعالى يخلق هذا الجسم، ثُمَّ يذبح مثالًا؛ لأنَّ الموت لا يطرأ على أهل الآخرة، وقال القُرْطبيُّ: إنَّ الله يخلق شخصًا يسمِّيه الموت؛ فيُذبَح بين الجنَّة والنار، وهكذا كلُّ ما ورد عليك في هذا الباب التأويلُ فيه ما ذكرتُ لك، انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «حادي الأرواح»: إنَّ الله يُنشِئ من الموت صورةَ كبش يُذبَح؛ كما يُنشِئ من الأعراض أجسامًا تكون الأعراضُ مادَّةً لها، ويُنشِئ من الأجسام أعراضًا؛ كما يُنشِئ سبحانه من الأعراض أعراضًا، ومن الأجسام أجسامًا، فالأقسام الأربعة ممكنةٌ مقدورةٌ، ولا حاجة إلى تكليف مَن قال: إنَّ الذبح لمَلَك الموت، فهذا كلُّه من الاستدراك الفاسد على الله ورسوله، والتأويلِ الباطل الذي لا يوجبه عقلٌ ولا نقلٌ، وسببه قلَّة الفهم لمراد الرسول صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من كلامه، فظنَّ هذا القائل أنَّ لفظ الحديث يدلُّ على أنَّ نفس العَرَض يُذبَح، وظنَّ غالطٌ آخر أنَّ العَرَض يُعدَم ويزول، ويصير مكانه جسمٌ يُذبَح، ولم يهتدِ الفريقان إلى هذا القول الذي ذكرناه، وأنَّ الله تعالى يُنشِئ من الأعراض أجسامًا يجعلها مادَّةً لها، ثُمَّ شرع يستدلُّ لذلك بأحاديث، والله أعلم، انتهى، والحكمة في كونه في صورة كبش: لعلَّه لأنَّه جاء أنَّه جاء آدمَ في صورة كبشٍ أملح قد نشر من أجنحته أربعة آلاف جناح.

(1/8503)


قوله: (أَمْلَحَ): هو الذي يشوب بياضَه شيءٌ من سواد عند الأصمعيِّ، وقال أبو حاتم: هو الذي يخالط بياضَه حمرةٌ، وقيل: هو الذي يعلو سوادَه حمرةٌ، قال ابن الأعرابيِّ: هو النقيُّ البياض، وقال الكسائيُّ: هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر، وقال الخَطَّابيُّ: هو الذي في بياضه طاقاتٌ سود، وقال الداوديُّ: هو مثل الأشهب، انتهى كلام ابن قُرقُول.
تنبيهٌ: والحكمة في كونه أبيض وأسود فيما نقله شيخنا عن عليِّ بن حمزة: أنَّ البياض من جهة الجنَّة، والسواد من جهة النار، انتهى، وهذا إنَّما يتمشَّى على قول الكسائيِّ.
قوله: (فَيُنَادِي مُنَادٍ): هذا المنادي لا أعرفه.
قوله: (فَيَشْرَئِبُّونَ): هو بفتح الياء أوَّله تحت، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مشدَّدة مضمومة، ثُمَّ واو، ثُمَّ نون، ومعناه: يمدُّون أعناقهم رافعي رؤوسهم متشوِّفين متطاولين لذلك، والاسم: الشُّرَأْبِيبة؛ كالطمأنينة.
قوله: (فَيُذْبَحُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، إن قيل: فمن يذبحه؟ فالجواب: أنَّ القُرْطبيَّ ذكر في «تذكرته» عن صاحب كتاب «خلع النعلين»: أنَّه يتولى ذبحه يحيى بن زكريا بين يدي النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وبأمره الأكرم، قال: وذكر صاحب كتاب «العروس»: أنَّ الذي يذبحه جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، ولكلٍّ من القولين معنًى لطيفٌ في ذبحه، والله أعلم.
تنبيهٌ: صاحب كتاب «خلع النعلين» هو أحمد بن قسيٍّ الأندلسيُّ، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: فلسفيُّ التصوف، مبتدع، أراد الثورةَ، فظفر به عبد المؤمن وسجنه، انتهى.
==========
[ج 2 ص 314]

(1/8504)


[{وما نتنزل إلا بأمر ربك}]

(1/8505)


[حديث: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟]
4731# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين.
==========
[ج 2 ص 314]

(1/8506)


[{أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالًا وولدًا}]

(1/8507)


[حديث: جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقًا لي عنده]
4732# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، و (خَبَّابٌ): بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وأنَّه ابن الأرتِّ؛ بالمثنَّاة فوق المشدَّدة، رضي الله عنه، تَقَدَّموا كلُّهم مترجمين.
[ج 2 ص 314]
قوله: (جِئْتُ الْعَاصِيَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ): (العاصي)؛ كالقاضي، منقوصٌ، وقد تَقَدَّم الكلام على إثبات الياء فيه وحذفها، وهو العاصي بن وائل بن هاشم بن سُعَيْد _بضمِّ السين وفتح العين المهملتين_ ابن سهم بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لؤيِّ بن غالب السهميُّ، كافرٌ مشهور، وهو والد عمرو بن العاصي، وقد قدَّمتُ أنَّه هلك على كفره، وأنَّه كان من المستهزئين، وأنَّه عرض لرِجلِه الشوكة، فهلك منها.
قوله: (فَأَقْضِيَكَهُ): هو بفتح الهمزة والنصب، ونصبه ظاهرٌ.

(1/8508)


قوله: (رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ): أمَّا (الثوري)؛ فهو أحد الأعلام، سفيان بن سعيد بن مسروق، وما رواه الثوريُّ أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن محمَّد بن كثير عن الثوريِّ، قال: (ولم يقل الأشجعيُّ عن الثوريِّ ... )، و (شعبة): هو أحد الأعلام أيضًا، ابن الحجَّاج، أشهر من أن يُذكَر، ومتابعة شعبة أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن بندار عن ابن أبي عديٍّ، وفي (المظالم) عن إسحاق، عن وهب بن جرير، وفي (التفسير) عن بشر بن خالد؛ ثلاثتهم عن شعبة، و (حفص): هو ابن غياث، وما رواه حفص بن غياث أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن عمر بن حفص عن أبيه، وما رواه أبو معاوية؛ فأخرجه مسلم في (ذكر المنافقين) عن أبي كريب محمَّد بن العلاء عن أبي معاوية، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن هنَّاد بن السريِّ عن أبي معاوية، وقال: حسن صحيح، و (أبو معاوية): هو محمَّد بن خازم الضرير؛ بالخاء المعجمة، تَقَدَّم، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، وما رواه وكيع في (التفسير) عن يحيى عن وكيع عن الأعمش به، وأخرجه مسلم في (ذكر المنافقين) عن أبي بكر وأبي سعيد الأشجِّ؛ كلاهما عن وكيع، و (الأعمش): سليمان بن مهران.

(1/8509)


[{أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدًا}]
قوله: ({عَهْدًا} [مريم: 87]: قَال: مَوْثِقًا): (المَوْثِق)؛ بفتح الميم، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مكسورة، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.
==========
[ج 2 ص 315]

(1/8510)


[حديث خباب: كنت قينًا بمكة فعملت للعاص بن وائل السهمي]
4733# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (أَبُو الضُّحَى)، وكذا (خَبَّابٌ)، وكذا (العَاصِي بْنُ وَائِلٍ).
قوله: (كُنْتُ قَيْنًا): تَقَدَّم أنَّه بفتح القاف، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، وتَقَدَّم أنَّه الحدَّاد، ويُطلَق أيضًا (القينُ) على الصائغ.
قوله: (لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ: سَيْفًا، وَلَا: مَوْثِقًا)؛ تَقَدَّم أنَّ (الأشجعيَّ): هو عبيد الله بن عبيد الرَّحمن الأشجعيُّ، كوفيٌّ إمام، تَقَدَّم مترجمًا، وما رواه الأشجعيُّ عن سفيان _هو الثوريُّ_ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، إلَّا أنَّ رواية الثوريِّ لهذا الحديث في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم أنَّ (سفيان): هو الثوريُّ.
==========
[ج 2 ص 315]

(1/8511)


[{كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدًا}]

(1/8512)


[حديث: والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث]
4734# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، و (سُلَيْمَانُ): الأعمش، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح، و (خَبَّابٌ): هو ابن الأرتِّ، تَقَدَّم.
قوله: (كُنْتُ قَيْنًا): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحدَّاد، وأنَّه يُطلَق أيضًا على الصائغ، وتَقَدَّم الكلام على (الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ)؛ وهو السهميُّ.
==========
[ج 2 ص 315]

(1/8513)


[{ونرثه ما يقول ويأتينا فردًا}]

(1/8514)


[حديث: كنت رجلًا قينًا وكان لي على العاصي بن وائل دين فأتيته ... ]
4735# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)؛ فانظره، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح، تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا، و (خَبَّابٌ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا.
==========
[ج 2 ص 315]

(1/8515)


(((20))) [طه]
قوله: (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: بِالنَّبَطِيَّةِ {طه} [طه: 1]: يَا رَجُلُ): (ابن جُبَير): هو سعيد، و (النبطيَّة): منسوبة إلى النَّبَط، وقد تَقَدَّم الكلام على (النبط) مَن هم، وقوله: ({طه}: يا رجل): قال ابن قُرقُول ما لفظه: («{طه}: يا رجل بالنبطيَّة»: ذكره البُخاريُّ في «التفسير»، وصحَّحه بعضهم، وقال: هي لغة عَكٍّ، وقال الخليل: من قرأ: {طَهْ}؛ فهو «يا رجل»، ومَن قرأ: {طَهَ}؛ فحرفان من الهجاء؛ فمعناه: اطمئنَّ، وقيل: طأِ الأرضَ، والهاء كناية عنها)، انتهى.
فحاصل كلامه: أنَّ (يا رجل): هو تفسيرٌ للقراءة الشاذَّة {طَهْ}، وقد قرأ بها قتادة، كما سيأتي، وقال ابن عبد السلام: {طَهَ}: قيل: معناها بالسُّريانيَّة: يا رجل، فَعُرِّب، وقيل: بالنبطيَّة، وقيل: معناه: يا حبيبي بلغة عَكٍّ، وقيل: طوبى لمن هُدِيَ، وقيل: يا طاهر، وقيل: يا هادي، أو طأِ الأرض بقدميك، والهاء بدل الهمزة، دليله: قراءة قتادة: {طَهْ}؛ بالسكون، انتهى.
وقال العلَّامة أبو حيَّان شيخ شيوخنا في «البحر»: قال ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة: معنى {طَهَ}: يا رجل، فقيل: بالنبطيَّة، وقيل: بالحبشيَّة، وقيل: بالعبرانيَّة، وقيل: لغة يمنيَّة في عَكٍّ، وقيل: في عُكْل، وقال الكلبيُّ: لو قلتَ في عَكٍّ: يا رجل؛ لم تُجَبْ حتَّى تقولَ: طه، وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: {طَهْ}، قيل: أصله: (طأ)، فحذف الهمزة؛ بناء على أصل قلبها في (يطأُ)، ثُمَّ بُنِي الأمر عليه، وأُدخلَت هاء السكت، وأُجرِيَ الوصل مُجرى الوقف، وأصله: طأ، وأُبدِلت همزته هاءً، فقيل: طَهْ، فعلى ما قاله أبو حيَّان يُقرَأ ما في «الصحيح»: ({طَهَ}: يا رجل)، فإن قرأت: («طَهْ» _بفتح الطاء وسكون الهاء_: يا رجل)؛ كان على ما قاله الخليل، كما تَقَدَّم، وهي قراءة قتادة كما قدَّمتُه، وإن قرأت: ({طَهَ}: يا رجل)؛ كان على ما نقلته بعده، وقال الشهاب السمين الإمام: وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: {طَهْ}؛ بإسقاط الألف بعد الطاء، وهاء ساكنة، ثُمَّ شرع يذكر توجيهَه، والله أعلم.

(1/8516)


قوله: (أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ فَأْفَأَةٌ): (التمتمة): تحبُّس اللسان وتردُّده إلى لفظ كأنَّه التاء والميم، واسم الرجل منه تمتام، وقال ابن دريد: هو ثقل النطق بالتاء، و (الفأفأة)؛ بهمزتين؛ الأولى منهما ساكنة، والثانية مفتوحة، و (الفأفاء): يُمَدُّ ويُقصَر، وهو الذي يغلب على لسانه الفاء يردِّدها، وقال ابن دريد: الفأفأة: حُبسة اللسان.
قوله: (لَنَذْرِيَنَّهُ): هو بفتح النون وتضمُّ، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ.
قوله: ({فَنَسِيَ} [طه: 88]): موسى قولَ السامريِّ؛ أي: ترك إلهه عندكم، أو ضلَّ عنه، وقيل: نسي السامريُّ إيمانه، أو نسي ألَّا يُصدِّق في عبادة ما لا ينفع، أو نسي موسى أنَّ قومه يضلُّون بعده.
قوله: (أَخْطَأَ الرَّبَّ): (الربَّ): منصوبٌ؛ لأنَّه مفعول (أخطأ).
قوله: (لاَ يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ): (يُهضَم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو منصوب، ويجوز رفعه، و (يُظلَم): مبنيٌّ أيضًا، ومعنى (يُهضَم): يُظلَم حقُّه، يقال: هضمه وأهضمه؛ إذا ظلمه وكسر عليه حقَّه.
قوله: ({هَوَى} [طه: 81]: شَقِيَ): قال ابن قُرقُول: («شَقَى»؛ يعني: بفتح القاف، كذا لكافَّتهم، ورواه بعضهم: «شَقِيَ»؛ يعني: بفتح الشين، وكسر القاف، وفتح الياء، قال: وهو المعروف، وتلك لغة طيِّئ)، انتهى، ولغة بعضٍ غير طيِّئ من القبائل.
قوله: ({سُوًى} [طه: 58]: مَنْصَفٌ): إن كسرت السين؛ فالمعنى: سِوى هذا المكان، وإن ضممت؛ فالمراد: نصفًا بيننا وبينك، أو وسطًا مستويًا يبيَّن للناس ما يُعمَل فيه، وقيل: {سِوى} و {سُوى}؛ بالضمِّ والكسر: واحد؛ مثل: عِدَى وعُدى، وقد قرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة: {مَكَاناً سُوًى} [طه: 58]؛ بضمِّ السين، والباقون: بكسرها، ووقف أبو بكر، وحمزة، والكسائيُّ: {سوى}، وفي (القيامة): {أَن يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]؛ بالإمالة، وورش وأبو عمرو على أصلهما؛ بين بين، والباقون: بالفتح على أصولهم، والله أعلم، فيقرأ: {سُوى}؛ بالضمِّ على الراجح؛ لأجل التفسير الذي فسَّر به البُخاريُّ، والله أعلم.
قوله: (مَنْصَفٌ): هو بفتح الميم، وإسكان النون، ثُمَّ صاد مهملة مفتوحة _كذا هو مضبوط في أصلنا هنا بالقلم، وقد ذكرته فيما مضى_ ثُمَّ فاء.
[ج 2 ص 315]

(1/8517)


[{واصطنعتك لنفسي}]

(1/8518)


[حديث: التقى آدم وموسى فقال موسى لآدم أنت الذي أشقيت الناس]
4736# قوله: (الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى): سيأتي الكلام عليه في (كتاب القَدَر) إن شاء الله تعالى وقدَّره.
قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدم): مرفوعٌ فاعل، و (موسى): منصوبٌ مفعول؛ أي: ظهرت حُجَّتُه عليه، وغلبه بها، والله أعلم، قيل: إنَّما احتجَّ في خروجه من الجنَّة بأنَّ الله خلقه ليجعله خليفة في الأرض، لا أنَّه نفى عن نفسه الذنب، وقيل: إنَّما أنكر على موسى أن يلومه؛ لتوبته منه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 316]

(1/8519)


[و {أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي ... }]
قوله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى): التلاوة: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا} [طه: 77].

(1/8520)


[حديث: نحن أولى بموسى منهم فصوموه]
4737# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
قوله: (لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: من بعض القَدَمَاتِ، لا من الهجرة، وقد تَقَدَّم ذلك.
قوله: (تَصُومُ عَاشُورَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه عاشر المحرَّم على الصحيح، وقيل: تاسوعاء، وقيل: الحادي عشر.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).
[ج 2 ص 316]

(1/8521)


[{فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}]

(1/8522)


[حديث: حاج موسى آدم فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة]
4738# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ): هو أيُّوب بن النجَّار بن زياد، أبو إسماعيل الحنفيُّ، قاضي اليمامة، عن يحيى بن أبي كثير، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وقتيبة، وعمرو الناقد، وطائفةٌ، قال أحمد: ثِقةٌ، رجل صالح عفيفٌ، وقال ابن معين: صدوق، قال: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلَّا حديثًا واحدًا، ووصفه غير واحد بالصلاح والفضل، قال محمَّد بن مهران: كان يقال: إنَّه من الأبدال، خرَّج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، حديثه عن يحيى فقط؛ وهو «احتجَّ آدمُ وموسى» هذا، والله أعلم، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

(1/8523)


(((21))) [سورة الأنبياء]

(1/8524)


[حديث ابن مسعود: بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء]
4739# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما (البندار)، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وما معناه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، ومَن لقَّبه بذلك، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ): صوابه: بنو إسرائيل، ولكنَّه وقع (بني)؛ فاعلمه، والظاهر أنَّه على الحكاية في التلاوة.
قوله: (هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): تَقَدَّم ذلك في (سورة سبحان)، وكذا (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي).

(1/8525)


[غريب آيات سورة الأنبياء]
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وهذا معروفٌ مشهورٌ.
قوله: (فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ): (فَلْكة): بفتح الفاء، وإسكان اللام، وسُمِّيَت (فلكة المغزل) فلكةً؛ لاستدارتها، و (المِغْزَل): بضمِّ الميم، وإسكان الغين المعجمة، ويقال: (المِغْزَل)؛ بكسر الميم وإسكان الغين أيضًا، وكلاهما بفتح الزاي، قال الفرَّاء: الأصل الضمُّ؛ يعني: في الميم، وهو ما يُغزَل به.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَحَسُّوا} [الأنبياء: 12]: تَوَقَّعُوهُ ... ) إلى آخره: قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: (ذكره أبو عبيد في «المجاز» بمعناه، وقال فيه: مجاز «خامد»: مجاز «هامد»)، انتهى.
قوله: ({عَمِيقٍ} [الحج: 27]: بَعِيدٌ): هذا في (سورة الحجِّ) لا هنا؛ فاعلمه.
قوله: ({آذَنَّاكَ} [فصلت: 47]: أَعْلَمْنَاكَ): هذا في (فُصِّلت)، وإنَّما أتى به؛ لأجل قوله: {آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109]، والله أعلم.
قوله: (آذَنْتَهُ [1]): هو بمدِّ الهمزة، أعلمته، وهذا ظاهرٌ.
قوله: ({لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 13]: تُفْهَمُونَ): هو في أصلنا بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه.
قوله: ({السِّجِلِّ} [الأنبياء: 104]: الصَّحِيفَةُ): في هذا إبطالٌ لمن ذكر أنَّه كاتبٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد ذكرته مطوَّلًا في (الشروط) مع الكُتَّاب؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: ({آذنتكم}).
[ج 2 ص 316]

(1/8526)


[{كما بدأنا أول خلق}]

(1/8527)


[حديث: إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غرلًا]
4740# قوله: (عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، شَيْخ مِنَ النَّخَعِ): هو المغيرة بن النعمان النخعيُّ الكوفيُّ، يروي عن سعيد بن جُبَير، ومالك بن أنس الكوفيِّ، وغيرِهما، وعنه: سفيان، وشعبة، ومسعر، وشريك، وغيرُهم، وثَّقه ابن معين وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وله فيها حديثان، و (النَّخَع)؛ بفتح النون والخاء المعجمة، وبالعين المهملة: قبيلة من اليمن.
قوله: (غُرْلًا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه بالغين المعجمة المضمومة، وإسكان الراء، جمع (أغرل)؛ ومعناه: غير مختونين، وتَقَدَّمتْ الحكمة في ذلك في (كتاب الأنبياء عليهم السلام)، وعلى قوله: (إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ)، وعلى هؤلاء الرجال الذين يُؤخَذ بهم ذات الشمال.
==========
[ج 2 ص 316]

(1/8528)


(((22))) [سورة الحج]
قوله: (إِذَا حَدَّثَ؛ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ ... ) إلى آخره: أي: أنَّ الشيطان قد يوقِع في مسامع أهل الشرك ما يوافق رأيَهم، فيتوهَّمون [1] أنَّه حدَّث عن الرسول، وليس كذلك، وأمَّا الذي رواه البزَّار في «مسنده»، وذكره ابن أبي حاتم وابن جرير في «تفسيرَيهما» في قصَّة (الغرانيق العلا)؛ فباطلٌ وإن أكثر الطبريُّ طرقَه، وقد تكلَّم القاضي عياض عليه في «الشفا»، والإمام في «تفسيره»، وقد ذكرته في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس» حيث ذكره، ورددته بالكلبيِّ؛ لأنَّ مداره عليه وهو كذَّاب، وبباذان، وهو مثل الكلبيِّ، ولم يسمع من ابن عبَّاس إلَّا الحرف بعد الحرف؛ فانظره، فإنَّه هناك مطوَّل، والله أعلم.
قوله: (بالقَضَّةِ [2]): هو بفتح القاف، وتشديد الضاد المعجمة المفتوحة، ثُمَّ تاء، وهي الجِيْر.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: يَفْرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ): (يَفْرُطُون): بفتح الياء، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ طاء مهملة، (غيره): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: هذا قول أبي عبيدة [3] في «المجاز».
قوله: (وَيُقَالُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: يَبْطشُونَ): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: هذا قول ابن عبَّاس في رواية أبي طلحة عنه، أخرجه الطبريُّ وغيرُه، انتهى.
قوله: (يَبْطشُونَ): هو بضمِّ الطاء وكسرها، لغتان مشهورتان.
قوله: ({تَذْهَلُ} [الحج: 2]: تُشْغَل): (تُشْغَل): بضمِّ أوَّله، وإسكان الشين وفتح الغين المعجمتين، كذا في أصلنا، ولو فسَّره بـ (تشتغل)؛ كان أوضح، وسيأتي تعليله، وقد فسَّره به بعضهم، وذلك لأنَّ (تُشْغَل) من المتعدِّي، وما ذكرته لازمٌ، و {تذهل}: لازم، والله أعلم.
قوله: ({بِسَبَبٍ} [الحج: 15]: بِحَبْلٍ): هو بالحاء المهملة المفتوحة، وإسكان الموحَّدة، واحد الحبال، وهو معروفٌ.
==========
[1] في (أ): (فيتوهموا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بالقَصَّة).
[3] في (أ): (عبيد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 316]

(1/8529)


[حديث: يقول الله يوم القيامة: يا آدم. يقول: لبيك ربنا وسعديك.]
4741# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (فَيُنَادِي [1] بِصَوْتٍ): قال ابن قُرقُول: كذا لأكثرهم، وعند أبي ذرٍّ: (فينادَى)؛ بفتح الدَّال، وهو أبين، وكيفما كان؛ فالمنادي غير الله أضيف النداء إليه؛ لأنَّه عن أمره، والأوَّل أعرف وأشهر، انتهى، وهو في أصلنا بفتح الدَّال بالقلم.
قوله: (مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ): وهذا يدلُّ على أنَّ يأجوج ومأجوج من نسل آدم، فقيل: إنَّهم من ولد يافث، وقيل: من الترك، وقيل: احتلم آدم، فاختلط ماؤه بالتراب، فأسِفَ، فخُلِقُوا من ذلك، قال ابن عبد السلام: وفيه نظر لحديث: «ما احتلم نبيٌّ قط»، انتهى، وهذا الحديث رواه الطَّبرانيُّ من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: «ما احتلم نبي قط إنَّما الاحتلام من الشيطان»، وقد ضعَّف هذا الحديث ابنُ دحية، قال شيخنا الشَّارح: وما يحكى من أنَّ آدم احتلم، فاختلط ماؤه بالتراب، فخُلِقوا من ذلك؛ فلا أصل له، فالأشهر: امتناع الاحتلام عليهم، وذكر عن مقاتل بن حيَّان عن عكرمة مرفوعًا: «بعثني الله عزَّ وجلَّ ليلة أُسْرِيَ بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله، فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وإبليس» انتهى، وهذا مرسل، عكرمة تابعيٌّ، والأشهر في مذهب الشافعيِّ: امتناع الاحتلام على الأنبياء،
[ج 2 ص 316]
وقال ابن قُرقُول في «مطالعه» في (الحاء واللام): (كان يصبح جنبًا من غير حُلْم؛ يعني: النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، بجزم اللام؛ أي: لا من حلْم المنام، وهو الاحتلام ليس فيه إثبات أنَّه كان يحتلم، وقد نفاه عنه بعض الناس؛ لأنَّه من الشيطان، ولأنَّه لم يروَ في ذلك أثرٌ، وقد يحتمل جوازه عليه، ولا يكون من الشيطان؛ لكن من الطبع البشري عند اجتماع الماء والبعد من النساء)، انتهى لفظه، وقد ذكرتُ هذه المسألة مطوَّلة في (كتاب الأنبياء) في (باب: قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القَرْنَيْنِ} [الكهف: 83]).

(1/8530)


قوله: (ثُمَّ قَالَ: «شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»): تَقَدَّم الكلام على هذا، والجمع بينه، وبين الحديث الآخر: «أهل الجنَّة مئة وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون، وصفوف الجنَّة من المسلمين والكفَّار»، في (باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125]).
قوله: (قَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): (أبو أسامة): حمَّاد بن أسامة، و (الأعمش): سليمان بن مهران، ويأتي عزو تعليقه.
تنبيهٌ: هذا مكرَّر مع ما سبق، وكأنه لمَّا قدَّمه؛ نسي أن يضرب عليه في هذا الموضع، وفي «الجامع»: هكذا مواضعُ، وقد وقع له كذلك أيضًا في (التفسير)، فإنَّه تكرَّر فيه في نفس السورة التي يفسرها، وقد قدَّمتُ في أوَّل هذا التعليق سبب اختلاف النُّسخ، وغير ذلك.
قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ): يعني: عن الأعمش، أمَّا (جرير)؛ فهو ابن عبد الحميد الضبِّيُّ، القاضي، تَقَدَّم، و (عيسى بن يونس): هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ، أحد الأعلام في الحفظ، تَقَدَّم، و (أبو معاوية): محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضرير، تَقَدَّم، وحديث جرير عن الأعمش أخرجه البُخاريُّ في (الرقاق): عن يوسف بن موسى عن جرير، وأخرجه مسلم في (الإيمان): عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عنه، وأمَّا ما رواه عيسى بن يونس؛ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وحديث أبي أسامة أخرجه في (الأنبياء): عن إسحاق ابن نصر عن أبي أسامة، وأبو معاوية حديثه في «مسلم».

(1/8531)


[{ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن ... }]
قوله: ({أَتْرَفْنَاهُمْ} [المؤمنون: 33]: وَسَّعْنَاهُمْ): كذا في أصلنا، وعليه مع شيء آخر معه (لا ... إلى ه)، فعلى الرواية بإثباته هنا، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ كذلك؛ فهو في السورة الآتية بعدها، وقد وقع له كذلك في غير مكان، وقد قدَّمتُ ما تنبَّهت له من ذلك في أماكنه.
==========
[ج 2 ص 317]

(1/8532)


[حديث ابن عباس: كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت ... ]
4742# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا، ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ عمرو بن عبد الله، و (أَبُوحَصِين): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح؛ كهذا، وأنَّ هذا عثمان بن عاصم.
قوله: (وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ): (نُتج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وخيلُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقوله: (وَلَمْ تُنْتَجْ): هو أيضًا مبنيٌّ، ولم يُسْمَع الماضي والمستقبل من هذا إلَّا مبنيَّان، و (خَيْلُهُ) في الثانية: مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[ج 2 ص 317]

(1/8533)


[{هذان خصمان اختصموا في ربهم}]

(1/8534)


[حديث: إن هذه الآية {هذان خصمان} نزلت في حمزة وصاحبيه]
4743# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن بَشير حافظ بغداد، و (أَبُو هَاشِمٍ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: يحيى بن أبي الأسود دينارٍ، وقيل: يحيى بن نافع الواسطيُّ، حدَّث عن أبي مِجْلَز لاحق بن حُمَيد، السدوسيُّ البصريُّ، الأعور الأسود، مات سنة ثنتين وعشرين ومئة، ومات أبو مِجْلَز في خلافة عمر، وكان ورَد خراسان مع قتيبة بن مسلم الباهليِّ، انتهى، فقوله: (ومات أبو مِجْلَز في خلافة عمر): يعني: عمر بن عبد العزيز، وهذا يعرف من طبقة الشخص، ولكن ذكرته لمن لا يعرف الطبقة إلَّا التي تُبنى فوق القاعة، وكونه في خلافة عمر بن عبد العزيز قاله المدائنيُّ وجماعة، وقال خليفة: تُوُفِّيَ سنة ستٍّ ومئة، وقال الفلَّاس: مات سنة تسع ومئة، وأبو مِجْلَز؛ بكسر الميم، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ زاي، وأبو هاشم المذكور: هو الرُّمانيُّ؛ بضمِّ الراء، كان ينزل قصر الرمَّان بواسط، فنُسِبَ إليه.
قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّم أنَّه جندب بن جنادة، وتَقَدَّم الخلاف فيه، وفي أبيه، وترجمة أبي ذرٍّ.
قوله: (كَانَ يُقْسِمُ): هو بضمِّ أوله، وكسر السين، رُباعيٌّ؛ لأنَّه من الحلف.
قوله: (إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ): (إنَّ): بكسر الهمزة؛ لأنَّها بعد القسم.
قوله: (فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ): (صاحباه): هما عليُّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، وسيجيء ذلك قريبًا.
قوله: (وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ): (صاحباه): شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وسيجيء ذلك قريبًا، وقد قَتَلَ الثلاثةُ الصَّحابة _حمزةُ، وعليٌّ، وعبيدةُ_ الثلاثةَ المشركين من قريش؛ فقتل حمزةُ شيبة بن ربيعة، وعليٌّ الوليدَ بن عتبة، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكرَّ علي وحمزة بأسيافهما على عتبة، فذفَّفا عليه واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابه، وكان ذلك يوم بدر، كما صرَّح به هنا في الرواية، وقد قدَّمتُ الاختلاف في القاتلين الثلاثة مَن قتل كلٌّ منهم فيما مضى؛ فانظره.
تنبيهٌ: إن قيل: كيف نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 18] في يوم بدر والسورة مكِّيَّة؟ فالجواب: أنَّ السورة مكِّيَّة إلَّا ثلاث آيات، وهي: {هذان خصمان} إلى آخرها، والله أعلم.

(1/8535)


قوله: (رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ): الظاهر أنَّ سفيان هذا هو الثوريُّ، ومستندي في «الكمال لعبد الغنيِّ» أنَّه ذكر في الرواة عن أبي هاشم الثوريَّ، والذَّهبيُّ قال: روى عنه سفيان، فأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، وما رواه سفيان عن أبي هاشم أخرجه البُخاريُّ في «المغازي» عن قَبيصة، وعن يحيى بن جعفر عن وكيع؛ كلاهما عن سفيان عن أبي هاشم به، وأخرجه مسلم في آخر كتابه عن ابن مثنَّى، عن ابن مهديٍّ، عن سفيان به، وأخرجه النَّسائيُّ في (السير)، و (المناقب)، و (التفسير) عن بندار، عن ابن مهديٍّ، وابنُ ماجه في (الجهاد): عن يحيى بن حكيم وحفصِ بن عمرو الرَّباليِّ؛ كلاهما عن ابن مهديٍّ به، و (أبو هاشم) تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.
قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: قَوْلَهُ): أمَّا (عثمان)؛ فهو [1] ابن أبي شيبة عثمان بن محمَّد بن أبي شيبة، أبو الحسن العبسيُّ مولاهم، الكوفيُّ الحافظ، أخو الحافظ الكبير أبي بكر بن أبي شيبة، عن شَريك، وأبي الأحوص، وجرير، وطبقتهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه محمَّد، وأبو يعلى، والبغويُّ، وأمم، مات في المحرَّم سنة (239 هـ)، أخرج له من روى عنه من الأئِمَّة، ثِقةٌ مأمون، تَقَدَّم، ولكن طال العهد به، وله ترجمة في «الميزان»، وما رواه عثمان أخرجه فقال: (وقال عثمان بن أبي شيبة: حدَّثنا جرير)، فقد تَقَدَّم أنَّه شيخ البُخاريُّ، فكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (جرير): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الحميد، و (منصور): هو ابن المعتمر، و (أبو هاشم): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن أبي الأسود أعلاه، و (أبو مِجْلَز): تَقَدَّم ضبطه قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّم أعلاه أنَّه لاحق بن حُمَيد.
وقوله: (قولَه): هو منصوب بنزع الخافض؛ أي: من قوله؛ يعني: موقوفًا عليه لا مرفوعًا.
==========
[1] زيد في (أ): (فهو)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 317]

(1/8536)


(((23))) [سورة المؤمنين]
قوله: ({مِنْ سُلالَةٍ} [المؤمنون: 12]: الْوَلَدُ): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.
قوله: (وَالْجِنَّةُ وَالْجُنُونُ وَاحِدٌ): اعلم أنَّ (الجِنَّة)؛ بكسر الجيم: الجنُّ، ومنه قوله تعالى: {مِنَ الجِنَّةِوَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13]، والجِنَّة أيضًا: الجنون، ومنه هذا المكان الذي ذكره البُخاريُّ {أَم بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8]، والاسم والمصدر على صورة واحدة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 317]

(1/8537)


(((24))) [سورة النور]
[ج 2 ص 317]
قوله: ({مِنْ خِلالِهِ} [النور: 43]: مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ): قال بعضهم: (أضعاف): مقحمة، ولهذا قال غيره: (من بين السحاب)، والله أعلم
قوله: (يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِئ [1]: مُذْعِنٌ): (المُستخذئ): بضمِّ الميم، ثُمَّ سين مهملة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة أيضًا مكسورة، ثُمَّ همزة، قال الجوهريُّ: الكسائيُّ: خَذِئْتُ له، وخذأتُ له _بالكسر والفتح_ خَذَاءً، وخَذْءًا، وخُذوءًافيهما: خضعتُ، وكذلك استخذأتُ له وأَخْذَأَهُ فلان؛ أي: ذلَّ _ له، انتهى، وفي «القاموس»: خَذَأَ له؛ كـ (مَنَعَ) (وفَرِحَ)، خَذْءًا، وخُذُوءًا، وخَذَأً؛ انخضع وانقاد؛ كاستخذأ، وأخذأه: ذلَّ _ له، والخَذَأُ: ضعف النفس.
قوله: ({أَشْتَاتاً} [النور: 61]، وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ): أي: كلُّه يرجع إلى معنى: التفرُّق، وليست كلُّها واحدًا إلَّا بهذا المعنى، وذلك لأنَّ (شتاتًا) و (شتًّا) مصدران، وأشتاتًا: واحدهم شتٌّ وشتَّى، تقول: قومٌ شتَّى؛ أي: متفرِّقون، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: {سُوْرَةٌ أَنزَلْنَاهَا} [النور: 1]: بَيَّنَّاهَا): كذا في الأصول، والظاهر أنَّ (بيَّنَّاها) تفسير لـ {فَرَّضْنَاهَا} [النور: 1] المشدَّدة، وقد يدلُّ لذلك قوله بعده: (ومّنْ قَالَ [2]: {فَرَّضْنَاهَا}: أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً)، انتهى، وكذا فسَّر بعضهم المشدَّد بـ (بيَّنَّاها)، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ ... ) إلى آخره: قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: هو كلام أبي عبيدة أيضًا.
قوله: (فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): (قُرِن): بضمِّ القاف [3]، وكسر الراء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعضها): مرفوع قائم مقام الفاعل.
قوله: (أَيْ: مَا جُمِعَ فِيهِ): (جُمِع): بضمِّ الجيم، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (لِأَنَّهُ يَفْرُقُ [4] بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ): (يَفْرُقُ): بفتح أوله، وإسكان الفاء، وضمِّ الراء.

(1/8538)


قوله: (مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ؛ أَيْ: لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا): (قَرَأَت): بهمزة مفتوحة بعد الراء، و (سَلًى): بفتح السين المهملة، منوَّن، والسَّلى؛ مقصور: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نُزِعَت عن وجه الفصيل ساعة يولد، وإلَّا؛ قتلته، وقد تَقَدَّمت في (الطهارة).
قوله: (وَقَالَ: {فَرَّضْنَاهَا} [النور: 1]: أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ): {فرَّضناها}: بتشديد الراء، وقد قرأها بالتشديد ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون من السبعة بتخفيفها.
قوله: (قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا} [النور: 1]): يعني: بالتخفيف، وقد تَقَدَّم أعلاه من قرأ به.
قوله: (وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ) [5]: هو سعد بن عياض الثُّماليُّ _بضمِّ الثاء المثلَّثة، وتخفيف الميم_ الكوفيُّ، يروي عن ابن مسعود، وعنه: أبو إسحاق، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وكذا هو في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولفظه: سعد بن عياض الثُّماليُّ، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: (أنَّه كان أشدَّ الناس بأسًا)، وهو مرسل، وهو تابعيٌّ، روى عن ابن مسعود، روى عنه أبو إسحاق الهمْدانيُّ، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى، أُخْرِج له في «أبي داود» و «النَّسائيِّ» و «التِّرْمِذيِّ» في «الشمائل»: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سُمَّ في الذِّراع)، انفرد عنه أبو إسحاق، ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»؛ لرواية واحد عنه فقط، ولم يذكر فيه كلامًا لأحد، وقد علمتَ أنَّه في «ثقات ابن حبَّان»، وقد قال فيه: إنَّه روى عنه أهل الكوفة، وقال في (سعْد)؛ بحذف الياء: إنَّه روى عنه أبو إسحاق.

(1/8539)


تنبيهٌ: قوله في «البُخاريِّ»: (سعد): هو بغير ياء، كذا هو في أصلنا الذي سمعنا منه على العراقيِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (سعيد)؛ بزيادة ياء، وقد ذكره بغير ياء الذَّهبيُّ في «تذهيبه»، و «كاشفه»، و «ميزانه»، وقد رأيته بإثبات الياء في «ثقات ابن حبان»، ذكره في (سعد) وفي (سعيد)، وهذا شاهد لما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أر أنا فيه خلافًا في «المطالع»، ولا في «تقييد المهمل» لأبي عليٍّ الغسَّانيِّ، وكذا ذكره (سعد) _بغير ياء_ المِزِّيُّ، وقبله عبد الغنيِّ في «الكمال»، وكذا وقع في «أبي داود» في (الأطعمة) في حديثين، وفي «النَّسائيِّ» في (الوليمة)، وفي «الشمائل» للتِّرمذيِّ: (سعد)؛ بغير ياء، وكذا ذكر سعدًا _في (باب سعد)؛ بغير ياء_ ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»، وقال: حديثه مرسل، ولا تَصِحُّ له صحبة، وإنَّما هو تابعيٌّ، يروي عن ابن مسعود، انتهى، وكذا ذكره شيخنا في «شرحه» فقال: (سعْد) مكبَّرًا، والله أعلم.
قوله: (الْمِشْكَاةُ: الْكوَّة بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ): (الكَوَّة): تَقَدَّم أنَّها بفتح الكاف على المشهور، وقد حُكِيَت بالضمِّ، وقال الصدفيُّ عن بعض شيوخه عن المعرِّيِّ: إنَّها بالفتح: غير نافذة، وبالضمِّ: نافذة، وضُعِّف.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (للمستخذي).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرأ).
[3] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يُفَرِّق).
[5] كذا في (أ) و (ق) جاء هذا القول في آخر الآيات المشروحة، وهو في «اليونينيَّة» بعد قوله: (سُمِّيَ قرآنًا).

(1/8540)


[{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء ... }]

(1/8541)


[حديث: قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك]
4745# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): (إسحاق) هذا: لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا رأيته في كلام الغسَّانيِّ، وقد ذكر عبد الغنيِّ في ترجمة محمَّد بن يوسف الفريابيِّ: أنَّه روى عنه أبو إسحاق بن منصور، وكذا قال الذَّهبيُّ: إنَّه روى عنه إسحاق الكوسج، وهو ابن منصور، والله أعلم، و (محمَّد بن يوسف): هو الفريابيُّ، تَقَدَّم، و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، أبو عمرو شيخ الإسلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم.
قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ): قال الدِّمْياطيُّ: هو عويمر بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجدِّ بن العجلان، وأمَّا (عاصم): فهو ابن عديِّ بن الجدِّ بن العجلان، شهد بدرًا وما بعدها، وقيل: لم يشهدها، بل استخلفه على قباء، وضرب له بسهمه وأجره، تُوُفِّيَ سنة (45 هـ)، وقد قارب مئة وعشرين سَنةً، وأخوه معن بن عديٍّ شهد العقبة وبدرًا وما بعدهما، انتهى، فقوله في عويمر: (ابن الحارث)؛ هذا قولٌ، وقيل: عويمر بن أبيض، وقدَّمه غير واحد من الحُفَّاظ، وقيل: عويمر بن أشقر، وقُدِّم أيضًا على (ابن الحارث)، قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: كان لعانهما _أي: لعانه ولعان زوجته_ في شعبان سنة تسع من الهجرة حين قدم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من تبوك، وقال في ترجمة عويمر، وهو صاحب اللعان الذي رمى زوجته بشَريك ابن السحماء، وهذا فيه نظر، والذي قذف امرأته بشريك ابن سحماء هلال بن أُمَيَّة، وكذا ذكره هو في ترجمته في «التهذيب».
قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ): يعني: امرَأتك، وامرأة عويمر العجلانيِّ لا أعرف اسمها، ورأيت في كلام ابن شيخنا البلقينيِّ ما لفظه: ورأيت بخطِّ شيخنا مغلطاي على حواشي «أسْد الغابة»: خولة بنت قيس الأنصاريَّة زوج عويمر العجلانيِّ التي لاعنها، وذكرها مقاتل في «تفسيره» قال: وهذا غريب، انتهى، وسيأتي بعيد هذا شيء يتعلَّق بهذا، وسيأتي الكلام قريبًا على قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ)، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: التي لاعنها خولة بنت قيس.

(1/8542)


قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا مِنَ [1] الْمُتَلاَعِنَيْنِ): قال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي» في (اللعان) في قوله: (فصارت سُنَّةً في المتلاعنين): يمكن أن يكون مدرجًا من كلام ابن شهاب، وهو الظاهر، انتهى، وفي «مسلم» قال ابن شهاب: (فكانت سُنَّةَ المتلاعنَين)، انتهى، وكذا في «البُخاريِّ» في (اللعان)، وفي (الطلاق) أيضًا، والله أعلم.
[ج 2 ص 318]
قوله: (أَسْحَمَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ سين ساكنة، ثُمَّ حاء مفتوحة مهملتين، ثُمَّ ميم؛ أي: أسود شديد السواد، قال الحربيُّ: هو الذي لونه كلون [2] الغراب.
قوله: (أَدْعَجَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ دال ساكنة، ثُمَّ عين مهملتين [3]، ثُمَّ جيم، هو شديد سواد سوادهما.
قوله: (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ): (خَدَلَّج): بفتح الخاء المعجمة، والدال المهملة، وتشديد اللام المفتوحة، ثُمَّ جيم؛ أي: عظيمهما.
قوله: (أُحَيْمِرَ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): (أُحَيْمِر): قال الدِّمْياطيُّ: تصغير أحمر، وهو الأبيض، و (وَحَرَة): دويبَّة تلزق بالأرض؛ كالعظأة، شبَّهه بها لقِصَره، (والأسحم): الأسود، ضدُّ الأحمر؛ بمعنى: الأبيض، انتهى، و (وَحَرَة): بفتح الواو، والحاء المهملة، والراء، ثُمَّ تاء التأنيث، وما قاله الدِّمْياطيُّ في تفسيرها هو قول «النِّهاية» لابن الأثير، وقال ابن قُرقُول: (وَحَرَة)؛ أي: وَزَغَة، وقيل: نوع من الوزغ، يكون في الصَّحارى.
تنبيهٌ: (أحيمرَ): بفتح الراء كذا في أصلنا وغيره، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكره في «شرحه» هنا، فقال: وهو غير مصروف، قال ابن التين: وصوابه: أُحيمرًا، وهو تصغير أحمر، انتهى، والله أعلم، وهذا الكلام فيه شيء؛ وذلك لأنَّ مقتضى العربيَّة ألَّا ينصرف، وإنَّما ينصرف معتلُّ اللام على قول، وفي كلام غير ابن التين أنَّه ينصرف أيضًا.
قوله: (فَكَانَ بَعْدُ نُسِبُ [4] إِلَى أُمِّهِ): انتهى، يعني: أنَّ الغلام ابن امرأة عويمر يُدعى إلى أمِّه، وذكر بعضهم: أنَّ المولود المذكور عاش سنتين، ثُمَّ مات، وعاشت أمُّه بعده يسيرًا، وفي «سنن أبي داود»: كان _يعني الغلام_ أميرًا على مصر، وما يدعى لأب، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (في).
[2] في (أ): (كون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ): (مفتوحتين).
[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يُنْسَبُ).

(1/8543)


[{والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين}]

(1/8544)


[حديث: قد قضي فيك وفي امرأتك]
4746# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا انَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، ابن سليمان العدويُّ مولاهم، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الرجل الآتي): الظاهر من القصَّة أنَّه عويمر العجلانيُّ، والله أعلم.
فائدةٌ: آية اللعان اختُلِف فيها فيمن أُنزِلَت، فقيل: في عويمر المذكور، وقيل: في هلال بن أُمَيَّة، وأرجحهما: أنَّها في هلال، واستُدِلَّ لذلك بحديث في «مسلم»: (وكان اوَّل رجل لاعن في الإسلام)؛ يعني: هلالًا، قال الماورديُّ في «حاويه»: قال الأكثرون: قصَّة هلال أسبق، قال: والنقل فيها مُشتبِه، وقال ابن الصبَّاغ مثلَه: قصَّة هلال تُبَيِّن أنَّ الآية نزلت فيه أوَّلًا، وأمَّا قوله: (قد أنزل الله فيكم [1]) [خ¦7304]، وفي رواية أخرى: (قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك) [خ¦5259]؛ فمعناه: ما نزل في قصَّة هلال، لأنَّه حكم عامٌّ لجميع المسلمين، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: ويحتمل أنَّها نزلت في ذا، وفي ذاك، وأنَّ هلالًا أوَّل ملاعن، والله اعلم، انتهى.
قوله: (قَدْ قُضِيَ فِيكَ): (قُضي): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا أنَّه من كلام الزُّهريِّ، والله أعلم.
قوله: (وَكَانَتْ حَامِلًا ... ) إلى آخره: هو هنا من كلام سهل بن سعد، وفي (اللعان) ظاهر العبارة أنَّه من كلام الزُّهريِّ.
قوله: (ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ: أَنْ يَرِثَهَا ... ) إلى آخره: قال ابن قيِّم الجوزيَّة ضمن كلامه على ميراث الملاعنة من ابنها: وهل نجوِّزه _وهو مذهب ابن مسعود، وأحمد، وإسحاق_ أم لا؟ وقد ذكر: ثُمَّ جرت السنة أن يرث منها وترث منه ما فرض الله لها يتلقَّاه بالقبول والتسليم، والقول بموجبه، وإن أمكن أن يكون مدرجًا من كلام ابن شهاب، وهو الظاهر.
==========
[1] في (أ): (فيهما)، وعليها ضبَّة، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 319]

(1/8545)


[{ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين}]

(1/8546)


[حديث: البينة أو حد في ظهرك.]
4747# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُندار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عدي، وتَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ): أمَّا (هلال)؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، ثُمَّ تِيبَ عليهم، قال بعضهم: لم يذكر هلالًا في هذا الحديث إلَّا هشامُ بن حسان، قال: وهو غلط، والدليل عليه: أنَّ القاسم بن محمَّد روى هذا الحديث عن ابن عبَّاس، فذكر فيه العجلانيَّ في حديث اللعان كما ذكر، فاتَّفقت الطرق على العجلانيِّ، وهو عويمر، فصحَّ بذلك غلط هشام، واستدلَّ لذلك بشيء آخر لا يتحرَّر لسقم في النسخة، انتهى، والله أعلم.
وأمَّا (امرأته)؛ فبخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: سهلة بنت عاصم، انتهى، قال الذَّهبيُّ: سهلة بنت عاصم بن عديٍّ، وُلِدَت يوم خيبر عن قولها، والحديث واهي السند، انتهى، وهذه إن صحَّ ذلك عنها؛ لا يمكن أن تكون زوجةَ هلال، ولا أن تكون ملاعِنة، وجاءت بولد، ولا أعلم في الصحابيَّات من اسمها سهلة بنت عاصم إلَّا هذه، ولا أدري من أين أخذه، وقد قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: خولة بنت عاصم زوجة هلال بن أُمَيَّة التي لاعنها، ففرَّق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بينهما، انتهى، وكذا ذكر ابن شيخنا العراقيِّ الإمامُ أبو زرعة أحمد اسمَ امرأة هلال خولة بنت عاصم، لها ذكر وليس لها رواية، انتهى، وقد رَقَمَ عليها (ط)؛ يعني: أنَّ ابن طاهر ذكر ذلك.
ثُمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكر قصَّة في اللعان عن «تفسير مقاتل»: أنَّها خولة بنت قيس، ذكرها منسوبة، فسمَّاها [1] في القصة غيرَ مرَّةٍ ولا مرتين، انتهى، ولا أعرف أنا هذه خولة بنت قيس، وفي الصحابيَّات اثنتان يُقال لكلٍّ منهما: خولة بنت قيس، وهذه ليست واحدةً منهما، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكر ذلك عن مقاتل، وأنَّ أبا نُعيم وابنَ مَنده سمَّياها خولة بنت عاصم، قال شيخنا: ولم أر أحدًا ذكر خولة بنت قيس، ولا أحدًا من أصحاب المبهمات، انتهى، وكونها خولة بنت قيس ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن خطِّ مغلطاي: أنَّها زوج عويمر العجلانيِّ؛ فانظر هذا، والله أعلم.

(1/8547)


قوله: (بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ): هذا يقال له: شريك ابن السَّحماء، وهي أمُّه، وهي بفتح السين، ثُمَّ حاء ساكنة مهملتين، وبالمدِّ في آخرها، وهو شَريك بن عَبَدة _بفتح العين والموحَّدة_ بن مُعتِّب _وقيل: مغيث_ بن الجدِّ بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة البلويُّ، وهو عمُّ معن وعاصم ابنَي عديِّ بن الجدِّ، وهو حليف الأنصار، قيل: إنَّه شهد مع أبيه أحدًا، قال عياض: قول من قال: إنَّه يهوديٌّ؛ باطل، قال الخطيب: شهد أبوه عبَدة بدرًا، وقيل: في قوله: (بشريك ابن سحماء)؛ أي: بشخص هو شريك ابن سحماء، لا بشريكٍ نفسِه، نقله شيخنا عن أبي نعيم، والله أعلم.
[ج 2 ص 319]
قوله: (الْبَيِّنَةَ): هو بالنصب، ونصبه ظاهر؛ أي: أحْضِرِ، ويُروى برفعها.
قوله: (وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ): (أنزل): بفتح الهمزة، مبنيٌّ للفاعل.
قوله: (وَقَّفُوهَا): هو مشدَّد في أصلنا بالقلم، وفي نسخة خارج أصلنا مخفَّفة، وهما لغتان، يقال في المخفَّف: وقفته ووقف هو، يتعدَّى ولا يتعدَّى.
قوله: (وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ): أي: توجب عذاب النار.
قوله: (أَبْصِرُوهَا): هو بفتح الهمزة، وكسر الصاد، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ): (الأكحل): الذي في عينيه كَحَل _ بفتحتين_ وهو سواد أجفان العين خِلقة، يقال للرجل: أكحلُ وكحيلٌ.
قوله: (سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ): هو بالسين المهملة، وبعد الألف مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ غين معجمة، قال صاحب «المطالع» عن صاحب «العين»: أي: قبيحهما، يقال: عجيزة سابغة وألية سابغة؛ أي: قبيحة، قال القاضي: وقد يكون سبوغ الأليتين: عظيمها، ومنه: ثوب سابغ، وأسبغ الله علينا نِعَمَه؛ أي: كثَّرها ووسَّعها، ويدلُّ عليه قوله في بعض الروايات: (عظيم الأليتين)، وفي أخرى: (إن كان مُسْتَهًا)، والمُسْتَه والأَسْتَه: العظيم الأليتين، وقد يكون سابغ [الأليتين]؛ أي: شديد سوادهما؛ لأنَّه جاء في صفته في بعض الروايات: (أسود)، يقال في الصباغ؛ بالسين والصاد، وقد يكون (سابغ الأليتين): كثير شعرهما، كما يوجد في بعض الأطفال، يقال: سبغت الناقة؛ إذا ولدت ولدها حين يُشعِر، انتهى، وفي «النِّهاية»: (سابغ الأليتين): أي: تامَّهما وعظيمهما، من سبوغ الثوب والنِّعمة، انتهى.
قوله: (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/8548)


[{والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}]

(1/8549)


[حديث: أن رجلًا رمى امرأته فانتفى من ولدها في زمان رسول الله]
4748# قوله: (حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ محمَّد بْنِ يَحْيَى): (مُقدَّم): بضمِّ الميم، وفتح الدال المهملة المشدَّدة، اسم مفعول من (قدَّم) المضعَّف، وهو مقدَّم بن محمَّد بن يحيى بن عطاء بن مقدَّم بن مطيع الهلاليُّ المقدَّميُّ الواسطيُّ، عن عمِّه القاسم بن يحيى، وعنه: البُخاريُّ، وأسلم بن سهل، وعليُّ بن العبَّاس المقانعيُّ، وطائفة، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وانفرد به البُخاريُّ عن أصحاب الكُتُب السِّتَّة، و (عُبَيْدُ اللهِ) هذا: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.
قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ، وانْتَفَى [1] مِنْ وَلَدِهَا): الظاهر أنَّه عويمر العجلانيُّ، وسيأتي في (اللعان) من حديثه: (فَّرق النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين أخوي بني العجلان)، وقال شيخنا: هذا الرجل هو العجلانيُّ وامرأته، انتهى، وقد تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمها، وتَقَدَّم ما رأيته في كلام ابن شيخنا البُلقينيِّ، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا في قوله: (أنَّ رجلًا رمى امرأته): هذا المبهم يصحُّ تفسيره بحديث عويمر الثابت من طريق سهل بن سعد، وبحديث هلال الثابتِ من حديث ابن عبَّاس، وفي بعض الشروح: تعيين عويمر العجلانيِّ، وهو مُتَعَقَّبٌ إلَّا أن يأتي تصريح في رواية ابن عمر، انتهى، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فانتفى).
[ج 2 ص 320]

(1/8550)


[{إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم ... }]

(1/8551)


[حديث عائشة: {والذي تولى كبره}. قالت: عبد الله بن أبي ابن سلول]
4749# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (مَعْمَرٌ) بعده: بفتح الميمين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.
قوله: (عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم الكلام عليه مترجمًا، وأنَّه رأس المنافقين، وكيف النطق به وكتابته، وأنَّ (سلول): لا يصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وهي أمُّه.
==========
[ج 2 ص 320]

(1/8552)


[{لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ... }]

(1/8553)


[حديث: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني .. ]
4750# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأنَّ (يُونُس): هو ابن يزيدَ الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم أحد الأعلام، و (سَعيْد بن المُسَيّب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممن اسمه (المُسَيَّب) لا يقال إلَّا بفتح يائه.
قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّم في (الشهادات) من هم أهل الإفك، وتَقَدَّم أنَّ (طَائِفَةً) معناه: قطعة، و (أَوْعَى): أحفظ.
قوله: (وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ): الحديث: (حَدَّثَنِي عُرْوَةُ)، وهذا يدلُّ على أنَّ الحديث عند الزُّهريِّ كلُّه عن عروة، والله أعلم.
وتَقَدَّم أنَّ الغزوة التي وقع فيها الإفك غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع، وتَقَدَّم تاريخها والاختلاف في ذلك، وقولها: (فَخَرَجَ سَهْمِي): تَقَدَّم في (الشهادات): أنَّه خرج معها أمُّ سلمة من عند ابن سعد، وتَقَدَّم الاختلاف في الحجاب متى أُنزِل، وسيأتي في (الأحزاب)، وتَقَدَّم (الهَوْدَج) ما هو، وعلى (قَفَلَ)، وأنَّ معناه: رجع، و (آذن)؛ بمدِّ الهمزة: أعلمَ، وأنَّ (الرَّحْلَ): المنزل والمأوى، وتَقَدَّم الكلام على (جَزْعِ ظَفَارِ)، وتَقَدَّم في التيمُّم ما ثمنه، و (حَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ)؛ أي: أخَّرني طلبُه، وتَقَدَّم أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كالنفر، و (يَرْحَلُونَ): تَقَدَّم أنَّه بالتخفيف، وما قال فيه القاضي عياض: ولا أعرف منهم أحدًا، وقال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين: وقع عند الواقديِّ من طريق عباد بن عبد الله بن الزُّبَير عن عائشة في حديث الإفك: أنَّ الذي كان يرحل هودجها ويقود بعيرها أبو مويهبة مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكان رجلًا صالحًا، وذكره البلاذريُّ فقال: أبو مويهبة، انتهى.

(1/8554)


وعلى (الْعُلْقَةَ) ما هي، وهي البُلغة، وعلى (بَعَثُوا الجَمَلَ)؛ أي: أثاروه من بروكه، وعلى (اسْتَمَرَّ)؛ أي: ذهب، وعلى (أَمَمْتُ)؛ ومعناه: قصدت، وعلى (صَفْوَانِ بْنِ الْمُعَطَّلِ) وما يتعلَّق به، وسبب تأخُّره عن الجيش، وعلى (ادَّلَجَ [1])، وعلى (سَوَادَ)؛ أي: شخص، وعلى (جِلْبَابِي)، وما هو الجلباب، وعلى قوله: (وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً)، وعلى (مُوغِرِينَ)، وعلى (نَحْرِ الظَّهِيرَةِ)، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ)، والنطق به، وكتابته، ونسبه، وعلى قوله: (فَاشْتَكَيْتُ [2] شَهْرًا)، وعلى (يَرِيبُنِي)، وأنَّه ثُلاثيٌّ على الأفصح، ويجوز رُباعيٌّ أيضًا، وعلى (اللَّطَفَ)، وعلى (تِيَكُمْ)، وأنَّه إشارة للمؤنَّث؛ كـ (ذاكم) للمذكَّر، وعلى (نَقهْتُ) بلغتيها؛ ومعناه: أفقت من المرض.
وعلى (أُمِّ مِسْطَحٍ) واسمها، وهنا: (وَهْيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: صوابه: أبو رُهم بن المطلب بن عبد مناف، انتهى، ولو قال: نُسِبَ أبو رهم إلى جدِّه؛ كان أحسنَ من التوهيم، والله أعلم، وعلى (ابْنِهَا مِسْطَحُ)، وأنَّ اسمه: عوف، ويقال: عامر، ومسطح لقب، وما هو (المسطح) [3]، وعلى (الْمَنَاصِعِ)، وأنَّه جمع (مَنْصع)، وعلى (الْكُنُفِ)، وهي المراحيض، وعلى قوله: (أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ)، وعلى قوله: (وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ)، قال الدِّمْياطيُّ: أمُّ الخير أمُّ الصدِّيق بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/8555)


قوله: (قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا): كانتا خرجتا لقضاء الحاجة، فقضتا حاجتهما، وسيجيء بعد هذا في هذه السورة: (فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلاَ كَثِيرًا) [خ¦4757] ففيه أنَّها لم تقض حاجتها، وهما متضادَّان، والثاني هنا معلَّق عن أبي أسامة _وهو حمَّاد بن أسامة_ بصيغة جزم، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الشهادات)؛ فانظره، وعلى (المِرْط) ما هو وضبطه، وعلى (تَعسَ) بلغتيها، وعلى (هَنْتَاهْ) ضبطًا ومعناها، وعلى (أَبَويْها)، وهما أشهر من أن يذكرا، أبوها أبو بكر عبد الله بن عثمان الصدِّيق، وأمُّها أمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وعلى (وَضِيئَةً)، وعلى (يَرْقَأُ)، وأنَّه مهموز الآخر؛ أي: يرتفع، وعلى قوله: (فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): ظاهره أنَّ أم مسطح لمَّا أعلمتها بالخبر، ثُمَّ استشار عَلَيهِ السَّلام عليًّا وأسامة، وسيأتي بُعَيده ما يخالفه، وقد تَقَدَّم في (الشهادات)، وعلى (اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ)، وعلى (أَهْلَكَ) بالنصب، وأنَّه يجوز رفعه، وعلى (بَرِيرَةَ)، وتعقُّب من تعقَّبها، وهو تعقُّب حسن، وعلى (يَرِيبُكِ)، وأنَّه بفتحٍ، ويجوز الرباعيُّ أيضًا، وعلى (إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا)، وأنَّها نافية؛ بمعنى: (ما)، وعلى (أَغْمِصُهُ)؛ أي: أعيبه، وعلى (الدَّاجِنُ)، وعلى (سَعْدِ بْن مُعَاذٍ)، وذكره في هذه القصَّة، وعلى قوله: (وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا)، وعلى قوله: (لَعَمْرُ اللهِ): هو قسم ببقاء الله ودوامه، وهو رفع بالابتداء، والخبر محذوف؛ تقديره: لعمرو الله قسمي، أو ما أقسم به، واللام للتَّوكيد، فإن لم يأت باللام؛ نُصِبَ نصبَ المصادر، وقد تَقَدَّم، وعلى (أُسَيْد بْن حُضَيْرٍ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، وعلى قوله: (وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ)؛ يعني: سعد بن معاذ، وكذا جاء في بعض النُّسخ،
[ج 2 ص 320]

(1/8556)


وعلى قوله: (فَاسْتَأْذَنَتْ [4] امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ)، وأنِّي لا أعرفها، وعلى قوله: (وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ)، تَقَدَّم ما قاله السُّهيليُّ، وما قاله أبو محمَّد ابن حزم في (الشهادات)؛ فانظره، وعلى (أَمَّا بَعْدُ) في أوَّل التعليق إعرابًا، وأوَّل من قالها، وعلى (قَلَصَ)؛ ومعناه: ارتفع، وعلى (مَا رَامَ)؛ أي: لم يبرح من مكانه، وعلى (الْبُرَحَاءِ)، وعلى (الْجُمَانِ)، وعلى (سُرِّيَ)، وأنَّه مخفَّفٌ ومشدَّدٌ، وأنَّ معناه: كشف، وعلى قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ)، وما رواه الطبرانيُّ في «معجمه الكبير»، وعلى (زَيْنَبَ بِنْتِ [5] جَحْشٍ) أمِّ المؤمنين، وعلى (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي)، وعلى (تُسَامِينِي)، وعلى (أُخْتِهَا حَمْنَةَ)، وعلى (تُحَارِبُ)، وهل جُلِدوا أم لا، وعلى (عبد الله بن أُبَيٍّ) هل جلد أم لا مطوَّلًا؛ فانظر ذلك كلَّه في (الشهادات).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق) بالتشديد، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (فَأَدْلَجَ).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (حين قَدِمْتُ).
[3] ثمَّة إشارة لحقٍ في (أ)، وليس لها مشارٌ إليه.
[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيَّ).
[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابنة).

(1/8557)


[{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ... }]

(1/8558)


[حديث: لما رميت عائشة خرت مغشيًا عليها]
4751# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن كثير، أخو محمَّد، وكونه (سليمان) كذا في أصلنا وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال ابن قُرقُول: (كذا لهم، وعند الجرجانيِّ: «سفيان»، وصوابه: سليمان، وهو ابن كثير، أخو محمَّد بن كثير)، انتهى، وكذا صوَّبه الجيَّانيُّ، و (حُصَيْنٌ) بعده: بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرَّحمن، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.
قوله: (عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ رُومَانَ): تَقَدَّم الكلام على رواية مسروق عن أمِّ رومان، وكلام الناس في ذلك مطوَّلًا؛ فانظره في (الشهادات).
==========
[ج 2 ص 321]

(1/8559)


[{إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ... }]

(1/8560)


[حديث ابن أبي مليكة: سمعت عائشة تقرأ: {إذ تلقونه بألسنتكم}]
4752# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، وفي نسخة على هامش أصلنا هو منسوب إلى أبيه، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: ({إذ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُم} [النور: 15]): {تَلِقُونه}: بفتح أوَّله، وكسر ثانيه، وضمِّ ثالثه مخفَّفًا، هذه شاذَّة، وهي قراءة عائشة ويحيى بن يَعمَر.
==========
[ج 2 ص 321]

(1/8561)


[{ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا}]

(1/8562)


[حديث ابن أبي مليكة: استأذن ابن عباس قبل موتها على عائشة وهي.]
4753# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم أعلاه، وقول ابن أبي مليكة: (اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ [1]، عَلَى عَائِشَةَ ... )؛ الحديث، قال شيخنا: رواه أحمد عن عبد الرزَّاق: أخبرنا معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن ابن أبي مليكة، عن ذكوان مولى عائشة: (أنَّه استأذن لابن عبَّاس عائشةَ وهي تموت، وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرَّحمن ... )، فذكر نحوه، وفيه: (إنَّكِ أحبُّ أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يحبَّ إلَّا طيِّبًا، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات، فليس في الأرض مسجد إلا وهو يتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء، فنزل التيمُّم، فوالله إنَّكِ لمباركة)، قال شيخنا: وهذه الرواية تدلُّ على إرسال رواية البُخاريِّ، وأنَّ ابن أبي مليكة لم يشهد ذلك، ولا سمعه منها حالة قولها؛ لعدم حضوره، انتهى.
4754# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون، ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم، و (الْقَاسِمُ): هو ابن محمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قبل موتها)، ورواية (ق): (على عائشة قبل موتها)، وعليها علامة التقديم والتأخير.
[ج 2 ص 321]

(1/8563)


[{يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا}]

(1/8564)


[حديث: جاء حسان بن ثابت يستأذن عليها قلت: أتأذنين لهذا؟]
4755# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البُخاريِّ البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، أفادهما شيخنا، قال: كما صرَّح به الإسماعيليُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح.
قوله: (حَصَانٌ رَزَانٌ ... )؛ البيتَ: تَقَدَّم الكلام على (حصان)، وعلى (رزان)، وعلى (تُزَنُّ)، وعلى (غَرْثَى)، وعلى أبيات مع هذا [1] البيت ذكرتُها؛ فانظر ذلك.
==========
[1] في (أ): (هذه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 321]

(1/8565)


[{ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم}]

(1/8566)


[حديث: دخل حسان على عائشة فشبب وقال ... ]
4756# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أبو الضُّحَى): مسلم بن صبيح.
قوله: ({وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11]): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ حسَّان لم يتولَّ كبره، وإنَّما الذي تولَّى كبره عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول.

(1/8567)


[{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ... }]

(1/8568)


[معلق: أما بعد أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي]
4757# قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، فعلَّقه هنا وفي (الاعتصام)، وقد أخرجه مسلم في (التوبة) عن أبي بكر وأبي كريب، والتِّرْمِذيُّ في «التفسير» عن محمود بن غيلان؛ ثلاثتهم عن أبي أسامة، قال التِّرْمِذيُّ: حسن صحيح غريب من حديث هشام.
قوله: (لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ): (ذُكِر) فيهما: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَمَا عَلِمْتُ): تَقَدَّم الكلام عليه مع الحديث أنَّها علمت به قبل ذلك من أمِّ مسطح.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام عليها إعرابًا، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (أَبَنُوا أَهْلِي): قال ابن قُرقُول: (أي: اتَّهموهم وذكروهم بالسوء، وفي رواية الأصيليِّ: «أبَّنوا»؛ بتشديد الباء، وكلاهما صوابٌ، قال ثابت: التأبين: ذكر الشيء وتتبُّعه، قال الشاعر:
فرفَّعَ أصحابي المَطِيَّ وأبَّنُوا
قال ابن السِّكِّيت: أي: ذكروها، والتخفيف بمعناه، وروي: «أنَّبُوا»؛ بتقديم النون، كذا قيَّده عبدوس بن محمَّد، وكذلك ذكره بعضهم عن الأصيليِّ، قال لي القاضي: وهو في كتابي منقوط من فوق ومن تحت، وعليه بخطِّي علامة الأصيليِّ، ومعناه إن صحَّ: لاموا ووبَّخوا، وعندي أنَّه تصحيف لا وجه له ههنا)، انتهى.
قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وعلى همزتها أنَّها بالوصل، وقيل: بالقطع.
قوله: (فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ [1]): كذا في نسخة، وفي أخرى: (معاذ)، وعلى (معاذ) صح، قال أبو ذرٍّ: وهو الصواب، انتهى، كذا في هامش أصلنا، وقال الدِّمْياطيُّ: («سعد بن عبادة» وَهَمٌ من أسامة، أو من هشام، وصوابه: سعد بن معاذ)، انتهى، وهذا التصويب ظاهرٌ جدًّا، وبعد أن نقل شيخنا هذا التصويب عن خطِّ الدِّمْياطيِّ قال: (وكذا قال ابن التين: هذا ليس بصحيح، والأحاديث كلُّها «سعد بن معاذ»، والذي عارضه سعد بن عبادة، كما ذكره قريبًا، وكذا أسلفه في «الشهادات»، وقد أسلفنا هناك أنَّ ابن حزم وغيره وهَّى رواية: «سعد بن معاذ»؛ فراجِعْه)، انتهى.

(1/8569)


قوله: (وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ): هذا الرجل الذي قام هو سعد بن عبادة، وكذا ذكرته في (المغازي)، وقدَّمتُ هناك أنَّ أمَّ حسَّان اسمها الفُرَيعة، وذكرت هناك نسبها، وهي صحابيَّة رضي الله عنها.
[ج 2 ص 321]
قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.
قوله: (أَنْ لَوْ كَانُوا): (أنْ): بفتح الهمزة، وإسكان النون.
قوله: (أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ): (تُضرَب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وأعناقُهم): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ): تَقَدَّم أنَّها سلمى، وقيل: ريطة، وفي غير مصنَّف: رائطة، كذا نُقِل عن خطِّ أبي نُعَيم.
قوله: (تَعسَ): تَقَدَّم الكلام عليه بلغتيه.
قوله: (فَبَقَرَتْ لِي الْحَدِيثَ): (بقرت): بالموحَّدة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: أي: استخرجته وبيَّنَتْه، كذا هو بالنون، وكذا رُوِّيناه، وبعضهم رواه بالفاء، وهو خطأ، والتنقير: الاستخراج للشيء والبحث عنه، وأُراه بالوجهين في كتاب الأصيليِّ، ولا معنى للفاء ههنا، انتهى، وقد ذكره ابن الأثير في (الموحَّدة والقاف)، وقال: أي: فتحته وكشفته، وقال في (النون والقاف): (فنقرت لي الحديث)، هكذا رواه بعضهم، والمرويُّ: بالباء الموحَّدة، انتهى.
قوله: (وَوُعِكْتُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتاؤه مضمومة على التكلُّم، و (الوعك)؛ بإسكان العين وضمِّها: الحُمَّى، وقيل: ألمها.
قوله: (أَرْسِلْنِي): هو بفتح الهمزة، أمرٌ من الرباعيِّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلاَمَ): كذا هنا، ولا أعرف اسمه، وساق شيخنا في (سورة النور) هذه الرواية، ثُمَّ قال بُعَيد هذا: والخادم هي بريرة، انتهى، وقد علمتَ أنَّ الرواية هنا: (الغلام)، لا (الخادم)، ولكن سيأتي: (فسأل عنِّي خادمتي)، فلعلَّ الناسخ انتقل بصره من مكان إلى مكان مع ما في ذكر بريرة في هذا الحديث من الإشكال، وقد قدَّمتُه في (الشهادات)، ولعلَّه أرسل معها الخادم والخادمة؛ تعظيمًا لها، والله أعلم.
قوله: (فَوَجَدْتُ أُمَّ رومَانَ): تَقَدَّم أنَّها دعد، وقيل: زينب، ونسبها، وأنَّ راءها بالضمِّ والفتح.
قوله: (فِي السّفْلِ): هو بضمِّ السين وكسرها؛ لغتان.
قوله: (لَهَا ضَرَائِرُ): هو مرفوع غير منوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهرٌ.

(1/8570)


قوله: (فَاسْتَعْبَرْتُ): (استعبر): (استفعل)، من العَبْرة، وهو تحلُّب الدمع.
قوله: (إِلاَّ رَجَعْتِ): هو بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمِي [2]): وفي رواية: (خادمتي)، هذه لا أعرفها، إلَّا أن تكون بريرة، وقد تَقَدَّم في (الشهادات) ما في ذلك، وقدَّمتُ أنَّ شيخنا قال هنا: إنَّها بريرة.
قوله: (وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ): (بعضُ أصحابه): لعلَّه عليُّ بن أبي طالب، ولم أر فيه نقلًا، لكنَّ الأحاديث تدلُّ عليه، والظاهر أنَّ ذلك لمَّا جرى لم يكن حاضرًا إلَّا أسامةُ بن زيد وعليُّ بن أبي طالب، ولم يُنقَل في القصَّة شيءٌ يقتضي أن يكون المنتهِرَ أسامةُ، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ): قال ابن قُرقُول: كذا ضبطناه عن شيوخنا، ومعناه: أتَوا بسؤالها وتهديدها بسَقَطٍ من الكلام، والهاء في (به) عائدة على الانتهار وتهديدها، وإلى هذا التأويل كان يذهب ابن سراج أبو مروان، وقيل: معناه: بيَّنوا لها وصرَّحوا، وإلى هذا كان يذهب ابن بطال والوقَشيُّ، من قولهم: سقطت على الأمر؛ إذا علمته، وساقطتُ الحديث؛ إذا ذكرته، ويقال منه: سقط فلان في كلامه يسقط، وأَسقط يُسقِط؛ إذا أتى بسَقَط منه أو خطأ، وصحَّف بعضهم هذا الحديث، فقال: (حتَّى أسقطوا لهاتها)، وهي رواية ابن ماهان؛ يريد: من شدَّة الضرب، ولا وجه لهذا، وقال ابن سراج: أسكتوها، انتهى، وقال في «النِّهاية»: («فأسقطوا لها»؛ يعني: الجارية؛ أي: سبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلام؛ وهو رديئُه؛ بسبب حديث الإفك)، انتهى.
قوله: (عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ): تَقَدَّم الكلام على (التِّبْر).
قوله: (وَبَلَغَ الأَمْرُ): (الأمرُ): مرفوع، فاعل (بلغ).
قوله: (مَا كَشَفْتُ مِنْ [3] كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ): تَقَدَّم ما (الكَنَف)، وما في ذلك، وأنَّ بعضهم قال: كان حصورًا، ويردُّه الحديث الذي في «أبي داود» في شكوى زوجته منه أشياءً، أو المراد: عليَّ حرامٌ، أو أنَّه تزوَّج بعد هذه القصَّة، والله أعلم.
قوله: (فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه أين قُتِل في (الشهادات).
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمتْ.
قوله: (وَ [4] جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (وَاللهُ [5] يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ): (إنِّي): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في خبرها، وهذا ظاهرٌ.

(1/8571)


قوله: (وَأُشْرِبَتْهُ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الراء؛ أي: حلَّ فيها محلَّ الشراب، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: («وأُشرِبَتْه قلوبكم»؛ أي: سُقِيَتْه قلوبُكم؛ كما يُسقى العطشان الماء، يقال: شربت الماء، وأُشربتُه؛ إذا سُقيتَه، وأُشرِب قلبه كذا؛ أي: حلَّ محلَّ الشراب، أو اختلط به؛ كما يختلط الصِّبغ بالثوب).
قوله: (قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا): (باءت): بهمزة ممدودة قبل تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول وذكر هذا وحديث: «أبوءُ بإثمي»: (معنى ذلك كلِّه: أعترف طوعًا، وكأنَّه من الأصل المتَقَدِّم في الرجوع؛ أي: رجعت إلى الإقرار بعد الإنكار أو السكوت، أو يكون من اللزوم، ألزمَتْ ذلك نفسها، وتحمَّلاه، قال الخَطَّابيُّ: باء فلان بذنبه؛ إذا احتمله كرهًا، ولم يستطع دفعه، انتهى، ومعنى (باءت): أقرَّت واعترفت.
[ج 2 ص 322]
قوله: (وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُنزِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (فَرُفِعَ عَنْهُ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (أَبْشِرِي): هو بقطع الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ): تَقَدَّم الكلام على أصحاب الإفك في (الشهادات).
قوله: (يَسْتَوْشِيهِ): أي: يستخرجه ويبحث عنه.
قوله: (وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ): تَقَدَّم أنَّ في «معجم الطبرانيِّ الكبير»: أنَّه أضعف له النفقة.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (معاذ).
[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خادمتي).
[3] (من): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قد).
[5] زيد في «اليونينيَّة»: (عَزَّ وَجَلَّ).

(1/8572)


[{وليضربن بخمرهن على جيوبهن}]

(1/8573)


[معلق عائشة: يرحم الله نساء المهاجرات الأول]
4758# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ): (شَبِيب): بفتح الشين المعجمة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، و (يُونُسُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ مرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
==========
[ج 2 ص 323]

(1/8574)


[حديث: لما نزلت {وليضربن بخمرهن} أخذن أزرهن فشققنها]
4759# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، وتَقَدَّمتْ (صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ)، والكلام عليها مطوَّلًا، وهل هي صحابيَّة أم لا؛ فانظره في (الجنائز) وغيرها.
قوله: (أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ): قال بعض المِصْريِّين من المتأخِّرين الحُفَّاظ: في «تفسير ابن مردويه» وغيره: أنَّهنَّ من الأنصار، انتهى، وهذا في الطريق الثانية، وأمَّا الطريق الأولى؛ ففيها: «يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل».
==========
[ج 2 ص 323]

(1/8575)


(((25))) (سورة الْفُرْقَانِ) ... إلى (يَس)
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز».

(1/8576)


[{الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانًا وأضل سبيلًا}]

(1/8577)


[حديث: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا .. ]
4760# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ [1]): الظاهر أنَّه المسنديُّ، وقد تَقَدَّم في (الجمعة) ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين من اطِّراد صنيع البُخاريِّ إذا قال: (حدَّثنا عبد الله بن محمَّد)؛ أنَّه الظاهر أنَّه المسنديُّ، انتهى، و (شَيْبَانُ): هذا هو بن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم مرارًا.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (البغداديُّ).
[ج 2 ص 323]

(1/8578)


[{والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... }]

(1/8579)


[حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك]
4761# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كما نسبه الدِّمْياطيُّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَة): قال الدِّمْياطيُّ: هو عمرو بن شُرحبيل، روى [له] الجماعة إلَّا ابن ماجه، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على (أبي ميسرة) غيرَ مرَّةٍ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام على كتابتها، وكيف النطق بها، في أوائل هذا التعليق، وسأعيده في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَحَدَّثَنِي وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ): قال الدِّمْياطيُّ: القائل: («وحدَّثني واصل»: هو سفيان الثوريُّ)، انتهى، وهذا معنى كلام المِزِّيِّ أيضًا، لكنَّ المِزِّيَّ لم ينسب سفيان، و (واصل): هو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، الأحدب الأسديُّ الكوفيُّ، مولى أبي بكر بن عيَّاش من فوق، عن شريح القاضي، والمعرور بن سويد، وأبي وائل، وإبراهيم النخعيِّ، وجماعةٍ، وعنه: أبو إسحاق الشيبانيُّ، ومغيرة بن مقسم، ومسعر، وشعبة، وسفيان، وطائفةٌ، وثَّقه ابن معين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (عَبْدُ اللهِ).
قوله: (ثُمَّ أَيٌّ؟): تَقَدَّم كيف النطق بها في (باب فضل الصلاة لوقتها).
قوله: (أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل.
قوله: (أَنْ تُزَانِيَ): تَقَدَّم أنَّ معناها: المطاوعة؛ لأنَّه من المفاعلة.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 323]

(1/8580)


[حديث القاسم أنه سأل سعيد: هل لمن قتل مؤمنًا متعمدًا من توبة؟]
4762# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ): بفتح الموحَّدة، وتشديد الزاي مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو جدُّ صاحب القراءة البزيِّ الأعلى، وصاحب القراءة: أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بَزَّة المَكِّيُّ، ثِقةٌ في القراءة، له ترجمة في «الميزان».
قوله: ({وَلاَيَقْتُلُونَ النَّفْسَ} [الفرقان: 68]): كذا التلاوة، وفي بعض النسخ: (لا تقتلون)، والتلاوة ما ذكرته.
قوله: (فَقَالَ: هَذِهِ آيَةٌ [1] مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ؛ الَّتِي فِي [2] النِّسَاءِ): تَقَدَّم الكلام على ذلك.
==========
[1] (آية): ليست في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (سورة).
[ج 2 ص 323]

(1/8581)


[حديث: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت فيه ... ]
4763# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم (غُنْدَرٌ) ضبطًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، ومن لقَّبه بذلك.
==========
[ج 2 ص 323]

(1/8582)


[حديث سعيد: سألت ابن عباس عن قوله تعالى {فجزاؤه جهنم} ... ]
4764# قوله: (حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا.
==========
[ج 2 ص 323]

(1/8583)


[{يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا}]

(1/8584)


[حديث: سئل ابن عباس عن قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا} ... ]
4765# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (ابْنُ أَبْزَى): هو عبد الرَّحمن بن أبزى، تَقَدَّم ضبطه أعلاه، وسيجيء مبيَّنًا في الطريق التي بعد هذه.
قوله: (سُئلِ ابْنُ عَبَّاسٍ): سيجيء قريبًا عن سعيد بن جُبَير: (أمرني عبد الرَّحمن بن أبزى أن أسأل ابن عبَّاس)، وفي هذا الحديث الذي نحن فيه: (فسألته)، وقائله: سعيد بن جُبَير.
==========
[ج 2 ص 323]

(1/8585)


[{إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا ... }]

(1/8586)


[حديث: أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس]
4766# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (عبدان) لقبٌ، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وتَقَدَّم أنَّ (مَنْصُورًا) هو ابن المعتمر.
قوله: (أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عبَّاس): كذا في جميع النسخ في «الصحيحين»، ورواه أبو عبيد: (أمرني سعيد بن عبد الرَّحمن بن أبزى)، ورواه جماعة: (أمرني ابن أبزى)، قال ابن قُرقُول: (قال بعضهم: فلعلَّ ما في «الصحيحين» من ضمير المتكلِّم في «أمرني» مصحَّف من «ابن»، فيكون موافقًا لما في غيرهما، قال: وهو الصحيح؛ لأنَّ لعبد الرَّحمن صحبةً، قال ابن قُرقُول: وهذا القول استبعادٌ من هذا القائل أنْ يكون عبد الرَّحمن بن أبزى يسأل ابنَ عبَّاس ويتعلَّم منه، ولا يُنكَر سؤال عبد الرَّحمن ومن هو أكبر منه من الصَّحابة لابن عبَّاس من العلم، فقد سأله الأكابر من الصَّحابة)، انتهى، وقول هذا القائل: (إنَّ لعبد الرَّحمن صحبة)؛ كذا هو، وقد حُكِيَ الاختلاف فيها، والله أعلم [1].
==========
[1] هذه الفقرة كاملةً جاءت في (أ) مستدركةً متقدِّمة على قوله: (حدَّثنا عبدان ... ).
[ج 2 ص 323]

(1/8587)


[{فسوف يكون لزامًا}]

(1/8588)


[حديث: خمس قد مضين الدخان والقمر والروم والبطشة]
4767# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وتَقَدَّم أنَّ (الأَعْمَشَ) سليمانُ بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صبيح، أبو الضحى.
[ج 2 ص 323]
قوله: (خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَالْقَمَرُ، وَالرُّومُ، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ): أمَّا (الدخان)؛ فهو معروف: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]، وهو أنَّه عَلَيهِ السَّلام دعا على قريش بسبعٍ كسبع يوسف، فأخذتهم سَنَةٌ حتَّى حصَّتْ كلَّ شيء، فجعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء مثل الدُّخَان من الجوع، وقيل غير ذلك، وسيجيء في (سورة الروم)، وأمَّا (القمر)؛ فانشقاقه، وقد ذكرته حيث ذكره البُخاريُّ في (باب انشقاق القمر)، وأمَّا (الروم)؛ فهو ما ذكره في (سورة الروم)، وهو ظهورهم على كسرى، و (البطشة): يوم بدر، و (اللِّزام): فُسِّر بأنَّه يوم بدر، وسيجيء في (سورة الروم) تفسيرهما بذلك، وقيل في كلٍّ منهما غيرُ ذلك، و (اللزام) في اللغة: الفصل في القضيَّة، و (اللزام) أيضًا: الملازمة للشيء؛ أي: الثبوت عليه والدوام، قال أبو عبيد: وكأنَّه من الأضداد.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحد الرِّيعة).

(1/8589)


(((26))) [الشعراء]
قوله: ({تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]: تَبْنُونَ): هو من البناء.
قوله: ({مَوْزُونٍ} [الحجر: 19]: مَعْلُومٍ): هذا ليس في هذه السورة، ولكنَّه في (الحجر).
قوله: (وَقَالَ غَيْرُه: {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54]: طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.
قوله: (الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (اليَفاع)، أمَّا (الرِّيع)؛ فبكسر الراء، وسكون الياء، وأمَّا (الأيفاع)؛ فهو جمع (يَفَاع)، والمفرد بفتح المثنَّاة تحت، وتخفيف الفاء، وآخره عين مهملة، وهو ما ارتفع من الأرض.
قوله: (وَجَمْعُهُ: رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيَعَةِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة صحيحة أخرى: (واحدُه: الرِّيْعة)، قال شيخنا: («وجمعه: رِيَعة»: هو بكسر الراء، وفتح الياء؛ كقِرد وقِرَدة)، انتهى، وفي «المطالع»: («والرِّيْع: الأيفاع»، كذا للأصيليِّ وابن السكن عن المروزيِّ، ولغيرهما: «الرِّيع: ما ارتفع من الأرض»، ثُمَّ قال البُخاريُّ: «وجمعه: رِيَعة»، وغيره يقول: إنَّ الرِّيع جمع «رِيْعة»، ثُمَّ قال البُخاريُّ: «وجمع ريْعة ورِيَعة: أرياع، وواحده: رِيْعة»، فجاء من كلامه أنَّ الرِّيع جمع «رِيْعة»، وأنَّ رِيَعة وأرياع جمع جمع)، انتهى، كذا نقل عن البُخاريِّ، وكأنَّه وقع كذلك في نسخ بلادهم، والذي في أصل سماعنا ما ذكرته لك، والله أعلم.
قال الجوهريُّ: والرِّيع؛ بالكسر: المُرتفِع من الأرض، وقال عمارة: هو الجبل، الواحد: رِيَعة، والجمع: رِياع، ومنه قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128].
قوله: (وَأَرْيَاعٌ: وَاحِدُهُ رِيْعَةِ): قال شيخنا: (الذي ذكر بعض المفسِّرين: أنَّ جمع «رِيْعة» أريَاعٌ ورِيَعةٌ؛ بفتح الياء، وأنَّ «رِيعًا» جمع «رِيْعة»؛ بسكون الياء؛ كعِهْنة وعِهْن)، انتهى.
قوله: (كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الصاد المهملة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ عين كذلك، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا ظاهرٌ.
قوله: ({فَرِهِينَ} [الشعراء: 149]: مَرِحِينَ)، كذا في أصلنا، وفي أصل آخر صحيح، وقال شيخنا: ({فَرِهِينَ}: فرحين؛ أي: والهاء مبدلة من الحاء؛ لأنَّها من حروف الحلق)، انتهى، وهذا جاء في بعض النسخ، والله أعلم، والذي في أصلنا (مرحين)، لا فرحين.

(1/8590)


قوله: ({الْجُبُلَة} [1] [الشعراء: 184]: الْخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ: {جُبُلًّا} وَ {جِبِلًّا} [2] وَجُبْلًا [يس: 62]): (الجُبُلة): بضمِّ الجيم والموحَّدة، وتخفيف اللام، كذا كان في أصلنا، ثُمَّ صنع تحت الجيم كسرة، وشُدِّدَتِ اللام، و (الخَلْق): بفتح الخاء، وإسكان اللام، وقوله: (ومنه جُبُلًّا): هو بضمِّ الجيم والموحَّدة، وتشديد اللام، والثانية: بكسرهما مع تشديد اللام، والثالثة: بضمِّ الجيم، وإسكان الموحَّدة، وقد ذكر شيخنا فيها سبعَ لغات، قُرِئ بخمسة منها، وفي «الصحاح»: الجِبْلة؛ بالكسر: الخِلْقة ... إلى أن قال: والجُبل: الجماعة من الناس، وفيه لغات قُرِئ بها قولُه تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} [يس: 62] عن أبي عمرو، و {جُبُلًّا}، و {جِبْلًا} عن الأعرج وعيسى بن عمر، و {جِبِلًّا}؛ بكسر الباء والتشديد عن أهل المدينة، و {جُبُلًّا}؛ بالضمِّ والتشديد عن الحسن وابن أبي إسحاق، والجِبلَّة: الخلقة، ومنه قوله عَّز وجلَّ: {وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: 184]، وقرأها الحسن بالضمِّ، انتهى.

(1/8591)


[{ولا تخزني يوم يبعثون}]

(1/8592)


[معلق ابن طهمان: إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة]
4768# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ): تَقَدَّم أنَّه أبو سعيد الخراسانيُّ، عن سماك بن حرب، ومحمَّد بن زياد، وثابت البنانيِّ، وخلقٍ، وعنه: معن، ويحيى بن أبي بكير، ومحمَّد بن سنان العَوَقيُّ، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وأبو حاتم، وكان من أئمِّة الإسلام، فيه إرجاء، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، ولكن طال العهد به، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وهذا التعليق أسنده النَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه».
قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ [1] يَرَى أَبَاهُ): (أبو إبراهيم): هو آزر، ولقبه: تارح، وقد تَقَدَّم ضبطه في النسب الشريف، وقيل: إنَّ لقبه آزر، واسمه تارح، والقولان مشهوران، قال السهيليُّ: (وآزر: قيل: معناه: يا أعوج، وقيل: هو اسم صنم، وانتصب على إضمار الفعل في التلاوة، وقيل: هو اسم لأبيه، كان يُسمَّى تارح وآزر، وهذا هو الصحيح؛ لمجيئه في الحديث منسوبًا إلى آزر)، انتهى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ).
[ج 2 ص 324]

(1/8593)


[حديث: يلقى إبراهيم أباه فيقول: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني]
4769# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، وتَقَدَّم أنَّ أخاه عبد الحميد بن أبي أويس، ولا عبرة بما قيل فيه، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم أعلاه، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): بضمِّ الموحَّدة وفتحها.
==========
[ج 2 ص 324]

(1/8594)


[{وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك}]

(1/8595)


[حديث: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم]
4770# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الغين المعجمة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهران.
قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1]: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ... )؛ الحديث، هذا مرسلُ صَحابيٍّ؛ لأنَّها نزلت بمَكَّة، وابنُ عبَّاس وُلِد في الشِّعب وكان صغيرًا، قال شيخنا: كان صغيرًا، وقال في (سورة تبَّت) عن الداوديِّ: إنَّه لم يُخلَق، قال شيخنا: وهو لائح، انتهى، ومرسل الصحابيِّ معمول به، خلافًا لأبي إسحاق الإسفراينيِّ وطائفةٍ يسيرة، وقد تَقَدَّم.
قوله: (حَتَّى اجْتَمَعُوا): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: إنَّهم [كانوا] يوم جمعهم لذلك خمسةً وأربعين رجلًا من بني هاشم وبني المطَّلب فقط، انتهى.
قوله: (فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ): اسمه عبد العزَّى بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف، هلك بعد وقعة بدر بسبعة أيَّام، كذا قال بعض الحُفَّاظ، قال ابن إسحاق بسنده ما معناه: عاش حتَّى وصل أبو سفيان بن الحارث إلى مَكَّة من وقعة بدر، ضربته أمُّ الفضل بعمودٍ ضربةً فَلَعَتْ في رأسه شجَّةً منكرةً ... إلى أن قال: فو الله ما عاش إلَّا سبع ليال حتَّى رماه الله بالعَدَسَةِ فقتلته، فهذا يقتضي أنَّه عاش بعد الوقعة أكثر من سبع ليال؛ لأنَّ بدرًا بينها وبين مَكَّة نحوُ أربع مراحلَ، ويمكن تأويل قول من قال: إنَّه عاش سبع ليال بعد بدر، والله أعلم، وسأذكر الحكمة في عدول البارئ عزَّ وجلَّ عن اسمه إلى كنيته في (تفسير تبَّت) إن شاء الله تعالى وقدَّره.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (قال).
[ج 2 ص 324]

(1/8596)


[حديث: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا]
4771# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير والده لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، والله أعلم، وهذا الحديث مرسل صَحابيٍّ؛ لأنَّ أبا هريرة لم يصحب إلَّا في المدينة عام خيبر، فإمَّا أن يكون النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حدَّثه به مرَّة أخرى، أو أنَّ صحابيًّا أَخبره به، والله أعلم.
[ج 2 ص 324]
قوله: (يَا عَبَّاس بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يجوز فتح سين (العبَّاس) وضمِّها، وضمُّ (ابن) وفتحه؛ ومثله: (يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ)، والضمُّ في الاسم وفي (ابن) غريبٌ، ذكره ابن مالك في «التسهيل».
قوله: (يَا [1] صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ): لا يجيء فيها ما جاء في الذي قبلها، وإنَّما يجيء فيها الضمُّ، وفي (عمَّةَ) ليس فيه إلَّا النصب على الصحيح، والله أعلم، وقد ذكرته مطوَّلًا في أوائل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته.
قوله: (يَا [2] فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ): يأتي في إعرابها ما جاء في (يا عبَّاس بن عبد المطَّلب).
قوله: (تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه): يحتمل أن يعود على أبي اليمان، ويحتمل عوده على شعيب، و (أصبغ): هو ابن الفرج، تَقَدَّم، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهريُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام، وعالم الحجاز، ومتابعة أصبغ لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وحديث ابن وهب في «مسلم» في (الإيمان) عن حرملة بن يحيى، و «النَّسائيِّ» في (الوصايا) عن سليمان بن داود المهريِّ؛ كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، عن سعيد وأبي سلمة؛ كلاهما عن أبي هريرة.

(1/8597)


(((27))) [النمل]
قوله: ({الصَّرْحَ} [النمل: 44]: كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ الْقَوَارِيرِ): (المِلاط)؛ بكسر الميم، وتخفيف اللام، وفي آخره طاء مهملة: الطين الذي بين أثناء البناء، ومنه: «مِلاطها المسك»، وقال شيخنا ما لفظه: (وقوله: «بلاط»: هو بخطِّ الدِّمْياطيِّ بالباء، وذكره ابن التين بالميم، قال: «المَلاط»؛ بفتح الميم: الطين، وقيل: إنَّه الصخر، وقيل: كلُّ بناء عالٍ مرتفع، قال ابن فارس: هو البيت الواحد المنفرد الطويل في السماء)، انتهى، وفي «المطالع» في (حرف الباء مع اللام) ما لفظه: وفي (التفسير): ({الصَّرْحَ}: كلُّ بَلاط اتُّخِذ من قوارير)، كذا لابن السكن والأصيليِّ، ولغيرهما: (مِلاط)؛ بميم مكسورة، والملاط: الطين، والبلاط: كلُّ ما فرشت به الأرض من آجرٍّ، أو حجارة، أو غير ذلك، انتهى.
قوله: (حُسْنُ الصَّنْعَةِ): (حُسْن): بضمِّ الحاء، وإسكان السين، المهملتين.
==========
[ج 2 ص 325]

(1/8598)


(((28))) [القصص]

(1/8599)


[{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء}]

(1/8600)


[حديث: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله]
4772# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): بكسر ياء أبيه وفتحها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، ورواية سعيد عن أبيه من الوحدان تَقَدَّم مع الكلام مع الحاكم.
قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّم الكلام على اسم أبي طالب، والاختلاف فيه، ومتى جاءته المنيَّة، وعلى (أَبِي جَهْلٍ)، وهو عمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر كافرًا، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ)، وأنَّه ابن عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عاتكةَ، وأنَّه أسلم وصحب، وقُتِل بالطائف، و (يَعْرِضُهَا): بفتح الياء، وكسر الراء.
قوله: (وَيُعِيدَانِهِ تِلْكَ [1] الْمَقَالَةِ): صوابه: ويعيدان له تلك المقالة.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بتلك).
[ج 2 ص 325]

(1/8601)


[تتمة غريب آيات سورة القصص]
قوله: ({لَتَنُوءُ} [القصص: 76]: لَتُثْقِلُ): (تُثْقِل): بضمِّ التاء، ثُمَّ مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ قاف مكسورة، ثُمَّ لام، كذا في أصلنا، والذي يظهر (لَتَثْقُلُ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ القاف، ثُلاثيٌّ لازم؛ لأنَّه متعدٍّ بحرف الجرِّ.
قوله: (وَالْعُدْوَانُ [1] وَالْعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ): (العَدَاء): بفتح العين، وتخفيف الدال، وبالمدِّ، وهو تجاوز الحدِّ، والظلمُ، يقال: عدا عليه عَدْوًا، وعُدُوًّا، وعَداء.
قوله: (وَالْجِذْوَةُ [2]: قِطْعَةٌ ... ) إلى آخره: (الجذوة): مثلَّثة الجيم، قرأ عاصم بالفتح، وحمزة بالضمِّ، والباقون بالكسر.
قوله: (وَالأَفَاعِي): جمع (أفعى)، وهو حيَّةٌ، وهو (أفعل)، تقول: هذه أفعًى؛ بالتنوين، والأُفعُوان؛ بضمِّ الهمزة والعين: ذكر الأفاعي، و (الجَانُّ): حيَّة بيضاء، والجمع: جِنَّان؛ مثل: حائط وحيطان.
قوله: (وَالأَسَاوِدُ): إنَّما جُمِع على هذا؛ لأنَّه اسمٌ، ولو كان صفةً؛ لجُمِع على (فُعْل)، وهو بفتح الهمزة، وبالسين المهملة، وبعد الألف واو مكسورة، ثُمَّ دال مهملة.
قوله: ({رِدْءًا} [القصص: 34]: مُعِينًا): هو بالعين المهملة، وقبل الألف نون.
قوله: (كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا): (عزَّزْتَ): بزايَين؛ الأولى مشدَّدة، وتُخفَّف أيضًا.
قوله: ({بَطِرَتْ} [القصص: 58]): (البطر): الطغيان عند النعمة والعافية.
قوله: (أَشِرَتْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين المعجمة، وبالراء، الماضي بالكسر، والمستقبل بالفتح (يأْشَر).
قوله: (أُمُّ الْقُرَى: مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا): تَقَدَّم أسماء مَكَّة في (كتاب الحج)، وذكرت لها خمسين اسمًا؛ فانظر ذلك؛ ويريد بقوله: (مَكَّة وما حولها): أنَّ الضمير يعود على (القرى)، وقوله: (مَكَّة وما حولها): تفسير لـ (الأمِّ)، والإشارة بـ (الرسول) على هذا: إلى نبيِّنا صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8602)


قوله: (أَكْنَنْتُ الشَّيْءَ: أَخْفَيْتُهُ، وَكَنَنْتُهُ: [أَخْفَيْتُهُ، وَ] أَظْهَرْتُهُ): قال ابن قُرقُول: وفي (التفسير): (أكننت الشي: أخفيته، وكننته: أخفيته، أظهرته)، كذا لهم، والأَوْجَه بمساق الكلام: وكننته وخفيته: أظهرته، وهو المعروف، ويُخرَّج الأوَّل على أن يكون «أخفى» من الأضداد، انتهى، والكلام على ما في أصلنا، ومعنى كلامه: أنَّ (كننت): من الأضداد؛ بمعنى: (أخفيت)، وبمعنى: (أظهرت)، ويوضِّحه أنَّ في بعض النسخ؛ كنسخة الدِّمْياطيِّ وغيرها: (وكننته: خفيته، وأظهرته)، وفي نسخةٍ أخرى صحيحةٍ: (أكننتُ الشيءَ: أخفيته، وكننته: أخفيته، أظهرته)، انتهى، وفي حفظي أنِّي رأيت لبعض أهل اللغة: أنَّ (كننته) بمعنى: خفيته، وأظهرته؛ ضدٌّ، والذي في «الصحاح»: كننت الشيء: سترته وصُنته من الشمس، وأكننته في نفسي: أبرزته، وقال أبو زيد: كننته وأكننته بمعنًى في الكنِّ وفي النفس جميعًا، تقول: كننت العلم وأكننته، فهو مكنون ومُكَنٌّ، وكننت الجارية وأكننتها، فهي مكنونة ومُكَنَّة.
وقوله: (خفيته): قال الجوهريُّ: الأصمعيُّ: خَفَيت الشيء أُخفِيه: كتمتُه، وخفيته أيضًا: أظهرته، وهو من الأضداد، وأبو عبيد مثلُه ... إلى أن قال: وأخفيت الشيء: سترته وكتمته، ويحتمل أن يريد البُخاريُّ: (وكننته: خفيته، أظهرته) _على رواية حذف الواو_: أنَّ (كننته) بمعنى: (خفيته)؛ التي هي بمعنى: الظهور، لا بالمعنى الآخر، ويحتمل أن يريد: بـ (خفيته): الكتمان، وبـ (أظهرته): الظهور، وحَذفَ الواو العاطفة، وأمَّا رواية: (أخفيته وأظهرته)؛ بالهمز في الأولى، والواو في الثانية؛ فيحتمل أن تكون للإزالة؛ أي: أزلت خفاءه وأظهرته، وعلى رواية: (أخفيته: أظهرته)؛ فهي أصرح في أنَّها للإزالة، والله أعلم.
[ج 2 ص 325]
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (العدوان)؛ بغير واو.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الجذوة)؛ بغير واو.

(1/8603)


[حديث ابن عباس: {لرادك إلى معاد} إلى مكة]
4773# قوله: (أَخْبَرَنَا يَعْلَى): هو ابن عبيد الطنافسيُّ، ثِقةٌ إلَّا في الثوريِّ، تَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا [1] سُفْيَانُ الْعُصْفُرِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: هو سفيان بن دينار، أبو ورقاء، وقيل: أبو سعيد، العصفريُّ الأحمريُّ، ويقال: الكوفيُّ، التمَّار، انفرد به البُخاريُّ، انتهى.
اعلم أنَّ سفيان العصفريَّ هو سفيان بن زياد، أبو الورقاء الكوفيُّ، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين في قوله: (سفيان العصفريُّ): هو ابن زياد، انتهى، عن أبيه، وشريح القاضي، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، وغيرِهم، وعنه: الثوريُّ، وعمر بن الخَطَّاب البجليُّ الكوفيُّ، ومروان بن معاوية، ومحمَّد ويعلى ابنا عُبيد، وثَّقه أبو حاتم وغيرُه، والصحيح: أنَّه غير سفيان التمَّار، وممَّن خلطهما البُخاريُّ وغيره، انتهى كلام الذهبيِّ في «تذهيبه»، وهو للمزِّيِّ قبلَه، وهذا الدِّمْياطيُّ ممَّن خلطهما، وانظر لفظه، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وأمَّا سفيان التمَّار؛ فهو سفيان بن دينار التمَّار، أبو سعيد الكوفيُّ، يروي عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن جُبَير، وعكرمة، والشعبيِّ، وجماعةٍ، وقيل: إنَّه روى عن ابن الحنفيَّة، وعنه: مندل بن عليٍّ، وابن المبارك، وأبو بكر بن عيَّاش، ويعلى بن عُبيد، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقد أدرك كبار الصَّحابة، لكن لم يحمل عنهم، قال سفيان هذا: (رأيت قبر النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مُسنَّمًا)، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، وقول الدِّمْياطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ) على تقدير صحَّة ما قاله؛ فمعناه: عن مسلم، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).
[ج 2 ص 326]

(1/8604)


(((29))) [العنكبوت]
قوله: (ضَلَلَةً): هو بفتح الضاد واللامين، وهذا معروف.
==========
[ج 2 ص 326]

(1/8605)


(((30))) [{الم غلبت الروم}]
قوله: ({يُحْبَرُونَ} [الروم: 15]: يُنَعَّمُونَ): هو بفتح النون، وتشديد العين المهملة.
قوله: ({يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]: يُسَوُّونَ الْمَضَاجِعَ): (يُسَوُّون): بضمِّ الياء، وفتح السين، ثُمَّ واو مضمومة.
قوله: ({ضَعْفٍ} وَ {ضُعْفٍ} [الروم: 54]: لُغَتَانِ) انتهى: قال الدِّمْياطيُّ: كذا قال الخليل، ويقال: الضُّعف: في الجسد، والضَّعف: في العقل، انتهى، وهما قراءتان، قرأ أبو بكر وحمزة بالفتح في الأماكن الثلاثة، وكذلك رُوِيَ عن حفص عن عاصم فيهنَّ، غير أنَّه ترك ذلك، واختار الضمَّ؛ اتِّباعًا منه لروايةٍ حدَّثَه بها الفضلُ بن مرزوق عن عطيَّة العوفيِّ عن عبد الله بن عمر: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أقرأه ذلك بالضمِّ، فردَّ عليه الفتحَ، وأباه)، وعطيَّة: يُضعَّف، وما رواه حفص عن عاصم عن أئمَّته أصحُّ، قال أبو عمرو الدانيُّ: وبالوجهين آخذُ في روايته؛ لأُتابعَ عاصمًا على روايته، وأُوافقَ حفصًا على اختياره، وقرأ الباقون بضمِّ الضاد فيهنَّ.
تنبيهٌ: قصة عطيَّةَ أخرجها الحاكم في «المستدرك» في (القراءات)، ولم يحتجَّ البُخاريُّ ومسلم بعطيَّة، وهو ضعيف، كما قال أبو عمرو.

(1/8606)


[حديث: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف]
4774# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثوريُّ، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» قال: روى عن سفيان الثوريِّ، والذهبيُّ قال: عن سفيان، فأطلق، فحملتُ المُطلَقَ على المقيَّد، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا، (وَالأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): قال الدِّمْياطيُّ: مسلم بن صبيح العطَّار الكوفيُّ، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، انتهى، وقد قدَّمتُه مرارًا.
قوله: (بَيْنَا [1] رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وفي «مسلم» في أواخره في (كتاب صفة القيامة): (أنَّ قاصًّا عند أبواب كندة يقصُّ)، و (أبواب كندة): باب من أبواب الكوفة.
قوله: (ويَأْخُذُ [2] الْمُؤْمِنَ مِنْهُ [3] كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ): (المؤمنَ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): تَقَدَّم أنَّها القحط والجَدْب.
قوله: (فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ): هذا هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، وقد تَقَدَّم في (الاستسقاء).
قوله: (فَقَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]): اعلم أنَّ في الحديث الصحيح: أنَّها لن تقوم حتَّى يرَوا قبلها عشر آيات، فذكر الدَّجَّال والدُّخَان ... ، وهذا الحديث يؤيِّد قول من قال: إنَّ الدُّخَان دُخَانٌ يأخذ بأنفاس الكفَّار، ويأخذ المؤمنَ منه كهيئة الزكام، وأنَّه لم يأتِ بعد، وإنَّما يكون قريبًا من قيام الساعة، وهذا القول هو الذي أنكره عبد الله بن مسعود على قائله، وأنَّه إنَّما هو عبارة عمَّا نال قريشًا من القحط حتَّى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابنَ مسعود جماعة، ٌ وقال بالقول الآخر حذيفةُ، وابن عمر، والحسن، ورواه حذيفة عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه يمكث في الأرض أربعين يومًا، ويحتمل أنَّهما دخانان؛ جمعًا بين الروايتين والقولين، والله أعلم.
قوله: ({يَوْمَ نَبْطشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} [الدخان: 16]: يَوْمَ بَدْرٍ، و {لِزَامًا} [الفرقان: 77]: يَوْمَ بَدْرٍ)، وهذا صريح في أنَّ (البطشة) و (اللزام): يوم بدر، وقد تَقَدَّمتْ الإشارة إلى ذلك في (الفرقان) في كلام؛ فانظره، و {نبطش}: بكسر الطاء وضمِّها؛ لغتان، وهذا معروف.

(1/8607)


==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بينما).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (يأخذ)؛ بغير واو، وكانت في (ق) ثمَّ مُسِحت وصُحِّح عليها.
[3] (منه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 326]

(1/8608)


[{لا تبديل لخلق الله}]

(1/8609)


[حديث أبي هريرة: ما من مولود إلا يولد على الفطرة]
4775# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهريُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّم الكلام على (الفطرة) في (الجنائز) في (باب: إذا أسلم الصبيُّ فمات؛ هل يُصلَّى عليه؟)، وكذا (تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ)، وأنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وأنَّه لم يُسمَع إلَّا كذلك، و (البهيمةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وعلى (جَمْعَاءَ)، وعلى (تُحِسُّونَ)، وأنَّ الأفصح فيه الرباعيُّ، وعلى (جَدْعَاءَ).
==========
[ج 2 ص 326]

(1/8610)


(((31))) [لقمان]

(1/8611)


[{لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}]

(1/8612)


[حديث: إنه ليس بذاك ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه ... ]
4776# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ الفقيه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا كلُّهم.
قوله: (إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ): قال السهيليُّ: (لقمان بن عنقاء بن سرون فيما ذكروا ... ) إلى أن قال: وليس هو بلقمان بن عاد الحميريِّ، انتهى، وقال الثعلبيُّ في «العرائس»: كان لقمان مملوكًا، وكان أهونَ مملوكي سيِّده عليه، قال: وأوَّل ما ظهر من حكمته أنَّه كان مع مولاه، فدخل مولاه الخلاء،
[ج 2 ص 326]
فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إنَّ طول الجلوس على الحاجة تتَّجِعُ منه الكبد، ويورث الباسور، ويُصعِد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هُوَينى وقُم، فخرج مولاه، وكتب حكمته على باب الخلاء، ورُوِيَ أنَّه كان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا، انتهى، وقيل: نوبيًّا من سودان مصر، ذو مشافر، وكان خيَّاطًا، وقيل: راعيًا، وقيل: كان ابن أخت أيُّوب، وقيل: ابن خالته، وزمانُه ما بين عيسى ومحمَّد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: وُلِد لعشر سنين من ملك داود، وبقي إلى عهد يونس، وقد اتَّفق العلماء على أنَّه ليس بنبيٍّ، إلَّا ما يُحكى عن عكرمة وبعض الناس معه فقالوا: هو نبيٌّ، وإخراج البُخاريِّ له في (كتاب الأنبياء) يدل على أنَّه عنده نبيٌّ، وقد تَقَدَّم، وأمَّا ابنه؛ فاسمه أنعم، وقيل: ماثان، وقيل: مَشْكُور، وقال السهيليُّ: اسمه: ثاران، فيما ذكر الزَّجَّاج وغيره، وقيل في اسمه غير ذلك، انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/8613)


[{إن الله عنده علم الساعة}]

(1/8614)


[حديث: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله]
4777# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، عَنْ جَرِيرٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (باب الخمس) في (بابٌ: في قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41])، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث: إنَّه إسحاق بن إبراهيم، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (أَبُو حَيَّانَ): بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، قال الدِّمْياطيُّ: أبو حيَّان: يحيى بن سعيد التيميُّ، و (أَبُو زُرْعَةَ): هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، انتهى، وقد تَقَدَّم هذا مرارًا، وفي اسم أبي زُرعة أقوالٌ أخرى ذكرتها.
قوله: (إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا الإِيمَانُ؟): هذا الرجل هو جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كما سيجيء في الحديث نفسِه، وقد مضى أيضًا.
قوله: (بِالْبَعْثِ الآخِرِ): هو بكسر الخاء، تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب الإيمان)، وعلى قوله: (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ [1] رَبَّتَهَا).
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (المرأة)، وهي في (ق) مخرومة.
[ج 2 ص 327]

(1/8615)


[حديث: مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ: {إن الله عنده علم الساعة}]
4778# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ): هذا هو يحيى بن سليمان الجعفيُّ، أبو سعيد الكوفيُّ، نزل مصر، عن الدراورديِّ والمحاربيِّ، وعنه: البُخاريُّ والحسن، صُويلِحٌ، تُوُفِّيَ سنة (237 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.
==========
[ج 2 ص 327]

(1/8616)


(((32))) [{تنزيل} السجدة]
قوله: (الَّذِي [1] لاَ تُمْطَرُ إِلاَّ مَطَرًا لاَ يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا): (تُمطَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (الذي): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (التي)، وهذه على الجادَّة.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (التي).
[ج 2 ص 327]

(1/8617)


[{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}]

(1/8618)


[حديث: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت .. ]
4779# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الناقد، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجَ) عبدُ الرَّحمن بن هرمز.
قوله: (وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قائل ذلك: هو عليُّ بن عبد الله، هو ابن المدينيِّ، و (سفيان): هو ابن عيينة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟): تَقَدَّم أنَّ معنى قول الراوي: (روايةً)، و (يبلُغُ به)، و (يَنْمِيه)، و (يرفعه)؛ أي: مرفوعًا، وإذا قال ذلك التابعيُّ؛ فهو مرسلٌ.
==========
[ج 2 ص 327]

(1/8619)


[حديث: يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت]
4780# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان.
قوله: (مِنْ [1] بَلْهِ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (بَلْهَ)؛ من غير (مِن)، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ من هذا «الصحيح» ما لفظه: اتَّفقت نُسَخُ «الصحيح» على قوله: (مِن بَلْهِ)، والصواب: إسقاط حرف (مِن) لا غير، هكذا نقلتُ هذه الحاشية من خطِّ الصغانيِّ، وعلى مذهب الكوفيِّين: يجوز أن تكون (مِن) زائدةً؛ كما يقولون: قد كان من مطر، انتهت، وقال ابن هشام الإمام جمال الدين القاهريُّ النحويُّ في كتاب «المغني» له، ومنه نقلت: (بله) على ثلاثة أوجه: اسم؛ كـ (دَعْ)، ومصدرٌ بمعنى الترك، واسمٌ مرادفٌ لـ (كيف)، وما بعدها منصوب على الأوَّل، ومخفوضٌ على الثاني، ومرفوعٌ على الثالث، وفتحها بناءٌ على الأوَّل والثالث، وإعرابٌ على الثاني، ومن الغريب أنَّ في «البُخاريِّ» في (تفسير سورة السجدة): يقول الله: «أعددت لعبادي ... »، وساق حتَّى قال: «من بَلْهِ ما أُطلِعْتُم عليه»، فاستُعمِلت معربةً مجرورة بـ (من)، وخارجةً عن المعاني الثلاثة، وفسَّرها بعضهم بـ (غير)، وهو ظاهرٌ، وبهذا يتقوَّى من يعدُّها في ألفاظ الاستثناء، انتهى.
وفي «الصحاح»: و (بَلْهَ): كلمةٌ مبنيَّة على الفتح؛ مثل: كيف؛ ومعناها: دَعْ، وأنشد بيتًا شاهدًا لذلك، ثُمَّ قال: قال الأخفش: (بَلْه) ههنا _ يعني: في البيت_ بمعنى المصدر؛ كما تقول: ضَرْبَ صيدٍ، ويقال: معناها: سوى، وفي الحديث ... ، فذكر هذا الحديث، وقال في «المطالع»: (بَلْهَ)؛ أي: دَعْ عنك؛ كأنَّه إضراب عمَّا ذكره؛ لاستحقاره في جنب ما لم يُذكَر، وقيل: معنى ذلك: كيف ما أُطلِعتم عليه؟ وقال شيخنا: قال ابن التين: ضبطه بفتح الهاء؛ كأنَّه رآه فيها مثل: كيف، وأين، وفي بعضها الكسرُ، وهو الظاهر؛ لأنَّه مضاف إلى ما بعده؛ مثل: «قبلُ» و «بعدُ» إذا أضيفا، انتهى.

(1/8620)


قوله: (قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي [2] هُرَيْرَةَ: {قُرَّاتِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]) [3]: (أبو معاوية): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن خازم الضرير؛ بالخاء المعجمة، و (الأعمش): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ذكوان، وقوله: {قرات أعين}؛ يعني: بالجمع، وهي قراءة عبد الله، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وفي «المستدرك» في (القراءات) عن أبي هريرة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قرأ كذلك، وقال: صحيح، وأقرَّه الذهبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم، وعلى كلِّ تقديرٍ؛ فهي شاذَّةٌ.
==========
[1] (من): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية الأصيليِّ.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرأ أبو).
[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وجاء هذا القول في رواية «اليونينيَّة» متقدِّمًا على هذا الحديث، وكلمة (أعين): ثابتة في رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر، وليست في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 327]

(1/8621)


(((33))) [الأحزاب]

(1/8622)


[{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}]

(1/8623)


[حديث: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة]
4781# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم أنَّ (فُلَيحًا) بضمِّ الفاء، وفتح اللام.
قوله: (أَوْ ضَيَاعًا): (الضَّياع): بفتح الضاد _وسيأتي في كلام «النِّهاية» ما يقتضي أنَّه يقال بكسرها_ وبتخفيف المثنَّاة تحت بعدها، وفي آخره عين مهملة، قال ابن قُرقُول: هم العيال، سُمُّوا باسم الفعل، ضاع الشيء ضياعًا؛ أي: من ترك عيالًا عالةً وأطفالًا يضيعون بعده، أمَّا بكسر الضاد؛ فجمع ضائع، والرواية عندنا بالفتح، وقد رُوِيَ: (مَن ترك ضَيعةً)؛ أي: ذي ضَيعة؛ أي: قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو أيضًا مصدر ضاع العيال ضيعة وضياعًا، وأضعتهم: تركتهم، انتهى.
وفي «النِّهاية»: الضياع: العيال؛ وأصله: مصدر ضاع يضيع ضياعًا، فسُمِّيَ العيال بالمصدر؛ كما تقول:
[ج 2 ص 327]
مَن مات وترك فقرًا؛ أي: فقراء، وإن كسرتَ الضاد؛ كان جمعَ ضائع؛ كجائع وجياع، انتهى.

(1/8624)


[{ادعوهم لآبائهم}]

(1/8625)


[حديث: أن زيد بن حارثة مولى رسول الله ما كنا ندعوه إلا زيد]
4782# قوله: (حَدَّثَنِي سَالِمٌ): هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، هو أحد الفقهاء السبعة على قول.
قوله: (أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه، وأنَّه مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وحِبُّه، وتَقَدَّم أنَّ (حارثة) والدَه عُدَّ في الصَّحابة.
==========
[ج 2 ص 328]

(1/8626)


[{فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا}]
قوله: ({لآتَوْهَا} [الأحزاب: 14]: لَأَعْطَوْهَا): (آتَوها): بالمدِّ؛ وِفاقًا لما فُسِّر به، وما قاله هو أحد القراءتين فيها، وقد قرأ بالمدِّ غير الحِرْمِيَّين؛ وهما نافع وابن كثير، وقرأ الحِرْميَّان بالقصر.
==========
[ج 2 ص 328]

(1/8627)


[حديث: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر]
4783# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار.
قوله: (نُرَى هَذِهِ الآيَةَ): (نُرَى): بضمِّ النون؛ أي: نظنُّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ): تَقَدَّم الكلام على أنس هذا، (والنضر): بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (نصرًا) بالصاد المهملة لا يأتي بالألف واللام، بخلاف النضر بالمعجمة، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، و (أنس) هذا: هو عمُّ أنس بن مالك بن النضر، استشهد بأُحُد، وكان من السادات رضي الله عنه.
فائدةٌ: في «الحلية» لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ الأصبهانيُّ: أنَّه عَلَيهِ السَّلام تلا هذه الآية على المنبر، فسأله رجل: مَن هؤلاء؟ فأقبل طلحة بن عُبيد الله، فقال عَلَيهِ السَّلام: «هذا منهم»، وكذا في «ابن ماجه»، وكذا في «التِّرْمِذيِّ» في (التفسير): أنَّ طلحة ممَّن قضى نحبه، وعن «تفسير ابن أبي حاتم»: أنَّ عمَّارًا منهم، وعن «تفسير ابن سلَّام يحيى»: هم حمزة وأصحابه، قال شيخنا: وقال ابن التين: كان ممَّن برز ذلك اليوم عبدُ الله بن جحش، وقُتِل في أُحُد، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]: طلحة بن عبيد الله منهم، انتهى ما ذكره شيخنا، فاجتمع منهم: أنس بن النضر، وطلحة بن عبيد الله، وعمَّار، وحمزة وأصحابه، انتهى، والظاهر أنَّه عنى بـ (أصحابه): شهداء أُحُد.

(1/8628)


ثُمَّ إنِّي رأيت في «المستدرك» في (القراءات) من حديث أبي هريرة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام حين انصرف من أُحُد مرَّ على مصعب بن عمير فوقف عليه، ودعا له، ثُمَّ قرأ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} ... ؛ الآية [الأحزاب: 23]، ثُمَّ قال: «أشهد أنَّ هؤلاء شهداءُ عند الله»، الحديث على شرط البُخاريِّ ومسلمٍ، تعقَّبه الذهبيُّ فقال: كذا قال، وأنا أظنُّه موضوعًا، وقطن لم يرو له مسلم، وعبد الأعلى لم يخرِّجا له، وحديث عائشة: «أنَّ طلحة ممَّن قضى نحبه» هو في «المستدرك» في (سورة الأحزاب)، قال الذهبيُّ عقيبه: بل إسحاق متروك، انتهى، و (إسحاق) هذا: هو إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد ذكر الحديث في أنَّ مصعبًا ممَّن قضى نحبه في ترجمة مصعب في «المستدرك» من حديث أبي ذرِّ قال: لمَّا فرغ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم أُحُد؛ مرَّ على مصعب مقتولًا، فقرأ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} ... ؛ الآية، صحيح ولم يتعقَّبه الذهبيُّ، والله أعلم.

(1/8629)


[حديث: لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آيةً من سورة الأحزاب]
4784# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (الجهاد).
قوله: (إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ [2]، الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ): (خزيمة) هذا: هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأوسيُّ الخطميُّ، أبو عُمارة، ذو الشهادتين، بدريٌّ عند بعضهم، والمحفوظ: أنَّه شهد أحدًا وما بعدها، وقُتِل مع عليٍّ، وقد قدَّمتُ في (الجهاد) قصَّة جعل عَلَيهِ السَّلام شهادَتَه شهادةَ رجلين، وهو في قصَّة الفَرَس الذي اشتراه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من سواء بن قيس، أو [3] هو سواء بن الحارث، المحاربيُّ، فجحده سواء، فشهد خزيمة بتصديقه عَلَيهِ السَّلام ولم يشهد العقد، وإنَّما شهد بتصديقه عَلَيهِ السَّلام، وهذا فهمٌ عظيمٌ من خزيمة، والفَرَس المشار إليه: المرتجز، وكان أبيض، وقيل: هو الطِّرف؛ بكسر الطاء، وقيل: النجيب.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خزيمة الأنصاريِّ).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الأنصاريِّ).
[3] في (أ): (وهو)، والمثبت موافق لما في المصادر، انظر: «أسد الغابة»، و «الإصابة».
[ج 2 ص 328]

(1/8630)


[{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة}]

(1/8631)


[حديث: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك]
4785# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّموا كلُّهم مترجمين.
قوله: (فَبَدَأَ بِي): (بدأ): مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ): هما أبو بكر وأمُّ رومان.
==========
[ج 2 ص 328]

(1/8632)


[{وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة ... }]

(1/8633)


[معلق الليث: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي ... ]
4786# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق، و (الليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، قال شيخنا: يجوز أن يكون أخذه _يعني: البُخاري_ عن كاتب الليث أبي صالح عبد الله بن صالح، فإنَّ الحديث عنده، وليس هو عند البُخاريِّ ممَّن يُخرَّج له في الأصول، إلَّا في موضع واحد في (البيوع) صرَّح بسماعه منه وروايتِه عنه، انتهى، وفي «التذهيب» رقم له (خت)، وقال: وعنه البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصحيح» أيضًا، كما نذكره في اسم الذي بعده، وقال في ترجمة الذي بعده وهو عبد الله بن صالح العجليُّ، وقد ذكر مكانًا في (سورة الفتح) في (التفسير)، ثُمَّ قال: قال شيخنا أبو الحجَّاج: وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: إنَّه كاتب الليث ... إلى آخر كلامه، وسأذكره في (سورة الفتح) إن شاء الله تعالى.
وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن أبي اليمان عن شعيب، وقال: تابعه موسى بن أعين عن معمر، وقال: الليث عن يونس؛ ثلاثتهم عن الزُّهريِّ به، وأخرجه مسلم من طريق يونس، لكن عن أبي الطاهر وحرملة؛ كلاهما عن ابن وهب عنه، وكذا التِّرْمِذيُّ من طريق يونس، عن عبد بن حميد، عن عثمان بن عمر، عنه، وقال: حسن صحيح، وقد رُوِيَ عن عروة عن عائشة، وأخرجه النَّسائيُّ في (النكاح) عن محمَّد بن يحيى بن عبد الله، عن موسى بن أعين، عن أبيه، عن معمر به، وفي (الطلاق) عن يونس بن عبد الأعلى الصدفيِّ، عن ابن وهب، عن يونس وموسى بن عليٍّ؛ كلاهما عن ابن شهاب به.
قوله: (لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (بَدَأَ بِي): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بهمز آخره.
قوله: (أَنَّ أَبَوَيَّ): أبواها معروفان: أبو بكر الصِّدِّيق عبدُ الله بن عثمان، وأمُّ رومان: دعد [1]، ويقال: زينب، تَقَدَّما مرارًا.

(1/8634)


قوله: (ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ)، وكذا يأتي في (باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجِها) في (النكاح)، ففيه إبطالٌ لقول من قال: إنَّ فاطمة بنت قيس أختَ الضَّحَّاك بن قيس الكلابيَّة لم تخترْهُ، وكان قد دخل بها، فاختارت الدنيا وزينتها، فسرَّحها عَلَيهِ السَّلام، فلمَّا كان في زمن عمر رضي الله عنه؛ وُجِدت تلقط البعر، وتقول: اخترت الدنيا على الآخرة، فلا دنيا ولا آخرة، قال ابن الطلاع: إنَّها كانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقيَّة، قال الذهبيُّ في «تجريده»: فاطمة بنت الضَّحَّاك الكلابيَّة، يقال: إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تزوَّج بها، وليس بشيء، انتهى، وقد ذكرها ابن عبد البَرِّ، وذكر القصَّة وردَّها، وقيل: إنَّ التي كانت تقول: أنا الشقيَّة المستعيذة منه، وقيل غير ذلك، وما أظنُّ أنا أنَّ أحدًا من الصحابيَّات تختار الدنيا على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كيف نظنُّ بأحدٍ منهنَّ ذلك؟! وهذا لا يصحُّ عن أحد فيما أعلم، والله أعلم.
قوله: (تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): يجوز أنْ يعود الضمير في قوله: (تابعه) على الليث، ويجوز أن يعود على يونس، و (موسى بن أعين): حرَّانيٌّ، يروي عن خُصيف، وعبد الله بن محمَّد بن عَقيل، وعنه: ابنه محمَّد، والنفيليُّ، ويحيى بن يحيى، ثِقةٌ، مات سنة (177 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (معمر): هو ابن يزيد، بإسكان العين، ومتابعة موسى تَقَدَّمتْ أعلاه.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (عبد الرزَّاق)؛ فهو ابن همَّام، الحافظ الكبير، وتعليقه أخرجه ابن ماجه عن محمَّد بن يحيى، عن عبد الرزَّاق، عن معمر به، و (أبو سفيان المَعمَريُّ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو سفيان: محمَّد بن حميد البصريُّ المَعمَريُّ، سُمِّيَ بذلك؛ لرحلته إلى معمر، تُوُفِّيَ سنة اثنتين ومئتين، روى له مسلم والنَّسائيُّ، انتهى.

(1/8635)


و (المَعْمَري): بفتح الميمين، وإسكان العين، ويعرف هذا من كلام الدِّمْياطيِّ، لكن إنَّما يعرفه المحدِّثون، وهو محمَّد بن حميد اليشكريُّ، بصريٌّ، ثِقةٌ، نزل بغداد، وكان مذكورًا بالصلاح والعبادة، روى عن هشام بن حسَّان، ومعمرٍ، وسفيان، وعنه: أبو خيثمة، وسريج بن يونس، وعمرو الناقد، وسفيان بن وكيع، وخلقٌ، وثَّقه ابن معين، وعنه: هو أحبُّ إليَّ من عبد الرزَّاق، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال ابن قانع: مات سنة اثنتين وثمانين ومئة، انتهى، أخرج له مسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، له ترجمة في «الميزان»، ما ذكر فيها سوى كلام العقيليِّ: في حديثه نظرٌ، ثُمَّ ساق له العقيليُّ حديثًا لا بأس به، انتهى كلام الذهبيِّ، ثُمَّ أرَّخه كما ذكرتُه، فقول الدِّمْياطيِّ: (تُوُفِّيَ سنة اثنتين ومئتين) فيه نظر، ولعلَّه: اثنتين وثمانين، ولم يذكر المئة اعتمادًا على الطبقة، فتصحَّفت على الناقل عنه، ثُمَّ إنِّي نظرت «الكمال» لعبد الغنيِّ، فرأيته أرَّخه كما قاله الدِّمْياطيُّ، فبَرِئا من العهدة؛ الدِّمْياطيُّ والناقلُ عنه، والله أعلم، وقوله: (روى [له] مسلم والنَّسائيُّ): قد ذكرت لك أنَّه أخرج له ابن ماجه أيضًا.
[ج 2 ص 328]
==========
[1] في (أ): (دعدد).

(1/8636)


[{ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ... }]

(1/8637)


[حديث: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله]
4788# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ عبارة عائشة رضي الله عنها صريحةٌ: أنَّ اللَّاتي وهبْنَ أنفسَهنَّ لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جماعةٌ، وقد حضرني منهن من قيل عنها ذلك، أو ثبت ذلك عنها: خَوْلة _أو خُويلة_ بنت حكيم السُّلَميَّة، كانت امرأة صالحة تُكنَّى أمَّ شريك، قيل: هي التي وهبت نفسها، وأمُّ شريك العامريَّة، قال أبو عمر: اسمها غُزيَّة بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رفاعة بن حجر _ويقال: حجير_ بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤيٍّ، يقال: هي التي وهبت نفسها، وقيل غير ذلك في جماعة سواها، وقد اختلفوا في تعيين المذكورة في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50]، فقيل: أمُّ شريك، قاله عروة، وأخرجه النَّسائيُّ عنها، وقيل: ميمونة بنت الحارث، قاله ابن عبَّاس، وقال الشعبيُّ: هي زينب بنت خزيمة الأنصاريَّة أمُّ المساكين، وقيل: اسم أمِّ شريك غُزيَّةُ بنت جابر بن حكيم، وقيل: بنت دودان، وقيل: غُزَيلة، وقيل: ليلى بنت الخطيم، وقيل: فاطمة بنت شريح، وقيل: خولة بنت حكيم، قالته عائشة، ففي «البُخاريِّ» و «مسلم»: (كانت خولة بنت حكيم من اللَّاتي وهبن أنفسهنَّ لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... )؛ الحديث.
قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «تهذيبه»: قوله في أوَّل (الصداق) من «المهذَّب»: (أنَّ امرأةً قالت: قد وهبت نفسي لك يا رسول الله): اسمها خولة بنت حكيم بن أُمَيَّة، وقيل: أمُّ شريك، وهو الأشهر وقول الأكثرين، وقال ابن سعد: اسمها: غُزيَّة بنت جابر، انتهى.
وأمَّا التي وهبت نفسها فزوَّجها عَلَيهِ السَّلام على سور من القرآن؛ قال ابن بشكوال في «مبهماته»: اختُلِف فيها، فقيل: خولة بنت حكيم، وقيل: أمُّ شريك، ويقال: ميمونة، وساق لكلِّ قول شاهدًا، وقد ذكر بعضُهم في الواهبة اختلافًا؛ هل هي أمُّ شريك، أو خولة بنت حكيم، أو غُزيَّة بنت جابر، أو ميمونة، أو زينب بنت خزيمة الأنصاريِّ؟ انتهى.
==========
[ج 2 ص 329]

(1/8638)


[حديث: أن رسول الله كان يستأذن في يوم المرأة منا]
4789# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وتَقَدَّم من يقال له كذلك: حِبَّان؛ بالكسر، وأنهم: هذا، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العرقة، وأنَّ هذا كافرٌ هلك على كفره، وأنَّه هو الذي رمى سعدَ بن معاذ في الخندق، و (عَبْدُ اللهِ) بعد (حِبَّان) هذا: تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.
قوله: (تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: سَمِعَ عَاصِمًا): الضمير في (تابعه): يعود على عبد الله؛ هو ابن المبارك، و (عبَّاد) هذا: هو ابن عبَّاد بن حبيب بن المهلَّب بن أبي صُفْرَةَ، الأزديُّ العَتَكيُّ المُهلَّبيُّ البصريُّ، أبو معاوية، عن أبي جمرة الضُّبَعيِّ، ويونس بن خبَّاب، وعاصمٍ الأحول، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وقتيبة، ومسدَّد، وابن معين، وأبو عُبيد، وجماعةٌ آخرهم الحسن بن عرفة، قال أحمد: ليس به بأس، كان رجلًا عاقلًا أديبًا، وقال ابن معين وأبو داود: ثِقةٌ، وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتجُّ به، وقال التِّرْمِذيُّ عن قتيبة: ما رأيت مثل هؤلاء الفقهاء الأشراف الأربعة: مالك، والليث، وعبَّاد بن عبَّاد، وعبد الوهَّاب الثقفيُّ، تُوُفِّيَ ببغداد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة إحدى وثمانين ومئة، أخرج له الجماعة، وهذا غير عبَّاد بن عبَّاد الأُرسوفيِّ، وغير عبَّاد بن عبَّاد المازنيِّ، لصاحب الترجمة ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عاصم) بعده: هو الأحول المذكور في السند قبله، ومتابعة عبَّاد أخرجها مسلم في (الطلاق) عن سريج بن يونس، عن عبَّاد، عن عاصم به، وأخرجها أبو داود في (النكاح) عن ابن معين، ومحمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع؛ كلاهما عن عبَّاد به، وأخرجها النَّسائيُّ في (عشرة النساء) عن محمَّد بن عامر المصيصيِّ، عن محمَّد بن عيسى به.
==========
[ج 2 ص 329]

(1/8639)


[{لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ... }]
قوله: (أَنَى يَأْنِي أَنَاةً): وفي نسخة: (أنى يأني أنًى)، قال الدِّمْياطيُّ: (الوجه: أنْيًا)، انتهى، وفي «الصحاح»: أنى يأني إنًى؛ أي: حان، وأَنَى أيضًا: أدرك، قال عزَّ وجلَّ: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]، يقال: أنى الحميم؛ أي: انتهى حرُّه، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرَّحمن: 44]، وآناه يؤْنيه إيْناءً؛ أي: أخَّرَه، وحبسه، وأبطأه، والاسم منه: الأناء ... إلى أن قال: وتأنَّى في الأمر؛ أي: ترفَّق وتنظَّر، واستأنى [به]؛ أي: انتظر به [1]، يقال: استُؤنِيَ به حولًا، والاسم الأَنَاةُ؛ مثل: قَنَاةٍ، انتهى.
فقول البُخاريِّ: (أَنَى يَأْنِي أَنَاةً) لم يذكر فيها الجوهريُّ إلَّا (إنًى)، وأمَّا (أناة) وإن كانت من المادَّة إلَّا أنَّها مصدر من (استأنى)؛ بمعنى: ترفَّق وانتظر، فما عمله الجوهريُّ لم يكن ما في الأصل ولا ما في الهامش موافقًا له، والله أعلم.

(1/8640)


قوله: ({لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63]: إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ الْمُؤَنَّثِ؛ قُلْتَ: قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلًا وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ؛ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الْوَاحِدِ والاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ، لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى)، انتهى: هذا لفظه، وهو كلام حسنٌ، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (يقال: {إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]: إدراكه ... ) إلى آخره، وفيه الكلام على قوله: {لعلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى، وكنت قد رأيت في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمةَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] هذا الجوابَ، أو يقال: إنَّ (فعيلًا) يوصف به المؤنَّث بلا علامة تأنيث كما يوصف به المذكَّر؛ نحو: امرأة قتيل، وكفٌّ خضيب، وقد قال الجوهريُّ: (وقوله: {إنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ}، ولم يقل: قريبة؛ لأنَّه سبحانه أراد بـ «الرحمة»: الإحسان، ولأنَّ ما لا يكون تأنيثه حقيقيًا؛ جاز تذكيره، وقال الفرَّاء: إذا كان «القريب» في معنى المسافة؛ يُذكَّر ويُؤنَّث، وإذا كان في معنى النسب؛ يؤنَّث بلا خلاف بينهم)، انتهى، وقال الزمخشريُّ: ({قَرِيبٌ} على تأويل «الرحمة» بالرحم أو الترحُّم، أو لأنَّه صفة موصوف محذوف؛ أي: شيءٌ قريبٌ، أو على تشبيهه [2] بـ «فعيل» الذي هو بمعنى «مفعول»، كما كان ذلك به، فقيل: قُتَلاء وأُسَراء، أو على أنَّه بزنة المصدر الذي هو النقيض والضغيب، أو لأنَّ تأنيث «الرحمة» غيرُ حقيقيٍّ)، انتهى.
==========
[1] في (أ): (انتظرته)؛ بنقط التاء، والمثبت موافق لما في مصدره.
[2] في (أ): (تشبيه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 329]

(1/8641)


[حديث: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر]
4790# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل، ابن تير ويقال: تيرويه، وأنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ» والكُتُب السِّتَّة: (حميد عن أنس) هو الطويل، إلَّا في حديثين ذكرتُهما غيرَ مرَّةٍ، والحديثان: «أَخَذ الرايةَ زيدٌ فأُصيب»، فهو في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، والثاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غَنْم موكب جبريل» في «البُخاريِّ» فقط، فهو حُميد بن هلال.
قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ): تَقَدَّم أنَّها أُنزِلت في مبتنى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بزينب بنت جحش، وقد تَقَدَّم متى تزوَّج بها، وحكيتُ في ذلك ثلاثةَ أقوال: سنة أربع، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس، وهي أوَّل نسائه لحوقًا به، تُوُفِّيَت سنة عشرين، أو سنة إحدى وعشرين، وقد تَقَدَّم ذلك، وقد رأيت في «معجم الطبرانيِّ الصغير» في (الأباره [1]) ما لفظه: حدَّثنا إبراهيم بن بندار الأصبهانيُّ: حدَّثنا محمَّد بن أبي عمر العَدَنيُّ: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن مسعر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت آكل مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حَيسًا في قعب، فمرَّ عمر رضي الله عنه، فدعاه فأكل، فأصابت إصبعُه إصبعي، فقال: حسَّ أوه، لو أُطاع فيكُنَّ؛ ما رأتْكُنَّ عينٌ)، فنزلت آية الحجاب، لم يروه عن مسعر إلَّا سفيان بن عيينة، انتهى.
فظاهره أنَّها نزلت في عائشة، وهذا الحديث في «النَّسائيِّ» في (التفسير) عن زكريَّا بن يحيى عن ابن أبي عمر به، وقد ذكر شيخنا أسبابًا في نزول الحجاب، ثُمَّ قال: والجمع بين هذه الأقوال _والله أعلم_ أنَّ بعض الرواة ضمَّ قصَّةً إلى أخرى، ونزلت
[ج 2 ص 329]
الآية عند المجموع، انتهى.

(1/8642)


[حديث: لما تزوج رسول الله زينب دعا القوم فطعموا]
4791# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ): هو بفتح الراء، وتخفيف القاف [1]، وشين معجمة بعد الألف، مشهورٌ ظاهرٌ، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه لاحق بن حُمَيد، قال الدِّمْياطيُّ: لاحق بن حميد بن سعيد بن خالد البصريُّ، مات سنة تسع ومئة، انتهى.
وقوله في وفاته: (سنة تسع ومئة): هو قولٌ قاله الفلَّاس وغيره، وقيل: إنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن عبد العزيز، قاله المدائنيُّ وجماعةٌ، وقال خليفة: مات سنة ستٍّ ومئة، وقدَّم الذهبيُّ في «تذهيبه» هذين القولين على ما حكاه الدِّمْياطيُّ، والظاهر أنَّه كذلك في «التهذيب» للمزِّيِّ، وفي «الكاشف» اقتصر على ستٍّ ومئة، والله أعلم.
قوله: (لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ [3] بِنْتِ جَحْشٍ): قد قدَّمتُ لك الخلاف متى تزوَّج بها قريبًا وبعيدًا.
قوله: (وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ): هؤلاء الثلاثة لا أعرف أسماءهم، وسيجيء (فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ)، وسيجيء: (وَبَقِيَ نَفَرٌ) [خ¦5163]، ويجيء أيضًا: (وَبَقِيَ رَهْطٌ) [خ¦5166]، ويجيء الكلام على (النفر) و (الرهط)، وقد تَقَدَّم، والحاصل: أنَّه لا منافاة بين الروايات، والله أعلم، وقد ذكر شيخنا رواية: (بقي ثلاثة)، ورواية: (رجلين)، ثُمَّ قال: لعلَّه باعتبارَين كانوا ثلاثة، ذهب واحد وبقي اثنان، وهو أولى [4] من قول ابن التين: إحداهما وَهَمٌ، انتهى.
==========
[1] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (زينب)؛ بغير باء.
[4] في (أ): (أوَّل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 330]

(1/8643)


[حديث: أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب]
4792# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن زيد الجرميُّ.
قوله: (فَضُرِبَ الْحِجَابُ): (ضُرِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

(1/8644)


[حديث: بني على النبي بزينب بخبز ولحم]
4793# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.
قوله: (بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ): (أُرسِلْتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء مضمومة على التكلُّم.
قوله: (وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرفهم، وتَقَدَّم أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال؛ كالنفر.
قوله: (أَهْلَ الْبَيْتِ): هو منادى مضافٌ منصوبٌ.
قوله: (فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ): (تقرَّى): بغير همزٍ، معتلٌّ؛ أي: تتبَّعهنَّ واحدة بعد واحدةٍ، يقال: قروت الأرض: تتبَّعتها أرضًا بعد أرض، وناسًا بعد ناس.
قوله: (كُلِّهِنَّ): بالجرِّ؛ لأنَّه تأكيد لـ (نسائه)، وهو مجرورٌ، لا لـ (الحُجَرِ)، وهذا معروف ظاهرٌ.
قوله: (فَإِذَا ثَلاَث رَهْط): تَقَدَّم أنَّ هؤلاء الثلاثة لا أعرفهم.
قوله: (آخْبَرْتُهُ؟): هو بمدِّ همزة الاستفهام، ويجوز تحقيقها.
قوله: (أَوْ أُخْبِرَ؟): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا معروفٌ.
قوله: (فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ): قال الدِّمْياطيُّ: قال الخليل: أُسْكُفَّة الباب: عتبته التي يوطأ عليها، انتهى، وفي «الصحاح»: أُسكفَّة الباب: عتبته.
قوله: (دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً): (داخلة) و (خارجة): منصوبان منوَّنان، وذلك معروفٌ.
==========
[ج 2 ص 330]

(1/8645)


[حديث: أولم رسول الله حين بنى بزينب ابنة جحش فأشبع الناس]
4794# قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حميد الطويل، لا حميد بن هلال.
قوله: (رَأَى رَجُلَيْنِ): تَقَدَّم الكلام على الجمع بين هذا وبين (ثلاثة رهط) قريبًا، وتَقَدَّم أنَّ هذين لا أعرفهما أيضًا.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى): أمَّا (ابن أبي مريم)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن محمَّد، انتهى، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدثنا)، غير أنَّه يكون غالبًا أخذه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يرقم عليه المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، والله أعلم، وأمَّا (يحيى)؛ فقال الدِّمْياطيُّ: يحيى بن أيُّوب، أبو العبَّاس، الغافقيُّ المصريُّ، استشهد به البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في (مسند أنس): إنَّه هو، له ترجمة في «الميزان»، وفيها أحاديث أُنكِرت عليه، أخرج له الجماعة، كذا رقموا عليه، وكذا رأيته في «الكاشف»، و «التذهيب»، و «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (168 هـ).
تنبيهٌ: (يحيى بن أيُّوب) جماعةٌ: يحيى بن أيُّوب العلَّاف، أخرج له النَّسائيُّ، ويحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة البجليُّ، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود والتِّرْمِذيُّ، وصاحب الترجمة الغافقيُّ أحد العلماء، ويحيى بن أيُّوب المقابريُّ، أخرج له مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ، ويحيى بن أيُّوب بن أبي عقال هلالٍ، للبجليِّ ترجمة في «الميزان»، وللغافقيِّ، ولابن أبي عقال، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 330]

(1/8646)


[حديث: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن]
4795# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (خَرَجَتْ سَوْدَةُ): هذه هي أمُّ المؤمنين سودة بنت زَمعة بن قيس العامريَّة، انفردت بالنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعد خديجة إلى أن دخل بعائشة، رضي الله عنهما، ولمَّا أسنَّت؛ وهبت نوبتها لعائشة، تُوُفِّيَت في آخر خلافة عمر، وهذا قول الأكثرين، روى عنها ابن عبَّاس، ويحيى بن عبدٍ الأنصاريُّ، أخرج لها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ.
قوله: (فَانْكَفَأَتْ): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: انقلبت.
قوله: (عَرْقٌ): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الراء، وبالقاف، وهو العظم بما عليه من بقيَّة اللحم، يقال: عرقته، وتعرَّقته، واعترقته؛ إذا أكلتَ ما عليه بأسنانك، وقال أبو عُبيد: العَرق: الفِدْرَة من اللحم، قال الخليل: العُراق: العظم بلا لحم، وإن كان عليه؛ فهو عَرْق، قال الهرويُّ: العُراق: جمع (عَرْق) نادرٌ، قال بعضهم: التعرُّق: مأخوذ من العَرْق؛ كأنَّ المتعرِّق أكل ما عليه من لحم وعَرْقٍ وغيرِه.
قوله: (قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ): (أُذِن): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 330]

(1/8647)


[{إن تبدوا شيئًا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليمًا ... }]
[ج 2 ص 330]
قوله: ({إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ} [الأحزاب: 54]): إلى آخر الآية التي تليها، ثُمَّ ساق حديث عائشة: (استأذن عليَّ أفلح ... )؛ الحديث، قال شيخنا: وهو ليس فيه شيء من تفسيرالآية، وإن كان يجوز أن يكون أراد به بيانَ جواز دخول الأعمام والآباء من الرضاعة على أمَّهات المؤمنين؛ لقوله: «ائذني له، إنَّه عمُّك، تربت يمينك»، انتهى.

(1/8648)


[حديث: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك]
4796# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ، أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ): كذا هنا، وفي مكان آخر: (أفلح بن أبي القُعَيس)، وفي رواية في «الصحيح» و «السنن»: (استأذن عليَّ عمِّي من الرضاعة)، زاد مسلم: (أبو الجعد)، وفي رواية عن هشام في «مسلم»: (إنَّما هو أبو القُعَيس)، وفي رواية: (أفلح بن قُعَيس)، قال الحُفَّاظ: الصواب: (أفلح أخو أبي القُعَيس)، وهي المعروفة في كتب الحديث وغيرها: أنَّ عمها من الرضاعة هو أفلح أخو أبي القُعَيس، وكنية أفلح: أبو الجعْد، وأفلح صَحابيٌّ، وأبو قُعَيس صَحابيٌّ، عمُّ عائشة من الرضاعة، وقيل: أبوها، وقيل: هو أفلح، (والقُعَيْس): بضمِّ القاف، وفتح العين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا.
قوله: (بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا متى أُنزِل الحجاب.
قوله: (أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ): امرأة أبي القعيس لا أعرف اسمها ولا ترجمتها.
قوله: (أَنْ تَأْذَنِي [1] عَمّكِ): (عمُّك): في أصلنا مرفوع، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو عمُّك، والظاهر أنَّه يجوز النصب بنزع الخافض؛ أي: لعمِّك، والله أعلم.
قوله: (تَرِبَتْ يَمِينُكِ): تَقَدَّم الكلام عليها في (تربت يداك).
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تأذنين).
[ج 2 ص 331]

(1/8649)


[{إن الله وملائكته يصلون على النبي ... }]
قوله: ({إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]): الآية بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة في حاشية أصلنا.
فائدةٌ: قال أبو ذرٍّ: ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، قال اليُونينيُّ: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه قد ورد في حديث الإسراء الصلاةُ عليه، وكان الإسراء بمَكَّة شرَّفها الله تعالى، انتهى.
قوله: (قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلاَةُ اللهِ: ثَنَاؤُهُ): (أبو العالية) هذا: الظاهر أنَّه هو رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحيُّ، تَقَدَّم مترجمًا، وهو أحد علماء التابعين.

(1/8650)


[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد]
4797# قوله: (حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ [1]: حَدَّثَنَا أَبِي): قال الدِّمْياطيُّ: هو سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، مات سنة تسع وأربعين ومئتين، ومات أبوه سنة (194 هـ)، انتهى، و (الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة، الإمام القاضي، تَقَدَّم.
قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى): هو عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، تَقَدَّم، و (كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ): تَقَدَّم، صَحابيٌّ مشهور، و (عُجْرَة): بضمِّ العين المهملة، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.
==========
[1] (بن سعيد): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 331]

(1/8651)


[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك]
4798# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ الصحيح إثبات الياء في (الهادي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن العاصي)، و (اليماني)، وهو في أصلنا هنا بحذف الياء، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، و (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وتَقَدَّم كلام المِزِّيِّ فيه، وسأذكره أيضًا في (سورة الفتح) أنَّه روى عنه نفسه، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، وهو عبد العزيز بن أبي حازم المدينيُّ، مولى بني مخزوم، تَقَدَّم مِرارًا، (وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): هو عبد العزيز بن محمَّد الدراورديُّ، أبو محمَّد، ودراورد [1]: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، تَقَدَّم، و (يَزِيدُ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي المذكور في السند قبله.

(1/8652)


[{لا تكونوا كالذين آذوا موسى}]

(1/8653)


[حديث: إن موسى كان رجلًا حييًا]
4799# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وقال بعضهم: بضمِّها، و (عُبادة): بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، تَقَدَّم، و (عَوْفٌ): هو الأعرابيُّ، تَقَدَّم، وهو عوف بن أبي جميلة، و (الحَسَنُ، ومُحَمَّدٌ، وخِلَاسٌ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، ولم يسمع من أبي هريرة، قاله التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ، وأمَّا (محمَّد)؛ فهو ابن سيرين، وأمَّا (خِلَاس)؛ فهو بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف اللام، وفي آخره سين مهملة، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لم يسمع من أبي هريرة حديث: «إنَّ موسى عَلَيهِ السَّلام كان حييًّا ... »؛ الحديث؛ يعني: هذا الحديث، فسألت عوفًا فترك محمَّدًا، وقال: خِلاسٌ مُرسِل، وسأذكر ترجمة خِلَاس في (الأيمان والنذور) إن شاء الله تعالى، وقد تَقَدَّم الكلام على سماعه، وكذا سماع الحسن بن أبي الحسن من أبي هريرة في (أحاديث الأنبياء)، وقد تَقَدَّم بعض هذا الكلام قبل ذلك أيضًا، فالعُمدة إذن على محمَّد بن سيرين، والله أعلم.
قوله: ({كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: 69]): تَقَدَّم ما آذوه به في (الأنبياء).
==========
[ج 2 ص 331]

(1/8654)


(((34))) [سبأ]
قوله: (سُورَةُ [1] سَبَأ): اعلم أنَّ (سَبَأ) هنا [سبأ: 15] وفي (النمل) [22] قد قرأ البزِّيُّ وأبو عمرٍو فيهما بفتح الهمزة من غير تنوين، وقرأ قُنبل بإسكانها فيهما على نيَّة الوقف، والباقون: بخفضها فيهما مع التنوين، وهو كـ (جَبَل) ويُمْنَعُ، بلدة بِلْقيس، ولقب ابن يشجب بن يَعرب، واسمه: عبد شمس، يجمع عامَّة قبائل اليمن، والله أعلم.
قوله: (يقال: {مُعَاجِزِينَ} [سبأ: 5]: مُسَابِقِينَ، {بُمُعْجِزِينَ} [الزمر: 51]: بِفَائِتِينَ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّه كان ينبغي أن يذكر هذا في (سورة الحجِّ)، فإنَّه أوَّل مكان وقع فيه ذلك، وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {مُعَجِّزِينَ} في (الحجِّ) [51] وفي المكانين من (سبأ): بتشديد الجيم من غير ألف، والباقون: بالألف وتخفيف الجيم، والله أعلم.
قوله: (فَارْتَفَعَتَا عَنِ الجَنْبَتَيْن): كذا في أصلنا، قال الدِّمْياطيُّ: (صوابه: «يعني: الجنتين»، وكذلك هو في بعض النسخ من رواية أبي ذرٍّ)، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ كلام مقبول صحيحٌ، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيل): هو أبو ميسرة، عمرو بن شرحبيل، و (شُرحبيل): بضمِّ الشين المعجمة، لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهذا ظاهرٌ جدًّا إلَّا أنِّي رأيت مَن يفتح شينه، وأمَّا كونه لا ينصرف؛ فلا يعرفه إلَّا من يعرف النحو، وهو همْدانيٌّ كوفيٌّ، من فضلاء التابعين، وليس هو بعمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجيِّ المدنيِّ؛ لأنَّ هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، بل ولا تعليقًا، والخزرجيُّ أخرج له النَّسائيُّ وانفرد به، وصاحب الترجمة كان من فضلاء التابعين، عابدًا حُجَّة، والخزرجي ذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، تُوُفِّيَ الهمْدانيُّ وأوصى أن يصلِّيَ عليه شريحٌ القاضي، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.
قوله: ({العَرِمِ} [سبأ: 16]: الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ): (المُسَنَّاة): بضمِّ الميم، وفتح السين المهملة، ثُمَّ نون مشدَّدة، وبعد الألف تاء، قال شيخنا عن ابن التين: بضمِّ الميم، وتشديد النون، كذا هو مضبوط في أكثر الروايات، وكذا هو في أكثر كتب اللغة، وضُبِط في رواية الأصيليِّ بفتح الميم، وسكون السين، وتخفيف النون، انتهى، قال النَّوويُّ: ضفيرة تُجعَل في جانب النهر لتمنعَه من الأرض، وقال البندنيجيُّ: هي الأحواض التي يُجعَل
[ج 2 ص 331]

(1/8655)


فيها الماء تحت النخل، انتهى.
و (العَرِم): لا واحد لها من لفظها، ويقال: واحدتها عَرِمة، (بلحن اليمن)؛ أي: أهل اليمن، وفي بعض النسخ: (بلحن حمير)، و (اللَّحن)؛ بإسكان الحاء وتفتح، ذكرهما ابن الأثير عن ابن الأعرابيِّ، وفتح اللام؛ أي: بلغتهم، و (حِمْيَر)؛ بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، وفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، غير مصروفٍ، أبو قبيلة من اليمن، وهو حِمْيَر بن سبأ بن يشجُبَ بن يعربَ بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأوَّل، قال ابن قُرقُول: («{العَرِم}: المسناة»، كذا في «البُخاريِّ»: «بلحن حمير»؛ يعني: لغتهم، وهو السدُّ، وقيل: الوادي، وقيل: اسم الفأر الذي حفره، وقيل: المطر الشديد)، انتهى، وقال السهيليُّ: وفي {العرم} أقوال: قيل: هي المسناة؛ أي: السُّدُّ، وهو قول قتادة، وقيل: هو اسمٌ للوادي، وهو قول عطاء، وقيل: هو الجُرَذُ الذي خرَّب السُّدَّ، وقيل: هو صفة للسيل، من العرامة، وهو معنى رواية عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس، وقال البُخاريّ: ({العرم}: ماء أحمر ... )، فذكره، انتهى، وأوضح من الذي ذكروه في {العَرِم}: أنَّه السُّدُّ؛ يعنون به: السِّكر؛ وهو ضفيرة تُبنى للسيل تردُّه، أو للنهر، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {العَرِمِ} [سبأ: 16]: الْوَادِي): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هو قول قتادة، رواه ابن جرير بإسناد صحيح، انتهى.
قوله: ({مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46]: وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ) قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، انتهى، وقال الجوهريُّ: ويقال: جاؤوا مثنى مثنى؛ أي: اثنين اثنين، فظاهره يردُّ على الدِّمْياطيِّ، ويوافق البُخاريَّ، و {فُرَادَى}: جمع (فرد) على غير قياس؛ كأنَّه جمع (فردان)، قاله في «الصحاح»، وفي «القاموس»: الفرد: نصف الزوج، والمتَّحد، ج _يعني: الجمع_: فِراد، ومَن لا نظير له ج _يعني: الجمع_: أفراد وفرادى، انتهى.
وليس هذا مرادَ البُخاريِّ، والذي أراد البُخاريُّ معناه: واحدًا واحدًا، جاء القوم فرادًا وأفرادًا وفرادى وفُرادَ وفَرادَ وفَرْدَى؛ كـ (سَكْرَى): واحدًا بعد واحد، والواحد: فَرَد وفَرِد وفَرِيد وفَرْدَان، ولا يجوز (فَرْد) في هذا المعنى، قاله شيخنا في «القاموس».
قوله: (وَالأَثْلُ: الطَّرْفَاءُ): هو بفتح الطاء المهملة، وإسكان الراء، ممدود الآخر، وتَقَدَّم ما هي.
==========

(1/8656)


[1] في (أ): (في)، وكان قد أتى بقوله: (يقال: {معاجزين} ... ) اللاحق، لكنَّه استدرك هذا الكلام التالي هنا، ولا يستقيم مع كلمة (في)، والمثبت موافق لما في (ق)، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

(1/8657)


[{حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ... }]
قوله: ({حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]): {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} تَقَدَّم الكلام عليه وعلى القراءات فيها في (الحجر).
==========
[ج 2 ص 332]

(1/8658)


[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة ... ]
4800# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، ولماذا نُسِب، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، لا قهرمان آل الزُّبَير، قهرمان آل الزُّبَير ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، و (عِكْرِمَةُ) بعده: هو مولى ابن عبَّاس.
تنبيهٌ: من اسمه عمرو، ويروي عن عكرمة مولى ابن عبَّاس في الكُتُب السِّتَّة، أو بعضها: عمرو بن دينار هذا المَكِّيُّ الإمام، وعمرو بن عبد الله بن الأسوار اليمانيُّ، روى له عنه أبو داود، وعمرو بن مسلم الجنديُّ، روى له عنه أبو داود أيضًا.
قوله: (خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ): هو في أصلنا بضمِّ الخاء، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الحجر)؛ فانظره.
قوله: (عَلَى صَفْوَانٍ): هو بإسكان الفاء، وأمَّا الذي في (سورة الحجر): (قال عليٌّ: وقال غيرُه: صفَوان): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ الصواب فيهما إسكان الفاء.
قوله: (فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ) قال الدِّمْياطيُّ: (الصواب: «مسترقو» في الموضعين)، انتهى، وكذا هو على الصواب في (سورة الحجر): (مسترقو السمع)، ولو قيل: إنَّ المراد بـ (مسترق السمع) في الموضعين هنا الجنسُ؛ كان أَوْلَى من التخطئة، والله أعلم، مع أنَّ الذي قاله هو في نسخة، وما اعترض عليه نسخةٌ أخرى؛ فهما روايتان، والله أعلم.
قوله: (وَوَصَفَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وهو المذكور في السند.
قوله: (وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ): (بَدَّد): بفتح الموحَّدة، وتشديد الدال المهملة؛ أي: فرَّق، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ وَالْكَاهِنِ [1]): تَقَدَّم الكلام على (الكاهن) وتعريفِه، وفي بعض النسخ: (على لسان الآخِر أو الكاهن)، و (الآخِر): بكسر الخاء المعجمة لأبي أحمد الجرجانيِّ، وللكافَّة: (على لسان الساحر أو الكاهن)، وهو أصوب، قاله ابن قُرقُول.
قوله: (فَيُصَدَّقُ): هو بفتح الدال المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أوِ الكاهن).
[ج 2 ص 332]

(1/8659)


[{إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد}]

(1/8660)


[حديث: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم ... ]
4801# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالخاء المعجمة، أبو معاوية الضرير، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران.
قوله: (صَعِدَ النَّبِيُّ): (صعِد): بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، وهذا ظاهرٌ، إلَّا أني رأيت من يفتح عينه، أو يتوقَّف فيه جهلًا.
قوله: (يَا صَبَاحَاهْ): تَقَدَّم أنَّ هذه كلمة يقولها المستغيث مطوَّلة، وأنَّ هاء السكت في آخرها ساكنة.
قوله: (فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشعراء)، وسأذكر سبب عدول البارئ عزَّ وجلَّ عن اسمه لكنيته في (تبَّت) إن شاء الله تعالى وقدَّره.
==========
[ج 2 ص 332]

(1/8661)


(((35))) [الملائكة]
قوله: ({مُثْقَلَةٌ} [فاطر: 18]: مُثَقَّلَةٌ): الثانية: بفتح الثاء، وتشديد القاف مفتوحة أيضًا، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ): يعني: غير مَن قال ما قبله.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَرُورُ: بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ: بِالنَّهَارِ)، انتهى: قال الجوهري: قال أبو عبيد: (الحرور بالليل، وقد يكون بالنهار، والسَّموم بالنهار، وقد يكو ن بالليل)، وأنشد بيتًا شاهدًا لذلك للعجَّاج.
قوله: ({غَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27]: أَشَدُّ سَوَادً [1]، الْغِرْبِيبُ): وعلى هذا قال أبو عبيد: إنَّه على التقديم والتأخير؛ أي: سود غرابيبُ.
قوله: (وَالْغِرْبِيبُ [2]: الشَّدِيدُ السَّوَادِ): (الغِربيب): بكسر الغين المعجمة، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سوادٍ).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الغربيب)؛ بغير واو.
[ج 2 ص 332]

(1/8662)


(((36))) (سُورَةُ يس) ... إلى (الزُّخْرُف)
قوله: ({فَعَزَّزْنَا} [يس: 14]: شَدَّدْنَا): تَقَدَّم أنَّ (عزَّزنا): بالتشديد والتخفيف، والقراءتان بمعنى: شددنا وقوَّينا، قرأ أبو بكر _وهو أحد الروايتين عن عاصم، وهو أبو بكر بن عيَّاش، واسمه: شعبة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم_ بالتخفيف، والباقون بالتشديد.
قوله: ({فَكِهُونَ} [يس: 55]: مُعْجَبُونَ): {فَكِهُونَ}: قراءة شاذَّة، وليست في السبع، وهي قراءة يعقوب في رواية عنه [1]؛ للمبالغة، وقد عزاها إليه البيضاويُّ في «تفسيره»، ولكن قُرِئ في قوله تعالى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَكِهِينَ} [الدخان: 27]؛ أي: أَشِرين، و {فَاكِهِينَ}؛ أي: ناعمين، و (مُعجَب) في كلام البُخاريِّ: بفتح الجيم، وقد قرأ حفص في (المطفِّفين) قوله تعالى: {انقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين: 31]، والباقون قرؤوا: {فَاكِهِين}، والله أعلم.
==========
[1] وقراءة أبي جعفر من العشرة.
[ج 2 ص 332]

(1/8663)


[{والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}]

(1/8664)


[حديث: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟]
4802# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، تَقَدَّم مع الاختلاف في اسمه، واسم أبيه، وتَقَدَّمتْ ترجمته.
==========
[ج 2 ص 332]

(1/8665)


[حديث: مستقرها تحت العرش]
4803# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وتَقَدَّم لماذا نسب في أوَّل هذا [التعليق]، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (وَكِيعٌ): تَقَدَّم أنَّه أحد الأعلام، ابن الجرَّاح، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مِهران.
==========
[ج 2 ص 332]

(1/8666)


(((37))) [{والصافات}]
[ج 2 ص 332]
قوله: ({وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ} [الصافات: 8]: يُرْمَوْنَ): (يُرمَون): بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ مثل: {يُقْذَفُونَ}: مبنيٌّ أيضًا.
قوله: ({يُنزَفُونَ} [الصافات: 47]: لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الزاي، ومَن قال: الزاي بالكسر؛ فمعناه، _والله أعلم_: ولا هم عن شُربها ينفَدُ شرابُهم، وقد قرأ حمزة والكسائيُّ بكسر الزاي هنا، والباقون بفتحها، ولا خلاف في ضمِّ الياء، وقال شيخنا رحمه الله تعالى ما لفظه: {يُنزِفون}: لا تذهب عقولهم، قلت: هذا على قراءة كسر الزاي، ومن قرأ بفتحها؛ فمعناه: لا ينفد شرابُهم، انتهى، وهذا على العكس، والله أعلم.
قوله: ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]: كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ): تَقَدَّم الكلام على {يُهرَعُونَ} في (الأنبياء)؛ فانظره.
قوله: ({يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: النَّسَلَانُ فِي الْمَشْيِ): {يَزِفُّونَ}؛ بفتح أوَّله: قراءة الجماعة إلا حمزة، فإنَّه قرأ بالضمِّ، لغتان، و (النَّسَلان): هو بفتح النون والسين المهملة، يقال: نسل في عَدْوِه ينسِل نسْلًا ونسَلانًا: أسراع.
قوله: (سَرَوَاتِ الْجِنِّ): هو جمع (سراة)، و (سراة): جمع (سرِيٍّ)؛ وهو الشريف، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، وقدَّمتُ انتقاد السهيليِّ على النحاة في ذلك.
قوله: ({مَّدْحُورًا} [الأعراف: 18]: مَطْرُودًا): هذا في (الأعراف)، وأمَّا هنا؛ فالتلاوة {دُحُورًا} [الصافات: 9]؛ وهو مصدر (دحرته)؛ أي: دفعته، وأبعدته، وطردته، والله أعلم، وقد تَقَدَّم له في أوَّل (ابتداء الخلق) في (باب صفة إبليس وجنوده) ما لفظه: ({دُحُورًا}: مطرودين)، وقد تَقَدَّم ما فيه.
قوله: (يُذْكَرُ بِخَيْرٍ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8667)


[{وإن يونس لمن المرسلين}]

(1/8668)


[حديث: ما ينبغي لأحد أن يكون خيرًا من ابن متى]
4804# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ الكوفيُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
قوله: (مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرً [1]): (خيرً) في أصلنا: بغير ألف، وكأنَّه كُتِب على نيَّة الوقف، وهو لغة، وفي نسخة أخرى: (خيرًا)، وهذه ظاهرةٌ، و (مِنِ ابْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام عليه في (يونس).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وكتب في هامشها: (كذا هي موضوعة في نسخ شرف الدين الأنصاري، مكتوب عليها: صح)، ورواية «اليونينيَّة»: (خيرًا).
[ج 2 ص 333]

(1/8669)


[حديث: من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب]
4805# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّم أنَّ (لؤيًّا) يهمز ولا يهمز.
قوله: (مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ... )؛ الحديث، تَقَدَّم أنَّ (أنا): تعود على المتكلِّم مَن كان، ليس على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خاصَّة، في (كتاب الأنبياء) بزيادة على هذا؛ فانظره إن أردته.
==========
[ج 2 ص 333]

(1/8670)


(((38))) [{ص}]
قوله: ({ص} [ص: 1]): تَقَدَّم أنَّ فيها قراءاتٍ، قال مكيٌّ: فيها أربع قراءات: {صْ}؛ بالإسكان، و (صادِ)؛ بكسر الدال، و (صادَ)؛ بفتحها، و (صادٍ)؛ بالكسر والتنوين، انتهى، وما عدا الإسكان شواذُّ، والله أعلم.

(1/8671)


[حديث: سألت مجاهدًا عن السجدة في {ص} قال ... ]
4806# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّم مِرارًا، بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم مَن لقَّبه بذلك، و (العَوَّامُ): هو ابن حوشب الواسطيُّ، أحد الأعلام.
==========
[ج 2 ص 333]

(1/8672)


[حديث مجاهد: سألت ابن عباس من أين سجدت؟]
4807# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ): شيخ البُخاريِّ (محمَّد بن عبد الله) هذا: قال شيخنا: قال الكلاباذيُّ وابن طاهر: نُراه الذهليَّ، انتهى، ثُمَّ رأيته فيهما، وفي لفظ الكلاباذيِّ: روى عنه _يعني: عن محمَّد بن عبيد الطنافسيِّ_ في (مناقب بلال)، و (بدء الخلق)، و (تفسير ص)، و (غزوة خيبر)، انتهى، والمِزِّيُّ لم يعيِّنه، و (العَوَّامُ): هو ابن حوشب، أحد الأعلام، تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (أُمِرَ نَبِيُّكُمْ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ونبيُّكُم): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[ج 2 ص 333]

(1/8673)


[غريب آيات سورة ص]
قوله: (الْقِطُّ: الصَّحِيفَةُ): هو ههنا صحيفة الحسنات، وقال بُعَيد هذا: ({قِطَّنَا} [ص: 16]: عَذَابَنَا)، قال الجوهريُّ: القطُّ: الكتاب، والصَّكُّ بالجائزة، وأنشد بيتًا للأعشى، ثُمَّ قال: ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ} [ص: 16]، قال ابن عبد السلام في قوله تعالى: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا}: حظَّنا من الجنَّة أو من العذاب، قاله النضر، أو كتابنا الموعودَ في الآخرة، على الاستهزاء، والقِطُّ: كتابٌ بالجوائز.
قوله: ({فُوَاقٍ} [ص: 15]: رُجُوعٍ): {فُوَاق}؛ بضمِّ الفاء: قراءة حمزة والكسائيِّ، والباقون قرؤوا بفتحها، والفتح والضمُّ لغتان، ويقال: الفتح: رجوع أو إقامة [1]؛ كـ (جواب) من إجابة، وبضمِّها: تأخير أو انتظارٌ قَدْرَ فُوَاق؛ وهو ما بين الحلبتين؛ لرجوع اللبن من جانبَي الضرع.
قوله: ({أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63]: أَحَطْنَا بِهِمْ) قال الدِّمْياطيُّ: لعلَّه: أخطأناهم، وحُذِف مع ذلك القولُ الذي هذا تفسيره؛ وهو: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ} [ص: 63]، انتهى، وقد أخذ هذا من ابن قُرقُول، أو من أصله، ولفظ «المطالع»: («أحطنا بهم»: كذا هو في جميع النسخ، وفيه _لا شكَّ [2]_ تغيير، وصوابه _والله أعلم_: أخطأناهم، يدلُّ عليه قوله: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ})، انتهى، لكنَّ عبارة الدِّمْياطيِّ أصرحُ في المقصود.
قوله: ({أَتْرَابٌ} [ص: 52]: أَمْثَالٌ): (الأتراب): جمع (تِرْب)؛ بكسر المثنَّاة فوق، وإسكان الراء، وبالموحَّدة، وهو اللِّدَة؛ أي: على سنٍّ واحد.
==========
[1] كذا في (أ)، ولعله: (إفاقة).
[2] زيد في (أ) مستدركةً: (أنَّه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب موافقة لمصدره.
[ج 2 ص 333]

(1/8674)


[{هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}]

(1/8675)


[حديث: إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة ... ]
4808# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضهم ذكر فيه الضمَّ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غندر.
قوله: (إِنَّ عِفْرِيتًا): (العفريت): القوي النافذ مع خُبث ودَهاء، وهذا هو عدوُّ الله إبليس كما صُرِّح به في رواية، ويحتمل أن يكون غيره، وتكون الواقعة تعدَّدت، وقد قدَّمتُ ذلك في (الصلاة)، وقال هنا بعض حُفَّاظ مِصْرَ: يمكن أن يُفسَّرَ بإبليس، كما رواه مسلم من حديث أبي الدرداء، انتهى.
[ج 2 ص 333]
قوله: ({هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص: 35]): تَقَدَّم الكلام عليه في (الصلاة) مطوَّلًا، وكلام الداوديِّ والقاضي عياضٍ.

(1/8676)


[{وما أنا من المتكلفين}]

(1/8677)


[حديث ابن مسعود: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ... ]
4809# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه [1] جرير بن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن صبيح، وأنَّ (صُبَيحًا) بضمِّ الصاد، وفتح الباء.
قوله: (عَنِ الدُّخَانِ): تَقَدَّم الكلام على (الدخان)؛ هل هو ما قاله هنا الذي رأته قريش، أو أنَّه الذي قبل يوم القيامة فيأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنَ منه كهيئة الزكام؟ في (سورة [2] الروم)، وتَقَدَّمت الإشارة إليه في (الفرقان).
قوله: (كَسَبْعِ يُوسُفَ): يعني: قحطًا وجَدْبًا، وكذا (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): هي القحط والجَدْب.
قوله: (حَصَّتْ [3]): تَقَدَّم أنَّ معناه: استأصلت.
قوله: (أَفَيُكْشَفُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والعذابُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فَكُشِفَ): هو بضمِّ الكاف، وكسر الشين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] زيد في (أ): (أنه)، وهو تكرار.
[2] في (أ): (سور)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فحصَّت).
[ج 2 ص 334]

(1/8678)


(((39))) [الزمر]
قوله: (يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ): (يُجَرُّ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: ({ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28]: لَبْسٍ): هو بفتح اللام، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ سين مهملة.
قوله: ({وَرَجُلاً سَلْمًا [1] لِّرَجُلٍ} [الزمر: 29])، وكذا قوله ثانيًا: ({وَرَجُلًا سَلْمًا} [2]: وَيُقَالُ: {سَالِمًا}): هو في المكانين في أصلنا بفتح السين وإسكان اللام بالقلم، والذي فيه في السبع: {سَالمًا}؛ بألف بعد السين، وكسر اللام، قرأ به ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون بفتح اللام من غير ألف، وليس في العشر شيءٌ غيرَ هذا [3]، وفي «الصحاح»: وقُرِئ: {سَلَمًا}؛ يعني: بفتحتين _كما ذكرته لك عن غير ابن كثير وأبي عمرو_، انتهى، وقد قُرِئ: {سالمًا}؛ بالألف، و {سَلَمًا}؛ بفتح الفاء والعين، وفتح الفاء وكسرها مع سكون العين، وهي مصادر «سَلِم»؛ والمعنى: ذا سلامة، قاله الزمخشريُّ في «تفسيره»، فما في الأصل على قراءة شاذَّة، والله أعلم.
قوله: (الشَّكِسُ): هو بفتح الشين المعجمة، وكسر الكاف، وتُسكَّن، وبالسين المهملة، قال الجوهريُّ: رجل شَكْسٌ _ بالتسكين_ أي: صعب الخُلُق، وقومٌ شُكْسٌ؛ مثل: رجلٍ صِدْقٍ، وقومٍ صِدْقٍ، وقد شَكِس شكاسة، وحكى الفرَّاء: رجلٌ شَكِسٌ، وهو القياس، انتهى، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (وَقَالَ غَيْرُه: {مُتَشَاكِسُونَ} [الزمر: 29]، الرَّجُل الشَّكِسُ): هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.
قوله: (بِحِفَافَيْهِ: بِجَوَانِبِهِ): هو بكسر الحاء المهملة، وبفاءين، بينهما ألف، الفاء الثانية مفتوحة، وبعدها ياء مثنَّاة من تحت ساكنة، ثُمَّ هاء الضمير، وحِفافا الشيءِ: جانباه، وقوله في أصلنا: (بجوانبه) وكذا في أصل لنا آخر دمشقيٍّ، وفي نسخة أخرى: (بجانبيه)، وهذه ظاهرةٌ، وهي الوجه، والله أعلم.

(1/8679)


[{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ... }]

(1/8680)


[حديث: أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا]
4810# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (يَعْلَى) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن مسلم.
تنبيهٌ: كون يعلى هو ابن مسلم، كذا قاله المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس، وقال شيخنا: ويعلى هو ابن حكيم، كما ذكره أبو داود مصرَّحًا به في إسناده، وأمَّا أبو مسعودٍ وخلفٌ؛ فقالا: هو ابن مسلم، وكلاهما يروي عن سعيد بن جُبَير، انتهى، وقد راجعت نسخة عندي مسموعة من «سنن أبي داود» رواية اللؤلؤيِّ، فرأيت الحديث المشار إليه في (كتاب الفتن)، ولم يبيِّنه فيها، والله أعلم.
تنبيهٌ ثانٍ: من اسمه يعلى، وهو يروي عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس: هذا ابن مسلم، ويعلى بن حكيم الثقفيُّ البصريُّ، أخرج له بهذه الطريق البُخاريُّ ومسلم وابن ماجه، وصاحب الترجمة _ابن مسلم_ أخرج له بهذا الطريق البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: قال الواحديُّ في «أسبابه» عن ابن عبَّاس: إنَّ من هؤلاء وحشيًّا قاتلَ حمزة، ذكره في «تفسير القرآن»، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: سمَّى الواحديُّ منهم وحشيَّ بن حرب، انتهى.
قوله: (أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً): منصوب منوَّن، اسم (أنَّ).

(1/8681)


[{وما قدروا الله حق قدره}]

(1/8682)


[حديث: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال ... ]
4811# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو آدم بن أبي إياس، و (شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبِيدَةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، السَّلْمانيُّ، تَقَدَّموا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّم.
قوله: (جَاءَ حبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ): (الحبر): بكسر الحاء وفتحها، وأنكر أبو الهيثم الكسرَ، و (الأحبارُ): جمعٌ، قال الجوهريُّ: والحَبر والحِبر: واحد أحبار اليهود، وبالكسر أفصح؛ لأنَّه يُجمَع على (أفعال) دون (الفُعول)، قال الفرَّاء: هو حِبر؛ بالكسر، يقال ذلك للعالم، وإنَّما قيل: كعب الحِبر؛ لمكان هذا الحِبر الذي يُكتَب به، قال: وذلك أنَّه كان صاحب كتب، قال الأصمعيُّ: لا أدري هو الحِبر أو الحَبر للرَّجُل العالم، وقال أبو عبيد: الذي عندي أنَّه الحَبر؛ بالفتح؛ ومعناه: العالم، انتهى، وقد حكى غيرُ واحد اللغتين، فلا معنى للإنكار، وهذا الحبر لا أعرف اسمه.
قوله: (عَلَى إِصْبَعٍ): تَقَدَّم أنَّ في (الإصبع) عشرَ لغات: تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: أصبوع، وقد نظم بعض فقهاء الحلبيِّين ذلك فقال مع الأنملة:
~…با إصبعِ ثلِّثًا مع ميمِ أنملة…وثلِّثِ الهمزَ أيضًا واروِ أُصبوعا
وقد حُكِيَ: أُنمولة أيضًا، وقد نظم اللغات في الإصبع والأنملة بعض أدباء القاهرة، وأنشدني ذلك فقال:
~…أنمولةٌ وكذا الأصبوع همزَهما…والميمَ والباءَ ثلِّثْ حيث لا واوُ
واعلم أنَّ اللبليَّ حكى في «شرح الفصيح» عن ابن سيده في «المخصص» عن ابن جنِّي: أنَّ في الأنملة من اللغات مثل ما في الإصبع، فعلى هذا فيها أُنمولة؛ لأنَّ الأُصبوع مشهورة، والله أعلم.
قوله: (وَالأَرَضِينَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء وتُسكَّن، وهذا معروف.
قوله: (وَالثَّرَى): هو التراب النَّدِيُّ، وقد فُرِّق في هذا الحديث بين الأرض والثرى.

(1/8683)


قوله: (نَوَاجِذُهُ): (النواجذ): قال ابن قُرقُول: بذال معجمة، وهي هنا الأضراس والأنياب، وقيل: المضاحك، والنواجذ أيضًا: أواخر الأسنان، وهي أضراس العقل، وفي الحديث: «عضُّوا عليها بالنواجذ»؛ أي: بالأنياب، انتهى، وفي «النِّهاية»: «حتى بدت نواجذه»، النواجذ من الأسنان: الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأكثر والأشهر أنَّها أقصى الأسنان، والمراد الأوَّل؛ لأنَّه ما كان يبلغ به الضحك حتَّى يبدوَ آخرُ أضراسه، كيف وقد جاء في صفة ضحكه: (جُلُّ ضحكه التبسُّم)؟! وإن أُريد بها الأواخر؛ فالوجه أن يريد مبالغة مثله في ضحكه من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك، وهو أقيس القولين؛ لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان، وقال الشيخ محيي الدين النوويُّ: النواجذ: الأنياب، وقيل: الأضراس، انتهى.
[ج 2 ص 334]

(1/8684)


[حديث: يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه]
4812# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم كذلك أنَّ (اللَّيْث) هو ابن سعد، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 2 ص 335]

(1/8685)


[{ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض ... }]

(1/8686)


[حديث: إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة]
4813# قوله: (حَدَّثَنِي الْحَسَنُ): هذا هو فيما قيل: الحسن بن شجاع البلخيُّ الحافظ، قاله المِزِّيُّ، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على الحسن هذا في (غزوة خيبر) من هذا التعليق؛ فانظره، وذكرت فيه كلام المِزِّيِّ، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشعبيُّ.
==========
[ج 2 ص 335]

(1/8687)


[حديث: بين النفختين أربعون]
4814# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هذا هو ابن غياث، وقد تَقَدَّم ضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): هو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ ... ) إلى آخره: تنبيهٌ: عند ابن وهب في هذا الحديث: (فأربعون جمعة؟ قال: أَبَيت)، وإسناده منقطع، قاله القُرْطبيُّ في «تذكرته»، قال ابن الأثير في «نهايته» ما لفظه: وفي حديث أبي هريرة: (ينزل المهديُّ فيبقى في الأرض أربعين، فقيل: أربعين سَنةً؟ فقال: أبيتَ، فقيل: شهرًا؟ قال: أبيتَ، فقيل: أربعين يومًا؟ قال: أبيتَ)؛ أي: أبيت أن أعرفه [1]، فإنَّه غيبٌ لم يرد الخبر ببيانه، وإن رُوِيَ: (أبيتُ)؛ بالرفع؛ فمعناه: أبيتُ أن أقول في الخبر ما لم أسمعه، وقد جاء مثله عنه في حديث العدوى والطيرة، انتهى.
وكذا قال النوويُّ في حديث: «بين النفختين أربعون ... » إلى آخره، ولفظه: (أبيتُ أن أجزم بأنَّ المراد أربعون يومًا، أو سنةً، أو شهرًا؛ بل الذي أجزم به أربعون مُجْمَلَةً، وقد جاءت مفسَّرة من رواية غيره في غير «مسلم»: أربعون سَنةً)، انتهى.
وفي «التذكرة للقُرْطبيِّ»: فيه تأويلان: الأوَّل: أبيتُ؛ أي: امتنعت من بيان ذلك وتفسيره، وعلى هذا كان عنده علمٌ من ذلك، سمعه من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، الثاني: أبيتُ؛ أي: أبيت أن أسأل عن ذلك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعلى هذا لم يكن عنده علم من ذلك، والأوَّل أظهر، وإنَّما لم يبيِّنه؛ لأنَّه لم يرهق إلى ذلك حاجة، ولأنَّه ليس من البيِّنات والهدى الذي أُمِر بتبليغه، وقد بَعُدَ ذلك، وقد جاء أنَّ بين النفختين أربعين عامًا، فالله أعلم، وقد تَقَدَّم قبلُ هذا الكلام، وعند ابن وهب في هذا الكلام: (فأربعون جمعة؟ قال: أبيتُ)، وإسناده منقطع، انتهى، وقد تَقَدَّم أعلاه.
و (أبيتُ): في الأماكن الثلاثة في أصلنا حديث النفختين مضمومةٌ بالقلم، وما أتى في الحديث الذي ذكره ابن الأثير يأتي في الحديث الذي ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

(1/8688)


قوله: (إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ)، وفي رواية: (منه خُلِقَ وفيه يُرَكَّب)، قال الدِّمْياطيُّ: العَجْب؛ بالسكون: العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وهو العسيب من الدوابِّ، انتهى، وما قاله هو لفظ «النِّهاية»، والعَجْب؛ بفتح العين، وإسكان الجيم، وبالموحَّدة، وفي «المطالع»: «إلا عجبَ الذنب»، ويقال بالميم، وهو العظم الحديد آخر الصلب مكان الذنب من الحيوان، انتهى، و (عجب الذنب) في الحديث: منصوب على الاستثناء.
فائدة: في كتاب «البعث والنشور» لابن أبي داود _عبد الله بن سليمان بن الأشعث السِّجستانيِّ الحافظ ابن الحافظ، وقد رُوِّيته بالسماع عاليًا بحلب ودمشق_ من حديث أبي سعيد الخدريِّ قيل: يا رسول الله؛ وما عجب الذنب؟ قال: «مثل حبَّة خردلٍ»، وقد رأيته في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديثه أيضًا، ورأيته في «المستدرك» في آخره من حديثه أيضًا، وقال: صحيح، والله أعلم.
ومعنى: (منه خلق وفيه يركب)؛ أي: أوَّل ما خلق من الإنسان هو، ثُمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ يبقيه إلى أن يركَّب الخلقُ منه تارةً أخرى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «النهاية» (&): (تعرفه).
[ج 2 ص 335]

(1/8689)


(((40))) [المؤمن]
قوله: (مَجَازُهَا: مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ): (المجاز): الطريق والمسلك؛ أي: طريق أوائل السور ومسلكها، والظاهر أنَّ معناه: ما قيل في أوائل السور من الحروف المقطَّعة؛ مثل: {الم} [البقرة: 1]، و {الر} [يونس: 1]، و {طس} [النمل: 1]، وغيرها؛ يقال في هذه، والله أعلم، أو تأويل مجازها وصرف لفظها عن ظاهره، والله أعلم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: إنَّه كلام أبي عبيدة في «المجاز» إلى آخر كلام شريح.
قوله: (لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ): (شريح): بالشين المعجمة، والحاء المهملة، و (العبسيُّ)؛ بالموحدة والسين المهملة، وكذا هو في أصلنا وفي أصلٍ لنا دمشقيٍّ، وفي آخر مصريٍّ صحيح: (شريح بن أوفى)؛ بحذف (أبي)، وقد رأيت في «المطالع» في الأسماء في حرف (الهمزة): وشريح بن أبي أوفى العبسيُّ، كذا للأصيليِّ، وعند القابسيِّ: ابن أوفى، ويقالان معًا، انتهى.
…قوله: (يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ…فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ): في {حم} خمسة أقوال معروفة: اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عبَّاس، أو اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة، أو حروف مقطَّعة من أسماء الله الذي هو (الرحمن)، أو هو محمَّد، قاله جعفر بن محمَّد، أو فواتح السور، قاله مجاهد، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101]، وأمَّا قوله: (يُذَكِّرني حم): قيل: معناه: القرآن؛ أي: يستجير منِّي بالقرآن.
تنبيهٌ: أنشد ابن عبد البَرِّ هذا البيت في ترجمة محمَّد بن طلحة بن عبيد الله في «الاستيعاب»، ولم يعزُه لمعيَّنٍ، إلَّا أنَّه قال: حتَّى شدَّ عليه _أي: على محمَّد بن عليِّ بن طلحة_ رجلٌ فقتله، وأنشأ يقول ... ، فذكر هذا البيت من أبياتٍ هو رابعها، ثُمَّ ذكر اختلافًا في قاتل محمَّد بن طلحة، وقاتله الذي أنشد الشعرَ، فيجيء فيه الخلاف في [أنَّه] أنشد أبياتًا ستَّة آخرها: يذكِّرني حم ... ؛ البيت بنحو ما في «البُخاريِّ»، وعزاه لعصام بن مُقْشَعِرٍّ النصريِّ، وقد ذكر شيخنا خلافًا فيمن قتل محمَّد بن طلحة في هذا المكان؛ فانظره إن أردته، وقد ذكر النوويُّ في «مبهمات تهذيبه» فيه أقوالًا: أحدها: عصام النصريُّ، وقيل: كعب بن مدلج من بني منقذ بن طريف، وقيل: شريح بن أبي أوفى العبسيُّ، حكاها ابن باطيش، انتهى.

(1/8690)


فائدةٌ: قال الجوهريُّ: وآل {حم}: سور في القرآن، قال ابن مسعود: آل {حم}: ديباج القرآن، قال الفرَّاء: إنَّما هو كقولك: آل فلان وآل فلان؛ كأنَّه ينسب السور كلَّها إلى {حم}، قال الكُمَيت:
~…وجدنا لكمْ في آلِ {حم} آيةً…تأوَّلها منَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ
قال: وأمَّا قول العامة: الحواميم؛ فليس من كلام العرب، قال أبو عبيدة: الحواميم: سُوَرٌ في القرآن على غير القياس، وأنشد:
وبالحواميم التي قد سُبِّعَتْ
قال: والأولى أن يُجمَع بـ «ذوات حاميم»، انتهى، وسيأتي في هذا «الصحيح» في (باب تأليف القرآن): (آخرهنَّ الحواميم) من قول علقمة، وعلقمة: هو ابن قيس، نخعيٌّ عربيٌّ، أحد الأعلام، ولد في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وترجمته معروفة، وفي «ابن ماجه» من حديث أبي الدرداء قال: (سجدت مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إحدى عشرة سجدة ... ) إلى أن قال: (وسجدة الحواميم)،
[ج 2 ص 335]
وهذا الآخر من الأنصار من العرب العاربة أيضًا، والله أعلم.
قوله: (وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ): هو بالشين المعجمة، وبالجيم المكسورة، يقال: شجره بالرمح؛ أي: طعنه، وتشاجروا بالرماح؛ أي: تطاعنوا.
قوله: ({تَمْرَحُونَ} [غافر: 75]: تَبْطَرُونَ): هو بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، و (البَطَر): الأَشَر، وهو شدَّة المرح، وقد بطِر؛ بالكسر، يبطَر؛ بفتحها.

(1/8691)


قوله: (وَكَانَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يَذْكُرُ [1] النَّارَ): هو العلاء بن زياد بن مطر، أبو نصر العدويُّ البصريُّ، أرسل عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن معاذ وأبي ذرٍّ كذلك، وعن أبي هريرة، ومطرِّف بن الشِّخِّير، والحسن البصريِّ، وعنه: قتادة، ومطرٌ الورَّاق، وأرسل عنه: هشام بن حسَّان، وحمَّاد بن زيد، وجماعةٌ، وكان أحدَ العبَّاد، فعن قتادة قال: بكى زياد بن مطر حتَّى عَمِيَ، وبكى ابنه العلاء حتَّى غَشِيَ بصره، وكان إذا أراد أن يتكلَّم أو يقرأ؛ جهشه البكاء، مناقبه كثيرة، قال ابن حبَّان في «ثقاته»: كان من عبَّاد أهل البصرة وقرَّائهم، مات بالشام سنة (94 هـ)، أخرج له النَّسائيُّ وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود في «المراسيل»، قال الذهبيُّ: قلت: والعلاء بن زياد آخَر، خلَطَهما شيخنا المِزِّيُّ، وهذا عن الحسن، وعنه: حمَّاد بن زيد، انتهى، وقد ذكر الذهبيُّ في «تذهيبه» في ترجمة العلاء بن زياد العابد: حمَّاد بن زيد، عن أيوب وهشام والعلاء بن زياد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إذا التقى المسلمان بسيفَيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار» قال الذهبيُّ: قلت: العلاء بن زياد في هذا الحديث رجلٌ آخرُ متأخِّرٌ، لقِيَه حمَّاد بن زيد، والله أعلم، انتهى.
قوله: (فَقَالَ لَهُ [2] رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟): هذا الرجل لا أعرفه.
قوله: (لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟): (لِمَ): بفتح الميم، استفهامٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، (وتقنِّط): مرفوع؛ لأنَّه لم يتَقَدَّمه ناصب ولا جازم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَنْ تُبَشَّرُوا): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الشين المعجمة المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8692)


[حديث: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله]
4815# قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو عمرو، عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته هذه، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة المكسورة.
قوله: (لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي): تَقَدَّم الكلام على ياء (العاصي)، وأنَّ الصحيح كتابته بالياء مع (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، و (ابن اليماني)، و (عبدُ الله): سيِّدٌ جليلٌ، ابن صَحابيٍّ جليلٍ، رضي الله عنهما.
قوله: (بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ): (أشدِّ): بالجر؛ لأنَّه مضاف، وما لا ينصرف إذا أضيف أو دخله الألف واللام؛ ينجرُّ بالكسرة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ): (عقبة) هذا: كافرٌ معروفٌ مشهورٌ، تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق، وأنَّه قُتِل صبرًا، وذكرتُ المكان الذي قتل به بُعَيد وقعة بدر، أُخِذ منها أسيرًا، وقُتِل هناك.
قوله: (وَلَوَى ثَوْبَهُ): يقال بالتخفيف.
قوله: (خَنْقًا شَدِيدًا): هو بكسر النون والإسكان، تَقَدَّم الكلام عليه قُبَيل (مناقب عمر) رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 336]

(1/8693)


(((41))) [{حم} السجدة]
قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {آتِيَا [1] طَوْعًا أَو كَرْهًا}: أَعْطِيَا [2]، {قَالَتَا آتَينَا [3] طَائِعِينَ} [فصلت: 11]: أَعْطَيْنَا) قال الدِّمْياطيُّ: ليس {آتيا} بمعنى: «أعطِيَا» معروفًا في كلامهم، ثُمَّ قال: قرأ ابن جُبَير: {آتيا طوعًا}؛ على معنى: أعطيا الطاعة، وقرأ ابن عبَّاس: {آتينا طائعين}؛ على المعنى المتَقَدَّم، انتهى.
وقال ابن قُرقُول: (تنبيهٌ على وَهَمٍ في (كتاب التفسير) في «البُخاريِّ»: «{آتيا طوعًا أو كرهًا}؛ أي: أعطيا، {قالتا آتينا}؛ أي: أعطينا»، وليس هذا من باب الإعطاء، لكن من باب المجيء والانفعال للوجود بدليل الآية نفسها، وكذلك فسَّر المفسِّرون: جيئا بما خلقتُ فيكما وأظهِرَاه، ومثله عن ابن عبَّاس، وقد روى سعيد بن جُبَير مثل ما ذكره البُخاريُّ، وهو يُخرَّج على تأويل أنَّهما لمَّا أُمِرا بإخراج ما بُثَّ فيهما من شمس، وقمر، ونجوم، وأنهار، ونبات، ومعدن، وثمار؛ كان كالإعطاء، فعبَّر [4] عن المجيء بما أُودِعَتَا بالإعطاء، انتهى.
واعلم أنَّ {آتيا} و {آتينا} تقرأان بالمدِّ، وكذا هو في أصلنا القاهريِّ، وهذه قراءة شاذَّةٌ، وقد فسَّر البُخاريُّ في «الصحيح» عدَّةَ أماكنَ على قراءةٍ شاذَّةٍ، وليس هذا أوَّلَ مكانٍ فسَّره على الشذوذ، وقال ابن عبد السلام: {ائْتِيَا} [فصلت: 11]: أمر تكوين؛ أي: كونا، لخطاب: (كن) قبل كونهما، وقيل: خاطب بعد التكوين؛ أي: كونا كما أردتُ من حَزْن وسهل، وشدَّة ولين، وغيرها، وقيل: أعطيا الطاعة في السير المقدور، والفعل المأمور لكما؛ دليله: قراءة ابن عبَّاس: {آتيا} و {آتينا}؛ بمدِّ الألف، وقيل: ائتيا معرفتي وعبادتي باختيار وعن اختيار، وقال شيخنا: ليس {آتيا}: بمعنى: أعطيا في كلامهم، لا جرم، قال ابن التين: فيه نظرٌ، إلَّا أن يكون ابن عبَّاس قرأ بالمدِّ، ثُمَّ قال: ونقل غيره عن ابن جُبَير أنَّه قرأها بالمدِّ على معنى: أعطيا الطاعة، وأنَّ ابن عبَّاس قرأ: {آتينا}؛ بالمدِّ أيضًا على المعنى المذكور، انتهى.

(1/8694)


واعلم أنَّ ابن عبَّاس، وابن جُبَير، ومجاهدًا قرؤوا بالمدِّ في {آتيا} و {آتينا}، وفيه وجهان، أحدهما: من المؤاتاة؛ وهي الموافقة؛ أي: لتوافق كلٌّ منهما الأخرى بما يليق بها، وإليه ذهب الرازيُّ والزمخشريُّ، ووزن {آتيا}: (فاعِلا)؛ كقاتلا، و {آتينا}: (فاعَلنا)؛ كقاتلنا، والثاني: أنَّه من الإيتاء؛ بمعنى: الإعطاء، فوزن {آتيا}: (أفعِلا)؛ كأكرِما، ووزن {آتينا}: (أفعَلنا)؛ كأكرمنا، فعلى الأوَّل يكون قد حذف مفعولًا، وعلى الثاني يكون قد حذف مفعولين؛ إذ [5] التقدير: أعطِيَا الطاعة من أنفسكما مَنْ أمركما، قالتا: أعطيناه الطاعة، وقد منع أبو الفضل الرازيُّ الوجه الثاني، فقال: {آتينا}؛ بالمدِّ على وزن (فاعَلنا)؛ من المؤاتاة؛ يعني: سارعنا، على حذف المفعول به، ولا يكون من الإيتاء الذي هو الإعطاء؛ لبعد حذف مفعولَيه، قال الإمام شهاب الدين السمين: وهذا الذي منع الزمخشريَّ أن يجعله من الإيتاء، انتهى كلام السمين في «إعرابه».
تنبيهٌ: عن الإمام السهيليِّ في «أماليه»: أنَّ البُخاريَّ رحمه الله تعالى كان يهم في القرآن، وأنَّه أورد في كتابه آياتٍ كثيرةً على خلاف ما هي عليه في التلاوة، انتهى، واعلم أنَّ الجواب عن البُخاريِّ أنَّها قراءاتٌ بلغته، وقد قدَّمتُ أنَّه قُرِئ بالمدِّ فيها، والله أعلم.
قال السهيليُّ في (التفسير): إنَّ الله سبحانه وتعالى حين قال للسماوات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَينَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] لم يجبه بهذه المقالة إلَّا أرضُ الحرم؛ يعني: مَكَّة، ولذلك حرَّمها، انتهى.

(1/8695)


قوله: (وَقَالَ الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ [6]: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): اعلم أنَّ هذا الموقوف هنا على ابن عبَّاس كذا هو في أصلنا غير موصولٍ، وفي أصل الدِّمْياطيِّ و «أطراف خلف» و «أطراف المِزِّيِّ» موصولٌ، قال فيه البُخاريُّ بعد الفراغ منه: (حَدَّثَنَا [7] يُوسُفُ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَن زَيدِ بِن أَبِي أُنَيْسةَ، عَن المِنْهَالِ بِهَذَا)، وقد رأيته كذلك موصولًا في بعض النسخ العراقيَّة، ونَسَب المنهال فيها، فقال: ابن عمرٍو، انتهى، و (يوسف بن عديٍّ): تيميٌّ مولاهم، كوفيٌّ، حدَّث بمصر عن شريك ومالك، وعنه: البُخاريُّ، وأبو الزنباع روحٌ، والفسويُّ، ثِقةٌ، مات سنة (232 هـ) في ربيع الآخر، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، ولكن يبقى فيه تقديم بعض السند والمتن على بعض السند، والصحيح جوازه، وقد تَقَدَّم، وأمَّا (المنهال): فهو ابن عمرو الأسديُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن ابن الحنفيَّة، وزرِّ بن حبيش، وسعيد بن جُبَير، وجماعةٍ، وعنه: زيد بن أبي أُنَيْسَة، ومنصور، والأعمش، وشعبة، وخلقٌ، ورواية شعبة عنه في «النَّسائيِّ»، قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: ترك شعبةُ المنهالَ عمدًا، قال ابن أبي حاتم: لأنَّه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثِقةٌ، وقال وهب بن جرير عن شعبة قال: أتيت منزل منهال بن عمرو، فسمعت منه صوت الطُّنبور، ولم أسأله، قلت: فهل سألته عسى كان لا يعلم؟ وكلام الناس فيه معروفٌ، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان».
تنبيهٌ: المنهال بن عمرو آخَرُ شيخٌ حدَّث عن شعبة، قال الذهبيُّ: لا أعلم أحدًا تكلَّم فيه، ولا هو بمشهورٍ، انتهى.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): هذا الرجل: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: روى الحاكم في «المستدرك» في (كتاب الأهوال) عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: سأله نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} [المرسلات: 35] ... ؛ الحديث، قال ابن شيخنا: فعلى هذا يُفسَّر المبهم هنا بنافع بن الأزرق؛ فليتأمَّل، انتهى، وقد رأيته في «تلخيص المستدرك» للذهبيِّ [8]، وقال عَقيبه: يحيى ضعَّفه النَّسائيُّ؛ يعني: يحيى بن راشد المازنيَّ المذكور في سنده، انتهى.

(1/8696)


ونافع بن الأزرق هذا: من الحروريَّة، ومن رؤوس الخوارج، ذكره الجُوزجانيُّ في كتاب «الضعفاء»، قاله في «الميزان»، وقد ذكر بعض حُفَّاظ مِصْرَ ذلك فقال: قيل: هو نافع بن الأزرق، وقيل: عطيَّة بن الأسود، انتهى، وعطيَّة بن الأسود في «ثقات ابن حبَّان»: شخص يقال له: عطيَّة بن الأسود، أبو الأسود، عن ابن عمر، وعنه: المغيرة بن مالك، وكذا هو في «كتاب ابن أبي حاتم»، ولم يذكر فيه شيئًا، والظاهر: أنَّه المذكور هنا، وإلَّا لم أعرفه، والله أعلم، ونافع بن الأزرق السائل هنا لا أعرف له ترجمة، ولكنَّ هذا لا يضرُّ السند.
قوله: ({فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101]: فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ نُفِخَ [9] فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ} [الزمر: 68] ... إِلَى أن قال: (ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ): اعلم أنَّ في هذا الكلام أنَّ النفخاتِ ثلاثٌ، وقد اختُلِف فيها؛ هل هي ثلاثٌ كما هنا، أو اثنتان؟ قولان، وقد صحَّح القُرْطبيُّ أنَّهما اثنتان، وسيأتي الكلام على ذلك في (باب النفخ في الصور) إن شاء الله تعالى.
قوله: (تَعَالَوْا نَقُولُ): هو بفتح اللام، وقد قُرِئ شاذًّا: {تَعَالُوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُم} [الأنعام: 151]، ذكرها الصغانيُّ، فهي لغة.
قوله: (فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ): (خُتِم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (عُرِفَ أَنَّ اللهَ): (عُرِف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُكْتَمُ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (وَدَحْوُهَا): وفي نسخة: (ودحيها)، (الدَّحْو): بفتح الدال، وإسكان الحاء المهملتين، وهما لغتان، يقال: دحا يدحو ويدحي؛ أي: بسط.
قوله: (وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ): قال ابن قُرقُول: («وخلق الجِبال والأكوام»؛ بجيم مكسورة، وعند الأصيليِّ: بفتح الجيم، وكلاهما تغيير، والله أعلم، ووجدته محوَّقًا عليه في كتاب النسفيِّ، ولعلَّه «الجبال» تكرر مرَّتين في الحديث، قال ابن قُرقُول: أو تكون «الحبال»؛ بالحاء المهملة؛ أي: الرمال، قال القاضي: أو تكون «البحار» أو «الأشجار»، فغُيِّر، وقد جاء ذلك في أحاديث، كلُّها: أنَّه خلق الدوابَّ يوم الخميس).
[ج 2 ص 336]

(1/8697)


قوله: (وَالآكَامَ): هو في أصلنا بمدِّ الهمزة بالقلم، انتهى، و (الإكام): بكسر الهمزة، وجمع (أكمة)، ويجمع على أُكُم، والأُكُم: على الآكام؛ بالمدِّ، وقد تَقَدَّم في (الاستسقاء).
قوله: (مِمَّا أَمَرَ بِهِ): (أَمَر): بفتح الهمزة والميم؛ أي: أمر الله به.
قوله: (وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ: أَسْعَدْنَاه): كذا هو بالسين في أصلنا وأصلنا الآخر، وعن السهيليِّ: هو بالصاد أقرب إلى تفسير (أرشدناه) من (أسعدناه)؛ بالسين، ثُمَّ شرع يبرهن على ذلك.
قوله: ({يُوزَعُونَ} [فصلت: 19]: يُكَفَّوْنَ): هو بضمِّ المثنَّاة تحت في أوَّله، وفتح الكاف، ثُمَّ فاء مشدَّدة مضمومة، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ كـ {يُوزَعُون}: مبنيٌّ أيضًا.
قوله: (قِشْرُ الْكُفرَّى): قال الدِّمْياطيُّ: وعاء الطلع، وقشره الأعلى، وقيل: هو الطلع حين ينشقُّ، والأوَّل أظهر، انتهى.
وقال ابن قُرقُول: (الكُفرَّى): بضمِّ الكاف، وفتح الفاء وضمِّها، وتشديد الراء، مقصور، وهو وعاء الطلع وقشره الأعلى، هذا قول الأصمعيِّ، وهو الكافور، والكُفُر أيضًا، وقال بعض أهل اللغة: وعاءُ كلِّ شيء كافورُه، وقال الخَطَّابيُّ: الكفرَّى: الطلع بما فيه، وقال الفرَّاء: هو الطلع حين ينشقُّ، قال أبو عليٍّ: وقول الأصمعيِّ هو الصحيح، وقوله فيه: (قشر الكفرَّى): يُصحِّح قول من قال: إنَّه وعاء الطلع، وهو قول الأصمعيِّ، انتهى، وذكر ابن الأثير في (الكفرَّى) اللغتين المذكورتين.
قوله: (هِيَ الْكِمُّ [10] وَاحِدُهَا [11]): أي: واحد الأكمام (كِمٌّ)؛ بكسر الكاف، وتشديد الميم، قال الجوهريُّ: والكِمُّ _ بالكسر_ والكِمامة: وعاء الطلع، وغطاء التنور، والجمع: كمام، وأكمَّة، وأكمام، وأنشد بيتًا للشمَّاخ ثُمَّ قال: والأكاميم أيضًا، وأنشد بيتًا لذي الرُّمَّة، انتهى.
وكذا ذكره غيره، وهو معروفٌ، وأمَّا الكُمُّ؛ بضمِّ الكاف؛ فهو للقميص، والجمع: أكمام وكِمَمَة؛ مثل: حُبٍّ وحِبَبَة؛ فاعلم ذلك، ولا تقرأ ما في «البُخاريِّ» بالضمِّ فتُحرِّفَ، والله أعلم.
قوله: ({مِرْيَةٍ} [فصلت: 54]، وَ {مُرْيَةٍ} وَاحِدٌ؛ أَيِ: امْتِرَاءٌ): {مِرية} الأولى: بكسر الميم، والثانية: بضمِّها، قال شيخنا: قراءة الجماعة بالكسر، وقرأ الحسن بالضمِّ، انتهى.

(1/8698)


قال في «الصحاح»: والمِرية: الشكُّ، وقد تُضَمُّ، وقد قُرِئ بهما قوله تعالى: {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} [هود: 17]، قال ثعلب: هما لغتان.
تنبيهٌ: كان ينبغي أن يذكر ذلك في (سورة هود)؛ لأنَّه أوَّل مكان وقع فيه {مرية} [17]، والله أعلم، ويأتي في ذلك المكان ما أتى في هذا، وتأتي قراءة الحسن فيما يظهر؛ إذ لا فرق، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): ({ائتيا}).
[2] في (أ): (أعطنا)، والمثبت موافق لما في المصادر.
[3] في (أ): (فآتينا) مع سقوط {قالتا}، وليس بصحيح، والمثبت موافق لما في (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({أتينا}).
[4] زيد في (أ): (به)، ولعلَّ حذفها هو الصواب وفاقًا لمصدره.
[5] في (أ): (إذا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[6] زيد في «اليونينيَّة»: (قال)، وهي مستدركة في (ق).
[7] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة»: (حدَّثني).
[8] في (أ): (الذهبي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[9] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصلَّحة: (يُنْفَخ).
[10] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (الكُمُّ).
[11] كذا في (أ)، وهي مستدركة في (ق) ومصحَّح عليها، وهي ثابتة في رواية الأصيليِّ، وليست في رواية «اليونينيَّة».

(1/8699)


[{وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ... }]

(1/8700)


[حديث: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف ... ]
4816# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْياطيُّ: عبد الله بن سخبرة، انتهى، وهذا تَقَدَّم أيضًا.
قوله: (كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ): كذا بالشكِّ، وقد رُوِيَ بغير شكٍّ: (أنَّ رجلين من قريش)، وقد ذكر ابن بشكوال في «مبهماته»: القرشيُّ: هو الأسود بن عبد يغوث، والثقفيُّ الواحد: الأخنس بن شَرِيق، وساق شاهده، انتهى.
وقد عزا ابن شيخنا الإمام أبو زرعة ابن العراقيِّ شاهدَ ذلك إلى تفسير ابن عبَّاس من رواية خلف بن قاسم، وقال شيخنا عن الثعلبيِّ: إنَّ الثقفيَّ اسمُه عبد ياليل بن عمرو بن عمير، وخَتَناه: ربيعة، وصفوان بن أُمَيَّة، ثُمَّ ذكر كلام ابن بشكوال، وعزاه إليه، ثُمَّ قال: وفي «تفسير الجُوزيِّ»: نزلت في صفوان بن أُمَيَّة، وربيعة وحبيب ابني [1] عمرو الثقفيَّين، انتهى.
وقد أخذ ذلك ابن شيخنا البلقينيِّ من شيخنا الشارح، لكن عزاه إلى الثعلبيِّ والبغويِّ، والله أعلم.
قوله: (وَخَتَنٌ لَهُمَا): (الخَتَن): بفتح الخاء المعجمة والمثنَّاة فوق، ثُمَّ النون، وهو ما كان من قبل المرأة؛ مثل: الأب، والأخ، والأختان، هكذا عند العرب، وأمَّا العامَّة؛ فخَتَن الرجل: زوج ابنته، قاله الجوهريُّ.
قوله: (أَتُرَوْنَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ المثنَّاة فوق؛ أي: أتظنُّون.

(1/8701)


[{وذلكم ظنكم} الآية]

(1/8702)


[حديث: اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي كثيرة شحم بطونهم]
4817# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ): تُقرَأ: بإضافة (كثيرة) إلى (شحم)، وكذا (قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ)، وعلى هذا الضبط اقتصر شيخنا في شرحه هنا، وذكر في (كتاب التوحيد): أنَّه ضبطه بضمِّ (كثيرةُ)، وتنوين (شحمٍ)، ورفع (بطونُهم)، وكذا (قليلة ... )، عن ابن التين أنَّه قال: ورُوِّيناه: (كثيرة شحم)، وهو تجوُّزٌ على المعنى؛ أي: كثرت شحم بطونهم، قال ابن التين: وأصوب من ذلك: أن ترفع (كثيرة) بأنَّه خبر مبتدأ مقدَّم، والمبتدأ (بطونهم [1])، وتخفض (شحمًا) بالإضافة، و (قليلة فقه قلوبهم) على هذا، انتهى.
وهو في أصلنا: (كثيرةٌ): مرفوعٌ منوَّنٌ، و (شحمُ): مرفوعٌ غير منوَّنٍ، و (بطونِهم): بالجرِّ مضاف، وكذا (قليلةٌ فقهُ قلوبِهم)، انتهى، ولو قال: (كثيرةٌ) و (قليلةٌ) مرفوعان على الصفة لـ (قرشيَّان وثقفيٌّ أو ثقفيَّان وقرشيٌّ)؛ لجاز، وفي الحديث: تأنيث (الشحم) و (الفقه)؛ لإضافتهما إلى مؤنَّث، أو يؤَّول (الشحم) بالشحوم، و (الفقه) بالفهوم.
قوله: (أَتُرَوْنَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بضمِّ التاء، وفتح الهمزة؛ أي: أتظنُّون.
قوله: (وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا): قائل هذا هو الحميديُّ المذكور في السند عبدُ الله بن الزُّبَير، و (سفيان) المشار إليه: هو ابن عيينة.
قوله: (أَوِ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): و (ابن أبي نجيح): تَقَدَّم أنَّ اسمَه عبدُ الله بن أبي نجيح يسارٍ، وكنية عبد الله: أبو يسار أيضًا، تَقَدَّم مترجمًا، وأمَّا (حُمَيْدٌ)؛ فهو الأعرج، وهو حميد بن قيسٍ المَكِّيُّ القارئ، عن مجاهد، وعكرمة، وعنه: مالك، والسفيانان، تُوُفِّيَ زمن السَّفَّاح، قال الإمام أحمد: ليس بالقويِّ، ورجَّح في «الميزان» توثيقه، ونقله عن أحمد أيضًا، وقال: مات سنة ثلاثين ومئة، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

(1/8703)


[{فإن يصبروا فالنار مثوى لهم} الآية]
4817# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس، أحد الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 337]

(1/8704)


(((42))) [{حم عسق}]
فائدةٌ: قرأَ ابنُ عبَّاسٍ: {حم سق}؛ بإسقاط العين، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود، حكاه الطبريُّ، ذكر ذلك القُرْطبيُّ في «تذكرته» في (الفتن)، وهذه شاذَّةٌ، والله أعلم.
قوله: (ويُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ليس بصحيح على شرطه، فلهذا مرَّضه، والله أعلم.
[ج 2 ص 337]

(1/8705)


[{إلَّا المودة في القربى}]

(1/8706)


[حديث ابن عباس أنه سئل عن قوله: {إلا المودة في القربى}]
4818# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما معنى (البندار)، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، وقد قدَّمتُ ضبطه مرارًا.
قوله: (عَجِلْتَ): هو بكسر الجيم، والتاء مفتوحة للخطاب، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 338]

(1/8707)


(((43))) ({حم} الزُّخْرُفِ) ... إلى (الرَّحْمَن)
قوله: ({وَقِيلَهُ} [الزخرف: 88] ... إلى أن قال: (وَلاَ نَسْمَعُ قِيلَهُمْ): أي: أنَّه منصوب على العطف على المفعول، انتهى، وقد قرأ بالنصب مَن عدا عاصم وحمزة [1]، وقيل: إنَّه منصوب على المصدر؛ أي: مَن شهِدَ وقال قيلَه، وقد قرأ عاصمٌ وحمزةُ: بخفض اللام، وكسر الهاء بالعطف على {السَّاعَةَ} [الزخرف: 66]؛ أي: علم قيلِهِ، وقيل: على القسم، والله أعلم، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في قوله: {وَقِيلَهُ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88] ... إلى آخره: لم يُعيَّن قائله، ثُمَّ قال: فكنت أظنُّه من جملة قول مجاهد، فلم أجده منقولًا عن مجاهد، ثُمَّ وجدت في كلام أبي عبيدة في «المجاز» نحوه، وهو كثير النقل عنه.
قوله: (أَيْ: تُكَذِّبُونَ): هو بكسر الذال المشدَّدة.
قوله: (ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: ({يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]: يَضِجُّونَ): {يصِدُّون} هنا بكسر الصاد، كذا هو مضبوط في أصلنا، وكذا رأيته في نسخة أخرى، وأخرى عراقيَّة، ويجوز ضمُّ الصاد أيضًا، قال الجوهريُّ: وصَدَّ يصُدُّ ويصِدُّ صديدًا؛ أي: ضجَّ، فـ {يصدون} هنا: إن شئت أن تكسر صاده، وإن شئت ضممتها؛ لأنَّهما بمعنًى، وهما قراءتان في السبع، قرأ نافع وابن عامر والكسائيُّ بالضمِّ، والباقون بالكسر، وأمَّا صدَّ؛ بمعنى: أعرض؛ فلا أستحضر فيه إلَّا الضمَّ في المستقبل، غير أنَّ فيه لغةً أخرى، يقال: أصَدَّه عن الأمر، ومعنى قوله تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ أي: يضحكون فرحًا بأنَّ النصارى عبدوا المسيح كما عبدوا الأوثان، وقيل: يعرضون؛ بمعنى: {يصُدُّون}؛ بالضمِّ، وقيل: هما لغتان؛ نحو: شدَّه يشُدُّه ويشِدُّه، أو يقولون: ما يريد محمَّد منا إلَّا أن نتَّخذه إلهًا نعبده؛ كما عبدت النصارى المسيح، وقال شيخنا: {يصِدُّون}: يضِجُّون، بكسر الصاد، ومن قرأ بالضمِّ؛ فالمعنى: يُعرضون، وقال الكسائيُّ: هما لغتان بمعنًى، وأنكر بعضهم الضمَّ، وقال: لو كان مضمومًا؛ لكان (عنه)، ولم يكن {منه}، وقيل: معنى {منه}: من أجله، فلا إنكار في الضمِّ، انتهى.
قوله: ({مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79]: مُجْمِعُونَ): هو بضمِّ الميم الأولى، وكسر الميم الثانية، وهذا ظاهرٌ.

(1/8708)


قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} [الزخرف: 26] ... ) إلى آخره: قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز» بمعناه.
قوله: (الْبَرَاءُ وَالْخَلاَءُ): هما ممدودان، وفتح أوَّلهما، و (الخلاء): بالخاء المعجمة.
قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {إِنَّنِي بَرِيءٌ}؛ بِالْيَاءِ): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود، وهذه شاذَّةٌ؛ فاعلمه.
==========
[1] زيد في (أ): (الكسائي)، وكذا في الموضع اللاحق، وليس بصحيح، انظر «النشر» (2/ 277).
[ج 2 ص 338]

(1/8709)


[{ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك} الآية]

(1/8710)


[حديث: سمعت النبي يقرأ على المنبر: {ونادوا يا مالك}]
4819# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (عَطَاءٌ) هذا: هو ابن أبي رباح فيما يظهر، والله أعلم.
قوله: (وَالأَكْوَابُ: الأَبَارِيقُ الَّتِي لاَ خَرَاطِيمَ لَهَا): كذا هنا، وهو قولٌ فيها، وقال في (الواقعة): (والكوب: لا أذن له ولا عروة)، انتهى، وينبغي أن يحرَّر ما في (الواقعة)، فإنَّ الأذن والعروة واحدٌ، وقال الجوهريُّ: الكوب: كوزٌ لا عروة له، والجمع: أكواب، وفي «القاموس»: الكوب: كوز لا عروة له ولا خرطوم له، ج _ يعني: الجمع_: أكواب، وقال بعضهم في الآية: أوانٍ مدوَّرةُ الأفواه، وقيل: التي ليست لها آذان ولا خراطيم، فيها شرابهم، انتهى، وقال قتادة: الكوب: المدوَّر القصير العنق، القصير العروة، والإبريق: المستطيل الطويل العنق، الطويل العروة، وقال ابن عزيز: أكواب: أباريق لا عُرَا لها ولا خراطيم، واحدها كوب، وقاله الأخفش وقُطْرُب، والذي تَقَدَّم عن الجوهريِّ نحو قول مجاهد والسُّدِّيِّ، وهو مذهب أهل اللغة: التي لا آذان لها ولا عُرَا، وقد تَقَدَّم في (صفة الجنة).
قوله: (فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ): هو بمدِّ الهمزة، وكسر النون.
قوله: (وَهُمَا لُغَتَانِ: رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ): اعلم أنَّ (عَبِدَ)؛ بكسر الموحَّدة: غَضِب أَنَفةً، يعبَد؛ بالفتح، عَبَدًا؛ بالتحريك، فهو عابد وعبِد، و (عبِدٌ)؛ بكسر الموحَّدة: كذا هو بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وكذا هو في أصلنا، قال شيخنا: وقال ابن التين: ضُبِط بفتحها، قال _يعني: ابن التين_: وكذا هو في ضبط كتاب ابن فارس: العَبِد: الأنِف، وكذا في «الصحاح»: العبَد؛ بالتحريك: الغَضَب، وعبِد؛ بالكسر؛ أي: أَنِف، وأمَّا (عبِد)؛ بمعنى: جحد؛ فهو بكسر الباء في أكثر النسخ، وفتحها في المضارع، وفي بعض الروايات فتحها ماضيًا، وضمُّها مضارعًا، وفي أخرى: وكسرها أيضًا، قال: ولم يذكر أهل اللغة (عبِد) بمعنى: جحد، وذكر ابن عزيز: أنَّ معنى {العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: الآنفين والجاحدين، انتهى، وسيأتي ما في ذلك قريبًا.

(1/8711)


قوله: (وَيُقَالُ: {أَوَّلُ العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: الْجَاحِدِينَ، مِنْ عَبِدَ)؛ بكسر الموحَّدة، و (يَعْبَد)؛ بفتحها: كذا في أصلنا وغيره، قال في «القاموس»: وبالتحريك العَبَد: الغضب، والحرب الشديد، والندامة، وملامة النفس، والحرص، والإنكار، عبِد؛ كـ (فرِح) في الكلِّ، انتهى؛ يعني: أنَّ تصريفه كتصريف (فرح) وضبطه، تقول: عبِد يعبَد عبَدًا، فهو عابد وعبِد؛ كفارِح وفرِح، والله أعلم.
قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {وَقَالَ الرَّسُولُ: يَا رَبِّ} [الزخرف: 88]): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ المشهور، أحد المهاجرين؛ أي: قرأ قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88]: {وقال الرسول}، وهي شاذَّة.
==========
[ج 2 ص 338]

(1/8712)


(((44))) [الدخان]
قوله: (يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ): (يَحار): بفتح أوَّله، وبالحاء المهملة المخفَّفة، وفي آخره [1] راء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {تُبَّعٍ} [الدخان: 37]: مُلُوكُ الْيَمَنِ) قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة.
==========
[1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 338]

(1/8713)


[{يوم تأتي السماء بدخان مبين}]

(1/8714)


[حديث: مضى خمس: الدخان والروم والقمر والبطشة واللزام]
4820# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عبدان): لقب له، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء المهملة: محمَّد بن ميمون السكريُّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه إنَّما قيل له: السكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، [وَالْقَمَرُ]، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ): تَقَدَّم الكلام عليها في (الفرقان).
==========
[ج 2 ص 338]

(1/8715)


[{يغشى الناس هذا عذاب أليم}]

(1/8716)


[حديث ابن مسعود: إنما كان هذا لأن قريشًا]
4821# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (باب الصلاة في الجبَّة الشامِيَّة)، و (الجنائز)، و (الدخان): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا أبو معاوية)، نسب ابن السكن الذي في (الجنائز): يحيى بن موسى، وأهمل الموضعين الآخرين، ولم أجدهما منسوبين لأحد من شيوخنا، انتهى، ولم أر هذا المكان في كلام شيخنا، ولا في «أطراف المِزِّيِّ»، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم الضرير، بالخاء المعجمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صُبيح، أبو الضحى، تَقَدَّم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (كَسِنِي يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّ (سني) بالتخفيف، وأنَّ المراد بـ (سَبْعِ يُوسُفَ): سبع سنين قحطٍ وجَدْب.
قوله: (مِنَ الْجَهْدِ): هو بفتح الجيم، المشقَّة، وقال شيخنا: («الجَهد»: بفتح الجيم وضمِّها؛ لغتان، وقيل بالفرق، فبالضمِّ: الجوع، والفتح: المشقَّة)، انتهى.
قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، والآتي: يحتمل أنَّه أبو سفيان صخرُ بن حرب، كما جاء في روايةٍ في «الصحيح» وسيأتي قريبًا: (فقال: إنَّ قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم ... )؛ الحديث، لكنْ فيه نظرٌ؛ لقوله فيه: (يا رسول الله)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذا القائل: هو كعب بن مرَّة، وقيل بالعكس، السُّلَميُّ البهزيُّ، والأوَّل أكثر، قال أبو عمر: كعب بن مرَّة أصحُّ، وقال ابن أبي خيثمة: هما اثنان، ذكر ذلك ابن الأثير، انتهى.
قوله: (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اسْتَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ): سيأتي (فأتاه أبو سفيان)؛ يعني: ابن حرب، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (وفي ترجمة كعب بن مرَّة في «المعرفة» لابن منده بإسناده إليه قال: «دعا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على مضر، فأتيته فقلت: يا رسول الله؛ قد نصرك الله وأعطاك، واستجاب لك، وإنَّ قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم ... »، فذكر الحديث، فهذا أولى أن يُفسَّر به القائل؛ لقوله: «يا رسول الله»، بخلاف أبي سفيان، فإنَّه وإنْ كان جاء أيضًا مستشفعًا، لكنَّه لم يكن أسلم)، انتهى، وهو كلام مليح [1].
قوله: (فَسُقُوا): هو بضمِّ السين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ [2].

(1/8717)


قوله: (الرَّفَاهِيَةُ)، وكذا الثانية: هي بفتح الراء، وتخفيف الياء، و (الرَّفَاهيَة)؛ على (فَعاليَة): السَّعَة في العيش، وكذا الرفاغية؛ بالغين المعجمة: لغة لا رواية.

(1/8718)


[{ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون}]

(1/8719)


[حديث ابن مسعود: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.]
4822# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، وفتح الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): هي القحط والجَدْب، تَقَدَّمتْ.
قوله: (مِنَ الْجَهْدِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/8720)


[{أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين}]

(1/8721)


[حديث: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.]
4823# قوله: (حَصَّتْ): أي: استأصلت، وقد تَقَدَّم.
قوله: (أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والعذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 338]

(1/8722)


[{ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون}]

(1/8723)


[حديث: إن الله بعث محمدًا وقال: {قل ما أسألكم عليه من أجر}]
4824# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو غندر، محمَّد بن جعفر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، (وَمَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحى): مسلم بن صُبَيح، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.
قوله: (وَقَالَ [1] أَحَدُهُمْ): أي: أحد الرجلين، وهما الأعمش ومنصور، وجمعَهُما تعظيمًا، أو على قول: إنَّ الاثنين جمعٌ، وكذا (أَحَدُهُمْ) الثانية، والله أعلم.
[ج 2 ص 338]
قوله: (الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ): كذا في أصلنا، وكذا أحفظها، و (الميتة) معروفة، ورأيت في نسخة صحيحة في هامشها: (والمَنِيئَة)؛ بفتح الميم، وكسر النون، ثُمَّ همزة مفتوحة ممدودة، ثُمَّ تاء التأنيث، انتهى، و (المنيئة): الجلد في الدباغ، وهذا كلام صحيحٌ، ولكنْ أنا لا أحفظها إلَّا (الميتة)، ولا رأيتها في «المطالع» ولا في «النِّهاية»، والله أعلم، ولا أعلم فيها غير ما ذكرت لك من أنَّها (الميتة).
قوله: (فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ): هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّم بعض ترجمته.
قوله: (ثُمَّ قَالَ: يَعُودُوا [2] بَعْدَ): الجادَّة: (يعودون)، وما وقع هنا هو على لغة.
قوله: (أَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَةِ؟): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تعودوا).

(1/8724)


[{يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}]

(1/8725)


[حديث: خمس قد مضين: اللزام والروم والبطشة ... ]
4825# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّم الكلام على يحيى هذا في (الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو مسلم بن صُبَيح، أبو الضحى، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّم الكلُّ.
فائدةٌ: قولة ابن مسعود: (إِنَّمَا كَانَ هَذَا) [خ¦4821]؛ أي: قوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، أشار بذلك إلى ما أخرجه مسلمٌ في أوَّل هذا الحديث، قال: (جاء عبدَ الله رجلٌ فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسِّر هذه الآية: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ... ) إلى آخره، قال بعض حفَّاظ العصر من المِصْريِّين: (يحتمل أن يُفسَّر بأبي مالك الأشعريِّ، فإنَّ الطبرانيَّ أخرج في ترجمته من طريق شريح بن عبيد عنه في أثناء حديثٍ قال: «الدخان يأخذ المؤمنَ كالزَّكمة»)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 339]

(1/8726)


(((45))) [الجاثية]
قوله: (مُسْتَفِزِّينَ [1] عَلَى الرُّكَبِ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (مستوفزين على الرُّكَب)، وهذه ظاهرة، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (مستوفزين).
[ج 2 ص 339]

(1/8727)


[{وما يهلكنا إلا الدهر} الآية]

(1/8728)


[حديث: قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر]
4826# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.
قوله: (يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ): أي: يخاطبني من القول بما يتأذَّى به مَن يصحُّ في حقِّه التأذِّي، لا أنَّ الله سبحانه وتعالى يتأذَّى به.
قوله: (يَسُبُّ الدَّهْرَ): كان من عادة العرب أن تذمَّ الدهرَ وتسبَّه عند النوازل والحوادث، ويقولون: أبادهم الدهر، وأصابهم قوارع الدهر وحوادثُه، ويُكثِرون ذلك في أشعارهم، وقد ذكره الله عنهم فقال: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]، وسيأتي الكلام عليه في (الأدب) إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَأَنَا الدَّهْر): رُوِيَ (الدهر) بالرفع والنصب، والرفع أكثر، والنصب على الظرف، وقيل: على الاختصاص، قال ابن الجوزيِّ: هو باطلٌ من وجوه؛ أحدها: أنَّه خلاف أهل النقل، فإنَّ المحدِّثين المحقِّقين لم يضبطوه إلَّا بالضمِّ، ثُمَّ ذكر وجهين آخرين، انتهى، وقد جوَّز النصبَ جماعةٌ منهم النَّحَّاس، وقال القاضي عياض: نصبه بعضهم على الاختصاص، والظرف أصحُّ، انتهى، وذهب بعضهم إلى أنَّ (الدهر) اسمٌ من أسماء الله تعالى، ولا يصحُّ، وسيأتي هذا في (باب: لا تسبوا الدهر) من (كتاب الأدب) بزيادة.

(1/8729)


(((46))) [الأحقاف]
قوله: (الأَحْقَافُ): تَقَدَّم الكلام عليها في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65]).
قوله: (قَالَ بَعْضُهُمْ: أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَ {أَثَارَةٍ} [الأحقاف: 3]): الأُولى في أصلنا: بفتح الهمزة والثاء، والثانية: بضمِّ الهمزة وسكون الثاء، قال بعض حفَّاظ العصر المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، ورأيت في حاشية نسخةٍ بهذا «الصحيح» ما لفظه: قُرِئَ بستَّة أوجهٍ: {أثارة}، و {إثارة}، و {أَثْرة}، و {أَثَرة}، و {أُثْرة}، و {إِثْرة}؛ كـ (سَلامة، وسِفارة، وضَرْبة، وأَكَمة، ومُضْغة، وصِبْغة)، انتهت، وكتب عليها: (صغ)؛ يعني: من نسخة الصغانيِّ؛ يعني به: الإمام العلَّامة الحسن بن محمَّد اللغويَّ، وقد لقيه الدِّمْياطيُّ، وأنشده بيتين رُوِّيتُهما عن بعض أصحاب الدِّمْياطيِّ عنه.
فائدةٌ: في «مسند أحمد بن محمَّد بن حنبل» الإمام أبي عبد الله، من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما _قال سفيان: لا أعلمه إلَّا عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ قال: «{أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4]، قال: الخطُّ»، ورأيته موقوفًا على ابن عبَّاس في «المستدرك» في (الأحقاف)، وقال: [على شرط] البُخاريِّ ومسلم، وفيه أيضًا عنه موقوفًا: هو جَودة خطٍّ.
قوله: (تَوَعُّدٌ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وفتح الواو، وضمِّ العين المشدَّدة.
قوله: (أَنْ يُعْبَدَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أُبَلِّغُكُمْ [1]): هو بضمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة، وتشديد اللام المكسورة، كذا في أصلنا.

(1/8730)


[{والذي قال لوالديه أف لكما ... }]
قوله: ({وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]): {أُفٍّ} هنا و (الأنبياء) و (سبحان): بالتنوين مع الكسر قرأ نافع وحفص، وقرأ ابن كَثِير وابن عامر: بفتح الفاء من غير تنوينٍ، والباقون: بكسرها من غير تنوين، وفي (أف) عشر لغات حكاهنَّ القاضي عياض وآخرون: ضمُّ الهمزة مع ضمِّ الفاء، وكسرها وفتحها بلا تنوين وبالتنوين، فهذه ستُّ لغاتٍ، و (أُفْ)؛ بضمِّ الهمزة وإسكان الفاء، و (إِفَّ)؛ بكسر الهمزة وفتح الفاء، و (أُفي) و (أُفَّةٌ)؛ بضمِّ الهمزة فيهما، فالواو أصل الألف، و (التفُّ): وسخ الأظفار، وتُستَعمل هذه الكلمة في كلِّ ما يُستَقذَر، وهي اسم فعل يُستَعمل في الواحد والاثنين والجمع بلفظٍ واحدٍ، قال الله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، قال الهرويُّ: يقال لكلِّ ما يُضجَر منه ويستثقل، وقيل: معناه: الاحتقار، مأخوذ من (الأَفَفِ)؛ وهو القليل.
==========
[ج 2 ص 339]

(1/8731)


[حديث: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب ... ]
4827# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ)؛ بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، و (مَاهَكَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهاء، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة، وأنَّه هنا مصروفٌ في أصلنا وغير مصروف بالقلم، و (مَرْوَانُ): هو ابن الحكم، تَقَدَّم أنَّه تابعيٌّ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (مُعَاوِيَةُ): هو ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب، تَقَدَّم، و (يَزِيدُ): هو ابن معاوية، هو الخليفة، تَقَدَّم أنَّه مقدوح في عدالته، قال أحمد ابن حنبل: لا ينبغي أن يُروَى عنه.
قوله: (يُبَايَعَ لَهُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح المثنَّاة تحت بعد الألف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا): (عبد الرَّحمن) هذا: أسلم قبل الفتح، قَتَل يوم اليمامة سبعةً؛ منهم مُحَكِّم اليمامة، روى عنه ابن أخيه القاسمُ وأبو عثمان النهديُّ، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (53 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (شَيْئًا): إن قيل: ما هذا الشيء؟ فالجواب: أنَّه قد أوضحه الإسماعيليُّ: قال له عبد الرَّحمن: ما هي إلَّا هرقليَّة، إنَّ أبا بكر لم يجعلها في أحدٍ من ولده، ولا من أهل بلده، ولا من أهل بيته، فقال مروان: ألست الذي قال الله فيه ... ؟ فذكره، قال شيخنا: وذكر ابن التين أنَّه قال له: أهرقليَّة؟! بيننا وبينكم ثلاثٌ سبقن؛ تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وفي أهله مَن لو جعل الأمر إليه؛ لكان أهلًا لذلك، فلم يفعل، وتُوُفِّيَ أبو بكر وفي أهله مَن لو جعل الأمر إليه؛ لكان أهلًا، وكذلك عمر، رضي الله عنهما، وقال ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»: أهرقلية؟! إذا مات كسرى؛ كان كسرى مكانَه، لا نفعل والله أبدًا، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من العصريِّين: قال مروان: سُنَّة أبي بكر وعمر، فقال له عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ: بل وسُنَّة هِرَقل، بيَّنه الإسماعيليُّ في «مستخرجه»، انتهى.

(1/8732)


قوله: (إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ [اللهُ] فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]): قال الزَّجَّاج: والصَّحيح أنَّها نزلت في الكافر العاقِّ، ولا يجوز أن يقال: إنَّها في عبد الرَّحمن بن أبي بكر؛ لأنَّ الله تعالى قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [الأحقاف: 18]، وعبد الرَّحمن من خِيار المسلمين، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عُذْرِي): يعني: في بني أبي بكر، وأمَّا أبو بكر؛ فأنزل الله تعالى فيه: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40]، و {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29]، {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة: 100]، {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]، في آيٍ كثيرةٍ، والله أعلم.

(1/8733)


[{فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض}]
==========
[ج 2 ص 339]

(1/8734)


[حديث: ما رأيت رسول الله ضاحكًا حتى أرى منه لهواته]
4828# 4829# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): (أحمد عن ابن وهب): تَقَدَّم الكلام عليه مَن هو، وقد قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: أحمد عن ابن وهب، وعنه البُخاريُّ في مواضع: هو أحمد بن صالح، أو أحمد بن عيسى، قال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب عن عمِّه، وليس بشيء، انتهى، وقال شيخنا: وأحمد شيخ البُخاريِّ هو أحمد بن عيسى المصريُّ، كما قاله أبو مسعود وخلف، وعرَّفه ابن السكن بأنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، وغلَّط الحاكمُ قولَ من قال: إنَّه ابن وهب، وقال ابن منده: كلُّ ما قال البُخاريُّ في «جامعه»: «حدَّثنا أحمد عن ابن وهب»؛ فهو ابن صالح، وإذا حدَّث عن ابن عيسى؛ نَسَبَه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: أحمد بن عيسى، ومقتضى كلامه أن يكون كذلك في الرواية منسوبًا.
و (عَمْرٌو) بعد (عبد الله بن وهب): هو عمرو بن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم، و (أَبُو النَّضْرِ): تقدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، واسمه سالم، قال الدمياطيُّ: أبو النَّضر سالم بن أبي أُمَيَّة، مولى عمر بن عبيد الله وكاتبُه، انتهى، و (سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ): بتقديم المثنَّاة تحت.
[ج 2 ص 339]
قوله: (حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ): (اللهوات): بفتح اللام والهاء، جمع (لهاة)؛ وهي اللحمة بأعلى الحنجرة من أقصى الفم، ولفظ «النِّهاية»: اللهوات: جمع لهاة؛ وهي اللحمات في سقف أقصى الفم، انتهى، و (اللهاة): تُجمَع على (لَهًا)؛ بفتح اللام _وتُكسَر أيضًا_ والقصرِ، وقد مُدَّ في الشعر ضرورةً، و (اللَّهَوات واللَّهِيَّات)؛ مثل: العَطِيَّات.
قوله: (عُرِفَ فِي وَجْهِهِ): (عُرِف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وفاعلها مرفوع (الكراهيةُ).
قوله: (الْكَرَاهِيَةُ): تَقَدَّم أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللغة: كراهي.

(1/8735)


(((47))) [{الذين كفروا}]
قوله: (آثَامَهَا): هو بمدِّ الهمزة، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 340]

(1/8736)


[{وتقطعوا أرحامكم}]

(1/8737)


[حديث: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم ... ]
4830# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (مخْلدًا) بإسكان الخاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ): بضمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المشدَّدة، ثُمَّ دال مهملة، اسم فاعل من (زرَّد) المضعف، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ): بتقديم المثنَّاة تحت.
قوله: (فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ): (الحَقْو): بفتح الحاء المهملة، وإسكان القاف، وهو الإزار، والأصل فيه: معقد الإزار، وجمعه: أحقٍ وأحقاء، ثُمَّ سُمِّيَ به الإزار؛ للمجاورة، وقد تَقَدَّم الكلام على (الحقو) في (الجنائز)، ثُمَّ اعلم أنَّه لمَّا جَعَلَ الرَّحِمَ شجنةً من الرَّحمن عزَّ وجلَّ في حديث آخر؛ استعار لها الاستمساك به؛ كما يستمسك القريب بقريبه، والنسيب بنسيبه، و (الحقو) فيه مجازٌ وتمثيل، ومنه قولهم: عُذْت بحَقو فلان؛ إذا استجرتَ به واعتصمت، ولفظ ابن قُرقُول بعد أن فسَّر (الحقو) بالإزار، قال: وأصله: مشدُّ الإزار من الإنسان، وهو الخاصرتان، وقيل: طرفا الوركين، ثُمَّ سُمِّيَ به الإزار، وذكر جمعه ثُمَّ قال: وقوله في الرحم: «أخذت بحقوي الرَّحمن»: قلنا: إنَّ الحقوَ مشدُّ الإزار، ومن شأن المحتزم بحزمة العزيز والمستجير أن يدفع إليه ثوبًا من ثيابه يحتزم به، ويحتمي ممَّن [1] يريده، ثُمَّ الإزار من أوكد ما يُحتَزَم به ويُستجار؛ لأنَّه ممَّا يحامي عليه الإنسان ويدفع به، حتَّى يقال: نمنعه ممَّا نمنع منه أُزرنا، وهي الأحقاء، وكأنَّ المستجير ربَّما أخذ بطرف ثياب المستجار به أو بطرف إزاره، فلا يُسلمه بحال، فاستعير ذلك مجازًا للرحم، واستعاذتها بالله عزَّ وجلَّ من القطيعة؛ لما في ذلك من المبالغة، والتأكيد، والتقريب للمعقول بالمثال المحسوس المعتاد بينهم، انتهى.

(1/8738)


قوله: ([فَقَالَ] لَهُ: مَهْ): كذا في أصلنا، و (الرحم) مؤنَّثة، والمراد هنا _والله أعلم_: فقال له؛ أي: للآخذ والمستعيذ، و (مَه): بفتح الميم، وإسكان الهاء، وهي كلمة زجر، قيل: أصله: ما هذا، ثُمَّ حُذِف استخفافًا، تقال مكرَّرةً ومفردةً؛ ومثله: (بَهْ بَهْ)، وقال يعقوب: هي لتعظيم الأمر كـ (بخٍ بخِ)، وقد تنوَّن مع الكسر، وينون الأوَّل ويكسر الثاني دون تنوين، قاله ابن قُرقُول، ثُمَّ قال بُعَيده: (وقوله: «فقالت الرحم: هذا مقام العائذ بك» هو زجر، ولكنَّه مصروف إلى المستعاذ منه؛ وهو القاطع، لا المستعاذ به سبحانه وتقدَّس، وقيل: هي في الحقيقة ضرب مثل، واستعاره للرحم معنًى؛ وهو اتَّصال القربى بين أهل النسب في أمٍّ وأبٍ، وإذا كان هكذا؛ لم يحتج إلى تأويل «مه»)، انتهى.
وما ذكره هو على رواية أن تكون الرحم قالت: (مه)، وكذا في «النِّهاية» ولفظه: وفي حديث طلاق ابن عمر: قلت: (فمه إن رأيت إن عجز واستحمق)، (فماذا): للاستفهام، فأبدل الألف هاء؛ للوقف والسكت، وفي حديث آخر: «ثُمَّ مه»، ومنه الحديث هذا، وأمَّا هنا؛ فالظاهر أنَّ البارئَ سبحانه وتعالى هو القائل، وإذا كان كذلك؛ فمعناها مذكور فيما تَقَدَّم، والله أعلم.
قوله: (فَذَاكِ): هو بكسر الكاف إشارة إلى المؤنَّث المخاطب.
4831# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو ابن إسماعيل، ثِقةٌ، تَقَدَّم مترجمًا، أخرج له الجماعة، و (مُعَاوِيَةُ) بعده: هو ابن أبي مزرِّد، تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وتَقَدَّم فيما مضى ترجمته، و (أَبُو الْحُبَابِ): بضمِّ الحاء المهملة، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى.
4832# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي الْمُزَرِّدِ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه.
قوله: (بِهَذَا): أي: بالسند المتَقَدَّم، وهو معاوية بن أبي المزرِّد [2] عن عمِّه أبي الحُبَاب سعيد بن يسار عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/8739)


(((48))) [سورة الفتح]
قوله: (السَّحنَة): هي بالسين والحاء المهملتين المفتوحتين، وقد تُسكَّن الحاء، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: في (السين والحاء المهملتين): (السِّحْنة)؛ بسكون الحاء، وكسر السين، كذا قيَّده أبو ذرٍّ، وقيَّده الأصيليُّ وابن السكن بفتح السين والحاء معًا، وهذا هو الصواب عند أهل اللغة، وكذا حكاه صاحب «العين» وغيره، وقال ابن دريد وغيره: (السَّحَنة): مفتوحة، ولا تُسكَّن، قال ابن قتيبة: العامَّة تُسكِّنه، وهي لين البشرة، والنعمة في المنظر، وقيل: الهيئة، وقيل: الحال، ويقال لها: السحناء، وعن الجيَّانيِّ: السَّحْنة، والسُّنحة، والسَّحناء، وحكى الكسائيُّ: السَّحْنة، وحكاه أبو عبيد عن الفرَّاء، وعند القابسيِّ وعبدوس في تفسير {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]: السجدة؛ يريد: أثرها في الوجه هو السِّيما، وعند النسفيِّ: (السُّحنة)، انتهى لفظه.
وفي «الصحاح»: السَّحَنة؛ بالتحريك: الهَيئَة، وقد تُسكَّن، يقال: هؤلاء قوم حسنٌ سَحْنتهم، وكذلك السحناءُ، يقال: إنَّه لحسن السحناء، وكان الفرَّاء يقول: السَّحَناء والتَّأَداء بالتحريك، قال أبو عبيد: ولم أسمع أحدًا يقولهما بالتحريك غيره، وقال ابن كيسان: إنَّما حرَّكنا لمكان حرف الحلق، وفي «النِّهاية»: السَّحنة: وهي بشرة الوجه وهيأته وحاله، وهي مفتوحة السين، وقد تُكسَر، ويقال فيها: السحناء أيضًا بالمدِّ، انتهى.
قوله: (وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ): (منصور) هذا: هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: ({شَطْأَهُ} [الفتح: 29]: فِرَاخَهُ): هو بكسر الفاء، وبالراء، وبعد الألف خاء معجمة، ثُمَّ هاء الضمير، جمع (فرخ)، وجمع شَطْءٍ: أشطاءٌ، قاله الجوهريُّ مقتصرًا عليه، وفي «القاموس»: الشطء: فراخ النخل والزرع، أو ورقه، (ج) _يعني: الجمع_: شُطُوْء، وشَطَأَ؛ كـ «منع» شطْأً وشطُوءًا: أخرجها، ومن الشجر: ما خرج حول أصله، (ج) _يعني: الجمع_: أشطؤ وأشطاء: أخرجها، انتهى.
[ج 2 ص 340]

(1/8740)


قوله: ({دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98]؛ كَقَوْلِكَ: رَجُلُ السَّوْءِ): الثانية بالفتح، قال الجوهريُّ: ساءه يسوءُه سَوْءًا؛ بالفتح، ومَساءةً ومسايأة: نقيض سرَّه، والاسم: السُّوء، وقرئ: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوْءِ} [الفتح: 6]؛ يعني: الهزيمةَ والشرَّ، ومَن فتح؛ فهو من (المَساءة)، وتقول: هذا رجل سَوءٍ؛ بالإضافة، ثُمَّ تدخل عليه الألف واللام، فتقول: هذا رجل السَّوء، وأنشد بيتًا للفرزدق، ثُمَّ قال: قال الأخفش: ولا يقال: الرجل السُّوء، ويقال: الحقُّ اليقين وحقُّ اليقين جميعًا؛ لأنَّ السَّوءَ ليس بالرجل، واليقين: هو الحقُّ، قال: ولا يقال: هذا رجل السُّوء؛ بالضمِّ، انتهى.

(1/8741)


[{إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا}]

(1/8742)


[حديث: لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس]
4833# قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ ... )؛ الحديث: اعلم أنَّ (أَسْلَم) تابعيٌّ حكى قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ كان يكون صحابيًّا، فهي مرسلة، كذا رواه عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن مالك، قال شيخنا الشارح: (قال الدارقطنيُّ: رواه عن مالك عن زيد عن أبيه متَّصلًا محمَّدُ بن خالد بن عثمة، وأبو نوح عبد الرَّحمن بن غزوان، وإسحاق الحُنَينيُّ، ويزيد بن أبي حكيم، ومحمَّد بن حرب المَكِّيُّ، وأمَّا أصحاب «الموطأ»؛ فروَوه عن مالك مرسلًا، وقال القابسيُّ: قوله: «قال عمر: فحرَّكت بعيري ... » إلى آخره: يبيِّن أنَّ أسلمَ عن عمرَ رواه، وكما رواه البزَّار عن محمَّد بن المثنى عن ابن عثمة بلفظ: «قال: سمعت عمر يقولُ»، ثُمَّ قال: «وحدَّثنا الفضل بن سهل: حدَّثنا ابن غزوان: حدَّثنا مالك عن زيد، عن أبيه، عن عمر ... »؛ فذكره، قال: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن عمر إلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم حدَّث به عن زيد بن أسلم إلَّا مالكًا، ولا عن مالك إلَّا ابن عثمة وابن غزوان، قلت: قد سلف عنه غيرهما، ورواه أحمد في «مسنده» عن أبي نوحٍ قراد بن نوح [1]، عن مالك، عن زيد، عن أبيه، عن عمر به)، انتهى.
قوله: (لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ): تَقَدَّم في (الحُدَيْبيَة) فيه سؤالٌ وجواباه، والله أعلم.
قوله: (كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا ... ) إلى أن قال: (قَدْ أُنْزِلَ [2] عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]): كان هذا السفر في غزوة الحُدَيْبيَة، وقد تَقَدَّم متى كانت الحُدَيْبيَة، قال ابن سعد: (أقام بالحُدَيْبيَة بضعة عشر يومًا، ويقال: عشرين ليلة، ثُمَّ انصرف رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فلمَّا كانوا بضَجْنان؛ نزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ... ؛ الحديث، وضَجْنان: جُبَيلٌ على بريد من مَكَّة، وهو بفتح الضاد المعجمة، ثُمَّ جيم ساكنة، وقال شيخنا: نزلت بين الحُدَيْبيَة والمدينة، أو بكُراع الغميم، انتهى، وقد تَقَدَّم ما قاله في (الحُدَيْبيَة).

(1/8743)


قوله: (ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ): (أمُّ): مرفوعة؛ لأنَّها فاعلةٌ، وتَقَدَّم معنى (الثُّكل) في (الحُدَيْبيَة).
قوله: (نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام عليها مطوَّلًا في (الحُدَيْبيَة)، وقد تَقَدَّم لِمَ قال عمر: (نزرت رسول الله في الحُدَيْبيَة)، والله أعلم.
قوله: (كُلَّ ذَلِكَ): تَقَدَّم أنَّها بالنصب على الظرف.
قوله: (فَمَا نَشِبْتُ): هو بكسر الشين المعجمة؛ أي: لبثتُ.
قوله: (أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا): تَقَدَّم أنَّ هذا الصارخ لا أعرف اسمه.
قوله: (فِيَّ قُرْآنٌ): (فيَّ): جارٌّ ومجرور.
قوله: (لَقَدْ أُنْزِلَ [3] عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ): تَقَدَّم في أيِّ مكان نزلت أعلاه وفي (الحُدَيْبيَة).
==========
[1] كذا في (أ) تبعًا لما في «التوضيح» (23/ 249)، وتقدَّم أنَّه أبو نوحٍ عبد الرحمن بن غزوان، ويُعرَف بقراد، انظر تهذيب الكمال (17/ 335).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لقد أُنزِلت).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أُنزِلت).
[ج 2 ص 341]

(1/8744)


[حديث: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} الحديبية]
4834# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ) ضبطًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر.
==========
[ج 2 ص 341]

(1/8745)


[حديث: قرأ النبي يوم فتح مكة سورة الفتح فرجع فيها]
4835# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النِّسبة، وأنَّها إلى جدِّه، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم، وأنَّ (مُغَفَّلًا) صَحابيٌّ أيضًا، وأنَّه بضمِّ الميم، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء المفتوحة.
قوله: (فَرَجَّعَ): هو بتشديد الجيم، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد بيَّن صورة الترجيع في آخر «الصحيح»، وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى وقدَّره.
قوله: (قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِيَ لَكُمْ): (معاوية) هذا: هو ابن قرَّة المذكور في سند هذا الحديث، الراوي عن عبد الله بن مُغَفَّل.
قوله: (لَوْ شِئْتُ): هو بضمِّ تاء المتكلِّم، وكذا (لَفَعَلْتُ)، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 341]

(1/8746)


[{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ... }]

(1/8747)


[حديث: قام النبي حتى تورمت قدماه ... ]
4836# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] زِيَادٌ): هو زياد بن علاقة الغطفانيُّ، وعلاقة: بالكسر والفتح، كنيته أبو مالك الثعلبيُّ، روى عن عمِّه قطبة وجرير البجليِّ، وعنه: شعبة والسفيانان، تُوُفِّيَ سنة (125 هـ) تقريبًا وقد قارب المئة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، و (المُغِيرَةُ): هو ابن شعبة.

(1/8748)


[حديث: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا]
4837# قوله: (أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهو ابن شريح، تَقَدَّم، و (أَبُو الأَسْوَدِ) بعده: هو محمَّد بن عبد الرَّحمن بن نوفل، يتيم عروة.
قوله: (لِمَ تَصْنَعُ هَذَا؟): (لِمَ): بفتح الميم، استفهاميَّة، (تَصْنعُ): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ، وهو بفتح أوَّله، وإسكان الصاد المهملة.
قوله: (فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ؛ صَلَّى جَالِسًا): قال شيخنا: أنكر الداوديُّ قولَه: (فلمَّا كثر لحمه؛ صلَّى جالسًا)، وقال: إنَّما في الحديث: (فلمَّا بدَّن)؛ يعني: كبر، وهذا في رسم الخطِّ يقع على أخذ اللحم وعلى الكبر، فرواه بعضهم على ما يحتمل من التأويل، ونقل غيره: (لمَّا كبر وسمن)، مثل ما هنا، ومن صفاته: أنَّه لمَّا كبر؛ سمن، قال ابن الجوزيِّ: لم يصفه أحد بالسِّمَن أصلًا، ولقد مات وما شبع من خبز الخمير في يوم مرَّتين، وأحسب أنَّ بعض الرواة روى قولها: (لمَّا بدَّن)؛ ظنَّه: كثر لحمه، فإنَّ قومًا ظنُّوا ذلك، وليس كذلك؛ فإنَّ أبا عبيد قال: (بدَّن الرجل تبدينًا؛ إذا أسنَّ)، فيحتمل أن يكون المعنى: لمَّا ثقل عليه حمل لحمه وإن كان قليلًا؛ لأنَّه طعن في السنِّ، انتهى.
وقال في «المطالع»: (فلمَّا بَدُن)، ورُوِيَ: (بَدَّن)، وأنكر ابن دريد وغيرُ واحدٍ ضمَّ الدال؛ لأنَّ معناه: عظم بطنه، وكثر لحمه، قالوا: ولم تكن هذه صفته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قالوا: والصواب: بدَّن؛ أي: أسنَّ وثقل من السِّنِّ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها ما يُصحِّح الروايتين، وذلك قولها: «فلمَّا أسنَّ وأخذ اللحم»، فجمَعَتْ بين السنِّ وأخذ اللحم، ورُوِيَ عنها: (فلمَّا كبر)، و (حتى إذا كَبِر)، وفي حديث آخر: (وكان معتدل الخَلْق، وبدَّن آخر زمانه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم).

(1/8749)


[{إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا}]

(1/8750)


[حديث: أن هذه الآية التي في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك}]
4838# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ): (عبد الله) هذا: قال الذهبيُّ في «تذهيبه» لمَّا ذكر هذا المكان قال: فزعم الكلاباذيُّ واللالكائيُّ أنَّه عبد الله بن صالح العجليُّ، وقال أبو عليٍّ ابن السَّكَن في روايته عن الفربريِّ عن البُخاريِّ: حدَّثنا عبد الله بن مسلمة؛ يعني: القعنبي، وقال أبو مسعود في «الأطراف»: هو عبد الله بن رجاء، قال: والحديث عند عبد الله بن صالح وعبد الله بن رجاء، وقال أبو عليٍّ الغسانيُّ: هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقال أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام القاضي: إنَّما روى البُخاريُّ في (تفسير الفتح) عن عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن عبد العزيز بن أبي سلمة، ولا ذكر لعبد الله بن صالح بن مسلم هناك، ولا في شيء من «الجامع»، وإنَّما قال هذا: أبو الوليد على رواية أبي عليٍّ ابن السَّكَن، قال المِزِّيُّ: وأَولى هذه الأقوال بالصواب قولُ من قال: إنَّه كاتب الليث، ثُمَّ شرع يتبرهن على ذلك، والله أعلم، وقال الذهبيُّ عَقيب ما برهن به المِزِّيُّ: قلت: سمع البُخاريُّ من أربعة اسمهم عبد الله، كلٌّ منهم يروي عن عبد العزيز بن الماجِشُون، وعبد الله الخامس يمكن أن يكون سمع منه، وهو العجليُّ، وأمَّا الأربعة؛ فهم: عبد الله بن صالح كاتب الليث، فهو مُكثرٌ عن الماجِشُون، كما أنَّ البُخاريَّ أكثرَ عنه خارج «الصحيح»، وعبد الله بن يوسف التنيسيُّ، وعبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، وعبد الله بن رجاء الغُدانيُّ، وقد صرَّح ابن حمُّويه عن الفربريِّ عن البُخاريِّ بروايته عن عبد الله بن صالح عن الليث في حديث رواه البُخاريُّ أوَّلًا تعليقًا، فلمَّا فرغ من المتن؛ قال: حدَّثني عبد الله بن صالح عن الليث به، والله أعلم.
قوله: (قَالَ فِي التَّوْرَاةِ): تَقَدَّم لِمَ نقل عبد الله بن عمرو بن العاصي عن التوراة في (البيوع)، وذلك أنَّه كان يحفظها؛ لرؤيا رآها، وقد ذكرت الرؤيا في (البيوع)؛ فانظر ذلك.
[ج 2 ص 341]

(1/8751)


قوله: (وَحِرْزًا): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وإسكان الراء، وبالزاي؛ أنَّه الحافظ، وكذا (الأُمِّيِّينَ) تَقَدَّم، وكذا (لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ) تَقَدَّما، و (الفَظُّ): سيِّءُ الخُلُق، و (الغليظ): شديد القول، وكذا (السَخَّاب)، وأنَّه بالسين المهملة، وتشديد الخاء المعجمة، وفي آخره مُوَحَّدَة، قال القاضي: يقال بالصاد وبالسين، والصاد أشهر، والسين لغة، انتهى، وكذا (الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ): التي غيَّرتها العرب عن استقامتها، وكذا (وَقُلُوبًا غُلْفًا)، وهو مثل قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]؛ معناه: كأنَّه من قلَّة فطنته وانشراحه لا يصل إليه شيءٌ ممَّا يسمع؛ فكأنَّه في غلاف؛ وهو صِوان الشيء، وهو غطاؤه، وهو الأكنَّة، تَقَدَّم.

(1/8752)


[{هو الذي أنزل السكينة}]

(1/8753)


[حديث: تلك السكينة تنزلت بالقرآن]
4839# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاءُ): هو ابن عَازب، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّ عازبًا أيضًا صَحابيٌّ رضي الله عنه.
قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ): هذا الرجل هو أُسَيد بن الحُضَير، وقد تَقَدَّم أنَّ (أُسَيدًا) بضمِّ الهمزة، وأنَّ (حُضَيرًا) بضمِّ الحاء المهملة، وسيأتي كذلك مسمًّى منسوبًا في (باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن).
فائدةٌ: هذه السورة التي قرأها هي (سورة الكهف)، وفي هذا «الصحيح» في (باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن) معلَّقًا من حديث أُسَيد هذا: أنَّها البقرة، قال شيخنا: زعم بعضهم تعدُّد الواقعة، ويحتمل أنَّه قرأهما كلتيهما ... إلى آخر كلامه، انتهى.
قوله: (تِلْكَ السَّكِينَةُ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة)، وما هي، ولُغَتَيها.

(1/8754)


[{إذ يبايعونك تحت الشجرة}]

(1/8755)


[حديث: كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة]
4840# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): [1] (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّموا.
قوله: (أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ): تَقَدَّم الكلام على الروايات في عدد أهل الحُدَيْبيَة، وأنَّ هذا القول هو الأكثر، وتَقَدَّم الكلام على (الحُدَيْبيَة) بلُغَتَيها.
==========
[1] زيد في (أ): (هذا هو)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.
[ج 2 ص 342]

(1/8756)


[حديث: إني ممن شهد الشجرة نهى النبي عن الخذف]
4841# 4842# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، وفي نسخة في أصلنا القاهريِّ وليس في الدِّمَشْقيِّ: (عليُّ بن سلمة)، قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني البُخاري_ في (كتاب الشفعة): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا شَبَابة)، فذكر حديث: (إنَّ [لي] جارين، فإلى أيِّهما أهدي؟)، ثُمَّ قال: وفي (تفسير الفتح): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا شَبَابة)، فذكر هذا الحديث ثُمَّ قال: وهكذا أتى عليٌّ غير منسوب في هذين الحديثين في نسخة الأصيليِّ، ولم ينسبه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ فيهما، فقال أبو نصرٍ في إسناده حديث عائشة _يعني الأوَّل_: هو عليُّ بن سلمة اللبقيُّ، وكذلك نسبه أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي، ونسبه ابن السكن في روايتنا عنه: عليُّ بن عبد الله، وهذا ضعيف عندي، وأمَّا في إسناد حديث ابن مُغَفَّل _يعني: هذا الذي في هذه السورة_؛ فنسبه أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي: عليُّ بن سلمة، ونسبه أيضًا عن الحمُّوي وأبي الهيثم: عليُّ بن عبد الله، ولم ينسب أبو نصر عليًّا في حديث ابن المُغَفَّل، انتهى ملخَّصًا، وفي «أطراف المِزِّيِّ» لمَّا ذكر هذا الحديث المذكور هنا؛ قال: البُخاريُّ في (الأدب) عن آدم، وفي تفسير (سورة الفتح) عن عليِّ بن عبد الله عن شَبَابة، ثُمَّ طرَّفه من عند مسلم، وأبي داود، وابن ماجه؛ فاعلمه، وقد تَقَدَّم في (سورة المائدة) الكلام على ابن سلمة اللبقيِّ، وتعقُّب مغلطاي للمزِّيِّ _والله أعلم_ في رقمه عليه ابن ماجه فقط.
و (شَبَابَةُ): بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الموحَّدة، وهو شَبَابة بن سوَّار، تَقَدَّم مترجمًا، و (عُقْبَةُ بْنُ صُهْبَانَ): بضمِّ الصاد المهملة، ثُمَّ هاء ساكنة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم ضبط والده قريبًا وبعيدًا، وأنَّه صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ): يعني: شهد بيعة الحُدَيْبيَة تحت الشجرة، وقد قدَّمتُ أنَّها كانت سَمُرة، وقدَّمتُ متى كانت الحُدَيْبيَة.
قوله: (عَنِ الْخَذْفِ): (الخَذْف): الرمي بحصًى أو نوًى بين سبَّابتيه، أو بين الإبهام والسبَّابة، والله أعلم، وهو بالخاء المفتوحة، ثُمَّ ذال ساكنة، معجمتين، ثُمَّ فاء.

(1/8757)


قوله: (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ [1] عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ ... ) إلى آخره: هذا يرويه البُخاريُّ بسند الذي قبله عن عليِّ بن عبد الله، عن شَبَابة، عن شعبة، عن قتادة، عن عقبة بن صُهْبان به، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ الأوَّل قال فيه: عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مَغَفَّل، وفي الثاني صرَّح بالسماع من عبد الله بن المغفَّل، هذا على ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وأمَّا أصلنا القاهريُّ؛ فكان فيه كذلك، ثُمَّ ضُرِب على (قال: سمعت)، وخُرِّج: (عن) عوضَها، وصُحِّح عليها، والذي يظهر صحَّةُ ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وإلَّا فلولا ذلك؛ ما كان به حاجة إلى ذكر البول في المغتسل أنَّه يأخذ الوسواس منه، مع أنَّ عقبةَ بن صُهْبان ليس مدلِّسًا، وإنَّما صنع ذلك؛ ليخرج من خلاف من قال في العنعنة بالردِّ مطلقًا وإن لم تكن من مدلِّس، وقد قدَّمتُ ذلك، والله أعلم، وحديث النهي عن البول في المغتسل رواه الأربعة لكنْ من حديث الحسن البصريِّ عن ابن مُغَفَّلٍ، قال التِّرْمِذيُّ: غريبٌ، انتهى، قال شيخنا العراقيُّ: وإسناده صحيحٌ، انتهى، واستدركه الحاكم على البُخاريِّ ومسلم، وذكر له شاهدًا، وأعلَّه عبد الحقِّ بما بيَّن أبو الحسن بن القطَّان وهمه فيه، وفي سنده في «الأربعة»: أشعث بن عبد الله الحدانيُّ، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، وأورده العقيليُّ في «الضعفاء»، وقال: في حديثه وهم، ثُمَّ ذكر له هذا الحديث، وقد ذكر أشعثَ الذهبيُّ في «ميزانه»، وقال في آخر ترجمته: قولُ العقيليِّ: (في حديثه وَهَمٌ) ليس بمُسَلَّمٍ إليه، وأنا أتعجَّب كيف لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلم؟! انتهى، وقد رُوِيَ هذا الحديث موقوفًا، وزعم بعض الحُفَّاظ أنَّه أصحُّ، وكَرِهَ جماعاتٌ من الصَّحابة فمَن بعدَهم البولَ في المغتسل؛ منهم ابن مسعود، حتَّى قال عمر: (إنَّ مَن بال في مغتسله؛ لم يطهر)، وعن عائشة قالت: (ما طهَّر الله رجلًا يبول في مغتسله)، ورخَّص فيه ابن سيرين وغيره، وروى ابن ماجه عن عليِّ بن محمَّد الطنافسيِّ قال: إنَّما هذا في الحظيرة، فأمَّا اليوم؛ فمغتسلاتهم بجصٍّ وصاروج؛ يعني: النَّورة وأخلاطَها والمُقيَّر، فإذا بال وأرسل عليهما الماء؛ فلا بأس، وكذا قال الخَطَّابيُّ عن مغتسلٍ يكون جددًا صلبًا، ولم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويروى عن عطاء: إذا كان يسيل؛ فلا بأس، وفيه كلامٌ لغير مَن ذكرت، قال شيخنا: وأغرب ابن التين فقال: قوله:

(1/8758)


(في البول)؛ يريد: نهيه عَلَيهِ السَّلام عن البول في الماء الدائم الذي يُغتَسل فيه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق) مصحَّحًا عليها، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (قال: سمعتُ).
[ج 2 ص 342]

(1/8759)


[حديث: عن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة]
4843# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ): هذا هو محمَّد بن الوليد البسريُّ؛ من ولد بُسْر بن أبي أرطاة، وإن شئت قلت: بُسْر بن أرطاة؛ بحذف (أبي)، القرشيُّ، يروي عن غُنْدُر _محمَّد بن جعفر المذكور هنا_ والقطَّان، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والمحامليُّ، ثِقةٌ، مات بعد الخمسين ومئتين، أخرج له من روى عنه من الأئِمَّة، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النَّسائيُّ وغيره: ثِقةٌ، و (خَالِدٌ) بعد (شعبة): هو خالد بن مِهران الحذَّاء، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.
==========
[ج 2 ص 342]

(1/8760)


[حديث: يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا]
4844# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ): هذا هو أحمد بن إسحاق بن الحصين المطوعيُّ، أبو إسحاق البُخاريُّ السُّرماريُّ، تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق، وسُرمارة: من قرى بخارى، أحد فرسان الإسلام، ممَّن يُضرَب بشجاعته المثلُ، مع العلم والزهد، تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق مع ضبط بلده، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن عبيد، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر السين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، وبعد الألف هاء لا تاء، ويقرؤه المحدِّثون مصروفًا، وقد رأيته مصروفًا وغير مصروف بالقلم في بعض النسخ الصحيحة، و (السياه): الأسْوَد، فهو صفةٌ، والظاهر أنَّه ليس علمًا في العجمة، والله أعلم، و (حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سَلَمة.
قوله: (كُنَّا بِصِفِّينَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأين هي، وما فيها.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، قال بعض الحُفَّاظ من المعاصرين: الرجل: الأشعث بن قيس، انتهى.
قوله: (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ): (يُدعَون): بضمِّ أوَّله، كذا في أصلنا بالقلم، وكذا رأيته في أصلٍ آخرَ، وكذا كنت أقرؤه، وكذا التلاوة [آل عمران: 23]، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا قال ما لفظه: و (يَدْعُون): بفتح أوَّله، كذا الرواية، وكأنَّ هذا الرجلَ لم يُرِدِ التلاوة، انتهى.
قوله: (فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ): (عليٌّ) هذا: هو ابن أبي طالب الهاشميُّ، الخليفة، رضي الله عنه.
قوله: (قَالَ [1] سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ): تَقَدَّم أنَّ (حُنَيْفًا) بضمِّ الحاء المهملة، وفتح النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ، و (سهل): بدريٌّ جليلٌ، أوسيٌّ، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (38 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ التاء، وهذا ظاهرٌ، و (الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ فيها التخفيفَ والتشديدَ، وعلى (الدَّنِيَّةَ): أنَّها بالهمز وعدمه؛ أي: الخصلة المذمومة.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).
[ج 2 ص 342]

(1/8761)


(((49))) [الحجرات]
قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1]: لَا تَفْتَاتُوا): من الافتيات، الظاهر أنَّ هذا التفسيرَ على قراءة ابن عبَّاس، وقرأ بها يعقوب: بفتح التاء والدال، من التَقَدُّم، وعن بعضهم أنَّه ضبطه بخطِّه كذلك، انتهى، وقد يُشعِر بذلك عزوُ البُخاريِّ هذا التفسير لمجاهد؛ لأنَّ مجاهدًا من طلبة ابن عبَّاس، وقراءة الجماعة من التقديم، والله أعلم.
قوله: ({يَلِتْكُمْ} [الحجرات: 14]: يَنْقُصْكُمْ) بفتح أوَّله، وضمِّ القاف، وقد تَقَدَّم الكلام على (نقص) في (الرعد).
قوله: (يُدْعَى بِالْكُفْرِ [1]): (يُدعَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا جاء هذا القول في (أ) و (ق) بعد قوله: ({يلتكم} ... )، وهو في رواية «اليونينيَّة» متقدِّمٌ عليه.
[ج 2 ص 342]

(1/8762)


[{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الآية]

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب الحافظ ابن حجر العسقلاني

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب - مؤسسة قرطبة المؤلف الحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمة المؤلف اسم المصنف: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلا...