روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الاثنين، 13 يونيو 2022

مجلد25. و26. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

 مجلد25. و26.  التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

 أولا : مجلد25.التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)
---

[باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان]
قوله: (بَابُ مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ، أَوِ اقْتَصَّ دُونَ السُّلْطَانِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (الحديث الأوَّل مطابق للترجمة، والثاني)؛ ويعني بالحديث الثَّاني: حديث أنس رضي الله عنه: أنَّ رجلًا اطَّلع في بيت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فسدَّد إليه مشقصًا ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (يرد عليه أن يقال: المُومِئ بالمشقص هو النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهو الإمام الأعظم، فكيف يستدلُّ بهذا على أنَّ آحاد النَّاس لهم ذلك دون الإمام، ويمكنه الإجابة عن ذلك بأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُسوةُ غيره في حقوقه المُتعلِّقة به، ولو لم يكن هذا لآحادِ النَّاس؛ لَفعل فيه كما فعل في غيره من التَّحاكم إلى من دونه؛ كقضيَّته مع الذي أنكر حقًّا التمسه منه في المبايعة في فرس)، انتهى، وأوضح منه أن يقال: إنَّه عليه السَّلام لا فرق بينه وبين غيره في ذلك، ولو كان حكمه مُخالِفًا لغيره؛ لنصَّ على الخصوصيَّة، فلمَّا سكت عنها؛ دلَّ على أنَّه كغيره في ذلك، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 760]

(1/12265)


[حديث: نحن الآخرون السابقون.]
6887# 6888# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنُّون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ): تَقَدَّمَ معناه، وتَقَدَّمَ لِمَ أتى بمثل هذا قبل الحديث الذي قبله، وهو: «لو اطَّلع في بيتك ... »؛ الحديث.
قوله: (خَذَفْتَهُ): هو بالخاء والذَّال المعجمتَين المفتوحتَين، وفي نسخة في هامش أصلنا وعليها (صح): (حذفته)؛ بالحاء المُهْمَلَة، قال صاحب «المطالع»: («فخذفته بحصاة»، وللقابسيِّ في «كتاب الدِّيات»: بحاء مهملة، والأوَّل أصوب)، انتهى.
قوله: (فَقَأْتَ [1] عَيْنَهُ): هو بهمزة ساكنة بعد القاف، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12266)


[حديث: أن رجلًا اطلع في بيت النبي فسدد إليه مشقصًا]
6889# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الطَّويل، لا حُمَيد بن هلال.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرَّجل): هو الحكم بن أبي العاصي، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»: أنَّ شيخه أبا الحسن بن مغيث قاله له، ولم يأت عليه بشاهد؛ يعني: ابن مغيث، وقد رأيت في «مبهمات الإمام الحافظ وليِّ الدين أبي زرعة أحمد ابن شيخنا العِرَاقيِّ» ما لفظه: (قلت: قد رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق») انتهى.
قوله: (فَسَدَّدَ إِلَيْهِ مِشْقَصًا): قال ابن قُرقُول: (وفي «الدِّيات»: «فسدَّد إليه مِشقَصًا»، كذا للأصيليِّ وأبي ذرٍّ، وعند الحمُّوي والباقين: «شدَّد»؛ بالشين المُعْجَمَة، وهو وَهم)، انتهى، ومعنى (سدَّد)؛ بالمُهْمَلَة؛ أي: قوَّمه إليه، وقصده به.
قوله: (مِشْقَصًا): تَقَدَّمَ ضبطه وما هو.

(1/12267)


[باب: إذا مات في الزحام أو قتل]
قوله: (أَوْ قُتِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 760]

(1/12268)


[حديث: لما كان يوم أحد هزم المشركون]
6890# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.
قوله: (لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ): تَقَدَّمَ متى كانت وقعة أُحُد في مكانه وفي غير ذلك: سنة ثلاث.
[ج 2 ص 760]
قوله: (هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ): (هُزِم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المشركون): نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (أُخْرَاكُمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (فَاجْتَلَدَتْ): تَقَدَّمَ معناه.
قوله: (فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ الصَّحيح: إثبات الياء فيه وفي (العاصي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن الهادي)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسم (اليماني) حِسْل، ويقال: حُسَيل، وتَقَدَّمَ نسبه، وأنَّ الذي قتله خطأ عتبةُ بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود.

(1/12269)


[باب: إذا قتل نفسه خطأً فلا دية له]
قوله: (بَابٌ: إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً؛ فَلاَ دِيَةَ لَهُ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بلا إسناد، وهو حديث سلمة ابن الأكوع في قتل عامرٍ نفسَه في غزوة خيبر، ثمَّ قال: (إنَّما يتمُّ مقصود الترجمة بذكر الصِّفة التي مات بها عامر، وذلك أنَّ سيفه كان قصيرًا، فرجع إلى رُكبته مِن ضربته، فمات منها، وقد بيَّنه في غير هذا الموضع، فاكتفى بذلك) انتهى.
==========
[ج 2 ص 761]

(1/12270)


[حديث: خرجنا مع النبي إلى خيبر فقال رجل منهم ... ]
6891# قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه سلمة بن عَمرو بن الأكوع، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمة.
قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر بالاختلاف في تاريخها غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَسْمِعْنَا يَا عَامِرُ مِنْ هُنَيْهَاتِكَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجل) لا أعرف اسمه في (غزوة خيبر)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (هنيهاتك) فيها، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (هو عمر بن الخَطَّاب).
قوله: (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَلَّا أَمْتَعْتَنَا بِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ قائل ذلك هو عمر بن الخَطَّاب، ومن أين أخذ ذلك عمر رضي الله عنه، وهنا: (فقالوا)، والظاهر أنَّه أحدُ القائلين، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)، وعلى التَّفدية بالأبوين، وتَقَدَّمَ الكلام على (كَذَبَ مَنْ قَالهاَ)، وذُكِر مَن قال ذلك، وهم في «الصَّحيح»: (فلان وفلان، وأُسَيد بن الحُضَير)، وهذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقدَّمت أنِّي لا أعرف فلانًا وفلانًا المذكورين مع أُسَيد، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ).

(1/12271)


[باب: إذا عضَّ رجلًا فوقعت ثناياه]

(1/12272)


[حديث: يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك]
6892# قوله: (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (حُصَينًا) بضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المُهْمَلَتين، وقدَّمت أنَّ الأسماء كذلك إلَّا حُضَين بن المنذر، فإنَّه بالضَّاد المُعْجَمَة، فَرْدٌ، وأنَّ الكنى: بالفتح، وقدَّمت أنَّ حُصَينًا صحابيٌّ أيضًا.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ): في «صحيح مسلم»: (أنَّ يعلى ابن منية أو أُمَيَّة قاتل رجلًا، فعضَّ أحدُهما صاحبَه)، وفي طريق أخرى بعدها: (أنَّ أجيرًا ليعلى ابن منية عضَّ رجلٌ ذراعَه، فجذبها، فسقطت ثنيَّتُه)، قال الشَّيخ محيي الدين: قال الحُفَّاظ: الصحيح المعروف أنَّ صاحب القصَّة أجير يعلى، لا يعلى، ويحتمل أنَّهما قضيَّتان ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتَين، والله أعلم، وفي بعض طرقه في «مسلم»: (أنَّ أجيرًا ليعلى عضَّ رجلٌ ذراعَه، فسقطت ثنيَّتُه)، وفي أخرى: (فسقطت ثنيَّتُه أو ثناياه)، ولم يُسمَّ العاضُّ ولا المعضوضُ، وفي طريق أخرى: (فسقطت ثنيَّتاه)، وفي طريق أخرى: أنَّ الغزوة التي كانوا فيها غزوةُ تبوك، وأنَّه أسقط إحدى ثنيَّتَيه، وأنَّ أحدَهما عضَّ الآخر، وقوله: (أنَّ يعلى ابن منية أو أُمَيَّة): منية هي أمُّ يعلى، وقيل: جدَّتُه، وأمَّا أُمَيَّة؛ فهو أبوه، فيصحُّ أن يقال: ابن منيةَ وابن أُمَيَّةَ، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (وما قاله _يعني: النَّووي_ مُتعقَّبٌ، فلم نرَ في رواية مسلم أنَّ يعلى هو المعضوض، لا صريحًا ولا إشارةً) انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (تَقَدَّمَ أنَّ العاضَّ يعلى بن أُمَيَّة، والمعضوضَ أجيرُه، وهو مُصرَّح به عند النَّسائيِّ مِن رواية يعلى بعينه _بخلاف ما وقع في «شرح مسلم» للنَّوويِّ_ ولم يُسَمِّ الأجيرَ).
قوله: (كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ؟ لَا دِيَةَ لك): (الفحل) من الإبل معروفٌ.
==========
[ج 2 ص 761]

(1/12273)


[حديث: خرجت في غزوة فعض رجل فانتزع ثنيته]
6893# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (خَرَجْتُ فِي غَزْوَةٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّها تبوك.
قوله: (فَعَضَّ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ الكلام على العاضِّ والمعضوض أعلاه وقبله.
==========
[ج 2 ص 761]

(1/12274)


[باب: السن بالسن]

(1/12275)


[حديث: أن ابنة النضر لطمت جارية ... ]
6894# قوله: (حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (حُمَيدًا): هو الطَّويل ابن تير، ويقال: تيرويه، لا ابنُ هلال، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن هلال ليس له في «البُخاريِّ» غيرُ حديثين ذكرتُهما مرارًا.
قوله: (أَنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ): تَقَدَّمَ أنَّ (ابنة النَّضْر): هي الرُّبَيِّع؛ بضَمِّ الرَّاء، وفتح المُوَحَّدة، وتشديد الياء المُثَنَّاة تحت المكسورة، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّضْر)؛ بالضَّاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد غَيْرَ مَرَّةٍ، وقال بعضهم: إنَّ ابنة النَّضْر لطمتْ جارية، قيل: كذا وقعت الرواية، والصواب: أخت النَّضْر بن أنس، وهي الرُّبَيِّع، انتهى، وهذا غلط محضٌ، والصواب: ابنة النَّضْر، وهي الرُّبَيِّع، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ قريبًا ما الصَّواب: هل هي أخت الرُّبَيِّع أو الرُّبَيِّع بنت النَّضْر، وقدَّمته في (المائدة) أيضًا.
قوله: (لَطَمَتْ جَارِيَةً): تَقَدَّمَ أنَّ هذه (الجارية الملطومة) لا أعرف اسمها.
==========
[ج 2 ص 761]

(1/12276)


[باب دية الأصابع]

(1/12277)


[حديث: هذه وهذه سواء]
6895# قوله: (يَعْنِي الْخِنْصِرَ [1]): هي بكسر الخاء المُعْجَمَة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ صاد مهملة مكسورة: الإصبع الصَّغيرة في اليد والرِّجل، قال أبو عليٍّ: (والخِنْصِر أيضًا: الإصبع الوسطى)، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ ذلك.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ.
==========
[1] في «اليونينيَّة»: (الخِنْصَر)؛ بفتح الصاد.
[ج 2 ص 761]

(1/12278)


[باب: إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم]
قوله: (بَابٌ: إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ؛ هَلْ يُعَاقَبُوا [1] ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (فترجم على القصاص من الجماعة بالواحد، وذكر في جملة الآثار القصاصَ مِن اللَّطمة والسَّوط؛ يعني: من المُنفَرِد، فيقال: ما وجهُ هذا الحديث بالترجمة؟
[ج 2 ص 761]
والجواب: أنَّه استفاد مِن إجراء القصاص في هذه الصَّغائر المُحقَّرات، وأن لا تضييعَ فيها، والأدب العامُّ إجراؤه في الشُّركاء في الجناية؛ كالقتل وغيره؛ لَأن يُصِيبَ كلَّ واحد منهم سهمٌ عظيمٌ معدودٌ من الكبائر، فكيف لا نقتَصُّ منه وقد اقتصصنا في الصَّغائر؟! والله أعلم).
قوله في التَّرجمة: (هل يُعاقَبوا): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (يُعاقِب)، وكالنُّسخة هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وما في الأصل القاهريِّ ليس على الجادَّة، ولو كان (يعاقبون)؛ لكان عليها، (ويُعاقَبوا) هو على لغةٍ، وهو حذف النُّون؛ حيث لا ناصب ولا جازم؛ مثل: «لا تدخلوا الجنَّة حتَّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا»، وأمَّا رواية (يُعاقِب)؛ فهي بكسر القاف، وهي ظاهرة، وهي في بعض أصولنا الدِّمشقيَّة، ولم يذكر غيرها، كما قدَّمتُه، والله أعلم.
قوله: (كُلِّهِمْ): هو مجرور، وجرُّه معروف.
قوله: (وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ): أمَّا (مُطَرِّف)؛ فهو اسم فاعل من (طرَّف) المُضعَّف، وهو مُطَرِّف بن طريف الحارثيُّ، وقيل: الخارفيُّ الكوفيُّ، أبو بكر، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، والشَّعْبيِّ، وحَبِيب بن أبي ثابت، وجماعةٍ، وعنه: السُّفيانان، وجَرِير بن عبد الحميد، وخلقٌ كثيرٌ، وَثَّقَهُ أحمد وأبو حاتم وغيرهما، قال الفلَّاس وغيره: مات سنة (143 هـ)، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة، و (الشَّعْبيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.
قوله: (فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ): هؤلاء الثَّلاثة لا أعرفُ أسماءَهم.
قوله: (ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ): هذا (الآخَرُ) لا أعرفه أيضًا.
قوله: (وَأُخِذَا بِدِيَةِ الأَوَّلِ): (أُخِذا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (يُعاقِب)، وينظر هامش «اليونينيَّة».

(1/12279)


[حديث: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم]
6896# قوله: (وَقَالَ لِي ابْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن بَشَّار، وأنَّ لقبَ مُحَمَّد بُنْدَارٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (أَنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيلَةً): هذا (الغلام): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ عن ابن بشكوال: هو أُصَيْل، وهو كذلك في «السُّنَن الكبير» للبيهقيِّ، ثمَّ ذكره مِن «السُّنَن» المذكورة، وأُصَيْل؛ بضَمِّ الهمزة، وفتح الصَّاد المُهْمَلَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ لام، كذا أحفظُه.
قوله: (غِيلَةً): هو بكسر الغين المُعْجَمَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، وهو أن يُقتَل خُفيةً؛ فيَذْهَبَ به إلى موضعٍ، فإذا صار إليه؛ قَتَلَه.
قوله: (لَوِ اشْتَرَكَ فِيهَا أَهْلُ صَنْعَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (صنعاء)، وأنَّها باليمن، وذكرت واحدةً بقرب الرَّبوة بدمشقَ، وأخرى بالرُّوم، والمُرَاد: الأولى.
قوله: (وَقَالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ): (مُغيرة بن حَكِيم)؛ بفتح الحاء، وكسر الكاف: الأبناويُّ الصَّنعانيُّ، يروي المغيرة عن أبيه، وأبي هريرة، وابن عمر، وصفيَّة بنت شيبة، وأمِّ كلثوم بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وطاووس، وغيرهم، وعنه: مجاهد مع تقدُّمه، ونافع، وهو من أقرانه، وليث بن أبي سُلَيم، وعُقَيل بن خالد، وابن جُرَيجٍ، وجَرِير بن حَازم، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وأمَّا (والده)؛ فقد قَدَّمْتُ ضبطه قريبًا، الصَّنعانيُّ، عن عُمر: (في أربعةٍ قتلوا صبيًّا)، وعنه: ابنه المغيرة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، ذكره الذَّهَبيُّ في «الميزان»، وقال: لا يُعرَف.

(1/12280)


قوله: (أَنَّ [1] أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا): قال ابن شيخنا البُلْقينيَّ: هذه القضيَّة هي المذكورة في «السُّنن الكبير» للبيهقيِّ في قضيَّة أُصَيْل؛ هو الصَّبيُّ المقتول غِيْلة، قال: وقد تبيَّن أنَّ القاتل فيها أربعة: الخليل، ورجل آخر، والمرأة، وخادمها، وقد أخرجها البيهقيُّ مِن طريق المغيرة بن حَكِيم)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ضبط (أُصَيْل).
قوله: (وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مُقَرِّنًا) بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثمَّ نون، ثمَّ اعلم أنَّ ما فعله أبو بكر، وعبد الله بن الزُّبَير، وسُويد بن مُقَرِّن، وكذا الآثار التي بعده، وكذا الحديث الذي أخرجه حديثُ عائشة رضي الله عنها: (لددنا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)؛ في الكلِّ معاقبة الجاني بمثل ما فعل سواء، وهذا العمل مِن البُخاريِّ صريحٌ في أنَّه مذهبُه، قال ابن القَيِّمِ: (وهذا هو الصواب المقطوع به لبضعةَ عشرَ دليلًا قد ذكرناها في موضعٍ آخرَ، وهو منصوص أحمد، وهو ثابت عن الخلفاء الرَّاشدين، وترجمة المسألة بالقصاص في اللَّطمة والضَّربة، وفيها عدَّةُ أحاديثَ لا مُعارِض لها ألبتَّة، فيتعيَّن القول بها)، انتهى، وقال في «معاليم المُوقِّعين»: (وقالت الشَّافِعيَّة، والمالكيَّة، والحنفيَّة، ومُتَأخِّرو أصحابِ أحمد: لا قصاصَ في اللَّطمة والضَّربة، وإنَّما فيها التَّعزيرُ، وحكى بعضُ المُتَأخِّرين في ذلك الإجماعَ، وخرجوا عن محضِ القياس، ومُوجِب النُّصوص، وإجماع الصَّحَابة ... ) إلى آخر كلامه، وفي آخرِ كلامه: (فهذه سنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهذا إجماع الصَّحَابة، وهذا ظاهِرُ القرآن، وهذا محض القياس؛ يعني: القَوَدُ فيها بالمثل ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم.
قوله: (وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، وهو ابن الحارث القاضي، تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ ببعض ترجمة.
==========
[1] في (أ): (في)، ولعلَّه سبق نظر.
[ج 2 ص 762]

(1/12281)


[حديث: لا يبقى منكم أحد إلا لد إلا العباس فإنه لم يشهدكم]
6897# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عُبَيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
قوله: (لَدَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ ما (اللَّدُّ) قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّمَ أنَّه لُدَّ يوم الأحد، فتُوفِّي يوم الاثنين مع الزَّوال.
قوله: (كَرَاهِيَةُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّها بتخفيف الياء، وتَقَدَّمَ أنَّ (الدّواء)؛ بفتح الدَّال وكسرها؛ كلاهما مع المدِّ.
==========
[ج 2 ص 762]

(1/12282)


[باب القسامة]
(بَابُ الْقَسَامَةِ) ... إلى (كِتَاب استِتَابَةِ المُرْتَدِّين)
قوله: (الْقَسَامَةِ): هي بفتح القاف، قال الإمام: (القَسَامة) في اللُّغة: اسم للأولياء الذين يحلفون على دعوى الدَّم، وفي لسان الفقهاء: هي اسم للأيمان،
[ج 2 ص 762]
وقال الجوهريُّ: هي الأيمان تُقسَم على الأولياء في الدَّم، وعلى التقديرَين؛ فهي اسم أُقِيم مَقَام المصدر، قال الإمام: ولا اختصاصَ لها بأيمان الدِّماء، إلَّا أنَّ الفقهاء استعملوها فيها، وأصحابنا استعملوها في الأيمان التي يقع الابتداء فيها بالمُدَّعي، وصورتها: أن يوجد قتيلٌ بموضع لا يُعرَف قاتلُه، ولا يثبتُ، فيدَّعي وليُّه قتلَه على شخص أو جماعة، وتوجَدُ قرينة تُشعِر بتصديق الوليِّ في دعواه، ويقال له: اللَّوث، فيحلف الوليُّ خمسين يمينًا، ويثبتُ القتلُ، فتجب الدِّية لا القصاصُ، وفي قولٍ للشافعيِّ: يجب القصاصُ، قال القاضي عياض: (حديث القَسَامة أصل من أصول الشَّرع، وقاعدةٌ مِن قواعد الأحكام، وركنٌ مِن أركان مصالح العباد، وبه أخذ العلماء كافَّة مِن الصَّحَابة، والتابعين، ومَن بعدهم مِن علماء الأمصار الحجازيِّين، والشَّاميِّين، والكوفيِّين، وغيرهم وإن اختلفوا في كيفيَّة الأخذ به، ورُوِي عن جماعة إبَطَّالُ القَسَامة، وأنَّه لا حكمَ لها، ولا عملَ بها، وممَّن قال بهذا سالمُ بنُ عبد الله، وسليمان بن يسار، والحكم بن عُتَيبة، وقتادة، وأبو قِلَابَة، ومسلم بن خالد، وابن عُليَّة، والبُخاريُّ، وغيرُهم، وعن عمر بن عبد العزيز روايتان كالمذهبين)، انتهى، والاستدلال للفريقين ليس هذا موضعه، والله أعلم.
ثمَّ اعلم أنَّ أوَّل مَن قضى بها في الجاهليَّة الوليدُ بن المغيرة، فأقرَّه عليه السَّلام، قاله شيخنا في «شرح المنهاج» له.

(1/12283)


ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ في هذا الباب على عادته، ثمَّ قال: (مذهب البُخاريِّ تضعيفُ القَسَامة، فلهذا صدَّر الباب بالأحاديث الجارية على أنَّ اليمين مِن جانب المُدَّعَى عليه، وذكر حديث سعيدِ بن عُبَيد، وهو جار على قواعد الدَّعاوي، وإلزام المُدَّعِي البيَّنةَ ليس من خصوصيَّة القَسَامة في شيء، ثمَّ ذكر البُخاريُّ حديثَ القَسَامة الدَّالَّ على خروجها من القواعدِ بطريق العَرَض في «كتاب الموادَعة والجزية»؛ حذرًا من أن يذكره ههنا؛ لئلَّا يعتمد على ظاهره في الاستدلال على القَسَامة واعتبارِها، فيغلط المستدلُّ به على اعتقاد البُخاريِّ، وهو الإخفاء مع صحَّة القصد، ليس مِن كتمان العلم، بل هو من قبيل ما ورد: «لا تعطوا الحكمة غير أهلها، فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها، فتظلموهم»، فالنَّصيحة تُوجِب توقِّي الغلط، والله أعلم، ووَهم المُهلَّبُ فظنَّ أنَّ أبا قِلَابَة اعترض على حديث القَسَامة بحديث العرنيِّين مُعارِضًا به بحديث القَسَامة، فقال: لا تعارُض؛ لأنَّ العرنيِّين اشتُهِر أمرهم، وقتلُهم الرَّاعي، وارتدادُهم عن الإسلام، ولم يكن هذا الحديثُ يمكن خفاؤه ولا جحوده، وإنَّما قتلهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد ثبوت ذلك عليهم شرعًا بطريقة، وهذا وَهَمٌ من المُهلَّب، وأمَّا أبو قِلَابَة؛ فلمَّا اعتُرِض عليه في إبطال القَسَامة بالحديث العامِّ الذي دلَّ على حصر القتل الشرعيِّ في الثَّلاثة؛ قتل، أو كفر، أو زنًى بحديث العرنيِّين؛ لأنَّ المُعترِض سبق ذهنه إلى [أنَّ] العرنيِّين لم يثبت عليهم أحد الثَّلاثة، ومع هذا قُتِلُوا، أجاب أبو قِلَابَة بأنَّه قد ثبت عليهم ثبوتًا واضحًا القتلُ، والرِّدَّةُ، والمحاربةُ، وكلام أبي قِلَابَة هذا في هذا الجواب مستقيمٌ، والله أعلم)، انتهى.

(1/12284)


قوله: (وَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، وذاك الطَّامع أشعبُ _بالموحَّدة_ فَرْدٌ، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمة الأشعث بن قيس، وهو الأشعث بن قيس بن معديكرب بن معاوية بن جَبَلَة بن عديٍّ الكنديُّ، اسمه معديكرب أبو مُحَمَّد، وفد سنة عشرٍ في قومه، وكانوا ستِّين راكبًا، فأسلموا، ثمَّ ارتدَّ فيمَن ارتدَّ، فحُوصِر وأُتِي به إلى الصِّدِّيق أسيرًا، فقال: استَبِقْني لحربِك، وزوِّجني أختَك، وهي أمُّ فروة أمُّ مُحَمَّد بن الأشعث، فزوَّجه، شَهِد اليرموك، ثمَّ القادسيَّة وجلولاء، وكان ممَّن ألزم عليًّا بالحكمين، ترجمته مشهورة، فلا نُطوِّل بها، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، تُوُفِّيَ بعد عليٍّ بأربعين ليلةً.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عُبَيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ _وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صحابيٌّ_ ابن عبد الله بن جُدعان التَّيميُّ.
قوله: (إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ وَكَانَ أَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ): هو عديُّ بن أرطاة الفَزَاريُّ الدِّمَشْقيُّ، عن عَمرو بن عبَسة وأبي أمامة، وعنه: بكر بن عبد الله المزنيُّ، وهشام بن الغاز، وبُرَيد بن أبي مريم السَّلُوليُّ، ويزيد بن أبي مريم الشَّاميُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنيُّ، وقد وُلِّي البصرة لعُمر بن عبد العزيز، فَقَدِمَها سنة تسع وتسعين، قُتِل سنة اثنتين ومئة، أخرج له البُخاريُّ في كتاب «الأدب المُفرَد».
قوله: (فِي قَتِيلٍ وُجِدَ عِنْدَ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ): هذا (القتيل) لا أعرفُ اسمه، و (وُجِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (السَّمَّانون): بيَّاعون السَّمنَ، وهذا غايةٌ في الظهور، إلَّا أنِّي سُئِلت عنه.
قوله: (لَا يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ): (يُقضَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12285)


[حديث: تأتون بالبينة على من قتله]
6898# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (بُشَيْر بْن يَسَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة، و (يسار)؛ بتقديم المُثَنَّاة تحت، وبالسين المُهْمَلَة.
قوله: (أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ (النَّفَر): ما دون العشرةِ مِن الرِّجال؛ كالرَّهط، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا): المقتول هو عبد الله بن سهل، كما جاء مُصرَّحًا به فيما تَقَدَّمَ، وهو عبد الله بن سهل بن زيد بن كعب بن عامر ابن مخدعة بن حارثة الأنصاريُّ الحارثيُّ المدنيُّ، كان خرج إلى خيبر بعد فتحها مع أصحابٍ له يمتارون تمرًا، فوجد قتيلًا فيها رضي الله عنه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (زيد) في نَسب حُويِّصة ومُحَيِّصة فيما مضى.
قوله: (وُجِدَ فِيهِمْ): (وُجِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والموجود فيهم هم يهود خيبر.
قوله: (فَقَالَ: الْكُبْرَ الْكُبْرَ): (الكُبْرَ)؛ بضَمِّ الكاف، وإسكان المُوَحَّدة، مَنْصُوبٌ؛ أي: قدِّم السِّنَّ، وقد فسَّره، و (الكُبْر): جمع (أكبر)؛ مثل: أحمر وحُمْر، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (فَوَدَاهُ): أي: أعطى دِيتَه.
قوله: (مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ): وكذا إحدى روايات «مسلم»، وفي رواية فيهما: (فوداه من عنده)، وفي «أبي داود»: أنَّه ألقى دِيته على اليهود؛ لأنَّه وُجِد بينهم)، وفي «مُصنَّف عبد الرَّزَّاق»: (أنَّه عليه السَّلام بدأَ باليهود، فأَبَوا أن يحلفوا، فردَّ القَسَامة على الأنصار، فأَبَوا أن يحلفوا، فجعله عقلًا على اليهود)، وفي «سنن النَّسائيِّ»: (عقله على اليهود، وأعانهم ببعضها)، قال بعض العلماء: إنَّ قوله: (من إبل الصَّدقة)؛ غلط مِن بعض الرواة؛ لأنَّ الصدقة المفروضة لا تُصرَف هذا المَصْرَف، بل هي لأصناف
[ج 2 ص 763]

(1/12286)


سمَّاهم الله عزَّ وجلَّ، وقال الإمام أبو إسحاق المروزيُّ الشَّافِعيُّ: يجوز صرفُها مِن إبل الزَّكاة؛ لهذا الحديث، فأخذ بظاهره، وقال جمهور الشَّافِعيَّة وغيرُهم: معناه: اشتراها مِن إبل الصدقات بعد أن ملكوها، ودفعها؛ تبرُّعًا إلى أهل القتيل، وحكى القاضي عياض عن بعض العلماءِ: أنَّه يجوز صرفُ الزكاة في المصالح العامَّة، وتأوَّل هذا الحديث عليه، وتأوَّله بعضُهم على أنَّ أولياء القتيل كانوا محتاجين ممَّن يباح لهم الزَّكاة، وهذا تأويل باطل؛ لأنَّ هذا قدر لا يُدفَع إلى الواحد، بخلاف أشراف القبائل، ولأنَّه سمَّاه دية، وتأوَّله بعضُهم على أنَّه دفعه مِن سهم المُؤلَّفة مِن الزَّكاة؛ استئلافًا لليهود، لعلَّهم يُسلمون، وهذا ضعيف؛ لأنَّ الزَّكاة لا يجوز صرفُها إلى كافر، فالمختار: ما حكى الجمهور: أنَّه اشتراها من إبل الصَّدقة، وفي هذا الحديث أحكامٌ أشكل هذا الحكم منها على كثيرٍ مِن النَّاس، وهو إعطاؤه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الدِّية مِن إبل الصَّدقة، وقد ظنَّ بعضُ النَّاس أنَّ ذلك مِن سهم الغانمين، وهذا لا يصحُّ، فإنَّ غارم أهل الذِّمَّة لا يُعطَى مِن الزَّكاة، وظنَّ بعضُهم أنَّ ذلك ممَّا فَضُل مِن الصَّدقة عن أهلها، فللإمام أن يصرفَه في المصالح، وهذا أقربُ مِن الأوَّل، وأقربُ منه أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وداهُ مِن عنده، واقترض الدِّية مِن إبل الصَّدقة، ويدلُّ عليه قوله: (مِن عنده)، قال بعض العلماء: وأقربُ من هذا كلِّه أن يقال: لمَّا تحمَّلها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ لإصلاح ذات البَيْنِ بين الطَّائفتَين؛ كان حكمها حكمَ القضاء عن الغارم بما غرمه؛ لإصلاح ذات البَيْنِ، ولعلَّ هذا مرادُ مَن قال: إنَّه قضاها مِن سهم الغارمين، وهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يأخذ منها لنفسه شيئًا، فإنَّ الصَّدقة لا تحلُّ له، ولكن جرى إعطاء الدِّية منها مجرى إعطائها من الغرم؛ لإصلاح ذات البَيْنِ، والله أعلم.

(1/12287)


فإن قيل: كيف تصنعون بقوله: (فجعل عقله على اليهود)؟ فيقال: هذا مُجمَلٌ لم يحفَظ راويه كيفيَّة جعلِه عليهم، فإنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لمَّا كتب إليهم أن يدوا القتيلَ أو يُؤذِنوا بحرب؛ كان هذا كالإلزام لهم بالدِّية، ولكن الذي حُفِظ أنَّهم أنكروا أن يكونوا قتلوه، وحلفوا على ذلك، وأنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وداه مِن عنده؛ حفظوا زيادة على ذلك، فهم أولى بالتَّقديم.
فإن قيل: كيف تصنعون برواية النَّسائيِّ: (قسمها على اليهود، وأعانهم ببعضها)؟ قيل: هذا ليس بمحفوظ قطعًا، فإنَّ الدِّية لا تلزمُ المُدَّعى عليهم بمجرَّدِ دعوى أولياء القتيل، بل لا بدَّ مِن إقرار، أو بيِّنة، أو أيمان المُدَّعِين، ولم يوجد هنا شيء مِن ذلك، وقد عرض النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أيمان القَسَامة على المُدَّعِين، فأَبَوا أن يحلفوا، فكيف يُلزِم اليهودَ بمجرَّد الدَّعوى؟! والله أعلم.

(1/12288)


[حديث: أفلا تخرجون مع راعينا في إبله]
6899# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ): (أبو بِشْر)؛ بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (الأسَديُّ)؛ بفتح السين المُهْمَلَة: نسبة إلى أسد خزيمة، وهو مولاهم، مشهورٌ جدًّا، و (أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أَبِي قِلَابَةَ): (أبو رجاء) هذا: اسمه سلمان مولى أبي قِلَابَة الجَرْميِّ، روى عن مولاه، وعمر بن عبد العزيز، وغيرِهما، وعنه: أيُّوب، وحجَّاجٌ الصَّوَّاف، وغيرُهما، وكان ثقة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
قوله: (عِنْدَكَ رُؤُوُسُ الأَجْنَادِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأجناد): هي المدن الخمس؛ فلسطين، والأردنُّ، ودمشق، وحمص، وقِنَّسْرِين.
قوله: (بِدِمَشْقَ): بلد معروف، وهو بكسر الدَّال، وفتح الميم، وتُكسَر أيضًا.
قوله: (بِحِمْصَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها مِن المدن القديمة، وأنَّه جاء في حديث ضعيف: أنَّها من مُدن الجنَّة.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها في أوَّل هذا التَّعليق.
قوله: (بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ): أي: بجناية نفسِه.
قوله: (فَقُتِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَقَالَ الْقَوْمُ: أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ؟!): قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (المُخاطِب بذلك لأبي قِلَابَة هو عنبسةُ بن سعيد بن العاصي)، انتهى.
قوله: (أَوَلَيْسَ): هو بفتح الواو على الاستفهام، وقد تَقَدَّمَ متى تُفتَح واوُ (أو) ومتى تُسكَّن، وهو استفهام إنكارٍ.
قوله: (فِي السَّرَقِ): هو بفتح السِّين والراء، وبالقاف، قال الجوهريُّ: (سرق منه مالًا يسرِق سرَقًا؛ بالتَّحريك، والاسم: السَّرِق والسَّرِقة؛ بكسر الرَّاء فيهما، وربَّما قالوا: سرقه مالًا)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («السَّرَق»؛ بالتحريك بمعنى: السَّرِقة، وهو في الأصل مصدرٌ، يقال: سرق يسرِق سرَقًا)، انتهى.
قوله: (وَسَمَرَ الأَعْيُنَ): هو بالتَّخفيف في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: بالتَّشديد، قال ابن قُرقُول: («سَمَرَ أعينهم»؛ بالتَّخفيف: كحلها بالمسامير المُحماة، وضبطناه عنهم في «البُخاريِّ»: بتشديد الميم، والأوَّل أوجه، ويُروى: «سمل»؛ باللَّام، ومعناه متقارب)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12289)


قوله: (ثُمَّ نَبَذَهُمْ): أي: طرحهم.
قوله: (أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً): تَقَدَّمَت الروايات في ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ؛ أعني: في أنَّهم من (عكل، أو عرينة)، أو (من عكل وعرينة)، أو (من عكل)، أو (من عرينة)، أو (أنَّ نفرًا)، وكلُّه في «الصحيح» من حديث أنس، وقد تَقَدَّمَ أنَّهم كانوا ثمانيةً، كما في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، وقيل: إنَّهم كانوا سبعةً.
قوله: (فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ): سقِم؛ بكسر القاف، يسقَم؛ بفتحها.
قوله: (مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرَّاعي): هو مولاه عليه السَّلام، وأنَّ اسمه يسار، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وأَلْبَانِهَا [1])، وأنَّ غالب الشَّافِعيَّة حملوه على التَّداوي، وأنَّ عندهم يجوز التَّداوي بالأشياء النَّجسة إلَّا الخمرَ؛ بشرطين تقدَّما في أوَّل هذا التعليق وغيره، وأمَّا قوله: (فتصيبون): الجادَّة حذف النُّون، ويجوز إثباتها على لغة، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (المُرسَل في آثَارِهِم)؛ كم كانوا فارسًا، وتَقَدَّمَ الكلام على أميرهم: هل هو سعيد بن زيد أحد العشرة، أو الأنصاريُّ الأشهليُّ،
[ج 2 ص 764]
أو كُرز بن جابر، وأنَّ بعضهم قال: إنَّه جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، وهو غلط.
قوله: (وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بالتَّخفيف والتَّشديد، وهما نسختان في أصلنا؛ المُخَفَّفة في الأصل، والمُشَدَّدة في الهامش.
قوله: (ثُمَّ نَبَذَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: طرحَهم.
قوله: (وَسَرَقُوا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه ليست سرقةً.
قوله: (فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ): هو عنبسة بن سعيد بن العاصي بن سعيد الأمويُّ، أخو عَمرٍو الأشدق، ترجمته معروفة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وهو ثقة.
قوله: (إِنْ سَمِعْتُ): هو بكسر همزة (إِنْ)، وسكون النُّون؛ بمعنى: (ما)، وهي نافية.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ اللَّغات فيها.
قوله: (بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ): أي: بينهم.
قوله: (دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ (النَّفر): ما دون العشرة مِن الرِّجال؛ كالرَّهط.
قوله: (فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ): تَقَدَّمَ أنَّ المقتولَ عبدُ الله بن سهل، وفي هذه العبارة ما يُوهِم أنَّ ذلك كان بالمدينة، وليس كذلك، بل قُتِل عبد الله بن سهل بخيبر.

(1/12290)


قوله: (يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ): أي: يضطربُ.
قوله: (أَوْ مَنْ [2] تُرَوْنَ قَتَلَهُ): (تُرَون)؛ بضَمِّ أوَّله، ويجوز فتحه، وبهما ضُبِط في أصلنا بالقلم، ومعنى الضَّمِّ: تظنُّون، وكذا قوله: (قَالُوا: نرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ): (نُرَى)؛ بضَمِّ النون وفتحها.
قوله: (نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ): (النَّفَلُ)؛ بفتح النُّون والفاء، وباللَّام، وكذا هو مضبوط في أصلنا، وفي هامش الأصل بإسكان الفاء: (نفْل)، وكُتِب عليها علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وهو بالتحريك: الأيمان، وسُمِّيت القَسَامة نفَلًا؛ لأنَّ الدَّم يُنفَى بها، ومنه: (وانتفل من ولدها)؛ أي: نفاه وجحده، وفي «النِّهاية» نحوه، ولفظه: («أترضون بنفل خمسين من اليهود ما قتلوه»، يقال: نفَّلته فنَفَل؛ أي: حلَّفته فحلف، ونفل وانتفل؛ إذا حلف، وأصل النَّفَل: النَّفي، يقال: نفلتُ الرَّجل عن نسبه، وانْفُلْ عن نفسِك إن كنتَ صادقًا؛ أي: انفِ ما قيل فيك، وسُمِّيَت اليمين في القَسَامة نَفَلًا؛ لأنَّ القصاص يُنفَى بها)، انتهى، وأمَّا السكون في (النَّفْل)؛ بمعنى: الانتفاء؛ فقد يُؤخَذ مِن «الصِّحاح»، والله أعلم.
قوله: (ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (يُنَفِّلون)، وقد تَقَدَّمَ أعلاه معناه.
قوله: (فَوَدَاهُ) رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أي: أعطى دِيته.
قوله: (مِنْ عِنْدِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، والكلام على الروايات في ذلك.

(1/12291)


قوله: (خَلَعُوا خَلِيعًا): هو بالخاء المُعْجَمَة، والعين المُهْمَلَة، قال في «المطالع»: (هكذا لهم _يعني: «خلعوا خليعًا» _؛ ومعناه: تبرَّؤوا منه؛ لجناياته، فلا ينصرونه، ولا يُطْلَبون بجناياته، ولا يَطلبون بما جُنِي عليه، وهو أصل ما سُمِّي به الشَّاطر خليعًا؛ لأنَّ أصل هذا الاسم موضوع للخبيث الشِّرِّير، ورواه القابسيُّ: «حلِيفًا»؛ أي: نقضوا حِلْفَه، يقال: تخالع القوم؛ إذا نقضوا ما كانوا عقدوه مِن الحِلْف بينهم)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (كانت العرب يتعاهدون ويتعاقدون على النُّصرة والإعانة، وأن يُؤخَذ كلٌّ منهم بالآخر، فإذا أرادوا أن يتبرَّؤوا مِن إنسان قد حالفوه؛ أظهروا ذلك إلى النَّاس، وسَمَّوا ذلك الفعلَ خُلْعًا، والمُتبرَّأَ منه خليعًا؛ أي: مخلوعًا، فلا يُؤخذون بجنايته، ولا يُؤخَذ بجنايتهم)، انتهى، وهذا لفظ ابن الأثير بحروفه، وذكر في عقب ذلك: (كأنَّهم قد خلعوا اليمينَ التي كانوا قد لبسوها معه، وسَمَّوه خلعًا وخليعًا؛ مجازًا واتِّساعًا، وبه سُمِّي الإمامُ والأميرُ إذا عُزل خليعًا؛ كأنَّه كان قد لبس الخلافةَ والإمارةَ، ثمَّ خلعها)، انتهى لفظُه.
قوله: (خَلَعُوا خَلِيعًا [3] فِي الْجَاهِلِيَّةِ ... ) إلى أن قال: (فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ): هذان الرَّجلان لا أعرفهما.
قوله: (فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ): (طرقهم): أي: أتاهم ليلًا.
قوله: (فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ): هو بالحاء المُهْمَلَة، وبالذال المُعْجَمَة، كذا هو في أصلنا بالقلم؛ أي: رماه به إلى جانبٍ، و (الحَذْف): الرَّمي إلى ناحية الجانب، قاله في «المطالع»، وفي «الصِّحاح»: (و «حذفته بالعصا»؛ أي: رميتُه بها)، وفي «النِّهاية» في حديث عرفجة: (فتناول السَّيف فحذفه به): ضربه به عن جانبٍ، و (الحذف): يُستعمَل في الضَّرب والرَّمي معًا.
قوله: (فَأَخَذُوا الْيَمَانِيَّ): كذا في أصلنا مُشدَّد الياء، واعلم أنَّ النسبة إلى اليمن: يمنيٌّ ويمانٍ؛ مُخَفَّفة، والألف عوض مِن ياء النِّسبة، فلا يجتمعان، قال سيبويه: (وبعضهم يقول: يمانيٌّ؛ بالتَّشديد)، فما في الأصل على لغة، والله أعلم.
قوله: (بِالْمَوْسِمِ): (موسم الحجِّ): مَعْلَمٌ يُجتَمَعُ إليه، وقد يُقَال: لأنَّ له سِمةً وعلامةً؛ وهي رؤية الهلال يُقتَدى به له، والله أعلم.

(1/12292)


قوله: (قَتَلَ صَاحِبَنَا): (قَتَل)؛ بفتح القاف والتَّاء: فعل ماض مَبْنيٌّ للفاعل، و (صاحبَنا): مَنْصُوبٌ ومضاف إليه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، إلَّا أنَّه قد يشتبه بأنَّ (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صاحبُنا): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، والله أعلم.
[ج 2 ص 765]
قوله: (فقالوا: إنَّه [4] خَلَعُوهُ): تَقَدَّمَ في ظاهرها ما (الخلعُ).
قوله: (فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ): (قُرِنَت): هو بالنُّون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يدُه): بالرَّفع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ): هو بالنون، والخاء المُعْجَمَة؛ موضعٌ قريبٌ من مكَّة.
قوله: (أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ): أي: المطر.
قوله: (فِي غَارٍ): هو الفتح في الجبل، وهو الكهفُ.
قوله: (وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ): (أَفلَت)؛ بفتح الهمزة واللَّام، يقال: أفلتَ الشيءُ، وتفلَّت، وانفلت بمعنًى، وأفلتَه غيرُه، قاله الجوهريُّ.
قوله: (فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي الْمَقْتُولِ): (أخو المقتول) لا أعرفه، كما لا أعرف أخاه.
قوله: (وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ): هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف الخليفة، أبو الوليد، الأمويُّ المدنيُّ الدِّمَشْقيُّ، بُويِع بالخلافة بعهدٍ مِن أبيه، روى عن أبيه، وأبي هريرة، وأمِّ سلمة، وعثمانَ بن عَفَّانَ، ومعاوية، وأبي سعيد الخدريِّ، وغيرِهم، وعنه: ابنه مُحَمَّد، وعروة، ورجاء بن حيوة، وخالد بن معدان، والزُّهْرِيُّ، ويونس بن ميسرة بن حَلْبس، وآخرون، قال ابن سعد: كان عابدًا ناسكًا قبل الخلافة، وشهد يوم الدَّار مع أبيه وله عشر سنين، ترجمته معروفة، تُوُفِّيَ بدمشق يوم الأربعاء النِّصف من شوَّال سنة ستٍّ وثمانين، أخرج له البُخاريُّ في كتاب «الأدب المُفرَد»، له ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (أَقَادَ رَجُلًا بِالْقَسَامَةِ): هذا الرجل لا أعرفه.
قوله: (فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ): (مُحُوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الدِّيوان): تَقَدَّمَ الكلام عليه في حديث كعب بن مالك في قصَّته في تبوك، وهو بكسر الدال على المشهور، وفي لغة بفتحها، وهو فارسيٌّ معرَّبٌ، وقيل: عربيٌّ، وهو الكتاب الذي يُكتَب فيه أهلُ الجيش وأهل العَطيَّة، وأوَّلُ من دوَّن الدواوين في الإسلام عمرُ بن الخَطَّاب رضي الله عنه.
==========

(1/12293)


[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (ألبانها وأبوالها).
[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، و (من): ليس في رواية «اليونينيَّة» و (ق).
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (لهم).
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ).

(1/12294)


[باب: من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه فلا دية له]
قوله: (فَفَقَؤوا عَيْنَهُ): (فقؤوا): هو بهمزةٍ مضمومةٍ في آخره.
==========
[ج 2 ص 766]

(1/12295)


[حديث: أن رجلًا اطلع في بعض حجر النبي]
6900# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليمان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكونه (أبو اليمان) كذا في هامش أصلنا، وعليه (صح)، وعِوَضه في أصلنا: (أبو النعمان)، وعليه علامة راويه، وقد وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (أبو اليمان)، وقد ضَبَّب عليه كاتبُ الأصل، وكتب بخطه: (أبو النُّعمان)، وعَمِلَ عليه علامةَ نسخةٍ، وصحَّح، وقد راجعتُ «أطراف المِزِّيِّ» في ذلك؛ فرأيته طرَّف الحديث في هذا المكان عن أبي النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل، فإذن الصواب: (أبو النعمان)، لا (أبو اليمان)، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ في بَابِ [1] رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو الحكم بن أبي العاصي، قاله ابن بشكوال عن ابن مغيث، قال: ولم يأتِ عليه بشاهدٍ، وأنَّ ابن شيخنا الحافظِ العِرَاقيِّ ذكر أنَّ شاهده في «تاريخ دمشق» لابن عساكر.
قوله: (مِنْ جُحْرٍ): هو بضَمِّ الجيم، وإسكان الحاء.
قوله: (فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ، أَوْ بِمَشَاقِصَ): تَقَدَّمَ ما (المِشْقَص)، و (المشاقص): جمعُه.
قوله: (يَخْتِلُهُ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه بكسر التاء وضمِّها.
قوله: (لِيَطْعنَهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين وفتحها.

(1/12296)


[حديث: لو أعلم أن تنتظرني لطعنت به في عينيك]
6901# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] سعد الإمامُ، أحد الأعلام والأجواد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الحكم بن أبي العاصي.
قوله: (مِدْرًى): تَقَدَّمَ ما (المدرى).
قوله: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ): (جُعِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الإذنُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/12297)


[حديث: لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذن]
6902# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ): وفي نسخة: (ابن عبد الله)، وهو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ الحافظ، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ عن عليِّ بن عبد الله، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.
قوله: (فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ): (خَذَفته): بالخاء المفتوحة وكذا الذال المعجمَتَين، قال ابن قُرقُول: (فخذفته بحصاةٍ)؛ يعني: بالخاء والذال المعجمتين، قال: وللقابسيِّ في (كتاب الدِّيَات) بحاء مهملة، والأوَّل أصوبُ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (فَقَأْتَ [1] عَيْنَهُ): (فقأْتَ): هو بهمزة ساكنة، ثمَّ تاء الخطاب المفتوحة.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَفَقَأْتَ).
[ج 2 ص 766]

(1/12298)


[باب العاقلة]
قوله: (بَابُ الْعَاقِلَةِ): (العاقلة): العَصَبة والأقارب من قِبَل الأب الذين يُعْطُون دِيَةَ قتيلِ الخطأ، وهي صفة جماعةٍ عاقلةٍ، وأصلها: اسم فاعلة من العقل، وهي من الصفات الغالبة، والله أعلم، وأوضح من هذا: أنَّ (العاقلة): عصبةُ الشخص لا الأصل والفرع، وقيل: يعقل ابنٌ هو ابن عمِّها، ويُقَدَّمُ الأقربُ، فإن بقي شيءٌ فمَن يليه، ومدلٍ بأبوين، والقديمُ التسويةُ [1].
==========
[1] انظر «المنهاج» (&).
[ج 2 ص 766]

(1/12299)


[حديث: والذي فلق الحب وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن]
6903# قوله: (حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الطاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، وبالفاء، وهو مُطَرِّف بن طَرِيف الحارثيُّ، وقيل: الخارفيُّ، تَقَدَّمَ غير بعيد مترجمًا، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وقيل: وهب بن وهب، صحابيٌّ مشهورٌ.
[ج 2 ص 766]
قوله: (وَبَرَأَ النَّسَمَةَ): (بَرأَ): بهمزة مفتوحة في آخره، و (النَّسَمة): بفتح السين، قال الخليل: (النَّسَمة: الإنسان).
قوله: (مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ): في هذا إبَطَّالٌ لما تقوله الرافضةُ من أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اختصَّ أهلَ البيت بعلمٍ لم يُطْلِع عليه غيرَهم، وكذبوا.
قوله: (يُعْطَى رَجُلٌ): (يُعطَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رجلٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (الْعَقْلُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه الدِّيَةُ.
قوله: (وَفكَاكُ الأَسِيرِ): هو بفتح الفاء، وتُكسَر أيضًا، لغةٌ حكاها الكسائيُّ، نقلها الجوهريُّ عنه.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكر الكلام عليها في أواخر هذا التعليق.
==========
[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة».

(1/12300)


[باب جنين المرأة]

(1/12301)


[حديث: أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى]
6904# قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى): تَقَدَّمَ الكلام على هاتين المرأتين، وأنَّ المضروبةَ مُلَيْكَةُ بنت عُويمر، وأنَّ الضاربةَ أمُّ غُطَيف، ويُقال: أمُّ عَفيف بنت مسروح.
قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 767]

(1/12302)


[حديث: قضى النبي بالغرة عبد أو أمة]
6905# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وتَقَدَّمَ أنَّ (وُهَيْبًا): هو ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ.
قوله: (فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ): (الإملاص)؛ بكسر الهمزة، وفي آخره صاد مهملة: قال الدِّمْيَاطيُّ: (الإملاص: أن يزلق الجنين قبل وقت الوِلادة، وكلُّ ما زلق من اليد؛ فقد ملص وامَّلَصَ)، انتهى، وهذه عبارة «النهاية» غيرَ يسير، وقال ابن قُرقُول: هو إزلاقُها الولدَ قبل حينه، يُقال: أملصت المرأةُ الجنينَ، وأملصت به، وملَصَ هو يَمْلَصُ، وامَّلَصَ؛ إذا زلق، وقد جاء في رواية بعضِهم: (في ملاص المرأة)؛ كأنَّه اسمٌ لفعلِ الولدِ، وأقام المضاف إليه مقامَه، أو اسمٌ لتلك الولادة؛ كالخِداج.
قوله: (قَضَى [1] بِالْغُرَّةِ؛ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/12303)


[حديث: قضى النبي في السقط]
6906# 6907# 6908# قوله: (نَشَدَ النَّاسَ): أي: سأل الناس.
قوله: (فِي السِّقْطِ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين في (الجنائز) وغيرِها.
قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ): تَقَدَّمَ.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): قال الكلاباذيُّ وابنُ طاهر في ترجمة مُحَمَّد بن سابق: (روى عنه البُخاريُّ ... ) إلى أن قالا: (فروى عن الفضلِ بن يعقوب ... ) إلى أن قالا: (ومُحَمَّدِ بن عبد الله، يُقال: إنَّه الذهليُّ عنه)، انتهى، و (مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ): بموحَّدة قبل القاف، وهو شيخ البُخاريِّ أيضًا، تَقَدَّمَ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ثقةٌ، و (زَائِدَةُ): هو ابن قدامة، أبو الصَّلْت الثقفيُّ، تَقَدَّمَ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حَدَّثَنِي).
[ج 2 ص 767]

(1/12304)


[باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد]
قوله: (وَأَنَّ الْعَقْلَ): تَقَدَّمَ أنَّ (العَقْلَ): الدِّيَة، وتَقَدَّمَ [لمَ] سُمِّيَ العَقْلُ عقلًا.
==========
[ج 2 ص 767]

(1/12305)


[حديث: أن رسول الله قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد ... ]
6909# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال فيه إلَّا بفتح الياء.
قوله: (فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ اسمَ المرأة صاحبةِ الجنين هي المضروبة، واسمُها مُلَيْكَة بنت عُويمر، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَ ضاربتها أمُّ غُطَيف، ويقال: أمُّ عَفِيف بنت مسروح.
قوله: (مِنْ بَنِي لِحْيَانَ): هو بكسر اللام وفتحها.
قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ): تَقَدَّمَ.
قوله: (ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا): هو بفتح القاف والضاد، مَبْنيٌّ للفاعل، وقد تَقَدَّمَ أعلاه وقبله اسمُ هذه الضاربة.
قوله: (وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا): أي: عَصَبة القاتلة، وقد تَقَدَّمَ اسمها أعلاه وقبله.
قوله: (أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا): بنوها وزوجها لا أعرفُهم، إلَّا أنَّ في بعض طرقه: أنَّ الزوج هو حملُ بن مالك بن النابغة، والضاربة والمضروبة كانتا ضرَّتين تحته.
قوله: (وَأَنَّ الْعَقْلَ): أي: الدِّيَة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.
==========
[ج 2 ص 767]

(1/12306)


[حديث: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر ... ]
6910# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّبِ): سعيد، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال فيه إلَّا بالفتح [1]، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ): تَقَدَّمَ اسم الضاربة والمضروبة أعلاه وقبله غَيْرَ مَرَّةٍ.
قوله: (غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليه، والله أعلم.
[ج 2 ص 767]
قوله: (عَلَى عَاقِلَتِهَا): تَقَدَّمَ مَن عاقلة الإنسان.
==========
[1] في (أ): (بالكسر)، والمثبت من المواضع السابقة.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وَلِيدَةٌ).

(1/12307)


[باب من استعان عبدًا أو صبيًا]
قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَة [1]): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطِه، فلهذا مرَّضه، وفي أصلنا: (أمُّ سَلَمة)، وعليها علامة راويها و (صح)، وهو ما قاله شيخُنا في «شرحه»، وفي الهامش: (سُلَيم) _يعني: أمَّ سُلَيم_ وعليها (صح)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (أمُّ سُلَيم)، وفوقها: (سلمة)؛ أي: أمُّ سلمة، وشيخُنا شرحه على أنَّها أمُّ سلمة، وصرَّح بأنَّها أمُّ المؤمنين، والله أعلم، قال شيخُنا الشارح: أخرجه وكيع، عن مَعْمَر، عن سفيان، عن ابن المنكدر عنها، ولم يسمع منها، انتهى، و (أمُّ سلمة): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وذكرت أنَّها تُوُفِّيَت بعد قتل الحُسين رضي الله عنهما، و (أمُّ سُلَيم): تَقَدَّمَت، وهي زوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل.
قوله: (إِلَى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ): كذا أحفظه بضَمِّ الكاف، وتشديد التاء، وكذا أسمعُ الناس يقرؤونه، وأُخبِرْتُ أنَّ بعض طلبة العلم ضبطه بالقلم: (الكِتَاب)؛ بكسر الكاف، وتخفيف التاء؛ ومعناه: مُعَلِّم القرآن، و (معلِّم الكُتَّاب): الذي يُعَلِّم الأولادَ الكتابةَ، أو يعلِّمهما.
قوله: (يَنْفُشُونَ صُوفًا): هو بضَمِّ الفاء، وهذا مَعْرُوفٌ.
قوله: (وَلاَ تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا): قال شيخنا: واشتراط أمِّ سلمة ألَّا يُرسِل إليها حرًّا؛ فلأنَّ الجمهور قائلون: بأنَّ من استعان صبيًّا حرًّا لم يبلغ أو عبدًا بغير إذن مواليه، فهلكا في ذلك العمل؛ فهو ضامنٌ لقيمة العبدِ ولِدِيَة الصبيِّ الحرِّ على عاقلته، ولا شكَّ أنَّ أمَّ سلمة أمٌّ لنا، فمالُنا كمالِها، وعَبيدُنا كعَبيدِها، وقال الداوديُّ: يحتمل فعل أمِّ سلمة لأنَّها أمُّهم، وعلى هذا لا يفترق أن يُفرَّق بين حرٍّ وعبدٍ ... إلى آخر كلامه.
ويحتمل أنَّ أم سلمة أرادت إجلالَ الصبيِّ الحرِّ عن العمل، ولم تجلَّ العبدَ؛ لأنَّه ممتَهَنٌ، ولا يأنف سيِّدُه عن عاريته في الأعمال؛ بخلاف الحرِّ، فإنَّ والدَه أو والدَتَه قد يجلُّه عن الامتهان، وإن كان حكم أمِّ سلمة بخلاف حكم غيرها مع الناس، أو لأنَّ المهانة [2] في العبد ضعيفةٌ جدًّا، والله أعلم، قلتُه ولم أرَه لأحدٍ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (سُلَيْمٍ).

(1/12308)


[2] في (أ): (المانة)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 768]

(1/12309)


[حديث: لما قدم رسول الله المدينة أخذ أبو طلحة بيدي]
6911# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.
قوله: (أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا طلحة): زيدُ بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (لِمَ صَنَعْتَ؟): هو بكسر اللام، وفتح الميم على الاستفهام، وكذا (لِمَ لَمْ تَصْنَعْ؟).
==========
[ج 2 ص 768]

(1/12310)


[باب: المعدن جبار والبئر جبار]
قوله: (بَابٌ: الْمَعْدِنُ جُبَارٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب في الركاز الخمس) في (كتاب الزكاة).
==========
[ج 2 ص 768]

(1/12311)


[حديث: العجماء جرحها جبار والبئر جبار]
6912# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَ أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ.
قوله: (الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ): (العجماء): البهيمة فعلها هَدَرٌ لا طلبَ فيه، ولا قَوَدَ، ولا دِيَةَ، وأصلُه: أنَّ العرب كانت تُسَمِّي السَّيل جُبارًا لهذا المعنى، وسُمِّيَت عجماء؛ لأنَّها لا تتكلَّم.
قوله: (وَالْبِئْرُ جُبَارٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الزكاة)، وكذا (الْمَعْدِنُ جُبَارٌ)، وكذا (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ).

(1/12312)


[باب: العجماء جبار]
قوله: (بَابٌ: الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ): اعلم أنَّ للعلماء فيما تفسده البهائمُ إذا انفلتت ليلًا أو نهارًا ثلاثةَ مذاهبَ: الضمان مطلقًا، وهو مذهب الليث، وعدمه إلَّا أن يكون له فعلٌ فيها، وهو مذهب الكوفيِّين، ثالثها: التفصيل بين ما أفسدته نهارًا؛ فلا ضمانَ إلَّا أن يكون صاحبُها معها ويقْدر على منعها، وبين ما أفسدته ليلًا؛ فضمانه على أرباب المواشي، قاله مالكٌ والشَّافِعيُّ [1].
قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وتَقَدَّمَ الكلام على بني سيرين وبناته، وكم هم واحد.
قوله: (كَانُوا لَا يُضَمِّنُونَ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الميم المُشَدَّدة.
قوله: (مِنَ النَّفْحَةِ): هو بالحاء المُهْمَلَة، (نفحت الدَّابَّةُ): ضربت برِجلها.
قوله: (وَقَالَ حَمَّادٌ): الذي ظهر لي أنَّه ابن زيد، وقد رأيتُ الذَّهَبيَّ في «تذهيبه [2]» ذكر مكانًا واحدًا من «البُخاريِّ» لفظه: عن حَمَّاد، وأنَّه أرادَ به البُخاريُّ حَمَّادَ بنَ أبي سليمان، وهو: (ما إذا أقرَّ مرَّة بالزنى عند الحاكم؛ رُجِم)، ورأيتُ ابنَ زيد عالمَ أهل البصرة وممَّن أخذ عنه الثَّوريُّ، فغلبَ على ظنِّي أنَّه أراد به هنا، وكذا المكان الذي بعده الذي يأتي قريبًا حَمَّاد بن زيد، والله أعلم، فإن كان هو _وهو الظاهر_؛ فقد تَقَدَّمَ، وإن كان ابن أبي سلمان؛ فاسم أبي سليمان مسلمٌ، وهذه كنية حَمَّادٍ: أبو إسماعيل، أشعريٌّ كوفيٌّ، أحد الأئمَّة الفقهاء، سمع أنسًا، وتفقَّه بإبراهيم النَّخَعيِّ، روى عنه: سفيان، وشعبة، وأبو حنيفة، وخلقٌ، تُكُلِّم فيه للإرجاء، قال في «الميزان»: ولولا ذكر ابنُ عديٍّ له في «كامله»؛ لما أوردته، قال ابن عَدِيٍّ: كثير الرواية، له غرائبُ، وهو متماسِكٌ، لا بأس به، وقال ابن معين وغيرُه: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، لا يُحتَجُّ به، مستقيمٌ في الفقه، فإذا جاء الأثر؛ شوَّش، انتهى، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد أخرج له مسلمٌ والأربعةُ، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات» فقال: يُخطئ، وكان مرجئًا، فإن أردت تتمَّة ترجمته؛ فانظرها من المطوَّلات، مات سنة (120 هـ)، وقال ابن حِبَّانَ: سنة (119 هـ).
قوله: (النَّفْحَةُ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (النفحة).

(1/12313)


قوله: (إِلَّا أَنْ يَنْخسَ): هو بضَمِّ الخاء وكسرها؛ لُغَتان حكاهما الجوهريُّ، وفي هامش أصلنا ما لفظه: (تُضَمُّ وتُكسَر وتُفتَح، والضمُّ أعلى اللغات، ولم يحكِ الجوهريُّ سوى الفتح والضمِّ)، انتهى، والذي في نسختي بـ «الصحاح» _وقد قوبلت أربع مَرَّاتٍ، وهي صحيحة غايةً_: (ينخُسه وينخِسه)؛ بضَمِّ الأولى، وكسر الثانية بالقلم، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ شُرَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، وهو ابن الحارث، القاضي المشهور، تَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (مَا عَاقَبَتْ [3] أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا) انتهى: (عاقبتْ): هو بتاء التأنيث الساكنة، و (إلَّا) في أصلنا مضروبٌ عليها بالحمرة، و (إلَّا) في أصلنا الدِّمَشْقيِّ ملحقةٌ بغير خطِّ الكاتب ولا المقابل في آخر السطر، قال ابن الأثير في «نهايته»: (ومنه حديث شريح: «أنَّه أبطل النفح إلَّا أن تضرب فتُعاقِب»؛ أي: أبطل نفح الدَّابَّة برجلها إلَّا أن تتبع ذلك رَمْحًا)، انتهى.
وقوله: (لَا تُضْمَنُ): بضَمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، قال ابن قُرقُول: وفي (باب العجماء جبار): (قال شريح: لا تُضْمَنُ _يعني: الدَّابَّة_ ما عاقبت أن يضربها، فتضرب _بسبب ذلك_ برجلها)، وهو كلامٌ صحيحٌ [ومعنى «عاقَبَت» هنا: فعَلَت ذلك من أجلِ فعلِكَ بها؛ كما فسَّرناه قبلُ في معنى «العقابِ»، وعندَ ابنِ السَّكنِ: «إلَّا أن تضرِبها»، وهذا صحيحٌ] على مذهب مالكٍ وجماعةٍ غيره، وليس مذهبَ شريح، بل مذهبه: أنَّه لا تضمن بوجه، ورواه بعضُهم: «إذا عاقبت أن تضربها»؛ [أي]: إذا لم تضربها؛ نحو [4] معنى رواية ابن السكن، وكلُّه وَهَمٌ؛ لما ذكرناه من مذهب شريح المعلوم، انتهى.
قوله: (وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ): أمَّا (الحكم)؛ فهو ابن عُتيبة الإمام، وأمَّا (حَمَّاد)؛ فالذي ظهر لي أنَّه ابن زيد، فإن كان هو _وهو الظاهر_؛ فقد تَقَدَّمَ، وانظر ما ذكرتُه أعلاه، فإنَّه سببُ ما غلب على ظنِّي أنَّه حَمَّاد بن زيد، والله أعلم، وإن كان ابن أبي سليمان؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه بعض ترجمته.

(1/12314)


قوله: (إِذَا سَاقَ الْمُكَارِي حِمَارًا): قال الجوهريُّ: الكراء: ممدودٌ؛ لأنَّه مصدرُ «كاريت»، والدليل على ذلك: أنَّك تقول: رجلٌ مكارٍ، و «مُفاعلٌ» إنَّما هو من «فَاعَلْتُ»، وهو من ذواتِ الواو؛ لأنَّك تقول: أعطِ الكَرِيَّ كِرْوَته؛ بالكسر؛ أي: كِراءه ... إلى أن قال: والمُكاريْ: مخفَّف، والجمع: المكارون، سقطت الياء؛ لاجتماع الساكنين، تقول: هؤلاء المُكَارون، وذهبتُ إلى المُكَارِين، ولا تقلْ: المُكارِيِّين؛ بالتشديد، وإذا أضفتَ «المُكاري» إلى نفسك؛ قلتَ: هذا مُكارِيَّ؛ بياء مفتوحة مُشَدَّدة، وكذلك الجمع تقول: هؤلاء مُكارِيَّ، سقطت نون الجمع؛
[ج 2 ص 768]
للإضافة، وقُلِبَت الواو ياء، وفَتَحْت ياءك وأُدغِمَت؛ لأنَّ قبلها ساكنًا، وهذان مكارِيايَ؛ تفتح ياءك.
قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): هو عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (فَأَتْعَبَهَا): هو بمُثَنَّاة فوق قبل العين، ثم مُوَحَّدة بعد العين؛ من التعب؛ وهو النَّصَبُ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا): معناه _والله أعلم_: مُتَأَدِّيًا في مشيته.
==========
[1] هذه الفقرة جاءت مستدركة في (أ) قبل الفقرة السابقة.
[2] في (أ): (تهذيبه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[3] زيد في (أ): (إلا)، وضرب عليها بالحمرة.
[4] في (أ): (بحق)، والمثبت وما استدرك قبلُ من مصدره.

(1/12315)


[حديث: العجماء عقلها جبار والبئر جبار]
6913# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «الأطراف» إلى أبيه، والظاهر أنَّه وقع له كذلك، وليس مِن توضيحه ولا توضيح مَن هو دون البُخاريِّ.
قوله: (الْعَجْمَاءُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وفي (الزَّكاة).
قوله: (عَقْلُهَا جُبَارٌ): هو مثل: (جرحها جُبَار)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْمَعْدِن جُبَار)، وعلى (الْبِئْر جُبَار)، وعلى قوله: (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ).
==========
[ج 2 ص 769]

(1/12316)


[باب إثم من قتل ذميًا بغير جرم]

(1/12317)


[حديث: من قتل نفسًا معاهدًا لم يرح رائحة الجنة]
6914# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد العبديُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجته، وأنَّ له ما يُنكَر، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيح» تجنَّبا ما يُنكَر عليه، و (الْحَسَنُ): هو ابن عمرو الفُقيميُّ الكوفيُّ، عن إبراهيم ومجاهد، وعنه: ابن المبارك وابن فُضَيل، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (142 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين.
قوله: (مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): يعني: ابن العاصي، قال شيخنا في أوائل «شرحه» لهذا «الكتاب»: (قال الدَّارَقُطْنيُّ: مُرسَلٌ، قال الدَّارَقُطْنيُّ: لم يسمع مجاهد من عبد الله بن عَمرو بن العاصي، وإنَّما سمعه _يعني: هذا الحديث_ من جنادة بن أبي أُمَيَّة، عن ابن عَمرو، كذلك رواه مروان عن الحسن بن عَمرو عنه به)، انتهى، وقال الحافظ صلاح الدين العلائيُّ في «مراسيله» لمَّا ذكر سماعه من عبد الله بن عَمرو قال: (لم يسمع منه، ثمَّ تعقَّبه بقوله: قد أخرج عنه البُخاريُّ حديثين)، انتهى، وإنَّما أخرج له عن عبد الله بن عَمرو بن العاصي ثلاثةَ أحاديثَ؛ أحدها: هذا الذي نحن فيه، والثَّاني: «ليس الواصل بالمكافئ»، والثَّالث: (أَنْكَحَنِي أبي امرأةً ذات حسب)، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (مُعَاهَدًا): هو بفتح الهاء، اسمُ مفعول، كذا في أصلنا، وفي «الصِّحاح» في نسختي _وهي صحيحة قوبلت أربع مَرَّاتٍ_: المعاهِد: الذِّمِّي؛ بكسر الهاء، وكذا في «القاموس» بالقلم، وقال ابن الأثير في «نهايته»: (يجوز أن يكون بكسر الهاء وفتحها، على الفاعل والمفعول، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر، والمعاهد: من كان بينك وبينه عَهد، وأكثر ما يُطلَق في الحديث على أهل الذِّمَّة، وقد يُطلَق على غيرهم مِن الكفَّار إذا صُولحوا على ترك الحرب مدَّة)، انتهى، ولا شكَّ أنَّ مَن عاهدك؛ فقد عاهدتَه، فهو باعتبارٍ فاعلٌ، وباعتبارٍ مفعولٌ، والله أعلم.
قوله: (لَمْ يَرحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ): قال في «المطالع»: («لم يرَح» و «لم يَرِح» «لم يُرح»: كلُّ ذلك جائزٌ، وبفتح الرَّاء والياء أفصحها، يقال: رِحْتُ، وأَرِيحُ، وأَرَاح، وأَرَحتُه، واستراح ريحَه، كلُّ ذلك إذا شمَّه فوجد ريحه)، انتهى، وقد ضبطه: يَرَح، ويَرِح، ويُرح الهرويُّ في «غريبيه»، والجوهريُّ في «صحاحه».

(1/12318)


قوله: (وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا): تَقَدَّمَ الكلام على الأحاديث التي جاءت فيها رائحة الجنَّة؛ وهي: (من خمس مئة عام)، و (من سبعين)، و (من أربعين)، وذكرتُ لابن بَطَّال في ذلك كلامًا؛ انظره في (الجزية والموادعة)، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 769]

(1/12319)


[باب: لا يقتل المسلم بالكافر]
قوله: (لَا يُقْتَلُ مُسْلِمُ [1] بِالْكَافِرِ): (يُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مسلمٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (المسلم).
[ج 2 ص 769]

(1/12320)


[حديث: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة]
6915# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هذا السَّند إلى التَّحويل في هامش أصلنا، وعليه علامة نسخة، ولكنَّه في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل، وهو أحمد بن عبد الله بن يونس، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (زُهَيْرٌ): هو ابن معاوية بن حُديج، أبو خيثمة، الجعفيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُطَرِّفٌ): هو ابن طَرِيف، تَقَدَّمَ، و (عامر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو جُحَيْفَة): يأتي قريبًا، وتَقَدَّمَ.
قوله: (حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وأنَّه ابن طَرِيف، وتَقَدَّمَ قبل ذلك مُترجَمًا، و (الشَّعْبِي): عامر بن شراحيل، و (أَبُو جُحَيْفَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وقيل: وهب بن وهب، صحابيٌّ مشهور.
قوله: (الْعَقْلُ): أي: الدِّية، تَقَدَّمَ، و (فِكَاكُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء وكسرها.
==========
[ج 2 ص 769]

(1/12321)


[باب: إذا لطم المسلم يهوديًا عند الغضب]

(1/12322)


[حديث: لا تخيروا بين الأنبياء]
6916# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أن يكون ابن عُيَيْنَة، وأن يكون الثَّوريَّ، وقد روى أبو نعيم عنهما، ورويا عن عَمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن، والله أعلم، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدريُّ.
قوله: (لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ): أُجيب عنه بخمسة أجوبة؛ أحدها: قاله قبل أن يعلم أنَّه سيِّد ولد آدم، فلمَّا عَلِم؛ أَخْبَر به، الثَّاني: قاله أدبًا وتواضُعًا، الثَّالث: أنَّ النهي إنَّما هو عن تفضيل يؤدِّي إلى تنقيص المفضول، الرَّابع: أنَّه نهى عن تفضيل يؤدِّي إلى الخصومة والفتنة، كما هو المشهور في سبب الحديث، الخامس: أنَّ النهي مُختَصٌّ بالتَّفضيل في نفس النُّبوَّة، فلا تفاضُلَ فيها، وإنَّما التَّفاضُل بالخصائص وفضائلَ أخرى لا بدَّ مِن التَّفضيل، فقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (الإشخاص).
6917# قوله: (رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (اليهوديُّ) لا أعرف اسمه، وسيأتي قريبًا ما فيه، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ): (لُطِم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وجهُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ [2] وَجْهِي): هذا (الأنصاريُّ) لا أعرفه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن بشكوال قال: إنَّ اليهوديَّ: فنحاص، وإنَّ اللَّاطم: هو أبو بكر الصِّدِّيق، وتَقَدَّمَ رواية: (من الأنصار)، وهذه تُبطِل هذا، والله أعلم، وقدَّمت أنَّ تلك قضيَّة أخرى بين أبي بكر وفنحاص في قوله: إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وقال بعض المُتَأخِّرين من الحُفَّاظ: لم يُسمَّ الأنصاريُّ، ووقع مثل هذه القصَّة لأبي بكر أو لعُمر، كما تَقَدَّمَ بيانُه، انتهى.
قوله: (لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟!): (لِمَ)؛ بفتح [الميم وكسر] اللَّام، على الإستفهام، وهو استفهام إنكار.
قوله: (لَا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ): تَقَدَّمَ عنه خمسة أجوبة أعلاه وقبله أيضًا في (الإشخاص)، والله أعلم.
[ج 2 ص 769]

(1/12323)


قوله: (فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (الإشخاص)؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (النَّبيِّ).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (قد).

(1/12324)


((88)) (كِتَابُ اسْتِتَابةِ المُرْتَدِّينَ وَالمُعانِدِينَ وقِتَالِهِم) ... إلى (كِتَابِ الإِكْرَاه)
قوله: (وَالمُعانِدِينَ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (المعاهدين)، قال ابن قُرقُول في (العين والنون): («والمعاندين»: كذا لهم وللكافَّة، وعند الجُرْجانيِّ والنَّسَفيِّ: «والمعاهدين»، والأوَّل أصوبُ)، انتهى، وعلى هذه الرواية يجوز فتح الهاء وكسرها، كما تَقَدَّمَ قريبًا.
قوله: ({لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزُّمَر: 65]): كذا في أصلنا، وكان فيه: (و {لَئِنْ أَشْرَكْتَ})، فضُرِب على الواو، وهي ثابتة في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والتِّلاوة بغير واو، فإن صحَّت مجيئًا؛ فهي للعطفِ؛ لعطف آيةٍ على آية، لا أنَّها في التلاوة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 770]

(1/12325)


[حديث: إنه ليس بذاك ألا تسمعون إلى قول لقمان]
6918# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ الصَّحَابيُّ المشهور رضي الله عنه.
قوله: (إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ): تَقَدَّمَ الكلام على (لقمان) في (الأنبياء)، وفي (سورته)، والاختلاف في أنَّه نبيٌّ أم لا، وأنَّ لهم شخصًا آخرَ يقال له: لقمان، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسم ابن لقمان الذي اختُلف في نُبوَّته، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 770]

(1/12326)


[حديث: أكبر الكبائر الإشراك بالله]
6919# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر)؛ بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (المفضَّل): اسم مفعول من (فضَّله) المُضعَّف، تقدَّما، و (الْجُرَيْرِيُّ)؛ بضَمِّ الجيم، وفتح الرَّاء: اسمه سعيد، وكذا وقع مُسمًّى بعد التَّحويل، واسم أبيه إياس، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بَكْرَةَ): نُفَيع بن الحارث، تَقَدَّمَ مِرارًا ومُترجَمًا.
قوله: (وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (العُقُوق).

(1/12327)


[حديث: الذي يقتطع مال امرئ مسلم]
6920# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ؛ نسبةً إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، وتَقَدَّمَ مَرَّاتٍ ما قاله ابن أبي داود وغيره: أنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان، انتهى، و (فِرَاس): هو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِي)؛ بفتح الشين: عامر بن شراحيل، تَقَدَّمَ.
قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الأعرابيُّ) لا أعرفُ اسمه.
قوله: (ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ (العقوق): المعصية، وكذا ما (الْيَمِينُ الْغَمُوسُ)، وقد عرَّفها هنا، وتَقَدَّمَ، ولِمَ سُمِّيت غَموسًا.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[ج 2 ص 770]

(1/12328)


[حديث: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية]
6921# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان، الظاهر أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق؛ وذلك لأنَّ الحافظ عَبْد الغَنيِّ ذكر في ترجمة خلَّاد بن يحيى أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر ابن عُيَيْنَة في مشايخه، وقد روى هذا الحديث أيضًا قَبِيصة _وهو ابن عقبة_ عن سفيان، وقد ذكر عَبْد الغَنيِّ الثَّوريَّ في مشايخه، ولم يذكرِ ابنَ عُيَيْنَة فيهم، وأمَّا الذَّهَبيُّ في «التذهيب»؛ فإنَّه قال في مشايخه: سفيان، وأَطْلَق، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتَمِر، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟): في «صحيح مسلم» من حديث ابن مسعود أيضًا قال: (قال أناس لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أَنُؤاخَذ بما عملنا في الجاهليَّة؟)، ثمَّ ساقه من طريق أخرى من حديثه، قال: (قلنا: يا رسول الله؛ أَنُؤاخَذُ بما عملنا في الجاهليَّة؟)، فلعلَّ عبد الله بن مسعود هو السَّائل أو هو منهم، والله أعلم.
قوله: (مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ): قال جماعة: الإحسان هنا: الدُّخولُ في الإسلام بالظاهر والباطن، ويكون مسلمًا حقيقًا، فهذا يُغفَر له ما سلف في الكفر بنصِّ القرآنِ والحديثِ الصَّحيح: «الإسلام يهدم ما قبله»، وبالإجماعِ، والمرادُ بالإساءة في الإسلام: هو عدم دخوله فيه بقلبه، بل يكون مُنْقَادًا في الظاهر مُظهِرًا للشَّهادتَين غير مُعتَقِدٍ للإسلام بقلبه، فهذا منافق باقٍ على كفره بالإجماع، فيُؤاخَذ بما عمل في الجاهليَّة قبل إظهار صُورة الإسلام، وبما عمل بعد إظهارها؛ لأنَّه مُستَمِرٌّ على كفره، وهذا مَعْرُوفٌ في استعمال الشرع، يقولون: حَسُنَ إسلامُ فلان؛ إذا دخل فيه حقيقة بإخلاص، وساء إسلامه أو لم يحسُن؛ إذا لم يكن كذلك، والله أعلم.
قوله: (وَالآخِرِ): هو بكسر الخاء، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 770]

(1/12329)


[باب حكم المرتد والمرتدة]
قوله: (وَالزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، أحد الأعلام المشهورين.
قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، أحد الأعلام.

(1/12330)


[حديث: من بدل دينه فاقتلوه.]
6922# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (أُتِيَ عَلِيٌّ [1] بِزَنَادِقَةٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عليٌّ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهم الذين ادَّعَوا فيه الإلهيَّة.
قوله: (بِزَنَادِقَةٍ): هم جمع (زِنديق)؛ بكسر الزَّاي، وهو مُعرَّب، والهاء عوض من الياء المحذوفة، وأصله: الزَّناديق، وقد تزنْدَق، والاسم: الزَّنْدَقَة، قال ابن قُرقُول: (الزَّنادقة: من لا يعتقد ملَّة مِن الملل المعروفة، ثمَّ يُستعمَل في كلِّ مَن عطَّل الأديان، وأنكر الشرائع، وفيمَن أظهر الإسلام، وأسرَّ غيره، وأصله: مَن كان على مذهب ماني، ونُسِبوا إلى كتابه الذي وضعه في إبَطَّال النُّبوَّة، ثمَّ عرَّبته العرب)، انتهى، والزِّنديق عند الشَّافِعيَّة: الذي لا ينتحل
[ج 2 ص 770]
دِينًا على الأقرب، وقيل: هو الذي يُظهِر الإسلام، ويُخفِي الكفر، وهو ما ذكره في أصل «الرَّوضة» في (الرِّدَّة)، و (الفرائض)، و (صفة الأئمَّة)، والأوَّل ذكره في (اللِّعان).
قوله: (لَمْ أُحْرِقْهُمْ): هو بضَمِّ الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

(1/12331)


[حديث: لا نستعمل على عملنا من أراده.]
6923# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرِ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.
قوله: (وَمَعِي رَجُلاَنِ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفُهما.
قوله: (وَمَا شَعَرْتُ): أي: علمت، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (قَلَصَتْ): هو بفتح القاف واللَّام والصَّاد؛ أي: ارتفعت.
قوله: (ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ): (معاذُ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وعليه: (صح)، و (أتبْعه) و (اتَّبَعه)؛ بإسكان الباء وفتحها مُشَدَّدة؛ لغتان تقدَّمتا، و (معاذُ): فاعل (أتبع)، والضمير في (أتبعه): مفعول، وبخطِّ شيخنا العلَّامة أبي جعفر الأندلسيِّ: (معاذَ): مَنْصُوبٌ بالقلم، وكذا في نسخة أخرى صحيحة قديمة، وهو مفعول؛ أي: أتبع النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أبا موسى معاذَ بنَ جبل، والله أعلم.
قوله: (إِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ): هذا (الرَّجل) سيجيء في هذا الحديث نفسه أنَّه يهوديٌّ أسلم، ثمَّ تهوَّد، ولا أعرف اسمه.
قوله: (قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ): (قضاءُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هذا قضاء الله ورسوله، والله أعلم، ويجوز النَّصب على الاختصاص، أو على المصدر، أو على المفعول بفعل مُضمَر؛ أي: اقضِ قضاءَ اللهِ ورسوله.
قوله: (فَقُتِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12332)


[باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة]
قوله: (وَمَا نُسِبُوا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 771]

(1/12333)


[حديث: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله .. ]
6924# 6925# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ): (استُخلِف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (عَنَاقًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو بفتح العين.
==========
[ج 2 ص 771]

(1/12334)


[باب: إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي ... ]
قوله: (بَابٌ: إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّيُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُصَرِّحْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ على عادته، ثمَّ قال: (كأنَّ البُخاريَّ كان على مذهب الكوفيِّين في هذه المسألة، وهو أنَّ الذِّمِّيَّ يُعزَّر ولا يُقتَلُ، ولهذا أدخل في التَّرجمة حديثَ ابن مسعود رضي الله عنه)؛ يعني: (كأنَّي أنظر إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يحكي نبيًّا مِن الأنبياء ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (ومقتضاه: أنَّ خُلُق الأنبياء عليهم السَّلام الصَّبرُ والصَّفحُ، ألا ترى إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي ضربه قومُه فأدْمَوه، وهو يدعُو لهم بالمغفرة، فأين هذا من السَّبِّ؟! وكلُّ حديث ابن مسعود يُطابِق التَّرجمة بالأولويَّة، والله أعلم)، انتهى، وقال القاضي عياض في «الشفا» لمَّا ذكر هذه الترجمة؛ أعني: ترجمة البُخاريِّ، ثمَّ قال: (قال بعضُ علمائنا: وليس هذا بتعريض بالسَّبِّ، وإنَّما هو تعريض بالأذى)، ثمَّ قال القاضي: (وقد قدَّمنا أنَّ الأذى والسَّبَّ في حقِّه عليه السَّلام سواء)، انتهى، والله أعلم.
قوله: (السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (السَّام)، وأنَّه الموت، أو السَّآمة؛ وهي المللُ، مُطَوَّلًا.

(1/12335)


[حديث: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم]
6926# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان.
قوله: (مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (اليهوديُّ) لا أعرفُه.
قوله: (وَعَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الواو مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/12336)


[حديث: يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله]
6927# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الزُّهْرِي): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهط): ما دون العشرة مِن الرِّجال؛ كالنَّفر، وتَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء الرَّهط مِن اليهود لا أعرفهم، ولا أحدًا منهم.
قوله: (السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (السَّام) مُطَوَّلًا، وأنَّه الموت، أو السآمة؛ وهي المللُ.
قوله: (وَعَلَيْكُمْ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الواو مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/12337)


[حديث: إن اليهود إذا سلموا على أحدكم إنما يقولون: سام عليك]
6928# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو القَطَّان شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.
==========
[ج 2 ص 771]

(1/12338)


[باب [الصبر على الأذى]]

(1/12339)


[حديث: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون]
6929# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (شَقِيقٌ) بعده: هو أبو وائل شقيق بن سلَمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.
[ج 2 ص 771]
قوله: (يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ): تَقَدَّمَ ما قال فيه القرطبيُّ: أنَّه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن لم يكن هو؛ فلا أعرفه بعينه، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا في (الأنبياءِ).

(1/12340)


[باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم]

(1/12341)


[حديث: سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان]
6930# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وهذا مَعْرُوفٌ مشهورٌ عند أهلِه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئُ، و (خَيْثَمَةُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن أبي سبرة يزيد بن مالك، لأبيه وجدِّه صحبةٌ ووفادةٌ، و (خَيْثمة)؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ثاء مُثَلَّثَة: الجعفيُّ، عن عليٍّ، وعائشة، وغيرهما، وعنه: الحكم ومنصور، إمام ثقة، ورث مئتي ألف، فأنفقها على العلماء، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ قبل أبي وائل، قاله البُخاريُّ، وقال غيره: بعد سنة ثمانين، و (سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ)؛ بفتح الغين المُعْجَمَة والفاء، وصحَّفه عبد القدُّوس بن حبيب الكلاعيُّ الشَّاميُّ الدِّمَشْقيُّ، وهو وضَّاع: (عَقَلة)؛ بفتح العين المُهْمَلَة والقاف، ذكر عنه مسلم في المُقدِّمة، واختلف فيه رواةُ مسلم؛ فقال أكثرهم كما ضبطته، وعند ابن أبي جعفر: (عَفَلة)؛ بالفاء، والعين المُهْمَلَة، انتهى، و (سويد) هذا: ابن غَفَلة بن عوسجة بن عامر بن وداع الجعفيُّ، أبو أُمَيَّة، الكوفيُّ، من سادة التَّابعين، رُوِي عنه أنَّه قال: أنا لدة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وُلِدت عام الفيل، وروى أبو داود أنَّه قال: أنا أصغر بسنتين، قدم المدينة حين نُفِضَت الأيدي مِن دفن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وشهد اليرموك، وسمع أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليًّا، وجماعةً، وعنه: إبراهيم النَّخَعيُّ، والشَّعْبيُّ، وخَيْثمة بن عبد الرَّحْمَن، وخلقٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، قال جماعة: تُوُفِّيَ سنة (81 هـ)، وقال خليفة: سنة (82 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (الجهاد)، وذكرت معناها، وذكرت فيها خمسَ لغات؛ فانظر ذلك.
قوله: (سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ): أي: صغيرو العقول، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (حَنَاجِرَهُمْ)، ما الحناجر، وكذا قوله: (مِنَ الدِّينِ)؛ أي: مِن طاعة الإمام، وكذا تَقَدَّمَ (الرَّمِيَّة).

(1/12342)


[حديث: يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم]
6931# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، الثَّقفيُّ، أبو مُحَمَّد، الحافظ، أحد أشراف البصرة، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (عَنِ الْحَرُورِيَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهم، وأنَّهم الخوارج، وأنَّهم نُسِبوا إلى حروراء، وتَقَدَّمَ أين هي.
قوله: (مِنَ الرَّمِيَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وكذا تَقَدَّمَ (الرِّصَاف)، وأنَّه بكسر الرَّاء، وبالصاد المُهْمَلَة [1]، وكذا (الْفُوقَةِ) وكذا (الفُوق)؛ وهو الكاز، و (يُتمَارَى [2]): مَبْنيٌّ للفاعل، وفي نسخة: للمفعول.

(1/12343)


[حديث: يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية]
6932# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، و (عُمَرُ [2] عَنْ أَبِيهِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عمر بن مُحَمَّد [بن زيد] بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب العسقلانيُّ، وأصله مِن المدينة، اتَّفقا عليه، أخو أبي بكر، وعاصم، وزيد، وواقد) انتهى، قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (حدَّثني عمر بن مُحَمَّد: أنَّ أباه حدَّثه عن عبد الله بن عَمرو)، وذكر حديث الحروريَّة، قال أبو مُحَمَّد: قرأ لنا أبو زيد في عرضة بغداد: (عَمرو بن مُحَمَّد)؛ بزيادة واو في الخطِّ، والصواب: «عُمر بن مُحَمَّد»، كما قال الرُّواة، وهو عُمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب)، انتهى، وفي «المطالع» المسألة، ولفظها: («حدَّثني عُمر: أنَّ أباه حدَّثه»، كذا للكافَّة، وفي أصل الأصيليِّ: «حدَّثني عَمرو»، ثمَّ بشر الواو، وردَّه: «عُمر»، وقال: في عرضة مكَّة [عمر])، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثني).
[2] في هامش (ق): (عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب العسقلانيُّ، وأصله من المدينة، واتفقا عليه، أخو أبي بكر، وعاصم، وزيد، وواقد).
[ج 2 ص 772]

(1/12344)


[باب من ترك قتال الخوارج للتألف وأن لا ينفر الناس عنه]
قوله: (بَابُ مَنْ تَرَكَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ وألَّا يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ): (ينْفِر)؛ بإسكان النون، وكسر الفاء، و (الناسُ): مَرْفُوعٌ فاعل.
تنبيهٌ: كان الخوارج الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه خمسةَ آلاف، وقيل: عشرة آلاف، وفي «مسند أبي يعلى»: (أنَّهم بضعةَ عشرَ ألفًا)، وفيه أيضًا: (أنَّهم كانوا ثمانية آلاف، فرجع منهم أربعةُ آلاف؛ كلُّهم تائبٌ).

(1/12345)


[حديث: ويلك من يعدل إذا لم أعدل]
6933# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (يَقْسِمُ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ؛ أي: يقسم غنائم حُنَين.
قوله: (جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ): تَقَدَّمَ الكلام على (عبد الله) هذا، وأنَّ الصَّواب: إنَّما هو ذو الخُوَيصرة القائلُ، لا ابنه عبد الله، وكذا قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين، ولفظه: (جاء ذو الخويصرة)، وهو أصوب، واسم (ذي الخويصرة): حُرقوص بن زُهير، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يحتمل أنَّهما قالا ذلك، قال شيخنا: (وفي «الثَّعلبيِّ»: أنَّه أصول الخوارج؛ _أعني: ذا الخويصرة_ قيل: ولقبُه: ذو الثُّدَيَّة، وسمَّاه أبو داود: نافعًا، قال السُّهَيليُّ: وهو أصحُّ)، انتهى، قال بعض حفَّاظ العصريِّين: (إنَّ اسمه نافع)، قال: (وقاتلُه الأشهب البَجَليُّ)، انتهى، وسيأتي قريبًا جدًّا الكلام على ذي الثُّديَّة.
تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديث أبي سعيد قال: (حضرتُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم حُنين وهو يقسم ... )؛ فذكر الحديث ... إلى أن قال: (وحضرتُ مع عليٍّ رضي الله عنه حين قتلهم بنهروان ... ) إلى أن قال: (قال رجل من القوم: نحن نعرفه هذا حرقوس، وأمُّه ههنا، قال: (فأرسل عليٌّ إلى أمِّه، فقال
[ج 2 ص 772]
لها: مَن أبُ هذا؟ قالت: ما أدري يا أمير المؤمنين إلَّا أنِّي كنتُ أرعى غنمًا لي في الجاهليَّة بالرَّبذة، فغشيني شيء كهيئة الظُّلمة، فحملت منه، فولدت هذا) انتهى، فهذا أبوه جِنِّيٌّ؛ فلْيُعلم، وسأذكر فيه قريبًا كلامًا آخرَ إن شاء الله تعالى.
قوله: (قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اِئْذَن لِي؛ فَأَضْرِبَ [1] عُنُقَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الذي سأله خالد بن الوليد، وتَقَدَّمَ هذا، والظاهر أنَّهما سألا ذلك، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12346)


قوله: (مِنَ الرَّمِيَّةِ): تَقَدَّمَت، وكذا (يُنْظَرُ إِلَى [2] قُذَذِهِ): (يُنظَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا ما بعده، وتَقَدَّمَ الكلام على (القذذ) ضبطًا، وأنَّ معناها: ريش السَّهم، وعلى (الرِّصَاف)، وأنَّه العَقَبُ الملويُّ على السَّهم مدخل النَّصل، وكذا (النَّضِيُّ)، وأنَّه بفتح النون، وكسر الضاد المُعْجَمَة، مُشدَّد الياء، وأنَّه [3] عود السَّهم، وتَقَدَّمَ (الْفَرْثَ)، وأنَّه ما في الكرش، و (آيَتُهُمْ)؛ أي: علامتهم، و (الْبَضْعَة)؛ بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الضاد المُعْجَمَة: القطعة، تَقَدَّمَت، و (تَدَرْدَرُ): تَقَدَّمَ.
قوله: (عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ): (حينِ): الأصحُّ جرها؛ لأنَّ ما بعدها مُعرَب، ويجوز فتحُها.
قوله: (جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرَّجل) إن كان ذا الثُّديَّة؛ فاسمه نافع، كما في «أبي داود» في كتاب «شرح السُّنَّة»، وفي «صحاح الجوهريِّ»: (اسمه ثُرْمُلَة)، ذكر ذلك في (المعتلِّ) في (ثَدَى)، وذكر شيخنا عن الثَّعلبيِّ في حُرقوص: أنَّه ذو الثُّديَّة، وقد تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، وقال في «مرآة الزَّمان»: إنَّ اسمه بلبل، وقد تَقَدَّمَ.
تنبيهٌ: رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديث أنس رضي الله عنه قال: كان في عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رجل يعجبنا تعبُّدُه واجتهادُه، فذكرناه لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم باسمه، فلم يعرفه، ووصفناه بصفته، فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره؛ إذ طلع الرَّجلُ، فقلنا: ها هو ذا، فقال: «إنَّكم لتخبروني عن رجل إنَّ على وجهه سفعةً من الشَّيطان»، فذكر حديثًا ... إلى أن قال _يعني: رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم_: «لو قُتِل؛ ما اختلف في أمَّتي رجلان»، قال موسى _يعني: ابن عُبيدة المذكور في سند هذا الحديث_: سمعت مُحَمَّد بن كعب يقول: هو الذي قتله عليٌّ رضي الله عنه ذو الثُّديَّة، ثمَّ ذكره من حديث أنس بسند آخر، ولم يذكر كلام موسى بن عُبيدة، ورأيت فيه أيضًا مِن حديث سعد بن مالك أنَّه سمع النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذكر ذا الثُّديَّة الذي يوجد مع أهل النَّهروان [4]، فقال: «شيطان ... »؛ الحديث.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (دعني أضربْ).

(1/12347)


[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (في).
[3] في (أ): (وأنَّ)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[4] في (أ): (النَّهروانة)، والمُثبَت من مصدره.

(1/12348)


[حديث: يخرج منه قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم]
6934# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هو التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن أبي سليمان فيروز، ويقال: خاقان، أبو إسحاق الشَّيبانيُّ مولاهم، الكوفيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو): هو بضَمِّ المُثَنَّاة تحت، وفتح السين المُهْمَلَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء، مُصغَّر، ويقال فيه: أُسَير، وقيل في أبيه: جابر، أبو الخيار المحاربيُّ، ويقال: العبديُّ، ويقال: الكنديُّ، ويقال: القِتْبانيُّ، ويقال: هما اثنان، روى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حديثين، ولم يذكر سماعًا، ويقال: له رؤية، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (يُسَيْر بن عمرو الكنديُّ السكونيُّ الدرمكيُّ، تُوُفِّيَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وله عشر سنين، يروي عن ابن مسعود، اسمه يُسَيْر بن عمرو، أدرك النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعاش إلى زمن الحَجَّاج، وقال ابن المَدينيِّ: أهل البصرة يروون عنه عن عُمر قصَّة أويس، ويُسمُّونه: أُسير بن جابر، وأهل الكوفة يقولون: أُسَير بن عَمرو، روى [عنه] زرارة بن أوفى، وابن سيرين، وجماعة، والظاهر أنَّه أسير بن عمرو بن جابر)، انتهى، روى عن عُمر، وعليٍّ، وسلمان، وابن مسعود، وسهل بن حُنَيف، وعنه: ابنه قيس _وقال: أدرك من حياة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عشر سنين_ وزرارة بن أوفى، وجماعة، تُوُفِّيَ سنة خمس وثمانين، وفيها أرَّخه ابنُ سعد، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: يُسَيْر بن جابر، ويقال: أُسَير، صاحب قصَّة حديث أويس، صدوق، وقال أبو مُحَمَّد ابن حزم: ليس بالقويِّ.
و (سَهْل بْن حُنَيْفٍ): صحابيٌّ مشهور، و (حُنَيف): مُصغَّر، وهذا مشهور عند أهله.
قوله: (تَرَاقِيَهُمْ): تَقَدَّمَ ما (التَّراقي)، ولكلِّ إنسان تَرْقُوَتان، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّمِيَّةِ).

(1/12349)


[باب قول النبي: «لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعوتهما واحدة»]
قوله: (حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، دَعْوَاهُمَا [1] وَاحِدَةٌ): قد كان هذا في الصَّدر الأوَّل رضي الله تعالى عن الصَّحَابة أجمعين، هما: عليٌّ ومعاوية.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (دعوَتُهما).
[ج 2 ص 773]

(1/12350)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة]
6935# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنُّون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تقدَّموا كلُّهم.

(1/12351)


[باب ما جاء في المتأولين]

(1/12352)


[معلق الليث: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف]
6936# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليق بصيغة جزم، وقد أخرج البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن سعيد ابن عُفَير، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن الزُّهْرِيِّ به، ولم أر في الكُتُب السِّتَّة: اللَّيثَ عن يونس به، وفي «شرح شيخنا» كالصَّريح في أنَّه رواه كذلك البُخاريُّ في (فضائل القرآن)، وليس كذلك؛ فاعلمه، إنَّما رواه عن اللَّيث عن عُقَيل في (فضائل القرآن)، والله أعلم.
و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغير، وأنَّ أباه (مَخْرَمة): من مُسلِمة الفتح، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد القَارِيِّ): منسوب إلى القارة؛ القبيلة المعروفة، لا إلى القراءة، تَقَدَّمَ أنَّه رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، قال أبو داود: أُتِي به النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو طفل، وقد حمَّر عليه الذَّهَبيُّ في «تجريده»، فالصحيح: أنَّه تابعيٌّ، وذلك لأنَّ شرط الصُّحبة أن تكون الرُّؤية مع التمييز، كما قدَّمته في حدِّ الصَّحَابيِّ، والله أعلم.
قوله: (سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه هشام بن حَكِيم _بفتح الحاء، وكسر الكاف_ ابن حزام؛ بالزَّاي، الأسَديُّ، مِن الطُّلقاء؛ كأبيه، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (بيَّنها ابن عَبْدِ البَرِّ في «التَّمهيد» في كلامه على هذا الحديث)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك أيضًا.
قوله: (فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه أواثبه، وكذا (لَبَّبْتُهُ)، وأنَّه بالتشديد والتخفيف، وتَقَدَّمَ معناه، وتَقَدَّمَ (الرِّدَاء) ما هو.
قوله: (أَرْسِلْهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب: أُنزِل القرآن على سبعة أحرف) مُطَوَّلًا؛ فانظرْه إن أردته.

(1/12353)


[حديث: ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه]
6937# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (وَكِيعٌ): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وحَدَّثَنَا [1] يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيْم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
[ج 2 ص 773]
قوله: (كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (لقمان) في (الأنبياء)، وفي (سورته)، وأنَّ الأكثرين قالوا: إنَّه ليس بنبيٍّ، وأنَّ مقتضى إيراد البُخاريِّ له في (كتاب الأنبياء): أنَّه عنده نبيٌّ، وتَقَدَّمَ أنَّهما لقمانان، وقدَّمت الاختلاف في اسم ابنِ الذي اختُلف في نُبوَّته.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

(1/12354)


[حديث: ألا تقولوه: يقول لا إله إلا الله يبتغي]
6938# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (كتاب العلم)، وتَقَدَّمَ (عِتْبَان بْن مَالِكٍ) رضي الله عنه.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجل) لا أعرفه، و (مالك بن الدُّخشُن) واللُّغات في أبيه تَقَدَّمَت في أوائل هذا التعليق.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: ذَلِكَ مُنَافِقٌ): تَقَدَّمَ ما قاله شيخنا: أنَّه عِتْبان، وقد تعقَّبته في ذلك.
قوله: (أَلَا تَقُولُوهُ: يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ): كذا الرِّواية؛ ومعناه: تظنُّوه يقولها، كما قال:
~… ..... …فَمَتَى تَقُولُ الدَّارَ تَجْمَعُنَا
أي: تظنُّ، فالظاهر أنَّه خطاب للجميع، فإن كان على هذا؛ فهو وَهَم، وصوابه: (ألا تقولونه)، قال بعضهم: ويحتمل أن يكون خطابًا للواحد؛ فأشبع الضَّمَّةَ، كما قال:
~… ..... … ... أَدْنُو فَأَنْظُورُ
يريد: أنظُرُ، ومثله ما رُوِي في أذان بلال: (أكبار)؛ إشباع الفتحة، قاله ابن قُرقُول، انتهى، أمَّا لو قال الشخص في تكبيرة افتتاح الصَّلاة: الله أكبار؛ فإنَّها لا تصحُّ صلاته، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 774]

(1/12355)


[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة حاج]
6939# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (حُصَيْن) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المُهْمَلَتين، وقدَّمت أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، وهو حُصَين بن عبد الرَّحْمَن، تَقَدَّمَ.
وقوله: (عَنْ فُلاَنٍ): هو سعد بن عُبَيدة، وقد ذكر هذا الحديث المِزِّيُّ في ترجمة سعد بن عُبيدة السُّلميُّ عن أبي عبد الرَّحْمَن السُّلميِّ، عن عليٍّ، وطرَّفه ... إلى أن قال: وفي (استتابة المُرتدِّين) _يعني: هذا الباب_: عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة، ثمَّ طرَّفه من عند مسلم ... إلى أن قال: خمستهم عن حُصَين عنه _أي: عن سعد بن عُبيدة_ به؛ يعني: بالسَّند، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: («فلان»: هو سعد بن عُبيدة، وقد صَرَّحَ بذلك البُخاريُّ في «باب من شهد بدرًا») انتهى، وكذا رأيته بخطِّ والده شيخنا البُلْقينيِّ، وكذا بعض حُفَّاظ العَصْرِ قاله.
قوله: (تَنَازَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحِبَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ): أمَّا (أبو عبد الرَّحْمَن)؛ فهو السُّلَميُّ، واسمه عبد الله بن حَبِيب، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (حِبَّان بن عَطيَّة)؛ بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، كذا جزم به ابن ماكولا والمشارقة، وبه صدَّر صاحبُ «المشارق» كلامَهُ، وذكر أبو الوليد الفرضيُّ: أنَّه بالفتح، وحكاه أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ وصاحبُ «المشارق» عن بعض رواة أبي ذرٍّ، وقالا: وهو وَهَم، وكذا قال ابن قُرقُول في «مطالعه»، ولفظه: (وضبطه بعضُ رواة أبي ذرٍّ «حِبَّان بن عَطيَّة»؛ بفتح الحاء، وهو وَهم)، انتهى، وفي «تذهيب الذَّهَبيِّ»: (حِبَّان بن عَطيَّة السُّلَميُّ صاحب عليٍّ رضي الله عنه، قال سعد بن عبيدة: تنازع هو وأبو عبد الرَّحْمَن السُّلَميُّ، وكان عثمانيًّا، وبعضهم قَيَّدهُ (حيَّان)؛ بياء)، انتهى.
فحصل فيه ثلاثة أقوال: (حِبَّان)؛ بكسر الحاء، وبالموحَّدة، وهو الصحيح، وبفتح الحاء، وهو وَهَم، و (حيَّان)؛ بمُثَنَّاة تحت، والله أعلم.
قوله: (لَقَدْ عَلِمْتُ الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ): (علمتُ)؛ بضَمِّ تاء المُتكلِّم، وتُفتَح على الخطاب، وبهما ضُبِط في أصلنا بالقلم، وكُتِب عليه: (معًا).
قوله: (جَرَّأَ): هو بهمزة مفتوحة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12356)


قوله: (لَا أَبَا لَكَ): هو أكثر ما يُستعمَل في المدح؛ أي: لا كافي لك غير نفسك، وقد يُذكَر في معرض الذَّمِّ، كما يقال: لا أمَّ لك، وقد يُذكَر في معرض التَّعجُّب ودفعًا للعين؛ كقولهم: لله درُّك! وقد يُذكَر بمعنى: جِدَّ في أمرك وشمِّر؛ لأنَّ مَن له أب [1]؛ اتَّكل عليه في بعض شأنه، وقد تُحذَف اللَّام، فيقال: لا أباك؛ بمعناه، والله أعلم أنَّه قاله في معرض الذَّمِّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا ليس بكلام حسن في حقِّ أمير المؤمنين عليٍّ من عند الدَّاوديِّ؛ فانظره.
قوله: (وَالزُّبَيْرَ وَأَبَا مَرْثَدٍ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ): تَقَدَّمَ مَن بعثه عليه السَّلام معهم مُطَوَّلًا.
قوله: (رَوْضَةَ حَاجٍ): هو هنا بحاء مهملة، ثمَّ ألف، ثمَّ جيم، قال أبو سلَمة: هكذا قال أبو عوانة، وإنَّما هو (خاخ)؛ يعني: بمعجمتين، كما قدَّمته أنا، وما قاله أبو عوانة تصحيفٌ، و (أبو سلَمة) قائل ذلك عن أبي عوانة: هو شيخ البُخاريِّ موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، كنيته أبو سلَمة.
قوله: (فَإِنَّ فِيهَا امْرَأَةً): تَقَدَّمَ اسم (المرأة)، والاختلاف في اسمها مُطَوَّلًا، وهي أمُّ سارَّة، أو سارَّة، أو كَنُود المزنيَّة.
قوله: (مَعَهَا صَحِيفَةٌ): تَقَدَّمَ ما في (صحيفتها)، والاختلاف في اللَّفظ الذي فيها مُطَوَّلًا.
قوله: (مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على (حاطب) رضي الله عنه، وبعض ترجمته.
قوله: (إِلَى الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّمَ أنَّه كتب إلى سُهَيل بن عَمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة، وتَقَدَّمَ أنَّ الثَّلاثة أسلموا.
قوله: (فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا): (ابتغينا): أي: طلبنا.
قوله: (فَقَالَ صَاحِبَايَ [2]): تَقَدَّمَ هنا مَن (صاحباه)، وقد قَدَّمْتُ أنَّهم كانوا جماعة، وذكرتُ مجموعَهم فيما مضى.
قوله: (وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ): (يُحلَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (إِلَى حُجْزَتِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (الحُجْزة) بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، ثمَّ زاي، ثمَّ تاء التأنيث، وأنَّ (الحجزة): معقد الإزار والسَّراويل، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين: (وأخرجته مِن عقاصها).
[ج 2 ص 774]
قوله: (دَعْنِي؛ فَأَضْرِبَ): هو بنصب (أَضْرِبَ)، ونصبُه معروف، وكذا الثَّانية.
قوله: (عَنْ أَهْلِي وَمَالِي): الذي أعرف أنَّه كان له فيهم أمٌّ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12357)


قوله: (أَوَلَيْسَ): هو بفتح الواو على الاستفهام، وقد قَدَّمْتُ متى تُحرَّك الواو، ومتى تُسكَّنُ.
قوله: (فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ): أي: امتلأت عيناه بالدُّموع، ولم تَفِضْ.
==========
[1] في (أ): (أب له)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليه، وهي نسخة في هامش «اليونينيَّة»، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (صاحبي).

(1/12358)


((89)) (كِتَابُ الإِكْرَاهِ) ... إلى (كِتَاب الحِيْلِ)
قوله: (مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي الدِّمَشْقيِّ: (مِن فِعْلِ ما أُمِرَ بِهِ)، وكذا في غيرها، وهذه أوضح، وتلك تحتاج إلى تقدير؛ ليصحَّ الكلام؛ وتقديره: مِن تَرْك مَا أَمَرَ اللهُ بِتَرْكِهِ.
قوله: (وَالْمُكْرَهُ لَا يَكُونُ إِلاَّ مُسْتَضْعَفًا): (المُكْرَه): اسم مفعول؛ بفتح الرَّاء، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (إِلاَّ مُسْتَضْعَفًا): هو بفتح العين، اسم مفعول، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مِنْ فِعْلِ): هو مجرور غير مُنَوَّن مضافٌ إلى (ما) التي [1] هي بمعنى: الذي، وهذا ظاهِرٌ.…
قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ): (أُمِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والفاعل: هو المُكِره؛ بكسر الرَّاء [2]: الآمرُ.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (وَالشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.
قوله: (وَالْحَسَنُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي الحسن البصريُّ، أحدُ الأعلام.
==========
[1] في (أ): (الذي)، ولعلَّه سبق قلم.
[2] في (أ): (الكاف)، وليس بصحيح.
[ج 2 ص 775]

(1/12359)


[حديث: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة.]
6940# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد [1] الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر.
قوله: (أَنْجِ): هو بفتح الهمزة، وكسر الجيم، رُباعيٌّ، فعل أمر معتلٍّ، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ)، وأنَّه بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (سَلَمَة بْن هِشَامٍ)، وكذا أخو أبي جهل لأبويه، وعيَّاش أخوه لأمِّه، و (الْوَلِيد بْن الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه أخو خالد بن الوليد رضي الله عن الثَّلاثة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الوَطْأَة)؛ وهي العِقاب، وعلى (مُضَر)، وعلى (سِنِين)، وعلى (كَسِنِي يُوسُفَ)، وأنَّها بتخفيف الياء، وأنَّ (السَّنَة): القحطُ والجدبُ.

(1/12360)


[باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر]

(1/12361)


[حديث: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان .. ]
6941# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَوْشَبًا) بفتح الحاء المُهْمَلَة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو ابن عبد المجيد الثَّقفيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، واسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
قوله: (مِمَّا سِوَاهُمَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق.
==========
[ج 2 ص 775]

(1/12362)


[حديث سعيد بن زيد: لقد رأيتني وإن عمر موثقي]
6942# قوله: (حَدَّثَنَا عَبَّادٌ): هذا هو عبَّاد بن العَوَّام الواسطيُّ أبو سهل، عن حُصَين، وعبد الله بن أبي نَجِيْح، وعدَّةٍ، وعنه: أحمد، وابن عرفة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: ثقة، قال أحمد: حديثه عن ابن أبي عروبة مُضطَرب، مات سنة خمس وثمانين ومئة، أخرج له الجماعة، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (سَعِيد بْن زَيْدٍ): هو ابن عَمرو بن نُفيل، أحد العشرة رضي عنهم، تقدَّموا.
قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضَمِّ التَّاء، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: رأيتُ نفسي.
قوله: (وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي عَلَى الإِسْلاَمِ): (عمر): هو ابن الخَطَّاب، أوثقَ سعيدَ بن زيد، وهو ابن عمِّ والد سعيد، وسعيد زوج أخت عمر فاطمةَ بنت الخطَّاب، أوْثَقَهُ عمر بسبب كونه أسلم، وسعيدٌ قديم الإسلام، وكذا زوجته، بل يقال: إنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: إنَّ أوَّل امرأة بعد خديجة أمُّ الفضل لُبابة زوج العَبَّاس أمُّ بنيه السِّتَّة النُّجباء، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.
قوله: (وَلَوِ انْقَضَّ أُحُدٌ ... )؛ الحديث: هو بالقاف في أصلنا، وقال ابن قُرقُول: («ولو انفضَّ أُحُد؛ لكان محقوقًا أن ينفضَّ»؛ بالفاء: كذا للأصيليِّ، والحمُّوي، والكافَّة، وفي رواية عن القابسيِّ: بالقاف، والفاء عنده في «الإكراه» بلا خلاف، ورواه بعضهم: «ارفضَّ»، وقد تَقَدَّمَ في «الرَّاء») انتهى، وذكر في (الرَّاء): (أنَّ معنى «ارفضَّ»: انهار، وخرق، وتفرَّق، وفي رواية: «انقضَّ») انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (إسلام عمر).

(1/12363)


[حديث: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها]
6943# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم، و (خَبَّاب بْن الأَرَتِّ)؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد الباء المُوَحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدة، و (الأرتِّ)؛ بفتح الهمزة، وتشديد التَّاء المُثَنَّاة فوق في آخره، تَقَدَّمَ.
قوله: (أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا): هو مَرْفُوعٌ، ورفعه ظاهر.
قوله: (مَنْ قَبْلَكُمْ): (مَن)؛ بفتح الميم؛ بمعنى: الذين.
قوله: (فَيُحْفَرُ لَهُ)، وكذا (فيُجعل): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلُهما، وكذا (فَيُجَاءُ).
قوله: (بِالْمِنْشَارِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو في أصلنا هنا: بالنُّون وبالياء، وعليه: (معًا)، وقد تَقَدَّمَت لغاته، وهو بالنون وبالياء، وإذا كان بالياء؛ يُهمَز ولا يُهمَز، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: (ورُوِيَ بهنَّ كلِّهنَّ)، انتهى.
قوله: (فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ)، وكذا (يُمَشَّطُ): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلُهما.
قوله: (بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ): (الأمشاط): واحدها: مشط، وقد قَدَّمْتُ اللَّغاتِ فيه؛ وهي بضَمِّ الميم مع إسكان الشين، ومع ضمِّها، وكسر الميم مع إسكان الشِّين، ويقال: مِمْشَط؛ بميمَين؛ الأولى: مكسورة.
[ج 2 ص 775]
قوله: (لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ): (يَتمَّنَّ): مَبْنيٌّ للفاعل، وهو بفتح أوَّله، و (الأمرُ): مَرْفُوعٌ فاعل.
قوله: (مِنْ صَنْعَاءَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأين هي، وأنَّها باليمن، وأنَّ بدمشق بقرب الرَّبوة صنعاء، وبالرُّوم صنعاء، والمراد: التي باليمن.
قوله: (إِلَى حَضْرَمَوْتَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أيضًا، وهي من اليمن.

(1/12364)


[باب: في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره]
قوله: (بَابٌ: فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ، فِي الْحَقِّ وَغَيْرِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (إن قيل: ترجم على بيع المُكرَه في الحقِّ وغيره، ولم يذكر إلَّا بيع اليهود أموالهم مُكرَهين على الجلاء والإكراه بحقٍّ لا غير، فما موقع قوله: «وغيره»؟ قلت: يحتمل أن يريد: باب بيع المُكرَه في الدَّيْن مثلًا وغيره، والكلُّ حقٌّ، وذكر الحديث؛ لأنَّهم أُكرِهوا على بيع أموالهم، لا لحقٍّ عليهم، ولكن كان الإكراه حقًّا، فالإكراه على البيع في الحقِّ وبسبب آخر غير ماليٍّ سواءٌ في نفوذ البيعِ، كما نُقِل عن مالك أنَّ المُفسِد يُلزَم بيعَ داره بحقِّ جاره في إبعاده عنه، على تفصيلٍ عند الفقهاء)، انتهى.
قوله: (بَابُ [1] بَيْعِ الْمُكْرَهِ): هو بفتح الرَّاء، اسم مفعول.
قوله: (فِي الْحَقِّ وَغَيْرِهِ): أي: في الدَّيْن وغيره، كما تَقَدَّمَ أعلاه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في).
[ج 2 ص 776]

(1/12365)


[حديث: اعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم]
6944# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (سَعِيْد المَقْبرِي): تَقَدَّمَ أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان، و (المقبري)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.
قوله: (إِلَى يَهُودَ): هو بالفتح، والفتح علامة الجرِّ في كلِّ ما لا ينصرف، وهذا لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.
قوله: (بَيْتَ الْمِدْرَاسِ): هو بكسر الميم، وإسكان الدَّال، وفي آخره سين مهملتان، قال ابن قُرقُول: (هو البيتُ الذي يقرأ فيه أهلُ الكتاب، درستُ الكتاب: قرأته)، انتهى، وفي «النِّهاية»: هو البيت الذي يدرسون فيه، و (مِفْعال) غريبٌ في المكان.
قوله: (أَنْ أُجْلِيَكُمْ): هو بضَمِّ الهمزة، رُباعيٌّ؛ أي: أُخرِجَكم.
==========
[ج 2 ص 776]

(1/12366)


[باب: لا يجوز نكاح المكره]
قوله: (لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكْرَهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بفتح الرَّاء، اسم مفعول، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 776]

(1/12367)


[حديث خنساء أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت]
6945# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الزَّاي وإسكانها، و (مُجَمِّعٍ): هو بضَمِّ الميم الأولى، وفتح الجيم، وكسر الميم الثانية مُشَدَّدة، وهو غير مُنَوَّن، و (جَارِيَة) جدُّه؛ بالجيم، و (خَنْسَاء بِنْت خِذَامٍ)؛ بكسر الخاء وبالذَّال المعجمتين، و (خِذام): هو ابن خالد، وقيل: ابن وديعة، من بني عمرِو بن عوف، وكنية (خِذام) أبو وديعة، وفي «تجريد الذَّهَبيِّ» في الصَّحَابة: (خِذام بن وديعة بن الأوس، وقيل: خِذام بن خالد، هو الذي زوَّج ابنته فكرهت)، انتهى.
قوله: (وَهْيَ ثَيِّبٌ): هو بفتح الثَّاء المُثَلَّثَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، ثمَّ مُوَحَّدة، و (الثَّيَّب) معروفةٌ، وقد اختُلِف في أنَّها حين زوَّجها أبوها خِذام كانت ثيِّبًا أو بكرًا، وقد جاءت الروايات بهما، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (والصَّحيح: أنَّها ثَيِّب)، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) في قوله: (وهي ثيِّب) ما قال بعضهم: هذا مدرج في الحديث، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ، وقد أخرجه النَّسائيُّ، وقال: (وهي بكر) انتهى.
تنبيهٌ: كانت خنساء مُتزوِّجة بأُنَيس بن قتادة بن ربيعة الأنصاريِّ الأوسيِّ، وقد روى مُجَمِّع ابن جارية: (أنَّ خنساء بنتَ خِذام كانت تحت أُنَيس بن قتادة، فزوَّجها أبوها رجلًا، فكرهته، فجاءت إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فردَّ نكاحه، فتزوَّجها أبو لُبابة، فجاءت بالسَّائب بن أبي لُبابة)، قاله ابن شيخنا البُلْقينيِّ، وقد تَقَدَّمَ زوجها في (كتاب النِّكاح).
==========
[ج 2 ص 776]

(1/12368)


[حديث: سكاتها إذنها]
6946# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عنه، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر وإن كان الفِرْيَابيُّ روى عن السُّفيانَين، لكنَّه يُكثِر عن الثَّوريِّ، والله أعلم، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صحابيٌّ، و (أَبُو عَمْرٍو [1] ذَكْوَانُ)؛ بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وَثَّقَهُ أبو زُرْعة، تَقَدَّمَ.
قوله: (يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ): (يُستَأمَرُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النِّساءُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (تُسْتَأْمَرُ) بعدها.
قوله: (فِي أَبْضَاعِهِنَّ): (الأبضاع): جمع (بُضْع)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة؛ وهو الفرج؛ أي: في فروجهنَّ.

(1/12369)


[باب: إذا أكره حتى وهب عبدًا أو باعه لم يجز]
قوله: (بَابٌ: إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا): (أُكرِه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَبِهِ قَالَ [1] بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخنا: (أبو حنيفة المراد).
قوله: (بِزعْمِهِ): (الزّعم): مُثلَّث الزَّاي؛ ثلاث لغات حكاها غير واحد، والزّعم: القول، وأكثر ما تُستعمَل بمعنى القول فيما لا يتحقَّق، قال ابن المُظفَّر: أهل العربيَّة يقولون: زعم فلان؛ إذا شكَّ فيه، ولم يدرِ كذبٌ أو باطلٌ؟ وعن الأصمعيِّ: الزَّعم: الكذب، وقال شريح: زعموا: كنية الكذب، وقال ثعلب عن ابن الأعرابيِّ: الزَّعم: القول يكون حقًّا، ويكون باطلًا، انتهى، وقد أكثر سيبويه في «كتابه» الذي هو قدوة أهل العربيَّة مِن قوله: (زعم الخليل)، و (زعم أبو الخطَّاب)، وهما شيخاه، ويعنى بـ (زعم): قال، والله أعلم.
قوله: (وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ): (التَّدبير): تعليق العتق بدُبر الحياة، سُمِّي تدبيرًا مِن لفظ (الدُّبر)، وقيل: لأنَّه دبَّر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه، وأمر آخرته باعتاقه، وهذا عائد إلى الأوَّل؛ لأنَّ التَّدبير في نفس الأمر مأخوذٌ مِن الدُّبر أيضًا؛ لأنَّه نظر في عواقب الأمور وأدبارها.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (وقال).
[ج 2 ص 776]

(1/12370)


[حديث: أن رجلًا من الأنصار دبر مملوكًا ولم يكن ... ]
6947# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارمٌ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجل الأنصاريَّ) يقال له: أبو مذكور، و (المملوك المُدبَّر): يعقوب، وهذان في «مسلم».
قوله: (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (صوابه: نُعَيم النَّحَّام) انتهى، وقد ذكرت الكلام على (نُعَيم النَّحَّام)، وأنَّ الصَّواب فيه: أنَّه صفة لنُعَيم، لا لأبيه، وقد تَقَدَّمَ لِمَ قيل له: النَّحَّام.
==========
[ج 2 ص 776]

(1/12371)


[باب: من الإكراه]
قوله: (بَابٌ: مِنَ الإِكْرَاهِ: {كَرْهًا} [آل عمران: 83] و {كُرْهًا} [1] [الأحقاف: 15]): يعني: بفتح الكاف وضمِّها؛ لغتان، وقد قَدَّم هذا في (سورة براءة)، وهذا قول الكسائيِّ، وأمَّا الفرَّاء؛ فإنَّه قال:
[ج 2 ص 776]
الكُره؛ بالضَّمِّ: المشقَّة، يقال: قمتُ على كُرهٍ؛ أي: على مَشقَّةٍ، ويقال: أقامني فلانٌ على كَره؛ بالفتح؛ إذا أكرهكَ عليه، وقد قدَّم الجوهريُّ قول الفرَّاء على قول الكسائيِّ، وفي «المطالع»: («الكُره والكَره»: لغتان عند البصريِّين، وقال الكوفيُّون: بالفتح: الكراهية، وبالضَّمِّ: المشقَّة، وقال القُتبيُّ: بالفتح: القهر، وبالضَّمِّ: المَشقَّة، وقيل: بالفتح: المصدر، وبالضَّمِّ: الاسم؛ أي: المكروه، وقيل: بالفتح: ما أُكرِهت عليه، وبالضَّمِّ: ما كرهتَه مِن عند نفسك، وهو قول القتبيِّ بعينه، والكَره والكُره: لغتان عند البُخاريِّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ في {براءة} بعضَ ما هنا، وقال شيخنا: (قال المهلَّب: فائدة هذا الباب _والله أعلم_ ليعرِّفك أنَّ كلَّ مَن أمسك امرأته ولا أربَ له فيها؛ طمعًا أن تموتَ؛ فلا يحلُّ له ذلك بنصِّ القرآن)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (كَرهٌ وكُرهٌ).

(1/12372)


[حديث: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق ... ]
6948# قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ): (الشَّيبانيُّ)؛ بالشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (عَطَاءٌ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِيُّ)؛ بضَمِّ السين المُهْمَلَة، _ونقل شيخنا في (تفسير النِّساء) فتحَها)، انتهى_ وتخفيف الواو، وهمزة ممدودة مكسورة، ثمَّ ياء النِّسبة: إلى سُواءة بن عامر بن صعصعة، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 777]

(1/12373)


[باب: إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها]
قوله: (بَابٌ: إِذَا اسْتُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَى): (استُكرِهتْ)؛ بضَمِّ التَّاء، وكسر الرَّاء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مِن الآيات وحديث الباب بغيرِ إسناد، ثمَّ قال: (إدخالُ حديث سارَّة في التَّرجمة غيرُ حَسَنٍ ولا مطابقٍ إلَّا مِن جهة سقوط الملامة عنها في خلوته بها؛ لأنَّها مُكرَهة، وآيةُ سقوط الملامة ظهورُ الكرامة في إجابة الدَّعوة، ولم يكن مِن الأدب الحسن إدخالُ الحديث في التَّرجمة بالجملة، والله المُوفِّق) انتهى، وما قاله ابن المُنَيِّر هذا الإمامُ في غايةٍ مِن الحُسْن، وهو الأدب.
==========
[ج 2 ص 777]

(1/12374)


[معلق الليث: أن عبدًا من رقيق الإمارة وقع على وليدة من الخمس ... ]
6949# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ [1] أَبِي عُبَيْدٍ ... )؛ الأثر إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، و (اللَّيث): هو ابن سعد الإمام، و (نافع): هو مولى عبد الله بن عمر، الثِّقة المشهور، و (صفيَّة بنت أبي عُبَيد): ابن مسعود الثَّقفيَّة، أخت المختار بن أبي عُبَيد الكذَّاب، وزوجة عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، روت عن عائشة، وحفصة، وأمِّ سلمة، وغيرهنَّ، وعنها: سالم، ونافع، وعبد الله بن دينار، وموسى بن عُقبة، وجماعة، وثَّقها أحمد العِجْليُّ وغيره، أخرج لها [2] البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال شيخنا: (أثر عمر أخرجه ابن أبي شيبة عن حفص، عن عبيد [3] الله، [عن نافع]، عن ابن عمر: أنَّ عمر ... )؛ فذكره.
قوله: (أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمُسِ): (العبد) و (الأَمة) لا أعرفهما، و (الوليدة): الجارية الصَّبيَّة.
قوله: (حَتَّى اقْتَضَّهَا): هو بالقاف مُجوَّد في أصلنا، قال ابن قُرقُول: في قوله: (لا يُفضُّ الخاتم إلَّا بحقِّه) ما لفظه: (لا يكسره وهو عبارة عن افتراع البكر، وافتضاض عُذرتِها، وكسر الخاتم الذي جعله الله عليها، يقال: افتضَّ الجارية واقتضَّها)، انتهى، وفي «الصِّحاح» في (القاف): (واقتضَّ الجارية: افترعها)، وقال في (الفاء): (الفضُّ: الكسر بالتَّفرقة).
قوله: (مِنْ أَجْلِ): هو بفتح الهمزة، وتُكسَر أيضًا، وإسكانِ الجيم، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (يَفْتَرِعُهَا): تَقَدَّمَ ما (الافتراع)، وهو بالفاء، والرَّاء، والعين المُهْمَلَة؛ أي: يقتضُّها.
قوله: (يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنَ الأَمَةِ): (الحَكَمُ)؛ بفتح الحاء، والكاف؛ وهو الحاكم، وهو مَرْفُوعٌ فاعل (يقيم)، وقوله: (مِن الأَمَة): هو بفتح الهمزة، والميم المُخَفَّفة، وهي الرَّقيقةُ.
قوله: (الْعَذْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّها البكْرُ.
قوله: (وَيُجْلَدُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (ابنة).

(1/12375)


[2] في (أ): (له)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ) تبعًا لـ «التَّوضيح»: (عبد)، وكُتِب فوقها: (يُحرَّر)، والمُثبَت وما استُدرِك بعده من «مُصنَّف ابن أبي شيبة».
[ج 2 ص 777]

(1/12376)


[حديث: هاجر إبراهيم بسارة دخل بها قرية فيها ملك]
6950# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تقدَّموا.
قوله: (دَخَلَ بِهَا قَرْيَةً): تَقَدَّمَ هل هي مصرُ أو الأُردنُّ، وتَقَدَّمَ (الجَبَّار): أنَّه اختُلِف في اسمه؛ هل هو صادوف، أو سنان بن علوان، أو عَمرو بن امرئ القيس بن بابَلْيُون.
قوله: (أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَّ بِهَا): (أَنْ)؛ بفتح الهمزة، وإسكان النُّون، و (أَرْسِل)؛ بفتح الهمزة: فعلُ أمرٍ من الرُّباعيِّ، وكلُّه ظاهر.
قوله: (تَوَضَّأُ): هو محذوف إحدى التَّاءَين مَرْفُوعٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في الردِّ على مَن قال: إنَّ الوضوء من خصائص هذه الأمَّة في أوَّل (الوضوء)، وكذا حديث جُرَيج فيه: أنَّه توضَّأ وصلَّى.
قوله: (فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ): (غُطَّ)؛ بضَمِّ الغين، وتشديد الطَّاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ معناه، والجمع بينه وبين ما في «مسلم» في (باب شراء المملوك من الحربيِّ وهيبته) قُبَيل (السلم).
==========
[ج 2 ص 777]

(1/12377)


[باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه]
قوله: (بَابُ يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ أنَّهُ أَخُوهُ): (أنَّه)؛ بفتح همزتها؛ أي: بأنَّه.
قوله: (وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ): هو بفتح الرَّاء، اسم مفعول.
قوله: (يَذُبُّ عَنْهُ الْمَظَالِمَ): (المَظَالِم): مَنْصُوبٌ مفعول (يَذُبُّ)، وهو جمع (مَظْلَمَة)، كذا هو في أصلنا القاهريِّ، وفي الدِّمَشْقيِّ: (الظَّالم)؛ بغير ميم.
قوله: (وَيُقَاتِلُ دُونَهُ) (يُقاتِل)؛ بكسر التَّاء.
قوله: (وَلاَ يَخْذُلُهُ): هو مَرْفُوعٌ، ومضمومةٌ الذَّالُ المُعْجَمَة.
قوله: (فَلاَ قَوَدَ عَلَيْهِ): (القَوَد)؛ بفتح القاف والواو، وبالدال المُهْمَلَة: القِصاص، وأقدتُ القاتل بالقتيل؛ أي: قتلتُه به، قاله الجوهريُّ، وقوله: (وَلاَ قِصَاصَ): أي: ولا دِيَةَ، و (القِصاص): هو الأَخْذُ، ومثله: قصَّ الله به مِن خطاياه؛ أي: نقص وأخذ، ومنه القصاص؛ لأنَّه يأخذ منه حقَّه، وقيل: هو مِن القطع؛ لأنَّ أصله: الجُرح يُقطَع كما يقطع جارحه، والله أعلم، ومقتضى إيراد شيخنا: أن يكون غيرَ ذلك، ولفظه: (والمراد بـ «القَوَد» في قول البُخاريِّ: «لا قودَ ولا قصاصَ»؛ يريد: ولا دِيَةَ؛ لأنَّ الدِّيَةَ تُسمَّى: أَرْشًا، نبَّه عليه الدَّاوديُّ)، انتهى، أو عطف (القصاص) على (القود)، وإن كانا بمعنًى؛ لتغاير اللَّفظ؛ فَحَسُنَ ذلك، والله أعلم.
قوله: (أَوْ تُقِرُّ): هو من الإقرار، وهو مَرْفُوعٌ؛ لعدم تَقَدُّمِ النَّاصب والجَازم.
[ج 2 ص 777]
قوله: (وَتَحُلُّ عُقْدَةً): (تَحُلُّ)؛ بفتح التاء أوَّله، وضمِّ الحاء المُهْمَلَة: ضدُّ الرَّبْطِ؛ مثل أن تُطلَبَ منه الإقالةُ في البيع أو الإجارة، أو طلاق، ونحوها.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخُنا في أثناء كلامه: إنَّه أبو حنيفة.
قوله: (وَقَالَ [1] إِبْرَاهِيمُ لاِمْرَأَتِهِ: هَذِهِ أُخْتِي): امرأته هي سارة رضي الله عنها.
قوله: (وَقَالَ النَّخَعِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد النَّخَعيُّ، أحد الأعلام المشهورين.
قوله: (إِذَا كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ): هو بكسر اللام، اسمُ فاعلٍ، وكذا (الْمُسْتَحْلِفُ) الثاني: بكسر اللام، والمذاهب في هذه المسألةِ معروفةٌ، فلا نطوِّل بها.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.

(1/12378)


[حديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه .. ]
6951# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمامُ، أحدُ الأعلام، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (وَلَا يُسْلِمُهُ): هو بضَمِّ أوَّله، يُقال: أسلم فلانٌ فلانًا؛ إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمِه من عدوِّه، وهو عامٌّ في كلِّ مَن أسلمتَه إلى شيءٍ، لكن دخله التخصيص، وغلب عليه الإلقاء في الهلكة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 778]

(1/12379)


[حديث أنس: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا.]
6952# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (تَحْجُزُهُ): هو بضَمِّ الجيم [1]؛ ومعناه: تمنعه.
قوله: (فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ): (نصرُه): مَرْفُوعٌ خبر (إنَّ).
==========
[1] في (أ): (الحاء)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 778]

(1/12380)


((90)) (كِتَابٌ فيِ [1] الحِيَلِ) [2] ... إلى (كِتَاب التَّعْبِيْرِ)
كذا في أصلنا القاهريِّ، وعليه (ز)، وبعد (الحِيَل): (إلى)؛ أي: أنَّ هذا زائدٌ، وعُلِّمَ عليه علامةُ مثبِتِه، وبعده في الأصل: (بَابُ [3] تَرْكِ الحِيَلِ)، وهذه في الأصل بلا زيادةٍ، و (كتاب الحيل): زائدةٌ في رواية.
ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثم قال: أدخل التركَ في الترجمة؛ حَذَرًا من إيهام إجازة الحِيَل، وهو شديدٌ على مَن أجازها، فتحرَّى في الترجمة، خلاف إطلاقه «باب بيعة الصغير» وإن كان النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يبايعه، كما تَقَدَّمَ آنفًا، ولكن لا تدخل بيعتُه في الإنكار كالحِيَل، ولهذا عوَّضه عن البيعة أن دعا له، ومسح رأسَه، والله أعلم، انتهى.
وفي أصلنا القاهريِّ بغير (ترك)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ بإثبات (ترك).
==========
[1] زيد في هامش (أ) من نسخة: (ترك).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، و (كتاب في الحيل): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في هامشها من رواية أبي ذرٍّ: (كتاب الحيل).
[3] زيد في «اليونينيَّة»: (في)، وضُرِب عليها في (ق).
[ج 2 ص 778]

(1/12381)


[حديث: يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية]
6953# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارم، وتَقَدَّمَ ما (العَارم)، وهو بعيد منها، و (يَحْيَى) بعد (حَمَّاد بن زيد): هو ابن سعيد الأنصاريُّ، وكذا هو [1] منسوبٌ إلى أبيه في نسخة.
قوله: (إِلَى دُنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الدنيا)، وفي حقيقتها، وأنَّ الرواية بغير تنوينٍ، ولا يجوز تنوينها إلَّا على لُغَيَّة تَقَدَّمَت.
قوله: (أَوِ امْرَأَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة كنيتها أمُّ قيس، وسمَّاها ابنُ دحية قيلةَ، وقدَّمتُ الكلامَ عليها مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق.
==========
[1] في (أ): (في)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 778]

(1/12382)


[باب: في الصلاة]
قوله: (بَابٌ فِي الصَّلاَةِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديثَ الباب بغير إسناد؛ وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لا يقبلُ الله صلاةَ أحدكم إذا أحدث حتَّى يتوضَّأ»، ثم قال: (إن قلتَ: ما موقعُها؟ قلت: عدَّ قولَ أبي حنيفة: «إنَّ المُحدِث عمدًا في أثناء الجلوس الأخير كالمُسَلِّم» من التَّحَيُّل لتصحيح الصَّلاة مع الحَدَث؛ لأنَّ البُخاريَّ رحمه الله بنى على أنَّ التحلُّلَ من الصَّلاة ركنٌ منها، فلا يُقبَل مع الحَدَث، والذي قبله على أنَّ التحلُّلَ ضدُّها، لا ركنُها، فتحيَّل؛ لقبوله بهذا الرأي)، انتهى.
وقال لنا شيخُنا الحافظُ نور الدين الهيثميُّ تلميذُ شيخِنا العِرَاقيِّ: إنَّ هذا الحديثَ أخرجه البُخاريُّ هنا؛ ليردَّ قولَ مَن قال: إنَّ الجنازة إذا حضرت وخاف فوتَها؛ يحوز له أن يتيمَّم لها عند الحنفيَّة، فاستدلَّ بهذا؛ ليَرُدَّ هذا، والله أعلم.

(1/12383)


[حديث: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ]
6954# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (ابن نصر)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة النساء)، وما في نسخةٍ في أصلنا هو أَحَدُ الأقوال فيه، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (إسحاق ابن نصر)، وكأنَّه وقع له كذلك، وليس هو موضَّحًا، بل كذلك وقع ذلك، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثَني).
[ج 2 ص 778]

(1/12384)


[باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق ... ]
قوله: (وألَّا يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ): (يُفرَّق) و (يُجمَع): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعلُهُما، وقد قَدَّمْتُ معنى ذلك في (الزكاة).
==========
[ج 2 ص 778]

(1/12385)


[حديث: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا.]
6956# قوله: (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ): (أبو سهيل): اسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحيُّ، مشهورٌ، وهو عمُّ مالك بن أنسٍ الإمامِ أحدِ الأعلام.
قوله في حديث طلحة بن عبيد الله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ): هذا الأعرابيُّ تَقَدَّمَ الكلامُ عليه في أوائل هذا التعليق في (باب الزكاة من الإسلام)، وقول مَن قال: إنَّه ضمام.
قوله: (ثَائِرَ الرَّأْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابه ومعناه في الباب المذكور أعلاه.
قوله: (الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ): (الصلواتِ): مَنْصُوبٌ، وعلامة النصب فيه الكسرةُ، وهو مفعولٌ، و (الخمسَ): مَنْصُوبٌ صفة لـ (الصلوات).
قوله: (شَهْرَ رَمَضَانَ): (شهرَ): مَنْصُوبٌ؛ كـ (الصلوات).
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ): قال شيخُنا: («بعض الناس»: هو أبو حنيفة رحمه الله).
قوله: (حِقَّتَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على ما هي، في (الزكاة).
==========
[ج 2 ص 778]

(1/12386)


[حديث: يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعًا أقرع.]
6957# 6958# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة النساء)، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه»، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (هَمَّامٌ): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ.
قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): تَقَدَّمَ ما (الشُّجَاع)، وما (الأقرع)، في (الزكاة)، وما الحكمة في كونه يكون (الكَنْزُ) حيَّةً، والله أعلم.
[ج 2 ص 778]
قوله: (فَيُلْقِمَهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر القاف، رُباعيٌّ، وهو مَنْصُوبٌ، ويجوز رفعُه، والله أعلم.
قوله: (رَبُّ النَّعَمِ): (ربُّ)؛ بمعنى: صاحب، وهذا مَعْرُوفٌ، و (النَّعَم): تَقَدَّمَ الكلام عليها.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) قال شيخنا: هو أبو حنيفة رحمه الله تعالى.

(1/12387)


[حديث: استفتى سعد بن عبادة رسول الله في نذر كان على أمه ... ]
6959# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ): أمُّ سعد بن عبادة صحابيَّة، تَقَدَّمَ أنَّ اسمها عَمرةُ بنت مسعود، وأنَّها تُوُفِّيَت سنةَ خمسٍ، وهي من المبايعات، وكان ابنُها غائبًا عنها.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عِشْرِينَ): قال شيخُنا: (المراد بـ «بعض الناس»: أبو حنيفة رحمه الله تعالى).
==========
[ج 2 ص 779]

(1/12388)


[باب الحيلة في النكاح]

(1/12389)


[حديث: أن رسول الله نهى عن الشغار ... ]
6960# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان مرارًا، و (عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (نَهَى عَنِ الشِّغَارِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الشين وبالغين المعجمتين، وقد فسَّره في الحديث نافعٌ أحدُ رواته، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، والاختلاف فيه؛ أعني: فيمَن فسَّره بذلك، في (باب ما يحلُّ من النساء وما يحرم)، والله أعلم.
قوله: (أَنْ [1] يَنْكِحَ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحَهُ ابْنَتَهُ): (ينكح) الأولى: بالفتح، والثانية: بالضَّمِّ، وهذا مَعْرُوفٌ جدًّا، وكذا (وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ): الأولى بالفتح، والثانية بالضَّمِّ.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمُ): (بعضهم): هو كما قال شيخُنا في الذي قبله.

(1/12390)


[حديث: إن رسول الله نهى عنها يوم خيبر]
6961# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ بْن عُمَرَ): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (قِيلَ لَهُ): القائل لعَلِيٍّ ذلك لا أعرفه.
قوله: (نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ): تَقَدَّمَ [الكلام] على ذلك، وأنَّ المتعة ما حُرِّمت يوم خيبر، بل إنَّما حُرِّمت عامَ الفتح، وقدَّمتُ سبعَ رواياتٍ في وقت تحريمها، وقدَّمتُ كلامَ الناس في ذلك، وردَّ قول مَن قال: (حُرِّمت يومَ خيبر) من عند السُّهَيليِّ وابن قَيِّمِ الجَوزيَّة، وهو كلامٌ حسنٌ معقولٌ، في (غزوة خيبر).
قوله: (الإِنْسِيَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (خيبر) وغيرِها.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القول فيه كالذي قبله.
قوله: (وَلاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلَأِ): (يُمنَع) في الموضعين: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (فضلُ) في الموضعين: مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا في الحديث، و (الكلأ): مهموزٌ مقصورٌ، تَقَدَّمَ ما هو.

(1/12391)


[باب ما يكره من الاحتيال في البيوع ... ]

(1/12392)


[حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ]
6962# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز الأعرج، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 2 ص 779]

(1/12393)


[باب ما يكره من التناجش]
قوله: (باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (يُكرَه): تَقَدَّمَ في أمثاله أنَّ مرادَه: يَحرُم، و (النَّجْشِ): تَقَدَّمَ ما هو في (البيوع) وغيرِها.
==========
[ج 2 ص 779]

(1/12394)


[باب ما ينهى من الخداع في البيوع]
قوله: (بَاب مَا يُنْهَى مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبُيُوعِ): (يُنهَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وأصل الخَدْع: إظهارُ أمر وإضمارُ خلافِه، ويُقال: خدع الرِّيقُ: فسد، فكأنَّ الخِداع يُفسِد تدبيرَ المخدوع، وفي كلام بعضهم: أصل الخداع: من إخفاء الشيء، وقال الليث: خدعتُ الشيءَ: أخفيته، وقال آخرون: أصل الخداع: الفساد، والخَدْع: الفساد، وقال ابن الأعرابيِّ: الخادع: الفاسد من الطعام.
قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، واسم أبي تميمة كيسان، وهو أحد الأئمَّة الأعلام، وكذا عزَوه إليه، وممَّن عزاه إليه ابنُ القَيِّمِ في «تعاليم المُوَقِّعين»، وفي حفظي: أنَّ الذَّهَبيَّ عزاه أيضًا إليه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 779]

(1/12395)


[حديث: إذا بايعت فقل: لا خلابة.]
6964# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل، وأنَّ جماعةً قالوا: هو حَبَّان بن مُنقِذ، وأنَّ الصحيح: أنَّه والدُه مُنقِذ، والله أعلم.
قوله: (لَا خِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه في (باب كم يجوز من الخيار).
==========
[ج 2 ص 779]

(1/12396)


[باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة ... ]
قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَأَلَّا يُكْمِلَ [1] صَدَاقَهَا): (يُكْمِل): هو بضَمِّ أوَّله، وسكون الكاف، وكسر الميم، وفي أصلنا مشدَّد الميم المكسورة، وهما لُغَتان، كمَّل الشيء وأكمله؛ بمعنى: أتمَّه، ويترجَّح هنا التخفيفُ؛ لأنَّه سيأتي في الحديث بعد الترجمة: (فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ)، والله أعلم.

(1/12397)


[حديث عائشة في {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى}]
6965# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (فِي حَجْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها.
==========
[ج 2 ص 779]

(1/12398)


[باب: إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت ... ]
قوله: (فَقُضِيَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ): (قُضِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخُنا: (هو أبو حنيفة رحمه الله).
قوله: (حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا): أي: مالكها، وهذا مَعْرُوفٌ.
[ج 2 ص 779]
قوله: (فَيُطَيَّبُ [1] لِلْغَاصِبِ): (يُطَيَّب): بتشديد الياء تحت بعد الطاء، كذا في أصلنا، و (الطَّيِّب): خلاف الخبيث، وطاب الشيء يطيب طيبةً، وتَطْيابًا، وأطابه غيره، وطيَّبه أيضًا، فما في الأصل يُقرَأ بالتخفيف والتثقيل، لكن كذا سمعناه بالتشديد، والرواية المُتَّبَعَة.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (فَيَطِيبُ)، وفي (ق) بالضبطين معًا.

(1/12399)


[حديث: لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به]
6966# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.
قوله: (يُعْرَفُ بِهِ): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 780]

(1/12400)


[باب [حكم الحاكم لا يحل حرمًا ولا يحرم حلالًا]]

(1/12401)


[حديث: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون]
6967# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر الثاء المُثَلَّثَة، و (سُفْيَان) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ؛ وذلك لأنِّي راجعتُ ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير في «الكمال» للحافظ عَبْد الغَنيِّ؛ فوجدته ذكر في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وراجعتُ كلام الذَّهَبيِّ في «تذهيبه»، ذكر في مشايخه سفيانَ، وأطلق، فحملت المطلَق على المقيَّد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مثلُه غَيْرَ مَرَّةٍ، و (زَيْنَبُ بِنْتُ [1] أُمِّ سَلَمَةَ): ذكرتها مع بعض ترجمتها، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحُسين، رضي الله عنهما، أمُّ المؤمنين.
قوله: (أَلْحَنَ): أي: أفْطَنَ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (ابنة).
[ج 2 ص 780]

(1/12402)


[باب: في النكاح]

(1/12403)


[حديث: لا تنكح البكر حتى تستأذن]
6968# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (البكرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (تُستَأذَن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ أيضًا، وكذا (حَتَّى تُسْتَأْمَرَ): مَبْنيٌّ أيضًا.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ): (بعض الناس): نقل شيخُنا عن المُهَلَّب: أنَّه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه.
قوله: (إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ الْبِكْرُ): (تُستَأذَن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (البكرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَلَمْ تَزَوَّجْ): هو بفتح التاء في أصلنا، مشدَّد الواو، محذوف إحدى التاءين.
==========
[ج 2 ص 780]

(1/12404)


[حديث: أن امرأة من ولد جعفر تخوفت ... ]
6969# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، و (الْقَاسِم): هو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ): هذه المرأة هي أمُّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، و (وَلِيُّهَا): أبوها، والمراد جعفرُ بن أبي طالب، وكان الخاطبَ لها يزيدُ بنُ معاوية، فتزوَّجت ابنَ عمِّها القاسمَ بنَ مُحَمَّد بن جعفر، قاله بِرُمَّتِه بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين.
قوله: (عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعِ [1] ابْنَيْ جَارِيَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وضبط (مُجمِّع)، وأنَّه بغير تنوينِ كسرٍ، مكسورٌ فقط، وأنَّ (جارية) بالجيم، وبمُثَنَّاة تحت بعد الراء.
قوله: (فَلَا تَخْشَيْنَ): كذا هو في أصلنا، وقال شيخُنا: صوابه بكسر الياء، وتشديد النون؛ لأنَّه فعلٌ مَبْنيٌّ على النون المُشَدَّدة، وإن جعلتَه للمخاطبة؛ فيكون غيرَ مستقيمٍ في الإعراب إذا لم تحذف النونَ منه في النهي، انتهى.
قوله: (فَإِنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (خِذامًا) بالخاء المُعْجَمَة المكسورة، وبالذال المُعْجَمَة أيضًا.
قوله: (أَنْكَحَهَا أَبُوهَا وَهْيَ كَارِهَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّه اختُلِف في خنساء هذه؛ هل كانت ثيِّبًا أم بكرًا، وأنَّ الصحيحَ: أنَّها كانت ثيِّبًا، قاله النَّوويُّ، وتَقَدَّمَ مَن كان زوَّجَها أبوها، وقد تَقَدَّمَ في (النكاح) أيضًا وقريبًا جدًّا في قوله: (وهي ثيِّبٌ) ما قال بعضهم: هذا مدرَجٌ في الحديث، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ، وقد أخرجه النَّسائيُّ، وقال: (وهي بكرٌ)، انتهى.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، كما قدَّمتُه أعلاه.
قوله: (وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو عبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جارية، تَقَدَّمَ.

(1/12405)


[حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر]
6970# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، تَقَدَّمَ أنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحْو، كذا قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وتَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد، لا شيبانُ هذا، انتهى، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأَيِّمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد قَدَّمْتُ مَن (الأَيِّمُ).
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القول فيه كالذي قبله.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتها.
قوله: (بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا): هو بضَمِّ الميم وفتحِها.
==========
[ج 2 ص 780]

(1/12406)


[حديث: البكر تستأذن]
6971# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (ابْن جُرَيْج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرِ بنِ عبد الله بن جُدعان التيميُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صحابيٌّ، و (ذَكْوَان): هو مولى عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، وكنيته أبو عمرو.
قوله: (تُسْتَأْذَنُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القول فيه كالقول فيمَن قبله.
[ج 2 ص 780]
قوله: (هَوِيَ رَجُلٌ جَارِيَةً): (هَوِيَ): بفتح الهاء، وكسر الواو؛ أي: أحبَّ.

(1/12407)


[باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر]

(1/12408)


[حديث: سقتني حفصة شربة عسل.]
6972# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.
قوله: (يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحَلواء) بالمدِّ عند أكثرهم، والأصمعيُّ يقصرها، وحكى أبو عليٍّ الوجهين، وقال الليث: الحَلواء؛ ممدودٌ: كلُّ حلو يُؤكَل، قاله ابن قُرقُول، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف فيها ما هي، وكلام المحبِّ الطَّبَريِّ.
قوله: (أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: جاز الوادي جوازًا، وأجازه: قطعه، وقال الأصمعيُّ: جازه: مشى فيه، وأجازه: قطعه، وأجزتُ عليه: نفذت، وكذلك جزت عليه، انتهى، وهذا أيضًا قاله غيرُه، والقولان معروفان.
قوله: (فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ ... )؛ الحديث: كذا هنا أنَّ شُرب العسل كان عند حفصة، وقد قَدَّمْتُ في (باب مَن أجاز طلاقَ الثلاث) أنَّ الأصحَّ: أنَّ شُرب العسل إنَّما كان عند زينب، لا حفصة، وقد تَقَدَّمَ هناك كلامُ الداوديِّ، وما عند عَبْد بن حُمَيدٍ؛ فانظره.
قوله: (أَهْدَتْ لَهَا [1] امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.
قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): تَقَدَّمَ الكلام على (المغافير) ضبطًا، وما هو.
قوله: (أَنْ تُوجَدُ مِنْهُ الرِّيحُ): يعني: الريح الكريهة، وحذف الوصف؛ للعلم به، وذلك لأنَّ المعروفَ أنَّ الرائحةَ الطيِّبَةَ كان يُحِبُّها عليه السَّلام، ويكره الكريهةَ، فلهذا حذف الوصفَ الراوي، والله أعلم.
قوله: (جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ): تَقَدَّمَ الكلام على (جَرَسَت)؛ ومعناه: رَعَت، وتَقَدَّمَ الكلام على (العُرْفُط) ضبطًا، وما هو، وأنَّه شجر العِضاه.
قوله: (وَسَأَقُولُ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَرَقًا مِنْكِ): (الفَرَق)؛ بفتح الفاء والراء، وبالقاف: الفَزَع.
قوله: (حَرَمْنَاهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَرَمه): ثُلاثيٌّ مُتَعَدٍّ، وزان: سَرَقَه يسرِقه سَرِقًا؛ بكسر الراء، ويُقال أيضًا في لغة: أحرمه؛ إذا منعه.
==========
[1] (لها): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ.
[ج 2 ص 781]

(1/12409)


[باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الاِحْتِيَالِ فِي الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ): اعلم أنَّ البُخاريَّ استدلَّ في هذا «الصحيح» على بطلان الحِيَل بأحاديثَ؛ منها: حديثُ الفرار من الطاعون، وهذا من دِقَّة فهمه، وأنَّه إذا كان قد نهى عليه السَّلام عن الفِرار من قَدَر الله إذا نزل بالعبد؛ رضًا بقضاء الله، وتسليمًا بحكمه؛ فكيف بالفِرار من أمره ودِينه إذا نزل بالعبد؟! قاله ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في «إغاثة اللَّهفان».
قوله: (مِنَ الطَّاعُونِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (الْوَبَاءَ)، وأنَّ بينهما خصوصًا وعمومًا، فإنَّ كلَّ طاعون وَباءٌ، وليس كلُّ وَباء طاعونًا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 781]

(1/12410)


[حديث: إذا سمعتم بأرض فلا تقدموا عليه]
6973# قوله: (فَلَا تقْدمُوا): هو بفتح التَّاء والدَّال، وبضمِّ التَّاء، وكسر الدَّال.
قوله: (عَن ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (فَلَمَّا جَاءَ سَرْغَ [1]): تَقَدَّمَ ضبطها وأين هي في (باب ما يُذكَر في الطَّاعون) في (كتاب المرضى) و (الطِّبِّ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الشَّأمِ) طولًا وعرضًا.
قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ عُمَرَ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عبد الله بن مَسْلَمة القعنبيِّ، عن مالك، عن الزُّهْرِيِّ، وليس تعليقًا؛ فاعلمه، وحديث سالم عن أبي بكر وعمر مُرسَل، قاله أبو زُرْعة، وهذا لا شكَّ فيه.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بسَرْغ).
[ج 2 ص 781]

(1/12411)


[حديث: رجز عذب به بعض الأمم ثم بقي منه بقية]
6974# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأُمَمِ): المراد بـ (الوجع) هنا: الطَّاعون، والمراد بـ (بعض الأمم): بنو إسرائيل، وهذا الوصف بكونه عذابًا مُختَصٌّ بمَن كان قبلنا، وأمَّا هذه الأمَّة؛ فهو لها رحمة وشهادة، ففي «البُخاريِّ» و «مسلم»: «المطعون شهيدٌ»، وفي الحديث الصَّحيح: «أنَّه كان عذابًا يبعثه الله على مَن يشاء، فجعله رحمة للمؤمنين».

(1/12412)


[باب: في الهبة والشفعة]
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ وَهَبَ هِبَةً ... ) إلى آخره: (بعض النَّاس): القول فيه كالقول في الذي قبله.
==========
[ج 2 ص 781]

(1/12413)


[حديث: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه]
6975# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، وقد تَقَدَّمَ مثلُه قبل ذلك، وذكرت فيه كلامًا قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ، والله أعلم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة، و (السّخْتِيَانِي): تَقَدَّمَ أنَّه مُثلَّث السِّين غَيْرَ مَرَّةٍ.
قوله: (فِي قَيْئِهِ): هو بهمزة مكسورة بعد الياء، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مَثَلُ السَّوْءِ): هو بفتح السين، مهموز، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 781]

(1/12414)


[حديث جابر: إنما جعل النبي الشفعة في كل ما لم يقسم]
6976# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.
[ج 2 ص 781]
قوله: (وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القولُ فيه كالقولِ في الذي قبله.
قوله: (ثُمَّ عَمَدَ): هو بفتح الميم في الماضي، يعمِد؛ بكسرها في المضارع، عكس (صعِد)، وقد ذكرتُ لك ما رأيتُه في حاشية نسخة أنَّه بكسر الميم في الماضي، ونقله عن «شرح الفصيح» لِلَّبْلِيِّ.
قوله: (إِلَى مَا شَدَّدَهُ): بالشِّين المُعْجَمَة في أصلنا، وبالمُهْمَلَة نسخةٌ في الهامش.

(1/12415)


[حديث أبي رافع: الجار أحق بصقبه]
6977# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرو بْن الشَّرِيدِ)؛ بفتح الشين المُعْجَمَة، وكسر الراء المُخَفَّفة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ دال مهملة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين المُهْمَلَة، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ (مخرمة) والده: من مُسلِمة الفتح، وتقدَّما مُترجَمَين.
قوله: (عَلَى مَنْكِبِي): هو بالإفراد.
قوله: (فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى سَعْدٍ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكٍ، وسيأتي أنَّه سعد بن مالك، وهو هو، أحدُ العشرة رضوان الله عليهم أجمعين.
قوله: (فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ لِلْمِسْوَرِ): (أبو رافع) هذا: هو مولى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، اسمه إبراهيم القبطيُّ، وقيل: أسلم، ويقال: ثابت، ويقال: هرمز، ترجمته معروفة، صحابيٌّ مشهور، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وكان قبطيًّا.
قوله: (أَلَا تَأْمُرُ): (أَلَا)؛ بفتح الهمزة، مخفَّف اللَّام.
قوله: (بَيْتِي الَّذِي فِي دَارِهِ): (بيتي)؛ بالإفراد، ولهذا قال: (الذي)، وسيأتي في آخر (باب احتيال العامل؛ ليُهدَى له): (أنَّ أبا رافع ساومَ سعد بن مالك بيتًا)، وقد تَقَدَّمَ في (الشُّفعة): (ابتع منِّي بيتيَّ في دارك): (بيتيَّ)؛ بتشديد الياء: مثنًّى، (فقال: ما أبتاعهما، فقال له المسور: لتَبْتاعَنَّهُمَا)، ففي هذا أنَّهما بيتان، والجواب: لعلَّه أراده أن يبيعه أوَّلًا بيتًا، فقال له ما قال، ثمَّ عرض له بيع البيتَين، فقال ما قال، ولا يحتمل أنَّه أراد بالإفراد: الجنسَ، ولا دارًا تجمع بيتَين؛ لاختلاف الثمن، ولو كان الثمن مُتَّخَذًا؛ لجاز هذا والذي قبله، والله أعلم.
قوله: (إِمَّا مُقَطَّعَةٍ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٍ): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم.
قوله: (مُقَطَّعَةٍ وَإِمَّا مُنَجَّمَةٍ): معناهما: مُقسَّطة، ولكن شكَّ الراوي: أيُّ اللَّفظَين قال؟ و (مُقطَّعة) و (مُنجَّمة) مجروران مع التَّنوين، ويجوز نصبهما مُنوَّنَين على الحال.
قوله: (بِسَقَبِهِ [1]): تَقَدَّمَ ما (السَّقَبُ)، ويقال: سَقَبٌ وصَقَبٌ؛ وهو القرب، وقد قَدَّمْتُ أنَّه مِن الأضداد.

(1/12416)


قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): قائل ذلك هو شيخ البُخاريِّ عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ، و (سفيان): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القول كالذي قبله.
قوله: (فَيَهَب): هو بفتح الهاء مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ في أصلنا بالقلم.
6978# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرت المواضع في هذا «الصَّحيح» التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَمْرو بْن الشَّرِيدِ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطُه، و (أَبُو رَافِعٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعْد): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحدُ العشرة، تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (بِصَقَبِهِ): تَقَدَّمَ ما (الصَّقَبُ)، ويقال: سَقَبٌ، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّه القُرب، وقدَّمت أيضًا أنَّه من الأضداد.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القول فيه كالذي قبله.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (بِصَقَبِهِ).
[ج 2 ص 782]

(1/12417)


[باب احتيال العامل ليهدى له]
قوله: (لِيُهْدَى لَهُ): (يُهدَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 782]

(1/12418)


[حديث: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك ... ]
6979# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (أَبُو حُمَيْد السَّاعِدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.
قوله: (رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ الصواب فيه سكونُ التَّاء سواءٌ قلتَه بالألف أو باللَّام، وتَقَدَّمَ أنَّه وقع تسميتُه في بعض الروايات في «البُخاريِّ»: (عبد الله)، و (بنو سُلَيم)؛ بضَمِّ السِّين، وفتح اللَّام.
قوله: (هَذَا مَالُكُمْ): هو بضَمِّ اللَّام، وهو خبر، والمبتدأ: (هذا)، وكذا قوله ثانيًا: (فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ)، وكذا في أصلنا، و (ما): هي (ما) بمعنى: الذي، والله أعلم.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلافِ في أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): تَقَدَّمَ ضبطُه، وما هو، وكذا (خُوَارٌ)، وكذا (تَيْعِرُ)، وأنَّها بالكسر أفصحُها منها بالفتح [1]، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَيَاضُ إِبْطَيْهِ [2])، وأنَّه من علامات نُبوَّته، و (رِيْءَ): بكسر الرَّاء مفتوح الهمزة، وبضمِّها ثمَّ همزة مكسورة وفتح الياء [3].
قوله: (بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي): (بَصْر)؛ بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الصَّاد المُهْمَلَة، وفتح الراء، و (سَمْع)؛ بفتح السين المُهْمَلَة، وإسكان الميم، وبالعين المُهْمَلَة أيضًا، كذا هو مضبوط في أصلنا، وعلى (بَصْر): (صح)، وكذا على (سَمْع): (صح)، وفي الهامش: (بَصُرَ) و (سَمِعَ)، وعليهما علامة الدِّمْيَاطيِّ، وأنَّها رواية أبي ذرٍّ، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وفي «كتاب الحيل»: «بَصْرَ عيني، وسَمْعَ أذني»؛ بسكون الصَّاد والميم، وفتح الراء والعين، كذا ضبطه أكثرُهم، والرفعُ في الحديث الأوَّل أوجهُ، قال سيبويه: العرب تقول: سمْعُ أذني زيدًا، ورأْيُ عيني ذا؛ بضَمِّ آخرهما، وأمَّا الذي في «كتاب الحيل»؛ فوجهه النَّصبُ على المصدر؛ لأنَّه لم يُذكَر المفعول بعده)، انتهى.
==========
[1] كذا رواية «اليونينيَّة»: (تيعَر).
[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (إِبطِهِ).

(1/12419)


[3] كذا رواية «اليونينيَّة»: (رُئِيَ)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.
[ج 2 ص 782]

(1/12420)


[حديث: الجار أحقُّ بصقبه]
6980# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَمْرو بْن الشَّرِيدِ) وكذا (أَبُو رَافِع) تقدَّما أعلاه.
[ج 2 ص 782]
قوله: (أَحَقُّ بِصَقَبِهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه القرب، وأنَّ السَّقَب والصَّقَب: القرب، وأنَّه من الأضدادِ.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): القول فيه كالذي قبلَهُ.
قوله: (بِعِشْرِينَ أَلْفَ): (ألفَ): مَنْصُوبٌ غير مُنَوَّن؛ للإضافة، ونصبُه على التَّمييز، وكذا الثَّانية، وكذا الثَّالثة.
قوله: (وَيَنْقُدَهُ): هو بفتح أوَّله؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، ومضموم القاف، ومفتوح الدال، ويجوز ضمُّها، والثَّاني في أصلنا، والأوَّل عليها علامةُ نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وكذا الثَّانية.
قوله: (أَخَذَهَا): هو فعل ماض، كذا هو مضبوط في أصلنا.
قوله: (فَإِنِ اسْتُحِقَّتِ الدَّارُ): (استُحِقَّت)؛ بضَمِّ التَّاء، وكسر الحاء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الدارُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ أي: خرجت مُستَحقَّةً، وكذا (اسْتُحِقَّ): مَبْنيٌّ أيضًا للمفعول، وكذا (تُسْتَحَقَّ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبْنيٌّ أيضًا.
قوله: (هَذَا الْخِدَاعَ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا الكتاب (كتاب الحيل) ما (الخِداع)؛ فانظره.
قوله: (بَيْعُ المُسْلِم [1]): (بيعُ): مَرْفُوعٌ، ورفعه معروف.
قوله: (لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (البيوع)، وكذا (وَلَا غَائِلَةَ).
==========
[1] (بيعُ المسلمِ): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وإثباتها رواية أبي ذرٍّ.

(1/12421)


[حديث: أن أبا رافع ساوم سعد بن مالك بيتًا بأربع مئة ... ]
6981# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَمْرو بْن الشَّرِيدِ) و (أَبُو رَافِع) تقدَّما قريبًا، و (سَعْد بْن مَالِكٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة رضي الله عنهم.
قوله: (بِصَقَبِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه القرب، وأنَّ في رواية: (السَّقَب)؛ بالسين، وأنَّهما من الأضداد، والمُراد هنا: القرب.

(1/12422)


((91)) (كِتَابُ التَّعْبِيرِ) ... إلى (كِتَاب الفِتَن)
فائدةٌ: يقال: عبرتُ الرؤيا _ بالتَّخفيف_ أعبُرها عِبارةً _بكسر العين في المصدر، نصَّ عليه ابن قُرقُول_؛ إذا فسَّرتها، قال الله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]، وأوصل الفعلَ باللَّام كما قال: إن كنت للمال جامعًا، ويقال أيضًا: عبَّرت الرؤيا تعبيرًا؛ إذا فسَّرتها، قاله الجوهريُّ غيرَ يسير، وذكر ابن قُرقُول: (عَبَرَ وعبَّر؛ مُخفَّفًا ومُشدَّدًا، وكذا حكاهما ابن الأثير، والذي قاله شيخ الإسلام البُخاريُّ على لغة التَّشديد، وكان الأولى به استعمالَ لغةِ القرآن، والله أعلم.
فائدةٌ: قال عبادة بن الصَّامت موقوفًا عليه: (رؤيا المؤمن: كلام يكلِّم اللهُ به عبده في النَّوم) انتهى، وهذا لا يقال مِن جهة الرأي؛ فهو مَرْفُوعٌ، والله أعلم، نقله ابن القَيِّمِ في «شرح منازل السَّائرين»، وزاد في كتاب «الرُّوح»: (وقاله غير عبادة)، انتهى، وقد رأيت في ذلك حديثًا مرفوعًا إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لكن لا أدري مِن حديث مَنْ مِن الصَّحَابة؟ ثمَّ رأيته مرفوعًا عن عبادة في «نوادر الأصول» للحَكِيم التِّرْمِذيِّ، ذكره بإسنادٍ لنفسه.
قوله: (وأَوَّلُ مَا بُدِئَ): (بُدِئَ)؛ بضَمِّ أوَّله، وكسر الدَّال، بهمزة مفتوحة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مِنَ الْوَحْيِ): تَقَدَّمَ الكلام على (مِن) هذه، وأنَّ فيها قولين؛ أحدهما: لبيان الجنس، والثاني: للتبعيض، مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ): تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: (الصَّادقة)، وكذا رواه البُخاريُّ هنا _كما سيأتي_ وفي {اقرأ} في (التَّفسير)، و (الصَّادقة) و (الصَّالحة): هي تباشير النُّبوَّة؛ لأنَّه لم يقع فيها ضِغْث.
==========
[ج 2 ص 783]

(1/12423)


[حديث: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة ... ]
6982# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.
قوله: (ح) [1]: تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التَّعليق إن شاء الله تعالى.

(1/12424)


قوله: (حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، ومستندي في «الكمال» لعبد الغنيِّ، وذلك أنَّه لم يذكر في الرُّواة عن عبد الرَّزَّاق أحدًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سوى المسنديِّ، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (مِثْلَ)، وعلى (فَلَقِ الصُّبْحِ)، وعلى (حِرَاء)، وأنَّه يُمدُّ ويُقصَر، ويُؤنَّث ويُذكَّر، ويُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه جبلٌ على ثلاثة أميال من مكَّة، وقدَّمت كلام الخَطَّابيِّ في تخطئة أهل الحديث في النطق به، وعلى (التَّحَنُّث؛ وَهْوَ التَّعَبُّدُ)، و (فَجِئَهُ)؛ معناه: جاءه بغتةً، و (الْمَلَكُ): تَقَدَّمَ أنَّه جبريل صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ)، وعلى (فَغَطَّنِي)؛ ومعناه: عصرني وضمَّني، وعلى (الْجَهْدَ) وإعرابِه، وعلى الحكمة في أنَّه غطَّه ثلاث مَرَّاتٍ مِن عند السُّهَيليِّ، وعلى قوله: ({اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1])، وكلام الدِّمْيَاطيِّ في ذلك، وأنَّ فيه دليلًا على أنَّه أوَّل ما نَزَل مِن القرآن، وقدَّمتُ الاختلافَ في ذلك، وعلى (البَوَادِر)، وعلى (زَمِّلُونِي)، وعلى (الرَّوْعُ)؛ بفتح الرَّاء؛ وهو الفَزَع، وعلى قوله: (لَقَدْ [3] خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي) ما هذه الخشية، وعلى (يُخْزِيكَ)، وعلى (الْكَلِّ)، وعلى (تُقْرِي الضَّيْفَ)، وأنَّه ثُلاثيٌّ، وعلى (وَرَقَة بْن نَوْفَلِ)، وما يتعلَّق به، وبعض ترجمته، وأنَّه أوَّل ذَكَرٍ أسلم، وفي أصلنا: (أَخُو أَبِيهَا)؛ أي: وهو أخو أبيها، وفي نسخة: (أخي أبيها)، وهذه الجادَّة، وعلى (تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ)، ذكرت أنَّه تهوَّد أوَّلًا، ثمَّ تنصَّر، وعلى (فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ) ما وقع في أوَّل «الصَّحيح»، والصَّواب غيرُه، وقد أُوِّلت، وعلى (قَدْ عَمِيَ)، وعددت العميان مِن الأنبياء، والصَّحَابة، وبعض التَّابعين، وعلى (النَّامُوسُ) وما هو، وعلى قوله: (أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى)، ولم يذكر في «الصحيح»: (على عيسى)، ولكن وردت، والحكمة في عدوله لو لم يُرِد تلك، وعلى (فِيهَا)، وعلى (جَذَعًا)؛ أي: شابًّا قويًّا، كلُّ ذلك في أوَّل هذا التَّعليق.

(1/12425)


قوله: (أَكُونُ أَحْيَا [4]): كذا في أصلنا: بفتح الهمزة مُعتلٌّ، وله معنًى، ولكن الذي أحفظه: (حَيًّا)، وكذا هو في نسخة طرأت على هامش أصلنا، تَقَدَّمَ الكلام على (أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟)، وعلى (قَطُّ) بلغاتها، وعلى (مُؤَزَّرًا)، وعلى (يَنْشَبْ)؛ أي: يلبث ويمكُث، وعلى (فتور الوَحْي)؛ كم مُدَّتُه، وما الحكمة في ذلك.
قوله: (حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ [5] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا عَدَا [6] مِنْهُ مِرَارًا ... ) إلى آخره: قال القاضي في «الشفا»: (وقول مَعْمَر في فترة الوحي: «فحزن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... » إلى آخره: لم يسنده، ولا ذكر رواتَه، ولا مَن حدَّث به، ولا أنَّه عليه السَّلام قاله، ولا يُعرَف هذا إلَّا من جهة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ) إلى آخر كلام القاضي، وهو حَسَنٌ؛ فانظره في «الشفا»، وقول القاضي: (إنَّ هذا قول مَعْمَر)؛ فيه نظر؛ وذلك لأنَّ في «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ ابن سيِّد النَّاس» ما لفظه: (وروينا من طريق الدُّولابيِّ: «حَدَّثَنَا يونس بن عبد الأعلى: حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد، عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها)، فذكر نحوَ ما تَقَدَّمَ، وفي آخره: (ثمَّ لم ينشب ورقة أن تُوُفِّيَ، وفتر الوحي فترة حتَّى حزن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما بلغنا غَدَا منه مرارًا ... )؛ الحديث، فهذا بسندٍ ليس فيه مَعْمَر بالكليَّة، ولعلَّ قائل هذا الكلام الزُّهْرِيُّ، فإنَّها عادته، ويحتمل أن يكون غيره، والجواب عنه كالجواب عن بلاغ مَعْمَر في أنَّه قاله،
[ج 2 ص 783]

(1/12426)


ثمَّ على تقدير صحَّته عن قائله مَن كان؛ عنه جوابان ذكرهما القاضي في «الشفا»، وهو أنَّه يُحمَل على أنَّه كان في أوَّل الأمر كما ذكرنا، أو أنَّه فعل ذلك؛ لِمَا أحرجه مِن تكذيب مَن بلَّغه، كما قال تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، ويُصحِّح معنى هذا التأويل حديثٌ رواه شريك عن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، عن جابر بن عبد الله: أنَّ المشركين لمَّا اجتمعوا بدار النَّدْوة للتَّشاوُر في شأن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، واتَّفق رأيهم أن يقولوا: إنَّه ساحر؛ اشتدَّ ذلك عليه، وتزمَّل في ثيابه، وتدثَّر فيها، فأتاه جبريل، فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1]، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]، أو خاف أنَّ الفترة لأمرٍ أو سبب منه، فخَشِي أن يكون عقوبةً مِن ربِّه، ففعل ذلك بنفسه، ولم يَرِد بعدُ شرعٌ بالنَّهي عن ذلك، فيُعترَض به ... إلى آخر كلامه، وهو حَسَنٌ.
قوله: (عَدَا مِنْهُ): هو بإهمال العين في أصلنا في الموضعين [7]، ومعناه معروف، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: بإعجام الغين في الموضعين، وقد رأيت في نسخة مقروءةٍ مقابلةٍ بعدَّة نسخ: (غدا)؛ بإعجام الغين، وتجاه هذه في الحاشية: (عدا)، وعُمِل عليها ما صورته: (سـ)، وعُمِل تحت العين علامةُ إهمالٍ، وكُتِب إلى جانبها ما لفظه: (حاشية دار الذَّهب مُعلَّمة كذا بالسِّين) انتهى، وأمَّا الثانية؛ فإنَّه أعجم غينَها، ولم يكتب تجاهها شيئًا، وبخطِّ شيخنا الإمام الأستاذ أبي جعفر: (عدا)؛ بإهمال العين وإعجامها بالقلم، وكُتِب عليها: (معًا)، وكذا في المكان الثاني.
قوله: (بِذرْوَةِ جَبَلٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر الذال المُعْجَمَة وضمِّها أعلاه، و (تَبَدَّى): مُعتلٌّ غير مهموز؛ أي: ظهر، وتَقَدَّمَ الكلام على (الجَأَشُ)، وأنَّه بالجيم، ثمَّ همزة ساكنة، ويجوز تسهيلها، ثمَّ شين معجمة، قال أبو عبيد: الجاش: القلبُ، وقال غيره: الجأش: ثبوت القلب عند الأمر المهول ينزل، وقال الحربيُّ: هو ما ارتفع مِن القلب، قاله في «المطالع»، وأخرجه في (الجيم مع الهمزة)، وكذا أخرجه في «الصِّحاح» في (جأش)، وقال: («الجأش»: القلب، وهو رُواعُه إذا اضطرب عند الفزع، يقال: فلانٌ رابطُ الجأش؛ أي: يربط عن الفرار؛ لشجاعته)، انتهى، وكذا أخرجه ابن الأثير في (الجيم مع الهمزة).

(1/12427)


قوله: (وَتَقرُّ نَفْسُهُ): (تَقِرُّ)؛ بفتح أوَّله والقاف، وتُكسَر أيضًا، مُشدَّد الراء.
قوله: (عَدَا [8] لِمِثْلِ ذَلِكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة زيادة.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَحَدَّثَنِي).
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قد).
[4] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (حَيًّا).
[5] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).
[6] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (غدا).
[7] الموضع الثاني في (ق): (غدا)؛ بالغين المعجمة.
[8] لم تُضبَط هنا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غدا).

(1/12428)


[باب رؤيا الصالحين]

(1/12429)


[حديث: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين ... ]
6983# قوله: (جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ): قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ورؤيا المسلم جزءٌ مِن خمسة وأربعين جزءًا من النُّبوَّة»، وفي رواية: «رؤيا الرجل الصالح جزءٌ من ستَّة وأربعين جزءًا من النُّبوَّة»، وفي رواية: «الرؤيا الصالحة جزءٌ من سبعين جزءًا من النُّبوَّة»، فحصل ثلاثُ روايات؛ المشهورُ: (جزءٌ من ستَّة وأربعين)، والثانية: (خمسة وأربعين)، والثالثة: (سبعين)، وفي غير «مسلم» مِن رواية ابن عَبَّاس: (من أربعين جزءًا)، وفي رواية: (من تسعة وأربعين)، وفي رواية العَبَّاس: (من خمسين)، ومن رواية ابن عمر: (ستَّة وعشرين)، ومن رواية عبادة: (من أربعة وعشرين) انتهى، وفي «المسند»: (جزءٌ من النُّبوَّة) من حديث جابر، وفيه: (من سبعة وأربعين) من حديث عبد الله بن عَمرٍو.
فحصل رواياتٌ في ذلك: (ستَّة وأربعون)، و (خمسة وأربعون)، و (سبعون)، و (أربعون)، و (تسعة وأربعون)، و (خمسون)، و (ستَّة وعشرون)، و (أربعة وعشرون)، و (جزءٌ من النُّبوَّة)، و (سبعة وأربعون)، هذا الذي وقفت أنا عليه من الروايات في ذلك، والله أعلم، ولم يخرِّجِ البُخاريُّ إلَّا (ستَّة وأربعين).

(1/12430)


قال القاضي عياض رحمه الله: (أشار الطَّبَريُّ إلى أنَّ هذا الاختلاف راجعٌ إلى حال الرَّائي، فالمؤمن الصالح تكون رؤياه من ستَّة وأربعين جزءًا)، انتهى، ويدلُّ له قولُه هنا: (الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح ... )؛ الحديث، انتهى، قال: والفاسق جزءٌ مِن سبعين جزءًا)، وقيل: المراد: أنَّ الخفيَّ منها جزءٌ من سبعين، والجليَّ من ستَّة وأربعين، قال الخَطَّابيُّ وغيره: قال بعض العلماء: أقام عليه السَّلام يُوحَى إليه ثلاثًا وعشرين سنة؛ منها عشر سنين بالمدينة، وثلاثَ عشرةَ بمكَّة، وكان قبل ذلك ستَّة أشهر يرى في المنام، وهي جزء من ستَّة وأربعين، انتهى، وعن القاضي عياض: ومن قال: كانت وفاته في أثناء العام الثَّالث والستِّين؛ جعل ذلك القدر من العام المُتوفَّى فيه جزءًا مِن خمسة وأربعين، ومَن قال: تُوُفِّيَ على السِّتِّين؛ جعل الجزء من أربعين؛ لأنَّ مدَّة النُّبوَّة على هذا عشرون سنة، وتبقى بقيَّة الرِّوايات لا وجه لها على هذا التَّأويل، وإنَّما يُتوجَّه على ما قيل في ذلك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، وسمعتُ من ابن شيخنا البُلْقينيِّ أنَّ قوله: (من سبعين جزءًا من النُّبوَّة)؛ لأنَّ النُّبوَّة ثلاث وعشرون سنة، وقد قال عليه السَّلام: «أنا بشارة عيسى، ودعوة إبراهيم، ورأت أمِّي نورًا»، فهذه ثلاثٌ في ثلاثٍ وعشرين تبلغ تسعًا وستِّين، والرؤيا تكملة السبعين، هذا معنى ما قال أو نحوه، انتهى، وقيل: إنَّ الوحي كان يأتي على ستِّة وأربعين نوعًا، وقد حاول الحليميُّ تعداد هذه الأنواع، انتهى، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل هذا التعليق على كم حالةٍ جاء النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الوحيُ من عند السُّهَيليِّ، وهي سبعة، والله أعلم، وقال المازريُّ: وقيل: المراد: إنَّ للمنامات شبهًا ممَّا حصل له، ومُيِّز به من النُّبوَّة بجزء من ستِّة وأربعين، قال: وقدح بعضهم في الأوَّل بأنَّه لم يَثبُت أنَّ مدَّة رؤياه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل النُّبوَّة ستَّةُ أشهر، وبأنَّه رأى بعدَ النُّبوَّة مناماتٍ كثيرةً، وانضمَّ إلى الأشهر السِّتَّة، وحينئذٍ تتغيَّر النسبة، قال المازريُّ: هذا الاعتراض الثاني باطلٌ؛ لأنَّ المناماتِ المُوجَدةَ بعد الوحي بإرسال الملَك مُنغَمِرةٌ في الوحي، فلم تُحسَب، قال: ويحتمل أن يكون المراد: أنَّ المنام فيه إخبارٌ بالغيب، وهو إحدى ثمرات النُّبوَّة، وهو يسير في جنب النُّبوَّة؛ لأنَّه يجوز

(1/12431)


أن يبعث الله تعالى نبيًّا؛ ليشرِّع الشرائع، ويبيِّن الأحكام، ولا يخبر بغيب أبدًا، ولا يقدح ذلك في نبوَّته، ولا يؤثِّر في مقصودها، وهذا الجزء مِن النُّبوَّة _وهو الإخبار بالغيب_ إذا وقع لا يكون إلَّا صدقًا، والله أعلم، قال الخَطَّابيُّ: هذا الحديث توكيد لأمر الرؤيا، وتحقيق لمنزلتها، قال: وإنَّما كانت جزءًا من أجزاء النُّبوَّة في حقِّ الأنبياء دون غيرهم، وكان الأنبياء صوات الله وسلامه عليهم يُوحَى إليهم في منامهم كما يُوحَى إليهم في اليقظة، قال الخَطَّابيُّ: قال بعض العلماء: معنى الحديث: أنَّ الرؤيا تأتي على موافقة النُّبوَّة؛ لأنَّها جزء باقٍ من النُّبوَّة، والله أعلم، انتهى.

(1/12432)


[باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة]

(1/12433)


[حديث أبي قتادة: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فإذا]
6986# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن ربعيٍّ، وقد اختُلِف في اسمه؛ فقيل: الحارث، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمرو، ابن ربعيِّ بن بلدمة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ): (الحُلْم)؛ بضَمِّ الحاء، وإسكان اللَّام، والفعل منه: حَلَم، قاله النَّوويُّ، وفي «المطالع»: («من غير حُلْم»؛ بجزم اللَّام؛ أي: لا مِن حُلْم المنام؛ وهو الاحتلام ... ) إلى أن قال: (والحُلُْم؛ بضَمِّ اللام أيضًا وسكونها: رؤيا النَّوم، والفعل منه: حَلَم؛ بفتح اللَّام)، وفي «النهاية» في هذا الحديث: (الرؤيا والحلم: عبارة عمَّا يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشَّرِّ والقبيح، ومنه قوله تعالى: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} [يوسف: 44]، ويُستعمَل كلُّ واحد منهما موضعَ الآخر، وتُضمُّ لام «الحلُم»، وتُسكَّن)، انتهى.
[ج 2 ص 784]
قوله: (وَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ): تنبيهٌ: أمر رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أحاديثَ النَّائمَ الذي يرى ما يكره بخمسةِ أشياءَ: أن ينفث عن شماله، وأن يستعيذ بالله من شرِّها، وشرِّ الشيطان، وألَّا يُخبِر بها أحدًا، وأن يتحوَّل عن جنبه الذي كان عليه، وأن يقوم يصلِّي، وذكر شيخنا أيضًا هذه الروايات غير: «ولا يُخبِر بها»، وهي في «الصَّحيح»، ثمَّ قال: وفي أخرى _أي: في رواية أخرى ذكرها الدَّاوديُّ_: أن يقرأَ آية الكرسيِّ، وأيًّا فعلَ مِن المذكورات في الحديث؛ ردَّ عنه مكروهَ الرُّؤيا، والأكملُ فعلُ الكلِّ، والله أعلم.
قوله: (وَعَنْ أَبِيهِ): هذا معطوف على السند الذي قبله، رواه البُخاريُّ عن مُسدَّد، عن عبد الله بن يحيى بن أبي كَثِير، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أخرجه هنا كذلك.
قوله: (مِثْلَهُ): هو مَنْصُوبٌ مفعول (حَدَّثَنَا)، ولو كان تعليقًا؛ لكان (مثلُهُ) مرفوعًا على الابتداء، و (عن أبيه): الجارُّ والمجرور خبر مُقدَّم؛ فاعلمه، والله أعلم.

(1/12434)


[حديث عبادة: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة]
6987# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.
قوله: (وَرَوَاهُ [1] ثَابِتٌ ... ) إلى آخره: هو ثابت بن أسلم البُنانيُّ، أبو مُحَمَّد، البصريُّ، و (حُمَيْدٌ): هو ابن أبي حُمَيد الطَّويل، أبو عُبيدة، البصريُّ، و (إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُّ، ابنُ أخي أنس بن مالك لأمِّه، و (شُعَيْبٌ): هو ابن الحبحاب الأزديُّ، أبو صالح، البصريُّ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (رواه)؛ بغير واو.
[ج 2 ص 785]

(1/12435)


[حديث أبي هريرة: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة]
6988# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَْعَةَ) [1]: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الزاي وسكونها، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب؛ بالفتح ليس إلَّا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/12436)


[حديث: الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة]
6989# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): أمَّا (ابن أبي حازم)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه عبد العزيز بن أبي حَازم سلمة بن دينار، وأمَّا (الدَّراورديُّ)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد العزيز بن مُحَمَّد بن عُبَيد، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (يَزِيد): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي اللَّيثيُّ المدنيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن خَبَّابٍ)؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدة أخرى، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.
==========
[ج 2 ص 785]

(1/12437)


[باب المبشرات]
قوله: (بَابُ الْمُبَشِّرَاتِ): هي بكسر الشِّين، اسم فاعل.
==========
[ج 2 ص 785]

(1/12438)


[حديث: لم يبق من النبوة إلا المبشرات]
6990# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ) و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: ({إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4]): هي حرثان والطَّارق؛ وهو النَّجم الذي يقال له: كوكب الصُّبح، وقيل: رأى إخوته وأبويه، فكنَّى، وكرَّر {رأيت}؛ توكيدًا، أو الأوَّل للنزول، والثَّاني للسجود، وهو فعل العقلاء، فجمعَهم جمعَهم، والله أعلم.
قوله: (فَاطِرٌ وَالْبَدِيعُ وَالْمُبْتَدِعُ وَالْبَارِئُ وَالْخَالِقُ وَاحِدٌ): كذا في أصلنا: (المُبتَدِع)، وفي نسخة أخرى: (والمُبدِع)، وكذا في أصلنا: (البَارِئ)، وفي نسخة: (والبادئ)؛ بالدَّال، قال في «المطالع»: («الفاطر، والبديع، والمُبْدِع، والبادئ، والخالق واحد»: كذا عند أبي ذرٍّ وبعضهم، وعند أبي الهيثم، والأصيليِّ، وآخرِين: «والبارِئ _بالرَّاء_ واحدٌ»، وهو أشبه وأصحُّ إن شاء الله)، انتهى، وقوله: (والبادئ): ينبغي أن يكون بالهمز أيضًا مع الدَّال؛ ليكون بمعنى الألفاظ التي ساقها، ويكون من الثُّلاثي المهموز، وفيه لغة أخرى: رُباعيٌّ مهموز، وكلاهما في القرآن، ويحتمل أن يكون غير مهموز: (البادي)، ويكون قد فسَّر: {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100]؛ فلا تُهمَز، والله أعلم، لكن يُعكِّر عليه (واحدٌ)؛ لأنَّ غيرَ المهموز ليس من هذه المادَّة، وقد يدلُّ على أنَّه غير مهموز: أنَّ في نسخة: (فاطر، والمُبتدِع، والمُبدِع، والبارئ، والخالق واحدٌ، {مِنَ الْبَدْوِ}: بادِيةٍ)، والله أعلم، وقوله: (وَاحِدٌ): ممنوع عند المُحقِّقين، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 785]

(1/12439)


[باب رؤيا إبراهيم عليه السلام ... ]
قوله: (مَا أُمِرَا بِهِ): مبنيٌّ لِمَا لّمْ يُسَمَّ فاعلُه.

(1/12440)


[باب التواطؤ على الرؤيا]
قوله: (بَابُ التَّوَاطُؤِ): هو بضَمِّ الطاء، ثمَّ همزة مكسورة؛ أي: التوافُق.
==========
[ج 2 ص 785]

(1/12441)


[حديث: التمسوها في السبع الأواخر]
6991# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام المجتهد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف؛ وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (أَنَّ أُنَاسًا أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ): هؤلاء النَّاس لا أعرف أسماءهم.
==========
[ج 2 ص 785]

(1/12442)


[باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك]
قوله: ({وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 36]): أي: عليه، وتأويله: حَصَلَ معه، و (الفتيان): ساقِي الملكِ وخَبَّازُه، ولا أعرف اسمَيهما.
قوله: ({أُمَّةٍ} [يوسف: 45]: قَرْنٍ [1]): هذه القراءة العامَّة، وهي بضَمِّ الهمزة، وتشديد الميم، وبالتَّاء، و (القرن): قد اختُلِف فيه على أقوال ذكرتُها في (مناقب الصَّحَابة).
قوله: (وَتُقْرَأُ: {أَمَهٍ}: نِسْيَانٍ): (أَمَهٍ)؛ بفتح الهمزة، وبالميم المُخَفَّفة، ثمَّ هاء، لا تاء، وقد قرأها بعضُ فضلاء القاهرة من النُّحاة بالتَّاء فردُّوا عليه لمَّا كنت بالقاهرة الرَّحلةَ الثَّانيةَ، و (الأَمَه): النِّسيان، كما قال، وهذه قراءة ابن عَبَّاس، كذا عزاها الجوهريُّ إليه، وقد رأيتُ في «إعراب» الإمام شهاب الدين السَّمين القاهريِّ قال: وقرأ الأشهب العُقَيليُّ بكسر الهمزة، وفسَّرها بالنعمة؛ أي: بعد نعمة أنعم بها عليه، وهي خلاصُه مِن السجن، ونجاته من القتل ... إلى أن قال: وقرأ ابن عَبَّاس، وزيد بن عليٍّ، وقتادة، والضَّحَّاك، وأبو رجاء: (أَمَهٍ)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، وهاء مُنَوَّنة؛ من الأَمَه؛ وهو النِّسيان، يقال: أمَه يأمَهُ أمَهًا؛ بفتح الميم وسكونها، والسكون غير مقيس، ذكر الثَّعلبيُّ في «تفسيره» عن عكرمة أنَّه قرأ بما قرأ به ابن عَبَّاس والضَّحَّاك: (أَمَهٍ)، قال السَّمين: وقرأ مجاهد، وعكرمة، وشُبَيل بن عزرة بعد: (أمْهٍ)؛ بسكون الميم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه مصدر لـ (أَمَهَ) على غير قياس، قال الزَّمخشريُّ: ومَن قرأ بسكون الميم؛ فقد خُطِّئ، قال الشيخ _يعني: العلَّامة الأستاذ أبا حيَّان_: وهذا على عادته في نسبة الخطأ إلى القرَّاء، قلت: لم ينسب هو الخطأَ إليهم، ولكن حكى أنَّ بعضهم خطَّأ هذا القارئ ... إلى آخره.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرنٌٍ).
[ج 2 ص 785]

(1/12443)


[حديث: لو لبثت في السجن ما لبث يوسف]
6992# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ قَالَ [1]: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): (عبد الله) هذا: هو عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، ووقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (عبد الله بن مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عبد الله بن مرَّة بن أسماء: حَدَّثَنَا جويرية عن مالك)، وهذا خبطٌ، وصوابه: (عبدُ الله بن مُحَمَّد: حَدَّثَنَا جويرية عن مالك)، وطرحُ الباقي، والله أعلم، و (جويرية): هو ابن أسماء، وهو عمُّ عبد الله الراوي عنه ههنا، و (الزُّهْرِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وغير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز في يائه إلَّا الفتح، وأمَّا (أبو عبيد)؛ فاسمه سعد بن عبيد، أبو عبيد، مولى ابن أزهر، عن عمر وعليٍّ، وعنه: الزُّهْرِيُّ وسعيد بن خالد، وَثَّقَهُ ابن سعد، تُوُفِّيَ سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيهٌ: هذا الحديث هنا لم أره في «أطراف المِزِّيِّ»، وإنَّما رأيته قد عزاه إلى البُخاريِّ في (التَّفسير)، وفي (أحاديث الأنبياء)، ولعلَّه سقط من نسختي بـ «الأطراف»، فإنَّه ثابت في أصلَينا؛ القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ هنا أيضًا.
قوله: (ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي؛ لأَجَبْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّاعي) رسولُ الملك، لا المرأة التي دعته؛ إذ قال يوسف: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]، وقدَّمت أنَّ هذا قاله عليه السَّلام؛ تأدُّبًا وتواضعًا مع يوسف عليه السَّلام.
==========
[1] (قال): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/12444)


[باب من رأى النبي في المنام]
قوله: (بَابُ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ): مسألةٌ: سُئِل عنها الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «فتاواه»، وهي: أنَّ رؤيته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في النوم تختصُّ بالصَّالحين، أو تكون لهم ولغيرهم؟ فأجاب: بأنَّها تكون لهم ولغيرهم.
فائدةٌ: ذكر شيخنا عن أبي الحسن عليِّ بن أبي طالب في «مدخله الكبير»: (أنَّ رؤية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تدلُّ على الخِصْب، والأمطار، وكثرة الرَّحمة، ونصر المجاهدين، وطُهور الدين، وظفر الغزاة والمقاتلين، ودمار الكفَّار وظفر المسلمين بهم، وصحَّة الدين إذا رُئِي في الصِّفات المحبوبة، وربَّما دلَّ على الحوادث في الدين وظهور الفتن والبدع إذا رُئِي في الصِّفات المكروهة، وقد يُعبَّر به عن البارئ تعالى؛ لأنَّه قَرَن طاعتَه بطاعتِه) انتهى.
==========
[ج 2 ص 786]

(1/12445)


[حديث: من رآني في المنام فسيراني في اليقظة]
6993# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، و (عَبْد اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.
قوله: (مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ؛ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ): هكذا بغير شكٍّ، وهو في «مسلم» بالشكِّ، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (قوله: «من رآني في المنام؛ فسيرآني في اليقظة، أو لكأنَّما رآني في اليقظة»: قال العلماء: إن كان الواقع في نفس الأمر «فكأنَّما رآني»؛ فهو كقوله: «فقد رآني»، أو «فقد رأى الحقَّ»، كما سبق تفسيره، وإن كان: «فسيراني في اليقظة»؛ ففيه أقوال؛ أحدُها: المرادُ أهلُ عصره؛ ومعناه: إن رآه في النَّوم ولم يكن هَاجَرَ؛ يوفِّقه الله تعالى للهجرة ورؤيته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في اليقظة عيانًا، والثاني: معناه: أنَّه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنَّه يراه في الدار الآخرة جميعُ أمَّته مَن رآه في الدُّنيا ومن لم يره، والثالث: يراه في الآخرة رؤية خاصَّة في القرب منه، وحصول شفاعته، ونحو ذلك)، انتهى، وقوله في هذا الكلام: (إن كان الواقع في نفس الأمر ... ) إلى آخره: يعني: أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إن كان قال: «فسيراني في اليقظة»، أو إن كان قال: «لكأنَّما رآني في اليقظة»؛ لأنَّ الراوي شكَّ أيَّ اللَّفظين قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ وهذا ظاهِرٌ، ولكنِّي سُئِلت عنه، فلهذا كتبته، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ رواه من هذه الطريق بالجزم: «فسيراني في اليقظة»، والله أعلم.

(1/12446)


قوله: («وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي»، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ ابْنُ سِيْرين: إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ): هذا القدر ثابت في بعض الروايات؛ قولُ ابن سيرين، و (أبو عبد الله): هو البُخاريُّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، قال شيخنا في غير شرح هذا «الكتاب» فيما قرأته عليه: (قال القاضي أبو بكر: معناه: أنَّ رؤياه صحيحة، ليست بأضغاث أحلام، وقال آخرون: معناه: أنَّه رآه حقيقة، قال عياض: ويحتمل أن يكون المراد ما إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته، فإن رآه على خلافها؛ كانت رؤيا تأويل، لا رؤيا حقيقة)، انتهى، وهذا هو الذي قاله ابن سيرين، ومقتضى إيراد البُخاريِّ له عقب الحديث اختيارُه وتقييدُ الحديث المُطلَق به، قال الشيخ محيي الدين بعد أن نقل هذا الكلام عن القاضي: (وهذا الذي قاله القاضي ضعيفٌ، بل الصَّحيح: أنَّه رآه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها، كما ذكره المازريُّ) انتهى، وقد نقل النَّوويُّ كلام ابن الباقلَّانيِّ، والمازريِّ، والقاضي، وغيرِهم؛ فانظر ذلك، قال شيخنا: (قال بعض العلماء: خُصَّ عليه السَّلام بأنَّ رؤيته في المنام صحيحة، ومُنِع الشيطان أن يتصوَّر في خلقته؛ لئلَّا يكذب على لسانه في النَّوم، كما منعه أن يتصوَّر في صورته في اليقظة؛ إكرامًا له، إذا تقرَّر؛ فما سمعه الرَّائي منه في المنام ممَّا يتعلَّق بالأحكام لا يُعمَل به؛ لعدم الضبط، لا للشَّكِّ في الرؤية، فإنَّ الخبر لا يُقبَل إلَّا من ضابط مُكلَّف، والنائم بخلافه، هذا ما قاله القاضي حُسين في «فتاويه» في مسألة صيام رمضان، وآخرون مِن الأصحاب، وجزم به في «الرَّوضة» من «زوائده» في أوَّل الكلام على الخصائص، ونقل القاضي عياض الإجماعَ عليه، ونقل النَّوويُّ أيضًا في «شرح مسلم» في (باب بيان أنَّ الإسناد من الدين) عن أصحابنا وغيرهم: أنَّهم نقلوا الاتِّفاق على أنَّه لا يغيِّر ما رآه النَّائم ما تقرَّر في الشرع، ثمَّ قال: وهذا في منام يتعلَّق بإثبات حكم، على خلاف ما يحكم به لولاه، أمَّا إذا رآه يأمره بفعلِ ما هو مندوب إليه، أو ينهاه عن منهيٍّ عنه، أو يرشده إلى فعلٍ مصلحة؛ فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه؛ لأنَّ ذلك ليس حكمًا بمجرَّد المنام، بل بما تقرَّر مِن أصل ذلك الشَّيء، نعم؛ في «فتاوى الخياطيِّ» من جلَّة أصحابنا: أنَّ إنسانًا رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في منامه على الصِّفة المنقولة، فسأله

(1/12447)


عن الحكم، فأفتاه بخلاف مذهبه، وليس مخالفًا لنصٍّ ولا إجماع، ففيه وجهان؛ أحدهما: يأخذُ بقوله؛ لأنَّه مُقدَّم على القياس، وثانيهما: لا؛ لأنَّ القياس دليل، والأحلام لا تعويلَ عليها، فلا يُترَك من أجلها الدَّليلُ، وعن كتاب «الجدل» للأستاذ إبي إسحاق الإسفراينيِّ حكايةُ وجهين: في أنَّ الرَّجل لو رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في المنام، وأمره بأمر؛ هل يجب عليه امتثالُه إذا استيقظ، كذا في مجموعٍ عتيقٍ منسوبٍ لابن الصَّلاح عنه، وفيه أيضًا حكايةُ وجهين في وجوب التَّمسُّك بالحكم مِن حيث هو في الحالة المذكورة، وعن «روضة الحكَّام» للقاضي شريح من أصحابنا: (لو كان النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: لفلانٍ على فلانٍ كذا؛ هل للسامع أن يشهد لفلان على فلان كذا؛ وجهان.
فائدةٌ: روى الطَّبَرانيُّ _أظنُّه في «أوسط معاجمه» _ من حديث أبي سعيد الخدريِّ: (أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «من رآني في المنام؛ فقد رآني، فإنَّ الشيطان لا يتمثَّل بي، ولا بالكعبة»)، ثمَّ قال: (لا تحفظ هذه اللَّفظة إلَّا في هذا الحديث)، انتهى، وقد رأيت هذا الحديث في «المعجم الصغير» للطبرانيِّ.
فائدةٌ: ذكر شيخنا الشارح في هذا «الشرح» في (فضائل الصِّدِّيق) ما لفظه: (ورُوي من حديث عمران مرفوعًا: «من رأى أبا بكر في المنام؛ فقد رآه، فإنَّ الشيطان لا يتمثَّل به»، وهو غريب من حديث أيُّوب، تفرَّد به ابن أبي عائشة عبيد الله بن عمرو، وله خصائصُ أخرُ نحو الثلاثين، ذكرتُها في «العدَّة في رجال العمدة»)، قال شيخنا: (تنبيهٌ: جعل القضاعيُّ هذه الخصوصيَّة؛ يعني: في رؤيته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ممَّا خُصَّ به دون غيره من الأنبياء أيضًا، وعبَّر
[ج 2 ص 786]
بقوله: (إنَّه حرَّم على الشيطان أن يتمثَّل به) انتهى، وإذا كان الصِّديقُ لا يتمثَّل الشيطان به كما تَقَدَّمَ؛ فأحرى ألَّا يتمثَّل بأحد من الأنبياء؛ لأنَّهم أرفع مقامًا من الصِّدِّيق، ولو لم يرد هذا في الصِّدِّيق؛ لكان الذي ينبغي أنَّهم كلُّهم كذلك في أنَّ الشيطان لا يتمثَّل بأحدٍ من الأنبياء، والله أعلم.

(1/12448)


[حديث أبي قتادة: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان]
6995# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا الاختلافُ في اسمه، واسمه الحارث بن ربعيٍّ.
قوله: (وَالْحُلُمُ [1] مِنَ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحُلُم) قريبًا.
قوله: (فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ): (ينفِث)؛ بضَمِّ الفاء وكسرها، و (لينفث): أكثر الروايات؛ وهي ثلاث: (فلينفث)، و (ليبصق)، و (ليتفل)، وقد تَقَدَّمَ الفرق بين الألفاظ الثلاثة، و (النفثُ): نفخ لطيفٌ لا ريقَ معه، و (البصق والتَّفل): محمولان على النَّفث؛ لعلَّة، وقد تَقَدَّمَ ماذا يصنعه مَن رأى ما يكره قريبًا، وهي خمس خلال، والسَّادسة ما ذكره الداوديُّ: قرآءة آية الكرسيِّ، وذكر أنَّه جاء في رواية.
قوله: (فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ): معنى ذلك: أنَّ الله تعالى جعل هذا سببًا لسلامته مِن مكروه يترتَّب عليها، كما جعل الصدقة وقايةً للمال، وسببًا لدفع البلاء، وينبغي أن يجمع الرائي بين ما جاء في هذا الباب: أن ينفث عن شماله، وأن يستعيذ بالله من شرِّها وشرِّ الشيطان، وألَّا يخبر بها أحدًا، وأن يتحوَّل مِن جنبه الذي كان عليه، وأن يقوم يصلِّي، وأن يقرأ آية الكرسيِّ، قال: كذا جاء في رواية، فإن اقتصر على بعض ما ذكرتُه؛ أجزأه في دفع ضررها بإذن الله عزَّ وجلَّ كما جاءت به الأحاديث، قال القاضي عياض: (وأمر بالنَّفث ثلاثًا؛ طردًا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة، وتحقيرًا له واستقذارًا، وخُصَّت به اليسار؛ لأنَّها محلُّ الأقذار والمكروهات ونحوها، واليمينُ ضدُّها)، انتهى.
قوله: (لَا يَتَرَاءَى [2]): هو بالرَّاء، كذا أحفظه، وقال بعضهم: (يتزايا)؛ بالزاي، ورُوي: (يتراءى).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الحُلْم)؛ بإسكان اللَّام.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يتزايا).
[ج 2 ص 787]

(1/12449)


[حديث: من رآني فقد رأى الحق]
6996# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر اللَّام، وتشديد الياء، بوزن: (عَلِيٍّ)، وهو كلاعيٌّ حمصيٌّ قاضيها، كنيته أبو القاسم، قال البُخاريُّ: صدوق، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثِّقات»، ولَّاه المأمون القضاء، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، و (الزُّبَيْدِيُّ)؛ بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الوليد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن ربعيٍّ، وقيل غير ذلك، وقد قدَّمته قريبًا وبعيدًا.
قوله: (فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.
قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على الزُّبَيديِّ مُحَمَّد بن الوليد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ومتابعة يونس أخرجها مسلم عن أبي الطاهر وحرملة؛ كلاهما عن ابن وهب عن يونس به، و (ابن أخي الزُّهْرِيِّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، ومتابعته أخرجها مسلم عن زُهير بن حرب، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن ابن أخي الزُّهْرِيِّ عنه به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ في «الشمائل» عن عبيد الله بن أبي زياد عن يعقوب بن إبراهيم به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 787]

(1/12450)


[حديث: من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكونني]
6997# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمامُ، و (ابْنُ الْهَادِ): كذا في أصلنا: بغير ياء، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الصحيح: إثباتُ الياء فيه، وفي (العاصي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن اليماني)، واسم (ابن الهادي) يزيدُ بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، و (عَبْد اللهِ بْن خَبَّابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة بعدها، وفي آخره مُوَحَّدةٌ، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (مَنْ رَآنِي؛ فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.
==========
[ج 2 ص 787]

(1/12451)


[باب رؤيا الليل]
قوله: (رَوَاهُ سَمُرَةُ): هو سَمُرة بن جندب، أبو عبد الله، الفَزاريُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحَابة مَن اسمُه سَمُرة عشرة؛ فيهم واحدٌ ذِكْرُه فيهم غَلَطٌ، وحديث سَمُرة بن جندب هذا المشار إليه أخرجه البُخاريُّ مُقطَّعًا في عدِّة أبواب، ومُطَوَّلًا في (الجنائز) وفي (التَّعبير)، وأخرجه مسلم في (التَّعبير).
==========
[ج 2 ص 787]

(1/12452)


[حديث: أعطيت مفاتيح الكلم ونصرت بالرعب]
6998# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة، ثمَّ فاء مُخَفَّفة، وبعد الألف واوٌ، ثمَّ ياء النِّسبة، إلى طُفَاوة؛ حيٌّ من عبد القيس، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، واسم أبي تميمة كيسانُ، أحد الأعلام أيُّوب، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.
قوله: (أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ): (أُعطِيت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مفاتيحَ): مَنْصُوبٌ مفعول ثانٍ، وفي بعض طرقه: (مفاتح)، وهما جمع: مِفتاح ومِفتح، وهما في الأصل: كلُّ ما يُتوسَّل به إلى استخراج المغلَقات التي يُتعذَّر الوصول [1] إليها، فأخبر صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّه أوفى مفاتيح الكلام، وهو ما يسَّر الله له مِن البلاغة والفصاحة، والوصول إلى غوامض المعاني، وبدائع الحكم، ومحاسن العبارات والألفاظ التي أُغلِقت على غيره وتعذَّرت، ومن كان في يده مفاتيحُ شيءٍ مخزونٍ؛ سَهُل عليه الوصولُ إليه.
قوله: (وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ): (نُصِرتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره مضمومة؛ تاء المُتكلِّم، و (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ أيضًا، وتاؤه مضمومة؛ تاء المُتكلِّم.
قوله: (بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ): أراد: ما سهَّل الله له ولأمَّته من افتتاح البلاد المُتعذِّرات، واستخراج الكنوز المُمتَنِعات.
قوله: (حَتَّى وُضِعَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره تاءُ التأنيث الساكنة.
قوله: (فِي يَدِي): هو بإسكان الياء على الإفراد، كذا هو مضبوط في أصلنا.
قوله: (وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليه، كذا في نسخة، وفي الهامش نسخةٌ مُصحَّحٌ عليها: (تنتقلونها).
==========
[1] في (أ): (الموصول)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (تنتقلونها).
[ج 2 ص 787]

(1/12453)


[حديث: أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلًا آدم]
6999# قوله: (أَرَانِي [1] اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ): (أَرَانِي)؛ بفتح الهمزة، من رؤية العين، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وكذا هو مضبوط في أصلنا.
قوله: (فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ): أي: أسمر، كذا في حديث ابن عمر: (أنَّ عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم آدمُ)، وفي حديث أبي هريرة: (أنَّه أحمر)، وقد تقدَّما في (باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16]) في (الأنبياء)، وذكرت جمعًا للشيخ محيي الدين، وذكرت كلام الداوديِّ؛ أنَّ أثبتَهما روايةُ ابن عمر؛ أي: أسمر مُطوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ): (أحسن): مجرور بالإضافة، وإن كان لا يَنصرف؛ إلَّا أنَّه إذا أُضِيف؛ انجرَّ بالكسرة، قال الله تعالى: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4].
قوله: (مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ): أي: سُمْرِ الرِّجال، وقد تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أيضًا.
[ج 2 ص 787]
قوله: (لَهُ لِمَّةٌ): (اللِّمَّة): شعر الرَّأس؛ إذا ألمَّ بالمنكبَين، وقد تَقَدَّمَ الكلام على اللِّمَّة، والوفرة، والجُمَّة، وما وقع للجوهريِّ من التَّناقض.
قوله: (كَأَحْسَنِ): هو مجرورٌ كما تَقَدَّمَ قريبًا، وإن كان لا ينصرف؛ إلَّا أنَّه إذا أُضِيف أو دخله الألف واللَّام؛ انجرَّ بالكسرة.
قوله: (قَدْ رَجَّلَهَا): تَقَدَّمَ ما (التَّرجيل).
قوله: (عَلَى رَجُلَيْنِ): هذان (الرَّجلان) لا أعرفهما، والله أعلم.
قوله: (الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ الكلام على (المسيح ابن مريم)؛ لِمَ قيل له: مسيحٌ، وعلى (الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ) أيضًا.
قوله: (بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ): هذا (الرَّجل) سيأتي هنا: أنَّه المسيح الدَّجَّال، و (جَعْد): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (القَطَط)، وأنَّه بفتح الطَّاء الأولى _ المُهْمَلَتين_ وكسرِها.
قوله: (أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى): تَقَدَّمَ الكلام على الجمع بين هذا وبين الراوية التي في «مسلم»: (أعور العين اليُسرى)، والجمع بينهما.
قوله: (كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّها تُهمَز ولا تُهمَز؛ باختلاف المعنى، وتَقَدَّمَ ما معناهما.
قوله: (فَقِيلَ: الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ): تَقَدَّمَ عليه بعضُ كلام، ومَن أراد الزِّيادة؛ فلينظر «تذكرة القرطبيِّ»، فإنَّه ذكر أقوالًا: لِمَ سُمِّي المسيحَ؛ فانظره.

(1/12454)


[حديث: أن رجلًا أتى رسول الله فقال: إني أريت الليلة في المنام ... ]
7000# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): (يحيى) هذا: هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (اللَّيث): هو ابن سعد، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ [1] اللَّيْلَةَ): هذا (الرَّجل) لا أعرف اسمَه.
قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ فإنَّه يعود على يونس؛ هو ابن يزيدالأيليُّ [2]، كما قدَّمته، و (سليمان بن كَثِير)؛ بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المُثَلَّثَة: العبديُّ، أخو مُحَمَّد، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، ومتابعة سليمان أخرجها مسلم عن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، عن مُحَمَّد بن كَثِير، عن أخيه سليمان بن كَثِير، عن الزُّهْرِيِّ به، و (ابن أخي الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ مُترجَمًا، ومتابعته لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا، و (سفيان بن حُسين): هو الواسطيُّ، أبو مُحَمَّد وأبو الحسن، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له الأربعة، وقد تَقَدَّمَ مُترجَمًا، ومتابعته لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها [3] شيخنا رحمه الله تعالى، وقال بعض [حفَّاظ] العصر: (متابعة سفيان بن حُسين أخرجها أحمد في «مسنده»)، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مُحَمَّد بن مسلم، و (عبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا [4] هُرَيْرَةَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أو أبا هريرة)، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بضَمِّ الزَّاي، وأنَّه مُحَمَّد بن الوليد، وتعليق الزُّبَيديِّ أخرجه مسلم عن حاجب بن الوليد، عن مُحَمَّد بن حرب، عن الزُّبيديِّ، عن الزُّهْرِيِّ به)، تَقَدَّمَ، و (عبيد الله) أيضًا كذلك.

(1/12455)


قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ): (شعيب): هو ابن أبي حمزة، وتعليقه لا أعلم أحدًا أخرجه من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخنا لم يخرِّجه، و (إسحاق بن يحيى): تَقَدَّمَ أنَّه إسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، ويُعرَف بالعَوْصيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: يحيى الوُحاظيُّ، لا يُعرَف، وقيل: إنَّه قَتَل أباه، استشهد به البُخاريُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، وأخرج له البُخاريُّ في كتاب «الأدب المفرد»، والله أعلم، وتعليقه لا أعلم مَن خرَّجه من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سوى ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله.
قوله: (وَكَانَ مَعْمَرٌ لَا يُسْنِدُهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ): (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّه ابن راشد، يروي عن الزُّهْرِيِّ، وقوله: (لا يسنده)؛ أي: لا يذكره مُسنَدًا، والمُسنَد: هو المرفوع إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصَّة، وقد يكون مُتَّصلًا، وقد يكون مُنقطِعًا، وقال الخطيب: هو عند أهل الحديث: ما اتَّصل إسنادُه مِن روايه إلى منتهاه، قال ابن الصَّلاح: وأكثر ما يُستعمَل فيما جاء عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دون ما جاء عن الصَّحَابة وغيرِهم، وكذا قال ابن الصَّبَّاغ في «العدَّة»، والقولُ الثَّالث: لا يقع إلَّا على ما رُفِع إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بإسنادٍ مُتَّصل، وبهذا جزم الحاكم أبو عبد الله في «علومه»، وحكاه ابن عَبْدِ البَرِّ قولًا لبعض أهل الحديث، وقوله: (حتَّى كان بعدُ): أي: فأسنده، والله أعلم.

(1/12456)


[باب الرؤيا بالنهار]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ [1] اللَّيْلِ): وفي نسخة: (مثل رؤيا اللَّيل)، (ابن عون): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، و (ابن سيرين): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد تَقَدَّمَ بنو سيرين كم هم، وكذا بناتُه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) من رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي: (رُؤْيَا).
[ج 2 ص 788]

(1/12457)


[حديث: ناس من أمتي عرضوا علي غزاةً في سبيل الله .. ]
7001# 7002# قوله: (يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الحاء وبالرَّاء، وأنَّها أخت أمِّ سُلَيم أمِّ أنس بن مالك، وقد تَقَدَّمَت ترجمتُها في (باب الدُّعاء بالجهاد والشَّهادة للرِّجال والنِّساء)، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا عمر بن عَبْدِ البَرِّ قال: (لم أقف على اسمٍ لها صحيحٍ)، وقال الذَّهَبيُّ: (يقال لها: الغُميصاء أو الرُّمَيصاء ... إلى أن قال: وقال غيرُ واحدٍ: اسمها مُلَيْكَة)، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (يقال لها: الغُمَيصاء _ويقال: الرُّمَيصاء_ بنت مِلحانَ _واسمه مالك_ ابن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عديِّ بن النَّجَّار.
قوله: (بِنْتِ ملْحَانَ): هو بكسر الميم وفتحها أيضًا.
قوله: (وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ): هو بإسكان الفاء، وقد قَدَّمْتُ أنَّ ابن سبع قال في «الشِّفا»: (إنَّ القمل لم يكن يؤذي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ تعظيمًا وتكريمًا، وكلامه يحتمل وجهين؛ أحدهما: أنَّه لم يكن عليه قملٌ، والثاني: أنَّه عليه ولم يكن يؤذيه، وهذا أظهر؛ لهذا الحديثِ وحديثِ: (وتَفْلِي ثَوْبَه)، وقوله: (تَفلِي رأسه): تَقَدَّمَ أنَّها كانت خالته أو خالةَ أبيه، وما قيل في ذلك من عند ابن الجوزيِّ وغيره، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ شيخ شيوخنا مُطَوَّلًا؛ فانظره في أوائل (كتاب الجهاد).
قوله: (عُرِضُوا عَلَيَّ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، بضَمِّ العين، وكسر الرَّاء، وكذا الثانية.
قوله: (ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الثَّاء المُثَلَّثَة، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ جيم، وأنَّه الظَّهر، و (الثَّبج): ما بين الكتِفَين.
[ج 2 ص 788]
قوله: (شَكَّ إِسْحَاقُ): هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المذكور في السند.
قوله: (فِي زَمَنِ [1] مُعَاوِيَةَ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء)، وأنَّه ليس المراد بـ (زمن معاوية): زمن خلافته، إنَّما المراد حين كان عليهم في الغزو من جهة عثمان، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في ذلك وكلام القاضي عياض، ويردُّه تاريخ وفاة أمِّ حرام؛ فانظره، والله أعلم.
قوله: (فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا): (صُرِعتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (دابَّتُها): كانت بغلة، كما في بعض طرقه.
==========

(1/12458)


[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي اليونينيَّة»: (زَمَانِ).

(1/12459)


[باب رؤيا النساء]

(1/12460)


[حديث: أما هو فوالله لقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير]
7003# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أُمُّ العَلَاءِ): تَقَدَّمَت في (الجنائز)، وهي بنت الحارث بن ثابت بن خارجة، الأنصاريَّة، بايعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويقال: إنَّها زوجة زيد بن ثابت، وأمُّ ابنِه خارجةَ، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (بنت الحارث بن ثابت، وعمَّتها: كبشة بنت ثابت، وبنت أخيها: أمُّ نوح بنت ثابت بن الحارث بن ثابت، أسلمن كلُّهنَّ، وبايعْنَ) انتهى، وأمُّ نوح هذه: لم أرها في «الاستيعاب»، ولا في «تجريد الذَّهَبيِّ» في (الكنى) مع جمعه، وكذا لم نرها في «تلقيح ابن الجوزيِّ»، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (هي في «طبقات ابن سعد»).
قوله: (فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ): (طار)؛ أي: خرج في فزعتنا، و (مظعون): تَقَدَّمَ أنَّه بالظاء المُعْجَمَة المشالة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.
قوله: (فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ): (وَجِع)؛ بكسر الجيم، وقد تَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ عثمان هذا.
قوله: (أَبَا السَّائِبِ): تَقَدَّمَ أنَّها كنية عثمان بن مظعون.
قوله: (أَمَّا هُوَ): هو بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (الْيَقِينُ): الموت، وتَقَدَّمَ الكلام على (مَا [1] يُفْعَلُ بِي) في (الجنائز)، وستأتي رواية: (ما يُفعَل به) قريبًا [خ¦7004].
7004# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (ذَلِكِ عَمَلُهُ): (ذلكِ)؛ بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَاذَا).
[ج 2 ص 789]

(1/12461)


[باب: الحلم من الشيطان ... ]
قوله: (بَابٌ: الْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ ضبط (الحلم) قريبًا.
قوله: (فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على الروايات التي وردت في ذلك قريبًا؛ فانظرها.
==========
[ج 2 ص 789]

(1/12462)


[حديث أبي قتادة: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان.]
7005# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ): الحارث بن ربعيٍّ، وقيل غير ذلك، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وبعض ترجمته.
قوله: (وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ.
قوله: (فَإِذَا حَلَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء واللَّام.
قوله: (فَلَنْ يَضُرَّهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.
==========
[ج 2 ص 789]

(1/12463)


[باب اللبن]

(1/12464)


[حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه]
7006# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخُ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (أُتِيتُ بِقَدَحِ): (أُتيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المُتكلِّم المضمومة.
قوله: (لِأَرَى): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه مِن رؤية العين.
قوله: (الرِّيَّ): بكسر الرَّاء وتُفتَح، مُشدَّد الياء، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ): عُرِف مِن القائلين: أبو بكر الصِّدِّيق، كما تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (قَالَ: «العِلْمَ»): هو بالنَّصب، ويجوز الرَّفعُ.

(1/12465)


[باب: إذا جرى اللبن في أطرافه أو أظافيره]

(1/12466)


[حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه.]
7007# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (أُتِيتُ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الرِّيُّ)، وكذا (قَالَ [1] مَنْ حَوْلَهُ: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ؟): تَقَدَّمَ أعلاه، وفي (كتاب العلم) أنَّه عُرِف منهم: أبو بكر الصِّدِّيق.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالَ).
[ج 2 ص 789]

(1/12467)


[باب القميص في المنام]

(1/12468)


[حديث: بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي]
7008# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعد بن سهل بن حُنَيف، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه وُلِد في زمان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (يُعْرَضُونَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثّدِيَّ [1]): هو بضَمِّ الثاء وكسرها، وكسر الدال المُهْمَلَة، وتشديد الياء، على (فُعول)، جمع: ثَدْي، ويجمع أيضًا على: أثْدٍ، و (الثدي): يُذكَّر ويُؤنَّث، وهو للمرأة، وللرَّجل أيضًا.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (الثَّدْيَ).
[ج 2 ص 789]

(1/12469)


[باب جر القميص في المنام]

(1/12470)


[حديث: بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي]
7009# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضَمِّ العين وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ).
قوله: (عُرِضُوا عَلَيَّ): (عُرِضوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله: (وَعُرِضَ عَلَيَّ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (يَبْلُغُ الثّدِيَّ [1]): تَقَدَّمَ أعلاه الكلامُ عليه.

(1/12471)


[باب الخضر في المنام والروضة الخضراء]
قوله: (بَابُ الْخُضَرِ فِي الْمَنَامِ): (الخُضَر)؛ بضَمِّ الخاء وفتح الضَّاد المعجمتين: كذا هو مضبوط في أصلنا، وكذا في أخرى مقروءةٍ ومقابلةٍ بعدَّة نسخ.
==========
[ج 2 ص 789]

(1/12472)


[حديث: يموت عبد الله وهو آخذ بالعروة الوثقى]
7010# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه لا كالمنسوب إلى الحَرْم، فإنَّ المَنسوب إلى الحَرْم: حِرْميٌّ؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، والمرأة: حِرْميَّة؛ بكسر الحاء أيضًا، وإسكان الرَّاء، وأنَّه بفتح الحاء والرَّاء، مُشدَّد الياء، وأنَّ (عُمَارة)؛ بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، و (قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة.
[ج 2 ص 789]
قوله: (كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ): هي بإسكان اللَّام، ويجوز فتحها، تَقَدَّمَت.
قوله: (فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ): الظاهر أنَّ هذا هو ابن أبي وقَّاص، أحدُ العشرة، أو البَتُّ، وفي الصَّحَابة مَن اسمه سعدُ بن مالك: سعدُ بن أبي وقَّاص، وسعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الخزرجيُّ الساعديُّ والد سهل، وأبو سعيد الخدريُّ، وهو بالكنية أشهرُ، وسعد بن مالك العذريُّ؛ وَفَدَ في بني عذرة، وسعد بن مالك بن الأقيصر بن مالك بن قُرَيع أبو الكنود الأزديُّ، قال ابن يونس: له وِفادة، وشهد فتحَ مصرَ، والله أعلم.
قوله: (فَمَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللَّام، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته في (مناقبه).
قوله: (وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله: (فَنُصِبَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مِنْصَفٌ، وَالْمِنْصَفُ: الْوَصِيفُ): (المِنْصَف)؛ بكسر الميم، وإسكان النون، وفتح الصاد، قال ابن قُرقُول: («مِنْصَف»، ويُروى: «مَنْصَف»، وكلاهما وَصِيفٌ، وقد جاء مُفسَّرًا بـ «الوَصِيف»، وبـ «الخادم» أيضًا، و «الوَصِيف»: الصغير الذي قد أدرك الخدمة، يقال: نَصَفْتُ القوم؛ إذا خدمتَهُم، وقد ضبطه بعضهم: بضَمِّ الميم وكسر الصَّاد، وآخرون: بفتح الميم وكسر الصاد، والأوَّل أعرفُ)، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (هو بكسر الميم وفتح الصاد، قال القاضي: ويقال بفتح الميم أيضًا)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: بكسر الميم: الخادم، هذا قول الأصمعيِّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (عبد الله بن سلَام).
قوله: (ارْقَهْ): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، والهاء للسَّكت.

(1/12473)


قوله: (فَرَقِيتُ): هو بكسر القاف، وهذه اللُّغة الفصيحة، وحكى فيها ابنُ قُرقُول ثلاثَ لغات؛ هذه أحدها، والثَّانية: بفتح القاف بغير همز، والثَّالثة [1]: بفتحها مع الهمز، والله أعلم.

(1/12474)


[باب كشف المرأة في المنام]
قوله: (بَابُ كَشْفِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَنَامِ): ذكر ابن المُنيِّر حديثَ عائشة على عادته، ثمَّ قال: (وترجم: «باب الحرير في المنام»)، ثمَّ قال: (كان البُخاريُّ يقف على كلام مَن لا يوافق كلامَهُ _والله أعلم_ فيردُّ عليه بالرَّمز في هذه التراجم، ففي النَّاس مَن قال: ما احتلمت قطُّ إلَّا بِوَلِيٍّ وشاهِدَيْ [عَدْلٍ]؛ يشير إلى أنَّه لا يرى في المنام إلَّا مثل ما يجوز في اليقظة شرعًا، وهذا غير لازم، فإنَّ النَّائم يرى أمثالًا هو فيها غير مُكلَّف، ألا ترى أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رأى عائشة، وكشف عنها قبل أن يتزوَّج بها على سبيل التَّمثيل، ويحتمل أن يكون رأى منها ما يجوز للخاطب أن يراه، ويكون الضَّمير في قوله: «فأكشفُها» لـ «السَّرَقة»)، انتهى، وأيضًا لمَّا رآها؛ كانت صغيرةً غير مشتهاة؛ وذلك لأنَّه رآها لمَّا تُوفِّيت خديجة رضي الله عنهما، وقد تَقَدَّمَ في ذلك حديثٌ، وأيضًا النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم معصوم.

(1/12475)


[حديث: أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة حرير ... ]
7011# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.
قوله: (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ [1] مَرَّتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: (أنَّه رآها ثلاثَ مَرَّاتٍ)، وقد جمعتُ بينهما في أوَّل (النِّكاح).
قوله: (إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرَّجل): هو مَلَكٌ، كما في بعض طرقه، وسيأتي قريبًا، وهو جبريل عليه السَّلام، كما في «التِّرْمِذيِّ»، وقد تَقَدَّمَ في (النكاح).
قوله: (فِي سَرَقَةِ): تَقَدَّمَ ما (السَرَقَة) وضبطها.
قوله: (فَأَكْشِفُهَا): هو بفتح الهمزة مَرْفُوعٌ فعلٌ مضارعٌ، وسيأتي معارضه، والجمع بينهما.
قوله: (إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ يُمْضِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب تزويجه عليه السَّلام بعائشة رضي الله عنها).

(1/12476)


[باب ثياب الحرير في المنام]

(1/12477)


[حديث: أريتك قبل أن أتزوجك مرتين]
7012# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أُحُد) في (باب ما أصاب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أُحُد).
قوله: (أُرِيتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: (أنَّه رآها ثلاث مَرَّاتٍ)، وذكرتُ جمعًا في (النكاح).
قوله: (رَأَيْتُ الْمَلَكَ يَحْمِلُكِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه جبريل، كما في «التِّرْمِذيِّ».
قوله: (فِي سَرَقَةٍ): تَقَدَّمَ ضبط (السَرَقَة)، وما هي.
قوله: (فَقُلْتُ لَهُ: اكْشِفْ): (اكشِفْ): فعل أمر بهمزة وصل؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، وكذا المكان الثاني الآتي، واعلم أنَّه تَقَدَّمَ في الرواية الماضية قبل هذه: (فأكشفُها): فعلٌ مضارعٌ، وتَقَدَّمَ قبل ذلك أنَّه أُمِر بالكشف عنها، فحصل ثلاثة ألفاظ؛ أحدها: أنَّه عليه السَّلام أُمِر بالكشف عنها، والثانية: أنَّه كشف مِن غير ذكر أَمْرٍ، الثالثة: أنَّه عليه السَّلام أمرَ الملك بالكشف عنها، والذي في «صحيح البُخاريِّ»: (أنَّه رآها مرَّتين)، وفيه: (أنَّه رآها)، ولم يتعرَّض لمرَّة، ولا مرَّتين، ولا ثلاثٍ، وفي «مسلم» في (الفضائل): (أنَّه رآها ثلاثَ مَرَّاتٍ)، وقد قَدَّمْتُ في (النكاح) جمعًا بين (مرَّتين) و (ثلاثٍ)، فالظَّاهر أنَّ الثَّلاثة الألفاظ لرؤيتها ثلاثُ مَرَّاتٍ، والله أعلم، وقد يُجمَع بغير ذلك أيضًا.
قوله: (إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ يُمْضِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب تزويجه عليه السَّلام بعائشة رضي الله عنها).

(1/12478)


[باب المفاتيح في اليد]

(1/12479)


[حديث: بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم ... ]
7013# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ): (بُعِثْتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره مضمومة؛ تاء المُتكلِّم، و (جوامع) واحدها: جامعة؛ أي: كلمة جامعة، وسيأتي: (قَالَ مُحَمَّدٌ: وجَوَامِعَ [1] الْكَلِمِ: أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ الأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ، فِي الأَمْرِ الْوَاحِدِ، وَالأَمْرَيْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) انتهى، واعلم أنَّ (جوامع الكلم): القرآن؛ لإيجازه، وكان صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يتكلَّم بجوامع الكلم؛ أي: بالمُوجَز مِن القول، وهو ما قلَّت ألفاظه، واتَّسعت معانيه.
قوله: (وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ): (نُصِرتُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره مضمومة؛ تاء المُتكلِّم.
[ج 2 ص 790]
قوله: (أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ): (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مفاتيح خزائن الأرض): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا ما هي.
قوله: (فِي يَدِي): هو بالإفراد، كما سبق قريبًا.

(1/12480)


قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ: بَلَغَنِي [2] ... ) إلى آخره: كذا في أصلنا القاهريِّ، و (مُحَمَّد) عليها: (صح)، وعلامة راويها، فالرِّواية الأخرى: (قال)؛ بغير ذكر (مُحَمَّد)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (قال مُحَمَّد)؛ بلا تردُّد، و (مُحَمَّد) هذا: هو مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ المذكور في السَّند بـ (ابن شهاب) الرَّاوي عن ابن المُسَيّب، وهذا البلاغ هو هنا كما ترى، قال شيخنا في (كتاب الجهاد) في (باب قول النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم): (نُصرتُ بالرُّعب مسيرة شهر) ما لفظه: (وقال ابن شهاب _فيما ذكر الإسماعيليُّ_: بلغني أنَّ جوامع الكلم ... )؛ فذكره، وأمَّا في «خصائص النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم» لشيخنا وقد قرأتُها عليه؛ فعزا بلاغ ابن شهاب إلى البيهقيِّ في «دلائله»، وعزاه إلى البُخاريِّ ومسلم، انتهى.
قوله: (أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ): (نحوَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وبلغني أنَّ جوامعَ)، وفي (ق): (بلغني)؛ بلا واوٍ.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وبلغني)، وضُرِب على الواو في (ق).

(1/12481)


[باب التعليق بالعروة والحلقة]
قوله: (التَّعْلُّقِ [1] بِالْعُرْوَةِ وَالْحَلْقَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (الحلْقة)؛ بإسكان اللَّام، وأنَّه يجوز فتحُها.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (التَّعْلِيق).
[ج 2 ص 791]

(1/12482)


[حديث: تلك الروضة روضة الإسلام وذلك العمود عمود الإسلام ... ]
7014# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ فيما ظهر لي، و (أَزْهَرُ): هو ابن سعد السَّمَّان، أبو بكر، الباهليُّ مولاهم، البصريُّ، عن سليمان التَّيميِّ، ويونس، وابن عون، وهشام الدَّستوائيِّ، وعنه: عليُّ ابن المَدينيِّ، وابن راهويه، وبُنْدَار، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، ومحمود بن غيلان، وخلقٌ، قال ابن سعد: ثقة أوصى إليه ابنُ عون، وعاش أربعًا وتسعين سنة، وقال غيره: مات سنة ثلاث ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (ابْن عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصرَ، وقد قَدَّمْتُ ذلك مرارًا.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط، شَبَاب، العُصفريُّ الحافظُ، و (مُعَاذٌ) بعده: هو ابن معاذ، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، و (قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ بْن سَلَامٍ)؛ بتخفيف اللَّام، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو مشهور.
قوله: (وَسَطَ الرَّوْضَةِ): هو بفتح السِّين، وتُسكَّن.
قوله: (ارْقَهْ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة وصل، والهاء للسَّكت.
قوله: (فَرَقِيتُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف وتُفتَح، ومع الهمزة أيضًا، وفتح القاف؛ ثلاث لغات، تَقَدَّمَت قريبًا وبعيدًا.

(1/12483)


[باب عمود الفسطاط تحت وسادته]

(1/12484)


قوله: (بَابُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ): كذا في أصلنا، ولم يذكر فيها حديثًا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وبعد هذه التَّرجمة في الأصلين: (بَابُ الإستربق ودخول الجنَّة في المنام)، وذكر فيها حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (رأيت كأنَّ في يدي سَرَقَةً من حرير ... )؛ الحديث، وكأنَّه لمَّا كانت الترجمة الأولى مندرجةً في حديث التَّرجمة الثانية؛ لم يذكر فيها حديثًا، وذكره في الثانية، هذا على ما في أصلينا، وأمَّا ابن المُنَيِّر؛ فإنَّه ذكر في «تراجمه»: (باب الفسطاط تحت وسادته ودخول الجنَّة في المنام)، وذكر فيها حديث ابن عمر رضي الله عنهما بغير إسناد، ثمَّ قال: (روى غيرُ البُخاريِّ هذا الحديثَ بزيادة: «عمود الفسطاط، ووضع ابن عمر له تحت الوسادة»، ولكن لم توافق الزِّيادةُ شرطَه، فدرجها في التَّرجمة نفسِها، والله أعلم)، انتهى، وقال شيخنا: (قلت: كأنَّه رأى أنَّ حديث السَّرَقة أكملُ ممَّا ذكره في «كتابه»، وفيه: أنَّ السَّرَقَة مضروبةٌ في الأرض على عمود؛ كالخِباء، وأنَّ ابن عمر اقتلعها مِن عمودها، فوضعها تحت وسادته، وقام هو بالسَّرَقة يمسكها، وهي كالهودج مِن إستبرق، فلا ينوي مكانًا من الجنَّة إلَّا طارت إليه، ولم يرضَ سندَه بهذه الزِّيادة، فلم يذكره، وأدخله في «كتابه» من طريق وَثِقَهُ، وقد فعل في «كتابه» مثل هذا كثيرًا، فذكر بعض الأماكن مثلَ ذلك، ثمَّ قال: كذا أجاب به المُهلَّب)، انتهى، وقد رأيتُ أنا حديثًا، فلعلَّ البُخاريَّ أراده، رأيته في «زوائد المعجمين الأوسطِ والصغيرِ للطَّبرانيِّ» إفرادُ شيخنا الحافظ نور الدين الهيثميِّ مِن حديث عبد الله بن عَمرو رضي الله عنهما: أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «رأيت في المنام أنَّهم أخذوا عمود الكتاب، فعمدوا به إلى الشَّام، فإذا وقعت الفتن؛ فالآمن الشَّام»، ثمَّ قال: (لم يروه عن أيُّوب إلَّا مَعمر، ولا عنه إلَّا مُحَمَّد بن ثور، تفرَّد به مُؤمَّل)، قاله الطَّبَرانيُّ، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه ذلك ما لفظه: (أكثر ابنُ عساكر في مقدِّمة «تاريخ دمشق» مِن تخريج هذه الأحاديث وتطريفها)، انتهى، ونحوه في «المستدرك» في (الفتن والأهوال)، وقال: (على شرط البُخاريِّ ومسلم)، ورأيت في «تذكرة القرطبيِّ» حديثًا عزاه إلى «البزَّار» من حديث أبي الدَّرداء: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «رأيت عمود الكتاب احتُمِل من تحت

(1/12485)


رأسي، فظننتُ أنَّه مذهوب به، فأتبعتُه بصري، فعمد به إلى الشام، ألا وإنَّ الإيمان حين تقع الفتنُ بالشَّام»، خرَّجه أبو بكر النجاد، وقال: (عمود الإسلام)، قال أبو مُحَمَّد عبد الحقِّ: هذا صحيح، انتهى.
قوله: (بَابُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الفسطاط) بلغاته، وما هو.

(1/12486)


[باب الإستبرق ودخول الجنة في المنام]
قوله: (بَابُ الإِسْتَبْرَقِ): تَقَدَّمَ الكلام [عليه]، ما هو.
==========
[ج 2 ص 791]

(1/12487)


[حديث ابن عمر: رأيت في المنام كأن في يدي سرقةً من حرير ... ]
7015# 7016# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] خالد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة كيسان السَّخْتيَانيُّ.
قوله: (كَأَنَّ فِي يَدِي): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ)، و (يَديْ)؛ بالإفراد.
قوله: (لَا أُهْوِي [1]): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الواو، وفي نسخة في هامش أصلنا: (أَهوي)؛ بفتح الهمزة، وكسر الواو [2]، وعليها (كذا)، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (وأهوى إليه بيده؛ ليأخذه، قال الأصمعيُّ: أهويت بالشيء؛ إذا أومأت به، ويقال: أهويت له بالسيف)، وفي «المطالع»: (يقال: أهوى بيده، وأهوى يدَهُ: تناوله، وقال صاحب «الأفعال»: هوى إليه بالسيف، وأهوى إليه؛ أماله إليه)، انتهى، والمراد بـ (بصاحب «الأفعال»): ابن القطَّاع، فإنَّه قال ذلك، ولفظه: (وهويت إليه بالسَّيف والشيء هَوِيًّا، وأهويت: أملتُه إليه وقصدته) انتهى، والمراد: لا أهوى بها إلى مكان؛ أي: لا أقصد وأُرِيد، وفي «مسلم»: (وليس مكان من الجنَّة أريد إلَّا طارت إليه)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَهْوِي)، وينظر هامشها.
[2] في (أ): (الراء)، وهو تحريفٌ.
[ج 2 ص 791]

(1/12488)


[باب القيد في المنام]

(1/12489)


[حديث: إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن]
7017# قوله: (سَمِعْتُ عَوْفًا): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عوف بن أبي جَمِيلة، الأعرابيُّ.
قوله: (إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ ... ) إلى آخره: قال الخَطَّابيُّ وغيره: قيل: المراد: إذا قارب الزمان أن يعتدل ليلُه ونهارُه، وقيل: المراد: إذا قارب القيامة، والأوَّل
[ج 2 ص 791]
أشهرُ عند أهل الرُّؤيا، وجاء في حديثٍ ما يُؤيِّد الثَّاني، والحديث: «إذا كان آخر الزَّمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب»، وأصله في «مسلم» و «التِّرْمِذيِّ»، واللَّفظ للتِّرمذيِّ، والله أعلم.
قوله: (وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.
قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين الرَّاوي في السَّند عن أبي هريرة.

(1/12490)


قوله: (وَكَانَ يُقَالُ: الرُّؤْيَا ثَلاَثٌ ... ) إلى آخره: هو هنا كما ترى، وهو في «مسلم» من جملة الحديث من الطريق التي في «البُخاريِّ»: مُحَمَّد بن سيرين عن أبي هريرة، ولفظه: («إذا اقترب الزَّمان؛ لم تكد رؤيا المسلم تكذبُ، وأصدقُكم رؤيا أصدقُكم حديثًا، ورؤيا المؤمن جزءٌ من خمسة وأربعين جزءًا من النُّبوَّة، والرُّؤيا ثلاثٌ؛ فرؤيا الصَّالحةِ بشرى من الله، ورؤيا تحزينٍ مِن الشيطان، ورؤيا ممَّا يحدِّث المرءُ نفسَه، فإن رأى أحدُكم ما يكره؛ فليقم فليُصلِّ، ولا يُحدِّث بها النَّاس»، قال: وأحبُّ القيدَ، وأكره الغُلَّ، والقيد ثباتٌ في الدِّين)، فلا أدري أهو في الحديث أم قاله ابن سيرين؟ وبعده: (وحدَّثنيه مُحَمَّد بن رافع)، فذكر سندًا [1] إلى أيُّوب، ثمَّ قال: بهذا الإسناد، وقال في الحديث: (قال أبو هريرة: فيعجبني القيدُ، وأكره الغُلَّ، والقيدُ ثباتٌ في الدِّين)، فبيَّن في الطريق الثانية أنَّه من قول أبي هريرة مُدرجًا في الحديث؛ أعني: (يعجبني القيد ... ) إلى آخره، ثمَّ ذكره من طريقٍ أخرى عن مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال مسلم: وأدرج في الحديث قولَهُ: (وأكره الغُلَّ ... ) إلى تمام الكلام، ولم يذكر: (الرُّؤيا جزءٌ من ستِّة وأربعين جزءًا من النُّبوَّة)، ولفظ البُخاريِّ: (قال مُحَمَّد: وأنا أقول هذه: وكان يقال: الرُّؤيا ثلاثٌ ... ) إلى آخره: قال: (ورواه قتادة، ويونس، وهشام، وأبو هلال عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأدرج بعضُهم كلَّه في الحديث، وحديث عوف أبين)؛ يعني: الذي فيه: أنَّه مفصول من الحديث، لا منه، والصَّحيح: أنَّ فصله أصحُّ.
واختُلِف مِن كلام مَن هو؛ قال شيخنا عن الخطيب: (إنَّه مِن قول مُحَمَّد؛ يعني: ابن سيرين، وفي «صحيح مسلم» قولان؛ هل هو من كلام أبي هريرة، أو مُحَمَّد بن سيرين؟ وقال بعضهم: هذا من كلام أبي هريرة مُدرَجٌ في الحديث، وبيَّنه مَعْمَر في روايته عن أيُّوب عن ابن سيرين، وبعضهم يعزوه لابن سيرين)، انتهى، وسيأتي هذا من كلام الخطيب.

(1/12491)


قوله: (وَكَانَ يُكْرَهُ الْغُلُّ فِي النَّوْمِ): وإنَّما كُرِه الغُلُّ في النَّوم؛ لأنَّ موضعَه العنق، وهو صفة أهل النَّار، قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} [يس: 8]، وقال تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [غافر: 71].
قوله: (وَكَانَ يُعْجِبُهُمُ الْقَيْدُ، وَقَالَ [2]: القَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّيْنِ): قال العلماء: إنَّما أعجبهم القيد؛ لأنَّه في الرِّجل، وهو كفٌّ عن المعاصي، والشُّرور، وأنواع الباطل، وأمَّا أهل العبارة؛ فنزَّلوا هاتين اللَّفظتَين منازلَ، فقال: إذا رأى القيد في رجليه وهو في المسجد أو في مشهد خير وعلى هيئة حسنة؛ فهو دليل لثباته في ذلك، وكذا لو رآه صاحبُ ولاية؛ كان دليلًا لثباته فيها، فلو رآه مريض، أو مسافر، أو مسجون، أو مكروب؛ كان لثباته فيه قالوا: ولو قارنه مكروه بأن يكون مع القيد غُلٌّ؛ غلب المكروه؛ لأنَّه صفة المُعذَّبين، وأمَّا الغُلُّ؛ فهو مذموم إذا كان في العنق، وقد يدلُّ للولايات [3] إذا كان معه قرائنُ؛ كما أنَّ كلَّ والٍ يُحشَر مغلولًا حتَّى يطلقه عدلُه، فأمَّا إذا كان مغلولَ اليدين دون العنق؛ فهو حَسَنٌ، دليلٌ لكفِّها عن الشَّرِّ، وقد يدلُّ على بُخلهما، وقد يدلُّ على منع ما نواه مِن الأفعال، انتهى كلام الشيخ محيي الدين النَّوويِّ.
قوله: (وَرَوَاهُ [4] قَتَادَةُ، وَيُونُسُ، وَهِشَامٌ، وَأَبُو هِلاَلٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (قتادة)؛ فهو ابن دعامة، أبو الخطَّاب السدوسيُّ الأعمى، الحافظ المفسِّر، مشهورٌ، وأمَّا (يونس)؛ فهو ابن عُبيد، أحد أئمَّة البصرة، أخرج له الجماعة، تَقَدَّمَ، وأمَّا (هشام)؛ فهو ابن حسَّان الحافظ، أخرج له الجماعة، وأمَّا (أبو هلال)؛ فهو مُحَمَّد بن سُلَيم، أبو هلال الراسبيُّ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له الأربعة، وَثَّقَهُ أبو داود، وقال ابن معين: صدوق، وقال النَّسائيُّ وغيرُه: ليس بالقويِّ، له ترجمة في «الميزان».

(1/12492)


وما رواه قتادة عن مُحَمَّد بن سيرين أخرجه مسلمٌ عن إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة به، وما رواه يونس عن ابن سيرين لا أعلم أحدًا أخرجه من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وكتب بعض حفَّاظ [مصر] تجاه ذلك: رواية يونس وصلها البزَّار في «مسنده»، انتهى، وأمَّا ما رواه هشام عن ابن سيرين؛ فلا أعلم أحدًا من أصحاب الكُتُب السِّتَّة أخرجه إلَّا ما قاله البُخاريُّ، وأمَّا أبو هلال؛ فكذلك، ولم يخرِّجْ شيخُنا رحمه الله شيئًا منها، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين في رواية يونس: وصلها البزَّار، ورواية هشام وصلها أحمدُ وإسحاقُ في «مسنَدَيهما»، ورواية هلال لم أرَها، انتهى.
قوله: (وَأَدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّهُ فِي الْحَدِيثِ): الروايةُ المدرَجة روايةُ قتادة فمَن بعده.
ثمَّ اعلم أنَّ المدرَج على أقسام؛ الأوَّل منه: ما أُدرِج في آخِرِ الحديث من غير فصل بين الحديث وبين ذلك الكلام، إمَّا أن يدرجه الصَّحَابيُّ أو غيرُه، فيُتَوهَّم أنَّ الجميعَ مَرْفُوعٌ، والإدراجُ تارةً يكون في آخِرِ الحديث كهذا، وتارةً في أوَّله، وتارةً في الأثناء، وللإدراج ثلاثةُ أقسامٍ أخرى _ذكروها_ معروفةٍ، وله صورتان أخريان.
تنبيهٌ: عمدُ الإدراج بكلِّ هذه الأقسام محظورٌ؛ أي: ممنوعٌ، قال ابن الصلاح: واعلم أنَّه لا يجوز تعمُّد شيءٍ من الإدراج المذكور، والله أعلم.
قوله: (وَحَدِيثُ عَوْفٍ أَبْيَنُ): يعني: الذي فيه الفصلُ: (وَكَانَ يُقَالُ ... ) إلى آخره.

(1/12493)


قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ الأُمَّة)؛ معناه: قال شيخنا: والله أعلم إنَّه لمَّا كان عنده معنى قوله: (رؤيا المؤمن ... ) إلى آخره يُراد به: (رؤيا الرجل الصالح ... )؛ الحديث، وقال: «إذا اقترب الزمان؛ لم تكد تكذب رؤيا المؤمن» خشي ابن سيرين أن يُتَأوَّل معناه: عند تقارب الزمان لا تصدق إلَّا رؤيا الصالح المستكمل الإيمان خاصَّةً، فقال: (وأنا أقول: هذه الأمَّة) أنَّه تصدق رؤيا هذه الأمَّة كلِّها؛ صالحها وفاجرها، فيكون صدقُ رؤياهم راحةً [5] لهم، وحجَّةً عليهم لدروس أعلام الدين، وطمس آثاره بموت العلماء، وظهور المنكر، وما ذكرته من قوله: (الأمَّة) بعد (هذه [6]): كذا في «كتاب ابن بَطَّال» أصلًا وشرحًا، والذي في الأصول: حذف لفظ (الأمَّة) كما سُقْتُه، وقد قال الخطيبُ: إنَّ الإدراجَ إنَّما هو قول مُحَمَّد، لا من قول غيرِه، [خلاف] ما سلف عن التِّرْمِذيِّ، فكأنَّ مُحَمَّدًا لمَّا انتهى الحديثُ المرفوعُ؛ قال: وأنا أقول هذه المقالة، وهو أوضح ممَّا ذكره ابن بَطَّال، انتهى.
قوله: (وَقَالَ يُونُسُ: لَا أَحْسِبُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يونس) هذا: هو ابن عُبيد، تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (أَبُو عَبْدِ اللهِ: الأَغْلاَلُ لَا تَكُونُ [7] إِلَّا فِي الأَعْنَاقِ): في «المحكم»: الغلُّ: جامعة توضع في العنق أو اليد، وفي «الجامع»: واليد مغلولة؛ أي: مجعولة في الغلِّ، قال تعالى: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: 64].
==========
[1] في (أ): (سند)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ويُقال).
[3] في (أ): (للوالات)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وَرَوَى).
[5] في مصدره: (زاجرًا).
[6] في (أ) تبعًا لمصدره: (هذا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[7] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لَا تَكُونُ الأَغْلاَلُ).

(1/12494)


[باب العين الجارية في المنام]

(1/12495)


[حديث: أما هو فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير من الله]
7018# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ لقبَه عبدانُ، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أُمُّ العَلَاءِ): تَقَدَّمَت قريبًا، وفي (الجنائز).
قوله: (طَارَ لَنَا) أي: خرج في قرعتنا، وقد تَقَدَّمَ، و (عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ): بالظاء المُعْجَمَة المشالة، من السابقين، تَقَدَّمَ، وهو أبو السائب، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (اليقين)، وأنَّه الموتُ، وكذا على قوله: (مَا يُفْعَلُ بِي)، في (الجنائز) مُطَوَّلًا، و (ذَاكِ): بكسر الكاف، خطابٌ لمؤنَّث، تَقَدَّمَ.

(1/12496)


[باب نزع الماء من البئر حتى يروى الناس]
قوله: (حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ): (يَروَى): بفتح أوَّله وثالثه، و (الناسُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 792]

(1/12497)


[حديث: بينا أنا على بئر أنزع منها إذ جاء أبو بكر وعمر]
7019# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة.
قوله: (ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّنوب) وضبطه، وأنَّه جزم في موضع بـ (ذَنوبين)، ولم يشكَّ.
قوله: (وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ): هو قِصَر مُدَّته في الخلافة.
قوله: (فَغَفَرَ اللهُ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ما معناه.
قوله: (فَاسْتَحَالَتْ): أي: تحوَّلت، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (العَبْقَريُّ) ضبطًا ومعنًى، وعلى (يَفْرِي فَرْيَهُ)؛ أي: ينزع نزعه، وعلى (حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ) ما معناه، وقد قَدَّمْتُ كلام السُّهَيليِّ في «روضه»، ولفظه: وقد رأى رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّه ينزع [على] قليب وحولها غنم سودٌ وغنم عُفرٌ، ثمَّ جاء أبو بكر، فنزع نزعًا ضعيفًا، والله يغفر له، ثمَّ جاء عمر، فاستحالت غربًا _يعني: الدلو_، فلم أرَ عبقريًّا يَفرِي فَرْيَه، فأوَّلها الناس في الخلافة لأبي بكر وعمر، ولولا ذكر الغنم السود والعُفر؛ لبَعُدت الرؤيا عن معنى الخلافة والرِّعاية؛ إذ الغنم السود والعُفر عبارةٌ عن العرب والعجم، وأكثرُ المحدِّثين لم يذكروا الغنم في هذا الحديث، ذكره البزَّار في «مسنده»، وأحمدُ ابن حنبل أيضًا، وبه يصحُّ المعنى، والله أعلم.
وقد تَقَدَّمَ هذا في (مناقب الصِّدِّيق)، وذكرت هناك أنِّي رأيته في «مسند أحمد» من حديث أبي الطُّفيل، وفي آخر الحديث التعبيرُ المذكور؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 792]

(1/12498)


[باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف]
قوله: (نَزْعِ الذَّنُوبِ وَالذَّنُوبَيْنِ): تَقَدَّمَ ضبط (الذَّنوب)، وما هو.
==========
[ج 2 ص 792]

(1/12499)


[حديث: رأيت الناس اجتمعوا فقام أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين]
7020# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسب إلى جدِّه، و (زُهَيْرٌ): هو زُهير بن معاوية بن حُدَيج الحافظ، تَقَدَّمَ، و (مُوسَى): هو ابن عقبة، وكذا هو في نسخة.
قوله: (ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الذَّنوب) وضبطه، وكذا على قوله: (أو ذَنوبين)، هكذا بالشكِّ، وسيأتي قريبًا: (ذَنوبين) من غير شكٍّ، وتَقَدَّمَ بعيدًا، وكذا قوله: (وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ)، وكذا على قوله: (وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ)، وعلى (اسْتَحَالَتْ)، وعلى (غَرْبًا)، وعلى (يَفْرِي فَرْيَهُ)، وعلى (حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ).
==========
[ج 2 ص 792]

(1/12500)


[حديث: بينا أنا نائم رأيتني على قليب وعليها دلو]
7021# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (عُفَيْرًا) بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدٌ): هو ابن المُسَيّب، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
[ج 2 ص 792]
قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12501)


[باب الاستراحة في المنام]

(1/12502)


[حديث: بينا أنا نائم رأيت أني على حوض أسقي الناس]
7022# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظاهر أنَّه ابن راهويه، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ الصنعانيُّ.

(1/12503)


[باب القصر في المنام]

(1/12504)


[حديث: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة]
7023# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ ضبط (عُفَيْر) قريبًا وبعيدًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال إلَّا بالفتح.
قوله: (رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ): هو بضَمِّ التاء من (رأيتُني)، وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ معناه: رأيتُ نفسي، وقبله أيضًا.
قوله: (فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ [1] إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (تتوضَّأ)، وأنَّه تصحيفٌ من (شوهاء)، واللفظة صحيحةٌ عند البُخاريِّ؛ لأنَّه [2] أخرجه وبوَّب عليه: (بابُ الوضوء في المنام)، فدلَّ أنَّ لفظةَ: (تتوضَّأ) صحيحةٌ عنده، وقد ذكرت ذلك في (باب صفة الجنَّة) في (بدء الخلق).
قوله: (فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ): هي بفتح الغين المُعْجَمَة، معروفةٌ.
قوله: (فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ): تَقَدَّمَ بكاء عمر لماذا في (صفة الجنَّة).
==========
[1] في (أ): (توضأ)، والمثبت من «اليونينيَّة» و (ق) والموضع اللاحق.
[2] زيد في (أ): (أخرج)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 793]

(1/12505)


[حديث: دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب]
7024# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الصيرفيُّ الفَلَّاس، أحد الأعلام، مرارًا.
==========
[ج 2 ص 793]

(1/12506)


[باب الوضوء في المنام]
قوله: (بَابُ الْوُضُوءِ): هو بضَمِّ الواو: الفعل، والماءُ بالفتح، ويجوز في كلٍّ منهما الضمُّ والفتحُ.
==========
[ج 2 ص 793]

(1/12507)


[حديث: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى ... ]
7025# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح الياء وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يُقال إلَّا بالفتح.
قوله: (رَأَيْتُنِي): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بضَمِّ التاء، وكذا تَقَدَّمَ (تَتَوَضَّأُ) أعلاه، وفي (صفة الجنَّة) مُطَوَّلًا، وكذا (غَيْرَتَهُ)، وأنَّها بفتح الغين، وعلى (بُكَاءِ عُمَرَ) لماذا.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (حَدَّثَنِي).
[ج 2 ص 793]

(1/12508)


[باب الطواف بالكعبة في المنام]
قوله: (بَابُ الطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، ثمَّ قال: (ذكر الشارح _يعني: ابن بَطَّال_ أنَّ الكعبةَ مثالُ الإمام الأعظم، ومصداق ذلك عندي: أنِّي رأيت قبل واقعةِ بغداد [1]_جبر الله المسلمين عن مصيبتها_ كأنِّي في الحرم شرَّفه الله تعالى، وكان مكان الكعبة خالٍ منها، وكان ذلك قبل الوقعة بنحو السَّنَة)، انتهى.
و (واقعة بغداد) يريد بها: واقعة هولاؤو [2] بأهل بغداد، وكان سنة ستٍّ وخمسين وستِّ مئة، وأمَّا واقعته مع أهل الشام؛ فكانت في صفر سنة ثمانٍ وخمسين وستِّ مئة، وفي هذا الشهر دخل حلبَ، وأوقع بأهلها.
==========
[1] زيد في (أ): (إذ)، ولا يستقيم.
[2] كذا في (أ)، ولعلَّه: (هولاكو).
[ج 2 ص 793]

(1/12509)


[حديث: بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة]
7026# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (رَأَيْتُنِي): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ أعلاه وقبله.
قوله: (آدَمُ): أي: أسمر؛ يعني: ابن مريم، تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية، ورواية أبي هريرة: (أنَّه أحمر)، وجمعُ الشيخ محيي الدين النَّوويِّ بينهما، وكلامُ الداوديِّ: أنَّ أثبَتهما رواية ابن عمر؛ يعني: هذه أنَّه أسمر، في (باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16]) من (كتاب الأنبياء).
قوله: (سَبْطُ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ ضبطه.
قوله: (يَنْطفُ): هو بكسر الطاء وضمِّها؛ أي: يقطر.
قوله: (جَعْدُ الرَّأْسِ): تَقَدَّمَ، وكذا (أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى ما في «مسلم» في رواية: (اليسرى)، والجمعُ بينهما، وعلى (عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ)، وأنَّها [1] تُهمَز ولا تُهمَز باختلاف المعنى، وما معنى كلِّ واحدةٍ منهما، وتَقَدَّمَ الكلام على (ابْنُ قَطَنٍ) مُطَوَّلًا، وأنَّه بفتح القاف والطاء المُهْمَلَة، وبالنون، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (واسمه عبدُ العُزَّى بن قَطَن بن عَمرو بن حبيب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن جذيمة _وهو المصطلق_ ابن سعد؛ وهو كعب وعديٌّ أولاد عمرو بن ربيعة، وأمُّه: هالة أختُ خديجةَ)، انتهى، وعبد العُزَّى هلك في الجاهليَّة، كما صُرِّحَ به في هذا «الصحيح» من كلام الزُّهْرِيِّ، وقد ذكرتُ فيما تَقَدَّمَ حديثًا من عند أحمد، صريحٌ في إسلامه، لكنَّ فيه (قَطَن بن عبد العزَّى)؛ على العكس، في (باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16])، وذكرت هناك أنَّه عليه السَّلام شبَّه الدَّجَّال برجلٍ آخَرَ؛ وهو أكثم بن أبي الجون، وشبَّه عينَ الدَّجَّال بعَينِ شخصٍ آخَرَ من الأنصار يُقال له: أبو تحيى شيخٌ من الأنصار، كما رواه الحاكم في (الكسوف) من «المستدرك» من حديث سَمُرة، وأصحابُ السنن الأربعة من حديثه؛ بعضهم مُطَوَّلًا، وبعضهم مختصرًا، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (وأنهما)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 793]

(1/12510)


[باب: إذا أعطى فضله غيره في النوم]

(1/12511)


[حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه .. ]
7027# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا): هو ابن خالد، وأنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.
قوله: (أُتِيتُ) هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره مضمومةٌ للتكلُّم.
قوله: (الرِّيَّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء وفتحها.
قوله: (قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟): تَقَدَّمَ أنَّ مِن القائلين أبا بكر الصِّدِّيق.
==========
[ج 2 ص 793]

(1/12512)


[باب الأمن وذهاب الروع في المنام]
قوله: (بَابُ الأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ): (الرَّوع)؛ بفتح الراء: الفزع، وكذا في «الصحاح»، إلى أن قال: والرُّوع؛ بالضَّمِّ: القلب والفعل، وفي «المطالع»: والرَّوع: النفس، وقيل: الرُّوع؛ بالضَّمِّ: موضعُ الرَّوع _ بالفتح_؛ وهو الفزع.

(1/12513)


[حديث: إن رجالًا من أصحاب رسول الله كانوا يرون الرؤيا ... ]
7028# 7029# قوله: (إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا): هؤلاء الرجال لا أعرفهم.
[ج 2 ص 793]
قوله: (قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ): هو بفتح الهمزة، وكسر الكاف؛ أي: أتزوَّج.
قوله: (إِذْ جَاءَنِي مَلَكَانِ): هذان المَلَكَان [2] لا أعرف اسميهما.
قوله: (مِقْمَعَةٌ): هي بكسر الميم الأولى، ثم قاف ساكنة، وفتح الميم الثانية، قال الدِّمْيَاطيُّ: (المِقْمَعة: سياطٌ من حديد رؤوسها معِوجَّة)، انتهى، وقال ابن الأثير: (المِقْمَعة: واحدة «المقامع»؛ وهي سياط تُعمَل من حديد، رؤوسها معوجَّة)، انتهى، وفي «الصحاح» نحوُ كلام ابن الأثير، فالمِقْمَعة واحدةٌ لا جمعٌ، فقول الدِّمْيَاطيِّ: (سياط)؛ إمَّا أن يكون سقط من الناقل شيءٌ، أو أنَّه عرَّف الجمعَ؛ فنقله الناقل إلى المفرد، والله أعلم.
قوله: (يُقْبِلَا بِي إِلَى جَهَنَّمَ): كذا في أصلنا، وكذا في أصلٍ آخَرَ، و (بي): جارٌّ ومجرورٌ، و (يُقبِلَا): محذوفُ النون، وهذا جارٍ على لغة حذف النون حيث لا ناصبَ ولا جازم، وفي حاشية أصلنا طرأ نسخة: (يقبلان إلى جهنَّم)، وفي نسخة شيخِنا أبي جعفر الأندلسيِّ: (يعتلان)، كذا في الأصل، وفي الهامش كما في أصلنا، وقال شيخُنا: («يُقبلاني إلى جهنَّم»، يُقال: أقبلتُه؛ أي: جعلتُه قبالته)، انتهى.
قوله: (ثُمَّ أَرَانِي): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه من رؤية العين، وكذا في أصلنا أيضًا.
قوله: (مِقْمَعَةٌ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (المِقْمَعة).
قوله: (لَمْ تُرَعْ [3]): هو بضَمِّ التاء، وفتح الراء، وبالعين المُهْمَلَة، مجزومٌ؛ أي: لا تفزعْ، كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ في طرَّة أصلنا: (لن تُراعَ)، وعليها (صح)، وفي أصلٍ آخَرَ من أصولي: (لن تُرَعْ)؛ مجزومٌ بـ (لن)، وهي لغة تعارضت هي و (لم) في الجزم والنصب، وقد أُنشِد شاهدٌ [4] لذلك:
لَنْ يَخِبِ الآنَ مِنْ رَجَائِكَ مَنْ حَرَّكَ مِنْ بَابِكَ الحَلَقَةْ
وأُنشِد شاهدٌ آخرُ كذلك، وقد قُرِئ شاذًّا: {أَلَمْ نَشْرَحَ} [الشرح: 1]؛ بالنصب، والله أعلم.
قوله: (فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ): أي: مبنيَّة كبناء البئر، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ الْبِئْرِ): تَقَدَّمَ ما (قرن البئر).

(1/12514)


قوله: (لَهُ قُرُونٌ): كذا في أصلنا، وفيه أيضًا نسخة: (عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ)، فيكون الضمير المذكر للشفير، ويجوز [ ... ] [5].
قوله: (وَأَرَى فِيهَا رِجَالًا مُعَلَّقِينَ): (أَرى): بفتح الهمزة، تَقَدَّمَ؛ لأنَّه من رؤية العين.
قوله: (رُؤُوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ): هو بفتح اللام، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ): هؤلاء الرجال لا أعلم أنَّه جاء في بعض طرقه تسميتُهم، والله أعلمُ بهم.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).
[2] في (أ): (المكان)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية الأصيليِّ ورواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (لَنْ تُرَاعَ).
[4] في (أ): (شاهدًا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[5] أخلى بياضًا في (أ).

(1/12515)


[باب الأخذ على اليمين في النوم]
قوله: (عَنْ ذَاتِ الْيَمِينِ): أي: ذاتَ اليمين.
==========
[ج 2 ص 794]

(1/12516)


[حديث: كنت غلامًا شابًا عزبًا ... ]
7030# 7031# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو المسنَديُّ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) بعده: هو القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (يَعْبُرُهُ لِي): هو بفتح أوَّله، وإسكان العين، كذا في أصلنا، وفي الهامش: (يُعَبِّرُهُ) [2]؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح العين، وتشديد المُوَحَّدة المكسورة، وقد تَقَدَّمَ أنَّهما لغتان، والتي في الأصل لغةُ القرآن، والثانيةُ لغةٌ معروفةٌ تَقَدَّمَت في أوَّل هذا الكتاب، قال الجوهريُّ: عَبَرتُ الرؤيا أعبُرُها عِبارةً: فسَّرتُها، قال تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]، ثمَّ ذكر: عَبَّرت؛ بالتشديد، تعبيرًا، كما تَقَدَّمَ نقلُه عنه في أوَّل (التعبير)، وذكرت كلام «المطالع»، وأنَّه بهما، وحكى اللغتين أيضًا ابنُ الأثير.
قوله: (كَأَنَّ مَلَكَانِ [3] أَتَيَانِي): تَقَدَّمَ قريبًا أنِّي لا أعرف اسميهما، وكذا قوله: (فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ): لا أعرف اسمه.
قوله: (لَمْ تُرَعْ [4]): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ معناه: لا تفزعْ، وكذا تَقَدَّمَ (مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ)، وكذا تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف (النَّاسَ) الذين رآهم ابنُ عمر فيها، ولا مَن عرف منهم، لكنَّهم من قريش، كما ذكر في الطريق التي قبل هذه، والله أعلم.
قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَ [5] عَبْدُ اللهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ هذا من قول نافع، وقول الزُّهْرِيِّ هذا منقطعٌ على قول أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين، وإن شئت؛ قلت: مرسلٌ، ومتَّصل على قول عليِّ ابن المَدينيِّ؛ وذلك لأنَّه قال: سمع من ابن عمر حديثَين فيما حَدَّثَنَا به عبد الرَّزَّاق، والله أعلم.

(1/12517)


[باب القدح في النوم]

(1/12518)


[حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه ... ]
7032# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ [1]): هو ابن سعد، الإمام المجتهد الجَوَاد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حَمْزَة بْن عَبْدِ اللهِ): بالحاء المُهْمَلَة، والزاي، وهذا مشهورٌ.
قوله: (أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ): (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة.
قوله: (فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟): تَقَدَّمَ أنَّ مِن القائلين أبا بكر الصِّدِّيقَ رضي الله عنه.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (اللَّيثُ).
[ج 2 ص 794]

(1/12519)


[باب: إذا طار الشيء في المنام]

(1/12520)


[حديث: بينا أنا نائم رأيت أنه وضع في يدي سواران من ذهب]
7033# 7034# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو صالح بن كيسان، تَقَدَّمَ، و (أَبُو [1] عُبَيْدَة بْنُ نَشِيْطٍ): هو بضَمِّ العين، وفتح المُوَحَّدة، كذا في أصلنا: (عن أبي عُبيدة)، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (صوابه: ابن)، وعليها (صح)، انتهى، ومكتوبٌ تحتها: (وهو الصواب)، ولا أعرف أنا كنيته، ثمَّ إنِّي رأيتُ بخطِّي: (أنَّه أبو عبيدة، وابن عُبَيدة، ولفظ البُخاريِّ المتَّبع، وكلاهما صواب)، انتهى، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (عن ابن عُبَيدة)، وعليها (صح)، وفي الهامش: (أبي عُبَيدة)، وعليها (خ)؛ يعني: أنَّها نسخة، والله أعلم، و (نَشِيْط): بفتح النون، وكسر الشين المُعْجَمَة، ثم مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثم طاء مهملة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عبد الله بن عُبَيدة بن نَشِيْط، أخو موسى بن عُبَيدة، يُقال: بينهما في الولادة ثمانون سنةً)، انتهى.
أبو عبيدة هذا وَثَّقَهُ غيرُ واحدٍ، وتُكُلِّمَ فيه أيضًا، وله ترجمةٌ في «الميزان»، انفرد به البُخاريُّ من بين الأئمَّة السِّتَّة، وأمَّا قول الدِّمْيَاطيِّ: (أخو موسى بن عبيدة، يُقال: بينهما في الولادة ثمانون سنةً)؛ هذا ذكره ابن الجوزيِّ الحافظُ أبو الفرج في «التلقيح»، ولفظُه: (هل تعرفون أَخَوَين تباعدا في السِّنِّ جدًّا؟ فالجواب:
[ج 2 ص 794]
أنَّ منهم موسى بن عُبَيدة الرَّبذيَّ، كان بينه وبين أخيه عبدِ الله بن عُبيدة ثمانون سنةً، وذكر قبل ذلك: هل تعرفون أبًا وابنًا تقاربا في السِّنِّ جدًّا؟ فالجواب: أنَّ منهم عمرو بن العاصي، بينه وبين ابنه عبدِ الله اثنتا [2] عشرة سنةً، قاله الشَّعْبيُّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك أنا، وقدَّمت بعضَ ترجمة أبي عبيدة في قصَّة الأسود العنسيِّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ.
قوله: (الَّتِي ذَكَرَ): فعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول أيضًا.
قوله: (ذُكِرَ لِي): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والذاكر له: هو أبو هريرة رضي الله عنه، وقد رواه ابن عَبَّاس عن أبي هريرة، قال: (قدم مسيلمةُ الكذَّاب على عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المدينةَ، فجعل يقول: إن جعل لي مُحَمَّدٌ الأمرَ من بعده؛ تَبِعْتُه ... )؛ الحديث، أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

(1/12521)


قوله: (وُضِعَ فِي يَدَيَّ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يَدَيَّ): بالتثنية، و (إِسْوَارَانِ [3]): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (إِسْوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب قصَّة الأسود العنسيِّ) في (المغازي).
قوله: (فَفُظِعْتُهُمَا): هو بضَمِّ الفاء، وكسر الظاء المُعْجَمَة المشالة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (قصَّة الأسود) في (المغازي).
قوله: (فَأُذِنَ لِي): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (قَالَ [4] عُبَيْدُ اللهِ): هو المذكور في السند ابنُ عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ، كما قدَّمته أعلاه.
قوله: (أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بالنون، في (باب وفد بني حنيفة).

(1/12522)


قوله: (الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ [5] بِالْيَمَنِ): (فيروزُ): لا ينصرف؛ للعلميَّة والعُجمة، وهو فيروزُ الديلميُّ، كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرَّحْمَن، وقيل: أبو الضَّحَّاك، قال مُحَمَّد بن سعد: مِن أهل الحديث مَن يقول: فيروزُ الديلميُّ، ومنهم مَن يقول: فيروزُ بن الديلميِّ، وهو واحدٌ، ويُقال له: الحِمْيَريُّ؛ لنزوله في حِمْيَر، وهو من أبناء الفرس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن، فنَفَوا الحَبَشَةَ عنها، واستَولَوا عليها، وفد فيروزُ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأسلم، ثمَّ قَتلَ الأسودَ العَنْسيَّ في آخر حياة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ووصل خبرُ قتله إيَّاه في مرضه عليه السَّلام الذي تُوُفِّيَ فيه، فقال عليه السَّلام: «قتله الرجل الصالح فيروزُ الديلميُّ»، وفي رواية: «قتله رجلٌ مباركٌ من أهل بيتٍ مبارَكِين»، وهذا قول كثيرين _أو الأكثرين_: أنَّ فيروزَ قَتل الأسودَ في حياته عليه السَّلام، وقال خليفةُ بن خيَّاط، والواقديُّ، وآخرون من أهل المغازي: إنَّما قتله في خلافة الصِّدِّيق سنة إحدى عشرة، ورُوِيَ: أنَّه قُتِل في زمن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وحُمِل إليه رأسُه، وأنكر الحاكمُ أبو أحمد هذا: أنَّه قُتِل في حياته، وأنَّ رأسَه حُمِل إليه، وأطنب في إنكاره والاستدلالِ على بطلانه، وقال: الصواب قولُ خليفة: (أنَّه قُتِل زمنَ أبي بكر)، ذكره في ترجمة أبي عبد الرَّحْمَن بن منده، يُقال: إنَّ فيروزَ ابنُ أختِ النجاشيِّ، روى عنه: بنوه: الضَّحَّاك، وعبد الله، وسعيدٌ، وغيرُهم، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان، وقيل: مات باليمن في خلافة معاوية سنة (53 هـ)، وجزم بهذا الذَّهَبيُّ في «كاشفه»، أخرج له الأربعةُ وأحمدُ في «المسند»، وقد ذكرت في (باب وفد بني حنيفة): أنَّه قتله فيروزُ هذا وداذويه من الأبناء وقيسُ بن مكشوح، دخلوا عليه من سرب صنعته لهم امرأةٌ كان قد غَلَبَ عليها _قد ذكرتُ في (الوفود) امرأةً ذكرَها الذَّهَبيُّ في «تجريده» سمَّاها مَرزُبانةَ، زوجة الأسود العنسيِّ، كانت صالحةً، فسَقَتْه البنجَ، وأعانتهم على قتله، انتهى، فلعلَّها المرأةُ التي غَلَبَ عليها، والله أعلم_، فوجدوه سكرانَ لا يعقل، وقيل: سبب قتله غيرُ ذلك.

(1/12523)


وداذويه اختُلِف في صحبته؛ فجزم به النَّوويُّ، وذكره أبو عمر في «استيعابه»، ولم يذكر فيه شيئًا، لكن ذكره له فيهم يدلُّ على أنَّه صحابيٌّ عنده، وقد حمَّر عليه الذَّهَبيُّ؛ فهو عنده تابعيٌّ على الصحيح.
وقيس بن مكشوح: قال أبو عمر: قيل: لا صحبةَ له، وقيل: له صحبةٌ باللقاء والرؤية، ولا أعلم له روايةً، وقد حمَّر عليه الذَّهَبيُّ؛ فهو عنده تابعيٌّ على الصحيح.
وأمَّا فيروز؛ فوَفِدَ رضي الله عنه.
وقد خرَّج النَّسائيُّ من حديث ضمرة عن يحيى السِّيبانيِّ، عن عبد الله بن فيروز، عن أبيه: (أتينا النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم برأس العنسيِّ الكذَّاب)، انتهى، وهذا ممَّا انفرد النَّسائيُّ بإخراجه من بين أصحاب الكُتُب السِّتَّة، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: لم يتابَع ضمرة بن ربيعة على قوله عن السِّيبانيِّ، عن عبد الله بن الديلميِّ، عن أبيه: أنَّه قدم على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم برأس الأسود العنسيِّ الكذَّاب، وقد روى حديثَ فيروزَ في قدومه على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وحديثه في الأشربة عن السِّيبانيِّ، عن عبد الله بن الديلميِّ، عن أبيه جماعةٌ، لم يذكر واحدٌ منهم أنَّه قدم برأس العنسيِّ الكذَّاب.
وأهل السِّيَر لا يختلفون: أنَّ الأسود العنسيَّ الكذَّابَ قُتِل في سنة إحدى عشرة، ومنهم مَن يقول: في خلافة أبي بكر، وليس ذلك عندي بصحيحٍ، والصحيحُ: أنَّه قبل وفاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنَّه خبَّره وهو مريضٌ مرضَه الذي مات منه، انتهى.
وضمرة لا أعلم فيه مقالًا، وهو ثقةٌ، والله أعلم.
قوله: (وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ): تَقَدَّمَ الكلام على مسيلمة الكذَّاب.
==========
[1] في (أ) و (ق) _وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ_: (عن أبي)، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (عن ابن).
[2] في (أ): (اثنا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (سِوَارَانِ).
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالَ).
[5] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فيروزٌ)؛ مصروفًا.

(1/12524)


[باب: إذا رأى بقرًا تنحر]
قوله: (بَابٌ: إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ): ذكر في الحديث الذي ذكره في هذه الترجمة: «وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا _وَاللهُ خَيْرٌ_، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ)، تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (باب علامات النبوَّة في الإسلام)، وأنَّه قد جاء في روايةٍ _وهي في «مسند أحمد» _: «ورأيتُ فيها بقرًا مُنَحَّرة»، وبهذه الزيادة يتمُّ تأويل الرؤيا بما ذكر، فنَحْرُ البَقَر: هو قتل الصَّحَابة رضي الله [عنهم] الذين قُتِلوا بأُحُد، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في عدد القتلى في أُحُد، و (منحَّرة) لم توافق شرطَه، فذكرها في الترجمة، وأخرج ما هو على شرطه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 795]

(1/12525)


[حديث: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل ... ]
7035# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة الحارثِ أو عامرٍ القاضي ابنِ أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرِ.
قوله: (أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُرَاه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وفي مكانٍ آخَرَ جزم بأنَّه عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (فَذَهَبَ وَهَلِي): هو بفتح الهاء، كذا ضبطه بالفتح الشيخُ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وقال: معناه: وهمي واعتقادي، وفي نسخة في هامش أصلنا: (وَهْلِي)؛ بإسكان الهاء، وعليها علامة الدِّمْيَاطيِّ، وقد ذكره ابنُ الأثير في «نهايته»، ثمَّ قال: وَهَل إلى الشيء؛ بالفتح، يَهِل؛ بالكسر، وَهْلًا؛ بالسكون؛ إذا ذهب وهمه إليه، وقد ذكرتُ هذا بأجمعه مع زيادةٍ؛ فانظره في (باب هجرة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وكذا تَقَدَّمَ (الْيَمَامَةُ) و (هَجَرٌ)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (وَاللهُ خَيْرٌ)، في (باب علامات النبوَّة في الإسلام)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (بَعْد يَوْم بَدْرٍ)؛ فانظر ذلك.

(1/12526)


[باب النفخ في المنام]

(1/12527)


[حديث: بينا أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض فوضع ... ]
7036# 7037# قوله: (قَالَ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ»): تَقَدَّمَ معناه في (الجمعة)، وتَقَدَّمَ لِمَ ذكر [1] هذا الحديثَ أوَّلًا، ثمَّ قال: (وقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، فذكرَ الشاهِدَ لِما بوَّب به.
قوله: (فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يديَّ): مشدَّد الياء، وكذا ضبطه النَّوويُّ، و (سِوَارَان): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وتَقَدَّمَ الكلام على (السِّوَار) بِلُغَاتِه، وأنَّه يُقال: سِوار، وسُوار، وأُسوار؛ بضَمِّ الهمزة، و (كَبُرَا [2] عَليَّ): (كَبُر): بفتح الكاف، وضمِّ المُوَحَّدة؛ أي: عَظُما، و (أُوحِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
[ج 2 ص 795]
قوله: (صَاحِبَ صَنْعَاءَ): (صاحبَ): بالنصب، بدلٌ من (الكَذَّابَيْنِ)؛ وهو مَنْصُوبٌ، و (صاحب صنعاء): هو الأسود الكذَّاب، وكذا (صَاحِبَ الْيَمَامَةِ): مَنْصُوبٌ أيضًا، وهو مسيلمة، تقدَّما.
==========
[1] في (أ): (ذكره).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فَكَبُرَا).

(1/12528)


[باب: إذا رأى أنه أخرج الشيء من كورة فأسكنه موضعًا آخر]
قوله: (مِنْ كُورَةٍ): هي بضَمِّ الكاف، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ راء، ثمَّ تاء التأنيث؛ وهي المدينة والصُّقع، والجمع: كُوَر، هذا لفظ «الصحاح»، وقال شيخُنا: قال صاحب «العين»: الكُوْر: الرَّحْلُ، بضَمِّ الكاف، وسكون الواو، والجمع: أكوار وكيران، وضبطه الدِّمْيَاطيُّ بخطِّه بضَمِّ الكاف، وفتح الراء، وتنوين التاء، انتهى، وما قرأتُه أنا قطُّ إلَّا كما ضبطتُه لك، وكما ضبطه الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 796]

(1/12529)


[حديث: رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس]
7038# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن أبي أويسٍ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، وأخو إسماعيل (عَبْدُ الْحَمِيدِ): ابن أبي أويس، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وما قاله عنه الأزديُّ غيرُ صحيحٍ، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (بِمَهْيَعَةَ؛ وَهْيَ الْجُحْفَةُ): (مَهْيَعة): بفتح الميم، وإسكان الهاء بعدها، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مفتوحة، ثمَّ عين، ثمَّ تاء، قال القاضي عياض في «شرح مسلم»: (ويُقال لها أيضًا: مَهِيْعَة؛ كـ «مَعِيْشَة»)، انتهى، وفي «المطالع»: («مَهْيَعة؛ وهي الجحفة»: وقيل: قريب من الجُحْفَة، وضبطها بعضهم: «مَهِيْعَة») انتهى، وقد تَقَدَّمَت.
قوله: (وَبَأَ [1] الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الوبأ) يُمَدُّ ويُقصَر مع الهمز، وقدَّمت للممدود جَمْعًا، وللمقصور المهموزِ جَمْعًا، وهل هو الطاعون أو غيرُه؛ قولان، في (الطِّبِّ) وبُعَيده، وأنَّ الصحيحَ أنَّ بينهما خصوصًا وعُمومًا.
قوله: (نُقِلَ إِلَيْهَا): (نُقِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وَباءَ)؛ بالمدِّ، وكذا في المواضع اللاحقة.
[ج 2 ص 796]

(1/12530)


[باب المرأة السوداء]

(1/12531)


[حديث: رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس]
7039# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ [1] الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه منسوبٌ إلى جدِّه، وأنَّه بفتح الدال المُشَدَّدة، اسمُ مفعولٍ، و (فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهذا مشهورٌ، و (مُوسَى): هو ابن عقبة، أحد الأعلام.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق) وهامش «اليونينيَّة» من نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا أبو بكرٍ).
[ج 2 ص 796]

(1/12532)


[باب المرأة الثائرة الرأس]
قوله: (ثَائِرَةَ الرَّأْسِ): تَقَدَّمَ ما (الثائر الرأس)، وكذا تَقَدَّمَ أعلاه (مَهْيَعَة)، وتَقَدَّمَ (الوَبَأ)، وتقدَّمت (الْجُحْفَةُ).
==========
[ج 2 ص 796]

(1/12533)


[حديث: رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة]
7040# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ): هذا هو عبد الحميد بن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابنُ أختِ مالكٍ، أخو إسماعيل، تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّ ما قاله الأزديُّ عنه في جرحه لا يصحُّ عنه، والله أعلم، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن بلال.
قوله: (ثَائِرَةَ الرَّأْسِ): تَقَدَّمَ ما (ثائر الرأس)، وكذا تَقَدَّمَت (مَهْيَعَة) أعلاه، وكذا (الجُحْفَةَ) وضبطها، وكذا (الوَبَأ)، و (نُقِلَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12534)


[باب: إذا هز سيفًا في المنام]

(1/12535)


[حديث: رأيت في رؤيا أني هززت سيفًا فانقطع صدره]
7041# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْن عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه الحارث أو عامر القاضي، و (أَبُو مُوْسَى): تَقَدَّمَ مرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ، وتَقَدَّمَ أنَّ (أُرَاهُ)؛ بضَمِّ الهمزة بمعنى: أظنُّه، وأنَّه جزم به في غير هذا المكان.

(1/12536)


[باب من كذب في حلمه]
قوله: (فِي حُلُمِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحُلُم) قريبًا، وأنَّه (حُلْم) و (حُلُم).
==========
[ج 2 ص 796]

(1/12537)


[حديث: من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين]
7042# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذُ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ كيسانَ.
قوله: (مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُْمٍ لَمْ يَرَهُ؛ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ ... )؛ الحديث: إن قيل: ما الحكمة في كونه يُكلَّف أن يَعقِدَ بين شعيرتين، ولِمَ لا يُكلَّف [1] أن يَعقِد بين غيرهما؟ والجواب: أنَّه قال قولَ مَن لا يشعر؛ أي: يعلم؛ لأنَّه لو كان يشعر ما قال؛ ما قال ما قال، فلمَّا أنَّه قال ذلك؛ كُلِّفَ أن يَعقِد بين ما هو مشتقٌّ من جنس ما جهله، وهما الشعيرتان، والله أعلم، وقال شيخُنا: لمَّا كان المنامُ من الشُّعور، وكذب فيه؛ فناسب فيه ذكر الشعير دون غيره؛ إعلامًا له من لفظه، انتهى.
فإن قيل: الكاذب في منامه لا يزيد على كذبه في يقظته؛ فلِمَ زادت عقوبته ووعيده وتكليفه عقد الشعيرتين؟ قيل: قد صحَّ في الخبر: (أنَّ الرؤيا الصادقةَ جزءٌ من النبوَّة)، والنبوَّة لا تكون إلَّا وحيًا، والكاذب في رؤياه يدَّعي أنَّ الله عزَّ وجلَّ أَراه ما لم يَره، وأعطاه جُزءًا من النبوَّة لم يُعطِه إيَّاه، والكاذبُ على الله أعظمُ فِريةً ممَّن كذب على مخلوقٍ، أو على نفسه، قاله برمَّته ابنُ الأثير في «نهايته».
وممَّا يؤيِّد ما قاله ابنُ الأثير ما قاله الحافظُ شمسُ الدين ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّة في «شرح منازل السائرين»: قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: (رؤيا المؤمن كلامٌ يُكَلِّم اللهُ به عبدَه في النوم)، وكذا عزاه ابن القَيِّمِ إلى عُبادة في كتاب «الروح»، وزاد: (وقاله غيرُ عبادة)، انتهى.
وأمَّا أنا؛ فرأيته حديثًا مرفوعًا إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لكن لا أدري من حديث مَنْ مِن الصَّحَابة، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (كتاب التعبير) أنِّي رأيتُه من حديث عُبادة مرفوعًا في «نوادر الأصول».

(1/12538)


قوله: (صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): (صُبَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآنُكُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الآنُك): بهمزة ممدودة، ثمَّ نون مضمومة، ثمَّ كاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الآنُك: الرَّصَاص الأبيضُ، وقيل: الأسود، وقيل: الخالص منه)، انتهى، وهذا أخذه من «النهاية»، وزاد فيها: (ولم يجئ على «أفعُل» واحدًا غير هذا، فأمَّا «أشُدُّ»؛ فمختَلَفٌ فيه هل هو واحدٌ أو جمعٌ، وقيل: يحتمل أن يكون «الآنُك» «فاعُلًا» لا «أفعُلًا»، وهو أيضًا شاذٌّ)، انتهى لفظه.
وفي «الصحاح»: (الآنُك: الأُسْرُبُّ)، كذا في نسختي بـ «الصحاح» مشدَّد الباء، وفيه نظرٌ؛ إذ في «القاموس» لشيخِنا العلَّامةِ مجدِ الدين: (والأُسْرُبُ؛ كـ «قُنْفُذ»)، ثمَّ ذكر الجوهريُّ الحديثَ، ثمَّ قال: (و «أفعُل» من أبنية الجمع، ولم يجئ عليه الواحد إلَّا «آنُك» و «أشُدُّ»)، انتهى.
قوله: (وَقَالَ قُتَيْبَةُ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غيرَ أنَّ الغالبَ أخْذُه ذلك عنه
[ج 2 ص 796]
في حال المذاكرة، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.
قوله: (قَوْلَهُ): أي: مِن قوله، وهو مَنْصُوبٌ بنزع الخافض، ومعنى ذلك: أنَّه [2] موقوفٌ على أبي هريرة، لا مَرْفُوعٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ ... ) إلى آخره: أمَّا (شعبة)؛ فشعبة، وأمَّا (أبو هاشم الرُّمَّانيُّ)؛ فهو بالراء المضمومة، كان ينزل قصر الرُّمَّان بواسط، فنُسب إليه، كذا ذكره غيرُ واحد من الحُفَّاظ، واسمه يحيى بن دينار، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، وقيل في اسمه نفسِه: نافع، أخرج له الجماعةُ، ووَثَّقَهُ أحمدُ وابنُ معين، وقال أبو حاتم: كان فقيهًا صدوقًا، تُوُفِّيَ سنة (122 هـ)، ذكره في «الميزان» تمييزًا، قال ابن قُرقُول: وأبو هاشم الرُّمَّانيُّ؛ بالراء المغفلة: وقع عند الطرابلسيِّ في «البُخاريِّ» بالزاي مكسورة، وهو تصحيفٌ؛ إنَّما الزِّمانيُّ عبدُ الله بن معبد الزِّمانيُّ، تفرَّد به مسلمٌ، انتهى.

(1/12539)


وتعليق شعبة هذا لا أعلمه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: وتعليقُ أبي هاشم أخرجه الإسماعيليُّ من حديث وُهَيب عن خالدٍ في «صحيحه» من حديث شعبة، عن أبي هاشم، عن عكرمة، وحديثُ خالدٍ الموقوفُ أخرجه الإسماعيليُّ من حديث وُهَيب، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «مَن صوَّر صورة ... »؛ الحديث، ومن حديث عبد الوهَّاب، عن خالد، عن عكرمة ... ؛ فذكره مرفوعًا، انتهى.
قوله: (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (قولَه) مَنْصُوبٌ بنزع الخافض؛ أي: من قوله، وأنَّ معناه: أنَّه موقوفٌ على أبي هريرة، لا مَرْفُوعٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (حَدَّثَنِا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ): (إسحاق) هذا: هو ابن شاهين، أبو بِشْر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، قاله الجَيَّانيُّ كذلك بعد أن ذكر أنَّه ورد كذلك في مواضعَ من «البُخاريِّ»، وقد ذكرتُها أنا قبلَ هذا، قال الجَيَّانيُّ: وقد نسبه ابن السكن في أكثر هذه المواضع من «الجامع»، قال أبو نصر الكلاباذيُّ في «كتابه»: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ، سمع خالد بن عبد الله، روى عنه: البُخاريُّ في (الصَّلاة) وفي غير موضعٍ، فلم يزد على أن قال: (حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ)، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في «المدخل»، انتهى.
وقد قَدَّمْتُ أنَّ (خالدًا) الأوَّل: هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان، ومن ترجمته: أنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مَرَّاتٍ بزنته فضَّةً، و (خالدٌ) الثاني: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان.
قوله: (تَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على خالد الحَذَّاء، و (هشام): هو ابن حسَّان القُردوسيُّ البصريُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، أخرج له الجماعةُ، ومتابعة هشام لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا.
قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (قولَه) مَنْصُوبٌ بنزع الخافض، وأنَّ معناه: من قوله؛ يعني: أنَّه موقوفٌ عليه، لا مَرْفُوعٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

(1/12540)


[حديث: من أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تر]
7043# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ): هذا هو عليُّ بن مسلم الطُّوسيُّ، أبو الحسن، عن هُشَيم، ويوسف ابن الماجِشُون، وغيرِهما [1]، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، صدوق، وقال النَّسائيُّ: لا بأسَ به، مات سنة (253 هـ)، أخرج له مَن روى عنه من أصحاب الكتب، و (عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث.
قوله: (مِنْ أَفْرَى الْفِرَى): (الفِرى): جمع (فِرية)؛ وهي الكذبة، و (أفرى): (أفعل) التي للتفضيل؛ أي: أَكْذَبُ الكَذِب أن يقول: رأيتُ في النوم كذا، ولم يكن رأى شيئًا؛ لأنَّه كذب على الله عزَّ وجلَّ؛ فأنَّه هو الذي يرسل مَلَك الرؤيا ليُرِيَه المنامَ، قاله ابن الأثير، وقد تَقَدَّمَ ما قاله عُبادة بن الصامت، وأنِّي رأيتُه حديثًا مرفوعًا، وفي «المطالع»: («مِن أَفْرَى الفِرى»؛ أي: من أشدِّ الكَذِب، والفِرية: الكذب، يُقال منه: فَرِي؛ بالكسر، يفرِي فِريةً؛ إذا كذب).
==========
[1] في (أ): (ونحوهما)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 797]

(1/12541)


[باب: إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها]
قوله: (فَلَا يُخْبِرْ بِهَا): (يخبرْ): مجزومٌ بـ (لا) الناهية، و (يَذْكُرْهَا): مجزومٌ معطوفٌ عليه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 797]

(1/12542)


[حديث: الرؤيا الحسنة من الله]
7044# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (فَتُمْرِضُنِي): هو مضموم الأوَّل، ومكسور [1] الراء، رُباعيٌّ، وكذا المكان الثاني، وهذا غايةٌ في الظهور.
قوله: (سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأصحُّ: الحارث بن رِبْعِيٍّ الأنصاريُّ، رضي الله عنه.
قوله: (فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ [2] الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا): تَقَدَّمَ ماذا يصنعه في الرؤيا المكروهةِ، وأنَّه ينفث عن شماله، ويستعيذ بالله مِن شرِّها وشرِّ الشيطان، ولا يُخبِر بها أحدًا، وأن يتحوَّل عن جنبه الذي كان عليه، وأن يقومَ يصلِّي، والسادسة: أنَّه يقرأ آيةَ الكرسيِّ، كما قاله الداوديُّ في رواية، وأيًّا [3] فَعَلَ من المذكورات؛ دُفِع به شرُّها، والله أعلم.
قوله: (لَنْ تَضُرَّهُ): تَقَدَّمَ معناه.

(1/12543)


[حديث: إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله فليحمد الله ... ]
7045# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَه عبدُ العزيز بن أبي حَازم سلمةَ بنِ دينار، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد، و (عَبْد اللهِ بْن خَبَّابٍ): بالخاء المُعْجَمَة، ثمَّ موحَّدتَين بينهما ألف الأولى مُشَدَّدة، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنِي).
[ج 2 ص 797]

(1/12544)


[باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب]
قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ): (العابر): اسم فاعل من (عَبَر)، فاستعمل هنا لغةَ القرآن، وقد تَقَدَّمَ أنَّه قال في أوَّل هذا (كتاب التعبير)، فاستعمل الأخرى، ولغةُ القرآن أفصحُ، وقوله: (إذا لم يُصِب): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الصاد، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وفي هذا التبويب مع الحديث ردٌّ على الحديث الذي فيه: (الرؤيا لأوَّل عابرٍ على رِجْل طائر)؛ يعني: أنَّها على رِجل قَدَرٍ وقضاءٍ ماضٍ من خيرٍ أو شرٍّ، وأنَّ ذلك هو الذي قسمه الله لصاحبها، من قولهم: اقتسموا دارًا فطار لهم سهمُ فلانٍ في ناحيتها؛ أي: وقع سهمُه وخرج، وكلُّ حركة من كلمةٍ أو شيءٍ تجري لك؛ فهو طائرٌ، والمراد: أنَّ الرؤيا هي التي يُعَبِّرُها المُعَبِّر الأوَّل، فكأنَّها كانت على رِجل طائرٍ، فسقطت ووقعت حيث عُبِّرَت؛ كما يسقط الذي يكون على رِجلِ طائرٍ بأدنى حركةٍ، وهذا الحديثُ ذكره أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وفي سنده: وكيع بن عُدس عن عمِّه، لا يُعرَف، تفرَّد عنه يعلى بن عطاء.
==========
[ج 2 ص 797]

(1/12545)


[حديث ابن عباس: أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا]
7046# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، وأنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه إلَّا أنَّه جاء في بعض الأحاديث من حديث أبي هريرة رواه ابن عَبَّاس: أنَّه من الأنصار، كما رواه ابن أبي عاصم، كما عزاه شيخُنا إليه في (الأيمان والنذور).
قوله: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ): قال ثعلبٌ والجمهورُ: (رأيت الليلةَ): من الصباح إلى زوال الشمس، ومن الزوال إلى الليل: (رأيت البارحة)، وقد ثبت في «صحيح مسلم» في آخر (كتاب الرؤيا) متَّصلًا بـ (كتاب المناقب) عن سَمُرة بن جندب قال: كان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا صلَّى الصبح؛ أقبل علينا بوجهه، فقال: «هل رأى [أحدٌ] منكم البارحة رؤيا؟»، هكذا هو في جميع النسخ: (البارحة)، فيُحمَل قول ثعلبٍ والجمهورِ على أنَّ ذاك حقيقةٌ، وهذا مجازٌ، وإلَّا؛ فقولهم مردودٌ بهذا الحديث، والله أعلم، قاله الشيخ محيي الدين في «تهذيبه»، وقد قدَّمته قريبًا.
قوله: (ظُلَّةً): (الظُّلَّة): السحابةُ.
قوله: (تَنْطفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ): (تنطف): بضَمِّ الطاء وكسرها؛ أي: تقطر.
قوله: (يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا): أي: يأخذون بأكُفِّهم.
قوله: (وَإِذَا سَبَبٌ): (السَّبَبُ): الحبل.
[ج 2 ص 797]
قوله: (وَاصِلٌ): يعني: موصولًا.
قوله: (ثُمَّ وُصِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (لَتَدَعَنِّي، فَأَعْبُرَهَا): هو بقطع الهمزة، وهو مَرْفُوعٌ؛ وتقديره: فأنا أعبُرُها، وكذا هو في أصلنا، وعليه: (صح)، وهو أبلغ في الأدب مِن أن يُجْعَل جوابًا، والله أعلم.

(1/12546)


قوله: (أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا): اختلف العلماء في معناه؛ فقال ابن قُتَيْبَة وآخرون: معناه: أصبت في بيان تفسيرها، وصادفتَ حقيقةَ تأويلها، وأخطأت في مبادرتك لتفسيرها من غير أن آمرك به، وقال آخرون: هذا الذي قاله ابن قُتَيْبَة وموافقوه فاسدٌ؛ لأنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد أذن له في ذلك، وقال: «اعبرها»، وإنَّما أخطأ في ترك تفسير بعضها، فإنَّ الرَّائي إذا قال: «رأيتُ ظُلَّة تنطف السَّمن والعسل»، ففسَّره الصِّدِّيق رضي الله عنه بالقرآن؛ حلاوته ولينه، وهذا إنَّما هو تفسير العسل، وترك تفسير السَّمن، وكان حقُّه أن يقول: القرآن والسُّنَّة، وإلى هذا أشار الطَّحاويُّ، وقال آخرون: الخطأ وقع في خلع عثمان رضي الله عنه؛ لأنَّه ذكر في المنام أنَّه أخذ بالسَّبب، فانقطع به، وذلك يدلُّ على انخلاعه بنفسه، وفسَّره بأنَّه يأخذ به رجل، فينقطع به، ثمَّ يُوصَل، فيعلوُ، وعثمان قد خُلِع قهرًا وقُتِل، ووُلِّي غيرُه، فالصَّواب في تفسيره: أن يحمل وَصْلُه على ولاية غيره من قومه، وقال آخرون: الخطأ في سؤاله ليُعَبِّرها، انتهى ما قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وفي كلام بعضهم: والذي انقطع به ووُصِلَ عمرُ؛ لأنَّه لمَّا قُتِل؛ وُصِل بأهل الشُّورى، وبعثمان، انتهى، وفيه نظر؛ لأنَّ الذي انقطع به هو الثَّالث، لا الثاني، والله أعلم، وقال الإمام الرَّافعيُّ في كتاب «التَّدوين في تاريخ قزوين» في ترجمة عبيد الله بن مُحَمَّد بن عبد اللَّطيف الخجنديِّ ما لفظه: (والصَّحيح في تفسيره: ما أشار إليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في حديثٍ آخرَ)، ثمَّ ذكر حديث عبد الله بن عمرو _وهو ابن العاصي_ بإسناده: (أنَّه رأى في المنام كأنَّ في إحدى أصابعه عسلًا، وفي الأخرى سمنًا، وكان يلعقهما، فأصبح ذكر ذلك للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «إن عشت؛ قرأت الكتابين؛ التَّوراة والفرقان»، فكان يقرؤهما، وكان من حقِّه أن يحمل السمن على التوراة، والعسل على القرآن، ويدلُّ عليه قولُه: [«فالمستقلُّ والمستكثر»]: فالمستقلُّ: أهل التَّوراة، والمستكثر: أهل القرآن)، والحديث الذي أشار إليه ذكرتُ مَن رواه في (باب ما ذُكِر في الأسواق)، والذي قاله الإمام الرَّافعيُّ حَسَنٌ، غير أنَّه يكون تأويل الرُّؤيا سلفَ بعضُه؛ وهو الأخذ بالتوراة، فالرؤيا لماضٍ ولآتٍ، والله أعلم.

(1/12547)


قوله: (لَا تُقْسِمْ): قال بعضهم: دليل على أنَّ إبرار القسم إنَّما يجب في أمر يجوز الاطِّلاع عليه دون ما لا يجوز، ألا تُراه منعه القسم [2] فيما اتَّصل بعلم الغيب الذي لم يجز الاطِّلاع عليه، انتهى، والذي رأيته لغيره أنَّ فيه دليلًا على أنَّ إجابة القسم مُستحبَّة ليست بواجبة، ولو كانت واجبة؛ لأجابه.

(1/12548)


[باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح]

(1/12549)


[حديث: إنه أتاني الليلة وإنهما ابتعثاني ... ]
7047# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ): (مُؤمَّل)؛ بضَمِّ الميم الأولى، وتشديد الميم الثانية المفتوحة، اسم مفعول من (أمَّله)؛ إذا رجاه، ويجوز أن يقال: أمَله؛ بالتَّخفيف وبالتَّشديد؛ إذا رجاه، و (عَوْفٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي جَمِيلة الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَبُو رَجَاءٍ): هو العطارديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عمران بن مِلحان، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، وقد تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (سَمُرَةُ بْنُ جُنْدبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الدال وفتحها، صحابيٌّ مشهور.
قوله: (مِمَّا يُكْثِرُ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مِنْ رُؤْيَا): تَقَدَّمَ أنَّها غير مُنَوَّنة: (فُعْلى).
قوله: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ): هذان (الآتيان) هما: جبريل وميكائيل، كما في «البُخاريِّ» في (الجنائز).
قوله: (ابْتَعَثَانِي): أي: أيقظاني مِن منامي.
قوله: (وَإِذَا هُوَ يُهْوِي [2]): هو بضَمِّ أوَّله، وفي نسخة: بفتح أوَّله، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (هوى وأهوى)، وأنَّهما لغتان، قريبًا وبعيدًا.

(1/12550)


قوله: (فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ): (يَثْلَغ)؛ بفتح المُثَنَّاة تحت، ثمَّ ثاء مُثَلَّثَة ساكنة، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ غين معجمة، و (رأسَه): مَنْصُوبٌ مفعول، ومعنى (يثلغ): يشقُّ، ويشدخ، ويفضخ، قال ابن قُرقُول: (ومثله: إذا يثلغوا رأسي، ومن رواه بعين مهملة؛ فقد صحَّف)، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ (فَيَتَدَهْدَهُ [3] الْحَجَرُ)، وكذا (الكَلُّوب)، وكذا (يُشَرْشِرُ)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (شرشره: شقَّقه وقطعه) انتهى، وهذه عبارة ابن الأثير، وكذا قاله غيره، و (شِدْقَهُ) تَقَدَّمَ، وكذا (وَمَنْخِرَهُ)، وأنَّه بفتح الميم، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ خاء معجمة مكسورة؛ وهو ثقب الأنف، وقد تكسر الميم؛ اتباعًا لكسرة الخاء، كما قالوا: مِنتِن، وهما نادران؛ لأنَّ (مِفْعِلًا) ليس في الأبنية، و (المنخور) لغةٌ فيه، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عمران بن مِلحان، وقيل: اسم أبيه غير ذلك، وتَقَدَّمَ الكلام على (اللَّغَط)، و (ضَوْضَوْا)؛ بضادين معجمتين مفتوحتين، بعد كلِّ واحدة واوٌ ساكنة، و (الضوضأة) و (الضوضو): كلُّه ارتفاع الأصوات واختلاطها، وقد ضوضأ الناس، وضبطه بعض الشيوخ: ضَوْضَؤوا، والأوَّل أصوب، قاله ابن قُرقُول، وفي «الصِّحاح» في (المعتلِّ): (الأصمعيُّ: الضَّوَّة: الصوت والجَلَبة، يقال: سمعت ضَوَّة القومِ، وأبو زيد مثله، والضَّوْضَأَة: أصوات النَّاس وجلبتهم، يقال: «ضَوضَوا»؛ بلا همز)، انتهى، وتَقَدَّمَ (النَهر): أنَّه بفتح الهاء وإسكانها، و (أَحْمَرَ)؛ بفتح الرَّاء، وهو مجرور، علامة الجرِّ فيه الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف، و (مِثْلِ [4]): مجرور، وهذا ظاهِرٌ، و (يَسْبَحُ)؛ بفتح المُوَحَّدة، مفتوحٌ في المستقبل وفي الماضي؛ كـ (منَعَ)، و (شَطِّ النَّهَرِ)؛ بفتح الشين المُعْجَمَة، وتشديد الطاء المُهْمَلَة: جانبه، و (يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ)؛ بالموحَّدة المفتوحة، وقد تَقَدَّمَ، و (يَفْغَر)؛ بفتح الياء المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثمَّ فاء ساكنة، ثمَّ غين معجمة مفتوحة، ثمَّ راء؛ أي: يفتح فاه، يقال: فغر فاه: فتحه، وفغر فوه؛ أي: انفتح، يتعدَّى ولا يتعدَّى، قاله الجوهريُّ، وكذا قال ابن القطَّاع في «أفعاله»، ولفظه: (فغر فمَه فَغْرًا، وأفغره: فتحه، وفغر هو: انفتح)، و (يُلقِمُهُ)؛ بضَمِّ أوَّله، وكسر القاف، رُباعيٌّ، و (يَسْبَحُ)؛ بفتح المُوَحَّدة، وقد تَقَدَّمَ، و (فَغَرَ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه ومعناه.

(1/12551)


و (كَرِيهِ الْمَرْآةِ): هو بفتح الميم، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ همزة ممدودة، ثمَّ تاء، وهي المنظر، وفي «الصِّحاح»: (والمَرآة: على مَفْعَلَةٍ؛ بالفتح: المنظر الحسن، يقال: امرأة
[ج 2 ص 798]
حسنةُ المَرآة والمَرأى، كما يقال: حسنة المَنظرة والمَنظر، وفلان حسن في مَرآةِ العين؛ أي: في المَنظر)، وفي «النهاية» ما لفظه: (وفي حديث الرُّؤيا: رجل كريه المرآة [5]؛ أي: قبيح المنظر، يقال: رجل حسن المرأى [6] والمرآة، وحسن في مرآة العين، وهي «مَفْعَلة» من الرؤية) انتهى، وقوله: (مَرْآة): هي بفتح الميم، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ همزة ممدودة، ثمَّ تاء، تَقَدَّمَ قريبًا.
و (يَحُشُّهَا)؛ بفتح أوَّله، ثمَّ حاء مهملة مضمومة، ثمَّ شين معجمة مُشَدَّدة، ويجوز ضمُّ أوَّله، وكسر الحاء، والباقي مثله في الأوَّل، قال ابن قُرقُول: (أي: يُلهِبُها، يقال: حشَّها وأحشَّها وأحمشها)، انتهى، ولم يذكر الجوهريُّ غير (حششتُ النَّار أحشُّها حَشًّا: أوقدتها)، وكذا ابن الأثير في «نهايته»، و (مُعْتَمَّةٍ)؛ بضَمِّ الميم، ثمَّ عين مهملة ساكنة، ثمَّ مُثَنَّاة فوق، ثمَّ ميم مُشَدَّدة مفتوحتين، ثمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: (يقال للنَّبْت إذا طال: قد اعتمَّ) انتهى، وفي «المطالع»: (أي: تامَّة النَّبات مجتمعة)، وفي «الصِّحاح» في (عمَّ): (واعتمَّ النَّبت: اكتهل، ويقال للشابِّ إذا طال: اعتمَّ)، انتهى، قال الدِّمْيَاطيُّ: (يقال للنَّبت إذا طال: اعتمَّ، والنَّور: الزَّهر، نوَّرت الشَّجرةُ؛ إذا أخرجت نَورها) انتهى، و (النَّور)؛ بفتح النُّون، و (ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ)؛ أي: بينها، (قطُّ): تَقَدَّمَت اللُّغات فيها، و (ارْقَ فِيهَا)؛ بهمزة وصل _فإن ابتدأت بها؛ كسرتها_ ساكن الرَّاء، مفتوح القاف، فعل أمرٍ بالرُّقِيِّ، و (اللَّبِن)؛ بكسر المُوَحَّدة، ويجوز تسكينها، و (فُتِحَ لَنَا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (كَأَحْسَنِ) و (كَأَقْبَحِ)؛ بالجرِّ فيهما؛ لأنَّهما أُضِيفا، وما لا ينصرف إذا أُضِيف أو دخله الألف واللَّام؛ انجرَّ بالكسرة.

(1/12552)


و (كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ): (كأنَّ): مِن أخوات (إنَّ)، و (ماءَه): اسمها، و (المحضُ): مَرْفُوعٌ الخبر، و (المَحْض)؛ بفتح الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، وبالضاد المُعْجَمَة: اللَّبَن الخالص، وفي «الصِّحاح»: («المحض»: اللَّبن الخالص الذي لم يخالطه الماء حلوًا كان أو حامضًا، ولا يسمَّى اللَّبن محضًا إلَّا إذا كان كذلك)، وقوله: (فِي أَحْسَنِ): هو مجرور بالإضافة، كما تَقَدَّمَ، وقوله: (فَسَمَا بَصَرِي): أي: ارتفع، و (صُعُدًا)؛ بضَمِّ الصاد والعين المُهْمَلَتين، مُنَوَّن، قال ابن قُرقُول: («فسما بصري صُعُدًا»: كذا لهم، وعند الأصيلي: «صُعَداء»، والأوَّل أبين؛ أي: سما وارتفع طالعًا، وأمَّا الصُّعَداء؛ فمن التَّنفُّس)، انتهى، و (الرَّبَابَة البيضاء)؛ بفتح الراء، ثمَّ مُوحَّدتين مُخفَّفتين، بينهما ألفٌ، وبعد الثَّانية تاءُ التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: («الرَّبابة»: السحابة التي ركب بعضها بعضًا)، انتهى، وهذه عبارة «النِّهاية»، وبنحوه لابن قُرقُول، وفي «الصِّحاح»: و (الرَّباب؛ بالفتح: السَّحاب أبيض، ويقال: إنَّه السَّحاب الذي تراه كأنَّه دون السحاب، وقد يكون أبيضَ، وقد يكون أسودَ، الواحدة: رَبابة)، انتهى، وقوله: (فَأَدْخُلَهُ): هو مَنْصُوبٌ على جواب الأمر، وهذا ظاهِرٌ، وقوله: (أَمَّا الآنَ؛ فَلَا): (أمَّا)؛ بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وقوله: (أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ): (أمَا)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّا)؛ بكسر الهمزة؛ لأنَّها ابتدائيَّة؛ لأنَّ (أمَا) بمنزلة (أَلَا).
وقوله: (وَأَمَّا الرَّجُلُ): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (يَرْفضُهُ)؛ بضَمِّ الفاء وكسرها؛ لغتان مشهورتان؛ ومعناه: يتركه، و (يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شدقُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (مِنْخَرُهُ): تَقَدَّمَ أعلاه وبعيدًا في (الجنائر)، و (الْكذْبَة)؛ بفتح الكاف وتُكسَر، وأنكر بعضُهم الكسر إلَّا إذا أراد الحالة والهيئة، و (الآفَاق): النَّواحي.
قوله: (فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ): قائل ذلك لا أعرفه، أو لا أعرفهم.

(1/12553)


قوله: (وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ»): تَقَدَّمَ أنَّ في هذه المسألة عشرةَ أقوال ذكرتُها في (الجنائز)، وهذا هو الصحيح، والله أعلم أنَّهم في الجنَّة بهذا النَّصِّ، وقد قَدَّمْتُ الكلام على أولاد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وأولاد المسلمين.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثني).
[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَهْوي)؛ بفتح الياء، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.
[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي، ورواية «اليونينيَّة»: (فَيَتَهَدْهَدُ)، وهي رواية ابن عساكر من نسخة.
[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (يَحْنِي).
[5] في (أ): (الرآة)، وهو تحريفٌ.
[6] في (أ): (الرآى)، وهو تحريفٌ.

(1/12554)


((92)) (كِتَابِ الْفِتَنِ) ... إلى (كِتَاب الأَحْكَامِ)
فائدةٌ: روى الإمام أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل في «مسنده» حديثًا بإسناده إلى أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «كلُّ شيء ينقص إلَّا الشَّرَّ؛ فإنَّه يُزاد فيه»، فيه رجل مُبهَم مجهول، وقد روى زكريَّا بن يحيى الكنانيُّ أبو يحيى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما بخبرٍ باطلِ، الإسنادُ إليه ظلماتٌ، ساقه الخطيب في «أصحاب مالك»، والمتن: (لا يزال الخيرُ في انتقاص، والشَّرُّ في زيادة)، ذكره الذَّهَبيُّ في ترجمة يحيى هذا في «ميزانه».
تنبيهٌ: الحديث المرويُّ بين الناس: (لا تكرهوا الفتن؛ فإنَّ فيها حصادَ المنافقين)، رأيت في سؤال سُئِلَ عنه ابن تيمية أبو العَبَّاس ذكر فيه أحاديث؛ منها: (لا تكرهوا الفتن؛ فإنَّ فيها حصادَ المنافقين)، قال فيه: هذا ليس معروفًا عنه، انتهى، وذكره شيخنا الشارح في أوائل «شرح هذا الكتاب»، ثمَّ ذكر شيئًا، ثمَّ قال: (ففيه إِبطالٌ للحديث)، فذكر هذا الحديث، وقال في (كتاب الفتن) من «شرح هذا الكتاب» في (باب التَّعوُّذ من الفتن): (وهذا خلاف ما رُوِي عن بعض مَن قصر علمه أنَّه قال: «اسألوا الله الفتنة، فإنَّ فيها حصادَ المنافقين»، وزعم أنَّ ذاك مرويٌّ عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو حديث لا يثبت، والصَّحيح: خلافُه من رواية أنسٍ وغيره عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كما نبَّه عليه ابن بَطَّال)، انتهى.
ثانيةٌ: اعلم أنَّ الذين قعدوا عن القتال في الفتن التي جرت بين الصَّحَابة من الصَّحَابة: مُحَمَّد بن مسلمة، وأبو بكرةَ نُفَيع بن الحارث، وعبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، وأسامة بن زيد، وأبو ذرٍّ جندب بن جنادة _كذا عُدَّ فيهم، وفيه نظر؛ لما سيأتي قريبًا جدًّا_ وحذيفة بن اليماني، وعمران بن الحُصَين، وأبو موسى الأشعريُّ، وأهبان بن صيفيٍّ، وسعد بن أبي وقَّاص_ وفي «البُخاريِّ»: (لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ؛ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ عمرو بن الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ، ولَمْ يَزَلْ بِهَا إلى قبل أَنْ [1] يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ»، فهذا يُعدُّ أيضًا_، وغيرُهم، ومن التَّابعين: شريح، والنَّخَعيُّ، وغيرهما، وأبو ذرِّ تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين قبل وقوع الفتن، فعدُّه فيهم فيه نظرٌ، والله أعلم.

(1/12555)


ثالثةٌ: في كتاب «الجامع لأخلاق الرَّاوي والسَّامع» للخطيب: أنَّ ابن معين قال: (هذه الأحاديث التي يحدِّثون بها في الفتن وفي الخلفاء: تكون وتكون ... ؛ كلُّها كذبٌ وريحٌ، لا يعلم هذا أحد إلَّا بوحي، وقال الإمام أحمد: ثلاثة كتب ليس لها أصل: المغازي، والملاحم، والتفسير)، قال شيخنا: (وهو كما قال الخطيب محمولٌ على وجه أنَّ المراد: كتب مخصوصة غير مُعتَمَد عليها، وأمَّا كتب الملاحم؛ فجميعها بهذه الصِّفة، وليس يصحُّ في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غيرُ أحاديثَ يسيرةٍ)، انتهى.

(1/12556)


[باب ما جاء في قول الله تعالى {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا}]

(1/12557)


[حديث: أنا على حوضي أنتظر من يرد علي]
7048# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ): هو بكسر المُوَحَّدة، و (السَّرِيُّ)؛ بفتح السين، وكسر الراء، وتشديد الياء، بوزن (عَلِيٍّ)، و (السَّريُّ): الشريف على (فَعيل)، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ _وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صحابيٌّ_ ابن عبد الله بن جُدعان التَّيميُّ، و (أَسْمَاءُ): هي بنت أبي بكر عبد الله بن عثمان الصِّدِّيق، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وذكرت أنَّ وفاتها بعد وفاة ابنها عبد الله بن الزُّبَير بيسيرٍ رضي الله عنهم.
قوله: (فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ [1] دُونِي): تَقَدَّمَ من هؤلاء النَّاس في (سورة المائدة).
قوله: (مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى): تَقَدَّمَ ما (القهقرى).
قوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مُترجَمًا.
قوله: (أَوْ نُفْتَنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مِن).
[ج 2 ص 799]

(1/12558)


[حديث: أنا فرطكم على الحوض.]
7049# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (مُغِيرَة): هو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.
[ج 2 ص 799]
قوله: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط)، وأنَّه بفتح الفاء والرَّاء.
قوله: (وَليُرْفَعَنَّ [1] إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ): (يُرفعنَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رجالٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (إليَّ): جارٌّ ومجرور.
قوله: (إِذَا أَهْوَيْتُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أهوى وهوى).
قوله: (اخْتُلِجُوا دُونِي): (اختُلِجوا): بضَمِّ التاء، وكسر اللَّام، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ معناه.

(1/12559)


[حديث: أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه]
7050# 7051# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه سلَمة بن دينار.
قوله: (أَنَا فَرَطُكُمْ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط)، وتَقَدَّمَ أعلاه ضبطُه.
قوله: (لَمْ يَظْمَأْ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة ساكنة في آخره، وتَقَدَّمَ في معناه قولان؛ أحدهما: أنَّه مَن شرب منه؛ لا يدخل النار، أو وإن دخل النَّار؛ فإنَّه لا يظمأ فيها، والله أعلم.
قوله: (لَيَرِدُ): هو مَرْفُوعٌ، واللَّام؛ للتَّأكيد، وهي مفتوحة، وإنَّما رُفِع؛ لأنَّه لم يتقدَّمه ناصب ولا جازم.
قوله: (قَالَ أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه واسمه واسم أبيه، وقبل ذلك ترجمتُه.
قوله: (النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا عيَّاش)؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.
قوله: (عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ الخدريُّ.
قوله: (سُحْقًا سُحْقًا): تَقَدَّمَ الكلام على (سُحقًا)؛ ومعناه: بُعْدًا.

(1/12560)


[باب قول النبي: «سترون بعدى أمورًا تنكرونها»]

(1/12561)


[حديث: إنكم سترون بعدي أثرةً وأمورًا تنكرونها]
7052# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (عَبْد اللهِ) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (أثرَةً): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي.
==========
[ج 2 ص 800]

(1/12562)


[حديث: من كره من أميره شيئًا فليصبر]
7053# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْد الوَارِث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة، الحافظ، و (الْجَعْد) بعده: قال الدِّمْيَاطيُّ: (هذا هو الجَعْد بن دينار اليشكريُّ البصريُّ الصَّيرفيُّ، اتَّفقا عليه وعلى الجَعْد بن عبد الرَّحْمَن بن أوس، ويقال في هذا: جُعَيد، وليس في «الصَّحيحَين» جَعْد غيرُهما) انتهى، بل ليس في الكُتُب السِّتَّة مِن الرواة جَعْد غيرُهما، وليس في «ابن ماجه» أحدٌ منهما، وسيأتي هذا الحديثُ من طريق الجَعْد فيما يلي هذا، وقال فيه: (عن الجَعْد أبي عثمان)؛ وهو ابن دينار، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه العطارديُّ، وسيأتي ذلك قريبًا جدًّا فيما يلي هذا، وتَقَدَّمَ أيضًا أنَّ اسمه عمران بن مِلحان، وقيل في اسم أبيه غير ذلك.
قوله: (مِيتَةً جَاهِلِيَّةً): (المِيتة)؛ بكسر الميم؛ أي: على حالة موت الجاهليَّة مِن الضَّلال والفُرقة.
==========
[ج 2 ص 800]

(1/12563)


[حديث: من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه]
7054# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبه عَارمٌ.
==========
[ج 2 ص 800]

(1/12564)


[حديث: بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا]
7055# 7056# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله، أحدُ الأعلام، و (عَمْرو): هو عمرو بن الحارث المصريُّ الأنصاريُّ مولاهم، أحد الأعلام، وجدُّه اسمه يعقوب، و (بُكَيْر): هو ابن الأشجِّ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ [1])؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة، ووقع في أصلنا القاهريِّ: (بشر)؛ بإعجام الشين، وهو تصحيف، وقد ضبَّبتُ عليه، ونبَّهت عليه في الهامش.
قوله: (حَدِّثْ بِحَدِيثٍ؛ يَنْفَعْكَ اللهُ بِهِ): (ينفعْك): مجزوم، جواب الأمر، ويجوز رفعُه [2].
قوله: (أَنْ بَايَعَنَا): هو بفتح همزة (أَنْ)، وفتح العين، والضَّمير مفعولٌ في (بايعنا).
قوله: (فِي مَنْشَطِنَا): (المَنْشَط)؛ بفتح الميم، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ طاء مهملة، وهو (مَفْعَل)؛ من النَّشاط، وهو الأمر الذي يُنشَط له، ويُخفُّ إليه، ويُؤثَر فعلُه، وهو مصدرٌ بمعنى: النشاط؛ ومعناه: الشيء المحبوب.
قوله: (وَمَكْرَهِنَا): هو بفتح الميم، والكاف ساكنة، والرَّاء مفتوحة، ثمَّ هاء، وهو مصدر كالذي قبله؛ ومعناه: الشيء المكروه.
قوله: (وَأثرَةٍ عَلَيْنَا): تَقَدَّمَ ما (الأثرة)، وضبطها.
قوله: (بَوَاحًا): هو بفتح المُوَحَّدة، وتخفيف الواو، وبالحاء المُهْمَلَة؛ أي: ظاهرًا لا يحتمل التأويلَ، وفي «المطالع» ما لفظه: (وفي «مسلم»: «إلَّا أن تروا معصية بَرَاحًا»: كذا قيَّدته عن كتاب الخشنيِّ، وعند غيره من شيوخنا: «بواحًا»؛ بالواو، ومعناهما قريب؛ أي: ظاهرًا [3] بيِّنًا؛ أحدهما: من البرح؛ وهو الظهور والانكشاف، والثاني: من البوح؛ وهو الظهور أيضًا، والآخر: مِن «بُحْتُ بالأمر»؛ إذا أظهرته)، انتهى، وهذا لا ينبغي أن يُذكَر في هذا الكتاب؛ لأنَّه مُتعلِّق بـ «مسلم»، لا بـ «البُخاريِّ»، وإنَّما كتبته؛ لأنِّي رأيت بعضهم قال في (بواحًا): ويُروى بالرَّاء، فصريحه: أنَّ هذا متى ورد؛ فيه روايتان، وهذا إنَّما يُروى في «مسلم»، لا في «البُخاريِّ»، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (إنَّما هو بُسْر؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، ثم سين مهملة، ولا أعلم أحدًا في الكتب الستة يقال له: بشر بن سعيد؛ بالإعجام، والله أعلم).
[2] وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

(1/12565)


[3] في (أ): (ظاهر)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 800]

(1/12566)


[حديث: إنكم سترون بعدي أثرةً، فاصبروا حتى تلقوني]
7057# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعينَين مفتوحتَين، بعد كلِّ عين راءٌ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعد الثانية تاءٌ، و (أُسَيْد بْن حُضَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّه بضَمِّ الهمزة، وفتح السين، وأنَّ والده بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الضاد المُعْجَمَة.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرجل) لا أعرفُه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (تَقَدَّمَ أنَّ القائل أُسَيدٌ الرَّاوي)، والمراد بـ (فُلَان): عمرو بن العاصي.
قوله: (أثرَةً): تَقَدَّمَ ضبطُها، وما هي.
==========
[ج 2 ص 800]

(1/12567)


[باب قول النبي: «هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء»]
قوله: (أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ): (الغلام): معروف، وتصغيره: غُليم، والجمع: غِلمة وغِلمان، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (أُغَيلِمة)، وأنَّه تصغير (أغلمة)، جمع (غلام)، في القياس، ولم يَرِدْ في جمعه: أَغْلمة، وإنَّما قالوا: غِلمة، ومثله: أُصَيْبِيَة، تصغير (صِبْية)، ويريد بـ (الأغيلمة): الصبيان؛ ولذلك صغَّرهم، وسيأتي قريبًا مَن هم.
==========
[ج 2 ص 800]

(1/12568)


[حديث: هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش]
7058# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ): وفي هامش أصلنا نسخة بعد (سعيد): (ابن عمرو بن سعيد)، وكتب _بعد (سعيد) الثَّاني_ الدِّمْيَاطيُّ الحافظ: (ابن العاصي
[ج 2 ص 800]
بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، أبو أميَّة الكوفيُّ، سمع جدَّه أبا عثمان سعيد، اتَّفقا على الجدِّ، وانفرد البُخاريُّ بعَمرو بن يحيى، انتهى.
قوله: (وَمَعَنَا مَرْوَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه مروان بن الحكم الأمويُّ، وُلد سنة اثنتين، ولم يصحَّ له سماع، ولا رؤية، له عن عثمان وبُسرة، وعنه: عروة، ومجاهد، وعليُّ بن الحسين، دولته تسعة أشهر وأيَّام، تُوُفِّيَ في رمضان سنة (65 هـ)، وتملَّك ابنه عبد الملك، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، له أعمال موبقة، نسأل الله السلامة، رمى طلحةَ بن عُبيد الله أحدَ العشرةِ بسهم، فمات منه، وفعل وفعل، له ترجمة يسيرة في «الميزان».
قوله: (عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الغلمة) قريبًا.
قوله: (غِلْمَةً): مَنْصُوبٌ مُنَوَّن، ويجوز رفعه مع التنوين.
قوله: (قَالَ [1] أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ: بَنِي فُلاَنٍ وَبَنِي [2] فُلاَنٍ؛ لَفَعَلْتُ): قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (وكأنَّهم _والله أعلم_ يزيدُ بن معاوية، وعبيدُ الله بن زياد، ومن ينزل منزلتهم من أحداث ملوك بني أُمَيَّة، فقد صدر عنهم مِن قَتْل أهل بيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وسَبْيِهم، وقَتْلِ خيار المهاجرين والأنصار بالمدينة وبمكَّة وغيرهما، وغيرُ خافٍ ما صدر عن الحَجَّاج وسليمان بن عبد الملك وولده من سفك الدماء، وإتلاف الأموال، وإهلاك الناس بالحجاز والعراق وغير ذلك) انتهى، وقال بعض حفَّاظ مصر المُتَأخِّرين: (بني مروان وبني معاوية)، انتهى.
قوله: (فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا): قائل ذلك هو عَمرو بن يحيى بن سعيد، و (جدُّه): سعيد بن عمرو بن سعيد.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالَ).
[2] (بني): كتب فوقها في (أ): (نسخة)، وهي مثبتةٌ في رواية ابن عساكر.

(1/12569)


[باب قول النبي: «ويل للعرب من شر قد اقترب»]

(1/12570)


[حديث: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب]
7059# قوله: (سَمِعَ الزُّهْرِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (زَيْنَب بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَت، ربيبة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأبوها: أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، وأمُّها: أمُّ سلمة هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزومية، أمُّ المؤمنين، و (أُمُّ حَبِيْبَة): هي بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة، أمُّ المؤمنين، واسمها رملة، و (زَيْنَب بِنْت جَحْشٍ): هي أمُّ المؤمنين، تقدَّمنَّ رضي الله عنهنَّ، و (زينبُ) هذه: أمُّها أميمةُ بنت عبد المُطَّلِب، فهي بنت عمَّة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فهؤلاء ثلاث صحابيَّات يروي بعضهنَّ عن بعض، وهذا الحديث في «مسلم» في أوَّل (كتاب الفتن) كذلك، ثمَّ عقَّبه بإسناد آخر، فقال: (وحَدَّثَنَا أبو بكر ابن أبي شيبة، وسعيد بن عَمرو الأشعثيُّ، وزُهير بن حرب، وابن أبي عمر؛ قالوا: حَدَّثَنَا سفيان عن الزُّهْرِيِّ بهذا الإسناد)، وزادوا في الإسناد عن سفيان، فقالوا: عن زينب بنت أمِّ سلمة، عن حبيبة، عن أمِّ حبيبة، عن زينب بنت جحش، فاجتمع فيه أربع صحابيَّات يروي بعضهنَّ عن بعض؛ ربيبتان وزوجتان، و (حبيبة) هذه: هي بنت عُبيد الله بن جحش الذي تنصَّر في الحبشة.
فائدةٌ: جمع الحافظ أبو الحَجَّاج يوسف بن خليل الدِّمَشْقيُّ تسعة أحاديثَ في جزء فيه أربعة من الصَّحَابة يروي بعضهم عن بعض، وفي آخرِ هذه الأحاديث حديثٌ يرويه خمسة من الصَّحَابة، وقد سمعت هذا الجزء بحلب من أصحاب أَصحاب ابن خليل، وسمعته بالقاهرة على بعض أصحاب الدِّمْيَاطيِّ بإجازته منه بسماعه من ابن خليل، وهو حديث رواه عبد الله بن عمرو بن العاصي، عن عثمان، عن عمر بن الخَطَّاب، عن أبي بكر الصِّدِّيق، عن بلال، رضي الله عنهم، عنه عليه السَّلام: «الموت كفَّارة لكلِّ مسلم»، وقد ذكرته أيضًا فيما مضى في (كتاب الأنبياء) قُبَيل ذكر إبراهيم عليه السَّلام، ولكن بَعُد العهد به، وأفاد شيخنا: أنَّ الحافظ أبا موسى الأصبهانيَّ جمع هذا النوع أيضًا وخماسيَّهم، وهذا المشار إليه قبلَ الحافظِ ابن خليل، وسيأتي بأطول من هذا قريبًا.
قوله: (مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ): تَقَدَّمَ فيما مضى قولان في هذا (الشرِّ).
قوله: (فُتِحَ الْيَوْمَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12571)


قوله: (يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (كتاب الأنبياء) قُبَيل ذكر إبراهيم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهما يُهمَزان ولا يُهمَزان، وقد قُرِء بهما في السَّبع.
قوله: (وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِئَةً): أمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عُيَيْنَة المذكور في السَّند، قد جزم فيما يأتي بـ (تسعين) وفي (كتاب الأنبياء) أيضًا، فإذن الصواب من أحد الشَّكَّين: (تسعين) [1]، وفي «مسلم»: (وعقد سفيان بيده عشرة)، هكذا وقع في رواية سفيان عن الزُّهْرِيِّ، ووقع بعده في رواية يونس عن الزُّهْرِيِّ: (وحلَّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها)، وفي حديث أبي هريرة بعده: (وعقد بيده تسعين)، فأمَّا روايتا يونس وسفيان؛ فمتَّفقتان في المعنى، وأمَّا رواية أبي هريرة؛ فمخالفة لهما؛ لأنَّ عقد التسعين أضيق من عقد العشرة، قال القاضي: لعلَّ حديث أبي هريرة متقدِّم، فزاد قدرَ الفتحِ بعد هذا القدر، قال: أو يكون المرادُ التقريبَ بالتَّمثيل، لا حقيقةَ التَّحديد، انتهى، قال شيخنا: وروى نعيم بن حَمَّاد في «كتابه» عن ابن عُيَيْنَة، عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن زينب بنت جحش، وفيه: (وعَقَد ثنتي عشرة) انتهى، فيحتاج إلى التَّوفيق بين الروايات، فـ (عشرة) و (تسعين) تَقَدَّمَ الجمع بينهما، وبقيت رواية: (ثنتي عشرة)، والله أعلم، قال شيخنا: وليس عَقْدُ التسعين في الحساب مثل التَّحليق، كما نبَّه عليه ابن التِّين، وقد تَقَدَّمَ، قال ابن الأثير: (في «حلق وعقد عشرًا»؛ أي: جعل إصبعيه كالحَلْقة، وعَقْدُ العشر من مواضَعَات الحُسَّاب، وهو أن يجعلَ رأس إصبعه السَّبَّابةِ في وَسَط إصبعه الإبهام، ويعمَلَها كالحَلْقة) انتهى، وكذا ذكر شيخنا عن الدَّاوديِّ كما ذكر ابن الأثير، ثمَّ اعترضه وقال: (قد عُلِم من مقالة أهل العلم بالحساب: أنَّ صفة عقد التسعين أن يثنيَ السَّبَّابة حتَّى يعود طرفُها عند أصلها من الكفِّ، ويُعلِّق عليه الإبهام) انتهى.
قوله: (أَنَهْلِكُ): هو بكسر اللام، وهذا مَعْرُوفٌ.
قوله: (إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ): هو الزِّنى، وقيل: أولاد الزِّنى، وقد جاء في حديث آخر: «ويكثر الزِّنى»، ويقال فيه: خِبْثَةٌ، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[1] كتب فوقها في (أ) من نسخة: (تسعون)، وصحَّحها.
[ج 2 ص 801]

(1/12572)


[حديث: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر]
7060# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظُ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): هو محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ)؛ بميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنةٌ، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (عَلَى أُطُمٍ): هو بضَمِّ الهمزة والطَّاء المُهْمَلَة: بناءٌ مرتفعٌ، وجمعه: آطامٌ، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 801]

(1/12573)


[باب ظهور الفتن]

(1/12574)


[حديث: يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح]
7061# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عيَّاشًا) هذا: بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقد نبَّهتُ على عَبَّاس بن الوليد؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وكم هو مذكور في مكانٍ من «البُخاريِّ» فيما مضى، و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الزُّهْرِيُّ)، و (سَعِيد): هو ابن المُسَيّب.
قوله: (يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ) قيل: هو دنوُّه من السَّاعة، وقيل: قِصَر الأعمار، وقيل: قِصَر الليل والنهار، وقيل: تقارب الناس في الأحوال، وقلَّة الدِّين والعلم، وعدم التفاضل في الدِّين والعلم، والأمرِ بالمعروف، والنَّهيِ عن المنكر، ويكون أيضًا يُردي ويسوء؛ لما ذكره من كثرة الفتن وما يتبعها، قاله في «المطالع».
[ج 2 ص 801]
قوله: (وَيُلْقَى الشُّحُّ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ [2]، وهو بإسكان اللَّام، و (الشُّحُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الشُّحُّ): هو البُخْل وشِدَّة الحِرص، ورجلٌ شَحيحٌ وشَحَاحٌ، وشَحِحتُ أشَحُّ وأشُحُّ شَحًّا؛ بالفتح، والاسم: الشُّحُّ؛ بالضَّمِّ، وقيل: الشحُّ عامٌّ؛ كالجنس، والبُخْل خاصٌّ في أفراد الأمور؛ كالنوع له، قاله في «المطالع»، وفي «القاموس»: «الشَّحُّ» مُثَلَّثَة: البُخْل والحِرص، وشَحِحْتَ _ بالكسر_ به وعليه، تَشَحُّ، وشَحَحْتَ تَشُحُّ وتَشِحُّ، وهو شَحَاحٌ وشَحيحٌ وشَحْشَحٌ وشَحْشاحٌ وشَحْشَحانُ، وقومٌ شِحاحٌ وأشِحَّةٌ وأشِحَّاءُ، وفي «الصِّحاح»: «الشحُّ»: البُخْل مع الحِرص؛ أي: يُجْعَل في القلوب، ويُطْبَع عليها، وهذا الضبط مشهور، وهو الذي قدَّمه ابن قُرقُول على ما هو مقتضى كلامه، فإنَّه ذكر معنى هذا، ثمَّ ذكر ما يأتي، قال ابن قُرقُول: [وضبطناه] على أبي بحرٍ: (ويُلَقَّى)؛ مشدَّدُ القاف؛ بمعنى: يُعْطَى ويُسْتَعمل به الناس ويُحْمَلون [3] عليه؛ كما قيل في قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} [فصلت: 35]: أي: يُعْطَاها، وقيل: يُوفَّق لها، وفي «تذكرة القرطبيِّ» الروايتان في (يلقى)، وذكر معنى التخفيفِ: يُتْرَك؛ لإفاضة المال وكثرته ... إلى أن قال: ولا يجوز أن يكون (يُلْفى)؛ بمعنى: يوجد؛ يعني: بالفاء؛ لأنَّ الشُّحَّ ما زال موجودًا قبل تقارب الزمان، انتهى.

(1/12575)


قوله: (وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ): تَقَدَّمَ، وقد فسَّره رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في هذا الحديث نفسِه بـ (الْقَتْل).
قوله: (أَيُّمَ هُوَ؟): كذا في أصلنا، وفوقها: (أيُّما هو؟)، والأولى: مُشَدَّدة الياء مفتوحة الميم، قال ابن قُرقُول: كذا وجدتُه مضبوطًا بخطِّه بفتح الياء، وإسكان الميم، وأظنُّه وهمًا، الصواب: (آيَّمَ هذا؟) أو (أيَّمَ هذا؟): كذا ضبطه الأصيليُّ، وعند ابن أبي صفرة: (أيْمَ هذا؟) بسكون الياء، وفتح الميم، وفتح الهمزة على كلِّ حال، وهما لغتان؛ تشديد الياء وإسكانها، مفتوح الميم، قاله الخَطَّابيُّ، وهي كلمة استفهام، قال الحربيُّ: هي (أيٌّ)، و (ما): صلةٌ، قال الله تعالى: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص: 28]، و {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]، وقال ابن الأثير: (أيْمَ هو؟)؛ يريد: ما هو؟ وأصله: أيُّ ما هو؟ أي: [أيُّ] شيءٍ هو؟ فخَفَّفَ الياء، وحَذَف الألف، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَقَالَ يُونُسُ، وَشُعَيْبٌ [4]، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، وأمَّا (شعيب)؛ فهو ابن أبي حمزة، وأمَّا (اللَّيث)؛ فهو ابن سعد، وأمَّا (ابن أخي الزُّهْرِيِّ)؛ فاسمه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، وأمَّا (حُمَيد)؛ فهو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ» (حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن عن أبي هريرة)؛ فهو الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَريُّ، وأنَّ البُخاريَّ لم يرو للحِمْيَريِّ عن أبي هريرة، إنَّما روى مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المُحرَّم»؛ فاعلمه.

(1/12576)


وتعليق يونس به أخرجه مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس به، وأخرجه أبو داود في (الفتن) عن أحمد بن صالح، عن عَنْبسة بن خالد، عن يونس به، وأمَّا تعليق شعيب به؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عن أبي اليمان عن شعيب، وأخرجه مسلم في (القدر) عن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدارميِّ عن أبي اليمان به، وأمَّا تعليق الليث به؛ فلم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، وقال شيخنا: رواه أبو بكر عن ابن المبارك عنه، انتهى، وما عرفتُ مَن هو أبو بكر؟ قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ عن تعليق الليث: (هو في «الأوسط» للطَّبرانيِّ، وكذا تعليق ابن أخي الزُّهْرِيِّ، والذي ذكره شيخنا عن ابن المبارك أراد بـ «أبي بكر»: أبا بكر ابن أبي شيبة، فإنَّه أخرجه في «مصنَّفه» عن ابن المبارك عن يونس عن الزُّهْرِيِّ، فأوهَمَ شيخَنا أنَّ ابن المبارك رواه عن اللَّيث، وليس كذلك؛ فليُعلَم)، كتبه ابن حجر، انتهى، وأمَّا تعليق ابن أخي الزُّهْرِيِّ به؛ فلم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).
[2] في (أ): (فله)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ) تبعًا لمصدره: (ويحملوا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (شُعَيْبٌ وَيُونُسُ).

(1/12577)


[حديث: إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل]
7062# 7063# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلمة، أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأمير.
قوله: (وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ): (يُرفع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العلمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ): تَقَدَّمَ ما (الهرج) أعلاه.
==========
[ج 2 ص 802]

(1/12578)


[حديث: إن بين يدي الساعة أيامًا يرفع فيها العلم]
7064# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، تَقَدَّمَ ضبط جدِّه مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيقٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه أبو وائل شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ.
قوله: (يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ): (يُرفع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العلمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
7065# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، سليمانُ بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس.
قوله: (وَالْهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْقَتْلُ): وقد فسَّره هنا أنَّه بلسان الحبشة: القتل، قال في «المطالع»: فقوله: (بلسان الحبشة): من بعض الرواة، وإلَّا؛ فهي عربيَّة صحيحة، انتهى، والذي قاله صحيحٌ، وفي بعض طرق «الصَّحيح» فيما يأتي قريبًا: (قال أبو موسى: والهرج بلسان الحبشة: القتل)، فعلى هذا؛ تكون اللغتان اتَّفقتا، والله أعلم.

(1/12579)


[حديث: بين يدي الساعة أيام الهرج يزول العلم]
7066# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في «الصِّيام»، و «سورة اقتربت»، وفي «كتاب الطلاق»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا غُنْدُر»، لم ينسب أحدٌ من شيوخنا مُحَمَّدًا في شيءٍ من هذه المواضع، ولعلَّه: مُحَمَّد بن بَشَّار، وإن كان مُحَمَّد بن المثنَّى يروي عن غُنْدُر، وذكر أبو نصر: أنَّ بُنْدَارًا ومُحَمَّد بن المثنى الزَّمِنَ ومُحَمَّد بن الوليد التُّستَريَّ قد روَوا [1] عن غُنْدُر في «الجامع الصحيح»، انتهى، ولم يذكر هذا المكان، والظاهر أنَّه لو رآه كذلك؛ لقال فيه ما قال في الأبواب المذكورة، وقد راجعتُ «أطراف المِزِّيِّ»، فرأيته ذكره: مُحَمَّد بن بَشَّار، ومقتضى كلامه أنَّه كذلك جاء، وليس هو موضَّحًا، والله أعلم، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (وَاصِل): هو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، الأسديُّ الأحدب، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (قَالَ أَبُو مُوسَى: وَالْهَرْجُ: الْقَتْلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه؛ فانظره.
7067# قوله: (وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَاصِم) بعده: هو ابن أبي النَّجود بَهْدَلة، أحدُ القرَّاء السَّبعة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه شقيق بن سلمة، و (الأَشْعَرِيُّ): هو أبو موسى عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار، وتعليق أبي عوانة _فيما ظهر لي أنَّه تعليق_ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجْه شيخنا.

(1/12580)


قوله: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: [سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ]: مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: هو إخبار عن [أنَّ] الكفَّار والمنافقين شرارُ [2] الخلق، [وهم] حينئذٍ أحياء إذ ذاك، قاله ابن التِّين، قال ابن بَطَّال: وهو وإن كان لفظه العمومَ؛ فالمراد به الخصوص، ومعناه: أنَّ الساعة تقوم في الأغلب والأكثر على شرار الناس؛ بدليل قوله عليه السَّلام: «لا تزال طائفة من أمَّتي على الحقِّ منصورة، لا يضرُّها من ناوَأَها حتَّى تقوم الساعة»، فدلَّ هذا الخبر أنَّ الساعة أيضًا تقوم على قومٍ فضلاء، وأنَّهم في صبرهم على دِينهم كالقابض على الجمر، وقد ذكر عليه السَّلام فَضْلَهم في أحاديثَ جمَّةٍ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام في قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لا تزال طائفة من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم ... »، إلى أن قال: «حتَّى [3] يأتي أمر الله»، وذكرت هناك أنَّ الصحيح: أنَّ المراد بـ (أمر الله): الريح التي تأتي من اليمن، تقبض روح كلِّ مؤمن [4] ومؤمنة، ولا تقوم الساعة إلَّا على شرار الخلق، ولا تقوم على من يقول: الله الله، فالذي يظهر تأويل ما ذكره ابن بَطَّال أيضًا، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (روى)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[2] في (أ): (وشرار)، والمثبت من مصدره.
[3] زيد في (أ): (حتَّى)، وهو تكرار.
[4] في (أ): (مؤمنة)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 802]

(1/12581)


[باب: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه]
قوله: (بَابٌ لَا يَأْتِي زَمَنٌ [1] إِلَّا والَّذِي [2] بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ... )؛ الحديث: سُئل الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، فقيل له: ما بالُ زمن عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحَجَّاج، فقال: لا بدَّ للناس من تنفُّسٍ؛ يعني: أنَّ الله عزَّ وجلَّ يُنَفِّس عبادَه وقتًا ما، ويكشف البلاء عنهم حينًا، وهذا جوابٌ حسنٌ، وقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: إنَّ
[ج 2 ص 802]
المراد به: في الدين، لا في غيره، انتهى، كذا أُخبِرتُ عنه، ولم أره في كلامه، وكلا الكلامين [3] في كلِّ واحدٍ منهما مجازٌ، والله أعلم، ثمَّ إنَّي رأيت كلام ابن مسعود رواه البُخاريُّ في غير «الصحيح» عن سُنَيْدٍ: حَدَّثَنَا يحيى بن زكريَّا، عن مجاهدٍ، عن الشَّعْبيِّ، عن مسروق، عن عبد الله: «ليس عامٌ إلَّا والذي بعده شرٌّ منه، لا أقول: عامٌ أمطرُ من عامٍ، ولا عامٌ أخصَبُ من عامٍ، ولا أميرٌ خيرٌ من أميرٍ، ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم، ثمَّ يحدُثُ قومٌ يقيسون الأمورَ برأيهم، فينهدم الإسلام وينْثَلمُ»، ويحتمل أن يكون هذا مرادَ أنسٍ، وهو قريب مما نُقل لي عن ابن القَيِّمِ، والله أعلم، و (سُنيد): لم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا في «صحيحه»، والله أعلم.
تنبيهٌ: قول العامَّة في الأسواق يعزونه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (كلُّ عامٍ ترذلون)، لا أعرفه أنا حديثًا، ويعطي معناه حديث أنسٍ المتقدِّم، والله أعلم.

(1/12582)


[حديث: اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه]
7068# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البيكنديُّ، وعنه البُخاريُّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (الزُّبَيْر بْن عَدِيٍّ): بالدَّال.
قوله: (مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ): (الحَجَّاج): أشهر من أن يُتَرْجَم، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في (كتاب الحجِّ).
قوله: (لَا يَأْتِي [1] زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي [2] بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيْكُم).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الذي)؛ بلا واو.
[ج 2 ص 803]

(1/12583)


[حديث: سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن وماذا أنزل من الفتن]
7069# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ، و (أَخُوه): هو عبد الحميد بن أبي أويس، أبو بكر، تَقَدَّمَ مترجمًا، وما قاله الأزديُّ عنه باطلٌ، و (مُحَمَّد بْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق التيميُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا، وهذا المكان هو مقرونٌ فيه بشعيب بن أبي حمزة، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ، و (هِنْد بِنْت الحَارِث الفِرَاسِيَّة): تَقَدَّمَت [1] مترجمة، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَت، وأنَّها تُوفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.
قوله: (فَزِعًا): هو بكسر الزاي، اسم فاعل، ونصبه على الحال.
قوله: (رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌٍ فِي الآخِرَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (عارية): يجوز جرُّه مع التنوين، ورفعُه معه، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (تَقَدَّمَ)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 803]

(1/12584)


[باب قول النبي: «من حمل علينا السلاح فليس منا»]

(1/12585)


[حديث ابن عمر: من حمل علينا السلاح، فليس منا]
7070# قوله: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/12586)


[حديث أبي موسى: من حمل علينا السلاح، فليس منا]
7071# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الرَّاء، وأنَّه بريد بن عبد الله بن أبي بردة الحارثِ _أو عامرٍ_ ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

(1/12587)


[حديث أبي هريرة: لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح]
7072# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): قال أبو عبد الله الحاكم: (مُحَمَّد عن عبد الرزَّاق): هو الذُّهليُّ، وأمَّا أبو عليِّ ابن السَّكن؛ فنسب الذي في (كتاب العتق): مُحَمَّد بن سلام، ونسبة الحاكم أشبه، وأهمل الذي في (كتاب الفتن)؛ يعني: هذا، ولم يقل أبو نصر في (مُحَمَّد عن عبد الرزاق) شيئًا، انتهى، هذا ملخَّصٌ من كلام الجَيَّانيِّ أبي عليٍّ، وقال شيخنا: (مُحَمَّد): هو ابن سلام، انتهى، ولم ينسبْهُ المِزِّيُّ، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الصنعانيُّ، و (أبو هريرة): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمَشْقيِّ: بإثبات الياء، وهو خبرٌ ومعناه النهي، وهو أبلغ من النهي المجرَّد، والله أعلم.
قوله: (لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ): (ينزِع)؛ بكسر الزاي وبالعين المُهْمَلَة، وبفتح الزاي مع الغين المُعْجَمَة، ومعناهما متقارِبٌ، فمعناه بالمُهْمَلَة: يرمي، وبالمُعْجَمَة أيضًا: يرمي ويُفْسِد، وأصل (النَّزغ): الطَّعن والفساد، قاله النَّوويُّ في «رياضه» في أواخر (المَنْهيَّات)، وقال ابن قُرقُول: «ينزع في يده»: يرمي، كأنَّه يدفع به، ويحقِّقُ إشارته، ومن رواه بالغين المُعْجَمَة؛ فمعناه: يقرُّ به [2]، ويحمله على تحقيق الضرب عندما يجذب عند اللَّعب والهزل، ونزغُ الشيطان: إغواؤه وإغراؤه، انتهى.
قوله: (فَيَقَع): هو بالنَّصب والرفع.

(1/12588)


[حديث: أمسك بنصالها.]
7073# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: ابنُ عُيَيْنَة، و (عَمرو): هذا الذي كنيته (أبو مُحَمَّد): هو عَمرو بن دينار.
قوله: (مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِي الْمَسْجِدِ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه.
قوله: (أَمْسِكْ): هو بقطع الهمزة المفتوحة، وكسر السين رُباعيٌّ.
قوله: (قَالَ: نَعَمْ): القائل (نعم): هو عمرو بن دينار، أحد الأعلام، المَكِّيُّ.
فائدةٌ: إذا قرأ الطالب على الشيخ، وسكت الشيخ على ذلك، وهو غير مُنْكِر له مع إصغائه وفهمه، ولم يُقِرَّ باللفظ بقوله: نعم، وما أشبه ذلك؛ فذهب جمهورُ الفقهاء والمُحدِّثِين والنُّظَّار _كما قاله القاضي عياض_ إلى صحَّة السَّماع، وأنَّ ذلك غيرُ شرطٍ، وقال: إنَّه الصَّحيح، قال: وشَرَطَه بعضُ الظَّاهِرِيَّة، وبه عمل جماعة من مشايخ أهل المشرق، وقال ابن الصَّلاح: وقطع به أبو الفتح سُليم الرازيُّ، وأبو إسحاق الشيرازيُّ، وأبو نصر بن الصبَّاغ من الشَّافِعيِّين، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ ذلك أيضًا.
==========
[ج 2 ص 803]

(1/12589)


[حديث: أن رجلًا مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها]
7074# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، كما تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (قَدْ أَبْدَى): هو معتلٌّ؛ أي: أظهر، وليس بمهموز، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/12590)


[حديث: إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على .. ]
7075# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): هو جدُّه، واسمه: الحارث _وقيل: عامر_ ابن عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار أبي موسى الأشعريِّ.
==========
[ج 2 ص 803]

(1/12591)


[باب قول النبي: لا ترجعوا بعدى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض]
[ج 2 ص 803]
قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (يضرب) بالرفع، وأنَّه الروايةُ، وتَقَدَّمَ كلام [من] أجاز فيه الجزمَ في أوَّل هذا التعليق؛ فانظره.

(1/12592)


[حديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر .. ]
7076# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، وأنَّه بكسر الغين، وتخفيف الياء المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

(1/12593)


[حديث ابن عمر: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض]
7077# قوله: (أَخْبَرَنِي وَاقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ): (واقد) هذا: بالقاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: (واقد بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، اتَّفقا عليه، وانفرد مسلمٌ بواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ بن النعمان الأشهليِّ، لا ثالث لهما)، انتهى، وقوله: (لا ثالث لهما)؛ يعني: في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 804]

(1/12594)


[حديث أبي بكرة: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم ... ]
7078# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد قَدَّمْتُ بني سيرين كم هم، وكذا بناتُه، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بَكْرَةَ): هو عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة نُفَيْع بن الحارث.
قوله: (وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): هذا (الرجل) هو حُميد بن عبد الرَّحْمَن الحِمْيَريُّ، وقد ذكرت ذلك في (كتاب الحجِّ)؛ فراجعه.
قوله: (أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟): (أيَّ)؛ بتشديد الياء، منصوبة.
قوله: (وَأَعْرَاضَكُمْ): هو جمع (عِرْض)، وقد تَقَدَّمَ ما هو.
قوله: (وَأَبْشَارَكُمْ): هو جمع (بَشَرٍ)، و (البَشَرُ) و (البَشَرة): ظاهر جلد الإنسان.
قوله: (رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ): (مُبَلِّغ)؛ بكسر اللام المُشَدَّدة، اسم فاعل، و (يُبَلِّغه)؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح المُوَحَّدة، وكسر اللام المُشَدَّدة، كذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وهو صحيح.
قوله: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم).
قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرْفُوعٌ، وتَقَدَّمَ كلامُ مَن أجاز فيه الجزمَ في (كتاب العلم)، وأنَّ الرِّواية بالرفع.

(1/12595)


قوله: (فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ [حِينَ] حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ): (حُرِّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مُشدَّد الراء المكسورة، والوجه: أُحْرق، و (ابن الحضرميِّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (جارية بن قدامة): بالجيم وبالمُثَنَّاة تحت، تميميٌّ سعديٌّ، مُختَلَفٌ في صحبته، كذا قال الذَّهَبيُّ وغيره، وذكره الذَّهَبيُّ في «تجريده» من غير أن يذكر فيه خلافًا، بل ذكر فيه ما فيه الجزمُ بصحبته، ولفظه: (جارية بن قدامة التميميُّ السعديُّ، عمُّ الأحنف، وقيل: ابن عمِّه من بعيد، وسمَّاه عمَّه؛ توقيرًا له، وهو الذي قال له رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لا تغضب»، عس)؛ يعني: أخرج له النَّسائيُّ في «مسند عليٍّ»، وقد رَقَم عليه علامة «مسند أحمد»؛ فاعلمه، وأمَّا ابن عَبْدِ البَرِّ؛ فإنَّه ذكره في «الاستيعاب» ونَسَبَه، وذكر الاختلاف في نَسبِه، ثمَّ قال: يُعَدُّ في البَصريِّين، روى عنه أهلُ المدينة وأهل البصرة، وكان من أصحاب عليٍّ رضي الله عنه في حُروبه، وذكر هذه القصَّة، ثمَّ قال: (روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن الأحنف بن قيس: أنَّه أخبره ابنُ عمٍّ له _وهو جارية بن قدامة_: أنَّه قال: يا رسول الله؛ قل لي قولًا؛ ينفَعْني ... )؛ فذكر الحديث، وفي هذا جَزْمٌ بصحبته، والله أعلم، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: (له عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن عليٍّ، وشهد مع عليٍّ صفِّين أميرًا على بني تميم، وعنه: الأحنف والحسن البصريٌّ)، قال أحمد العِجْليُّ: تابعيٌّ ثقة، وقال غيره: كان يقال له: مُحرِّق؛ لأنَّه أحرق ابن الحضرميِّ بالبصرة، وكان معاوية قد وجَّه به إلى البصرة ينعي قتل عثمان، ويَسْتَنْفِر أهلَها على قتال عليٍّ رضي الله عنه، وكان جاريةُ شجاعًا مِقْدَامًا فاتِكًا فصيحًا، أخرج له النَّسائيُّ في «مسند عليٍّ رضي الله عنه»، كما تَقَدَّمَ، وأمَّا (ابن الحضرميِّ)؛ فاسمه عبد الله بن الحضرميِّ، حاصر جاريةُ عبدَ الله بنَ الحضرميِّ في دار سبل، ثمَّ حرَّق عليه، وكان معاوية بعث عبد الله بن الحضرميِّ؛ ليأخذ البصرة وبها زيادٌ خليفةٌ لابن عَبَّاس، فنزل عبد الله بن الحضرميِّ في بني تميم، وتحوَّل زياد إلى الأزد، وكتب إلى عليٍّ، فوجَّه إليه أعين بن ضُبَيعة المجاشعيَّ، فقُتِل، فبعث جاريةَ بنَ قدامة، والله أعلم.

(1/12596)


قوله: (أَشْرِفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ): هو بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء، رُباعيٌّ، وهو أمرٌ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): (عبد الرَّحْمَن) هذا: هو ابن أبي بكرة نُفَيع بن الحارث، و (أمُّه) التي حدَّث عنها هنا: هي أمُّ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة، ولا أعرف اسمها، أخرج لها البُخاريُّ فقط، قال في «الميزان»: (عن أبي بكرة، وعنها ابنُها، لكن خرَّج لها البُخاريُّ مع جهالة حالها)، انتهى.
قوله: (مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ): (بَهَشْتُ)؛ بفتح المُوَحَّدة، والهاء، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثمَّ تاء المتكلِّم المضمومة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: [ما] مددتُ يدي إليها، ولا تناولتها؛ لأدافعَ بها، وقيل: معناه: ما قاتلت)، انتهى، والقولان في «المطالع»، وفي «النِّهاية»: (ما أقبلت، وأسرعت إليهم أدفعهم عنِّي بقصبة)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 804]

(1/12597)


[حديث: لا ترتدوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض]
7079# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [1] بْنُ إِشْكَابَ [2]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): كذا في أصلنا القاهريِّ: (مُحَمَّد بن إشكاب)، وفيه نظر، والصَّواب: أحمد بن إشكاب، وكذا ذكره المِزِّيُّ: (أحمد بن إشكاب)، وعلى الصواب: هو في أصلٍ آخرَ لنا دمشقيٍّ ليس غير، و (مُحَمَّد): حدَّث عنه البُخاريُّ، وهو مُحَمَّد بن الحسين بن إبراهيم، قال الجَيَّانيُّ: (لم يرو له البُخاريُّ شيئًا، وقيل: إنَّه روى عنه، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (إشكاب)؛ بكسر الهمزة لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وقد قَدَّمْتُ كلام الجَيَّانيِّ، ولفظه: (ابن إشكاب، وابن إشكاب رجلان يروي البُخاريُّ عنهما؛ أحدهما: أحمد بن إشكاب أبو عبد الله الصَّفَّار، سكن مصر، قال
[ج 2 ص 804]

(1/12598)


ابن معين: أحمد بن مَعْمَر بن إشكاب الكوفيُّ بمصر، ويقال فيه: أحمد بن عبد الله بن إشكاب، سمع مُحَمَّد بن فُضَيل، يقال فيه: ابن إشكاب، وابن إشكيب، حدَّث عنه البُخاريُّ في «عمرة الحديبية»، وفي «الفتن»، وبآخرِ حديث في «الجامع»، والثَّاني: الحسين بن إبراهيم بن إشكاب البغداديُّ العامريُّ والد مُحَمَّد وعليٍّ، ويقال: إنَّ البُخاريَّ حدَّث في «الجامع» عن ابنيه مُحَمَّد وعليٍّ عنه)، انتهى، قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه مُحَمَّد بن إشكاب ما لفظه: (أبو جعفر مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم بن الحرِّ بن زغلان العامريُّ، النَّسائيُّ الأصلِ، البغداديُّ، أخو أبي الحسن عليٍّ الأكبر، و (إشكاب) لقبٌ لأبيهما الحسين، روى عن مُحَمَّد بن إشكاب البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وُلِد سنة إحدى وثمانين ومئة، ومات يوم الثُّلاثاء يوم عاشوراء سنة إحدى وستِّين ومئتين، وروى عن أخيه عليٍّ الأكبر أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، مات لأربع بقين من شوَّال سنة إحدى وستِّين ومئتين، وفي هذه السَّنة مات مسلم في رجب منها، ومات البُخاريُّ قبلهم ليلة السَّبت يوم الفطر سنة ستٍّ وخمسين ومئتين)، انتهى، وما قاله هذا الحافظ الدِّمْيَاطيُّ صحيح في نفسه، لكن الرَّجلُ المذكورُ هنا إنَّما هو أحمد بن إشكاب، لا مُحَمَّد بن إشكاب الذي نسبه الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم، وإن كان (مُحَمَّد بن إشكاب) روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه» لكن مقرونًا في (عُمرة القضاء)، وأمَّا أخوه عليٌّ؛ فأخرج له أبو داود، وابن ماجه، ولم يخرِّج له الباقون شيئًا، وقد تَقَدَّمَ كذلك في كلام الدِّمْيَاطيِّ، لكن لم أرهم رقموا عليه: (س)، ولا (ن) كما وقع في كلام الدِّمْيَاطيِّ، لكن عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» قال: روى عنه أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، فقلَّده الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم، و (مُحَمَّد بن فُضَيل)؛ بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد.
قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّمَ أنَّ الرواية بالرَّفع، وتَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق مَن أجاز فيه الجزمَ بتقدير شرطٍ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَحْمَدُ)، وكتب في هامش (ق): (صوابه: أحمد بن إشكاب).
[2] في «اليونينيَّة»: (إشكابٍ)، مصروفٌ.

(1/12599)


[حديث جرير: لا ترجعوا بعدي كفارًا]
7080# قوله: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ): هو اسم فاعل مِن (أدرك)، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ بْن عَمْرو بْن جَرِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم، وقيل غير ذلك، وجدُّه (جَرِيْر): هو ابن عبد [الله] البَجَليُّ الصَّحَابيُّ المشهور، يوسف هذه الأمَّة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 805]

(1/12600)


[باب: تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم]

(1/12601)


[حديث أبي هريرة: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم]
7081# قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ.
قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ [1]، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): روى هذا الحديث البُخاريُّ هنا عن مُحَمَّد بن عُبيد الله، عن إبراهيم _هذا ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ_ عن صالح، عن الزُّهْرِيِّ به)، والحاصل: أنَّه رواه البُخاريُّ بطريقين؛ الأولى: عن مُحَمَّد بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وبطريقٍ أخرى: عن مُحَمَّد بن عبيد الله، [عن إبراهيم]، عن صالح، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد بن المُسَيّب، عن أبي هريرة، والله أعلم، وليس الثاني تعليقًا؛ فاعلمه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ابْنِ شِهَابٍ).
[ج 2 ص 805]

(1/12602)


[حديث: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم]
7082# قوله: (مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا؛ تَسْتَشْرِفْهُ): (تشرَّف)؛ بفتح المُثَنَّاة فوق، وبالشين المُعْجَمَة، ثمَّ راء مُشَدَّدة مفتوحتين، وبالفاء، كذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، ولم يتعرَّض ابن قُرقُول لضبطه في «البُخاريِّ»، بل قال: رويناه في «مسلم»، فذكر ضبطين في (تشرَّف)، وهما مشهوران، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم» ما لفظه: (رُوِي على وجهين مشهورين؛ أحدهما: فتح التاء المُثَنَّاة فوق والشين والرَّاء، الثاني: بضَمِّ الياء، وإسكان الشِّين، وكسر الرَّاء، وهو من الإشراف للشَّيء، وهو الانتصابُ، والتَّطلُّع إليه، والتَّعرُّض له، ومعنى «تستشرفه»: تقبله [1] وتصرعه، وقيل: هو من الإشراف بمعنى: الإشفاء على الهلاك، ومنه: أشفى المريضُ على الموت وأشرف)، انتهى.
قوله: (مَلْجَأً): هو بفتح الميم، وإسكان اللَّام، وبالجيم، وفي آخره همزة؛ أي: عاصمًا وموضعًا يلتَجِئ إليه ويعتزل فيه.
قوله: (فَلْيَعُذْ بِهِ): أي: فلْيعتزِل إليه.
==========
[1] في (أ): (وتقبله)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 805]

(1/12603)


[باب: إذا التقى المسلمان بسيفيهما]

(1/12604)


[حديث: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار]
7083# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، عَنِ الْحَسَنِ): أمَّا (حَمَّاد)؛ فهو ابن زيد، و (الرجل) المبهم لا أعرفه، وقال شيخنا: يشبه أن يكون الرجل الذي لم يسمِّه حَمَّادٌ هو هشام بن حسَّان أبو عبد الله القردوسيُّ، كما قال الإسماعيليُّ في «صحيحه»: (حَدَّثَنَا الحسن: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبيد بن حسَّان: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زيد: حَدَّثَنَا هشام عن الحسن)؛ فذكره، ويوضِّحه رواية النَّسائيِّ: عن عليِّ بن مُحَمَّد، عن خلف بن تميم، عن زائدة، عن هشام، عن الحسن ... )؛ الحديث، و (هشام بن حسَّان): هو القردوسيُّ، أخرج له الجماعة، وهو ثقة إمام كبير الشأن، له ترجمة في «الميزان»، وقال بعض حفَّاظ مصر المُتَأخِّرين: (هو عمرو بن عبيد رأس الاعتزال، وإنَّما ساق الحديث من طريقه؛ ليبيِّن غلطه فيه)، انتهى، و (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وقد اختُلِف في سماع الحسن مِن أبي بكرة، فقال الدَّارَقُطْنيُّ: لم يسمع منه، وله عنه في هذا الكتاب عدَّة أحاديثَ؛ وفيها: التصريح بالإخبار، وفي بعضها: التصريح بالسماع، وقد ذكرت ذلك فيما مضى، و (أبو بكرة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث بن كلدة، وقيل في اسمه غير ذلك، وكذا في اسم أبيه.

(1/12605)


قوله: (قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِأَيُّوبَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَانِي بِهِ، فَقَالَا: إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَسَنُ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): اعلم أنَّ هذا الحديث أخرجه البُخاريُّ في (الإيمان) _بكسر الهمزة_ و (الدِّيات) عن عبد الرَّحْمَن بن المبارك، عن حَمَّاد بن زيد، عن أيُّوب ويونس؛ كلاهما عن الحسن، عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت؛ لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة ... ؛ فذكره، وأخرجه هنا في (الفتن) عن عبد الله بن عبد الوهَّاب الحجبيِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن رجل لم يسمِّه، عن الحسن، قال حَمَّاد: فذكرته لأيُّوب ويونس وأنا أريد أن يحدَّثاني، فقالا: إنَّما روى الحسن هذا عن الأحنف، عن أبي بكرة)، قال البُخاريُّ: (وقال مُؤمَّل عن حَمَّاد بن زيد، عن أيُّوب ويونس ومعلَّى بن زياد، عن الحسن، عن الأحنف)، قال: (ورواه مَعْمَر عن أيُّوب، ورواه بكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن أبي بكرة)، قال شيخنا: (يشبه أن يكون الرجل الذي لم يسمِّه حَمَّاد: هو هشام بن حسَّان أبو عبد الله القُردوسيًّ، كما قال الإسماعيليُّ في «صحيحه»)، فذكره من عند الإسماعيليِّ بإسناده إلى حَمَّاد بن زيد، عن هشام، عن الحسن ... ؛ فذكره، كما ذكرتُه قُبَيل هذا، قال شيخنا: وتوضِّحه رواية النَّسائيِّ، فذكره مِن عنده بإسناده إلى زائدة، عن هشام، عن الحسن ... ؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ ذلك قريبًا، قال: ورواه في (الإيمان) عن عبد الرَّحْمَن بن المبارك: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن زيد: حَدَّثَنَا أيُّوب ويونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، فيجوز أن يكون أحدهما، وأن يكون ما ذكره البُخاريُّ بعدُ، والتعليق عن مُؤمَّل أخرجه الإسماعيليُّ عن أبي يعلى: حَدَّثَنَا أبو موسى: حَدَّثَنَا مُؤمَّل بن إسماعيل ... ؛ فذكره، ثمَّ ذكره الإسماعيليُّ من طريق أخرى، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين أعلاه.
قوله: (نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو عليُّ بن أبي طالب، كما تَقَدَّمَ عزوه.

(1/12606)


قوله: (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا؛ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكلام القرطبيِّ في «تذكرته»، وهو: (قال علماؤنا: ليس هذا الحديث في أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ، إلى أن قال: فحديث أبي بكرة _يعني: هذا_ محمولٌ على ما إذا كان القتال على الدُّنيا، وقد جاء ذلك منصوصًا فيما سمعناه مِن مشايخنا: إذا اقتتلتم على الدُّنيا؛ فالقاتل والمقتول في النَّار، خرَّجه البزَّار)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا بزيادة، وأبو بكرة حمله على العموم، كما هنا، وتَقَدَّمَ، والله أعلم.
[ج 2 ص 805]
قوله: (لِأَيُّوبَ): هو أيُّوب بن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.
قوله: (وَقَالَ مُؤَمَّلٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ قريبًا عزوُه، و (مُؤَمَّل)؛ بتشديد الميم المفتوحة، اسم مفعول، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَيُونُسُ): هو ابن عُبَيد، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَهِشَامٌ): هو ابن حسَّان القردوسيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (أَيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، وما رواه مَعْمَر عن أيُّوب أخرجه مسلم في (الفتن) عن حجَّاج بن الشاعر، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن أيُّوب، عن الحسن به، وأخرجه أبو داود فيه عن مُحَمَّد بن المُتوكِّل العسقلانيِّ عن عبد الرَّزَّاق به)؛ مختصرًا، وأخرجه النَّسائيُّ في (المحاربة) عن أحمد بن فَضَالة عن عبد الرَّزَّاق به).
قوله: (وَرَوَاهُ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): هو بكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، روى عن أبيه، وعمَّته كبشة، وعنه أبو عاصم، والأصمعيُّ، وخالد بن خِدَاش، وجماعةٌ، قال إسحاق الكوسج عن ابن معين: صالح، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، وهو من الضعفاء الذين يُكتَب حديثُهم، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وأبو داود، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وما رواه بكَّار به لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

(1/12607)


قوله: (وَقَالَ غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الرَّاء؛ كالمنسوب إلى (الرَّبيع)، وهو ابن حِراش؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، وكذا هو منسوب في نسخة إلى أبيه، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتعليق (غُنْدُر) أخرجه مسلم في (الفتن) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وابن مثنَّى، وابن بشَّار؛ ثلاثتهم عن غُنْدر به)، وأخرجه ابن ماجه في (الفتن) عن بُنْدَار عن غُنْدر به.
قوله: (وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ): حديث سفيان في ذلك موقوفًا أخرجه النَّسائيُّ في (المحاربة) عن أحمد بن سليمان، عن معلَّى، عن سفيان، عن منصور؛ موقوفًا.

(1/12608)


[باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة]

(1/12609)


[حديث: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها]
7084# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ): هو عبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جابر، و (بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مَرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة، و (أَبُو إِدْرِيْس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله، و (حُذَيْفَة بْن الْيَمَانِي): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحيح إثبات الياء فيه، وأنَّه اسمه حُسَيل، ويقال: حِسْل، وتَقَدَّمَ نسبه، وهو صحابيٌّ أيضًا كابنه حذيفة.
قوله: (فَهَلْ [1] بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟): قال القاضي عياض: (قيل: المراد بالخير بعد الشر: أيَّام عمر بن عبد العزيز).
قوله: (وَفِيهِ دَخَنٌ): هو بفتح الدَّال المُهْمَلَة، والخاء المُعْجَمَة، وبالنُّون، وهو الدُّخَان؛ أي: هو غير صافٍ ولا خالصٍ، بل كدرٌ؛ كالشيء الذي أصابه الدُّخَان فغيَّر لونه؛ أي: فساد واختلاف، شُبِّه بدخان الحطب الرَّطْب؛ لما بينهم مِن الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر، والله أعلم.
قوله: (يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي): كذا في الأصل، وفي الهامش نسخةٌ وعليها (صح): (هَدْيٍ)، ضبطه الأصيليُّ والقابسيُّ مرَّة بضَمِّ الهاء، وبالوجهين قيَّدناه في غير موضع، قاله في «المطالع»؛ يعني: هُدًى وهَدْيٍ.
قوله: (تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ): المراد: الأمراء بعد عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه؛ أي: يأتون بما تَعْرِفُ وبما تُنكِرُ.
قوله: (دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ): (الدُّعاة): جمع (داعٍ)، وعند الطَّبَريِّ: (رُعاة)؛ بالراء، قال ابن قُرقُول: والأوَّل أظهر؛ لقوله: (من أجابهم قذفوه إليها)، وعند الصَّدفيِّ: (دُعاءٌ)، وهو بمعنى الأوَّل.
قوله: (مِنْ جِلْدَتِنَا): هو بكسر الجيم، وإسكان اللَّام؛ أي: من جنسنا وجيلنا، و (الأجلاد): الأشخاص، وقد يكون المراد به: لونَ الجلدة؛ أي: بيض، قاله ابن قُرقُول.

(1/12610)


قوله: (وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ [2]): وتَقَدَّمَ أنَّ (أنْ)؛ بفتح الهمزة وإسكان النُّون، كذا أحفظه، وهي مُخَفَّفة من الثقيلة، و (تعضُّ)؛ بالرَّفع، وكذا رأيته عن الأشيريِّ، وفي أصلنا: (أنْ تعضَّ)؛ بالنَّصب على أنَّ (أنْ) ناصبةٌ الفعلَ المضارعَ، وفي غير أصلنا كما ضبطته أوَّلًا، وعليه: (صح)، والذي في أصلنا مضبوطًا فيه نظرٌ؛ وذلك لأنَّ بعض فضلاء الدَّماشقة من أصحابنا القدماء في القاهرة في سفري للحجِّ سنة ثلاثَ عشرةَ وثمان مئة بدمشق قال لي: كيف تقرأُ هذا المكان، فذكرت له: بالرَّفع وبالنَّصب؛ فالرَّفع على أنَّ (أنْ) مُخَفَّفةٌ من الثقيلة، وما بعدها مَرْفُوعٌ، فذكر لي أنَّ أبا حيَّان قال: إنَّ (أنْ) الناصبة لا تلي (لو)، وغالبُ ظنِّي أنَّه عزاه إلى «ارتشاف الضَّرَب» لأبي حيَّان شيخ شيوخنا، والله أعلم، ثمَّ إنَّي راجعتُ «الارتشاف»، فلم أر ذلك في مكانه، ولا في (لو)، لكن في «المغني» لابن هشام الإمام جمال الدين القاهريِّ في (لو) معناه، والله أعلم، ورأيتُ بعض أصحابنا ومن قرأ عليَّ أنَّه سأل عنه أباه _يعني به: الإمام عزَّ الدين بن الحاضريِّ_ فقال بأنَّه يجوز الشَّيئان، والله أعلم، و (تَعضُّ)؛ بفتح التاء المُثَنَّاة فوق، والعين المُهْمَلَة، وتشديد الضاد المُعْجَمَة غير المشالة.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَهَلْ).
[2] في هامش (ق): («تعضُّ»؛ لأنَّها ليست بـ «أن» النَّاصبة، وإنَّما هي مُخَفَّفة من الثقيلة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها).
[ج 2 ص 806]

(1/12611)


[باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم]
قوله: (سَوَادَ الْفِتَنِ): (السَّواد): الجماعة.
==========
[ج 2 ص 806]

(1/12612)


[حديث: أن أناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون]
7085# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ): تَقَدَّمَ ضبط (حيوة)؛ وهو ابن شُرَيح بن صفوان، التُّجيبيُّ المصريُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، لا حيوة بن شُرَيح بن يزيد الحضرميُّ أبو العَبَّاس الحمصيُّ، هذا الثاني شيخ البُخاريِّ، وليس هو في تلك الطبقة، والله أعلم.
قوله: (وَغَيْرُهُ): (غيره): هو عبد الله بن لَهِيعة القاضي، روى له مسلم مقرونًا بعمرو بن الحارث، وروى البُخاريُّ والنَّسائيُّ له أحاديث مقرونًا فيها بثقةٍ، ولم يصرِّحا باسمه، ففي بعضها: ابنُ وهب عن حيوة بن شُرَيح وفلان، وفي بعضها: عن عَمرو بن الحارث ورجلٍ آخرَ، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ ذلك أيضًا في مكانٍ آخرَ، و (أَبُو الأَسْوَدِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نوفل بن الأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد ابن عبد العزَّى القرشيُّ الأسديُّ المدنيُّ)، انتهى.
قوله: (قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ): (قُطِعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعثٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (البَعْث): اسم المبعوث؛ أي: المُرسَل والمُوجَّه، وهو مِن باب تسمية المفعول بالمصدر.
قوله: (فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ): (اكتُتِبَتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وهذا ظاهِرٌ.
[ج 2 ص 806]
قوله: (أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ): هؤلاء (الناس) لا أعرفُهم بأعيانهم، وقد ذكرتُ في (سورة النساء) ما نقله بعض حُفَّاظ العَصْرِ في ذلك.
قوله: (يُكَثِّرُونَ): هو بتشديد الثَّاء المُثَلَّثَة.
قوله: (سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ (السواد): الجماعةُ، قريبًا.
قوله: (فَيُرْمَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12613)


[باب: إذا بقي في حثالة من الناس]
قوله: (فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ): (الحُثَالَة)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الثاء المُثَلَّثَة، وحثالة كلِّ شيء: رُذالته، وكذلك الحُفالة والخُشارة.
==========
[ج 2 ص 807]

(1/12614)


[حديث: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال.]
7086# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني حُسَيل، ويقال: حِسْل.
قوله: (حَدَّثَنَا: أَنَّ الأَمَانَةَ): هذا أحد الحديثَين، والحديث الثاني: (حَدَّثَنَا عن رفعها ... ) إلى آخره.
قوله: (فِي جَذْرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع ضبطه، وأنَّه بفتح الجيم، وإسكان الذال المُعْجَمَة، ثمَّ راء.
قوله: (فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ): (تُقْبَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمانةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (تُقْبَض) الثانية: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أَثَرُهَا): تَقَدَّمَ بلغتيه.
قوله: (الْوَكْتِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه بفتح الواو، وإسكان الكاف، وبالمُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ معناه.
قوله: (أَثَرِ الْمَجْلِ): تَقَدَّمَ ما هو، وضبطُه، وهو بفتح الميم، وإسكان الجيم، وباللَّام.
قوله: (فَنَفِطَ): هو بكسر الفاء.
قوله: (فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (مَا أَعْقَلَهُ! وَمَا أَظْرَفَهُ! وَمَا أَجْلَدَهُ!): الكلُّ مَنْصُوبٌ على التَّعجُّب، و (أجلده)؛ معناه: أقواه.
قوله: (أَيُّكُمْ بَايَعْتُ؟): (أيَّكم): مَنْصُوبٌ، مُشدَّد الياء، مفعولٌ مُقدَّم.
قوله: (رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمُ): (عليَّ): جارٌّ ومجرور، و (الإسلام): مَرْفُوعٌ فاعل (ردَّ)، والضَّمير في (ردَّ) مفعولٌ، وكذا (رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ).
قوله: (إِلَّا فُلاَنًا وَفُلاَنًا): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه آحاد مِن الناس.
==========
[ج 2 ص 807]

(1/12615)


[باب التعرب في الفتنة]
قوله: (بَابُ التَّعَزُّبِ [1] فِي الْفِتْنَةِ): (التَّعرُّب): بالعين المُهْمَلَة، وبالمُعْجَمَة في الرَّاء، لا في العين، وسيجيء معنى المُهْمَلَة والمُعْجَمَة، ومعناهما معروفٌ.

(1/12616)


[حديث: يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت]
7087# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، و (سَلَمَة ابْن الأَكْوَعِ): هو سلمة بن عمرو بن الأكوع، صحابيٌّ مشهورٌ، وقد قَدَّمْتُ بعضَ ترجمته.
قوله: (دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ): هو ابن يوسف الثقفيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الحجِّ).
تنبيهٌ: هذا الدخول لمَّا كان الحَجَّاجُ أميرًا على المدينة.
تنبيهٌ ثانٍ: يُعَكِّر على هذه القصَّةِ ما نقله شيخُنا عن ابن سعد: أنَّه ذكر عن الهيثم بن عديٍّ: أنَّ سلمة ابن الأكوع مات في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان، قال: وكذا ذكر البلاذريُّ، قال: وفي كتاب أبي نُعَيم والعسكريِّ وغيرِهما: أنَّه مات سنة أربع وسبعين، انتهى، وهذا هو الذي ذكره ابنُ عَبْدِ البَرِّ وغيرُه في وفاته، فلم يبقَ شيءٌ يُعَكِّر عليه على هذا القول، والله أعلم.
قوله: (تَعَرَّبْتَ): هو في أصلنا بالعين المُهْمَلَة وبالراء، قال في «المطالع»: (تعرَّبت) _يعني: بالعين المُهْمَلَة والراء_ كذا لجميع الرواة، ومعناه: تَبَدَّيْتَ، قال: ووجدتُ بخطِّي في «البُخاريِّ»: (تعزَّبت)، وأخشى أن يكون وَهَمًا، وإن صحَّ؛ فمعناه: بَعُدْتَ واعتزلتَ، انتهى، وقد ذكر هذا الحديثَ ابنُ الأثير في «نهايته» بعدما فسَّر (التعرُّب) قال: (ويُروَى بالزاي، وسيجيء)، ثمَّ ذكر في (عزب)؛ بالزاي: وفي حديث سلمة ابن الأكوع: لمَّا أقام بالرَّبَذة؛ قال له الحَجَّاج: ارتددت على عقبيك، تعزَّبت؟ قال: لا، ولكن رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أَذِن لي في البدو؛ أراد: بَعُدْتَ عن الجماعات والجُمُعات بسُكنَى البادية، ويُروَى بالراء، وقد تَقَدَّمَ)، انتهى.
وقال ابن قُرقُول في «مطالعه»: («ارتددت على عقبيك، وتعرَّبت؟»؛ أي: تركت الهجرة وصِرت من الأعراب، وكان التعرُّب على المهاجر حرامًا؛ لخروجه عن المدينة إلى سُكنى البادية _وهو التعرُّب_ إلَّا بإذن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثمَّ أُجرِيَ التعرُّب في الفتنة مُجراه؛ لِما يلزم من نُصرة الحقِّ)، انتهى.
قوله: (وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (لكنَّ): بالتشديد من أخوات (إنَّ)، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ اسمها، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا.
قوله: (فِي الْبَدْوِ): هو بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وبالواو، و (البدو): البادية؛ أي: في سُكنَى البادية.

(1/12617)


قوله: (وَعَنْ يَزِيدَ [1] قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن قُتَيْبَة، عن حاتم، عن يزيد؛ هو بن أبي عُبَيد ... ؛ فذكره، وليس تعليقًا، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه قُتِل رضي الله عنه في ذي الحجَّة يوم الجمعة السادسَ عشرَ منه _هذا هو المشهور_ سنة (35 هـ)، وادَّعى ابنُ ناصر الإجماعَ على ذلك، وليس بجيِّدٍ، فقد قيل: إنَّه قُتِل رضي الله عنه يوم التروية لثمانٍ خلت منه، قاله الواقديُّ، وادَّعى الإجماعَ عليه عندهم، وقيل: لِلَيْلَتَين بقيتا منه، وقال أبو عثمان النهديُّ: قُتِل في وسط أيَّام التشريق، وقيل: لثنتي عشرة خلت منه، قاله الليث بن سعد، وقيل: لثلاثَ عشرةَ خلت منه، وبه صدَّر ابنُ الجوزيِّ كلامَه، وقيل: في أوَّل سنة ستٍّ وثلاثين، والأوَّل أشهر.
تنبيهٌ: ما وقع في «تاريخ البُخاريِّ»: من أنَّه مات سنة أربع وثلاثين؛ فقال ابن ناصر: هو خطأ من راويه، وقد ذكرتُ الخلاف في (مناقبه) في قاتله، فأغنى عن إعادته هنا، والله أعلم.
قوله: (إِلَى الرَّبَذَةِ): تَقَدَّمَ الكلام [عليها]، وكم بُعدها من المدينة، والله أعلم.
[ج 2 ص 807]
قوله: (وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً): امرأة سلمة ابن الأكوع لا أعرفُها.
قوله: (وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا): أولاد سلمة بن عمرو بن الأكوع: إياسٌ [ ... ] [2].
قوله: (قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ): قَدَّمْتُ تاريخ وفاته بظاهرها، وما قيل فيها.

(1/12618)


[حديث: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم.]
7088# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ الخدريُّ.
قوله: (يُوشِكُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وكذا تَقَدَّمَ (شَعَفَ الْجِبَالِ).
==========
[ج 2 ص 808]

(1/12619)


[بابُ التعوذ من الفتن]

(1/12620)


[حديث: لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم]
7089# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.
قوله: (سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ): هؤلاء السائلون لا أعرفهم بأعيانِهم.
قوله: (فَصَعِدَ): هو بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، تَقَدَّمَ.
قوله: (فَأَنْشَأَ:) هو بهمزة مفتوحة في أوَّله، وفي آخره؛ ومعناه: ابتدأ، وكذا الثانية.
قوله: (رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن حذافة السهميُّ، وجزم به هنا بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين، ونقل شيخُنا فيما مضى عن العسكريِّ: أنَّه أخوه قيس، وأفاد شيخُنا هنا عن الإسماعيليِّ: أنَّ اسمَ الرجل خارجةُ، وقد استغربه شيخُنا، ولا شكَّ أنَّه غريبٌ، وقوله: (لاحى)؛ أي: خاصم.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتها.
قوله: (صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ): (صُوِّرَت): بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وكسر الواو المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الجنَّةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (النَّارُ): معطوفٌ عليه.
7090# قوله: (وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ): (عَبَّاس) هذا: بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وقد ذكرتُ الفرق بينه وبين عيَّاش بن الوليد؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وذكرتُ أنَّ كلَّ مكانٍ في «البُخاريِّ» عيَّاشُ بن الوليد؛ بالمُثَنَّاة، والشين المُعْجَمَة، غيرَ ثلاثةِ أمكنةٍ؛ أحدها: في (باب علامات النبوَّة)، والثاني: في «المغازي» في (باب بعث النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم معاذًا وأبا موسى إلى اليمن)، وهذا المكان الثالث: في (كتاب الفتن) بعد حديثٍ أخرجه من طريق هشام الدَّستوائيِّ، عن قتادة، عن أنس: (سألوا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتَّى أحْفَوه بالمسألة ... )؛ الحديث، ثمَّ قال: (وقال عَبَّاس النرسيُّ)، فذكر هذا المكان، و (عَبَّاس) هذا أيضًا شيخُ البُخاريِّ أيضًا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/12621)


7091# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه خليفة بن خيَّاط شبابٌ العُصفريُّ الحافظ، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أعلاه، وهذه أعلى مِن (قال)، (قال)؛ بغير (لي) ولا (لنا) دُوْن (قال لنا) أو (قال لي)، والله أعلم.

(1/12622)


[باب قول النبي: «الفتنة من قبل المشرق»]
قوله: (مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 808]

(1/12623)


[حديث: الفتنة هاهنا الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان]
7092# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (قَرْنُ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (قرن الشيطان).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حَدَّثَنِي).
[ج 2 ص 808]

(1/12624)


[حديث ابن عمر: ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان ... ]
7093# قوله: (مُسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقِ [1]): (مستقبلُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، و (المشرقِ): مضافٌ مجرورٌ، وفي نسخة: (مستقبلٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، و (المشرقَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ اسمِ الفاعل؛ وهو (مستقبِل).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (مستقبلٌ المشرقَ).
[ج 2 ص 808]

(1/12625)


[حديث: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا]
7094# قوله: (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ؛ إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ.
قوله: (ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (ذَكَر).
قوله: (فِي شَأْمِنَا): تَقَدَّمَ أنَّ (الشأم): الإقليم المعروف، وقد ذكرتُ حدَّه طولًا وعرضًا في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (قَرْنُ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 808]

(1/12626)


[حديث: هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك]
7095# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ [1] عَنْ بَيَانٍ): أمَّا (إسحاق الواسطيُّ)؛ فهو إسحاق بن شاهين الواسطيُّ، أبو بِشْر، و (خالدٌ): هو ابن عبد الله الطَّحَّان، وفي أصلنا: (حَدَّثَنَا خالد)، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (خلف) عوض (خالد)، وعليه (صح)، وقد راجعتُ «أطراف المِزِّيِّ»، فوجدته قد طرَّف هذا الحديث: (عن إسحاق الواسطيِّ، عن خالد)، ولم يذكر فيه خلافًا، وراجعتُ أصلًا لنا دمشقيًّا، فوجدته قد أُصلِح على (خالد)، والله أعلم، و (بِيان): هو ابن بِشْر _بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة_ الأحمسيُّ الكوفيُّ المعلِّم، و (وَبَرَةُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن، قال ابن قُرقُول: كذا قيَّدناه عن شيوخنا في «مسلم»؛ يعني: بالسكون، قال: (وقَيَّدهُ الجَيَّانيُّ بفتح الباء، وكذا قيَّدناه في «البُخاريِّ»)، انتهى، وكذا قال القاضي في «المشارق»: ضبطناه في «مسلم» بالإسكان، انتهى، فالظاهر من عبارتهما أنَّه لا يجوز فيه في «البُخاريِّ» إلَّا الفتحُ، والله أعلم، وزان: (شَجَرَةٍ)، وكذا اقتصر عليه ابنُ عَبْدِ البَرِّ.
قوله: (فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ): (بَادَرَنا): هو بفتح الراء، و (رجلٌ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، وهذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (هو يزيد بن بشر السَّكْسَكِيُّ).
[ج 2 ص 808]
قوله: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ): معناه تَقَدَّمَ، وأنَّه: فقدتك أمُّك.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (خلفٌ)، وفي هامش (ق): (صوابه: خالد؛ وهو ابن عبد الله الطَّحَّان).

(1/12627)


[باب الفتنة التي تموج كموج البحر]
قوله: (عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الواو، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة، وهو خلف بن حوشب الكوفيُّ، العابد الأعور، عن مجاهد، وعطاء، وأبي حازم الأشجعيِّ، وميمون بن مِهْرَان، والحكم بن عتيبة، وطائفةٍ، وعنه: شعبة، وشَريك، وابنُ عُيَيْنَة، ومروان بن معاوية، وأبو بدر شجاع بن الوليد، وجماعةٌ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، انتهى، وله رقائقُ ومواعظُ، بقي إلى حدود الأربعين ومئة، له ذكرٌ هنا في هذا «الصحيح»، ولا أعلم له شيئًا في بقيَّة الكُتُب السِّتَّة، وقد أخرج له البُخاريُّ تعليقًا هنا، وأخرج له النَّسائيُّ في «مسند عليِّ رضي الله عنه».
قوله: (كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذَا [1] الأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (بهذه) عوض (بهذا)، وهي الجادَّة، وقد ذكر السُّهَيليُّ في «روضه» هذه الأبياتَ، وعزاها لعَمرو بن مَعْدِيكَرِب، ذكر ذلك في (مُباداة رسولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قومَهُ) بُعَيده بنحو كرَّاسة، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الهامش: (قال امرؤ القيس)، وعليه علامة نسخة، وفي هامشه: (يُقال: إنَّ هذه لعمرو بن مَعْدِيكَرِب). انتهت.
قوله: (الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً): فيه أربع إعراباتٍ: رفع (أوَّلُ) مبتدأ، ونصب (فتيَّةً) حالًا سادَّةً مَسَدَّ الخبر، والجملة خبر (الحربُ)، ونصب (أوَّلَ) ظرفًا، ورفع (فتيَّةٌ) خبرًا، ورفعهما؛ فـ (أوَّلُ): مبتدأٌ ثانٍ أو بدلٌ، و (فتيَّةٌ): خبرٌ، ونصبُهما؛ (أوَّلَ): ظرفٌ، و (فتيَّةً): حالٌ سادَّةٌ مسدَّ الخبر، و (تَسْعَى): خبرٌ عنها؛ أي: الحرب في حال ما هي فتيَّة _أي: في وقت وقوعها_ تغرُّ مَن لم يجرِّبْها حتَّى يدخلَ فيها فتهلكه.
قوله في الأبيات: (فَتِيَّةً): (فَتِيَّة): هو في أصلنا بفتح الفاء، وكسر التَّاء، و (الفتى): الشَّابُّ، و (الفتاة): الشابَّة، وقد فتي؛ بالكسر يفتى؛ فهو فتيُّ السِّنِّ بيِّنُ الفتاء، والأنثى: فَتِيَّة، قال في «المطالع»: («فُتيَّة»: تصغير «فتاة»، وضبط الأصيليُّ بفتح الفاء، والأوَّل أشهر في الرواية وأصوبُ لا سيِّما مع قوله في البيت الثَّاني: «وَلَّت عجوزًا»)، وفي نهاية ابن الأثير: («أوَّل ما تكون فُتية»: هكذا على التَّصغير؛ أي: شابَّة، ورواه بعضهم: «فَتيَّة»؛ بالفتح)، انتهى لفظه.

(1/12628)


قوله: (بِزِبنَتِهَا): كذا نحفظه، وعن سيبويه: (ببزَّتها)، و (البزَّة): اللِّباس، وأصله: من بززت الرجل أبزُّه؛ إذا سلبته، فسُمِّي اللِّباس بما يؤول إليه مِن السَّلب.
قوله: (حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ): يجوز في (إذا) أن تكون ظرفيَّة، وأن تكون شرطيَّة، وجوابها (وَلَّت).
قوله: (وَشَبَّ ضِرَامُهَا): (شَبَّ): بفتح الشين المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة؛ أي: عظم شرُّها، وهو مستعار مِن وقود النار، شبَّه به الحرب، وكلُّ شيء انتهى تمامه؛ فقد شبَّ، وشبَّتِ النَّار والحرب: اشتدَّ اشتعالها، و (الضِّرام)؛ بكسر الضاد المُعْجَمَة، وتخفيف الرَّاء: اشتعالها، قالوا: وهو ما يَخمد سريعًا، وما ليس له جمرٌ؛ فهو ضِرام، وما له جَمْر؛ فهو جَزْل، و (شبَّ): علا وارتفع.
قوله: (حَلِيلِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر اللَّام، وهو الزَّوج، و (الحليلة): الزَّوجة، وفي نسخة في هامش أصلنا مقروءة لنسخة الحافظ الدِّمْيَاطيِّ: (خلِيل)؛ بالخاء المُعْجَمَة، مكسور اللَّام، ولم أر أنا هذه في «مطالع ابن قُرقُول»، وقال شيخنا: (والحليل: الزَّوج، وجزم به ابن التين)، ثمَّ ذكر شيخنا: (أنَّ في خط الدِّمْيَاطيِّ في الأصل بالخاء المُعْجَمَة، وفي الهامش بالمُهْمَلَة؛ يعني: بالقلم، والله أعلم)، انتهى، وقال بعضهم: يروى بالخاء المُعْجَمَة والمُهْمَلَة.
قوله: (شَمْطَاءَ): بالنصب غير مُنَوَّن، صفة لـ (عجوز)، و (الشَّمَط): بياض شعر الرَّأس يخالط سواده، والرَّجل أشمط، وقوم شُمْطان؛ مثل: (أسود وسُودان)، وقد شمِط _بالكسر_ يشمَطُ شمَطًا، والمرأة شَمْطاء.
قوله: (يُنْكَرُ لَوْنُهَا): (يُنكَر): مَبْنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعُله، و (لونُها): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي نسخة: (تُنكِر): مَبْنيٌّ للفاعل، و (لونَها): مَنْصُوبٌ مفعول.

(1/12629)


[حديث: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره]
7096# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غياثًا) بالغين المُعْجَمَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُخَفَّفة، وبعد الألف ثاءٌ مُثَلَّثَةٌ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل شَقيق بن سلمة، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسَيل، ويقال: حِسْل، تَقَدَّمَ، ولم أرَ في نسختي بـ «الأطراف» هذا السَّند والمتن، وإنَّما عزاه بهذا الإسناد إلى (علامات النُّبوَّة)، والظاهر سقوطه من نسختي، والسَّاقط صورتُه: (والفتن) بعد (علامات النُّبوَّة)، والله أعلم.
قوله: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في (الصَّلاة).
قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ معناه: نعم.
قوله: (لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ): (الأغاليط): جمع (أُغلوطة)؛ وهو ما يخلط فيه؛ أي: ليس فيه كذب، وقال الداوديُّ: (ليس بالأغاليط)؛ أي: ليس بالصَّغير الأمر واليسير الرَّزيَّة.
قوله: (فَقَالَ [1] عُمَرٍُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [2]): أفادني بعض العلماء في ذلك شيئًا منذُ زمنٍ، فأُنسيته، وقد روى الخطيب البغداديُّ في «الرواة عن مالك» بإسناده من حديث مالك بن أنس: (أنَّ عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه دخل على بنت عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما؛ فوجدها تبكي، فقال: ما يبكيكِ؟ قالت: هذا اليهوديُّ _لكعب الأحبار_ يقول: إنَّك باب من أبواب جهنَّم، فقال عمر: ما شاء الله! إنَّي لأرجو أن يكون الله خلقني سعيدًا، قال: ثمَّ خرج، فأرسل إلى كعب، فدعاه، فلمَّا جاءه كعب قال: يا أمير المؤمنين؛ والذي نفسي بيده؛ لا ينسلخ ذو الحجَّة حتَّى تدخل الجنَّة، فقال عمر: أيُّ شيء هذا؟! مرَّة في الجنَّة ومرَّة في النَّار؟! قال: والذي نفسي بيده؛ إنَّا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنَّم؛ تمنع الناس أن يقعوا فيها، فإذا متَّ؛ لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة)، ذكره القرطبيُّ في «تذكرته»، فلعلَّ هذا أراد حذيفة، وبموت عمر رضي الله عنه وقعت الفتن، وقد قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إذا وُضِع السيف في أمِّتي؛ لا يُرفَع عنهم إلى يوم القيامة»، والله أعلم، ولو قيل: هذا في عثمان؛ كان له وجهٌ؛ فإن بقتله وقعتِ الفتن، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

(1/12630)


[2] التَّرضية: ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 809]

(1/12631)


[حديث: خرج النبي إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته]
7097# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب؛ لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار.
قوله: (إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِط): تَقَدَّمَ ما (الحائط)، وجمعه: حوائطُ؛ وهو البستان.
قوله: (فِي إِثْرِهِ): تَقَدَّمَ الكلام بما فيها من اللُّغات.
قوله: (فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا [1] (الحائط): هو الذي فيه بئر أريس.
قوله: (وَلَمْ يَأْمُرْنِي): كذا هنا، وفي غير هذه الرواية: (وأمرني بحفظ الباب)، وفي «التِّرْمِذيِّ»: (امْلِكْ على الباب)، فلعلَّ الجمع أنَّه لم يأمره أوَّلًا، ثمَّ أمره في الأثناء، أو لفظ: (وأمرني بحفظ الباب) محمولٌ على إقراره على حفظ الباب، فكأنَّه أمره، وكذا قوله: (امْلِكْ على الباب) صريحٌ في الأمرِ به، والجواب عنه كالذي قبله، والله أعلم.
قوله: (عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ): تَقَدَّمَ ضبط (القفِّ)، وأنَّه البناء حول فم البئر.
قوله: (وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ في (مناقبه) أنَّه رُويَ: (والخلافة)، وقد عزاه شيخنا هناك، وكذا في عمر، وكذا في عثمان رضي الله عنهم.
[ج 2 ص 809]
قوله: (عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ): (شفتها): حاشيتها وجانبُ فمها.

(1/12632)


قوله: (فَجَعَلْتُ أَتَمَنَّى أَخًا لِي): إخوة أبي موسى تقدَّموا، وأنَّ له إخوةً؛ أحدهم: أبو بُردة بن قيس، واسمه عامرٌ، صحابيٌّ، وله رواية في «مسند أحمد»، وله في «مسند بقيٍّ» حديثٌ واحدٌ، قدم على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عام خيبر، روى عنه: ابنُه بُريد وكريب بن الحارث بن أبي موسى، والأخ الثاني: أبو رهم، صحابيٌّ أيضًا، والثَّالث: اسمه مجديُّ بن قيس، استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، صحابيٌّ، والرابع: مُحَمَّد بن قيس، ورد في حديث لا يصحُّ، وله أخٌ آخرُ يقال له: أبو عامر، ذكرتُه في (مناقب أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه)، ولا أعلم مَن أراد منهم، وقد يحتمل أنَّه أراد أخًا له في الله، لا من النَّسب، والله أعلم، وتَقَدَّمَ في (مناقب أبي بكر) ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (أنَّه أبو رهم أو أبو بردة)، انتهى.
قوله: (قَالَ ابْنُ المُسَيّب: فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمُ، اجْتَمَعَتْ هَهُنَا، وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك، وذكرت مثال قبر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وصاحبَيه [2] في (مناقب عمر)، كيف هم في المدافن الشَّريفة، وذكرت في ذلك ثلاثةَ أقوال، ورابعًا ورَدَدْتُهُ من حيث السَّندُ.
==========
[1] في الأصل: (هذه).
[2] في (أ): (وصاحبه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/12633)


[حديث: يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار ... ]
7098# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): غُنْدر، تَقَدَّمَ ضبطه، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (أُسَامَةَ): هو ابن زيد بن حارثة بن شَراحيل، الكلبيُّ، الحِبُّ ابن الحِبِّ، و (حَارِثَة): تَقَدَّمَ أنَّه صحابيٌّ أيضًا.
قوله: (أَلَا تُكَلِّمُ هَذَا؟): هذا المشار إليه: هو عثمان بن عَفَّانَ، وقد قَدَّمْتُ ذلك أيضًا.
قوله: (فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ): (يُطرَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (بِرَحَاهُ): (الرَّحى): مقصورة معروفة مؤنَّثة، وألفها مُنقلِبة عن ياء، وقد تَقَدَّمَت.
قوله: (فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ): (يُطِيف): بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ.

(1/12634)


[باب [الفتنة في ولاية المرأة]]

(1/12635)


[حديث أبي بكرة: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة]
7099# قوله: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هو عوف بن أبي جَميلة، الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريِّ يسارٍ، و (أَبُو بَكْرَةَ): نُفَيع بن الحارث، وقد تَقَدَّمَ الكلام قريبًا وبعيدًا في سماع الحسن من أبي بكرة _والصَّحيح سماعه منه_ ومُطَوَّلًا في (الكسوف).
قوله: (أَيَّامَ الْجَمَلِ): تَقَدَّمَ متى كانت وقعة الجمل، وكانت سنة (36 هـ)، وقد قَدَّمْتُ أنَّه أنكرها هشام وعبَّاد، كما نقله القاضي عياض في «الشفا»، وأنكرها أبو مُحَمَّد ابن حزم الظاهريُّ، كما نقله مغلطاي في «سيرته» عنه، وأنَّ اسم الجمل عسكرُ.
قوله: (أَنَّ فَارِسًا): كذا في أصلنا، وكذا وقع في النُّسخ، وعن ابن مالك: (الصَّواب: عدم الصَّرف)، ورأيت أنا في نسخة صحيحة مقابلة بعدَّة نسخ: غير مصروف، وعليه تصحيح، وفي هامش هذه النسخة: (فارسًا)، وكُتِب عليها: (ابن الأديب، ودار الذَّهب)؛ يعني: أنَّه مصروف في هذَين الأصلَين، والله أعلم، انتهى، ويحتمل أنَّ صرفه على تلك اللُّغة التي تصرف الأسماء كلَّها، والله أعلم.
قوله: (مَلَّكُوا بِنْتَ [1] كِسْرَى): (ملَّكوا)؛ بتشديد اللَّام، و (بنت كسرى) المشار إليها: تَقَدَّمَ أنَّ اسمها بُوران بنت كسرى، ومُلِّكت سنةً وهلكت، وتشتَّت أمرهم كلَّ الشَّتات، ثمَّ اجتمعوا على يزدجرد [2] بن شهريار والمسلمون قد غلبوا على أطراف أرضهم، ثمَّ كانت حروب القادسيَّة معهم إلى أن قهرهم الإسلام، وفُتِحت بلادُهم على يد عمر بن الخَطَّاب، قاله السُّهَيليُّ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ابنة).
[2] في (أ): (يَزدجر)، وعليها علامة، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 810]

(1/12636)


[حديث: إن عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيكم]
7100# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، وقد تَقَدَّمَ ما يؤيِّده في كلام بعض حُفَّاظ العَصْرِ في (الجمعة)، والله أعلم، و (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ الكلام على اسمه، وهو أحد الأعلام، قيل: اسمه شعبة، وقيل: مُحَمَّد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: رؤبة، ومسلم، وخداش، ومُطرِّف، وحَمَّاد، وحَبِيب، و (أَبُو حَصِينٍ)؛ بفتح الحاء، وكسر الصَّاد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الكنى: بالفتح، والأسماء: بالضَّمِّ، وأنَّه عثمان بن عاصم، و (أَبُو مَرْيَمَ): سمَّاه في السَّند: (عَبْد اللهِ بن زِيَادٍ الأَسَدِيَّ)، وهو كذلك، و (الأَسَديُّ)؛ بفتح الهمزة والسِّين.
قوله: (لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ): مسير هؤلاء رضي الله عنهم كان لوقعة الجمل، وقد تَقَدَّمَ تاريخها قريبًا وبعيدًا.
قوله: (وَلَكِنَّ اللهَ [1] ابْتَلاَكُمْ): (لكنَّ)؛ بالتَّشديد، من أخوات (إنَّ)، والاسم الجليل: مَنْصُوبٌ اسمُها.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (تَبَارَكَ وَتَعَالَى).
[ج 2 ص 810]

(1/12637)


[باب [الفتنة في أن تكون المتولية مُقدَّمة]]

(1/12638)


[حديث: إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة]
7101# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ)؛ بفتح الغين المُعْجَمَة، وكسر النُّون، وتشديد المُثَنَّاة تحت المفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: (واسمه عبد الملك بن حُمَيد بن أبي غَنِيَّة الكوفيُّ، وأصله من أصبهان، وهو والد [يحيى بن] [1] عبد الملك، اتَّفقا عليه) انتهى، و (الْحَكَم): هو ابن عتيبة، القاضي، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة.
قوله: (مِمَّا ابْتُلِيتُمْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] المستدرك من هامش (ق).
[ج 2 ص 810]

(1/12639)


[حديث: ما رأيناك أتيت أمرًا أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر]
7102# 7103# 7104# قوله: (حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ): هو بفتح المُوَحَّدة والدال المُهْمَلَة، و (المُحَبَّر)؛ بضَمِّ الميم، وفتح الحاء المُهْمَلَة، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة مُشَدَّدة، ثمَّ راء، تَقَدَّمَ، و (عَمْرٌو): هو ابن مُرَّة، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوْسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، الأميرُ، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو، أبو مسعود، الأنصاريُّ البدريُّ، كان ينزل بدرًا، فنُسِب إليها، تقدَّما.
قوله: (مُنْذُ أَسْلَمْتَ): هو بفتح تاء الخطاب، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَكَسَاهُمَا حُلَّةً حُلَّةً): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلَّة) ما هي، والذي كساهما: هو أبو مسعود عقبة بن عمرو كسا أبو موسى وعمَّارًا، وسيأتي في هذا الحديث بعد هذا كذلك.
==========
[ج 2 ص 810]

(1/12640)


[حديث: وما رأيت منك شيئًا منذ صحبت النبي أعيب عندي من استسراعك]
7105# 7106# 7107# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ لقبه عبدانُ، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، وبالزَّاي، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ المِرْوَزِيُّ، اتَّفقا عليه، ومات سنة ثمان وستِّين ومئة) انتهى، هذا قول في وفاته، وقدَّم عليه الذَّهَبيُّ: سنة سبع وستِّين، واقتصر عليه في «الكاشف»، وقد أخرج له الجماعة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق بْن سَلَمَةَ): هو أبو وائل، و (أَبُو مَسْعُود):
[ج 2 ص 810]
تَقَدَّمَ قبل هذا، وكذا (أَبُو مُوسَى).
قوله: (رُوحَا فِيهِ): كذا في أصلنا، وعليه: (صح)، وفي الهامش: (فيهما)، وعليها علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وكلاهما جائز، والضمير في (فيه) يعود إلى المَلْبوس.

(1/12641)


[باب: إذا أنزل الله بقوم عذابًا]

(1/12642)


[حديث: إذا أنزل الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم]
7108# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (ثُمَّ بُعِثُوا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 811]

(1/12643)


[باب قول النبي للحسن بن علي: إن ابنى هذا لسيد ولعل الله ... ]

(1/12644)


[حديث أبي بكرة: ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين ... ]
7109# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ) _عليِّ بن عبد الله_: هو ابن عُيَيْنَة، و (إِسْرَائِيلُ أَبُو مُوسَى): (إسرائيل) هذا: بصريٌّ، نزل الهند، وروى عن الحسن، ووهب، وأبي حَازم الأشجعيِّ، وعنه: السُّفيانان، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وحسين الجعفيُّ، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (وَجَاءَ [1] إِلَى ابْنِ شُبْرُمَةَ): هو عبد الله بن شبرمة، تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (أَدْخِلْنِي عَلَى عِيسَى؛ فَأَعِظَهُ): (عيسى) هذا: هو ابن موسى بن مُحَمَّد بن عليِّ بن عبد الله بن عَبَّاس، كان أميرًا على الكوفة يومئذٍ، و (أعظه)؛ بالنَّصب، جواب الأمر، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَكَأَنَّ ابْنَ شُبْرُمَةَ): (كأنَّ)؛ بالتَّشديد، من أخوات (إنَّ)، (ابن): مَنْصُوبٌ، اسمُها.
قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ): قائل ذلك هو إسرائيل، أبو موسى، المُترْجَم أعلاه، و (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، واسم أبي الحسن يسارٌ، تَقَدَّمَ.
قوله: (بِالْكَتَائِبِ): هي جمع (كتيبة)؛ وهي الجيش، وقد تَقَدَّمَت.
قوله: (قَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ): كذا في أصلنا: بغير ياء، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوويَّ قال: (إنَّ الصحيح في «العاصي» و «ابن أبي الموالي» و «ابن الهادي» و «اليماني»: إثباتُ الياء)، وقدَّمت الكلام على (العاصي) خاصَّة في أوَّل هذا التعليق في ياء، وعَمرٌو: صحابيٌّ مشهور شهرةً كبيرةً رضي الله عنه.
قوله: (حَتَّى تَدْبُرَ [2] أُخْرَاهَا): (تَدْبُر)؛ بفتح المُثَنَّاة فوق، ثمَّ دال ساكنة مهملة، ثمَّ مُوَحَّدة مضمومة، ثمَّ راء، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: تخلفها وتقوم في مقامها) انتهى، ولغيره قريبٌ منه.
قوله: (مَنْ لِذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال بالتَّشديد والتخفيف، وأنَّ القاعدة: إذا كان المُفرَد مُشدَّدًا؛ كـ (ذريَّة)، و (أثفيَّة)، و (سُريَّة)؛ يجوز في جمعه التَّشديدُ والتَّخفيف.

(1/12645)


قوله: (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ): الظاهر أنَّه عبد الله بن عامر بن كُرَيز بن عبد شمس بن عبد مناف، عامل عثمان بن عَفَّانَ على البصرة، يروي عن جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، روى عنه النَّاس، مات بمكَّة، ودُفِن بعرفات سنة تسع وخمسين قبل معاوية بسنة، وكنيته أبو عبد الرَّحْمَن، وقد قيل: إنَّ له من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رؤيةً، وهو الذي افتتح عامَّة فارس، وكَرْمان، وسِجِسْتان، والله أعلم، له ترجمةٌ في «الاستيعاب» حسنةٌ، وكذا في «تجريد الذَّهَبيِّ».
قوله: (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ): الظاهر أنَّه عبد الرَّحْمَن بن سَمُرة بن حَبِيب بن عبد شمس العبشميُّ، وقيل: ابن حَبِيب بن ربيعة بن عبد شمس، من مُسلِمة الفتح، وكان اسمه عبدَ كلال، وقيل: عبد الكعبة، فغيَّره النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، نزل البصرة، وعلى يده فُتِحت سِجِستان وكابل، روى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعنه: الحسن البصريُّ، وعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وابن سيرين، وغيرُهم، قال ابن سعد: استعمله عبد الله بن عامر على سجستان، وغزا غزواتٍ بخراسان، ورجع إلى البصرة، وبها مات سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، أخرج له الجماعة.
قوله: (فَنَقُولُ لَهُ: الصُّلْحَ): هو مَنْصُوبٌ بفعل مُقدَّر.
قوله: (قَالَ الْحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام في سماع الحسن البصريِّ من أبي بكرة نُفَيع بن الحارث، وهذا صريحٌ فيه ورادٌّ على مَن أنكره، وقد تَقَدَّمَ ذلك، والله أعلم.

(1/12646)


[حديث: ما خلف صاحبك فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد]
7110# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظُ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار، و (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ): هو أبو جعفر الباقرُ، و (حَرْمَلَةَ مَوْلَى أُسَامَةَ [أَخْبَرَهُ]: قَالَ عَمْرٌو: وَقَدْ رَأَيْتُ حَرْمَلَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على (حَرْمَلَةَ) مولى أسامة بن زيد في (المناقب) قبيل (مناقب عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب)، وذكرتُ فيه مؤاخذة؛ فانظرها، و (أسامة): هو ابن زيد بن حارثة بن شَراحيل، مولى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وابن مولاه، وحبُّه، وابن حِبِّه، تَقَدَّمَ.
قوله: (إِلَى عَلِيٍّ): هو أبو الحسن عليُّ بن أبي طالب الهاشميُّ رضي الله عنه، أحد الخلفاء الراشدين.
قوله: (مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ؟): (خلَّف)؛ بتشديد اللَّام، و (صاحبَك): مَنْصُوبٌ مفعولُ (خلَّف)؛ والمعنى: أيُّ شيء أخَّرهُ؟
قوله: (فِي شِدْقِ الأَسَدِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الشِّدق) بالدَّال المُهْمَلَة، وقد قال القاضي عياض في «المشارق» _وكذا في «المطالع» _: (بالمُعْجَمَة) انتهى، وهذا شيءٌ لا يُعرَف، والله أعلم.
قوله: (وَلَكِنَّ هَذَا أَمْرٌ [1] لَم أَرَهُ): يعني: القتال في الفتنة، وقد ذكرت في أوَّل (كتاب الفتن) أنَّه قعد عن القتال فيها جماعةٌ، وعددتهم؛ منهم: أسامة بن زيد.
قوله: (فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا): كذا أحفظه، وكذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وكذا حلَّه شيخُنا، وبخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (صوابه: يغني)، كذا قال، وكانت الجادَّة: (يغنِ) _والله أعلم_ مع ما فيه، ولكن له معنًى صحيحٌ.
قوله: (إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ): (الحسن) و (الحسين): ابنا عليِّ بن أبي طالب، وهذا مَعْرُوفٌ، و (ابن جعفر): عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ابن عمِّهما رضي الله عنهم.
==========
[1] في الأصل: (مرٌ).
[ج 2 ص 811]

(1/12647)


[باب: إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه]

(1/12648)


[حديث: ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة]
7111# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمةَ السَّخْتيَانيُّ.
قوله: (يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، تَقَدَّمَ مُترجَمًا ببعض ترجمة، مقدوحٌ في عدالته، قال الإمام أحمد: ليس بأهل أن يُروى عنه، تُوُفِّيَ سنة أربع وستِّين في ثالثٍ وعشرين ربيع الأوَّل، وقال الجاحظ: في صَفر.
قوله: (جَمَعَ [ابْنُ عُمَرَ] حَشَمَهُ): (الحَشَم): الخدم، و (حَشَم الرَّجل): خدمه، ومن يغضب له، سمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يغضبون له.
قوله: (وَوَلَدَهُ): قال ابن قُتَيْبَة: كان لابن عمر مِن الأولاد: سالمٌ، وعبدُ الله، وعاصمٌ، وحمزةُ، وبلالٌ، وواقدٌ، وبناتٌ كانت واحدةٌ منهنَّ عند عمرو بن عثمان، وأخرى عند عروة بن الزُّبَير، والله أعلم، وما أدري مَن جمعه إذ ذاك.
قوله: ([يُنْصَبُ] لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ): (يُنْصَبُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (لواءٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
[ج 2 ص 811]
قوله: (أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ): (يُبايَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رجلٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ).
قوله: (وَلاَ بَايَعَ فِي ذَلِكَ [1]): هو بمُوحَّدة في أوَّله، كذا في أصلنا، وفي نسخة: (تابع)؛ بمُثَنَّاة فوق في أوَّله، وهذه أظهر.
قوله: (إِلَّا كَانَتِ الْفَيْصَلَ): (الفَيصلَ)؛ بالنصب، خبرُ (كان)، و (الفيصل [2]) بمعنى: الفصل؛ يريد: قطيعة ما بيني وبينه، يقال: قضاء فصل، وفيصل، وفاصل؛ أي: يفصل الحقَّ من الباطل، قاله في «المطالع»، ولابن الأثير: («الفيصل»؛ أي: القطيعة التامَّة، والياء زائدة).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي اليونينيَّة» و (ق): (هذا).
[2] في (أ): (والفصيل)، والمثبت من مصدره.

(1/12649)


[حديث: إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة]

(1/12650)


7112# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، و (أَبُو شِهَابٍ) بعده: قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد ربِّه بن نافع الحنَّاط المدائنيُّ، صاحب الطعام، اتَّفقا عليه وعلى عبد ربِّه بن سعيد بن قيس، وانفرد مسلمٌ بعبد ربِّه أبي نعامة السِّعديِّ، وبأبي نعامة عمرو بن قيس، وبعبد ربِّه أبي سعيد الشَّاميِّ) انتهى، فقوله: (وانفرد مسلم بعبد ربِّه أبي [1] نعامة السَّعديِّ)؛ أي: انفرد به مسلم عن البُخاريِّ، وهذا ظاهِرٌ، وقيل: اسمُ أبي نعامة عمرٌو، وقوله: (وبأبي نعامة عمرو بن قيس): كذا وجدت بخطِّ الناقل عن الدِّمْيَاطيِّ، والذي أعرفه إنَّما هو أبو نعامة عمرو بن عيسى، لا عمرو بن قيس، و (أبو شهاب الحنَّاط): اثنان؛ أحدهما: أبو شهاب الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رَباح، روى عنه: أبو نعيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (كتاب الحجِّ)، والآخر: أبو شهاب الأصغر، واسمه عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، يروي عن يونس بن عبيد، وابن عون، وعاصم الأحول، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، رويا له جميعًا، روى له البُخاريُّ في آخر (الزكاة)، و (الأشربة)، و (الاستقراض)، و (الكفَّارات)، و (التوحيد)، حدَّث عنه: أحمد بن عبد الله بن يونس وعاصم بن يوسف، قال البُخاريُّ: (عبد ربِّه بن نافع أبو شهاب الحنَّاط صاحب الطعام، سمع مُحَمَّدَ بن سوقة، ويونس بن عُبيد، وعوفًا الأعرابيَّ)، و (عَوْف): هو ابن أبي جَمِيلة، الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو المِنْهَال): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو المنهال: سيَّار بن سلامة التَّميميُّ الحنظليُّ اليربوعيُّ الرِّياحيُّ، اتَّفقا عليه، وعلى أبي الحكم سيَّار بن أبي سيَّار، وعلى أبي المنهال عبد الرَّحْمَن بن مطعم، عن ابن عَبَّاس، والبَراء، وزيد بن أرقم) انتهى، واعلم أنَّ (أبا المنهال) اثنان؛ كلاهما تابعيٌّ؛ أحدهما: أبو المنهال الرِّياحيُّ هذا، واسمه سيَّار بن سلامة البصريُّ، سمع أبا برزة الصَّحَابيَّ، روى عنه: خالد الحَذَّاء، وعوف الأعرابيُّ، وشعبة، والآخر: أبو المنهال الكوفيُّ، واسمه عبد الرَّحْمَن بن مطعم، سمع البَراء، وزيد بن أرقم، وابن عَبَّاس، روى عنه: عَمرو بن دينار، وحَبِيب بن أبي ثابت، وعبد الله بن كَثِير، وسليمان الأحول، وكلاهما مُخرَّج له في «البُخاريِّ» و «مسلم»، بل في «الجماعة»،

(1/12651)


والله أعلم.
قوله: (لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بِالشَّأْمِ): (ابن زياد): هو عُبيد الله بن زياد ابن أبيه، مشهور التَّرجمة، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمة أبيه، و (مروان): ابن الحكم، قَدَّمْتُ أيضًا بعض ترجمته.
قوله: (وَثَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، الصَّحَابيُّ ابن الصَّحَابيِّ رضي الله عنهما.
قوله: (وَوَثَبَ الْقُرَّاءُ بِالْبَصْرَةِ): (القرَّاء) لا أعرفهم بأعيانهم.
قوله: (إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ): (أبو بَرْزَة)؛ بفتح المُوَحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، واسمه نضلة بن عُبَيد على الصَّحيح، وقيل: نضلة بن عائذ، وقيل: ابن عبد الله، تُوُفِّيَ سنة ستِّين، قاله الذَّهَبيُّ في «تجريده»، وقال في «الكاشف»: بقي إلى سنة (64 هـ)، وفي «التذهيب»: قال خليفة: وافى خراسان ومات بها بعد سنة (64 هـ) رضي الله عنه.
قوله: (علِّيَّةٍ لَهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (علِّيَّة): بضَمِّ العين وكسرها، والجمع: العلاليُّ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا.
قوله: (فَأَنْشَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة في أوَّله وفي آخره؛ أي: ابتدأَ.
قوله: (يَسْتَطْعِمُهُ الْحَدِيثَ): أي: يطلب منه أن يحدِّثه.
قوله: (عَلَى أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ): (الأحياء): جمع (حيٍّ)، و (الحيُّ): اسم لمنزل القبيلة، ثمَّ سُمِّيت القبيلة به؛ لأنَّ بعضهم يحيا ببعض، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (إِنَّ ذَاكَ الَّذِي بِالشَّأْمِ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة، وتشديد النُّون.
قوله: (إِنْ يُقَاتِلُ): (إنْ)؛ بكسر الهمزة، وإسكان النُّون، وهي نافية؛ بمعنى: (ما)، و (يقاتلُ): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمه ناصب ولا جازم.
==========
[1] في (أ): (بن)، والمثبت موافقٌ للموضع السَّابق.
[ج 2 ص 812]

(1/12652)


[حديث: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي]
7113# قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.
قوله: (عَنْ حُذَيْفَةَ ابْنِ الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح: إثباتُ الياء فيه، وفي (ابن أبي الموالي)، و (ابن العاصي)، و (ابن الهادي)، وهو في أصلنا هنا: بغير ياء، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمه حُسَيل، ويقال: حِسْل، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: اليماني، وهو صحابيٌّ رضي الله [عنه] كابنه حذيفةَ.
==========
[ج 2 ص 812]

(1/12653)


[حديث: إنما كان النفاق على عهد النبي]
7114# قوله: (حَدَّثَنَا خَلَّادٌ): هو خلَّاد بن يحيى السُّلميُّ الكوفيُّ بمكَّة، عن عبد الواحد بن أيمن ومسعر بن كدام، وعنه: البُخاريُّ، وحنبل، وبِشْر بن موسى، ثقة يَهِم، تُوُفِّيَ سنة (217 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (مِسْعَر): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن كدام، وقد تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (حَبِيب بْن أَبِي ثَابِتٍ)؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الشَّعْثَاء) هذا: هو سُلَيم بن أسود، المحاربيُّ الكوفيُّ، ترجمته معروفة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ جماعة، قال
[ج 2 ص 812]
الهيثم وخليفةُ: تُوُفِّيَ بعد الجماجم، زاد خليفة: سنة اثنتين وثمانين.

(1/12654)


[باب: لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور]
قوله: (حَتَّى يُغْبَطَ أَهْلُ الْقُبُورِ): (يُغبَط): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل.
قوله: (حَتَّى يُغْبَطَ أَهْلُ الْقُبُورِ): أي: يَحْسُدوا موتاهم، ويُحمَد ذلك لهم، ويُتَمنَّى الموت؛ لفساد الزمان، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام في (الغبطة).
==========
[ج 2 ص 813]

(1/12655)


[حديث: لا تقوم الساعة يمر الرجل بقبر الرجل ... ]
7115# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (فَيَقُولَ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ): (يقول): مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروفٌ.
==========
[ج 2 ص 813]

(1/12656)


[باب تغيير الزمان حتى يعبدوا الأوثان]
قوله: (حَتَّى تُعْبَدَ الْأَوْثانُ [1]): (تُعبَد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأوثانُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ ما (الأوثان)، وفي نسخة: (حتَّى يعبدوا الأوثانَ)، وعلى هذه: (صح) في أصلنا، وهي في الهامش.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (يَعْبُدُوا الْأَوْثانَ).
[ج 2 ص 813]

(1/12657)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس]
7116# وله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب؛ لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ): (أَلَيات)؛ بفتح الهمزة واللَّام؛ ومعناه: أعجازهنَّ، جمع (ألْيَةٍ)؛ كـ (جَفْنَة وجَفَنَات)، قال في «النهاية»: (أراد: أن لا تقوم السَّاعة حتَّى ترجع نساء دوس عن الإسلام، فتطوف نساؤهم بذي الخلصة، وتضطرب أعجازهنَّ في طوافهنَّ كما كنَّ يفعلن في الجاهليَّة، والله أعلم.
قوله: (عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (ذي الخَلَصة)، وأنَّه بيت كان فيه صنمٌ لدوس، وخثعم، وبجيلة، وغيرهم، وقيل: (ذو الخَلَصة): الكعبة اليمانيَّة التي كانت باليمن، فأنفذ إليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جَرِير بن عبد الله، فحرَّقها، وقيل: (ذو الخَلَصة): اسم الصنم نفسِه، قال ابن الأثير: (وفيه نظر؛ لأنَّ «ذو» لا تضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس)، انتهى، وقال في هذا الحديث هنا: (وَذُو الْخَلَصَةَ: طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّاغية) ما هي، و (ذو الخُلُصة)؛ بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة واللَّام في قول ابن إسحاق، وبفتحهما في قول ابن هشام، قاله السُّهَيليُّ في «روضه»، وقال القرطبيُّ في «تذكرته» بعد أن ذكر اللُّغتين من كلام ابن دحية: وقَيَّدهُ الإمام أبو الوليد الكنانيُّ الوقشيُّ: بفتح الخاء، وسكون اللَّام، وكذا قاله ابن دريد.
==========
[ج 2 ص 813]

(1/12658)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان]
7117# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو العامريُّ الأويسيُّ الفقيه، عن مالك ونافع بن عمر، وعنه: البُخاريُّ وأبو زُرْعة، ثقة مُكثِرٌ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، ثقة جليل، له ترجمة في «الميزان»، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن بلال، و (ثَوْر): هو ابن زيد، و (أَبُو الغَيْثِ): هو سالمٌ مولى ابن مُطِيع، تَقَدَّمَ.
قوله: (رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ): (قحطان): هو أبو اليمن، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في أوَّل (مناقب قريش)، وهذا (الرَّجل): قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (ولعلَّ هذا القحطانيَّ هو الرَّجل الذي يقال له: الجهجاه، وأصلُ الجهجهة: الصِّياح بالسَّبُع).
قوله: (يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ): هو كناية عن استقامة النَّاس، وانقيادهم إليه، واتِّفاقهم عليه، ولم يُرِد نفس العصا، وإنَّما ضربها مَثَلًا؛ لطاعتهم له، واستيلائه عليهم، إلَّا أنَّ في ذكرها دليلًا على خشونته عليهم وعنفه بهم، وقد قيل: إنَّه يسوقهم بعصاه كما تُساق الإبل والماشية؛ وذلك لشدَّة عنفه وعَدْوَاهُ، قاله القرطبيُّ في «تذكرته».
==========
[ج 2 ص 813]

(1/12659)


[باب خروج النار]
قوله: (بَابُ خُرُوجِ النَّارِ): خرجت بالمدينة المُشرَّفة نارٌ سنة خمس وخمسين وستِّ مئة في أوَّل السَّنة، وورد الخبرُ بها، وقيل: إنَّها خرجت سنة أربع وخمسين، وكانت نارًا عظيمةً جدًّا، خرجت من جنب المدينة الشَّرقيِّ وراء الحرَّة، وتواتر العلم بها عند جميع أهل الشَّام وسائر البلدان، وكانت تظهر باللَّيل، ويكون لها نورٌ عظيمٌ يظهر من مسافة بعيدة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 813]

(1/12660)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز]
7118# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يقال أبوه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه لا يقال إلَّا بالفتح.
قوله: (حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ): تَقَدَّمَ أعلاه (النَّار) التي خرجت في جانب الحرَّة الشرقيِّ، وكان ذلك في سنة كم؛ فانظره، ولعلَّها هذه، والله أعلم.
قوله: (تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى): (تُضِيء)؛ بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، و (أعناقَ): مَنْصُوبٌ مفعول، يقال: أضاءت النارُ، وأضاءت غيرَها، و (بُصرى): مدينة معروفة بالشَّام، وعن أبي البقاء: أنَّه لو رُوِي (أعناقُ) بالرَّفع؛ لكان له وجهٌ؛ أي: تضيء أعناقُ الإبل به، كما جاء في الحديث الآخر: (أضاءت له قصورُ الشَّام).

(1/12661)


[حديث: يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب]
7119# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، والضَّمير في قوله: «عن جدِّه» يعود إلى عُبَيد الله بن عمر بن حفص الرَّاوي عن خُبَيب)، انتهى، و (خُبَيب بن عبد الرَّحْمَن)؛ بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه (خُبَيب بن عبد الرَّحْمَن): (ابن عبد الله بن خُبَيب بن إساف، قاله ابن سعد، وكان لخُبَيب ولدان؛ عبد الله، وعبد الرَّحْمَن)، انتهى.
قوله: (يُوشِكُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ معناه: يقرب ويُسرِع.
قوله: (الْفُرَاتُ): هو بالتاء الممدودة، هكذا ذكرها غيرُ واحد، وذكر الصاحبُ كمال الدين أبو حفص عمر بن العديم صاحب «تاريخ حلب» فيما رأيته بخطِّه في الجزء الأوَّل في المُبيَّضة من هذا «التاريخ» المذكور ما لفظه: (قرأتُ بخطِّ الحافظ السِّلفيِّ في رسالة كتبها أبو المُظفَّر إبراهيم بن أحمد بن اللَّيث الأزديُّ إلى إِلْكِيَا أبي الفتح الحسنِ بن عبد الله بن صالح الأصبهانيِّ يذكر فيها سفرته، قال في أثنائها: إلى أن حصلنا بشطِّ الفرات، وهم يقولونها: «الفراة»؛ بالهاء، ولم أك أحفها حتَّى قرأت في بعض الكتب أنَّه يقال: فرات وفراة؛ كما يقال: عنكبوت وعنكبوة، وتابوت وتابوة، هذا على أن تكون لغةً لهم، ولا تكون على سبيل الاعتقاب)، انتهى.
[ج 2 ص 813]
قوله: (أَنْ يَحْسِرَ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، وكسر السين المُهْمَلَة، كذا ضبطه الشيخ محيي الدين بالمُثَنَّاة تحت؛ أي: يكشف لذهاب مائه، وهذا التقييد ظاهر؛ لأنَّ (الفراتَ) في اللُّغة: الماء العذب، و (الفرات) هنا: اسم نهر معروف، وفي أصلنا: بالمُثَنَّاة فوق بالقلم، وكذا في المكان الثاني الآتي، وهو قريب، ولكن الرواية المُتَّبعة.

(1/12662)


قوله: (قَالَ عُقْبَةُ: وَحَدَّثَنَاهُ [1] عُبَيْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (عقبة)؛ فهو ابن خالد المذكور في السَّند الذي قبله، وهو عقبة بن خالد السَّكُونيُّ، الحافظ، أخرج له الجماعة، ووُثِّق، وله ترجمةٌ في «الميزان»، و (عُبَيد الله): تَقَدَّمَ في ظاهرها الكلام عليه، و (أبو الزِّناد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأعرج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وقوله: (قال عقبة): صورة هذا صورة تعليق، وكذا هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بغير واو، ولو قاله بالواو؛ كان أوضح؛ وذلك لأنَّ هذا الحديث معطوفٌ على الحديث الذي قبله بإسناده، فرواه البُخاريُّ عن عبد الله بن سعيد الكنديِّ: حَدَّثَنَا عقبة عن عبيد الله، عن أبي الزِّناد به، والذي قبله رواه بإسناده إلى عقبة، عن عبيد الله، عن خُبَيب بن عبد الرَّحْمَن، وهذا الذي قلته هو كذلك في «أطراف المِزِّيِّ»، فإنَّه لمَّا طرَّف الأوَّل؛ قال: وعن عُبيد الله بن عمر عن أبي الزِّناد ... ؛ فذكره، وكذا عمل في ترجمة عبيد الله: عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ... ؛ أشار إلى الحديث، وقال في ترجمة حفص بن عاصم: (عن أبي هريرة)؛ يعني: تَقَدَّمَ، ورقَّم عليه أنَّه كذلك _أعني: بالسَّند الثاني_ في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرْمِذيِّ».
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وحدَّثنا).

(1/12663)


[باب [فيضان المال]]

(1/12664)


[حديث: تصدقوا فسيأتي على الناس زمان يمشي الرجل بصدقته]
7120# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.
قوله: (قَالَ مُسَدَّدٌ: حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ لأُمِّهِ): كذا هو في أصلنا ثابتٌ، و (حارثة) المشار إليه: هو _المذكور في سند الحديث الذي ساقه، وهو بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف ثاءٌ مُثَلَّثَة_ ابن وهب، أمُّهما أمُّ كلثوم بنت جَرول الخزاعيِّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها في (الشروط)، وإنَّي لا أعرفُ لها إسلامًا، وابنها حارثة بن وهب صحابيٌّ مشهورٌ، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 814]

(1/12665)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان]
7121# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن هرمز الأعرج، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ ... ) إلى آخره: هذا من المعجزات، وهو الإخبار بالمغيَّبات، وقد كان ذلك في الصَّدر الأوَّل؛ عليٍّ ومعاويةَ رضي الله عنهما، قاله القرطبيُّ في «تذكرته»، انتهى، وقد قُتِل بينهما سبعون ألفًا في صِفِّين؛ خمسة وعشرون من أهل العراق، وخمسة وأربعون من أهل الشَّام.
قوله: (وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ): جاء تعيينُ عددهم في بعض الطُّرق: (سبع وعشرون؛ منهم أربعُ نسوة)، كذا رأيته في «مسند أحمد» من حديث حذيفة: (أنَّ نبيَّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «في أمَّتي كذَّابون ودجَّالون سبعةٌ وعشرون؛ منهم أربعُ نسوة، وإنِّي خاتم النَّبيِّين، لا نبيَّ بعدي»، وقد عزاه القرطبيُّ في «تذكرته» لأبي نعيم _يعني: الأصبهاني_؛ لأنَّه قال: هذا غريب، تفرَّد به معاذ بن هشام وجودًا في «كتابه» بخطِّ أبيه حدَّث به أحمد ابن حنبل عن عليٍّ)، انتهى، ومن هذه الطَّريق رواه أحمد في «المُسنَد»، والله أعلم.
قوله: (وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ): (يُقبَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العلمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ؛ وَهْوَ الْقَتْلُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (فَيَفِيضَ): هو مَنْصُوبٌ، ونصبه ظاهر.
قوله: (حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ): (يُهِمَّ)؛ بضَمِّ أوَّله، وكسر الهاء، وتشديد الميم، و (ربَّ): مَنْصُوبٌ، وهي بمعنى: صاحب، وهذا ظاهِرٌ، و (مَن يقبلُ): مَرْفُوعٌ فاعل (يهمَّ)؛ أي: يغمُّه ذلك؛ لعدمه ويحزنُه، مِن (أهمَّ)، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وهذا هو المشهور، ورُوِي بفتح الياء من (يَهِمُّ)، ورفع (ربُّ)، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الزكاة) مُطَوَّلًا.
قوله: (وَحَتَّى يَعْرِضَهُ): هو بفتح أوَّله، وكسر الرَّاء، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12666)


قوله: (لَا أَرَبَ): (الأَرَب)؛ بفتح الهمزة والراء، وبالموحَّدة، ويجوز كسر الهمزة، وإسكان الرَّاء: الحاجة.
قوله: (وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في قوله: (حتَّى يُغبَط أهل القبور) قريبًا.
قوله: (لِقْحَتِهِ): تَقَدَّمَ ما (اللِّقحة).
قوله: (فَلاَ يَطْعَمُهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكله.
قوله: (وَهْوَ يَلِيطُ [1] حَوْضَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، ولاط الحوض: طيَّنه وأصلحه، وأصله: من اللُّصوق، قال ابن الأثير: («وهو يَلوط حوضه»، وفي روايةٍ: «يَلِيط»)، انتهى، وقال شيخنا هنا: (كذا وقع رباعيًّا من «ألاط» ... ) إلى أن قال: (فهو يصحُّ على هذا بفتح الياء، لكنَّهم روَوه بضمِّها)، انتهى، وقد ذكرته لك ثلاثيًّا، ولا أحفظه إلَّا كذلك، والله أعلم، قال ابن القطَّاع: (لاط الحوض لَوْطًا ولَيْطًا: أصلحه، والشيءَ بالشيء: ألصقه به، وألاط الولدَ بأبيه: نسبه إليه، وألاطه بصرَه: أتبعه حتَّى يتوارى، ولاط الحبُّ بالقلب، والشيء بالشَّيء لوطًا ولَيْطًا: لصق، والإنسانَ: ضربه، ولاط ولاوط: عَمِلَ [عَمَلَ] قومِ لوط) انتهى.
قوله: (وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ): هي بضَمِّ الهمزة؛ اللُّقمة، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَلَا يَطْعَمُهَا): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكلها، وهذا تَقَدَّمَ قريبًا.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يُلِيط)؛ بضمِّ الياء.
[ج 2 ص 814]

(1/12667)


[باب ذكر الدجال]
[ج 2 ص 814]
قوله: (بَابُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ): فائدةٌ: ذكر الإمام السُّهَيليُّ في «روضه» ما لفظه: (ومن أغربها _أي: أغرب الأحاديث الواردة في المهديِّ_ ما ذكره أبو بكر الإسكاف في «فوائد الأخبار» مُسنَدًا إلى مالك بن أنس عن مُحَمَّد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «من كذَّب بالدَّجَّال؛ فقد كفر، ومن كذَّب بالمهديِّ؛ فقد كفر»، وقال في طلوع الشَّمس من مغربها مثل ذلك، فيما أحسب) انتهى كلام السُّهَيليُّ.
(الدَّجَّال): هو المسيح الكذَّاب، سُمِّي دجَّالًا؛ لتمويهه، والدَّجل: التمويه والتَّغطية، دجل فلان؛ إذا موَّه، ودجل الحقَّ؛ غطَّاه بباطله، وحكى ابن فارس عن ثعلب نحوَ ما ذكرتُه، وحكى عنه غيره: أنَّه سُمِّي دجَّالًا؛ لكذبه، وكلُّ كاذب دجَّال، وجمعه: دجَّالون، وقد وقع من كلام مالك بن أنس الإمامِ المجتهدِ في حقِّ مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار إمامِ أهل المغازي: أنَّه دجَّال مِن الدَّجاجلة.
و (المسيح الدَّجال): اختُلِف في ضبطه، ولِمَ سُمِّي مسيحًا، فمن أراد الوقوف عليه؛ فلينظر «تذكرة القرطبيِّ»، فإنَّه ذكر فيه أقوالًا عشرة، ولفظه: («الدَّجَّال»: ينطلق على عشرة وجوه ... )؛ فذكرها، وأمَّا لفظه في (المَسِيح)؛ فقال أيضًا في «تذكرته»: (واختُلِف في لفظة «المَسِيح» على ثلاثة وعشرين قولًا ذكرها ابن دحية في «مرج البحرين» ... )؛ فذكرها، انتهى، ثمَّ عزاها في الآخر لابن دحية، وذكر شيخنا في «القاموس» ما نصُّه: (و «المسيح»: عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ لبركته، وذكرت في اشتقاقه خمسين قولًا في شرحي لـ «مشارق الأنوار» وغيره، والدَّجال؛ لشؤمه، أو هو كـ «سِكِّير»)، انتهى [1]، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (الصَّلاة)، وقد ذكر شيخُنا الشارح رحمه الله في الدَّجال غرائبَ، فمَن أرادها؛ فليقف عليه في (باب ما ذُكِر في بني إسرائيل).

(1/12668)


و (المَسِيح الدَّجَّال): بفتح الميم، وكسر السين، هذا هو المشهور، وقال بعضهم: وبكسرهما مع التشديد في السين، فمَن شدَّد؛ فهو ممسوح العين، ومَن خفَّف؛ فهو من السياحة؛ لأنَّه يمسح الأرض، أو لأنَّه ممسوح العين اليمنى؛ أي: أعْوَرُها، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: ومنهم من قاله بالخاء؛ يعني: المُعْجَمَة، وذلك كلُّه خطأ عند أهل العلم، ولا فرق بين المسيح ابن مريم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسيح الدَّجَّال في النطق بهما، وكذا نطق به صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ونقله أصحابه، والله أعلم.
وقد جاءت الاستعاذة من فتنته، وأنَّها أعظم الفتن، وأنَّه أعور العين اليمنى، وجاء في «مسلم»: (اليسرى)، وقد قَدَّمْتُ الجمعَ بينهما، وهو أنَّهما معيبتان؛ إحداهما: طافئة؛ بالهمزة: ذاهبة النور عمياء لا يبصر بها شيئًا، والثانية: طافية؛ بلا همز؛ أي: ناتئة، لكنَّه يبصر بها، قال ابن دحية: ويجوز أن يراد باليمنى واليسرى بالنسبة إلى الرائي، لا إلى الدَّجَّال، فإن قيل: لِمَ لم تكن اليسرى وَهَمًا قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «التمهيد»: وفي حديث سَمُرَة: (أنَّه أعور العين الشِّمال عليها ظفرة غليظة)، وفي حديث مالك: (اليمنى)، وحديث مالك أصحُّ من جهة الإسناد، ولم يزد، وقال ابن دحية: الطرق كلُّها صحيحةٌ، انتهى؟
والجواب: أنَّ الألفاظَ كلَّها صحيحةٌ، والجمع ممكنٌ، وقد قدَّمته، وقد روى أبو داود الطيالسيُّ في «مسنده» من حديث سفينة قال: (خَطَبَنا رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «لم يكن نبيٌّ إلَّا وقد أنذر أمَّته الدَّجَّالَ، ألا وإنَّه أعور العين الشمال، وباليمنى ظفرة ... »؛ الحديث، وخرَّجه البغويُّ في الجزء العاشر من «مختصر المعجم» له من حديث سفينة مرفوعًا، ولفظه: «إنَّه لم يكن نبيٌّ قبلي إلَّا وقد حذَّر أمَّتَه الدَّجَّالَ، إنَّه أعور عينه اليسرى، بعينه اليمنى ظفرة غليظة ... »؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ من حديث سَمُرة: أنَّ الظفرة على العين الشِّمال، فيحتمل _والله أعلم_ أنَّ كلَّ عينٍ عليها ظفرة، وفي حديث حذيفة: (أنَّ الدَّجَّال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة)، وإذا كانت الممسوحة المطموسة عليها ظفرة؛ فالتي ليست كذلك أولى، فتتَّفق الأحاديث، أو نقول كما قال ابن دحية في أعور العين اليمنى، وأعور العين اليسرى، والله أعلم.

(1/12669)


ويمكث في الأرض أربعين يومًا؛ يومًا كسنة، يومًا كشهر، ويومًا كجمعة، وسائر أيَّامه كأيَّامنا، ومكتوب بين عينيه (كـ ف ر)، وسيأتي الكلام على هذه الكتابة، ويتبعه سبعون ألفًا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة، وأنَّ عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ينزل من السماء، فيقتله بباب لدٍّ؛ البلدة المعروفة بقرب بيت المقدس، وكان السَّلَف يستحبُّون أن يُلَقَّنَ الصبيانُ أحاديثَ الدَّجَّال؛ ليحفظوها، وترسخَ في نفوسهم، ويتوارثها الناس، وقد قَدَّمْتُ الكلام في ابن صيَّاد عبدِ الله هل هو الدَّجَّال أم لا، في (كتاب الجنائز).
فائدةٌ: في «التِّرْمِذيِّ» وغيرِه: (أنَّه يخرج من أرضٍ يُقال لها: خراسان)، وفي «ابن ماجه»: (من قريةٍ يُقال لها: اليهوديَّة)، وفي كتاب أبي نُعَيم بن حَمَّاد: (يخرج من خلَّة بين الشام والعراق)، وهذا في «مسلم»، وفي حفظي: (أنَّه يخرج من قريةٍ يُقال لها: جَيٌّ من أصبهان)، وفي «الطَّبَرانيِّ الكبير» و «الأوسط»: (خروجه من أصبهان من قريةٍ يُقال لها: رُسْتَفاذ)، وقال أبو هريرة: يخرج من قريةٍ بالعراق، وقال الصِّدِّيقُ: يخرج من مروَ بين يهودِ تيماء، وقال يحيى بن سعيد القَطَّان عن سليمان بن عيسى: بلغني أنَّه يخرج من جزيرة أصبهان في البحر يُقال لها: ماطُولة، وقال عبد الله بن عَمرو: يخرج من كُوشا، ونقله التاريخيُّ عن ابن مسعود أيضًا، وهذا الاختلاف في موضع خروجه يُحمَل على أنَّه يخرج مرَّةً بعد مرَّةٍ، فأمَّا مروُ، وأصبهان، وشبههما؛ فشيءٌ واحدٌ؛ لأنَّه تارةً عبَّر بالإقليم، وتارةً بالبلد، وتارةً بالمكان، فلا اختلافَ، قاله شيخُنا.
فائدةٌ: روى أبو القاسم البغويُّ من حديث مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب، عن حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان، عن سَفينة: (أعور العين اليسرى عليها ظفرة غليظة، معه ملكان يشبهان نبيَّين، لو شئت؛ لسمَّيتهما بأسمائهما وأسماء آبائهما)، قال شيخُنا: وقد سلف أنَّ جبريلَ وميكائيلَ يمنعانه من مكَّة والمدينة، وقال ابن برجان في «إرشاده»: (الذي يغلبُ على ظنِّي أنَّ أحدَهما المسيحُ، والآخَرَ نبيُّنا)، انتهى.

(1/12670)


وهذا أيضًا نقله القرطبيُّ في «تذكرته»، ولكن يردُّه: (وأسماء آبائهما)، وإن كان يقبل التأويلَ، لكنَّ ظواهرَ الأحاديث التي في نزول عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقيَّ دمشق وطلبه الدَّجال تردُّ ذلك، وكذا قوله في الحديث: (هذه قرية ذاك الرجل)، ولو كان معه ملك يشبهه؛ لقال: هذا الرجل، والله أعلم.
قال شيخُنا: وفي الحديث: (أنَّ أمَّه تلده وهي منبوذةٌ في قبرها)، ويُقال: كانت أمُّ شقٍّ جنيَّةً عشقت أباه، فأولدها الدَّجَّالَ، واسمه جوس، وقال كعبٌ فيما ذكره أبو نُعَيم: إنَّه بَشَرٌ ولدته أمُّه بقوص من أرض مصر، يكون بين مولده ومخرجه ثلاثون سنةً، ونقل شيخُنا عن جماعةٍ سمَّاهم مِنَ السَّلَف: أنَّه في بعض جزائر اليمن موثق بسبعين حَلْقةً، لا يُعلَم مَن أوثَقَهُ؛ سليمانُ أو غيرُه؟ وقد صحَّ أنَّه لا يدخل مكَّة ولا المدينة.
وقال شيخُنا: وفي «تاريخ حرَّان» لأبي الثناء حَمَّاد عن كعب قال: في الكتب المُنَزَّلة أنَّ حرَّان لا يقدر عليها، انتهى، وسمعت أنَّ في بعض التواريخ: أنَّه لا يدخل طرسوس، وللطبريِّ من حديث عبد الله بن عَمرو: (لا يدخل بيت المقدس)، وعند الطحاويِّ: (ومسجد الطور)، انتهى، والكلُّ رأيتُه في الأحاديث إلَّا حرَّان وطرسوس.
وفي «مسند أحمد» بإسناده إلى جنادة بن أبي أُمَيَّة قال: (أتينا رجلًا من الأنصار من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فدخلنا عليه، فقلنا: حَدِّثْنَا ما سمعتَ مِن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولا تحَدِّثْنَا ما سمعتَ من الناس، فشدَّدْنَا عليه، فقال: قام رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فينا، فقال: «أنذركم المسيحَ، وهو ممسوح العين ... » إلى أن قال: «لا يأتي أربعةَ مساجدَ: الكعبة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور ... »؛ الحديث، ثمَّ ذكر من طريق أخرى وفيه تقديمٌ وتأخيرٌ في المساجد، ومن طريق أخرى، ثمَّ من طريق أخرى، والله أعلم.

(1/12671)


تنبيهٌ: ذكر الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عبد الرَّحْمَن بن مُسْهِر أخي عليِّ بن مُسْهِر، كان على قضاء جَيُّلَ، ذكر فيها حكايةً عن أبي الفرج الأصبهانيِّ تتعلَّق به وسخفه، وفي آخرها: فحدَّثَ الناسَ عن مجالد، عن الشَّعْبيِّ: أنَّ كُنية الدَّجال أبو يوسف، فبلغه ذلك _يعني: بلغ القاضي أبا يوسف صاحبَ أبي حنيفة_، فقال: هذه بتلك، فحسبُك، وجِّه إليَّ أُوَلِّيك ناحيةً، ففعلَ، وأمسكتُ عنه، قال ابن معين: ليس بشيءٍ، وقال البُخاريُّ: فيه نظرٌ، وتركه أبو حاتم والنَّسائيُّ، وفيه غيرُ ذلك من الجرح.
فائدةٌ: قال شيخُنا: (في «العجائب» لابن وَصِيف: أنَّ الدَّجَّال من ولد شقٍّ الكاهنِ).
==========
[1] زيد في (أ) مُسْتَدرَكًا: (وفي «التَّذكرة» قال _أي: في لفظة المسيح_: «اختُلِف فيها على ثلاثة وعشرين قولًا ... »؛ فذكرها من عند ابن دحية)، وهو تكرار لما سبق قُبَيله.

(1/12672)


[حديث: هو أهون على الله من ذلك]
7122# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم.
قوله: (هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ ذَلِكَ): أي: هو أهون أن يجعل الله ما خلقه على يده مُضِلًّا للمؤمنين، ومُشَكِّكًا لقلوبهم، بل إنَّما جعله ليزدادَ الذين آمنوا إيمانًا، ويُثَبِّتَ الحُجَّةَ على الكافرين والمنافقين.
==========
[ج 2 ص 815]

(1/12673)


[حديث: يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة]
7124# 7125# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ): هذا هو الطَّلحيُّ الكوفيُّ الضخم، عن شيبان النَّحْويِّ فقط، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وعَبَّاس الدُّوريُّ، وغيرُ واحد، قال مُطَيَّن: تُوُفِّيَ سنة خمسَ عشرةَ ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة».
تنبيهٌ: وقع في الأصل الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ: (سعيد بن حفص)؛ بزيادة ياء، وهذه تصحيفٌ، والصوابُ: (سعدٌ)؛ كما ذكرته بغير ياء، وسعيد بن حفص النفيليُّ الحرَّانيُّ، أبو عَمرو، خالُ أبي جعفر النفيليِّ، عن زهير بن معاوية، وشَريك، ومعقل، من هذه الطبقة في «ثقات ابن حِبَّانَ»، تُوُفِّيَ سنة (237 هـ)، لكن انفرد به النَّسائيُّ فقط من بين أصحاب الكتب، والله أعلم.
و (شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا أعلاه أنَّه النَّحْويُّ، ابن عبد الرَّحْمَن، وقد قَدَّمْتُ فيما مضى مرارًا أنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، وقال ابنُ أبي داود وغيرُه: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، انتهى، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، لا يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، الأنصاريُّ لم يروِ له البُخاريُّ شيئًا عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس، إنَّما روى بهذه الطريق النَّسائيُّ فقط حديثًا واحدًا؛ فاعلمه.
قوله: (نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ): سيأتي قريبًا الكلامُ عليه.
قوله: (ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ): قال شيخُنا: قال المهلَّب: ليس من رُعبه ولا من خوفه، وإنَّما ترجُف لمن يتوق إليه من المنافقين، فيُخرِجُهم أهلُ المدينة؛ كما قال عليه السَّلام: «إنَّها تنفي خبثها».
==========
[ج 2 ص 815]

(1/12674)


[حديث: لا يدخل المدينة رعب المسيح]
7126# قوله: (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وقيل في أبيه وفيه غيرُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (مِسْعَرٌ): هو ابن كدام.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هكذا في أصلنا، وعليه علامة راويه الذي زاده في «البُخاريِّ»، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعليه (لا ... إلى)، و (ابن إسحاق): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، الإمام في المغازي، تَقَدَّمَ مترجمًا، وقد ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ أعني: تعليق ابن إسحاق ... إلى آخره، ثمَّ قال: حديث ابن إسحاق هذا في رواية أبي أحمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يوسف بن مكِّيٍّ الجُرْجانيِّ، عن الفِرَبْريِّ، عن البُخاريِّ، ولم يذكره خلف ولا أبو مسعود، انتهى.
ولم يُخَرِّج تعليقَ ابن إسحاق أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سوى البُخاريِّ، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (قلت: وصل الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» طريق [1] ابن إسحاق هذه)، انتهى.
وأمَّا حديث سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف _هذا الذي نحن فيه_؛ فقد أخرجه البُخاريُّ هنا بهذا السند الذي ذكره: عليُّ بن عبد الله، عن مُحَمَّد بن بِشْر، عن مِسْعَر، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه به، وأخرجه في (الحجِّ) عن عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، عن أبيه، عن جدِّه به، فقد انفرد به البُخاريُّ، والله أعلم.
وإنَّما أتى بهذا التعليق _على تقدير ثبوته هنا_؛ لأنَّ في السند الأوَّل إبراهيمُ عن أبي بكرة بالعنعنة، وهنا صَرَّحَ باللُّقِيِّ والسماع، وإن كان إبراهيمُ ليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف، ومحافظةً على شرطه.
==========
[1] في (أ): (طرق)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 815]

(1/12675)


[حديث: إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه]
7127# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

(1/12676)


[حديث: بينا أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر]
7128# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ): تَقَدَّمَ الكلام في صفة عيسى، و (أنَّه آدم) من حديث ابن عمر هذا، وفي حديث أبي هريرة: (أنَّه أحمرُ)، وتَقَدَّمَ كلام النَّوويِّ في الجمع بينهما، وقدَّمْتُ كلامَ الداوديِّ: أنَّ أثبتَهُما روايةُ ابنِ عمر.
قوله: (سَبْطُ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ ما (سبوطة الشَّعر)، وكذا (يَنْطفُ)، وأنَّه بكسر الطاء وضمِّها: يقطر، وكذا (يُهَرَاقُ)، وأنَّه بضَمِّ أوَّله، وفتح الهاء، ويجوز سكونها، وكذا (جَعْدُ الرَّأْسِ)؛ ما معنى (الجُعودة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (طَافِئَةٌ [1])، وعلى (ابْنُ قَطَنٍ)، وأنَّه عبد العُزَّى بن قَطَن بن عمرو بن حَبَيب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن جَذيمة _وهو المصطلق_ ابن سعْد؛ وهو كعب وعديٌّ أولاد عَمرو بن ربيعة، وأمُّ ابن قَطَن هالةُ بنت خُوَيلد بن أسد، أختُ خديجة، وهالةُ صحابيَّةٌ أيضًا رضي الله عنها، وابن قَطَن هلك في الجاهليَّة، كما في بعض طرقه، وقد قَدَّمْتُ أيضًا أنَّ أكثم بن أبي الجون يشبه الدَّجَّال، وأكثمُ صحابيٌّ، وأنَّه عليه السَّلام شبَّه عينَ الدَّجَّال بعين أبي تحيى شيخٍ من الأنصار رضي الله عنه، مُطَوَّلًا في (باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16]) في (الأنبياء) وغيرِه قريبًا.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (طَافِيَةٌ)، وفي (ق) معًا.
[ج 2 ص 816]

(1/12677)


[حديث عائشة: سمعت رسول الله يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال]
7129# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (صَالِح)، وكذا (ابْن شِهَابٍ).
==========
[ج 2 ص 816]

(1/12678)


[حديث: إن معه ماءً ونارًا فناره ماء بارد وماؤه نار]
7130# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبٌ له، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عُمير، تَقَدَّمَ، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا أنَّه كالمنسوب إلى (الرَّبِيع)، وأنَّه ابن حِرَاش؛ بالحاء المُهْمَلَة المكسورة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني، و (أَبُو مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
==========
[ج 2 ص 816]

(1/12679)


[حديث: ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب]
7131# قوله: (مَا بُعِثَ نَبِيٌّ): (بُعِث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نبيٌّ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبًا [1]: كَافِرٌ): كذا في أصلنا، وعليه علامة راويها، وفي الهامش: (مكتوبٌ)؛ بغير ألف، وصُحِّحَ عليه، فعلى هذه يكون الضميرُ اسمَها؛ تقديره: وإنَّه بين عينيه، والله أعلم.
قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (الصحيح الذي عليه المحقِّقون: أنَّ هذه الكتابة على ظاهرها، وأنَّها كتابةٌ حقيقةً، جعلها الله عزَّ وجلَّ آيةً وعلامةً من جملة العلامات القاطعة بكُفره وكذبه وإبطاله، ويظهرها الله عزَّ وجلَّ لكلِّ مؤمنٍ؛ كاتبٍ وغير كاتب، ويخفيها عمَّن أراد شقاوَتَه وفتنتَه، ولا امتناعَ في ذلك، وذكر القاضي فيه خلافًا؛ منهم مَن قال: هي كتابةٌ حقيقةً، كما ذكرنا، ومنهم من قال: هي مجازٌ وإشارةٌ إلى سِمَات الحَدَثِ عليه، واحتجَّ بقوله: «يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ؛ كاتبٍ وغير كاتب»، وهذا مذهبٌ ضعيفٌ)، انتهى، وقال القرطبيُّ في «تذكرته»: (إنَّه عدولٌ وتحريفٌ عن حقيقة الحديث).

(1/12680)


[باب: لا يدخل الدجال المدينة.]

(1/12681)


[حديث: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة ... ]
7132# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.
قوله: (نِقَابَ الْمَدِينَةِ): كذا هو في أصلنا، وهو بكسر النون، قال في «المطالع»: («على أنقاب المدينة»، ويُروَى: «نقاب المدينة»، وهما جمع «نقب»، قال ابن وهب: يعني: مداخل المدينة، وقال غيره: هي أبوابها وفُوَّهات طرقها التي يُدخَل إليها منها، كما جاء في الحديث الآخَرِ: «على كلِّ بابٍ منها مَلَكٌ»، والنقبُ أيضًا: الطريق بين الجبلين، وهي المنقبة أيضًا والثنيَّة، والنقب أيضًا في الحائط وغيرِه: كالباب يُخلَص [1] منه إلى ما سواه)، انتهى.
فائدةٌ: تَقَدَّمَ ما لا يدخله من البلاد قريبًا؛ فانظره في ظاهرها.
قوله: (فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ): في «سنن ابن ماجه»: (حتَّى ينزل عند الضُّرَيْب الأحمر)، وهو في أصلنا بـ «ابن ماجه» بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة، وفتح الراء، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ مُوَحَّدة، كذا هو بالقلم مضبوطٌ، وهو مكانٌ بقرب مدينة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كما صرَّحت به الرواية، والله أعلم.

(1/12682)


قوله: (فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ [2] رَجُلٌ؛ هْوَ [3] خَيْرُ النَّاسِ، أَوْ: مِنْ خِيَارِ النَّاسِ): هذا الحديث أخرجه مسلمٌ في أواخر «صحيحه»، وفي آخره: (قال أبو إسحاق: يُقال: إنَّ هذا الرجلَ هو الخَضِر عليه السَّلام)، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (أبو إسحاق هذا: هو إبراهيم بن سفيان راوي الكتاب عن مسلم، وكذا قال معْمر في «جامعه» في إِثْر هذا الحديث، كما ذكره ابن سفيان، وهذا تصريحٌ منهم بحياة الخَضِر عليه السَّلام، وهذا الصحيحُ عندَهم، وقد سبق في «كتاب المناقب»)، انتهى، وقال القرطبيُّ في «تذكرته» في أواخرها بعد أن ذكر هذا الحديثَ: (قال أبو إسحاق السَّبِيعيُّ: يُقال: إنَّ هذا الرجل هو الخَضِر)، انتهى، وكذا قاله شيخُنا في هذا «الشرح»، وكأنَّه قلَّد في ذلك القرطبيَّ، فإنَّه ينقل كثيرًا من «التذكرة» له وما يعزوه إليها، وما قاله الشيخ محيي الدين هو الظاهر، ولكن يحمتل أنَّهما قالاه، فنقل كلُّ واحدٍ من الشيخ محيي الدين والقرطبيِّ عن الذي نقله عنه، أو أنَّه قاله أحدهما، والتبس بالآخَرِ، وأمَّا حياة الخَضِر؛ فقد تَقَدَّمَ الكلام عليها في هذا التعليق في (كتاب العلم) مُطَوَّلًا، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ): فعلى القول الصحيح: أنَّه ليس بالخَضِر؛ يكون معناه: حدَّث أمَّته الذي أنا منهم.
قوله: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ [هَذَا] ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا): قد يستشكل؛ لأنَّ ما أظهره الدَّجَّال لا دلالةَ فيه لربوبيَّته؛ لظهور النقصِ عليه، ودلائلِ الحُدُوث، وتشويهِ الذات، وشهادةِ كذبه، وكفرِه المكتوبِ بين عينيه، وغيرِ ذلك، ويُجَاب: بأنَّهم لعلَّهم قالوا خوفًا منه وتقيَّةً، لا تصديقًا، ويحتمل أنَّهم قصدوا: لا يُشَكُّ في كذبك وكفرك، فإنَّ مَن شكَّ في كذبه وكفره؛ كفرَ، وخادعوه بهذه
[ج 2 ص 816]
التورية، ويحتمل أنَّ الذين قالوا هذه المقالةَ هم مُصَدِّقُوه من اليهود وغيرِهم ممَّن قدَّر اللهُ شقاوَتَه، والله أعلم.

(1/12683)


قوله: (فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يُحْيِيهِ): قال المازريُّ: إنَّ قيل: إظهار المعجزة على يد الكذَّاب ليس [بـ] ممكن، فكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يدِه؟ فالجواب: أنَّه إنَّما ادَّعى الربوبيَّةَ، وأدلَّةُ الحدوث تحيل ما ادَّعاه وتُكَذِّبُه، وأمَّا النَّبيُّ؛ فإنَّما يدَّعِي النبوَّةَ وليست مستحيلةً في البشر، فإذا أتى بدليلٍ لم يعارضه شيءٌ؛ صُدِّقَ، نقله النَّوويُّ.
تنبيهٌ وهو فائدةٌ: في بعض مؤلَّفات أبي العَبَّاس ابن تيمية: (أنَّه يقتله مرَّتين)، انتهى، وقد جاء في «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» من حديث أبي سعيد الخدريِّ: (أنَّه يقتله ثلاثَ مَرَّاتٍ)، لكنَّ في السند عَطيَّة العَوْفيَّ، والله أعلم.

(1/12684)


[حديث: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون]
7133# قوله: (عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه يجوز (المجْمِر) و (المُجَمِّر).
قوله: (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الأنقاب).
==========
[ج 2 ص 817]

(1/12685)


[حديث: المدينة يأتيها الدجال]
7134# قوله: (فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ [1]، وَلاَ الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللهُ): هذا الاستثناء للتبرُّك، وكذا مكَّة وغيرُها من البلاد الأربع التي ذكرتُها؛ بيت المقدس والطُّور لا يدخلها [2] الدَّجَّالُ، وأمَّا الطاعون؛ فيدخل مكَّة، وقد دخلها في سنة تسعٍ وأربعين، وجاء حديثٌ ضعيفٌ بأنَّه لا يدخلُها، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم.

(1/12686)


[باب يأجوج ومأجوج]
قوله: (بَابُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ): يُهمَزَان ولا يُهمَزَان، وقد قُرِئ بهما في السبع، وهو من أجيج النار؛ وهو صوتها، وقيل: سمُّوا بذلك؛ لكثرتهم، أو لشدَّتِهم وحِدَّتِهم، من قولهم: ماءٌ أجاجٌ، وتُرِك الهمز فيهما، إلَّا أنَّهما اسمان أعجميَّان غير مشتقَّين؛ كطالوت وجالوت، قيل: هم من ولد يافث، وقيل: من الترك، وقيل: احتلم آدم، فاختلط بالتراب، فأسِف، فخُلِقوا من ذلك، قال الشيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام الشَّافِعيُّ: (وفيه نظرٌ؛ لقوله: «ما احتلم نبيٌّ قطُّ»)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا، وتَقَدَّمَ الكلام على هذا الحديث وغيرِه مُطَوَّلًا.

(1/12687)


[حديث: لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب .. ]
7135# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَخُوه): هو عبد الحميد بن أبي أويسٍ، وكنيته أبو بكر، وما قاله الأزديُّ عنه ليس بصحيحٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيقِ التيميُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَ أنَّه أخرج له البُخاريُّ مقرونًا، و [في] هذا المكانُ مقرونٌ بشعيب، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (زَيْنَب بِنْت [1] أَبِي سَلَمَةَ): الربيبة، تَقَدَّمَت، بنت عبد الله بن عبد الأسد، وأُمُّ سَلَمَةَ: هي أمُّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، إحدى أمَّهات المؤمنين، و (أُمُّ حَبِيبَةَ): رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، إحدى أمَّهات المؤمنين، تَقَدَّمَت، وكذا (زَيْنَب بِنْتُ [2] جَحْشٍ): أمُّ المؤمنين، وقد قَدَّمْتُ أنَّ في بعض طرقه في «مسلم» أربعَ صحابيَّاتٍ، وقدَّمت أنَّ الحافظ ابن خليل أبا الحَجَّاج يوسف أفرده بالتأليف، وأنَّه ذكر تسعةَ أحاديثَ، وآخِرُها حديثٌ خماسيٌّ فيه خمسةٌ من الصَّحَابة يروي بعضهم عن بعض، وذكرتُه معها، وذكرت عن شيخِنا: أنَّ الحافظ أبا موسى جمع الرُّباعيَّ والخماسيَّ من هذا النوع، والله أعلم.
قوله: (فَزِعًا): تَقَدَّمَ أنَّه اسم فاعل، بكسر الزاي.
قوله: (وَحَلَّقَ): هو بتشديد اللام (بِإِصْبَعَيْهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا)؛ أي: جمع طرفَيهما، فحكى بهما الحَلْقَة.
قوله: (أَفَنَهْلِكُ؟): هو بكسر اللام في المستقبل، وفتحِها في الماضي.
قوله: (إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/12688)


[حديث: يفتح الردم ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه]
7136# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن طَاوُوسٍ): اسمه عبد الله.
قوله: (يُفْتَحُ الرَّدْمُ): (يُفتَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرَّدْمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (مِثْلَ): هو مَنْصُوبٌ، ونصبُه ظاهرٌ.
قوله: (وَعَقَدَ وُهَيْبٌ تِسْعِينَ): تَقَدَّمَ الكلام على رواية: (تسعين أو مئة)، وأنَّه جزم هنا بـ (تسعين)، فهي الصواب من أحد الشَّكَّين، وجمعت بين رواية: (عشرة) ورواية: (تسعين)، ولم يبقَ إلَّا روايةُ: (ثنتي عشرة)، فتحتاج إلى جمعٍ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 817]

(1/12689)


((93)) (كِتَابُ الْأَحْكامِ) ... إلى (كِتَاب التَّمَنِّي)
قوله: (كِتابُ الْأَحْكامِ): هو بفتح الهمزة، جمع (حُكم).
==========
[ج 2 ص 817]

(1/12690)


[قول الله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم}]

(1/12691)


[حديث أبي هريرة: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد ... ]
7137# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
==========
[ج 2 ص 817]

(1/12692)


[حديث: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته]
7138# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله.
قوله: (أَلَا كُلُّكُمْ): (أَلَا): بفتح الهمزة، وتخفيف اللام، للاستفتاح.

(1/12693)


[باب: الأمراء من قريش]
قوله: (الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ): يعني: الخلفاء؛ لقوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الأئمَّة من قريش»، رواه النَّسائيُّ بإسناد جيِّدٍ من رواية أنس، انتهى، فإنْ عُدِم قرشيٌّ بالصفات المذكورة في كتب الفروع؛ فكِنَانيٌّ، ثمَّ جُرهميٌّ، ثمَّ إسحاقيٌّ، قاله المتولِّي، وفي «التهذيب»: (إن فُقِد ولد إسماعيل؛ فمِنَ العَجَم).
==========
[ج 2 ص 817]

(1/12694)


[حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه.]
7139# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ): رأيت بخطِّ شيخ الإسلام شيخِنا البُلْقينيِّ قال: هذا الحديثُ إسنادُه منقطعٌ، فإنَّ الزُّهْرِيَّ إذا قال: (كان فلانٌ يحدِّث)؛ فليس هو بسماعٍ، ذكر ذلك الحافظُ صالح بن مُحَمَّد الأسديُّ في حديث الزُّهْرِيِّ هذا، قال الحافظ الأسديُّ: قد روى نُعَيم بن حَمَّاد هذا الحديثَ عن ابن المبارك، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ، عن مُحَمَّد بن جُبَيرٍ، عن معاوية، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نحوَه، وليس لهذا الحديث أصلٌ، ولا يُعرَف من حدث ابن المبارك، ولا أدري من أين جاء به نُعَيم، وكان نُعَيم يحدِّث من حفظه، وعنده مناكيرُ كثيرةٌ لا يُتَابَع عليها، قال: وسمعت يحيى بن معين سُئِل عنه، فقال: ليس في الحديث بشيءٍ، ولكنَّه كان صاحب سُنُّةٍ، وقال أبو عبيد الآجريُّ عن أبي داود: عند نعيم بن حَمَّاد نحوُ عشرين حديثًا عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليس لها أصلٌ، ذكر ذلك كلَّه الحافظُ المِزِّيُّ في «تهذيب الكمال» في ترجمة نُعَيم بن حَمَّاد، انتهت، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر على هذه الحاشية ما لفظه: قلت: الكلام في نُعَيم هذا مفرَّعٌ على تفرُّده بهذا الخبر، والواقع أنَّ البُخاريَّ أخرجه من غير طريقه، وفي بعض طرقه التصريحُ بالسماع، كذا وقع عند الإسماعيليِّ؛ فتُطْلَب حاشيةُ شيخ الإسلام، انتهى.
قوله: (سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ): تَقَدَّمَ الكلام في أنَّ (قحطان): أبو اليمن، ونسبُه، وأنَّ هذا المَلِك لعلَّه الذي يُقال له: الجهجاه، وتَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (وَلَا تُؤْثَرُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أي: تُنْقَلُ.
قوله: (فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ): هو مشدَّد الياء، وتَقَدَّمَ أنَّه يجوز تخفيفها؛ لأنَّ مفردَها (أُمْنِيَّة)، وقدَّمت أنَّ المفردَ متى كان مشدَّدًا، فإن لك في الجمع التشديد والتخفيف، و (الأمانيَّ): منصوبةٌ، ونصبها معروفٌ.

(1/12695)


قوله: (إِلَّا كَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ): تَقَدَّمَ الكلام في (كبَّ) و (أكبَّ)، وأخواتهما، في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه إذا كان بالهمز؛ يكون لازمًا، وإذا كان بغير همز؛ يكون متعدِّيًا، عكس القاعدة، ومعه أفعالٌ أخرى كذلك، وقد جمعتُ منها ما قدرت عليه.
قوله: (مَا أَقَامُوا الدِّينَ): أي: مدَّة إقامتهم للدِّين.
قوله: (تَابَعَهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي اليمان، ويجوز أن يعودَ على شعيب، ومتابعة نُعَيم لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا رحمه الله: متابعة نُعَيم ذكرها ابن المبارك، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: قلت: وصلها الطَّبَرانيُّ في «المعجم الكبير»، انتهى.
واعلم أنَّ هذه المتابعة كُتِب عليها في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (لا ... إلى) في أوَّلها وفي آخرها؛ يعني: أنَّها ساقطةٌ في الأصل زائدةٌ.
ورأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ ما نصُّه: فائدة: قوله: (تابعه نعيم) لا يظهر؛ لأنَّ السندَ السابقَ منقطعٌ، كما تَقَدَّمَ، فتكون المتابعةُ على الانقطاع، وهذا لا يفيد، والعنعنة المذكورة من حديث نُعَيم لا انقطاع فيها، فأين المتابعة؟! وكان ينبغي للبُخاريِّ أن يقولَ: رواه نُعَيم عن ابن المبارك، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ، عن مُحَمَّد بن جُبَيرٍ، انتهت، وقد تَقَدَّمَ ذلك بأطولَ من هذا أعلاه، وقد كتب عليه بعضُ حُفَّاظ العَصْرِ: هذا الاعتراضُ أسقطُ من الأول، انتهى، يعني بـ (الأوَّل): ما ذكرته في الحاشية أعلاه، والله أعلم.

(1/12696)


و (نُعَيم) هذا: هو نُعَيم بن حَمَّاد بن معاوية بن الحارث بن همَّام الخزاعيُّ، أبو عبد الله المروزيُّ الحافظ الفَرَضِيُّ الأعورُ، صاحب التصانيف، ونزيل مصر، رأى الحسينَ بنَ واقد، وروى عن أبي حمزة السُّكَّريِّ، وإبراهيمَ بنِ طهمان شيئًا قليلًا، وعن ابن المبارك، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيِّ، وخلقٍ بخراسان، والحجاز، والشام، والعراق، ومصر، وعنه: البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وهو هنا مقرونٌ بأبي اليمان، وهذا نوعٌ من القرن، والسند الأوَّل أعلى من هذا بواحدٍ، وروى عنه: يحيى بن معين، والذهليُّ، والدارميُّ، وأبو زرعة الدِّمَشْقيُّ، وخلقٌ، قال الحسين بن حيَّان عن ابن معين: ثقةٌ صدوقٌ، وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجُنيد عن ابن معين: ثقةٌ، ووَثَّقَهُ غيرُه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وفيها: (قال الأزديُّ: كان ممَّن يضع الحديثَ في تقوية السُّنَّة، وحكاياتٍ مزوَّرةً في ثلب النعمان، كلَّها كَذِبٌ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا، ترجمته معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، وقد اختُلِفَ فيه، امتُحِن وقُيِّد فيما يتعلَّق بالقرآن، فماتَ بسامُرَّاء محبوسًا سنة (229 هـ)، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا كما قدَّمته، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، والله أعلم.
و (ابن المبارك): عبد الله، شيخ خراسان، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

(1/12697)


[حديث: لا يزال الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان]
7140# قوله: (أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب).
قوله: (هذا الأَمْرُ): أي: الخلافة.
==========
[ج 2 ص 818]

(1/12698)


[باب أجر من قضى بالحكمة ... ]

(1/12699)


[حديث: لا حسد إلا في اثنتين.]
7141# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوائل هذا التعليق في (كتاب العلم).
قوله: (رَجُلٌ): يجوز فيه الجرُّ والرفع والنصب، وقد سبق توجيهه في (كتاب العلم).
قوله: (حِكْمَةً): تَقَدَّمَ الكلام [2] عليها في (كتاب العلم).

(1/12700)


[باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية]
قوله في الترجمة: (مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةٌ [1]): (معصيةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ.

(1/12701)


[حديث: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي]
7142# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بنَ سعيد) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بفتح المُثَنَّاة فوق، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو التَّيَّاح لقبٌ، وكنيته أبو حَمَّاد، واسمه يزيد بن حميد)، انتهى.
قوله: (وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ): (استُعمِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عبدٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ)، مُشَدَّدة النون، و (رأسَه): مَنْصُوبٌ اسمها، و (زبيبةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن خبرُها، ومعنى (زبيبة): أسود، وقال بعضهم: يُوصَف رأسها بالصِّغَر، وذلك يقتضي نوعًا من الحقارة، يحضُّ على طاعتهم مع حقارتهم.

(1/12702)


[حديث: من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر]
7143# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وتَقَدَّمَ أنَّ حَمَّاد بن سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا في الأصول، بل روى له مسلمٌ والأربعةُ، وعلَّق له البُخاريُّ، و (الْجَعْد): هو أبو عثمان، وهو ابن دينار، تَقَدَّمَ، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه العطارديُّ، وأنَّ اسمه عِمران بن مِلحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك.
قوله: (مِيتَةً جَاهِلِيَّةً): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر الميم؛ أي: هيئةُ مَوتِه، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 818]

(1/12703)


[حديث: السمع والطاعة على المرء المسلم]
7144# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (نَافِعٌ): هو مولى ابن عمر، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر، وهذا مَعْرُوفٌ ظاهرٌ عند أهله.
قوله: (فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ): (أُمِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12704)


[حديث: لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا]
7145# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وفتح المُوَحَّدة، و (أَبُو عَبْد الرَّحْمَن): هو السُّلَميُّ؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ اسمَه عبدُ الله بن حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة.
قوله: (سَرِيَّةً): تَقَدَّمَ أنَّ (السَّرِيَّة): قال يعقوبُ: هي ما بين خمسةِ أنْفُسٍ إلى ثلاثِ مئةٍ، وقال الخليل: هي نحو أربع مئة.
قوله: (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه السَّرِيَّة، وأنَّها سَرِيَّة عبد الله بن حذافة السَّهميِّ وعلقمة بن مُجَزِّز المُدلجيِّ، والكلام على هذا الرجل.
[ج 2 ص 818]
قوله: (لَمَا جَمَعْتُمْ): (لمَا): بفتح اللام، وتخفيف الميم.
قوله: (إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ): هو بفتح الميم وعليها (صح) في أصلنا، وفي «قاموس» شيخِنا مجدِ الدين ما لفظه: (خَمَدت النار؛ كـ «نَصَرَ» و «سَمِعَ»، خُمودًا: سكن لهبُها، ولم يُطفَأْ جمرُها، وأخمدتُها)، فالحاصل: أنَّ الماضي بالفتح والكسر؛ لُغَتان، والله أعلم.
قوله: (فَذُكِرَ ذَلكَ [1] لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (لَوْ دَخَلُوهَا؛ مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا): [تقدَّم] ما معناه في السَّرِيَّة المذكورةِ قُبَيل هذا، وذكرتُ هناك سؤالًا وجوابَهُ.
==========
[1] (ذلك): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/12705)


[باب: من لم يسأل الإمارة أعانه الله]

(1/12706)


[حديث: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة]
7146# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): (حَازم): بالحاء المُهْمَلَة، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، واسمُ أبي الحسن يسارٌ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سَمُرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه صحابيٌّ جليلٌ، ووالده سَمُرَة بن حَبِيب بن عبد شمس الأمويُّ، يُقال: إنَّه أسلم، ذكره ابن داسة، انتهى كلام الذَّهَبيِّ في «تجريده»، وقوله فيه: (الأمويُّ) فيه نظرٌ، وإنَّما هو عبشميٌّ، والله أعلم، وقد ضبَّبَ عليه الذَّهَبيُّ، فذِكْرُه في الصَّحَابة غلطٌ، هذا شرطُهُ، والله أعلم.
وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الحديثَ جمع طرقَه الحافظُ أبو الحَجَّاج يوسف بن خليل الدِّمَشْقيُّ في جزء ضخمٍ، وكان عندي منه نسخةٌ بخطِّ المُخَرِّج، وكانت وقفَ المدرسة السلطانيَّة تجاه القلعة بحلبَ.
قوله: (وُكِلْتَ إِلَيْهَا): هو بضَمِّ الواو، وكسر الكاف، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله في الترجمة بعد هذا: (وُكِلَ): هو مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12707)


[باب: من سأل الإمارة وكل إليها]

(1/12708)


[حديث: يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإن أعطيتها]
7147# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكانِ العين بينهما، وأنَّ اسمَه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، واسمُ أبي الحسن يسارٌ.
قوله: (وُكِلْتَ إِلَيْهَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (أُعِنْتَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12709)


[باب ما يكره من الحرص على الإمارة]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 819]

(1/12710)


[حديث: إنكم ستحرصون على الإمارة]
7148# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.
قوله: (إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ): هو بكسر الراء.
قوله: (فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ): قال ابن الأثير: ضرب المرضعةَ مَثَلًا للإمارة وما تُوصله إلى صاحبها من المنافع، وضرب الفاطمةَ مَثَلًا للموت الذي يهدم عليه لَذَّاتِه، ويقطع منافِعَها دونَه، انتهى، وقال ابن قُرقُول: («الفاطمة»: استعارة للعزل؛ لأنَّه قطعٌ لاستدرارِ فوائدِ [1] الإمارة ولَذَّاتِها).
قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): هذا بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ضبط أبيه مرارًا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانُ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، إلَّا أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، قال المِزِّيُّ: وفي بعض النسخ: (قال لي مُحَمَّد بن بَشَّار)، انتهى، و (عَبْدُ الحَمِيدِ): هو ابن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، أبو الفضل الأنصاريُّ الأوسيُّ المدنيُّ، عن أبيه، وعمِّ أبيه عمر بن الحكم، ومُحَمَّد بن عَمرو بن عطاء، وإبراهيم بن عبد الله بن حسن، وسعيدٍ المقبريِّ، وخلقٍ سواهم، وعنه: عيسى بن يونس، ويحيى القَطَّان، ووكيع، وابن وهب، والواقديُّ، وخلقٌ، كان الثَّوريُّ يستضعفه من أجل القَدَر، قال ابن معين وغيرُه: ثقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأسَ به، وقال ابن سعد: ثقةٌ كثيرُ الحديث، قال: ومات بالمدينة سنة (153 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعةُ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، و (سَعِيدٌ المَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحِها.
قوله: (قَوْلَهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مَنْصُوبٌ بنزع الخافض؛ أي: من قوله؛ ومعناه: أنَّه موقوفٌ عليه، لا مَرْفُوعٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
==========
[1] في (أ): (لفوائد)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 819]

(1/12711)


[حديث: إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه]
7149# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): هو جدُّ بُرَيد؛ وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة الحارثِ _ويُقال: عامر_ القاضي، و (أَبُو مُوسَى): والده، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.
قوله: (أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي): تَقَدَّمَ أنَّ هذين الرَّجُلَين لا أعرفهما، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: في «الأوسط» للطبرانيِّ في «مَن اسمه أحمد بن عليٍّ الأبَّار»: عن أبي موسى قال: «دخلت على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنا وابن عمٍّ لي»).
قوله: (أَمِّرْنَا): هو بتشديد الميم المكسورة، فعل أمر، من الإمارة، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَلاَ مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ): (حَرَص)؛ بفتح الراء، وهذا مَعْرُوفٌ.
==========
[ج 2 ص 819]

(1/12712)


[باب من استرعي رعيةً فلم ينصح]
قوله في الترجمة: (مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً): (استُرعِي)؛ بضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وكسر العين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رعيَّةً): مَنْصُوبٌ مُنَوَّن، مفعول ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 819]

(1/12713)


[حديث: ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة]
7150# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (أَبُو الأَشْهَبِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (جعفر بن حَيَّان العطارديُّ البصريُّ الأعمى الحَذَّاء) انتهى، وحَيَّان والده؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وبالمُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، أخرج له الجماعة، وهو ثقة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، وتعقَّب في «الميزان» كلام ابن الجوزيِّ فيه؛ إذ نقل عن ابن معين: أنَّه ليس بشيء، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ اسم أبي الحسن يسارٌ، و (عُبَيْد اللهِ بْن زِيَادٍ): هو ابن أبيه، تَقَدَّمَت ترجمة أبيه، وهو زياد بن أبي سفيان، وزياد ابن أبيه، وزياد بن عبيد، وأمَّا ابنه عبيد الله؛ فهو مشهور الترجمة، أميرٌ معروفٌ.
قوله: (عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ): هو بفتح الميم، وإسكان العين، وكسر القاف، وقد قَدَّمْتُ أنَّ جميع هذه المادَّة كذلك، إلَّا مُغَفَّلًا والد عبد الله؛ فإنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، وتشديد الفاء المفتوحة، وإلَّا هُبَيب بن مُغْفِل؛ بضَمِّ الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، وكسر الفاء، وانضبط الباب، و (يَسار)؛ بالمُثَنَّاة تحت، صحابيٌّ مشهورٌ _أعني: مَعْقِلًا_ شهد الحديبية، ونزل البصرة، له أحاديثُ، أخرج له الجماعة، وأحمدُ في «المسند».
[ج 2 ص 819]
قوله: (فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ): تُوُفِّيَ مَعْقِل في آخر خلافة معاوية، وقيل: في خلافة يزيد.
قوله: (فَلَمْ يَحُطْهَا): هو بفتح أوَّله المُثَنَّاةِ تحت، وضمِّ الحاء المُهْمَلَة، حاط يحوط حوطًا وحياطةً، والأمرُ منه: حُطْ؛ ومعناه: لم يحفظها ويصُنها ويذبَّ [1] عنها.

(1/12714)


[حديث: ما من وال يلي رعية من المسلمين]
7151# قوله: (أَخْبَرَنَا الحُسَينُ [1] الْجُعْفِيُّ): هو الحسين بن عليِّ بن الوليد الجُعفيُّ، عن خاله الحسن بن الحُرِّ، وجعفر بن بُرقان، والأعمش، وعنه: أحمد، وعبد بن حُمَيد، وغيرهما، قال أحمد: ما رأيت أفضل منه ومن سعيد بن عامر، وقال يحيى بن يحيى: إن بقي أحد من الأبدال؛ فهو، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، و (زَائِدَةُ): هو ابن قدامة، و (هِشَام): هو ابن حسَّان القُردوسيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريِّ يسارٍ، و (مَعْقِل بْن يَسَارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه وضبط أبيه، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ [2]): أميرٌ مشهورٌ من أمراء بني أُمَيَّة.
قوله: (وَهْوَ غَاشٌّ): هو بتشديد الشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ ظاهر.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حُسَيْنٌ).
[2] (بن زياد): ليس في «اليونينيَّة»، وضرب عليه في (ق).
[ج 2 ص 820]

(1/12715)


[باب: من شاق شق الله عليه]

(1/12716)


[حديث: من سمع سمع الله به يوم القيامة]
7152# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه إسحاق بن شاهين، الحافظ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (خَالِدٌ): هو ابن عبد [الله] الطَّحَّان، و (الْجُرَيْرِي)؛ بضَمِّ الجيم، وفتح الراء، تَقَدَّمَ، وأنَّ اسمه سعيد بن إياس، أبو مسعود، الجُرَيريُّ، و (طَرِيفٌ أَبُو تَمِيمَةَ)؛ بفتح الطاء المُهْمَلَة، وكسر الراء، وهو طَرِيف بن مجالد، أبو تَمِيمة؛ بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر الميم، الهُجيميُّ البصريُّ، عن أبي هريرة، وأبي موسى، وجابر بن سمُرة، وأبي عثمان النَّهديِّ، وغيرهم، وعنه: بكر بن عبد الله المزنيُّ، وقتادة، والمثنَّى بن سعيد الطَّائيُّ، وخالد الحَذَّاء، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، قال الواقديُّ: مات سنة (97 هـ)، وقال الفلَّاس: سنة (95 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة.
قوله: (شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدبًا وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصِيهِمْ): ظاهر اللَّفظ أنَّ صاحب الحديث والوصيَّة هو جندب، وأصرح مِن هذا ما أورده المِزِّيُّ في «أطرافه»، قال: (شهدتُ صفوان وأصحابَه وجندبٌ يوصيهم، فقالوا: هل سمعت من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم شيئًا؟ ... )؛ فذكره، ويوضِّحه أيضًا ما في بعض النُّسخ في آخر الحديث: (قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَنْ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ جُنْدَبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ)، و (أبو عبد الله): هو البُخاريُّ صاحب «الصَّحيح»، والقائل له: هو الفِرَبْريُّ فيما يظهر، وليس في السَّند أحد يكنى بـ (أبي عبد الله) سوى جندب بن سفيان الضَّحَّاك، وليس المراد، ويُعرَف ذلك من جوهر اللَّفظ؛ لأنَّ السؤال عنه، والله أعلم.
و (صفوان): هو _فيما يظهر_ صفوان بن مُحْرِز المازنيُّ البصريُّ، يروي عن ابن مسعود، وأبي مسعود، وعمران بن الحُصَين، وابن عمر، وغيرهم، وعنه: ثابت، وقتادة، وعاصم الأحول، وآخرون، قال ابن سعد: هو من بني تميم، ثقة، له فضل وورع، وقال ابن حِبَّانَ: كان من الثِّقات والعُبَّاد، اتَّخذ لنفسه سربًا يبكي فيه، مات سنة (74 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

(1/12717)


وأمَّا (جندب) صاحب الحديث؛ فهو جندب بن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ، ثمَّ العَلَقيُّ، وقد يُنسَب إلى جدِّه، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعن حذيفة، وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو مجلز، وأبو عمران الجونيُّ، وسلمة بن كُهَيل، وعبد الملك بن عُمير، وجماعة، وعَلَقة: حيٌّ من بُجَيلة، قال جندب: (كنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونحن فتيان حزاورة، فتعلَّمنا الإيمان)، أخرج له الجماعة.
قوله: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (قَالُوا [1]: أَوْصِنَا): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ جُوْفُهُ [2]): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، كذا في أصلنا بالقلم، واعلم أنَّه يقال: نَتُن الشَّيء نَتْنًا، وأنتنَ ونَتَنَ أيضًا كذلك، فمَن قال: نَتَنَ ينتِن؛ قال: مِنْتِن، فأتبع الكَّسرةَ الكسرةَ، ومَن قال: نَتُنَ يَنْتُن؛ قال: مُنْتُن، فأتبعَ الضَّمَّة الضَّمَّة، ومن قال: أنتنَ؛ قال: مُنْتِنٌ لا غير، قاله ابن القطَّاع في «أفعاله»، وفي «الصِّحاح»: (النَّتْنُ: الرائحة الكريهة، وقد نَتُن الشيء وأنتن بمعنًى؛ فهو مُنْتِن ومِنْتِن؛ كُسِرت الميم؛ إتباعًا لكسرة التَّاء؛ لأنَّ «مِفْعِلًا» ليس من الأبنية، ونتَّنَهُ غيره تَنْتِينًا؛ أي: جعله مُنتِنًا، ويقال: قوم مناتينُ، وأنشد بيتًا من الرَّجز، ثمَّ قال: وقد قالوا: أنتنه)، انتهى، فعلى من قال: نَتَنَ _بالفتح_؛ قال في هذا: يَنتِنُ؛ بكسر التاء، ومن قال: نَتُنَ _بضَمِّ التاء_؛ قال في هذا: يَنتُنُ؛ بضمِّها في المضارع، ومن قال: أنتن _ رُباعيٌّ_؛ قال في هذا: يُنتِن؛ بضَمِّ أوَّله.
فالحاصل: أنَّ ما في الأصل يُقرَأ بفتح أوَّله وكسر ثانيه، وبفتح أوَّله وضمِّ ثانيه، وبضمِّ أوَّله وكسر ثانيه؛ ثلاث لغات، والله أعلم.
قوله: (إِلاَّ طَيِّبًا): يعني: حلالًا.
قوله: (مِلْءُ [3] كَفِّهِ): (مِلءُ)؛ بكسر الميم، مهموز الآخر.
قوله: (أَهْرَاقَهُ): هو بفتح الهاء، وفي لغة تُسكَّن.
==========
[1] كذا في (أ)، و في «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالُوا).
[2] كذا في (أ)، و في «اليونينيَّة» و (ق): (بَطْنُهُ).
[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (بملء).
[ج 2 ص 820]

(1/12718)


[باب القضاء والفتيا في الطريق]
قوله: (وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الطَّرِيقِ): (يعمَر)؛ بفتح الميم، وقد قَدَّمْتُ ما نقله ابن قُرقُول عن البُخاريِّ في (اليعمريِّ)، و (يعمَر): لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل؛ لأنَّه مثل: (يذهب)، قاله الجوهريُّ في هذا الاسم نفسه؛ لأنَّه ذكر يحيى بن يعمَر العَدْوانيَّ، وقال: إنَّه لا ينصرف، و (يحيى) هذا: قاضي مرو، ترجمته مشهورة، وَثَّقَهُ أبو حاتم وجماعة، وقد أخرج له الجماعة، يقال: تُوُفِّيَ سنة تسعين بخراسان، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (وَقَضَى الشَّعْبِيُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، مشهور التَّرجمة.
==========
[ج 2 ص 820]

(1/12719)


[حديث أنس: بينما أنا والنبي خارجان من المسجد فلقينا]
7153# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتَمِر.
قوله: (فَلَقِيَنَا رَجُلٌ): (لقيَنا): هو بفتح الياء، والضمير: مفعول، و (رجلٌ): مَرْفُوعٌ فاعل، وهذا ظاهِرٌ، و (الرَّجل) لا أعرف اسمه، ونقل ابن شيخنا البُلْقينيِّ: أنَّه ذو الخويصرة اليمانيُ الذي بال في المسجد، والله أعلم.
قوله: (عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ): هي الظُّلَّة على الباب؛ لتقيَه المطر، وقيل: الباب نفسه، وقيل: السَّاحة بين يديه.
قوله: (اسْتَكَانَ): أي: خضع، وهو (استفعل)، من السُّكون؛ وهو الذُّلُّ والخضوع.
قوله: (كَبِيرَ): هو بالموحَّدة في أصلنا، وفي أصل آخر: بالمُثَلَّثَة، وفي هذا الأصل الثَّاني في الهامش نُسخة: بالموحَّدة.

(1/12720)


[باب ما ذكر أن النبي لم يكن له بواب]
قوله: (بَابُ مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ): (ذُكِر)؛ بضَمِّ الذال، وكسر الكاف، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 820]

(1/12721)


[حديث: إن الصبر عند أول صدمة]
7154# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تَقَدَّمَ الكلام على (إسحاق) هذا في (مناقب سعد بن عُبَادة)، وفي أصلنا نسخة: (إسحاق بن منصور)، منسوبٌ إلى أبيه، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه»، والظاهر أنَّه وقع له في الرواية هكذا، وليس من توضيحه؛ لأنَّه لو كان من توضيحه أو توضيح مَن فوقه؛ لقال: هو ابن منصور، أو يعني: ابن منصور، كما جرت به عادة أهل الحديث، و (عبد الصَّمد): هو ابن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، الحافظ، تقدَّم، و (ثَابِت البُنَاني): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، ثمَّ نون مُخَفَّفة، وبعد الألف نونٌ أخرى، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وهو ثابت بن أسلم أبو مُحَمَّد، تَقَدَّمَ.
قوله: (لاِمْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ: تَعْرِفِينَ فُلاَنَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ): المرأة من أهل أنس لا أعرفها، كما لا أعرف (المرأة التي تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ)، والله أعلم بهما.
قوله: (خِلْوٌ): هو بكسر الخاء المُعْجَمَة، وإسكان اللَّام، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟): هذا الرَّجل الذي سأل المرأة تَقَدَّمَ في (الجنائز) أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: (إنَّه الفضل بن العَبَّاس)، وذكر شاهده من «الطَّبَرانيِّ»، والله أعلم.
قوله: (إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز).

(1/12722)


[باب: الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه]

(1/12723)


[حديث أنس: أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي بمنزلة ... ]
7155# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدٌ): كذا في أصلنا القاهريِّ، قال غير واحد: هو الذُّهليُّ، وكذا وقع نسبتُه في نسخة في هامش أصلنا، وهو كذلك في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خالد الذُّهليُّ)، وقد نسبه البُخاريُّ إلى جدِّه الأعلى؛ وهو مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذُؤَيب، وقيل: مُحَمَّد بن خالد الرَّافقيُّ، وليس بشيء، وهذا القول إنَّما يجيء إذا لم يقع منسوبًا، وفي «التَّذهيب»: (البخاريُّ: مُحَمَّد بن خالد، عن مُحَمَّد بن عبد الله الأنصاري، ومُحَمَّد بن موسى بن أعين، ومُحَمَّد بن وهب، وعنه البُخاريُّ، قال غير واحد: هو الذُّهليُّ، نسبه إلى جدِّه الأعلى مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد، وقيل: مُحَمَّد بن خالد الرَّافقيُّ، وليس بشيء)، انتهى، وفي «الأطراف» لمَّا طرَّف الحديث؛ قال: في (الأحكام) عن مُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ نفسه، وكُتِب على (عن نفسه): (صح)، وفي نسختي بـ «الأطراف» ما لفظه: (كذا قال أبو مسعود عن الأنصاريِّ نفسه)، وقال خلف: عن مُحَمَّد بن خالد؛ هو ابن جبلة الرَّافقيُّ عن الأنصاريِّ، وقال أبو القاسم: كذا قال خلف، وعندي: أنَّ مُحَمَّد بن خالد: هو مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذُّهليُّ النَّيسابوريُّ، نسبه إلى جدِّ أبيه؛ لوحشة كانت بينهما، انتهت، وهذا الرَّافقيُّ: هو مُحَمَّد بن جَبَلَة، وقيل: مُحَمَّد بن خالد بن جَبَلَة الرَّافقيُّ، خراسانيٌّ، سكن الرافقة، وهي الرَّقَّة، روى عن أبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، ومُحَمَّد بن موسى بن أعين، والعلاء بن هلال، وطائفة، وعنه: النَّسائيُّ، وأبو عروبة، ومحمود بن مُحَمَّد الرَّافقيُّ، وأحمد بن سليمان العبَّادانيُّ، وجماعة، روى البُخاريُّ حديثًا عن مُحَمَّد بن خالد عن موسى بن أعين، فقيل: هو الرَّافقيُّ، وقيل: هو الذُّهليُّ، نسبه إلى جدِّه الأعلى، ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، مات سنة (265 هـ)، و (مُحَمَّد بن يحيى بن خالد الذهليُّ): أبو عبد الله النيسابوريُّ، الحافظ، أحدُ الأعلام، ترجمته مشهورة، وهو أحد المشاهير الأعلام، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، و (الأنصاريُّ مُحَمَّد): قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى، أخي ثُمَامة، ابني عبد الله بن أنس بن مالك) انتهى.

(1/12724)


قوله: (عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (ثمامة) هذا: هو ابن عبد الله بن أنس بن مالك، ذكره ابن عديٍّ، وتابعه في «الميزان» على ذلك، وصحَّح عليه، وذكر كلامَ النَّاس فيه، وفي آخره ما لفظه: (وقد ذُكِر كتاب الصَّدقات لابن معين، فقال: لا يصحُّ، هذا الحديث يرويه ثُمَامة عن أنس، وكذا انفرد بحديث: (كان قيسٌ بمنزلة صاحب الشُّرَط مِن الأمير)، ثمَّ ذكر له حديثًا آخر، والله أعلم [1].
قوله: (أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ): هو قيس بن سعد بن عبادة بن دُلَيم، صحابيٌّ ابن صحابيٍّ رضي الله عنهما، تقدَّما.
قوله: (بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ): قال النَّوويُّ في «تهذيبه»: (قال الأنصاريُّ: يعني: يلي أموره) انتهى، و (الشُّرَط)؛ بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وفتح الراء، وبالطاء المُهْمَلَة، يقال: أشرط فلان نفسه لأمر كذا؛ أي: أعلمها له وأعدَّها، قال الأصمعيُّ: ومنه سُمِّي الشُّرَط؛ لأنَّهم جعلوا لأنفسهم علامة يُعرَفون بها، الواحد: شُرْطَةٌ وشُرْطيٌّ، وقال أبو عبيدة: سُمُّوا شُرَطًا؛ لأنَّهم أُعِدُّوا، قاله الجوهريُّ، وفي «النِّهاية» بعد أن ذكر أنَّهم إنَّما سُمُّوا شُرَطًا؛ لأنَّهم جعلوا لأنفسهم علاماتٍ يُعرَفون بها: وشُرَط السُّلطان: نُخْبَةُ أصحابة الذين يُقدِّمهم على غيرهم مِن جنده، وقال ابن الأعرابيِّ: هم الشُّرَط، والنِّسبة إليهم: شُرَطِيٌّ، والشُّرْطة، والنسبة إليهم: شُرْطِيٌّ.

(1/12725)


[حديث أبي موسى: أن النبي بعثه وأتبعه بمعاذ]
7156# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، وكذا وقع منسوبًا في نسخة هي في هامش أصلنا، و (قُّرَّة): هو ابن خالد، وكذا وقع منسوبًا في نسخة في هامش أصلنا، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه الحارث أو عامرٌ القاضي، و (أَبُو مُوسَى): هو والده، عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، أبو موسى، الأشعريُّ.
==========
[ج 2 ص 821]

(1/12726)


[حديث: لا أجلس حتى أقتله قضاء الله ورسوله]
7157# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو ابن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَبُو مُوسَى) والده.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ، ثمَّ تَهَوَّدَ): هذا (الرَّجل) لا أعرف اسمه، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (قَضَاء اللهِ وَرَسُولِهِ): تَقَدَّمَ فيه إعرابان؛ الرَّفع والنَّصب.
==========
[ج 2 ص 821]

(1/12727)


[باب: هل يقضي الحاكم أو يفتى وهو غضبان؟]
قوله: (هَلْ يَقْضِي الْحَاكِمُ أَوْ يُفْتِي وَهْوَ غَضْبَانُ؟): (يُفتِي)؛ بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: أدخل في التَّرجمة الحديثَ الأوَّل؛ يعني: حديث أبي بكرة: سمعت رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «لا يقضينَّ حكم بين اثنين وهو غضبان»، قال: وهو دليل على منع القضاء مع الغضب، وأدخل الحديث الثاني؛ يعني: حديث: (إنَّي لأتأخَّر عن صلاة الغداة من أجل فلان ممَّا يطيل بنا فيها، قال: فما رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قطُّ أشدَّ غضبًا في موعظة منه يومئذٍ ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: وهو دليل جواز القضاء مع الغضب؛ تنبيهًا منه على الجمع، فإمَّا أن يحمل قضاء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الخصوصيَّة به؛ للعصمة والأمْن من التَّعدِّي، وإمَّا أن يقال: غضب للحقِّ؛ فلا يمنعه ذلك مِن القضاء مثل غضبه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن غضب غضبًا مُعْتادًا دنيويًّا؛ فهذا هو المانع، والله أعلم، كما قيل في شهادة القذف أنَّها تُقبَل إن كانت العداوة دِينيَّة، وتردُّ إذا كانت دنيويَّة، انتهى.
==========
[ج 2 ص 821]

(1/12728)


[حديث: لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان]
7158# قوله: (سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث بن كلدة، وقيل: مسروح، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.
قوله: (كَتَبَ [أَبُو بَكْرَةَ] إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ): (ابنه الذي كتب إليه): هو عُبيد الله بن أبي بكرة، قاضي سجستان، كذا صَرَّحَ به مسلم في روايته، وهو عبيد الله بن أبي بكرة نُفَيع بن الحارث بن كلدة، ولم أقف على ترجمة عُبَيد الله هذا، غير أنَّ في «ثقات ابن حِبَّانَ» شخصًا يقال له: (عبيد الله بن أبي بكرة الثَّقفيُّ، يروي عن أبيه، وكان والي زياد، عداده في أهل البصرة، روى عنه أهلُها) انتهى، الظاهر أنَّه هو، والله أعلم، قوله: (وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ): بفتح السين المُهْمَلَة، وكسر الجيم، ثمَّ سين أخرى ساكنة، ثمَّ مُثَنَّاة فوق، كذا أحفظها، وفي «تهذيب النَّوويِّ»: (بفتح السين وكسرها، الكسر أشهر، والجيم مكسورة فيهما)، انتهى، وقد رأيت في حاشية على «علوم الحديث» لابن الصَّلاح وقد قُرِئَت على ابن الصَّلاح مرَّتين، لفظها: (السين والجيم مفتوحتان معًا، ومكسورتان معًا؛ ضبطناهما عن الشيخ) انتهت؛ يعني: عن ابن الصَّلاح، واسمها: زرنج، و (سجستان): اسم لتلك البلاد، فلمَّا كانت زرنج قصبتُها ودار حكمها؛ غلب عليها الاسم، وهي خلف كرمان مسيرة مئة فرسخ؛ منها: أربعون فرسخًا مفازةٌ ليس فيها ماء، وهي التي بناحية الهند على حدِّ غزنة، وكرمان: اسم لتلك الدِّيار، وقال أبو بكر الحازميُّ: سِجْز؛ بكسر السين المُهْمَلَة، وبالجيم الساكنة، وآخره زاي: اسم لسجستان، ويقال في النِّسبة إليها: سِجْزِيٌّ.
قوله: (حَكَمٌ): هو بفتح الحاء والكاف؛ وهو الحاكم، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 821]

(1/12729)


[حديث: يا أيها الناس إن منكم منفرين]
[ج 2 ص 821]
7159# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مَسْعُود): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عَمرو الأنصاريُّ رضي الله عنه.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله؛ إِنِّي [2] لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا): الشَّاكي لا أعلم اسمه، وقال بعض الحُفَّاظ: (تَقَدَّمَ في صلاة الجماعة، وأنَّ الذي جاء سُلَيم بن الحارث، والإمام أُبيُّ بن كعب، كما في «مسند أبي يعلى»، وقيل: هو معاذ بن جبل)، انتهى، والذي ظهر لي ما قاله ابن شيخنا البُلْقينيِّ، والله أعلم، وأمَّا الإمام المَشكوُّ؛ فقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: لا تصحُّ هذه القصَّةُ قصَّةَ معاذ الذي اشتكاه فيها حزم بن أبي كعب أو سُليم؛ لما بيَّناه مِن أنَّ ذلك في صلاة العشاء، والشاكي فارق، والشاكي هنا مِن التَّأخُّر عن الغداة؛ بسبب التَّطويل، قال: ثمَّ وجدنا الإمام بأنَّه أُبيُّ بن كعب في «مسند أبي يعلى الموصليِّ»، كما تَقَدَّمَ في (باب تخفيف الإمام في القيام)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (رسول الله).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (وَاللهِ).

(1/12730)


[حديث: ليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر]
7160# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكرْمَانِيُّ): قال ابن قُرقُول: (كَرْمان؛ بفتح الكاف، وسكون الراء، وضبطه الأصيليُّ: بكسر الكاف، وكذلك عُبْدوس، والصَّواب: فتح الكاف، وإسكان الراء في المدينة وفي النَّسب إليها)، انتهى، وقد تَقَدَّمَت (كَرْمان) في (الحجِّ).
قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو الزُّهْرِيُّ، كما هو مُوضَّح في نسخة.
قوله: (أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): هذه المرأة التي طلَّقها عبد الله بن عمر تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّها آمنة بنت غِفَار.
قوله: (فَإِنْ بَدَا لَهُ): (بدا): معتلٌّ، غير مهموز؛ أي: ظهر، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 822]

(1/12731)


[باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس ... ]
قوله: (وَالتُّهَمَةَ): بفتح الهاء، قاله الجوهريُّ، وفي «النهاية» لابن الأثير: («التُّهْمة»: «فُعْلة»؛ من الوهم، والتَّاء بدلٌ من الواو، وقد تُفتَح الهاء)، وقد تَقَدَّمَت.
قوله: (لِهِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ»): (هند) هذه: هي أمُّ معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، وهي بنت عتبة بن ربيعة، من مُسلِمة الفتح، تَقَدَّمَت، وستأتي في الحديث الذي يلي هذا منسوبة، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.
==========
[ج 2 ص 822]

(1/12732)


[حديث: لا حرج عليك أن تطعميهم من معروف]
7161# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ): تَقَدَّمَت أعلاه، وقبله مُترجَمةً في ذكرها في (المناقب).
قوله: (مِنْ [1] أَهْلِ خِبَاءٍ): تَقَدَّمَ الكلام [على] (الخباء) في (المناقب) في ذكرها.
قوله: (إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (رَجُلٌ مِسِّيكٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (مسِّيك) في ذكر (هند) في (المناقب)، وفي غير هذا المكان أيضًا.

(1/12733)


[باب الشهادة على الخط المختوم ... ]
قوله: (وَمَا يُضَيَّقُ [1]): هو بتشديد المُثَنَّاة تحت المفتوحةِ قبل القاف، وهو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتَابُ الْحَاكِمِ جَائِزٌ إِلاَّ فِي الْحُدُودِ): هذا مذهب الكوفيِّين، وأراد البُخاريُّ: أبا حنيفة، وهو أحد قولي الشَّافِعيِّ.
قوله: (بِزعْمِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الزّعم)، وأنَّه مُثلَّث الزَّاي؛ أي: بقوله، وقد قَدَّمْتُ الكلام [على] (الزّعم) مُطَوَّلًا.
قوله: (وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [2] إِلَى عَامِلِهِ فِي الحُدُودِ): عامل عمر بن الخَطَّاب لا أعرفُه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (هو يعلى بن أُمَيَّة، عامله على اليمن، كتب إليه في قصَّة رجل زنى بامرأة مَضيفَة إن كان عالمًا؛ فحُدَّه)، انتهى.
قوله: (وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي سِنٍّ كُسِرَتْ): لا أعرف إلى مَن كتب مِن عمَّاله أيضًا.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي): هذا هو إبراهيم بن يزيد النَّخَعيُّ.
قوله: (إِذَا عَرَفَ الْكِتَابَ): (عَرَفَ)؛ بفتح العين والراء والفاء، مَبْنيٌّ للفاعل، و (الكتابَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَكَانَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ؛ بفتح الشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ.
قوله: (وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ): (يُروَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نحوُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/12734)


قوله: (وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الثَّقَفِيُّ): هو معاوية بن عبد الكريم، أبو عبد الرَّحْمَن، الثَّقفيُّ مولاهم، البصريُّ، الضَّالُّ؛ لأنَّه ضلَّ بطريق مكَّة، عن ابن بُرَيدة، والحسن، وابن سيرين، وبكر المدنيِّ، وإياس بن معاوية، وعطاء بن أبي رَباح، وطائفة، وعنه: عليُّ ابن المَدينيِّ، وقتيبة، ولُوَين، وطائفة، قال أحمد: ما أصحَّ حديثَه! ما أثبتَ حديثَه! ووَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وذكره البُخاريُّ في كتاب «الضُّعفاء»، فقال أبو حاتم: يُحوَّل منه، محلُّه الصِّدق ولا يُحتَجُّ به، كذا ذكر هذا الكلام الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، وذكره في «الميزان» في جملة كلامه: وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وأنكر أبو حاتم على البُخاريِّ ذكرَه في «الضُّعفاء»، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، ثمَّ قال: قلت: لم أره في «ضعفاء أبي عبد الله»، لا «الكبير» ولا «الصَّغير»، وأنا أتعجَّب كيف ما خرَّجوا له في الكتب؟! وليس بالمُكثِر، وقد قال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، انتهى، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثِّقات»، وقد راجعت «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم؛ فرأيته قد نقل ذلك عن أبيه كما ذكره الحافظ الذَّهَبيُّ، والله أعلم، قال ابنُ قانع: مات سنة ثمانين ومئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، ولم يخرِّج له أحدٌ من [أصحاب] الكُتُب السِّتَّة شيئًا، وهو عجيب، كما تَقَدَّمَ.
قوله: (شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ يَعْلَى قَاضِيَ الْبَصْرَةِ): هو عبد الملك بن يعلى اللَّيثيُّ البصريُّ، قاضي البصرة، عن أبيه، وعمران بن الحُصَين، ورجلٍ له صحبةٌ، وعنه: أيُّوب السَّخْتيَانيُّ، ويونس، وحُمَيد، وقرَّة بن خالد، ومعاوية بن عبد الكريم، وآخرون، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثِّقات»، وقال عمر بن شبَّه: اختُلِف في أمره؛ فقيل: مات قاضيًا، ويقال: بل عزله خالد القسريُّ، وولَّى ثُمَامة، قال ابن حِبَّانَ: مات سنة مئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، ولم يخرِّج له أحد من أصحاب الكتب إلَّا ما علَّقه هنا البُخاريُّ، والله أعلم.
[ج 2 ص 822]

(1/12735)


قوله: (وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ): هو إياس بن معاوية بن قرَّة، أبو واثلة، المزنيُّ البصريُّ، قاضي البصرة، وأحد العلماء الأذكياء، عن أبيه، وأنس، وسعيد بن المُسَيّب، وسعيد بن جُبَيرٍ، وأبي مجلز، وغيرهم، وعنه: الأعمش، وأيُّوب، وخالد الحَذَّاء، وشعبة، والحَمَّادان، ومعاوية بن عبد الكريم، وطائفة، قال ابن سعد: كان قاضيًا ثقةً عاقلًا من الرِّجال فطِنًا، وقال ابن معين: ثقة، ترجمته معروفة، وكذا أخواله، وهو ممَّن يُضرَب المثلُ بذكائه، تُوُفِّيَ بواسط سنة (122 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم في المُقدِّمة، وله ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (وَالْحَسَنَ): هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ اسم أبي الحسن يسارٌ، ترجمته معروفة مشهورة كهو، فلا نُطوِّل بها.
قوله: (وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ): _و (أنس): هو ابن مالك_، الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ، قاضي البصرة، عن جدِّه والبراء، وعنه: ابن أخيه عبد الله بن المثنَّى، وعزرة بن ثابت، وابن عون، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد والنَّسائيُّ، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.
قوله: (وَبِلَالَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ): هو بلال بن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعريُّ، أبو عَمرو، ويقال: أبو عبد الله، الكوفيُّ، أمير البصرة وقاضيها، عن أبيه وعمِّه أبي بكر، وعنه: ثابت البُنَانيُّ، وقتادة، ومعاوية بن عبد الكريم الضَّالُّ، وغيرهم، تُوُفِّيَ سنة عشرين ومئة، أخرج له التِّرْمِذيُّ، وعلَّق له البُخاريُّ، ووَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ.
قوله: (وَعَبْدَ اللهِ بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيَّ): _و (بُرَيدة): هو ابن الحُصَيب؛ بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين_ قاضي مرو وعاملُها، وكان هو وسليمان توءمين، عن أبيه، وابن مسعود، وعمران بن حُصَيب، والمغيرة بن شعبة، وطائفة، وعنه: ابناه؛ سهل وصخر، وقتادة، ومطر الورَّاق، وخلقٌ كثيرٌ، قال ابن معين وأبو حاتم: ثقة، تُوُفِّيَ عبد الله وهو على القضاء في ولاية أسد بن عبد الله، وقال ابن حِبَّانَ: وُلِد سنة خمسَ عشرةَ، ومات سنة خمسَ عشرةَ ومئة، وله مئةُ سنة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/12736)


قوله: (وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ): هو عامر بن عَبِيدة؛ بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، باهليٌّ، قاضي البصرة، عن أنس، وعبد الملك بن يعلى، وأبي المليح الهُذَليِّ، وعنه: شعبة، ومعاوية بن عبد الكريم الضَّالُّ، وأبو أسامة، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى.
فائدةٌ هي تنبيهٌ: (عَبِيدة) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، إلَّا أنَّ المُهلَّب ضُبِط عنه: عامر بن عُبَيدة، وهو وَهَمٌ، قاله القاضي في «مشارقه»، وابن قُرقُول في «مطالعه».
تنبيهٌ: وقع في «مُشتَبه الذَّهَبيِّ» في (عَبْدة) ما لفظه: (وبالحركة: بَجَالة بن عَبَدة عن عمر، وعمرو بن عَبَدة عن عبد الله بن عَمرو، وأبو إياس عامر بن عَبَدة عن ابن مسعود، لا عامر بن عبْدة الباهليُّ الذي في طبقة مِسْعَر)، فقوله: (لا عامر بن عَبْدة الباهليُّ) وَهَمٌ، إنَّما الباهليُّ عامر بن عَبِيدة؛ بزيادة مُثَنَّاة تحت بعد المُوَحَّدة المكسورة، وقد ذكره الذَّهَبيُّ على الصَّواب في (عَبِيدة)، والله أعلم، غير أنَّه قال فيه في (عَبيدة) ما لفظه: (وعامر بن عَبَيدة الباهليُّ له في «الصَّحيح») انتهى، ومراده بـ (الصَّحيح): «صحيح البُخاريِّ»، وله فيه تعليقٌ، وهو هذا كما ترى، والله أعلم.
تنبيهٌ آخرُ: وقع في كلام بعضهم هنا في هذا الموطن: عامر بن عَبَدة؛ بتحريك الباء، وقيل: بسكونها، حكاه ابن ماكولا، وبَجَالة بن عَبَدة؛ بالتَّحريك، روى له في (الجزية)، ولا ثالثَ لهما في «الصحيح»، وما عداهما بسكون الباء، انتهى، هذا خطأ، إنَّما المذكور هنا المُعلَّق عنه عامرُ بن عَبِيدة، كما قيَّدته أوَّلًا، وعامر بن عَبَدة الذي ذكره بعضهم لا شيءَ له في «البُخاريِّ»، إنَّما روى مسلم في المُقدِّمة؛ فاعلمه، واحذر ممَّا صَحَّفه، ثمَّ أيضًا كلٌّ مِن الاسمين: عامر بن عَبَدة، وبجالة بن عَبَدة حُكِي فيهما التَّحريكُ والسُّكونُ، والله أعلم.

(1/12737)


قوله: (وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ): هو عبَّاد بن منصور النَّاجي، أبو سلمة، البصريُّ، وُلِّي قضاء البصرة أيَّام خرج إبراهيمُ بن عبد الله بن حسن، روى عن القاسم بن مُحَمَّد، وعكرمة، وأبي رجاء العطارديِّ، وأيُّوب، وجماعةٍ، وعنه: شعبة، والثَّوريُّ، ووكيع، ويزيد بن هارون، ويحيى القَطَّان، ورَوح بن عُبَادة، وخلقٌ، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو زُرْعة: ليِّن، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، قال ابن قانع وغيره: تُوُفِّيَ سنة (152 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له الأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى القاضي، ترجمته مشهورة، فلا نُطوِّل بها، أخرج له الأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بفتح السين المُهْمَلَة، وتشديد الواو، وهو سَوَّار بن عبد الله بن قدامة العنبريُّ، القاضي، البصريُّ، روى القليل عن بكر المزنيِّ والحسن، قال شعبة: تعنَّى في طلب العلم وقد ساد، وقال الثَّوريُّ: ليس بشيء، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: كان من نبلاء القضاة، روى عنه: ابن عُليَّة وبِشْر بن المُفضَّل، ومات سنة (156 هـ)، وكان وَرِعًا، انتهى، لا ولدُ ولدِه سَوَّار بن عبد الله بن سَوَّار بن عبد الله بن قدامة التَّميميُّ العنبريُّ البصريُّ، القاضي ابن القاضي ابن القاضي، قاضي الرُّصافة ببغداد، ترجمته معروفة، ثقة، وعنه: أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ؛ فلا نُطوِّل بها، وهذا مُتَأخِّر جدًّا، تُوُفِّيَ بعدما عمي بأيَّام في شوَّال سنة (245 هـ).

(1/12738)


قوله: (وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): هذا هو الفضل بن دُكَين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحْرِزٍ)؛ بضَمِّ الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، ثمَّ راء مكسورة، ثمَّ زاي، كذا ضبطه غيرُ واحد من الحُفَّاظ، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: (عُبيد الله بن مُحْرِز الكوفيُّ، عن الشَّعْبيِّ، والقاسم بن عبد الرَّحْمَن، وموسى بن أنس بن مالك، وعنه: أبو نعيم في العمل بكتاب الحاكم)، انتهى، رقم عليه: (خ)، وكذا في «الكاشف» و «الميزان»، وكان ينبغي على قاعدته وقاعدة المِزِّيِّ أن يرقم عليه: (خت)؛ لأنَّ البُخاريَّ روى عن أبي نُعَيم هنا بـ (قال لنا أبو نعيم: حَدَّثَنَا عُبَيد الله بن مُحْرِز)، وهذه الصيغة عندهما تعليقًا، كما يرقمان في نظائر هذا، ذكره في «الميزان»؛ لكونه ما روى عنه إلَّا أبو نعيم، فبما عمله [3] الذَّهَبيُّ كأنَّه يقول: فيه جهالةٌ ما، والله أعلم.
قوله: (مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ): هو موسى بن أنس بن مالك، قاضي البصرة، روى عن أبيه، وابن عَبَّاس، وغيرهما، وعنه: عطاء بن أبي رَباح وهو أكبر منه، وحُمَيد، وابن عون، وشعبة، وطائفة، وَثَّقَهُ ابن سعد وغيره، وهو قليل الحديث، قديم الموت، أخرج له الجماعة.
قوله: (أَنَّ لِي عِنْدَ فُلاَنٍ): فلان الذي عليه الحقُّ لا أعرف اسمه.
قوله: (فَجِئتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَجَازَهُ): هو القاسم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مسعود الهُذَليُّ المسعوديُّ، أبو عبد الرَّحْمَن، قاضي الكوفة، عن أبيه، وجابر بن سَمُرة، ومسروق، وأرسل عن جدِّه، وأبي ذرٍّ، وعنه: عَمرو بن مُرَّة، وأبو إسحاق، وعطاء بن السَّائب، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، قال العِجْليُّ: كان لا يأخذ على القضاء أجرًا، ثقة رجل صالح، قال ابن سعد وجماعة: (تُوُفِّيَ في ولاية خالد القسريِّ، وقد عُزِل خالدٌ سنة عشرين ومئة، وقال أبو نعيم: وُلِّي قضاءَ الكوفة بعد شُرَيحٍ أبو بُردة بنُ أبي موسى، ثمَّ الشَّعْبيُّ، ثمَّ القاسم بن عبد الرَّحْمَن، ثمَّ مُحارب بن دِثَار)، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: (قلت: قال خليفة: عزله عن القضاء ابنُ هبيرة سنة ثلاث ومئة بالحسين بن الحسن الكنديِّ)، وقال ابن قانع: تُوُفِّيَ سنة ستَّ [4] عشرةَ ومئة، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.
[ج 2 ص 823]

(1/12739)


قوله: (وَكَرِهَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ العالمُ، أحد الأعلام المشهورين، واسم أبي الحسن يسارٌ.
قوله: (وَأَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
قوله: (أَنْ يَشْهَدَ): هو بفتح أوَّله وثالثه، مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (وَقَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ: «إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ): تَقَدَّمَ ذلك، وأنَّ الذي كُتِب بسببه المقتولُ في خيبرَ عبدُ الله بن سهل الأنصاريُّ الحارثيُّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام المشهورين، تَقَدَّمَ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يَضِيق).
[2] التَّرضية: ليس في «اليونينيَّة».
[3] في (أ): (علمه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[4] في (أ): (ستَّة)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/12740)


[حديث: لما أراد النبي أن يكتب إلى الروم قالوا: إنهم لا يقرؤون ... ]
7162# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبط والده، وأنَّ لقب مُحَمَّد: بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.
قوله: (أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق متى كانت الكتابة، ومتى اتَّخذ الخاتم؛ فانظره إن أردته، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.
قوله: (خَاتَمًا): تَقَدَّمَت اللُّغات في (الخاتم).
قوله: (وَبِيصِهِ): هو بفتح الواو، وكسر المُوَحَّدة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة، والهاء: هاء الضمير؛ وهو البَرِيق واللَّمعان مع أيِّ لون كان، يقال: وبص الشيءُ وبيصًا، وبصَّ بَصِيصًا؛ بمعنى: برق.
قوله: (وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ): تَقَدَّمَ، هذا هو الصَّحيح، وقيل غير ذلك، وقدَّمته مُطَوَّلًا في (اللِّباس).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).
[ج 2 ص 824]

(1/12741)


[باب: متى يستوجب الرجل القضاء؟]
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن يسارٍ، البصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (اسْتُودِعُوا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو تفسير لـ {اسْتُحْفِظُوا} [المائدة: 44]، وهو [مبنيٌّ لـ] ما لم يُسَمَّ فَاعِلُه.
قوله: {إِذْ نَفَشَتْ} [الأنبياء: 78]: قال الدِّمْيَاطيُّ: (رعت ليلًا، وهملت: رعت نهارًا؛ كلاهما بلا راعٍ) انتهى، والذي قاله صحيحٌ، لكن يقال أيضًا: هملت إذا رعت ليلًا أو نهارًا بلا راع، بخلاف (نفشت)؛ فإنَّه لا يقال ذلك إلَّا في اللَّيل، قال الجوهريُّ: (والهَمَل؛ بالتحريك: الإبلُ بلا راع؛ مثل: النَّفَشِ، إلَّا أنَّ النَّفش لا يكون إلَّا ليلًا، والهَمَل يكون ليلًا ونهارًا)، انتهى.
قوله: (فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ): (حَمِد)؛ بفتح الحاء، وكسر الميم: مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: حَمِد اللهُ سليمانَ، و (سليمانَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ.
قوله: (وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ): (يَلُم)؛ بفتح أوَّله، وضمِّ اللَّام، مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: ولم يلُمِ اللهُ داودَ، و (اللَّوم): العذل، قاله الجوهريُّ، وقال في (العذل): الملامة.
قوله: (لَرَأَيْتُ): قائل هذا الكلام هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، والذي قد تَقَدَّمَ من كلام الله مُستشهِدًا به، وكلامه في غضون كلام الله، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ): هو مُزَاحِم _بالزَّاي، والحاء المُهْمَلَة_ ابن زُفَرَ بنِ الحارث، وهو مزاحم بن أبي مزاحم، الكوفيُّ، عن الشَّعْبيِّ، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وعنه: شعبة، وسفيان، وشريك، وعبَّاد بن عبَّاد، وطائفة، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، انتهى، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم والنَّسائيُّ.

(1/12742)


قوله في كلام عمر بن عبد العزيز: (خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً ... )؛ فذكرها: قد يُتوَهَّم أنَّها ستَّةٌ؛ وذلك لأنَّه قال: (أن يكون فهمًا حليمًا عفيفًا صَليبًا عالمًا سؤولًا عن العلم)، وليس كذلك، بل هي خمس، كما ذكر؛ لأنَّ (عالمًا) و (سؤولًا) خصلةٌ واحدةٌ؛ لأنَّ الغالب أنَّ الشخص لا يكون عالمًا إلَّا وقد كان سؤولًا عن العلم، أو يقال: إنَّ (فهمًا) و (عالمًا) خصلة واحدة؛ لأنَّ العالم لا يكون إلَّا فهمًا، وإلَّا؛ فلو لم يكن فهمًا؛ لما كان عالمًا؛ لأنَّ البليد لا يكون عالمًا، أو يقال: إنَّه قال خمسًا، ثمَّ زادهم واحدةً، فالمجموع إذن ستٌّ، وقد يجاب بغير ما ذكرتُ، والله أعلم، وقد نقل الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «تهذيبه» في ترجمة عمر بن عبد العزيز قال: (لا ينبغي أن يكون قاضيًا إلَّا مَن هو عَفِيف حَلِيم عالمٌ [1] بما كان قبله، يستشير ذوي الرَّأي، لا يخاف في الله لومةَ لائم) انتهى.
قوله: (خَصْلَةً): هو مَنْصُوبٌ مُنَوَّن مفعول.
قوله: (كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ): (الوَصْمة)؛ بفتح الواو، وإسكان الصاد، مَرْفُوعٌ مُنَوَّن اسم (كان)، و (الوَصْمة): العيب، قال الخليل: الوصم: صدع أو كسر غير بائن، وفي «الصحاح» نحوهما، ولفظه: (الوصم: الصدع في العود من غير بينونة، يقال: في هذه القناة وصمٌ، وقد وصَمْتُ الشيء؛ إذا شدَدْتَه بسرعة، والوصم: العيب والعار، يقال: ما في فلان وصمةٌ، وأنشد شاهدًا بيتًا على ذلك.
قوله: (فَهِمًا): هو بكسر الهاء، اسم فاعل.
قوله: (صَلِيبًا): أي: قويًّا ثابتًا لا يضعف في إنفاذ الحقِّ، وهو بفتح الصاد المُهْمَلَة، وكسر اللَّام، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ مُوَحَّدة.

(1/12743)


[باب رزق الحكام والعاملين عليها]
قوله: (وَكَانَ شُرَيْحٌ [1] يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا): (شريح): هو بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، وهو ابن الحارث القاضي، تَقَدَّمَ، أخرج له النَّسائيُّ، قال شيخنا: (أثرُ شريحٍ أخرجه ابن أبي شيبة عن الفضل بن دُكَين، عن الحسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى قال: «بلغنا _أو قال: بلغني_ أنَّ عليًّا رضي الله عنه رزق شريحًا خمسَ مئة) انتهى، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (صدق المُصنِّف، وقد ذكرت في «تغليق التعليق» السَّند الصَّحيح الذي أشار إليه) انتهى، وإنَّما ذكرتُ هذا التعليق؛ لأنِّي سُئِلت عن أخذ شريح: أهو من الخصوم أو من بيت المال؟ والظاهر مِن حال البُخاريِّ أنَّه لم يُرِد هذا الإسناد الذي ذكره شيخنا؛ لأنَّه بلاغ، والبُخاريُّ قد جزم بأخذ شريح، والله أعلم.
قوله: (بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ): (العُمَالة)؛ بضَمِّ العين، وتخفيف الميم: رزق العامل، قال ابن قُرقُول: («بقدر عُمَالته»: كذا للأصيليِّ في «البُخاريِّ» بضَمِّ العين، ولغيره: «عَمالته» بالفتح، وهو أصوب؛ لأنَّه هنا: العمل الذي يعمل فيه)، انتهى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (الْقَاضِي).
[ج 2 ص 824]

(1/12744)


[حديث: خذه فتموله وتصدق به]
7163# 7164# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ):
[ج 2 ص 824]
(ابن أخت نمر): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه بدلٌ من (السائب)، وهو مَرْفُوعٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه السَّائب بن يزيد بن سعيد أبو يزيد، ويُعرَف بابن أخت النَّمِر، تَقَدَّمَت ترجمته، و (حُوَيْطِب بْن عَبْدِ الْعُزَّى)، و (عَبْد اللهِ بْن السَّعْدِي)، و (عُمْر): ابْن الخَطَّابِ، في هذا السند لطيفةٌ من لطائف الإسناد؛ وهو أنَّ فيه أربعةَ صحابةٍ يروي بعضهم عن بعض؛ أوَّلهم: السائب، وآخرهم: عمر بن الخَطَّاب، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحافظ أبا الحَجَّاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدِّمَشْقيَّ أفرده بالتَّأليف، وذكر في الجزء الذي أفرده تسعةَ أحاديثَ؛ آخر حديث فيها فيه خمسةٌ من الصَّحَابة يروي بعضهم عن بعض، وقد ذكرته فيما مضى مرَّتين؛ أوُّلهم: عبد الله بن عمرو بن العاصي، عن عثمان، عن عمر، عن أبي بكر، عن بلال، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الموت كفَّارة لكلِّ مسلم»، وقد رويت هذا «الجزءَ» عن بعض أصحاب أصحاب ابن خليل بحلبَ، وقرأته بالقاهرة على شيخنا ناصر الدين الطَّبردار بإجازة مِن الحافظ الدِّمْيَاطيِّ بسماعه من ابن خليل، والله أعلم، وقد أفاد شيخنا: أنَّ الحافظ أبا موسى الأصبهانيَّ ألَّف جزءًا أفرد فيه رُباعيَّ الصَّحَابة وخماسيَّهم، قال: وقد لخَّصْتُه بحذف الأسانيد، ومن الغريب روايةُ ستَّة من التابعين بعضُهم عن بعض، وقد أفرده الخطيب البغداديُّ بجزءٍ جمع فيه طرقَه، وهو حديث منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن الربيع بن خيثم، عن عمرو بن ميمون الأوديِّ، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيُّوب، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: في أنَّ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} تعدلُ ثلث القرآن، قال يعقوب بن شيبة: وهذا أطول إسناد رُوِي، قال الخطيب: والأمر كما قال، قال: ورُوِي هذا الحديث أيضًا من طريق سبعةٍ من التابعين، ثمَّ ساقه من حديث أبي إسحاق الشَّيبانيِّ عن عمرو بن مُرَّة، عن هلال، عن عمرو، عن الربيع، عن عبد الرَّحْمَن _يعني: ابن أبي ليلى_ به، والله أعلم.

(1/12745)


تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «صحيح مسلم» حديث عمر بن الخَطَّاب بإسقاط (حويطب بن عبد العزَّى) بين (السَّائب بن يزيد) و (عبد الله بن السَّعديِّ)، والصواب: إثباتُه، والله أعلم.
قوله: (أَلَمْ أُحَدَّثْ): هو بفتح الدَّال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَإِذَا أُعْطِيتَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء الخطاب المفتوحة.
قوله: (الْعُمَالَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا جدًّا، وكذا (عُمَالَتِي).
قوله: (مُشْرِفٍ): هو بالشين المُعْجَمَة، قال ابن الأثير: (يقال: أشرفت إلى علوته، وأشرفت عليه: اطَّلعت عليه من فوق؛ أراد: إذاجاءك منه وأنت غير مُتطلِّع إليه، ولا طامع فيه)، انتهى.
قوله: (فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ): (تُتبِعه)؛ بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، و (نفسَك): مَنْصُوبٌ مفعول.
قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: أَنْ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ): هذا [2] معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه الإمام البُخاريُّ عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهْرِيِّ، عن سالم به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.
قوله: (أَعْطِهِ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا الثَّانية.
قوله: (وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ): تَقَدَّمَ أعلاه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[2] زيد في (أ): (هذا)، وهو تكرارٌ.

(1/12746)


[باب من قضى ولاعن في المسجد]
قوله: (وَلاَعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عمر): هو ابن الخَطَّاب الفاروقُ الخليفةُ رضي الله عنه، وإنَّما ميَّزته؛ لأنَّ في الصَّحَابة جماعةً كلٌّ منهم اسمه عمر، ولئلَّا يشتبه بعمر بن عبد العزيز، وقوله: (لاعن)؛ أي: أمر بالملاعنة هناك.
قوله: (وَقَضَى مَرْوَانُ) [1]: تَقَدَّمَ أنَّه ابن الحكم، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه ليس بصحابيٍّ، ولا له رؤية، ولا رواية عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (وَقَضَى شُرَيْحٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن الحارث القاضي، وتَقَدَّمَ أنَّ النَّسائيَّ أخرج له.
قوله: (وَالشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الشين، وأنَّه عامر بن شَراحيل.
قوله: (وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه غير مصروف، وأنَّه بفتح الميم، وتَقَدَّمَ كلام ابن قُرقُول عن البُخاريِّ في (اليعمريِّ).
قوله: (وَكَانَ الْحَسَنُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي الحسن يسار البصريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى): تَقَدَّمَ مُترجَمًا رحمة الله عليه.

(1/12747)


قوله: (فِي الرَّحَبَةِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ): (رحَبة المسجد): هي بفتح الحاء، قاله الجوهريُّ؛ وهي المكان الرَّحْب؛ أي: المُتَّسع الذي يُجعَل غالبًا قُدَّام باب المسجد، وهو المحوط؛ لأجل المسجد، وهو أخصُّ من الحريم، قال الشيخ محيي الدين: ومن المُهمِّ بيانُ حقيقة هذه الرَّحبة، قال صاحب «الشامل» و «البيان»: المراد بـ (الرَّحَبة): ما كان مضافًا إلى المسجد مُحجَزًا عليه، قالا: والرَّحَبة مِن المسجد، قال صاحب «البيان» وغيره: وقد نصَّ الشَّافِعيُّ على صحَّة الاعتكاف في الرَّحَبة، قال القاضي أبو الطيِّب في «المُجرَّد»: قال الشَّافِعيُّ: يصحُّ الاعتكاف في رحاب المسجد؛ لأنَّها من المسجد، قال النَّوويُّ: واتَّفق الأصحاب على أنَّ المأموم لو صلَّى في رحبة المسجد مقتديًا بالإمام في المسجد؛ صحَّت صلاته، وإن حال بينهما حائلٌ يمنع الاستطراق والمشاهدة؛ لم يضرَّه؛ لأنَّ الرَّحَبة من المسجد كما سبق، وقد وقع بين أبي عَمرو بن الصلاح وبين أبي مُحَمَّد بن عبد السَّلام في ذلك في الصَّلاة بباب دمشق، وهو باب الساعات، فلو صلَّى المأموم تحت الساعات بصلاة الإمام في الجامع؛ هل تصحُّ صلاته؟ قال ابن عبد السَّلام: تصحُّ، وقال ابن الصَّلاح: لا تصحُّ؛ لأنَّه ليس برحبة، وإنَّما الرَّحَبة صحن الجامع، وطال النِّزاع بينهما، والصَّحيحُ قولُ ابن عبد السَّلام، واعلم أنَّه ليس كلُّ مسجد يكون له رحبة، بل قد يكون له رحبة وقد لا يكون، وكلُّ مسجد لا ينفكُّ عن الحريم، ويتَّفق أن يكون المسجد له حريم ورحبة، فإذا وقف إنسان بقعةً محدودة، وحطَّ فيها مسجدًا للبناء، وترك أمامَ الباب قطعةً مِن تلك البقعة؛ فهذه هي الرَّحبة، لها أحكام المسجد، والحريم محيطٌ بهذه الرحبة، ويجب على الناظر تمييزُ هذه الرَّحَبة من الحريم بعلامة؛ ليتحرَّز منها الجنب وتُحتَرم ويُصلَّى فيها التَّحيَّة، والمراد بالحريم: ما يحتاج إليه؛ لطرح القُمامات، والزبالات، وقشور الفاكهة، ونحوها ممَّا يحتاج إليه عُمَّار المسجد، والمُتردِّدون إليه، وتارة توقف البقعة، وتُحوَّط كلُّها بالبناء، ولا يُترَك فيها بقيَّةٌ، بل يُجعَل سورُ المسجد مُحِيطًا بجميعها، فهذا المسجد لا رَحَبةَ له، ولكن له حريم؛ كحريم سائر الدُّور، وبهذا يتَّضح لك حقيقة الرَّحَبة، وقوله فيه: (خارجًا من المسجد)؛ أي: خارج بناء المسجد، ويحتمل أنَّهما كانا لا يريان الرَّحَبة من المسجد، والله أعلم.

(1/12748)


[حديث: شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة فرق بينهما]
7165# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّ (سفيان) بعد ابن المَدينيِّ عليِّ بن عبد الله: هو ابن عُيَيْنَة مرارًا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ [1]: شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ): الظَّاهر أنَّهما عويمر العجلانيُّ وامرأتُه، وقد تَقَدَّمَ الكلام في اسمها في (سورة النور).
قوله: (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا): هو بضَمِّ الفاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12749)


[حديث: أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا]
7166# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة {اقرأ})، وقبل ذلك أيضًا، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، الصَّنعانيُّ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
[ج 2 ص 825]
قوله في حديث سهل أخي بني ساعدة: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه عُويمر العجلانيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام في اسم امرأته في (سورة النُّور).

(1/12750)


[باب من حكم في المسجد حتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج ... ]
قوله في الترجمة: (أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ): (يُخرَج): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخْرِجَاهُ مِنَ الْمَسْجِدِ): هذا الرَّجل المُخرَج من المسجد لا أعرف اسمه.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، و (نحوُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[ج 2 ص 826]

(1/12751)


[حديث: اذهبوا به فارجموه .. ]
7167# 7168# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قولِ الأكثر، و (سَعِيد بْن المُسَيّب)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي زَنَيْتُ): هذا (الرجل) تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ماعز بن مالك الأسلميُّ، وقدَّمت أنَّ ماعزًا لقبٌ، وأنَّ اسمه عَرِيب؛ بالعين المُهْمَلَة.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ من أخبر الزُّهْرِيَّ عن جابر.
قوله: (رَوَاهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، وأمَّا (مَعْمَر)؛ فهو ابن راشد، وأمَّا (ابن جُرَيجٍ)؛ فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، ومتابعة يونس أخرجها البُخاريُّ في (المحاربين) عن مُحَمَّد بن مقاتل، عن ابن المبارك، عن يونس، وأخرجها مسلم في (الحدود) عن أبي الطَّاهر بن السَّرح وحرملة بن يحيى؛ كلاهما عن ابن وهب عن يونس به.
وأمَّا متابعة مَعْمَر؛ فأخرجها البُخاريُّ عن محمود، عن عبد الرزَّاق، عن مَعْمَر به، وأخرجها مسلم في (الحدود) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزَّاق به، وأخرجها أبو داود عن مُحَمَّد بن المُتوكِّل _وهو ابن أبي السَّرِيِّ_ والحسن بن عليٍّ الخلَّال؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ عن الحسن بن عليٍّ به، وقال: صحيح، وأخرجها النَّسائيُّ في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن يحيى، وفي (الرَّجم) عن مُحَمَّد بن رافع، وفيهما عن نوح بن حَبِيب؛ ثلاثتهم عن عبد الرَّزَّاق به.

(1/12752)


وأمَّا متابعة ابن جُرَيجٍ عن الزُّهْرِيِّ؛ فأخرجها النَّسائيُّ في (الرجم) عن إبراهيم بن الحسن، عن حجَّاج بن مُحَمَّد، عن ابن جُرَيجٍ، عن الزُّهْرِيِّ به، والله أعلم.

(1/12753)


[باب موعظة الإمام للخصوم]

(1/12754)


[حديث: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي]
7169# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ [1] أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ، و (أبو سلمة): أبوها عبد الله بن عبد الأسد، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّ أمَّ سلمة تُوفِّيت بعد مقتل الحُسين رضي الله عنهما.
قوله: (أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (ألحنَ)؛ معناه: أَفْطَنَ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (ابنة).
[ج 2 ص 826]

(1/12755)


[باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء ... ]
قوله: (وَقَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، وأنَّه ابن الحارث، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه أخرج له النَّسائيُّ.
قوله: (وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ، فَقَالَ: ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ): الإنسان المشهود له والمشهود عليه لا أعرفهما، ولا (الأمير) مَن هو.
قوله: (لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي): تَقَدَّمَ أنَّ (آية الرَّجم) التي أراد عمر رضي الله عنه إثباتَها في المصحف هي: (الشَّيخ والشَّيخة إذا زنيا؛ فارجموهما ألبتَّة نكالًا من الله واللهُ عزيزٌ حكيمٌ)، وهذه ممَّا نُسِخ لفظُها إجماعًا، وبقي حكمها إجماعًا، وقد نُسِخَ حكمٌ دون لفظ، وقد وقع نسخهما جميعًا، فما نُسِخ لفظُه؛ ليس له حكم القرآن في تحريم قراءته على الجنب ونحو ذلك، وفي ترك الصَّحَابة كتابةَ هذه الآية في المصحف دلالةٌ ظاهرةٌ على أنَّ المنسوخ لفظُه لا يُكتَب في المصحف، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه الآية كانت في (سورة الأحزاب)، كذا في «مسند أحمد» وغيره، وكذا رأيتُها في «مستدرك الحاكم»، وقال: صحيح، وأقرَّه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، وقد قَدَّمْتُ ذلك، والله أعلم.
قوله: (وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مالك بن مالك الأسلميُّ، وقدَّمت أنَّ ماعزًا لقبٌ، وأنَّ اسمه عَرِيب؛ بفتح العين المُهْمَلَة.
قوله: (وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12756)


قوله: (وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ): (حَمَّاد) هذا: قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه» والظَّاهر أنَّه في أصله في ترجمة حَمَّاد بن أبي سليمان أنَّه هذا: وهو حَمَّاد بن أبي سليمان مسلمٍ مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعريِّ، أبو إسماعيل، الكوفيُّ الفقيه، أصله من بُرْخُوار من ناحية أصبهان، عن أنس بن مالك، وأبي وائل، وزيد بن وهب، وإبراهيم النخعيِّ، وابن المُسَيّب، وابن جُبَيرٍ، وجماعة، وعنه: ابنه إسماعيل، ومُغيرة بن مِقْسَم، وأبو حنيفة الإمام، وشعبة، وسفيان، وحمزة الزَّيَّات، وحَمَّاد بن سلمة، وخلق، وتفقَّهوا به، ترجمته معروفة ومناقبه، تُكلِّم فيه للإرجاء، قال الذَّهَبيُّ: ولولا ذكر ابن عديٍّ له في «كامله»؛ لما أوردتُه، قال ابن عديٍّ: حَمَّاد كثير الرواية، له غرائب، وهو مُتماسِك لا بأس به، وقال ابن معين وغيره: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، لا يُحتَجُّ به، مستقيم في الفقه، فإذا جاء الأثر؛ شوَّش، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، له ترجمةٌ في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (120 هـ)، وأرَّخه ابن حِبَّانَ في «ثقاته» سنة (119 هـ)، أخرج له مسلم والأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ هنا، وأخرج عنه البخاريُّ في كتاب «الأدب المفرد»، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ الْحَكَمُ: أَرْبَعًا): (الحكم): هو ابن عُتَيبة.
==========
[ج 2 ص 826]

(1/12757)


[حديث: من له بينة على قتيل قتله فله سلبه]
7170# قوله: (عَنْ يَحْيَى): هذا هو يحيى [1] بن سعيد الأنصاريُّ، و (عُمَر بْن كَثِيرٍ): ابن أَفْلَح، بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو مُحمَّد مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه نافع بن عيَّاش، ويقال: ابن عَبَّاس، أبو مُحَمَّد الأقرع، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (أبو قتادة): أنَّه اختُلِف في اسمه؛ فقيل: الحارث، وقيل: النعمان، وقيل: عمرو، ابن ربعيِّ بن بلدمة، والصَّحيح: الحارث بن ربعيٍّ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.
قوله: (يَوْمَ حُنَيْنٍ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة حُنين، في شوَّال لستٍّ خلون منه، ويقال: لليلتين بقيتا مِن رمضان سنة ثمانٍ من الهجرة.
قوله: (عَلَى قَتِيلِي [2]): قتيل أبي قتادة لا أعرف اسمه.
قوله: (ثمَّ بَدَا لِي): (بدا): معتلٌّ، غير مهموز؛ أي: ظهر، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلاَحُ هَذَا الْقَتِيلِ [3] عِنْدِي): تَقَدَّمَ في (البيوع) وغيره أنَّ شيخنا قال: شهد لأبي قتادة بقتيله اثنان؛ الأسود بن خزاعيٍّ، وعبد الله بن أنيس، انتهى، وهذان ليسا من قريش، لا من أنفسهم ولا حلفاء، فالظاهر أنَّ الذي عنده السَّلب غير هذين، والله أعلم.
قوله: (فَأَرْضِهِ مِنْهُ): (أَرْضِهِ)؛ بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ.
قوله: (لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه بروايتَيه.
قوله: (وَيَدَعَ): يجوز فيه النصب والرفع.
قوله: (خِرَافًا): هو بكسر الخاء المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ ما هو.
قوله: (تَأَثَّلْتُهُ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه اتَّخذته أصلًا ورأسَ مال.

(1/12758)


قوله: (قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ عَنِ اللَّيْثِ: فَقَامَ ... ) إلى آخره: (عبد الله) هذا: شيخ البُخاريِّ، لا أعرفه بعينه، وفي «الأطراف»: (قال عبد الله)؛ بحذف (لي)، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «الأطراف»، لكن شيخُنا لمَّا ذكر الحديث؛ قال فيه ما لفظه: (قوله: وقال لي عبد الله بن صالح عن اللَّيث: فقام)، وهذه حكاية نسخة الدِّمْيَاطيِّ، فإنَّها قدَّامه يشرح منها، وكذا (أخبرني)؛ فهو إذن عبدُ الله بن صالح أبو صالح كاتب اللَّيث، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه عَلَّقَ له البُخاريُّ تعليقًا، واستُشهِد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصَّحيح»، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقدَّمت كلام المِزِّيِّ في (سورة الفتح) وغيرها: أنَّ أولى الأقوال بالصَّواب قولُ مَن قال: إنَّه كاتبُ اللَّيث، والله أعلم، وحديث اللَّيث _هو الذي نحن فيه_ مسندٌ عن قُتَيْبَة عن اللَّيث، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة سوى هذا المكان، والله أعلم.
[ج 2 ص 826]
قوله: (لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ): هو بفتح الميم، اسمُ مفعول.
قوله: (أَكْثَرُ): هو بالثاء المُثَلَّثَة في أصلنا.
قوله: (وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا): (لكنَّ)؛ بتشديد النون، من أخوات (إنَّ).
قوله: (لِتُهَْمَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لغتين؛ السكون في الهاء والفتح.
قوله: (إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ): هي أمُّ المؤمنين صفيَّة بنت حُيَيِّ بن أخطب رضي الله عنها، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.
==========
[1] زيد في (أ): (هو يحيى)، وهو تكرارٌ.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (قتيلٍ).
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الَّذِي يَذْكُرُ).

(1/12759)


[حديث: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم]
7171# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ): هذا هو زين العابدين.
قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا مُرسَل؛ لأنَّ عليَّ بن حُسين تابعيٌّ، وقد تَقَدَّمَ مُتَّصلًا في (الصَّوم)، و (الاعتكاف)، و (الأدب) عن أبي اليمان عن شعيب، وفي (صفة إبليس) عن محمود، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، وفي (الاعتكاف) أيضًا عن إسماعيل بن عبد الله، عن أخيه أبي بكر، عن سليمان بن بلال، عن مُحَمَّد بن أبي عتيق؛ ثلاثتهم عن الزُّهْرِيِّ، عن عليِّ بن الحُسين، عن صفيَّة به، وهنا: عن عبد العزيز بن عبد الله عن إبراهيم بن سعد، وفي (الاعتكاف) أيضًا عن عليِّ بن عبد الله عن سفيان بن عُيَيْنَة، وفيه وفي (الخمس) عن سعيد ابن عُفَيْر، عن اللَّيث، عن عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر؛ ثلاثتهم عن الزُّهْرِيِّ عن عليِّ بن الحُسين: أنَّ صفيَّة، وعن عبد الله بن مُحَمَّد، عن هشام بن يوسف، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ، عن عليِّ بن الحُسين به.
وقال في هذا الكتابِ (كتابِ الأحكام) أيضًا: رواه شعيب، وابن مسافر، وابن أبي عتيق، وإسحاق بن يحيى عن الزُّهْرِيِّ، عن عليِّ بن الحُسين، عن صفيَّة، والله أعلم.
فالحاصلُ: أنَّ الرواة عن الزُّهْرِيِّ اختلفوا فيه؛ فمنهم مَن وصله، ومنهم [مَن] أرسله، وتَقَدَّمَ أنَّ الحكم لمن وصل على الصَّحيح من أربعة أقوال تَقَدَّمَت.

(1/12760)


قوله: (رَوَاهُ شُعَيْبٌ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ [1] بْنِ حُسَينٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (شعيب)؛ فهو ابن أبي حمزة تَقَدَّمَ مِرارًا، وأمَّا (ابن مسافر)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر الفهميُّ مولى اللَّيث بن سعد) انتهى، أمير مصر، تَقَدَّمَ، وأمَّا (ابن أبي عتيق)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق، انفرد البُخاريُّ بهما) انتهى، تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ قرنه، وروى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (إسحاق بن يحيى): هو ابن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، ويُعرَف بالعَوْصيِّ، تَقَدَّمَ أنَّه استشهد به البُخاريُّ، وأنَّه قيل: إنَّه قَتَلَ أباه.
وتعليق شعيب أخرجه البُخاريُّ في (الصَّوم)، وفي (الاعتكاف)، وفي (الأدب) عن أبي اليمان عن شعيب، وأخرجه مسلم في (الاستئذان) عن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عن أبي اليمان به، وأخرجه أبو داود عن مُحَمَّد بن يحيى بن فارس عن أبي اليمان به.
ومتابعة ابن مسافر أخرجها البُخاريُّ في (الاعتكاف) وفي (الخمس) عن سعيد ابن عُفَيْر، عن اللَّيث، عن عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر، عن الزُّهْرِيِّ.
ومتابعة إسحاق بن يحيى _وهو الكلبيُّ_ لم يخرِّجها أحد من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سوى ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا رحمه الله.
ومتابعة ابن أبي عتيق أخرجها البُخاريُّ في (الاعتكاف) عن إسماعيل بن عبد الله، عن أخيه أبي بكر، عن سليمان بن بلال، عن مُحَمَّد بن أبي عتيق، عن الزُّهْرِيِّ.
و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عليُّ بن حُسين): زين العابدين، و (صفيَّة): هي بنت حُييِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَت مُترجَمةً.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَعنِي).
[ج 2 ص 827]

(1/12761)


[باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا]

(1/12762)


[حديث أبي موسى: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا]
7172# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبط (بشَّار) مرارًا، وأنَّ لقب مُحَمَّد بندارٌ، و (الْعَقَدِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن عمرو أبوعامر) انتهى، تَقَدَّمَ.
قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ [1]: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِي وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا بُردة): الحارث _ويقال: عامر_ ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، وهذا هنا مُرسَل؛ لأنَّ أبا بُردة لم يدرك هذه القصَّة، ثمَّ وصله البُخاريُّ بعد هذه الطَّريق.
قوله: (وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ): (معاذَ): مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه معطوف على المفعول، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل (كتاب الزَّكاة) متى بعثهما والاختلاف في ذلك، وهل بعثهما قاضِيَين أو واليَين؛ فانظره إن أردته.
قوله: (الْبِتْعُ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه نبيذ العسل.
قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ [2]، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (النَّضْر)؛ فهو بالضاد المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ، لا يحتاج إلى تقييد، وهو ابن شُمَيل الإمامُ، وأمَّا (أبو داود)؛ فهو الطيالسيُّ سليمان بن داود، استشهد به البُخاريُّ، وأخرج له مسلم والأربعة، تَقَدَّمَ، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، الإمامُ، أحد الأعلام، وتعليق النَّضْر أخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عن إسحاق، عن النَّضْر، عن شعبة به.
وتعليق أبي داود أخرجه النَّسائيُّ في (الأشربة) وفي (الوليمة) عن أحمد بن عبد الله ابن منجوف وعبد الله بن الهيثم، عن أبي داود، وابن ماجه في (الأشربة) عن مُحَمَّد بن بَشَّار، عن أبي داود، عن شعبة به مختصرًا: «كلُّ مُسكِر حرامٌ».
وتعليق يزيد بن هارون لم أره إلَّا في هذا المكان من «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (قلت: وصل رواية يزيد بن هارون أبو عوانة في «صحيحه» والبيهقيُّ)، انتهى.

(1/12763)


وتعليق وكيع أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن يحيى، عن وكيع، عن شعبة بالقصَّة الأولى: «يَسِّرا ولا تُعَسِّرا»، والله أعلم، وأخرجه مسلم في (الأشربة) عن قُتَيْبَة وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن وكيع عن شعبة به، وفي (المغازي) عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن وكيع بالقصَّة الأولى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[2] (ابن أبي بردة): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 827]

(1/12764)


[باب إجابة الحاكم الدعوة]
قوله: (بَابُ إِجَابَةِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَةَ): الدَّعوة إلى الطعام؛ بفتح الدَّال، وبكسرها في النَّسب، هذا أكثر كلام العرب إلَّا عديَّ الرِّباب؛ فإنَّهم يفتحون الدَّال في النَّسب، ويكسرونها في الطَّعام، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ): هذا (العبد) لا أعرفُه.
==========
[ج 2 ص 827]

(1/12765)


[حديث: فكوا العاني وأجيبوا الداعي]
7173# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مُسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، ومستندي في ذلك أنَّ هذا الحديث رواه البُخاريُّ في (الأطعمة) عن مُحَمَّد بن كَثِير، وفي (النِّكاح) وهنا عن مُسدَّد عن يحيى؛ كلاهما عن سفيان، فنظرت ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير؛ فرأيت الحافظ عَبْد الغَنيِّ قال فيها: روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابن عُيَيْنَة، ونظرت ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير في «التذهيب» قال فيه: روى عن سفيان، وأطلق؛ فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس، تقدَّموا.
قوله: (فُكُّوا الْعَانِيَ): تَقَدَّمَ أنَّ (العاني) الأسيرُ.

(1/12766)


[باب هدايا العمال]

(1/12767)


[حديث: ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي]
7174# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ رضي الله عنه.
قوله: (اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّة [1]): و (أسْد): هو بإسكان السين، وهو الأزد، يقال: أزْد وأسْد، وقد تَقَدَّمَ الكلام على النُّطق به، وأنَّ اسمه عبد الله، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (قال ابن دريد: بنو لُتْب: بطن من العرب؛ منهم: ابن اللُّتبيَّة؛ رجلٌ من الأزد، ويقال في الأزْد: الأسْد، واسمه دِراءُ، على «فِعالٍ») انتهى.
[ج 2 ص 827]
قوله: (أُهْدِيَ لِي): (أُهدِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَقَالَ [2] سُفْيَانُ أَيْضًا): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة.
قوله: (فَيَنْظُرَ): هو بنصب (ينظر)، جواب الاستفهام، ويجوز رفعُه [3].
قوله: (أَيُهْدَى لَهُ؟!): (يُهدَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): تَقَدَّمَ ما (الرُّغاء)، وكذا تَقَدَّمَ (الخُوَار)؛ بالخاء المُعْجَمَة وبالجيم؛ روايتان تقدَّمتا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (تَيْعِرُ)؛ بالكسر، وتُفتَح أيضًا [4]، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ)، وما (العُفرة)، وأنَّه من خصائصه عليه السَّلام، وعلامات نبوَّته أنَّ إبطَهُ أبيض، وغيره إبطه أسود؛ لمكان الشَّعر.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (الزُّهْرِيَّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (وَزَادَ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (زاد)؛ مثل: (قال)؛ فهو تعليق، وتعليق هشام _هو ابن عروة_ هذا رواه البُخاريُّ في (ترك الحيل) عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة، وفي (الأحكام) عن مُحَمَّد، عن عَبْدة، عن هشام به، وأخرجه مسلم، والله أعلم [5].

(1/12768)


[باب استقضاء الموالي واستعمالهم]

(1/12769)


[حديث: كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين ... ]
7175# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.
قوله: (كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه أبي حذيفة: (ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف) انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على سالم هذا رضي الله عنه في (مناقبه)، ومولى مَن هو، والله أعلم.
قوله: (الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): تَقَدَّمَ الكلام مَن (المهاجرون الأوَّلون)، وهو مَن صلَّى القبلتين مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم منهم، وقيل فيه غير ذلك ممَّا تَقَدَّمَ.
قوله: (وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أصحاب): مَنْصُوبٌ معطوف على (المهاجرين)، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (قباء) غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّ فيها لغاتٍ: المدِّ والقصر، والتأنيث والتذكير، والصَّرف وعدمه، وأنَّه على ثلاثة أميال مِن المدينة.
قوله: (وَأَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبد الأسد.
قوله: (وَزَيْدٌ): هذا (زيد): لا أعرفه بعينه، غير أنَّهم ذكروا في المهاجرين الذين هاجروا قبل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: زيد بن رُقَيش، كذا في «سيرة ابن سيِّد النًّاس»، وفي «سيرة ابن هشام»: يزيد بن رقيش، وقد ذكروا الاثنين في الصَّحَابة، غير أنَّ زيدًا لا أعرفُ نسبَه، وأمَّا يزيد؛ فقد ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ، فقال: يزيد بن رقيش بن رباب بن يعمر الأسديُّ، من بني أسد بن خزيمة، شهد بدرًا، والذي في «الصَّحيح»: (زيد)، لا (يزيد)، وذكروا أيضًا في المهاجرين الأوَّلين: زيد بن الخَطَّاب، وذكروا أنَّه هاجر مع عمر قبل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من العشرين، والظاهر أنَّه المراد، والله أعلم؛ وذلك لأنَّ أبا عمر بن عَبْدِ البَرِّ قال: (ثمَّ خرج عمر بن الخَطَّاب وعيَّاش بن أبي ربيعة في عشرين راكبًا، فقدموا المدينة، فنزلوا في العوالي في بني أُمَيَّة بن زيد، وكان يصلِّي بهم سالمٌ مولى أبي حذيفة، وكان أكثرَهم قرآنًا) انتهى، وقد ذكرت أنَّ زيدًا من العشرين، وقد ذكرت فيما مضى تسمية مَن عُرِف منهم، والله أعلم، وقال بعضُ الحُفَّاظ من المُتَأخِّرين: إنَّه زيد بن حارثة، لكن لم يأتِ عليه بشاهد، والله أعلم.

(1/12770)


قوله: (وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ): هو العَنْزيُّ، العدويُّ حليف لهم؛ لأنَّ الخطاب تبنَّاه، وهو عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة بن عامر بن سعد بن عبد الله بن الحارث بن رُفَيدة بن عنْز بن وائل بن قاسط، وفي نسبه اختلاف، ومنهم من ينسبه إلى مذحج، أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، وشهد بدرًا، تُوُفِّيَ قبل عثمان سنة اثنتين وثلاثين، ويقال: سنة ثلاث وثلاثين، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 828]

(1/12771)


[باب العرفاء للناس]

(1/12772)


[حديث: إني لا أدري من أذن منكم ممن لم يأذن]
7176# 7177# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي أويس) مرارًا: عبد الله، وأنَّ (إسماعيل): ابنُ أخت مالك، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عقبة، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، ويدلُّ أنَّه ابن عقبة قولُه في السند: (عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ)، و (مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ كلام مَن قال: إنَّه لم يسمع منه، وهو أبو بكر الإسماعيليُّ، وأنا أستبعد ذلك مع اشتراط البُخاريِّ اللُّقيَّ، وموسى بلديُّ الزُّهْرِيِّ ومعاصره، وليس موسى مُدَلِّسًا، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه ليس له سماع ولا رؤية، وقدَّمت بعضَ ترجمته، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، صحابيٌّ صغيرٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ أباه من مُسلِمة الفتح.
قوله: (فِي عِتْقِ سَبْيِ هَوَازِنَ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّهم كانوا ستَّة آلاف رأسٍ من النساء والذُّرِّيَّة.
قوله: (حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ): (العرفاء): جمع (عريف)؛ وهو القيِّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم، ويتعرَّف الأمير منه أحوالَهم، (فعيل): بمعنى (فاعل)، و (العرافة): عمله.
تنبيهٌ: قوله في الحديث الآخر: «العرافة حقٌّ، والعرفاء في النَّار»، فمعنى (العرافة حقٌّ): أي: فيها مصلحة للنَّاس، ورفق في أمورهم وأحوالهم، وأمَّا قوله: «والعرفاء في النار»؛ تحذير من التعرُّض للرِّئاسة؛ لما في ذلك مِن الفتنة، وأنَّه إذا لم يقم بحقِّه؛ أثم واستحقَّ العقوبة، وقد سأل طاووسٌ ابنَ عَبَّاس: ما معنى قول الناس: أهلُ القرآن عرفاء أهل الجنَّة؛ فقال: رؤساء أهل الجنَّة، والله أعلم.
قوله: (فَأَخْبَرُوهُ أنَّهُمْ [1] قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا): تَقَدَّمَ في (حُنَين) ما في ذلك، وما ورد مِن كلام الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، وعَبَّاس بن مرداس؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَنَّ النَّاسَ).
[ج 2 ص 828]

(1/12773)


[باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ ... ) إلى آخره: المراد بالكراهة هنا: التَّحريم، وقوله: (ثناء السلطان)؛ أي: الثَّناء على السلطان، و (السلطان): يُؤنَّث ويُذكَّر،
[ج 2 ص 828]
وهو مشتقٌّ من السَّلاطة؛ وهي القهر، وقيل: مشتقٌّ من السَّليط؛ وهو الزَّيت؛ لأنَّه يُستضاء به في رفع الظُّلم، قال شيخنا في «شرح التَّنبيه» له: (قال السِّجِسْتَانيُّ: يقال: بالسِّين والصَّاد)، والله أعلم.

(1/12774)


[حديث: قال أناس لابن عمر: إنا ندخل على سلطاننا ... ]
7178# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظُ.
قوله: (قَالَ أُنَاسٌ لاِبْنِ عُمَرَ): هؤلاء (الناس) لا أعرفهم، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (سُلْطَاننا): هو الحَجَّاج بن يوسف، كما فَسَّر في «الغيلانيَّات» و (السَّائل): هو أبو إسحاق الشيبانيُّ، كما رواه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط»، انتهى.
قوله: (إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا): أي: حكَّامنا، والمراد: الجنس؛ بدليل قولهم: (فنقول لهم بخلاف ما نتكلَّم به إذا خرجنا مِن عندهم)، وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ المراد بسلطانهم: الحَجَّاج بن يوسف.
==========
[ج 2 ص 829]

(1/12775)


[حديث: إن شر الناس ذو الوجهين]
7179# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام، أحد الأعلام، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ)؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (عِرَاك): هو ابن مالك.
==========
[ج 2 ص 829]

(1/12776)


[باب القضاء على الغائب]
قوله: (بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ): ذكر فيه حديث هند، وقد قَدَّمْتُ أنَّ أبا سفيان كان حاضرًا القصَّة بمكَّة من كلام السُّهَيليِّ، والذي يظهر من حال الإمام البُخاريّ أنَّه لم تصحَّ عنده الروايةُ التي ذكرها السُّهيليُّ، لكنَّه كان بمكَّة مُحقَّقًا، والله أعلم.

(1/12777)


[حديث: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ... ]
7180# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (هِنْد) هذه: هي بنت عتبة بن ربيعة، من مُسلِمة الفتح، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها، و (أَبُو سُفْيَان): هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.
قوله: (فَأَحْتَاجُ): هو بفتح الهمزة، مَرْفُوعٌ فعلٌ مضارعٌ.
==========
[ج 2 ص 829]

(1/12778)


[باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه ... ]
قوله في الترجمة: (مَنْ قُضِيَ لَهُ): (قُضِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12779)


[حديث: إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعلَّ بعضكم ... ]
7181# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (زَيْنَب بِنْت [1] أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَت، وهي ربيبة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، تَقَدَّمَت، أمُّ المؤمنين، وأنَّها تُوفِّيت بعد مقتل الحُسين رضي الله عنهما.
قوله: (فَأَحْسِبَ): هو بالنَّصب، ويجوز رفعه [2]، وهما ظاهران، وكذا (فَأَقْضِيَ).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (ابنة).
[2] وهي ورواية «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 829]

(1/12780)


[حديث عائشة: الولد للفراش وللعاهر الحجر]
7182# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك المجتهدِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ): (عتبة) هذا: هو أخو سعد بن أبي وقَّاص أحدِ العشرة، وقد اختلف في إسلام عتبة؛ والصحيح: أنَّه لم يسلم، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وأنَّه قتله حاطب بن أبي بلتعة في أُحُد على كفره، كذا رواه الحاكم في «المستدرك».
قوله: (أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن، وأنَّ وليدةَ زمعةَ لا أعرف اسمها إلَّا أنَّها امرأة يمانية.
قوله: (فَاقْبِضْهُ): هو بكسر المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ، وهمزته همزة وصل، ثُلاثيٌّ.
قوله: (فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه في رمضان سنة ثمان من الهجرة، وقد كان يوم الجمعة، وقد قيل: يوم الاثنين، وقد اختُلِف كم كان في الشَّهر على أقوالٍ ذكرتها فيما مضى.
قوله: (فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): [تقدَّم] أنَّ (عبدًا)؛ بغير إضافة، صحابيٌّ مشهورٌ رضي الله عنه.
قوله: (فَتَسَاوَقَا): تَقَدَّمَ أنَّ حقيقة المساوقة: مجيء واحد بعد آخر، والمراد: المسارعة، والله أعلم.
قوله: (يَا عَبْد بْن زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (عبدًا) يجوز فيه الفتح والضَّمُّ، وكذا (ابن)، والضَّمُّ في (ابن) غريب، ذكره ابن مالك في «التَّسهيل».
قوله: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): تَقَدَّمَ، وكذا (لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ).
==========
[ج 2 ص 829]

(1/12781)


[باب الحكم في البئر ونحوها]

(1/12782)


[حديث: لا يحلف على يمين صبر]
7183# 7184# قوله: (حَدَّثَنَا [1] سُفْيَانُ): هذا (سفيان): يحتمل أن يكون الثَّوريَّ، وأن يكون ابنَ عُيَيْنَة؛ لأنَّهما روى عنهما عبد الرَّزَّاق، وهما رويا عن منصور بن المعتمر، إلَّا أنَّ أثبت الناس في منصور الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتَمِر، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (يَمِينِ صَبْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (يمينًا): مجرورة غير مُنَوَّنة، وقد صُحِّح عليها في أصلنا، وقدَّمت أنَّ النَّوويَّ كذلك ضبطها بالإضافة في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ من «شرح مسلم».
قوله: (فَجَاءَ الأَشْعَثُ): هو ابن قيس؛ بالثَّاء المُثَلَّثَة في آخره، وليس لهم أشعب _ بالموحَّدة_ سوى الطَّامع، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمة الأشعث بن قيس، وأنَّه ارتدَّ بعد موته عليه السَّلام، ثمَّ حُوصر وأُتِي به الصِّدِّيقُ، فراجعَ الإسلامَ رحمة الله عليه.
قوله: (وَفِي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الرَّجل) فيما مضى.
قوله: (إِذًا يَحْلِفَ): هو مَنْصُوبٌ في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ النَّوويَّ ذكر في «شرح مسلم» عن أبي الحسن ابن خروف في «شرح الجُمل»: أنَّ الرواية بالرفع [2]، وقد عُمِل الآن في أصلنا الضَّمُّ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).
[2] وهي رواية «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 829]

(1/12783)


[باب القضاء في كثير المال وقليله]
قوله: (فِي كَثِيرِ الْمَالِ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، وهذا يُعرَف مِن (قَلِيلِ المال).
قوله: (عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

(1/12784)


[حديث: إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم ... ]
7185# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): عبد الله بن عبد الأسد، و (أُمُّهَا أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، تقدَّموا رضي الله عنهم.
قوله: (جَلَبَةَ خِصَامٍ): (الجَلَبَة)؛ بفتح الجيم واللَّام والموحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث: الأصوات.
==========
[ج 2 ص 829]

(1/12785)


[باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم]
قوله: (وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه، وأنَّ الصواب: (نعيم النَّحَّام)، وأنَّ (النَّحَّام) صفة لـ (نُعيم)، لا لأبيه؛ لقوله عليه السَّلام: «سمعت نحمتك في الجنَّة»، وهذا الذي باع منه: هو العبد القبطيُّ يعقوب، وكان قد دبَّره أبو مذكور الأنصاريُّ، وليس له غيره، فباعه عليه السَّلام لنعيم النَّحَّام بثمان مئة درهم، وقدَّمت أنَّ اسم المُدبِّر والعبد المُدبَّر في «مسلم»، وأمَّا الثمن؛ فهو فيهما، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 829]

(1/12786)


[حديث: بلغ النبي أن رجلًا من أصحابه أعتق غلامًا عن دبر ... ]
7186# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر، و (مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ)؛ بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ)؛ بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ [1] عَنْ دُبُرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ المُعتِق عن دبر: أبو مذكور، والغلام المُدبَّر: يعقوب.

(1/12787)


[باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثًا]
قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ بِطَعْنِ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي الأُمَرَاءِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الأصل على عادته، وهو الحديث الذي فيه الطَّعن في إمارة أسامة، ثمَّ قال: لعلَّه عنى بقوله: (من لم يكترث بطعن من لا يعلم)، وعدل عن قوله: (باب عدم الاكتراث)؛ للتنبيه على أنَّ الحال يختلف، فالمنقول عنه عليه السَّلام هذا، والمنقول عن عمر رضي الله عنه: أنَّه اكترث بالطَّعن على سعد، وسعد مكانته من الدِّين مشهورة، ولهذا قال عمر رضي الله عنه لمَّا اعتذر وتبرَّأ: ذلك الظنُّ بك يا أبا إسحاق، والفرق بين الحالين: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قطع بحال أسامة، وبسلامة العاقبة، ونجاحها في ولايته، فلم يعارض العلم ظنٌّ، وأمَّا عمر رضي الله عنه؛ فإنَّ حالَه الظَّنُّ، والظَّنُّ لا يبعد عنه الطَّعن، فعمل بالاحتياط، والله أعلم، انتهى، و (سعد) المشار إليه: هو سعد بن أبي وقَّاص، أحد العشرة؛ لأنَّ عمر عزله، وقد قال في وصيَّته: (فإنِّي لم أعزله عن عجز ولا خيانة).
قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ): (الاكتراث): المبالاة.
==========
[ج 2 ص 830]

(1/12788)


[حديث: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه]
7187# قوله: (بَعَثَ النَّبيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (البعث): هو آخر بعوثه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكان إلى أُبنى؛ وهي من أرض الشَّراةِ؛ ناحيةِ البلقاء، يوم الاثنين لأربع ليالٍ بقين من صفر سنة إحدى عشرةَ من مهاجره، وهذا مشهور عند المُحدِّثين وأرباب المغازي، و (أسامة بن زيد): هو ابن حارثة، الحِبُّ ابن الحِبِّ، وحارثة: قَدَّمْتُ أنَّه أسلم وصحِب، والدُ زيدٍ رضي الله عنهم.
قوله: (فَطُعِنَ فِي إِمَارَتِهِ): (طُعِن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (إِنْ تَطْعنُوا): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين وفتحها، وكذا (تَطْعنُونَ).
قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام على همزتها، وأنَّ الصحيح: أنَّها [2] وصل، وتَقَدَّمَ معناها.
قوله: (لَخَلِيقًا): أي: حقيقًا وجديرًا، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).
[2] في (أ): (أنَّه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 830]

(1/12789)


[باب الألد الخصم]
قوله: (بَابُ الأَلَدِّ الْخَصِمِ): فسَّره عقيبه بأنَّه: (الدَّائِمُ [1] الْخُصُومَةِ) انتهى، وهو مأخوذ من لَدِيْدَي الوادي؛ وهما جانباه؛ لأنَّه كلَّما أخذ عليه جانب من الحجَّة؛ أخذ في آخر، وقيل: لإعماله لَدِيْدَيْهِ في الخصام؛ وهما جانبا فمه، و (الخَصِم)؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر الصَّاد المُهْمَلَة؛ وهو الكثير الخُصومة.
قوله: ({لُدًّا}: عُوْجًا): هذا تفسير لقوله تعالى: {قومًا لُدًّا} [مريم: 97]، و (عُوْجًا)؛ بضَمِّ العين، وإسكان الواو، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (في)، وضرب عليها في (ق).
[ج 2 ص 830]

(1/12790)


[حديث عائشة: أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم]
7188# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مُسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (ابن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ أحد الأعلام، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زهيرٍ _وتَقَدَّمَ أنَّ زهيرًا صحابيٌّ_ ابنِ عبد الله بن جُدعان التِّيميُّ.
==========
[ج 2 ص 830]

(1/12791)


[باب: إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد]
قوله: (بِجَوْرٍ): (الجَور): الميل والانحراف، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَوْ خِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ): يعني: أن يكون مخالفًا للإجماع إذا قضى القاضي بجَور أو خلاف أهل العلم؛ فقضاؤه مردودٌ، فإن كان على وجه الاجتهاد والتَّأويل _وهو من أهل الاجتهاد كما صنع خالد_؛ فإنَّ الإثم ساقط في ذلك، والضمان لازم عند عامَّة أهل العلم، إلَّا أنَّهم اختلفوا في ضمان ذلك؛ فقالت طائفة: إذا أخطأ الحاكم في حكمه في قتل أو جرح؛ فدِية ذلك في بيت المال، هذا قول الثَّوريِّ، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وقالت أخرى: على عاقلة الإمام والحاكم، وهو قول الأوزاعيِّ، وأبي يوسف، ومُحَمَّد، والشَّافِعيِّ، وليس فيها جواب لمالك، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 830]

(1/12792)


[حديث: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد]
7189# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكر ذلك في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه ابن حَمَّاد الخزاعيُّ، أبو عُبَيد الله، المروزيُّ، الحافظ الأعور، ذو التصانيف، قرنه البُخاريُّ كما هنا بمحمود، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وقد تُكلِّم فيه، واتُّهم بالوضع، وقد قَدَّمْتُ ذلك قريبًا، وله ترجمة في «الميزان»، و (عبد الله): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ): بعث النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة، وكانوا بأسفل مكَّة على ليلة من ناحية يَلَمْلَم في شوَّال سنة ثمان، وهو يوم الغُمَيصاء، والغميصاء؛ بالغين المُعْجَمَة المضمومة، ممدود: ماء لبني جذيمة، وهي عند ابن إسحاق قبل سريَّته لهدم العُزَّى، وقصَّته مشهورة في المغازي، قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه (جذيمة): (ابن عامر بن عبد مناة بن كنانة، أهل الغُمَيصاء بين مكَّة واليمن) انتهى.
قوله: (صَبَأْنَا صَبَأْنَا): تَقَدَّمَ ما معنى (صَبَأَ).
قوله: (وَيَأْسِرُ): هو بكسر السِّين.
==========
[ج 2 ص 830]

(1/12793)


[باب الإمام يأتي قومًا فيصلح بينهم]

(1/12794)


[حديث: إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء]
7190# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبه عَارمٌ، وتَقَدَّمَ ما (العَارم)، وهو بعيدٌ من العَرامة، و (حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وقد قَدَّمْتُ مَرَّاتٍ أنَّ حَمَّادًا إذا أطلقه عَارم مُحَمَّد بن الفضل _الراوي هنا_ أو سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ أو عَفَّانَ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هُدْبَة بن خالد، والله أعلم، وقدَّمت أيضًا أنَّ ابن سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما عَلَّقَ له، وروى له مسلم والأربعة، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سلمة بن دينار.
[ج 2 ص 830]
قوله: (وَصَفَّحَ النَّاسُ [1]): تَقَدَّمَ ما معنى (صفَّح).
قوله: (لَا يُمْسَكُ عَلَيْهِ): (يُمسَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَأَوْمَأَ [2]): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثَّانية.
قوله: (هُنَيَّةً): هي بتشديد الياء، تصغير (هنة)، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ الشيخ محيي الدين النَّوويَّ قال: إنَّ الهمز لحنٌ، وصدق، من أين تأتيها الهمزة؛ لأنَّها تصغير (هَنةَ)؟!
قوله: (ثمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى): تَقَدَّمَ ما (القهقرى).

(1/12795)


[باب يستحب للكاتب أن يكون أمينًا عاقلًا]

(1/12796)


[حديث: بعث إلي أبو بكر لمقتل أهل اليمامة وعنده عمر ... ]
7191# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو ثَابِتٍ): هذا مُحَمَّد بن عُبَيد الله بن مُحَمَّد بن زيد الأمويُّ، مولى عثمان بن عَفَّانَ، أبو ثابت، المدنيُّ، عن مالك، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبي حَازم، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعَبَّاس بن الفضل الأسفاطيُّ، وإسماعيل القاضي، وآخرون، قال أبو حاتم: صدوق، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة»، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثِّقات»، و (إبراهيم بن سعد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَقْتَلِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ وقعة اليمامة كانت في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة في خلافة الصِّدِّيق، وأنَّه قُتِل بها أربع مئة وخمسون مِن الصَّحَابة، وفيهم سبعون من الأنصار، ويقال: بل المقتول فيها سبعُ مئة من الصَّحَابة، وكان الظفر للصحابة رضي الله عنهم، وقُتِل فيها مسيلمة الكذَّاب _لعنه الله_ على كفره.
قوله: (قَدِ اسْتَحَرَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: كثر وفشا.
قوله: (قُرْآنٌ كَثِيرٌ): هو بالثَّاء المُثَلَّثَة.
قوله: (قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ ذكر الكُتَّاب الذين كتبوا لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الوحي والرسائل في (كتاب الشروط)، وذكرت هناك وغيره أنَّ المواظب عليها بعد الفتح معاويةُ وزيدُ بن ثابت.
قوله: (يَحُثُّ مُرَاجَعَتِي): هو في أصلنا: بالثاء المُثَلَّثَة في آخره؛ من الحثِّ؛ وهو الحضُّ، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (يحبُّ)؛ من المحبَّة، والله أعلم.
قوله: (مِنَ الْعُسُبِ): هو جمع (عَسِيب)، وقد تَقَدَّمَ، وكذا (اللِّخَافِ)، وسيأتي في آخر هذا الحديث: (قال مُحَمَّد بن عبيد الله _وهو شيخ البُخاريِّ أبو ثابت كما تَقَدَّمَ قريبًا في هذا الحديث_: اللِّخاف؛ يعني: الخزف).

(1/12797)


قوله: (فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ [1] مَعَ خُزَيْمَةَ، أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ): كذا بالشَّكِّ، قال الدِّمْيَاطيُّ: أبو خزيمة أُخِذ منه آخر (سورة التَّوبة)، وأخوه أبو مُحَمَّد مسعود بن [أوس] زعم أنَّ الوتر واجبٌ، وخزيمة بن ثابت بن الفاكِه أُخِذ منه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ ... }؛ الآية [الأحزاب: 23]) انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في آخر (سورة التَّوبة)؛ فانظره.

(1/12798)


[باب كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه]

(1/12799)


[حديث: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب]
7192# قوله: (عَنْ أَبِي لَيْلَى)، ثمَّ حوَّل؛ فقال: (عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ): قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: أبو ليلى الأنصاريُّ: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سهل المدنيُّ عن سهل بن أبي حثمة وغيره حديث القسامة، وعنه: مالك وحده، وقيل: عن مالك عن أبي ليلى عبد الله بن سهل، وكذا سمَّاه ابن سعد، وروى ابن إسحاق عن عبد الله بن سهل بن عبد الرَّحْمَن عن عائشة وجابر، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، انتهى، وفي هامش أصلنا ما لفظه: قال ابن إسحاق وابن سعد: (أبو ليلى): اسمه عبد الله بن سهل بن عبد الرَّحْمَن بن سهل، ذكره المِزِّيُّ في «التَّهذيب»، وذكر ابن الحَذَّاء أنَّ رواية يحيى ابن بُكَيْر وابن القاسم عن مالك عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سهل، وأنَّ رواية عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي ليلى عبد الله بن سهل، وكذلك قال ابن إسحاق، والبُخاريُّ، ومسلم، وهو الصَّواب إن شاء الله، و (عبد الرَّحْمَن) جدُّ أبي ليلى هذا: هو أخو عبد الله المقتول بخيبر ابني سهل بن زيد بن كعب، روى له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، انتهت، وهذه الحاشية فيها شيء من كلام الحافظ الدِّمْيَاطيِّ، وفيها شيء من كلام غيره، وما تميَّز لي، فذكرتها بأجمعها، والله أعلم.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكر ذلك في آخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى وقدَّره.
قوله: (وَحَدَّثَنا [1] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ أحدِ الأعلام.

(1/12800)


قوله: (عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه أبي حثمة: (عبد الله، وقيل: عامر بن ساعدة، وُلِد سنة ثلاث من الهجرة) انتهى، وقوله: (وُلد سنة ثلاث من الهجرة)؛ يعني: سهلًا، وهذه مسألة اختُلِف فيها، قال أبو حاتم: بايع تحت الشجرة، وكان دليل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليلة أُحُد، ولم يشهد بدرًا، وأمَّا الواقديُّ؛ فقال: مات النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعمره ثمان سنين، وقد حفظ عنه، قال الذَّهَبيُّ: (قلت: أظنُّه تُوُفِّيَ زمن معاوية)، كذا في «التذهيب»، وقد ذكر غير الذَّهَبيِّ من الحُفَّاظ كلامَ الواقديِّ أيضًا، ولم يتعقَّبه، وأمَّا في «التجريد»؛ فقال ما لفظه: (سهل بن أبي حثمة الأنصاريُّ الأوسيُّ، وُلِد سنة ثلاث، وقد حفظ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، والأصحُّ بل المجزوم به: أنَّ تاريخ مولده غلطٌ؛ وأنَّه شهد أُحُدًا والحديبية، وروى عنه: بُشَير بن يسار، وصالح بن خوَّات، وغيره، ونافع بن جُبَيرٍ، وجماعة، وهذا يَردُّ على الواقديِّ قولَهُ: وُلِد سنة ثلاث، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هذا أيضًا في (صلاة الخوف).
قوله: (وَمُحَيِّصَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد الياء وتخفيفها، وكذا (حُوَيِّصَةُ [2]) أخوه.
قوله: (فَأُخْبِرَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (قُتِلَ)، وكذا (طُرِحَ)؛ الكلُّ مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ): (الفقير): على لفظ الفقير مِن الناس، وهو البئر، وهو أيضًا: فم القناة.
[ج 2 ص 831]
قوله: (فَأَتَى يَهُودَ): هو بفتح الدَّال، لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.
قوله: (كَبِّرْ؛ يُرِيدُ السِّنَّ): يعني: لِيَلِ الكلامَ الأكبرُ، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ): (إمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم، و (يدوا)؛ يعني: يُعطوا الدِّية، وكذلك (إمَّا) الثانية.
قوله: (لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ): تَقَدَّمَ أنَّهما بالتشديد والتخفيف قريبًا وبعيدًا.
قوله: (فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المسألة مُطَوَّلًا بطُرقها في أوَّل (القَسامة).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليُّ، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)؛ بلا واوٍ.
[2] في (أ): (محيصة)، ولعلَّه سبق قلم.

(1/12801)


[باب: هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلًا وحده للنظر في الأمور؟]

(1/12802)


[حديث: لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم ... ]
7193# 7194# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسم (ابن أبي ذئب): مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، أحد الأعلام، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ ... ) إلى آخره: الرجل وابنه، والرجل الأعرابيُّ وامرأته لا أعرفهم، كما تَقَدَّمَ.
قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ أنَّ (العَسِيف: الأجير) من كلام مالك، وتَقَدَّمَ ضبطه.
قوله: (وَوَلِيدَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّها الجارية الصبيَّة.
قوله: (ثمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ أنَّ الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام سبعةٌ؛ الخلفاء الأربعة، وزيد بن ثابت، ومُعاذ بن جبل، وأُبيُّ بن كعب، وقيل: أكثر من ذلك، وقد ذكرت عددهم، وأنَّ الذين حُفِظت عنهم الفتوى من الصَّحَابة مئةٌ ونيِّفٌ وثلاثون ما بين رجل وامرأة، والله أعلم.
قوله: (وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ): تَقَدَّمَ أنَّه أُنيس بن الضَّحَّاك الأسلميُّ، وغلط مَن غلط فيه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 832]

(1/12803)


[باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد؟]
قوله: (بَابُ تَرْجَمَةِ الْحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ؟): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (وجه الدليل من قصَّة هرقل _مع أنَّ فعله لا يُحتَجُّ به_: أنَّ مثل هذا مكتوب [1] من رأيه، وكثير ممَّا [2] رآه في هذه القصَّة صواب يوافق الحقَّ، فموضع الدَّليل تصويبُ حملة الشريعة لهذا وأمثاله من رأيه، وحسن تقضِّيه، ومناسبة استدلاله، ولكنَّه قُضِي عليه، فبقي على ضلاله) انتهى.
قوله: (وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (التّرجمان)، وأنَّه بفتح التَّاء وضمِّها، وهل نونه أصليَّة أم لا، مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وهو المُعبِّر عن لغة بلغة أخرى، وسيأتي في كلامه وكلامي: هل التَّعدُّد شرط أم لا؟
7195# قوله: (وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ): (خارجة) هذا: الفقيه أبو زيد الأنصاريُّ، عن أبيه وأسامة بن زيد، وعنه: ابنه سليمان، والزُّهْرِيُّ، وأبو الزِّناد، ثقة إمام، تُوُفِّيَ سنة (99 هـ)، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، كذا قال الذَّهَبيُّ في «الكاشف» في وفاته، وفي «الوفيات» جزم بمئة، وهذا التَّعليق المجزوم به أخرجه أبو داود في (العلم) عن أحمد ابن يونس، والتِّرْمِذيُّ في (الاستئذان) عن عليِّ بن حُجْر؛ كلاهما عن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّناد عن أبيه عنه به، وحديث التِّرْمِذيِّ أتمُّ، وقال: حسن صحيح.

(1/12804)


قوله: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ الْيَهُودِ حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتُبَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ): وقد تَقَدَّمَ عزوه إلى التِّرْمِذيِّ، وفيه: (فما مرَّ بي نصف شهر حتَّى تعلَّمته)، وكذا في «أبي داود» في (العلم) انتهى، وكتابة اليهود بلسانهم وهي العبرانيَّة، وقد بوَّب عليه التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: (باب تعليم السُّريانيَّة)، ثمَّ قال عقيب الحديث: وقد رواه الأعمش عن ثابت بن عبيد، عن زيد بن ثابت يقول: أمرني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن تعلَّمَ السُّريانيَّة)، فحمل الحديث الذي ذكره أوَّلًا: (أن أتعلَّم له كلمات يهود) على السُّريانيَّة؛ بدليل الرِّواية الأخرى، وفي «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» في مسند زيد هذا: (قال لي النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنِّي أكتب إلى قوم، فأخاف أن يزيدوا عليَّ أو ينقصوا، فتعلَّم السُّريانيَّة»، فتعلَّمتها في سبعةَ عشرَ يومًا)، فهذا قد تعلَّم العبرانيَّة على ما يظهر، وكتابة السُّريانيَّة الأولى في دون نصف شهر، والسُّريانيَّة في سبعةَ عشرَ يومًا، وفي «المستدرك» في ترجمة زيد هذا: قال الواقديُّ: (كان يكتب بالعربيَّة وبالعبرانيَّة)، ثمَّ ذكر الحاكم حديثًا فيه: (أنَّه عليه السَّلام قال له: «أتحسنُ السُّريانيَّة؟» قلتُ: لا، قال: فتعلَّمها؛ فإنَّه تأتينا كتب»، فتعلَّمتها في سبعةَ عشرَ يومًا)، عقَّبه بـ (صحيح)، والله أعلم.
قوله: (مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ): هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (فَقَالَ [3] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ): هو عبد الرَّحْمَن بن حاطب بن أبي بلتعة اللَّخْميُّ المدنيُّ، وُلِد في حياة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وله رؤية، وروى عن أبيه، وصُهَيب، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وغيرهم، وعنه: ابنه يحيى وعروة بن الزُّبَير، قال ابن سعد وغيره: ثقة، وقيل: كان من الفقهاء بالمدينة، قال المدائنيُّ وجماعة: مات سنة ثمانٍ وستِّين، عَلَّقَ له البُخاريُّ فقط، ولم يُخرِّج له غيره.
قوله: (تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا [4]): الذي صنع بها لا أعرفه.==

مجلد26. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)


قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَي [5] ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ (أبا جمرة) هذا: بالجيم، والرَّاء، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (كنت أترجم بين يدي ابن عَبَّاس وبين النَّاس)، وما معناه، وما قال فيه ابن الصَّلاح أبو عَمرو، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ): هو بالتَّثنية، وهي تثنية: مُترجِم، واشتراط العدد في المُتَرجِم هو عند الشَّافِعيَّة أيضًا، قال أصحاب الشَّافِعيِّ: إن كان الحقُّ ممَّا يثبت برجل وامرأتين؛ قُبِل التَّرجمة من رجلين أو مِن رجل وامرأتين، وانفرد الإمام باشتراط
[ج 2 ص 832]
رجلين، واختاره البغويُّ لنفسه، وللمسألة فروعٌ اللَّائق بها كتبُ الفقه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ولعلَّها: (مُصوَّب).
[2] في (أ): (ما)، والمثبت من مصدره.
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا فاءٍ.
[4] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بصاحبهما الذي صنع بهما).
[5] (يدي): ليس في «اليونينيَّة».

(1/12806)


[حديث أبي سفيان: أن هرقل أرسل إليه]
7196# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أَبُو سُفْيَان بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّمَ بعض ترجمته في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (هرقل) بلغتيه، وما يتعلَّق به في أوَّل هذا التعليق.

(1/12807)


[باب محاسبة الإمام عماله]
قوله: (بَابُ مُحَاسَبَةِ الإِمَامِ عُمَّالَهُ): (عمَّالَهُ)؛ بالنصب، مفعولُ المصدر، وهو (محاسبة).
==========
[ج 2 ص 833]

(1/12808)


[حديث: أما بعد فإني أستعمل رجالًا منكم على أمور مما ولاني الله]
7197# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ [الكلام] عليه في (باب الغَسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)، و (عَبْدة)؛ بإسكان المُوَحَّدة، وهو عَبْدة بن سليمان الكلابيُّ، وقد تَقَدَّمَ، لا عَبْدةُ بن سليمان المروزيُّ، هذا الثَّاني روى له أبو داود فقط، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر [1] بن سعد الخزرجيُّ، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (واسمه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، ابن عمِّ سهل بن سعد) انتهى.
قوله: (اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّة [2]): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّواب إسكان المُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله كما جاء في بعض روايات «الصَّحيح» من طريق أبي زيد المروزيِّ.
قوله: (بَنِي سُلَيْمٍ): هو بضَمِّ السين، وفتح اللَّام.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الكلامُ على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها.
قوله: (قَالَ هِشَامٌ): هو ابن عروة المذكور في السَّند، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): تَقَدَّمَ [ما] (الرُّغاء)، وكذا (الخُوَار)؛ بالخاء المُعْجَمَة، وفي رواية: بالجيم، تقدَّما، وكذا (تَيْعرُ)، وأنَّه بكسر العين وفتحها.
قوله: (بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (بياض إبطيه)، وأنَّه من علامات النُّبوَّة.

(1/12809)


[باب بطانة الإمام وأهل مشورته]
قوله: (بَابُ بِطَانَةِ الإِمَامِ): قد فسَّر البُخاريُّ البطانة في الترجمة بأنَّهم (الدُّخَلَاءُ)، وهو كذلك، وبطانة الشخص: دخلاؤه ومن يختصُّ به، والبطانة أيضًا: السَّريرة، فسُمِّي مَن يطَّلع على السَّريرة: بطانةً، يقال: بطنت أمره؛ إذا علمت مِن خَفِيِّه، وبطن الشيء: خفي، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (مَشُورَتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: مَشُورة ومَشْوَرة؛ لغتان.
==========
[ج 2 ص 833]

(1/12810)


[حديث: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان]
7198# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن الفرج الفقيه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، وأنَّه أعلم خلق الله برأي مالك الإمام المجتهد، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحدُ الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.
قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا): (سليمان) هذا: هو ابن بلال، وتعليقه هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: رواية سليمان عن يحيى وصلها الإسماعيليُّ، انتهى، و (يحيى): هو ابن سعيد؛ هو الأنصاريُّ، وقد صَرَّحَ ابن طاهر بأنَّ سليمان بن بلال روى عن الأنصاريِّ، وقال في ترجمة الأنصاريِّ: روى عنه: سليمان بن بلال، وقال صاحب «الكمال» في ترجمة الزُّهْرِيِّ: روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، انتهى، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ.
قوله: (وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلُهُ [1]): هذا تعليق، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لا تعليق ابن أبي عتيق، ولا تعليق موسى، ولم يخرِّجهما شيخنا، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: رواية سليمان عن يحيى وصلها الإسماعيليُّ، ورواية سليمان عن ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة وصلها البيهقيُّ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (ابن أبي عتيق): اسمه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (موسى): هو ابن عقبة، و (ابن شهاب): الزُّهْرِيُّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ أبا بكر الإسماعيليَّ قال: إنَّ ابن عقبة لم يسمع من الزُّهْرِيِّ، وقلت أنا: إنَّ في هذا نظرًا، و (مثلُهُ): مَرْفُوعٌ مبتدأ، و (عن ابن أبي عتيق): خبر مُقدَّم، والله أعلم.

(1/12811)


قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ): (شعيبٌ): هو ابن أبي حمزة، ولم أر تعليق شعيب في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: رواية شعيب وقعت لي موصولة في نسخة أبي اليمان رواية أبي مُحَمَّد الجيكانيِّ عنه، و (الزُّهْرِيُّ) تَقَدَّمَ، وكذا (أبو سلمة) أعلاه، و (أبو سعيد): هو الخدريُّ، تَقَدَّمَ أيضًا أعلاه، وقوله: (قولَهُ)؛ بالنَّصب، كما قدَّمته غَيْرَ مَرَّةٍ؛ يعني: من قوله؛ فهو مَنْصُوبٌ بنزع الخافض، ومعنى ذلك: أنَّه موقوف على أبي سعيد، لا من كلام النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنِا [2] الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (الأوزاعيُّ)؛ فهو أبو عَمرو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، ولم أر تعليقه من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: رواية الأوزاعيِّ وصلها أحمد، وابن حِبَّانَ، والحاكم، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، و (معاوية بن سلَّام): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد اللَّام، وتعليقه هذا أخرجه النَّسائيُّ في (البيعة) و (السير) عن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله، عن مُعَمَّر بن يعمر، عن معاوية بن سلَّام، انتهى، وقد عزاه شيخنا إلى التِّرْمِذيِّ مقتصرًا عليه بهذا السند الذي ذكرته عن النَّسائيِّ، وليس هو فيه بالكليَّة، والله أعلم، و (الزُّهْرِيُّ) و (أبو سلمة) تقدَّما أعلاه.

(1/12812)


قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ): (ابن أبي حُسين): هو عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَين بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف القرشيُّ النوفليُّ المَكِّيُّ، مشهور التَّرجمة، وَثَّقَهُ أحمد وجماعة، وأخرج له الجماعة، وهو ابن عمِّ عمر بن سعيد بن أبي حُسَين، و (سعيد بن زياد): هو الأنصاريُّ المدنيُّ، عن جابر بن عبد الله وأبي سلمة، وعنه: سعيد بن أبي هلال، ضعَّفه أبو حاتم، عَلَّقَ له البُخاريُّ تعليقًا، وأخرج له أبو داود، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة»، وله ترجمة في «الميزان»، لا سعيد بن زياد المدنيُّ المُؤدِّب المُكتِّب مولى جهينة، هذا لم يُعلِّق له البُخاريُّ، وإنَّما روى له أبو داود، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة».
وقوله: (قولَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه مَنْصُوبٌ بنزع الخافض؛ أي: مِن قوله، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: أنَّه موقوف عليه من كلامه، لا من كلامه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عُبيد الله بن أبي جعفر): هو أبو بكر، الفقيه المصريُّ، أحد الأعلام، عن الشَّعْبيِّ وأقرانه، وعنه: ابن إسحاق، واللَّيث، والنَّاس، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد: مُنْكَر الحديثِ، كان فقيهًا، وأمَّا الحديثُ؛ فليس فيه بذاك، قاله بعض أشياخي، ووَثَّقَهُ غيره، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُ عبيد الله بن أبي جعفر به أخرجه النَّسائيُّ في (البيعة) وفي (السِّيَر) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب بن اللَّيث، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي جعفر به، انتهى.
تنبيهٌ: قد كَتَب الذَّهَبيُّ بخطِّه _كما قاله بعض الحُفَّاظ الدَّماشِقَة من أصحابنا_ بعد (أبيه): (عن جدِّه)، انتهى، فصار: عن أبيه، عن جدِّه، عن عبيد الله بن أبي جعفر، والله أعلم، وقد كتب بعضُ حُفَّاظ العَصْرِ على هذا ما لفظه: زيادةُ: (عن جدِّه) غلطٌ فاحشٌ، حاشى الذَّهَبيَّ من أن يقع فيه؛ لأنَّه يقتضي أن يكون لسعدٍ والدِ الليث روايةٌ في هذا الحديث، وهذا لم يقع بالكلِّيَّة)، انتهى.

(1/12813)


و (صفوان) هذا: هو ابن سُلَيم، الزُّهْرِيٌّ مولاهم، المدنيُّ، القدوة الإمام، ممَّن يُسْتَسْقَى بذكره، عن ابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وابن المُسَيّب، وأبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وعنه: مالك والدَّراورديُّ، يقال: إنَّه لم يضع جَنْبه بالأرض أربعين سنة، ويقال: إنَّ جبهته نَقِبتْ من كثرة السجود، وكان قانعًا لا يقبل جوائز السلطان، ثقةً حجَّةً، مناقبه كثيرةٌ، تُوُفِّيَ سنة (132 هـ)، أخرج له الجماعة، و (أبو سلمة): عبد الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ أعلاه، و (أبو أيُّوب): خالد بن زيد الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.
==========
[1] في «اليونينيَّة»: (مثله).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثني).
[ج 2 ص 833]

(1/12814)


[باب: كيف يبايع الإمام الناس؟]
[ج 2 ص 833]
قوله: (بَابٌ: كَيْفَ يُبَايِعُ الإِمَامُ النَّاسَ): (الإمامُ): فاعل مَرْفُوعٌ، و (النَّاسَ): مَنْصُوبٌ مفعول، ويجوز العكس، وبهما مضبوطٌ في أصلنا.

(1/12815)


[حديث: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره]
7199# 7200# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، صاحبِ المذهب، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي.
قوله: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بايَعْنا): هو بإسكان العين في أصلنا، فعليه (رسولُ): مَنْصُوبٌ مفعول.
قوله: (فِي الْمَنْشَطِ): تَقَدَّمَ ما (المَنْشَط)، وكذا (الْمَكْرَهِ).
==========
[ج 2 ص 834]

(1/12816)


[حديث: خرج النبي في غداة باردة والمهاجرون]
7201# قوله: (يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق، والاختلاف في كم حُفِر، في مكانه، وقبله، وبعده.

(1/12817)


[حديث: كنا إذا بايعنا رسول الله على السمع والطاعة]
7202# قوله: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بايَعْنا)؛ بإسكان العين، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعول.
قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتَ): هو بفتح تاء الخطاب، وفي نسخة: (استطعتم).
==========
[ج 2 ص 834]

(1/12818)


[حديث: كتب إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الملك أمير المؤمنين]
7203# قوله: (يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان شيخ الحُفَّاظ، و (سفيان) بعده: هو الثَّوريُّ.
قوله: (عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ): هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.
قوله: (وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ ذَلِكَ): قَدَّمْتُ أولاد عبد الله بن عمر الذُّكور، قال ابن قُتَيْبَة: سالم، وعبد الله، وعاصم، وحمزة، وبلال، وواقد، وله بنات كانت واحدة منهنَّ عند عمرو بن عثمان، وأخرى عند عروة بن الزُّبَير، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وما ذكرتُ فيه.
==========
[ج 2 ص 834]

(1/12819)


[حديث: بايعت النبي على السمع والطاعة]
7204# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، حافظ بغداد، و (سَيَّارٌ): هو سيَّار بن سلامة أبو المنهال الرِّياحيُّ، تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شراحيل.
قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتُ): هو بضَمِّ التاء؛ أي: قل: فيما استطعتُ، وفي نسخة: بفتح التاء على الخطاب.
قوله: (وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ): (النُّصح): مجرور.
==========
[ج 2 ص 834]

(1/12820)


[حديث: لما بايع الناس عبد الملك كتب إليه]
7205# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس، الصيرفيُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ (يَحْيَى) ابن سَعِيْدٍ: هو القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ): (الناسُ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (عبدَ الملك): مَنْصُوبٌ مفعول، وتَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن مروان بن الحكم، وبقيَّة نسبه معروف، وقد تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا): تَقَدَّمَ أعلاه بنوه، وقبله أيضًا.

(1/12821)


[حديث: على أي شيء بايعتم النبي يوم الحديبية؟]
7206# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن إسماعيل، تَقَدَّمَ، و (سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عمرو بن الأكوع، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بالتخفيف عند المُتقِنين، وأنَّ عامَّة الفقهاء والمحدَّثين يشدِّدونها.
قوله: (عَلَى الْمَوْتِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ الصَّبر يجمع الرِّوايات في ذلك.

(1/12822)


[حديث: أن الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا]
7207# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء، وأنَّه عمُّ عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء الراوي عنه هنا، تَقَدَّمَ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هذا: هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغير، وأنَّ (مخرمة): من مُسلِمة الفتح.
قوله: (أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ): تَقَدَّمَ أنَّهم أهل الشورى، وأنَّهم ستَّة؛ عثمان، وعليٌّ، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وسعد، والزُّبَير، وطلحة، ولم يذكر أبا عبيدة؛ لأنَّه كان تُوُفِّيَ قبل ذلك في سنة سبعَ عشرةَ، والشورى في أوَّل سنة أربعٍ وعشرين، والوصيَّة كانت في آخر سنة ثلاث وعشرين، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل كان غائبًا، وقيل: إنَّه تورَّع عمر عن ذكره؛ لئلَّا ينسب إلى محاباة في الإسلام، وكان ابن عمِّه وزوج أخته فاطمة، وهو جليل كبير القدر صالح للخلافة رضي الله عنه.
قوله: (فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ): هو بإسكان العين، والضَّمير فاعل، و (عثمان): مفعول مَنْصُوبٌ.
قوله: (طَرَقَنِي): أي: جاءني ليلًا.
قوله: (بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ): (الهجع والهجعة والهجيع): طائفة من اللَّيل، و (الهجوع): النوم ليلًا، قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: (بعد هجعة من اللَّيل)؛ أي: بعد ساعة، وفي «الصِّحاح»: (الهجوع: النوم ليلًا، والتَّهجاع: النَّومة الخفيفة ... ) إلى أن قال: (يقال: أتيت فلانًا بعد هجعة؛ أي: بعد نومة خفيفة من أوَّل اللَّيل، والهِجْعة منه؛ كـ (الجِلسة) من الجلوس، وكلُّه قريب).
قوله: (بِكَبِيرِ نَوْمٍ): هو بالموحَّدة والمُثَلَّثَة، وهما نسختان في أصلنا.
قوله: (حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ): هو بتشديد الرَّاء؛ أي: انتصف، وبُهرة كلِّ شيء: وسطه، ويقال: طلعت نجومُه فأضاءت، قاله ابن قُرقُول،
[ج 2 ص 834]
ولابن الأثير نحوه، ورجَّح القول الأوَّل، ولفظه: انتصف، وبُهرة كلِّ شيء: وسطه، وقيل: ابهارَّ اللَّيل: طلعت نجومه واستنارت، والأوَّل أكثر، وفي «الصِّحاح»: (وابهارَّ اللَّيل ابْهِيرارًا؛ أي: انتصف، وقيل: ذهب معظمُه وأكثرُه.
قوله: (فَنَاجَاهُ): أي: سارَرَه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12823)


قوله: (وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ): أي: السِّتَّة، أهل الشورى، وهم: عثمان، وعليٌّ، وطلحة، والزُّبَير، وسعد، ومعهم عبد الرَّحْمَن بن عوف.
قوله: (وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأجناد): المدن الخمس؛ فلسطين، والأردنُّ، ودمشق، وحمص، وقِنَّسْرِين، وكان الأمراء إذ ذاك ... [1].
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل [مَن] قالها في أوَّل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته.
==========
[1] أخلى في (أ) بياضًا.

(1/12824)


[باب من بايع مرتين]
قوله: (بَابُ مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ): سيأتي أنَّ سلمة بايع ثلاث مَرَّاتٍ في «مسلم»، فيحتمل أن يكون هذا من باب مفهوم العدد، ولأنَّ المرَّتين داخلة في الثلاث، ولا ينفي ذكر الأقلِّ الأكثرَ، ويحتمل أنَّ بيعته ثلاث مَرَّاتٍ ليست على شرطه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 835]

(1/12825)


[حديث: بايعنا النبي تحت الشجرة فقال لي فقال لي ... ]
7208# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ، و (سَلَمَةَ): هو ابن عمرو بن الأكوع، تَقَدَّمَ.
قوله: (بَايَعْتُ [1] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ): تَقَدَّمَ متى كانت بيعة الحديبية في مكانها وغيره، وتَقَدَّمَ أنَّها كانت سَمُرة، وتَقَدَّمَ كم كان المبايعون [2] تحتها، والاختلاف في عددهم، وهي روايات، والأكثر أنَّهم كانوا ألفًا وأربع مئة، وتَقَدَّمَ أنَّ هنا: أنَّ سلمة بايع مرَّتين، وفي «صحيح مسلم»: أنَّه بايع ثلاث مَرَّاتٍ، وتَقَدَّمَ معنى [3] ذلك، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن عمر بايع مرَّتين، والله أعلم.
تنبيهٌ هو فائدةٌ: تَقَدَّمَ الاختلاف في أوَّل مَن بايع في الحديبية في مكانه وغيره؛ فاعلمه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بَايَعْنَا).
[2] في (أ): (البايعون)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[3] في (أ): (المعنى)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 835]

(1/12826)


[باب بيعة الأعراب]
قوله: (بَابُ بَيْعَةِ الأَعْرَابِ): تَقَدَّمَ من هم (الأعراب)، وأنَّهم سكَّان البوادي وإن كانوا من العجم.
==========
[ج 2 ص 835]

(1/12827)


[حديث: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها.]
7209# قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ مصر المُتَأخِّرين: (هو قيس، كما تَقَدَّمَ)، انتهى، وقد رأيت بخطِّ المشار إليه ما لفظه: (وقع في «ربيع الأبرار» للزَّمخشريِّ: أنَّه قيس بن أبي حَازم، وهذا إن ثبت؛ يكون آخر غير التَّابعيِّ المخضرم المشهور) انتهى.
قوله: (فَأَصَابَهُ وَعكٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وإسكان العين وفتحها، وتَقَدَّمَ ما هو.
قوله: (أَقِلْنِي بَيْعَتِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أواخر (الحجِّ) قبيل (الصِّيام)، وأنَّ النَّوويَّ قال: إنَّما لم يُقِلْهُ عليه السَّلام بيعته؛ لأنَّه لا يجوز لمَن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إليه عليه السَّلام للمقام عنده أن يترك الهجرة، ويذهب إلى وطنه أو غيره، وهذا الأعرابيُّ كان ممَّن هاجر، وبايع على المقام معه عليه السَّلام، وقال القاضي: ويحتمل أنَّ بيعته هذه كانت بعد الفتح وسقوط الهجرة إليه، وإنَّما بايع على الإسلام وطلب الإقالة منه، والصَّحيح: الأوَّل، انتهى.
قوله: (كَالْكِيرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (ويَنْصَعُ طِيبُهَا).
==========
[ج 2 ص 835]

(1/12828)


[باب بيعة الصغير]
قوله: (بَابُ بَيْعَةِ الصَّغِيرِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته بلا إسناد، ثمَّ قال: يعني بقوله: «باب بيعة الصغير»؛ أي: عدم انعقادِها شرعًا؛ لأنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يبايعه، فالترجمة مُوهِمة، والحديث يزيل إيهامها.

(1/12829)


[حديث ابن هشام: وكان قد أدرك النبي وذهبت به أمه ... ]
7210# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ): (أبو عَقِيل) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر القاف، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ).
قوله: (وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ [1] حُمَيْدٍ): هي زينب بنت حُمَيد بن زهير الأسديَّة، صحابيَّة معدودة فيهنَّ رضي الله عنهنَّ.
قوله: (وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ): اعلم أنَّ الأضحية سُنَّة على الكفاية، ولهذا كان يضحِّي بالشاة الواحدة عن جميع أهله، قال فخر الإسلام الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشَّاشيُّ: ليس لنا سُنَّة على الكفاية إلَّا الابتداء بالسَّلام، ويرد عليه: الأذان، والإقامة، والتسمية على الأكل، وشاة الأضحية، وتشميت العاطس، وما يُفعَل بالميِّت ممَّا نُدِب إليه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ابنة).
[ج 2 ص 835]

(1/12830)


[باب من بايع ثم استقال البيعة]

(1/12831)


[حديث: إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها]
7211# قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله ما قاله بعض حفَّاظ مصر المُتَأخِّرين.
قوله: (وَعكٌ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّه بإسكان العين وفتحها، وتَقَدَّمَ قبل ذلك ما هو، وتَقَدَّمَ الكلام أعلاه وقبله على (أَقِلْنِي بَيْعَتِي)، وتَقَدَّمَ الكلام قبله على (الكِير)، وعلى (يَنْصَعُ طِيبُهَا).

(1/12832)


[باب من بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا]

(1/12833)


[حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة]
7212# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَبَا حَمْزَةَ): مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وأنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وتَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِلَّا لِدُنْيَا [1]): هو في أصلنا: مُنَوَّن، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل هذا التعليق أنَّ (دنيا): مقصورة غير مُنَوَّنة على المشهور، وأنَّه يجوز في لغة غريبة تنوينُها، فهذا إن صحَّ مجيئًا؛ فهو على تلك اللُّغة، وفي نسخة على هامش أصلنا وعليه (صح): (لدنياه)، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل هذا التعليق أنَّ قوله: (إلى دنيا): أنَّ الرواية بغير تنوين، وذكرت الكلام على حقيقة الدُّنيا ما هي، والله أعلم.
قوله: (لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، كذا هو مضبوط في أصلنا فقط؛ أي: دُفِع له فيها كذا وهو كاذب.
قوله: (وَلَمْ يُعْطِهَا [2]): هو في أصلنا: بكسر الطاء وفتحها، أمَّا فتح الطاء؛ فهو موافق لما ضبطه في (أُعطِي)، وأمَّا الضبط الثاني؛ فينبغي أن يكون مع (أَعطَى)؛ بفتح الهمزة والطاء؛ أي: لقد اشتراها بكذا وكذا، ولم يشترها به، وهذا تَقَدَّمَ لنا مرَّة أخرى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (لدنياه).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يُعْط بِهَا).
[ج 2 ص 835]

(1/12834)


[باب بيعة النساء]
قوله: (بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: أدخل حديث عُبَادة في الترجمة على بيعة النساء، وحديث عُبَادة المشار إليه: قال لنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونحن في المجلس: «بايعوني على ألَّا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتانٍ تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (لأنَّها
[ج 2 ص 835]
وردت في نصِّ الكتاب العزيز في حقِّ النساء، ثمَّ استُعمِلت في حقِّ الرجال، فصارت البيعة معروفةً بهنَّ)، والله أعلم.

(1/12835)


[حديث: تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا]
7213# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا تعليق مجزوم به، و (اللَّيث): هو ابن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتعليق الليث عن يونس لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وكذا يونس، ولم يعزهما شيخنا، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله، وقيل غير ذلك.
قوله: (فَعُوقِبَ بِهِ [1] فِي الدُّنْيَا؛ فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع حديث أبي هريرة مرفوعًا: «ما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟» في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.

(1/12836)


[حديث: كان النبي يبايع النساء بالكلام]
7214# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (وَمَا مَسَّتْ يَدُهُ [1] يَدَ امْرَأَةٍ إِلاَّ امْرَأَةً يَمْلِكُهَا): تَقَدَّمَ الاختلاف في مبايعة النساء في (سورة الممتحنة)، وقد ذكرت فيها ثلاثةَ أقوال.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[ج 2 ص 836]

(1/12837)


[حديث: بايعنا النبي فقرأ علي {أن لا يشركن بالله شيئًا}]
7215# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا ومرَّةً مُترجَمًا، و (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة، و (حَفْصَة): هي بنت سيرين، تَقَدَّمَت أنَّها من أجلَّاء نساء التابعين هي وعَمرة بنت عبد الرَّحْمَن، وأمُّ الدَّرداء الصغرى هجيمة، ويقال: جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، و (أُم عَطِيَّة): نُسَيبة؛ بضَمِّ النُّون، على الأصَحِّ، ومنهم من يفتح النون، ويكسر السين، وقد ذكر هذا الخلاف غيرُ واحد، وقال ابن ماكولا وجماعةٌ: نُسَيبة؛ بضَمِّ النون: أمُّ عَطيَّة، وبفتح النون: أمُّ عُمارة، وقد قَدَّمْتُ نسب أمِّ عَطيَّة في (الجنائز) رضي الله عنها.
قوله: (َفقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا، فَقَالَتْ: فُلاَنَةُ أَسْعَدَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ ثمَّ رَجَعَتْ ... )؛ الحديث: هذه المرأة التي قبضت يدها هي أمُّ عَطيَّة، والشاهد له في «صحيح مسلم» من حديثها، قالت: لمَّا نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ... وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]؛ قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله؛ إلَّا آل فلان، فإنَّهم كانوا أسعدوني في الجاهليَّة، فلا بدَّ لي من أن أسعدهم، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إلَّا آلَ فلان»، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه لا يجوز لأحدٍ النياحة إلَّا لأمِّ عَطيَّة، ولا لها إلَّا على آل فلان، وأنَّ جوابه: أنَّ الشارع له أن يخصَّ من العموم مَن شاء، كذا قاله الشيخ محيي الدين النَّوويُّ، وقد ردَّ النَّوويُّ ما قاله القاضي عياض في ذلك؛ فانظر ما ذكرتُه في (الجنائز).
قوله: (إِنَّ [1] فُلاَنَةَ أَسْعَدَتْنِي): (فلانة): لا أعرفها، و (أسعدتني)؛ أي: أعانتني في النياحة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (أَنْ أَجْزِيَهَا): هو بفتح الهمزة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا): وقد تَقَدَّمَ أنَّه قال: «إلَّا آلَ فلان»، والجمع بينهما: أنَّ معنى (لم يقل شيئًا): لم ينهَ عن ذلك، لا أنَّه لم يقل شيئًا بالكلِّيَّة، والله أعلم.

(1/12838)


قوله: (فَمَا وَفَتْ مِنَّا [2] امْرَأَةٌ إِلَّا أُمُّ سُلَيْمٍ، وَأُمُّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ، أَوِ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا تجاه (أمِّ سُلَيم) ما لفظه: (مُلَيْكَة أمُّ أنس بن مالك، وأمُّ حرام الغميصاء، وأمُّ عبد الله، وحرام وسُلَيم شهدا بدرًا وأُحُدًا، وقُتِلا يوم بئر معونة، أولاد مِلحان _واسمه مالك ابن خالد بن زيد بن حرام_ كلُّهم أسلم وبايع رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) انتهى، و (أم سُلَيم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بضَمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وأنَّ اسمها سهلة، وقيل: رُمَيلة، أو رُمَيثة، أو مُلَيْكَة، أو الرُّميصاء، أو الغميصاء، وقوله: (وأمُّ العلاء): هي الأنصاريَّة، روى عنها: خارجة بن زيد بن ثابت وعبد الملك بن عمير، شهدت خيبر، أخرج لها البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وأبو داود، وأحمد في «المسند»، وقد تَقَدَّمَت، وقوله: (وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ): تَقَدَّمَ، والله أعلم.
==========
[1] (إنَّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] (منَّا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 836]

(1/12839)


[باب من نكث بيعة ... ]

(1/12840)


[حديث جابر: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها]
7216# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بَايِعْنِي عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض حفَّاظ مصر قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا.
قوله: (فَقَالَ: أَقِلْنِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أواخر (الحجِّ) قبيل (الصوم)، وقريبًا أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (الكِير)، وكذا (يَنْصَعُ طِيبُهَا).
==========
[ج 2 ص 836]

(1/12841)


[باب الاستخلاف]

(1/12842)


[حديث عائشة: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك]
7217# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن يحيى بن بُكَيْر التميميُّ، أبو زكريَّا، النَّيسابوريُّ، أحد الأعلام، ثَبْتٌ فقيهٌ صاحب حديث، وليس بالمُكثِر جدًّا، وليس هو بيحيى بن يحيى بن قيس الغسَّانيِّ، هذا الثاني ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، إنَّما روى له أبو داود، وليس هو بيحيى بن يحيى اللَّيثيِّ عالم الأندلس، صاحب «المُوَطَّأ»، هذا الثَّالث ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيء بالكلِّيَّة، والله أعلم، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ.
قوله: (ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ): (ذاكِ)؛ بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.
قوله: (فَأَسْتَغْفِر لَكِ وَأَدْعُو لَكِ): يجوز فيهما الرَّفع والنصب.
قوله: (وَاثُكْلِيَاهْ): تَقَدَّمَ ما (الثُّكل).
قوله: (لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا): (ظَلِلْتَ)؛ بكسر اللَّام، قال الجوهريُّ: وظلِلتُ أعمل كذا _ بالكسر_ ظُلولًا؛ إذا عملته بالنَّهار دون
[ج 2 ص 836]
اللَّيل، وهو مِن شواذِّ التَّخفيف، وقد فسَّرناه في (مسَّ).
قوله: (مُعَرِّسًا): هو بإسكان العين، وكسر الرَّاء، كناية عن الجماع.

(1/12843)


قوله: (أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ؛ فَأَعْهَدَ): كذا هو (وابنه)؛ بهمزة وصل، ثمَّ مُوَحَّدة، ثمَّ نون، قال ابن قُرقُول: (أن أرسل إلى أبي بكر أو آتيَهُ): كذا لأبي ذرٍّ، وعند بعض رواته عنه: (إلى أبي بكر وآتيه)؛ من غير شكٍّ، والصَّواب: (أو آتِيه)؛ إن صحَّت الرِّواية بالتاء، وعند الأصيليِّ، والقابسيِّ، والنَّسَفيِّ: (إلى أبي بكر وابنه)، وقيل: هو وَهَمٌ، والصَّوابُ: الأوَّل، وقد تعقَّب الشيخ محيي الدين تصويب القاضي، فقال: وليس كما صوَّب، بل الصَّوابُ: (ابنه)؛ بالباء المُوَحَّدة والنُّون، وهو أخو عائشة، وتوضِّحه رواية مسلم: (أخاكِ وأباكِ)، ولأنَّ إتيان النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان مُتعذِّرًا أو مُتعسِّرًا، وقد عجز عن حضور الجماعة، واستخلف الصِّدِّيق؛ ليصلِّي بالناس، واستأذن أزواجه أن يُمرَّض في بيت عائشة رضي الله عنها، والله أعلم، و (ابنه) المشار إليه: ما عرفته أهو عبد الله أو عبد الرَّحْمَن؟ وليس المراد: مُحَمَّدًا، مُحَمَّد يُصغَّر عن ذلك، والله أعلم، ولم يذكره شيخنا، ولا النوويُّ في «شرحه لمسلم»، ولا ابن شيخنا البُلْقينيِّ، والذي ظهر لي أنَّه أراد: أخاها لأبويها، وهو عبد الرَّحْمَن؛ لأنَّ أمَّهما أمُّ رُومان، وأمَّا عبد الله؛ فأمُّه وأمُّ أسماء واحدة، وهي قتيلة، ويقال: قيلة بنت عبد العزَّى، والصحيح: لم تُسلِم، وتقدَّم هذا الخلاف فيها مع زيادة، ثمَّ رأيته مُصرَّحًا به في «الردِّ على الرافضيِّ» لابن تيمية في المُجلَّد الأوَّل مُصرِّحًا بأنَّه عبد الرَّحْمَن، وعزاه للمكان المذكور فيه، والله أعلم.

(1/12844)


[حديث: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر]
7218# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.
قوله: (فَقَالَ: رَاغِبٌ رَاهِبٌ): أي: طالبٌ راجٍ، وخائفٌ فزِعٌ.
قوله: (كَفَافًا): هو بفتح الكاف؛ معناه ما قاله بعدها: (لَا عَلَيَّ، وَلَا ليَّ [1]).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لَا لِي وَلاَ عَلَيَّ).
[ج 2 ص 837]

(1/12845)


[حديث أنس: أنه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر ... ]
7219# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف قاضي صنعاء، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (وَذَلِكَ الْغَدُ): يجوز فيه الرَّفع والنَّصب، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ): (يوم): مجرور غير مُنَوَّن [1].
قوله: (حَتَّى يَدْبُرَنَا): هو بفتح أوَّله، وإسكان الدَّال المُهْمَلَة، وضمِّ المُوَحَّدة؛ أي: يتقدَّمه أصحابُه، ويبقى خلفهم، وقد فسَّره الراوي بقوله: (يريد بذلك: أن يكون آخرهم)، قال في «المطالع»: («يدبُرنا»: دَبَرَهُ يدبُرُه؛ إذا بقي خلفه أو جاء بعده، ومنه: {وَاللَّيْلِ إِذَا أَدْبَرَ} [المُدَّثر: 33])، وقد تَقَدَّمَ، وكانت شبهةُ عمر رضي الله عنه في ذلك ظاهرَ قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
قوله: (بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ): أي: بينكم.
قوله: (ثَانِي اثْنَيْنِ): (ثاني): مَرْفُوعٌ بدلٌ من (صاحب) المرفوع، ولم يُرِدِ التِّلاوة.
قوله: (فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (السَّقيفة) قبل ذلك.
قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ [2] أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ ... ) إلى آخره: هذا من جملة الحديث بالسند المُتقدِّم، وليس تعليقًا.
قوله: (اصْعَدِ الْمِنْبَرَ): هو بفتح العين، وكذا المستقبل، وأمَّا الماضي؛ فهو بكسر العين، وقد تَقَدَّمَ، وهو ظاهِرٌ.
==========
[1] وهو في «اليونينيَّة» منوَّنٌ، ويُنظَر هامشها.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عن).
[ج 2 ص 837]

(1/12846)


[حديث: إن لم تجديني فأتي أبا بكر.]
7220# قوله: (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها.

(1/12847)


[حديث: تتبعون أذناب الإبل، حتى يري الله خليفة نبيه والمهاجرين ... ]
7221# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ، و (أَبُو بَكْرٍ): هو الصِّدِّيق عبد الله بن عثمان، تَقَدَّمَ نسبه رضي الله عنه في (المناقب)، وهو أشهر مِن أن يُترجَم.
قوله: (لِوَفْدِ): تَقَدَّمَ ما (الوفد)، وأنَّه جمع (وافد)؛ كـ (زَوْر وزائر)؛ وهم القوم يأتون الملوك رُكبانًا، وقد وَفَد وفدًا ووفادةً، ثمَّ سُمِّي القومُ بالفعل.
قوله: (بُزَاخَةَ): هي بضَمِّ المُوَحَّدة، وتخفيف الزاي، وبعد الألف خاءٌ معجمةٌ، ثمَّ تاء التأنيث، كذا قَيَّدهُ غير واحد، وهو موضع كانت به وقعةٌ زمان الصِّدِّيق، ولفظ «المطالع»: (بُزَاخة): موضع بالبَحْرين، وقال الأصمعيُّ: هو ماء لطيِّئ، وقال الشَّيبانيُّ: ماء لبني أسد، وحكى البكريُّ: فيه بُزُوخة، انتهى، وأهل بزاخة كانوا ارتدُّوا، ثمَّ تابوا، فأوفدوا رسلهم للصِّدِّيق يعتذرون إليه، فأحبَّ الصِّدِّيق ألَّا يقضي فيهم إلَّا بعد المشاورة في أمرهم، فقال لهم: (ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصَّحارى حتَّى يرى المهاجرون وخليفةُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما يُرِيهم الله في مشاورتهم أمرًا يعذرونكم فيه)، قال شيخنا: وذكر يعقوب ين مُحَمَّد الزُّهْرِيُّ: حدَّثني إبراهيم بن سعد عن سفيان الثَّوريِّ، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قدم وفد أهل بُزَاخة _وهم من طيِّئ_ يسألونه الصُّلح، فقال أبو بكر رضي الله عنه: اختاروا: إمَّا الحرب المُجلِية، وإمَّا السِّلم المُحرِبة [1]، فقالوا: قد عرفنا الحرب، فما السِّلم المحربة؟ قال: ننزع منكم الكُرَاع والحلْقة، وتدون قتلانا، وقتلاكم في النار، ونغنم ما أصبنا منكم، وتردُّون إلينا ما أصبتم منا، وتُتْرَكون أقوامًا تتَّبعون أذناب الإبل حتَّى يُرِيَ اللهُ خليفةَ نبيِّه والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به، فخطب أبو بكر النَّاس، فذكر أنَّه قال وقالوا، فقال عمر رضي الله عنه: قد رأيت وسنشير عليك؛ أمَّا ما ذكرتَ مِن أن تنزع منهم الكراع والحلْقة؛ فنِعْمَ ما رأيت، وأمَّا ما ذكرت من أن يدُوا قتلانا، وقتلاهم في النار؛ فإنَّ قتلانا قُتِلت على أمر الله لها دِيات، فتابع النَّاس على قِيل عمرَ رضي الله عنه.
==========

(1/12848)


[1] كذا في (أ) مضبوطًا، وفي المصادر: (المخزية)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[ج 2 ص 837]

(1/12849)


[باب [الأئمة من قريش]]

(1/12850)


[حديث: يكون اثنا عشر أميرًا]
7222# 7223# قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ ما (الغُنْدُر)، وسبب تلقيبه بذلك، وهو مُحَمَّد بن جعفر، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عُمير، تَقَدَّمَ، و (جَابِر بْن سَمُرَةَ): لم يروِ عن سمُرةَ غيرُ ابنه جابر رضي الله عنهما فقط، وهما صحابيَّان، وهو سمُرة بن جنادة، وقيل: سمُرة بن عمرو بن جُنْدب بن حجير، وقيل فيه: سمُرة بن جندب بن جنادة بن جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سُواءة _بضَمِّ السِّين، وبالمدِّ_ ابن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن.
[ج 2 ص 837]
قوله: (يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا): يعني: خليفة، قال شيخنا: قال المُهلَّب: لم ألقَ أحدًا يقطع في هذا الحديث بمعنًى، فقومٌ يقولون: يكون اثنا عشر أميرًا بعد الخلافة المعلومة مَرضيِّين، وقوم يقولون: يكونون مُتواليين إمارتهم، وقوم يقولون: في زمن واحد كلُّهم من قريش يدِّعي الإمارة، والذي يغلب عليه الظَّنُّ أنَّه إنَّما أراد أن يخبر بأعاجيبَ ما يكون من بعده من الفتن حتَّى يفترق النَّاس في وقت واحد على اثني عشر أميرًا، وما زاد على الاثني عشر؛ فهو زيادة في التعجُّب، كأنَّه أنذر بشرط مِن الشروط، وبعضه يقع، ولو أراد عليه السَّلام: غير هذا؛ لقال: يكون اثنا عشر أميرًا يفعلون كذا، ويصنعون كذا، فلمَّا أعراهم من الخبر؛ علمنا أنَّه أراد أن يخبر بكونهم في زمن واحد، وفي «خصائص الإمام أحمد» لأبي موسى المدينيِّ أنَّ عبد الله بن أحمد قال: (قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على حديث أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه: «يُهلِك أمَّتي هذا الحيُّ من قريش»، فإنَّه خلاف الأحاديث عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ يعني: قوله: «اسمعوا وأطيعوا»، قال أبو موسى: (فلمَّا شذَّ [1] لفظُه عن الأحاديث المشاهير؛ أمر بالضَّرب عليه) انتهى.
قوله: (فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ قَالَ: كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ): (أبوه): سمرة، تَقَدَّمَ قبيل هذا، وأنَّه لم يروِ عنه غيرُ ابنه جابر.

(1/12851)


[باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة]
قوله: (وَأَهْلِ الرِّيَبِ): هي بكسر الراء، وفتح المُثَنَّاة تحت، ثمَّ مُوَحَّدة، جمع (ريبة)، كذا هو مضبوط بالقلم في أصلنا.
قوله: (وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ): (أخت أبي بكر رضي الله عنه): هي أمُّ فروة التي زوَّجها أبو بكر بالأشعث بن قيس، فولدت له مُحَمَّدًا وغيره، لها صحبة ورواية، ولا أعرفُ اسمها، والظاهر أنَّ اسمَها كنيتُها، وقد تَقَدَّمَ هذا الأثر في (كتاب الخصومات)، أمُّ هذه: هند بنت نُقَيد بن بجير بن عبد بن قصيٍّ، ولا أعرفُ لهند هذه إسلامًا ولا صحبةً، و (أمُّ فروة): هذه من المبايعات، بايعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حديثها عند القاسم بن غنَّام الأنصاريِّ، عن بعض أمَّهاته عن أمِّ فروة، قالت: سمعت النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «إنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله الصَّلاة في أوَّل وقتها»، وروى عن القاسم: عبيد الله وعبد الله ابنا عمر العمريَّان، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: أمُّ فروة الأنصاريَّة أخت أبي بكر الصِّدِّيق التي زوَّجها الأشعثَ بن قيس، كذا قال في «الأُسْد» الذي اختُصِر منه «التَّجريد»، ذكر ثلاثة؛ كلٌّ منهنَّ يقال لها: أمُّ فروة؛ الأولى: ظئره عليه السَّلام، الثانية: أنصاريَّة، الثالثة: أخت الصِّدِّيق التَّيميَّة، وقد قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: (وقد قال بعضُهم في أمِّ فروة هذه: الأنصاريَّة، وهو وَهَم، وإنَّما جاء ذلك _والله أعلم_؛ لأنَّ القاسم بن غنَّام يقول في حديثها مرَّةً: عن جدَّته الدُّنيا عن جدِّته القُصْوى، ومرَّةً: عن بعض أمَّهاته عن عمَّة له، والصَّواب ما ذكرناه، وبالله توفيقنا) انتهى.

(1/12852)


[حديث: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب]
7224# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
قوله: (فَيُحْتَطَبَ [1]): هو بالنَّصب، وكذا ما بعده من (آمُرَ)، و (يُؤذَّنَ)، و (آمُرَ) الثَّانية، و (فَيَؤُمَّ)، و (أُخَالِفَ)، و (فَأُحْرِقَ).
قوله: (فَأُحْرِقَ [2]): هو بضَمِّ الهمزة، وإسكان الحاء.
قوله: (عَرْقًا سَمِينًا): تَقَدَّمَ ضبط (العَرْق)، وأنَّه بفتح العين المُهْمَلَة، وإسكان الراء، وبالقاف، وتَقَدَّمَ ما هو، وكذا (المَرْمَاتَيْنِ) وضبطهما، وفي نسخة في الأصل الذي لنا القاهريِّ: (قَالَ مُحمدُ بنُ يُوسفَ: قال يونُسُ: قال محمدُ بنُ سُلَيْمانَ: قال أبُو عَبْدِ اللهِ: مرْماةٌ: ما بَيْنَ ظِلْفِ الشَّاةِ من اللَّحْمِ؛ مِثلُ: «مِنْسَاةٍ» و «مِيضَاةٍ»، الميمُ مَخْفُوضَةٌ) انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ ما لفظه: (قال القاضي: «مرماتين» تروى: بفتح الميم وكسرها، قال أبو عُبيد: هو ما بين ظلفَي الشاة من اللَّحم، فعلى هذا: الميم أصليَّة، قال الدَّاوديُّ: وقيل: هما بضعتان من اللَّحم، وقال غيره: هو السَّهم الذي يُرمَى به، وهو بكسر الميم خاصَّة [3]، والميم زائدة، وقيل: هو سهم يُلعَب به في كوم التُّراب، فمن رمى به، فثبت في الكوم؛ غلب)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (يُحْتَطَب).
[2] في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فَأُحَرِّق).
[3] في (أ): (بكسرها)، وعليها: (كذا)، والمثبت من حواشي الدِّمياطيِّ.
[ج 2 ص 838]

(1/12853)


[باب: هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه ... ]

(1/12854)


[حديث كعب: لما تخلف عن رسول الله في غزوة تبوك ... ]
7225# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (مِنْ بَنِيهِ): هو جمع (ابن)، ورُوِي: (من بيته)، وهو تصحيف، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (خَمْسِينَ لَيْلَةً): تَقَدَّمَ ما لعلَّه الحكمة في التَّحديد بخمسين يومًا في حديثه المُطوَّل في (تبوك).
قوله: (وَآذَنَ): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلَمَ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثني).
[ج 2 ص 838]

(1/12855)


((94)) (كِتَابُ التَّمَنِّي) ... إلى (بَاب مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرَ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ)

(1/12856)


[حديث: والذي نفسي بيده لولا أن رجالًا يكرهون أن يتخلفوا ... ]
7226# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيْرًا) بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ): هو ابن مسافر أمير مصر، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يقال إلَّا بالفتح.
قوله: (ثُمَّ أُحْيَا): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وكذا الثالثة، وكذا في الحديث الذي بعده.
==========
[ج 2 ص 838]

(1/12857)


[حديث: والذي نفسي بيده وددت أني لأقاتل في سبيل الله]
7227# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَدِدْتُ إِنِّي [1] لأُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ): (إنِّي): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في خبرها، والله أعلم [2].
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أنِّي).
[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدِّمة بعد قوله: (لا يقال إلا بالفتح).
[ج 2 ص 838]

(1/12858)


[باب تمني الخير ... ]

(1/12859)


[حديث: لو كان عندي أحد ذهبًا لأحببت أن لا يأتي ثلاث]
7228# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ الصنعانيُّ.
قوله: (وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ لَيْسَ شَيْءٌ أُرْصِدُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيَّ أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ): كذا في أصلنا، وفي نسخة الصغانيِّ ما لفظه: (وقع في النسخ: «شيء»، والصواب: «شيئًا»)، انتهى.
واعلم أنَّه وقع (شيئًا) في نسخة الأصيليِّ، ولغيره بالرفع، وقد وقع في هذا الحديث تغيير بالتقديم وبالتأخير اختلَّ به الكلام، وأصله: (وعندي منه دينارٌ أجد من يقبله ليس شيئًا أرصده لدَين)، ففصل بين الموصوف _وهو (دينار) _ وصفته _وهو قوله: (أجد) _ بالمشتقِّ، والله أعلم.
قوله: (أُرْصِدُهُ): هو ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 838]

(1/12860)


[باب قول النبي: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت»]

(1/12861)


[حديث: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي]
7229# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (مَا سُقْتُ الْهَدْيَ): (ما سُقت الهديَ): تَقَدَّمَ أنَّ الذي جاء به معه عليه السَّلام في حجَّة الوداع ثلاثٌ وستُّون بَدَنَة، وجاء عليٌّ رضي الله عنه بتكملة المئة من اليمن.
==========
[ج 2 ص 838]

(1/12862)


[حديث: إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت]
7230# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ): هو ابن زُرَيع، و (حَبِيب) بعده: بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، هو المعلِّم، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (مِنْ ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الحجَّة) الفتحَ والكسرَ.
قوله: (فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أمرَنا): بفتح الراء، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّه الآمرُ الناهي.
قوله: (غَيْر النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (غيرِ): بالجرِّ، ويجوز نصبُه، وهما معروفان.
[ج 2 ص 838]
قوله: (وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ وَهْوَ يَرْمِي الجَمْرَةَ [1]): (سراقة): هو ابن مالك بن جُعْشُم، تَقَدَّمَ الكلام [عليه]، وتَقَدَّمَ ضبط جدِّه (جُعْشُم)، وبعض ترجمة سراقة.
قوله: (وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [2] قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهْيَ حَائِضٌ): تَقَدَّمَ أنَّها حاضت بسَرِف، وتَقَدَّمَ متى حاضت، ومتى طَهُرت.
قوله: (فَلَمَّا نَزَلُوا الْبَطْحَاءَ): تَقَدَّمَ أين البطحاء.
قوله: (إِلَى التَّنْعِيمِ): تَقَدَّمَ أنَّ (التنعيمَ): هي المساجد، ولِمَ قيل لها: التنعيم، وتَقَدَّمَ أنَّ بين مكان الإحرام منها وباب المسجد ستَّةَ عشرَ ألفَ خطوةٍ ذهابًا، وإيابًا ستَّةَ عشرَ ألفًا، الجملة اثنتان وثلاثون ألفَ خطوةٍ.
قوله: (فِي ذِي الْحَجَّةِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها بالفتح والكسر.

(1/12863)


[باب قوله: «ليت كذا وكذا»]

(1/12864)


[حديث: ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة]
7231# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مَخْلدًا) بفتح الميم، وإسكان الخاء، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي.
قوله: (أَرِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، وبالقاف؛ أي: سهر.
قوله: (يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ ... ) إلى قوله: (قِيلَ: سَعْدٌ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة المشهود لهم بالجنَّة، كذا تَقَدَّمَ في (الجهاد) مِن هذا «الصحيح» مصرَّحًا به، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: إنَّه سعد بن معاذ، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لما تَقَدَّمَ، والله أعلم.
وقد قَدَّمْتُ أسماءَ مَن حَرَسه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في (كتاب الجهاد)، وها أنا أذكرهم لك مختصرًا؛ وذلك لأنَّه بَعُد العهد بهم، فحرسه يوم بدر حين نام في العريش سعدُ بن معاذ، ويوم أُحُد مُحَمَّد بن مسلمة، ويوم الخندق الزُّبَير بن العَوَّام، وليلة بنى بصفيَّة بنتِ حُيَيِّ بن أخطب أبو أيُّوب الأنصاريُّ خالدُ بن زيد بخيبر أو ببعض الطريق، وهذا في «الصحيح»، وبوادي القرى بلال، وسعد بن أبي وقَّاص، وذكوان بن عبد قيس، وكان على حرسه عبَّاد بن بِشْر، فلمَّا نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؛ ترك الحرس، وحرسه أيضًا عمُّه العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب، كما رواه الطَّبَرانيُّ في «أصغر معاجمه» في (حرف الحاء المُهْمَلَة) في (حَمْدٍ)، وحرسه أيضًا أنس بن أبي مرثد الغنويُّ في الليلة التي كان من صبيحتها وقعة حُنين، كذا في «المستدرك» في (الجهاد)، وهو في «أبي داود» و «النَّسائيِّ»، وحرسه ابن الأدْرَع، كما في «مسند أحمد»، وقد ذكرتُ زيادةً على هؤلاء؛ فراجعهم من (كتاب الجهاد) في (باب الحِراسة في الغزو).
قوله: (حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ): تَقَدَّمَ (الغَطيط)؛ وهو صوتٌ يخرِجه النائم مع نَفَسِه، وهو بفتح الغين المُعْجَمَة.
قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَتْ [1] عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ، وسبق مسندًا مَرَّاتٍ.
قوله: (وَقَالَ [2] بِلاَلٌ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي): تَقَدَّمَ أنَّه تمثَّل به، وتَقَدَّمَ لمن هو، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الإِذْخر)، و (الجَلِيْل).
قوله: (فَأَخْبَرْتُ): هو بضَمِّ تاء المتكلِّم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وقالت).

(1/12865)


[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.
[ج 2 ص 839]

(1/12866)


[باب تمني القرآن والعلم]

(1/12867)


[حديث: لا تحاسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن]
7232# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (لَا تَحَاسُدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (كتاب العلم)، وهل المراد الغبطة أو حقيقة الحسد مُطَوَّلًا.
قوله: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز في إعراب (رجل) ثلاثةُ أوجهٍ: الجرُّ مع التنوين، والرفعُ معه، والنصبُ معه، قريبًا، وفي أوائل هذا التعليق.
قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الآناءَ): الساعاتُ، وقدَّمتُ واحد (الآناء).
==========
[ج 2 ص 839]

(1/12868)


[باب ما يكره من التمني]

(1/12869)


[حديث: لا تتمنوا الموت]
7233# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الهمزة، وبالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّه سلَّام بن سُلَيم، و (سلَّام): بتشديد اللام، و (سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (عَاصِم) بعده: هو عاصم بن سليمان الأحول، تَقَدَّمَ، و (النَّضْر بْن أَنَسٍ): بالضاد المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ (النَّضْر) لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (نصرًا) _بالصاد_ لا يجيء بالألف واللام، بخلاف (النَّضْر) _بالإعجام_؛ فإنَّه لا يجيء إلَّا بهما.
==========
[ج 2 ص 839]

(1/12870)


[حديث: لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.]
7234# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)؛ فانظره إن أردته، و (عَبْدة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو عَبْدة بن سليمان، و (ابْن أَبِي خَالِدٍ): هو إسماعيل، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (خَبَّاب): بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، و (الأَرَتُّ): بفتح الهمزة والراء، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وقد تَقَدَّمَ كلُّ ذلك.
قوله: (وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الكّيِّ) في (الطِّبِّ)، وأنَّه جاء فيه أربعةُ أحاديثَ، وقد جمعتُ بينها.

(1/12871)


[حديث: لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنًا فلعله يزداد]
7235# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو المسنَديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ في أوائل هذا التعليق، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو عُبَيد): في نسخة: (اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ)، وهو كذلك.
قوله: (إِمَّا مُحْسِنًا): (إمَّا): بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وكذلك الثانية، و (مُحسِنًا): انتصب بخبر (كان) المحذوفة، وكذا (مُسِيئًا)، والله أعلم.
قوله: (فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ): أي: يعترف ويلوم نفسَه على ما كان منه.

(1/12872)


[باب: قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا]

(1/12873)


[حديث البراء: لولا أنت ما اهتدينا نحن ولا تصدقنا ولا صلينا]
7236# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله.
قوله: (يَوْمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الأحزابَ): هي غزوة الخندق، وقدَّمتُ تاريخَها، وذكره البُخاريُّ أيضًا في غزوتها.
قوله: (فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا): تَقَدَّمَ (السكينة) بِلُغَتَيها.
قوله: (إِنَّ [1] الْمَلَا): هو مهموزٌ في الأصل، ولكن هنا بغير همز؛ لإقامة الوزن.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إنَّ الأُلَى، وَرُبَّمَا قَالَ: الْمَلَا).
[ج 2 ص 839]

(1/12874)


[باب كراهية التمني لقاء العدو]
قوله: (كَرَاهِيَةِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف الياء، وأنَّه يُقال من حيث اللغةُ: كراهي.
[ج 2 ص 839]
قوله: (وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز الأعرج، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد)؛ وهو: «لا تتمنَّوا لقاء العدوِّ، وإذا لقيتموهم؛ فاصبروا ... »؛ الحديث، فقال في (باب لا تمنَّوا لقاء العدو): وقال أبو عامر ... ؛ فذكره، وأخرجه مسلم في (المغازي) عن حسن الحلوانيِّ وعبد بن حُمَيد، والنَّسائيُّ في (السِّيَر) عن أبي الجوزاء أحمد بن عثمان البصريِّ؛ ثلاثتهم عن أبي عامر العَقَديِّ عبدِ الملك بن عَمرو، عن المغيرة بن عبد الرَّحْمَن الحزاميِّ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/12875)


[حديث: لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية]
7237# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو الفزاريُّ إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث بن أسماء بن خارجة، و (سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي أوفى علقمةَ بنِ خالد بن الحارث الأسلميُّ، وقدَّمتُ نَسَبه، وأنَّ أبا أوفى صحابيٌّ كابنه عبدِ الله، رضي الله عنهما.
تنبيهٌ: هذا الحديثُ سبق في (الجهاد) سندًا ومتنًا في موضعين منه، وهنا الثالث.
قوله: (فَإِذَا فِيهِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر الهمزة على الحكاية [2].
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).
[2] رواية «اليونينيَّة»: (أنَّ).
[ج 2 ص 840]

(1/12876)


[باب ما يجوز من اللو ... ]
قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته بلا إسناد، ثمَّ قال: (لَوْ) على وجهين: للشرط في المعنى، وللتَّمَنِّي، فالتي للشرط خارجةٌ عن الترجمة بالتمنِّي، وإنَّما الاشتراك بينهما لفظيٌّ، وجميعُ ما أورده البُخاريُّ ههنا من قبيل الشرطيَّة، لا التمنِّي، إلَّا قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]، فإدخاله ذلك في الترجمة منتقد [1]، والله تعالى أعلم.
قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ): قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: قول البُخاريِّ: (باب ما يجوز من اللَّوْ)؛ بسكون الواو؛ يريد: من قول: لو كان كذا؛ لكان كذا، ولم يكن كذا، وقد تَقَدَّمَ الكلام فيه، وقال قبله _أعني: ابن قُرقُول_ بقليل ما لفظه: (وترجم البُخاريُّ: «ما يجوز من اللَّوْ»، فأدخل الألف واللام على «لو»، وهو حرفٌ، وهو غير جائزٍ في العربيَّة، قلت: أقامها مقام اسمٍ؛ لمعنًى قد عُلِم؛ كالندم والتمنِّي)، انتهى.
وقال ابن الأثير في «نهايته» ما لفظه: وفيه: «إيَّاك واللَّوَّ؛ فإنَّ اللَّوَّ من الشيطان»؛ يريد: قول المتندِّم على الفائت: لو كان كذا؛ لقلتُ وفعلتُ، وكذلك قول المتمنِّي؛ لأنَّ ذلك من الاعتراض على الأقدار، والأصل فيه: (لَوْ) ساكنة الواو، وهو حرفٌ من حروف المعاني يمتنع بها الشيءُ لامتناع غيره، فإذا سُمِّيَ بها؛ زيد فيها واو أخرى، ثمَّ أُدْغِمَت وشُدِّدَت؛ حملًا على نظائرها من حروف المعاني، انتهى، وقد جاء في «سنن ابن ماجه» مرفوعًا: «إيَّاك واللَّوَّ؛ فإنَّ اللَّوَّ تفتح عمل الشيطان».
تنبيهٌ: أمَّا النهي عن ذلك، وأنَّها تفتح عمل الشيطان؛ فمحمولٌ على مَن يقول ذلك معتمدًا على الأسباب، معْرِضًا عن المقدور، أو متضجِّرًا، والله أعلم، وقال النَّوويُّ في قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ؛ ما سُقْتُ الهَدْيَ»: هذا دليلٌ على جواز قول «لو» في التأسُّف على فوات أمور الدِّين ومصالحِ الشرع، وأمَّا الحديث الصحيحُ في أنَّ «لو تفتح عمل الشيطان»؛ فمحمولٌ على التأسُّف على حُظوظ الدنيا ونحوِها، وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في استعمال «لو» في غير حظوظ الدنيا ونحوها، فيُجمَع بين الأحاديث بما ذكرناه، والله أعلم.

(1/12877)


[حديث: لو كنت راجمًا امرأةً من غير بينة]
7238# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان.
قوله: (الْمُتَلَاعِنَيْنِ): هذا يحتمل أن يريد عُويمرًا العجلانيَّ وامرأتَه، وهو الظاهر من الأحاديث، ويحتمل أن يكون هلالَ بنَ أُمَيَّة وامرأتَه، وقد تقدَّموا في (النُّور) وغيرِها.
==========
[ج 2 ص 840]

(1/12878)


[حديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة]
7239# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، وقد ذكرتُ ذلك مرارًا، و (عَطَاءٌ): هذا هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، وهذا الحديثُ هنا مرسلٌ؛ لأنَّ عطاءَ بن أبي رَباح تابعيٌّ؛ فاعلمه، وقد وصله ابن جُرَيجٍ كما سيأتي.
قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قائل (قال ابن جُرَيجٍ): هو سفيان بن عُيَيْنَة، فرواه عن عمرو _هو ابن دينار_ عن عطاءٍ مرسلًا، ورواه عن ابن جُرَيجٍ عن عطاء عن ابن عَبَّاس متَّصلًا، لكنَّه تعليقٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ العبرة بالذي وصله على الصحيح من أربعة أقوالٍ.
وقد أخرج تعليقَ ابن جُرَيجٍ هذا مسلمٌ في (الصَّلاة) عن مُحَمَّد بن رافع، عن عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيجٍ قال: قلتُ لعطاءٍ: (أيُّ حِينٍ أحبُّ إليك أن أصلِّيَ العِشَاء؟، قال: سمعت ابنَ عَبَّاس يقول: أَعْتَمَ نبيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... )؛ فذكره، وأخرجه النَّسائيُّ عن يوسف بن سعيد بن مسلم وإبراهيم بن الحسن؛ كلاهما عن حجَّاج بن مُحَمَّد، عن ابن جُرَيجٍ.
قوله: (وَقَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ): (عَمرو): هو ابن دينار، و (عطاء): هو ابن أبي رباح؛ يعني: فرواه مرسلًا بحذف ابن عَبَّاس؛ كالأوَّل، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12879)


قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (إبراهيم بن المنذر)؛ فهو ابن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خُوَيلد بن أسَد الأسَديُّ الحزاميُّ _ بالزاي_ المدنيُّ، أبو إسحاق، من كبار العلماء والمحدِّثين بالمدينة، وجدُّهم خالد بن حزام أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة فلُدِغ، ونزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا} ... ؛ الآية [النساء: 100]، ويُقال: نزلت في غيره، روى عنه: البُخاريُّ وابن ماجه، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه، وقدَّمتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثلَ هذا يرقم عليه المِزِّيُّ والذَّهَبيُّ: (خت)؛ يعنيان: تعليقًا، و (مَعْن): هو ابن عيسى القزَّاز، ثقة، كثير الحديث، ثبت، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ): هو الطائفيُّ، عن عمرو بن دينار، وابن أبي نجيح، وعنه: ابن مهديٍّ، ويحيى بن يحيى، فيه لينٌ، وقد وُثِّقَ، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى على اصطلاح المِزِّيِّ والذَّهَبيِّ، وروى [له] مسلمٌ والأربعة، وتَقَدَّمَ ما قال فيه أبو مُحَمَّد ابن حزم الحافظ الظاهريُّ، و (عمرو) و (عَطَاء): تقدَّما أعلاه.
==========
[ج 2 ص 840]

(1/12880)


[حديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك]
7240# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام الأجواد، و (عَبْد الرَّحْمَن): هو ابن هرمز الأعرج، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/12881)


[حديث: لو مد بي الشهر لواصلت وصالًا]
7241# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقدَّمتُ الفرق بينه وبين (عَبَّاس بن الوليد)؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وذكرتُ أنَّ هذا الثانيَ له ثلاثة [1] أماكنَ في «البُخاريِّ»، الأخير صَرَّحَ به فقال: (النرسيُّ)، فنسبه، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: عيَّاش بن الوليد البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ، وعَبَّاس بن الوليد النرسيُّ اتَّفقا عليه، انتهى، فقوله: (انفرد به)؛ يعني: عن مسلم، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى، تَقَدَّمَ.
[ج 2 ص 840]
قوله: (وَاصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ الشَّهْرِ): تقدَّم الكلام على الوصال، وأنَّه من خصائصه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ الكلام في مواصلة غيره، وأنَّ الصحيحَ أنَّها حرامٌ، في (الصوم)؛ فانظر ذلك.
قوله: (إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ): تقدَّم ما معناه، وذكرتُ فيه أقوالًا، وأنَّ هذه الروايةَ التي منعت مِن أن يُقال: يأكلُ حقيقةً، والله أعلم.
قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ [2] عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الضمير في (تابعه) يعود على حميد؛ هو الطويل، وهذه المتابعة أخرجها مسلمٌ في (الصوم) عن زهير بن حرب، عن أبي النَّضْر هاشمِ بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة القيسيِّ أبي سعيد، عن ثابت به.
تنبيهٌ: هذه المتابعةُ هذا مكانها بعد حديث أنسٍ، وهي في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بعد حديث أبي هريرة الذي هو قبل حديث أنس فيما يليه: «لولا أن أشقَّ على أمَّتي»، والصواب ما في أصلنا القاهريِّ، وقد كتبتُ تجاهها حاشيةً نبَّهت فيها على أنَّ حقَّ هذه المتابعة أن تكون بعد حديث أنس، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (ثلاث)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مغيرةَ).

(1/12882)


[حديث: أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين.]
7242# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، سيأتي ما فيه بُعَيده في التعليق.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيّبِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ ... »)؛ الحديث: اعلم أنَّ هذا الحديثَ كذا أخرجه البُخاريُّ، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قال أبو مسعود: هكذا رواه البُخاريُّ، ولم يقل شعيبٌ عمَّن، انتهى؛ يعني: قال أبو مسعود: إنَّ شعيبًا لم يذكر عمَّن أخذه؛ يعني: الزُّهْرِيَّ، وصدق المِزِّيُّ، فكذا وقفتُ عليه في غير أصلٍ، قال المِزِّيُّ عن أبي مسعود: وإنَّما هو شعيبٌ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سلمة، وقال في حديث [1] ابن مسافر: عن سعيدٍ وحدَه_ يعني: وقال أبو مسعود في حديث ابن مسافر؛ يعني: ذكره البُخاريُّ عن سعيدٍ وحدَه_ وإنَّما هو عن سعيدٍ وأبي سلمة، زاد المِزِّيُّ: وكذلك هو في نسخة أبي اليمان من رواية عليِّ بن مُحَمَّد الحكانيِّ عنه، عن شعيب، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سلمة، وكذلك أخرجه البُخاريُّ في (الصوم) عن أبي اليمان بإسناده، وقال: عن أبي سلمة، انتهى.
قوله: (نَهَى النَّبِيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ): تقدَّم أنَّ (الوصال): صوم يومين فما زاد، من غير أن يتناول بينهما مُفطِرًا، وقد تَقَدَّمَ الكلام في النهي عنه، وأنَّه نهي تحريمٍ _على الأصَحِّ_ على الأمَّة، وأنَّه من خصائصه عليه السَّلام أنَّ له أن يواصل، والله أعلم.
قوله: (أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ): تقدَّم الكلام عليه في (الصوم)، وذكرت فيه أقوالًا، وأنَّ الصحيح منها: يُجعَل فيَّ قوَّة مَن أكل وشرب.
==========
[1] في (أ): (وحديث)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).
[ج 2 ص 841]

(1/12883)


[حديث: إن قومك قصرت بهم النفقة .. ]
7243# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّه سلَّام بن سُلَيم، وتَقَدَّمَ ضبط (سلَّام): أنَّه بتشديد اللام، وأنَّ (سُلَيمًا) بضَمِّ السين وفتح اللام، و (أَشْعَثُ) بعده: هو بالمُثَلَّثَة في آخره، وليس لهم (أشعبُ) بالموحَّدة إلَّا الطامع، وهو فردٌ، والراوي هنا: هو أشعث بن أبي الشعثاء، تَقَدَّمَ.
قوله: (سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَدْرِ: أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»): تَقَدَّمَ أنَّ (الجَدْر) بفتح الجيم، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وهو الحِجْر، وكذا قوله فيما يأتي قريبًا: «أن أُدخِل الجَدْر في البيت»، تَقَدَّمَ الكلام على (الجَدْر)، واختلاف أصحاب الشَّافِعيِّ في مقدار كم هو من البيت، والروايات التي جاءت فيه؛ ففي «البُخاريِّ» و «مسلم»: أنَّه كلَّه من البيت، ورُوِيَ: ستُّ أذرع من الحجر من البيت، ورُوِيَ: ستُّ أذرع أو نحوها، ورُوِيَ: خمس أذرعٍ، وروي: قريبًا من سبع؛ فاعلمه وانظره في (الحجِّ).
قوله: (قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ): (قصَّرت): بفتح الصاد المُشَدَّدة، وفي نسخة: (قصُرت)؛ بضَمِّ الصاد المُخَفَّفة؛ يعني: أنَّ قريشًا لمَّا بنته في زمنه عليه السَّلام؛ فعلَتْ ذلك، وقد قَدَّمْتُ متى بَنَتْه قريشٌ.
قوله: (فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟): تَقَدَّمَ مَن أشار عليهم برفع بابه في مكانه لمَّا بنته قريش في زمنه عليه السَّلام.

(1/12884)


[حديث: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار]
7244# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أَوْ شِعْبًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الشِّعب)، وأنَّه بكسر الشين المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 841]

(1/12885)


[حديث: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ولو سلك الناس ... ]
7245# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ لماذا نُسِب، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد.
قوله: (تَابَعَهُ أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الشِّعْبِ): الضمير في (تابعه) يعود على عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيِّ، فرواه أبو التَّيَّاح _وقد تَقَدَّمَ ضبطه، واسمه يزيد بن حُمَيد الضُّبَعيُّ_ عن أنسٍ، وهذه المتابعة _وإن شئت؛ سمَّيتها شاهدًا_ أخرجها البُخاريُّ في (فضل الأنصار) عن أبي الوليد، وفي (المغازي) عن سليمان، ومسلمٌ في (الزكاة) عن مُحَمَّد بن الوليد عن غُنْدر؛ ثلاثتهم عن شعبة، عن أبي التَّيَّاح، عن أنس به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 841]

(1/12886)


((95)) (بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ) ... إلى (كِتَاب الاعتِصَامِ)
قوله: (وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً): قال الجوهريُّ في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]: قال ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: الواحد فما فوقه، انتهى، وقال الهرويُّ: يجوز أن يُقال للواحد: طائفةٌ، وقال الثعلبيُّ: اختلفوا في «الطائفة» في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ فقال النَّخَعيُّ ومجاهد: أقلُّه رجلٌ واحد، وقال عطاء وعكرمة: رجلان، وقال ابن زيد: أربعة، وحكى الواحديُّ هذه الأقوال، وزاد عن الزُّهْرِيِّ: أنَّهم ثلاثةٌ فصاعدًا، وعن الحسن: أنَّهم عشرة، وعن قتادة قال: هم نفرٌ من المسلمين، وعن ابن عَبَّاس في رواية: أنَّهم أربعةٌ إلى أربعين، قال الواحديُّ: قال الزَّجَّاج: أمَّا مَن قال: واحد؛ فهو على غير ما عند أهل اللُّغة؛ لأنَّ «الطائفة» في معنى «جماعة»، وأقلُّ الجماعة اثنان، وأقلُّ ما يجب في الطائفة عندي اثنان، وحكى عن ربيعة بن أبي عبد الرَّحْمَن: الطائفة هنا خمسةٌ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ): الذي أستحضرُه مِن أمرائه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أرسل باذان إلى بلاد اليمن وابنَه شهرًا _كذا قال شيخنا العِرَاقيُّ، وشَهْرٌ هذا: هو ابن باذان، حمَّره الذَّهَبيُّ في «تجريده»، فالصحيح عنده: أنَّه تابعيٌّ، استعمله النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قتله الأسود_ والمهاجرَ بن أبي أميَّة على كندة والصَّدِف، وزيادَ بن لبيد [على] حضرموت،
[ج 2 ص 841]

(1/12887)


وأبا موسى الأشعريَّ ولَّاه زَبيدًا وعَدَن وزَمْع والساحل من أرض اليمن، ومعاذًا الجَنَد، وعتَّابَ بن أَسِيد على مكَّة، وأبا سفيانَ صخرَ بنَ حرب والدَ معاويةَ نجران، وابنَه يزيدَ تيماء، وخالدَ بن سعيد بن العاصي صنعاء، وعمرًا أخاه على وادي القرى، وأبانَ بنَ سعيد بن العاصي وعمرَو بن العاصي عُمَان، وعثمانَ بنَ أبي العاصي على الطائف، ومَحْمِيَةَ الأخماسَ، وولَّى عليَّ بنَ أبي طالب الأخماسَ والقضاءَ باليمن، وعديَّ بنَ حاتم على صدقات طيِّئ وأسَد، وأمَّر الصِّدِّيقَ أبا بكر على الحجَّ سنةَ تسعٍ، وأمَّر عليًّا في النداء: أن لا يحجَّ بعد العام مُشرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت عُريان.
وأمَّا الذين أمَّرهم في البعوث والسرايا؛ فذكرهم أهلُ المغازي والسِّيَر، وإن شئت أن تَقِفَ عليهم؛ فانظر السِّيَر، ومنها: «سيرة أبي الفتح ابن سيِّد الناس»؛ تَجِدْ ذلك بما فيه من خلافٍ فيها، والله أعلم.
قوله: (رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ): (رُدَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12888)


[حديث: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم]
7246# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثقفيُّ، أبو مُحَمَّد الحافظ، أحد أشراف البصرة، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، ثُمَّ مُوَحَّدة بعد الألف، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ، و (مَالِكٌ): هذا هو ابن الحُوَيرث الليثيُّ، أبو سليمان، مالك بن الحُوَيرث بن خَشِيش بن عوف بن جُنْدُع، ويُقال: مالك بن الحويرث بن أشيم بن زبالة بن خَشِيش بن عبد ياليل بن ناشب بن غِيَرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مَناة بن كنانة، سكن البصرةَ، تَقَدَّمَ.
قوله: (مُتَقَارِبُونَ): أي: في السِّنِّ.
قوله: (رَفِيقًا): تَقَدَّمَ بروايَتَيه.
==========
[ج 2 ص 842]

(1/12889)


[حديث: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره]
7247# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (التَّيْمِيُّ): هو سليمان بن طَرخان، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى (طَرخان)، وأنَّه مثلَّثُ الطاء؛ ومعناه: الشريف، خراسانيَّة، و (أَبُو عُثْمَان): هو النهديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللغات في (مَلٍّ).
قوله: (أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ): (أحدَكم): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (أذانُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ.
قوله: (مِنْ سُحُورِهِ): هو هنا بالضَّمِّ [2]، و (السَّحور)؛ بالفتح: اسمُ ما يُؤكَل في السَّحَر، وكذلك (الفَطُور): اسمُ ما يُفطَر عليه، وبالضَّمِّ: اسمُ الفعل، وأجاز بعضهم أن يكون اسمُ الفعل بالوجهين، والأوَّل أكثرُ وأشهرُ، قاله ابن قُرقُول، ولفظ «النهاية»: وهو بالفتح: اسم ما يُتَسَحَّر به من الطعام والشراب، وبالضَّمِّ: المصدرُ والفعلُ نفسُه، وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل: الصوابُ الضمُّ؛ لأنَّه بالفتح: الطعام والبركة، والأجر والثواب في الفعل، لا في الطعام، وقد تَقَدَّمَ.
تنبيهٌ: وقع في أصلنا القاهريِّ: (من سجوده)، وصوابه: (من سحوره)، وقد ضبَّبت عليه في الأصل، وصوَّبت في الهامش: (سحوره)، وهو على الصواب في أصلنا الآخَرِ الدِّمَشْقيِّ.
قوله: (لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ): (قائمَكم): بالنصب مفعولٌ، و (رجع): ثُلاثيٌّ متعدٍّ، قال الله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83]، وهذيل تقول: أرجعه غيرُه، فعلى هذه اللغة يجوز (ليُرجع)؛ بضَمِّ أوَّله، وفي «المحكم» حكى سيبويه: (رجَّعته)؛ بالتشديد.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).
[2] هي في «اليونينيَّة» و (ق) بالفتح.
[ج 2 ص 842]

(1/12890)


[حديث: إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا]
7248# قوله: (حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى رواية: (حتَّى يناديَ بلالٌ).
==========
[ج 2 ص 842]

(1/12891)


[حديث: صلى بنا النبي الظهر خمسًا فقيل: أزيد]
7249# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، تَقَدَّمَ، وللبُخاريِّ فيه وَهَمٌ قدَّمتُه، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.
==========
[ج 2 ص 842]

(1/12892)


[حديث أبي هريرة: أصدق ذو اليدين؟]
7250# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالكٍ صاحبِ المذهب المجتهدِ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، أحد الأعلام.
قوله: (فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذي اليدين، وأنَّ اسمَه الخِرباق، وأنَّه غير ذي الشمالَين على الصحيح، مُطَوَّلًا.
قوله: (أَقُصِرَتِ [1] الصَّلاَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ القاف، وكسر الصاد، وأنَّه يجوز فتح القاف، وضمُّ الصاد، في (باب سجود السهو).

(1/12893)


[حديث: إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة قرآن]
7251# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه مَن هو.
قوله: (بِقُبَاءٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (قُباء)، وأنَّها تذكَّر وتؤنَّث، وتُصرَف ولا تُصرَف، وتُمَدُّ وتُقصَر، وأنَّه على ثلاثة أميالٍ من المدينة المشرَّفة.
قوله: (إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الآتي)، وأنَّه عبَّاد بن نَهِيك، وقيل غيرُه؛ فانظره.
قوله: (أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ): (أُمِر): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَاسْتَقْبِلُوهَا): تَقَدَّمَ الكلام على بائه، وأنَّ الصحيحَ كسرُها.

(1/12894)


[حديث: لما قدم رسول الله المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر]
7252# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام [عليه] في (سورة الأعراف)، و (إِسْرَائِيل): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عَازب.
قوله: (صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا [1]، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا، وما فيه من الروايات، وأنَّ في «مسلم» الجزمَ بـ (ستَّة عشر شهرًا)، مُطَوَّلًا، وما يتعلَّق به في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.
قوله: (أَنْ يُوَجَّهَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بالجيم [2] المُشَدَّدة، وكذا (فَوُجِّهَ): هو بضَمِّ الواو، وكسر الجيم المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل بما فيه من الخلاف في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، وقدَّمت أعلاه اسمَه.

(1/12895)


[حديث: كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة ... ]
7253# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الزاي وإسكانها.
قوله: (كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على الروايات في ذلك، وأنَّه اجتمع من طرقه في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»: أبو طلحة، وأبو أيُّوب، وأبو دُجانة، ومُعاذ بن جبل، وسهيل بن بيضاء، وأبو عبيدة ابن الجرَّاح، وأُبَيُّ بن كعب، وأنَّه مرَّ بي من كلام بعض حفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين: أنَّه كان عندهم الجدُّ بن قيس حين حُرِّمت، فعلى هذا عرفتُ منهم ثمانية، والتاسعُ ذكرتُه عن بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين فيما تَقَدَّمَ، وقد ذكرت ذلك في (سورة المائدة) وغيرِها، وأنَّ في «مسند أحمد»: أنَّهم كانوا أحدَ عشرَ رجلًا، والله أعلم.
قوله: (مِنْ فَضِيخٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الفَضِيخ) بفتح الفاء، وكسر الضاد المُعْجَمَة، وفي آخره خاء معجمة: بُسْرٌ يُشدَخ ويُفضَخُ ويُنبَذ حتَّى يُسْكِرَ في سرعةٍ، وفي الأثر: أنَّه يُلقَى عليه الماءُ والتمرُ، وقيل: يُفضَخ التمرُ ويُنبَذ في الماء، وعليه يدلُّ الحديث.
قوله: (فَجَاءَهُمْ آتٍ): هذا (الآتي) لا أعرف اسمه.
قوله: (حُرِّمَتْ): هو بضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه زيد بن سهل النقيب البدريُّ الجليل، تَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه، زوجُ أمِّ سُلَيم.
قوله: (إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا): هو بكسر الميم، وإسكان الهاء، وبالسين المُهْمَلَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (المِهْراس: حَجَرٌ منقورٌ يُدَقُّ فيه، والهَرْس: الدَّقُّ، ومنه سُمِّيَت: الهريسة)، انتهى، وفي «المطالع»: الحَجَر الذي يُهرَس به الشيءُ، وما يُحتَاج إلى هَرْسه؛ أي: دَقِّه، انتهى، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ أخذه من كلام ابن الأثير، وفي «الصحاح»: (المِهْراس: حَجَرٌ منقورٌ يُدَقُّ فيه، ويُتوضَّأ منه)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

(1/12896)


[حديث حذيفة: لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حق أمين]
7254# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (صِلَةَ): هو ابن زُفَر، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني.
قوله: (لأَهْلِ نَجْرَانَ): (نَجْران): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها بفتح النون، وإسكان الجيم، بلدةٌ معروفةٌ كانت منزلًا للنصارى، وهي بين مكَّة واليمن على نحو سبعِ مراحلَ من مكَّة، تَقَدَّمَت مطوَّلة.
قوله: (فَاسْتَشْرَفَ لَهَا): هو من الإشراف؛ أي: انتصبوا لها.
قوله: (فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ): هو عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمينُ هذه الأمَّة، وأحدُ العشرة رضي الله عنهم، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 843]

(1/12897)


[حديث: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة]
7255# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
==========
[ج 2 ص 843]

(1/12898)


[حديث عمر: وكان رجلًا من الأنصار إذا غاب .... ]
7256# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، و (عُبَيْد بْن حُنِينٍ): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وكسر النون؛ كـ (حُنَين) الوقعة المعروفة، وكالذي يُلبَس من الثياب.
قوله: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّه جاء في بعض طرقه: (وكان لي أخٌ من الأنصار)، وقدَّمت أنَّ أخاه هذا: هو عِتْبَان بن مالك، ويُقال: أوس بن خَوليٍّ، وقدَّمتُ في ذلك كلامًا، ومَن قال القولَين الأوَّلين، وهو ابن بشكوال.
==========
[ج 2 ص 843]

(1/12899)


[حديث: لودخلوها لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة]
7257# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا، وأنَّه لقبُ مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ مَن قال له ذلك فمضَتْ عليه، و (زُبَيْد): بضَمِّ الزاي، ثُمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، وهو ابن الحارث الياميُّ، و (أَبُو عَبْد الرَّحْمَن): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبَيِّعَة السُّلَمِيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الجيش، ومتى كان، ومَن الآمر لهم بدخول النار، في (سَرِيَّةُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ)؛ فانظر ذلك، وانظر ما فيه.

(1/12900)


[حديث: أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم]
7258# 7259# 7260# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (يعقوب بن إبراهيم)؛ فهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (صالح): هو ابن كيسان، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وذكر في الطريق الثانية: (رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اقْضِ لِي بِكِتَابِ اللهِ): وقد قَدَّمْتُ أنَّ الرجل وابنَه الزانيَ والرجلَ الآخرَ وامرأتَه الزانيةَ لا أعرفهم، والله أعلم بهم.
قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه ولا امرأتَه، ولا الآخرَ، ولا ابنَه.
قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ مالكًا قال: (والعَسِيف: الأجير)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الوَلِيْدَةَ): الجارية الصبيَّة، وتَقَدَّمَ أسماءُ المفتين الذين كانوا يُفتون في عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنَّهم سبعة: الخلفاء الأربعة، ومُعاذ، وأُبيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وقيل: أكثر من ذلك، وأنَّ الذين حُفِظَت عنهم الفتوى من الصَّحَابة مئةٌ وثلاثون ونيِّفًا ما بين رجلٍ وامرأةٍ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيْس)، وأنَّه ابن الضَّحَّاك الأسلميُّ، وغَلَطُ مَن غَلِطَ فيه: هو أنس بن مالك، صَغَّره.

(1/12901)


[باب: بعث النبي الزبير طليعة وحده]
قوله: (بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ): (الزُّبَيرَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدر؛ وهو (بَعْث)، و (بَعْثِ): مجرورٌ بالإضافة، و (طليعةً): مَنْصُوبٌ مُنَوَّن على الحال، و (الطليعة): المتقدِّمة لتطَّلِعَ على أمر العدوِّ، وتُشْرِفَ على أخباره، وقد تَقَدَّمَ، ويأتي في الزُّبَير تعقُّبٌ قريبًا، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12902)


[حديث: لكل نبي حواري وحواري الزبير]
7261# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (ابْنُ المُنْكَدِر): هو مُحَمَّد بن المنكدر.
قوله: (نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ [1]): أي: دعاهم، و (النَّدْب) أيضًا: الحثُّ على الشيء.
قوله: (فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ): أي: أجاب، كذا هو في الحديث، والمشهور أنَّ الذي توجَّه ليأتيَ بخبر القوم: حذيفةُ بن اليماني، كما رواه ابن إسحاق وغيره بسنده عنه، وهو في «مسلمٍ» من غير طريق ابن إسحاق.
[ج 2 ص 843]
قوله: (لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحواريِّ)، وتَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام له اثنا عشرَ حواريًّا [2]؛ تسعةٌ من العشرة، سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل ليس منهم، والثلاثةُ الذين هم خارج العشرة: عثمان بن مظعون، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المُطَّلِب، رضي الله عنهم.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: حَفِظْتُهُ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (سفيان) هذا: هو ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (ابن المنكدر): مُحَمَّدٌ.
قوله: (وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ: يَا أَبَا بَكْرٍ؛ حَدِّثْهُمْ عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (أيُّوب)؛ فإنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو بكر): هو مُحَمَّد بن المنكدر، كنيته أبو بكر، ويُقال: أبو عبد الله، كذا في «الكمال» لعبد الغنيِّ: أنَّ كنيتَه أبو بكر، ويُقال: أبو عبد الله، وأمَّا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»؛ فاقتصر على أبي عبد الله، وأمَّا في «الكاشف»؛ فلم يذكر له كنية بالكُلِّيَّة، وأمَّا في «مختصر الكنى» الذي [3] اختصره من كتاب أبي أحمد الحاكم؛ فقال: أبو بكر، وقيل: أبو عبد الله.
قوله: (فَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ: سَمِعْتُ جِابِرًا): في أصلنا: (أحاديثَ)؛ مفتوح الثاء.
قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له هو الراوي عنه؛ عليُّ ابن المَدينيِّ.
قوله: (فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ): يعني: سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (يَقُولُ: يَوْمَ قُرَيْظَةَ ... ) إلى أن قال: (هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ): وذلك لأنَّ الخندقَ لمَّا انفصل عنه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ورجع ووضع السلاح واغتسل؛ جاءه جبريل، فقال له: (اخرج إلى بني قريظة)، فهما متقاربان جدًّا، ولهذا قال سفيان بن عُيَيْنَة: (هو يومٌ واحدٌ)؛ على المجاز والمقاربة، والله أعلم.

(1/12903)


==========
[1] (النَّاس): ليس في «اليونينيَّة».
[2] في (أ): (حوارين)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] في (أ): (التي)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

(1/12904)


[باب قول الله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم}]

(1/12905)


[حديث أبي موسى: ائذن له وبشره بالجنة]
7262# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدمت اللغات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.
قوله: (دَخَلَ حَائِطًا): تَقَدَّمَ ما (الحائط)، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الحائطَ هو الذي فيه بئر أَرِيس.
قوله: (وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ الْبَابِ): تَقَدَّمَ قوله: (ولم يأمُرْنِي)، والجمع بينهما: أنَّه عليه السَّلام لم يأمره بهذا، ولكنَّه لمَّا قرَّرَه على الحفظ؛ فكأنَّه قد أذن له؛ لأنَّ تقريره أحد وجوه السُّنَن، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وفي رواية: (امْلِك علينا البابَ)، ولعلَّه لم يقُل له شيئًا أوَّلًا، ثمَّ قال له ذلك.
قوله: (فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»): تَقَدَّمَ أنَّ في بعض طرقه: (وبالخلافة)، وكذلك في عمر، وكذا في عثمان، رضي الله عنهم.
==========
[ج 2 ص 844]

(1/12906)


[حديث: جئت فإذا رسول الله في مشربة له]
7263# قوله: (عَنْ يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح.
قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المشربة)؛ بفتح الراء وضمِّها: كالغرفة، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.
قوله: (وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الغلامَ الأسودَ: هو رَباح؛ بفتح الراء، وبالموحَّدة، مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
==========
[ج 2 ص 844]

(1/12907)


[باب ما كان يبعث النبي من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد]
قوله: (دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بكسر الدال المُهْمَلَة وفتحِها، ابن خليفة بن فَضالة بن فروة الكلبيُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وما معنى (دِحية)، قال السُّهَيليُّ: بلسان أهل اليمن: الرئيس.
قوله: (بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى: أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ): (عظيم بصرى): هو الحارث بن أبي شَمِر، قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ، كما تَقَدَّمَ، و (قيصر): هو مَلِكُ الروم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مَن مَلَك الرومَ؛ فهو قيصرٌ مع غيره، وهذا المَلِك هو هرقل، وقد قدَّمتُه بِلُغَتَيه وما يتعلَّق به، وأنَّه هلك على نصرانيَّته سنة عشرين من الهجرة.

(1/12908)


[حديث: أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى.]
7264# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى): بعث عليه السَّلام بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهميِّ، وقد جاء مصرَّحًا به في حديث يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام إنَّما خصَّ به عبدَ الله بنَ حذافة؛ لأنَّه كان يتردَّد إلى بلادهم، ويختلفُ إليهم كثيرًا، وقيل: إنَّ الذي مضى بكتابه عليه السَّلام إلى كسرى خُنَيس بن حذافة، أخو المذكور، وقيل: شجاع بن وهب الأسديُّ، ذكر ذلك ابن بشكوال في «مبهماته»، وفي ذكر خُنَيس نظرٌ؛ لأنَّ خُنَيسًا أصابته جراحةٌ بأُحُد فمات منها، وليس ذلك بشيء، والمعروف أنَّه مات بالمدينة على رأس خمسةَ عشرَ شهرًا بعد رجوعه من بدر، وأين هذا من بَعثه عليه السَّلام إلى الملوك؛ كسرى وغيره؟! وقد قَدَّمْتُ متى بَعَث إلى الملوك.
قوله: (فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ): (عظيم البَحْرين): هو المنذر بن ساوى، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه هل أسلم، وهل وَفَد، أم لا، والله أعلم.
قوله: (فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيّبِ): قائل: (فحسبت أنَّ ابنَ المُسَيّب قال): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، وهذا قوله: (فحسبت ... ) إلى آخره: هو في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، وقوله: (فدعا عليهم ... )؛ الحديث: هذا مرسلٌ؛ لأنَّ سعيدَ بنَ المُسَيّب تابعيٌّ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 844]

(1/12909)


[حديث: أذن في قومك يوم عاشوراء أن من أكل فليتم بقية يومه]
7265# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.
قوله: (لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ: أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ _أَوْ فِي النَّاسِ_ يَوْمَ عَاشُورَاءَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه هند بن أسماء، كذا قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق له شاهدًا، وأظنُّه من «مسند ابن رِشدين»، وصواب هذا الاسم: هند أخو أسماء بن جارية؛ بالجيم، وبالمُثَنَّاة تحت، ويقال: بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الراء مُثَلَّثَة، وقد تَقَدَّمَ في (كتاب الصوم)، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: إنَّه هند بن أسماء بن جارية، رواه أحمد في «مسنده» في ترجمة هند بن أسماء، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم).

(1/12910)


[باب وصاة النبي وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم]
قوله: (بَابُ وَصَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال أهل اللغة: أوصيتُه ووصَّيته بكذا، وأوصيتُ ووصَّيت له، وأوصيت إليه: جعلتُه وَصيًّا، قال الجوهريُّ: أوصيتُ له بشيء، وأوصيتُ إليه؛ إذا جعلتَه وَصِيَّك، والاسم: الوصَاية؛ بالكسر والفتح، وأوصيته ووصَّيته أيضًا إيصاءً وتوصيةً بمعنًى، والاسم: الوَصَاة، والله أعلم.
قوله: (وُفُودَ الْعَرَبِ): (وفود): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو مَنْصُوبٌ هنا؛ لأنَّه مفعولُ المصدر؛ وهو (وَصَاة).
==========
[ج 2 ص 844]

(1/12911)


[حديث ابن عباس: مرحبًا بالوفد والقوم غير خزايا ولا ندامى]
7266# قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة البقرة)، و (النَّضْر)؛ بالضاد المُعْجَمَة: هو ابن شُمَيل الإمام، و (أَبُو جَمْرَةَ)؛ بالجيم والراء: نصر بن عِمران الضُّبَعيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الوفد)، وتَقَدَّمَ أنَّ وفدَ عبد القيس كانوا أربعةَ عشرَ، ويُقال: أربعين، وقد عرفتُ أنا منهم جماعةً ذكرتُهم في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ خمسةَ عشرَ، وأنَّهم وفدوا عام الفتح قبل خروجه عليه السَّلام إلى مكَّة، وذكرت أيضًا الأربعين، والله أعلم.
قوله: (غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى): تَقَدَّمَ الكلام في (الكتاب) المشار إليه أعلاه.
قوله: (نَدْخُلْ بِهِ الْجَنَّةَ): هو بجزم (ندخلْ): جوابٌ، ويجوز رفعه [1]، وكذا (نُخْبِرُْ بِهْ) المعطوف عليه.
قوله: (وَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ)، و (المُقَيَّر)، وتَقَدَّمَ الكلام هل نُسِخَ الانتباذُ في هذه الأواني الأربعة، وهو قول الأكثر؛ لحديث بُرَيدة في «مسلم»، أو لم يُنسَح، وهو قول طائفة يسيرة، في (الكتاب) المشار إليه.
==========
[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

(1/12912)


[باب خبر المرأة الواحدة]

(1/12913)


[حديث: كلوا أو اطعموا ولكنه ليس من طعامي]
7267# قوله: (قَالَ: قَالَ [1] الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، أحد الأعلام.
قوله: (فِيهِمْ سَعْدٌ): (سعد) هذا في هذا الحديث _وهو في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «ابنِ ماجه» _: لم ينسب [2]، ولعلَّه سعدُ بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحدُ العشرة.
قوله: (فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه المرأة من أزواجه عليه السَّلام تَقَدَّمَ أنَّها ميمونةُ أمُّ المؤمنين، كذا في «مسلم».
قوله: (فَأَمْسَكُوا): هو فعلٌ ماضٍ، لا أمر.
قوله: (كُلُوا، أَوِ: اطْعَمُوا [3]): (اطعَموا): هو بهمزة وصلٍ _لأنَّه ثُلاثيٌّ_ وفتح العين؛ ومعناه: كلوا، ولكن شكَّ الراوي هل هذا أم هذا؛ محافظةً على لفظ النبوَّة، وكذا صَرَّحَ بالشكِّ في آخر الحديث، فقال: (شَكَّ فِيهِ) [4].

(1/12914)


((96)) (كِتَابُ الاعْتِصَامِ) ... إلى (بَاب مَا جَاءَ فِي اجتِهَادِ القُضَاةِ)
(الاعْتِصَامِ): يُقال: اعتصمتُ بالله؛ إذا امتنعتَ بلُطْفِه من المعصية، و (العِصمة)؛ بالكسر: المنعُ، يُقال: عصمه الطعام؛ أي: منعه من الجوع.
==========
[ج 2 ص 845]

(1/12915)


[حديث: يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية ... ]
7268# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وكذا هو في نسخة مسمًّى منسوبًا إلى أبيه، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (مِسْعَر): هو ابن كدام، و (غَيْره): لا أعرفه.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: إنَّه كعب الأحبار، كما أخرجناه من «المعجم الأوسط» للطبرانيِّ، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هذا من عند ابن شيخِنا، وفيه نظرٌ قدَّمْتُه في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ، وَمِسْعَرٌ قَيْسًا، وَقَيْسٌ طَارِقًا): أمَّا (سفيان) _وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة_؛ فهو مُدَلِّس، وقد عنعن في السند، فاحترز بسماعه من مسعر؛ لِما يُخْشَى من عنعنة المدلِّس، وقد تَقَدَّمَ أنَّ عنعنةَ سفيانَ بنِ عُيَيْنَة تُقبَل، وأنَّ الخلافَ في غيره من المدلِّسين، وتَقَدَّمَ مَن خصَّ الخلافَ بغيره، والله أعلم.
وأمَّا (مسعر بن كدام)؛ فلا أعلمه نُبِز به، وكذلك (قيس بن مسلم)، ولكن أحبَّ أن ينصَّ على سماع مِسْعَر من قيس، وقيسٍ من طارقٍ؛ ليخرجَ مِن خلاف مَن خالف في العنعنة وإن لم تكن من مُدَلِّس، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 845]

(1/12916)


[حديث: أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم ... ]
7269# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق.
==========
[ج 2 ص 845]

(1/12917)


[حديث: اللهم علمه الكتاب.]
7270# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد.

(1/12918)


[حديث: إن الله يغنيكم بالإسلام وبمحمد]
7271# قوله: (سَمِعْتُ عَوْفًا): هذا هو عوف الأعرابيُّ، ابن أبي جَمِيلة، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو المِنْهَال): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه سَيَّار بن سَلَامَة، و (أَبُو بَرْزَةَ): اسمه نضلة بن عبيد على الصحيح، وقيل: نضلة بن عائذ، وقيل: ابن عبد الله، صحابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه.
قوله: (إِنَّ اللهَ يُغْنِيكُمْ _أَوْ: نَعَشَكُمْ_ بِالإِسْلاَمِ وبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَقَعَ هَهُنَا: «يُعتِبُكُمْ» [1]، وَإِنَّمَا هُوَ: «نَعَشَكُمْ») [2]: كذا في أصلنا، لكن على (نَعَشَكم): (لا ... إلى)، وعليها علامة راويها، وعلى قوله: (قال أبو عبد الله ... ) إلى آخره: أنَّه نسخة، وعليها علامة راويها، وبعد هذا أيضًا ما لفظه: (يُنْظَر فِي أَصْلِ «كِتَابِ الاعتصام»)، وعلى هذا القدر: (لا ... إلى)، وبعد (لا): (س)؛ إشارةً إلى راويه، وليس هذا كلُّه في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والذي فيه: (إنَّ الله يُغنِيكم _أو نَعَشَكم_ بالإسلام ومُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، انتهى.
فقوله: (يُغْنِيْكم): بضَمِّ أوَّله، ثُمَّ غين معجمة ساكنة، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، كذا قُيِّدَ بالقلم، من الغِنَى الذي هو ضِدُّ الفقر، و (نَعَشَكم): بفتح النون والعين المُهْمَلَة والشين المُعْجَمَة، ومعنى (نَعَشَكم): رَفَعَكُم، قال ابن قُرقُول بعد أن فسَّره بـ (رَفَعَكُم): (كذا في «الاعتصام» لابن السكن، وعند كافَّة الرواة: «إنَّ الله يُغْنِيكم»، وحكى المستملي عن الفِرَبْريِّ أنَّه قال: «هكذا وقع هنا، وإنَّما هو «نَعَشَكم»؛ فليُنظَر في أصل البُخاريِّ»)، انتهى.
وقد رأيت في حاشية عن الإمام الصغانيِّ اللُّغَويِّ لفظها: (الصواب: «نَعَشَكم»، و «يُغنيكم» تصحيفٌ، وقد خرَّجه الإسماعيليُّ وابنُ عمارة على الصِّحَّة دونَ الشكِّ)، انتهت، وفي هذا اللفظ أيضًا _كما تَقَدَّمَ_: (يُعتِبكم): رُباعيٌّ، وبعد العين المُهْمَلَة مُثَنَّاةٌ فوق مكسورةٌ، ثُمَّ مُوَحَّدةٌ، من العتب؛ وهو المَوْجِدَة والعِتَاب، مخاطَبَةُ الإدلالِ، وأعتبني فلانٌ؛ إذا عادَ إلى مسرَّتي.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي (ق) وهامش «اليونينيَّة»: (يُغْنِيكُم).
[2] قوله: (قال أبو عبد الله ... ) ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ عن المستملي وفي نسخة لابن عساكر.

(1/12919)


[ج 2 ص 845]

(1/12920)


[حديث: أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه ... ]
7272# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ): تَقَدَّمَ مترجمًا، وكذا مروان والده، وليس بصحابيٍّ، ولا له سماعٌ ولا رؤيةٌ؛ أعني: مروان.
قوله: (أُقِرُّ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر القاف، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتُ): هو بضَمِّ تاء المتكلِّم في آخره، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

(1/12921)


[باب قول النبي: «بعثت بجوامع الكلم»]
قوله: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ): (بُعِثتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (جوامعُ الكَلِم): تَقَدَّمَ أنَّه القرآنُ العظيم.
==========
[ج 2 ص 845]

(1/12922)


[حديث أبي هريرة: بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب ... ]
7273# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وتَقَدَّمَ أنَّ غيرَه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.
[ج 2 ص 845]
قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضَمِّ التاء، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومعناه أي: رأيت نفسي.
قوله: (أُتِيتُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مضموم تاء المتكلِّم.
قوله: (خَزَائِنِ الأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام على (مفاتيح خزائن الأرض).
قوله: (فَوُضِعَتْ فِي يَدِي): (وُضِعَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره تاء التأنيث الساكنة، و (يديْ): بإسكان الياء.
قوله: (تَلْغَثُونَهَا، أَوْ: تَرْغَثُونَهَا): هو بفتح المُثَنَّاة فوق أوَّله، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ غين معجمة مفتوحة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة، والثانية مثلها، إلَّا أنَّها بالراء بدل اللام، قال ابن قُرقُول: («تلغثونها، أو ترغثونها»؛ أي: ترضعونها، والراء هنا هو المعروف، ولا يُعرَف اللام في هذا)، وقال في (الراء والغين)؛ يعني: المُعْجَمَة: («ترغثونها»؛ أي: ترضعونها، ورَغثُ العيش: سَعته)، انتهى، ونحوُه لابن الأثير في (رغث)، وأمَّا في (لغث)؛ فقال: أي: تأكلونها، من اللِّغيث؛ وهو طعامٌ يُغَشُّ بالشعير، ويُروى: (ترغثونها)؛ أي: ترضعونها.

(1/12923)


[حديث: ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله أومن عليه ... ]
7274# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (سَعِيد) بعده: هو سعيد بن أبي سعيد المقبريُّ، و (أَبُوه) أبو سعيد: اسمه كيسان، مولى بني ليث، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ ... ): (أُعطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ما مثلُهُ): بالرفع، وقد قَيَّدهُ بذلك الشيخ محيي الدين النَّوويُّ، وهو ظاهِرٌ.
قوله: (أُومِنَ _ أَوْ: آمَنَ_ عَلَيْهِ الْبَشَرُ): قال الشيخ محيي الدين: معنى هذا الكلام: أنَّ كلَّ نبيٍّ أُعطِيَ من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء، فآمن به البشر، وأمَّا معجزتي الظاهرة؛ فهي القرآن الذي لم يُعطَ أحدٌ مثلَه؛ فلهذا قال: «أنا أكثرهم تابعًا يوم القيامة»، وقيل في معناه غيرُ ذلك، فإن شئت زيادةً؛ فانظر «شرح مسلم» للنوويِّ في (كتاب الإيمان)، وسيأتي كلام صاحب «المطالع» قريبًا أيضًا، والله أعلم.
قوله: (أُومِنَ _أَوْ: آمَنَ_ عَلَيْهِ الْبَشَرُ): قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (آمَنَ عليه البشر): بمدِّ الهمزة، وفتح الميم، وقال ابن قُرقُول: (ما مثله آمَنَ عليه البشر)، وفي بعض روايات «الصحيح»: (أُومِنَ عليه البشر)، وكتبه بعضهم: (ائتمن)، وكلُّه راجعٌ إلى معنى الإيمان، وروى القابسيُّ: (أَمِنَ)؛ من الأمان، وليس موضِعَه، وإنَّما معنى الإخبار: أنَّ الله تعالى أيَّد كلَّ نبيٍّ بعثه من الآيات _يعني: المعجزات_ بما يصدِّق دعواه، وتقوم به الحُجَّة على مَن دعاه، إلَّا أنَّ الذي أوتيَهُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وحيٌ يُتلَى، ومعجزةٌ تدوم بعده وتبقى، انتهى.
وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (فضائل القرآن)، وقد تكلَّم القاضي عياض في «الشفا» في أوائله بكلامٍ هو الذي ذكره ابنُ قُرقُول أو نحوُه، وذكره في مكانٍ آخَرَ من «الشفا» فأشبع،
قوله: (وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُتِيتُ): كذا في أصلنا، والصواب: (أُوتِيتُ) [1].
==========
[1] وكذا في «اليونينيَّة»، وقد أُصلِحت في هامش (ق).
[ج 2 ص 846]

(1/12924)


[باب الاقتداء بسنن رسول الله ... ]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مترجمًا، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ): (يَدَعُوا): بفتح الدال؛ أي: يتركوا، وفي نسخة: (ويَدْعُوا الناسَ إلى الخير)؛ من الدعاء، وكلاهما حسنٌ.
==========
[ج 2 ص 846]

(1/12925)


[حديث: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها ... ]
7275# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق، كما تَقَدَّمَ في (الحجِّ)، و (وَاصِل): هو واصل بن حيَّان الأحدب، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (شَيْبَة): هذا هو ابن عثمان بن أبي طلحة عبدِ الله بن عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصيٍّ العبدريُّ، أبو عثمان المَكِّيُّ الحَجَبِيُّ، حاجب الكعبة، وكان عثمان بن [أبي] طلحة _والد شيبة هذا_ يُعرَف بالأوقص، قَتله عليٌّ رضي الله عنه يوم أُحُد كافرًا، خرج شيبة إلى حُنين وهو مشركٌ يريد اغتيال النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقذف الله في قلبه الإسلام، فأسلم، وقاتل يوم حُنين وصُبِر يومئذٍ، وقد تَقَدَّمَ في (الحجِّ) في (باب كسوة الكعبة) بأطولَ من هذا، تُوُفِّيَ شيبة سنة (59) من الهجرة، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد في «المسند».
قوله: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ): الضمير في (فيها) يعود على الكعبة، و (الصفراء): الذهب، و (البيضاء): الفِضَّة؛ وذلك لأنَّ في باطن الكعبة كنزًا فيه أموالٌ عظيمةٌ اجتمعت مما يُهدَى إليها، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الحجِّ) أيضًا.

(1/12926)


[حديث: أن الأمانة نزلت من السماء في جذر قلوب الرجال]
7276# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
قوله: (فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الجَذْر) بفتح الجيم، وإسكان الذال المُعْجَمَة، ثُمَّ بالراء؛ وهو الأصل.
==========
[ج 2 ص 846]

(1/12927)


[حديث: إن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد]
7277# قوله: (سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ): هو بإسكان الميم، وبالدال المُهْمَلَة، نسبة إلى القبيلة، وهو مُرَّة بن شَراحيل الطَّيِّبُ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال ابن قُرقُول: («إنَّ الهَديَ هَديُ مُحَمَّد»: بفتح الهاء، ويروى بضمِّها، وهو ضدُّ الضلال)، انتهى، و (الهَدْي)؛ بفتح الهاء، وإسكان الدال: الطريقة والمذهب والسَّمْتُ، تَقَدَّمَ.

(1/12928)


[حديث: لأقضين بينكما بكتاب الله]
7278# 7279# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ.
قوله: (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ الرجلين _زوجَ المرأة ووالدَ الزاني_ لا أعرفهما، كما لا أعرف الزانيَ، ولا التي زنى به، والله أعلم، وتَقَدَّمَ معنى قوله: (لأقضينَّ بينكما بكتاب الله) في (كتاب الصلح).
==========
[ج 2 ص 846]

(1/12929)


[حديث: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى]
7280# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان.

(1/12930)


[حديث: إن العين نائمة والقلب يقظان]
7281# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَبَادة هذا: بفتح العين، وما عدا هذا في «الصحيحين»: عُبَادة؛ بضَمِّ العين)، انتهى، وهذا صحيحٌ، ليس في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «المُوَطَّأ» أيضًا عَبَادة إلَّا والدَ مُحَمَّد بن عَبَادة هذا، ولا أستحضر في الكُتُب السِّتَّة راويًا اسمه عَبَادة؛ بفتح العين، وتخفيف المُوَحَّدة كهذا، و (مُحَمَّد بن عَبَادة) هذا: يروي عن إسحاقَ الأزرقِ، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: صدوقٌ، صاحب نحوٍ وأَدَبٍ، وقال أبو داود: ثقة، أخرج له من الأئمَّة السِّتَّة مَن روى عنه، و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن هارون، و (سَلِيمُ [1] بْنُ حَيَّانَ): هو بفتح السين، وكسر [2] اللام، و (حَيَّان): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، و (سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ): هو بالمدِّ والقصر.
قوله: (جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الملائكة لا أعرف أسماءهم، غير أنِّي رأيت في «التِّرْمِذيِّ» حديثًا عن جابر بن عبد الله لفظه: خرج علينا رسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا، فقال: «إنِّي رأيت في المنام كأنَّ جبريلَ عند رأسي، وميكائيلَ عند رِجلي ... »؛ فذكر نحوه، ونحوُ الحديث الذي في «البُخاريِّ» حديثُ عبد الله بن مسعود في «التِّرْمِذيِّ»، وفيه: «وهل تدري مَن هم؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «هم ملائكة»، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: سمَّى منهم جبريلَ وميكائيلَ، رواه التِّرْمِذيُّ والإسماعيليُّ، انتهى.
قوله: (وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ): (القلبُ): مَرْفُوعٌ على الابتداء، و (يقظانُ): خبره، ولا ينصرف، فهو مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، ويجوز نصب (القلب) عطفًا على (العَيْنَ) الذي هو اسم (إِنَّ)، و (يقظانُ): خبرٌ مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، خبر (إنَّ)، وبالأوَّل ضُبِط في أصلنا، وأمَّا الثاني؛ فلا خفاءَ فيه، وكذا قوله في المكان الثاني في هذا الحديث.

(1/12931)


قوله: (وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً): (المأدبة): بضَمِّ الدال المُهْمَلَة وفتحها، و (الأُدبة): بالضَّمِّ، والأوَّلتان في «الصحاح»، والثلاث في «القاموس»، طعامٌ صُنِع لدعوةٍ أو عُرْسٍ، وقال الجوهريُّ: والأَدْبُ أيضًا: مصدر أَدَبَ القومَ يأدِبُهم؛ بالكسر؛ إذا دعاهم إلى طعامه، والآدِبُ: الداعي، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: ويُقال أيضًا: آدَبَ القومَ إلى طعامه يُؤْدِبهم إيدابًا، حكاه أبو زيد، واسم الطعام: المأدُبة والمأدَبة، وقال ابن القطَّاع: (وأَدَبْتُ القومَ أدْبًا وأُدْبةً، وآدَبْتُهم: صنعتُ لهم طعامًا، واسمه: المأدَبة والمأدُبة)، وقال ابن قُرقُول: («مأدَبة»: بفتح الدال وضمِّها؛ وهي الطعام يُصنَع للقوم يُدعَون إليه، ومن الأَدب: بالفتح، ومن الطعام: بالضَّمِّ، كذا قاله الأصمعيُّ)، انتهى.
فإن كان هذا الطعام صُنِع لإكمال الدار؛ فاسمه الخاصُّ: وَكِيرة، ولا شكَّ أنَّ الطعام لإكمال البناء وَكِيرةٌ، لكن مقتضى كلامِ أهل اللغة الذين وقفتُ على كلامهم: أنَّ الولائم كلَّها يُطلَق عليها: مأدبة، كلُّ فردٍ فرد، والله أعلم.
قوله: (يَفْقَهْهَا): هو مجزومٌ جواب الأمر، و (الفقه): الفهم.
قوله: (وَمُحَمَّدٌ [3] فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا، مبتدأٌ وخبرٌ، وفي هامشه: (فَرَّقَ)؛ بفتح الفاء والراء المُشَدَّدة والقاف: فعلٌ ماضٍ؛ أي: يُفَرِّق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه.
قوله: (تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ جَابِرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن عَبَادة، وهذا يُسَمَّى: تابعًا، والظاهر أنَّ قوله: (تابعه فلان) هو مثل قوله: (قال فلانٌ)، وإذا كان مثلَه؛ فالظاهر أنَّه أخذه عن قُتَيْبَة _وهو شيخه_ في حال المذاكرة، والله أعلم، وقد أخرج متابعة قُتَيْبَة التِّرْمِذيُّ في (الأمثال) عن قُتَيْبَة به، وسيأتي قريبًا ما قال فيه التِّرْمِذيُّ.

(1/12932)


و (ليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (خالد): هو ابن يزيد الجُمَحِيُّ مولاهم، أبو عبد الرحيم البربريُّ ثُمَّ المصري، الفقيه المفتي، عن عطاء بن أبي ربَاح، وسعيد بن أبي هلال، والزُّهْرِيِّ، وجماعةٍ، وعنه: حَيْوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيُّوب، والليث، وطائفةٌ، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: لا بأسَ به، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، وكان ابنُه عبدُ الرحيم من أصحاب مالكٍ الفقهاءِ، أخرج لخالدٍ الجماعةُ.
ومتابعة سعيد بن أبي هلال أخرجها التِّرْمِذيُّ في (الأمثال) عن قُتَيْبَة به، وقال: مرسَلٌ، سعيدٌ لم يُدْرِك جابرًا، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من غير هذا الوجه بإسناد أصحَّ من هذا، انتهى، وكذا قال العلائيُّ في «مراسيله»: إنَّ سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابرًا، قاله التِّرْمِذيُّ وغيره، انتهى، ونقل شيخُنا كلامَ التِّرْمِذيِّ، ثُمَّ قال: وكذا قاله خلف في «أطرافه»: إنَّه لم يسمع من جابر، وإنَّه ليس بمتَّصلٍ، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (سليمان)، وينظر هامشها.
[2] في (أ): (وفتح)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] زيد «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

(1/12933)


[حديث: يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقًا بعيدًا]
7282# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، وتَقَدَّمَ مستنده فيما نقله بعض حفَّاظ عن الخطيب البغداديِّ، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (هَمَّام): هو ابن الحارث النَّخَعيُّ، عن عُمر وعمَّار، وعنه: إبراهيم ووَبَرَة، وكان من العلماء العُبَّاد، مات قبل ابن عَبَّاس، قال ابن سعد: مات في أيَّام الحَجَّاج، وقال ابن حِبَّانَ: مات في إمارة عبد الله بن يزيد الخَطَمِيِّ على الكوفة سنة خمسٍ وستِّين، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسَيل، ويقال: حِسْل، رضي الله عنهما، تقدَّما.
قوله: (فَقَدْ سُبِقْتُمْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (سَبْقًا)؛ بفتح السين، وإسكان المُوَحَّدة: مصدرٌ.
قوله: (لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا): هو بفتح اللام، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: 50]، فهذه لغة نجدٍ، وهي الفصيحة، وأهل العالية يقولون: ضَلِلتُ؛ بالكسر، أضَلُّ.
==========
[ج 2 ص 847]

(1/12934)


[حديث: إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومًا]
7283# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد) بعده: بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة الحارثِ أو عامرِ بن أبي موسى عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ الأميرِ.
قوله: (بِعَيْنَيَّ): هو بتشديد الياء، كذا هو في أصلنا.
قوله: (وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، ومَن هو، في (الرقاق).
قوله: (فَالنَّجَاءَ): بالمدِّ والقصر، فإذا مدَدْتَ؛ ظهرَ إعرابُه، وهو مَنْصُوبٌ، ونصبُه ظاهرٌ.
قوله: (طَائِفَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الطائفة) قريبًا وبعيدًا.
قوله: (فَأَدْلَجُوا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أدْلج؛ بالتخفيف؛ إذا سار من أوَّل الليل، وادَّلج؛ إذا سار آخِرَه، والاسم منهما: الدّلجة؛ بالضَّمِّ والفتح)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (أدْلج) و (ادَّلج) مُطَوَّلًا.
قوله: (عَلَى مَهَلِهِمْ): (المَهَل)؛ بفتح الميم والهاء: التُّؤَدةُ، قال ابن قُرقُول: (على مَهَلَتِهم)؛ أي: على تُؤَدَة وغير استعجال [1]؛ لحفز العدوِّ لهم، وقيل: على تقدُّمهم، ورواه بعضهم بسكون الهاء، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: وأمَّا قوله: (على مهلتهم)؛ فهكذا هو في جميع نُسَخ «مسلم»: (مُهْلتهم)؛ بضَمِّ الميم، وسكون الهاء، وتاء بعد اللام، وفي «الجمع بين الصحيحين»: (مَهَلهم)؛ بفتح الميم والهاء، وهما صحيحان، انتهى.
[ج 2 ص 847]
قوله: (وَاجْتَاحَهُمْ): أي: استأصلهم.
==========
[1] في (أ): (استعال)، والمثبت من مصدره.

(1/12935)


[حديث عمر: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله]
7284# 7285# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو ابن سعد الإمام الجواد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (لَمَّا تُوُفِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ عليه السَّلام، وكم مَرِض، ومتى دُفِن.
قوله: (وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ): (استُخلِف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (عِقَالًا): هو الحبل الذي تُشَدُّ به ركبة البعير، وقد قال البُخاريُّ بُعَيده: (عَنَاقًا، وَهْوَ أَصَحُّ)، و (العَناق): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وتَقَدَّمَ ما هو.
قوله: (قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ): هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر شيخُ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وما قاله ابن بُكَيْر عن الليث أخرجه البُخاريُّ في (استتابة المرتدِّين) عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن عُقَيل به.
قوله: (وَعَبْدُ اللهِ عَنِ اللَّيْثِ): الظاهر أنَّ (عبد الله): هو ابن وهب، أحد الأعلام، وهذا التعليقُ لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وكتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ: («عبيد الله» هذا: هو ابن صالح، وقد وصلها أبو عبيد في كتاب «الأموال»)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 848]

(1/12936)


[حديث: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ... ]
7286# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على عُيَيْنَة هذا، وأنَّه فزاريٌّ، من المُؤَلَّفَة، وقد ذكرت المُؤَلَّفةَ مجموعِين في مكان، لعلَّك لا تجدهم كذلك مجموعِين، شهد عُيَيْنَةُ حُنينًا والطائف، وكان أحمقَ مطاعًا، دخل على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بلا إذنٍ وأساء الأَدَب، فصبرَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على جَفْوَته وأَعرابِيَّتَه، وقد ارتدَّ وآمن بطُلَيحة، ثُمَّ أُسِرَ، فَمَنَّ عليه الصِّدِّيق، ثُمَّ لم يزل مظهرًا للإسلام، وكان يتبعه عشرةُ آلاف قناةٍ، كان من الجرَّارة، واسمه حذيفة، ولقبه عُيَيْنَة؛ لشَتَرٍ في عينه.
قوله: (فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمة الحُرِّ هذا، وأنَّه صحابيٌّ رضي الله عنه، له وفادة، وهو الذي خالف ابنَ عَبَّاس رضي الله عنهم في صاحب موسى، وكان الحرُّ من جُلَساء عمرَ، فاستأذن لعمِّه عُيَيْنَةَ المتقدِّم.
قوله: (وَمُشَاوَرَتِهِ): هو بفتح الواو.
قوله: (أَوْ شُبَّانًا): هو بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة بعدها، وبعد الألف نون، جمع (شابٍّ).
قوله: (فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ؟): هو بنصب (تستأذنَ) جواب الاستفهام.
قوله: (الْجَزْلَ): هو بفتح الجيم، وإسكان الزاي، وباللام؛ أي: العطاء الكبير.
قوله: (وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ): (الوَقَّاف): بفتح الواو، وتشديد القاف، وفي آخره فاء، وهو الذي لا يستعجل في الأمور، وهو (فَعَّال) من الوقوف، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).
[ج 2 ص 848]

(1/12937)


[حديث: ما من شيء لم أره إلَّا وقد رأيته في مقامي]
7287# قوله: (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ): هذه هي فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خُوَيلد، وهي بنت عمِّ هشام بن عروة بن الزُّبَير وزوجتُه، تَقَدَّمَت، و (أَسْمَاء): هي جدَّتها بنت أبي بكر الصِّدِّيقِ، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبَير بِيَسِيرٍ.
قوله: (حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ): هما بالنصب، ونصبُهما ظاهرٌ.
قوله: (أَيَّ ذَلِكَ؟): (أيَّ): هو بتشديد الياء منصوبة، وكذا (لَا أَدْرِي [أَيَّ ذَلِكَ؟]) الثانية.
قوله: (وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ): تَقَدَّمَ الاختلاف في سؤال المَلَكَين هل هو مختصٌّ بالمؤمنين والمنافقين، أو عامٌّ في المؤمن والمنافق والكافر، و أنَّ الصحيحَ: أنَّه عامٌّ، وقدَّمْتُ أنَّ في سؤال الصغار الذين لم يبلغوا الحُلُم قولَين للعلماء؛ وهما وجهان في مذهب أحمد، واختار القرطبيُّ: أنَّهم يُسأَلون، وذكرت أيضًا غيرَهم مُطَوَّلًا؛ فانظر ذلك، وأنَّ مَن عدا أمَّة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأمم الماضية؛ هل يُسأَلون؟ ولم أرَ فيها نقلًا إلَّا ما تفقه فيه ابن القَيِّمِ: أنَّهم يُسأَلون، وكذا رأيتُ القرطبيَّ في «التذكرة» ذكرها، قال ابن القَيِّمِ: فإنَّ كلَّ أمَّة تُسأَل عن نبيِّها، والله أعلم.

(1/12938)


[حديث: دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم]
7288# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَاد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 2 ص 848]

(1/12939)


[باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مَا لَا يَعْنِيهِ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 848]

(1/12940)


[حديث: إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم]
7289# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي أيُّوب المصريُّ، عن جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حَبِيب، وعنه: ابن وهب والمقرِئُ، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة، و (عُقَيْلٌ): بضَمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّمَ، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.
[ج 2 ص 848]
قوله: (إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ): قال القاضي عياض: المراد بـ «الجُرم» هنا: الحدث على المسلمين، لا أنَّه الجُرم الذي هو الإثمُ المعاقَبُ عليه؛ لأنَّ السؤالَ كان مباحًا؛ ولهذا قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «سلوني»، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ بعد أن ذكر هذا عن القاضي: وهذا الذي قاله القاضي ضعيفٌ، بل باطلٌ، والصواب الذي قاله الخَطَّابيُّ وصاحب «التحرير» وجماهير العلماء في شرح هذا الحديث: إنَّ المراد بـ «الجُرْم» هنا: الإثمُ والذَّنْبُ، قالوا: يُقال فيه: جَرَمَ؛ بالفتح، واجترم وتجرَّم؛ إذا أَثِم، قال الخَطَّابيُّ وغيره: هذا الحديثُ فيمَن سأل تكلُّفًا أو تعنُّتًا فيما لا حاجةَ به إليه، فأمَّا مَن سأل لضرورةٍ؛ بأن وقعت له مسألةٌ فسأل عنها؛ فلا إثمَ عليه، ولا عَتَبَ عليه؛ لقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، قال صاحب «التحرير» وغيرُه: فيه دليلٌ على أنَّ مَن [1] عمل ما فيه إضرارٌ بغيره؛ كان آثمًا، انتهى، وكذا قال ابن الأثير في «نهايته» في تفسير (الجُرم) لمَّا ذكر هذا الحديث: الجُرْم: الذَّنْب، وقد جَرَمَ واجترم وتجرَّم، والله أعلم.
قوله: (لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ): (يُحرَّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مشدَّد الراء المفتوحة، و (حُرِّم): كذلك مشدد الراء المكسورة، مبنيَّان للمفعول.

(1/12941)


[حديث: ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم]
7290# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] عَفَّانُ): (إسحاق) هذا: قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد)، و (الاعتصام)، و (التوحيد): (حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا عَفَّانَ)، وكذلك لم يَنْسِب «إسحاقَ عن عَفَّانَ» أبو نصرٍ ولا أحدٌ من شيوخنا في شيءٍ من هذه المواضِعِ، ولعلَّه إسحاق بن منصور، أو إسحاق ابن راهويه، انتهى، وكذا لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا شيخُنا في «شرحه».
و (عَفَّانُ): هو ابن مسلم الصَّفَّار، أبو عثمان الحافظُ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (أَبُو النَّضْرِ): بالضاد المُعْجَمَة، وهو سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة.
قوله: (اتَّخَذَ حُجْرَةً): هي بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم: كلُّ موضعٍ حُجِرَ عليه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).
[ج 2 ص 849]

(1/12942)


[حديث: سئل رسول الله عن أشياء كرهها ... ]
7291# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): الحارث أو عامرٌ القاضي، و (أَبُو مُوسَى): والده، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.
قوله: (رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ»): تَقَدَّمَ أنَّ الرجلَ السائلَ عن أبيه هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، وسيأتي قريبًا مسمًّى، وذكر شيخُنا عن العسكريِّ _كما قدَّمته عنه_: أنَّه أخوه قيسُ بن حذافة، وعبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، أبو حذافة السهميُّ، له هجرتان، وهو أخو خُنَيس بن حذافة السهميِّ، زوجِ حفصة بنت عمرَ أمِّ المؤمنين، رضي الله عنها وعنه.
قوله: (ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ»): هذا الذي قام ثانيًا اسمه سعدٌ، كما ذكرته في (المائدة)، و (سالمٌ مولى شيبة) _ولا أعرف له ترجمة، والله أعلم_[تقدَّم] أنَّه هلك على كفره، وقال بعض المصريِّين: هو سعد بن سالم مولى شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، وقد أوضحته في (كتاب الإيمان).
==========
[ج 2 ص 849]

(1/12943)


[حديث: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت]
7292# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ لماذا نُسِب، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عُمير، و (وَرَّاد): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وتشديد الراء.
قوله: (كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ مسألة الرواية بالكتابة المقرونة بالإجازة والخالية عنها كهذه، وأنَّ الصحيحَ صِحَّتُهما.
قوله: (إنَّ النَّبِيَّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر همزتها على الحكاية.
قوله: (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه رُوِيَ بكسر الجيم وفتحها؛ وهو أكثرُ باختلاف المعنى، وتَقَدَّمَ معناهما، وكذا تَقَدَّمَ الكلامُ على (قِيلَ وَقَالَ)، وعلى (كَثْرَةِ السُّؤَالِ)، وعلى (إِضَاعَةِ الْمَالِ)، وعلى (عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ)، وعلى (وَأْدِ البَنَات)، وعلى (مَنْعٍ)، وعلى (هَاتِ).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نَبِيَّ اللهِ).
[ج 2 ص 849]

(1/12944)


[حديث: قال عمر نهينا عن التكلف]
7293# قوله: (نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ): (نُهِينا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على قول الصَّحَابيِّ: (أُمِرْنا بكذا)، أو: (نُهِينا عن كذا)، وأنَّهما من نوع المرفوع والمسنَدِ عند أصحاب الحديث، وهو الصحيح وقول أكثر [أهل] العلم؛ لأنَّ مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى مَن إليه الأمرُ والنهيُ؛ وهو رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وخالف في ذلك فريقٌ؛ منهم أبو بكر الإسماعيليُّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وذكرت عن بعضهم أنَّ هذا الخلافَ في غير أبي بكر إذا قال ذلك، أمَّا أبو بكر إذا قال ذلك؛ فهو مَرْفُوعٌ بلا خلاف، انتهى، وهو حسنٌ، والله أعلم.
قوله: (عَنِ التَّكَلُّفِ): قال ابن الأثير: أراد كثرةَ السؤال، والبحثَ عن الأشياء الغامضة التي لا يَجِبُ البحثُ عنها، والأخذ بظاهر الشريعة، وقَبول ما أتت به، انتهى، وقال النَّوويُّ في «رياضه»: هو فعلُ وقولُ ما لا مصلحةَ فيه.

(1/12945)


[حديث: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه]
7294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، وتَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ مَدْخَلِي [1]؟ قَالَ: «النَّارُ»): هذا الرجل لا أعرفه، والظاهر أنَّه منافقٌ، والله أعلم.
[ج 2 ص 849]
قوله: (لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ): (عُرِضَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء ساكنة علامة التأنيث، و (الجنَّةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (النَّارُ): معطوفٌ عليه.
قوله: (آنِفًا): تَقَدَّمَ أنَّ فيه المدَّ والقصرَ، وبهما قُرِئ في السبع، وأنَّ معناه: الآن والساعة.
قوله: (فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بضَمِّ العين؛ أي: جانبه وناحيته، كما قال: (فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ) [خ¦749]، وقد قيل: إنَّ عُرْضَ كلِّ شيء: وسطُهُ، وقيل: عُرْضُ الشيء: ذاتُه ونَفْسُه.

(1/12946)


[حديث: في سبب نزول: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء}]
7295# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الحافظ صاعقة، أبو يحيى، وقد قدَّمتُه مترجمًا، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): بفتح الراء، وقال بعضهم: وبضمِّها، و (عُبَادة): بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ فُلَانٌ»): يحتمل هذا الرجل أن يكون عبدَ الله بن حذافة السهميَّ، أو أخوه قيس بن حذافة، ويحتمل أن يكون الرجلَ الآخَرَ الذي قال له عليه السَّلام: «أبوك سالمٌ مولى شيبة»، والرجل الذي قال له [1] هذه المقالةَ: «أبوك سالم»: اسمُه سعدٌ، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.

(1/12947)


[حديث: لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله]
7296# قوله: (حَدَّثَنَا شَبَابَةُ): هو شَبَابة بن سَوَّار؛ بفتح السين المُهْمَلَة، وتشديد الواو، الفزاريُّ، و (وَرْقَاءُ): هو بفتح الواو [1] ممدودٌ، ابن عُمَر اليشكريُّ، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن): هذا هو ابن مَعْمَر بن حزم، أبو طُوالة الأنصاريُّ.

(1/12948)


[حديث: كنت مع النبي في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب]
7297# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.
قوله: (فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحرث)، وعلى (العَسِيب).
قوله: (لَا تَسْأَلُوهُ، لَا يُسْمِعُكُمْ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، ويجيء فيه إعرابان آخران قريبًا: النصب والجزم [1]، وقد تَقَدَّمَ مثلُه.
قوله: (فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ): تَقَدَّمَ أنَّه لم ينزل عليه الوحي في الحال، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لبث خمسةَ عشرَ يومًا حتَّى نزل الوحيُ، وأنَّ في «سِيَرِ التيميِّ وموسى بنِ عقبة»: أنَّه لبث ثلاثةَ أيَّامٍ، والله أعلم، وتَقَدَّمَ أنَّ الذي يظهر: أنَّ هذا اتَّفق مرَّتين؛ فمرَّةً بمكَّة اقترحته اليهودُ لقريش، وهو الذي تأخَّر فيه الوحيُ، ومرَّةً بالمدينة، والله أعلم، وهو الذي نزل فيه الوحيُ في الحال.
قوله: (حَتَّى صَعِدَ): هو بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/12949)


[باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/12950)


[حديث: إني اتخذت خاتمًا من ذهب]
7298# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَت لُغَات (الخاتم)، وأنَّ هذا كان قبل النهي عن الذهب للرجال.
قوله: (فَنَبَذَهُ): أي: طرحه، و (النَّبذ): الطرح، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12951)


[باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 850]

(1/12952)


[حديث: إني لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني]
7299# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ في أوَّل هذا التعليق، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو سَلَمَة): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (لَا تُوَاصِلُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (الوصال)، وأنَّ الصحيح: أنَّه مكروهٌ كراهةَ تحريمٍ، وأنَّ (الوصالَ): صومُ يومين فما زاد، من غير أن يتناولَ بينهما مُفْطِرًا، وأنَّه من خصائصه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ [1]): قَدَّمْتُ فيه أقوالًا؛ أصحُّها: معناه: يجعل فيَّ قوَّة مَن أكل وشرب.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ويسقيني).
[ج 2 ص 850]

(1/12953)


[حديث: المدينة حرم من عير إلى كذا]
7300# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد بن شَريك التيميُّ.
قوله: (مِنْ آجُرٍّ): (الآجُرُّ)؛ بمدِّ الهمزة، وضمِّ الجيم، وتشديد الراء: الذي يُبْنَى به، فارسيٌّ مُعَرَّب، ويُقال له أيضًا: آجُور؛ على (فَاعُول).
قوله: (إِلَّا كِتَاب اللهِ): يجوز في (كتاب) النصبُ والرفعُ.
قوله: (وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في هذا ردًّا على الرافضة الذين يقولون: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اختصَّ عليًّا وأهلَ البيت بعلمٍ لم يُطْلِع عليه غيرَهم، وهذا سيِّد أهل البيت قد قال ما قال.
قوله: (مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا): تَقَدَّمَ أنَّ (عَيْرًا) بفتح العين المُهْمَلَة، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] عليه وعلى قوله: (إلى كذا) في (الحجِّ)؛ فانظره في (باب تحريم المدينة)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا)، وعلى قوله: (ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ)، وعلى: (يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ)؛ يعني: العبدَ والمرأةَ، وعلى: (مَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا)؛ أي: نقض عهده، وعلى قوله: (وَمَنْ [1] وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَن)؛ بلا واو.
[ج 2 ص 850]

(1/12954)


[حديث: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه.]
7301# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) قريبًا أعلاه وبعيدًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (مُسْلِمٌ): هو مسلم بن صُبَيح، أبو الضُّحى، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا تَرَخَّصَ فِيْهِ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه الفطر في السفر فيما ظهر لي، والله أعلم، وتَقَدَّمَ كلامُ شيخِنا بذلك.

(1/12955)


[حديث: كاد الخيران أن يهلكا.]
7302# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صحابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ.
قوله: (كَادَ الْخَيِّرَانِ ... ) إلى آخره [1]: هذا مرسلٌ؛ لأنَّ ابنَ أبي مُلَيْكَة تابعيٌّ، وقد ذكر قصَّةً لم يُدْرِكْها، ولو شاهدها؛ لكان صحابيًّا، وقد روى هذه القصَّةَ بعضُهم عن ابن أبي مُلَيْكَة مرسلةً ولم يذكر ابن الزُّبَير، وبعضُهم مسندةً؛ أعني: موصولةً، والموصولُ منها هنا من قوله: (فكان عمر [2] ... ) إلى آخره، وإن كان بلفظ: (قال ابنُ الزُّبَير)، ولم يقل ابن أبي مُلَيْكَة: حدَّثَنِي، ولا لفظًا يقتضي الاتِّصال، إلَّا أنَّ الشخص إذا لم يكن مُدَلِّسًا كهذا، وقال: (عن)، أو: (أنَّ)، أو: (قال فلانٌ)، وكان قد أدرك القائلَ؛ فإنَّه يُحمَل على الاتِّصال، والله أعلم.
قوله: (لَمَّا قَدِمَ [3] وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ): تَقَدَّمَ متى قَدِم وفدُ بني تميم.
قوله: (أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ): تَقَدَّمَ الكلام على الأقرع بن حابس، والمشيرُ به: هو عمر بن الخَطَّاب، وقد تَقَدَّمَ ذلك في هذا «الصحيح».
[ج 2 ص 850]
قوله: (وَأَشَارَ الآخَرُ بِغَيْرِهِ): (غيرُه): هو القعقاع بن معبد بن زرارة، والمشير به: هو الصِّدِّيقُ، وتَقَدَّمَ في (سورة الحجرات)، وقد تَقَدَّمَ ما قاله السُّهَيليُّ في «روضه»، وهو أنَّ [أحدَهما] أشار بعمرو بن الأهتم، والآخرَ بالزِّبْرِقَان بن بدر.
قوله: (وَقَالَ [4] ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الصفحة التي قبل هذه.
قوله: (قَالَ [5] ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام.
قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ؛ يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ): المراد بـ (أبيه): جدُّه؛ وذلك لأنَّ أمَّ عبد الله بن الزُّبَير هي أسماءُ بنت أبي بكر عبدِ الله بن أبي قُحافة عثمانَ رضي الله عنهم، وسيأتي بُعَيد هذا وتَقَدَّمَ مثلُه عن الصِّدِّيق.

(1/12956)


قوله: (كَأَخِي السِّرَارِ): هو بكسر السين، وتخفيف الراء، وهي النجوى والكلام المُسْتَسرُّ فيه، وقال في «النهاية»: («السِّرَار»: المساررة؛ أي: كصاحب السِّرار، أو كمثل المساررة يخفض صوته، والكاف صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ)، انتهى، ونقل شيخُنا هنا: أنَّه رُوِيَ عن أبي بكر مثلُ فعلِ عمرَ، رضي الله عنهما، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (سورة الحجرات)، وذكرت هناك بأنَّ القاضيَ عياضًا ذكر ذلك عن أبي بكر في «الشفا».
==========
[1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] في (أ): (ابن الزبير)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[4] في «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ.
[5] في (أ): (كان)، وسياق الكلام يؤيِّد المثبت من مصادره.

(1/12957)


[حديث عائشة: مروا أبا بكر يصلي بالناس]
7303# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام.
قوله: (يُصَلِّي بِالنَّاسِ): كذا في أصلنا بإثبات الياء، وهي لغةٌ، وما بعد هذه من قوله: (فَلْيُصَلِّ)، وكذا (فَلْيُصَلِّ)، وكذا (فَلْيُصَلِّ)؛ كلُّه بحذف الياء.
قوله: (لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ ما معناه.
==========
[ج 2 ص 851]

(1/12958)


[حديث: انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرًا مثل وحرة فلا أراه ... ]
7304# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّمَ أنَّه آدم بن أبي إياس العسقلانيُّ، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابن أبي ذئب، وكذا هو مسمًّى منسوبٌ إلى أبيه في بعض النسخ، وفي أصلنا نسخةٌ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام على (عُويمرٍ) العجلانيِّ، وكذا على (عاصم بن عديِّ).
قوله: (فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعابَها [1]): تَقَدَّمَ، لما فيه من هتك مسلم.
قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيْكُمَا [2]): ظاهر هذا: أنَّ آيةَ اللعان أُنزِلت في عُويمرٍ العجلانيِّ وامرأتِه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح: أنَّها أُنزِلت في هلال بن أُمَيَّة وامرأتِه، وقد ذكرت ذلك في (سورة النور) وغيرِها.
قوله: (مِثْلَ وَحَرَةٍ): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي.
قوله: (أُرَاهُ): هو مُدَلَّس في أصلنا، والظاهر أنَّه بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه؛ وبدليل قوله في الطريق الآخَرِ: (فَلاَ أَحْسِبُهُ [3] إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا).
قوله: (أَسْحَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالسين والحاء المُهْمَلَتين، وأنَّ معناه: أسود.
قوله: (أَعْيَنَ): تَقَدَّمَ معناه.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (وعَابَ).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية الدمياطيِّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فِيكُمْ).
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أحسِبُ).
[ج 2 ص 851]

(1/12959)


[حديث عمر: لا نورث ما تركنا صدقة ... ]
7305# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّ ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ) ابْنِ الحَدَثَانِ (النَّصْرِيُّ)؛ بالنون، والصاد المُهْمَلَة: منسوبٌ إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وتَقَدَّمَ الكلام في ترجمته.
قوله: (حَتَّى أَدْخُل): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد قُرِئ به في السبع: {حَتَّى يَقُول الرَّسُولُ} [البقرة: 214]، وقد قَدَّمْتُ تعلِيلَه.
قوله: (حَاجِبُهُ يَرْفَا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بغير همز، ومنهم مَن هَمَزه.
قوله: (الرَّهْطُ؛ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (النفر).
قوله: (فَقَالَ: اتَّئِدُوا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى: (أَنْشُدُكُمْ)، وأنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكم، وكذا قوله: (أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ)، وكذا [2] الثانية وما بعدها، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ)، وأنَّها مرفوعةٌ مُنَوَّنةٌ، وكذا لرواته، خلافًا للإماميَّة، وتَقَدَّمَ ردُّه.
قوله: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى [3] خَصَّ رَسُولَهُ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة: ابتدائيَّة، وقوله: (خَصَّ رَسُولَهُ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فِي هَذَا الْمَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فرض الخُمس)، وكذا (وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: الانفراد.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يرفأ)؛ بالهمز.
[2] زيد في (أ): (وكذا)، وهو تكرار.
[3] (تعالى): ليس في «اليونينيَّة»، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (كان).
[ج 2 ص 851]

(1/12960)


[باب إثم من آوى محدثًا]
قوله: (مَنْ آوَى مُحْدِثًا): تَقَدَّمَ أنَّ (آوى) هنا: ممدودٌ؛ وذلك لأنَّه متعدٍّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (آوى) [إن] كان لازمًا؛ كان فيه لغتان، والأفصح: قصر الهمزة، وأنَّه متى كان متعدِّيًا؛ كان فيه لغتان أيضًا، والأصحُّ: مدُّ الهمزة، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُحدِث): الآثم، وقيل: عامٌّ في جميع الجنايات والحدث في الدين.

(1/12961)


[حديث عاصم: قلت لأنس: أحرم رسول الله المدينة؟]
7306# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، قال أحمد وغيرُه: ثقة، انتهى، وله ما يُنكَر، وقد اجتنبها أصحاب «الصحيح»، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، و (عَاصِمٌ) بعده: هو الأحول عاصم بن سليمان.
قوله: (مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا): تَقَدَّمَ أنَّه ما بين عَيْر إلى ثور، وتَقَدَّمَ الكلام عليهما، ومَن أنكر ذلك.
قوله: (قَالَ عَاصِمٌ: فَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: أَنَّهُ قَالَ: أَوْ آوَى مُحْدِثًا): تعليق عاصم لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخُنا: ذكر الدَّارَقُطْنيُّ في «علله»: أنَّ عبد الواحد رواه، فقال في آخره: (قال موسى: أو آوى محدِثًا)، ووَهِمَ في قوله: (موسى بن أنس)، والصحيح ما رواه شَريك وعمرو بن أبي قيس عن عاصم الأحول عن أنس، وفي آخره: (فقال النَّضْر بن أنس: أو آوى محدِثًا)، وقال في «استدراكاته»: هذا وَهَمٌ من البُخاريِّ أو شيخِه _يعني: موسى بن إسماعيل_؛ لأنَّ مسلمًا خرَّجه عن حامد بن عمر عن عبد الواحد، فقال فيه: (فقال النَّضْر)؛ وهو الصواب، انتهى.
==========
[ج 2 ص 851]

(1/12962)


[باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس]
قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 851]

(1/12963)


[حديث: إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعًا]
7307# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر اللام، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، و (ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ): هو بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة.
قوله: (وَغَيْرُهُ): في هامش أصلنا: (هو ابن لَهيعة، قاله أبو ذرٍّ)، انتهى، وفي «تذهيب الذَّهَبيِّ» _والظاهر أنَّه في أصله؛ لأنَّه لم يميِّزه، نقلتُ في ترجمة عبد الله بن لَهيعة_ ما لفظه: (روى له مسلمٌ مقرونًا بعمرو بن الحارث، وفي «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ» له أحاديثُ مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحَا باسمه، ففي بعضها: ابن وهب عن حيوة بن شريح، وفي بعضها: عن عمرو بن الحارث ورجلٍ آخَرَ)، انتهى.
و (أَبُو الأَسْوَد): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نوفل، يتيم عروة، تَقَدَّمَ.
[ج 2 ص 851]
قوله: (يُسْتَفْتَوْنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَيُفْتُونَ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ [1]): هو بفتح الأولى، وضمِّ الثانية، ويجوز العكسُ، والضبطُ الأوَّل أحسنُ.
قوله: (ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو): (إنَّ): بكسر همزتها؛ لأنَّها ابتدائيَّةٌ.
قوله: (فَقَالَتْ: يَا بْنَ أُخْتِي): تَقَدَّمَ أنَّ عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام أمُّه أسماءُ بنت أبي بكر، وأنَّه ابن أخت عائشةَ لأبيها، أمُّ أسماء ليست بأمِّ رُومان، وقد قدَّمتُ الاختلافَ في اسم أمِّها: أنَّها قَيلة أو قُتَيلة.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق) بالحمرة، وهي رواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ)؛ على العكس.

(1/12964)


[حديث: يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم]
7308# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، و (أَبُو حَمْزَةَ) بعده: هو بالحاء والزاي، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ المروزيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، لا أنَّه يبيع السُّكَّرَ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.
قوله: (صِفِّينَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأين هي، وأنَّها يُقال لها: صِفُّون.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها نطقًا وكتابةً في أوائل هذا التعليق؛ فانظره، وسأذكره في أواخره أيضًا إن شاء الله تعالى.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَبُو وَائِلٍ).
قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.
قوله: (يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ): يعني: يوم صلح الحديبية، وتَقَدَّمَ الكلام على (أبي جندل)، وهو ابن سهيل بن عمرو العامريُّ، وذكرت أنَّ اسمه العاصي، وأنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر، رضي الله عنهما، وأبوه كذلك وفاتُه.
قوله: (يُفْظِعُنَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الظاء المُعْجَمَة المشالة، وتَقَدَّمَ أنَّ (الأمر الفظيع): هو الشاقُّ الشديدُ.
قوله: (وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه شقيق بن سلمة.
قوله: (شَهِدْتُ صِفِّينَ، وَبِئْسَتْ صِفُّونَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى هذه اللغة فيها؛ وهي: (صِفُّون).
==========
[ج 2 ص 852]

(1/12965)


[باب ما كان النبي يسأل مما لم ينزل عليه الوحي]
قوله: (يُسْأَلُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ أيضًا، و (الوحيُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا قوله بعده: (حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ).
قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سُئِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مَقامَ الفاعلِ.

(1/12966)


[حديث: مرضت فجاءني رسول الله يعودني وأبو بكر ... ]
7309# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ عليِّ بن عبد الله): هو ابن عُيَيْنَة، و (ابْن الْمُنْكَدِر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن المنكدر.
قوله: (وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ): (أُغمِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عليَّ): جارٌّ ومجرورٌ.
قوله: (ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ): (الوَضوء) هنا: الماءُ، وهو بالفتح، ويجوزُ ضمُّه، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة.
قوله: (حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ): تَقَدَّمَ في هذا «الصحيح» في (سورة النساء): (فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11])، وقد قَدَّمْتُ هناك كلام الدِّمْيَاطيِّ، وأنَّه غلطٌ من ابن جُرَيجٍ، وَهِمَ في الحديث، وأنَّ الذي نزل في جابر الآيةُ الأخيرةُ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، كذلك رواه شعبة، والثَّوريُّ، وابن عُيَيْنَة، عن مُحَمَّد بن المنكدر، ويؤيِّدُه ما ورد في بعض الطرق قول جابر: (يا رسول الله؛ إنَّما يرثني كلالة ... ) إلى آخر كلامه؛ فانظره في (سورة النساء).

(1/12967)


[باب تعليم النبي أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ... ]
قوله: (بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ): (أمَّتَه): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (تعليم).
==========
[ج 2 ص 852]

(1/12968)


[حديث: ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثةً]
7310# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الأَصْبَهَانِيِّ): تَقَدَّمَ الكلام على (أصبهان) كيف ضبطها، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ): هذه المرأة لا أعرف اسمَها، وقد تَقَدَّمَ أنَّ بعضَ حفَّاظ مِصرَ المُتَأخِّرين قال: إنَّها أسماء بنت يزيد بن السَّكَن، انتهى.
قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأةَ أمُّ مُبَشِّر، وقيل: أمُّ سُلَيم، وقيل: أمُّ هانئ، ذكر ذلك ابن بشكوال، ذكرت ذلك في (الجنائز) وقبلها.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).
[ج 2 ص 852]

(1/12969)


[باب قول النبي: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون]
قوله: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الطائفة من هم، وأين هم، ومعنى (ظاهرين): عالِين غالِبين.
==========
[ج 2 ص 852]

(1/12970)


[حديث: لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله ... ]
7311# قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم.
قوله: (حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا، والجمع بينه وبين الحديث الآخَرِ: «لا تقوم الساعة وفي الأرض مَن يقول: اللهُ اللهُ».
==========
[ج 2 ص 852]

(1/12971)


[حديث معاوية: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين]
7312# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْدٌ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَانَ): صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، الأميرُ عشرين سنةً، والخليفةُ مثلَها، تَقَدَّمَ مترجمًا.

(1/12972)


[باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعًا}]

(1/12973)


[حديث: هاتان أهون]
7313# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.
==========
[ج 2 ص 852]

(1/12974)


[باب مَن شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين قد بين الله حكمهما ... ]
قوله: (بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، وهو اسم مفعولٍ.
قوله: (لِيُفْهِمَ السَّائِلَ): (يُفهِم): بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ، و (السائلَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وفي نسخة: (ليَفْهَم)؛ بفتح أوَّله وثالثه، و (السائلُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وهذان ظاهران.
==========
[ج 2 ص 852]

(1/12975)


[حديث أبي هريرة: هل لك من إبل؟]
7314# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ اسمُه ضمضمُ بن قتادة رضي الله عنه، وقد تَقَدَّمَت زيادةٌ فيه في الشاهد له، و (امرأته): لا أعرف اسمها، و (الولد الأسود): لا أعرف اسمه.
قوله: (مِنْ أَوْرَقَ): تَقَدَّمَ ما (الوُرْقَة).
قوله: (فَأَنَّى ترَى ذَلِكَ؟): هو بفتح التاء وضمِّها؛ ومعناه بالضَّمِّ: تظنُّ، وبهما ضُبِط في أصلنا.

(1/12976)


[حديث: فاقضوا الذي له فإن الله أحق بالوفاء]
7315# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْر)؛ بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة: جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ): هذه المرأة لا أعرفها، وكذا أمُّها، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: تَقَدَّمَ في (الحجِّ) و (النذر عن الميت): أنَّ هذه المرأةَ عمَّةُ سنان بن عبد الله الجهنيِّ، نقلناه من «الأُسْد»، وأنَّ اسمَها غائثة، أو غاثية، انتهى، وكذا ذكرها بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين، وقد ذكرت أنا في (الصوم) هذه المرأةَ.

(1/12977)


[باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى ... ]
(بَابُ مَا جَاءَ فِي اجْتِهَادِ الْقُضَاةِ) ... إلى (كِتَاب التَّوحِيْدِ)
قوله: (وَمَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ): (مَدْح): مصدرٌ بفتح الميم، وإسكان الدال، وهو مجرورٌ بالعطف، و (صاحبَ): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا، والذي أحفظه: (مَدَحَ): فعلٌ ماضٍ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (صاحبَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ [1].
قوله: (مِنْ قِبَلِهِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (من قِيْله)؛ بكسر القاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت؛ أي: قوله، وعليها علامة راويها.
قوله: (وَمُشَاوَرَةِ الْخُلَفَاءِ): (مشاورةِ): بالجرِّ، معطوف على (مدحِ)، و (الخلفاءِ): مجرورٌ مضافٌ.
قوله: (وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْعِلْمِ): (أهلَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (سؤال).
==========
[1] وكذا في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 853]

(1/12978)


[حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته ... ]
7316# قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم) وغيرِه.
قوله: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا): تَقَدَّمَ أنَّ (رجلًا) يُعرَب بالرفع والنصب والجرِّ.
قوله: (حِكْمَةً): تَقَدَّمَ الكلام على (الحكمة) في هذا الحديث في (كتاب العلم).

(1/12979)


[حديث المغيرة: فيه غرة عبد أو أمة]
7317# 7318# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الحجِّ)، و (الشهادات)، و «تفسير {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}»، و {تَبَّتْ}، وفي (الطلاق)، و (الأطعمة)، و (الأدب)، و (الدعاء)، و (التعبير)، و (التوحيد): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أبو مُعَاوِيَةَ)، ثُمَّ ذكر تتمَّة كلامه، وقد ذكرته برُمَّته في (غزوة أُحُد)، والحاصل: أنَّ المكان الذي في (غزوة أُحُد) ومكانًا آخَرَ في (الخصومات) وهذا المكانَ لم يذكرها الجَيَّانيُّ، والظاهر أنَّه لو ظفر بها؛ لقال فيها كما قال في الأبواب التي عدَّدَها.
و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضرير، و (هشام): هو ابن عروة بن الزُّبَير.
قوله: (عَنْ إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الإملاص).
قوله: (يُضْرَبُ بَطْنُهَا): (يُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بطنُها): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فِيهِ غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا.
قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ): فقوله: (عن عروة عن المغيرة): هو في نسخة، والضمير في (تابعه) يعود على هشام بن عروة، و (ابن أبي الزناد)؛ بالنون: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن ذكوان، مولى قريش، أبو مُحَمَّد المدنيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ في المقدِّمة والأربعةُ.
ومتابعة ابن أبي الزناد عن أبيه لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: وصلها الطَّبَرانيُّ، ووقعت لي بعلوٍّ في «أمالي المحامليِّ» من روايته عن البُخاريِّ، عن الأويسيِّ، عن ابن أبي الزناد، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) _ولعلَّه بعد الإصلاح_: (أَخْبَرَنَا).
[ج 2 ص 853]

(1/12980)


[باب قول النبي: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»]
قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ [1] قَبْلَكُمْ»): (السَّنَن): بفتح السين، قال ابن قُرقُول: بفتح السين والنون رَوَيناه؛ أي: طريقهم، وسَنَنُ الطريق: نهجُه، وسُنَنه؛ بالضَّمِّ، وسَنُنه؛ بفتح السين، وضمِّ النون، وكأنَّ هذا جمعُ «سُنَّة»؛ وهي الطريقة، انتهى، وفي «الصحاح»: السَّنَن: الطريقة، يُقال: استقام فلانٌ على سَنَنٍ واحد، ويُقال: امض على سَنَنك وسُنَنِك؛ أي: على وجهك، وجاء من الخيل سَنَنٌ لا يُرَدُّ وجهه، وتنحَّ عن سَنَن الخيل؛ أي: عن وجهه، وعن سَنَنِ الطريق وسُنَنه وسُنُنِهِ؛ ثلاث لُغَات، انتهى.

(1/12981)


[حديث: لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها]
7319# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هو أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذِئْب، و (الْمَقْبرِيُّ): سعيدٌ، بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا): (أَخْذ) في أصلنا: بفتح الهمزة، وإسكان الخاء المُعْجَمَة، قال ابن قُرقُول: («بِإِخَذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا»: كذا ضبطه بعضهم، جمع «إخْذة»؛ مثل: كِسْرَة وكِسَر، وكذا ذكره ثعلب، ومعناه: الطُرُق والأخلاق، يُقال: ما أخذ إِخْذَه؛ بالكسر؛ أي: ما قَصَدَ قَصْدَه، وإِخْذ القوم: طريقهم وسبيلهم، وقال غيره: يُقال: جاء بنو فلان ومَن أَخَذَ إِخْذَهم وأَخْذَهم وأُخْذَهم، وقد ضبطه أكثر الرواة بفتح الهمزة، وسكون الخاء؛ أي: يسلكون سبيلَ القرون المتقدِّمة، ويفعلونَ أفعالَهم، ويتناولون من الدنيا ما تناولوا؛ وهذا كقوله: «لتسْلُكُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ»)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 853]

(1/12982)


[حديث: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراع]
7320# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ، مِنَ الْيَمَنِ): فقوله: (من اليمن): قال ابن قُرقُول: كذا في أصل «البُخاريِّ»، و (من اليمن) ملحقٌ في كتاب الأصيليِّ، وفي «تاريخ البُخاريِّ»: أنَّه من صنعاء الشام، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (هو حفص بن ميسرة، سكن عسقلان، ومات سنة إحدى وثمانين ومئة، قيل: إنَّه من صنعاء الشام)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أيضًا أين صنعاء الشام، وأنَّها قريةٌ كانت بقرب الرَّبْوة من دمشق، وفي «التذهيب»: قال البُخاريُّ وغيرُه: من صنعاء الشام، وقال أبو حاتم: من صنعاء اليمن، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قال المدائنيُّ وغيرُه: مات سنة إحدى وثمانين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومقتضى كلامه أن يكون عليه تصحيحٌ، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ رضي الله عنه.
قوله: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ): (السَّنَن): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا جدًّا.
قوله: (الْيَهُود وَ النَّصَارَى): (اليهودِ): بالجرٍّ؛ لأنَّه بدلٌ من (مَنْ) التي [1] هي بمعنى: الذين، و (مَنْ): مجرورٌ بالإضافة، وهذا بدلٌ منه، ويجوز نصبُه بفعلٍ مُقَدَّر؛ تقديره: تعني [2]، ويجوز الرفع، ويكون خبرًا، والمبتدأ: هم، والله أعلم.
قوله: (فمَنْ؟!): هو بفتح الميم، وإسكان النون، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/12983)


[باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة]

(1/12984)


[حديث: ليس من نفس تقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول ... ]
7321# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الْأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ): تَقَدَّمَ اسمه في (الجنائز)، وأنَّه قابيل، وقيل: ابنان من بني إسرائيل.
قوله: (كِفْلٌ مِنْهَا): أي: نصيبٌ، وقال الخليل: ضِعْفٌ، يُقال: إنَّه يُستَعمَل في الأجر والوِزر، قال الله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد: 28]، وقال: {شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء: 85]، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12985)


[باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم]
قوله: (بَابُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذَكَرَ): مَبْنيٌّ للفاعل، فعلٌ ماضٍ، و (النَّبيُّ) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فاعِلُه.
قوله: (وَحَضَّ): هو فعلٌ ماضٍ، مَبْنيٌّ للفاعل، و (حضَّ) معناه: حثَّ.
ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا على عادته بغير إسناد، ثُمَّ قال: ذكر هذه الترجمة في (كتاب الاعتصام)، فساق فيها الأحاديثَ والآثارَ التي تضمَّنت ذِكْرَ ما يستحقُّ أن يُعتَصَم به ويتميَّزَ [1]؛ من بقعةٍ تُختَار للسكنى، وتُقصَد للبركة [2]، ويُعتَمَد على أهلها في أحكام المِلَّة ونوازلِ الدِّين؛ كالمدينة، وحديثُ ابن عوف أَقْعَدُ بهذا المعنى؛ فإنَّ المدينةَ عادت عليها وعلى أهلها بركةُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حيًّا وميتًا، حتَّى كانت حركاتُه الجِبِلِّيَّةُ فضلًا عن الشرعيَّةِ تفيدها خصوصيَّةً، وتزيدها مزيَّةً؛ مثل خروجه للعوالي على الوجه الذي صارت مسافتها مَعْلَمًا من مَعالِم الصَّلاة، وكذا دارُ كثيرٍ الذي اشتهرت مبانيها في هذا الحديث فصارت مشهدًا للصلاة، وعلى الجملة؛ فإذا كانت مواطنها ومساكنها مفضَّلَةً يقتدى بها في الأحكام مواقيتَ ومشاهدَ؛ فكيف بساكِنِها وعالمها؟! وإذا كان جبلها قد تميَّز على الجبال؛ فكيف لا يتميَّز عالِمُها على العلماء في مزيَّة الكمال؟! وإذا عادت بركةُ كونِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها على الجمادات بالسعادات؛ فكيف لا تعود بركته على أهل الديانات بالمزايا والزيادات؟! فرحمة الله على مالكٍ، لقد أنزلها منزلها، وعفا الله عمَّن كثَّر عليه في الاحتجاج بإجماعها، لقد تزيَّن بالشبهة وقنع بسماعها وإسماعها، فظهر لي من ترجمة البُخاريِّ: أنَّ الله شرح صدره لِما شرحَ له صدرَ مالكٍ من تفضيلها، وأقرَّ قاعدته في الاعتبار بإجماعها على جملتها وتفصيلها، والله أعلم، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (ويُتَيَمَّن).
[2] في (أ): (السكنى ... البركة)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 854]

(1/12986)


[حديث: إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها.]
7322# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ.
قوله: (عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ السَّلَمِيِّ): هو بفتح السين واللام، وقد قَدَّمْتُ أنَّها تُكسَر على لغة، نسبة إلى بني سَلِمة من الأنصار، وأنَّ ابن الصلاح قال: إنَّ كسرَ اللام لحنٌ، انتهى.
قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضَ الحُفَّاظ المصريِّين قال: إنَّ اسمَه قيسٌ.
قوله: (فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ): تَقَدَّمَ ما (الوَعْك)، وتَقَدَّمَ ضبطه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على: (أَقِلْنِي بَيْعَتِي)، وعلى: (الْكِير)، وعلى: (وَيَنْصَعُ طِيبُهَا)، في (الحجِّ).

(1/12987)


[حديث عمر: والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة]
7323# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّ له ما يُنكَر، وأنَّ صاحِبَي «الصحيح» تجنَّبَا ما يُنكَر من حديثه، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (كُنْتُ أُقْرِئُ): هو بهمزة في آخره، من القراءة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (فِي [1] آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا): تَقَدَّمَ أنَّ آخِرَ حَجَّة حجَّها سنةَ ثلاثٍ وعشرين.
قوله: (أَتَاهُ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمَه، وقد تَقَدَّمَ ذلك.
قوله: (إِنَّ فُلاَنًا يَقُولُ: لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ لَبَايَعْنَا فُلاَنًا): (بايعْنا): هو بإسكان العين، والضمير فاعل، و (فلانًا): مفعولٌ، و (فلان القائلُ المتبايِع): لا أعرفه، وأمَّا (المتبايَع) _بفتح المُثَنَّاة تحت_؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه طلحة بن عبيد الله، وقد تَقَدَّمَ من عند بعض الحُفَّاظ المعاصرين من المصريِّين: أنَّ القائلَ الزُّبَيرُ بن العَوَّام، وأنَّ المبايَعَ عليُّ بن أبي طالب.
قوله: (لَأَقُومَنَّ الْعَشِيَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (العشيَّة) و (العشيَّ): من صلاة المغرب إلى العَتَمة.
قوله: (رَعَاعَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرعاع) في (الرجم).
قوله: (أَنْ لَا يُنْزِلُوهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الزاي، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثانية: (وَيُنْزِلُوهَا).
[ج 2 ص 854]
قوله: (فَيُطِيرُ بها كُلُّ مُطِيرٍ): (يُطير): بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (مُطِير): اسمُ فاعلٍ من الرُّباعيِّ، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (فيُطَيَّرُ)؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة مفتوحة، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ، و (مُطَيَّرٍ): بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت المفتوحة، وقد تَقَدَّمَ الكلام في ضبط ذلك في (الرجم).
قوله: (فَأَمْهِلْ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَتَخْلُصَ): هو مَنْصُوبٌ معطوفٌ على (تَقْدَمَ) المنصوب.
قوله: (فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الزاي، مَبْنيٌّ للمفعول وللفاعل أيضًا.

(1/12988)


قوله: (آيَةُ [2] الرَّجْمِ): هو مَرْفُوعٌ، اسم (كان)، سواء بنيت (أنزل) للفاعل أو المفعول، وفي أصلنا: (آية)؛ مَرْفُوعٌ ومَنْصُوبٌ، وفي النصب نظرٌ، و (آية الرجم) المشار إليها هي قوله: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتَّةَ نكالًا من الله والله عزيز حكيم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه الآيةَ نُسِخَ لفظُها إجماعًا، وبَقِيَ حُكمها إجماعًا، وتَقَدَّمَ أنَّها كانت في (سورة الأحزاب)، كما رواه الإمام أحمد في «المسند»، والحاكمُ في «المستدرك».
==========
[1] (في): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] في هامش (ق): («آيةُ»: مرفوعةٌ على كِلَا التَّقديرَين، فإنَّها اسم «كان»، أو قائمةٌ مَقامَ الفاعل).

(1/12989)


[حديث: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط ... ]
7324# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] زيد، والراوي عنه سليمان بن حرب، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ سليمانَ بن حرب أو مُحَمَّدَ بن الفضل عَارم إذا أطلقا حَمَّادًا؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ أو عَفَّانُ أو حجَّاجُ بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وذكرت أنَّه كذلك إذا أطلقه هُدْبَة بن خالد، والله أعلم، وقدَّمت أيضًا غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ ابنَ سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، إنَّما أخرج له مسلمٌ والأربعةُ، والله أعلم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين، أحد الأعلام.
قوله: (وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (المِشْقُ؛ بكسر الميم: المَغْرة، وثوبٌ مُمَشَّقٌ: مصبوغ به)، انتهى، وكذا قال غيره.
قوله: (بَخْ بَخْ): تَقَدَّمَ الكلام على (بَخْ بَخْ) ولُغَاتها.
قوله: (فِي الْكَتَّانِ): هو بفتح الكاف، معروفٌ، وحذف الأعشى الأَلِفَ منه للضرورةِ، فقال:
~…هُوَ الوَاهِبُ المُسْمِعَاتِ الشُّرُّو…بَ بَيْنَ الحَرِيْرِ وَبَيْنَ الكَتَنْ
قاله الجوهريُّ.
قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (وَيُرَى أَنِّي مَجْنُونٌ): (يُرَى): بضَمِّ أوَّله، وفتح ثانيه؛ أي: يُظَنُّ.
==========
[ج 2 ص 855]

(1/12990)


[حديث: سئل ابن عباس: أشهدت العيد مع النبي؟]
7325# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عَابِسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين عبد الرَّحْمَن بن عَائش، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ، وهو شاميٌّ، اختُلِفَ في صحبته، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه مُشبَعًا؛ فانظره.
قوله: (سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشَهِدْتَ الْعِيدَ؟): قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: السائلُ عطاءُ بن أبي رَباح، انتهى.
قوله: (فَأَتَى الْعَلَمَ): هو بفتح العين واللام، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، وهو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ مترجمًا في (العيدين).
قوله: (يُشِرْنَ): هو بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ.

(1/12991)


[حديث: أن النبي كان يأتي قباء ماشيًا وراكبًا]
7326# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (قُبَاءً): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بالمدِّ والقصر، والتأنيث والتذكير، والصرف وعَدَمِه، وأنَّه على ثلاثة أميالٍ من المدينة المشرَّفة.
==========
[ج 2 ص 855]

(1/12992)


[حديث: ادفني مع صواحبي ولا تدفني مع النبي]
7327# 7328# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام.
قوله: (ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي): يعني: مع أزواجه عليه السَّلام بالبقيع، وليست عائشةُ بدمشقَ، بل ولا دخلتها، كما ذكره الحافظ ابنُ عساكر؛ فاعلمه.
قوله: (أَنْ أُزَكَّى): هو بضَمِّ الهمزة، وفتح الزاي، وتشديد الكاف المفتوحة أيضًا، تَقَدَّمَ في (الجنائز)؛ لئلَّا يقولَ الناس: زَكَتْ بهم، فتنجو بالدفن معهم، وشِبْه هذا من القول، وقيل: بل فعلته تواضعًا لله؛ ليرحَمَها، والله أعلم، قاله شيخُنا هناك، وقال هنا: إنَّها تركت ذلك تواضعًا؛ لئلَّا يُظَنَّ أنَّها أفضل الصَّحَابة بعد أبي بكر وعمر، رضي الله عنهم.
قوله: (وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ [1] عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [2]): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة _وهو حَمَّاد بن أسامة كما ذكرته أعلاه_، عن هشام، عن أبيه: أنَّ [3] عمر ... ؛ فذكره، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.
واعلم أنَّ عروةَ بن الزُّبَير روى عن عمرَ أنَّه غرَّب، ثُمَّ لم تزل تلك السُّنَّةَ، رواه البُخاريُّ في (المحاربة) عن مالك بن إسماعيل، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة به موقوفًا، وليس له في «البُخاريِّ» ولا في بقيَّة الكُتُب السِّتَّة عن عمرَ غيرُه، ذكره عقيب حديث عُبَيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد الجهنيِّ فيمن زنى ولم يُحصَن، ولم يُدرِك عروةُ عمرَ، والذي هنا عائشةُ حدَّثَتْهُ بذلك عن عمرَ؛ فاعلمه.
وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ عمر رضي الله عنه تُوُفِّيَ في آخر سنة ثلاثٍ وعشرين، وقدَّمت في (الرجم) أنَّ عروة بنَ الزُّبَير وُلِدَ تلك السَّنَّةَ، وقال مصعبٌ الزُّبيريُّ: وُلِدَ لستِّ سنينَ من خلافة عثمانَ، وُلِدَ سنة تسعٍ وعشرين، انتهى، وقد قال أبو زرعة وأبو حاتم: حديثه عن أبي بكرٍ وعمرَ وعليٍّ مرسلٌ، والله أعلم.
قوله: (مَعَ صَاحِبَيَّ): هو بتشديد الياء، تثنية (صاحب)؛ يعني: النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأبي بكر، رضي الله عنهما، وصلَّى اللهُ على النَّبيِّ وسَلَّمَ.

(1/12993)


[حديث: أن رسول الله كان يصلي العصر فيأتي العوالي]
7329# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ): هذا قد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أخو إسماعيلَ بنِ أبي أويسٍ، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (أبو بكر عبدُ الحميد بن أبي أويسٍ عبدِ الله الأعشى، أخو إسماعيل)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّه وَثَّقَهُ ابنُ معين وغيرُه، ذكره أبو داود، فقدَّمه على أخيه تقديمًا شديدًا، تُوُفِّيَ سنة (202 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان»، ذكر فيها عن الأزديِّ: أنَّه كان يضعُ الحديثَ، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ، فقال: وهذه زلَّةٌ قبيحةٌ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (فَيَأْتِي الْعَوَالِيَ ... ) إلى أن قال: (وَبُعْدُ الْعَوَالِي مِنَ المَدِينَةِ [1] أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاَثَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (العوالي)، والمذكور هنا أدناها، وأبعدُها على ثمانيةِ أميالٍ.
قوله: (وَزَادَ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ: وَبُعْدُ الْعَوَالِي) آخرَه: ما زاده الليث لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: وصلها البيهقيُّ في (كتاب الصَّلاة) من «السُّنَن الكبير»، انتهى.

(1/12994)


[حديث: كان الصاع على عهد النبي مدًا وثلثًا بمدكم اليوم]
7330# قوله: (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ): هو القاسم بن مالك المزنيُّ الكوفيُّ، أبو جعفر، عن ليث بن أبي سليم، وعاصم بن كُلَيب، والجُعَيد بن عبد الرَّحْمَن، وحُصَين بن عبد الرَّحْمَن، وغيرِهم، وعنه: أحمد، وابن معين، وابنا أبي شيبة، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، وقال أحمد: صدوقٌ، وقال أبو حاتم: صالحٌ، ليس بالمتين، وقال زكريَّا السَّاجيُّ: ضعيفٌ، وقد روى عنه ابن المَدينيِّ والناسُ، تُوُفِّيَ سنة نيِّفٍ وتسعين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان».
و (الْجُعَيْد) _ويقال له: الجعد؛ مُكَبَّرًا ومُصَغَّرًا_: هو ابن عبد الرَّحْمَن بن أوس الكنديُّ، ويُقال: التميميُّ، وقد يُنسَب إلى جدِّه، عن السائب بن يزيد، وعائشة بنت سعادة، ويزيد بن خصيفة، وغيرِهم، وعنه: يحيى القَطَّان، وحاتم بن إسماعيل، ومكِّيُّ بن إبراهيم، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، قال مكِّيٌّ: سمعت منه سنة أربع عشرة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ يسيرة في «الميزان»، فيها: شذَّ الأزديُّ فقال: فيه نظرٌ، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، فالعمل على توثيقه.

(1/12995)


[حديث: أن اليهود جاؤوا إلى النبي برجل وامرأة زنيا]
7332# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أنس بن عياض.
قوله: (بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ الرجلَ اليهوديَّ الزانيَ لا أعرف اسمه، وأنَّ المرأةَ اليهوديَّةَ الزانيةَ سمَّاها السُّهَيليُّ: بُسْرة.
قوله: (فَرُجِمَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12996)


[حديث أنس: هذا جبل يحبنا ونحبه]
7333# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.
قوله: (فَقَالَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»): تَقَدَّمَ الكلام، وأنَّ هذه المحبَّةَ حقيقيَّةٌ؛ إذ لا مانعَ منها، وقدَّمْتُ ما ذُكِر غير ذلك فيه.
قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين قوله: «إنَّ الله حرَّم مكَّةَ يوم خلق السماواتِ والأرضَ»، والله أعلم.
قوله: (لَابَتَيْهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (اللَّابَتَين)، وأنَّ (اللَّابة): الحَرَّة، وأنَّ (الحَرَّة): أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.
قوله: (تَابَعَهُ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الضمير في (تابعه) يعود على أنس بن مالك، وقد يُسمَّى هذا أيضًا: شاهدًا، ومتابعةُ سهلٍ ذكرها البُخاريُّ في (الزكاة)، فقال: وقال سليمان _يعني: ابن بلال_ عن سعيد بن سعيد، عن عمارة بن غزيَّة، عن عَبَّاس بن سهل، عن سهل _يعني: ابن سعد الساعديَّ_ به، والله اعلم.
==========
[ج 2 ص 856]

(1/12997)


[حديث: أنه كان بين جدار المسجد مما يلي القبلة وبين المنبر ... ]
7334# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد الحافظُ، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأنَّ (غسَّانَ) يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد الساعديُّ، صحابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 856]

(1/12998)


[حديث: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري ... ]
7335# قوله: (عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة.
قوله: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية مع الرواية الأُخرى: (ما بين قبري ومِنبري)، وقدَّمْتُ في (الصَّلاة) وغيرِها: أنَّ ذَرْعَ ما بين المِنبر والقبر الشريف ثلاثٌ وخمسون ذراعًا وشبرٌ، وأنَّ ذَرْعَ ما بين المِنبر ومَقامِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الصَّلاة الذي يصلِّي فيه حتَّى تُوُفِّيَ أربعةَ عشرَ ذراعًا وشبرٌ، والله أعلم، وقدَّمتُ أنَّ تلك البقعةَ المشرَّفَةَ تُنقَل للجنَّة على الصحيح.

(1/12999)


[حديث: سابق النبي بين الخيل فأرسلت ... ]
7336# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.
قوله: (فَأُرْسِلَتِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (الَّتِي ضُمِّرَتْ): هو بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة، وتشديد الميم المكسورة، مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ ما (التضمير).
قوله: (وَأَمَدُهَا): هو بفتح الميم، و (الأَمَد): الغاية.
قوله: (الْحَفْيَاء): تَقَدَّمَ ضبطها.
قوله: (وَالَّتِي لم تُضَمَّرْ): هو بضَمِّ أوَّله، وتشديد الميم المفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بتقديم الزاي المضمومة على الراء المفتوحة، و (بنو زُرَيق): طائفةٌ من الأنصار.
==========
[ج 2 ص 856]

(1/13000)


[حديث: سمعت عمر على منبر النبي صلى الله عليه وسلم]
7337# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [2] عِيسَى، وَابْنُ إِدْرِيسَ، وَابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ: قال البُخاريُّ في (الاعتصام): (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أخبرنا عِيسَى، وابن إِدْرِيسَ، وابن أبي غَنِيَّةَ، عن أبي حَيَّانَ، عن الشَّعْبِيِّ ... ) إلى آخره، نسبه أبو نصر: إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ، ولم أجده منسوبًا لأحد من شيوخنا رواةِ «الكتاب»، انتهى.
وقال الدِّمْيَاطيُّ تجاه (ابن إدريس): (عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرَّحْمَن، أبو مُحَمَّد الأوديُّ الكوفيُّ، اتَّفقا عليه، وابن أبي غَنِيَّة _يعني: بالغين المُعْجَمَة المفتوحة، وكسر النون، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ_: يحيى بن عبد الملك بن حُمَيد بن أبي غَنِيَّة الكوفيُّ، وأصله من أصبهان، تحوَّل عنها حين فتحها أبو موسى، اتَّفقا عليه، وأبو حَيَّان _يعني: بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، قال الدِّمْيَاطيُّ_: يحيى بن سعيد بن حَيَّان التيميُّ، كوفيٌّ، اتَّفقا عليه)، انتهى، والله أعلم، و (عيسى) هذا المذكور هنا: هو ابن يونس، وقد أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس وعبد الله بن إدريس، عن أبي حَيَّان، عن الشَّعْبيِّ _وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل_ به.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وحدَّثني)؛ بزيادة واو؛ وذلك أنَّ ثَمَّةَ سندًا سابقًا ليس في رواية أبي ذرٍّ، وهذا معطوفٌ عليه تحويلًا، على أنَّ رواية أبي ذرٍّ هنا: (حدَّثَنا).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).
[ج 2 ص 856]

(1/13001)


[حديث: خطبنا عثمان بن عفان على منبر النبي]
7338# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
==========
[ج 2 ص 856]

(1/13002)


[حديث: كان يوضع لي ولرسول الله هذا المركن فنشرع فيه جميعًا]
7339# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (عَبْدُ الأَعْلَى) بعده: هو ابن عبد الأعلى الساميُّ؛ بالسين المُهْمَلَة.
قوله: (هَذَا الْمِرْكَنُ): تَقَدَّمَ ضبط (المِرْكن)، وما هو.
==========
[ج 2 ص 856]

(1/13003)


[حديث: حالف النبي بين الأنصار وقريش]
7340# 7341# قوله: (حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ في دَارِي الَّتِي بِالْمَدِينَةِ): (حالف): بالحاء المُهْمَلَة؛ أي: آخى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الإخاءَ بين المهاجرين والأنصار لمَّا قدموا المدينةَ كانوا مئةً؛ خمسون من كلِّ صنف، ويُقال: تسعون؛ خمسةٌ وأربعون من كلِّ صِنفٍ، وقدَّمْتُ إنكارَ أبي العَبَّاس ابن تميمة المؤاخاةَ التي كانت بمكَّة بين المهاجرين بعضِهم في بعضٍ، والله أعلم.
قوله: (مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ السين، وفتح اللام، وأنَّهم هم الذين أصابوا أصحابَ بئر معونة، وقد تَقَدَّمَ كم كان أصحابُ بئر معونة من الصَّحَابة، ومتى كانت الوقعة، ومَن سَلِم منهم.
==========
[ج 2 ص 856]

(1/13004)


[حديث: انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله]
7342# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو كُرَيْبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن العلاء، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الحارث أو عامرٌ، القاضي، ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّه بتخفيف اللام.
[ج 2 ص 856]
قوله: (فَأَسْقِيَكَ): هو بالنصب، جواب الأمر، ونصبُه ظاهرٌ.
قوله: (فَسَقَانِي): وفي نسخة: (فأسقاني [2])، وهما لغتان في القرآن، وقيل: بينهما فرقٌ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).
[2] في (أ): (فأسقياني)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

(1/13005)


[حديث: أتاني الليلة آت من ربي وهو بالعقيق أن صل في هذا الوادي]
7343# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.
قوله: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي): هذا الآتي لا أعرف اسمَه، والظاهر أنَّه جبريلُ.
قوله: (وَهْوَ بِالْعَقِيقِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (العقيق)، وأنَّه ببطن وادي ذي الحُلَيفة المُهَلِّ.
قوله: (وَقُلْ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ): هما مرفوعان منوَّنان، ويجوز منصوبان منوَّنان، وبهما ضُبِطَ في أصلنا.
قوله: (وَقَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو أبو الحسن الخزَّاز، عن قرَّة بن خالد، وعليِّ بن المبارك، وهمَّام بن يحيى، وجماعةٍ، وعنه: إسحاقُ الكوسجُ، وحجَّاج بن الشاعر، وعبد بن حُمَيد، وآخرون، قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدقُ، وكان تاجرًا عنده كتابٌ عن عليِّ بن المبارك، وقال أبو داود: لا بأسَ به، قيل: تُوُفِّيَ [سنة] ستٍّ ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقوله: (وقال هارون): هو تعليقٌ مجزومٌ به، فهو صحيحٌ إلى مَن علَّقه عنه، وهذا كذا إلى آخره.

(1/13006)


[حديث: وقت النبي قرنًا لأهل نجد]
7344# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بين هذا وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (قَرْنًا لأَهْلِ نَجْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (قرن)، وما وقع [1] للجوهريِّ صاحب «الصحاح» فيها، وكذا (الجُحْفَةَ)، وكذا (ذُو الحُلَيْفَةَ)، وكذا (يَلَمْلَمُ) بِلُغَاتِها.
قوله: (فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ): يعني: أنَّها ما كانت فُتِحَت بعدُ، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (قع)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[ج 2 ص 857]

(1/13007)


[حديث: أري النبي وهو في معرسه فقيل له إنك ببطحاء مباركة]
7345# قوله: (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ): هذا هو الفُضَيل بن سليمان النُّمَيريُّ، عن أبي مالك الأشجعيِّ، ومنصور ابن صفيَّة، وخلقٍ، وعنه: الفلَّاس، وخليفةُ، وخلقٌ، قال عَبَّاسٌ عن ابن معين: ليس بثقةٍ، وقال أبو زرعة: ليِّنٌ، وقال أبو حاتم: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، حديثُه في الكُتُب السِّتَّة، وهو صدوقٌ، ساق له ابنُ عديٍّ أحاديثَ فيها غرابةٌ.
قوله: (أُرِيَ): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فِي مُعَرَّسِهِ): هو مكان التعريس، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (التعريس).

(1/13008)


[باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء}]
قوله: (بَابُ [1]: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]): ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الأصل على عادته، ثُمَّ قال: أدخل البُخاريُّ هذه الترجمةَ في «كتاب الاعتصام بالسُّنَّة»؛ لتحقيق أنَّ الاعتصامَ في الحقيقة إنَّما هو بالله، وأنَّ الاعتصامَ بالرَّسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إنَّما وجب؛ لأنَّه اعتصامٌ بالله، لا بذات الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ إذ الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم معتصمٌ بأمر الله، ليس له من الأمرِ شيءٌ إلَّا التبليغَ، والتبليغُ أيضًا من فضل الله وعونه، {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53]، انتهى.

(1/13009)


[حديث: اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة]
7346# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العَبَّاس، ويُلَقَّب مردويه، قاله أبو عبد الله النيسابوريُّ، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد، يعرف بابن شبُّويه، قاله الجَيَّانيُّ، انتهى، وقد نقل القولَين الذَّهَبيُّ، ولكن لم يرقُم على ابن شبُّويه (خ)، وإنَّما رَقَمَ عليه (د)؛ تبعًا لشيخه المِزِّيِّ، فالظاهر أنَّ عند المِزِّيِّ والذَّهَبيِّ أنَّه [1] مردويه، والله أعلم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (اللَّهُمَّ؛ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا): تَقَدَّمَ الكلام على الذين لعنهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويجتمع منهم أربعةٌ في غزوة أُحُد، وأنَّهم أسلموا وصَحِبوا رضي الله عنهم؛ فانظرهم.
==========
[1] زيد في (أ): (ابن)، ولعلَّ حذفَها هو الصواب.
[ج 2 ص 857]

(1/13010)


[باب قوله تعالى: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}]
قوله: (بَاب قَوْلِهِ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: أدخل الجدالَ المذمومَ في الآية في (كتاب الاعتصام)؛ ليُنَبِّه على أنَّ المذمومَ منه ضدُّ الاعتصام، فيجب تركه، والمحمودَ منه معدودٌ من الاعتصام، ومثَّل الأوَّلَ بالآية الأولى _يعني: قولَه تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} _ والثانيَ بالثانية؛ يعني: قولَه تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، انتهى.
==========
[ج 2 ص 857]

(1/13011)


[حديث علي: ألا تصلون؟]
7347# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكر في أواخره إن شاء الله تعالى وقدَّرَه.
قوله: (وَحَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق مُطَوَّلًا، والصحيح: أنَّه بالتخفيف، وقد ذكرت هناك ما يفصل النزاعَ، و (عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ): (عَتَّاب): بفتح العين المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وفي آخره مُوَحَّدة، و (بَشِير): بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَتَّابُ بن بَشِير مولى بني أُمَيَّة، وإسحاق بن راشد مولى بني أُمَيَّة أيضًا، انفرد البُخاريُّ بهما)، انتهى، ولإسحاقَ بنِ راشد ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّحَ عليه، ولابن بَشِير ترجمةٌ فيه أيضًا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زين العابدين، و (الحُسَيْن بْن عَلِيٍّ): والده رضي الله عنه، و (عَلِيُّ بْن أَبِي طَالِبٍ) رضي الله عنه: جدُّه.
قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (أَنْ يَبْعَثَنَا؛ بَعَثَنَا): أي: أن يُوقظنا؛ أيقظنا.
==========
[1] في «اليونينيَّة»: (حدَّثني)؛ بلا واو، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 857]

(1/13012)


[حديث: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم]
7348# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجَوَاد، أحد الأعلام، و (سَعِيد): هو ابن أبي سعيد المقبريُّ، واسمُ أبي سعيد كيسانُ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إلى يَهُودَ): هو بفتح الدال، لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.
قوله: (بَيْتَ الْمِدْرَاسِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وإسكان الدال: البيت الذي يَقرأ فيه أهلُ الكتاب كتابَهم، وقدَّمتُ أنَّ (مِفعالًا) غريبٌ في المكان.
[ج 2 ص 857]
قوله: (وَأَنِّي أُرِيدُ): (أنِّي)؛ بفتح الهمزة؛ لأنَّه معطوفٌ على (أنَّما).
قوله: (أُجْلِيَكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أُخرِجكم من البلدة، و (الجلاء): الخروج من البلد، وقد جَلَوا عن أوطانهم، وجَلَوتُهم أنا، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ويُقال أيضًا: أَجْلَوا عن البلد، وأَجْلَيتُهم أنا؛ كلاهما بالألف.

(1/13013)


[باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا}]

(1/13014)


[حديث: يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟]
7349# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان الكاهليُّ، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.
قوله: (فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ): (تُسأَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أمَّتُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ: أَخْبَرَنَا [2] الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [3]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، وقد روى هذا الحديثَ إسحاقُ بن منصور _شيخُ البُخاريِّ في هذا الحديثِ_[4] عن أبي أسامة وجعفرِ بن عون؛ كلاهما عن الأعمشِ به؛ فاعلمه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حَدَّثَنَا).
[3] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الْخُدْرِيِّ).
[4] زيد في (أ) مستدركًا: (هذا الحديث)، وفيه تكرار.
[ج 2 ص 858]

(1/13015)


[باب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ ... ]
قوله: (بَابٌ: إذا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ [1] أَوِ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ من غَيْرِ عِلْمٍ؛ فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (صوابه: فأخطأ بخلاف)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه كلامٌ صحيحٌ أيضًا، والمراد: أنَّ العالمَ أو الحاكمَ إذا أفتى أو حكم في مسألةٍ، ثُمَّ تبيَّن له أنَّه خلافُ السُّنَّة؛ فإنَّه يجب عليه الرجوع إلى السُّنَّة؛ لأنَّها المحكمة، والذي قاله الدِّمْيَاطيُّ ينتقل إلى معنًى آخَرَ ومسألةٍ أخرى غيرِ هذه، والله أعلم.

(1/13016)


[حديث: لا تفعلوا ولكن مثلًا بمثل أو بيعوا هذا]
7350# 7351# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَخَاهَ): عبدُ الحميد بن أبي أويسٍ، وأنَّهما ابنا أختِ مالكٍ الإمامِ، وكنيةُ عبدِ الحميد أبو بكر، وقدَّمتُ بعضَ ترجمته، وأنَّه لا عبرةَ بما قاله الأزديُّ فيه، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيْمَانَ): هو ابن بلال، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَ والد سعيد لا يُقال إلَّا بالفتح، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.
قوله: (بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأَنْصَارِيَّ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ في (البيوع) أنَّ المبعوثَ هنا: هو سواد بن غزيَّة بن وهب البلويُّ، حليف بني عديِّ بن النَّجَّار، وهو المراد هنا، وقد ذكروا قولَين في المبعوثِ إلى خيبر؛ هل هو سوادٌ هذا، أو مالكُ بن صعصعة الخزرجيُّ؟ ذكرهما الخطيبُ البغداديُّ، وجزم ابنُ بشكوال بالأوَّل، وإنَّما يأتي القولان في قوله: (استعمل على خيبر رجلًا من الأنصار)، وأمَّا هنا؛ فصرَّح بأنَّه أخو بني عديٍّ، فتعيَّن أنَّه سوادٌ، وقد تَقَدَّمَ ذلك أيضًا في (غزوة خيبر)، والله أعلم.
قوله: (فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وكسر النون، وأنَّه الطَّيِّبُ.
قوله: (الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الصاع)، وكم مقداره، والاختلاف فيه، وأنَّ الأصحَّ أنَّه زنةُ ستِّ مئةٍ وخمسةٍ وثمانين درهمًا وخمسةِ أسباعِ درهمٍ، والله أعلم.
قوله: (مِنَ الْجَمْعِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه كلُّ ما لا يُعرَف له اسمٌ من التمر، وفسَّره في «مسلم»: (الخلط من التمر)؛ أي: المختلط، وحكى المطرِّز: أنَّ الجَمْع: نخلُ الدَّقَلِ.

(1/13017)


[باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ]
قوله: (بَابُ أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا أَصَابَ [1] أَوْ أَخْطَأَ): ذكر في الباب حديثَ عمرو بن العاصي: «إذا حكم الحاكمُ فاجتهد، ثُمَّ أصاب ... » إلى آخره، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: قال العلماء: أجمع المسلمون على أنَّ هذا الحديثَ في حاكمٍ عالِمٍ أهلٍ للحُكم، فإن أصاب؛ فله أجران؛ أجرٌ باجتهاده، وأجرٌ بإصابته، وإن أخطأ؛ فله أجرٌ باجتهاده، وفي الحديث محذوف؛ تقديره: إذا أراد الحكمَ فاجتهدَ، قالوا: فأمَّا مَن ليس بأهْلٍ للحُكم؛ فلا يحلُّ له الحكمُ، فإن حكم؛ فلا أجرَ له، بل هو آثمٌ، ولا ينفذ حُكمه، سواء وافق الحقَّ أم لا؛ لأنَّ إصابتَه اتِّفاقيَّةٌ ليست صادرةً عن أصلٍ شرعيٍّ، فهو عاصٍ في جميع أحكامه، سواء وافق الصوابَ أم لا، وهي مردودةٌ كلُّها، ولا يُعذَر في شيءٍ من ذلك، وقد جاء في الحديث في «السنن»: «القضاة ثلاثةٌ: قاضٍ في الجنَّة، واثنان في النار، قاضٍ عرف الحقَّ فقضى به؛ فهو في الجنَّة، وقاضٍ عرف الحقَّ فقضى بخلافه؛ فهو في النار، وقاضٍ قضى على جهلٍ؛ فهو في النار»، وقد اختلف العلماء في أنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ، أم المصيب واحدٌ _وهو مَن وافقَ الحكمَ الذي عند الله تعالى_ والآخر مخطِئٌ لا إثمَ عليه لعذره؟ والأصحُّ عند الشَّافِعيِّ وأصحابِه: أنَّ المصيبَ واحدٌ، وقد احتجَّت الطائفتان بهذا الحديث، والله أعلم، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إذا اجتهد فأصاب).
[ج 2 ص 858]

(1/13018)


[حديث: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران]
7352# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَيْوة) بفتح الحاء المُهْمَلَة، وسكون المُثَنَّاة تحت، و (شُريح): بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ أنَّه التُّجِيبيُّ، لا الحضرميُّ، الحضرميُّ من شيوخ البُخاريِّ، وليس من هذه الطبقة؛ أعني: طبقة التُّجِيبيِّ، و (يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ أَسَامَةَ [1] بْنِ الْهَادِ): بإثبات الياء على الصحيح، كما قدَّمتُه مرارًا، وقد نُسِبَ إلى جدِّه الأعلى، وقد تَقَدَّمَ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة.
و (أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ العَاصِي): في (الكنى) من «التذهيب» من كلام ابن يونس: اسمه عبد الرَّحْمَن بن ثابت، وأمَّا في «الكنى» التي اختصرها من «كنى الحاكم»؛ فلم يذكر له اسمًا، ولا في «كاشفه»، وبخطِّ بعض علماء الحنفيَّة من أصحابنا: (اسمه سعدٌ)، ولم يعزه لأحدٍ، لكنَّ غالبَ ما يذكره في حواشيه من كلام الحافظ الدِّمْيَاطيِّ، ولكن لم يعزُهُ له هنا، وقال شيخنا في «شرحه»: اسمه سعدٌ، كما قاله مسلمٌ، فظهر لي أنَّ الاثنين أخذاه من كلام الدِّمْيَاطيِّ؛ لأنَّ شيخَنا أيضًا ينقل حواشيَه أو غالِبَها في «شرحه» ولا يعزوها إليه، والله أعلم، و (أبو قيس) هذا: يروي عن مولاه عمرو بن العاصي، وأمِّ سلمة، وغيرِهما، وعنه: ابنه عروة، وعُلَيُّ بن رَباح، وبُسْر بن سعيد، ويزيد بن أبي حَبِيب، وغيرُهم، قال ابن يونس: يقال: إنَّه رأى أبا بكر الصِّدِّيقَ، وكان أحدَ فقهاء الموالي، شهد فتح مصر، ومات سنة (54 هـ)، فيما قاله ابن لَهيعة، قال الذَّهَبيُّ: فرواية يزيد عنه منقطعةٌ، انتهى، أخرج له الجماعة.
قوله: (مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ): كذا في أصلنا بغير ياء في الموضِعَين، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ياء (العاصي) مُطَوَّلًا، وقد قال الشيخُ محيي الدين: (إنَّ الصحيحَ إثباتُ الياء فيه، وفي «ابن الهادي»، و «ابن أبي الموالي»، و «ابن اليماني»)، والله أعلم.
[ج 2 ص 858]

(1/13019)


قوله: (قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ ابْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ): قائل ذلك هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي؛ فاعلمه، وحديث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرِو بن حَزْمٍ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الأحكام) عن حسين بن مهديٍّ، والنَّسائيُّ في (القضاء) عن إسحاق بن منصور؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن سفيان الثَّوريِّ، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر به، قال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه، لا نعرفه من حديث الثَّوريِّ إلَّا من حديث عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر، انتهى، وحديث عمرو بن العاصي في ذلك أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا سلمة) هذا: عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ): أمَّا (عبد العزيز بن المُطَّلِب)؛ فهو ابن عبد الله بن حنطب، القرشيُّ المخزوميُّ، قاضي مكَّة، وقيل: قاضي المدينة، عن أبيه، وصفوان بن سُلَيم، وموسى بن عقبة، وسهيل بن أبي صالح، وجماعةٍ، وعنه: معن بن عيسى، وابن أبي فُدَيك، وأبو عامر العَقَديُّ، وإسماعيل بن أبي أويس، وآخرون، قال ابن معين وأبو حاتم: صالحُ الحديث، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقال: مات في ولاية أبي جعفر، والله أعلم، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له مسلمٌ في الشواهد لا الأصول، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان».

(1/13020)


و (عبد اللَّهِ بن أبي بَكْر): هو ابن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاريُّ المدنيُّ، أبو مُحَمَّد، ويُقال: أبو بكر، عن أنس، وعبَّاد بن تميم، وطائفةٍ، وعنه: الزُّهْرِيُّ وهو من أقرانِه وشيوخِه، وهشام بن عروة، وابن جُرَيجٍ، والسفيانان، وآخرون، قال مالكٌ: كان رجلَ صِدْقٍ، وقال أحمدُ: حديثُه عن أبيه شفاءٌ، وقال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثبتٌ، وقال ابن سعد: كان ثقةً كثيرَ العِلم عالمًا، تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وثلاثين، ويُقال: سنة ثلاثين ومئة، وهو ابن سبعين سنةً، وليس له عَقِبٌ، أخرج له الجماعةُ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله تعالى.
و (أبو سلمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وقوله: (عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)؛ يعني مرسلًا؛ لأنَّ أبا سلمة تابعيٌّ، والحاصل: أنَّ حديثَ أبي هريرة هنا [جاء] متَّصلًا من الطريق الأولى، ومن الطريق الثانية المعلَّقة مرسلًا، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحديثَ إذا رُوِيَ مرسلًا ورُوِيَ متَّصلًا، وكلاهما من رواية الثقات، أو مرفوعًا وموقوفًا، كلاهما من رواية الثقات؛ أنَّ العبرة بمَن وصل أو رفع على الصحيح، وفي المسألةِ ثلاثةُ أقوالٍ أخرى ذكرتها فيما مضى.
==========
[1] (بن أسامة): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/13021)


[باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي كانت ظاهرة]
قوله: (بَابُ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَةً): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: ردَّ بهذه الترجمةِ وما معها قولَ مَن زعمَ أنَّ التواتر شرطُ قَبول الخبر، وحقَّق بما ذكره [1] قبولَ خبر الآحاد، وأدخله في (الاعتصام)؛ لأنَّ التمسُّكَ به واجبٌ، والله تعالى أعلم، وقال شيخُنا: هذا البابُ يردُّ به على الرافضة وقومٍ من الخوارج زعموا أنَّ أحكامَه عليه السَّلام وسُنَنَه منقولةٌ [2] عنه نقلَ تواترٍ، وأنَّه لا سبيلَ إلى العمل بما لم يُنقَل نقلَ تواترٍ، وقولُهم في غاية الجهل بالسُّنَن وطرقِها، فقد صحَّتِ الآثارُ أنَّ الصَّحَابة أخذ بعضُهم السُّنَنَ من بعضٍ، ورجع بعضُهم إلى ما رواه غيرُه عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وانعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد، وبطلَ قولُ مَن خرج عن ذلك من أهل البدع، ثُمَّ شرع يستدلُّ لذلك.
قوله: (كَانَتْ ظَاهِرَةً): قيل: يعلمها أكثر الناس، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الفاروق _على مكانته_ قد خَفِيَت عليه أشياء من أحكامه عليه السَّلام ومِن قوله، والله أعلم.

(1/13022)


[حديث: استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولًا ... ]
7353# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد) مرارًا: أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.
قوله: (فَدُعِيَ لَهُ): (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.
ِقوله: (فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وقد قَدَّمْتُ أنَّ في «صحيح مسلم»: أنَّ أُبَيَّ بنَ كعب شهد له، وقال: (يا عمرُ؛ لا تكن عذابًا على أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، فالظاهر أنَّهما شَهِدَا، وقال أُبَيٌّ ما قال، والله أعلم.
قوله: (أَلْهَانِي): أي: شغلني.
قوله: (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تَقَدَّمَ في (البيع) أنَّ معناه: الخروجُ للتجارة.
==========
[ج 2 ص 859]

(1/13023)


[حديث: من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه]
7354# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذُ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، العالم المشهور، أحد الأعلام، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.
قوله: (يَشْغَلُهُمُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، يُقال: شَغَله يَشغَله؛ بفتح الغَين فيهما، ثُلاثيٌّ، وفي لغةٍ رَدِيئَةٍ: أشغله، وكذا الثانية.
قوله: (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تَقَدَّمَ معناه أعلاه وقبله.
قوله: (مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ): كذا هنا، وقد تَقَدَّمَ في (المزارعة): (فبسطتُ نمرة ليس عليَّ ثوبٌ غيرها)، وقد تَقَدَّمَ الجمعُ بينهما في (المزارعة) قُبَيل (كتاب الشِّرب)، وهنا: (فَبَسَطْتُ بُرْدَةً)، وقد قَدَّمْتُ الجمعَ في المكان الذي ذكرتُ قُبَيل (كتاب الشِّرب).
قوله: (ثُمَّ يَقْبِضْهُ): هو بالجزم عطفًا على الشرط، وهو (يَبْسُطْ).
قوله: (فَلَنْ يَنْسَ [1] شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي): كذا في بعض أصولي: (لن ينسَ)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذه لغةٌ؛ وهي الجزم بـ (لن)؛ كالنصب بـ (لم)؛ تقارضًا، وقد أنشدتُ شاهدًا على ذلك فيما مضى، وأمَّا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ وكان فيه: (فلن ينسَ)، فأُصلِحَت على (ينسى)، وهذه الجادَّةُ.

(1/13024)


[باب من رأى ترك النكير من النبي حجة لا من غير الرسول]

(1/13025)


[حديث: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي فلم ينكره ... ]
7355# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (حَمَّاد بن حُمَيد: لم يُنسَب بأكثرَ من هذا، وليس له في «البُخاريِّ» سوى هذا الحديث، انفرد به البُخاريُّ، قال فيه البُخاريُّ: حَمَّاد بن حميد صاحبٌ لنا حَدَّثَنَا هذا الحديث وكان عبيد الله بن معاذ في الأحياء)، انتهى، وفي «التذهيب»: (حَمَّاد بن حميد، عن عبيد الله بن معاذ العنبريِّ، وعنه: البُخاريُّ في نسخة عتيقة بـ «الصحيح»: «حَدَّثَنَا بهذا وعبيد الله حيٌّ»)، وقال في «الميزان»: (حَمَّاد بن حُمَيد محدِّثٌ، لا ندري مَن هو، روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه» عن عبيد الله بن معاذ، فهو أصغر من البُخاريِّ)، وفي «النَّبَل» لابن عساكر: (حَمَّاد بن حُمَيد لم يُنسَب بأكثرَ من هذا، ولم يُعرَف إلَّا في حديثٍ واحدٍ، روى عنه البُخاريُّ عن عبيد الله بن معاذ)، انتهى، والله أعلم.
و (عبيد الله بن معاذ): هو ابن معاذ العنبريُّ، تَقَدَّمَ، و (سَعْد بْن إِبْرَاهِيْم): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أمُّه كلثوم بنت سعد بن أبي وقَّاص، تَقَدَّمَ.
[ج 2 ص 859]
قوله: (ابْنَ الصَّيَّادِ [1] الدَّجَّالُ): تَقَدَّمَ الكلام على عبد الله بن صيَّاد، ونسبه، وما يتعلَّق به، في (كتاب الجنائز).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الصائد)، وعلى (أل) في (أ) علامة نسخة.

(1/13026)


[باب الأحكام التي تعرف بالدلائل ... ]
قوله: (بَابُ الْأَحْكَام التي تُعْرَفُ بِالدَّلَائِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلَالَةِ وَتَفْسِيرُهَا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: أدخل هذه الترجمةَ في (كتاب لاعتصام)؛ تحذيرًا من الاستبداد بالرأي في الشريعة، وتنبيهًا على الرأيِ المحمودِ فيها، وهو المستنِدُ إلى قول الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو إشارَتِه، أو قرينةٍ حاليَّةٍ [1]، أو فعلِه، أو سكوتِه عن فعل إقرارًا عليه، فدخل في ذلك تصحيحُ الرأي المنضبط، والردُّ على الظَّاهِرِيَّة وغيرِهم، وبذلك تبيَّن ما هو اعتصامٌ ممَّا هو استبدادٌ واسترسالٌ، انتهى.
قوله: (وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلَالَةِ): هي بفتح الدال وكسرها، والفتح أعلى، ويجوز في اللغة: دُلولة.
قوله: (وَتَفْسِيرُهَا): هو بالرفع، معطوفٌ على (معنى)، و (معنى): مَرْفُوعٌ.
قوله: (وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُكِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/13027)


[حديث: الخيل لثلاثة: لرجل أجر ولرجل ستر]
7356# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): ذكوان.
قوله: (فِي طِيَلِهَا): تَقَدَّمَ ما (الطِّيَل) وضبطه.
قوله: (حَسَنَاتٍ): هو مَنْصُوبٌ، وعلامةُ النصب الكسرةُ، وكذا قوله: (حَسَنَاتٍ) ثانيًا، وكذا ثالثًا؛ لأنَّه خبر (كان)، واسمُها (مَا أَصَابَتْ)؛ أي: الذي أصابت كان حسناتٍ له، والله أعلم.
قوله: (فَاسْتَنَّتْ): تَقَدَّمَ، وكذا (الشَّرَف) و (الشَّرَفَان)، وكذا (النَّهْر) و (النَّهَر)؛ بفتح الهاء وسكونها، وكذا (تَغَنِّيًا) ما معناه، وكذا (تَعَفُّفًا)، وكذا قوله: (ولم يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ في رِقَابِهَا ولا ظُهُورِهَا): تَقَدَّمَ معناه، وكذا (مَا أُنْزِلَ [1]): أنَّه [2] مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآيةُ): مَرْفُوعٌ [3] قائمٌ مَقام الفاعل، و (الْفَاذَّةُ): تَقَدَّمَت، وأنَّها صفة لـ (الآية)، وكذا (الْجَامِعَةُ): صفةٌ ثانيةٌ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَنْزَلَ اللهُ ... الآيةَ ... ).
[2] في (أ): (آية)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] زيد في (أ) مستدركًا: (منوَّن)، ولعلَّ حذفَها هو الصواب.
[ج 2 ص 860]

(1/13028)


[حديث: تأخذين فرصةً ممسكةً فتوضئين بها]
7357# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: وقال _يعني: البُخاري_ في (الحيض) و (الاعتصام): (حَدَّثَنَا يحيى: حَدَّثَنَا ابن عُيَيْنَة)، نسب ابن السكن الذي في (الحيض): يحيى بن موسى، وأهمل الذي في (الاعتصام)، وذكر أبو نصر: أنَّ يحيى بنَ جعفر يروي عن ابن عُيَيْنَة، فالله أعلم، انتهى، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (يحيى بن جعفر) هذا: اسمُ جدِّه أعين الأزديُّ، كنيةُ يحيى أبو زكريَّا، البُخاريُّ البيكنديُّ الحافظ، عن ابن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، ووكيع، وعبد الرَّزَّاق، ويزيد بن هارون، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، وعبيد الله بن واصل، وأبو معشر حمدويه بن خطَّاب المستملي، وابنه الحسين بن يحيى، وخلقٌ من البُخاريِّين، قال ابن عديٍّ: هو الذي قال للبُخاريِّ: مات عبد الرَّزَّاق، ولم يكن قد مات في ذلك الوقت، وكان البُخاريُّ متوجِّهًا إلى عبد الرَّزَّاق فانصرف، فلمَّا مات عبد الرَّزَّاق؛ سمع البُخاريُّ كُتُبَ عبدِ الرَّزَّاق منه، قال ابن حِبَّانَ: تُوُفِّيَ في شوَّال سنة (243 هـ)، أخرج له البُخاريُّ فقط، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات».
و (مَنْصُور ابْن صَفِيَّةَ): هو منصور بن عبد الرَّحْمَن ابن شيبة الآتي، سأذكره قريبًا، وكذا (أمُّه).
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وفي الطريق الثانية: (عَنِ الْحَيْضِ؛ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ؟): هذه المرأة تَقَدَّمَ في (باب دلك المرأة نفسها إذا تطهَّرت من المحيض): أنَّها أسماء بنت شَكَل؛ بفتح الشين المُعْجَمَة والكاف، وبعضهم سكَّنها، كذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم»، وقال الخطيبُ البغداديُّ: أسماء بنت يزيد بن السكن، خطيبة النساء، وبه جزم بعضهم، وجزم بالأوَّل أيضًا الجازمُ بالثاني، فناقض، فيجوز أن تكون القصَّةُ جرت للمرأتين في مجلسٍ أو مجلِسَين، وقد تَقَدَّمَ كلام الإمام العلَّامة أبي الحسن السُّبكيِّ عن الدِّمْيَاطيِّ الحافظ، وتَقَدَّمَ كلام ابن بشكوال.

(1/13029)


قوله: (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ، و (مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ): في أصلنا: (ابنُ شيبة)؛ بإثبات الألف، وضمِّ النون، وعليه (صح)، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن شيبة: نسبه إلى جدِّه لأمِّه صفيَّةَ بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبدِ الله بن عبد العُزَّى بن عثمان)، انتهى، وهذا صحيحٌ، وكذا الضبط الذي ذكرتُه، وإثبات الأَلِف أيضًا، و (أُمُّهُ): صفيَّة بنت شيبة، تَقَدَّمَت.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، وقبله في الباب المشار إليه أعلاه.
قوله: (فِرْصَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى: (المُمَسَّكَة).
==========
[ج 2 ص 860]

(1/13030)


[حديث: أن أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت إلى النبي سمنًا ... ]
7358# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ، و (أُمَّ حُفَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفاء مفتوحة، وهي بنت الحارث بن حَزْن، رضي الله عنها.
قوله: (وَأَقِطًا): تَقَدَّمَ ما (الأَقِط) بِلُغَتَيه، وقوله: (وَأَضُبًّا): تَقَدَّمَ ما (الضَّبُّ)، وأنَّه دابَّةٌ جوَّزتْ أكلَها السُّنَّةُ.
قوله: (فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1]): (أُكِلْنَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله: (وَلَوْ كُنَّ): (كُنَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ أيضًا.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَائِدَتِهِ)، وليس فيهما: (صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[ج 2 ص 860]

(1/13031)


[حديث: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا]
7359# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، وأنَّه أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَاب): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَطَاء بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): بفتح الراء، وبالموحَّدة.
قوله: (أُتِيَ بِبَدْرٍ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: [يَعْنِي]: طَبَقًا): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (البدر)، وقد فسَّره هنا ابن وهب بـ (الطَّبَق).
قوله: (فِيهِ خَضِرَاتٌ [1] مِنْ بُقُولٍ): هو بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، قال ابن قُرقُول: (وضبطه الأصيليُّ: «خُضَرات»؛ بضَمِّ الخاء، وفتح الضاد)، انتهى.
قوله: (فَأُخْبِرَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
[ج 2 ص 860]
قوله: (فَقَرَّبُوهَا إلى بَعْضِ أَصْحَابِهِ): (بَعْضُ أَصْحَابِهِ): هو أبو أيُّوب خالدُ بن زيد الأنصاريُّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (كتاب الصَّلاة) في (باب ما جاء في الثوم النيء والبصل والكُرَّاث).
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): (ابن عُفَيْر): هو سعيد ابن عُفَيْر؛ بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، وهو سعيد بن كَثِير بن عُفَيْر، شيخُ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ [إذا] قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غيرَ أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (ابن وهب): هو عبد الله المذكورُ قُبَيله.
قوله: (خَضِرَاتٌ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا جدًّا، وبعيدًا جدًّا.
قوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ): أمَّا (الليث)؛ فهو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأمَّا (أبو صفوان)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان)، انتهى، وَثَّقَهُ ابنُ معين وغيرُه، وقال أبو زرعة: صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة أربعٍ _أو خمس_ ومئتين، وفي «الكاشف»: بعد المئتين، وهو كلامٌ صحيحٌ، والأوَّل أكثر تحريرًا، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.
==========
[1] في هامش (ق): (خَضِرات: جمع خَضِرَة؛ أي: بُقُول خَضِرَة).

(1/13032)


[حديث جبير: إن لم تجديني فأتي أبا بكر]
7360# قوله: (حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَعَمِّي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، تُوُفِّيَ ببغداد يوم الجمعة مستهلَّ ذي الحجَّة سنة ستِّين ومئتين، انفرد به البُخاريُّ، و (عمُّه): يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف، مات في شوَّال سنة ثمانٍ [1] ومئتين، وهو أصغر من أخيه سعدِ بن إبراهيم، انفرد به البُخاريُّ مقرونًا، واتَّفقا على أخيه)، انتهى، وبخطِّ بعض علماء الحنفيَّة من أصحابنا: (قول الدِّمْيَاطيُّ: «وعمُّه يعقوب انفرد به البُخاريُّ مقرونًا» فيه نظرٌ، فقد أخرج له غير مقرون في بابين؛ في «باب {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]»، وفي «باب {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]»، وقال المِزِّيُّ: أخرج له الجماعة)، والظاهر أنَّه أخذ ذلك من شيخِنا العِرَاقيِّ، والله أعلم، وهو كلامٌ صحيحٌ، وقال بعض حفَّاظ [العصر] ما لفظه: (ليس هذا مرادَ الدِّمْيَاطيِّ، بل مراده أنَّ البُخاريَّ انفرد بتخريج حديث سعد بن إبراهيم والد عبيد الله مقرونًا؛ فليُتَأمَّل)، انتهى، وفيما قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ فيه [2] وقفةٌ.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (زَادَ لَنَا [4] الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (زاد) مثل: (قال)، والظاهر أنَّه أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، وقدَّمت مرارًا أنَّ (الحُمَيديَّ): عبدُ الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا.
==========
[1] في (أ): (ثمانية)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] يعني: في كلام الدمياطيِّ.
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولَ اللهِ).
[4] (لنا): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 861]

(1/13033)


[باب قول النبي: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء»]

(1/13034)


[معلق معاوية في كعب: إن كان من أصدق هؤلاء ... ]
7361# قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا اليمان): هو الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ أنَّ قول البُخاريِّ: (قال فلانٌ) إذا كان شيخَه كهذا؛ فإنَّه يكون قد أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ): هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (مُعَاوِيَة): هو ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، تَقَدَّمَ، الأميرُ عشرينَ سنةً، والخليفةُ عشرينَ سنةً، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ): (الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ أنَّه ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء الرهط لا أعرف أعيانَهم.
قوله: (وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ): أي: ذكر معاويةُ كعبًا، وهو كعبُ بن ماتع بن هَيْنُوع _ويُقال: هَيسوع، ويُقال: عمرو_ ابن قيس بن معن بن جُشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حِمْيَر بن قَطَن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حِمْيَر بن سبأ الحِمْيَرِيُّ، المعروف بكعب الأحبار، أدرك زمنَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يرَه، وأسلم في خلافة الصِّدِّيق، وقيل: في خلافة عمر الفاروق، ويقال: أدرك الجاهليَّة، وصحب عمرَ وأكثر الروايةَ عنه، وروى أيضًا عن صهيب وعائشةَ، وروى عنه جماعةٌ من الصَّحَابة؛ منهم: ابن عمر، وابن عَبَّاس، وابن الزُّبَير، وأبو هريرة، وخلائقُ من التابعين؛ منهم ابن المُسَيّب، وكان يسكن حمص، قيل: ذكره أبو الدرداء، فقال: إنَّ عنده علمًا كثيرًا، انتهى، وكان قبل إسلامه على دين اليهوديَّة، وكان يسكن اليمن، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان سنة (32 هـ) متوجِّهًا للغزو، ودُفِنَ بحمص، يُقال له: كعبُ الأحبارِ، وكعبٌ الحبر؛ بفتح الحاء وكسرها؛ لكثرة علمه، ومناقبُه وأحوالُه كثيرةٌ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: واتَّفقوا على توثيقه وعلمه، انتهى، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، كما رأيته فيها.
قوله: (الْمُحَدِّثِينَ): هو بكسر الدال، وهذا يُعرَف من الحديث الذي هو فيه.

(1/13035)


قوله: (وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ): معناه: لنختبر، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة من أصحابنا ما لفظه: (يعني: يخطئ فيما يقول في بعض الأحيان، ولم يُرِد أنَّه كان كذَّابًا، قاله أبو ذرٍّ)، انتهى، وقد ذكرت لك أعلاه عن الشيخ محيي الدين: أنَّه اتَّفقوا على توثيقه وعلمه، وإذا كان كذلك؛ فلا بدَّ من تأويل كلام معاوية، وما أوَّله به الحافظُ أبو ذرٍّ صحيحٌ؛ لأنَّ الكذب ما شرطه العمد، بل إذا أخبر بخلاف الواقع؛ كان كذبًا، غير أنَّه إذا تعمَّد ذلك؛ كان آثمًا، والله أعلم، وقيل: إنَّ الهاءَ في قوله: (عليه) عائدةٌ على (الكتاب) لا على (كعب)؛ لأنَّ كتبهم قد غُيِّرت، قال القاضي: وعندي أنَّه يصحُّ عوده على كعب أو على حديثه وإن لم يقصدِ الكذبَ أو يتعمَّدْهُ كعبٌ؛ إذ لا يُشترَط فيه التعمُّدُ عند أهل السُّنَّة، وليس فيه تجريحٌ له، وقال بعضهم: يعني: أنَّ الكذب فيما يخبر به عن أهل الكتاب لا منه، فالأخبار التي يحكيها عن أهل الكتاب يكون بعضُها كذبًا، فأمَّا كعبٌ؛ فهو من خِيار الأحبار، انتهى.
==========
[ج 2 ص 861]

(1/13036)


[حديث: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم.]
7362# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالموحدة، والشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

(1/13037)


[حديث: كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل أحدث]
7363# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: قال الدِّمْيَاطيُّ: (إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومئة، ومولده سنة ثمانٍ ومئة، وقيل: عشرٍ ومئة)، انتهى، وقيل: إنَّه تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وثمانين، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد الله بْن عَبْدِ اللَّهِ [1]): هو ابن عتبة بن مسعود.
قوله: (أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أَحْدَثُ): هو (أَفْعَل) تفضيل، لا ينصرف؛ ومعناه: أنَّ القرآن بعد الكتب جميعها في الإنزال، والله أعلم.
قوله: (مَحْضًا): أي: خالصًا.
قوله: (لَمْ يُشَبْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بالشين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُوَحَّدة؛ أي: يُخلَط.
==========
[1] (بن عبد الله): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

(1/13038)


[باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]) [1]: اعلم أنَّ ظاهرَ الأمر في الثانية الوجوبُ، والمشاورةُ واجبةٌ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الصحيح؛ لظاهر الآية، ووجهُ مَن قال باستحبابها: القياسُ على غيره، والأمرُ للاستحباب؛ استمالةً لقلوبهم، وحكاه ابن القشيريِّ عن نصِّ الشَّافِعيِّ، وأنَّه جعله كقوله عليه السَّلام: «والبكر تُستَأذَن»؛ تطييبًا لقلبها، لا أنَّه واجبٌ، وهو قولُ الحسنِ، وحكى أنَّ الأمرَ أيضًا للاستحبابِ البيهقيُّ في «المعرفة»، حكاه بعض مشايخي فيما رأيته في بعض مؤلَّفاته، قال الحسن: علم الله ما به إليهم من حاجةٍ، ولكن أراد أن يَستَنَّ به مَن بعدَه، قال الماورديُّ: واختُلِف فيما يُشاور فيه؛ فقال قومٌ: في الحروبِ ومكابدةِ العدوِّ خاصَّةً، وقال آخرون: في أمور الدنيا والدين، وقال آخرون: في أمور الدين؛ تنبيهًا لهم على عِلَل الأحكام، وطريقِ الاجتهاد، وقال الثعلبيُّ في «تفسيره»: اختُلِف في المعنى الذي أمر الله تعالى نبيَّه بالمشاورة لهم فيه مع كمالِ عقله، وجزالةِ رأيه، وتتابُعِ الوحيِ عليه، ووجوبِ طاعتِه في أمَّته فيما أحبُّوا أو كرهوا؛ فقيل: هو خاصٌّ في المعنى وإن كان عامًّا في اللفظ، ومعنى الآية: وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله عهدٌ، يدلُّ عليه قراءةُ ابن مسعود: {وَشَاوِرْهُمْ فِي بعض الْأَمْرِ}، قال الكلبيُّ: يعني ناظِرهم في لقاءِ العدوِّ ومكابدةِ الحروب عند الغزو، ثُمَّ ذكر قولَ الحسنِ السالفَ وغيرَه، وذكر السُّهَيليُّ في «روضه» في (غزوة حمراء الأسد) لمَّا ذكر قولَه تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]؛ قال: وفسَّره _يعني: ابن هشام_: وقد جاء عن ابن عَبَّاس أنَّه قال: نزلت في أبي بكرٍ وعمرَ، أُمِرَ بمشاوَرَتهما، انتهى، والله أعلم.
قوله: (وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ): (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (أصحابَه): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ عند مَن يعرف الغزوات، ويُعرَف أيضًا من قوله بعده: (فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ).
قوله: (فِي الْمقَامِ وَالْخُرُوجِ): هو بضَمِّ الميم وفتحها، وهو في أصلنا بالفتح بالقلم.

(1/13039)


قوله: (فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (اللأمَة)، وسيأتي بعد هذا.
قوله: (وَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حتَّى يَحْكُمَ اللهُ»): اعلم أنَّه يحرم عليه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا لبس لَأْمَته أن ينزعها حتَّى يلقى العدوَّ ويقاتِلَ، ففي «سنن البيهقيِّ» مرسلًا: «لا ينبغي لنبيٍّ إذا أخذ لَأْمة الحرب وأذَّن في الناس بالخروج إلى العدوِّ أن يرجع حتَّى يقاتل»، ثُمَّ قال: وقد كتبناه موصولًا بإسنادٍ حسنٍ، فذكره من رواية ابن عَبَّاس، وأخرجه الإمام أحمد من حديث أبي الزُّبَير عن جابر، وذكره البُخاريُّ هنا بغير إسناد.
وقوله فيه: (لَأْمَته): هو بالهمز، كما قَيَّدهُ صاحب «المشارق» وغيرُه، وقال ابن دحية في كتابه «نهاية السُّول في خصائص الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم»: كذا سمعته وأرويه، قال ابن فارس: اللأْمة؛ مهموزة: الدِّرع، قال: وكذا قيَّدتها بالهمز في كتاب «فقه اللغة» _إلَّا أنَّه جعلها الدرع_ وكذا قَيَّدتُهُ أيضًا في «كفاية المتحفِّظ» للأَجْدابيِّ بالهمز، وجمعها: لَأْم؛ كتَمْرة وتَمْر، وتُجمَع أيضًا على لُؤَم؛ بوزن: نُغَرٍ، على غير قياسٍ، كما قال الجوهريُّ: كأنَّه جمع لُؤمَة؛ بضَمِّ اللام، واستلأم الرجل: لبس اللَّأْمة، ثُمَّ ما جزمنا به من تحريم النزع عليه حتَّى يقاتل هو المشهور، وعن رواية الشيخ أبي عليٍّ: أنَّ ذلك كان مكروهًا، لا محرَّمًا، قال الإمام: وهذا بعيدٌ غير موثوقٍ به، قال البغويُّ: وقد قيل بناءً عليه: إنَّه كان لا يبتدئ تطوَّعًا إلَّا لزمه، والله أعلم.

(1/13040)


قوله: (فَجَلَدَ الرَّامِينَ): بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة من أصحابنا: (قال أبو الحسن القابسيُّ: لم يقع له إسنادٌ في جلد الرامين، وإنَّما ذكر ذلك بغير إسناد)، انتهى، وقد اختلف الناس في أنَّه عليه السَّلام جلد الذين قذفوا عائشة أم لا؛ على قولين، والذي يظهر من حيث النقلُ: أنَّه جلدهم، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الشهادات) في (حديث الإفك)، وقد جزم به البُخاريُّ هنا كما ترى، ولا يجزم إلَّا بما صحَّ عنده على شرطه، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: هذا الحصرُ مردودٌ، فإنَّه يجزم بما صحَّ مطلقًا، سواء وافق شرطَه أم لا، وانظر قريبًا في (الأحكام) تعليقَه تعليمَ زيد بن ثابت كتابَ يهود، فإنَّ مداره على عبد الرَّحْمَن بن أبي الزناد، وليس على شرطه، وعلى ثابت بن عبيد، وليس على شرطه، لكنْ كلٌّ منهما يبلغ درجةَ الصحيح، وشرطُ البُخاريِّ أرفعُ درجةً من مطلق الصحيح، انتهى، وفيه نظرٌ، والله أعلم [2].
قوله: (فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أو السُّنَّةُ لم يَتَعَدَّوْهُ إلى غَيْرِهِ): (وَضَحَ)؛ أي: بان.
قوله: (إِلَى مَشُورَةِ عُمَرَ [3]): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لُغَتين: مَشُورة، ومَشْورة، وكذا الثانية.
قوله: (وَأَحْكَامِهِ): هو بالجرِّ معطوفٌ على (الدِّينِ)، وهو مجرورٌ.
قوله: (أَوْ شُبَّانًا): هو بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف نون، جمع (شابٍّ)، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَكَانَ وَقَّافًا): تَقَدَّمَ معناه قريبًا: أنَّه يتمهَّل في الأمور، ولا يستعجل.
==========
[1] كذا جاء هذا الباب عند أبي ذرٍّ قبل (باب نهي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التحريم)، وبعد هذا الباب عندَه: (باب كراهية الاختلاف)، وفي «اليونينيَّة» بالعكس، وعلى الأبواب الثلاثة في (ق) علامات تقديمٍ وتأخيرٍ.
[2] زيد في (أ) بعد استدراك ما سبق: (والله أعلم).
[3] (عمر): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في هامش (ق) من نسخة.
[ج 2 ص 862]

(1/13041)


[حديث: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه]
7369# قوله: (حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (الأويسيَّ): عبدُ العزيز بن عبد الله، وكذا يأتي مسمًّى منسوبًا في بعض النسخ هنا، وتَقَدَّمَ مسمًّى منسوبًا إلى أبيه، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيرُه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وهو سعيد بن المُسَيّب بن حَزْن، تَقَدَّمَ.
قوله: (حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ): هو برفع (الوحي)، كذا هنا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع والنصب، فالرفع فـ (استلبث): أبطأ، والنصب على أنَّ (استلبثَ): استبطأَ، والله أعلم.
قوله: (وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الجارية، وفي بعض الطرق: (فدعا رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بريرةَ)، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك من الإشكال في (الشهادات).
قوله: (الدَّاجِنُ): تَقَدَّمَ ما هي، وكذا تَقَدَّمَ (فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ).
قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ): (أبو أسامة): هو حَمَّاد بن أسامة، و (هشام): هو ابن عروة، هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد ذكرَه _أعني: حديث الإفك_ البُخاريُّ كذلك مرَّتين؛ هُنا وفي (التفسير)، وقد أخرجه مسلمٌ في (التوبة) عن أبي بكر وأبي كُرَيب، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمود بن غيلان؛ ثلاثتهم عن أبي أسامة به، وقال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث هشام، انتهى.

(1/13042)


[حديث: ما تشيرون علي في قوم يسبون أهلي]
7370# قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ): هو النَّشائيُّ، منسوب إلى عمل النَّشاء، الواسطيُّ، أبو عبد الله، عن أبي معاوية، ويحيى بن سعيد القَطَّان، ويحيى
[ج 2 ص 862]
بن أبي زكريَّاء الغَسَّانيِّ، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وبقيُّ بن مَخْلد، وابنُ خزيمة، وأبو عروبة، وخلقٌ كثيرٌ، قال أبو حاتم: صدوق، قيل: تُوُفِّيَ سنة (255 هـ)، أخرج له مَن روى عنه مِن الأئمَّة، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِيُّ): بالغين المُعْجَمَة، وتشديد السين المُهْمَلَة، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النسبة، قال ابن قُرقُول: نسب إلى غسَّان؛ قَبيل باليمن، وأصله ماءٌ باليمن نزلوا عليه فسُمُّوا به، ووقع عند القابسيِّ: (العُشَانيُّ)؛ بضَمِّ العين، وتخفيف الشين المُعْجَمَة، وهو وَهَمٌ، انتهى.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ معناها ولغاتُها.
قوله: (وَعَنْ عُرْوَةَ قال: لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن حرب، عن يحيى بن أبي زكرياء الغسَّانيِّ، عن هشام، عن عروة قال: لمَّا أُخْبِرت عائشةُ، وهذا مرسلٌ؛ وذلك لأنَّه ذكر واقعةً لم يدركها، ولا ذكرها عمَّن حضرها؛ كخالته عائشة أو غيرها من الصَّحَابة، والله أعلم، وليس هو تعليقًا، والله أعلم.
قوله: (أُخْبِرَتْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء للتأنيث الساكنة.
قوله: (وَأَرْسَلَ مَعَهَا الْغُلَامَ): هذا الغلام لا أعرف اسمه.

(1/13043)


قوله: (وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16]): هذا الرجل الأنصاريُّ: قال شيخُنا: قال ابن إسحاق وغيرُه: هو أبو أيُّوب الأنصاريُّ، انتهى، ذكر ذلك في (تفسير النور) من هذا «الشرح»، وقد قَدَّمْتُ في (باب ما جاء في القِبلة) من كلام المحبِّ الطَّبَريِّ: أنَّه عمرُ رضي الله عنه؛ يعني في قوله: (قال رجلٌ)، من غير أن يذكر (من الأنصار)، قال: وقيل: هو من الأنصار، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: إنَّه أبو أيُّوب، قاله ابن إسحاق وغيره، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين، ولفظه: هو أبو أيُّوب، رواه الحاكم في «الإكليل» وغيره من طريق ابن إسحاق والواقديِّ وغيرِهما، والطَّبَرانيُّ في «مسند الشاميِّين»، والآجرِّيُّ من طريق حديث الإفك؛ كلاهما من طريق عطاء الخراسانيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن عائشة، ورُوِيَ أيضًا عن أُبَيِّ بن كعب أنَّه قال ذلك لامرأته أمِّ الطُّفيل، رواه الحاكم أيضًا من طريق الواقديِّ، ورُوِيَ عن قتادة بن النعمان أيضًا، نقل عن ابن بشكوال، ولم أرَه في كتابه، انتهى.

(1/13044)


[باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته]
قوله: (بَابٌ: نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى [1] التَّحْرِيمِ إِلَّا مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: قصد بهذه الترجمةِ التنبيهَ على أنَّ المخالفةَ التي وقعت أحيانًا لِما طَلَبَ منهم لم تكن عدولًا عن الاعتصام؛ إذ لم يخالفوا واجبًا، ولم يُؤثَر عنهم ذلك، وصورةُ المخالفة فهموا فيها عدمَ العزم، وتمكُّنَهم من بعض الخِيَرَة، وهذا في الحقيقة ليس خلافًا، ولكنَّه اختيارٌ لِما كان لهم فيه خِيار، وإن كان العلماء المحقِّقون أنكروا إجماعَ الطِّلْبَة والخِيَرَة، ولو كان الطلبُ ندبًا؛ أنكروا، وعَدُّوا ذلك تناقضًا لا سبيل إليه شرعًا ولا يوجد، ومِن العلماء مَن أجاز ذلك؛ وهو [نفس] البُخاريِّ، والله أعلم.
قوله: (بابٌ): هو مُنَوَّن، و (نهيُ): مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ، وقوله (على التحريم): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عن)، وعليها ما صورته: (أصل)، وفي نسخةٍ أخرى من أصولي: (عن)، ولم يُذكَر غيرها، قال شيخُنا: قال ابن بَطَّال: والصواب: (على)، انتهى، و (عن) بمعنى: (على)؛ على قول مَن قال: إنَّ حروف الجرِّ يقوم بعضُها مَقام بعض، والله أعلم.
قوله: (وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ): يعني على [2] الوجوب إلَّا ما تُعرَف إباحتُه أيضًا؛ مثل أن يكون بعد الحَظْر؛ مثل: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، {فَإِذَا [3] قُضِيَتِ الصَّلاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10]، والله أعلم.
قوله: (وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ): هو بفتح أوَّله، وكسر الزاي؛ أي: يُوجِب، وهو مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها نُسَيبة؛ بضَمِّ النون، وفتح السين، على الصحيح، وقد قَدَّمْتُ نسبَها وبعضَ ترجمتها، رضي الله عنها.
قوله: (نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ [4] وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا): (نُهِينا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذلك (يُعزَم): مَبْنيٌّ أيضًا؛ ومعناه: ولم يُشَدَّد علينا في النهيِ.

(1/13045)


[حديث: أحلوا وأصيبوا من النساء]
7367# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام.
قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة زيادة النسب قال: (البُرْسَانِيُّ)، وهو كذلك مُحَمَّد بن بكر بن عثمان البُرْسَانيُّ، أبو عبد الله، ويُقال: أبو عثمان، البصريُّ، و (بُرْسان): بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان الراء، ثُمَّ سين مهملة، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النسبة، من الأزد، عن ابن جُرَيجٍ، وسعيد بن أبي عَروبة، وأيمن بن نابل، وعبد الحميد بن جعفر، ويونس بن يزيد الأيليِّ، وطائفةٍ، وعنه: عليُّ ابن المَدينيِّ، وأحمد ابن حنبل، وابن راهويه، وابن معين، وهارون الحمَّال، وبُنْدَار، والذهليُّ، وعبد بن حُمَيد، والدارميُّ، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أبو داود وغيرُه، وقال عَبَّاس عن ابن معين: حَدَّثَنَا البُرْسانيُّ وكان والله ظريفًا صاحبَ أدب، وقال مُحَمَّد بن عبد الله بن عمَّار: لم يكن صاحبَ حديث، لم يُسمَع منه، قال الخطيب: يعني: أنَّه لم يكن كغيره من الحُفَّاظ ... إلى آخر كلامه، قال ابن سعد: مات في ذي الحجَّة سنة ثلاث ومئتين، وكان ثقةً، وقال مُطَيَّن: في جمادى الآخرة من السنة، وقال غيره: سنة أربع، أخرج له الجماعةُ، وله ترجمةٌ هيِّنةٌ في «الميزان»، ذكر فيها حديثًا وَهِمَ في رفعه، وهو حديث بُسْرة: (مَن مسَّ ذَكَره أو أنثييه أو رُفغه؛ فليتوضَّأ)، وإنَّما هذا زيادةٌ مِن قول عروة، والله أعلم.
وقوله: (وقال مُحَمَّد بن بكر): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وأتى به لحِكَمٍ؛ منها: أنَّ المَكِّيَّ بنَ إبراهيم عنعن عن ابن جُرَيجٍ، وهذا صَرَّحَ بالتحديث منه، وإن كان المَكِّيُّ غيرَ مُدَلِّس، لكن ليخرج من خلاف من خالف في المسألة، وقد تَقَدَّمَت، الثاني: قال في الأوَّل ابنُ جُرَيجٍ: (قال عطاء)، وفي التعليق قال: (أخبرني عطاء)، وابنُ جُرَيجٍ مُدَلِّسٌ، والثالث: أنَّ عطاءً قال في الأوَّل: (قال جابرٌ)، وفي الثاني قال عطاء: (سمعت جابر بن عبد الله)، وإن كان عطاء حُوشِيَ من التدليس إلَّا ليخرج مِن خلاف مَن خالف فيه، وفي الأوَّل: (قال جابر)، وفي الثاني: (سمعت جابر بن عبد الله في أناس معه)، ففيه زيادةٌ على (جابر) بـ (أناس معه)، فرواه عن جماعةٍ؛ منهم جابرٌ، والله أعلم.

(1/13046)


قوله: (مِنْ ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بفتح الحاء وكسرها.
قوله: (وَلَمْ يَعْزِمْ): هو بفتح أوَّله، وكسر الزاي، مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: لم يُوجِب، وقال النَّوويُّ: لم يُشَدِّد علينا.
قوله: (مَذَاكِيرُنَا الْمَذْيَ): (المذاكير): جمع (ذَكَرٍ) على غير قياس، كأنَّهم فرَّقوا بين الذَّكَر الذي هو الفَحْل وبين الذَّكَر الذي هو العضوُ في الجَمْعِ، وقال الأخفش: هو من الجمع الذي ليس له واحدٌ؛ مثل: العباديد، والأباليل، وقد تَقَدَّمَ، و (المَذْي): تَقَدَّمَت لُغاتُه، وهو مَعْرُوفٌ، وفي نسخة في هامش أصلنا: (المَنيَّ)، وعليها علامة راويها.

(1/13047)


[حديث: صلوا قبل صلاة المغرب.]
7368# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (الْحُسَيْن): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو ابن ذكوان، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفَّل)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ضبط (مُغَفَّل): أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، وتشديد الفاء المفتوحة، وأنَّه صحابيٌّ كابنه عبد الله.
قوله: (كَرَاهِيَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف الياء، وأنَّه يُقال من حيث اللغةُ: كراهي.
[ج 2 ص 863]
قوله: (أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ أي: فرضًا ثبت بالسُّنَّة، وقيل في معناه غيرُ ذلك ممَّا تَقَدَّمَ.

(1/13048)


[باب كراهية الخلاف]
قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ الخِلَافِ [1]): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (الكَرَاهِيَة) بتخفيف الياء، ويُقال من حيث اللغةُ: كراهي، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.

(1/13049)


[حديث جندب: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم]
7364# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ): (إسحاق) هذا: الظاهر أنَّه الكوسج بن منصور، ومستندي في ذلك تطريفُ المِزِّيِّ لهذا الحديث في «أطرافه» مع ما انضمَّ إليه مِن إخراج مسلمٍ له من طريق إسحاق بن منصور؛ هو الكوسج، والله أعلم، و (سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ): بتشديد اللام، مشهورٌ عند أهله، و (أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن حَبِيب الأزديُّ البصريُّ، مات سنة ثمان وعشرين ومئة)، انتهى، ويُقال: إنَّه كنديٌّ، وقيل: إنَّه مات سنة تسع وعشرين.
قوله: (ما ائْتَلَفَتْ عَلَيهِ [1] قُلُوبُكُمْ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فضائل القرآن).
==========
[1] (عليه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 864]

(1/13050)


[حديث جندب: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم]
7365# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن عُبَادة)، وما قال فيه الجَيَّانيُّ، وأنَّ مسلمًا روى هذا الحديث في (القدر) بسندِ البُخاريِّ سواء ومتنِه، ونسبَ إسحاقَ فقال: ابن منصور، وهو الكوسج الحافظ، والله أعلم، و (عبد الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث، أبو سهلٍ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَارُونَ الأَعْوَرِ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ عَنْ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يَزِيدُ بن هَارُونَ): هو أبو خالد السُّلَميُّ الواسطيُّ، أحد الأعلام، عن حُمَيد والجُرَيريِّ، وعنه: الذهليُّ، وعبد بن حُمَيد، والحارث بن أبي أسامة، قال أحمدُ: حافظٌ متينٌ، وقال ابن المَدينيِّ: ما رأيتُ أحفظَ منه، وقال العِجْليُّ: ثبتٌ متعبِّدٌ، حسنُ الصَّلاة جدًّا، يصلِّي الضحى ستَّةَ عشرَ ركعة، وقد عَمِيَ، مات سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعةُ، وتعليق يزيد بن هارون لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أرَ شيخَنا خرَّجه، لكنِّي رأيتُ حديثَ هارونَ الأعور في «النَّسائيِّ».
و (هارون الأعور): هو هارون بن سعد العِجْليُّ، ويُقال: الجعفيُّ، الكوفيُّ الأعور، عن أبي حازم سلمان الأشجعيِّ، وأبي الضُّحى، وعَطيَّة العوفيِّ، وجماعةٍ، وعنه: سفيان الثَّوريُّ، والحسن بن صالح، وسعيد، وشَريك، وجماعةٌ، قال ابن معين: ليس به بأسٌ، وقال أبو حاتم: خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، ثُمَّ هرب إلى واسط، له في «مسلم» حديثٌ: «ضرس الكافر مثلُ أُحُد»، أخرج له مسلمٌ فقط، وقد عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وله ترجمةٌ في «الميزان»، قال فيها: صدوقٌ في نفسه، لكنَّه رافضيٌّ بغيض.
و (أبو عِمْرَانَ): تَقَدَّمَ أعلاه اسمُه واسمُ أبيه، عن جُندب؛ وهو ابن عبد الله البَجَليُّ.

(1/13051)


[حديث: هلم أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده]
7366# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْد اللَّه بن عبد اللَّهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.
قوله: (لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُضِر)؛ بضَمِّ الحاء، وكسر الضاد: مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فَاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ أي: حان موتُه، كذا قالوا، ويحتمل أن يكون (حُضِرَ)؛ أي: حضرته ملائكةُ القبض، أو حضره مَلَكُ الموت، والله أعلم.
قوله: (هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): تَقَدَّمَ الكلام على (هلمَّ) بِلُغَتَيها، وتَقَدَّمَ الكلام على ما أراد عليه السَّلام أن يكتب في هذا الكتاب بالاختلاف فيه.
قوله: (فَقَالَ [1] عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ): إنَّ العلماء صوَّبوا كلامَ عمر.
قوله: (فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ): هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المذكورُ في السند.
قوله: (إِنَّ الرَّزِيْئَةَ كُلَّ الرَّزِيْئَةِ [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليها، ومتى قالها ابن عَبَّاس.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[2] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الرزيَّة)، في الموضعين.
[ج 2 ص 864]

(1/13052)


((97)) (كِتَابُ التَّوْحِيدِ) ... إلى (بَاب فِي المَشِيْئَة والإِرَادَةِ)
قوله: (كِتَابُ التَّوْحِيْدِ): كذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ [1]، وفي نسخة فيه عوض (كتاب التوحيد): (كتاب الردِّ على الجَهميَّة)، وفي أصلنا القاهريِّ: (كتاب التوحيد والردِّ على الجَهميَّة) [2].
قوله: (والرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ): (الجهميَّة): هم أتباع جهم بن صفوان، أبي محرز السمرقنديِّ، الضالِّ المبتدع، رأسِ الجهميَّة، هلك في زمان صغار التابعين، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: (وما علمته روى شيئًا، لكنَّه زرع شرًّا عظيمًا)، انتهى.
تنبيهٌ: قال الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه: أفرط جهم في نفي التشبيه حتَّى قال: الله تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل _يعني: ابن سليمان_ يعني: في الإثبات_ حتَّى جعله مثلَ خلقه، انتهى.

(1/13053)


[باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى]

(1/13054)


[حديث: أن النبي بعث معاذًا إلى اليمن]
7371# 7372# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (يَحْيَى بْن مُحَمَّدِ [1] بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ): ويُقال فيه: يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صيفيٍّ، وهذا قدَّمه عَبْد الغَنيِّ والمِزِّيُّ، والذَّهَبيُّ، قرشيٌّ، مولى بني مخزوم، ويُقال: مولى عثمان، مكِّيٌّ جليلٌ، عن أبي معبد، وعكرمة بن عبد الرَّحْمَن المخزوميِّ، وجماعةٍ، وعنه: إسماعيل بن أُمَيَّة، وزكريَّا بن إسحاق، وابن جُرَيجٍ، وعبد الله بن المؤمَّل، وغيرُهم، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ وغيرُه، أخرج له الجماعة، و (أَبُو مَعْبَدٍ): بالموحَّدة، وهو مولى ابن عَبَّاس، اسمه نافذ؛ بالفاء، والذال المُعْجَمَة، وروايته عن ابن عَبَّاس متَّصلةٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وسيأتي في الطريق التي بعدَ [2] هذه التصريحُ بالسماع منه، وروايته عن أخيه الفضلِ مرسلةٌ، قاله في «التهذيب»، وتابعه الذَّهَبيُّ والعلائيُّ.
تنبيهٌ: وقع في بعض أصولنا الدمشقيَّة في الأصل: (عن أبي سعيد)، وقد صَحَّح عليها الكاتبُ، وكتب في الهامش: (معبد)، وعمل عليها: (خ)؛ يعني: أنَّها في نسخة: (أبي [3] معبد)، وتلك خطأٌ، والصواب أنَّ هذا الحديثَ من رواية أبي معبدٍ مولى ابن عَبَّاس عنه، ولا أعلم أحدًا من رواة الكُتُب السِّتَّة مشهورًا بالتكنِّي بأبي سعيد يروي عن ابن عَبَّاس، وقد ضبَّبتُ أنا عليه، وصحَّحْتُ على ما وقع في الهامش؛ وهو (أبي معبد)، والله أعلم.
[ج 2 ص 864]
قوله: (لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا نَحْوَ الْيَمَنِ): تَقَدَّمَ في أوَّل (الزكاة) متى أرسله إلى اليمن، والاختلاف في ذلك، وهل أرسله قاضيًا أو واليًا؛ فانظر ذلك إن أردته.
قوله: (وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الكرائم): جمع (كريمة)؛ وهي الجامعة للكمال الممكِن في حقِّها؛ من غزارة لبنٍ، أو جمالِ صورة، أو كثرةِ لحمٍ أو صوفٍ، وهي النفائس التي تتعلَّق بها نفسُ صاحبها، ويُقال: هي التي يختصُّها صاحبُها لنفسه ويؤثرها.
==========
[1] (بن محمد): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.
[2] في (أ): (بعده)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] كتب فوقها في هامش (أ): (حكايةً)، وكذا في الموضع اللاحق.

(1/13055)


[حديث: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟]
7373# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح، والأسماءَ بالضَّمِّ، وأنَّ هذا اسمُه عثمانُ بن عاصم، و (الْأَشْعَث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالثاء المُثَلَّثَة، وأنَّ الطامعَ أشعبُ؛ بالموحَّدة، وأنَّه فردٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيمًا): بضَمِّ السين، وفتح اللام، وهذا هو أشعث بن أبي الشعثاء سُلَيم بن أسود المحاربيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

(1/13056)


[حديث: والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن]
7374# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبُو سَعِيْدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}): تَقَدَّمَ الكلام على القارِئ والسامِع في (باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).
قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ): (كأنَّ): هي من أخوات (إنَّ)، وهي مُشَدَّدة النون، و (الرجلَ): مَنْصُوبٌ اسمها، و (يَتَقَالُّها): الخبر.
قوله: (يَتَقَالُّهَا): هو بتشديد اللام المضمومة؛ أي: يراها قليلةً، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).
قوله: (زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عن مَالِكٍ): كذا في أصلنا، ورأيت المِزِّيَّ ذكره عن البُخاريِّ قال: (وزاد أبو مَعْمَر _يعني: إسماعيل بن إبراهيم الهُذَليَّ القَطيعيَّ_ عن إسماعيل _يعني: ابن جعفر_ عن مالك ... )؛ فذكره، كذا في مسند قتادة بن النعمان، وأمَّا في مسند أبي سعيد؛ فقال ما لفظه: وقال في موضعين والنسائيُّ: (وقال أبو مَعْمَر _يعني: إسماعيل بن إبراهيم [1]_، عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك ... ) إلى آخره، والله أعلم.
و (إِسْمَاعِيلُ بن جَعْفَرٍ) هذا: هو ابن أبي كَثِير الزُّرَقيُّ مولاهم، المدنيُّ القارئ، أحد الكبار، عن عبد الله بن دينار، والعلاء بن عبد الرَّحْمَن، وأبي سهيل نافع بن مالك، وعمارة بن غزيَّة، وربيعةَ الرأي، وخلقٍ، وعنه: قُتَيْبَة، وعليُّ بن حُجر، ويحيى بن يحيى، ومُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، ومُحَمَّد بن زنبور، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أحمدُ وجماعةٌ، قدم بغداد وسكنها، وأدَّب بها ابنَ المهديِّ عليًّا، وله نحوُ خمس مئة حديث، تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومئة، أخرج له الجماعة.

(1/13057)


وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد)؛ كـ (قال)، فهذا تعليقٌ مجزومٌ به، وما زاده إسماعيل بن جعفر أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عَبَّاس العنبريِّ، عن مُحَمَّد بن جهضم، عن إسماعيل بن جعفر به، وعن زكريَّا بن يحيى، عن إسماعيل بن إبراهيم الهُذَليِّ، عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك، عن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن قتادة نحوَه، كذا قال، قال النَّسائيُّ: الصواب: عبد الرَّحْمَن، انتهى.
قوله: (أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بن النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه أخوه لأمِّه، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة قتادة بن النعمان الظفريِّ، وأنَّه بدريٌّ، رضي الله عنه.

(1/13058)


[حديث: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟]
7375# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): في حاشية أصلنا ما لفظه: (في الأصل المقابَل عليه: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح»)، انتهى، وفي «أطراف المِزِّيِّ» ما لفظه لمَّا طرَّف هذا الحديث؛ قال: في (التوحيد): (عن أحمد بن صالح)، وفي بعض النسخ: (مُحَمَّد عن أحمد بن صالح)، انتهى، وكذا كان في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح)، ثُمَّ ضُرِب على (مُحَمَّد)، وبقي أوَّل السند: أحمد بن صالح، وقد راجعتُ «تقييد المُهْمَل» لأبي عليٍّ الغسَّانيِّ، فرأيته ذكر في (باب التنبيه على المواضع التي ذكر شيوخنا أنَّ البُخاريَّ روى فيها عن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهليِّ)، فقال: وقال في (التوحيد): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح: حَدَّثَنَا ابن وهب)، فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: هكذا في نسخة أبي ذرٍّ عن أبي الهيثم: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح)، وكذا في نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد، وهكذا ذكره أبو نصر والحاكم، ونسبه: مُحَمَّد بن يحيى الذهليُّ، وسقط من نسخة ابن السكن ذكرُ «مُحَمَّد» قبل أحمد بن صالح، انتهى، رحمه الله ما أغزر فوائدَه!
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو عَمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة المقرئ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَبِي هِلَالٍ): هو سعيد بن أبي هلال، و (أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): وهو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاريُّ، وأمُّه عمرة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرارة، وجدُّها أخو أبي أمامة أسعد بن زُرارة، تَقَدَّمَت.
تنبيهٌ: لهم آخر يُقال له: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الأنصاريُّ، يروي عن عمرة هذه عن عائشة، قيل: إنَّه أخوها، وقيل: ابن أخيها، وقيل: ابن ابن أخيها، وقيل في نسبه: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرارة، أخرج لهذا الثاني عن عمرة البُخاريُّ ومسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ حديثًا واحدًا عن عائشة رضي الله عنها: (كان النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يصلِّي ركعتي الفجر فيخفِّفُها ... )؛ الحديث.

(1/13059)


قوله: (فِي حَجْرِ عَائِشَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها.
قوله: (رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِ فَيَخْتِمُ بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}): لا أعلم أحدًا سمَّاه إلَّا ما ذكرته في (باب الجمع بين السورتين)، ويحتمل أن يكون المذكورَ في (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ})، وقد تَقَدَّمَ؛ فانظره، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: نُقِل عن ابن منده في كتاب «التوحيد»: أنَّ الرجلَ كلثومُ بن الهدم، وقد تَقَدَّمَ في بعض الشروح _ (باب الجمع بين السورتين في ركعة) بعد ذكر حديث الذي يفتتح بها عن أنس، وحديث عائشة هذا_ بأنَّ أبا موسى قال في «الصَّحَابة»: كلثوم بن الهدم هو المبهم، وأنَّ ابن بشكوال قال: إنَّه قتادة بن النعمان الظفريُّ، ولم أقف على ذلك في «مبهمات ابن بشكوال»، إنَّما ذكر ابنُ بشكوال ذلك في الذي كان يقرؤها ويتقالُّها، فقال: هو قتادة بن النعمان، ولم أجد في «الأُسْد» في ترجمة كلثوم ما يدلُّ على المذكور عن ابن منده، بل فيه ما يدلُّ على عكسه، فإنَّه قال: إنَّه أوَّل من مات من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد قدومه المدينة، ولم يذكر شيئًا من مشاهده، ذكره الطَّبَريُّ، ثُمَّ قال: إنَّه تُوُفِّيَ بعد أسعد بن زرارة، وكان قد قدَّم أنَّ أسعدَ تُوُفِّيَ قبل بدر بيسيرٍ، والسرايا قبل بدر معلومةٌ، ليس لكلثوم فيها ذكرٌ، ثُمَّ ذكر السرايا التي قبل بدر وليس لكلثوم فيها ذكرٌ، والله أعلم، انتهى، وقد تَقَدَّمَ شيءٌ من هذا في (باب الجمع بين السورتين)؛ فانظره.
وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ من المصريِّين: قيل: هو كلثوم بن الهدم، وفيه نظرٌ؛ لأنَّهم ذكروا أنَّه مات في أوَّل الهجرة قبل نزول القتال، ورأيتُ بخطِّ الرشيد العطَّار: كلثوم بن زهدم، وعزاه لـ «صفوة التصوُّف» لابن طاهر، ويُقال: قتادة بن النعمان، وهو غلطٌ وانتقالٌ مِن الذي قبله إلى هذا، انتهى؛ يعني: مِن (أنَّ رجلًا سمع رجلًا يقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).

(1/13060)


[باب قول الله تبارك وتعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ... }]

(1/13061)


[حديث: لا يرحم الله من لا يرحم الناس]
7376# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أُحُد) في (باب ما أصاب النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أُحُد)، و (أبو معاوية): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ظَبْيَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أهل العربيَّة يفتحون الظاء المُعْجَمَة المشالة، ويُلَحِّنون مَن يكسرها، وأهلُ الحديث يكسرونها، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو ظبيان: حصين بن جندب بن عمرو المذحِجيُّ، اتَّفقا عليه)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك مَرَّاتٍ.
[ج 2 ص 865]
قوله: (لَا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ): (يَرحَمُ) في الموضعين: مَرْفُوعٌ؛ لأنَّ (لا) نافية، والله أعلم.

(1/13062)


[حديث: ارجع فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى]
7377# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه مُحَمَّدُ بن الفضل السدوسيُّ عارمٌ، و (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلِّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلِّ)؛ وهي تثليث الميم، وتشديد اللام [1] مع الثلاث، والرابعة فتح الميم، وإسكان اللام، ثُمَّ همزة.
قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ): تَقَدَّمَ أن هذا الرسولَ لا أعرف اسمَه، وقد تَقَدَّمَ اسمُ هذه البنت في (الجنائز): أنَّها زينبُ، وأنَّ ابنَها هذا اسمُه عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع.
قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاحتساب): ادِّخار الثوابِ عند الله عزَّ وجلَّ.
قوله: (فَدُفِعَ الصَّبِيُّ): كذا هو بالدال، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا في نسخة أخرى صحيحةٍ غير أصلنا.
قوله: (وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ): تَقَدَّمَ معناه: تتحرَّك وتضطرب.
قوله: (كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ): تَقَدَّمَ ما (الشَّنُّ)؛ وهي القِربة البالية.
قوله: (فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا [2]؟): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن عبادة في هذا الحديث نفسِه.
قوله: (وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ): تَقَدَّمَ في (الرحماء) إعرابان: النصب والرفع، وتَقَدَّمَ تعليلهما في (الجنائز) من هذا التعليق.
==========
[1] في (أ): (اللا)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يا رسول الله)، وقوله: (ما هذا؟): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 866]

(1/13063)


[باب قول الله تعالى: أنا {الرزاق ذو القوة المتين}]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]): كذا في أصلنا، وفي الهامش: {إِنَّ اللَّهَ}، وعليه (صح)، وسقط له {هو}، أو أنَّه تركها اعتمادًا لِما عُرِف عن القراءة المتواترة، ويأتي الكلام على التبويب في كلام ابن المُنَيِّر وبعده، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على جاري عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الحديثِ الآيةَ _والحديثُ وهو قوله: «ما أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله عزَّ وجلَّ، يدْعون له الولدَ، ثُمَّ يعافيهم ويرزقهم»، قال ابن المُنَيِّر_: اشتماله على صِفَتي الرِّزْقِ والقوَّة؛ أي: القدرة، أمَّا الرزق؛ فواضحٌ بقوله: «ويرزقهم»، وأمَّا القدرة والقوة؛ بقوله: «ما أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله عزَّ وجلَّ»؛ ففيه إشارةٌ إلى قدرة الله على الإحسان إليهم مع كفرهم به، وأمَّا البشر؛ فإنَّه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء طبعًا، ولكن يتكلَّف ذلك شرعًا؛ لأنَّ الذي يحمل على المكافأة والمسارعة بالعقوبة خوفُ الفوت، والله سبحانه وتعالى قادرٌ أَزَلًا وأبدًا، لا يعجزه شيءٌ ولا يفوته، والتلاوة: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، انتهى.

(1/13064)


وقد قَدَّمْتُ أنَّ التلاوةَ كذا وقعت على قراءة العامَّة في هامش أصلنا، وفي أصلٍ آخَرَ كذلك، وفي الهامش: القراءة الأخرى: {أَنَا الرَّزَّاقُ}، وقد سبق في أوَّل هذا التعليق على ما إذا وقع وَهَمٌ في التلاوة ما يُصنَع به، في حديث هرقل في قوله: و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 65]، وقد رأيت في هامش نسخة _زعم كاتب الحاشية أنَّها من نسخة الصغانيِّ، والتبويب: (باب قول الله: {إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}) _ ما لفظها: (هكذا في النسخ، وقد أُصلِح في بعضها جهلًا منهم بالقراءة، وهي قراءةُ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ فإنَّه قال: أقرأني النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: {إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ})، انتهت، والذي قاله صحيحٌ، فهي منسوبةٌ إلى ابن مسعود في «أبي داود» في (كتاب الحروف)، و «التِّرْمِذيِّ» في (كتاب القراءات)، وفي «النَّسائيِّ» في (البعوث) وفي (التفسير)، و «في مستدرك الحاكم» في (القراءات) أيضًا مرَّتين، والله أعلم، والحاصل: أنَّها قراءةٌ شاذَّةٌ، فلا تُغَيَّر إلى المتواترة، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تَعَالَى).
[ج 2 ص 866]

(1/13065)


[حديث: ما أحد أصبر على أذًى سمعه من الله]
7378# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، وقدَّمت مرارًا أنَّ عبدانَ لقبُه، و (أَبُو حَمْزَةَ): بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبَيِّعَة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار الأميرُ، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.
==========
[ج 2 ص 866]

(1/13066)


[قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا}]
قوله: (قَالَ يَحْيَى: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا): (يحيى) هذا: هو الفرَّاء، تَقَدَّمَ بعض ترجمته في (سورة الصَّفِّ).
==========
[ج 2 ص 866]

(1/13067)


[حديث: مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمها إلا الله]
7379# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (مَخْلَدًا) بإسكان الخاء.
قوله: (مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ): أي: تنقص من مدَّة الحمل، وقيل: ما يسقط قبل تمام مدَّته، وقال ابن عبد السَّلام الشيخ عزَّ الدين عبدُ العزيز في «تفسيره»: {تَغِيضُ}: تنقص من الخلقة، و {تزداد} [1] [الرعد: 8]: تَتمُّ، وقيل: تنقص من التسعة، وتزاد إلى الستِّين، وقيل: بظهور الحيض في الحبل، وفيه نقص الولد؛ لأنَّ دمَ الحيض غذاؤُه، ويزاد على التسعة الأشهر بقدر ما حاضت، وقيل: بانقطاع الحيض في الحمل، وتزاد بدم النفاس بعد الوضع، وقيل: ما يولد به من قبلُ ومن بعدُ.
==========
[1] في (أ): (تزاد)، والمثبت موافق للتلاوة.
[ج 2 ص 866]

(1/13068)


[حديث: مَن حدثك أن محمدًا رأى ربه، فقد كذب]
7380# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليق الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، ثُمَّ ذكرتها في أماكنها، والله أعلم، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شَراحيل.
قوله: (مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا [1] رَأَى رَبَّهُ؛ فَقَدْ كَذَبَ): تَقَدَّمَت هذه المسألةُ في أوَّل (كتاب الصَّلاة)، وقد أطال القاضي عياض الكلامَ على هذه المسألة، وذكر أدلَّة الجانِبَين، ولم يترجَّح عنده فيها شيءٌ، وقد ذكرت أنا أيضا كلامًا للناس، ولا شكَّ أنَّها جائزةٌ، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[ج 2 ص 866]

(1/13069)


[قول الله تعالى: {السلام المؤمن}]

(1/13070)


[حديث: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله]
7381# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مرارا أنَّه زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، و (مُغِيرَةُ): هو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ، و (شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ): هو أبو وائل، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.
قوله: (التَّحِيَّاتُ): تقدَّم الكلام عليها، وكذا (الصَّلَوَاتُ).
==========
[ج 2 ص 866]

(1/13071)


[قول الله تعالى: {ملك الناس}]

(1/13072)


[حديث: يقبض الله الأرض يوم القيامة]
7382# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ،
[ج 2 ص 866]
و (سَعِيْد): هو ابن المُسَيّب بن حَزْن، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): كذا في أصلنا وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ومراده: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أمَّا (شعيب)؛ فهو ابن أبي حمزة، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: («وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيب»؛ ليس فيه «حَدَّثَنَا أبو اليمان»، رواه يونس عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة)، انتهى.
وقد ذكرت لك أنَّ في أصلنا: (وقال شعيب)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم، وعلى تقدير أنَّه: (وقال شعيب)؛ لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله.
وأمَّا (الُّزبَيديُّ)؛ فإنَّه مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديُّ؛ بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: قلت: رواية الزُّبَيديِّ وصلها ابنُ جَوْصَا في جزئه المشهور.
وأمَّا (ابن مسافر)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن سعيد ابن عُفَير عن الليث عن عبد الرَّحْمَن بن خالد به.
وأمَّا (إسحاق بن يحيى)؛ فإنَّه ابن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّه استشهد به البُخاريُّ، يُقال: إنَّه قتل أباه، ولا يُعرَف، ولم أرَ تعليقَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أبو سلمة): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

(1/13073)


[قول الله تعالى: {وهو العزيز الحكيم}]
قوله: (قَطْ قَطْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا في (سورة ق) في (التفسير).
قوله: (يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا الرجل جهينةُ من جهينة، وتَقَدَّمَ أنَّ السُّهَيليَّ قال: إنَّ اسمَه هنَّادٌ؛ فلعلَّ أحدَهما لقبٌ، والآخرَ اسمٌ.
قوله: (وَقَالَ [1] أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (لَا غِنًى بِي): (غنًى): مُنَوَّنٌ [2]، وقد تَقَدَّمَ ذلك أيضًا، وأنَّ معنى (لا غِنًى): لا بُدَّ، وقوله: (بي): كذا كان في أصلنا، وقد طرأ عليها فأُصلِحت على: (لي)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.
[2] وهو في «اليونينيَّة» بلا تنوين.
[ج 2 ص 867]

(1/13074)


[حديث: أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت]
7383# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج ميسرةَ، تُوُفِّيَ سنة أربع وعشرين ومئتين)، انتهى، وقد ذكرت أنا ذلك، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى بْن يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، وأنَّ (يَعْمَر) بفتح الميم، وتَقَدَّمَ ما ذكره ابن قُرقُول عن البُخاريِّ من أنَّ (اليعمُريَّ) بضَمِّ الميم.
==========
[ج 2 ص 867]

(1/13075)


[حديث: لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد]
7384# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو أبو بكر، عبد الله بن مُحَمَّد بن حميد بن أبي الأسود بن الأسود البصريُّ، مات ببغداد سنة ثلاث وعشرين ومئتين)، انتهى، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (حَرَمِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه لا كالمنسوب إلى الحرم، المنسوبُ إلى الحرم حِرْمِيٌّ؛ بكسر الحاء المُهْمَلَة، وبإسكان الراء، و (حَرَمِيُّ) هذا: بفتح الحاء المُهْمَلَة، وبالراء، مشدَّد الياء.
قوله: (يُلْقَى فِي النَّارِ): (يُلقَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): هو خليفة بن خيَّاط، شبابٌ العُصفريُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلانٌ)؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سَعِيدٌ): هو [1] ابن أبي عَرُوبة، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَعَنْ مُعْتَمِرٍ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن خليفة، عن معتمر، عن أبيه، وأبوه هو سليمان بن طرخان التيميُّ، وليس بتعليقٍ.
قوله: (يُلْقَى فِيهَا): (يُلقَى): تَقَدَّمَ أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (قَدَمَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (القدم) في (سورة ق) في (التفسير)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (فَيَنْزَوِي)؛ أي: ينضمُّ ويجتمع، وكذا على: (قَدِ قَدِ) بِلُغَاتها؛ كلُّه في (سورة ق) في (التفسير)، قال ابن قُرقُول: كفى كفى؛ مثل: قط قط؛ يُقال بسكون الدال وكسرها، انتهى، وبهما هو مضبوطٌ هنا في أصلنا.
==========
[1] زيد في (أ): (هو)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 867]

(1/13076)


[قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}]

(1/13077)


[حديث: اللهم لك الحمد أنت رب السموات والأرض]
7385# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن أبي مسلم الأحولُ.
قوله: (أَنْتَ قَيِّمُ): (القيِّم) و (القيُّوم) و (القَيَّام): الذي لا يزول، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا على قوله: (أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ).
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا): أمَّا (سفيان)؛ فهو الثَّوريُّ، وقوله: (بهذا)؛ أي: بالسند المتقدِّم؛ وهو سفيان، عن ابن جُرَيجٍ، عن سليمان، عن طاووس، عن ابن عَبَّاس، وباللفظ، غير أنَّه قال: (وقولك الحقُّ)، والذي قبله قال: (قولك الحقُّ)، خالفه في الواو فقط، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 867]

(1/13078)


[قول الله تعالى: {وكان الله سميعًا بصيرًا}]
قوله: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى [1]: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الأحاديثُ مطابقةٌ للترجمة إلَّا حديثَ أبي بكر؛ يعني: حديثه: (علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: فليس فيه صفتا السمع والبصر، غير أنَّه قال: (أدعو به)، ولولا أنَّ سمع الله يتعلَّق بالسِّرِّ وأخفى؛ لَما أفادَ الدعاءُ في الصَّلاة سرًّا، انتهى.
قوله: (وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ تَمِيمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [2]: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ ... ) إلى آخره: هذا التعليقُ أخرجه النَّسائيُّ في (الصَّلاة) وفي (التفسير) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جَرِير، عن الأعمش نحوَه، وابن ماجه في (السُّنَّة) عن عليِّ بن مُحَمَّد عن أبي معاوية، وفي (الطلاق) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن مُحَمَّد بن أبي عبيدة بن معن، عن أبيه؛ كلاهما عن الأعمش به.
و (الأعمش): هو سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (تميم) هذا: هو تميم بن سَلَمة السَّلَميُّ الكوفيُّ، رأى ابنَ الزُّبَير، وروى عن شُريح القاضي، وعبد الرَّحْمَن بن هلال، وعروة، وغيرِهم، وعنه: منصور، والأعمش، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال الفَلَّاس: مات سنة مئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقال بعض حفَّاظ مِصر من العصريِّين: (تميم: هو ابن سلمة، ووَهِمَ مَن زعم أنَّه تميم بن طرفة)، انتهى.
قوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [3]: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]): تمام هذا في «البزَّار» وغيرِه: قالت عائشة: الحمد لله الذي وَسِعَ سَمْعُه الأصوات، جاءت خولةُ تشتكي زوجَها إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تخفي أحيانًا بعض ما تقول، فأنزل الله تعالى ... »؛ وذكر الآية.
قوله: ({قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]): تَقَدَّمَ اسم المجادِلة واسمُ زوجها، وهي خولة بنت ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، وزوجُها أوس بن الصامت، في (الظهار).

(1/13079)


[حديث: اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا]
7386# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ) قريبًا وبعيدًا، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ.
[ج 2 ص 867]
قوله: (فَقَالَ: ارْبَعُوا): هو بهمزة وصلٍ، وفتح المُوَحَّدة، فإن ابتدأتَ به؛ كسرتَ الهمزة، وقد تَقَدَّمَ معناه.

(1/13080)


[حديث: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا]
7387# 7388# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (يَزِيد): هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.
قوله: (أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي): كذا في أصلنا بالواو، وهي لغةٌ، والجادَّة: (أدعُ)؛ بحذف حرف العلَّة، والله أعلم.
قوله: (ظُلْمًا كَثِيرًا): كذا في أصلنا بالمُثَلَّثَة، قال ابن قُرقُول: (كبيرًا)، وللقابسيِّ بالثاء المُثَلَّثَة، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ما قاله الشيخ محيي الدين، وفيه نظرٌ تَقَدَّمَ، والله أعلم.

(1/13081)


[حديث: إن جبريل عليه السلام ناداني قال: إن الله قد سمع قول قومك]
7389# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ.

(1/13082)


[باب قول الله تعالى: {قل هو القادر}]

(1/13083)


[حديث: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ... ]
7390# قوله: (يُحَدِّثُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ): اعلم أنَّ هذا الرجلَ ليس له روايةٌ في «البُخاريِّ»، بل ولا في «مسلمٍ»، ولكن جاء ذِكْرُه هنا، فأحببت أن أذكر بعضَ ترجمته؛ لاحتمال أن يَعرِض للقارئ لـ «البخاريِّ» أحدٌ يسأله عنه، فأقول: هو عبد الله بن حسن بن حسن بن عليِّ بن أبي طالب، أبو مُحَمَّد الهاشميُّ المدنيُّ، عن أبيه، وأمِّه فاطمةَ بنتِ الحُسين، وعمِّه من الأمِّ إبراهيمَ بنِ مُحَمَّد بن طلحة، وعبدِ الله بن جعفر وله صحبةٌ، والأعرجِ، وعكرمةَ، وغيرِهم، وعنه: يزيد بن الهادي، وليث بن أبي سُلَيم، وماتا قبله، وعبد العزيز بن المُطَّلِب، وأبو بكر بن حفص الزُّهْرِيُّ، ومالكٌ، وسفيان الثَّوريُّ، وخلقٌ، قال مصعبٌ الزبيريُّ: ما رأيت أحدًا من علمائنا يكرمون أحدًا ما يكرمون عبدَ الله بن حسن، وعنه روى مالكٌ حديثًا في الصَّلاة، وقال الواقديُّ: كان من العُبَّاد، وكان له شرفٌ وعارضةٌ وهيئةٌ ولسانٌ شديدٌ، وَفَدَ على أبي العَبَّاس بالأنبار، وقال مُحَمَّد بن سلَّام الجمحيُّ: كان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز في خلافته، ثُمَّ أكرمه أبو العَبَّاس، ووهبه ألفَ ألفِ درهمٍ، قال ابن معين وأبو حاتم: ثقةٌ، وقال موسى بن عبد الله: تُوُفِّيَ في حبس أبي جعفر وهو ابن خمسٍ وسبعين سنةً، قال الواقديُّ: كان موتُه قبل مقتل ابنه مُحَمَّد بأشهر، وقُتِل مُحَمَّدٌ في رمضان سنة خمس وأربعين ومئة، أخرج له الأربعة.
و (جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السَّلَمِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح السين واللام، نسبة إلى بني سَلِمة؛ بكسر اللام: قبيل من الأنصار، فإن كسرتَ لام النسب؛ صارَ على لُغَة، وقال ابن الصلاح: إنَّ كسرَ اللام في النسب لحنٌ، والله أعلم.
قوله: (فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ ... ): فيه التصريح بأنَّ الدعاءَ يكون بعد تمام الصَّلاة، وقد سُئِلتُ عن هذه المسألة مَرَّاتٍ، والنقل فيها كذلك، ومستندُ النقل هذا الحديثُ، والله أعلم.
قوله: (وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ): أي: أطلب منك أن تجعلَ لي قدرةً بقدرتك، وقد تَقَدَّمَ، وهو بفتح الهمزة، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ: (فَاقْدُرْهُ)، وأنَّه بضَمِّ الدال وكسرها، وهمز وصلٍ، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ)؛ بضَمِّ الدال وكسرها.
==========

(1/13084)


[ج 2 ص 868]

(1/13085)


[مقلب القلوب ... ]

(1/13086)


[حديث: لا ومقلب القلوب.]
7391# قوله: (عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله، شيخ خراسان.
==========
[ج 2 ص 868]

(1/13087)


[إن لله مائة اسم إلا واحدًا]
قوله: (بَابٌ [1]: إِنَّ لِلَّهِ مِئَةَ اسْمٍ إِلاَّ وَاحِدًا): الأسماء الحسنى حديثُها في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، لكن جملةً، ولم يعدِّدوها، وقد عدَّدها التِّرْمِذيُّ بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه، رواه عن إبراهيم بن يعقوب: حَدَّثَنَا صفوان بن صالح: حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم: حَدَّثَنَا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة، هو الله الذي لا إله إلَّا هو، الرَّحْمَن، الرحيم، الملك، القدوس، السَّلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبَّار، المتكبِّر، الخالق، البارئ، المصوِّر، الغفَّار، القهَّار، الوهَّاب، الرَّزَّاق، الفتَّاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السميع، البصير، الحَكَم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشَّكُور، العَلِيُّ، الكبير، الحفيظ، المُقِيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الوَدود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحقُّ، الوكيل، القويُّ، المتين، الوليُّ، الحميد، المحصي، المبدِئ، المعيد، المحيي، المميت، الحيُّ، القيُّوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الصمد، القادر، المقتَدِر، المقدِّم، المؤخِّر، الأوَّل، الآخِرُ، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البَرُّ، التوَّاب، المنتقِم، العفوُّ، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغنيُّ، المغني، المانع، الضارُّ، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور»، قال التِّرْمِذيُّ: هذا حديثٌ غريبٌ، حَدَّثَنَا به غيرُ واحد عن صفوان بن صالح، ولا يُعرَف إلَّا من حديث صفوان بن صالح، وهو ثقةٌ عند أهل الحديث، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ من غير وجه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لا نعلَم في كثيرِ شيءٍ من الروايات ذكرَ الأسماء إلَّا في هذا الحديث، وقد روى آدمُ بن إياس هذا الحديثَ بإسنادٍ غير هذا عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذكر فيه الأسماءَ، وليس له إسنادٌ صحيحٌ، انتهى.

(1/13088)


وقد رواه ابن ماجه بإسناده إلى أبي هريرة، وفيه عبدُ الملك بن مُحَمَّد الصنعانيُّ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال سليمان بن عبد الرَّحْمَن: ثقة، وأمَّا ابن حِبَّانَ؛ فقال: كان يجيب فيما يُسأَل عنه حتَّى يتفرَّد بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته، انتهى، عن زهير بن مُحَمَّد التميميِّ: ثقةٌ مُغْرِب، ولبعضهم عنه مناكيرُ، وفي الحديث الذي أخرجه ابن ماجه أسماءٌ ليست في الذي في «التِّرْمِذيِّ»، وها أنا أميِّزها لك؛ ففيه: (البارُّ، الرَّبُّ، البرهان، الشديد، الواقي، القائم، الدائم، الحافظ، الناظر، السامع، الجامع، الكافي، الأبد، العالم، الصادق، المُنير، التامُّ، القديم، الوتر)، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ذُو الْجَلَالِ} [الرَّحْمَن: 27]: الْعَظَمَةِ): (العَظَمة): مجرورٌ؛ لأنَّه تفسير {الجلالِ}، وليس تفسيرَ الـ {ذو}، {ذو} معناها: صاحبُ.
==========
[1] (باب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 868]

(1/13089)


[حديث: إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائةً إلا واحدًا]
7392# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه الحكمُ بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِئَةً إِلَّا وَاحِدًا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا.
قوله: (مَنْ أَحْصَاهَا؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ): تَقَدَّمَ معنى (أحصاها)، والصحيحُ من الأقوال: حَفِظَها؛ لقوله في بعض طرق الصحيح: «مَن حفظها؛ دخل الجنَّة»؛ ولهذا عقَّبَ البُخاريُّ تفسيرَ قوله: (أحصاها) فقال: (أَحْصَيْنَاهُ: حَفِظْنَاهُ).

(1/13090)


[السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها]
قوله: (بَابُ السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِعَاذَةِ بِهَا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصوده بالترجمة التنبيهُ على أنَّ الاسم هو المسمَّى؛ ولذلك صحَّت الاستعاذة به، والاستعانة به، وظهر لك في قوله: «باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه»، فأضاف الوضع إلى الاسم، والرفع إلى الذات؛ دلَّ على أنَّ الاسمَ هو الذات، وبها يُستَعان رفعًا ووضعًا، لا باللفظ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 869]

(1/13091)


[حديث: إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات]
7393# قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَ (أبي سعيد) كيسانُ، وأنَّ (المقبريَّ) بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها وكسرها، و (المقبّرة): مُثَلَّثَة الباء.
قوله: (بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ): هو بالصاد المُهْمَلَة، قال في «المطالع»: بفتح الصاد، وكسر النون، قيل: طرفه، وقيل: حاشيته، وقيل: جانب ناحيته التي عليها الهُدب، وقيل: بطرَّته، والمراد هنا: الطَّرَفُ، وفي «النهاية» قولٌ واحدٌ، قال: صَنِفة الإزار؛ بكسر النون: جانبه ممَّا يلي طرَّته، انتهى.
قوله: (تَابَعَهُ يَحْيَى وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود _فيما يظهر لي_ على مالك، و (يحيى): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، (وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): بكسر المُوَحَّدة، وبالشِّين المُعْجَمَة، و (المُفَضَّل): اسم مفعولٍ من (فضَّلَه) المضعَّف، و (عبيد الله): هو ابن عمر العُمَريُّ، ومتابعة يحيى القَطَّان أخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عمرو بن عليٍّ ومُحَمَّد بن مثنًّى؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوَه [1]، ومتابعة بِشْرٍ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (وَزَادَ زُهَيْرٌ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (زهير): هو ابن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، تَقَدَّمَ، وحديثه عن عبيد الله بن عمر العمريِّ أخرجه البُخاريُّ في (الدَّعَوات) وأبو داود في (الأدب) عن أحمد ابن يونس عنه، وأخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن مُحَمَّد بن معدان بن عيسى، عن الحسن بن مُحَمَّد بن أعين، عن زهير به، وحديث أبي ضمرة _وهو أنس بن عياض_ أخرجه مسلمٌ في (الدَّعَوات) عن إسحاق بن موسى عن أبي ضمرة أنسِ بن عياض به، وحديث إسماعيل بن زكريَّاء لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخُنا: وزيادة إسماعيلَ أخرجها الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» عن مُحَمَّد بن عمران: أخبرنا مُحَمَّد بن الرَّيَّان عنه، انتهى.

(1/13092)


قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ابن عجلان): هو مُحَمَّد بن عجلان، وحديثه عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الدَّعَوات) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن ابن عجلان نحوَه، وقال: حسنٌ، ورواه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن قُتَيْبَة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرَّحْمَن، عن ابن عجلان نحوَه، والله أعلم.
قوله: (تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ والدَّرَاوَرْدِيُّ وأُسامَةُ بنُ حَفْصٍ): الضمير في (تابعه) يعود على ابن عجلان، والظاهر أنَّ (مُحَمَّدَ بنَ عبد الرَّحْمَن): هو ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّه الطفاويُّ، قال: وتَقَدَّمَ ذلك في (الدَّعَوات)، وسيأتي على الصَّواب قريبًا في كتابه بعد صفحة، وإيراد متابعته ومَن معه هنا يحتاج إلى تحرير، انتهى، ومتابعتُه لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): عبد العزيز بن مُحَمَّد، تَقَدَّمَ، ومتابعتُه لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله، و (أُسامَةُ بنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ روى له حديثًا بمتابعة جماعةٍ له، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة أسامة بن حفص لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله.
==========
[1] زيد في (أ) مستدركًا: (ومتابعة يحيى _هو ابن سعيد القَطَّان_ أخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عمرو بن عليٍّ ومُحَمَّد بن مثنًّى؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوَه)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 869]

(1/13093)


[حديث: اللهم باسمك أحيا وأموت]
7394# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وأنَّها إلى جدِّه فُرهود، والنسبة إلى فُرهودَ: فراهيديٌّ وفُرهوديٌّ، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عمير، و (رِبْعِيٌّ): هو ابن حِراش، و (رِبْعِيٌّ): ضبطُه كالمنسوب إلى (الربيع)، و (حِراش): بالحاء المُهْمَلَة، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسَيل، ويُقال: حِسْل، تَقَدَّمَ رضي الله عنه وعن أبيه.
قوله: (إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ): (أوى): بالقصر؛ لأنَّه لازمٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إن كان لازمًا كهذا؛ كان فيه لُغَتان، والأفصحُ القصرُ، وإن كان متعدِّيًا؛ كان فيه لُغَتان، والأفصحُ المدُّ، وما ذكرتُه هو لغةُ القرآن، والله أعلم.
قوله: (أَحْيَا): هو بفتح الهمزة، وهذا ممَّا لا خلافَ فيه، إلَّا أنِّي رأيتُ بعضَ الطَّلبة أخبرني عن بعض مَن يقول: إنَّه محدِّث: أنَّه قال بالضَّمِّ؛ فسُئِل عن ذلك، فصمَّمَ على الضمِّ، وهذا خطأ.
قوله: (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ): تَقَدَّمَ أنَّه البَعث من القبور.

(1/13094)


[حديث: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور .. ]
7395# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، وتَقَدَّمَ كلامُ ابنِ أبي داود وغيرِه: أنَّه النَّحْوُ المعروف، وأنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (حِرَاشٍ): والده، و (خَرَشَة): بالخاء والراء والشين المعجمتين المفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جُندب بن جنادة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (إذا أَخَذَ مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا نقل فيه الكسرَ.
قوله: (وَنَحْيَا): هو بفتح النون.
==========
[ج 2 ص 869]

(1/13095)


[حديث: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: باسم الله]
7396# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحَميد، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (سَالِم): هو ابن أبي الجعْد.
قوله: (لَمْ يَضُرُّهُ): يجوز فيه فتح الراء وضمُّها، والضمُّ أفصحُ، وهو مذهب سيبويه، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب التسمية على كلِّ حال، وعند الوِقاع).

(1/13096)


[حديث: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فأمسكن فكل]
7397# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهو ابن عياض، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (هَمَّام): هو ابن الحارث النَّخَعيُّ.
قوله: (بِالْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، وسأذكر تفسيرَه قريبًا من كلام الدِّمْيَاطيِّ.
قوله: (فَخَزَقَ): هو بالخاء المُعْجَمَة والزاي المفتوحَتين، تَقَدَّمَ، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (خزق المِعْراض: شقَّ اللحمَ وقطعه، والمِعْرَاض: السهم الذي لا ريشَ له)، انتهى.

(1/13097)


[حديث: اذكروا أنتم اسم الله وكلوا]
7398# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه سليمانُ بن حيَّان.
قوله: (يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ): هو بضَمِّ اللام، جمع (لَحْم)، ويُجمَع أيضًا على (لِحام) و (لُحوم).
قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي خالد الأحمر، فرواه هؤلاء أيضًا عن هشام بن عروة به، ومتابعة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن _هو الطُّفاويُّ_ عن هشام به أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن أبي الأشعث أحمدَ بنِ المقدام عنه به، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِيُّ، ومتابعته لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: أخرجها مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر العَدَنِيُّ عنه، و (أسامة بن حفص): هو المدنيُّ، روى عن موسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: إبراهيم بن حمزة، ومُحَمَّد بن الحسن بن زَبَالة، وغيرُهم، روى له البُخاريُّ حديثًا واحدًا بمتابعةِ جماعةٍ له، وانفرد بالإخراج له، صدوقٌ، ضعَّفه أبو الفتح الأزديُّ بلا حُجَّة، وقال اللالْكَائيُّ: مجهولٌ، انتهى، روى عنه أربعةٌ، والعلم محيطٌ بأنَّ الشخصَ يخرُج عن جهالة العين باثنين، ومتابعتُه رواها البُخاريُّ في (الذبائح) عن مُحَمَّد بن عبيد الله عن أسامة بن حفص به.
==========
[ج 2 ص 870]

(1/13098)


[حديث: لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفًا فليحلف بالله]
7401# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مراراُ أنَّه الفضل بن دكين، و (وَرْقَاءُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وإسكان الراء، وبالقاف، ممدودٌ، وهو ورقاء بن عمر اليشكريُّ، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 870]

(1/13099)


[باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله]
قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الذات): معروفة؛ وهي الحقيقة، قال النَّوويُّ في «تهذيبه»: هذا اصطلاحُ المتكلِّمِين، وقد أنكره بعض الأدباء عليهم، وقال: لا تُعرَف (ذات) في لغة العرب بمعنى: حقيقة، وإنَّما (ذات) بمعنى: صاحب، وهذا الإنكارُ منكرٌ، بل الذي قاله المتكلِّمون _وقد ذكره الفقهاء أيضًا_ صحيحٌ، وقد قال الواحديُّ في أوَّل (سورة الأنفال) في قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]: قال أبو العَبَّاس ثعلب: {ذَاتَ بَيْنِكُمْ}؛ أي: الحالة التي بينكم، والتأنيث عنده لـ (الحالة)، وهو قول الكوفيِّين، وقال الزَّجَّاج: معنى {ذَاتَ بَيْنِكُمْ}: حقيقةَ وَصْلِكم، و (البين): الوصل، وقال صاحب «النظم»: {ذات}: كناية عن الخصومة والمنازعة ههنا، وهي الواقعة بينهم، انتهى، وقال غيره: منع الأكثرون (الذات) عليه سبحانه؛ للتأنيث، وفي كلام خُبَيب رضي الله عنه:
وذلك في ذات الإله ........
وقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لم يكذب إبراهيمُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا ثلاث كذبات؛ ثنتين في ذات الله»، وهذا في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، والله أعلم، و (النعوت): جمع (نعْتٍ)؛ وهو الصفة.
قوله: (وَقَالَ خُبَيْبٌ: وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ): هو بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، وهو خُبَيب بن عديِّ بن مالك الأنصاريُّ الأوسيُّ، وقد قَدَّمْتُ الكلام مع مَن عدَّه بدريًّا، وخُبَيب بن عديٍّ هذا قُتِل صبرًا بمكَّة، رضي الله عنه، وقصَّته مشهورةٌ في «الصَّحيح»، لكنَّه لم يحضر بدرًا، ولا قتلَ الحارثَ بن عامر الذي حضر بدرًا، وقتل الحارثَ بن عامر خبيبُ بن إساف بن عنبة، والله أعلم.

(1/13100)


[حديث: بعث رسول الله عشرة منهم خبيب الأنصاري ... ]
7402# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ): (عَمرو): بفتح العين، وزيادة واو، و (أَسِيد): بفتح الهمزة، وكسر السين، و (جارية): بالجيم والمُثَنَّاة تحت، وأَسِيد أسلم يوم الفتح، تَقَدَّمَ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ عَمرًا هو الصحيحُ، وقد قيل فيه: عُمر؛ بضَمِّ العين، وحذف الواو، والصحيحُ الأوَّلُ.
قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً؛ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ): هذا البَعث يُقال له: بعث الرجيع، وكان في صفر على رأس سنة وثلاثين شهرًا من مهاجَره عليه السَّلام عند ابن سعد، وقد تَقَدَّمَ ذلك في مكانه بما فيه، وقد ذكرت بيتين لحسَّان بن ثابت يجمع ستَّةً منهم _فإنَّ في قول ابن إسحاق: إنَّهم كانوا ستَّةً_ وهما:
~…أَلَا لَيْتَنِي فِيهَا شَهِدْتُ ابْنَ طَارِقٍ…وَزَيْدًا وَمَا تُغْنِي الأَمَانِيْ وَمَرْثَدَا
~…وَدَافَعْتُ عَنْ حِبِّي خُبَيْبٍ وَعَاصِمٍ…وَكَانَ شِفَاءً لَوْ تَدَارَكْتُ خَالِدَا
فأمَّا (ابن طارق)؛ فهو عبد الله بن طارق، و (زيد): هو ابن الدَّثِنَة، و (مرثد): هو ابن أبي مرثد، و (خبيب): هو ابن عديٍّ، و (عاصم): هو ابن ثابت بن أبي الأقلح؛ بالقاف، و (خالد): هو ابن البُكَير، وقد ذكرهم ابنُ سعد عشرة، وزاد فيهم تسميةَ سابعٍ؛ وهو مُعَتِّب بن عبيد؛ فتحصَّلْنا على تسمية سبعةٍ منهم، والله أعلمُ بالبقيَّة.
[ج 2 ص 870]

(1/13101)


قوله: (فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ: أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ): القائل: (فأخبرني عبيد الله ... ) إلى آخره: هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، أحد الأعلام المشهورين، وهذا الكلامُ الذي هنا ممَّا زاده شعيبٌ عن الزُّهْرِيِّ عن عبيد الله بن عياض، ورواةُ هذا الحديثِ عن الزُّهْرِيِّ في «البُخاريِّ» ثلاثةٌ: شعيب، وإبراهيم بن سعد، وهشام، والحديثُ نفسُه في «البُخاريِّ» و «أبي داود» و «النَّسائيِّ»، و (عبيد الله بن عياض): هو ابن عمرو بن عبد القاريُّ، روى عن أبيه، وعائشة، وابنة الحارث، وأبي سعيد الخدريِّ، وجابرٍ، وغيرِهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن عثمان بن خُثَيم في «ثقات ابن حِبَّانَ»، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، و (ابنة الحارث) المذكورة هنا: في «كتاب خلف»: أنَّها زينب بنت الحارث، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليها في (غزوة الرجيع) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن شئت.
قوله: (يَسْتَحِدُّ بِهَا): (الاستحداد): حلق العانة بالحديد، وهذا مَعْرُوفٌ.
قوله: (وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ): تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (الذات)، وما قالوا فيها.
قوله: (شِلْوٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الشين المُعْجَمَة، وإسكان اللام، ثُمَّ واو، تَقَدَّمَ أنَّه العضو، و (المُمَزَّعِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه المُقَطَّع.
قوله: (فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ): هو عقبة بن الحارث، كما جاء مسمًّى في (غزوة الرجيع)، وهو أبو سرْوَعَة، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك مُطَوَّلًا.
قوله: (فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أَخبر): بفتح الهمزة، مَبْنيٌّ للفاعل، وفاعله: (النَّبيُّ) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، و (أَصْحَابَهُ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

(1/13102)


[قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} ... ]
قوله: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى [1]: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على ذكر النَّفْسِ في حقِّ الباري جلَّ جلاله، وجميع ما ذكره يشتمل على ذلك إلَّا حديثَ عبد الله المذكورَ أوَّلًا؛ يعني: «ما من أحد أغيرُ من الله، ومن أجل ذلك حرَّم الفواحش ... » الحديث، قال ابن المُنَيِّر: فليس لـ «النَّفْسِ» فيه ذكرٌ، فوجه مطابقته _والله أعلم_ أنَّه صدَّر الكلام بـ «أَحَد»، و «أحد» الواقع في النفي عبارةٌ عن «النفس» على وجهٍ مخصوصٍ، وليس هو «أحدًا» في قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1 - 2]، هذاك من الوحدة؛ أي: الواحد، وهذا كلمةٌ مرتجلةٌ في النفي لبني آدم، هذا أصلها، فإذا قال القائل: ما في الدار أحدٌ؛ لم يُفهَم إلَّا نفيُ الأناسيِّ؛ ولهذا كان في قولهم: «ما في الدار واحدٌ إلَّا وَتِدًا» استثناءً من غير الجنس، ومقتضى الحديث إطلاقُه على الحقِّ؛ لأنَّه لولا صحَّة الإطلاق؛ ما انتظم الكلامُ في مِثْل قولِ القائل: «ما أحدٌ أحسن من ثوبي»؛ إذ الثوب ليس من الأحديِّين، بخلاف: «ما أحدٌ أعلم من زيد»؛ لأن زيدًا من الأحديِّين، والله أعلم، انتهى.

(1/13103)


[حديث: ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك]
7403# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وبالمُثَنَّاة تحت المُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيْق): هو ابن سلمة، أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 871]

(1/13104)


[حديث: لما خلق الله الخلق كتب في كتابه]
7404# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وعبدانُ لقبٌ له، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَهْوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ): قال ابن قُرقُول: كذا ضبطه القابسيُّ وغيرُه بفتح الواو وإسكان الضاد، وعند أبي ذرٍّ بفتح الواو والضاد، وهما نسختان؛ الساكنة الضاد في الأصل، والمفتوحة الضاد في الهامش، وهو بالضاد المُعْجَمَة، والعين المُهْمَلَة.
==========
[ج 2 ص 871]

(1/13105)


[حديث: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي]
7405# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ) أعلاه، وكذا (أَبُو صَالِحٍ).
قوله: (فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ): أي: أكثرَ منهم.
قوله: (وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ؛ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا): قال ابن قُرقُول: تقرُّب العبدِ بالطاعة، وتقرُّب البارِئِ سبحانه بالهداية له، وشَرْحِ صدره لِما تقرَّب به إليه، وكأنَّ المعنى: إذا قصد ذلك وعمله؛ أعنتُه عليه وسهَّلتُه له، وقد يكون بمعنى الجزاء: إذا تقرَّب إليَّ بالطاعة؛ جازيته بأضعافها في الآخرة، وسمَّى الثوابَ تقرُّبًا؛ لمقابلة الكلام وتحسينه، ولأنَّه من سببه وأجله، انتهى، وفي «النهاية» قال: المرادُ بقربِ العبدِ من الله تعالى: القربُ بالذِّكْرِ والعملِ الصالح، لا قربُ الذات والمكان؛ لأنَّ ذلك من صفات الأجسام، والله يتعالى عن ذلك ويتقدَّس، والمراد بقُرب اللهِ من العبد: قربُ نِعَمِه وألطافِه منه، وبِرُّه وإحسانُه إليه، وترادُفُ مِنَنِه عنده، وفيضُ مواهبه عليه، انتهى، ولخَّص فيه النَّوويُّ كلامًا فقال: مَن تقرَّب إليَّ بطاعتي؛ تقرَّبتُ إليه برحمتي، فإن زادَ؛ زدتُ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 871]

(1/13106)


[قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}]

(1/13107)


[حديث: أعوذ بوجهك]
7406# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وكذا هو منسوبٌ في روايةٍ هي نسخةٌ، و (عَمْرو): هو ابن دينار.
==========
[ج 2 ص 871]

(1/13108)


[قول الله تعالى: {ولتصنع على عيني}]
قوله: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى [1]: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه الاستدلال على إثبات العين لله _لا بمعنى الجارحة_ من قوله: «إنَّ الله ليس بأعورَ»: أنَّ العَوَرَ عرفًا عدمُ العين، وضدُّ العَوَر ثبوتُ العَين، فلمَّا نفى عن الحقِّ جلَّ جلاله هذه النقيصةَ _وهي عدم العين_؛ لَزِم ثبوتُ الكلمات [2] بضدِّها؛ وهو وجود العين، وهو على التمثيل والتقريب للفَهم، لا على إثبات الجارحة، وبين المتكلِّمين خلافٌ في مقتضى لفظ «العين» ونحوِها؛ فمنهم من جعلها صفاتٍ سمعيَّةً أثبتها السمع له، ولم يهتدِ إليها العقلُ، وكذلك «الوجه» و «اليد» و «الجنب»، ومنهم مَن جعلها كنايةً [عن] صفة البصر، و «اليد» كنايةٌ عن صفة القدرة، ومنهم مَن آمن بها إيمانًا بالغيب، وفوَّض في معناها إلى الله تعالى، انتهى.
قوله: (تُغَذَّى): هو بضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وفتح الغين والذال المُشَدَّدة المعجمتين، قال ابن قُرقُول في (الغين مع الذال)؛ يعني: المعجمتين: فثبتت هذه اللفظة عند الأصيليِّ والمستملي، وسقطت لغيرهما، انتهى، ورأيت في نسخةٍ صحيحةٍ بغداديَّةٍ مقابلةٍ بعدَّةِ نسخ _منها نسخة الصغانيِّ_ عُمِل في الأصل: (تُغَذَّى) كما ضبطته، وعُمِل عليها علامة راويها، وعُمِل في الهامش: (تُغَدَّى)؛ بإهمال الدال، وعُمِل عليها علامة راويها، وعُمِل في الحاشية أيضًا: (هذا عوض «تُغَذَّى»)، ونسبها لدار الذهب، والله أعلم.
==========
[1] قوله: (باب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (قولُ اللهِ تعالى)، وفي (ق): (قول الله عزَّ وجلَّ).
[2] في مصدره: (الكمال).
[ج 2 ص 871]

(1/13109)


[حديث: إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور]
7407# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أسماء، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (ذُكِرَ الدَّجَّالُ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الدَّجَّالُ): بالرفع، نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية مع الرواية التي في «مسلم»: (اليُسرى)، وذكرت جمعًا بينهما؛ فانظر ذلك.
قوله: (كَأَنَّ عَيْنَهُ): (كأنَّ): بتشديد النون، من أخوات (إنَّ)، و (عَيْنَهُ): بالنصب الاسم، و (عِنَبَةٌ): بالرفع الخبر، و (طَافِيَةٌ): صفةٌ لها، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (طافية) بالهمز وعدمِه؛ باختلاف المعنى.

(1/13110)


[حديث: ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب]
7408# قوله: (مَكْتُوبٌ بين عَيْنَيْهِ كَافِرٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الكتابة، وأنَّ الصحيحَ أنَّها حقيقة.
==========
[ج 2 ص 872]

(1/13111)


[{هو الله الخالق البارئ المصور}]

(1/13112)


[حديث: ما عليكم أن لا تفعلوا]
7409# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ): تَقَدَّمَ أنَّ الجَيَّانيَّ قال: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد)، و (الاعتصام)، و (التوحيد): (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَفَّان)، وكذلك لم يَنسب «إسحاقَ عن عَفَّانَ» هذا أبو نصر ولا أحدٌ من شيوخِنا في شيءٍ من هذه المواضع، ولعلَّه إسحاقُ بن منصور، أو إسحاقُ ابن راهويه، انتهى، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه» في آخر مَن اسمه إسحاق _والظاهر أنَّه من كلام المِزِّيِّ_: إسحاق: روى البُخاريُّ عنه عن عبد الله بن بكر، وأبي عاصم، وجماعةٍ، والظاهر: أنَّه الكوسج ... إلى آخر كلامه، و (الكوسج): هو إسحاق بن منصور الذي قاله الجَيَّانيُّ مع غيره، والله أعلم، ولم ينسبه شيخُنا ولا المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَفَّان): هو ابن مسلم الصَّفَّار، أبو عثمان الحافظ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ مشهورٌ عند أهله، و (ابن مُحَيْرِيزٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (اسمه عبد الله بن مُحَيريز بن جنادة بن وهب بن لوذان، اتَّفقا عليه، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: في خلافة الوليد بن عبد الملك، بالشام، كان في حجر أبي محذورة أوسِ بن مِعْيَر بن لوذان، مؤذِّن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمكَّة، وقُتِل أخوه أُنَيس بن مِعْيَر كافرًا يوم بدر)، انتهى، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ): تَقَدَّمَ متى كانت، وهي غزوة المُرَيْسِيع، وفيها اتَّفق حديثُ الإفك.
قوله: (فَسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا»): تَقَدَّمَ الكلام على (العَزْل) في (النكاح) ما حُكمُه مُطَوَّلًا.

(1/13113)


قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ قَزَعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ ... ») إلى آخره: أمَّا (مجاهد)؛ فهو ابن جَبْرٍ، أحد الأعلام الثَّقات المشاهير، لا يحتاج إلى ترجمة، و (قَزَعَة): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف والزاي، وأنَّ بعضَهم ضبطه بإسكان الزاي، وهو قَزَعة بن يحيى، مولى زياد، ويُقال: مولى عبد الملك، ويُقال: إنَّه حرسيٌّ، عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وجماعةٍ، وعنه: مجاهد، وقتادة، وربيعة بن يزيد، وعَطيَّة بن قيس، وعبد الملك بن عُمير، وعاصم الأحول، وآخرون، وَثَّقَهُ العِجْليُّ وغيرُه، وقال ابن خراش: صدوق، و (قَزَعَة): ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» عن أبي سعيد سوى: (سمعت من أبي سعيد عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أربعًا فأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي): في «البُخاريِّ» و «مسلم»: «لا تسافر امرأة ... » إلى آخره، وفي «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «النَّسائيِّ»، و «ابنِ ماجه»: «ولا صومَ في يومين: الفطر والأضحى»، وفي «البُخاريِّ» و «ابنِ ماجه»: «ولا صلاةَ بعد الصبح»، وفي «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «ابنِ ماجه»: «ولا تُشَدُّ الرِّحَال ... » إلى آخره، ليس له في «البُخاريِّ» سواه، وتعليقُه هنا الذي رواه عنه مجاهدٌ أخرجه مسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وله في «مسلم» غيرُ ذلك، وأمَّا في «البُخاريِّ»؛ فليس له عن أبي سعيد متَّصلًا سوى الحديث الذي: «فأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي»، والله أعلم.
قوله: (لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ): (نَفْسٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، اسم (ليس)، و (مَخْلُوقَةٌ): صفةٌ لها، والاستثناء هو الخبر، والله أعلم.

(1/13114)


[قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي}]

(1/13115)


[حديث: يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك]
7410# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بن فَضَالَةَ): هو بفتح الفاء بلا خلافٍ، وقد سمعتُ مَن يقولها بالضَّمِّ من المتشهِّيين يقرأ الحديث، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الأنبياء الذي ينبغي أن يُعتقَد فيهم أنَّهم معصومون من الذنوب قبل النبوَّة وبعدها، وكلُّ ما وقع في ظواهر [الكتاب] والسُّنَّة فمؤوَّلٌ، وكلُّ ما وقع في ظواهر الكتاب عنهم وكذا في بعض الأحاديث أجاب عنه عياض في «الشفا» بأجوبةٍ حسنةٍ، والله أعلم.
قوله: (فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا مع عدِّ مَن عدَّ إدريسَ في عمود نسبه الشريف؛ فانظره في أوائل هذا التعليق.
قوله: (وَقَعْتُ سَاجِدًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه السجدة والتي بعدها جاء في «مسند أحمد»: كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، والظاهر: أنَّها من جُمع الدنيا، وفي بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعة سبعين سنةً، فعلى هذا؛ كلُّ يومٍ بعشر سنين.
قوله: (ما يَزِنُ من الْخَيْرِ ذَرَّةً): قال ابن قُرقُول: (والذُّرَة في الزكاة بضَمِّ الذال وفتح الراء مُخَفَّفة، من القِطانيِّ؛ وهو الجَاوَرْسُ، وقيل: الجَاوَرْسُ الدُّخْنُ، ومثله: «ما يزن ذُرَة»؛ وهو تصحيفٌ، صوابه «ذَرَّة»؛ يعني: نملة صغيرة، وقيل: الذَّرَّة: واحدة «الذَّرِّ» ... ) إلى آخر كلامه، وقد تَقَدَّمَ، و (الجاوَرْس) في كلامه: بالجيم، وفتح الواو، وإسكان [الراء]، وبالسين المُهْمَلَة، وهو حَبٌّ صغارٌ شبيهٌ بالذُّرَة إلَّا أنَّه أصغر منه، وأصله كالقصب أقصر ساقًا من الذُّرَة، وهو مَعْرُوفٌ.

(1/13116)


[حديث: يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار]
7411# قوله: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
قوله: (لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ): أي: لا ينقصها، و (نفقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فاعلٌ، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] على ضبط (يغيضها)، وكذا على: (سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)، و (سحَّاء) هنا: ممدودٌ في أصلنا بالقلم، وقد قَدَّمْتُ ضبط (سحَّاء)، وإعراب (الليل والنهار) في (تفسير سورة هود)؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 872]

(1/13117)


[حديث: إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه]
7412# 7413# قوله: (حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وتشديد الدال المُهْمَلَة المفتوحة، اسمُ مفعولٍ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (رَوَاهُ سَعِيدٌ عن مَالِكٍ): يعني: عن نَافِعٍ عن ابن عُمَرَ، وهذا تعليقٌ، و (سعيدٌ): هو ابن داود الزَّنْبَريُّ، رواية سعيد بن داود الزَّنْبَريِّ وصلها اللالْكَائيُّ في كتاب [السُّنَّة] والدَّارَقُطْنيُّ في «غرائب مالك»، انتهى، وما رواه سعيدٌ لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، وقد ذكرتُ لك قُبَيلُ مَن أخرجه.
قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ: سَمِعْتُ سَالِمًا: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد رواه مسلمٌ في (التوبة) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وأبو داود في (السُّنَّة) عن عثمان ابن أبي شيبة، ومُحَمَّد بن العلاء، ثلاثتهم عن أبي أسامة، عن عمر بن حمزة به، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ ... ) إلى آخره: (أبو اليمان): تَقَدَّمَ أنَّه الحكم بن نافع، وقد تَقَدَّمَ إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ) وفلانٌ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/13118)


[حديث: يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع والأرضين ... ]
7414# قوله: (سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: يحتمل أن يكون ابنَ عُيَيْنَة، وأن يكون الثَّوريَّ؛ فإنَّ يحيى القَطَّان روى عنهما، وهما عن منصور، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن مِهْرَان الأعمش، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَبِيدة بن عمرو: أبو عمرو، وقيل: أبو مسلم، المراديُّ السَّلْمانيُّ، اتَّفقا عليه، أسلم قبل وفاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بسنتين، سمع عمر، وعليًّا، وابن مسعود، مات سنة أربعٍ وستِّين، وقيل: اثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث، وعَبِيدة بن حُميد الضَّبِّيُّ: انفرد به البُخاريُّ، وعَبِيدة بن سفيان الحضرميُّ عن أبي هريرة: انفرد به مسلم، هؤلاء بفتح العين وكسر الباء، ومَن عداهم بضَمِّ العين وفتح الباء؛ أعني في «الصحيحين»)، انتهى، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.
قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا اليهوديُّ لا أعرف اسمه.
قوله: (عَلَى إِصْبَعٍ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) عشرَ لُغَات؛ تثليث الهمزة، مع تثليث الباء، والعاشرة: (أُصبوع).
قوله: (وَالأَرَضِينَ): هو بفتح الراء، ويجوز تسكينها على قلَّة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس، قاله النَّوويُّ.
قوله: (قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: (يحيى بن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه القَطَّان، و (فُضَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، و (مَنْصُور) ومَن بعده: تقدَّموا أعلاه، وما زاده فُضَيلُ بن عياض عن منصورٍ به أخرجه مسلمٌ في (التوبة) عن أحمد ابن يونس عن فُضيل بن عياض به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن بندار عن يحيى عن فضيل به، وأخرجه النَّسائيُّ عن مُحَمَّد بن مثنًّى عن يحيى به، وفيه الزياد عن فُضيل.

(1/13119)


[حديث: جاء رجل إلى النبي من أهل الكتاب ... ]
7415# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ [1]: حَدَّثَنَا أَبِي): وفي نسخة: (عمر بن حفص بن غياث)، تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، وأنَّه بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ يهوديٌّ، وتَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.
قوله: (وَالثَّرَى): تَقَدَّمَ أنَّه التراب النديُّ.
قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه وقبله أنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس.

(1/13120)


[قول النبي: «لا شخص أغير من الله»]
قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ»، وقال عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ المَلِكِ: «لَا شَخْصَ أغْيَرُ مِنَ اللهِ»): (عبيد الله بن عمرو) هذا: هو ابن أبي الوليد، أبو وَهْب الأسَديُّ مولاهم، الرَّقِّيُّ، أحد الأئمَّة، عن عبد الملك بن عمير، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، وأيُّوب السَّخْتيَانيِّ، وليث بن أبي سُلَيم، والأعمش، وطائفةٍ، وعنه: زكريَّا ويوسف ابنا عديٍّ، ويحيى الوُحاظيُّ، وخلقٌ كثيرٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: ثقةٌ صدوقٌ، ولا أعرف له حديثًا منكرًا، وقال ابن سعد: كان ثقةً كثيرَ الحديث، وربَّما أخطأ، وكان أحفظَ مَن روى عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحدٌ ينازعه في الفتوى في دهره، ومات بالرَّقَّة سنة ثمانين ومئة، وقال غيرُه: وُلِد سنة إحدى ومئة، أخرج له الجماعة، و (عبد الملك): هو ابن عُمَير، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وسيأتي مَن أخرج هذا التعليقَ قريبًا.

(1/13121)


واعلم أنَّ البُخاريَّ أخرج في هذا الباب حديثَ المغيرة، وليس فيه إلَّا قوله: «وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ»، ولكن قبله تعليقًا عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عُمَير: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللَّهِ»، وهذا التعليقُ مكتوبٌ عليه في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (لا ... إلى) من أوَّله إلى آخره؛ يعني: أنَّه زائدٌ، وهو ثابتٌ في أصلنا القاهريِّ، وقد أخرجه مسلمٌ في (اللعان) عن عبد الملك بن عمير، عن ورَّاد، عن المغيرة بن شعبة: «ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحبُّ إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشِّرين ومُنذِرين، ولا شخصَ أحبُّ إليه المدحة من الله؛ من أجل ذلك وعد الجنَّة»، ثُمَّ أخرجه بسندٍ آخَرَ إلى عبد الملك بن عمير به مثلَه، وقال: «غيرَ مُصْفحٍ»، ولم يقل: «عنه»، قال في «المطالع»: (قيل: معناه: لا ينبغي لشخص أن يكون أغيرَ من الله، و «الشخص»: كلُّ جسم له ارتفاعٌ وظهورٌ، والمراد في حقِّ الله تعالى إثباتُ الذَّات، وقد رواه البُخاريُّ: «لا شيءَ أغيرُ من الله»)، انتهى، وقد ذكر ابنُ الأثير مثلَ كلام ابن قُرقُول، واعلم أنَّ حديث لقيط بن عامر العُقَيليِّ وافد بني المُنْتَفِق زاده عبدُ الله ابن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل في «المسند» لأبيه، وهو حديثٌ طويلٌ فيه عجائبُ، ومن جملته _وهو يعني البارئَ جلَّ جلاله_: «شخصٌ واحدٌ»، وقد ذكر عليه كلامًا ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّة في «حادي الأرواح»، وفي آخر الكلام: قال أبو الخير بن حمدان: هذا حديثٌ كبيرٌ ثابتٌ حسنٌ مشهورٌ، قال ابن القَيِّمِ: وسألت شيخَنا الحافظَ أبا احَجَّاج المِزِّيَّ عنه فقال: عليه جلالة النبوَّة، انتهى، وقال قبله: أخرجه عبد الله بن أحمد، وابن مردويه، وأبو نُعَيم، وغيرُهم، انتهى، ثُمَّ إنِّي رأيتُه في (كتاب الأهوال) من «المستدرك» للحاكم، وقال: صحيحٌ، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: يعقوب بن مُحَمَّد بن عيسى الزُّهْرِيُّ ضعيفٌ، انتهى، والحديث الذي رأيته أنا في «زوائد المسند» ليس فيه يعقوب بن مُحَمَّد بن عيسى الزُّهْرِيُّ، وإنَّما سنده: قال عبد الله بن أحمد: كتب إليَّ إبراهيمُ بن حمزة بن مُحَمَّد بن حمزة بن مصعب بن الزُّبَير الزبيريُّ: حدَّثني
[ج 2 ص 873]

(1/13122)


عبد الرَّحْمَن بن المغيرة الحزاميُّ: حدَّثني عبد الرَّحْمَن بن عيَّاش المِسْمَعِيُّ الأنصاريُّ القُبائيُّ من بني عمرو بن عوف عن دَلْهَم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المُنْتَفِق العُقَيليِّ، عن أبيه، عن عمِّه لقيط بن عامر، قال دَلْهَم: وحدَّثنيه أبي الأسودُ عن عاصم بن لقيط: أنَّ لقيطًا خرج وافدًا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره.
واعلم أنَّ عبدَ الرَّحْمَن بن عيَّاش روى عنه عبدُ الرَّحْمَن بن المغيرة وحدَه، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، ولم يذكر عنه راويًا سواه، ودَلْهَم عداده في التَّابعين، قال في «الميزان»: إنَّه لا يُعرَف، سمع أباه، وعنه: عبد الرَّحْمَن بن عيَّاش المِسْمَعِيُّ وحدَه، وَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ، والأسودُ والدُ دَلْهَم: هو ابن عبد الله بن حاجب، عن أبيه، وابن عمِّ أبيه عاصم بن لقيط، ما روى عنه سوى دَلْهَم، له حديثٌ واحدٌ، وعاصم بن لقيط بن صَبرة، عن أبيه، ما روى عنه سوى إسماعيلَ بنِ كثير المَكِّيِّ، وقيل: روى دَلْهَم عن أبيه عنه، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ، والله أعلم، وهو في نفس الأمر كتابةٌ غير مقرونةٍ بالإجازة، والخلافُ فيها معروفٌ، والصحيح: جواز الرِّواية بها، والله أعلم، كما تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ، وهي عندهم من المسندِ الموصولِ.

(1/13123)


والرِّواية التي في الصَّحيح: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللَّهِ»، قال شيخُنا في أوَّل ما قصد الكلام عليه: أجمعت الأمَّةُ على أنَّ الله تعالى لا يجوز أن يوصفَ بأنَّه شخصٌ؛ لأنَّ التوقيف لم يرد به، وقد منعت المعتزلةُ مِن إطلاق الشَّخصِ عليه مع قولهم: إنَّه جسمٌ واحدٌ موضوعٌ للاشتراك من الله ومن خلقه، وقد نصَّ اللهُ على تسمية نفسه فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، وقال بعد ذلك عن الدَّاوديِّ: لم يأتِ متَّصلًا، ولم تتلقَّ الأمَّةُ هذه الأحاديثَ بالقَبول، فإن صحَّ؛ فيحتمل أنَّ اللهَ أغيرُ مِن خلقه، ليس أحدٌ منهم أغيرَ منه، ولم يُسَمِّ نفسَه شخصًا، إنَّما أتى مرسلًا ... إلى آخر كلامه، وقال شيخُنا عن الخَطَّابيِّ: إطلاق الشخص في صفات الله غيرُ جائزٍ؛ لأنَّ الشخصَ إنَّما يكون جسمًا مؤلَّفًا، وخليقٌ ألَّا تكون هذه اللفظةُ صحيحةً، وأن تكونَ تصحيفًا من الرَّاوي، ودليله: أنَّ أبا عوانة رواه عن عبد الملك فذكر هذا الحرف، وروته أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما مرفوعًا: «لا شيءَ أغيرُ من الله»، ورواه أبو هريرة كذلك، فدلَّ ذلك أنَّ «الشخص» وَهَمٌ وتصحيفٌ ... إلى آخر كلامه، وقال عن ابن فَوْرَك: لفظ «الشخص» غيرُ ثابتٍ من طريق السَّند، فإن صحَّ؛ فشأنه في الحديث الآخر؛ وهو قوله: «لا أحدَ أغيرُ من الله»، فاستعمل لفظَ «الشخص» موضع «أحد»، كما سلف، والتقدير: أنَّ الأشخاصَ الموصوفةَ بالغَيرة لا تبلغ غَيرتُها وإن تناهت غَيرةَ الله وإن لم يكن شخصًا بوجهٍ، كما أسلفناه، قال: وإنَّما منعنا من إطلاق لفظ «الشخص» لأمورٍ؛ أحدها: أنَّ اللفظ لم يثبت من طريق السمع، وثانيها: إجماع الأمَّة على المنع منه، ثالثها: أنَّ معناه أن يكون أجسامًا مؤلَّفة على نوعٍ من التركيب، وقد منعت المجسِّمَةُ إطلاقَ «الشخص» مع قولهم بالجسم، فدلَّ ذلك على ما قلناه من الإجماع على منعه في صفته تعالى، انتهى.

(1/13124)


[حديث: تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه]
7416# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمَير، و (وَرَّاد): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وتشديد الراء، وفي آخره دال.
قوله: (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي): امرأة سعد بن عبادة لا أعرف اسمها.
قوله: (غَيْرَ مُصْفَحٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (النور).
قوله: (وَلَا أَحَدٌَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ): (أحدٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ، و (أحبُّ): مَرْفُوعٌ من غير تنوينٍ، ويجوز نصب (أحبَّ) من غير تنوينٍ أيضًا، ويجوز: (ولا أحدَ)؛ بفتح الدال، وفتح باء (أحبَّ)، وهذه الأوجه الثلاثةُ مضبوطٌ بها في أصلنا، أمَّا الأوَّل والثالث؛ ففي الأصل، وأمَّا الثاني؛ ففي الطُّرَّة، وعليه علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وهذا كلُّه ظاهرٌ، وكذا قوله ثانيًا: (وَلَا أَحَدٌَ أَحَبّ إِلَيهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ).
قوله: (الْمِدْحَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وهي بكسر الميم، وتَقَدَّمَ لِمَ أحبَّها اللهُ عزَّ وجلَّ.

(1/13125)


[{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله}]

(1/13126)


[حديث: أمعك من القرآن شيء]
7417# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار.
قوله: (لِرَجُلٍ: «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟»، قَالَ: نَعَمْ؛ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ لا أعرف اسمه، وهو الذي تزوَّج على سُوَرٍ من القرآن.
==========
[ج 2 ص 874]

(1/13127)


[باب: {وكان عرشه على الماء}]
قوله: (بَابٌ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: [ترجم] على ذكر العرش بالتَّنبيه [1] على أنَّه مخلوقٌ، حادثٌ، مرتسمٌ بسمات الحُدُوث، متَّصفٌ بصفات الإمكان، وكلُّ ما ذكره مشتملٌ على ذكر العرش إلَّا قولَه: «وقال ابن عَبَّاس: المجيد الكريم، والودود الحبيب، يقال: حميد مجيد؛ كأنَّه «فعيل» من «ماجد»، «محمود» من «حميد»)، فهذا الفصل لا يتعلَّق بالعرش، ولكنَّه نبَّه على لطيفةٍ؛ وهو أنَّ {الْمَجِيد} في قوله: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ} [البروج: 15]_على قراءة الكسر_ لا يُتَخيَّل أنَّها صفةُ {الْعَرْشِ}، وأنَّه بذلك قديمٌ؛ بل هي صفة الحقِّ؛ بدليل قراءة الرفع، وبدليل اقترانها بـ {الودود}؛ وهي صفة الحقِّ؛ فيكون الكسر على الجِوار حينئذٍ، والله أعلم، انتهى، وقد قرأ حمزة والكسائيُّ: {الْمَجِيدِ}؛ بالكسر، والباقون بالرفع، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ [2] أَبُو الْعَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]: ارْتَفَعَ): (أبو الْعَالِيَةِ): هو رُفيع بن مِهْرَان الرِّياحيُّ، كذا صَرَّحَ به الذَّهَبيُّ في مسألة العلوِّ في أوَّلها، قال شيخُنا: وأثرُ أبي العالية أخرجه الطَّبَريُّ عن مُحَمَّد بن أبان: حَدَّثَنَا أبو بكر بن عيَّاش عن حُصَين عنه، وعزا الأثَرَين بعدَه؛ فأثر مجاهدٍ قال: ذكره في «تفسيره» روايةَ ابن أبي نَجِيح عن ورقاء عنه، وأثر ابن عَبَّاس أخرجه البيهقيُّ من حديث عثمان بن سعيد الدارميِّ: حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح عن معاوية بن أبي صالح، عن ابن أبي طلحة عنه به، انتهى.

(1/13128)


[حديث عمران: اقبلوا البشرى يا بني تميم]
7418# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وعبدانُ لقبٌ له، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (صَفْوَان بْن مُحْرِزٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، ثُمَّ حاء مهملة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي.
قوله: (جَاءَهُ قَوْمٌ من بَنِي تَمِيمٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم وفدوا سنة تسع، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على]: (اقْبَلُوا الْبُشْرَى يا بَنِي تَمِيمٍ)؛ أي: بما يُجازَى به المسلمون، وما يصيرُ إليه عاقبتهم، وقوله: (البشرى): تَقَدَّمَ في أوَّل (بَدْء الخلق) أنَّها بالموحَّدة، وهي معروفةٌ، قال ابن قُرقُول: كذا للكافَّة في (بَدْء الخلق)، وعند الأصيليِّ: «اليُسرى»؛ يعني: بالمُثَنَّاة تحت، قال: والأوَّل أصوبُ، كما في سائر الأحاديث، وجواب بني تميم له: (بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا) يدلُّ عليه.
قوله: (فَأَعْطِنَا): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، والقائل له ذلك: قال شيخُنا _كما قدَّمتُه عنه في (بَدْء الخلق) _: قيل: إنَّه الأقرع بن حابس، كان فيه بعض أخلاق البادية، نبَّه عليه ابن الجوزيِّ.
قوله: (ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ لا أعرفه.
قوله: (فَإِذَا السَّرَابُ): تَقَدَّمَ [الكلام] عليه في أوَّل (بَدْءِ الخلق).
قوله: (لَوَدِدْتُ): هو بكسر الدال الأولى، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 874]

(1/13129)


[حديث: إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار]
7419# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): تَقَدَّمَ أنَّه ابن مُنَبِّه بن كامل.
[ج 2 ص 874]
قوله: (لَا تَغِيضُهَا [1] نَفَقَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (تَغِيض) بفتح أوَّله، ثُمَّ غين معجمة مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة [2]؛ أي: تنقصُها، و (نفقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فاعلٌ، وتَقَدَّمَ الكلام على (سَحَّاءُ)، وأنَّه بالمدِّ، صفة لـ (اليد)، أو أنَّه مصدرٌ، و (السَّحُّ): العطاء الغزير، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على إعراب (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) في (التَّفسير) في (سورة هود).
قوله: (وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْفَيْضُ، أَوِ الْقَبْضُ): الأولى بالفاء المفتوحة، والمُثَنَّاة تحت السَّاكنة، ثُمَّ ضاد معجمة، والثَّانية بالقاف المفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة، قال في «المطالع»: يحتمل أنَّه أراد به الإحسانَ والعطاءَ الواسعَ، وقد يكون الموتَ وقبضَ الأرواح، حكاه بعض أهل اللُّغة، انتهى، والثَّانية تَقَدَّمَ معناها.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَغيضُها)، وهي في (ق) معًا.
[2] زيد في (أ): (مكسورة)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

(1/13130)


[حديث: اتق الله وأمسك عليك زوجك]
7420# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أحمد هذا: قال فيه ابن البَيِّع: هو أبو الفضل أحمد بن النَّضْر بن عبد الوهَّاب النيسابوريُّ، وقال غيره: هو أبو الحسن، أحمد بن سَيَّار بن أيُّوب بن عبد الرَّحْمَن المروزيُّ، وقد روى عنه النَّسائيُّ أيضًا، مات سنة ثمان وستِّين ومئتين)، انتهى، والقولان أحدهما من كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ، وهو الأوَّل، والله اعلم، وقد وَهَّمَ ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ شارحًا في ذاك من كلام الكلاباذيِّ، ولم يتبيَّن لي أنَّ الذي قاله شارحٌ وَهَمٌ، والله أعلم، وقال المِزِّيّ في «أطرافه»: يُقال: إنَّه ابن سيَّار المروزيُّ، انتهى، وفي «التذهيب» للذهبيِّ _والظاهر أنَّه في «التهذيب» _: قيل: إنَّه أحمد بن سيَّار المروزيُّ، وفي «الكاشف» في ترجمة أحمد بن سيَّار قال: (وفي «البُخاريِّ»: «حَدَّثَنَا أحمد: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدَّمِيِّ»، قال الذَّهَبيُّ: فهو هو إن شاء الله)، انتهى، و (مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدَّميُّ): تَقَدَّمَ ضبط نسبته مَرَّاتٍ، وهو بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وفتح الدَّال المُهْمَلَة، نسبة إلى مُقَدَّم؛ اسم مفعولٍ، وهو جدُّه.
قوله: (جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ): هذا صحابيٌّ مشهورٌ، وكان عليه السَّلام تبنَّاه في الجاهليَّة، وكان يُدعَى زيدَ بنَ مُحَمَّد حتَّى أنزل الله تعالى بالمدينة: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]؛ فدُعِيَ زيدَ بنَ حارثة، وهو مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم يُذكَر في القرآن أحدٌ من الصَّحَابة باسمه إلَّا هو، وقد ذكرتُ الحكمةَ في ذلك، وأبوه حارثة: قَدَّمْتُ أنَّه أسلمَ وصَحِب، وتقدَّمت بعض مناقب زيدٍ رضي الله عنه.
قوله: (يَشْكُو): أي: من زوجه زينبَ بنتِ جحش امرأتِه.
قوله: (وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ): (أَمسِك): رُباعيٌّ، و (زوجه): هي زينب بنت جحش أمُّ المؤمنين، كانت عند زيد قبل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ طلَّقها، فنكحها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد قَدَّمْتُ متى تزوَّجها عليه السَّلام، والاختلاف في ذلك.

(1/13131)


قوله: (وَكَانَتْ [1] تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: الذي يظهر أنَّها أفضلُ الزوجات بعد خديجة وعائشة، رضي الله عنهنُّ.
قوله: (وَعَنْ ثَابِتٍ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]): هذا معطوفٌ على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن أحمد، عن مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدَّميِّ، عن حَمَّاد، عن ثابت، وليس تعليقًا، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ كما في هامش «اليونينيَّة»، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فكانت)، وهي رواية أبي ذرٍّ كما في هامش (ق)، ثمَّ زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (زينبُ)، وهي ساقطة في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 875]

(1/13132)


[حديث: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش]
7421# قوله: (نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) الكلامُ على ذلك، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 875]

(1/13133)


[حديث: إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي]
7422# قوله: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي): (الرَّحمة) و (الغضب) صفتان من صفات الله عزَّ وجلَّ، قديمتان بقِدَمِه، لا يجوز سَبْقُ إحداهما الأخرى، ولكنَّ هذا استعارةٌ لشمولها وعمومها، كما قال في الحديث الآخَرِ: (غلبت)، و (الغضب) في حقِّ الله تعالى راجعٌ إلى إرادة العذاب أو فعله، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ذلك.
==========
[ج 2 ص 875]

(1/13134)


[حديث: من آمن بالله ورسوله كان حقًا على الله أن يدخله الجنة هاجر]
7423# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (فُلَيحًا) بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالٌ): هو ابن عليٍّ، وهو هلال بن أبي ميمونة، وهو هلال ابن أسامة، منسوب إلى جدِّه، تَقَدَّمَ.
قوله: (وُلِدَ فِيهَا): (وُلِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ): اعلم أنَّه ثبت في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» عنه عليه السَّلام أنَّه قال: «إِنَّ في الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، ما بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض»، وهذا يدلُّ أنَّها في غاية العُلُوِّ والارتفاع، والحديثُ له لفظان: أحدهما هذا، والثاني: «إنَّ في الجنَّة مئةَ درجة، ما بين كِّ درجتين كما بين السَّماء والأرض، أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِهِ»، وبعض الحُفَّاظ المحقِّقين من المُتَأخِّرين يرجِّح هذا اللَّفظَ، وهو لا ينفي أن يكونَ درجُ الجنَّة أكثرَ من ذلك، ونظير ذلك قولُه في الحديث الصحيح: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة»؛ أي: من جملة أسمائه تعالى هذا العددُ، فيكون الكلامُ جملةً واحدةً في الموضعين، ويدلُّ على صحَّة هذا: أنَّ منزلةَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فوقَ هذا كلِّه في درجة الجنَّة، ليس فوقها درجةٌ، وتلك المئة ينالها آحاد أمَّته.

(1/13135)


وفي «المسند» عن أبي سعيد رضي الله عنه، عنه عليه السَّلام: «أنَّه يُقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنَّة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آيةٍ درجةً حتَّى يقرأ آخرَ شيءٍ معه»، وهذا تصريحٌ في أنَّ درجَ الجنَّةِ يزيد على المئة، وقد جاء أنَّ درجها عددُ آيِ القرآن؛ ستَّةِ آلافٍ ومئتين وستةَ عشرَ، وأمَّا في حديث أبي هريرة الذي رواه البُخاريُّ: «مئة درجة»؛ فإمَّا أن تكون هذه المئة درجةٍ من جملة الدَّرج، وإمَّا أن تكون نهايتُها هذه المئةَ، وفي ضمن كلِّ درجةٍ درجٌ دونها، ويدلُّ على المعنى الأوَّل حديثُ معاذ في «التِّرْمِذيِّ»، وقد رُوِيَت هذه الأحاديثُ بلفظة: (في) وبدونها، فإن كان المحفوظَ ثبوتُها؛ فهي من جملة درجها، وإن كان المحفوظَ سقوطُها؛ فهي الدرج الكبار المتضمِّنة للدرج الصغار، ولا تناقضَ بين تقدير الدَّرجتين بالمئة وتقديرها بالخمس مئة؛ لاختلاف السَّير في السُّرعة والبُطْء، والنَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ذكر هذا تقريبًا لأفهامنا، وثَمَّ حديثٌ يدلُّ لذلك، والله أعلم، انتهى، أو أنَّ المجاهدَ له مئةُ درجةٍ، وحاملُ القرآن له درجٌ عدد آي القرآن، وقد صحَّ في درج المجاهد خمس مئة عام بين كلِّ درجتين، وجاء في درج حامل القرآن كذلك؛ فعلى هذا؛ حامل القرآن أفضلُ، والله أعلم.
[ج 2 ص 875]
قوله: (وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ [2]): (فوقَه) هنا في أصلنا وفيما تَقَدَّمَ بالنصب، والصوابُ الرفعُ، وقد قَدَّمْتُ في (باب درجات المجاهدين) في (كتاب الجهاد) ما في ذلك، وذكرتُ كلامَ القاضي عياض وابنِ قُرقُول، وكلامَ المِزِّيِّ؛ فانظره، والصواب الرَّفع، كما قدَّمته عنهم.

(1/13136)


[حديث: فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها]
7424# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضَّريرُ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته واسمه ونسبه رضي الله عنه.
قوله: (فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 876]

(1/13137)


[حديث زيد: أرسل إلي أبو بكر فتتبعت القرآن ... ]
7425# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، و (إِبْرَاهِيم): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابن شِهَاب): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: وكذا رأيته معلَّقًا في (سورة براءة)، وقال شيخُنا هنا: وهذا التَّعليق أسلفه مسندًا عن سعيد ابن عُفَير [1] عن اللَّيث به، انتهى، ولم أرَ أنا هذا مسندًا، إنَّما رأيته معلَّقًا أيضًا في (براءة)؛ كما هنا، والله أعلم.
قوله: (عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ): تَقَدَّمَ ضبط (السَّبَّاق)، و (ابنه): هو عبيد، وقد سمَّاه قبل هذه الطَّريق، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه.
قوله: (أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ): أرسل إليه عَقِيب وقعةِ اليمامة، وقد قَدَّمْتُ أنَّها في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة في خلافة الصِّدِّيق، وقدَّمت عددَ من قُتِل بها من الصَّحَابة؛ وهم أربع مئة وخمسون، ويُقال: ستُّ مئة، فيهم سبعون من الأنصار، وكان النَّصر للمسلمين، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّمَ الكلام على (أبي خزيمة الأنصاريِّ) رضي الله عنه في (سورة براءة).
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، (بِهَذَا): يعني عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ به.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (يحيى ابن بكير).
[ج 2 ص 876]

(1/13138)


[حديث: لا إله إلا الله العليم الحليم لا إله إلا الله رب العرش ... ]
7426# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (سَعِيد): هو ابن أبي عروبة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في «القاموس» لشيخِنا مجدِ الدين: وابن أبي العروبة؛ باللَّام، وتركُها لحنٌ، أو قليلٌ، و (أَبُو العَالِيَةِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو الْعَالِيَةِ عن ابن عَبَّاس اثنان؛ أحدهما: رُفيع بن مِهْرَان اتَّفقا عليه، والآخَرُ: زياد بن فيروز البرَّاء، كان يبري النَّبْل، انفرد به مسلمٌ)، انتهى، وهذا فيه بيانُ مَن هو هذا منهما، وهو رُفيع بن مِهْرَان، أبو العاليةِ الرِّياحيُّ، وأمَّا زياد بن فيروز؛ فليس له في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «النَّسائيِّ» عن ابن عَبَّاس غيرُ حديثٍ واحدٍ، وهو: (قدم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لصبح رابعة يلبُّون بالحجِّ، فأمرهم أن يجعلوها عمرةً إلَّا مَن كان معه هَدْيٌ)، وليس له في بقيِّة الكُتُب السِّتَّة شيءٌ، والحاصل: أنَّ له في «البُخاريِّ» حديثًا واحدًا، وقول الدِّمْيَاطيِّ: (إنَّ زيادَ بن فيروز انفرد به مسلم) فيه نظرٌ، بل قَدَّمْتُ لك أعلاه أنَّه أخرج له البُخاريُّ عن ابن عَبَّاس حديثًا واحدًا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 876]

(1/13139)


[حديث: يصعقون يوم القيامة فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش]
7427# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ مُعَيَّنَةً في أماكنها، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (النَّاسُ [1] يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الإشخاص) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.
7428# قوله: (وَقَالَ الْمَاجِشُونُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله، عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة دينارٍ، الماجشون المدنيُّ الفقيه، اتَّفقا عليه وعلى ابن عمِّه يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة دينارٍ)، انتهى، فقوله: (أبو عبد الله) في كنية الماجشون ذكر غيرُه في كنيته قولَين؛ هذه إحداهما وقدَّمَها، والثَّانية: أبو الأصبغ، قال أبو مسعود: إنَّما يُعرَف عن عبد العزيز الماجشون، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، انتهى، وحديث عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أخرجه البُخاريُّ في (أحاديث الأنبياء) عن يحيى ابن بكير عن اللَّيث، ومسلمٌ فيه عن زهير بن حرب عن حجين بن المثنَّى، وعن مُحَمَّد بن حاتم عن يزيد بن هارون؛ ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن الحسن بن مُحَمَّد، عن شَبَابَة بن سَوَّار، عن عبد العزيز به مختصرًا: «لا تُفَضِّلُوا بين الأنبياء، فإنَّه ينفخ في الصور فأكون أوَّلَ من بُعِث، فإذا مُوسَى ... »؛ الحديث، في كتاب أبي القاسم عن موسى عن الحسن بن مُحَمَّد، وقوله: (عن موسى) زيادةٌ لا حاجةَ إليها، والله أعلم.
قوله: (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ): تَقَدَّمَ الكلام على (البَعث) ما هو.

(1/13140)


[باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إليه} [المعارج: 4]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: جميع ما ساقه في الترجمة مطابقٌ لها من ذكر العُرُوج والصُّعُود ونحوِ ذلك إلَّا حديثَ ابن عَبَّاس؛ يعني: «أنَّه عليه السَّلام كان يدعو عند الكرب: لا إله إلَّا اللهُ العليمُ الحليمُ ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: فليس فيه إلَّا قوله: «ربُّ العرش الكريم»، فوجه مطابقته _والله أعلم_ أنَّه نبَّه على بطلان قول مَن أثبت الجهةَ والحَيِّزَ، وفَهِم من قوله: {ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3] أنَّ العُلُوَّ الفوقيَّ مضافٌ إلى الحقِّ على ظاهره، فبيَّن البُخاريُّ أنَّ الجهة التي يصدق عليها أنَّها سماءٌ، والحيِّزَ الذي يصدق عليه أنَّه عرشٌ؛ كلُّ ذلك مخلوقٌ مربوبٌ مُحْدَثٌ، وقد كان الله ولا مكان؛ ضرورة حدوث هذه الأمكنة، وحدوثُها وقِدَمُه جلَّ جلاله يُحيل وصفَه بالتحيُّز فيها؛ لأنَّه لو تحيَّز؛ لاستحال وجودُه قبل الحيِّز مثلَ كلِّ متحيِّزٍ،
[ج 2 ص 876]
تعالى الله عن ذلك، انتهى.
قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّ] (أبا جَمْرَة) هذا: بالجيم والراء، وأنَّ اسمَه نصرُ بن عِمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا ذرٍّ) جُندبُ بن جنادة، وتَقَدَّمَ نسبُه وبعضُ ترجمته.
قوله: (فَقَالَ لأَخِيهِ: اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ): أخوه هو أُنَيس، كما قدَّمتُه، وهو في «مسلمٍ» مصرَّحٌ به.

(1/13141)


قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ): (الكَلِمَ): مَنْصُوبٌ، و (الطَّيِّبَ): صفةٌ له، وهذا مجازٌ، ولمَّا كان العملُ الصالح سببًا في رفع الكَلِم الطَّيِّب؛ أطلق عليه أنَّه يرفعه، وإنَّ الله تعالى يرفعه، وحذف الفاعل؛ للعلم به، وقال ابن قُرقُول: (قال مجاهد: العمل الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّب)، كذا لهم، وللأصيليِّ: «يرفعه الكلمُ الطَّيِّبُ»، والقولتان مرويِّتان عن مجاهدٍ وغيرِه، والهاء عائدةٌ على «الكَلِم»، وقيل: على «العمل»، وقيل: على «الله»، هو يرفع العملَ الصالحَ، انتهى، وقال الشيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام في «تفسيره»: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} [فاطر: 10]: أداء الفرائض، وقيل: العبادات الخالصة، أو الموافق للسُّنَّة؛ أي: يرفع القولَ ويوصله إلى القَبول، قال عليه السَّلام: «لا يقبل الله قولًا بلا عملٍ، ولا عملًا بغير نيَّةٍ»، وقيل: يعني: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}؛ أي: هو الكَلِمُ الطَّيِّبُ، وعملُ المشرِكِ لا رافعَ له، وقيل: أي يرفعه الله ويقبلُه؛ إشارةً إلى أنَّ العملَ الصَّالحَ يتوقَّف على الرَّفع في حظر الرَّدِّ، والكَلِمُ الطَّيِّبُ يصعدُ بنفسه لا محالةَ على كلِّ حالٍ، وقيل: العمل الصَّالح يرفع العامِلَ ويشرِّفُه، انتهى.
==========
[1] قوله: (باب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).

(1/13142)


[حديث: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... ]
7429# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَاد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، تقدَّموا.
قوله: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ): تَقَدَّمَ معناه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا ليس فيه دليلٌ على لغة: (أكلوني البراغيثُ)؛ وذلك لأنَّ في هذا «الصحيح» في (كتاب الملائكة): «الملائكة يتعاقبون؛ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ»، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 877]

(1/13143)


[معلق ابن مخلد: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ... ]
7430# قوله: (وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (خالد) هذا، وأنَّ (مَخْلَدًا) بإسكان الخاء، القَطَوانيُّ، أبو الهيثم البَجَليُّ مولاهم، الكوفيُّ، وقَطَوان: مكانٌ بالكوفة، وقيل: إنَّ معنى (القَطَوانيِّ): البقَّال، ذكره ابن قُرقُول مع الآخر، وقد تَقَدَّمَ، روى عن أبي الغُصن ثابتِ بن قيس، ونافع القارئ، وكثير بن عبد الله المزنيِّ، وسليمان بن بلال، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابن راهويه، وأبو كُرَيب، وابن نُمَير، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال ابن معين: ما به بأسٌ، وقال أحمد: له مناكيرُ، وقال أبو داود: صدوقٌ، لكنَّه يتشيَّع، مات سنة (213 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ في حديث: «مَن عادى لي وليًّا؛ فقد آذنته بالحرب»، ولكن طال به العهدُ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (العَدْلِ)، وأنَّه بفتح العين وكسرها؛ لُغَتان، وقيل بالفرق مُطَوَّلًا.
قوله: (مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ): أي: حلال.
قوله: (فُلُوَّهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/13144)


قوله: (وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (وَرْقَاء)؛ فقد تَقَدَّمَ ضبطه مَرَّاتٍ، وأنَّه ابن عمر، وحديث سعيد بن يسار أبي الحُباب المدنيِّ عن أبي هريرة المعلَّقُ هنا أخرجه مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجه، لكن ليس من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عن سعيد، وقد قدَّم البُخاريُّ هذا التَّعليقَ في (الزَّكاة) أيضًا، والبُخاريُّ إنَّما أورده من هنا، ويرد عليه كونُه لم يذكرها عن الزكاة أيضًا، وقد وهم شيخُنا أيضًا في عزوه؛ فإنَّه قال في (الزكاة): (وتعليق ورقاء عن سعيد بن يسار _يعني: عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار_ أخرجه التِّرْمِذيُّ، لكن من حديث سعيدٍ المقبريِّ ويحيى بن سعيد وابن عجلان عن سعيد بن يسار به، ثُمَّ قال: حسنٌ صحيحٌ)، انتهى، والذي ذكرته أنَّه أخرجه مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجه، من طريق سعيد بن يسار؛ فاعلمه، ثُمَّ قال شيخُنا في (الزَّكاة): (قال الدَّاوديُّ: تتابُعُ الرُّوَاة عن أبي صالح عن أبي هريرة دالٌّ على أنَّ ورقاءَ أوهم في قوله: «عن سعيد بن يسار»)، انتهى، وفيما قاله الداوديُّ نظرٌ؛ إذ أخرجه الأئمَّة الذين ذكرتُهم؛ مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجه، عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/13145)


[حديث: لا إله إلا الله العظيم الحليم]
7431# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، وتَقَدَّمَ أنَّ في «القاموس» لشيخِنا مجدِ الدين: وابن أبي العروبة؛ باللام، وتركُها لحنٌ، أو قليلٌ، انتهى، و (أَبُو العَالِيَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه رُفَيعٌ، أبو العاليةِ الرِّياحيُّ.
==========
[ج 2 ص 877]

(1/13146)


[حديث: فمن يطيع الله إذا عصيته فيأمني على أهل الأرض]
7432# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ، أَوْ أَبِي نُعْمٍ؛ شَكَّ قَبِيصَةُ): الصواب من أحد الشَّكَّين أنَّه ابن أبي نُعْمٍ، وسيجيء قريبًا على الصواب، وهو عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعْم البَجَليُّ، أبو الحكم الكوفيُّ العابد، ثقةٌ، من عبَّاد أهل الكوفة ممَّن يصبر على الجوع الدَّائم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحَجَّاجَ أخذه ليقتلَه، وأدخلَه بيتًا مظلمًا، وسدَّ الباب خمسةَ عشرَ يومًا، ثُمَّ أَمرَ بالباب ففُتِح ليُخرَجَ فيُدفَنَ، فدخلوا عليه؛ فإذا هو قائمٌ يصلِّي، فقال له الحَجَّاج: سِرْ حيث شئت، كان يُنكِر على الحَجَّاج تسرُّعَه في الدماء، فَهَمَّ به، فقال: مَن في بطنها أكثرُ ممَّن هو على ظهرها، بقي إلى حدود سنة مئة، ترجمته معروفةٌ فلا نطوِّلُ بها، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْريُّ): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بُعِث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (إلى النَّبيِّ): جارٌّ ومجرورٌ، وهذا ظاهِرٌ، والباعث سيأتي قريبًا أنَّه عليٌّ؛ هو ابن أبي طالب.
قوله: (بِذُهَيْبَةٍ): هي تصغير (ذهب)، وأدخل الهاء فيها؛ لأنَّ الذهب يؤنَّث، والمؤنَّث الثُّلاثيُّ إذا صُغِّر؛ أُلحِق في تصغيره الهاء؛ نحو: قُوَيسة، وشُمَيسة، وقيل: هو تصغير (ذهبة)؛ على نيِّة القطعة منها، فصغَّرها على لفظها، وقد تَقَدَّمَ.
[ج 2 ص 877]
قوله: (فَقَسَمَهَا بين أَرْبَعَةٍ): سيأتي في الطَّريق الثانية مَن هم، وقد تقدَّموا.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وقد سقط (عن أبيه) في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فألحقتُه في الهامش، ولا بدَّ منه، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا، وكذا (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ).
قوله: (فِي تُرْبَتِهَا): يعني: أنَّه لم تُرَوْبَص وتُخَلَّص.

(1/13147)


قوله: (بين الْأَقْرَعِ بن حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ... وَ [بَيْنَ] عُيَيْنَةَ بن بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بن عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ): هؤلاء الأربعة تقدَّموا، وتَقَدَّمَ الكلام على كلِّ واحدٍ منهم، وبعض ترجمته.
قوله: (صَنَادِيدَ): (الصَّناديد): تَقَدَّمَ أنَّه العظماء، الواحد: صنديدٌ.
قوله: (فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ): هذا الرَّجل تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه ذو الخُوَيصرة، واسمه حُرقوص بن زهير، وتَقَدَّمَ الجمع بين ما هنا وغيره وبين ما وقع في (استتابة المرتدِّين)، والله أعلم.
قوله: (نَاتِئُ الْجَبِينِ): هو بهمزة في آخره؛ أي: مرتَفِع، وقد تَقَدَّمَ، وكذا (مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ)؛ أي: ناتِئُهما، ومعناه: عالي عظام الخَدَّين، و (الوجنة): مُثَلَّثَة الواو، وقد تَقَدَّمَت.
قوله: (فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَتْلَهُ أُرَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ الجزمُ بأنَّه خالدٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ عمرَ سأله أيضًا قَتْلَه، فالظَّاهر أنَّهما سألاه قَتْلَه، و (أُراه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الضِئْضِئِ) بروايتَيه، وكذا تَقَدَّمَ: (الحَنَاجر)، وكذا (الرَّمِيَّةِ).
قوله: (وَيَدَعُونَ): هو بفتح الدال؛ أي: يتركون.
قوله: (قَتْلَ عَادٍ): أي: أَسْتَأصِلُهم، قال الله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8]، وقد جاء في بعض طرقه: (قَتْلَ ثمود)؛ أي: أستأصِلُهم بالقتل.

(1/13148)


[حديث أبي ذر: مستقرها تحت العرش]
7433# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): (عيَّاش) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشِّين المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بينه وبين عَبَّاس بن الوليد النَّرسيِّ، بالموحَّدة والسين المُهْمَلَة، وأنَّ هذا الثَّانيَ ذكره البُخاريُّ في مكانين، وقد عيَّنتُهما، وهما (علامات النُّبوَّة) وفي (بعث أبي موسى)، والمكانُ الثالثُ نسبه فيه فقال: (النرسيُّ)، وهو في (الفتن)، و (الْأَعْمَش): هو سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن يزيد التَّيميُّ، و (أَبُوهُ): يزيد بن شريك بن طارق، من تيم الرِّباب، وفي بعض النُّسخ: (أُراه عن أبيه): و (أُراه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جُنادة، من السابقين، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 878]

(1/13149)


[قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]): الأولى بالضَّاد غير المشالة المُعْجَمَة، ومعناها: حسنةٌ جميلةٌ، مستبشرةٌ مسرورةٌ، مشرقةٌ متهلِّلَةٌ، والثَّانية بالظَّاء المُعْجَمَة المشالة، ومعناها: ترى ربَّها عِيَانًا، ولا يصحُّ قولُ مَن قال: لأمر ربَّها أو لثوابِه منتظرة؛ لأنَّه يُقال: نظرت فيه؛ أي: تفكَّرت، ونظرته: انتظرته، ولا يُعدَّى بـ (إلى) إلَّا بمعنى العِيَان، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ردُّ قول مجاهد في ذلك، وأنَّه شاذٌّ، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ.
ثُمَّ اعلم أنَّ رؤيةَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الدَّار الآخرة في الموقِفِ فيها ثلاثة أقوال لأهل السُّنَّة _كذا قال الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية_ أحدها: لا يراه إلَّا المؤمنون، وهذا الذي كنت أستحضره أنا؛ لقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [1] [المطففين: 15]، والله أعلم، والثاني: يراه أهلُ الموقف؛ مؤمنُهم وكافرُهم، ثُمَّ يحتجب عن الكفَّار، فلا يرونه بعد ذلك، والثالث: يراه المنافقون دون الكفَّار، قال الحافظ شمس الدِّين ابنُ إمامِ الجوزيَّة في «حادي الأرواح» في الباب الخامس والستِّين: والأقوال الثَّلاثة في مذهب أحمدَ، وهي لأصحابه، وكذلك الأقوالُ الثلاثةُ بعينها في تكليمه لهم، قال: ولشيخِنا في ذلك مصنَّفٌ مفرَدٌ، وحكى فيه الأقوالَ الثلاثةَ وحُجَجَ أصحابِها، وقال قُبَيل هذا الكلام ابنُ القَيِّمِ: فقد دلَّتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ الصَّريحةُ على أنَّ المنافقين يرونه في عَرَصَاتِ القيامة، بل والكفَّار أيضًا، كما في «الصَّحيح» في حديث التجَلِّي يومَ القيامة، وسيمرُّ بك عن قريب، انتهى.

(1/13150)


[حديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته]
7434# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُشَيْمٌ [1] عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ): أمَّا (خالد)؛ فهو ابن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان، تَقَدَّمَ مترجمًا، ومِن ترجمته أنَّه اشترى نفسَه من الله عزَّ وجلَّ ثلاثَ مَرَّاتٍ بزنته فضَّةً، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بشير، كذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حَدَّثَنَا خالد وهُشَيم)، وفي أصلنا القاهريِّ: (خالدٌ أو هُشَيم)، وعلى الألف نسخةٌ، وعليها علامة راويها، والصواب حذف الألف وقوله: (خالد وهشيم)، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ عن ابن عون عن خالد وهُشَيم، وعلى الواو في نسختي بـ «أطراف المِزِّيِّ» (صح)، وهي مقابَلةٌ بنسخة الحافظ عماد الدين ابن كَثِير، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (جَرِيْر): هو ابن عبد الله البَجَليُّ.
قوله: (لَا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (تضامُّون) في (كتاب الصَّلاة)، وسأذكره قريبًا جدًّا.

(1/13151)


[حديث: إنكم سترون ربكم عيانًا]
7435# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد ربِّه بن نافع الحنَّاط، صاحب الطَّعام المدائنيُّ، اتَّفقا عليه)، انتهى، واعلم أنَّ (أبا شهاب) اثنان؛ أحدهما هذا، والآخر: أبو شهاب الأكبرُ، موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رباح، روى عنه: أبو نُعَيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (الحجِّ)، والله أعلم، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/13152)


[حديث: إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا]
7436# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بإسكان المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ): هو الحُسين بن عليِّ بن الوليد الجعفيُّ، و (زَائِدَة): هو ابن قدامة، و (بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشِّين المُعْجَمَة، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.
[ج 2 ص 878]
قوله: (لَا تُضَامُّونَ): هو بتشديد الميم من (التضامِّ)؛ أي: لا تُزاحَمون عند النَّظر إليه، ومَن خفَّف الميم؛ فمن (الضَّيم)؛ وهي الغلبةُ على الحقِّ والاستبدادُ به دون أربابه، وهو الظُّلم أيضًا؛ أي: لا يظلم بعضكم بعضًا، هذا لفظ «المطالع»، واعلم أنَّ مَن شدَّد الميم؛ فتح التاء، ومَن خفَّفها؛ ضمَّ التَّاء، ومفهوم كلام القاضي أنَّه يجوز ضمُّ التَّاء، سواء شُدِّد أو خُفِّف في (تُضامون) و (تُضارون)، وكلُّه صحيحٌ، والله أعلم، ولفظ «النِّهاية» في (تُضامون): يُروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد معناه: لا ينضمُّ بعضُكم إلى بعض وتَزدحمون وقت النظر إليه، ويجوز ضمُّ التاء وفتحها على «تُفاعِلون» و «تَتَفَاعَلُون»، ومعنى التَّخفيف: لا ينالكم ضَيمٌ في رؤيته فيراه بعضكم دون بعض، والضَّيم: الظُّلم، والله أعلم.

(1/13153)


[حديث: فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب]
7437# 7438# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ) في الموضعين: تَقَدَّمَ الكلام عليها، قال في «المطالع»: «لا تضارُّون في رؤيته»، وأصله: تضارِرُون، ولا تضارَرُون، من الضُّرِّ؛ أي: لا يُضَرُّ بكم أحدٌ، ولا تَضرُّوا أحدًا بمنازعةٍ ولا مجادلةٍ ولا مضايقةٍ؛ لأنَّ ذلك كلَّه إنَّما يُتَصوَّر في مَرْئِيٍّ مخلوقٍ، أو قدرٍ مقدورٍ، أو ذاتٍ مُكَيَّفٍ، والله سبحانه وتعالى منزَّهٌ عن ذلك، ومَن خفَّف؛ فهو من الضَّير، وهما بمعنًى؛ أي: لا يخالف بعضُكم بعضًا فيكذِّبُه وينازِعُه فيضرَّه بذلك، يُقال: ضَرَّه وضارَّه يَضِيره، وقيل: معناه لا يضايقون، والمضارَّة: المضايقة، وهو بمعنى: تزاحمون، كما جاء «تضامُّون»، وقيل: لا يُحجَب بعضُكم عن رؤيته فيُضَرَّ به، انتهى، ولفظ «النهاية»: يروى بالتشديد والتخفيف؛ فالتشديد بمعنى: لا تخالفون ولا تتجادلون في صحَّة النَّظر إليه؛ لوضوحِه وظهورِه، يُقال: ضارَّه يضارُّه؛ مثل ضرَّه يضرُّه، وقال الجوهريُّ: يُقال: أضرَّني فلانٌ؛ إذا دنا منِّي دُنُوًّا شديدًا، وأراد بالمضارَّة: الاجتماع والازدحام عند النَّظر إليه، وأمَّا التخفيف؛ فهو من الضَّير؛ لغةٌ في الضُّرِّ، والمعنى فيه كالأوَّل، انتهى، والله أعلم.
قوله: (فَلْيَتَّبِعْهُ): يُقال بالتشديد وبالتخفيف، وكذا (فَيَتْبَعُ)، وكذا الذي بعدها، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّوَاغِيت).
قوله: (فِيهَا شَافِعُوهَا، أَوْ مُنَافِقُوهَا): الصواب من أحد الشَّكَّين: (منافقوها)؛ وذلك لأنَّ في «مسلم»: (منافقوها)؛ بغير شكٍّ، والشَّاكُّ هو إبراهيم بن سعدٍ المذكورُ في سند الحديث، كما صَرَّحَ به هنا.

(1/13154)


قوله: (فِيهَا [1] مُنَافِقُوهَا): قال العلماء: إنَّما بقيَ المنافقون في زمرة المؤمنين؛ لأنَّهم في الدُّنيا كانوا متستِّرين بهم، فيُستَرون [2] بهم أيضًا في الآخرة، وسلكوا مسلكهم، ودخلوا في جملتهم واتَّبعوهم ومَشَوا في نورهم حتَّى ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ، وذهب عنهم نورُ المؤمنين، قال بعض العلماء: هؤلاء هم المطرودون عن الحوض الذين يُقال لهم: سُحْقًا سُحقًا، والله أعلم، قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم».
قوله: (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِي صُورَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الرقائق) في أواخرها، وكذا تَقَدَّمَ (يَتْبَعُونَهُ [3]): أنَّه بالتشديد والتخفيف.
قوله: (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ): (يُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الصِّراطُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وتَقَدَّمَ الكلام على: (ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ).
قوله: (وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ؛ سَلِّمْ): وقد تَقَدَّمَ في (الرَّقائق) أنَّ في «التِّرْمِذيِّ» عن المغيرةِ بن شعبةَ عنه عليه السَّلام قال: «شعار المؤمنين على الصِّراط: ربِّ سلِّم، ربِّ سلِّم»، وقال: غريبٌ، وما في هذا «الصحيح» هو في «مسلم» أيضًا، وفي «مسلم»: «ونبيُّكم قائمٌ على الصراط يقول: ربِّ سلِّم سلِّم»، وفيه أيضًا ما ظاهره [4] أنِّ المؤمنين يقولون ذلك أيضًا، فعلى هذا؛ أنَّ ذلك في حالَين؛ لقوله: «ولا يتكلَّم يومئذ إلَّا الرُّسُلُ»، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (الرَّقائق).
قوله: (مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ): هو مثل تثنية (سعد)، نباتٌ ذو شوكٍ من أفضل مراعي الإبل، يُضرَب به المَثَلُ، وقد قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ: إنَّ الشَّهوات التي كانت تجذبه في الدنيا تُمثَّل له كلاليبَ على الصراط، تجذبه إليها.
قوله: (تَخْطَفُ النَّاسَ): هو بفتح الطاء، هذه لغة القرآن، ويجوز كسرها؛ لغة أخرى.

(1/13155)


قوله: (فِيهِمُ [5] الْمُوبَقُ [6] بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ): الأولى بالموحَّدة المفتوحة، اسم مفعولٍ، والثانية مثلُها، إلَّا أنَّها بالثاء المُثَلَّثَة، و (الموبَق)؛ بالموحَّدة: المُهلَك، يُقال: وَبَقَ يَبق، ووبق يوبق؛ إذا هلك، وأوبقه غيرُه، فهو مُوبَق وفي «مسلم»: (الْمُوبَقُ)؛ بالموحَّدة، ومعنى الثَّانية معروفٌ، والله أعلم.
قوله: (وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، أَوِ الْمُجَازَى): (المُخردَل): بالخاء المُعْجَمَة، اسمُ مفعولٍ؛ أي: المُقَطَّع، [قال ابن قرقول]: وهو بالجيم للأصيليِّ في (كتاب الرقاق)، وللكافَّة بالخاء المُعْجَمَة، وكذا رواه السِّجْزيُّ عن مسلم، وهو الصواب، من جَرْدَلتُ اللحمَ وخَرْدَلتُه أيضًا؛ إذا قطَّعتَه قِطَعًا صِغارًا، ومعناه: تقطيعهم بالكلاليب، وقيل: بل المعنى: إنَّما يقطعهم عن لحوقهم بالناجين، وهذا بعيدٌ، وقيل: المخردل: المصروع المطروح، قاله الخليل، والأوَّل أظهرُ وأعرفُ، ولقوله في الكلاليب: (تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ)، وفي الحديث الآخَرِ: «فناجٍ مُسَلَّمٍ ومَخْدُوش»، وأمَّا جَرْدَلت اللحمَ؛ بالجيم؛ فقيل: هو الإشراف على السقوط، وحكى ابن الصابونيِّ عن الأصيليِّ: مُجَزْذَل؛ بالجيم، والذال بعد الزاي، وهو وَهَمٌ، ليس ذلك في كتاب الأصيليِّ، ورواه بقيَّة رواة «مسلم» سوى السِّجْزيِّ: (والمجازى)؛ من الجزاء، والروايةُ الأولى أصحُّ؛ أعني: رواية السِّجْزيِّ، وكذلك الخلاف أيضًا في «البُخاريِّ» في (كتاب الصَّلاة): (يجردل) أو (يخردل)؛ بالجيم لأبي أحمد، وبالخاء المُعْجَمَة فقط، وجاء في «البُخاريِّ» في (كتاب التوحيد): (أو المجازى)؛ على الشكِّ، انتهى، والله أعلم.
قوله: (وَيَعْرِفُونَهُمْ [7] بِآَثَارِ [8] السُّجُودِ): تَقَدَّمَ أن المرادَ الأعضاءُ السبعةُ التي يسجد عليها، وتَقَدَّمَ كلام القاضي عياض وردُّه في (كتاب الصَّلاة)، وكذا (امْتُحِشُوا): تَقَدَّمَ، وكذا (الْحِبَّةُ)، وكذا (حَمِيلِ السَّيْلِ)، وكذا (الرَّجُل)؛ وأنَّه جهينة، من جهينة، وقال السُّهَيليُّ: هنَّاد، ولعلَّ أحدَهما لقبٌ، والآخرَ الاسمُ، وكذا تَقَدَّمَ (قَشَبَنِي رِيحُهَا) ما معناه، وكذا (ذَكَاهَا [9])، وأنَّه بالقصر والمدِّ؛ لُغَتان؛ أي: لهبها، وكذا (عَسَيْتَ)، وأنَّها بفتح السين وكسرها؛ لُغَتان، وهما قراءتان.

(1/13156)


قوله: (إِنْ أُعْطِيتَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء الخطاب المفتوحة، وكذا الثانية، وكذا الثالثة.
قوله: (انْفَهَقَتْ [10] لَهُ الْجَنَّةُ): هو بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها_ ثُمَّ نون، ثُمَّ فاء، ثُمَّ هاء، ثُمَّ قاف، مفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ أي: انفتحت واتَّسعت.
[ج 2 ص 879]
قوله: (مَا أَغْدَرَكَ!): أي: ما أنقضك للعهد والميثاق!
قوله: (مِنَ الْحَبْرَةِ وَالسُّرُورِ): (الحَبْرة): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان المُوَحَّدة، قال ابن قُرقُول: ورواه البُخاريُّ: «من الحَبْرَة والسرور»، والحَبْرة: المسرةَّ والنَّعْمَة، والحَبْر والحِبَار: الأَثَر، ومنه سُمِّيَت المسرَّةُ حبرةً؛ لظهور أثرها على صاحبها، انتهى.
قوله: (أَعْطَيْتَ): هو بفتح الهمزة، مَبْنيٌّ للفاعل، والتاء في آخره مفتوحة للخطاب.
قوله: (حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ مِنْهُ): قال ابن قُرقُول: هذا وأمثالُه من الأحاديث طريقُها الإيمانُ بها من غير كيفٍ ولا تأويلٍ، وتسليمُها إلى عالِمها، انتهى، وفي هذه المسألة قولان شهيران: طريقة السَّلَف هو ما ذكره ابن قُرقُول، وطريقة الخَلَف: تأويلُها بما يليق بجلالِ الله وعَظَمتِه، والله أعلم، وإذا قُلنا بالتأويل؛ فالمراد بـ (الضحك) _والله أعلم_ الرِّضا.
قوله: (حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ): اللام للتأكيد، و (يُذَكِّرُه): مَرْفُوعٌ، وهو الخبر، و (إنَّ) بعد (حتَّى) مكسورةُ الهمزة.
قوله: (الْأَمَانِيُّ): مشدَّد الآخر، ويجوز تخفيفه، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الكلمةَ إذا كانت مُشَدَّدةً؛ فَلَكَ في جمعِها التشديدُ والتخفيفُ؛ كأُثْفِيَّة وأَثَافي، وسُرِّيَّة وسَرَاري، وغير ذلك.
قوله: (وَمِثْلُهُ مَعَهُ): (مثلُه): مَرْفُوعٌ، وهو مبتدأ.
قوله: (قَالَ أَبُو سَعِيدٍ [11]: «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ»): تَقَدَّمَ في (الصَّلاة) أنَّ في «مسند أحمد» و «عبد بن حُمَيد» على العكس، وهو أنَّ أبا هريرة حفظ «وعشرة أمثاله»، وأنَّ أبا سعيد حفظ «ومثله معه»، وقد تَقَدَّمَ في (باب فضل السجود).
==========
[1] كذا في (أ) على حذف الشكِّ.
[2] في (أ): (فيستروا)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيَتْبَعُونَهُ).
[4] في (أ): (ظاهر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[5] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَمِنْهُمُ).

(1/13157)


[6] زيد في «اليونينيَّة»: (بقيَ)، وفي هامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يبقى).
[7] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيَعْرِفُونَهُمْ)، ثمَّ زيد فيهما: (في النار).
[8] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بأثر).
[9] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ذكاؤها).
[10] في (أ): (انفقهت)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[11] زيد في «اليونينيَّة»: (الْخُدْرِيُّ)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ»).

(1/13158)


[حديث: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا]
7439# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ؟): تَقَدَّمَ الكلام على (تضارون) قريبًا.
قوله: (يُنَادِي مُنَادٍ): هذا المنادي من الملائكة فيما يظهر، ولا أعرفه، والله أعلم.
قوله: (وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ): تقدَّم الكلام على (الأوثان).
قوله: (وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ): هو مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ معطوفٌ على (مَنْ)؛ وهو مَرْفُوعٌ فاعلُ (يَبْقَى)، ويجوز جرُّها مع التنوين، معطوفٌ على: بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَغُبَّرَاتٍ؛ وهي بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُوَحَّدة مفتوحة مُشَدَّدة، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، جمع (غُبَّرٍ)، و (الغُبَّر): جمع (غابر)، و (الغابر) هنا: الباقي، و (الغابر) من الأضداد، بمعنى: الماضي، وبمعنى: الباقي، والله أعلم.
قوله: (تُعْرَضُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (سَرَابٌ): تَقَدَّمَ ما (السراب).
قوله: (فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ في صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الصورة) في آخر (الرقائق)؛ فانظره.
قوله: (فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ): قال ابن قُرقُول في قوله: ويكشف عن ساق: أي: شدَّةُ أمرٍ وهولٍ، قاله ابن عَبَّاس، وهو قول أهل اللغة، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: وقال ابن عبد السَّلام في «تفسيره» في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42]: شدَّة إقبالِ الآخرة وذهابِ الدنيا، وقيل: ساق الآخرة؛ أي: نورٌ عظيمٌ يخرُّون له سُجَّدًا، ويُجعَل صُلْبُ مَن لم يسجد في الدُّنيا كصيصية البقر، ويُقال للواقع في أمرٍ عظيم يحتاج إلى الجِدِّ: قد كشف عن ساقه، قيل: يعني بذلك: عند المعاينة، وقيل: عند العجز والهَرَم، وقيل: القيامة، وقرأ ابن عَبَّاس ثَمَّ: {تَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ}؛ بالتاء؛ يعني: القيامةَ، انتهى، وهي شاذَّةٌ.
قوله: [(رِيَاءً وَسُمْعَةً)]: تَقَدَّمَ الكلام على (الرِّياء) و (السُّمعة)، وقد قَدَّمْتُ ما قاله الشَّيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام في الفرق بينهما.
قوله: (كَيْمَا يَسْجُدَ): هو بنصب (يسجدَ).

(1/13159)


قوله: (طَبَقًا وَاحِدًا): هو بفتح الطَّاء المُهْمَلَة والباء المُوَحَّدة، وبالقاف؛ أي: فَقَارة واحدة، و (الطَّبَق): فقار الظهر، فلا يقدر على الانحناء ولا السجود.
قوله: (بِالْجَسْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم وفتحها، وأصله: القنطرة يُعبَر عليها، وقد تَقَدَّمَ أنَّه أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف، فيما بلغَ أبا سعيد، وقد قَدَّمْتُ عزوَه إلى مَن رواه، وقدَّمت أنَّه ألفُ سنةٍ صعودًا، وألفُ سنةٍ هبوطًا، وألفُ سنةٍ استواءً، والله أعلم.
قوله: (مَدْحَضَةٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الدَّال، ثُمَّ حاء، مهملتين، ثُمَّ ضاد معجمة، مفتوحتين، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو من (الدَّحْض)؛ وهو الزَّلْق، و (المَدْحضة): مكان الزَّلْق.
قوله: (مَزِلَّةٌ): هو من (الزلل)؛ وهو الزَّلْق، و (مزلَّة): بفتح الزَّاي وكسرها، قاله في «المطالع»، وكذا في «النهاية»، ولفظه: («مَفعَلة» مِن: زلَّ يزلُّ؛ إذا زلق، وبفتح الزَّاي وكسرها، أراد أنَّه تزلق عليه الأقدامُ ولا تثبت)، انتهى، و (مزِلَّة) في أصلنا بكسر الزَّاي بالقلم، وعليها (صح)، وهي بالكسر اسمُ فاعلٍ؛ كأنَّها تُزِلُّ هي الأقدامَ، و (مزَلَّة)؛ بفتحها: مكان الزَّلل.
قوله: (خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ): (الخطاطيف): جمع (خُطَّاف)؛ بضَمِّ الخاء، وهو الكُلَّاب، فعلى هذا؛ هو من باب عطف الشيء على نفسِه، وحَسُنَ؛ لكونه بخلاف اللفظ الأوَّل، والله أعلم، ولا ينصرف، وكذا (كلاليب)؛ لأنَّه جمعٌ ثالثه الألف وبعدها ثلاثة أحرف؛ أوسطها ساكنٌ.
[ج 2 ص 880]
قوله: (وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ): (الحَسَكة): شوكةٌ صُلبةٌ حديدةٌ، و (مُفَلْطَحَة): بضَمِّ الميم، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ طاء ثُمَّ حاء مهملتين مفتوحتين، ثُمَّ تاء التأنيث، قال في «المطالع»: (وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ)، كذا صوابه في اللغة؛ أي: واسعةُ الأعلى دقيقةُ الأسفل، ووقع في هذه الأصول أيضًا: «مفلحطة»؛ بتقديم الحاء، والأوَّل هو المعروفُ في اللغة، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (مفلطحة: واسعةُ الأعلى دقيقةُ الأسفل، قاله الأصمعيُّ)، انتهى، وفي «النهاية»: «مفلطحة»: الذي فيه عَرْضٌ واتِّساعٌ، ولم يتعرَّض للرواية الأخرى.

(1/13160)


قوله: (لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ): هي بضَمِّ العين المُهْمَلَة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ همزة ممدودة، قال ابن الأثير في «نهايته»: أي: ملويَّة كالصُّنَّارة، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: عقفت الشيءَ فانعقف؛ أي: عطفتُه فانعطف، والتعقيف: التعويج، وأعرابيٌّ أعقفُ؛ أي: جافٍ، انتهى.
قوله: (كَالطَّرْفِ): هو بإسكان الراء، قال ابن قُرقُول: بفتح الطَّاء، وسكون الراء؛ أي: كسُرعة رجع العين؛ كما قال: {قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40]، وهو طَرْفُ الإنسان بعينه، وهو امتداد لَحْظِه حيث أدرك، ثُمَّ ذكر بعده حديثين من المادَّة، ثُمَّ قال: وقيل: طَرْفُ العين: حركتها.
قوله: (يُسْحَبُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مِنْ إِيمَانٍ؛ فَأَخْرِجُوهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وكذا (فَأَخْرِجُوهُ) الثانية، وكذا الثالثة، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَيُحَرِّمُ [1] صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ): هؤلاء غير الطَّائفة التي لا تأكل النَّارُ أماكنَ السجود، والله أعلم.
قوله: ({وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40]): {حَسَنَةٌ}: مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ، قرأ كذلك الحِرْمِيَّان؛ وهما نافعٌ وابنُ كثير، وقرأ الباقون بالنصب والتنوين، والله أعلم.
قوله: (فَيَقْبِضُ قُبْضَةً [2] مِنَ النَّارِ): (القبضة) في أصلنا: بفتح القاف، واعلم أنَّه إن أراد المرَّة؛ كان ذلك بالفتح كما ضُبِطَ، وإن كان المراد الشيء المقبوض؛ فقد قال الجوهريُّ: والقُبضة؛ بالضَّمِّ: ما قبضت عليه من شيءٍ، يُقال: أعطاه قُبضةً من سَويق أو تمر؛ أي: كفًّا منه، وربَّما جاء بالفتح، انتهى.
قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): تَقَدَّمَ الكلام [على] ضبطه ومعناه في (الصَّلاة).
قوله: (فِي حَافَتَيْهِ): هو بتخفيف الفاء، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها وضبطُها، وكذا (حَمِيلِ السَّيْلِ).
قوله: (فَيَخْرُجُونَ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الراء، مَبْنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا، ويجوز بناؤه للمفعول، والله أعلم.
قوله: (كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ): فيه أربعُ لغات، هنَّ أربعُ قراءاتٍ: بهمزتين وعدمهما، وهمز الأولى دون الثانية، وعكسه، قال ابن قُرقُول: «كأنَّهم اللؤلؤ»، وقيل: هو اسمٌ جامعٌ لجنسه، سُمِّيَ بذلك لتلألُئِه؛ وهو إشراقه وضياؤه، انتهى.

(1/13161)


==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) اسم الجلالة.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قَبْضَةً).

(1/13162)


[معلق حجاج: يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك]
7440# قوله: (وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ [1]: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ فذكره: (حجَّاج بن منهال): تَقَدَّمَ أنَّ (حَجَّاجًا) هذا هو شيخُ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وقد انفرد البُخاريُّ بإخراج هذا الحديث.
قوله: (حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ): (يُهِمُّوا) في أصلنا: بضَمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، قال ابن قُرقُول: (ويَهِمُّون بذلك): رواية بعضهم: (وحتَّى يهمُّوا بذلك)؛ من الهمِّ، يُقال: همَّني الأمرُ همًّا: أحزنني وأغمَّني، وأهمَّني؛ إذا بالغ في ذلك، وهو المهموم، انتهى.
قوله: (فَيُرِيحَنَا): يجوز فيه النصب؛ وهو الجادَّة، ويجوز رفعه [2]، وبهما ضُبِط في أصلنا.
قوله: (خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ): تَقَدَّمَ أنَّ الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم الذي ينبغي أن يُعتَقَد فيهم أنَّهم معصومون من الصَّغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، وقد أجاب العلماء عن كلِّ ما جاء في ظواهر القرآن والسُّنَّة ممَّا يُخالِف ذلك، والله أعلم.
قوله: (أَكْلَهُ [مِنَ] الشَّجَرَةِ): (أكلَه): مَنْصُوبٌ بدلٌ من (خَطِيئَتَهُ)؛ وهي منصوبةٌ، و (الشجرة): تَقَدَّمَ الخلاف فيها؛ هل هي شجرة الكرم، أو السنبلة، أو شجرة العلم، وقيل غيرُ ذلك مما تَقَدَّمَ في (سورة البقرة) في (الأنبياء) [خ¦3340]، والله أعلم.
قوله: (وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا): (نُهِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (سُؤَالَهُ): مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه بدلٌ من (خَطِيئَتَهُ)؛ وهي منصوبة، و (رَبَّهُ): مَنْصُوبٌ أيضًا، مفعول المصدر؛ وهو (سؤال)، والله أعلم.
قوله: (ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ [3] كَذَبَهُنَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها كيف أطلق الشارع عليها (كذبات)، وكذا (إبراهيم) صلَّى الله عليهما وسلَّم في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم).
قوله: (قَتْلَهُ النَّفْسَ): (قتلَه): مَنْصُوبٌ بدلٌ من (خَطِيئَتَهُ)؛ وهي منصوبة، و (النفسَ): منصوبةٌ أيضًا، مفعولُ المصدر.

(1/13163)


قوله: (فِي دَارِهِ): قال ابن الأثير: أي: في حضرة قدسه، وقيل: في جنَّته؛ فإن الجنَّة تُسَمَّى دارَ السَّلام، والله هو السَّلام، انتهى.
قوله: (فَإِذَا رَأَيْتُهُ؛ وَقَعْتُ سَاجِدًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه السجدةَ والتي بعدها كلُّ واحدةٍ منهما مقدارُها مقدارُ جمعة، والله أعلم، والظاهر: أنَّها من جُمع الدنيا، ورأيت بخطٍّ يشبه أن يكون خطَّ الإمام جلالِ الدين ابنِ شيخِنا البُلْقينيِّ: (وفي بعض أحاديث الأجزاء: أنَّها سبعون سنةً، فعلى هذا؛ يكون اليوم بعشر سنين، روايةً من طريق مجاهد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)، انتهى، وقد سمع مجاهدُ من عبد الله بن عمر، والله أعلم.
قوله: (فَأَخْرُجُ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الراء؛ أي: أخرج أنا، وكذا الثانية والثالثة.
قوله: (قَالَ: هَذَا [4] الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ في (المقام المحمود) أقوالٌ في (سورة سبحان) في (التفسير)، والله أعلم.

(1/13164)


[حديث: اصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض]
7441# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): و (إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (عَمُّهُ): هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.

(1/13165)


[حديث: اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السموات والأرض]
7442# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْن جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (سُلَيْمَان الأَحْوَل): هو سليمان بن أبي مسلم.
قوله: (قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّ (القيِّم) و (القَيَّام) و (القيُّوم): الذي لا يزول، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (نُورُ السَّمَاوَاتِ).
قوله: (وَقَالَ [1] قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُوسٍ: قَيَّامٌ): (قيس بن سعد) هذا: مكِّيٌّ، كنيته أبو عبد الملك، ويُقال: أبو عبد الله، الحبشيُّ، مولى نافع بن علقمة، وكان مفتيَ مكَّة، روى عن مجاهد، وطاووس، وعطاء، ومكحول، وجماعةٍ، وعنه: سيف بن سليمان، وشبل بن عبَّاد، وهشام بن حسَّان، والحَمَّادان، وجرير بن حازم، ومعاوية بن عبد الكريم الضَّالُّ، وطائفةٌ، وَثَّقَهُ الإمام أحمدُ وغيرُه، وقال ابن معين: ليس به بأسٌ، تُوُفِّيَ سنة تسعَ عشرةَ ومئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُه هذا أخرجه مسلمٌ في (الصَّلاة) عن شيبان بن فرُّوخ عن مهديِّ بن ميمون، وأبو داود فيه عن أبي كامل الجحدريِّ عن خالد بن الحارث، والنَّسائيُّ في (التفسير) عن مُحَمَّد بن معمر عن حَمَّاد بن مسعدة؛ ثلاثتهم عن عمران بن مسلم القصير عن قيس، ليس فيه (عن واصل)، ليس في السماع، ولم يذكره أبو القاسم، وأمَّا (أبو الزُّبَير)؛ فاسمه مُحَمَّد بن مسلم بن تَدْرُسَ، مولى حكيم بن حزام، أخرج له الجماعة؛ البُخاريُّ متابعةً، وترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُ أبي الزُّبَير أخرجه مسلمٌ في (الصَّلاة) عن قُتَيْبَة، وأبو داود فيه عن القعنبيِّ؛ كلاهما عن مالك عن أبي الزُّبَير به، والتِّرْمِذيُّ في (الدَّعَوات) عن إسحاق بن موسى الأنصاريِّ، عن معن، عن مالك به، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسائيُّ في (البعوث) عن قُتَيْبَة به، والله أعلم.
==========
[1] رواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 882]

(1/13166)


[حديث: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه]
7443# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجعفيُّ.
قوله: (تُرْجُمَانٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في أوَّل هذا التعليق في حديث هرقل.

(1/13167)


[حديث: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما]
7444# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الجِهْبِذ الحافظ، و (أَبُو عِمْرَان عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْد اللهِ بْنِ قَيْسٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عمران: عبد الملك بن حبيب الحَرْبِيُّ، وأبو بكر: عمرو بن عبد الله، أبو موسى)، انتهى، فقوله: (الحربيُّ)، كذا في خطِّ الناقل عنه مجوَّد بإهمال الحاء: (الحربيُّ)، وهذا تصحيفٌ، إنَّما هو (الجونيُّ)، وهذا ظاهِرٌ، وقوله: (وأبو بكر: عمرو بن عبد الله أبو موسى)؛ فيكون اسمَ أبي بكر: عمرٌو، وهذا قولٌ، وقُدِّم عليه غيرُه، وقيل: اسمه عامر، وقوله: (عمرو بن عبد الله أبو موسى) ينبغي أن يقول: (أبي موسى)؛ يعني: عبد الله، ويجوز هذا؛ أي: وهو أبو موسى.
قوله: (إِلَّا رِدَاءُ الْكِبرِياءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ): قال ابن قُرقُول _وقد ذكر هذا الحديثَ وحديثَ: «الكبرياء ردائي، والعَظَمة إزاري» _ ما لفظه: على الاستعارة والمجاز، وغاية البلاغة في لزوم هذه الصفات له؛ لملازمة هذين الثوبين للَّابِس، انتهى، وقال في (الكبرياء): هي (فِعْلِيَاء) من الكِبْرِ، والعَظَمَةِ، والمُلْكِ، والسلطانِ.
قوله: (فِي جَنَّةِ عَدْنٍ): أي: والناظر في جنَّة عَدْن، وقد تَقَدَّمَ.

(1/13168)


[حديث: من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة]
7445# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيديُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

(1/13169)


[حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم.]
7446# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قد تَقَدَّمَ أنَّ للبُخاريِّ أربعةَ أشياخٍ اسم كل واحد منهم: عبد الله بن مُحَمَّد؛ ابن أبي شيبة أبو بكر، وعبد الله مُحَمَّد بن أبي الأسود، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وعبد الله بن مُحَمَّد المسنَديُّ، فأمَّا ابن أبي شيبة؛ فذكر عَبْدُ الغَنيِّ والذَّهَبيُّ أنَّه روى عن ابن عُيَيْنَة، ولم يذكرا الثوريَّ في مشايخه، وأمَّا ابن أبي الأسود؛ فلم يذكرا واحدًا [1] من السفيانين في مشايخه، وأمَّا عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء؛ فلم يذكرا واحدًا منهما في مشايخه، وأمَّا المسنَديُّ؛ فإنَّهما ذكرا ابنَ عُيَيْنَة فقط في مشايخه، فعلى ما ذكرت [2] في (الجمعة) عن بعض حُفَّاظ العَصْرِ؛ فعبد الله بن مُحَمَّد هو المسنَديُّ، وإذا كان كذلك؛ فسفيانُ هو ابن عُيَيْنَة، والله أعلم، ثُمَّ اعلم أنَّ السفيانَين رَوَيا عن عمرٍو هو ابن دينار، و (عَمْرو): هو ابن دينار هنا، و (أَبُو صَالِحٍ): هو السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى): (أَعطَى) في الموضعين: بفتح الهمزة والطاء، مَبْنيٌّ للفاعل، ويُضبَط بالقلم في بعض النسخ: (أُعْطِيَ)؛ مبنيًّا للمفعول فيهما.
==========
[1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] زيد في (أ) مستدركًا: (فعلى ما ذكرت)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 882]

(1/13170)


[حديث: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ... ]
7447# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو ابن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ الحافظ، أبو مُحَمَّد، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين، و (ابْن أَبِي بَكْرَةَ): عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو بَكْرَةَ): نُفيع بن الحارث، وفي أصلنا كانت خطأً، فأُصلِحَت على الصواب: (مُحَمَّد، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة)، وهذا صحيحٌ، والله أعلم.
قوله: (الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (القعدة) بكسر القاف وتُفتَح، وأنَّ (الحجَّة) بفتح الحاء وتكسر، مرارًا.
قوله: (وَرَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وَشَعْبَانَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (قال مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قال: «وَأَعْرَاضَكُمْ»): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين المذكورُ في السند، و (الأعراض): جمع (عِرْض)، وقد تَقَدَّمَ ما هو.
قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (يضربُ) بالرفع، وأنَّه الرواية، وتَقَدَّمَ كلامُ مَن أجاز فيه الجزمَ على تقدير شرط، في (كتاب العلم).
قوله: (فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين، تَقَدَّمَ أعلاه، وهو المذكور في السند.
==========
[ج 2 ص 882]

(1/13171)


[باب ما جاء في قول الله تعالى: {إن رحمت الله قريب من المحسنين}]
قوله: (بَابُ [1] قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين} [الأعراف: 56]): تَقَدَّمَ الجواب عن قوله: {قريب} لِمَ لَمْ يؤنِّثها فيقول: (قريبة)، في (سورة الأحزاب) في (التفسير)؛ فانظره، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مَا جَاءَ في).
[ج 2 ص 882]

(1/13172)


[حديث: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى]
7448# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظ، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن زياد، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ له ما يُنكَر، غير أنَّ أصحاب «الصحيح» تجنَّبَا ما يُنكَر عليه، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَان): عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وقد قَدَّمْتُ اللغات في (مَلٍّ)، وأنَّه مثلَّثُ الميم، والرابعة بفتح الميم وإسكان اللام ثُمَّ همزة.
قوله: (كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي): هذا (الابن) تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه عليُّ بن زينبَ بنتِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ أنَّ أباه هو أبو العاص بن الربيع، في (الجنائز).
[ج 2 ص 882]
قوله: (فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا): هذا الرسول لا أعرف اسمه.
قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاحتسابَ): ادِّخارُ الثواب عند الله.
قوله: (وَنَفْسُهُ تُقَلْقَلُ فِي صَدْرِهِ): هو في أصلنا (تُقَلْقِل)؛ بضَمِّ التاء، وكسر القاف الثانية، كذا بالقلم، وفي الهامش نسخةٌ وعليها علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (تَقلقَل)؛ بفتح أوَّله، وفتح القاف الثانية؛ على أنَّه محذوف إحدى التاءين، قال في «المطالع»: («تَقلْقَل في صدره»؛ أي: تتحرَّك بصوت شديد، والقلقلة: التحرُّك، وأيضًا الصوت، وأيضًا القلق، وأيضًا شدَّة الاضطراب والحركة)، فتفسير ابن قُرقُول موافقٌ لنسخة الدِّمْيَاطيِّ، وكذا ابن الأثير في «نهايته»، وكلاهما يقتضي أن يكون من اللازم، والضبط الأوَّل في أصلنا على أنَّه متعدٍّ، ويكون المفعولُ محذوفًا تقديره: ونفسُه في صدره تُقلقِلُ بدَنَه، أو نحو ذلك، والله أعلم.
قوله: (كَأَنَّهَ [1] شَنَّةٌ): تَقَدَّمَ [ما] (الشَّنَّة)؛ وهي القِربة العتيقة.
قوله: (إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرحماء) يجوز فيه النصب والرفع، وتَقَدَّمَ توجيهُهُما، في (الجنائز).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كَأَنَّهَا).

(1/13173)


[حديث: اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة: يا رب]
7449# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ هذا عمُّه، وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز مرارًا.
قوله: (وَسَقَطُهُمْ): (السَّقَط): الرديء من كلِّ شيء، وما لا يُعتَدُّ به.
قوله: (يُنْشِئُ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًا، ومعناه: يبتدئ.
قوله: (وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ [1]): هذا إنَّما هو في الجنَّة على الصواب، لا في النار، وهو في النار قَلْبٌ، قال الإمام الحافظ شمس الدين ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في أوَّل كتاب «الهَدْي» في (فصل: ثُمَّ يكبِّر ويخِرُّ ساجدًا) ما لفظه: وكان يقع لي أنَّ حديث أبي هريرة _يعني: «إذا سجد أحدكم؛ فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» _ ممَّا انقلب على بعض الرواة متنُه، ولعلَّه: «وليضع ركبتيه قبل يديه»؛ كما انقلب على بعضهم حديثُ عائشة: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذَّن ابنُ أمِّ مكتوم»، فقال: إنَّ ابن أمِّ مكتوم يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذَّن بلال، وكما انقلب على بعضهم حديثُ: «لا يزال يُلقَى في النَّار وتقول: هل من مزيد ... »، إلى أن قال: «وأمَّا الجنَّة؛ فيُنْشِئُ الله لها خلقًا، فيسكنهم إيَّاها»، فقال: وأمَّا النار؛ فيُنْشِئُ الله لها خلقًا يسكنهم إيَّاها، انتهى، وقد نقل ذلك في (الجمعة) من «الهدْي» عن كلام أبي العَبَّاس ابن تيمية؛ أعني: هذا المكان في النار فقط، ثُمَّ ضمَّ إليه من كلام غيره، وقد ذكر أيضًا هذا المكانَ أيضًا في «حادي الأرواح»، وقال: إنَّه غلطٌ من بعض الرواة انقلب عليه لفظه [2]، والرواياتُ الصحيحةُ ونصُّ القرآن يردُّه، فإنَّ الله أخبر أنَّه يملأ جهنَّم من إبليس وأتباعِه، وأنَّه لا يعذِّب إلَّا مَن قامت عليه حُجَّتُه، وكذَّب رسلَه، قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} ... إلى قوله: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8 - 9]، و «لا يظلمُ اللهُ من خلقه أحدًا»، انتهى، لكن لا أدري القلبَ في هذا الحديث ممَّن هو مِن رواته؟ وكلُّهم ثقاتٌ، والثقةُ قد يغلط.

(1/13174)


وسُئِل عن هذا المكان بعينه في جملة أسئلةٍ شيخُنا الحافظُ العلَّامةُ شيخُ مذهب الشَّافِعيِّ أبو حفص عمرُ بن رسلان بن نصير البُلْقينيُّ بحلبَ بحضوري، فبادرت أنا وقلتُ ما قاله ابن القَيِّمِ، فلم يرتَضِه شيخُنا، ثُمَّ كتب على السؤال مع أسئلة غيره أجوبةً لا أستحضر ما قال الآن، ثُمَّ إنِّي رأيتُ بخطِّه حاشيةً على «صحيح البُخاريِّ» في هذا المكان لفظُها: (فائدة: قوله: «وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَن يَشَاءُ»، هذه روايةٌ لا تُعرَف، وإنَّما الذي يُنشِئه للجنَّة، ولأنَّ حملَ ذلك على إنشاء أحجارٍ ونحوِها ممَّا لا يتأثَّر بالنار، فأمَّا خلق لهم أرواح ويتألَّمون بالعذاب؛ فهذا لم يجِئ في روايةٍ من الروايات، والذي جاء ممَّا يناسب ذلك في النَّار؛ وهو قوله: «لا يظلم من خلقه أحدًا»)، انتهى.
وقال شيخنا الشارح في «شرح هذا الكتاب»: (ويُنشِئ للنار خلقًا): يريد: مَن قدَّمنا أن يُلقى فيها ممَّن سبق له الشقاء ممَّن عصاه أو كفر، قاله المُهَلَّب، وقال غيرُه: يُنْشِئُ الله لها خلقًا لم يكن في الدنيا، قال: وفيه حُجَّةٌ لأهل السُّنَّة في قولهم: «إنَّ لله تعالى أن يُعَذِّب مَن يشاء» على مَن يقول: «إنَّ الله تعالى لو عذَّب مَن لم يكلِّفه؛ لكان [3] ظالمًا»، حاشاه، وهذا الحديثُ حجَّةٌ عليهم، قال أبو الحسن: لا أعلم في شيء من الأحاديثِ «أنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ» إلَّا في هذا الحديث، والمعروفُ أنَّه للجنَّة، ويضع قدَمَه في جهنَّم، انتهى، والله أعلم.
قوله: (فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟): اختُلِف في قول جهنَّم: (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟)؛ فقيل: هو سؤالٌ للزيادة، وهو معنى الحديث، وقيل: إنَّما تقول: هل فيَّ مزيدٌ؟ وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ): تَقَدَّمَ القول فيه في (سورة ق).
قوله: (فَتَمْتَلِئُ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): (يُرَدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعضُها): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (قَطْ قَطْ قَطْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى ما فيه من اللُّغَات، ومعناه، في (سورة ق).

(1/13175)


[حديث: ليصيبن أقوامًا سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبةً]
7450# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ عن قَتَادَةَ): (هشام) هذا: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، أبو بكر.
قوله: (سَفْعٌ من النَّارِ): (السَّفْع): بفتح السين، وإسكان الفاء، وبالعين، المُهْمَلَتين؛ أي: سوادٌ مِن لَفْحِها، وفي «الصحاح»: وسَفَعَتْه النَّار والسَّمُوم؛ إذا لَفَحَته لَفْحًا يسيرًا فغيَّرت لونَ البَشَرة.
قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةٌ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): و (همَّام) هذا: هو ابن يحيى العوذيُّ، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا ذكره البُخاريُّ مسندًا في (صفة الجنَّة) عن هدبة عن همَّام به، وإنَّما جاء بهذا التعليق؛ لأنَّ في سند الأوَّل هشامًا عن قتادة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف؛ لأنَّ همَّامًا صَرَّحَ فيه بالتحديث من قتادة [1]، وفيه رواية قتادة عن أنس بالعنعنة وهو مُدَلِّسٌ، وفي التعليق صَرَّحَ بالتحديث من أنس، والله أعلم.

(1/13176)


[قول الله تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا}]
قوله: (قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41]): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: ظنَّ المهلَّبُ أنَّ قولَ النَّبيِّ
[ج 2 ص 883]
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وضَحِكَه ردٌّ على الحَبْر، وليس كذلك، فقد تَقَدَّمَ في الحديث أنَّه ضَحِكَ تصديقًا للحَبْر، وذكره مسلمٌ أيضًا، ولمَّا اعتقد المهلَّبُ هذا؛ استشكلَ إيرادَ البُخاريِّ هذا الحديثَ في تفسير الآية؛ لأنَّ ذلك يوهم تصويبَ قولِ الحَبْر، والحقُّ عندنا أنَّ الحديثَ تفسيرٌ للآية [1]، والأصابعُ والقبضةُ واليدُ في حقِّه: إمَّا صفاتٌ، وإمَّا راجعةٌ إلى القدرة؛ على خلافٍ في ذلك، وقد تَقَدَّمَ، ويحتمل أنَّه أنكر عليه فهمه من الأصابعِ الجوارحَ، وحينئذٍ تلا: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]، وإن بنينا على تصديقه مطلقًا؛ فتلاوة الآية للردِّ على مَن كيَّفه مطلقًا، انتهى.
==========
[1] في (أ): (الآية)، والمثبت من مصدره.

(1/13177)


[حديث: جاء حبر إلى رسول الله فقال: يا محمد إن الله يضع ... ]
7451# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيْم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تَقَدَّمَ، رضي الله عنه.
قوله: (جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الحَبْرَ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ أنَّ (الحبْرَ)؛ بفتح الحاء وكسرها: العالم، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ في (الإِصْبَع) عشرَ لغات؛ تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: (أُصبوع)، و (الإصبع): من أحاديث الصفات، وفيها قولان للعلماء تقدَّما.
==========
[ج 2 ص 884]

(1/13178)


[ما جاء في تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق]
قوله: (الْخَالِقُ الْمُكَوِّنُ): هو بكسر الواو المُشَدَّدة، اسمُ فاعلٍ، وهذا غايةٌ في الظهور.
قوله: (مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ): هو بفتح الواو المُشَدَّدة، اسمُ مفعولٍ، وهذا غايةٌ في الظهور.
==========
[ج 2 ص 884]

(1/13179)


[حديث: بت في بيت ميمونة ليلةً والنبي عندها]
7452# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، الحافظُ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ): هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، أمُّ المؤمنين، خالة ابن عَبَّاس، تَقَدَّمَت رضي الله عنها.
قوله: (ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ): (الآخرُ): مَرْفُوعٌ صفةٌ لـ (ثلث)؛ وهو مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَوْ بَعْضُهُ): رأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ على قوله: (أو بعضه) وكأنَّه استنكرها؛ لأنَّه ساقَ الحديثَ مِن مكانٍ آخَرَ أخرجه البُخاريُّ وليس فيه: (أو بعضه)، ثُمَّ قال: (وهذه الرواية هي المعمول بها؛ لإثباتها وحفظِ رواتِها ما لم يحفظه غيرُهم)، انتهت.
قوله: (وَاسْتَنَّ): أي: استاك، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ): رأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ على هذا المكان من «البُخاريِّ» ما نصُّه: (فائدةٌ: الروايةُ التي فيها الزيادة _وهو أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم صلَّى ثنتي عشرة، وأنَّه أوتر، ثُمَّ صلى ركعتي الفجر_ هي المقدَّمَةُ على غيرها)، انتهت.
==========
[ج 2 ص 884]

(1/13180)


[باب: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين}]

(1/13181)


[حديث: لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق عرشه]
7453# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (فَوْقَ عَرْشِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (فوق) بمعنى: دون، قاله بعض العلماء؛ استعظامًا أن يكونَ شيءٌ من المخلوقات فوق العرش، واحتجَّ بقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]؛ أي: فما دونها، وذكر غيرُه في {فَوْقَهَا} قولَين: أحدهما: فما فوقها في الصِّغَر؛ لأنَّه المراد بالكلام، والثاني: أنَّها زائدةٌ؛ كقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12]؛ أي: الأعناق فما فوق، والله أعلم.
قوله: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي): تَقَدَّمَ أنَّهما صفتان قديمتان، لا يجوز سَبْقُ إحداهما الأخرى، وهما بِقِدَمه تعالى، وإنَّما معناه: غَلَبت، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.

(1/13182)


[حديث: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا وأربعين ليلةً]
7454# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان.
قوله: (وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ): تَقَدَّمَ معناه.
قوله: (إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ): (إنَّ): بكسر الهمزة على الحكاية، كذا ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وقد تَقَدَّمَ، وقال بعضُهم عن أبي البقاء: لا يجوز في (أنَّ) إلَّا الفتحُ، هي ومعمولها معمولُ (حدَّثني)، ولو كُسِرت؛ لعاد مستأنفًا، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك.
قوله: (يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ [1] إِلَيْهِ الْمَلَكَ): تقدَّم الكلام على هذا، والجمعُ بين هذا وبين ما وقع في «مسلم».
قوله: (مُضْغَةً): تَقَدَّمَ أنَّ (المُضْغَة): قطعةُ لحمٍ بقدر ما يُمضَغ في الفم.
==========
[1] اسم الجلالة ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.
[ج 2 ص 884]

(1/13183)


[حديث: يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا]
7455# قوله: (كَانَ هَذَا [1] الْجَوَابَ): (الجوابَ): مَنْصُوبٌ خبر (كان)، و (هذا) هو اسمها.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة»: (هذا كان)، وعليها في (ق) علامة التقديم والتأخير.
[ج 2 ص 884]

(1/13184)


[حديث: كنت أمشي مع رسول الله في حرث بالمدينة وهو متكئ على عسيب]
7456# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، رضي الله عنه.
قوله: (فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ (العَسِيْب) ما هو.
قوله: (يُوحَى): هو بفتح الحاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك؛ فانظره.

(1/13185)


[حديث: تكفل الله لمن جاهد في سبيله]
7457# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَاد): بالنون، تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الْأَعْرَج)، وكذا (أبو هُرَيْرَةَ).
قوله: (تَكَفَّلَ اللهُ): هو بمعنى الضَّمان.
قوله: (أَوْ يَرْجِعَهُ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ مُتَعدٍّ، ويجوز (أرجع)؛ رُباعيٌّ؛ ولكنَّه قليلٌ، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 884]

(1/13186)


[حديث: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.]
7458# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق؛ وذلك أنَّ عَبْدَ الغَنيِّ ذكر في «كماله» أنَّ مُحَمَّدَ بن كثير روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وفي «التذهيب»: (روى عن سفيان) وأطلقَ، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.
[ج 2 ص 884]
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمَه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: يحتمل تفسيرُه بلاحق بن ضُميرة الباهليِّ، كما تَقَدَّمَ في (باب مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا)، وفي (باب مَن قاتل للمغنم)، ويحتمل تفسيره بمعاذ بن جبل، كما تَقَدَّمَ في الباب المذكور، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر هنا: تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه لاحقُ بن ضُميرة، انتهى.
قوله: (يُقَاتِلُ حَمِيَّةً): أي: أَنَفًا وغَضَبًا.

(1/13187)


[باب قول الله تعالى: {إنما قولنا لشيء}]

(1/13188)


[حديث: لا يزال من أمتى قوم ظاهرين على الناس، حتى يأتيهم ... ]
7459# قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ.
قوله: (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ): تَقَدَّمَ مَن هؤلاء القوم، وأين هم، وتَقَدَّمَ أنَّ معنى (ظاهرين) أي: عَالِين غَالِبِين، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَمْرُ اللهِ) ما هو، وأنَّها الريح التي تأتي من اليمن، وقيل غيرُ ذلك.
==========
[ج 2 ص 885]

(1/13189)


[حديث: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ... ]
7460# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، وهو أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ): هو الحافظ أبو العَبَّاس، عالم أهل الشام، لا الوليد بن مسلم أبو بِشْرٍ العنبريُّ، هذا الثاني روى له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، ولم يروِ له البُخاريُّ، والأوَّل روى له الجماعة، والذي روى له مسلمٌ أرفعُ طبقةً من الشاميِّ، و (ابْنُ جَابِرٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جابر الأزديُّ الشاميُّ، مات سنة «153 هـ» [1]، اتَّفقا عليه)، انتهى، فقوله: (مات سنة ثلاث وخمسين): هذا قولٌ؛ وهو مقدَّمٌ على غيره، وقيل: سنة أربعٍ وخمسين، وقيل: سنة خمسٍ وخمسين، أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومقتضى كلامه فيها أن يكون مصحَّحًا عليه، والله أعلم.
قوله: (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ... ) إلى آخره: هم الظاهرون الذين تقدموا، وتَقَدَّمَ أين هم، وما يتعلَّق بهم، رحمة الله عليهم أجمعين.
قوله: (فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ): (مالك) هذا: لم يذكره ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في الصَّحَابة، ولكن استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، كذا رأيته في حاشية «الاستيعاب»، ظهر لي باصطلاح كاتبها أنَّه استدركه الغسَّانيُّ، فقال: روى عن معاذ، روى عنه: معاوية بن أبي سفيان)، انتهى، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات» في التابعين، وقال: أصله من اليمن، انتقل إلى الشام، مات في ولاية عبد الملك بن مروان حيث صار [2] إلى مصعب، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (مالك بن يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، روى عن معاذ، ويُقال: له صحبةٌ، «دمشق») [3]، وكذا قال في «التذهيب»: مالك بن يُخَامِرَ الحمصيُّ، يُقال: له صحبةٌ، روى عن معاذ بن جبل، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وجماعةٍ، قال ابن أبي عاصم: مات سنة سبعين، وقال غيره: سنة اثنتين وسبعين، انتهى، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، و (يُخَامِرَ): بضَمِّ المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ خاء معجمة مُخَفَّفة، وميم مكسورة بعد الألف، ثُمَّ راء، لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، والله أعلم.
قوله: (وَهُمْ بِالشَّأْمِ): تَقَدَّمَ الكلام على المكان الذين هم فيه، وما فيه [من] الرواياتِ، مُطَوَّلًا.
==========

(1/13190)


[1] في هامش (أ): (كذا قال: ثلاث وخمسين ومئة).
[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (سار).
[3] «تجريد الصحابة» (2/ 50) (552).
[ج 2 ص 885]

(1/13191)


[حديث: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ... ]
7461# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة.
قوله: (عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ): تَقَدَّمَ بعض مثَالِب مسيلِمَة الكذَّابِ المفتَرِي، وما جرى له، وبعض آياته المنكوسةِ، ونسبُه؛ فانظر ذلك.
قوله: (لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ): كانت قطعةَ جريدٍ.
قوله: (لَيَعْقِرَنَّكَ اللهُ): أي: ليُهلِكنَّك ويَقتُلَنَّك، وقد تَقَدَّمَ.

(1/13192)


[حديث: بينا أنا أمشي مع النبي في بعض حرث المدينة ... ]
7462# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (عَبْد الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، وتَقَدَّمَ أنَّ له مناكيرَ تجنَّبها أهل «الصحيح»، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.
قوله: (فِي بَعْضِ حَرْثِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ (العَسِيب)؛ وهو الجريدة من النخل.
قوله: (فَقَامَ [1] رَجُلٌ مِنْهُمْ): هذا الرجل اليهوديُّ السائلُ لا أعرف اسمَه.
قوله: (يُوحَى): هو بفتح الحاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه فيما مضى.
قوله: ({{وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرِاءَتِنَا): (الأعمش): [تَقَدَّمَ] أعلاه أنَّه سليمان بن مِهْرَان، وهذه قراءةٌ شاذَّةٌ، والمتواترة: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.

(1/13193)


[قول الله تعالى: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي ... }]

(1/13194)


[حديث أبي هريرة: تكفل الله لمن جاهد في سبيله]
7463# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا كلُّ واحدٍ من هؤلاء.
قوله: (تَكَفَّلَ اللهُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ معناه الضمان.
قوله: (مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (الجهاد).

(1/13195)


[قول الله تعالى: {تؤتي الملك من تشاء} ... ]
(بَابٌ: فِي الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ) ... إلى آخر الكتاب
قال أهل اللغة: الإرادة: المشيئة، قال الجوهريُّ: أصلها الواو، انتهى، وأمَّا عطف البُخاريِّ (الإرادةَ) على (المشيئة)؛ فلاختلاف اللفظ، ومذهبُ أهل السُّنَّة: أنَّ الله مريدٌ بإرادةٍ قديمةٍ، وهي من صفات الذات، ولم يزل مريدًا، قال ابن الباقلَّانيِّ في «هداية المسترشدين»: فإن قيل: يلزم على قولكم: «إنَّه لم يزل مريدًا» أنَّه لم يزل راضيًا، ومُحِبًّا، وقاصدًا، ومختارًا، ومواليًا ومعاديًا، وغضبانَ وساخطًا، وكارهًا، ورحمانًا، ورحيمًا؛ قلنا: كذلك نقول؛ لأنَّ جميعَ هذه الأسماءِ والصفاتِ راجعةٌ إلى الإرادة فقط، والله أعلم.
وقال شيخُنا: معنى الباب: إثبات المشيئة والإرادة لله تعالى، فإنَّ مشيئتَه وإرادتَه، ورحمتَه وغضبَه، وسخطَه وكراهيتَه؛ كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ أسماءٌ مترادفةٌ راجعةٌ كلُّها إلى معنى الإرادة؛ كما يُسَمَّى الشيءُ الواحدُ بأسماء كثيرة، وإرادته تعالى صفةٌ من صفات ذاته، خلافًا لمن يقول من المعتزلة: إنَّها مخلوقةٌ من أوصاف أفعاله، وقولهم فاسدٌ؛ لأنَّهم إذا أثبتوه تعالى مُريدًا، وزعموا أنَّ إرادتَه مُحْدَثةٌ؛ لم يخلُ من أن يُحدثَها في نفسه أو في غيره ... إلى آخر كلامه.
قوله: (وَقَوْلُ [1] اللهِ): هو بالرفع معطوفٌ على (بابٌ) المرفوع المنوَّن.
قوله: (وقَالَ [2] سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (سعيد بن المُسَيّب)، وأنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُسَيّب): هو ابن حزن بن أبي وهب المخزوميُّ، والمُسَيّبُ صحابيٌّ، وكذا حَزْن، وقدَّمتُ أنَّه لم يروِ عن المُسَيّبِ إلَّا ابنُه سعيدٌ، وأنَّ فيه ردًّا على الحاكم وغيرِه في قوله في شرط البُخاريِّ، والله أعلم.
[ج 2 ص 885]
قوله: (نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على أبي طالب، وأنَّ اسمَه عبدُ مَناف، ويُقال: اسمه كنيته، وأنَّ بعضهم [قال]: اسمه عمران، وليس بصحيحٍ، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ بما يتعلَّق به، والذي نزل فيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] الآيةُ التي تلاها قبل ذكر أبي طالب، لا الآية التي تلاها بعده، وهذا ظاهِرٌ جدًّا يعرفه المبتدِئ اللبيبُ، والله أعلم.
==========

(1/13196)


[1] في «اليونينيَّة»: (قول)؛ بلا واو، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

(1/13197)


[حديث: إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء]
7464# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان التيميُّ مولاهم، البصريُّ، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صهيب.
قوله: (فَاعْزِمُوا): هو بوصل الهمزة، وكسر الزاي؛ أي: اقطعوا دون استثناء؛ فإن ابتدأت بلفظ (اعزموا)؛ فاكسِرِ الهمزَةَ.
قوله: (فَإِنَّ اللهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ): تقدَّم الكلام عليه، وهو أنَّه من لازم التخيير الاستكراهُ.
==========
[ج 2 ص 886]

(1/13198)


[حديث: أن رسول الله طرقه وفاطمة بنت رسول الله ليلة ... ]
7465# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.
قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (عَبْدُ الْحَمِيدِ): هو أخوه لأبويه، ابن أبي أويسٍ، تَقَدَّمَ مترجمًا، وكلام الأزديِّ فيه باطلٌ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيقِ، وتَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا، وهذا المكان هو قرنٌ أيضًا، قرنه هنا بشعيب، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زين العابدين، و (حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ): هو ابن أبي طَالِبٍ، الشَّهيد السيِّد الجليل، رضوان الله عليه وعلى أبيه عليٍّ.
قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ: (أَنْ يَبْعَثَنَا؛ بَعَثَنَا)؛ أي: أن يوقظنا؛ أيقظنا، وكذا (يَرْجِعْ)، وأنَّه ثُلاثيٌّ متعدٍّ، وأنَّه لغة القرآن: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83]، ويجوز في لغةٍ قليلةٍ (أَرْجَعَه)؛ رُباعيٌّ.

(1/13199)


[حديث: مثل المؤمن كمثل خامة الزرع]
7466# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ): (الخَامَةُ): بالخاء المُعْجَمَة، وبميم مُخَفَّفة بعد الألف، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: (هي الطاقة الليِّنَة الغَضَّة من الزرع، وألِفُها منقلبةٌ عن واو)، انتهى، وهذا لفظ ابن الأثير في «نهايته»، وكذا جعلها في (خوم) الجوهريُّ، ولفظه: الخامة: الغَضَّة من الرَّطْبَة من النبات، ثُمَّ ذكر هذا الحديث، وفي «المطالع» مقتضى إخراجه لها أن تكون ألِفُها منقلبةً عن ياء، وقال فيها: خامة الزرع: ورقته الغَضَّة الرَّطْبَة، وقيل: بل ضعيفة، انتهى، وقد تَقَدَّمَت فيما مضى.
قوله: (يَفِيءُ وَرَقَهُ): (يَفِيءُ): بفتح المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثُمَّ فاء مكسورة، وهمزة في آخره، و (وَرَقَهُ): مَنْصُوبٌ، كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، وفي هذا الضبط نظرٌ، وينبغي أن يكون (يُفِيء) بضَمِّ أوَّله والباقي مثله؛ حتَّى يكون متعدِّيًا، وينصبَ (الورق)، وإلَّا؛ فذاك الضبطُ على أنَّه لازمٌ؛ فـ (ورقُه): مَرْفُوعٌ فاعلٌ؛ لأنَّ (فاء): لازمٌ، ومعناه: رجع، و (أفاءه غيرُه): متعدٍّ، وكما ذكرته رأيته في نسخةٍ صحيحةٍ: فتح ياء (يَفيء)، ورفع (ورقُه) [1]، وفي لفظ آخر: (مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُفيئُهَا [2])؛ أي: تحرِّكها وتميِّلها يمينًا وشمالًا، والله أعلم، وقد طرأ على أصلنا نقط (تفيء) بنقطتين من فوق، فعلى هذه؛ تكون مضمومة التاء (تُفيء)؛ يعني: الريحُ، فـ (ورقَه) على هذه مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه مفعولٌ، وهذا قُيِّدَ على أنَّه رُباعيٌّ، لكنَّه لم يتعرَّض لضَمِّ التَّاء؛ لأنَّ (فاء) لازمٌ، والرُّباعيُّ متعدٍّ، ولكن تبقى فيه رِكَّةٌ إذا قُرِئ ما بعده.
قوله: (تُكَفِّئُهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الكاف بعده، ثُمَّ فاء مكسورة مُشَدَّدة، ثُمَّ همزة مضمومة، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا، ومعناه: تميِّلُها.
قوله: (يُكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الكاف، ثُمَّ فاء مكسورة مُشَدَّدة، ثُمَّ همزة، كذا في أصلنا مضبوطٌ بالقلم، وعليه (صح)، وفي نسخة أخرى هي في هامش أصلنا وعليها علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (يُكْفَأ)؛ بضَمِّ أوَّله، وإسكان الكاف، وهمزة في آخره، وكلُّه قريبٌ.

(1/13200)


قوله: (كَمَثَلِ الأَرْزَةِ): قال في المطالع: («الْأَرْزَة»: بفتح الهمزة وسكون الراء، كذا الرواية، وهو الصَّنوبر، وقال أبو عبيدة: إنَّما هو الآرِزَة؛ على وزن «فَاعِلَة»، ومعناها: الثابتة في الأرض، وأنكر هذا أبو عبيد)، انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته»: («الأرزة»: بسكون الراء وفتحها)، وذكر كلام أبي عبيدة، وإنكارَ أبي عبيد، وقد تقدَّمه الجوهريُّ فنقل فيها اللغتين، وقد تَقَدَّمَ هذا كلُّه، والله أعلم.
قوله: (صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً): (صَمَّاء): ممدود مفتوح؛ لأنَّه لا يُصرَف، وهو صفةٌ لـ (الأرزةِ)، وهي مجرورةٌ، وأمَّا (مُعْتَدِلَةً)؛ فهو مَنْصُوبٌ مُنَوَّن، حال.

(1/13201)


[حديث: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم]
7467# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شُعَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ): (أُعْطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (فَأُعْطُوا): مَبْنيٌّ أيضًا، وكذا (أُعْطِيَ)، وكذا (فَأُعْطُوا)، وكذا (أُعْطِيتُم)، وكذا (فَأُعْطِيتُمْ)؛ كلُّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[ج 2 ص 886]

(1/13202)


[حديث: أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا.]
7468# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الْمُسْنَدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد المسنَديُّ؛ بفتح النون، وإنَّما قيل له: المسنَديُّ؛ لأنَّه كان وقت الطلب يتْبَع الأحاديثَ المسنَدةَ، ولا يرغب في المقاطيع والمراسيل، وقال الحاكم: إنَّه أوَّل من جمع مسند الصَّحَابة على التراجم بما وراءَ النهر، وقد تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله الخولانيُّ المشهور.
قوله: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ): هذا كان في العقبة الثانية، وإن شئتَ؛ قلتَ: الثالثة، وقد قَدَّمْتُ الاختلافَ في عددهم.
[ج 2 ص 886]
قوله: (فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا؛ فَهْوَ [1] كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا، وعلى حديث أبي هريرة: (ما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟)، في أوائل هذا التعليق، وحديث عبادة أصحُّ إسنادًا.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (لَهُ).

(1/13203)


[حديث: لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن]
7469# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.
قوله: (كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ الكلام على روايات هذا الحديث، وفي رواية: (سبعون)، وفي رواية: (تسعون)، وفي رواية: (تسع وتسعون)، وفي رواية: (مئة)، وقدَّمت أنَّه ليس في رواية القليل ما ينفي الكثيرَ، وأنَّه من باب مفهوم العدد، وقدَّمت كلام ابن عَبَّاس: أنَّه كان في ظهر سليمانَ ماءُ مئةِ رجلٍ، وكان له ثلاثُ مئةِ زوجةٍ، وثلاثُ مئة سُرِّيَّةٍ، وكلام النَّقَّاش، وما في «المستدرك» في ترجمة عيسى ابن مريم، وما جاء في بعض الروايات: أنَّه كان له ألفُ امرأةٍ، والله أعلم.
قوله: (شِقَّ غُلاَمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال: إنَّه الجسد الذي ذكره الله في قوله: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34].
==========
[ج 2 ص 887]

(1/13204)


[حديث ابن عباس: لا بأس عليك طهور إن شاء الله]
7470# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا [1] عَبْدُ الْوَهَّابِ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228]) في (العِدَد)، وقبل ذلك أيضًا، و (عبد الوهَّاب الثقفيُّ): هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ الحافظ.
قوله: (دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف هذا الأعرابيَّ، وقد قَدَّمْتُ في (الطِّبِّ والمرضى) عن ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: أنَّه قيس بن أبي حازم، وذكرت أنَّ فيه نظرًا، والله أعلم؛ فانظره من هناك، وقال بعض حفَّاظ مصر الآن: تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه قيسٌ، انتهى، وفيه النظرُ الذي تَقَدَّمَ.
قوله: (طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ): هو بفتح الطاء، وهو استعارةٌ، وتُضَمُّ أيضًا، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.
قوله: (فَنَعَمْ إِذًا): قَدَّمْتُ أنَّه تُوُفِّيَ في تلك المرضة، والله أعلم.

(1/13205)


[حديث: إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء]
7471# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ)، وفي نسخة: (مُحَمَّد بن سلَام): وقد قَدَّمْتُ أنَّ (سلَامًا) بتخفيف اللام على الصحيح، وقد قَدَّمْتُ ما يرفع الخلاف، وأنَّه بالتخفيف ليس غير، في أوائل هذا التعليق، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بَشِير، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن رِبْعِيٍّ.
قوله: (حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ): تَقَدَّمَ الكلام على نومهم عن صلاة الصبح، وقدَّمت أنَّه قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ: إنَّه اتَّفق ذلك ثلاثَ مَرَّاتٍ، وقدَّمت ما قاله الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: إنَّه اتَّفق ذلك مرَّتين أو مَرَّاتٍ في أسفارٍ، وما قاله ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: إنَّه لم يتَّفق ذلك إلَّا مرَّةً واحدةً، وكذا ابن عَبْدِ البَرِّ في «التمهيد»، وبرهن على ذلك ابنُ القَيِّمِ، وأنَّه كان بوادي القُرى مرجِعَهم من خيبر، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 887]

(1/13206)


[حديث: لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة]
7472# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الزاي، وقال بعضهم: بسكونها، و (إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن [بن] عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (الأَعْرَج): هو عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أخُوْهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويسٍ، أبو بكر، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه ما قاله الأزديُّ في حقِّه غيرُ صحيحٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق التيميِّ المدنيِّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ البُخاريَّ أخرج له مقرونًا، وهنا هو مقرونٌ بإبراهيم بن سعد، وهذا نوعٌ من القرن، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ)، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ)، وأنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.
قوله: (اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفهما، غير أنَّ المسلمَ من الأنصار، كما في بعض طرقه، ورددتُ كلامَ مَن قال: (إنَّ المسلمَ أبو بكر الصِّدِّيقُ، وإنَّ اليهوديَّ فِنحاص) بأنَّ القصَّةَ غيرُ هذه، وهذه مصرَّحٌ فيها بأنَّ المسلمَ أنصاريٌّ، وتلك القصَّة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181]، وقالَ بعض حفَّاظ مصر الآن: تَقَدَّمَ أنَّ اليهوديَّ لم يُسَمَّ، وأنَّ المسلمَ أبو بكر أو عمر، انتهى، وفي ذلك نظرٌ.
قوله: (فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ): (القَسَم): بفتح القاف والسين، وهو الحَلِفُ.

(1/13207)


قوله: (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى): تَقَدَّمَ عنه خمسةُ أجوبةٍ في (كتاب الخصومات)، وذكرته أيضًا في غيره، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ) ما معناه، وكذا الكلام على (بَاطِشٌ)؛ أي: آخِذٌ.
==========
[ج 2 ص 887]

(1/13208)


[حديث: المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها .. ]
7473# قوله: (إِنْ شَاءَ اللهُ): قاله على سبيل التبرُّك.
==========
[ج 2 ص 887]

(1/13209)


[حديث: لكل نبي دعوة فأريد إن شاء الله أن أختبي دعوتي شفاعةً]
7474# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ ... ) إلى آخره: يعني: دعوةٌ محقَّقةُ الإجابةِ، وباقي دعائه في مظِنَّةِ الإجابة، وأخَّرَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الدعوة المحقَّقةَ الإجابةِ لأمَّته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم شفاعةً لهم.
قوله: (أَنْ أَخْتَبِئ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 887]

(1/13210)


[حديث: بينا أنا نائم رأيتني على قليب فنزعت ما شاء الله أن أنزع]
7475# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ): (يَسَرَة): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح المُثَنَّاة تحت والسين المُهْمَلَة والراء، وبالتاء، و (جَمِيل): بفتح الجيم، وكسر الميم، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ بظاهرها قريبًا وبعيدًا مرارًا نسبُه، وكذا (الزُّهْرِيُّ)، وكذا (سَعِيد بْن المُسَيّبِ)، و (أبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (رَأَيْتُنِي على قَلِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا تَقَدَّمَ (القَلِيْب)، وكذا (الذَّنُوب)، وأنَّه بفتح الذال المُعْجَمَة، وأنَّ الصواب من أحد الشكَّين: (ذنوبين)، كما تَقَدَّمَ الجزمُ به، وكذا قوله: (وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ)، وكذا (فَاسْتَحَالَتْ)، وكذا (غَرْبًا) وكذا (عَبْقَرِيًّا)، وكذا (يَفْرِي فَرِيَّهُ)؛ أي: ينزع نزعَه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (بِعَطَنٍ).

(1/13211)


[حديث: اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء]
7476# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر، القاضي، و (وَالِدُه): هو أبو موسى الأشعريُّ، عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار.
==========
[ج 2 ص 888]

(1/13212)


[حديث: لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت]
7477# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ الكلام على (يحيى) هذا في (سورة اقرأ)، وقبلها أيضًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ.
قوله: (وَلْيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ): أي: ليقطَع، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (لَا مُكْرِهَ لَهُ): (مُكرِه): بكسر الراء، اسمُ فاعلٍ، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (لا مُكرِه له) قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا.
==========
[ج 2 ص 888]

(1/13213)


[حديث: بينا موسى في ملإ بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال ... ]
7478# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ، قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، و (أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو): هو بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وهو عمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسيُّ، يروي عن حفص بن غيلان والأوزاعيِّ، وعنه: الشَّافِعيُّ، وابن وارة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، ووَثَّقَهُ جماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (214 هـ)، أخرج له الجماعة، و (الأَوْزَاعِيُّ): عبد الرَّحْمَن بن عمرو، أبو عمرو، عالم أهل الشام، أفتى في سبعينَ ألفَ مسألةٍ، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (الْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مترجمًا، وهو صحابيٌّ له وفادة.
قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل الذي جاء موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لا أعرف اسمَه.
قوله: (فَأُوحِيَ إِلَى مُوسَى): (أُوحِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (بَلَى؛ عَبْدُنَا خَضِرٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ونسبِه، وما يتعلَّق بحياته، ونبوَّته أو ولايته، وما جاء فيه من الأحاديث، في (كتاب العلم)، ولم أرَ في حديثٍ صحيحٍ اجتماعَه بالنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، والله أعلم.
قوله: (آيَةً): أي: علامة.
قوله: (يَتْبَعُ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال بالتشديد والتخفيف.
قوله: (فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى): تَقَدَّمَ أنَّ (فتى موسى): هو يوشع بن نون، وتَقَدَّمَ نسبه، وأنَّه كان خادمَه، وأنَّ (نونًا) مصروفٌ، في (كتاب العلم)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّخْرَةِ)، وأين هي، والاختلاف في ذلك.
==========
[ج 2 ص 888]

(1/13214)


[حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة]
7479# قوله: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): (أَحْمَدُ بن صَالِحٍ) هذا: هو المصريُّ الحافظ، أبو جعفر، يُعرَف بابن الطَّبَريِّ، كان أبوه جنديًّا من أهل طَبَرِسْتَان، ترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ بعضها، روى عنه البُخاريُّ، وأبو داود، وغيرُهما، وكان ثقةً، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (248 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، وقد قَدَّمْتُ الكلام مرارًا على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان كذا) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ): سيجيء في آخر الحديث: (يُرِيدُ: الْمُحَصَّبَ)، وقد تَقَدَّمَ.

(1/13215)


[حديث: إنا قافلون إن شاء الله]
7480# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه المسنَديُّ، لا أبو بكر ابن أبي شيبة، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (عَمْرٌو): بفتح العين، وزيادة واو في آخره، هو ابن دينار، و (أَبُو الْعَبَّاسِ): هو السَّائب بن فَرُّوخ، الشاعر، و (عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ): بضَمِّ العين، كذا في أصلنا منزوع الواو من آخره، واعلم أنَّ هذه الطريقَ لم يذكرها المِزِّيُّ في «أطرافه»، واعلم أنَّ المِزِّيَّ قال في «أطرافه»: إنَّ من الرواة مَن قال: عن عبد الله بن عُمَر، ومنهم مَن قال: عبد الله بن عَمرو، وكان القدماء من أصحاب سفيان يقولون: عن عبد الله بن عُمَر؛ كما وقع عند «البُخاريِّ» في عامَّة النسخ، وكان المتأخِّرون منهم يقولون: عن عبد الله بن عمرو؛ كما وقع عند «مسلم» و «النَّسائيِّ» في أحد الموضعين، ومنهم مَن لم ينسبه؛ كما وقع عند «النَّسائيِّ» في موضعٍ آخَرَ، والاضطراب فيه من سفيان، قال أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراينيُّ: بلغني أنَّ إسحاقَ بن موسى الأنصاريَّ وغيرَه قالوا: عبد الله بن عمرو، ورواه عنه _يعني: عن سفيان_ من أصحابه مَن يفهم ويضبط، فقالوا: عبد الله بن عمر، انتهى.
قوله: (حَاصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ): تَقَدَّمَ متى كانت الطائف في مكانه، والله أعلم.
قوله: (نَقْفُلُ وَلَمْ تُفْتَحْ [1]؟): هو بضَمِّ الفاء، ومعنى (نَقفُل): نرجع.

(1/13216)


[باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}]
[ج 2 ص 888]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ [1] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ [2]: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ ... ») إلى آخر قوله: (أَنَا الدَّيَّانُ): تَقَدَّمَ في (باب الخروج في طلب العلم) في أوائل هذا «الصحيح» ما لفظه: (وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِد)، انتهى، وهو هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ في الباب المذكور لمَ قال هناك: (ورحل) فجزم بالرحلة، وقال هنا: (ويُذكَر) فمرَّض التَّعليقَ؛ وذلك لأنَّه صحَّ عنده الرحلةُ، ولم يصحَّ عنده الحديثُ على شرطه، وقد ذكرت هناك مَن خرَّجه، ومَن هو في سنده ليس على شرط البُخاريِّ؛ فانظره من هناك، والله أعلم.
قوله: (بِصَوْتٍ): الكلام في (الصَّوت) و (الحرف) معروفٌ، تعالى الله علوًّا كبيرًا، وقد ذكر في «المطالع» في ذلك كلامًا ليس على طريقة أبي الحسن الأشعريِّ المتكلِّم؛ فانظره إن أردته، والله أعلم.
==========
[1] (بن عبد الله): ليس في «اليونينيَّة».
[2] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

(1/13217)


[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها ... ]
7481# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ.
قوله: (خضْعَانًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الحِجْر) في (التفسير)، وهو هنا مضبوطٌ في أصلنا بضَمِّ الخاء وإسكان الضاد المعجمتين، وبفتحهما.
قوله: (فَـ {إِذَا فُزِعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]): هو بضَمِّ الفاء، وكسر الزاي مُخَفَّفة، وبعدها: (أَنَّهُ قَرَأَ: {فُزِّعَ}): هذه بضَمِّ الفاء، وكسر الزاي المُشَدَّدة، وقد قَدَّمْتُ في (سورة الحِجْر) [خ¦4701] أنَّ فيها قراءَتين فقط في السبعة، وذكرتُ فيها قراءاتٍ غيرَهما خارج السبعة؛ فانظر ذلك.
قوله: (كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ): الأوَّل بإسكان الفاء، والثاني بفتحها، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه برمَّته، وأنَّ الصحيحَ في الموضعين سكونُ الفاء، ولا يُعرَف بفتح الفاء، وقد تَقَدَّمَ في (سورة الحِجْر)، و (عليٌّ): هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، المذكورُ في السند.
قوله: (قَالَ عَلِيُّ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (عليٌّ): هو الحافظ المشهورُ ابن المَدينيِّ، و (سفيان): هو ابن عُيَيْنَة، كما تَقَدَّمَ أعلاه، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ.
==========
[ج 2 ص 889]

(1/13218)


[حديث: ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي يتغنى بالقرآن]
7482# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ عُقَيل بنَ خالد هذا حديثُه في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، ويحيى بن عُقَيل بضَمِّ العين وفتح القاف مثله، روى له مسلمٌ، وبنو عُقَيل مثلهما القبيلة المعروفة، لهم ذكرٌ في «مسلم»، ومَن عدا هؤلاء الثلاثة في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «المُوَطَّأ»؛ فهو بفتح العين وكسر القاف، والله أعلم، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرة أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: ما استمع كاستماعه، وهو كنايةٌ عن الرضا والقَبول.
قوله: (يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 889]

(1/13219)


[حديث: يقول الله: يا آدم فيقول لبيك وسعديك]
7483# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (فَيُنَادَى بِصَوْتٍ): (ينادَى): بفتح الدال في أصلنا بالقلم، وعليها (صح)، قال ابن قُرقُول: («فينادِي بصوت»، كذا لأكثرهم، وعند أبي ذرٍّ: «فيُنادَى»؛ بفتح الدال ... ) إلى آخر كلامه؛ فانظره في «المطالع» في (النون والدال) في الاختلاف إن أردته.
==========
[ج 2 ص 889]

(1/13220)


[حديث: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ولقد ... ]
7484# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.
قوله: (أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنَ [1] الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (البيت)، وكلامُ ابن بَطَّال، وكلامُ السُّهَيليِّ، وهو حسنٌ مليحٌ جدًّا.
==========
[1] في هامش في (أ) و (ق): (نسخة: في)، وكذا في «اليونينيَّة»، والمثبت رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.
[ج 2 ص 889]

(1/13221)


[باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة]
قوله: (وَنِدَاءِ اللهِ الْمَلاَئِكَةَ): (الملائكةَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (نداء).
قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): هو بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا.
==========
[ج 2 ص 889]

(1/13222)


[حديث: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدًا نادى جبريل ... ]
7485# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا [2] عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن عبادة)، و (عبد الصمد): هو ابن عبد الوارث، أبو سهل، حافظ بغداد، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (نَادَى جِبْرِيلَ): (جبريلَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ (نادى).
قوله: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا): (إنَّ): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها، وكذا الثانية.
قوله: (ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ): (جبريلُ): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه فاعلُ (ينادي)، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (ثُمَّ يُوضَعُ [3] لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ): (القَبول): المحبَّة في القلوب، قال المطرِّز: القَبول: مصدرٌ لم أسمع غيره بالفتح، وقد جاء مفسَّرًا في رواية القعنبيِّ: «فتوضع له المحبَّة في الأرض»، واعلم أنَّ هذا الحديثَ في «مسلم» من طريق جرير بن عبد الحَميد، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة، وتكملته فيه: «وإذا أبغض عبدًا؛ دعا جبريلَ فقال: إنِّي أُبغِض فلانًا فأَبْغِضْه، فيبغضه جبريلُ، ثُمَّ ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلانًا فأَبغِضُوه، قال: فيبغضه أهل السماء، ثُمَّ توضع له البغضاء في الأرض»، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَيُوضَعُ).
[ج 2 ص 889]

(1/13223)


[حديث: يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... ]
7486# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
قوله: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا ليس فيه دليلٌ على لغة: (أكلوني البراغيثُ)؛ وذلك لأنَّ له أوَّلًا في (الملائكة) في (بَدْء الخلق): «الملائكة يتعاقبون؛ ملائكةٌ بالليل ... »؛ الحديث.
==========
[ج 2 ص 889]

(1/13224)


[حديث: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا ... ]
7487# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بندارٌ، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وقد ذكرت سبب تلقيبه بذلك فيما مضى، وسببه: أنَّ ابنَ جُرَيجٍ قدم البصرة، فحدَّث بحديثٍ عن الحسن البصريِّ، فأنكروه عليه وشغَّبوا، قال ابن عائشة: إنَّما لَقَّبَ غندرًا ابنُ جُرَيجٍ من ذلك اليوم الذي كان يُكثِر الشغبَ عليه، فقال: اسكت يا غندر، وأهل الحجاز يسمُّون المشغِّبَ غُنْدرًا، والله أعلم،
[ج 2 ص 889]
و (وَاصِل): هو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، الأسَديُّ الأحدب، عن شريحٍ، والْمَعْرُورِ بن سُوَيْد، وعنه: شعبة، وسفيان، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، و (الْمَعْرُور): هو بالعين المُهْمَلَة، وهو ابن سُوَيد، تَقَدَّمَ، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، تَقَدَّمَ مترجمًا، رضي الله عنه.

(1/13225)


[باب قول الله تعالى: {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون}]

(1/13226)


[حديث: يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك]
7488# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ [أنَّه] بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَه سلَّامٌ _بتشديد اللام_ ابن سُلَيْم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ): هو عمرو بن عبد الله السبيعيُّ الهَمْدَانيُّ؛ بإسكان الميم وبالدال المُهْمَلَة، نسبة إلى القبيلة، وأمَّا البلدة؛ فهي بفتح الميم وبالذال المُعْجَمَة، وليس من الصَّحَابة ولا التابعين ولا تابعيهم أحدٌ من المدينة، وأكثرُ المُتَأخِّرين منها إلَّا قليلًا منهم، والله أعلم.
قوله: (يَا فُلَانُ؛ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ): (فلان): هو أُسَيد بن الحُضَير، قاله الخطيب البغداديُّ، ونقله عنه النَّوويُّ، وقد تَقَدَّمَ في (الدَّعَوات)، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: إنَّه البراء بن عازب، كما في «التِّرْمِذيِّ» و «مسلمٍ»، قال: وجاء أنَّه أُسَيد بن الحُضَير، ذكره الخطيب البغداديُّ، انتهى، وقال بعض حفَّاظ مصر الآن: تَقَدَّمَ أنَّ البراءَ هو المخاطَبُ بذلك، انتهى.
قوله: (إِذَا أَوَيْتَ): تَقَدَّمَ أنَّه بقصر الهمزة؛ لأنَّه لازمٌ، وقدَّمتُ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا؛ كان الأفصحَ في الهمزة القصرُ [1]، وإن كان متعدِّيًا؛ كان الأفصحَ المدُّ، وهذه لغة القرآن.
قوله: (رَغْبَةً وَرَهْبَةً): تَقَدَّمَ [2] معناهما.
قوله: (لَا مَلْجَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه مهموز الآخِر.
قوله: (وَلَا مَنْجَى): تَقَدَّمَ أنَّه غير مهموزٍ، معتلٌّ، وهذان ظاهران.
قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها المِلَّة والإسلام.
==========
[1] في (أ): (والقصر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] زيد في (أ): (تَقَدَّمَ)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 890]

(1/13227)


[حديث: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب .. ]
7489# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا أوفى) اسمُه علقمةُ بن خالد، وذكرتُ نسبه، وأبو أوفى صحابيٌّ كابنه عبدِ الله، رضي الله عنهما.
قوله: (يَوْمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الأحزاب _وهي الخندق_ في مكانها وغيره.
قوله: (زَادَ الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ أن (زاد) كـ (قال)، والحُمَيديُّ شيخُ البُخاريِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ القائلَ إذا كان شيخَه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الحُميديَّ): عبدُ الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، والحكمة في الإتيان بزيادة الحميديِّ _والذي يظهر لي أنَّ هذه ليست زيادةً، وأنَّه ينبغي أن يقولَ: قال_ أنَّ في سندها سفيانَ حدَّث عن ابن أبي خالد بالتحديث، وفي الأوَّل بالعنعنة، وابن عُيَيْنَة مُدَلِّس، وكذا الثَّوريُّ أيضًا، فأتى بزيادته؛ لأنَّ في سندها تصريحَ سفيان _وهو ابن عُيَيْنَة_ بالتحديث، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الخلاف في عنعنة المدلِّس هو في غير ابن عُيَيْنَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ أَبِي خَالِدٍ): هو إسماعيل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن أبي أوفى المذكورُ أعلاه وقبله مرارًا.
==========
[ج 2 ص 890]

(1/13228)


[حديث في تفسير: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]
7490# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، وهو جعفر بن أبي وحشيَّةَ إياسٍ، تَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] , [2] أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ ... )؛ الحديث: وهذا تصريحٌ من ابن عَبَّاس أنَّها نزلت في القراءة في الصَّلاة، وقد تَقَدَّمَ في (سورة سبحان)، وقد عقَّبه البُخاريُّ هناك بحديث عائشة: أنَّها نزلت في الدعاء.
قوله: (فَلَا تُسْمِعُهُمْ): هو مَرْفُوعٌ؛ لأنَّ (لا) للنَّفي.
قوله: (أَسْمِعْهُمْ وَلاَ تَجْهَرْ؛ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ): قال الحافظ أبو ذرٍّ: (فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، تقديره: أسمِعْهم حتَّى يأخذوا عنك القرآن، ولا تجهر)، وهو كلامٌ حسنٌ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 890]

(1/13229)


[باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله}]

(1/13230)


[حديث: قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر]
7491# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَأَنَا الدَّهْرُ): تَقَدَّمَ الكلام أنَّه مَرْفُوعٌ، ومَن قال: إنَّه بالنصب، مُطَوَّلًا، والردُّ عليه، في (الأدب).
==========
[ج 2 ص 890]

(1/13231)


[حديث: يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به]
7492# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان.
قوله: (الصَّوْمُ لي، وأنا أَجْزِي بِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه لِمَ أضافَه إلى نفسه دون سائر العبادات في (الصوم) مُطَوَّلًا؛ فانظره، وكذا (أنا أَجْزِي): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكذا (الصَّوْمُ جُنَّةٌ)، وكذا (الخُلُوفُ)، وأنَّ الصَّوابَ أنَّه بضَمِّ الخاء، وكذا (أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ)؛ هل هو في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط، وأنَّ الصَّحيح أنَّه فيهما؛ لحديثَين.
==========
[ج 2 ص 890]

(1/13232)


[حديث: بينما أيوب يغتسل عريانًا ... ]
7493# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما: هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ، وهذا الحديث عزاه المِزِّيُّ لـ (كتاب الأنبياء) بهذا السند، ولم يذكره عن (التوحيد)، وهو ثابتٌ في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولعلَّه سقط من الناسِخ لـ «الأطراف» والمقابِل، والله أعلم.
[ج 2 ص 890]
قوله: (خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ): سُئِلت عن هذا: هل كان قبل الابتلاء أم بعده؟ سألني عن ذلك غيرُ واحدٍ، وجوابه: أنَّه بعد الابتلاء؛ لما في «مستدرك الحاكم» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لمَّا عافى اللهُ أيُّوبَ؛ أمطرَ عليه جَرَادًا من ذَهَب، فجعل يأخذ بيده ويجعله في ثوبه، فقيل له: يا أيُّوب؛ أما تشبع؟ قال: ومَن يشبع مِن رحمتك؟!» لم يتعقَّبْه الإمام الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم.
قوله: (رِجْلُ جَرَادٍ): (الرِّجْلُ): بكسر الواو، وإسكان الجيم، وباللام؛ أي: جماعة منه، وفي «النهاية» لابن الأثير: (الرِّجل؛ بالكسر: الجراد الكثير).
قوله: (لَا غِنًى): هو مُنَوَّنٌ [1]، وهذا ظاهِرٌ، ومعناه: لا بُدَّ.
==========
[1] وهو في «اليونينيَّة» بلا تنوين.

(1/13233)


[حديث: يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا.]
7494# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو عَبْد اللهِ الأَغَرُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله سلمان الأغرُّ، مولى جهينة، وهو من أصبهان، روى عنه: ابناه عبدُ الله وعبيُد الله، والزُّهْرِيُّ، وفي طبقته أبو مسلمٍ الأغرُّ، سمع أبا هريرة وأبا سعيد، واشتركا في عتقه، فهو مولاهما)، انتهى.
قوله: (يَنْزِلُ [1] رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَة): تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (ينزل) كيف يُنطَق بها، في (باب الصَّلاة والدعاء من آخر الليل).
قوله: (ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ): (الآخِرُ): مَرْفُوعٌ صفةٌ لـ (ثلثُ)، وهذا ظاهِرٌ، وهو بكسر الخاء المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ الكلام [على] الروايات التي وردت في وقت النزول؛ فانظر ذلك في الباب المذكور أعلاه، وذكرت غيرَ جمعٍ لذلك.
قوله: (فَأَسْتَجِيبَ لَهُ): هو مَنْصُوبٌ، وكذا (فَأُعْطِيَهُ)، وكذا (فَأَغْفِرَ لَهُ)، ونصبُه ظاهرٌ، ويجوز الرفعُ فيها كلِّها، وسبق توجيهه في (الصَّلاة).
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يتنزَّل).
[ج 2 ص 891]

(1/13234)


[حديث: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة.]
7495# 7496# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ): تَقَدَّمَ معناه في أوَّل (كتاب الجمعة)، وتَقَدَّمَ بعد ذلك لِمَ سَاقَه وقال بعده: (وَبِهَذَا الإِسْنَادِ) كذا وكذا؛ فانظر ذلك.
قوله: (أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ): الأولى بفتح الهمزة: فعل أمر، والثانية بضَمِّ الهمزة، فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ على جواب الأمر.
==========
[ج 2 ص 891]

(1/13235)


[حديث: هذه خديجة أتتك بإناء فيه طعام ... ]
7497# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهو مُحَمَّد، و (عُمَارَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه هَرِم، وقيل غيرُ ذلك ممَّا تَقَدَّمَ، ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ.
قوله: (فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيجَةُ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو جبريل، كما جاء في بعض طرقه.
قوله: (بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على الحكمة في أنَّه ما بَشَّرَها إلَّا ببَيْتٍ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] قوله: (مِنْ قَصَبٍ) من عند السُّهَيليِّ، وهو حسنٌ، في (باب تزويج النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خديجةَ وفضلها)، و (القصب): اللؤلؤ المجوَّف، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الصَّخَب): الصِّيَاح، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّصَبَ): التَّعَب، والله أعلم.

(1/13236)


[حديث: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ... ]
7498# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): (عبد الله): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، وهو بفتح الميمين، وإسكان العين، تَقَدَّمَ مِرارًا.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية الأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخْبَرَنَا).
[ج 2 ص 891]

(1/13237)


[حديث: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض.]
7499# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ المصنِّف، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ أي: مُنَوِّرهما، وكذا (القَيِّمُ) و (القَيَّام) و (القَيُّوم): الذي لا يزول.
==========
[ج 2 ص 891]

(1/13238)


[حديث: ولكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيًا ... ]
7500# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن غانم، انفرد به البُخاريُّ، ومات سنة تسعين ومئة، وكان مولده سنة ثمان وعشرين ومئة)، انتهى، فاستفدنا من هذه الحاشية وفاتَه، وليست في «التذهيب» ولا في «الكاشف»، والظاهر: أنَّها ليست في «تهذيب المِزِّيَّ»، وقوله: (انفرد به البُخاريُّ)؛ هو كما قال، لم يُخَرِّج له أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة غيره فيما أعلم، والله أعلم، و (يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، نسبته إلى أَيْلَة؛ وهي بُلَيدة معروفةٌ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.
قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (أهل الإفك) مَن هم في (الشهادات)، وقدَّمنا ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من أنَّهم مِسْطَح، وحسَّان، وحَمْنَة، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّائِفَة)؛ وهي القطعة.

(1/13239)


[حديث: يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئةً فلا تكتبوها]
7501# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِلَى سَبْعِ مِئَةٍ): تَقَدَّمَ هل ينتهي التضعيف إلى سبع مئة، أو يُزاد، والصحيح: أنَّه يُزَاد على ذلك، وقد تَقَدَّمَ في (كتاب الإيمان) في (باب حُسْن إسلام المرء)، وذكرت فيه حديثًا عن أبي هريرة وعزوتُه، وتكلَّمتُ عليه.
==========
[ج 2 ص 891]

(1/13240)


[حديث: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال: مه]
7502# قوله: (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المُشَدَّدة، وبالدال المُهْمَلَة.
قوله: (فَقَالَ: مَهْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.
قوله: (فَذَلِكِ لَكِ): هما بكسر الكاف؛ لأنَّهما خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.
==========
[ج 2 ص 891]

(1/13241)


[حديث: قال الله: أصبح من عبادي كافر بي ومؤمن بي]
7503# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (عُبَيْد اللهِ): هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
قوله: (مُطِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (مُطِرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[ج 2 ص 891]

(1/13242)


[حديث: قال الله: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه]
7504# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَاد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.
==========
[ج 2 ص 891]

(1/13243)


[حديث: قال الله: أنا عند ظن عبدي بي]
7505# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، تقدَّموا قريبًا وبعيدًا.

(1/13244)


[حديث: قال رجل لم يعمل خيرًا قط]
7506# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ، و (أَبُو الزِّنَاد): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الأَعْرَج [1]) كذلك.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ كان نبَّاشًا، ولا أعرف اسمَه، وتَقَدَّمَ لابنِ شيخِنا البُلْقينيِّ عليه كلامٌ حسنٌ في أوائل (كتاب الرقائق)، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: تَقَدَّمَ أنَّه آخِرُ أهلِ النَّار خروجًا، وأنَّ اسمَه جهينةُ، انتهى.
قوله: (وَأَذْرُوا [2] نِصْفَهُ): (أذرى): يُقال: رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، وقد تَقَدَّمَ؛ فإن جعلتَه رباعيًّا؛ قطعتَ همزتَه وفتحتها، وإن جعلتَه ثلاثيًّا؛ وصلتَ همزته، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، والله أعلم.
قوله: (لَئِنْ قَدَرَ اللهُ عَلَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (لِمَ فَعَلْتَ؟): هو بفتح الميم على الاستفهام، والتاء مفتوحة على الخطاب، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] في (أ): (والأعرج).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَاذْرُوا).
[ج 2 ص 892]

(1/13245)


[حديث: إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال: رب أذنبت]
7507# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ): هذا هو أحمد بن إسحاق بن الحُصَين السُّلَميُّ المطوِّعيُّ، أبو إسحاق البُخاريُّ السُّرْمَارِيُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وأنَّها إلى قريةٍ من قرى بُخارى، وهو أحد فرسان الإسلام، ومَن يُضرَب بشجاعته المَثَلُ، مع العلم والزهد، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا رحمه الله، و (هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العوذيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (بشيرٍ أخي ثعلبة، وأبي عبيدة، وحبيب؛ أولاد عمرو بن مِحْصَن بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول؛ وهو عامر بن مالك بن النَّجَّار، لبشيرٍ وإخوتِه صحبةٌ، فأمَّا بشير؛ فقُتِل مع عليٍّ بصِفِّين، روى عنه ابنه عبد الرَّحْمَن، روى له أبو داود والنَّسائيُّ، واتَّفقا على عبد الرَّحْمَن ولدِه عن أبي هريرة، روى له مسلمٌ عن عثمان بن عَفَّانَ وزيدِ بن خالد، وأمَّا ثعلبةُ؛ فشهد بدرًا وما بعدها، وتُوُفِّيَ في خلافة عثمان، روى عنه: ابنه عبد الرَّحْمَن حديثه في قطع يد عمرو بن سَمُرة في سَرِقة الجمل، رواه ابن ماجه، وأمَّا أبو عبيدة؛ فقُتِل شهيدًا يوم بئر معونة، وأمَّا حبيبٌ؛ فمات في طريق اليمامة ذاهبًا إليه مع خالد بن الوليد، فهو معدودٌ في شهداء اليمامة)، انتهى.
أمَّا قول الدِّمْيَاطيِّ: (أولاد عمرو بن مِحْصَن بن عمرو بن عتيك)؛ فقد قال ابن عَبْدِ البَرِّ في ثعلبة: ثعلبة بن عمرو بن عبيد بن مِحْصَن، أحد بني مالك بن النَّجَّار، فزاد في نسبه عُبَيدًا، وخالفه هشام بن الكلبيِّ وغيرُه، فقالوا كما قال الدِّمْيَاطيُّ، قُتِل يوم جسر أبي عبيد، وقال الواقديُّ: تُوُفِّيَ بالمدينة في خلافة عثمان، وقيل: هو الذي روى عنه ابنه عبد الرَّحْمَن في السرقة، وكأنَّه الصحيح، فإنَّ ذاك لم يُنسَب، وهنا في هذا الموطن نُسِب إلى عمرٍو، قاله الذَّهَبيُّ.
وأمَّا (عبد الرَّحْمَن بن أبي عمرة)؛ فأخرج له الجماعة، قال ابن سعد: ثقةٌ كثيرُ الحديث، وقول الدِّمْيَاطيِّ في أبي عمرة: (بشير) هو قولٌ قدَّمه الذَّهَبيُّ في «تجريده»، وثنَّى بثعلبة بن عمرو بن مِحْصَن، وفي (الكنى) قدَّم أنَّ اسمَ أبي عمرة عمرُو بن محصن، وثنَّى ببشير، ولم يذكر ثعلبة، وأبو عمرة صحابيٌّ، روى له _كما قال الدِّمْيَاطيُّ_ أبو داود والنَّسائيُّ، والله أعلم.

(1/13246)


قوله: (غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ): وفي نسخة: (فليفعل ما شاء): أي: ما دام يُذنِب ويتوب، وهذا تحريضٌ على التوبة، لا على الذنب.

(1/13247)


[حديث: أنه ذكر رجلًا فيمن سلف أعطاه الله مالًا وولدًا]
7508# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هو عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود حميدِ بن الأسود، أبو بكر البصريُّ الحافظ، عن خاله عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ، ومالكٍ، ودَيْلَم بن غزوان، وعبد الواحد بن زياد، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وسمُّويه، وإبراهيم الحربيُّ، وجماعةٌ، قال ابن معين: لا بأسَ به، سمع من أبي عوانة وهو صغيرٌ، وقال أبو بكر الخطيب: كان حافظًا متقنًا، سكن بغداد، وقال أبو حسَّان الزياديُّ: مات في جمادى الآخرة سنة (223 هـ)، وكذا أرَّخه غيرُه، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان التيميُّ، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ سَلَفَ، أَوْ: فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ كان نبَّاشًا، وقد تكلَّم عليه ابن شيخِنا البُلْقينيِّ في أوائل (كتاب الرقاق)، وما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين أعلاه.
قوله: (أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟): (أيَّ): منصوبٌ، ونصبُه معروفٌ، قال أبو البقاء: الصَّواب: نصب (أيَّ) على أنَّه خبر (كنت)، وأمَّا قولهم: (خَيْرَ أَبٍ)؛ فالوجه نصبُه خبرًا؛ ليكون موافقًا لِما هو جوابٌ عنه، والرَّفع جائز على معنى: أنت خيرُ أبٍ، انتهى.
ْقوله: (لم يَبْتَئِرْ _أو: لم يَبْتَئِزْ_ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا): تَقَدَّمَ الكلام على: (يَبْتَئِر) و (يَبْتَئِز)، وأنَّ معناه: يدَّخر، في أوائل (الرقاق)، وقد فسَّره قتادةُ فيما مضى، ويأتي قريبًا.
قوله: (وَإِنْ يَقْدِرِ اللهُ عَلَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوائل (كتاب الرقائق)، و (إنْ): بكسر الهمزة، وإسكان النون، شرطيَّة، و (يُعَذِّبْهُ): مجزومٌ جزاءٌ.
قوله: (فَأَحْرِقُونِي): هو بهمزة مفتوحة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/13248)


ْقوله: (فَاسْحَقُونِي، أَوْ قَالَ: فَاسْحَكُونِي): معنى (اسحقوني): دقُّوني إذا أحرقتموني؛ بدليل بقيَّة الحديث، وقوله: (فَاسْحَقُونِي، أو: فاسحكوني): قال في «المطالع»: كذا في بعض الروايات، وهما بمعنًى، وفي رواية أبي ذرٍّ: «أو قال: فاسهكوني»، وهو بمعنى: «اسحقوني»، وفي رواية عُبدوس: (واسحطوني)، وهذا الوجه له، وكذلك: (اسكهوني)؛ بتقديم الكاف، انتهى، و (اسحقوني): ثُلاثيٌّ، وكذا (اسحكوني [1])؛ فهمزته وصلٌ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها، والله أعلم.
قوله: (فَأَذْرُونِي فِيهَا): (أذرى): رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، فعلى الرباعيِّ؛ همزه بالفتح، وعلى الثلاثيِّ؛ فوصلٌ، قال ابن القطَّاع: ذَرَا الريحُ التُّرابَ ذروًا وذريًا: رمت به، وأذرت، والإنسانُ الشيءَ؛ كذلك.
قوله: (ثُمَّ أَذْرَوْهُ): هو فعل ماضٍ، وفاعله، ومفعوله، لا فعل أمر، قال الجوهريُّ: يُقال: ذرت الريحُ الترابَ وغيرَه تذروه وتذريه ذَرْوًا وذَرْيًا؛ أي: سفَّتْهُ، ومنه قولهم: ذرَّى الناسُ الحنطةَ، وأذريتُ الشيءَ؛ إذا ألقيتَه كإلقائك الحبَّ للزرع، وهذا هو المراد هنا.
قوله: (مَخَافَتُكَ، أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ): (الفَرَق)؛ بفتح الفاء والراء: الفَزَع، كذا هو في أصلنا (المخافةُ) و (الفَرَقُ) مرفوعان، وفي نسخةٍ هما منصوبان؛ أي: من أجل مخافتك، والله أعلم.
قوله: (فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ عِنْدَهَا، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَمَا تَلَافَاهُ غَيْرُهَا): (تلافاه): معناه: تداركه، والتاء فيه زائدة، وقوله: (غيرُها): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا على أنَّه فاعل 2/ 8/ب (تدارك)، وكذا في نسخةٍ أخرى صحيحةٍ، ويظهر لي أنَّه ينبغي أن يكون (غيرُ) منصوبًا، ونصبُه على نزع الخافض؛ أي: بغيرها، والله أعلم.
قوله: (فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو سليمان بن طرخان التيميُّ، و (أبو عثمان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن مَلٍّ، وتقدَّمت اللغات في (مَلٍّ)، و (سلمان): هو الفارسيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه قُبَيل (المغازي) وبعده.
قوله ثَمَّ: (أَذْرُونِي): هو رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، كما تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وهو في أصلنا رُباعيٌّ.
قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان، (وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِرْ)؛ يعني: بالراء، ولم يشكَّ.

(1/13249)


قوله: (وَقَالَ خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شبابٌ العصفريُّ الحافظ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أنَّه أخذَ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (مُعْتَمِرٌ) بعده: هو ابن سليمان بن طرخان، (وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِزْ)؛ يعني: بالزاي، ولم يشكَّ كما شكَّ الأوَّل.
والحاصل: أنَّه حدَّث به عبد الله ابن أبي الأسود عن مُعتمر بالشكِّ، وحدَّث به موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ عن مُعتمر وقاله [بـ] الراءِ، وحدَّث به خليفة عن مُعتمر وقاله بالزاي، والله أعلم، وزاد فيه تفسير قتادة: (لَمْ يَدَّخِرْ).
==========
[1] في (أ): (اسحقوني)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[ج 2 ص 892]

(1/13250)


[باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم]

(1/13251)


[حديث: إذا كان يوم القيامة شفعت فقلت: يا رب أدخل الجنة من كان ... ]
7509# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ رَاشِدٍ): هو يوسف بن موسى بن راشد القَطَّان، وبعده (أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن يونس بن عبد الله بن قيس التميميُّ، أبو عبد الله اليربوعيُّ الكوفيُّ الحافظ، ويُنسَبُ إلى جده كثيرًا، فيُقال: أحمد ابن يونس، عن عاصم العمريِّ، وابن أبي ذئب، وابن أبي ليلى، والثَّوريِّ، وإسرائيلَ، وزائدةَ، وعبدِ العزيز الماجِشُون، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وقد حدَّث هنا البُخاريُّ عن واحدٍ عنه، وروى عنه: عَبْد بن حُمَيدٍ، وأبو زرعة، وخلقٌ، قال أحمد: شيخ الإسلام، وقال أبو حاتم: كان ثقةً متقنًا، قال البُخاريُّ: مات في ربيع الآخر سنة (227 هـ)، وقيل: عاش أربعًا وتسعين سنةً، أخرج له الجماعة.
و (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ): هو بمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه شعبةُ، وقيل: مُحَمَّد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: رؤبة، ومسلم، وخداش، ومطرِّف، وحَمَّاد، وحبيب، مشهورٌ، وقد تَقَدَّمَ، وهو أحد الأعلام، و (حُمَيْد): هو الطويل، تَقَدَّمَ، وهو حُمَيد بن أبي حُمَيد، أبو عبيدة البصريُّ، لا حُمَيد بن هلال، هذا الثاني تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ليس له في «البُخاريِّ» عن أنس إلَّا حديثان، وقد ذكرتهما غَيْرَ مَرَّةٍ، وأحدهما في «النَّسائيِّ»، والله أعلم.
قوله: (شُفِّعْتُ): هو بضَمِّ الشين، وكسر الفاء المُشَدَّدة، والتاء في آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وفي نسخة: (شَفَعْتُ)؛ بفتح الشين والفاء المُخَفَّفة، والباقي مثله، وهذا هيِّنٌ.
قوله: (أَدْخِلِ الْجَنَّةَ): (أَدخِل)؛ بفتح الهمزة: فعل أمر من الرباعيِّ، وكذا الثانية.
قوله: (فَيدْخلُونَ): هو مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، كذا في أصلنا، وهذا هيِّنٌ.

(1/13252)


[حديث: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض]
7510# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِيُّ): هو بفتح النون، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ، نسبه إلى عَنَزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وهو بفتح العين المُهْمَلَة والنون، وبالزاي.
قوله: (اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ): هؤلاء الناس الذين مع معبد بن هلال العَنَزيِّ لا أعرفهم.
قوله: (وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ): هو ثابت بن أسلم، أبو مُحَمَّد البُنانيُّ مولاهم، البصريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ): (أوَّلَ): مَنْصُوبٌ، وكذا هو في أصلنا، وعليه (صح).
قوله: (فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ): هو بالحاء المُهْمَلَة، والزاي، وهي كنية أنس بن مالك، كنَّاه بها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ببقلة كان يجتنيها، وفي كلام النَّوويِّ: يحبُّها.
قوله: (فَأَخِرُّ [1] لَهُ سَاجِدًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه السجدةَ والتي بعدها كلُّ واحدةٍ منهما مقدارها مقدار جمعةٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعةَ مقدارُ سبعين سنةً، فكلُّ يوم بعشر سنين.
قوله: (فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ): هما مرفوعان، وكذا الثانية: (فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ)، وكذا الثالثة.
قوله: (فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ؛ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِي [2]): قائل ذلك هو معبد بن هلال العَنَزيُّ المذكورُ في السند، و (بعض أصحابه): لا أعرفه.
قوله: (لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ): (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام المشهورين، واسم أبي الحسن يسارٌ، و (التواري): الاختفاء، وكان متواريًا من الحَجَّاج بن يوسف الثقفيِّ، و (أبو خليفة) هذا: لا أعرف له ترجمةً، وكشفت عليه عدَّة كتب في الأسماء؛ فلم أره، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ: هِيهِ): هي بكسر الهاء الأولى، وإسكان المُثَنَّاة تحت، وكسر الهاء الثانية، وكذا الثانية، تُقال في استزادة الحديث، وكذا (إيه)، وهي بمعنى: (إيه)، فأبدلوا من الهمزة هاءً، و (إيه): تَقَدَّمَ الكلام عليها [خ¦3683].
قوله: (فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ): هو بإسكان الثاء، وهذا ظاهِرٌ.

(1/13253)


قوله: (وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً): قال في «المطالع»: أي: مجتمع العقل والحفظ في كهولته قبل شيخه، ووَهَنِ جسمه، واختلالِ ذُكْرِه، وتفرُّقِ ذِهنه، انتهى، ونحوُه لابن الأثير في «نهايته»، ولفظه: أي: مجتمِع الخَلْق، قَوِيٌّ، لم يَهرَم ولم يَضعُف، والضمير راجعٌ إلى أنس، انتهى.
تنبيهٌ: لا أعرف أحدًا من الصَّحَابة أنَّه خَرِفَ واختلط إلَّا ما ذُكر عن بُسر بن أرطاة بن أبي أرطاة، وقد اختُلِف في صحبته؛ فقيل: لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قُبِضَ وهو صغيرٌ، هذا قول الواقديِّ، وابنِ معين، وأحمدَ، وغيرِهم، وقالوا: خرف في آخر عمره، وأمَّا أهل الشام؛ فيقولون: سمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ذكر ذلك ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»، وقد ذكر القاضي عياض في «الشِّفا» في (فصل: ومن ذلك ما أُطلِع عليه من العيوب): أنَّ سَمُرة بن جندب هَرِم وخَرِف، انتهى، وأمَّا أنا؛ فلم أرَ أحدًا ذكره بذلك، بل ولا أعلم أحدًا من الصَّحَابة أنَّه خَرِف إلَّا ما حكيته لك عن بُسْر على القول بأنَّه صحابيٌّ، والله أعلم، والقاضي رجلٌ عالمٌ كثيرُ الاطِّلاع، ولا يذكر ذلك عن صحابيِّ إلَّا عن ثقةٍ، وكذا لو كان غير صحابيٍّ فضلًا عن الصَّحَابيِّ.
وفي «صحيح مسلم» في (الغسل) عن سفينة _وهو من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد اختُلف في اسمه_ قال فيه أبو ريحانة وهو الراوي عنه: (وقد كان كَبِر، وما كنت أثق بحديثه)؛ يعني: أنَّه كَبِر في السِّنِّ، لا أنَّه خَرِف، وقد تُوُفِّيَ بعد السبعين من الهجرة.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وَأَخِرُّ).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَصْحَابِنَا).
[ج 2 ص 892]

(1/13254)


[حديث: إن آخر أهل الجنة دخولًا الجنة رجل يخرج حبوًا]
7511# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى): قال الجَيَّانيُّ في «تقييد المُهْمَلَ» في النوع الثالث من أنواع الذُّهليِّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (كتاب التوحيد): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن خالد: حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى)، فذكر هذا المكان، وذكر أمثلةً أخرى، ثُمَّ قال: قال أبو نصر وأبو عبد الله الحاكم: مُحَمَّد بن خالد في هذه المواضعِ هو الذُّهليُّ، نسبه إلى جدِّ أبيه؛ فإنَّه مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد، ولم يصرِّح البُخاريُّ باسمه في موضعٍ من «الجامع»، ومات مُحَمَّد بن يحيى بعد البُخاريِّ، انتهى، تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ الإمام الحافظ الكبيرُ أميرُ المؤمنين في الحديث سنة (258 هـ) وله ستٌّ وثمانون سنةً، أخرج له البُخاريُّ والأربعةُ، و (إِسْرَائِيل): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة)؛ بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة: هو عَبِيدة بن عمرو السَّلْمانيُّ؛ بفتح السين، وإسكان اللام، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.
قوله: (رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا الرجل جُهينةُ، من قبيلة جُهينة، وقال السُّهَيليُّ: هنَّاد، فيحتمل أنَّ أحدَهما اللقبُ، والآخرَ الاسمُ، وقد تَقَدَّمَ في (باب فضل السجود) في (كتاب الصَّلاة) وغيره.
قوله: (حَبْوًا): أي: زحفًا، قال ابن دريد: الزحف: المشي على الاسْتِ مع إشرافه بصدره، قال الحربيُّ: حَبَا الصبيُّ: مشى على يديه.
2/ 9/أ قوله: (فَكُلُّ ذَلِكَ): (كلُّ): مَرْفُوعٌ، ويجوز نصبه؛ أي: في كلِّ ذلك.

(1/13255)


[حديث: ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان]
7512# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجُعفيُّ.
قوله: (تَرْجُمَانٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في حديث هرقل في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (أَشْأَمَ مِنْهُ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ همزة مفتوحة، ثُمَّ ميم؛ يعني: شِمالًا، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَ [1] الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فروى الثانيَ البُخاريُّ عن عليِّ بن حُجْر، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن خيثمة، عن عديٍّ، والأوَّل عن الأعمش، عن خيثمة نفسِه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.
[ج 2 ص 892]

(1/13256)


[حديث: إذا كان يوم القيامة جعل الله السموات على إصبع]
7513# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيْدَة): تَقَدَّمَ بظاهرها، وأنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحبر) بفتح الحاء وكسرها: العالم، وأنَّ هذا الحبر لا أعرفه، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الإِصْبَع) فيها عشر لغات؛ تثليث الهمزة مع تثليث المُوَحَّدة، والعاشرة: (أُصبوع)، مَرَّاتٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا من أحاديث الصفات، وتَقَدَّمَ أنَّها قولان، والله أعلم، و (الأَرَضِينَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّها بفتح الراء وتُسَكَّن، وكذا (الثَّرَى): أنَّه التراب النديُّ، وقد فرَّق هنا بين الأرض والثَّرَى، فإنَّه قال: (وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ)، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ أنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13257)


[حديث: يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه]
7514# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (صَفْوَان بْن مُحْرِزٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1]: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟): هذا الرجل السائلُ لابنِ عمر لا أعرف اسمَه.
قوله: (فِي النَّجْوَى): (النجوى): مساررةُ اللهِ عبدَهُ.
قوله: (حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، قال ابن قُرقُول: (ستره، ولا يفضحه، وقد يكون «كَنَفه» ههنا: عفوه ومغفرته، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: «كتفه»، وهو قبيحٌ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَقَالَ آدَمُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ [2]: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (آدم): هو ابن أبي إياس العسقلانيُّ، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أنَّه أخذَ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شيبان): هو ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، تَقَدَّمَ مترجمًا، وكونه منسوبًا [3] إلى القبيلة قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وقد قَدَّمْتُ مَرَّاتٍ أنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى.
وإنَّما أتى بهذا السند؛ لأنَّ في السند الأوَّل (قال قتادة عن صفوان بن مُحْرِز)، وقتادةُ مُدَلِّس، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريحَ قتادةَ بالتحديث من صفوان، والله أعلم.

(1/13258)


[باب قوله: {وكلم الله موسى تكليمًا}]

(1/13259)


[حديث: احتج آدم وموسى فقال: أنت آدم الذي أخرجت ذريتك .. ]
7515# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْلٌ): بضَمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام المشهورين، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الحِمْيَرِيَّ لم يروِ له البُخاريُّ شيئًا عن أبي هريرة في «الصحيح»، وإنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم ... »؛ الحديث.
قوله: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الاحتجاج في (كتاب الأنبياء) في (موسى صلَّى الله عليهما وسلَّم).
قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدمُ): مَرْفُوعٌ، و (موسى): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقد تَقَدَّمَ ما رواه فيه بعض الحُفَّاظ من نصب (آدم)، وقد أخطأ في ذلك.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13260)


[حديث: يجمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا]
7516# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وأنَّه منسوبٌ إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النسبَة إلى فُرهود: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (هِشَامٌ): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.
قوله: (يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ): (يُجمَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المؤمنون): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَيَذْكُرُ [1] خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ): تَقَدَّمَ أنَّ الذي ينبغي أن يُعتَقَد أنَّ الأنبياءَ معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، وأنَّ ما جاء في ظواهر [الكتاب] أو السُّنَّة من غير ذلك مؤوَّلٌ ومجابٌ عنه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيَذْكُرُ)، ثمَّ زيد فيهما: (لهم).
[ج 2 ص 892]

(1/13261)


[حديث الإسراء والمعراج]
7517# قوله: (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (شَرِيك بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ [1]) هذا: شريك القاضي، أبو عبد الله الكوفيُّ، أحد الأعلام، ترجمته معروفة فلا نطوِّل بها، له ترجمةٌ مطوَّلةٌ في «الميزان»، واعلم أنَّ له أوهامًا في هذا الحديث أنكرها عليه العلماء، وقد نبَّه مسلمٌ على ذلك بقوله: (وقدَّم فيه شيئًا وأخَّر، وزاد ونقص)، انتهى، وفي «الميزان» لمَّا ذكر ترجمته؛ ذكر فيها حديثَ الإسراء هذا، وفيه: (ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، فَكَانَ [2] مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)، قال الذَّهَبيُّ: هذا من غرائب «الصحيح»، انتهى.
واعلم أنَّ عائشةَ قالت عنه عليه السَّلام: (إنَّ الذي دنا جبريلُ)، وعن ابن الجوزيِّ: بأنَّ هذا كان منامًا، وحُكم المنام غيرُ حُكمِ اليَقَظَة، وفيه نظرٌ؛ إذ رؤيا الأنبياء وحيٌ، وقد ذكر 2/ 9/ب عبدُ الحقِّ في «جمعه» شَريكًا بهذا الحديث، وسيأتي قريبًا جدًّا.

(1/13262)


وقال الحُمَيديُّ: قال لنا أبو مُحَمَّد بن حزم: ما وجدنا للبخاريِّ ومسلمٍ في كتابَيهما شيئًا لا يحتمل مخرجًا إلَّا حديثين، لكلِّ واحدٍ منهما حديثٌ تمَّ عليه في تخريجِه الوَهَم مع إتقانِهما، وحفظِهما، وصحَّةِ معرفتهما، فذكر من عند البُخاريِّ حديثَ شَريك عن أنس في (الإسراء)، وأنَّه قبل أن يُوحَى إليه، وفيه شقُّ الصدر، قال ابن حزم: والآفة فيه من شَريك، انتهى، وقال ابن إمامِ الجَوزيَّة: إنَّ فيه ثمانيةَ أوهامٍ، انتهى، وقال الحاكم: إنَّه وَهِمَ فيه في أربعة مواضعَ، ذكر إدريسَ في الثانية، والأحاديثُ تواترت أنَّه في الرابعة، وذكر هارونَ في الرابعة، والأحاديثُ تواترت أنَّه في الخامسة، وذكر إبراهيمَ في السادسة وموسى في السابعة، والأحاديثُ تواترت على العكس، وقال عياض: إنَّ في حديث شَريك ثلاثةَ أوهامٍ: شقُّ الصدر، وذكرُ النوم، ودنوُّ الرَّبِّ، انتهى، وقال عبدُ الحقِّ: وزاد فيه زيادةً مجهولةً، وأتى فيه بألفاظٍ غير معروفةٍ، وقد روى حديثَ الإسراء جماعةٌ من الحُفَّاظ المتقنين والأئمَّة المشهورين؛ كابن شهاب، وثابتٍ البُنانيِّ، وقتادة، فلم يأتِ أحدٌ منهم بما أتى به شَريك، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث، قال: والأحاديثُ التي تَقَدَّمَت هي المعوَّل عليها، انتهى، وسأذكر من الأوهام ما يسَّرَه الله عزَّ وجلَّ.
قوله: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُسرِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (إِنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ): (إنَّه): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها.
قوله: (قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ): (يُوحَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (قبل أن يُوحَى إليه) غلطٌ لم يُوافَق عليه، فإنَّ الإسراءَ أقلُّ ما قيل فيه: إنَّه بعد المبعث بخمسةَ عشرَ شهرًا، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في ذلك في أوَّل (الصَّلاة)؛ فانظره.

(1/13263)


ولم يختلفوا أنَّ خديجةَ صلَّت معه عليه السَّلام بعد فرض الصَّلاة عليه، وقد قَدَّمْتُ وفاة خديجة متى كانت، ومنها: أنَّ العلماءَ مُجمِعون على أنَّ فرض الصَّلاة كان ليلة الإسراء، فكيف يكون قبل أن يُوحى إليه؟! قال ابن القَيِّمِ بعد أن ذكر هذا المكان من غلط شريك قال: وقيل: إنَّ هذا كان إسراءً في المنام قبل الوحي، وأمَّا إسراء اليَقَظة؛ فبعد النبوَّة، وقيل: بل الوحي ههنا مقيَّدٌ، وليس بالوحي المطلق الذي هو مبدأ النبوَّة، والمراد: قبل أن يُوحَى إليه في شأن الإسراء، فأُسرِيَ به، فجاءه من غير تَقَدُّمِ إعلامٍ، والله أعلم، انتهى، وعن الشيخ شهاب الدين أبي شامة: أنَّه أجراه على ظاهره، والتزم أنَّ الإسراء كان مرَّتين؛ قبل النبوَّة وبعدها، وهذا غريبٌ.
قوله: (وَهْوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ): كذا هنا، وقد يُحتَجُّ بهذه الرواية وبالرواية الأخرى: (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان) مَن يجعلُها رؤيا نومٍ، ولا حُجَّة فيه؛ إذ قد يكون ذلك حاله أوَّل وصول المَلَك إليه، وليس في الحديث ما يدلُّ على كونه نائمًا في القصَّة كلِّها، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في ذلك في أوَّل (الصَّلاة)، وقدَّمْتُ الرواياتِ الواردةَ في مجيء المَلَك أين كان النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وجَمعتُ بينها؛ فانظر ذلك.
قوله: (حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى): قال شيخُنا: (بين الليلتين سبعٌ، أو ثمانٍ، أو تسعٌ، أو عشرٌ، أو ثلاثَ عشرةَ؛ أقوالٌ)، انتهى، يعني: سنين، ويحتمل أن يُريد: لياليَ، والله أعلم، وهذا على تصحيح رواية شَريك، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها.
قوله: (فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على شقِّ الصدر، وأنَّ هذا صحيحٌ، وعند ظِئرِه حليمةَ في «صحيح مسلم»، ذلك لا خلافَ فيه، وقد قَدَّمْتُ كم شُقَّ صدرُه مِن مرَّةٍ مُطَوَّلًا، وابنُ حزم وبعضُهم أنكرَ هذا الشقَّ ليلةَ الإسراء، والله أعلم.
قوله: (إِلَى لَبَّتِهِ): تَقَدَّمَ ما (اللَّبَّة)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّسْت) بِلُغَاتِه، وعلى قوله: (مِنْ ذَهَبٍ)، وما استنبط منه بعض أهل العلم؛ تحلية المصحف بذهبٍ، وهو حسنٌ، واستحسنه السُّهَيليُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (التَّوْر)، وعلى قوله: (مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً)، وأنَّ (الإيمان) و (الحكمة) معنَيَان، والجواب عن ذلك.

(1/13264)


قوله: (فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ): (حَشَا): بفتح الحاء والشين، مَبْنيٌّ للفاعل، و (صدرَه): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (لَغَادِيدَهُ): معطوفٌ عليه، وفي نسخة بضَمِّ الحاء وكسر الشين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صدرُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (لغاديدُهُ): معطوفٌ عليه.
قوله: (وَلَغَادِيدَهُ): هو بفتح اللام، وبالغين المُعْجَمَة، وبعد الألف دالان مهملتان؛ الأولى مكسورة، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، وقد فُسِّرت هنا بعروق حلقه، قال ابن قُرقُول: («لَغاديده»: هو ما تعلَّق من لحم اللَّحْيَين، واحدها: لَغْدٌ؛ بفتح اللام، ولُغْدُود، ويُقال أيضًا: لَغْنٌ، ويُجمَع على: لَغانِين، ويُقال: اللَّغدُ: أصل اللَّحْيِ، وقيل: لحمةٌ في باطن الأذنين من داخل)، انتهى.
وفي «النهاية»: (جمع «لُغْدود»؛ وهي لحمةٌ عند اللَّهاة، ويُقال له: لُغْد، ويُجمَع: ألغادًا)، انتهى، وقال ابن دريد في «الجَمْهَرة»: (واللُّغْد واللُّغدود واحدٌ، فجمع لُغْد: ألغاد، وجمع لُغدود: لغاديد، وهو اللَّحم الذي فيه اللَّهوات في باطن الحلق)، وقال الجوهريُّ: (اللُّغْدود: واحد «اللَّغاديد»، وهي اللحمات التي بين الحنك وصفحة العنق، واللُّغْد مثله، وجمعه: ألغاد)، وفي «القاموس»: (اللُّغْد واللُّغدود بضمِّهما، واللِّغْديد: لحمة في الحلق؛ كالزوائد من اللحم في باطن الأذن، وما أطاف بأقصى الفم إلى الحلق من اللحم ج _يعني: الجمع_: ألغاد ولغاديد، أو اللُّغْد: منتهى شحمة الأذن من أسفلها)، انتهى.
قوله: (ثُمَّ عَرَجَ بِهِ): هو بفتح العين والراء، وهو لازمٌ لا يُبنَى منه؛ أي: عَرَج به جبريلُ، وكذا ما بعدها.
قوله: (فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟): تَقَدَّمَ أنَّ خازن السماء الدنيا اسمه إسماعيل، وعزوته إلى مكانه، وذكرت أنَّ إسماعيلَ معناه: مطيعُ الله.
قوله: (وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ [3]؟): (بُعِثَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه، وأنَّ الصحيحَ أنَّ معناه: بُعِث إليه للإسراء، وإلَّا؛ فلا يخفى على أهل السماء بعثتُه.
قوله: (فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ): تَقَدَّمَ الكلام على هؤلاء الأنبياء الذين رآهم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من عند ابن بَطَّال، وما قاله السُّهَيليُّ في الحكمة في ذلك، في أوَّل (الصَّلاة)، وهو كلامٌ حسنٌ؛ فانظره.

(1/13265)


قوله: (فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ): كذا هنا، وتَقَدَّمَ في «الصحيح» _وهو في «مسلم» أيضًا بمعناه_: أنَّه رأى في السابعة أنَّه رُفِع له البيتُ المعمورُ، قال: «ورُفِعَت لي سدرةُ المنتهى، في أصلها أربعةُ أنهارٍ؛ نَهران باطنان، ونهران ظاهران ... »؛ الحديث، وهذا: رأى النهرين في السماء الدنيا، والله أعلم.
قوله: (عُنْصُرُهُمَا): (العُنصُر)؛ بضَمِّ العين والصاد المُهْمَلَتين، وتُفتَح الصاد أيضًا: الأصلُ.
قوله: (مِسْكٌ أَذْفَرُ): هو بالذال المُعْجَمَة، و (الذَّفر): كلُّ ريحٍ ذكيَّة من طيبٍ أو نَتنٍ، يُقال: مسكٌ أذفر بيِّن الذَّفَرِ.
قوله: (خَبَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ): الأكثر: (فَوَعَيْتُ)؛ أي: حفظت، قال في «المطالع»: (الوَعْيُ: الحفظ للشيء، ووَعَيت العلم وأوعيته: حفظته، وجمعته)، وقال في «الأفعال»: (وَعَيت العلمَ: حفظته، ووَعَتِ الأذنُ: سَمِعَتْ، وأوعى المالَ: جمعه في الوعاء)، انتهى، وكما في «الأفعال» _و ليس مرادُه «أفعال» ابن القطَّاع، ولا ابن القوطيَّة، وسأذكر كلامَ ابن القطَّاع [4]_ في «صحاح الجوهريِّ»، والذي في «أفعال ابن القطَّاع»: (وأَوعَيت العلم؛ مثل: وَعَيته)؛ فهو موافقٌ لِما في «المطالع»، لا لِما في «الأفعال» التي أشار إليها، والله أعلم.
2/ 10/أ قوله: (مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ): تَقَدَّمَ كلام الحاكم في ظاهرها في ذلك.
قوله: (وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ): تَقَدَّمَ كلام الحاكم في ظاهرها في ذلك.

(1/13266)


قوله: (وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ): تَقَدَّمَ كلام الحاكم في ظاهرها في ذلك، وتَقَدَّمَ الكلام على (موسى) و (إبراهيم) كونهما في هذا المقام، وذكرتُ فيه كلام النَّوويِّ: أنَّه إن كان الإسراءُ مرَّتين؛ فلا إشكالَ، فيكون في كلِّ مرَّة وجده في سماءٍ، وإحداهما موضعُ استقراره ووطنه، والأخرى كان فيها غير مستوطِن، فإن كان الإسراءُ مرَّة واحدة؛ فلعلَّه وجده في السادسة، ثُمَّ ارتقى إبراهيم أيضًا إلى السابعة)، وقال شيخُنا في «شرح هذا الكتاب» في (باب ذكر الملائكة)، فذكر فيه ما ذكرته لك عن الحاكم في المواضع الأربعة، ثُمَّ قال شيخُنا: قلت: ويجوز أن يُحمَل على تعدُّد الإسراء، انتهى، وكان يختلج في صدري أنَّه غلطٌ، وما كنتُ أطيقُ أُفصِح به حتَّى رأيتُ كلامَ الحاكم، والله أعلم، لكن إن كان الإسراءُ مرَّتين أو أكثرَ؛ فعدم التَّوهيم أولى، وإن كان مرَّةً _كما قال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: إنَّه أصحُّ الأقوال_؛ فالوَهَمُ لا شكَّ فيه، وهو كما قاله الحاكم، والله أعلم.
قوله: (وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ): تَقَدَّمَ في ظاهرها كلام الحاكم في ذلك.
قوله: (وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ كلام الذَّهَبيِّ في ذلك قريبًا؛ فانظره.
قوله: (احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ): تَقَدَّمَ لِمَ اعتنى موسى بهذه الأمَّة في أوَّل (كتاب الصَّلاة) حتَّى صارت إلى خمسٍ؛ فانظره.
قوله: (ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ): (ضعفاءُ): مَرْفُوعٌ من غير تنوينٍ، و (أجسادُهم): مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/13267)


قوله: (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ): هذا الكلام بعد الخَمس، وبعد قول الله تعالى: (إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ... ) إلى أن قال: (وَهْيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ): يقول موسى هذا الكلام؟! هذا فيه نظرٌ، وما أظنُّه إلَّا من أوهام شَريك، وهذا ظاهِرٌ لا خفاءَ به، وغالبُ ظنِّي: أنَّي رأيته معدودًا في كلامِ بعضهم من أوهامه، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيتُ شيخَنا ذكر هنا: (ارجع إلى ربِّك فليُخفِّف عنك أيضًا)، كذا وقع هنا بعد أن قال: (لا يُبَدَّل القولُ لديَّ) قال الداوديُّ: (لا يثبت؛ لأنَّ الرواياتِ تواطأت على خلافه، وما كان موسى ليأمره بالرجوع بعد أن قال الله لنبيِّه: (لا يُبدَّل القولُ لديَّ)، ولم يرجع [بعد] الخَمس، انتهى، ويحتمل أنَّ موسى لم يعلم بقوله تعالى: (لا يُبَدَّل القول لديَّ)، فقال مقالته، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في (الصَّلاة) الحديثُ من غير رواية شريك، وذكرت هناك أنَّه جاء في روايةٍ: أنَّه قاله بعد علمه بقول الله تعالى: (لا يُبدَّل القولُ لديَّ)، ولا شكَّ أنَّه وَهَمٌ إن كان قد علم بمقالةِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
==========
[1] (بن أبي نمر): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حتَّى كان).
[3] (إليه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهو ثابت في رواية الجملة اللاحقة.
[4] زيد في (أ) مستدركًا: (ولكنَّه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.
[ج 2 ص 892]

(1/13268)


[باب كلام الرب مع أهل الجنة]

(1/13269)


[حديث: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة.]
7518# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (مَالِكٌ): هو ابن أنسٍ، الإمامُ المجتهدُ، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه قد يجيء شخصٌ يظنُّه غيرَه؛ وذلك لأنَّ غالبَ روايات البُخاريِّ أن يكون بينه وبين مالكٍ واحدٌ، وهذا بينه وبينه اثنان، فلا تستَعجب؛ فقد ذكرت مكانًا في (غزوة خيبر) بينه وبين مالك فيه ثلاثةُ أشخاص، وكلُّ هذا يدلُّ على رفعةِ مالكٍ عند البُخاريِّ والأئمَّة، وهذا الشَّافِعيُّ تلميذُ مالكٍ، وقرأ عليه «المُوَطَّأ»، ويحدِّثُ عنه كثيرًا، وقد روى في «الأمِّ» عنه، وعن واحدٍ عنه، وعن اثنين عنه، وعن ثلاثة عنه، وهذا الأخير أفادَ ما هو شيخُنا البُلْقينيُّ، فقال: (إنَّه روى في «الأمِّ» في مكان واحدٍ بينه وبين مالك فيه ثلاثةٌ)، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (لَبَّيْكَ [1] وَسَعْدَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الحجِّ).
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَبَّنَا).
[ج 2 ص 892]

(1/13270)


[حديث: أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال: أو لست ... ]
7519# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ مولاهم، و (هِلَالٌ): هو هلال بن عليٍّ، وهو هلال بن أبي ميمونة، وهو هلال ابن أسامة، منسوبٌ إلى جدِّه، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ): معنى (تبادر): تسابق رَجْعَ العين، أو حركةَ حِسِّها، و (الطَّرْفَ): العين، وهو مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (نباتُه): مَرْفُوعٌ فاعل، وما بعده مَرْفُوعٌ معطوفٌ عليه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ): (يُشْبِعُك): بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ، و (شيءٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فاعلُ (أشبع)، والضمير هو مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.
قوله: (لَا تَجِدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا ... ) إلى آخره: وهو كذلك، إمَّا قرشيٌّ، وإمَّا أنصاريٌّ، والدليل على ذلك: إقرارُه عليه السَّلام على ذلك، ولم يُنكِر عليه، وضَحِكُه أيضًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويحتمل أنَّ سكوتَه عليه السَّلام على كلامه أنَّه لم يعلم به، والله أعلم.

(1/13271)


[باب ذكر الله بالأمر وذكر العباد بالدعاء والتضرع ... ]
قوله: (هَمٌّ وَضِيقٌ): هو بكسر الضاد، وإسكان الياء، ويجوز فتح الضاد مع إسكان الياء، هذا المصدر، و (الضَّيْق) أيضًا تخفيف (الضَّيِّق).
قوله: ({اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71]): في التلاوة وكذا تفسير مجاهد: هو بهمزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.
قوله: (يُقَالُ: افْرُقِ): هو بهمزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ ضممتها.

(1/13272)


[باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا}]
قوله فِي (بَاب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]): (وَقَوْلِهِ: فَلَا تَجْعَلُوا لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، والتلاوة: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت: 9]، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ على التلاوة المشهورة المتواترة [1]، فيحتمل أنَّ ما في أصلنا غلطٌ، ويحتمل أن يكون قراءةً شاذَّةً، والله أعلم.
قوله: (وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: ({وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 12]): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: ({حَافِظُونَ} [الحجر: 9]) [2]، وعليها (صح)، والتلاوة هي الأولى، ولعلَّ هذه قراءةٌ شاذَّةٌ، والله أعلم.
==========
[1] وكذا في «اليونينيَّة».
[2] وكذا في «اليونينيَّة»، والأولى رواية أبي الوقت وأبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 892]

(1/13273)


[حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك .. ]
7520# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (نِدًّا): تَقَدَّمَ ما (النِّدُّ)، وهو بكسر النون، وتشديد الدال: المِثْلُ والنَّظير، وقد فسَّره البُخاريُّ في مكان بـ (الضِّدِّ)، وهو قريبٌ، واعلم أنَّه لمَّا كان الشِّرْكُ أعظمَ الذنوب؛ بدأَ به؛ لأنَّه جحدٌ للتوحيد، ثُمَّ ثنَّاه بالقتل؛ لأنَّه محوٌ للتوحيد، ولم يكتَفِ بكونه قتلًا حتَّى جمع بين وصفِ الولادة وظلمِ مَن لا يعقل، وعلَّته البُخل؛ فلذلك خصَّه بالذِّكْر من بين أنواع القتل.
قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟) في الموضعين: تَقَدَّمَ الكلام على مَن قال: إنَّها مُنَوَّنةٌ، ومَن قال: إنَّها مرفوعةٌ من غير تنوين، في (الصَّلاة).
قوله: (أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الحَلِيْلَة)؛ بالحاء المُهْمَلَة.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13274)


[باب قول الله تعالى {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ... }]

(1/13275)


[حديث: اجتمع عند البيت ثقفيان وقرشي ... ]
7521# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا، ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن سَخْبَرة، اتَّفقا عليه، مات في ولاية عبيد الله 2/ 10/ب ابن زياد بالكوفة، لأبيه سَخْبَرَة صحبةٌ وروايةٌ، روى له التِّرْمِذيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ تعقُّبًا في كلام الدِّمْيَاطيِّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.
قوله: (اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ، أو قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة فُصِّلت) في (التفسير).
قوله: (كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فُصِّلت)، و (كثيرةٌ) و (قليلةٌ): بالرفع مع التنوين على الصِّفَة، وقد تَقَدَّمَ ما ذكره شيخُنا في إعرابه في (فُصِّلت)، وفيه تأنيث (الشحم) و (الفقه)؛ لإضافتهما إلى مؤنَّثٍ، أو ليُؤَوَّل (الشحم) بـ (الشحوم)، و (الفقه) بـ (الفهوم).
قوله: (أَتُرَوْنَ): هو بضَمِّ التاء؛ أي: أتظنُّون.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13276)


[باب قول الله تعالى: {كل يوم هو في شأن}]
قوله: (بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرَّحْمَن: 29]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: يحتمل أنَّ البُخاريَّ اختار وصفَ الكلام بأنَّه مُحْدَثٌ، لا مخلوقٌ كما زعم بعضُ أهل الظاهر؛ تمسُّكًا بقوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَن مُحْدَثٍ} [الشعراء: 5]، فإن أراد هذا؛ فقد بيَّن أنَّ الإحداثَ ههنا ليس الخَلْقَ والاختراعَ؛ لأنه لو كان مخلوقًا؛ لكان مثلَ كلام المخلوقين، وكما أنَّ الله تعالى ليس كمثله شيءٌ؛ فكذلك ليس كمثل صفاته صفاتٌ، ويحتمل أن يريدَ البُخاريُّ حملَ لفظ «المُحدَث» على معنى الحديث، ففي قوله: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]؛ أي: مُحَدَّثٍ به، والظاهر أنَّه أراد الأوَّلَ، وتخلَّص بِكُنْهِ [1] الإحداث إلى إنزال علمه على الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والخلق؛ لأنَّ علومَهم مُحْدَثَةٌ، انتهى، وسيأتي ما قاله شيخُنا فيه قريبًا.
واعلم أنَّ في المسألة أقوالًا ذكرها شيخُنا قال: قول أهل الحقِّ: إنَّ القرآنَ غيرُ مخلوقٍ، وإنَّه كلامُه، وإنَّما يعنون بذلك الكلامَ القائمَ بذاته سبحانه، الذي هو شيءٌ واحدٌ لا يتجزَّأ، ولا يتقسَّم، ولا يشبه شيئًا من كلام المخلوقين؛ لأنَّ المتكلِّم به لا يشبه المتكلِّمين، وإنَّما يُوصَف بأنَّه «كلماتٌ»؛ كما قال تعالى: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27]، على سبيل التعليم، وإنَّما هو كلامٌ واحدٌ، والعبارة عنه، واستثقل بعض الحُفَّاظ أن يُقال: عبارة عنه؛ أنَّه مفهومٌ في نفسه، والعبارة عندهم إنَّما تكون عبارةً عمَّا هو غير مفهومٍ، وقالت الخوارج والمرجئة والجَهمِيَّة والنَّجَّاريَّة: إنَّه مخلوقٌ، وقال الثلجيُّ ومَن قال بقوله: القرآن مُحْدَثٌ غير مخلوق ... إلى أن قال: وقال قومٌ: الواجب الوقفُ، ولا نقول: إنَّه مخلوق، ولا: غير مخلوق، والله أعلم.
قوله: (وَأَنَّ حَدَثَهُ): هو بفتح الهمزة مشدَّد النون في أصلنا.

(1/13277)


قوله: (لَا يُشْبِهُ حَدَثَ الْمَخْلُوقِينَ): قال شيخُنا: (وغرض البُخاريِّ بهذا الباب: الفرقُ بين وصف كلام الله تعالى بأنَّه مخلوقُ وبين وصفِه بأنَّه مُحْدَثٌ، فأحال وصفَه بالخلق، وأجازَ وصفَه بالحَدَث؛ اعتمادًا على قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2])، قال: (وهذا القول لبعض المعتزلة ولبعض أهل الظاهر، وهو خطأٌ من القول؛ لأنَّ الذِّكْرَ الموصوفَ في الآية بالإحداث ليس هو نفسَ كلامه تعالى؛ لقيام الدليل على أنَّ «مُحْدَثًا» و «مخلوقًا» و «مُنْشَأً» ألفاظٌ مترادفةٌ على معنًى واحدٍ، وإذا لم يجُزْ وصفُ كلامِه تعالى القائمِ بذاته بأنَّه مخلوقٌ؛ لم يجُزْ وصفُه بأنَّه مُحْدَث، وإذا كان ذلك كذلك؛ كان الذِّكْرُ الموصوفُ في الآية بأنَّه مُحْدَثٌ راجعًا بأنَّه الرسولُ عليه السَّلام؛ لأنَّه قد سمَّاه الله تعالى: {ذِكْرًا} في آيةٍ أخرى، فقال تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا} [الطلاق: 10 - 11] فسمَّاه: {ذِكْرًا} في هذه الآية، فيكون المعنى: ما يأتيهم رسولٌ، ويحتمل أنَّ «الذِّكْرَ» هنا هو وَعْظُ الرسول عليه السَّلام وتحذيرُه إيَّاهم من المعاصي، فسمَّى وعظَه: {ذِكْرًا}، وأضافه إليه تعالى؛ إذ هو فاعلٌ له، ومقدِّرُ رسولِه على اكتسابه، وقال بعض المتكلِّمين في هذه الآية: إنَّ مرجعَ الإحداث إلى الإتيان، لا إلى الذِّكْرِ القديم؛ لأنَّ نزولَ القرآن على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان شيئًا بعد شيءٍ، فكان يحدُث نزولُه حينًا بعد حين، ألا ترى أنَّ العالمَ يعلم ما لا يعلمه الجاهل؟ فإذا علمه الجاهلُ؛ حدث عنه الحكم، ولم يكن إحداثُه عند المتعلِّم إحداثَ عين العلم، وقد ظهر بما قرَّرْنَاه الردُّ على مَن ادَّعى خلقَ القرآن؛ حيث قالوا: المُحْدَث: هو المخلوق، وقد قرَّرْنَا أنَّ الذِّكْرَ منصَرِفٌ إلى الرسول، وينصرف أيضًا إلى العلم ... )، إلى آخر كلامه.

(1/13278)


وقد رأيتُ بخطِّ القاضي العلَّامة جلالِ الدين بن البُلْقينيِّ حاشيةً على هذا المكان، لفظها: (فائدةٌ: زعم بعضُهم أنَّ البُخاريَّ قصد بهذا موافقةَ داودَ الظاهريِّ في إجازة وصفِ الكلامِ القديمِ بأنَّه مُحْدَثٌ، لا مخلوقٌ، وبيَّن أنَّه ليس المراد بالإحداث ضدَّ القديم، بل إنزال علمه على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والخلقِ؛ لأنَّ علومَهم مُحْدَثةٌ، ويحتمل أن يريدَ البُخاريُّ حملَ لفظ «المُحْدَث» على معنى الحديث، فمعنى قوله: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]؛ أي: متحَدَّث به [2]، انتهت، وقد كتب بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: (داودُ أصغرُ من البُخاريِّ بكثيرٍ، ولعلَّ البُخاريَّ صنَّف قبل أن يتأهَّل داودُ للتصنيف، وقبل أن يجعل له مذهبًا مُفرَدًا)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) وفوقها: (كذا)، ولعلَّها صحيحة لها وجه، وفي مصدره: (بنسبة).
[2] في (أ): (له)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[ج 2 ص 892]

(1/13279)


[حديث: كيف تسألون أهل الكتاب وعندكم كتاب الله أقرب الكتب ... ]
7522# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.
قوله: (مَحْضًا): أي: خالصًا، تَقَدَّمَ.
قوله: (لَمْ يُشَبْ): أي: لم يُخلَط، تَقَدَّمَ، و (يُشَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13280)


[حديث: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب ... ]
7523# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.
قوله: (أَحْدَثُ الأَخْبَارِ): أي: أقربها إنزالًا، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (مَحْضًا) أعلاه وقبله، وكذا (لم يُشَبْ) أعلاه وقبله.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13281)


[باب قول الله تعالى: {لا تحرك به لسانك}]
قوله: (وَفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (فعلِ): مجرورٌ معطوفٌ على (قولِ)، وهو مجرورٌ بالإضافة.
قوله: (حَيْثُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الوحيُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13282)


[حديث: كان النبي يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك شفتيه ... ]
7524# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

(1/13283)


[باب قول الله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به ... }]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ظنَّ الشارحُ أنَّ البُخاريَّ قَصَرَ الترجمةَ على صفة العلمِ، وليس كذلك، ولو كان كما ظنَّه؛ تقاطعت المقاصدُ ممَّا اشتملت عليه الترجمة، وأيُّ مناسبةٍ بين العلم وبين قوله: «مَن لم يتغنَّ بالقرآن؛ فليس مِنَّا»؟! وإنَّما قصد البُخاريُّ _والله أعلم_ الإشارةَ إلى النكتة التي كانت سبب محنته حيث قيل عنه: إنَّه قال: «تلفُّظِي بالقرآن مخلوقٌ»، فأشار بالترجمة إلى أنَّ تلاواتِ الخلقِ تتَّصف بالسِّرِّ والجهرِ، وذلك يستدعي كونَها مخلوقةً، وفي قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]، ثُمَّ قوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: 14]، تنبيهٌ على أنَّ قولَهم مخلوقٌ، فقوله: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110]؛ يعني: بقراءتك، دلَّ على أنَّها فعلُه، وقوله: (مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ)، فأضاف التَّغَنِّيَ إليه؛ دلَّ أنَّ القراءةَ فعلُ القارئ، ويُسَمَّى تغنِّيًا، فهذا كلُّه يحقِّقُ ما وقع له من ذلك _وهو الحقُّ اعتقادًا لا إطلاقًا_؛ خوفَ الإيهام، وحذرًا من الابتداع بمخالفة السَّلَف في الإطلاق، وهو الذي أنكرَ عليه مُحَمَّدُ بن يحيى الذُّهليُّ حيث قال: «مَن قال: القرآن مخلوقٌ؛ فهو كفرٌ، ومَن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ؛ فقد ابتدع»، ونُقِل عن البُخاريِّ أنَّه سُئِل: هل قال هذه 2/ 11/أ المقالةَ؟ فقال: إنَّما سُئِلت: ما تقول في لفظك بالقرآن؟ فقلت: أفعالُ العبادِ كلُّها مخلوقةٌ، والله تعالى أعلم، ذكره الخطيب في «تاريخه».
قوله: (يَتَسَارُّونَ): هو بتشديد الراء؛ أي: يتسارَرُون.

(1/13284)


[حديث ابن عباس في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]
7525# قوله: (عَنْ هُشَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمَه جعفرُ بنُ أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.
قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110]؛ أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ): تَقَدَّمَ حديثُ ابن عَبَّاس هذا: أنَّها أُنْزِلت في القراءة في الصَّلاة، وقد عقَّبه البُخاريُّ في (سورة سبحان) وهنا بحديثِ عائشةَ: أنَّها أنزلت في الدعاء.
قوله: (فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ): (يسمعَ): مَنْصُوبٌ، وهو في أصلنا مَرْفُوعٌ.
قوله: (فَلَا تُسْمِعُهُمْ): هو مَرْفُوعٌ، و (لا): للنفي.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13285)


[حديث: نزلت هذه الآية: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} في الدعاء]
7526# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13286)


[حديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن]
7527# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): (إسحاق) هنا وفي (مُقام النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمكَّة): نسبه الحاكمُ: إسحاق ابن نصر، وذكر أبو نصر في كتابه: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاقَ غير منسوب عن أبي عاصم النَّبيل، ولم يزِدْ على هذا، وقد حدَّث مسلمُ بن الحَجَّاج عن إسحاق بن منصور عن أبي عاصم النَّبيل في مواضعَ من كتابه، وهو به أشبهُ، وقد تَقَدَّمَ، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه النَّبيل، وهو الضَّحَّاك بن مَخْلد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ما معناه في (باب مَن لم يتغنَّ بالقرآن)، وذكرتُ هناك أوَّلَ مَن قرأ بالألحان.
قوله: (وَزَادَ غَيْرُهُ: يَجْهَرُ بِهِ): قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (الغير المذكور: هو سفيان بن عُيَيْنَة، رواه المصنِّفُ من طريقه أيضًا، وكذا رواه بعدُ من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة)، انتهى.

(1/13287)


[باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رجل أتاه الله القرآن ... ]
قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ»): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (قد قارب _يعني: البُخاري_ الإفصاحَ في هذه الترجمة عمَّا رمز إليه في التي قبلها)، انتهى.
قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ [1] النَّهَارِ): (آناء الليل): ساعاته، قال الأخفش: (واحدها: إِنًى؛ مثال: مِعًى، قال: وقال بعضهم: واحدها: إِنْيٌ وإِنْوٌ، يُقال: مضى إِنْيَانِ من الليل، وإِنْوان)، وقال أبو عبيدة: (واحدها: إِنْيٌ؛ مثال: نِحْيٍ، والجمع: الآناء).
==========
[1] (آناء): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ.
[ج 2 ص 892]

(1/13288)


[حديث: لا تحاسد إلا في اثنتين]
7528# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان الكاهليُّ، و (أَبُو صَالِح): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (لَا تَحَاسُدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام [عليه]، وأنَّه المراد به: الغبطة، أو الحسد الحقيقيُّ، في (كتاب العلم).
قوله: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ): تَقَدَّمَ الكلام على إعراب (رجل)، وأنَّ شيخَنا جوَّز فيه ثلاثةَ أوجهٍ.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13289)


[حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن]
7529# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الآناء) وواحدها أعلاه وبعيدًا.
قوله: (سَمِعْتُ سُفْيَانَ مِرَارًا ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ.
قوله: (لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الْخَبَرَ، وَهْوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ): كذا في أصلَينا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، والذي ظهر لي من هذا: أنَّ عليَّ بن عبد الله _هو ابن المَدينيِّ_ لم يسمع هذا الخبرَ من سفيان، هذا ظاهِرُ هذه العبارة، وهي مشكِلَة جدًّا، وشيخُنا لم يتعرَّض لمعنى هذا الكلام، ولكن ذكر عقيب هذا الكلام بقيَّةً هي من كلام البُخاريِّ، ولفظها: (رواه الحُميديُّ: حدَّثَنا سفيان: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عن سالم ... ؛ فذكر نحوه، انتهت، فتبيَّن لي من هذا أنَّ البُخاريَّ روى الحديثَ مذاكرةً عن الحميديِّ الذي يُسَمِّيه بعضُهم تعليقًا، فأفادتنا هذه الزيادةُ أنَّ الحديثَ نفسَه عنده مسندٌ، أخذه عن الحميديِّ في حال المذاكرة، ولكنَّ ذاك باقٍ على إشكاله، والمِزِّيُّ لم يذكر حديثَ الحُمَيديِّ بالكُلِّيَّة، والذي ظهر أنَّ ابنَ المَدينيِّ روى هذا الحديثَ عن سفيان بطريق الإجازة أو المناولة، وجوَّز فيهما «حدَّثنا»، وهو مذهبٌ ذهب إليه الزُّهْرِيُّ في المناولة ومالكُ بن أنس، وهو لائقٌ بمذهب من يرى عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعًا، وحُكِيَ عن قومٍ آخرين إطلاقُ «حَدَّثَنَا» و «أخبرنا» في الرواية بالإجازة مطلقًا.

(1/13290)


قال القاضي عياض: وحُكِيَ ذلك عن ابن جُريج وجماعةٍ من المتقدِّمين، وحكى الوليدُ بن بكر أنَّه مذهب مالكٍ وأهلِ المدينة، وذهب إلى جوازه إمامُ الحرمين من الشَّافِعيَّة، وخالفه غيرُه من أهل الأصول، وأطلق أبو نُعَيم الأصبهانيُّ وأبو عبد الله المَرْزُبَانيُّ في الإجازة «أخبرنا» من غير بيانٍ، وحكى الخطيبُ أنَّ المَرْزُبانيَّ عِيب بذلك، لكن رأيتُ عن المِزِّيِّ جمالِ الدين أنَّه قال: إنَّما يقول ذلك أبو نُعَيم في شيخٍ قد عُرِف أنَّه لم يلقَه، وقد جازف بعضُهم فأطلق في الوجادة «حَدَّثَنَا» و «أخبرنا»، وانتُقِد ذلك على فاعله، قال القاضي عياض: لا أعلم من يُقتَدى به أجاز النقلَ فيها بـ «حَدَّثَنَا» و «أخبرنا»، ولا مَن يعدُّه مَعَدَّ المسند، انتهى، وهذا لا يليقُ بابن المَدينيِّ؛ لأنَّه ممَّن يُقتَدَى به في هذا الشأن، وقد روى الحديثَ نفسَه مسلمٌ عن أبي بكر ابن أبي شيبة وعمرٍو الناقدِ وزهير بن حرب؛ كلُّهم عن ابن عُيَيْنَة، قال زهيرٌ: حَدَّثَنَا سفيان بن عُيَيْنَة: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عن سالم، عن أبيه، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، فهؤلاء ثلاثةٌ روَوه عن سفيان، والله أعلم.

(1/13291)


[باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ... }]
قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ): هذا هو كعب بن مالك الأنصاريُّ السُّلَميُّ، أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، شهد العقبة، ولم يشهد بدرًا، كما ذكر هو في «الصحيح»، له أحاديثُ، وكان من شعراء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.
قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وقد كتب بعضُ الحُفَّاظ المُتَأخِّرين تجاهه: (معمر هذا ليس هو ابنَ راشد، بل هو ابن المثنَّى، أبو عبيدة اللُّغويُّ)، انتهى، وما قاله صحيحٌ، وهو مشهور الترجمة، وأظنُّني ترجمْتُه فيما مضى.
قوله: ({ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2]: هَذَا الْقُرْآنُ): يعني: أنَّ الضميرَ لغائبٍ، والمرادُ الحاضرُ.
قوله: ({هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]: بَيَانٌ وَدلَالَةٌ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (دلالة) بفتح الدال وكسرها، ويُقال من حيث اللغةُ: دُلولة.
قوله: (كَقَوْلِهِ [1]: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]) أي: هذا حكم الله؛ يعني: أنَّ الضمير لغائبٍ، والمرادُ الحاضرُ.

(1/13292)


قوله: (وَمِثْلُهُ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ يَعْنِي: بِكُمْ)؛ يعني: وإن كان الضمير لغائبٍ، فإنَّ المرادَ الحاضرُ المخاطبُ، وقوله: (وَمِثْلُهُ): هو بكسر الميم، وإسكان الثاء المُثَلَّثَة، وكذا هو في أصلنا بالإسكان، وفي نسخةٍ صحيحةٍ مقروءَةٍ مقابلةٍ على عِدَّة نسخ كذلك بكسر الميم وإسكان الثاء، وكانت قبل ذلك بضَمِّ الميم والثاء؛ فأُصْلِحَت على ما ضبطته أوَّلًا، وهذا ظاهِرٌ؛ أعني: أنَّ {ذلك} بمعنى: (هذا)، كما قاله مَعْمَرٌ؛ ولقوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]؛ أي: هذا ومِثْلُه يعني: أنَّها قد جاءت الغيبةُ بمعنى الحضور، وأُقِيم الغائبُ مكانَ الحاضر، وقال لي بعض فضلاء الحلبيِّين: (ومُثُلُه)؛ يعني: بضَمِّ الميم والثاء، وهذا له معنًى، ولكنَّ الظاهرَ المتَيَقَّنَ ما ضبطته به أوَّلًا، وكما هو في أصلنا، وفي الأصلِ الذي ذكرتُه المقابَل المصحَّح، وقد ذاكرتُ بذلك رجلين فاضلين ذكيِّين، فقالا: (إنَّ الضبط الذي ذكرته هو الظاهر، بل المتيَقَّن)، وتوقَّفا في الذي ذكره لي بعض الفضلاء، ثُمَّ لتعلم أنَّ ({آيَاتُ} [لقمان: 2]): (أَعْلاَمُ)، فقوله: (ومُثُلُه) هو تفسيرٌ لماذا؟! ثُمَّ أيضًا ما جرت غالبُ عادة البُخاريِّ صاحبِ الكتاب إلَّا أنَّه يُفَسِّر كلمةً بكلمةٍ غالبًا، والكلمةُ المفسَّرةُ كلمةٌ، ويبقى التفسيرُ كلمتين، وما أُراه يصحُّ ما قاله قطعًا، وقد قدَّم البُخاريُّ هذا الكلامَ بعينه في (سورة يونس)، وقد ذكرت هناك شيئًا وقع لشيخِنا الشارحِ فيه؛ فانظره.
و (الأعلام): جمع (علَم)، و (العَلَم): العلامة، قاله الجوهريُّ.
2/ 11/ب قوله: ({وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ المَعْنَى [2]: بِكُمْ): قال شيخنا في (سورة يونس): (قلتُ: ويجوز أن يكون عَودًا بعد الخطاب إلى الإخبار)، انتهى.

(1/13293)


قوله: (بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَهُ حَرَامًا): هو بالحاء المُهْمَلَة، والراء، وهو ابن مِلحان، وهو أخو أمِّ سُلَيم وأمِّ حرام ابنتَي مِلحان، وقد تَقَدَّمَ، وقوله: (بعث خاله)، وفي نسخة: (بعث خالي)، فرواية: (خالي) ظاهرةٌ، وأمَّا رواية: (خاله)؛ فيحتمل أن يعود الضمير على أنس، وهذا الصحيح، ويحتمل عودُه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ وذلك لأنَّهم ذكروا أنَّ أمَّ حرام خالةُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد قدَّمتُه مُطَوَّلًا، وكلامَ الدِّمْيَاطيِّ، وإنكارَهُ ذلك، وأنَّه إنَّما كان يدخل عليها بالعصمة، وقوله: (بَعَثَ ... خَالَهُ حرامًا [3]): يوهم أنَّه الأميرُ، وقد تَقَدَّمَ في (غزوة الرجيع) أنَّ الأميرَ المنذرُ بن عمرو، وقد قَدَّمْتُ متى كان الإرسالُ، وكم عدد المرسَلِ، ومَن أميرهم؛ فانظر ذلك.
وقوله: (إِلَى قَوْمٍ [4]): تَقَدَّمَ في (الرجيع) مَن القوم، ولكنَّ هذا البَعثَ بَعثُ بئر معونة.
قوله: (أُبَلِّغْ): يجوز في (أبلِّغ) الجزم، ويجوز الرفع [5]، وهما ظاهران.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (تعالى).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يَعْنِي)؛ كالمثبت في الموضع السابق.
[3] في (أ): (ما)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (قومه).
[5] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق) بالحمرة.
[ج 2 ص 892]

(1/13294)


[حديث: أنه من قتل منا صار إلى الجنة]
7530# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ): هو بفتح الراء، و (الرَّقَّة): بقرب جَعْبَر؛ بلد معروف خرِب، و (الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعليها (صح)، قال الدِّمْيَاطيُّ: (قيل: المعتمر بن سُلَيمان وَهَمٌ، وصوابُه: المعمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ؛ لأنَّ عبدَ الله بن جعفر لا يروي عن المعتمر بن سليمان)، انتهى، وقال أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ لمَّا ذكر هذا المكان؛ قال: في هذا الإسناد موضعان: أحدهما: قوله: (حَدَّثَنَا سعيد بن عبيد الله الثقفيُّ)، وفي نسخة أبي الحسن: (سعيد بن عبد الله)، وكذلك كان في نسخة أبي مُحَمَّد: (عبد الله)، إلَّا أنَّه أصلحه: (عُبيد الله)؛ فزاد ياءَ التصغير، وكتب في الحاشية: (هو سعيد بن عبيد الله بن جُبَيرٍ بن حيَّة)، وكذلك رواه ابن السكن على الصواب، والموضع الآخر من الإسناد المذكور: قوله: (حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان)، كان في أصل أبي مُحَمَّد الأصيليِّ: (حَدَّثَنَا مُعَمَّر بن سليمان)؛ بفتح العين، ثُمَّ ألحق تاءً بعد العين والميم؛ فصار (معتمرًا)، وهو المحفوظ، انتهى.

(1/13295)


وقد ذكر ابن قُرقُول هذا المكانَ الثانيَ ومكانًا آخرَ في (الجزية والموادعة)، فقال: كذا للقابسيِّ _يعني: المعتمر_ وابن السكن، وأبي ذرٍّ، والأصيليِّ في الموضعين، قالوا: وهو وَهَمٌ؛ إنَّما هو المُعَمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ، وكان في أصل الأصيليِّ، فأَقحم عليه التاءَ، وأَصلحه في الموضعين، ويُقال: «المعتمر» صحيحٌ، وقال غيره: بل «المُعَمَّر» هو الصحيح، وهو الذي يروي عنه الرَّقِّيُّ، والرَّقِّيُّ لا يروي عن المعتمر بن سليمان البصريِّ التميميِّ، ولم يذكر الحاكمُ ولا الباجيُّ في «رجال البُخاريِّ» المُعَمَّرَ بنَ سليمان الرَّقِّيَّ، وذكر الباجيُّ عبدَ الله بن جعفر، فقال يروي عن المعتمر بن سُليمان، ولم يذكر البُخاريُّ في «تاريخه» لعبد الله بن جعفر روايةً عن المعتمر، انتهى، وقد ذكر المِزِّيُّ هذا الحديثَ في «أطرافه» وطرَّفه فقال فيه: (المعتمر بن سليمان)، كذا في نسختي بـ «أطراف المِزِّيِّ» _وهي صحيحةٌ مقابَلةٌ_ بزيادة تاء، وذكر الذَّهَبيُّ في ترجمة عبد الله بن جعفر الرَّقِّيِّ: أنَّه يروي عن المعتمر بن سليمان، وأمَّا مُعَمَّر بن سليمان؛ فلم يَرقُم عليه في «التذهيب» ولا في «الكاشف» (خ)، وإنَّما رقم عليه (د، س، ق)، فعلى هذا؛ هو المعتمر بن سليمان، لا معمَّر بن سليمان، والله أعلم.
و (زِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ): بفتح الحاء المُهْمَلَة وتشديد المُثَنَّاة تحت، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وكذا بعدَه: (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ)، وهو هو.
قوله: (مَنْ قُتِلَ مِنَّا): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13296)


[حديث: من حدثك أن النبي كتم شيئًا ... ]
7531# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ، تَقَدَّمَ مرارًا، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليقِ أنَّ البُخاريَّ روى أيضًا عن مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت تلك الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عنه، وذكرت أنِّي لا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا إلَّا روايةَ البُخاريِّ عنه في أماكنَ مستدلًّا بذلك، وهذا توثيقٌ، وأيضًا ممَّا يُعَيِّن أنَّه الفِرْيَابيُّ أنَّ البيكنديَّ لم يروِ عن الثَّوريِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، (والشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيلَ، تَقَدَّمَ مرارًا، و (الشَّعْبيُّ): بفتح الشين، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ): (مُحَمَّد) هذا: لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا نسبه شخُنا، ولا رأيتُه في «التذهيب» في (مُحَمَّد غير منسوب عن أبي عامر العَقَديِّ)، والله أعلم، ولعلَّه مُحَمَّدٌ المذكورُ قبله ابن يوسف، ولم أرَ عَبْدَ الغَنيِّ ذكره في الرواة عن العَقَديِّ، ولا الذَّهَبيَّ، والله أعلم، و (أبو عامر العَقَديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين المُهْمَلَة والقاف، وأنَّ اسمَه عبدُ الملك بن عمرو القيسيُّ، أبو عامر البصريُّ الحافظ، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شَراحيلَ، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13297)


[حديث: أي الذنب أكبر عند الله؟]
7532# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وأنَّ (الأَعْمَش): سليمانُ بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، رضي الله عنه.
قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ؟): ذكر البُخاريُّ في (باب قول الله عزَّ وجلَّ: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]): أنَّ ابنَ مسعود هو السائلُ، ولفظه: (عن عبد الله _وهو ابن مسعود_ رضي الله عنه قال: «سألتُ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أيُّ الذنب أعظم؟»)، ولكنَّه ذكر في (تفسير سورة الفرقان) الروايةَ بالشكٍّ، قال: عن عبد الله، فقال: (سَأَلْتُ أَوْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللهِ أَكْبَرُ؟ ... )؛ الحديث، والله أعلم، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين: هو عبد الله بن مسعود الراوي، بيَّن ذلك المصنِّفُ قبلُ في (باب قول الله {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا})، انتهى.
قوله: (أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر النون، وتشديد الدال، وقد تَقَدَّمَ قريبًا ما هو، وأنَّه المِثْلُ والنَّظير، وأنَّ البُخاريَّ فسَّره في مكان في «الصحيح» بـ (الضِّدِّ)، وهو قريبٌ.
قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليها؛ هل هي مُنَوَّنةٌ، أو مضمومةٌ فقط من غير تنوين، والاختلافُ فيها، وهي هنا في أصلنا في الموضعين مرفوعةٌ مُنَوَّنةٌ، وكذا تَقَدَّمَ (أَنْ يَطْعَمَ): أنَّه بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وكذا تَقَدَّمَ ما (الحَلِيْلَة).
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13298)


[باب قول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها}]
قوله: (أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ): (أُعطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (التوراة) الأولى: مضافٌ إليه مجرورةٌ، والثانية: منصوبةٌ مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ كلُّه، و كذا (أُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ).
قوله: (وَأُعْطِيتُمُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ): هو بفتح الراء، وكسر الزاي، الظاهرُ أنَّه مسعودُ بن مالك، فإنْ كان هو؛ فقد تَقَدَّمَ ببعض ترجمةٍ في (الحيض)، وليس هو بلقيط بن عامر بن المُنْتَفِق بن عامر بن عُقَيل العامريِّ العُقَيليِّ أبي رزين، هذا له وفادةٌ، وهو صحابيٌّ، ويُقال فيه: لقيط بن صبرة، جعله هو والذي قبلَه البُخاريُّ _وهو لقيط بن صبرة وافد بني المُنْتَفِق_ واحدًا، وفرَّقهما مسلمٌ، والله أعلم؛ وذلك لأنَّ شيخَنا قال في هذا التعليق: أسنده ابن المبارك في روايته عن سعيد بن سليمان، عن خلف بن خليفة: حَدَّثَنَا حُميد الأعرج قال: قال أبو رزين ... ؛ فذكره، انتهى، وحُميد الأعرجُ: هو حُمَيد بن قيس، إنَّما يروي عن التابعين، وأبو رَزِين الأسَديُّ قد عُدَّ في الصَّحَابة، واسمه مسعود بن مالك، تابعيٌّ بيقين، تَقَدَّمَ، وشخصٌ آخرُ يُقال له: أبو رزين لم يروِ عنه غيرُ ابنه عبد الله، وكلاهما مجهولٌ، حديثه في (الصيد يتوارى)، وآخَرُ يُقال له: أبو رزين من أهل الصُّفَّة، له ذكرٌ في حديثٍ ضعيفٍ عن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أبو رزين) في الرواة جماعةٌ، والله أعلم.
قوله: ({يُتْلَى} [النساء: 127]: يُقْرَأُ): هما [1] مبنيَّان لِما لمَ يُسَمَّ فاعِلُهُما، و (يُقرَأُ): مهموزُ الآخِر، وهذا ظاهِرٌ، و {يُتْلَى}: معتلٌ، وهذا أظهرُ.
قوله: (بِأَرْجَأِ عَمَلٍ): (أَرجأ): يجوز همزُه وتسهيلُه [2]، وكذا (أَرْجَأ): بالهمز وعدمِه.
قوله: (ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحجِّ المبرورِ) في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، وهو الذي لا يرتكب صاحبُه فيه معصيةً، قاله القاضي عياض، ولفظُه: عن شمَّر: هو الذي لا يخالطه شيءٌ من المأثم، وقيل: المبرور: المُتَقَبَّل، ويجوز أن يكونَ المبرورُ: الصادقَ والخالصَ لله تعالى، وقد تَقَدَّمَ هناك مُطَوَّلًا؛ فانظره، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (هو)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

(1/13299)


[2] وكذا هو في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح، وكذا في الموضع اللاحق.
[ج 2 ص 892]

(1/13300)


[حديث: إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم كما بين صلاة العصر .... ]
7533# 2/ 12/أ قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، وتَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق لِمَ قيلَ له: عبدان، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، ولا بدَّ منه، وقد سقط من أصلنا القاهريِّ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ): (أُوتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (التوراةِ) الأولى: مجرورةٌ مضافٌ، و (التوراةَ) الثانية: منصوبةٌ مفعولٌ ثانٍ، وكذا (أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ).
قوله: (فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والضمير مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (قيراطًا): مفعولٌ ثانٍ، وكذا الثانية بعد هذه، وكذا (فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ).
قوله: (حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ): (صُلِّيَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العصرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعلِ.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13301)


[باب: وسمى النبي الصلاة عملًا]

(1/13302)


[حديث: أي الأعمال أفضل؟]
7534# قوله: (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ): هو ابن حرب، أبو أيُّوب الواشحيُّ البصريُّ، قاضي مكَّة، عنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والكجِّيُّ، قال أبو حاتم: إمامٌ من الأئمَّة، لا يُدَلِّس، ويتكلَّم في الرجال وفي الفقه، لعلَّه أكبرُ من عَفَّانَ، ما رأيت في يده كتابًا قطُّ، حُزِر مجلسُه ببغداد بأربعين ألفًا، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، و (الوَلِيْد): هو ابن العَيْزَار، وسيأتي بعد التحويل مسمًّى منسوبًا إلى أبيه، وهو الوليد بن العَيْزار بن حُرَيث العبديُّ، عن أنس وأبي عمرو الشيبانيِّ، وعنه: إسرائيل وشعبة، ثقة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والترمذيُّ، والنَّسائيُّ، وَثَّقَهُ ابنُ معين وأبو حاتم، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَسَدِيُّ): هو بفتح الهمزة والسين، و (الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المُعْجَمَة، هو أبو إسحاق الشيبانيُّ، واسمه سليمان بن أبي سليمان فيروزَ، وقيل: خاقان، الشيبانيُّ مولاهم، الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ): أيضًا بالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمَه سعدُ بن إياس.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟): هذا الرجل ذكرَ البُخاريُّ في (باب فضل الصَّلاة لوقتها): أنَّ ابنَ مسعود هو السائل، ولفظه: (عن أبي عمرٍو الشيبانيِّ: حَدَّثَنَا صاحبُ هذه الدار _وأشار إلى دار عبد الله_ قال: سألت رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصَّلاة على وقتها ... »)؛ الحديث، فهذا الحديثُ مع ما قبله؛ أحدهما: في أعظم الذنوب، الثاني: في أفضل الأعمال، والراوي فيهما عبد الله بن مسعود، وهو السائل، وقد أبهم نفسَه في هذه الرواية، والله أعلم، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّه ابن مسعود الراوي عند المصنِّف في (الصَّلاة) وغيرها.

(1/13303)


[باب قول الله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعًا ... }]

(1/13304)


[حديث: إني أعطي الرجل وأدع الرجل]
7535# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمَه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَه عارمٌ، وهو بعيدٌ من العرامة، العارم: الشرير، ويُقال: الشَّرِس، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام، واسمُ أبي الحسن يسارٌ، و (عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ): بالمُثَنَّاة فوق في أوَّله، ثُمَّ بالغين المُعْجَمَة، وكسر اللام، لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، واعلم أنَّه تَقَدَّمَ أنَّ عليَّ ابن المَدينيِّ قال: إنَّ الحسنَ لم يسمع من عمرو بن تغلِبَ، وقد أخرج له البُخاريُّ حديثَين؛ هذا أحدهما، والآخَرُ: «إنَّ من أشراط الساعة أن تُقاتِلوا قومًا عراض الوجوه ... )؛ الحديث في (الجهاد) وفي (علامات النبوَّة)، وهذا الحديثُ الذي هنا أخرجه في (الخُمُس) وهنا في (التوحيد)، وفي هذا الحديثِ قال فيه: (حَدَّثَنَا عَمرو بن تغلبَ)، والبُخاريُّ أيضًا لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللُّقِيِّ، ففيما قاله ابن المَدينيِّ نظرٌ، والله أعلم.
قوله:) وَالْهَلَعِ): قال الجوهريُّ: (الهلع: أفحش الجَزَع).
قوله: (حُمْرَ النَّعَمِ): هو بإسكان الميم، جمع (أحمرَ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 892]

(1/13305)


[باب ذكر النبي وروايته عن ربه]

(1/13306)


[حديث أنس: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا]
7536# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّ لقبَه صاعقة، وكنيته أبو يحيى، حافظٌ مشهورٌ.
قوله: (إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا؛ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وقال النَّوويُّ: إذا تقرَّب إليَّ بطاعتي؛ تقرَّبْتُ إليه برحمتي، فإن زاد؛ زدتُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).
[ج 2 ص 892]

(1/13307)


[حديث أبي هريرة: إذا تقرب العبد مني شبرًا تقربت منه ذراعًا]
7537# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (التَّيْمِيُّ) بعده: هو سليمان بن طرخان التيميُّ، نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، مناقبه جمَّةٌ، وقد أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (143 هـ)، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.
قوله: (رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذَكَرَ): فعلٌ ماضٍ، والفاعلُ: (هو) عائد على أبي هريرة، و (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، ومعنى هذا الكلام: أنَّ أبا هريرة ربَّما رفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكان يَقِفُه كثيرًا؛ يعني: يقوله من قِبَل نفسه، ولم يَعزُهُ للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ الخلافُ فيما إذا رُوِيَ الحديثُ الواحدُ [تارةً] مرفوعًا وتارةً موقوفًا، أو تارةً مرسلًا وتارةً موصولًا، والراويان ثقتان، أو كان الراوي واحدًا ثقةً، وقدَّمتُ في ذلك أربعةَ أقوالٍ؛ الصحيح: أنَّه موصولٌ أو مَرْفُوعٌ، ثُمَّ إذا قلنا في هذا الحديث نفسِه: إنَّه موقوفٌ لفظًا؛ فهو مَرْفُوعٌ معنًى؛ لأنَّ مثلَه لا يُقال من جهة الرأي، والله أعلم.
قوله:) بَاعًا، أَوْ بُوعًا): (الباع) و (البوع) سواءٌ، والراوي شكَّ؛ هل قال: باعًا، أو: بوعًا؟ وأراد المحافظةَ على لفظه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، و (الباع) و (البوع): طول ذِراعَي الإنسان وعَضُدَيه وعَرْض صدره، وذلك أربعةُ أَذْرُعٍ، قاله الباجيُّ، وهو من الدَّوابِّ قدرُ خَطوِهَا في المشي، وهو ما بين قوائمها، وذلك ذراعان، والمراد في هذا الحديث: سرعةُ قَبول توبة العبد، وتيسيرُ طاعته، وتقويتُه عليها، وتمامُ هدايته وتوفيقه، والله أعلم.

(1/13308)


قوله: (وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [2]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا التعليقُ مجزومٌ به، وهو المعتمر بن سُليمان بن طرخان التيميُّ، وتعليقه هذا أخرجه مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن أبيه به، وإنَّما أتى بهذا التعليقِ البُخاريُّ؛ لأنَّ سليمانَ بن طرخان مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا التعليقِ؛ لأنَّ فيه تصريحَ سليمان بالسماع من أنسٍ، وفيه أيضًا إسقاطُ أبي هريرة [3]، وإسنادُه إلى الرَّبِّ عزَّ وجلَّ، وجَعْلُه من مسند أنسٍ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).
[2] (عن أبي هريرة): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق): (صح، صح) وعلامةُ نسخة الدمياطيِّ.
[3] هذا على ما في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 892]

(1/13309)


[حديث أبي هريرة: لكل عمل كفارة والصوم لي وأنا أجزي به]
7538# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ): هذا هو مُحَمَّد بن زياد الجمحيُّ مولاهم، أبو الحارث البصريُّ، عن أبي هريرة وعائشة، وعنه: شعبة، والحَمَّادان، وآخرون، ثقة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَالصَّوْمُ لِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه لمَ أضاف الصومَ إليه تعالى دون سائر الأعمال من العبادات في (كتاب الصوم)، و (أَجْزِي): بفتح الهمزة، تَقَدَّمَ.
[ج 2 ص 892]
قوله: (وَلَخُلُوفُ): تَقَدَّمَ أنَّ الصوابَ ضمُّ الخاء، وتَقَدَّمَ ما هو في (كتاب الصوم).
قوله: (عِنْدَ اللهِ): هل هذا في الدنيا والآخرة، كما قاله أبو عمرو ابن الصلاح؟ أم في الآخرة فقط، كما قاله ابن عبد السَّلام؛ لقوله في «مسلم»: «أطيب عند الله يوم الْقِيَامَةِ من رِيحِ الْمِسْكِ»؟ تَقَدَّمَ في (كتاب الصوم)، والصحيح: أنَّه في الدنيا والآخرة؛ لحديثَين في ذلك، والله أعلم.

(1/13310)


[حديث: لا ينبغي لعبد أن يقول إنه خير من يونس بن متى]
7539# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه خليفة بن خيَّاط، شبابٌ العُصْفريُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ ما إذا قال البُخاريُّ: (قال لي فلان كذا)؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، مُطَوَّلًا، والله أعلم، و (سَعِيد): هو ابن أبي عَرُوبة، وقد قَدَّمْتُ كلام شيخِنا صاحبِ «القاموس» ما قاله فيه، وهو: (ابن أبي العَرُوبة؛ باللام، وتركها لحنٌ أو قليلٌ)، انتهى، و (أَبُو العَالِيَةِ): هذا هو رُفَيع بن مِهْرَان الرِّياحيُّ _بكسر الراء وبالمُثَنَّاة تحت_ مولاهم، البصريُّ، رأى أبا بكر الصِّدِّيقَ، وروى عن عمر وأبيِّ بن كعب، وعنه: عاصم الأحول وداود بن أبي هند، قالت حفصة بنت سيرين: سمعته يقول: قرأت القرآن على عمرَ ثلاث مَرَّاتٍ، تُوُفِّيَ سنة (90 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّح عليه.
قوله: (فِيمَا يَرْوِي [1] عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى [2] قَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا [3] خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ ابْنِ مَتَّى»): اعلم أنَّ الأجوبةَ الخمسةَ التي ذكرتها في: «لا تخيِّروني على موسى» لا تجيء كلُّها هنا؛ لأنَّ هذا من قول الله عزَّ وجلَّ، ويجيء منها بعضُها، وظاهر قوله: (لا ينبغي): لا يحلُّ، فيكون معناه: لا يحلُّ لأحدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يونسَ ابن متَّى، على إرادة أنَّ يونسَ فيه نقصٌ، ويحتمل: لا يحلُّ لأحدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يونس في نفس النبوَّة؛ إذ هي واحدةٌ، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائلَ أخرى، والله أعلم، ويحتمل غيرَ ذلك.
قوله: (أَنَا خَيْرٌ): (أنا): يعود على القائل مَن كان مِن العباد، ليس على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصَّةً، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ): اعلم أنَّ (مَتَّى): هي بفتح الميم، وتشديد المُثَنَّاة فوق، و (متَّى): أمُّه عليه السَّلام، وتَقَدَّمَ ما معنى قوله: (وَنَسَبَهُ إلى أبيه) في (الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 139]).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية الدمياطيِّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يَرْوِيهِ).
[2] (تعالى): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/13311)


[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (إنَّه).
[ج 2 ص 893]

(1/13312)


[حديث: لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجَّعت كما رجَّع ابن مغفل]
7540# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالسين المُهْمَلَة، وبالجيم في آخره، وأنَّ اسمَه الصَّبَّاح، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (أحمدَ) هذا روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه»، وهو أحمد بن عمر بن أبي سُرَيج الصَّبَّاح، وكذلك سُرَيج بن النعمان، روى عنه البُخاريُّ أيضًا، وذكر أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ أنَّ مسلمًا روى عن رجلٍ عنه، فالله أعلم، وسريج بن يونس حديثُه في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، ومَن عدا هؤلاء الثلاثةَ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»؛ فإنما هو بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، والله أعلم، و (شَبَابَةُ): هو ابن سَوَّار؛ بفتح السين، وتشديد الواو، الفزاريُّ مولاهم، أبو عمرو المدائنيُّ، مُرجِئ صدوقٌ، وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، تُوُفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتَقَدَّمَ أنَّه صحَّح عليه، و (مُعَاوِيَة بْن قُرَّةَ): يأتي قريبًا جدًّا، و (عَبْد اللهِ بْن المُغَفَّلِ [1]): تَقَدَّمَ أنَّ (مُغَفَّلًا) بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، وتشديد الفاء المفتوحة، وأنَّه صحابيٌّ أيضًا، وأنَّ (هُبَيبَ بنَ مُغْفِل) بضَمِّ الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، وكسر الفاء، وأنَّ هُبَيبًا صحابيٌّ، له في (جرِّ الإزار)، وقيل لأبيه: مُغْفِل؛ لأنَّه أغفل سِمَةَ إِبِلِه، ومَن عداهما؛ فإنَّه مَعْقِل؛ بالقاف، والله أعلم.
قوله: (يَوْمَ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ متى كان الفتح؛ أعني: فتحَ مكَّة، وأنَّه يوم الجمعة، وقيل: يوم الاثنين، وتَقَدَّمَ كم كان في شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة.
قوله: (عَلَى نَاقَةٍ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الجدعاء)، و (القصواء)، و (العضباء)، وهل هنَّ ثلاثٌ أو اثنتان _وهو الظاهر_ أو واحدة، والله أعلم.
قوله: (فَرَجَّعَ فِيهَا): هو بتشديد الجيم، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد تَقَدَّمَ.

(1/13313)


ْقوله: (ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ): هو معاوية بن قُرَّةَ بن إياس بن هلال، أبو إياس المزنيُّ البصريُّ، عن أبيه، وابن عَبَّاس، وابن مُغَفَّل، وعنه: ابنه إياس، وشعبة، وخلقٌ، وكان عالمًا عاملًا، وُلِدَ يوم الجمل، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الجملَ سنة ستٍّ وثلاثين؛ أعني: لعشرٍ خلون من جمادى الآخرة، كذا جزم به الواقديُّ، وابن سعد، وخليفة، وابن زَبْرٍ، وابن عَبْدِ البَرِّ، وابن الجوزيِّ، وآخرون، قال خليفة: يوم الجمعة، وقال ابن سعد، وابن زَبْرٍ، وابن الجوزي، والجمهور: يوم الخميس، وقال الليث بن سعد: إنَّ وقعة الجمل كانت في جمادى الأولى، وكذا قال ابن حِبَّانَ: إنَّ وقعة الجمل لعشرِ ليالٍ خلون من جمادى الأولى، والأوَّل هو المشهورُ المعروفُ، وابن عَبْدِ البَرِّ تناقض كلامه، وتبعه ابن الصلاح، وتُوُفِّيَ سنة (113 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وأبو حاتم، وجماعةٌ.
قوله: (فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ): القائل له شعبة؛ هو ابن الحَجَّاج، أبو بسطام، أمير المؤمنين في الحديث، مشهور الترجمة.
قوله: (آ آ آ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): هي ثلاث همزاتٍ مفتوحاتٍ ممدوداتٍ، ويسأل الناس عنها كثيرًا، وكيف بقيت هكذا؟ وكنتُ وعدتُ فيما مضى بأن أذكرَه هنا، وجوابه ما قاله ابن الأثير في «نهايته»، قال: إنَّما حصل منه _والله أعلم_ يوم الفتح؛ لأنَّه كان راكبًا، فجعلَتِ الناقة تحرِّكه وتُنَزِّيْه؛ فحَدَثَ التَّرجيعُ في صوته، انتهى، وقال شيخُنا في (تفسير سورة الفتح): وزعم بعضهم أنَّ هذا إنَّما كان منه لأنَّه كان راكبًا، فجعلتِ النَّاقةُ تحرِّكه، فحصل به التَّرجيع، وهو محمولٌ على إشباع المدِّ، وكان عليه السَّلام حسنَ الصوت إذا قرأ، ومدَّ، ووقف على الحروف، وهنا ذكر شيخنا أيضًا مثلَه، وقد ذكره ابن القَيِّمِ في كتاب «الهَدْي» في (فصلٍ في هديه في قراءة القرآن واستماعه)، وحاصل كلامه فيه: أنَّه التَّرجيع، بنحو ما قاله شيخُنا، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (مُغَفَّلٍ).
[ج 2 ص 893]

(1/13314)


[باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها]
7541# قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا سفيان) هذا: صخرُ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، والدُ معاوية، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، وهو والد معاوية.
قوله: (أَنَّ هِرَقْلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق بِلُغَتَيه، وأنَّه هلك على نصرانيَّته سنة عشرين.
قوله: (دَعَا تَرْجُمَانَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الترجمان) لا أعرفه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان)، وما يتعلَّق بنونه، والله أعلم.
قوله: (وَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64]): تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل هذا التعليق على هذه الواو؛ فانظره، وقدَّمتُ هناك الحكمةَ في كتابة هذه الآية إلى هرقل دون باقي الآيات، وهي أنَّ النَّصارى جمعوا الأوصافَ الثلاثةَ المذكورةَ فيها، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 893]

(1/13315)


[حديث أبي هريرة: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم]
7542# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدار)، و (عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): هو عثمان بن عمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، يروي عن يونس بن يزيد، وابن جُرَيجٍ، وطائفةٍ، وعنه: أحمدُ، والرماديُّ، والحارثُ بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثقات، تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحدُ الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 2 ص 893]

(1/13316)


[حديث ابن عمر: ما تصنعون بهما؟]
7543# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ الإمامُ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم الأسَديُّ، وعُلَيَّة: أمُّ إسماعيل، وكنيته أبو بِشْر، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَا مِرارًا، ومرَّة مترجَمَين.
قوله: (أُتِيَ بِرَجُلٍ [1] وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجل اليهوديُّ الزاني): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَه، وأمَّا (المرأة اليهوديَّة الزانية)؛ فسمَّاها السُّهَيليُّ بُسْرَةَ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ أبا الفتح ابنَ سيِّد الناس ذكر في «سيرته» في (الحوادث): أنَّ رَجْمَهُمَا كان في السنة الرابعة من الهجرة.
قوله: (فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ: يَا أَعْوَرُ؛ اقْرَأْ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (القارئَ الأعورَ): هو عبد الله بن صورى الحَبْر، ذكر السُّهَيليُّ عن النَّقَّاش أنَّه أسلم، ويُقال في أبيه: صُوريا.
قوله: (قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ): قائل له ذلك: هو عبد الله بن سَلَام، ذكر ذلك البُخاريُّ في (باب الرجم بالبَلاط)، والله أعلم.
قوله: (نُكَاتِمُهُ): هو بضَمِّ النون، وبكسر التاء؛ لأنَّه رباعيٌّ.
قوله: (فَأَمَرَ بِهِمَا): (أَمَرَ): مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: أمرَ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (فَرُجِمَا): هو بضَمِّ الراء، وكسر الجيم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (يُجَانِئُ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ): هو بالجيم، مهموز الآخر، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ على (يُجانِئ)، والروايات في ذلك، وأمَّا هذه؛ فقد قال ابن الأثير في (الجيم مع النون في الهمزة): («فلقد رأيته يُجَانِئ عليها»: «مُفَاعَلَة» من جانأَ يُجانِئُ، ويُروَى بالحاء المُهْمَلَة، وسيجيء، وقال في (الحاء المُهْمَلَة مع النون في المعتلِّ): (يحني ... ) إلى آخره، ولم يذكر فيه (يُحَانِئ)؛ بالحاء بالكُلِّيَّة، فليس فيه هنا غير (يجانئ)؛ بالجيم والهمز، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ).

(1/13317)


[باب قول النبي: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة»]
قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرةِ [1] الكِرَامِ الْبَرَرَةِ»): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ظنَّ الشارح _يعني: أبا الحسن عليَّ بن خلف بن بَطَّال المغربيَّ المالكيَّ_ أنَّ غرضَ البُخاريِّ إثباتُ جواز قراءة القرآن بتحسين الصوت، وليس كذلك، وإنَّما غَرَضُه الإشارةُ إلى ما تَقَدَّمَ من وصف التلاوة بالحُسْن والتحسين، والرفعِ والخفضِ، ومقارنة الحالات البشريَّة؛ كقولها: «قرأ القرآن في حِجْري وأنا حائضٌ»، فهذا كلُّه يحقِّقُ أنَّ القراءةَ فعلُ القارئ، ومتَّصفةٌ بما تتَّصف الأفعالُ به، ومتعلِّقَة بالظروف المكانيَّة والزمانيَّة؛ أسوةَ الأفعالِ كلِّها، انتهى.
قوله: (مَعَ سَفَرةِ الكِرَامِ [2])، وفي نسخة: (السَّفرة) [3]: قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة: أنَّ له في الأجر منازلَ يكون فيها رفيقًا للملائكة السَّفَرة؛ لاتِّصافه بصفتهم من حمل كتاب الله، قال: ويحتمل أنَّه عامِلٌ بعملهم، وسالِكٌ مسلكهم.
قوله: (مَعَ سَفَرةِ الكِرَامِ): (السَّفَرَة): جمعٌ، واحدهم: سافر؛ ككاتب وكَتَبَة، و (السَّافر): الرسول، و (السَّفرة): الرُّسل؛ لأنَّهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: (السَّفرة): الكَتَبَة.
قوله: (الْبَرَرَةِ): هم المطيعون لله، من (البِرِّ)؛ وهو الطاعة، والله أعلم.

(1/13318)


قوله: (وَزَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ): قال ابن الأثير في «نهايته»: قيل: هو مقلوبٌ؛ أي: زيِّنوا أصواتَكم بالقرآن، انتهى، وذكر شيخُنا حديثًا كذلك، فقال: وكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، انتهى، قال ابن الأثير: والمعنى: الْهَجُوا بقراءته وتزيَّنوا به، وليس ذلك على تطريب القول والتحزين؛ كقوله: «ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقرآن»؛ أي: يلهج بتلاوته؛ كما يلهج سائر الناس بالغناء والطَّرَب، هكذا قال الهرويُّ والخَطَّابيُّ ومَن تقدَّمَهُما، وقال آخرون: لا حاجةَ إلى القلب، وإنَّما معناه: الترتيل الذي أُمِر به في قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، فكأنَّ الزينة للمرتِّل، لا للقرآن؛ كما يُقال: ويلٌ للشعر من رواية السُّوء، فهو راجعٌ إلى الرَّاوي، لا إلى الشِّعر، فكأنَّه تنبيهٌ للمقصِّر في الرِّواية على ما يُعاب عليه من اللحن، والتصحيف، وسوء الأدب، وحثٌّ لغيره عن التَّوقِّي من ذلك؛ فكذلك قوله: «زيِّنوا القرآنَ»، يدلُّ على ما يُزيَّن من الترتيل، والتدبُّر، ومراعاة الإعراب، وقيل: أراد بـ «القرآن» القراءةَ، وهو مصدرُ: قرأ يقرأ قراءةً وقُرآنًا؛ أي: زيِّنوا قراءتكم القرآن بأصواتكم، ويشهد لصحَّة هذا وأنَّ القلبَ لا وجهَ له حديثُ أبي موسى رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم استمع إلى قراءته، فقال: «أُوتِيتَ مزمارًا من مزامير آل داود»، فقال: لو علمتُ أنَّك تسمعُ؛ لحبَّرته لك تحبيرًا؛ أي: حسَّنتُ قراءتَه وزيَّنتُها، ويؤيِّد ذلك تأييدًا لا شبهةَ فيه حديثُ ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «لكلِّ شيءٍ حِلْيَةٌ، وحِلْيَةُ القرآن حُسنُ الصوت»، والله أعلم، انتهى لفظه.

(1/13319)


[حديث: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن]
7544# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ): هو أبو إسحاق الزُّبيريُّ المدنيُّ، عن إبراهيم بن سعد، وابن أبي حازم، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وإسماعيل القاضي، وطائفةٌ، قال أبو حاتم: صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة (230 هـ)، أخرج له مَن روى عنه مِن الأئمَّة السِّتَّة، و (ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَ (ابن أبي حازم) هذا: عبدُ العزيز بن أبي حازم سلمةَ بنِ دينار، و (يَزِيد): هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيميُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّ معناه: ما استمع الله لشيءٍ كاستماعه لنبيٍّ حَسَنِ الصوتِ يجهرُ بالقرآن، والمراد: الرضا والقَبول.
==========
[ج 2 ص 894]

(1/13320)


[حديث عائشة في قصة الإفك.]
7545# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو
[ج 2 ص 894]
ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام، بل أوحدهم، وشيخ الإسلام، وَ (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَ أبيه ممَّن اسمُه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.
قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّمَ مَن هم أهل الإفك في (الشهادات)؛ فانظره إن أردته، وجزم هنا بعضُ الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين بأنَّهم عبدُ الله بن أُبَيٍّ، وحسَّان، ومسطح، وحَمْنة، انتهى، وتَقَدَّمَ متى كان الإفك؛ في أيِّ سنة، وفي أيِّ غزوة، في مكانه.
قوله: (طَائِفَةً): أي: قطعة، وقد تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ.
ْقوله: (الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا): (كُلَّهَا): بالنصب؛ لأنَّه تأكيد لـ (العشرَ)، وهو مَنْصُوبٌ.

(1/13321)


[حديث: سمعت النبي يقرأ في العشاء: {والتين والزيتون}]
7546# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (مِسْعَرٌ): هو بكسر الميم، وإسكان السين وفتح العين المُهْمَلَتين، ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ الكوفيُّ العَلَم، تَقَدَّمَ.
قوله: (أُرَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ): (أُرَاه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، و (البراء): هو ابن عازب بن الحارث بن عديٍّ الأنصاريُّ الأوسيُّ، أبو عمارة، أوَّل مشاهده أحد، وقيل: الخندق، وافتتح الريَّ سنة (24 هـ) في قول أبي عمرو الشيبانيِّ، وشهد مع عليٍّ الجملَ وصِفِّين والنهروان، ونزل الكوفة، روى الكثيرَ، تُوُفِّيَ بعد السبعين، وقدَّمت أنَّ أباه صحابيٌّ أيضًا، قال البراء: اشترى أبو بكر من أبي رَحْلًا، وقال الواقديُّ: لم يُسمَع له بذكرٍ في المغازي، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.
ْقوله: (صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه.

(1/13322)


[حديث: كان النبي متواريًا بمكة وكان يرفع صوته]
7547# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمَه جعفرُ بن أبي وَحْشِيَّة إيَّاسٍ، تَقَدَّمَ.
قوله: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارِيًا): يعني: بِمَكَّةَ؛ كما صَرَّحَ به في بعض طرقه، وهو هنا في بعض أصولنا، وهذا ظاهِرٌ يعرفه أهل السِّيَر والحديث؛ وذلك أنَّه من حين جاء المدينة لم يتوارَ.

(1/13323)


[حديث: إني أراك تحب الغنم والبادية.]
7548# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالكِ بن أنس، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (مَدَى): (مدى): بالقصر، وقد تَقَدَّمَ في (الأذان)، وتَقَدَّمَ أنَّه الغاية والمنتهى، وتَقَدَّمَ ما وقع فيه للقابسيِّ وأبي ذرٍّ، وفي نسخةٍ في أصلنا: (نِداء)، و (النِّداء) معروفٌ.
==========
[ج 2 ص 895]

(1/13324)


[حديث: كان النبي يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض]
7549# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عُقبة السُّوائيُّ، أبو عامر، و (مَنْصُور): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن طلحة بن الحارث العبدريُّ الحَجَبِيُّ، و (أُمُّهُ): هي صفيَّة بنت شيبة بن عثمان، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ عليها كلامٌ كثيرٌ في أنَّها صحابيَّةٌ أم لا، ويقع في بعض الطرق: (حَدَّثَنَا منصور ابنُ صفية ابنُ شيبة)، فـ (ابن شيبة) مَرْفُوعٌ؛ لأنَّ منصورًا في ذلك منسوبٌ لأمِّه صفيَّة، وشيبة جدُّه لأمِّه، وقد تَقَدَّمَ.
ْقوله: (وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الحجْر) بفتح الحاء وكسرها.
==========
[ج 2 ص 895]

(1/13325)


[باب قول الله تعالى: {فاقرؤوا ما تيسر من القرآن}]

(1/13326)


[حديث: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف.]
7550# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وقد تَقَدَّمَ قريبًا الكلامُ على (عُقَيل) _بضَمِّ العين_ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وأنَّ هذا هو ابن خالد، ويَحْيَى بْن عُقَيْل: له روايةٌ في «مسلم»، والقبيلةُ لها ذكرٌ في «مسلم»: بنو عُقَيل، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (الْمِسْوَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ والدَه مخرمةَ من مسلمة الفتح، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدٍ) و (عبد): بغير إضافة (القَارِيُّ)؛ بتشديد الياء: منسوب إلى القَارَة؛ القبيلة المعروفة، وعبد الرَّحْمَن رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قوله: (أُسَاوِرُهُ): أي: أُوَاثِبُه، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب: أُنزِل القرآن على سبعة أحرف).
قوله: (فَلَبَبْتُهُ): تَقَدَّمَ معناه في الباب المشار إليه أعلاه، وأنَّه بالتشديد والتخفيف، وهو أعرف، قاله ابن قُرقُول، واقتصر النَّوويُّ على التشديد.
ْقوله: (أَرْسِلْهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ.
قوله: (اقْرَأَ): هو بهمزة وصلٍ؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.
قوله: (عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (باب: أُنزِل القرآن على سبعة أحرف) في (كتاب فضائل القرآن).

(1/13327)


[باب قول الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر}]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: قلتُ: الشارح _يعني: أبا الحسن ابن بَطَّال_ بعيدٌ عن قصد البُخاريِّ بهذه التراجم، قال ابن المُنَيِّر: وهو راجعٌ إلى ما تَقَدَّمَ من وصفِ القراءةِ بالتيسير، وهذا يدلُّ على أنَّها فعلٌ، ويشهد له قولُه: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له»، وما خُلِق له التلاوةُ، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ): هو مطر بن طهمان، أبو رجاء الخراسانيُّ، نزيل البصرة، كان يكتب المصاحف، عن أنس فقيل: مرسلًا، وعن شهر بن حَوْشَب، ورجاءِ بن حَيْوة، وعطاء بن أبي رباح، وخلقٍ، وعنه: ابن أبي عروبة، والحَمَّادان، وهمَّام، وخلقٌ، كان يحيى القَطَّان يشبِّهه بابن أبي ليلى في سوء الحفظ، وقال أحمد: هو في عطاءٍ ضعيفُ الحديث، وقال ابن معين: صالح الحديث، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: مات سنة خمسٍ وعشرين، وقال الفَلَّاس: سنة تسعٍ وعشرين ومئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له مسلمٌ والأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (فَيُعَانَ عَلَيْهِ): (يُعَان): مَنْصُوبٌ على جواب الاستفهام.

(1/13328)


[حديث: كل ميسر لما خلق له]
7551# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، أبو معمر المِنْقَريُّ، الحافظ المقعَد، البصريُّ، عن أبي الأشهب العطارديِّ وعبد الوارث، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وأبو حاتم، والبِرْتِيُّ، حجَّةٌ، مات سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وليس له في الكُتُب السِّتَّة شيءٌ عن غير عبد الوارث، وهو أثبتُ الناس فيه، و (يَزِيدُ): هو يزيد بن أبي يزيد الضُّبَعيُّ الرِّشْكُ، عن مطرِّف ومعاذة، وعنه: شعبة وابن عُلَيَّة، ثقةٌ متعبِّدٌ، مات سنة (130 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قَدَّمْتُ ما (الرِّشْكُ) ضبطًا ومعنًى، و (عِمْرَان): هو ابن الحُصَين؛ بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ الكلامُ على الحُصَين، وأنَّه صحابيٌّ.

(1/13329)


[حديث: ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من النار أو من الجنة]
7552# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (بُنْدَار)، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه لقبُ مُحَمَّدِ بن جعفر، وتَقَدَّمَ أنَّ ابنَ جُرَيجٍ لقَّبه بذلك، وتَقَدَّمَ ما معناه، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (الأَعْمَش): هو سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو السُّلَميُّ؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، وإنَّ اسمَه عبدُ الله بن حَبيب بن رُبَيِّعَة.
قوله: (فِي جنَازَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الجيم وكسرها، اسمٌ للميِّت وللسرير، وقيل: للميِّت بالفتح، وللسرير [1] بالكسر، وقيل بالعكس، وصاحب هذه الجنازة تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَه.
قوله: (يَنْكُتُ): ثلاثيٌّ مضموم الكاف، وهو بتاء مُثَنَّاة في آخره، لا مُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّمَ معناه.
قوله: (كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ): (كُتِبَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مقعدُه)؛ بالرفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (أَلَا نَتَّكِلُ؟): قال بعض حفَّاظ مصر من العصريِّين: والسَّائل عن ذلك جماعةٌ سُمِّيَ منهم: عمران بن حصين، وأبو بكر، وعمر، وسُراقة ابن جُعْشُم، وقد تَقَدَّمَ قريبًا في (القدر)، انتهى.
==========
[1] في (أ): (وللسر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب الحافظ ابن حجر العسقلاني

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب - مؤسسة قرطبة المؤلف الحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمة المؤلف اسم المصنف: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلا...