تاريخ الوفاة: 790 هـ
ترجمة المصنف:
الشاطبي (000 - 790 هـ = 000 - 1388 م)
إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي: أصولي حافظ ، من أهل غرناطة، كان من أئمة المالكية
من كتبه (الموافقات في أصول الفقه - ط) أربع مجلدات، و (المجالس) شرح به كتاب البيوع من صحيح البخاري، و (الإفادت والإنشادات - خ) رسالة في الأدب، نشرت نبذة منها في مجلة المقتبس (المجلد الثامن) و (الاتفاق في علم الاشتقاق) و (أصول النحو) و (الاعتصام - ط) في أصول الفقه، ثلاث مجلدات، و (شرح الألفية) سماه (المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكافية - خ) خمسة مجلدات ضخام، كتبت سنة 862 والنسخة نفيسة، في خزانة الرباط (الرقم 6 جلاوي) قال التنبكتي: لم يؤلف عليها - أي على الخلاصة المعروفة بالألفية - مثله، بحثا وتحقيقا، فيما أعلم.
وفي خزانة الرباط (1013 جلاوي) مخطوطة من (الجمان في مختصر أخبار الزمان) منسوبة إليه، فراجعها .
نقلا عن الأعلام للزركلي
====
الإفادات والإنشادات - مؤس سة الرسالة المؤلف الإمام الشاطبي
الإفادات والإنشادات للشاطبي
بسم
الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
مقدمة المؤلف
قال الشيخ الإمام
العالم القدوة الهمام أبو إسحاق سيدي إبراهيم الشاطبي، رحمه الله أما بعد، أيها الأخ الصفي الصديق الوفي، أعانك
الله وسددك، فإني جمعت لك في هذه الأوراق جملة
من الإفادات المشفوعة بالإنشادات، مما تلقيته عن شيوخنا
الأعلام، وأصحابي من ذوي النبل
والأفهام، قصدت بذلك تشويق المتفنن في المعقول والمنقول، ومحاضرة المستزيد من نتائج القرائح والعقول، والله المستعان
وعليه التكلان.
إفادة
إعراب كلمة
من بيت شعر حدثني الشيخ الفقيه القاضي الجليل الشهير الخطير أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر المقري رحمه
الله وأملاه علينا عن الإمام الكبير أبي
حيان بن يوسف بن حيان أنه قال ورد كتاب من الأستاذ أبي عبد
الله محمد بن مثبت الغرناطي
إلى صاحب له يسمى حمزة، وفيه سئل الشيخ قال أبو حيان يعنييني وجدت على ظهر نسخة من المفصل بخط عتيق أن رجلاً سأل
ابن الأخضر بمحضر ابن الأبرش علام انتصب قوله
طويل مقالة أن قد قلت سوف أناله فقال طويل ولا تصحب الأردى
فتردى مع الردي.
فقال سألتك
عن إعرابي كلمة فأجبتني بنصف بيت! فقال ابن الأبرش قد أجابك لو كنت تفهم.
قال أبو حيان فوقعت عليه للحين أن هذا الشطر من قول النابغة،
وهو قوله طويل
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني=وتلك التي تستك منها المسامع مقالةً أن قد قلت سوف أناله=وذلك من تلقاء مثلك رائع يروى
مقالة بالرفع على أنه بدل من أنك لمتني الفاعل،
وبالفتح على ذلك، إلا أنه بناه لما أضافه إلى مبني.
إنشادة
للفخر الرازي
رواها أبو بكر القرشي
أنشدني الشيخ الفقيه القاضي الأعدل أبو بكر محمد بن عمر بن علي القرشي الهاشمي
أبقاه الله في السابع والعشرين لذي الحجة من عام
سبعة وخمسين وسبعمائة قال أنشدني أبي، قال أنشدني شرف الدين
الدمياطي، قال أنشدني تاج
الدين الأرموي قال أنشدني الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي لنفسه طويل.
نهايةُ إقدام العقول عقالُ=أكثرُ سعي العالمين ضلالُ وأروحنا
في وحشة من جسومنا=وحاصل
دنيانا أذى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا=سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا وكم من رجال قد رأينا
ودولةٍ=فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا وكم من جبال قد
علت شرفاتها=رجال فماتوا والجبال جبال
إفادة
صحة حديث
أكلنا مع الشيخ
القاضي أبي عبد الله المقري رحمه الله في عام سبعة وخمسين وسبعمائة، فقال دخلت أنا وأبو عبد الله السطي على الشيخ
الفقيه الصالح العالم أبي محمد عبد الله بن
عبد الواحد المجاصي في أيام عيد، فقدم لنا طعاماً، فقلت له لو
أكلت معنا فنرجو بذلك ما
يرفع من حديث من أكل مع مغفور غفر له فتبسم، وقال لي دخلت على سيدي أبي عبد الله الفاسي بالإسكندرية، فقدم طعاماً فسألته
عن هذا الحديث، فقال دخلت على شرف الدين
الدمياطي فقدم لي طعاماً فسألته عن هذا الحديث، فقال وقع في
نفسي منه شيء فرأيت النبي
صلى الله عليه وسلم في المنام فسألته عنه، فقال لي لم أقله وأرجو أن يكون كذلك.
إنشادة
لابن المفضل المقدسي رواها أبو عبد الله بن مرزوق أنشدني الشيخ الفقيه الخطيب الجليل العالم
الشهير أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن
مرزوق أبقاه الله قال أنشدني شرف الدين يحيى بن أبي الفرج
المصري، قال أنشدنا ابن رواح،
قال أنشدنا أبو الحسن بن المفضل المقدسي من إنشاداته طويل.
تصدر للتدريس كل
مهوسٍ=بليدٍ تسمى بالفقيه المدرس فحق لأهل العلم أن يتمثلوا=ببيت قديمٍ شاع في كل مجلس لقد هزلت حتى بدا من
هزالها=كلاها وحتى سامها كل مفلس
إفادة
سر تشريع ذبح الحيوان
حدثنا الأستاذ الفقيه الجليل الأصولي
أبو علي منصور الزواوي رضي الله عنه أن الفخر بن الخطيب سأل
سيف الدين الآمدي فقال له
لم أجاز الشرع ذبح الحيوان في حق الإنسان، وهو تعذيب له، وتعذيب الحيوان على خلاف المعقول؟ فقال له سيف الدين إتلاف
الخسيس في حق النفيس من مناهج العقول، فقال
له الفخر لو كان كذلك لجاز أن تذبح أنت في حق ابن سينا.
إنشادة
لأبي محمد
بن حذلم
أنشدني الفقيه الجليل الأعدل أبو محمد عبد الله بن عبد الله بن حذلم لنفسه كامل أبت المعارف أن تنال
براحةٍ=إلا براحة ساعد الجد فإذا ظفرت بها
فلست بمدركٍ=أرباً بغير مساعد الجد
إفادة
تأويل فأقبل بهما
وأدبر من حديث الوضوء
سمعت من الشيخ الفقيه الشريف الجليل قاضي
الجماعة أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد الحسيني رضي الله عنه
فيما جاء في الحديث في
صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "فأقبل بهما وأدبر" الحديث
إلى آخره أن
أحسن الوجوه في تأويله أن يكون قدم الإقبال تفاؤلاً، ثم فسر بعد ذلك على معنى أدبر وأقبل.
قال والعرب تقدم في كلامها ألفاظاً على ألفاظ أخر وتلتزمه في
بعض المواضع
كقولهم قام وقعد، ولا تقول قعد وقام، وكذلك أكل وشرب ودخل وخرج. على هذا الكلام العرب، فتكون هذه المسألة من هذا.
قال ويؤيد ما ذكرناه وهو موضع النكتة
تفسيره لا قبل وأدبر في باقي الحديث على معنى أدبر ثم أقبل،
ولو كان اللفظ على ظاهره
لم يحتج إلى تفسير.
إنشادة
لأبي عبد الله المقري
أنشدنا الشيخ
الأستاذ القاضي أبو عبد الله المقري لنفسه بسيط أنبت عوداً بنعماء بدأت بها=فضلاً وألبستها بعد اللحي الورقا
فظل مستشعراً مستدثراً أرجاً=ريان ذا بهجةٍ
يستوقف الحدقا فلا تشنه بمكروه الجنى فلكم=عودته من جميل من
لدن خلقا وأنف القذى عنه
وأثر الدهر منبته=وغذه برجاء واسقه غدقا
إفادة
سند مشابكة للمؤلف
شبك بأصابعي الشيخ الفقيه القاضي أبو بكر بن عمر القرشي أبقاه
الله في الحادي
عشر من شوال عام سبعة وخمسين وسبعمائة قال شبك بأصابعي الشيخ الصالح البقية الفاضلة أبو محمد عبد الله بن علي بن
عبد الله بن سلمون الكناني قال شبك بأصابعي
الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الله الكناني الضرير
شهر بابن الخضار، في شهر
رجب عام اثنين وسبعين وستمائة، بمدينة سبتة قال شبك بأصابعي الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي الحاتمي الطائي، قال شبك
بأصابعي الشيخ أحمد بن مسعود بن شداد المقري
الموصلي، وشبك الشيخ أحمد بن مسعود أصابعه بأصابع الشيخ علي بن
محمد الباجياري، وشبك
الشيخ علي بن محمد أصابعه بأصابع أبي الحسن علي الباغوزاري خطيب باجيار، وقال الباغوزاري رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم في المنام، وقال
يا علي شابكني، فمنم شابكني
دخل الجنة ومن شابك من شابكني دخل الجنة، وما زال يعد حتى انتهى إلى سبعة.
قال الراوي فشبكت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليماً،
واستيقظت، والحمد
لله على هذه النعمة.
قلت وأنا وإن كنت ثامن القوم، فأنا أرجو بركة الانتظام في سلكهم جعلنا الله منهم.
وقال النووي في قوله صلى الله
عليه وسلم: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم
الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ
المذكر
كقوله الله تعالى:
(وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا
عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام
ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل
غبي.
إنشادة
لأبي عبد الله بن رشيد
رواها ابن البنا
أنشدنا الشيخ الفقيه الراوية الرحلة أبو القاسم بن البنا رحمه
الله عند حديث المشابكة
من كتاب المسلسلات لابن الطيلسان وقد سلسلت عليه بعض أحاديث منها قال أنشدني الخطيب أبو عبد الله بن رشيد عند
حديث المشابكة كامل شابكتهم متبركاً بأكفهم=إذ
شابكوا كفاً علي كريمه ولربما يكفي المحب تعالاً=آثارهم ويعد ذاك غنيمة
إفادة
الإشارة للبعيد
باسم الإشارة الموضوع للقريب
سألني الشيخ
الأستاذ الكبير الشهير أبو سعيد فرج بن قاسم بن لب التغلبي أدام الله أيامه عن قول ابن مالك في تسهيل الفوائد في
باب اسم الإشارة وقد يغني ذو البعد عن ذي
القرب لعظمة المشير أو المشار إليه فقال إن المؤلف مثل عظمة
المشير في الشرح بقوله تعالى
"وما تلك بيمينك يا موسى" ولم يبين ما وجه ذلك، فما وجهه؟ ففكرت، فلم
أجد جواباً
فقال وجهه أن الإشارة بذي القرب هاهنا قد يتوهم فيها القرب بالمكان، والله تعالى يتقدس عن ذلك، فلما أشار بذي
البعد أعطى بمعناه أن المشير مباين للأمكنة،
وبعيد عن أن يوصف بالقرب المكاني، فأتى البعد في الإشارة
منبهاً على بعد نسبة المكان
عن الذات العلية، وأنه يبعد أن يحل في مكان أو
يدانيه.
إنشادة
لأبي سعيد بن لب
أنشدني الأستاذ الكبير أبو سعيد
بن لب أبقى الله بركته عشية يوم الأربعاء الثالث لشعبان عام
تسعة وخمسين وسبعمائة، لنفسه:
وهبك وجدت العفو عن كل زلةٍ=فأين مقام العفو من معقد الرضى وكيف بثوب حالك اللون رمت أن=يصير كثوب لم يزل قط أبيضا
إفادة
دعاء للخضر لتفريج
الكروب
حدثني الشيخ الفقيه الأستاذ النحوي الفاضل أبو عبد الله محمد
بن علي البلنسي
رضي الله عنه قال أصابت أبي أزمة شديدة لحقنا بسببها كرب عظيم، فبينما أنا ليلة نائم إذ أتاني رجل حسن القد
والصورة، أشبه رجل بالأستاذ أبي عبد الله بن
الفخار شيخنا رحمه الله فقال لي أين دعاء الخضر عليه السلام،
فقلت له وأين هو؟ فقال لي
قل "اللهم يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا يغلطه المسائل، ويا من لا
يتبرم من
إلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك" قال وقد كنت حفظته قديماً
ونسيته فذكرته
عند ذلك، ثم قال قل " اللهم أد عني الدين وأغنني من الفقر، اللهم خر لي واختر لي، فإني قد عجزت عن صلاح نفسي
وفوضت لك أمري".
فاستيقظت وقد حفظته، فدعوت
الله به فلم يكن إلا يسيراً ثم فرج الله عنا ببركة هذا الدعاء.
قال فلم أزل أدعو
به إثر الصلوات إلى الآن.
قلت وقد سمعته يدعو بهن إثر الصلوات وما تركتهن أنا منذ حدثني بهذا.
إنشادة
لأبي محمد بن الناظر
أنشدني الفقيه الصوفي
المتخلق أبو محمد بن الناظر، قال أنشدت في النوم هاتين البيتين
سريع نحن قسمنا الرزق
بين الورى=فأدب النفس ولا تعترض وسلم الأمر لأحكامنا=فكل عبد رزقه قد فرض
إفادة
وزن إجازة وتصريفها
حدثني الشيخ الفقيه الأستاذ الكبير
النحوي الشهير أبو عبد الله محمد بن علي بن الفخار البيري رحمه
الله أن بعض الشيوخ كان
إذا أتي بإجازة يشهد فيها. سل الطالب المجاز عن لفظ إجازة ما وزنه وتصريفه؟ قلت ولما حدثنا بذلك سألناه عنها، فأملى
علينا ما نصه وزن إجازة إفعالة وأصلها إجوازة
فأعلت بنقل حركة الواو إلى الجيم حملاً على الفعل الماضي لا
استثقالاً، فحركت الواو في
الأصل وانفتح ما قبلها في اللفظ، فانقلبت ألفاً فصارت في التقدير إجازة بألفين فحذفت الألف الثانية عند سيبويه لأنها
زائدة والزائدة أولى بالحذف من الأصلي.
وحذفت الأولى عند الأخفش لأنها لا تدل على معنى زائد وهو المد.
وقول سيبويه
أولى، لأنه قد ثبت عوض التاء من المحذوف في نحو زنادقة، والتاء زائدة و تعويض الزائد من الزائد أولى من تعويض
الزائد من الأصلي للمتناسب، ووزنها في اللفظ
عند سيبويه إفعله، وعند الأخفش إفالة، لأن العين عنده محذوفة.
إنشادة
لأبي عبد الله الشريشي
أنشدني الفقيه الأجل العدل
الأديب الأفضل أبو عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم الخولاني
الشريشي لنفسه سريع.
يا طالب العلم اجتهد إنه=خير من التالد والطارف فالعلم يزكو
قدر إنفاقه=والمال
إن أنفقته تالف
إفادة
وصية ابن الفخار
بعد موته
للمؤلف
لما توفي شيخنا الأستاذ الكبير العلم الخطير أبو عبد الله محمد
بن الفخار،
سألت الله عز وجل أن يرينيه في النوم فيوصيني بوصية أنتفع بها في الحالة التي أنا عليها من طلب العلم، فلما نمت
تلك الليلة رأيت كأني داخل عليه في داره
التي كان يسكن بها، فقلت له يا سيدي أوصني، فقال لي لا تعترض
على أحد، ثم سألني بعد ذلك
في مسألة من مسائل العربية كالمؤانس لي، فأجبته عنها، ولم أذكرها الآن.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد العظيم
أنشدني الفقيه الأجل الأديب
البارع الوزير الحسيب أبو جعفر أحمد بن رضوان بن عبد العظيم
لنفسه من قصيدة يخاطب بها
بعض الطلبة أولها خفيف يا أبا بكر النبيل النبيه=أنا أفديك من نبيل نبيه لا تشن وجهك الجميل بفعل=قد تسمى من أجله بسفيه
واقمع النفس إن أردت نجاحاً=عن محل السفاه
والتشويه واحملنها على المكارم حتى=تتحلى منها بطبع نزيه ولئن
تحملنها على الخير كرهاً=ليس
تخشى الوقوع في المكروه
إفادة
سند مصافحة للمؤلف
صافحت الشيخ
الفقيه القاضي أبا عبد الله المقري في عام سبعة وخمسين وسبعمائة بمصافحته الفقيه الصالح أبا محمد عبد الله بن عبد
الواحد بن إبراهيم المجاصي بمصافحته الشيخ
أبا عبد الله زيان بمصافحته أبا سعيد عثمان بن عطية الصعيدي
بمصافحته أبا العباس أحمد
الملثم بمصافحته لعمر بمصافحته رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
إنشادة
لأبي محمد بن حذلم
أنشدني أخي وسيدي الفقيه الفاضل
أبو محمد بن حذلم لنفسه سريع كم من صديق شاب لي وده=ولم أزل
أرويه من محضه حضوره عين
على وده=وغيبه عين على بغضه ولم أكن أفعل هذا ولا=عجزت أن أجزي عن قرضه لكنه من سرني بعضه=أحب أن اصفح عن بعضه
إفادة
مصادر الرازي في تفسيره
حدثني الأستاذ أبو علي الزواوي عن شيخه الأستاذ الشهير أبي عبد
الله المسفر
أنه قال إن تفسير ابن الخطيب احتوى على أربعة علوم نقلها من أربعة كتب، مؤلفوها كلهم معتزلة فأصول الدين نقلها
من كتاب الدلائل لأبي الحسين.
وأصول الفقه
نقلها من كتاب المعتمد لأبي الحسين أيضاً، وهو أحد نظار المعتزلة؛ وهو الذي كان يقول فيه بعض الشيوخ إذا خالف أبو
الحسين البصري في مسألة صعب الرد عليه
فيها.
قال والتفسير من كتاب القاضي عبد الجبار.
والعربية والبيان من الكشاف
للزمخشري.
إنشادة
لبعض الشعراء في الصحبة والمجاورة
حدثني القاضي أبو
القاسم الحسيني شيخنا رحمه الله قال حدثني جدي للأم، قال كنت بالمشرق فدخلت على بعض المقرئين فألفيت الطلبة يعربون عليه
قول امرئ القيس طويل كأن أبانا في أفانين
ودقه=كبير أناسٍ في بجادٍ مزمل فأنشد ولا أدري أهي له أم لغيره
طويل إذا ما الليالي جاورتك
بساقطٍ=وقدرك مرفوع فعنه ترحل ألم تر ما لاقاه في جنب جاره=كبير أناسٍ في بجادٍ مزمل وسمعت بعض الناس ينشد في هذا
المقصد طويل عليك بأرباب الصدور فمن غدا=مضافاً
لأرباب الصدور تصدرا وإياك أن ترضى بصحبة ساقطٍ=فتنحط قدراً من علاك وتصغرا فرفع أبو من ثم خفض مزملٍ=يبين
قولي مغرياً ومحذرا وهذا معنى قول الشاعر
طويل عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه=فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم=ولا
تصحب الأردى فتردى مع الردي
إفادة
مباحثة في حد العلم
عند ابن الحاجب حدثنا الأستاذ أبو علي الزواوي، قال لما رحل
أبو العباس أحمد
بن عمران اليانوي من بجاية إلى تلمسان تاجراً لم يلبث أن جاء إلى مجلس أبي زيد بن الإمام مشتملاً في زي التجار، فجلس
حيث انتهى به المجلس، فألفاهم يتكلمون في
كتاب أبي عمرو بن الحاجب الأصلي في قوله في حد العلم صفة توجب
تمييزاً لا يحتمل النقيض
فلما أتموا البحث فيه نادى أبو العباس يا سيدنا هذا الحد غير مانع، فإنه ينتقض عليه بالفصل والخاصة. فقال له أبو
زيد عرفنا من أنت؟ فقال له محبكم أحمد بن
عمران. فقال له نشتغل الآن بضيافتك وحينئذ يقع الجواب، فأنزله
منزل الكرامة وسأله عن
حاجته وسبب قدومه من بجاية، فأخبره بأنه أتى متجراً، فأخبر أبو زيد بذلك السلطان أباتاشفين سلطاننا في ذلك الزمان وعرفه
به وأجل قدره، فرفع عنه السلطان كلف المغارم
ووظائف السلع ونقد له إلى ذلك مائتي دينار من الذهب، ثم قال له
أبو زيد إن خف عليك أن
تسلم على أخي فعلت. فلبى دعوته وأتى معه إلى أخيه عيسى فلما رآه قال له سمعنا عنك أنك أوردت على الأخ سؤالاً ارتفع به
شأنك، وحظي عند السلطان مكانك، فأورده
علينا حتى نتكلم فيه، فقرره بين يديه، فقال له يا فقيه إنما
قال ابن الحاجب توجب تمييزاً،
والفصل والخاصة إنما توجبان تميزا لا تمييزاً، وهذا
جوابك.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد العظيم
أنشدني الفقيه الأديب أبو
جعفر بن عبد العظيم لنفسه سريع حاذر طباع الصاحب السوء لا=تغدو
إلى طبعك أو تطرق فالماء
ضد النار لكنه=يعود إن جاورها يحرق
إفادة
سر جعل الكعبة
إلى جهة اليسار في الطواف
حدثنا الأستاذ أبو عبد الله البلنسي
قال حدثنا الأستاذ الخطيب أبو عبد الله محمد بن مرزوق قال سألت
أبي رحمه الله ونحن نطوف
بالبيت الحرام زاده الله تشريفاً فقلت له لم كان البيت يجعل في الطواف إلى جهة اليسار، ولم يجعل إلى جهة اليمين وهو
أشرف؟ فقال لي سرها يا بني أن القلب على جهة
اليسار فجعل الشق اليسار الذي هو محل القلب إلى جهة البيت
ليكون أقرب موافقة لقوله تعالى
"فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم" فقلت له إن الطبيعيين وأهل التشريح
أطبقوا على
أن محل القلب الحقيقي هو الوسط لا الجهة اليسرى ولا اليمنى، نعم وضع رأسه مائلاً ذات اليمين قليلاً وإبرته مائلة
ذات اليسار قليلاً، ثم وقفت المسالة فأنهيتها
إلى الفقيه الطبيب العارف أبي عبد الله الشقوري فقال لي ما قلت للأستاذ حق، إلا أني أقول الحكمة في ذلك وجهان.
أحدهما أن جهة اليمين أقوى من جهة
اليسار، وذلك مشاهد، والطواف سير دوري، ولا شك أن أبعد الجهات
إلى المركز الذي هو جهة
البيت أقوى حركة من الجهة التي هي أقرب إليه فجعل الشق الأيمن الأقوى إلى الحيز الذي الحركة فيه أقوى، والشق الأيسر
الأضعف إلى الحيز الذي الحركة فيه أضعف
ليتعادلا.
الوجه الثاني أن جهة اليسار من القلب هي محل الروح ومنبعه،
ومنه ينبعث في
الشريان الأعظم المسمى بالأبهر إلى جميع الجسد، ولذلك نجد حركة النبض في الجهة اليسرى، والروح أشرف ما في الجسد فجعل
ذلك الشق موالياً للبيت الشريف ليكون الإقبال
على بيت الله بما هو أشرف.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد
العظيم
أنشدني الفقيه الأديب أبو جعفر بن عبد العظيم في الرابع عشر
لرمضان سنة تسع
وخمسين وسبعمائة قطعة له: تتوق إلى الراحات نفسي وإنني=لأعصي هواها تارة وألومها وتأبى سوى ما تشتهي
فأطيعها=وأعلم أني في رضاها ظلومها
إفادة
شروط العالم
كثيراً ما كنت أسمع الأستاذ أبا علي الزواوي يقول، قال بعض العقلاء لا يسمى العالم
بعلم ما عالما بذلك العلم على الإطلاق، حتى
تتوفر فيه أربعة شروط أحدها أن يكون قد أحاط علماً بأصول ذلك
العلم على الكمال.
والثاني أن تكون له قدرة على العبارة عن ذلك العلم.
والثالث أن يكون عارفاً
بما يلزم عنه.
والرابع أن تكون له قدرة على دفع الإشكالات الواردة على ذلك العلم.
قلت وهذه الشروط رأيتها منصوصة لأبي نصر محمد بن محمد الفارابي الفيلسوف في بعض كتبه.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد العظيم
أنشدني الفقيه
أبو جعفر بن عبد العظيم لنفسه في العشر الأوسط لربيع الأول من عام ستين وسبعمائة: لا يخدعنك في امرئٍ=لبس الحلي
ولا الحلل في الناس من تلقاهم=حمر الوجوه
من الخجل
إفادة
إعراب كلمة من آية
ذكر لي الفقيه الأستاذ الفاضل
أبو عبد الله محمد بن البكا عن بعضهم وحكاه ابن مالك في شرح
التسهيل أنه أعرب نفسه من
قوله تعالى "إلا من سفه نفسه" نفسه توكيداً لمن، ومَنْ منصوبة على
الاستثناء واستحسنه،
لأن الناس اختلفوا فيه اختلافاً كثيراً.
فقلت له إن المعنى على الرفع
والتفريغ.
فقال لي أتسلم أن في يرغب ضميراً هو فاعله؟ فقلت نعم، لولا أن
المعنى ما
يرغب عن ملة الإسلام إلا من سفه نفسه فوقف الكلام هاهنا، ثم دلني الأستاذ الكبير أبو سعيد بن لب على ما يؤيد ما ذكرته،
وهو قوله تعالى "ومن يغفر الذنوب إلا الله"
وجهه الزمخشري على التفريغ من جهة المعنى، أي ما يغفر الذنوب
إلا الله.
قال الأستاذ
إلا أن النصب يجوز في نحو هذا على ضعف.
إنشادة
لأبي بكر القرشي
أنشدني القيه القاضي أبو بكر القرشي لنفسه في السابع والعشرين
لذي الحجة من
عام تسعة وخمسين وسبعمائة: إذا ما تبدى منهج الحق واضحاً=تعامى أناس في الضلال وزاغوا جلت لهم الدنيا محاسنها
التي=يزخرف منها زورها ويصاغ فهم نحوها مثل الفراش
تساقطت=على النار ما غير الممات بلاغ وليس صبا الإنسان عذر
فكيف إذ=مضى منه شرخ واستحال
صباغ إلى الله أشكو أمر نفسي فإنها=عن الرشد فيها حيرة ومراغ ويا أسفاً للنعمتين اضيعتا=فهل عائد لي صحة وفراغ
عسى الله ربي أن يمن برحمةٍ=يكون بها في
الصالحين مساغ
إفادة
إعراب آية
حدثنا الشيخ الفقيه القاضي أبو
عبد الله المقري رحمه الله قال سئل أبو العباس بن البنا رحمه
الله وكان رجلاً صالحاً،
في قوله تعالى "قالوا إن هذان لساحران" لِمَ لَمْ تعمل إن في هذان؟ فقال لما لم يؤثر القول في المقول لم يؤثر
العامل في المعمول. فقال له يا سيدي إن هذا لا
ينهض جواباً، فإنه لا يلزم من بطلان قولهم بطلان عمل إن، فقال
له إن هذا الجواب نوارة
لا تحتمل أن تحك بين الأكف.
إنشادة
لأبي القاسم بن أبي
العافية
رواها أبو بكر القرشي أنشدني الفقيه القاضي أبو بكر عمر القرشي
الهاشمي، ونقلته
من خطه، قال أنشدني الشيخ الفقيه القاضي المتفنن المتخلق أبو القاسم الخضر ابن بي العافية لنفسه، ونقلته من خطه
خفيف صالح الدهر بالقناعة عنه=وانتظر عند شدة
الضيق فرجه
إفادة
دعاء يحمله المؤلف
بسند مرفوع إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم
سمعت الشيخ القاضي الشهير أبا عبد الله المقري رحمه الله يوماً يقول وقد استقبل القبلة قائماً في
المسجد الجامع بغرناطة عام سبعة وخمسين
وسبعمائة: "يا رب إليك المشتكى، وبك المستغاث، وأنت
المستعان" ولم أسمع منه غير ذلك،
ثم اطلعت بعد في تلخيص قيد فيه أصل نسبه وقراءته وأسماء شيوخه على أصل هذا الدعاء عند ذكره الشيخ الصالح أبا محمد
المجاصي، رحمه الله، ونص ما وجدته من خط
المجاصي ثم قرأته عليه فحدثني، قال حدثني القاضي أبو زكرياء
يحيى بن محمد بن يحيى بن
أبي بكر بن عصفور، قال حدثني جدي يحيى المذكور أخبرنا محمد بن عبد الرحمن التجيبي المقرئ بتلمسان، حدثنا الحافظ
أبو محمد يعني والله أعلم عبد الحق الإشبيلي
حدثنا أبو غالب أحمد بن الحسن المستعمل أخبرنا أبو الفتوح عبد
الغافر بن الحسين بن أبي
الحسن بن خلف الألمعي، أخبرنا أبو نصر أحمد بن إسحاق النيسابوري ملاه علينا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني
أخبرنا محمد بن علي بن الحسين العلوي حدثنا
عبد الله بن إسحاق اللغوي وأنا سألته، حدثنا إبراهيم بن الهيثم
البلوي، حدثنا عبد الله
بن نافع عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"قال لي جبريل ألا أعلمكم الكلمات التي قالهن
موسى حين انفلق البحر؟ قلت بلى، قال، قل اللهم لك الحمد ولك
المشتكى ولك المستغاث، والله
المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
قال ابن مسعود ما
تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تسلسل الحديث
على ذلك كل أحد
م رجاله يقول ما تركتهن منذ سمعتهن من فلان لشيخه، وقد سمعت المجاصي يكررها كثيراً، وما تركتهن منذ سمعتهن منه،
انتهى.
قلت وأنا أحمل هذا الحديث عن
الشيخ أبي عبد الله المقري بالإجازة العامة وما تركتهن منذ
سمعته منه ما سمعت منهن واطلعت
على ما بقي، جعلنا الله من المهتدين.
إنشادة
لأبي عبد الله
بن بقي
أنشدني الفقيه الأستاذ الفاضل أبو عبد الله محمد بن محمد بن
بقي لنفسه
بسيط لم يشتر الشهد شخص صنوه الكسل=فلست أول صب خانه الأمل لا عتب إن خلفوني في الحضيض لقد=أشدو به عم صباحاً أيها
الطلل ورافقوا العير دوني في مسيرهم=فربما
قصرت من دونهم علل كم أنجدوا كلما أتهمت وانتهضوا=نحو البقاع
وبالعلياء قد نزلوا حدوا
قرائح منهم غيرهم، وأنا=لا ناقةٌ لي أحدوها ولا جمل من لي بإدراك آثار لإلفهم=وكيف ذاك وطرفي ظالع هزل
إفادة
خصائص محاح البيض
جرى لنا يوماً
بين يدي الأستاذ الكبير أبي سعيد بن لب أبقاه الله أنه حكى أن طعام، فرعون كان محاح البيض ليقل برازه فإنها قليلة
الفضلة، فأنهيت المسألة إلى الفقيه الطبيب
أبي عبد الله الشقوري، فقال الدليل على قلة فضلتها ثلاث أشياء
أحدها أن فيها سرعة الانفعال
للمضغ وهو دليل عام عند الأطباء في الأغذية فإنهم يقولون كل ما عسر مضغه عسر هضمه، وإذا عسر هضمه فضل أكثره،
وبالضد.
والثاني أن ابن سينا جعل محاح البيض
من أدوية القلب فإنها تكثر دم القلب ودم القلب ألطف من كل دم
يكون في البدن، وما كان
هكذا فحقيق بأن لا تكون له فضلة يعتد بها.
والثالث أنه غذاء الطير عند
تكوينه من البيض في جوف البيضة، مع أنك لا ترى له فضلة عند
خروجه منها، فهذا دليل على
قلة فضلته.
إنشادة
لمحمد بن الرقام
رواها ابن حذلم
أنشدني الفقيه الفاضل أبو محمد عبد الله بن حذلم، قال أنشدني
الفقيه الأجل الكاتب
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن الشيخ الأجل الأستاذ العالم المتفنن الشهير أبي عبد الله بن الرقام قال
أنشدني أبي، قال أنشدني أخي محمد لنفسه بسيط جل
في البلاد تنل عزاً ومكرمةً=في كل أرض تكن تلقى مناك بها جل
الفوائد في الأسفار مكتسب=والله
قد قال فامشوا في مناكبها قال لي الفقيه أبو محمد عبد الله بن حذلم، فقلت له إني أحفظ للإمام الشهير أبي
حيان بن يوسف بن حيان النفزي قطعة في هذا
المعنى والقافية والتزام التجنيس، وهي بسيط يا نفس مالك تهوين
الإقامة في=أرضٍ تعذر كل
من مناك بها أما تلوت وعجز المرء منقصة=في محكم الوحي "فامشوا في
مناكبها" قال فقضينا
العجب من هذا الاتفاق الغريب.
وقلت ووجدت أنا بخط الفقيه الأديب البارع
أبي عبد الله محمد ابن الشيخ الأستاذ الشهير أبي القاسم بن جزي
قطعة له وهي وافر ومعسول
اللمى عادت عذابا=على قلبي ثناياه العذاب وقد كتب العذار بوجنتيه=كتاباً حظ قارئه اكتئاب وقالوا لو سلوت، فقلت
خيراً=وأني لي، وقد سبق الكتاب ثم كتب بعدها ما
معناه أني عرضتها على شيخنا أبي القاسم الشريف بعد نظمها بمدة
يسيرة، فقال لي قد نظمت
هذا المعنى في العروض والقافية في هذه الأيام اليسيرة، وأنشدني وافر وأحور زان خديه عذار=سبى الألباب منظره العجاب أقول
لهم وقد عابوا غرامي=به إذ لج للدمع انسكاب
أبعد كتاب عارضه يرجى=خلاص لي، وقد سبق الكتاب وهذا
غريب.
إفادة
الاسم المعدول في كل العرب
قال لنا الشيخ الفقيه
الأستاذ القاضي أبو عبد الله المقري رحمه الله إن أهل المنطق
وغيرهم يزعمون أن الأسماء
المعدولة لا تكاد توجد في كلام العرب، وهي موجودة في القرآن، وذلك قوله تعالى "لا فارض ولا بكر"، قال
فإن زعم زاعم أن ذلك على حذف المبتدأ ودخلت لا على
الجملة، وتقديره لا هي فارض ولا هي بكر، قيل له إن كان يسوغ لك
ذلك في هذا الموضع فلا
يسوغ في قوله تعال "لا شرقية ولا غربية" فصح أن الاسم المعدول موجود في
فصيح كلام
العرب.
إنشادة
للترجمان من سماع
ابن بقي في النوم
أنشدني الفقيه الفاضل أبو عبد الله محمد بن سعد بن بقي، قال
سمعت في جمادي الأولى
عام ستة وخمسين وسبعمائة، ذات ليلة في النوم رجلاً يعرف بالترجمان ينشد هذين البيتين، ولم أسمعهما قط، وهما مخلع
البسيط.
يا صاحبي قفا المطايا=وأشفقا فالعبد
عبده إذا انتهى وانقضى زمان=هل يرسل الله من يرده؟
إفادة
تصحيف أقوال
حدثني الأستاذ القاضي أبو عبد الله المقري قال كان أبو زيد بن
الإمام يصحف قول
الخونجي في الجمل والمقارنات التي يمكن اجتماعه معها فيقول والمفارقات قال ولعله في هذا كما قال أبو عمرو بن
العلاء للأصمعي لما قرأ عليه مجزؤ الكامل وغررتني
وزعمت أنك=لابن بالضيف تامر فقال وغررتني وزعمت أنك=لا تني
بالضيف تامر فقال أنت في تصحيفك
أشعر من الحطيئة.
قلت وكذلك كان شيخنا القاضي يصحف قول ابن مالك في خطبة التسهيل ويعترف العارفون برشد المقرئ
بتحصيله فكان يقول يرشد المقرئ بتحصيله ثم رجع
عنه حين قرأناه عليه.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد العظيم
أنشدني الفقيه
الأديب أبو جعفر بن عبد العظيم لنفسه متقارب أيا باسطاً للأماني اتئد=فما يعرف البسط إلا بقبض أتنصب للحال
مستأمناً=وصرف الزمان برفع وخفض وتطمع في أملٍ
كاذب=وقد نابك الدهر من غير عض خذ البعض واقنع فإن الجمي=ع
للأخذ تصحيف مقلوب بعض
إفادة
وضع الجملة الاسمية موضع الفعلية في آيات قرآنية
حكى لنا الأستاذ الشهير أبو سعيد بن لب أبقاه الله أن الفارسي
قال وجدت في القرآن
من وضع الجملة الاسمية موضع الفعلية قوله تعالى "أعنده علم الغيب فهو يرى" .
فقوله فهو يرى جملة اسمية في موضع فعلية.
وقال ابن جني وجدت أنا موضعاً
آخر، قوله تعالى "أم عندهم الغيب فهم يكتبون" وقال
أبو الحسن الأبهري وجدت أنا موضعاً
آخر قوله تعالى "سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون".
وقال الأستاذ أبو
سعيد وجدت أنا موضعاً آخر، قوله تعالى "أم أنزلنا عليهم
سلطاناً فهو يتكلم بما كانوا
به يشركون".
قلت ووجدت أنا موضعاً آخر، قوله تعالى "أم تسألهم أجراً
فهم من
مغرمٍ مثقلون". على أني وجدت بعد هذا لأبي علي الفارسي في التذكرة موضعاً
آخر، قوله
تعالى "هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء".
إنشادة
لأبي عبد الله الشريف
أنشدني الفقيه الشريف أبو
عبد الله لنفسه طويل أيا منكراً أن عارض الشيب عارضي=على أن
عهدي بالولاء قريب ألا إن
نور الشيب في الوجه قد سرى=من القلب لما سار وهو منيب لدن أن فطمت النفس عن كأس لذةٍ=وأورثتها ما الجسم منه يذوب
إفادة
أسئلة وجهت لابن خميس
بسبتة
حدثنا الأستاذ الكبير الشهير أبو عبد الله بن الفخار شيخنا
رحمه الله قال حدثني
بسبتة بعض المذاكرين أن ابن خميس لما ورد عليها بقصد الإقراء بها اجتمع إليه عيون طلبتها فألقوا عليه مسائل من غوامض
الاشتغال، فحاد عن الجواب بأن قال لهم أنتم
عندي كرجل واحد، يعني أن ما ألقوا عليه من المسائل إنما تلقوها
من رجل واحد، وهو ابن
أبي الربيع فكأنه إنما يخاطب رجلاً واحداً ازدراء بهم، فاستقبله أصغر القوم سناً وعلماً فقال له إن كنت بالمكان
الذي تزعم فأجبني عن هذه المسائل من باب معرفة
علامات الإعراب التي أذكرها لك، فإن أجبت فيها بالصواب لم تحظ
بذلك في نفوسنا لصغرها
بالنظر إلى تعاطيلها من الإدراك والتحصيل، وإن أخطأت فيها لم نسكنك هذا البلد، وهي عشرة الأولى أنتم يا زيدون
تغزون.
والثانية أنتن يا هندات
تغزون.
والثالثة أنتم يا زيدون ويا هندات تغزون.
والرابعة أنتن يا هندات
تخشَيْنَ.
والخامسة أنتِ يا هند تَخْشين.
السادسة أنت يا هند
ترمين.
السابعة أنتن يا هندات ترمين.
الثامنة أنتن يا هندات تمحين أو تمحون
كيف تقول؟
التاسعة أنتِ يا هند تمحين أو تمحون، كيف تقول؟
العاشرة أنتما تمحوان
أو تمحيان، كيف تقول؟
فهل هذه الأفعال كلها مبنية أو معربة أو بعضها مبني وبعضها معرب؟ وهل هي كلها على وزن واحد
أو على أوزان مختلفة؟ علينا السؤال وعليك
التمييز. هلم الجواب؟
فبهت الشيخ، وشغل المجلس بأن قال إنما يسئل عن هذا صغار الولدان! فقال له الفتى فأنت دونهم إن
لم تجب. فانزعج الشيخ، وقال هذا سوء أدب،
ونهض منصرفاً ولم يصبح إلا بمالقة متوجهاً إلى هذه الحضرة
حرسها الله ولم يزل بها مع
الوزير ابن الحكيم إلى أن مات جميعهم رحمة الله عليهم.
الجواب عن هذه المسائل
أما تغزون من الأولى فمعرب، ووزنه أصلاً تفعلون ولفظاً. تَفْعُون وعن الثانية مبني لإلحاق نون الإناث، ووزنه
تفعُلْن.
وعن الثالثة على التغليب إن رده
إلى الأول يلحق بالأول، وعلى رده إلى الثاني كالثانية، يلحق
بالثانية.
وأما تخشين
من الرابعة فمبني لنون ووزنه تفعُلْن.
وعن الخامسة معرب، ووزنه أصلاً
تفعلين ولفظاً تفعين.
وأما ترمين من السادسة فمعرب، ووزنه أصلاً تفعلين ولفظاً تفعين.
وعن السابعة مبني للنون، ووزنه تفعلن.
وأما تمحون وتمحين من الثامنة
فهما لغتان، وهما مبنيان للنون.
والتاسعة لا يقال إلا تمحين بالياء خاصة فتتفق اللغتان، ووزنها تفعين كتمشين.
وأما تمحيان من العاشرة فعلى لغة الياء لا إشكال وعلى الواو فيظهر من كلام النحويين أنه
لا يجوز إلا بالواو وشد يشيان.
إنشادة
لابن رشيد رواها
أبو بكر بن القرشي
أنشدني الفقيه القاضي أبو بكر بن القرشي يوم عاشوراء من عام
ستين وسبعمائة قال أنشدني
أبي يوم عاشوراء، قال أنشدني الخطيب أبو عبد الله بن رشيد في يوم عاشوراء لنفسه سريع صيام عاشورا أتى ندبه=في
سنةٍ محكمةٍ قاضيه قال النبي المصطفى إنه=تكفير
ذنب السنة الماضية ومن يوسع يومه لم يزل=من عامه في عيشة راضيه
إفادة
حتى الابتدائية
قال لنا الشيخ القاضي الكبير الشهير
أبو القاسم الحسني يوماً، وقد جرى ذكر حتى التي للابتداء وأن
معناها التي يقع بعدها الكلام
سواء كان ذلك متعلقاً بما قبله لم يتم دونه أو لا يكون الأمر كذلك. فقال حدثني بعض الأصحاب أنه سمع بمالقة رجلاً
يصلي أشفاع رمضان فقرأ من سورة الكهف إلى
قوله تعالى "ثم ابتع سبباً" فوقف هناك وركع وسجد،
قال ظننت أنه نسي ما بعده ثم ركع وسجد
حتى يتذكر بعد ذلك ويعيد أول الكلام، فلما قام من السجود ابتدأ القراءة بقوله تعالى "حتى إذا بلغ" فلما أتم
الصلاة قلت له في ذلك أليست حتى الابتدائية؟ قال
القاضي فيجب أن يفهم أن الاصطلاح في حتى وفي غيرها من حروف
الابتداء ما ذكر.
إنشادة
لأبي عبد الله بن بقي
أنشدني الفقيه الفاضل أبو
عبد الله بن بقي لنفسه، قال ونظمتها ارتجالاً وقد دعيت إلى
نزهةٍ إثر تشييع جنازة الرمل
كم أرى مدمن لهوٍ ودعه=لست أخلو ساعةً من تبعه كان لي عذر لدى عصر الصبا=وأنا آمل في العمر سعه أوما يوقظنا من
حالنا=ألف لقبره قد شيعه سيما وقد بدا بمفرقي=ما
إخال الموت قد جاء معه فدعوني ساعةً أبكي على=عمرٍ أمسيت ممن ضيعه
إفادة
تخصيص العام المؤكد بمنفصل
حضرت يوماً مجلساً بالمسجد
الجامع بغرناطة مقدم الأستاذ القاضي أبي عبد الله المقري في
أواخر ربيع الأول عام سبعة
وخمسين وسبعمائة، وقد جمع ذلك المجلس القاضي
أبا عبد الله والقاضي أبا القاسم
الشريف شيخنا والأستاذ أبا سعيد بن لب والأستاذ أبا عبد الله
البلنسي وذا الوزارتين أبا
عبد الله بن الخطيب وجماعة من الطلبة، فكان من جملة ما جرى أن قال القاضي أبو عبد الله المقري سئلت عن مسألة من
الأصول لم أجد لأحد فيها نصاً، وهي تخصيص العام
المؤكد بمنفصل فأجبته بالجواز محتجاً بقوله تعالى "قل
إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها
وما بطن" فهذا عام مؤكد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لم يحل
الله من الفواحش
إلا مسألة الناس".
إنشادة
لأبي القاسم بن أبي
العافية
رواها أبو بكر بن القرشي
أنشدني الفقيه القاضي أبو بكر بن
القرشي في شوال عام تسعة وخمسين وسبعمائة، قال أنشدني القاضي
الأجل العالم المتفنن المحقق
أبو القاسم بن أبي العافية لنفسه خفيف لي دين على الليالي قديم=ثابت الرسم منذ خمسين حجة أفأعدى بالحكم بعد
عليها=أم لها من تقادم العهد حجة
إفادة
الزوائد في أول المضارع
حدثنا الأستاذ الكبير
أبو عبد الله بن الفخار، قال جلس بعض الطلبة إلى بعض الشيوخ
المقرئين فأتى المقري بمسألة
الزوائد الأربع في أول الفعل المضارع، وقال يجمعها قولك نأيت، فقال له الطالب لو جمعتها بقولك أنيت لكان أملح
ليكون كل حرف تضعيف ما قبله، فالهمزة لواحد
وهو المتكلم، والنون للاثنين وهما الواحد ومعه غيره، والواحد
المعظم نفسه؛ والياء للأربعة
للغائب الواحد وللغائبين والغائبات، والتاء الثمانية للمخاطَب وللمخاطَبين وللمخاطبة وللمخاطبتين وللمخاطباتِ
وللغائبة وللغائبتين فاستحسن الشيخ ذلك
منه.
إنشادة
لأبي عبد الله بن بقي
أنشدني الفقيه الفاضل أبو
عبد الله بن بقي قال أنشدت في النوم مقطوعة منها هذان البيتان
مجزؤ الخفيف قم إذا القوم
ذكروا=وابتكر حين بكروا إن في كل لمحةٍ=نفحات تكرر قال ومنشدها لي رجل من مؤذني ربض البيازين يقوم بالتذكير في
نصف الليل.
إفادة
لغز منظوم
سألنا الأستاذ أبو عبد الله المقري رحمه الله قال سألني الأديب
أبو الحسن بن
فرحون عن نسب المجيب في هذا البيت ومهفهف الأعطافِ قلت له انتسب=فأجاب ما قتل المحب محرم فأجبنا للحين إنه تميمي
لإلغائه ما النافية، وهي لغة تميم.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد العظيم
أنشدني الفقيه أبو جعفر
أحمد بن عبد العظيم، لنفسه كامل لا تجزعن لما يهولك
فقده=فالدهر منك ولست منه آخذ فلربما
تلقى المنية في المنى=والعيش فيما أنت منه عائذ مثل الفراش يلوذ بالمصباح كي=يحيا فيردى بالذي هو لائذ فاحمل
طباعك ما تنافره فقد=تعتاده وهو الأبي النابذ
أوما ترى نصل السهام تقيم بال=أجسام دهراً وهي سهم نافذ
إفادة
معاملة غير العاقل معاملة العاقل
في القرآن وكلام
العرب
حدثنا الأستاذ أبو عبد الله المقري رحمة الله عليه قال سئل عن
قوله تعالى
"وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون" لم عاد
ضمير من يعقل
على ما لا يعقل؟ فقال بعضهم لما اشتركت مع من يعقل في السباحة وهي العوم عومل بذلك معاملته.
قال وهذا لا ينهض جواباً، فإن السباحة لما لا يعقل كالحوت
وإنما لمن
يعقل العوم لا السباحة، وأيضاً فإن إلحاقه بما العوم له لازم كالحوت أولى من إلحاقه بما هو غير لازم له.
قال وأجاب الأستاذ أبو محمد بعد المهيمن الحضرمي السبتي بأن الشيء المعظم عند العرب
تعامله معاملة العاقل وإن لم يكن عاقلاً كقوله
فجمع ذلك جمع من يعقل لعظمه عنده، وشأن العرب هذا.
قال وأجبت أنا بأنه لما عوملت
في غير هذا الموضع معاملة من يعقل في نحو قوله تعالى
"والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين".
لصدور أفعال العقلاء عنها أجري عليها هاهنا ذلك الحكم للأنس به في موضعه.
إنشادة
لأبي حفص بن الجياني
أنشدني القاضي أبو عبد الله، وقال أنشدني محمد بن إبراهيم بن
الحاج البلفيقي
وقال أنشدني محمد بن رشيد الفهري، وقال أنشدني أبو حفص بن الجياني لنفسه رمل لو رأى وجه حبيبي عاذلي=لتفاصلنا
على وجه جميل
إفادة
الجمع بين مسألة
فقهية ومسألة في العربية
أورد علينا الأستاذ الكبير أبو عبد الله
بن الفخار رحمه الله سؤالاً وهو كيف يجمع بين مسألة رجل أفرد
الصلاة بثوب حرير اختياراً
وبين قوله وافر.
جرى الدميان بالخبر اليقين؟ فلم ينقدح لنا شيء.
فقال الجواب أن الأول ممنوع عند الفقهاء شرعاً ورد اللام في دم
في الثنية ممنوع
عند النحاة قياساً، وكلاهما في حكم المعدوم حساً. وإذا كان كذلك كان الأول بمنزلة من صلى بادي العورة اختياراً
فتلزمه الإعادة، وكان الثاني بمنزلة ما باشر
فيه عين دم على التثنية، فتلزمه الفتحة وإن كان أصلها السكون.
قال ويؤكد عندك الجمع
بين المسألتين في الحكم المذكور أن في كل واحدة منهما ثلاثة أقوال، ففي مسألة الثوب الإعادة مطلقاً، ونفيها مطلقاً،
وتخصيصها بالوقت، وفي مسألة جرى الدميان سكون
العين أصلاً، وفتحها أصلاً لكن من باب إلحاق الجواهر بالأعراض،
وتحريكها بالفتح أصلاً
أيضاً لكن من باب إلحاق الجواهر بالجواهر لا بالأعراض، فالأول لسيبويه والثاني للمبرد والثالث لابن سراج.
قال وهذه المسألة تشبه مسألة ابن جني في
الخصائص، قال ألقيت يوماً على من كان يعتادني مسألة، فقلت له
كيف تجمع بين قوله كامل.
لدن بهزٌ الكف يعسل متنه=فيه كما عسل الطريق الثعلب وبين قوله
اختصم زيد وعمرو
فلم ينقدح له فيها شيء وعاد مستفهماً. فقال له اجتماعهما أن الواو اقتصر به على بعض ما وضعت له من الصلاحية للأزمنة
مطلقاً والطريق اقتصر بها على بعض ما كان
يصلح له الإمام.
إنشادة
من سماع ابن بقي في النوم
أنشدني الفقيه أبو
عبد الله بن بقي قال سمعت في النوم رجلاً يبكي وهو ينشد أبياتاً منها سريع أسال نهر الدمع من ناظري=حمامةٌ تشدو على
ناضر وبأثنائها أول العمر عنا قد مضى=ولست في
أمن على الآخر
إفادة
مسألة من غرائب العربية
حدثنا الأستاذ الكبير
أبو عبد الله بن الفخار رحمه الله قال كان لقاضي القضاة أبي جعفر ابن أبي جبل رحمه الله ولد يقرأ علي بمالقة وكان
ابن أبيه فهماً ونبلاً، فسأل مني يوماً
مسألة يذكرها لأقرانه، وكان معجباً بالغرائب فجرى على لساني أن
قلت له بي على زيد، فعل
أمر وفاعله، والأصل أبأي على زيد، ثم سهل بالنقل والحذف على قياس التسهيل، فصار بي كما ترى، فأعجب بالمسألة حتى ناظر
أباه فيها ليلة، وكان أنحى نحاة عصره، فأعجب
مما يرى من ابنه من النبل والتحصيل. فبلغت المسألة الأستاذ
الكبير أبا بكر بن الفخار
رحمة الله عليه فاعتنى بها، وحاول في استخراج وجه من وجوه الاعتراض على عادة المفلحين من طلبة العلم فوجد في مختصر
العين أن الكلمة من ذوات الواو ولم يذكر صاحب
المختصر غير ذلك، ولم يكن رحمه الله رأى قول أبي الحسن
اللحياني في نوادره أنه مما يتعاقب
على لامه الواو والياء يقال بأي يبأَى بأواً وبأياً كما يقال شاي يَشْأَى شأواً وشأياً فلما رأى ذلك لم يقدم
شيئاً على أن اجتمع بالقاضي المذكور فقال له ألم
تسمع ما قال فلان بي على زيد وإنما هو بون على زيد، لأنه من
ذوات الواو ونص على ذلك صاحب
مختصر العين وحمله على أن يرسل إلي ويردني عن ذلك الذي قلته.
واجتمعت أنا مع
القاضي المذكور وحدثني بما جرى له مع الأستاذ ابن الفخار فذكرت له ما حكاه أبو الحسن اللحياني في نوادره وما قاله ابن
جني في سر الصناعة فسر بذلك وأرسل بعد إلى
الأستاذ ابن الفخار، وذكر له نص اللحياني وقول ابن جني، وجمع
القاضي بيننا وعقد في قلوبنا
مودة.
قال الأستاذ فكان الشيخ الأستاذ ابن الفخار من يومئذ يقصدني في منزلي في المواسم ويستشيرني في أموره
على سبيل التأنيس رحمة الله عليه فأواه على
فقد السادة أمثاله.
إنشادة
لأبي البركات بن الحاج
ينشدها أبو بكر بن
القرشي
أنشدني الفقيه القاضي أبو بكر بن القرشي، قال أنشدنا شيخنا أبو البركات بن الحاج لنفسه طويل ألا ليت
شعري هل لما أنا أرتجي=من الله في يوم الجزاء
بلاغ وكيف لمثلي أن ينال وسيلةً=لها عن سبيل الصالحين مراغ وكم
رمت دهري فتح باب عبادةٍ=يكون
بها في الفائزين مساغ فكدت ولم أفعل وكيف وليس لي=معينان حقاً صحة وفراغ لأصبحت من قومٍ دعاهم إلى
الرضى=منادي الهدى فاستنهضوه فراغوا أباغ يرى أخراه
من يزدهيه من=زخاريف دنياه الدنية يساغ ويضرب صفحاً عن حقيقة
ما طوت=فيلهيه زور قد أتاه
مصاغ إذا ما بدا للرشد نهج بيانه=يراع من وحشةٍ فيراغ فيا رب برد العفو هب لي إذا غلا=من الحر في يوم الحساب دماغ فمن
حرق للنفس فيه لواعج=ومن عرق للجلد فيه
دباغ ومن وجل للقلب فيه أراقم=ومن خجل للوجه فيه صباغ وعظتك لو
أني أثبت وفي الذي=وعظت
به لو ترعوين بلاغ
إفادة
مسألة من علم البيان
سألنا الأستاذ
القاضي أبو عبد الله المقري رحمه الله عن معنى هذين البيتين وافر رأت قمر السماء فأذكرتني=ليالي وصلنا بالرقمتين
كلانا ناظرٌ قمراً ولكن=رأيت بعينها ورأت
بعيني فلم نأت بشيء، وقال إن هذا الرجل كان ينظر إليها وهي
تنظر إلى قمر السماء، فهي
تنظر إلى القمر حقيقة وهو لفرط استحسانه يرى أنها الحقيقة، فقد رأى بعينها لأنها ناظرة للحقيقة، قال وأيضاً فهو
ينظر إلى قمر مجازاً وهو لفرط استحسانه يرى ن
قمر السماء هو المجاز، فقد رأت بعينه لأنها ناظرة المجاز.
قال القاضي رحمه الله
ومن هنا تعلم وجه الفاء في قوله فأذكرتني لأنه لما صارت رؤيتها
رؤيته، وصار القمر حقيقة
إياها كان قوله رأت قمر السماء فأذكرتني بمثابة قوله رأيتها فاذكرتني فتأمله، فإن بعض من لا يفهم كلام الأستاذ حق
الفهم ينشد واذكرتني فالفاء في البيت الأول
منبهة على معنى البيت الثاني لأنها مبنية عليه. وهذا النوع
يسمى بالإبداع في علم البيان.
قال فهذا معنى البيتين، ولا يخلوان من تكلف.
إنشادة
لأبي عبد الله
بن بقي
أنشدني الفقيه أبو عبد الله بن بقي، قال استيقظت من نومة نمتها
في القائلة
في شهر رجب عام ستة وخمسين وسبعمائة، وأنا أنشد هذا البيت: ولا يبلغ القصاد كل مرادهم=ذا عدموا زاداً من العلم
نافعا
إفادة
سند تلقيم للمؤلف
يصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
لقمني الشيخ الفقيه القاضي
أبو عبد الله المقري رحمه الله لقمة بيده المباركة وقال لقمني
الشيخ أبو عبد الله المسفر
قال لقمني أبو زكرياء المحياوي وقال لقمني أبو محمد
صالح قال لقمني الشيخ
أبو مدين قال لقمني أبو الحسن بن حرازم قال لقمني ابن العربي،
قال لقمني الغزالي قال
لقمني أبو المعالي قال لقمني أبو طالب المكي، قال لقمني أبو محمد الجريري قال لقمني الجنيد قال لقمني سري السقطي، قال
لقمني معروف الكرخي، قال لقمني داوود
الطائي، قال لقمني حبيب العجمي، قال لقمني الحسن البصري قال
لقمني علي بن أبي طالبي،
قال لقمني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت وبهذا السند صافحته أيضاً
رضي الله تعالى عنه.
إنشادة
لابن دقيق العيد يرويها
الشريشي
أنشدني الفقيه العدل الفاضل أبو عبد الله الشريشي، وقال أنشدني الشيخ القاضي أبو عبد الله
المقري وقال أنشدني الحاج أبو عبد الله محمد بن
عبد الواحد الرباطي، وقال أنشدني تقي الدين لنفسه طويل تمنيت
أن الشيب عاجل لمتي=وقرب
مني في صباي مزاره لأخذ من غض الشباب نشاطه=وآخذ من عصر المشيب وقاره
إفادة
ضبط عبارة الصحاح
سألني الشيخ القاضي أبو عبد الله المقري
عن اسم كتاب الجوهري، فقلت له من الناس من يقول له الصِّحاح
بالكسر، ومنهم من يفتح.
فقال إنما هو بالفتح بمعنى الصحيح كما ذكره في باب صحَّح
ويحتمل أن يكون مصدر
صح كحبان.
إنشادة
لابن دقيق العيد
يرويها الشريشي
أنشدني الفقيه أبو عبد الله الشريشي، وقال أنشدني القاضي أبو
عبد الله المقري قال
أنشدني الرباطي قال أنشدني تقي الدين لنفسه قي معنى رقيق حجازي طويل إذا كنت في نجد وطيب نسميه=تذكرت أهلي باللواء
فمخبري وإن كنت فيهم زدت شوقاً ولوعةً=إلى ساكني
نجدٍ وعيل تصبري فقد طال ما بين الفريقين موقفي=فمن لي بنجد
بين أهلي ومعشري
إفادة
الجزم بأيان
أنشدني الشيخ الأستاذ النحوي اللغوي أبو
عبد الله محمد بن محمد بن بيبش العبدري رحمه الله على الجزم
بأيان، بيتاً لم أسمعه من
غيره، ولم أره في كتاب من كتب النحويين، ثم رأيته بعد ذلك في تكملة شرح التسهيل لابن مؤلفه، رحمه الله بسيط أيان نؤمنك
تأمن غيرنا ومتى=لم تطلب الأمن منا لم تزل
حذرا
إنشادة
لأبي عبد الله بن الفخار
أنشدني الفقيه الأستاذ
الكبير أبو عبد الله بن الفخار رحمه الله وقال ألقي إلي في سري
بيت لم أسمعه قط في السادس
عشر من رجب عام ستة وخمسين وسبعمائة: لتكن راجياً كما أنت ترجو=ولأربي من الذي أنت راج
إفادة
وجه الكسر في كلمة يومئذ
قرر لنا الأستاذ الكبير
أبو عبد الله بن الفخار رحمه الله يوماً توجيه قول أبي الحسن الأخفش في كسرة الذال من نحو يومئذ من أنها إعرابية، لا
بنائية إذ لم يذكر أحد وجه هذا المذهب قبل،
قال ابن جني إن الفارسي اعتذر له بما يكاد أن يكون له عذراً.
فلما تم له التوجيه
قلت له وأنا حينئذ صغير السن هب أن الأمر على ما قاله الأخفش
من أن الكسرة إعرابية فما
يصنع ببناء الزمان المضاف إلى أن في أحد الوجهين، والإضافة إلى المفرد المعرب تقتضي الإعراب دون البناء؟ فتعجب من
صدور هذا السؤال مني لصغر سني، وأجاب عنه بأنه
قد يذهب السبب ويبقى حكمه. كما قاله ابن جني في اسم الإشارة في
ترجمة سيبويه هذا باب
علم ما الكلام من العربية على أن يكون سيبويه وضعه غير مشير به وتركه مبنياً، وإن زال سبب البناء، ونظير ذلك بباب
التسوية، على ما هو مقرر في موضعه.
قال ونظير
ذلك ما قررنا من إضافة حيث إلى المفرد مع بقاء البناء فيما ذكره الزمخشري، وذلك قوله أما ترى حيث سهيل طالعا
وقوله أنشدنا ابن الأعرابي لبعض الهذليين؛ طويل ونحن سعينا بالبلايا المعقل=وقد
كان منكم حيث لي العمائم وقد كان حقها أن تعرب
لزوال سبب البناء، وهو الإضافة إلى جملة، وحصول سبب الإعراب
وهو الإضافة إلى المفرد،
ولكنه لم يعتبر النادر وأبقي الحكم الشائع.
إنشادة
لابن دقيق
العيد
في مخاطبة إخوان بالحجاز
أنشدني الفقيه أبو عبد الله
الشريشي، قال أنشدني الشيخ المقري قال أنشدني الرباطي، قال
أنشدني ابن دقيق العيد لنفسه
من صدر رسالة كتب بها إلى بعض إخوانه بالحجاز سريع يهيم قلبي طرباً عندما=أستملح البرق الحجازيا ويستميل
الوجد قلبي وقد=أصبح لي ثوب الحجى زيا يا هل
أقضي من منى حاجتي=فأنحر البزل المهاريا وأرتوي من زمزم فهي
لي=ألذ من ري المهاريا
إفادة
الجمع والتفريق
في بعض الآيات
حدثنا الأستاذ القاضي أبو عبد الله المقري رحمه الله قال رأيت
لبعض من ألف على كتاب
الكشاف للزمخشري فائدة لم أرها لغيره في قوله تعالى "والراسخون في
العلم" إذ الناس
مختلفون في هذا الموضع اختلافاً كثيراً، فقال قوم الراسخون في العلم يعلمون تأويله، والوقوف عند قوله
"والراسخون في العلم" وقال قوم إن الراسخين لا يعلمون تأويله، وإنما يوقف على قوله "وما
يعلم تأويله إلا الله" فقال هذا القائل إن الآية
من باب الجمع والتفريق والتقسيم من أنواع البيان، وذلك أن قوله
تعالى "هو الذي أنزل عليك
الكتاب" جمع وقوله "منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات"
تفريق، وقوله
"فأما الذين في قلوبهم زيغ" إلى قوله "وابتغاء تأويله" أحد
طرفي التقسيم، وقوله
"والراسخون في العلم" الطرف الثاني، وتقديره وأما الراسخون في العلم
فيقولون آمنا
به، وجاء قوله تعالى "وما يعلم تأويله إلا الله" اعتراضاً بين طرفي
التقسيم. قال
وهذا مثل قوله تعالى "وأنا منا المسلمون" الآية فقوله وإنا جمع، وقوله
"منا المسلمون
ومنا القاسطون" تفريق، وقوله تعالى "فمن أسلم" "وأما
القاسطون" تقسيم، وهو من
بديع التفسير.
قلت ومثله أيضاً قوله تعالى "يوم يأت لا تكلم نفس إلا
بإذنه" إلى
آخر الآيات.
إنشادة
لأبي إسحاق بن الحاج
يرويها ابن حذلم أنشدني
الفقيه الفاضل أبو محمد بن حذلم، وقال أنشدني الفقيه الأجل الراوية الرحلة الكاتب الأديب البارع أبو إسحاق إبراهيم
بن الحاج لنفسه طويل أمن حنين العيس إن هي
نحوك ومهما جرت أجفان ماء إليكم=جرى إثرها شوقاً لكم ماء أجفان
إفادة
إنتاج قضيتين شرطيتين
حدثنا الأستاذ القاضي الكبير أبو عبد
الله المقري قال ذكر أبو زيد بن الإمام يوماً في مجلسه أنه سئل
بالمشرق عن هاتين الشرطيتين
"ولو علم الله فيهم لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون" فإنهما تستلزمان بحكم الإنتاج لو علم الله فيهم
خيراً لتولوا، وهو محال، فقال ابن حكم قال
الخونجي والإهمال بإطلاق لفظة لو وأن في المتصلة فهاتان
القضيتان على هذا مهملتان والمهملة
في قوة الجزئية، ولا قياس علي جزئيتين.
قال المقري فلما اجتمعت بأبي
علي حسين بن حسين أخبرته بهذا أو بما أجاب به الزمخشري وغيره
مما يرجع إلى انتفاء تكرر
الوسط فقال لي الجوابان في المعنى سواء لأن القياس على جزئيتين وإنما يمتنع الإنتاج فيه لانتفاء تكرر الوسط قال
فأخبرت بذلك شيخنا الآبلي فقال إنما يقوم
القياس على الوسط ثم يشترط فيه بعد ذلك أن لا يكون من جزئيتين
ولا سالبتين. إلى سائر
ما يشترط، قال فقلت فالمانع من كون هذا الشرط تفصيلاً لمجمل ما بنينا عليه من الوسط وغيره وإلا فلا مانع إلا ما قاله
ابن حسين.
قال الآبلي وقد أجبت بجواب
السلوي ثم رجعت إلى ما قاله الناس لوجوب كون مهملات قضايا
القرآن كلية لأن الشرطية لا
تنتج جزئية. قال فقلت هذا فيما يساق منها للحجة مثل "لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا" أما في مثل هذا فلا.
إنشادة
لأبي حيان يرويها
أبو إسحاق
إبراهيم بن الحاج أنشدني الشيخ الفقيه الرحلة أبو إسحاق إبراهيم بن الحاج، وقال أنشدني الأستاذ الإمام أبو حيان
يوسف بن حيان النفزي لنفسه طويل عداتي لهم فضل
علي ومنةٌ=فلا أبعد الرحمن عني الأعاديا هم بحثوا عن زلتي
فاجتنبتها=وهم نافسوني فاكتسبت
المعاليا
إفادة
تأويل آية
كان شيخنا الأستاذ الكبير أبو
عبد الله بن الفخار رحمه الله يأمرنا بالوقف على قوله تعالى في
سورة البقرة "قالوا الآن"
ويبتدئ "جئت بالحق" وكان يفسر لنا معنى ذلك أن قولهم "الآن"
أي فهمنا وحصل لنا
البيان، ثم قال "جئت بالحق" يعني في كل مرة وعلى كل حال.
وكان رحمه الله يرى
هذا الوجه أولى من تفسير ابن عصفور له من أنه حذف الصفة، أي
بالحق البين.
وكان يحافظ
عليه.
إنشادة
للمؤلف في تقريظ الشفاء
لما أخذ فيما زعموا
شيخنا الإمام الشهير الخطيب المحدث البليغ أبو عبد الله بن
مرزوق في شرح كتاب الشفاء
للقاضي أبي الفضل عياض وهو مستوطن مدينة فاس من بر العدوة بعث إلى الأندلس في طلب أمداح من شعرائها لكتاب الشفاء
ليجعل ذلك مقدمة الشرح فندبني إلى امتحان
الفكر لهذا المقصد صاحبنا الفقيه الكاتب أبو عبد الله بن زمرك
إلى أن سمح الخاطر بهذه
الأبيات بسيط.
يا من سما لمراقي المجد مقصده=فنفسه بنفيس العلم قد كلفت هذي رياض يروق العقل مخبرها=هي الشفا لنفوس
الخلق إن دنفت يجني بها زهر التكريم أو ثمر
الت=عظيم، والفوز للأيدي التي قطفت أبدت لنا من سناها كل
واضحةٍ=حسانه دونها الأطماع
قد وقفت وشيد العقل أركاناً موطدة=بها على متن أصل الشرع قد رصفت قوت القلوب وميزان العقول متى=حادت عن الحجة
الكبرى أو انحرفت فيا أبا الفضل حزت الفضل
في غرض=به أقرت لك الأعلام واعترفت وكنت بحر علوم ظل ساحله=منه
استمدت عيون العلم واغترفت
زارته من جنبات القدس باسمةً=فحركت منه موج الفكر حين وفت حتى إذا ما طمت أمواجه قذفت=لنا بدرتها الحسناء وانصرفت
إن العناية لا يحظى بنائلها=حريصها بل على
التخصيص قد وقفت
إفادة
قاعدة عدم التشديد
على المستفتي
كنت يوماً سائراً مع بعض الأصحاب إذ لقينا شيخنا الأستاذ
المشاور أبا سعيد بن
لب أكرمه الله بقرب المدرسة، فسرنا معه إلى بابها ثم أردنا الانصراف، فدعانا إلى الدخول معه إلى المدرسة، وقال أردت أن أطلعكم على بعض مستنداتي في
الفتوى الفلانية وما
شاكلها وأبين لكم وجه قصدي إلى التخفيف فيها وكان قد أطلعنا على مكتوب بخطه جواباً عن سؤال في يمين أفتى فيها
بمراعاة اللفظ والميل إلى جانبه، فنازعناه فيه في
ذلك اليوم، وانفصل المجلس على منازعته، فأرانا مسائل في
النهاية وأحكام ابن الفرس وغيرهما
وبسط لنا فيها بما يقتضي الاعتماد على لفظ الحالف وإن كان فيه خلاف ما لنيته بناء على قول من قال بذلك من أهل
المذهب وغيرهم.
وقال أردت أن أنبهكم على
قاعدة في الفتوى وهي نافعة جداً ومعلومة من سنن العملاء وهي
أنهم ما كانوا يشددون على
السائل في الواقع إذا جاء مستفتياً.
وكنت قبل هذا المجلس تترادف علي وجوه
الإشكالات في أقوال مالك وأصحابه، فلما كان بعد ذلك المجلس شرح
الله بنور ذلك الكلام
صدري فارتفعت ظلمات تلك الإشكالات دفعة واحدة، لله الحمد على ذلك ونسأله تعالى أن يجزيه عنا خيراً وجميع معلمينا
بفضله.
إنشادة
لأبي محمد بن
حذلم
أنشدني صاحبنا الفقيه الأديب أبو محمد بن حذلم لنفسه متقارب
يقولون لي خل
عنك الأسى=ولذ بالسرور فذا يوم عيد فقلت لهم والأسى غالب=ووجدي يحيا وشوقي يزيد توعدني مالكي بالفراق=فكيف أسر وعيدي
وعيد
إفادة
تأويل آيتين
قال لي
الأستاذ الجليل أبو سعيد بن لب حفظه الله سئلت عن قوله تعالى في سورة النساء "تلك حدود الله ومن
يطع الله ورسوله ندخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين
فيها" الآية فجمع قوله "خالدين " وقال بعد
"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله
ناراً خالداً فيها" فأفرد قوله "خالداً".
قال وأجبت أن الجنة لما كان لأهلها
فيها اجتماعات، وليس فيها فرقة ولا توجد، جاء قوله
"خالدين فيها " اعتباراً بالمعنى
الحاصل في الجنة من الاجتماع. ولما كان أهل النار على الضد من
هذا وكل واحد منهم في تابوت
من نار، حتى يقول أحدهم إنه ليس في النار إلا هو جاء قوله "خالداً فيها" اعتباراً بهذا المعنى.
فعرضت على شيخي الإمام الأستاذ أبي عبد الله بن الفخار هذا السؤال فأجاب عنه بأنه تعالى ذكر في
الأولى جنات متعددة لا جنة واحدة فقال
"ندخله جنات" والضمير المنصوب في
"ندخلهُ" وإن كان مجموعاً في المعنى فهو في اللفظ
مفرد، والمفرد من حيث هو مفرد لا يصح أن يكون في جنات متعددة
معاً، فجاء "خالدين" ليرفع
ذلك الإيهام اللفظي، فهو اعتبار لفظي ومناسبة لفظية، وإن كان المعنى صحيحاً، وأما الآية الثانية فإنما فيها نار
مفردة، فناسبها الإفراد في "خالداً".
إنشادة
لبي محمد بن حذلم
أنشدني الفقيه الأديب البارع
أبو محمد بن حذلم لنفسه بسيط شأن المحبين في أشجانهم
عجبٌ=وحالتي بينهم في الحب أعجبها
قد كنت أبعث من ريح الصبا رسلاً=تأتي فتطبع أشواقي وتلهبها والآن أرسل دمعي إثرها ذرفاً=فتلتظي نار وجدي حين أسكبها
فاعجب لنار اشتياق في الحشا وقعت=والريح
تذهبها والماء يلهبها وأخذ هذا المعنى بتمامه من قطعة أنشدناها
شيخنا القاضي أبو القاسم
الشريف رحمة الله عليه أذكر الآن آخر بيت منها وهو بسيط يا من رأى النار إن تطفا مخالفةً=فبالرياح وإن توقد فبالماء
إفادة
حوار بين المؤلف
وأحد اليهود في مسألة
خلق عيسى عليه السلام
وقع يوماً بيني
وبين بعض من يتعاطى النظر في العلم من اليهود كلام في بعض المسائل إلى أن أنجز الكلام إلى عيسى عليه السلام، فأخذ ينكر
خلقه من غير أب ويقول وهل يكون شيء من غير
مادة؟ فقلت له بديهة فيلزمك إذاً أن يكون العالم مخلوقاً من
مادة وأنتم معشر اليهود لا
تقولون بذلك، فأحد الأمرين لازم إما صحة خلق عيسى من غير أب وإما بطلان خلق العالم من غير مادة.
"فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين".
إنشادة
لأبي عبد الله المسفر
عند توديع فاس
حدثنا شيخنا الأستاذ العالم الناظر أبو علي الزواوي أكرمه الله
قال قدم علينا شيخنا
الإمام الشهير أبو عبد الله محمد بن يحيى الشهير بالمسفر على مدينة فاس في بعض الرسائل، فلما خرج بقصد الإياب شيعه
جماعة من فقهائها وأدبائها وسألوه أن
ينشدهم شيئاً من شعره فارتجل هذا البيت الفذ كامل شرق لتجلو عن
فؤادك ظلمةً=فالشمس يذهب
نورها بالمغرب
إفادة
قواعد من علم البيان
أفادني صاحبنا الفقيه
الكاتب أبو عبد الله بن زمرك إثر إيابه إلى وطنه من رحلة العدوة في علم البيان فوائد، نذكر الآن منها ثلاثة
إحداها الفقه في اللغة، وهو النظر في مواقع
الألفاظ وأين أستعملتها العرب، ومن مثل هذا الوجه قولهم قرم
وعام إذا اشتهى، لكن لا يستعمل
قرم إلا مع اللحم ولا يستعمل عام إلا مع اللبن فنقول قرمت إلى اللحم وعمت إلى اللبن، وكذلك قولهم أصفر فاقع وأحمر
قان، ولا يقال بالعكس، وهذا كثير.
والثانية تحري الألفاظ البعيدة عن طرفي الغرابة والابتذال، فلا
يستعمل الحوشي
من اللغات ولا المبتذل في ألسن العامة.
والثالثة اجتناب كل صيغة تخرج
الذهن عن أصل المعنى أو تشوش عليه. إذ المقصود الوصول في بيان
المعنى إلى أقصاه، والإتيان
بما يحصله سريعاً ويمكنه في الذهن، وتحري كل صيغة تمكن المعنى في الذهن وتحرض السامع على الاستماع.
وأخبرني أن كتاب المغرب يحافظون في شعرهم وكتابتهم على طريقة العرب، ويذمون ما عداها من
طرق المولدين، وإنها خارجة عن الفصاحة وهذه
المعاني الثلاثة لا توجد إلا فيها.
إنشادة
لأبي عبد الله المقري
أنشدني الفقيه القاضي المتفنن أبو عبد الله المقري لنفسه مجزوء
الكامل وجدٌ
تسعره الضلو=ع وما تبرده المدامع فإذا تحركت الصبا=بة فالمهابة لا تطاوع أمل إذا وصل الرجا=أسبابه فالخوف قاطع بالله
يا هذا الهوى=ما أنت بالعشاق صانع
إفادة
معرفة قوس النهار لدى الفكليين قيدت عن الشيخ الفقيه الفاضل الموقت أبي الحجاج المكناسي في معرفة
نصف قوس النهار أي يوم أردت ما نصه إذا أردت
أن تعرف نصف قوس النهار فانظر ما مضى لك من الميل المخدوم فما
كان فضع منه ربعه وما بقي
هو الفضلة تحمله على تسعين إن كانت الشمس في الشمال وتنقصه من تسعين إن كانت في الجنوب. وإن شئت حملت على الميل المخدوم
نصفه ونصفت المجتمع فما كان النصف فهو
الفضلة تفعل بها ما فعلت بالأول.
إنشادة
لبعض العلماء في القول
بالموجب
أنشدنا الفقيه القاضي أبو عبد الله المقري رحمه الله في القول
بالموجب لبعض
العلماء في وديعة كامل إن قال قد ضاعت، فصدق أنها=ضاعت ولكن منك يعني لو تعي أو قال قد وقعت فصدق أنها=وقعت ولكن منه
أحسن موقع وأنشدنا أيضاً من القول بالموجب
لبعض الحنابلة طويل يحجون بالمال الذي يجمعونه=حراماً إلى
البيت العتيق المحرم ويزعم
كل أن تحط رحالهم،=تحط، ولكن فوقهم في جهنم
إفادة
وجه من أوجه الضرب
في الحساب
أفادني الشيخ الفقيه المتفنن أبو الحسن علي الكحيلي رحمه الله وجهاً من أوجه الضرب وملحه حين قراءتي
عليه ابن الياسمين وهو أن تضرب جزءاً من
المضروب في جزء من المضروب فيه، فما اجتمع ضربته في مسمى أحد
الجزئين ثم في مسمى الآخر،
فما اجتمع فهو الجواب.
إنشادة
لابن حذلم في رثاء ابن
الفخار
أنشدني صاحبنا الفقيه الأجل الأديب البارع أبو محمد بن حذلم
لنفسه أبياتاً
أنشدها يوم عيد على قبر سيدنا الأستاذ الكبير الشهير أبي عبد الله بن الفخار يرثيه بها؛ طويل أيا جدثاً قد
أحرز الشرف المحضا=بأن صار مثوى السيد العالم
الأرضى عجبت لما أحرزته من معارفٍ=وشتى فعالٍ لم تزل تعمر
الأرضا طويت عليه وهو عين زمانه=فيا
جفن عين الدهر لم تؤثر الغمضا فحياك من صوب الحياطل ديمةٍ=تديم له في الجنة الرفع والحفظا فها نحن في عيد
الأسى عند قبره=وقوفٌ لنقضي من عيادته الفرضا
كمثل الذي كنا وقوفاً ببابه=بعيد الأماني زائرين له أيضاً ومنا
سلامٌ لا يزال يخصه=يذكره
من بعض أشواقنا البعضا
إفادة
كراهة المقري للتسمية
بقاضي القضاة
كتب لي شيخنا القاضي الجليل أبو عبد الله المقري رحمه الله على ظهر التسهيل لابن مالك
الذي كتبته بخط يدي بعدما كتب لي بخطه روايته
فيه عن أبي الحسن بن مزاحم عن بدر الدين بن جماعة عن المؤلف،
فكتب بعد ذلك ما نصه قال
محمد بن محمد المقري بدر الدين بن جماعة المذكور يدعى بقاضي القضاة على ما جرت به عوائد أهل المشرق في تسمية مثله،
وأنا أكره هذا الاسم محتجاً بقول النبي صلى
الله عليه وسلم "إن أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة
رجل تسمى بملك الأملاك، لا مالك
إلا الله".
إنشادة
لأبي عبد الله المقري
وأبي إسحاق بن حكم
نقلت من خط شيخنا القاضي أبي عبد الله المقري المذكور ما نصه
فضلت عند الأستاذ
أبي إسحاق إبراهيم بن حكم الكناني كلام الشيخ ابن مالك في شرحه على ما وجد من كلام ابنه في تكملته، وكأنه أبى ذلك
فتنازعنا الحديث إلى أن قتل له طويل عهود من
الآباء يورثها الأبنا فما كان بأسرع من أن قال بنوا مجدهم لكن
بنوهم له أبنى.
فعجبت من حسن بديهته.
إفادة
تأليف ابن الحاجب
لمختصره الفرعي
حدثنا شيخنا الأصولي أبو علي الزواوي حفظه الله عن شيخه الإمام العالم أبي عبد الله
محمد بن يحيى الشهير بالمسفر ونقلت ذلك من خط
الأستاذ أبي علي، حدثنا شيخنا الإمام العالم المفتي الصالح
الشهير أبو علي منصور ابن
الشيخ الصالح الموقر المبرور المرحوم أبي العباس أحمد بن عبد الحق المشدالي رضي الله عنه ونفع به قال حدثنا الشيخ
الفاضل المدرس زين الدين الزواوي، قال حدثنا
الشيخ أبو عمرو بن الحاجب قال لما كنت مشتغلاً بوضع كتابي هذا
كنت أجمع الأمهات ثم أجمع
ما اشتملت عليه تلك الأمهات في كلام موجز ثم أضعه في هذا الكتاب حتى كمل. ثم إني بعد ربما أحتاج في فهم بعض ما وضعته
إلى فكر وتأمل، قلت يعني بالكتاب مختصره في
الفروع.
إنشادة
لأبي جعفر بن عبد العظيم
أنشدني الفقيه الأديب أبو
جعفر بن عبد العظيم لنفسه رمل يا من اختار فؤادي منزلاً=بابه
العين التي ترمقه فتح الباب
سهادي بعدكم=فابعثوا لي طيفكم يغلقه
إفادة
استنساخ بعض كتب ابن
البناء من كبت أخرى
حدثني أخي وسيدي الفقيه الأستاذ أبو جعفر بن الراوية أكرمه الله قال حدثني الفقيه الإمام
المحقق أبو جعفر بن صفوان أنه تذاكر مع الفقيه
الأستاذ أبي بكر القللوسي في الجبر والمقابلة. لأبي العباس بن
البناء، فقال له القللوسي
إنه مستنسخ من كتاب القرشي، فأنكرت ذلك عليه إنكاراً شديداً لما كنت عليه من إجلال الشيخ وإعظامه فتركني وذهب إلى
داره، ثم جاء بكتاب القرشي وقال أخذ بيديك
كتاب ابن البناء، فأخذته فقرأ علي، فما غادر منه حرفاً. قال
فتعجبت من ذلك كل التعجب.
قلت وكنت أقرأ على صاحبنا بي جعفر المذكور جبر ابن البناء،
فأحال في الكتاب
على مسألة أنها تقدمت فلم نجد لها فيما تقدم ذكراً، فقال لعل هذه المسألة في كتاب القرشي ويكون ذلك مما نقله نسخاً.
وحكى لنا أن التلخيص لابن البناء أيضاً
مستخرج من كتاب في التعاليم لبعض الناس.
إنشادة
لأبي سعيد بن لب
أنشدني شيخنا الأستاذ العالم أبو سعيد بن لب حفظه الله، قال
أفقت من نومة نمتها
وأنا قد نظمت بيتاً ونصف آخر ثم زدت عليه بيتاً ونصفاً فصارت ثلاثة أبيات وهي متقارب تألق برق بذات الفضا=فأومض في
القلب إذ أومضا وحلت معاقد صبري به=وأظلم أفقي
به إذ أضا ذكرت به معهداً للصبا=وذكرني طيب عيش مضى ثم سألناه
بعد ذلك الزيادة عليها
فزاد عليها تسعة أبيات قيدتها في غير هذا، وأنشدنا الجميع لثلاث ليالٍ بقين من ذي القعدة عام ستين وسبعمائة.
إفادة
دلالة اسم الفاعل
جرى بين
يدي الأستاذ شيخنا أبي سعيد رضي الله عنه أن أهل الأصول يقولون إن اسم الفاعل إذا كان للحال حقيقة اتفاقاً، وإذا كان
للاستقبال مجاز اتفاقاً، وإذا كان للماضي
ففيه خلاف هل هو حقيقة أو مجاز؟ قال وبعض الناس يستشكل كل هذا
جداً، مع قول النحويين
إن اسم الفاعل معناه جار مجرى الفعل، فإن كان للماضي فهو كالماضي، وإن كان للمستقبل فهو كالمستقبل، وإن كان للحال
فهو كفعل الحال، ولا خلاف أن الأفعال
دلالتها على معانيها حقيقة لا مجازاً، فإذا تقرر هذا فكيف اتفق
على ضد ما اتفق عليه النحويون؟
قال الأستاذ فالظاهر في المسألة والحق الرجوع إلى أهل
اللسان.
إنشادة
لأبي عبد الله الشقوري الطبيب
أنشدني أخي وسيدي
الفقيه الأستاذ الطبيب أبو عبد الله محمد بن علي الشقوري لنفسه
كامل الكل أنت ونورك الوضاح=للعارفين
مناره يلتاح وجمال وجهك للنهى مصباحٌ=مهما بدا سجدت له الأرواح
إفادة
أنواع الدراهم
وتقديرها في عصر المؤلف
نقلت من خط شيخي
الأستاذ الكبير أبي عبد الله بن الفخار، وقال نقلت من خط شيخنا أبي القاسم بن الشاط رحمه الله نصاب الزكاة من الدراهم
الإسلامية المسماة بدراهم الكيل مائتا
درهم، ومن دراهم الموحدين ثلاثمائة وستون، ومن دراهمنا الصغار
اليوم ألف ومائتان واثنان
وأربعون.
إنشادة
لأبي البقاء خالد البلوي
في الشيب
أنشدني الشيخ الفقيه القاضي الأعدل أبو البقاء خالد بن عيسى بن
أحمد بن إبراهيم بن
أبي خالد البلوي حفظه الله لنفسه في السادس والعشرين لرجب عام تسعة وخمسين وسبعمائة: ومستنكر شيبي وما ذهب
الصبا=ولا جف إيناع الشبيبة من غصني فقلت فراقي
للأحبة مؤذنٌ=بشيبي وإن كنت ابن عشرين في سني
فادة
مسألة نحوية
استفادها
ابن الفخار عن شيخه الحضرمي
حدثني الشيخ الفقيه الأستاذ
الجليل أبو عبد الله بن الفخار ونقلته من خطه عن الشيخ الفقيه
الجليل أبي عبد الله الحضرمي
القاضي بسبتة رحمه الله قال أخذت يوماً بيده أقوده إلى منزله من مدرسة باب القصر بسبتة لمكان سنه فقعد في أثناء
الطريق ليرتاح ثم قال لي ما تقول في قولك زيد
قام، أيكون زيد فاعلاً مقدماً؟ قلت لا أدري لكوني لم أكن
حينئذٍ في هذه الطبقة.
ثم قال لا يكون ذلك لأمرين أحدهما أن الفاعل كالجزء من فعله
إذا كان ضميراً
متصلاً فوجب أن يجري على أسلوب واحد.
والآخر أنه لو كان كذلك لاتحد حكم
الفعل، مقدماً ومؤخراً.
قال الأستاذ فهذا من أول ما أفادني رحمه الله تعالى.
إنشادة
لأبي البقاء البلوي
أنشدها في رحلته بتونس
أنشدني الشيخ الفقيه القاضي أبو البقاء خالد بن أبي خالد
البلوي في التاريخ المذكور
عنه قبل هذا لنفسه، وقال أنشدتها بديهاً بمصلى تونس يوم عيد النحر من عام سبعة وثلاثين وسبعمائة: أتى العيد
واعتاد الأحبة بعضهم=لبعض وأحباب المتيم قد بانوا
وأضحى وقد ضحوا بقربانهم وما=لديه سوى حمر المدامع قربان
إفادة
استعمال القلب لفهم
تعبير فقهي
مثل لنا شيخنا
الأستاذ العالم أبو علي الزواوي في أثناء القراءة عليه لكتاب ابن الحاجب الفرعي عند قوله والمذهب أن المني نجس
القلب عند الجدليين، وهو الاستدلال على نقيض
الحكم بعين الدليل صورة ومادة، وقال مثله لنا الأستاذ أبو عبد
الله المسفر رحمه الله
ونحن نقرأ كتاب ابن الحاجب عند قوله والمذهب أن المني نجس فقال إن بول الغنم عند الشافعي نجس والمني عنده طاهر،
فيقول المالكي الدليل على أن المني نجس أن بول
الغنم إما أن يكون نجساً وإما أن يكون طاهراً، وأياً ما يكون
فيلزم نجاسة المني فإن كان
نجساً فيلزمه نجاسة المني عملاً بالمشترك وهو الاستقذار مثلاً والاستحالة إلى فساد أو نحو ذلك، وإن كان طاهراً فيلزم
نجاسة المني وإلا انتهض الإجماع في موضع
الخلاف وذلك باطل، فيقول الشافعي الدليل على أن المني طاهر، أن
بول الغنم إما أن يكون
طاهراً وإما أن يكون نجساً، وعلى كل تقدير يلزم ن يكون المني طاهراً، فإن كان طاهراً فيلزم طهارة المني عملاً
بالمشترك، وهو أن كل واحد منهما فضلة تبرز من محل
واحد، ونحو ذلك مما يمكن، وإن كان نجساً فيلزم طهارة المني ولا
ينهض الإجماع في موضع
الخلاف.
قال فما كان مثل هذا الدليل فهو باطل.
إنشادة
لأبي الحسن
القرطبي
يرويها أبو بكر القرشي أنشدني الشيخ الفقيه القاضي الأعدل أبو
بكر بن
القرشي رحمه الله قال أنشدني شيخنا القاضي الخطيب المتفنن أبو البركات البلفيقي، قال أنشدني الأستاذ أبو الحسن علي بن
سليمان القرطبي لنفسه رحمه الله طويل ألا هل
إلى ما أرتضيه بلاغ=وكيف يرى يوماً إليه فراغ وقد قطعت دوني
قواطع جمة=أراع لها مهما
بدت وأراغ ومالي إلا عفو ربي وفضله=ففيه إلى ما أرتجيه بلاغ
إفادة وإنشادة
نظم ابن لب في القضاء
والقدر للرد على متحير سئل شيخنا الفقيه
الإمام العالم العلم الشهير أبو سعيد بن لب عن مضمون هذه
الأبيات، وهي طويل أيا علماء
الدين ذميٌ دينكم=تحير دلوه بأوضح حجة إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم=ولو يرضه مني فما وجه حيلتي؟ قضى بضلالٍ ثم قال
ارض بالقضا=وهل أنا راضٍ بالذي فيه شقوتي
دعاني وسد الباب دوني فهل إلى=دخولي سبيل بينوا لي قضيتي إذا
شاء ربي الكفر منه مشيئةً=فهل
أنا راضٍ باتباع المشيئة؟ وهل لي اختيار أن أخالف حكمه=فبالله فاشفوا بالبراهين علتي وأجاب الأستاذ أجله
الله، بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم بما نصه طويل قضى الرب كفر الكافرين ولم يكن=ليرضاه
تكليفاً لدى كل ملة نهى
خلقه عما أراد وقوعه=وإنفاذه والملك بلغ حجة فنرضى قضاء الرب حكماً وإنما=كراهتنا مصروفة للخطيئة فلا ترض
فعلاً قد نهى عنه شرعه=وسلم لتدبيرٍ وحكم
مشيئة دعا الكل تكليفاً ووفق بعضهم=فخص بتوفيقٍ وعم بدعوة
فتعصي إذا لم تنتهج
طرق شرعه=وإن كنت تمشي في طريق المشيئة إليك اختار الكسب والرب خالقٌ=مريد بتدبير له في الخليقة وما لم يرده الله
ليس بكائن=تعالى وجل الله رب البرية فهذا
جواب عن مسائل سائلٍ=جهولٍ ينادي وهو أعمى البصيرة أيا علماء
الدين ذمي دينكم=تحير دلوه
بأوضح حجة ثم وقع بعد ذلك ما نصه هذه الأبيات المكتتبة تضمنت جواب الأبيات الستة المكتوبة فوق هذا. نظم هذه كاتب
هذا فرج بن لب لطف الله تعالى به وغفر
له.
فالبيت الأول منها مأخوذ من قوله تعالى "ولو شاء الله ما
أشركوا" ولو شاء ربك
ما فعلوه" مع قوله "ولا يرضى لعباده الكفر".
والبيت الثاني مأخوذ من قوله
تعالى "قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم
أجمعين" يعني بالحجة البالغة حجة
الملك كما وقع في حديث مسلم حين سأل عمران بن الحصين أبا
الأسود عما قضى على الكافرين
من كفرهم أفلا يكون ظلماً؟ فقال أبو الأسود كل شيء خلق الله وملك يده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فقال له
عمران أحسنت إنما أردت أن أحزر عقلك،
الحديث.
والبيت الثالث والرابع مأخوذ معناهما من قوله تعالى "إن
الله يحكم ما يريد"،
"وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان".
والبيت الخامس مأخوذ من قوله تعالى
"والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من
يشاء إلى صراط مستقيم" فعم بالدعاء إلى الجنة
وخص بالهداية.
السادس، مأخوذ من قوله تعالى "فليحذر الذين يخالفون عن أمره"،
مع قوله
تعالى "من يشإ الله، يضلله " "ومن يضلل الله فلا هادي له ونذرهم في
طغيانهم يعمهون".
والبيت السابع مأخوذ من قوله تعالى "والله خلقكم وما تعملون".
والبيت الثامن مأخوذ من قوله تعالى "وما تشاؤون إلا أن
يشاء الله"، "إن تحرص
على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل"، "إنك لا تهدي من أحببت" الآية.
والحمد لله
تعالى.
تم الكتاب
=
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق