روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأحد، 12 يونيو 2022

مائة حديث وواحد في بر الوالدين

 

تجميعات بر الوالدين 5.

 

كتاب الصلة (الحديث 1897 - 1932)

باب ما جاء في بر الوالدين

[1897] حدثنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى بن سعيد أخبرنا بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال قلت يا رسول الله من أبر قال أمك قال قلت ثم من قال أمك قال قلت ثم من قال أمك قال قلت ثم من قال ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب قال وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر وعائشة وأبي الدرداء قال أبو عيسى وبهز بن حكيم هو أبو معاوية بن حيدة القشيري وهذا حديث حسن وقد تكلم شعبة في بهز بن حكيم وهو ثقة عند أهل الحديث وروى عنه معمر والثوري وحماد بن سلمة وغير واحد من الأئمة

باب منه

[1898] حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله بن المبارك عن المسعودي عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني عن بن مسعود قال سألت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الصلاة لميقاتها قلت ثم ماذا يا رسول الله قال بر الوالدين قلت ثم ماذا يا رسول الله قال الجهاد في سبيل الله ثم سكت عني رسول الله ﷺ ولو استزدته لزادني قال أبو عيسى وأبو عمرو الشيباني اسمه سعد بن إياس وهو حديث حسن صحيح رواه الشيباني وشعبة وغير واحد عن الوليد بن العيزار وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي عمرو الشيباني عن بن مسعود

باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين

[1899] حدثنا أبو حفص عمرو بن علي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو نحوه ولم يرفعه وهذا أصح قال أبو عيسى وهكذا روى أصحاب شعبة عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عبد الله بن عمرو موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه غير خالد بن الحارث عن شعبة وخالد بن الحارث ثقة مأمون قال سمعت محمد بن المثنى يقول ما رأيت بالبصرة مثل خالد بن الحارث ولا بالكوفة مثل عبد الله بن إدريس قال وفي الباب عن عبد الله بن مسعود

[1900] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن عطاء بن السائب الهجيمي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي الدرداء أن رجلا أتاه فقال إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها قال أبو الدرداء سمعت رسول الله ﷺ يقول الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه قال وقال بن أبي عمرو ربما قال سفيان إن أمي وربما قال أبي وهذا حديث صحيح وأبو عبد الرحمن السلمي اسمه عبد الله بن حبيب

باب ما جاء في عقوق الوالدين

[1901] حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا بشر بن المفضل حدثنا الجريري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ ألا أحدثكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين قال وجلس وكان متكئا فقال وشهادة الزور أو قول الزور فما زال رسول الله ﷺ يقولها حتى قلنا ليته سكت قال وفي الباب عن أبي سعيد قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأبو بكرة اسمه نفيع بن الحارث

[1902] حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن بن الهاد عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله ﷺ من الكبائر أن يشتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيشتم أباه ويشتم أمه فيسب أمه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

باب ما جاء في إكرام صديق الوالد

[1903] حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حيوة بن شريح أخبرني الوليد بن أبي الوليد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال سمعت رسول الله ﷺ يقول إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه قال وفي الباب عن أبي أسيد قال أبو عيسى هذا إسناد صحيح وقد روي هذا الحديث عن بن عمر من غير وجه

باب ما جاء في بر الخالة

[1904] حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبي عن إسرائيل قال وحدثنا محمد بن أحمد وهو بن مدوية حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل واللفظ لحديث عبيد الله عن أبي إسحاق الهمداني عن البراء بن عازب عن النبي ﷺ قال الخالة بمنزلة الأم وفي الحديث قصة طويلة وهذا حديث صحيح

[1904] حدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن محمد بن سوقة عن أبي بكر بن حفص عن النبي ﷺ نحوه ولم يذكر فيه عن بن عمر وهذا أصح من حديث أبي معاوية وأبو بكر بن حفص هو بن عمر بن سعد بن أبي وقاص

[1904] حدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن محمد بن سوقة عن أبي بكر بن حفص عن بن عمر أن رجلا أتى النبي ﷺ فقال يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة قال هل لك من أم قال لا قال هل لك من خالة قال نعم قال فبرها وفي الباب عن علي

باب ما جاء في دعوة الوالدين

[1905] حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده قال أبو عيسى وقد روى الحجاج الصواف هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير حديث هشام وأبو جعفر الذي روى عن أبي هريرة يقال له أبو جعفر المؤذن ولا نعرف اسمه وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير غير حديث

باب ما جاء في حق الوالدين

[1906] حدثنا أحمد بن محمد بن موسى أخبرنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه قال أبو عيسى هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث سهيل بن أبي صالح وقد روى سفيان الثوري وغير واحد عن سهيل بن أبي صالح هذا الحديث

باب ما جاء في قطيعة الرحم

[1907] حدثنا بن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة قال اشتكى أبو الرداد الليثي فعاده عبد الرحمن بن عوف فقال خيرهم وأوصلهم ما علمت أبا محمد فقال عبد الرحمن سمعت رسول الله ﷺ يقول قال الله أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته وفي الباب عن أبي سعيد وابن أبي أوفى وعامر بن ربيعة وأبي هريرة وجبير بن مطعم قال أبو عيسى حديث سفيان عن الزهري حديث صحيح وروى معمر هذا الحديث عن الزهري عن أبي سلمة عن رداد الليثي عن عبد الرحمن بن عوف ومعمر كذا يقول قال محمد وحديث معمر خطأ

باب ما جاء في صلة الرحم

[1908] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا بشير أبو إسماعيل وفطر بن خليفة عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن سلمان وعائشة وعبد الله بن عمر

[1909] حدثنا بن أبي عمر ونصر بن علي وسعيد بن عبد الرحمن قالوا حدثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ لا يدخل الجنة قاطع قال بن أبي عمر قال سفيان يعني قاطع رحم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

باب ما جاء في حب الولد

[1910] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة قال سمعت بن أبي سويد يقول سمعت عمر بن عبد العزيز يقول زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم قالت خرج رسول الله ﷺ ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول إنكم لتبخلون وتجبنون وتجهلون وإنكم لمن ريحان الله قال وفي الباب عن بن عمر والأشعث بن قيس قال أبو عيسى حديث بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة لا نعرفه إلا من حديثه ولا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعا من خولة

باب ما جاء في رحمة الولد

[1911] حدثنا بن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس النبي ﷺ وهو يقبل الحسن قال بن أبي عمر الحسين والحسن فقال إن لي من الولد عشرة ما قبلت أحدا منهم فقال رسول الله ﷺ إنه من لا يرحم لا يرحم قال وفي الباب عن أنس وعائشة قال أبو عيسى وأبو سلمة بن عبد الرحمن اسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف وهذا حديث حسن صحيح

باب ما جاء في النفقة على البنات والأخوات

[1912] حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة قال وفي الباب عن عائشة وعقبة بن عامر وأنس وجابر وابن عباس قال أبو عيسى وأبو سعيد الخدري اسمه سعد بن مالك بن سنان وسعد بن أبي وقاص هو سعد بن مالك بن وهيب وقد زادوا في هذا الإسناد رجلا

[1913] حدثنا العلاء بن مسلمة البغدادي حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار قال أبو عيسى هذا حديث حسن

[1914] حدثنا محمد بن وزير الواسطي حدثنا محمد بن عبيد هو الطنافسي حدثنا محمد بن عبد العزيز الراسبي عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس بن مالك عن أنس قال قال رسول الله ﷺ من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى محمد بن عبيد عن محمد بن عبد العزيز غير حديث بهذا الإسناد وقال عن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس والصحيح هو عبيد الله بن أبي بكر بن أنس

[1915] حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا معمر عن بن شهاب حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عروة عن عائشة قالت دخلت امرأة معها ابنتان لها فسألت فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي ﷺ فأخبرته فقال النبي ﷺ من ابتلي بشيء من هذه البنات كن له سترا من النار صحيح

[1916] حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا بن عيينة عن سهيل بن أبي صالح عن أيوب بن شيبة عن سعيد الأعشى عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ﷺ من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة قال هذا حديث غريب

باب ما جاء في رحمة اليتيم وكفالته

[1917] حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن بن عباس أن النبي ﷺ قال من قبض يتيما بين المسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنة إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر له قال وفي الباب عن مرة الفهري وأبي هريرة وأبي أمامة وسهل بن سعد قال أبو عيسى وحنش هو حسين بن قيس وهو أبو علي الرحبي وسليمان التيمي يقول حنش وهو ضعيف عند أهل الحديث

[1918] حدثنا عبد الله بن عمران أبو القاسم المكي القرشي حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قال رسول الله ﷺ أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

باب ما جاء في رحمة الصبيان

[1919] حدثنا محمد بن مرزوق حدثنا عبيد بن واقد عن زربي قال سمعت أنس بن مالك يقول جاء شيخ يريد النبي ﷺ فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فقال النبي ﷺ ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وابن عباس وأبي أمامة قال أبو عيسى هذا حديث غريب وزربي له أحاديث مناكير عن أنس بن مالك وغيره

[1920] حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله ﷺ ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا حدثنا هناد حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق نحوه إلا أنه قال ويعرف حق كبيرنا

[1921] حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا يزيد بن هارون عن شريك عن ليث عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله ﷺ ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وحديث محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب حسن صحيح وقد روي عن عبد الله بن عمرو من غير هذا الوجه أيضا قال بعض أهل العلم معنى قول النبي ﷺ ليس منا يقول ليس من سنتنا ليس من أدبنا وقال علي بن المديني قال يحيى بن سعيد كان سفيان الثوري ينكر هذا التفسير ليس منا يقول ليس من ملتنا

باب ما جاء في رحمة المسلمين

[1922] حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد حدثنا قيس حدثنا جرير بن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ من لا يرحم الناس لا يرحمه الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وأبي سعيد وابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو

[1923] حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أخبرنا شعبة قال كتب به إلي منصور وقرأته عليه سمع أبا عثمان مولى المغيرة بن شعبة عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم ﷺ يقول لا تنزع الرحمة إلا من شقي قال وأبو عثمان الذي روى عن أبي هريرة لا يعرف اسمه ويقال هو والد موسى أبي عثمان الذي روى عنه أبو الزناد وقد روى أبو الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ غير حديث قال أبو عيسى هذا حديث حسن

[1924] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله ﷺ الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

باب ما جاء في النصيحة

[1925] حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال بايعت رسول الله ﷺ على أقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم قال وهذا حديث صحيح

[1926] حدثنا محمد بن بشار حدثنا صفوان بن عيسى عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ الدين النصيحة ثلاث مرار قالوا يا رسول الله لمن قال لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن بن عمر وتميم الداري وجرير وحكيم بن أبي يزيد عن أبيه وثوبان

باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم

[1927] حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي حدثني أبي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه التقوى ههنا بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وفي الباب عن علي وأبي أيوب

[1928] حدثنا الحسن بن علي الخلال وغير واحد قالوا حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله ﷺ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

[1929] حدثني أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ إن أحدكم مرآة أخيه فإن رأى به أذى فليمطه عنه قال أبو عيسى ويحيى بن عبيد الله ضعفه شعبة قال وفي الباب عن أنس

باب ما جاء في السترة على المسلم

[1930] حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي حدثني أبي عن الأعمش قال حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه قال وفي الباب عن بن عمر وعقبة بن عامر قال أبو عيسى هذا حديث حسن وقد روى أبو عوانة وغير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ نحوه ولم يذكروا فيه حدثت عن أبي صالح

باب ما جاء في الذب عن عرض المسلم

[1931] حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا بن المبارك عن أبي بكر النهشلي عن مرزوق أبي بكر التيمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة قال وفي الباب عن أسماء بنت يزيد قال أبو عيسى هذا حديث حسن

باب ما جاء في كراهية الهجر للمسلم

[1932] حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا الزهري ح قال وحدثنا سعيد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله ﷺ قال لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام قال وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأنس وأبي هريرة وهشام بن عامر وأبي هند الداري قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح//

مجموع فتاوى ابن تيمية

فصل في استكمال أصول أهل السنة والجماعة

ابن تيمية ما قاله رحمه الله تعالى في أمر الاعتقاد بمقتضى ما ورد به كتاب السلطان

فصل في استكمال أصول أهل السنة والجماعة

ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة. ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء، أبرارًا كانوا أو فجارًا، ويحافظون على الجماعات.

ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا»، وشبك بين أصابعه ﷺ، وقوله ﷺ : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر».

ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله ﷺ: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا».

ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخُيَلاء والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالى الأخلاق، وينهون عن سفسافها وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيره، فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة.

وطريقتهم هي دين الإسلام، الذي بعث الله به محمدًا ﷺ، لكن لما أخبر النبي ﷺ أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وفي حديث عنه ﷺ أنه قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، أولو المناقب المأثورة، والفضائل المذكورة، وفيهم الا بدال الأئمة الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم. وهم الطائفة المنصورة، الذين قال فيهم النبي ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة».

فنسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ويهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب. والله أعلم.

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.//

مجموع فتاوى ابن تيمية

فصل في استكمال أصول أهل السنة والجماعة

ابن تيمية ما قاله رحمه الله تعالى في أمر الاعتقاد بمقتضى ما ورد به كتاب السلطان

================

الجامع لأحكام القرآن – سورة البقرة

الآية رقم 233

القرطبي الآية رقم 234

الآية رقم 233

الآية: 233 { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قوله تعالى: { وَالْوَالِدَاتُ } ابتداء. { يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ } في موضع الخبر. { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ظرف زمان. ولما ذكر الله سبحانه النكاح والطلاق ذكر الولد، لأن الزوجين قد يفترقان وثم ولد، فالآية إذا في المطلقات اللاتي لهن أولاد من أزواجهن، قاله السدي والضحاك وغيرهما، أي هن أحق برضاع أولادهن من الأجنبيات لأنهن أحنى وأرق، وانتزاع الولد الصغير إضرار به وبها، وهذا يدل على أن الولد وإن فطم فالأم أحق بحضانته لفضل حنوها وشفقتها، وإنما تكون أحق بالحضانة إذا لم تتزوج على ما يأتي. وعلى هذا يشكل قوله: { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } لأن المطلقة لا تستحق الكسوة إذا لم تكن رجعية بل تستحق الأجرة إلا أن يحمل على مكارم الأخلاق فيقال: الأولى ألا تنقص الأجرة عما يكفيها لقوتها وكسوتها. وقيل: الآية عامة في المطلقات اللواتي لهن أولاد وفي الزوجات. والأظهر أنها في الزوجات في حال بقاء النكاح، لأنهن المستحقات للنفقة والكسوة، والزوجة تستحق النفقة والكسوة أرضعت أو لم ترضع، والنفقة والكسوة مقابلة التمكين، فإذا اشتغلت بالإرضاع لم يكمل التمكين، فقد يتوهم أن النفقة تسقط فأزال ذلك الوهم بقوله تعالى: { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ } أي الزوج { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ } في حال الرضاع لأنه اشتغال في مصالح الزوج، فصارت كما لو سافرت لحاجة الزوج بإذنه فإن النفقة لا تسقط.

الثانية: - قوله تعالى: { يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ } خبر معناه الأمر على الوجوب لبعض الوالدات، وعلى جهة الندب لبعضهن على ما يأتي. وقيل: هو خبر عن المشروعية كما تقدم.

الثالثة: - واختلف الناس في الرضاع هل هو حق للأم أو هو حق عليها، واللفظ محتمل لأنه لو أراد التصريح بكونه عليها لقال: وعلى الوالدات رضاع أولادهن كما قال تعالى: { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ } ولكن هو عليها في حال الزوجية، وهو عرف يلزم إذ قد صار كالشرط، إلا أن تكون شريفة ذات ترفه فعرفها ألا ترضع وذلك كالشرط. وعليها إن لم يقبل الولد غيرها واجب. وهو عليها إذا عدم لاختصاصها به. فإن مات الأب ولا مال للصبي فمذهب مالك في المدونة أن الرضاع لازم للأم بخلاف النفقة. وفي كتاب ابن الجلاب: رضاعه في بيت المال. وقال عبدالوهاب: هو فقير من فقراء المسلمين. وأما المطلقة طلاق بينونة فلا رضاع عليها، والرضاع على الزوج إلا أن تشاء هي، فهي أحق بأجرة المثل، هذا مع يسر الزوج فإن كان معدما لم يلزمها الرضاع إلا أن يكون المولود لا يقبل غيرها فتجبر حينئذ على الإرضاع. وكل من يلزمها الإرضاع فإن أصابها عذر يمنعها منه عاد الإرضاع على الأب. وروي عن مالك أن الأب إذا كان معدما ولا مال للصبي أن الرضاع على الأم، فإن لم يكن لها لبن ولها مال فالإرضاع عليها في مالها. قال الشافعي،: لا يلزم الرضاع إلا والدا أو جدا وإن علا، وسيأتي ما للعلماء في هذا عند قوله تعالى: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }. يقال: رضع يرضع رضاعة ورضاعا، ورضع يرضع رضاعا ورضاعة "بكسر الراء في الأول وفتحها في الثاني" واسم الفاعل راضع فيهما. والرضاعة: اللؤم "مفتوح الراء لا غير".

الرابعة: - قوله تعالى: { حَوْلَيْنِ } أي سنتين، من حال الشيء إذا انقلب، فالحول منقلب من الوقت الأول إلى الثاني. وقيل: سمي العام حولا لاستحالة الأمور فيه في الأغلب. { كامِلَيْنِ } قيد بالكمال لأن القائل قد يقول: أقمت عند فلان حولين وهو يريد حولا وبعض حول آخر، قال الله تعالى: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ } [1] وإنما يتعجل في يوم وبعض الثاني. وقوله تعالى: { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } دليل على أن إرضاع الحولين ليس حتما فإنه يجوز الفطام قبل الحولين، ولكنه تحديد لقطع التنازع بين الزوجين في مدة الرضاع، فلا يجب على الزوج إعطاء الأجرة لأكثر من حولين. وإن أراد الأب الفطم قبل هذه المدة ولم ترض الأم لم يكن له ذلك. والزيادة على الحولين أو النقصان إنما يكون عند عدم الإضرار بالمولود وعند رضا الوالدين. وقرأ مجاهد وابن محيصن { لمن أراد أن تتم الرضاعة } بفتح التاء ورفع { الرضاعة } على إسناد الفعل إليها. وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة والجارود بن أبي سبرة بكسر الراء من { الرضاعة } وهي لغة كالحضارة والحضارة. وروي عن مجاهد أنه قرأ "الرضعة" على وزن الفعلة. وروي عن ابن عباس أنه قرأ "أن يكمل الرضاعة". النحاس: لا يعرف البصريون "الرضاعة" إلا بفتح الراء، ولا "الرضاع" إلا بكسر الراء، مثل القتال. وحكى الكوفيون كسر الراء مع الهاء وفتحها بغير هاء.

الخامسة: - انتزع مالك رحمه الله تعالى ومن تابعه وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان في الحولين، لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. هذا قوله في موطئه، وهي رواية محمد بن عبدالحكم عنه، وهو قول عمر وابن عباس، وروي عن ابن مسعود، وبه قال الزهري وقتادة والشعبي وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور. وروى ابن عبدالحكم عنه الحولين وزيادة أيام يسيرة. عبدالملك: كالشهر ونحوه. وروى ابن القاسم عن مالك أنه قال: الرضاع الحولين والشهرين بعد الحولين، وحكى عنه الوليد بن مسلم أنه قال: ما كان بعد الحولين من رضاع بشهر أو شهرين أو ثلاثة فهو من الحولين، وما كان بعد ذلك فهو عبث. وحكي عن النعمان أنه قال: وما كان بعد الحولين إلى ستة أشهر فهو رضاع، والصحيح الأول لقوله تعالى: { وَ الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } وهذا يدل على ألا حكم لما ارتضع المولود بعد الحولين. وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين". قال الدارقطني: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ.

قلت: وهذا الخبر مع الآية والمعنى، ينفي رضاعة الكبير وأنه لا حرمة له. وقد روي عن عائشة القول به. وبه يقول الليث بن سعد من بين العلماء. وروي عن أبي موسى الأشعري أنه كان يرى رضاع الكبير. وروي عنه الرجوع عنه. وسيأتي في سورة "النساء" مبينا إن شاء الله تعالى.

السادسة: - قال جمهور المفسرين: إن هذين الحولين لكل ولد. وروي عن ابن عباس أنه قال: هي في الولد يمكث في البطن ستة أشهر، فإن مكث سبعة أشهر فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرا فإن مكث ثمانية أشهر فرضاعه اثنان وعشرون شهرا، فان مكث تسعة أشهر فرضاعه أحد وعشرون شهرا، لقوله تعالى: { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً } [2]. وعلى هذا تتداخل مدة الحمل ومدة الرضاع ويأخذ الواحد من الآخر.

السابعة: - قوله تعالى: { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ } أي وعلى الأب. ويجوز في العربية "وعلى المولود لهم" كقوله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } [3] لأن المعنى وعلى الذي ولد له و"الذي" يعبر به عن الواحد والجمع كما تقدم.

الثامنة: - قوله تعالى: { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ } الرزق في هذا الحكم الطعام الكافي، وفي هذا دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لضعفه وعجزه. وسماه الله سبحانه للأم، لأن الغذاء يصل إليه بواسطتها في الرضاع كما قال: { وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ } [4] لأن الغذاء لا يصل إلا بسببها.

وأجمع العلماء على أن على المرء نفقة ولده الأطفال الذين لا مال لهم. وقال ﷺ لهند بنت عتبة وقد قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من مال بغير علمه فهل علي في ذلك جناح؟ فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". والكسوة: اللباس. وقوله: "بالمعروف" أي بالمتعارف في عرف الشرع من غير تفريط ولا إفراط. ثم بين تعالى أن الإنفاق على قدر غنى الزوج ومنصبها من غير تقدير مد ولا غيره بقوله تعالى: { لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا } على ما يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى. وقيل المعنى: أي لا تكلف المرأة الصبر على التقتير في الأجرة، ولا يكلف الزوج ما هو إسراف بل يراعى القصد.

التاسعة: - في هذه الآية دليل لمالك على أن الحضانة للأم، فهي في الغلام إلى البلوغ، وفي الجارية إلى النكاح، وذلك حق لها، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: إذا بلغ الولد ثماني سنين وهو سن التمييز، خير بين أبويه، فإنه في تلك الحالة تتحرك همته لتعلم القرآن والأدب ووظائف العبادات، وذلك يستوي فيه الغلام والجارية. وروى النسائي وغيره عن أبي هريرة أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت له: زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال له النبي ﷺ: "هذا أبوك وهذه أمك فخذ أيهما شئت" فأخذ بيد أمه. وفي كتاب أبي داود عن أبي هريرة قال: جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ وأنا قاعد عنده فقالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عنبة، وقد نفعني، فقال النبي ﷺ: "استهما عليه" فقال زوجها: من يحاقني في ولدي، فقال النبي ﷺ: "هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أحدهما شئت" فأخذ بيد أمه فانطلقت به. ودليلنا ما رواه أبو داود عن الأوزاعي قال: حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله ﷺ: "أنت أحق به ما لم تنكحي ". قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد أن الأم أحق به ما لم تنكح. وكذا قال أبو عمر: لا أعلم خلافا بين السلف من العلماء في المرأة المطلقة إذا لم تتزوج أنها أحق بولدها من أبيه ما دام طفلا صغيرا لا يميز شيئا إذا كان عندها في حرز وكفاية ولم يثبت فيها فسق ولا تبرج.

ثم اختلفوا بعد ذلك في تخييره إذا ميز وعقل بين أبيه وأمه وفيمن هو أولى به، قال ابن المنذر: وثبت أن النبي ﷺ قضى في ابنة حمزة للخالة من غير تخيير.

روى أبو داود عن علي قال: خرج زيد بن حارثة إلى مكة فقدم بابنة حمزة، فقال جعفر: أنا آخذها أنا أحق بها، ابنة عمي وخالتها عندي والخالة أم. فقال علي: أنا أحق بها،: ابنة عمي وعندي ابنة رسول الله ﷺ، وهي أحق بها. فقال زيد: أنا أحق بها، أنا خرجت إليها وسافرت وقدمت بها. فخرج النبي ﷺ فذكر حديثا قال: "وأما الجارية فأقضي بها لجعفر تكون مع خالتها وإنما الخالة أم".

العاشرة: - قال ابن المنذر: وقد أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على ألا حق للأم في الولد إذا تزوجت.

قلت: كذا قال في كتاب الأشراف له. وذكر القاضي عبدالوهاب في شرح الرسالة له عن الحسن أنه لا يسقط حقها من الحضانة بالتزوج. وأجمع مالك والشافعي والنعمان وأبو ثور على أن الجدة أم الأم أحق بحضانة الولد. واختلفوا إذا لم يكن لها أم وكان لها جدة هي أم الأب، فقال مالك: أم الأب أحق إذا لم يكن للصبي خالة. وقال ابن القاسم: قال مالك: وبلغني ذلك عنه أنه قال: الخالة أولى من الجدة أم الأب. وفي قول الشافعي والنعمان: أم الأب أحق من الخالة. وقد قيل: إن الأب أولى بابنه من الجدة أم الأب. قال أبو عمر: وهذا عندي إذا لم يكن له زوجة أجنبية. ثم الأخت بعد الأب ثم العمة. وهذا إذا كان كل واحد من هؤلاء مأمونا على الولد، وكان عنده في حرز وكفاية، فإذا لم يكن كذلك لم يكن له حق في الحضانة، وإنما ينظر في ذلك إلى من يحوط الصبي ومن يحسن إليه في حفظه وتعلمه الخير. وهذا على قول من قال إن الحضانة حق الولد، وقد روى ذلك عن مالك وقال به طائفة من أصحابه، وكذلك لا يرون حضانة لفاجرة ولا لضعيفة عاجزة عن القيام بحق الصبي لمرض أو زمانة. وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون عن مالك أن الحضانة للأم ثم الجدة للأم ثم الخالة ثم الجدة للأب ثم أخت الصبي ثم عمة الصبي ثم ابنة أخي الصبي ثم الأب. والجدة للأب أولى من الأخت والأخت أولى من العمة والعمة أولى ممن بعدها، وأولى من جميع الرجال الأولياء. وليس لابنة الخالة ولا لابنة العمة ولا لبنات أخوات الصبي من حضانته شيء. فإذا كان الحاضن لا يخاف منه على الطفل تضييع أو دخول فساد كان حاضنا له أبدا حتى يبلغ الحلم. وقد قيل: حتى يثغر، وحتى تتزوج الجارية، إلا أن يريد الأب نقلة سفر وإيطان فيكون حينئذ أحق بولده من أمه وغيرها إن لم ترد الانتقال. وإن أراد الخروج لتجارة لم يكن له ذلك. وكذلك أولياء الصبي الذين يكون مآله إذا انتقلوا للاستيطان. وليس للأم أن تنقل ولدها عن موضع سكنى الأب إلا فيما يقرب نحو المسافة التي لا تقصر فيها الصلاة. ولو شرط عليها في حين انتقاله عن بلدها أنه لا يترك ولده عندها إلا أن تلتزم نفقته ومؤونته سنين معلومة فإن التزمت ذلك لزمها: فإن ماتت لم تتبع بذلك ورثتها في تركتها. وقد قيل: ذلك دين يؤخذ من تركتها، والأول أصح إن شاء الله تعالى، كما لو مات الوالد أو كما لو صالحها على نفقة الحمل والرضاع فأسقطت لم تتبع بشيء من ذلك.

الحادية عشرة: - إذا تزوجت الأم لم ينزع منها ولدها حتى يدخل بها زوجها عند مالك. وقال الشافعي: إذا نكحت فقد انقطع حقها. فإن طلقها لم يكن لها الرجوع فيه عند مالك في الأشهر عندنا من مذهبه. وقد ذكر القاضي إسماعيل وذكره ابن خويز منداد أيضا عن مالك أنه اختلف قوله في ذلك، فقال مرة: يرد إليها. وقال مرة: لا يرد. قال ابن المنذر: فإذا خرجت الأم عن البلد الذي به ولدها ثم رجعت إليه فهي أحق بولدها في قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي. وكذلك لو تزوجت ثم طلقت أو توفى عنها زوجها رجعت في حقها من الولد.

الثالثة عشرة: - واختلفوا في الزوجين يفترقان بطلاق والزوجة ذمية، فقالت طائفة: لا فرق بين الذمية والمسلمة وهي أحق بولدها، هذا قول أبي ثور وأصحاب الرأي وابن القاسم صاحب مالك. قال ابن المنذر: وقد روينا حديثا مرفوعا موافقا لهذا القول، وفي إسناده مقال. وفيه قول ثان أن الولد مع المسلم منهما، هذا قول مالك وسوار وعبدالله بن الحسن، وحكي ذلك عن الشافعي. وكذلك اختلفوا في الزوجين يفترقان، أحدهما حر والآخر مملوك، فقالت طائفة: الحر أولى، هذا قول عطاء والثوري والشافعي وأصحاب الرأي. وقال مالك: في الأب إذا كان حرا وله ولد حر والأم مملوكة: إن الأم أحق به إلا أن تباع فتنتقل فيكون الأب أحق به.

الرابعة عشر: - قوله تعالى: { لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } المعنى: لا تأبى الأم أن ترضعه إضرارا بأبيه أو تطلب أكثر من أجر مثلها، ولا يحل للأب أن يمنع الأم من ذلك مع رغبتها في الإرضاع، هذا قول جمهور المفسرين. وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي "تضار" بفتح الراء المشددة وموضعه جزم على النهي، وأصله لا تضارر على الأصل، فأدغمت الراء الأولى في الثانية وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، وهكذا يفعل في المضاعف إذا كان قبله فتح أو ألف، تقول: عض يا رجل، وضار فلانا يا رجل. أي لا ينزع الولد منها إذا رضيت بالإرضاع وألفها الصبي. وقرأ أبو عمرو وابن كثير وأبان بن عاصم وجماعة "تضار" بالرفع عطفا على قوله: { تُكَلَّفُ نَفْسٌ } وهو خبر والمراد به الأمر. وروى يونس عن الحسن قال يقول: لا تضار زوجها، تقول: لا أرضعه، ولا يضارها فينزعه منها وهي تقول: أنا أرضعه. ويحتمل أن يكون الأصل "تضارر" بكسر الراء الأولى، ورواها أبان عن عاصم، وهي لغة أهل الحجاز. فـ "والدة" فاعله، ويحتمل أن يكون "تضارر" فـ "والدة" مفعول ما لم يسم فاعله. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ "لا تضارر" براءين الأولى مفتوحة. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع "تضار" بإسكان الراء وتخفيفها. وكذلك { لا يُضَارْ كَاتِبٌ } وهذا بعيد لأن المثلين إذا اجتمعا وهما أصليان لم يجز حذف أحدهما للتخفيف، فإما الإدغام وإما الإظهار. وروي عنه الإسكان والتشديد. وروي عن ابن عباس والحسن "لا تضارر" بكسر الراء الأولى.

الخامسة عشرة: - قوله تعالى: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } هو معطوف على قوله: { وَعَلَى الْمَوْلُودِ } واختلفوا في تأويل قوله: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } فقال قتادة والسدي والحسن وعمر بن الخطاب رضي الله عنه: هو وارث الصبي أن لو مات. قال بعضهم: وارثه من الرجال خاصة يلزمه الإرضاع، كما كان يلزم أبا الصبي لو كان حيا، وقاله مجاهد وعطاء. وقال قتادة وغيره: هو وارث الصبي من كان من الرجال والنساء، ويلزمهم إرضاعه على قدر مواريثهم منه، وبه قال أحمد وإسحاق. وقال القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق في كتاب "معاني القرآن" له: فأما أبو حنيفة فإنه قال: تجب نفقة الصغير ورضاعه على كل ذي رحم محرم، مثل أن يكون رجل له ابن أخت صغير محتاج وابن عم صغير محتاج وهو وارثه، فإن النفقة تجب على الخال لابن أخته الذي لا يرثه، وتسقط عن ابن العم لابن عمه الوارث. قال أبو إسحاق: فقالوا قولا ليس في كتاب الله ولا نعلم أحدا قاله. وحكى الطبري عن أبي حنيفة وصاحبيه أنهم قالوا: الوارث الذي يلزمه الإرضاع هو وارثه إذا كان ذا رحم محرم منه، فإن كان ابن عم وغيره ليس بذي رحم محرم فلا يلزمه شيء. وقيل: المراد عصبة الأب عليهم النفقة والكسوة. قال الضحاك: إن مات أبو الصبي وللصبي مال أخذ رضاعه من المال، وإن لم يكن له مال أخذ من العصبة، وإن لم يكن للعصبة مال أجبرت الأم على إرضاعه. وقال قبيصة بن ذؤيب والضحاك وبشير بن نصر قاضي عمر بن عبدالعزيز: الوارث هو الصبي نفسه، وتأولوا قوله: { وَعَلَى الْوَارِثِ } المولود، مثل ما على المولود له، أي عليه في ماله إذا ورث أباه إرضاع نفسه. وقال سفيان: الوارث هنا هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر منهما فإن مات الأب فعلى الأم كفاية الطفل إذا لم يكن له مال، ويشاركها العاصب في إرضاع المولود على قدر حظه من الميراث. وقال ابن خويز منداد: ولو كان اليتيم فقيرا لا مال له، وجب على الإمام القيام به من بيت المال، فإن لم يفعل الإمام وجب ذلك على المسلمين، الأخص به فالأخص، والأم أخص به فيجب عليها إرضاعه والقيام به، ولا ترجع عليه ولا على أحد. والرضاع واجب والنفقة استحباب: ووجه الاستحباب قوله تعالى: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } وواجب على الأزواج القيام بهن، فإذا تعذر استيفاء الحق لهن بموت الزوج أو إعساره لم يسقط الحق عنهن، ألا ترى أن العدة واجبة عليهن والنفقة والسكنى على أزواجهن، وإذا تعذرت النفقة لهن لم تسقط العدة عنهن. وروى عبدالرحمن بن القاسم في الأسدية عن مالك بن أنس رحمه الله أنه قال: لا يلزم الرجل نفقة أخ ولا ذي قرابة ولا ذي رحم منه. قال: وقول الله عز وجل: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } هو منسوخ. قال النحاس: هذا لفظ مالك، ولم يبين ما الناسخ لها ولا عبدالرحمن بن القاسم، ولا علمت أن أحدا من أصحابهم بين ذلك، والذي يشبه أن يكون الناسخ لها عنده والله أعلم، أنه لما أوجب الله تعالى للمتوفى عنها زوجها من مال المتوفى نفقة حول والسكنى ثم نسخ ذلك ورفعه، نسخ ذلك أيضا عن الوارث.

قلت: فعلى هذا تكون النفقة على الصبي نفسه من ماله، لا يكون على الوارث منها شيء على ما يأتي. قال ابن العربي: قوله { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } قال ابن القاسم عن مالك هي منسوخة، وهذا كلام تشمئز منه قلوب الغافلين، وتحتار فيه ألباب الشاذين، والأمر فيه قريب، وذلك أن العلماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون التخصيص نسخا، لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم مسامحة، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل ذلك على من بعدهم، وتحقيق القول فيه: أن قوله تعالى { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } إشارة إلى ما تقدم، فمن الناس من رده إلى جميعه من إيجاب النفقة وتحريم الإضرار، منهم أبو حنيفة من الفقهاء، ومن السلف قتادة والحسن ويسند إلى عمر. وقالت طائفة من العلماء: إن معنى قوله تعالى: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } لا يرجع إلى جميع ما تقدم، وإنما يرجع إلى تحريم الإضرار، والمعنى: وعلى الوارث من تحريم الإضرار بالأم ما على الأب، وهذا هو الأصل، فمن ادعى أنه يرجع العطف فيه إلى جميع ما تقدم فعليه الدليل.

قلت: قوله: "وهذا هو الأصل" يريد في رجوع الضمير إلى أقرب مذكور، وهو صحيح، إذ لو أراد الجميع الذي هو الإرضاع والإنفاق وعدم الضرر لقال: وعلى الوارث مثل هؤلاء، فدل على أنه معطوف على المنع من المضارة، وعلى ذلك تأوله كافة المفسرين فيما حكى القاضي عبدالوهاب، وهو أن المراد به أن الوالدة لا تضار ولدها في أن الأب إذا بذل لها أجرة المثل ألا ترضعه، { وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } في أن الأم إذا بذلت أن ترضعه بأجرة المثل كان لها ذلك، لأن الأم أرفق وأحن عليه، ولبنها خير له من لبن الأجنبية. قال ابن عطية: وقال مالك رحمه الله وجميع أصحابه والشعبي أيضا والزهري والضحاك وجماعة من العلماء: المراد بقوله { مثل ذلك } ألا تضار، وأما الرزق والكسوة فلا يجب شيء منه. وروى ابن القاسم عن مالك أن الآية تضمنت أن الرزق والكسوة على الوارث، ثم نسخ ذلك بالإجماع من الأمة في ألا يضار الوارث، والخلاف هل عليه رزق وكسوة أم لا. وقرأ يحيى بن يعمر "وعلى الورثة" بالجمع، وذلك يقتضي العموم، فإن استدلوا بقوله عليه السلام: " لا يقبل الله صدقة وذو رحم محتاج" قيل لهم الرحم عموم في كل ذي رحم، محرما كان أو غير محرم، ولا خلاف أن صرف الصدقة إلى ذي الرحم أولى لقوله عليه السلام: " اجعلها في الأقربين" فحمل الحديث على هذا، ولا حجة فيه على ما راموه، والله أعلم. وقال النحاس: وأما قول من قال: { وعَلَى الْوَارِثَ مِثْلُ ذلِكَ } ألا يضار فقول حسن، لأن أموال الناس محظورة فلا يخرج شيء منها إلا بدليل قاطع. وأما قول من قال على ورثة الأب فالحجة أن النفقة كانت على الأب، فورثته أولى من ورثة الابن وأما حجة من قال على ورثة الابن فيقول: كما يرثونه يقومون به. قال النحاس: وكان محمد بن جرير يختار قول من قال: الوارث هنا الابن، وهو وإن كان قولا غريبا فالاستدلال به صحيح والحجة به ظاهرة، لأن ماله أولى به. وقد أجمع الفقهاء إلا من شذ منهم أن رجلا لو كان له ولد طفل وللولد مال، والأب موسر أنه لا يجب على الأب نفقة ولا رضاع، وأن ذلك من مال الصبي. فإن قيل: قد قال الله عز وجل { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }، قيل: هذا الضمير للمؤنث، ومع هذا فإن الإجماع حد للآية مبين لها، لا يسع مسلما الخروج عنه. وأما من قال: ذلك على من بقي من الأبوين، فحجته أنه لا يجوز للأم تضييع ولدها، وقد مات من كان ينفق عليه وعليها. وقد ترجم البخاري على رد هذا القول "باب - وعلى الوارث مثل ذلك، وهل على المرأة منه شيء" وساق حديث أم سلمة وهند. والمعنى فيه: أن أم سلمة كان لها أبناء من أبي سلمة ولم يكن لهم مال، فسألت النبي ﷺ فأخبرها أن لها في ذلك أجرا. فدل هذا الحديث على أن نفقة بنيها لا تجب عليها، ولو وجبت عليها لم تقل للنبي ﷺ: ولست بتاركتهم. وأما حديث هند فإن النبي ﷺ أطلقها على أخذ نفقتها ونفقة بنيها من مال الأب، ولم يوجبها عليها كما أوجبها على الأب. فاستدل البخاري من هذا على أنه لما لم يلزم الأمهات نفقات الأبناء في حياة الآباء فكذلك لا يلزمهن بموت الآباء. وأما قول من قال إن النفقة والكسوة على كل ذي رحم محرم فحجته أن على الرجل أن ينفق على كل ذي رحم محرم إذا كان فقيرا. قال النحاس: وقد عورض هذا القول بأنه لم يؤخذ من كتاب الله تعالى ولا من إجماع ولا من سنة صحيحة، بل لا يعرف من قول سوى ما ذكرناه. فأما القرآن فقد قال الله عز وجل: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } فإن كان على الوارث النفقة والكسوة فقد خالفوا ذلك فقالوا: إذا ترك خاله وابن عمه فالنفقة على خاله وليس على ابن عمه شيء، فهذا مخالف نص القرآن لأن الخال لا يرث مع ابن العم في قول أحد، ولا يرث وحده في قول كثير من العلماء، والذي احتجوا به من النفقة على كل ذي رحم محرم، أكثر أهل العلم على خلافه.

السادسة عشر: - قوله تعالى: { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً } الضمير في { أَرَادَا } للوالدين. و { فِصَالاً } معناه فطاما عن الرضاع، أي عن الاغتذاء بلبن أمه إلى غيره من الأقوات. والفصال والفصل: الفطام، وأصله التفريق، فهو تفريق بين الصبي والثدي، ومنه سمي الفصيل، لأنه مفصول عن أمه. { عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا } أي قبل الحولين. { فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } أي في فصله، وذلك أن الله سبحانه لما جعل مدة الرضاع حولين بين أن فطامهما هو الفطام، وفصالهما هو الفصال ليس لأحد عنه منزع، إلا أن يتفق الأبوان على أقل من ذلك العدد من غير مضارة بالولد، فذلك جائز بهذا البيان. وقال قتادة: كان الرضاع واجبا في الحولين وكان يحرم الفطام قبله، ثم خفف وأبيح الرضاع أقل من الحولين بقوله: { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً } الآية. وفي هذا دليل على جواز الاجتهاد في الأحكام بإباحة الله تعالى للوالدين التشاور فيما يؤدي إلى صلاح الصغير، وذلك موقوف على غالب ظنونهما لا على الحقيقة واليقين، والتشاور: استحراج الرأي، وكذلك المشاورة، والمشورة كالمعونة، وشرت العسل: استخرجته، وشرت الدابة وشورتها أي أجريتها لاستخراج جريها، والشوار: متاع البيت، لأنه يظهر للناظر، والشارة: هيئة الرجل، والإشارة: إخراج ما في نفسك وإظهاره.

السابعة عشرة -: قوله تعالى: { وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي لأولادكم غير الوالدة، قاله الزجاج. قال النحاس: التقدير في العربية أن تسترضعوا أجنبية لأولادكم، مثل { كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ } [5] أي كالوا لهم أو وزنوا لهم، وحذفت اللام لأنه يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف، وأنشد سيبوبه:

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به... فقد تركتك ذا مال وذا نشب

ولا يجوز: دعوت زيدا، أي دعوت لزيد، لأنه يؤدي إلى التلبيس، فيعتبر في هذا النوع السماع.

قلت: وعلى هذا يكون في الآية دليل على جواز اتخاذ الظئر إذا اتفق الآباء والأمهات على ذلك. وقد قال عكرمة في قوله تعالى: { لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ } معناه الظئر، حكاه ابن عطية. والأصل أن كل أم يلزمها رضاع ولدها كما أخبر الله عز وجل، فأمر الزوجات بإرضاع أولادهن، وأوجب لهن على الأزواج النفقة والكسوة والزوجية قائمة، فلو كان الرضاع على الأب لذكره مع ما ذكره من رزقهن وكسوتهن، إلا أن مالكا رحمه الله دون فقهاء الأمصار استثنى الحسيبة فقال: لا يلزمها رضاعه. فأخرجها من الآية وخصصها بأصل من أصول الفقه وهو العمل بالعادة. وهذا أصل لم يتفطن له إلا مالك. والأصل البديع فيه أن، هذا أمر كان في الجاهلية في ذوي الحسب وجاء الإسلام فلم يغيره، وتمادى ذوو الثروة والأحساب على تفريغ الأمهات للمتعة بدفع الرضعاء للمراضع إلى زمانه فقال به، وإلى زماننا فتحققناه شرعا.

قوله تعالى: { إِذَا سَلَّمْتُمْ } يعني الآباء، أي سلمتم الأجرة إلى المرضعة الظئر، قاله سفيان. مجاهد: سلمتم إلى الأمهات أجرهن بحساب ما أرضعن إلى وقت إرادة الاسترضاع. وقرأ الستة من السبعة "ما آتيتم" بمعنى ما أعطيتم. وقرأ ابن كثير "أتيتم" بمعنى ما جئتم وفعلتم، كما قال زهير:

وما كان من خير أتوه فإنما... توارثه آباء آبائهم قبل

قال قتادة والزهري: المعنى سلمتم ما أتيتم من إرادة الاسترضاع، أي سلم كل واحد من الأبوين ورضي، وكان ذلك على اتفاق منهما وقصد خير وإرادة معروف من الأمر. وعلى هذا الاحتمال فيدخل في الخطاب "سلمتم" الرجال والنساء، وعلى القولين المتقدمين الخطاب للرجال. قال أبو علي: المعنى إذا سلمتم ما آتيتم نقده أو إعطاءه، فحذف المضاف وأقيم الضمير مقامه، فكان التقدير: ما آتيتموه، ثم حذف الضمير من الصلة، وعلى هذا التأويل فالخطاب للرجال، لأنهم الذين يعطون أجر الرضاع. قال أبو علي: ويحتمل أن تكون "ما" مصدرية، أي إذا سلمتم الإتيان، والمعنى كالأول، لكن يستغني عن الصفة من حذف المضاف ثم حذف الضمير.

هامش

[البقرة: 203]

[الأحقاف: 15]

[يونس: 42]

[الطلاق: 6]

[المطففين: 3]

==========

الفتاوى الكبرى/كتاب النفقات

< الفتاوى الكبرى

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

كتاب النفقات

1 - 620 - مسألة: في رجل تزوج عند قوم مدة سنة ثم جرى بينهم كلام فادعوا عليه بكسوة سنة فأخذوها منه ثم ادعوا عليه بالنفقة وقالوا: هي تحت الحجر وما أذنا لك أن تنفق عليها: فهل يجوز ذلك؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين إذا كان الزوج تسلمها التسليم الشرعي وهو أو أبوه أو نحوهما يطعمها كما جرت به العادة: لم يكن للأب ولا لها أن تدعي بالنفقة فإن هذا هو الانفاق بالمعروف الذي كان على عهد رسول الله ﷺ وأصحابه وسائر المسلمين في كل عصر ومصر وكذلك نص على ذلك أئمة العلماء بل من كلف الزوج أن يسلم إلى أبيها دراهم ليشتري لها بها ما يطعمها في كل يوم فقد خرج عن سنة رسول الله ﷺ والمسلمين وإن [ كان ] هذا قد قاله بعض الناس فكيف إذا كان قد أنفق عليها بإقرار الأب لها بذلك وتسليمها إليهم مع أنه لا بد لها من الأكل ثم أراد أن يطلب النفقة ولا يعتد بما أنفقوا عليها فإن هذا باطل في الشريعة لا تحتمله أصلا ومن توهم ذلك معتقدا أن النفقة حق لها كالدين فلا بد أن يقبضه الولي وهو لم يأذن فيه: كان مخطئا من وجوه

منها: أن المقصود بالنفقة إطعامها لا حفظ المال لها الثاني: إن قبض الولي لها ليس فيه فائدة الثالث: إن ذلك لا يحتاج إلى إذنه فإنه واجب لها بالشرع والشارع أوجب الإنفاق عليها فلو نهى الولي عن ذلك لم يلتفت إليه الرابع: إقراره لها مع حاجته إلى النفقة أذن عرفي ولا يقال إنه لم يأمن الزوج على النفقة لوجهين: إحداهما: إن الائتمان بها حصل بالشرع كما أوتمن الزوج على بدنها والقسم لها وغير ذلك من حقوقها فإن الرجال قوامون على النساء والنساء عوان عند الرجال كما دل على ذلك الكتاب والسنة الثاني: أن الإئتمان العرفي كاللفظي والله أعلم

621 - / 2 - مسألة: في رجل تزوج بامرأة ودخل بها وهو مستمر النفقة وهي ناشز ثم إن والدها أخذها وسافر من غير إذن الزوج: فما يجب عليهما؟

الجواب: الحمد لله إذا سافر بغير إذن الزوج فإنه يعزر على ذلك وتعزر الزوجة إذا كان التخلف يمكنها ولا نفقة لها من حين سافرت والله أعلم

622 - / 3 - مسألة: في رجل تزوج بامرأة ودخل بها وهو مستمر [ في ] النفقة وهي ناشز ثم إن والدها أخذها وسافر من غير إذن الزوج فماذا يجب عليهما؟

الجواب: الحمد لله إذا سافر بها بغير إذن الزوج فإنه يعزر على ذلك وتعزر الزوجة إذا كان التخلف يمكنها ولا نفقة لها من حين سافرت والله أعلم

623 - / 4 - مسألة: في رجل ماتت زوجته وخلفت له ثلاث بنات: فأعطاهم لحميه وحماته وقال: روحوا بهم إلى بلدكم حتى أجيء إليهم فغاب عنهم ثلاث سنين فهل على والدهم نفقتهم وكسوتهم في هذه المدة أم لا؟

الجواب: ما أنفقوه عليهم بالمعروف بنية الرجوع به على والدهم فلهم الرجوع به عليه إذا كان ممن تلزمه نفقتهم والله أعلم

5 - 624 - مسألة: في رجل حلف على زوجته وقال: لأهجرنك إن كنت ما تصلين فامتنعت من الصلاة ولم تصل وهجر الرجل فراشها فهل لها على الزوج نفقة أم لا؟ وماذا يجب عليها إذا تركت الصلاة؟

الجواب: الحمد لله إذا امتنعت من الصلاة فإنها تستتاب فإن تابت وإلا قتلت وهجر الرجل على ترك الصلاة من أعمال البر التي يحبها الله ورسوله ولا نفقة لها إذا امتنعت من تمكينه إلا مع ترك الصلاة والله أعلم

625 - / 6 - مسألة: في رجل طلق زوجته طلقة واحدة وكانت حاملا فأسقطت: فهل تسقط عنه النفقة أم لا؟

الجواب: نعم إذا ألقت سقطا انقضت به العدة وسقطت به النفقة وسواء كان فد نفخ فيه الروح أم لا إذا كان قد تبين فيه خلق الإنسان فإن لم يتبين ففيه نزاع

7 - 626 - مسألة: في رجل عجز عن الكسب ولا له شيء وله زوجة وأولاد: فهل يجوز لولده الموسر أن ينفق عليه وعلى زوجته وأخوته الصغار؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين نعم على الولد الموسر أن ينفق على أبيه وزوجة أبيه وعلى أخوته الصغار وإن لم يفعل ذلك كان عاقا لأبيه قاطعا لرحمه مستحقا لعقوبة الله تعالى في الدنيا والآخرة والله أعلم

627 - / 8 - مسألة: في رجل له بنت لها سبع سنين ولها والدة متزوجة وقد أخذها بحكم الشرع الشريف بحيث أنه ليس لها كافل غيره وقد اختارت أم المذكورة أن تأخذها من الرجل بكفالتها إلى مدة معلومة وهو يخاف أن ترجع عليه فيما بعد بالكسوة والنفقة عند بعض المذاهب وكيف نسخة ما يكتب بينهما

الجواب: الحمد لله رب العالمين ما دام الولد عندها وهي تنفق عليه وقد أخذته على أن تنفق عليه من عندها ولا ترجع على الأب: لا نفقة لها باتفاق الأئمة أي لا ترجع عليه بما أنفقت هذه المدة لكن لو أرادت أن تطالب بالنفقة في المستقبل فللأب أن يأخذ الولد منها أيضا فإنه لا يجمع لها بين الحضانة في هذه الحال ومطالبة الأب بالنفقة مع ما ذكرنا بلا نزاع لكن لو اتفقا على ذلك: فهل يكون العقد بينهما لازما؟ هذا فيه خلاف والمشهور من مذهب مالك هو لازم وإذا كان كذلك فلا ضرر للأب في هذا الالتزام والله أعلم

628 - / 9 - مسألة: في امرأة طلقها زوجها ثلاثا وأبرأت الزوج من حقوق الزوجة قبل علمها بالحمل فلما بان الحمل طالبت الزوج بفرض الحمل فهل يجوز لها ذلك أم لا؟

الجواب: إذا كان الأمر كما ذكر لم تدخل نفقة الحمل في الإبراء وكان لهما أن تطلب نفقة الحمل ولو علمت بالحمل وأبرأته من حقوق الزوجية فقط لم يدخل في ذلك نفقة الحمل لأنها تجب بعد زوال النكاح وهي واجبة للحمل في أظهر قولي العلماء كأجرة الرضاع وفي الآخر هي للزوجة من أجل الحمل فتكون من جنس نفقة الزوجات والصحيح أنها من جنس نفقة الأقارب كأجرة الرضاع اللهم إلا أن يكون الإبراء بمقتضى أنه لا تبقى بينهما مطالبة بعد النكاح أبدا فإذا كان الأمر كذلك ومقصودهما المباراة بحيث لا يبقى للآخر مطالبة بوجه فهذا يدخل فيه الإبراء من نفقة الحمل

629 - 10 - مسألة: في رجل له ولد وطلب منه ما يمونه؟

الجواب: إذا كان موسرا وأبوه محتاجا فعليه أن يعطيه تمام كفايته وكذلك إخوته إذا كانوا عاجزين عن الكسب: فعليه أن ينفق عليهم إذا كان قادرا على ذلك ولأبيه أن يأخذ من ماله ما يحتاجه بغير إذن الابن وليس للابن منعه

630 - 11 - مسألة: في رجل عليه وقف من جده ثم على ولده وهو يتناول أجرته وله ملك زاد أجرة كثيرة وغيرها والكل معطل وله ولد معسر وله أهل وأولاد فطلب ابنه بعض الأماكن ليدولبه فلم يجبه: فهل يجوز له ذلك؟ وهل يجب على الأب أن يؤجرهم وينفق على ولده؟ أو تجب عليه النفقة مع غنى الوالد وإعسار الولد؟

الجواب: نعم عليه نفقة ولده بالمعروف إذا كان الولد فقيرا عاجزا عن الكسب والوالد موسرا وإذا لم يمكن الانفاق على الولد إلا بإجارة ما هو متعطل في عقاره وبعمارة ما يمكن عمارته منه أو يمكن الولد من أن يؤجر ويعمر ما ينفق منه على نفسه فعلى الوالد ذلك بل من كان له عقار لا يعمره ولا يؤجره فهو سفيه مبذر لماله فينبغي أن يحجر عليه الحاكم لمصلحة نفسه لئلا يضيع ماله فأما إذا كان له ولد يتعين ذلك لأجل مصلحته ومصلحة ولده والله أعلم

12 - 631 - مسألة: في رجل له ولد كبير فسافر مع كرائم أمواله في البحر المالح وله آخر مراهق من أم أخرى مطلقة منه ولها أب وأم والولد عندهم مقيم فأراد والده أخذه وتسفيره صحبة أخيه بغير رضا الوالدة وغير رضا الولد: فهل له ذلك؟

الجواب: يخير الولد بين أبويه: فإن اختار المقام عند أمه وهي غير مزوجة كان عندها ولم يكن للأب تسفيره لكن يكون عند أبيه نهارا ليعلمه ويؤدبه وعند أمه ليلا وإن اختار أن يكون عند الأب كان عنده وإذا كان عند الأب ورأى من المصلحة له تسفيره ولم يكن في ذلك ضرر على الولد فله ذلك والله أعلم

13 - 632 - مسألة: في رجل له زوجة وله مدة سبع سنين لم ينتفع بها لأجل مرضها: فهل تستحق عليه نفقة أم لا؟ فإن لم تكن تستحق وحكم عليه حاكم: فهل يجب عليه أعطاؤه أم لا؟

الجوانب: نعم تستحق النفقة في مذهب الأئمة الأربعة

14 - 633 - مسألة: في رجل وطئ أجنبية حملت منه ثم بعد ذلك تزوج بها: فهل يجب عليه فرض الولد في تربيته أم لا؟

الجواب: الولد ولد زنا لا يلحقه نسبه عند الأئمة الأربعة؟ ولكن لا بد أن ينفق عليه المسلمون فإنه يتيم من اليتامى ونفقة اليتامى على المسلمين مؤكدة والله أعلم

15 - 634 - مسألة: في مريض طلب من رجل أن يطببه وينفق عليه ففعل فهل للمنفق أن يطالب المريض بالنفقة؟

الجواب: إن كان ينفق طالبا للعوض لفظا أو عرفا فله المطالبة بالعوض والله أعلم

16 - 635 - مسألة: في امرأة مزوجة محتاجة فهل تكون نفقتها واجبة على زوجها؟ أو من صداقها؟

الجواب: المزوجة المحتاجة نفقتها على زوجها واجبة من غير صداقها وأما صداقها المؤخر فيجوز أن تطالبه وإن أعطاها فحسن وإن امتنع لم يجبر حتى يقع بينهما فرقة: بموت أو طلاق أو نحوه والله أعلم

17 - 636 - مسألة: في رجل له مطلقة وله منها ولد وقد بلغ من العمر سبع سنين وهم يريدون فرضه وقد تزوجت أمه وكفلته جدته ووجهت كفيله وسافروا به إلى الاسكندرية وغيبوه مدة سبع سنين وطلب منه فرض السنين الماضية؟

الجواب: إذا حكم له حاكم لم يكن لأمه أن تغيبه عنه وإذا غيبته عنه والحالة هذه لم يكن لها أن تطالبه بالنفقة المفروضة ولا بما أنفقه عليه في هذه الحالة والله أعلم

637 - / 18 - مسألة: في رجل له ولد وله مال والوالد فقير وله عائلة وزوجه غير والدة لولد الكبير: فهل يجب على ولده نفقة والده ونفقة إخوته وزوجته أم لا؟

الجواب: إذا كان الأب عاجزا عن النفقة والابن قادرا على الانفاق عليهم فعليه الانفاق عليهم

638 - / 19 - مسألة: في رجل عاجز عن نفقة بنته وكان غائبا وهي عند أمها وجدتها تنفق عليها مع أنها موسرة وليس عليه فرض: فهل لها أن ترجع بالنفقة المدة التي كان عاجزا عن النفقة فيها؟ وهل القول قوله في إعساره إذا لم يعرف له مال؟ أو قول المدعي؟ وإذا كان مقيما في بلد فيها خيره ويريد أخذ بنته معه وهو يسافر سفر نقلة: فيستحق السفر بها وتكون الحضانة لأمها؟

الجواب: أما المدة التي كان عاجزا عن النفقة فيها فلا نفقة عليه ولا رجوع لمن أنفق فيها بغير إذنه بغير نزاع بين العلماء وإنما النزاع فيما إذا أنفق منفق بدون إذنه مع وجوب النفقة على الأب فقيل: يرجع بما أنفق غير متبرع كما هو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في قول ولا يجوز حبسه على هذه النفقة ولا على الرجوع بها حتى يثبت الوجوب بيساره فإذا اختلفا في اليسار ولم يعرف له مال: فالقول قوله مع يمينه

وإذا كان مقيما في غير بلد الأم فالحضانة له لا للأم وأن كانت الأم أحق بالحضانة في البلد الواحد وهذا أيضا مذهب الأئمة الأربعة والله أعلم

639 - 20 - مسألة: في رجل متزوج بامرأة ولها ولد من غيره وله فرض على أبيه تتناوله أمه والزوج يقوم بالصبي بكلفته ومؤنته مدة سنين وحين تزوج الرجل كان من الصداق خمسة دنانير حالة فشارطته على أنها لا تطالبه بها إذا كان ينفق على

الولد ما دام الصبي عنده ولم تعين له كلفة ولا نفقة: فهل له مطالبة أم الصبي بكلفة مدة مقامه عنده؟

الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر ولم يوف امرأته بما شرطت له فليس له أن يطالب بما أنفقه على الصبي إذا كان الانفاق بمعروف فإنه ليس متبرعا بذلك سواء أنفق بأذن أمه أم لا

640 - 21 - مسألة: في امرأة توفيت وخلفت من الورثة ولدا ذكرا وقد ادعى على أبيه بالصداق والكسوة: فهل يلزم الزوج الكسوة الماضية قبل موتها والابن محتاج؟

الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر فعلى الأب أن يوفيه ما يستحقه بل لو لم يكن للابن ميراث وكان محتاجا عاجزا عن الكسوة: فعلى الأب إذا كان موسرا أن ينفق عليه وعلى زوجته وأولاده الصغار المحتاجين والعاجزين عن الكسب

641 - / 22 - مسألة: في رجل له ولد وتوفي ولده وخلف ولدا عمره ثمان سنين والزوجة تطالب الجد بالفرض وبعد ذلك تزوجت وطلقت ولم يعرف الجد بها وقد أخذت الولد وسافرت ولا يعلم الجد بها: فهل يلزم الجد فرض أم لا؟

الجواب: إذا تزوجت الأم فلا حضانة لها وإذا سافرت سفر نقلة فالحضانة للجد دونها ومن حضنته ولم تكن الحضانة لها وطالبت بالنفقة لم يكن لها ذلك فإنها ظالمة بالحضانة فلا تستحق المطالبة بالنفقة: وإن كان الجد عاجزا عن نفقة ابن ابنه لم تجب عليه نفقته

23 - 642 - مسألة: في رجل تزوج بامرأة ما ينتفع بها ولا تطاوعه في أمر وتطلب منه نفقة وكسوة وقد ضيقت عليه أموره: فهل تستحق عليه نفقة وكسوة؟

الجواب: إذا لم تمكنه من نفسها أو خرجت من داره بغير إذنه: فلا نفقة لها ولا كسوة وكذلك إذا طلب منها أن تسافر معه فلم تفعل فلا نفقة لها ولا كسوة فحيث كانت ناشزا عاصية له فيما يجب له عليها طاعته لم يجب لها نفقة ولا كسوة

24 - 643 - مسألة: هل يجوز للعامل في القراض أن ينفق على نفسه من مال القارض حضرا وسفرا؟ وإذا جاز هل يجوز أن يبسط لذيذ الأكل والتنعمات منه أم يقتصر على كفايته المعتادة؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين إن كان بينهما شرط في النفقة جاز ذلك وكذلك إن كان هناك عرف وعادة معروفة بينهم وأطلق العقد فإنه يحمل على تلك العادة وأما بدون ذلك فإنه لا يجوز

ومن العلماء من يقول له النفقة مطلقا وإن لم يشترط كما يقوله أبو حنيفة ومالك والشافعي في قول والمشهور أن لا نفقة بحال ولو شرطها وحيث كانت له النفقة فليس له النفقة إلا بالمعروف وأما البسط الخارج عن المعروف فيكون محسوبا عليه

25 - 644 - مسألة: في رجل خطب امرأة فسأل عن نفقته فقيل له من الجهات السلطانية شيء؟ فأبى الولي تزوجيها فذكر الخاطب أن فقهاء الحنفية جوزوا تناول ذلك فهل ذكر ذلك أحد في جواز تناوله من الجهات؟ وهل للولي المذكور دفع الخاطب بهذا السبب مع رضاء المخطوبة؟

الجواب: أما الفقهاء الأئمة الذين يفتى بقولهم فلم يذكر أحد منهم جواز ذلك ولكن في أوائل الدولة السلجوقية أفتى طائفة من الحنفية والشافعية بجواز ذلك وحكى أبو محمد بن حزم في كتابه إجماع العلماء على تحريم ذلك وقد كان نور الدين محمود الشهيد التركي قد أبطل جميع الوظائف المحدثة بالشام والجزيرة ومصر والحجاز وكان أعرف الناس بالجهاد وهو الذي أقام الإسلام بعد استيلاء الإفرنج والقرامطة على أكثر من ذلك ومن فعل ما يعتقد حكمه متأولا تأويلا سائغا لا سيما مع حاجته لم يجعل فاسقا بمجرد ذلك

لكن بكل حال فالولي له أن يمنع موليته ممن يتناول مثل هذا الرزق الذي يعتقده حراما سيما وأن رزقها منه فإذا كان الزوج يطعمها من غيره أو تأكل هي من غيره فله أن يزوجها إذا كان الزوج متأولا فيما يأكله

645 - / 26 - مسألة: في قوله تعالى: { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها } إلى قوله: { واعلموا أن الله بما تعملون بصير } مع قوله: { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } إلى قوله: { سيجعل الله بعد عسر يسرا }

في ذلك أنواع من الأحكام بعضها مجمع عليه وبعضها متنازع فيه وإذا تدبرت كتاب الله تبين أنه يفصل النزاع بين من يحسن الرد إليه وأن من لم يهتد إلى ذلك فهو إما لعدم استطاعته فيعذر أو لتفريطه فيلام

وقوله تعالى: { حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } يدل على أن هذا تمام الرضاعة وما بعد ذلك فهو غذاء من الأغذية وبهذا يستدل من يقول: الرضاع بعد الحولين بمنزلة رضاع الكبير وقوله: { حولين كاملين } يدل على أن لفظ الحولين يقع على حول وبعض آخر وهذا معروف في كلامهم يقال: لفلان عشرون عاما إذا أكمل ذلك قال الفراء والزجاج وغيرهما: لما جاز أن يقول: { حولين } ويريد أقل منهما كما قال تعالى: { فمن تعجل في يومين } ومعلوم أنه يتعجل في يوم وبعض آخر وتقول: لم أر فلانا يومين وإنما تريد يوما وبعض آخر قال: { كاملين } ليبين أنه لا يجوز أن ينقص منهما

وهذا بمنزلة قوله تعالى: { تلك عشرة كاملة } فإن لفظ العشرة يقع على تسعة وبعض العاشر فيقال: أقمت عشرة أيام وإن لم يكملها فقوله هناك { كاملة } بمنزلة قوله هنا { كاملين } وفي الصحيحين: عن النبي ﷺ أنه قال: [ الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا موفورا طيبة به نفسه أحد المتصدقين ] فالكامل الذي لم ينقص منه شيء إذ الكمال ضد النقصان وأما الموفر فقد قال: أجرهم موفرا يقال: الموفر للزائد ويقال: لم يكلم أي يجرح كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد عن وهب بن منبه: أن الله تعالى قال لموسى: وما ذاك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم تكلمه نطعة الهوى وكان هذا تغيير الصفة وذاك نقصان القدر

وذكر أبو الفرج هل هو عام في جميع الوالدات؟ أو يختص بالمطلقات؟ على قولين والخصوص قول سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك والسدي ومقاتل في آخرين والعموم قول أبي سليمان الدمشقي والقاضي أبي يعلى في آخرين

قال القاضي: ولهذا نقول: لها أن تؤجر نفسها لرضاع ولدها سواء كانت مع الزوج أو مطلقة

قلت: الآية حجة عليهم فإنها أوجبت للمرضعات رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا زيادة على ذلك وهو يقول: تؤجر نفسها بأجرة غير النفقة والآية لا تدل على هذا بل إذا كانت الآية عامة دلت على أنها ترضع ولدها مع انفاق الزوج عليها كما لو كانت حاملا فإنه ينفق عليها وتدخل نفقة الولد في نفقة الزوجية لأن الولد يتغذى بغذاء أمه وكذلك في حال الرضاع فإن نفقة الحمل هي نفقة المرتضع وعلى هذا فلا منافاة بين القولين فالذين خصوه بالمطلقات أوجبوا نفقة جديدة بسبب الرضاع كما ذكر في سورة الطلاق وهذا مختص بالمطلقة

وقوله تعالى: { حولين كاملين } قد علم أن مبدأ الحول من حين الولادة والكمال إلى نظير ذلك فإذا كان من عاشر المحرم كان الكمال في عاشر المحرم في مثل تلك الساعة فإن الحول المطلق هو إثنا عشر شهرا من الشهر الهلالي كما قال تعالى: { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله } وهكذا ما ذكره من العدة أربعة أشهر وعشرا أولها من حين الموت وآخرها إذا مضت عشر بعد نظيره فإذا كان في منتصف المحرم فآخرها خامس عشر المحرم وكذلك الأجل المسمى في البيوع وسائر ما يؤجل بالشرع وبالشرط

وللفقهاء هنا قولان آخران ضعيفان:

أحدهما: قول من يقول: إذا كان في أثناء الشهر كان جميع الشهور بالعدد فيكون الحولان ثلثمائة وستين وعلى هذا القول تزيد المدة اثني عشر يوما وهو غلط بين

والقول الثاني: قول من يقول: منها واحد بالعدد وسائرها بالأهلة وهذا أقرب لكن فيه غلط فإنه على هذا إذا كان المبدأ عاشر المحرم وقد نقص المحرم كان تمامه تاسعه فيكون التكميل أحد عشر فيكون المنتهي حادي عشر المحرم وهو غلط أيضا

وظاهر القرآن يدل على أن على الأم إرضاعه لأن قوله: { يرضعن } خبر في معنى الأمر وهي مسألة نزاع ولهذا تأولها من ذهب إلى القول الآخر قال القاضي أبو يعلى: وهذا الأمر انصرف إلى الآباء لأن عليهم الاسترضاع لا على الوالدات بدليل قوله: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن } وقوله: { فآتوهن أجورهن } فلو كان متحتما على الوالدة لم يكن عليه الأجرة

فيقال: بل القرآن دل على أن للأبن على الأم الفعل وعلى الأب النفقة ولو لم يوجد غيرها تعين عليها وهي تستحق الأجرة والأجنبية تستحق الأجرة ولو لم يوجد غيرها

وقوله تعالى: { لمن أراد أن يتم الرضاعة } دليل على أنه لا يجوز أن يريد إتمام الرضاع ويجوز الفطام قبل ذلك إذا كان مصلحة وقد بين ذلك بقوله تعالى: { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } وذلك يدل على أنه لا يفصل إلا برضى الأبوين فلو أراد أحدهما الاتمام والآخر الفصال قبل ذلك كان الأمر لمن أراد الاتمام لأنه قال تعالى: { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن }

وقوله تعالى: { يرضعن } صيغة خبر ومعناه الأمر والتقدير والوالدة مأمورة بإرضاعه حولين كاملين إذا أريد إتمام الرضاعة فإذا أرادت الاتمام كانت مأمورة بذلك وكان على الأب رزقها وكسوتها وإن أراد الأب الإتمام كان له ذلك فإنه لم يبح الفصال إلا بتراضيهما جميعا يدل على ذلك قوله تعالى: { لمن أراد أن يتم الرضاعة } ولفظة { من } إما أن يقال: هوعام يتناول هذا وهذا ويدخل فيه الذكر والأنثى فمن أراد الاتمام أرضعن له وإما أن يقال: قوله تعالى: { لمن أراد أن يتم الرضاعة } إنما هو المولود له وهو المرضع له فالأم تلد له وترضع له كما قال تعالى: { فإن أرضعن لكم } والأم كالأجير مع المستأجر فإن أراد الأب الاتمام أرضعن له وإن أراد أن لا يتم [ فله ذلك ] وعلى هذا التقدير فمنطوق الآية أمرهن بإرضاعه عند إرادة الأب ومفهومها أيضا جواز الفصل بتراضيعها يبقى إذا أرادت الأم دون الأب مسكوتا عنه لكن مفهوم قوله تعالى: { عن تراض } أنه لا يجوز كما ذكر ذلك مجاهد وغيره ولكن تناوله قوله تعالى: { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فإنها إذا أرضعت تمام الحول فله أرضعت وكفته بذلك مؤنة الطفل فلولا رضاعها لاحتاج إلى أن يطعمه شيئا آخر

ففي هذه الآية بين أن على الأم الاتمام إذا أراد الأب وفي تلك بين أن على الأب الأجر إذا أبت المرأة قال مجاهد: التشاور فيما دون الحولين: إن أرادت أن تفطم وأبى فليس لها وإن أراد هو ولم ترد فليس له ذلك حتى يقع ذلك على تراض منهما وتشاور يقول: غير مسيئين إلى أنفسهما ولا رضيعهما

وقوله تعالى: { إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف } قال إذا أسلمتم أيها الآباء إلى أمهات الأولاد أجر ما أرضعن قبل امتناعهن روي عن مجاهد والسدي وقيل: إذا أسلمتم إلى الظئر أجرها: بالمعروف روي عن سعيد بن جبير ومقاتل وقرأ ابن كثير: { آتيتم } بالقصر

وقوله تعالى: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ولم يقل: وعلى الوالد كما قال { والوالدات } لأن المرأة هي التي تلده وأما الأب فلم يلده بل هو مولود له لكن إذا قرن بينهما قيل: { وبالوالدين إحسانا } فأما مع الإفراد فليس في القرآن تسميته والدا بل أبا وفيه بيان أن الولد ولد للأب لا للأم ولهذا كان عليه نفقته حملا وأجرة رضاعه وهذا يوافق قوله تعالى: { يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور } فجعله موهوبا للأب وجعل بيته بيته في قوله: { ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم } وإذا كان الأب هو المنفق عليه جنينا ورضيعا والمرأة وعاء: فالولد زرع للأب قال تعالى: { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } فالمرأة هي الأرض المزروعة والزرع فيها للأب وقد [ نهى النبي ﷺ أن يسقي الرجل ماء زرع غيره ] يريد به النهي عن وطء الحبالى فإن ماء الواطئ يزيد في الحمل كما يزيد الماء في الزرع وفي الحديث الآخر الصحيح: [ لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يستعبده وهو لا يحل له؟ ]

وإذا كان الولد للأب وهو زرعه كان هذا مطابقا لقوله ﷺ: [ أنت ومالك لأبيك ] وقوله ﷺ: [ ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ]

فقد حصل الولد من كسبه كما دلت عليه هذه الآية فإن الزرع الذي في الأرض كسب المزدرع له الذي بذره وسقاه وأعطى أجرة الأرض فإن الرجل أعطى المرأة مهرها وهو أجر الوطء كما قال تعالى: { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن } وهو مطابق لقوله تعالى: { ما أغنى عنه ماله وما كسب } وقد فسر { ما كسب } بالولد فالأم هي الحرث وهي الأرض التي فيها زرع والأب استأجرها بالمهر كما يستأجر الأرض وأنفق على الزرع بإنفاقه لما كانت حاملا ثم أنفق على الرضيع كما ينفق المستأجر على الزرع والثمر إذا كان مستورا وإذا برز فالزرع هو الولد وهو من كسبه

وهذا يدل على أن للأب أن يأخذ من ماله ما لا يضر به كما جاءت به السنة وإن ماله للأب مباح وإن كان ملكا للابن فهو مباح للأب أن يملكه وإلا بقي للابن فإذا مات ولم يتملكه ورث عن الابن وللأب أيضا أن يستخدم الولد ما لم يضر به وفي هذا وجوب طاعة الأب على الابن إذا كان العمل مباحا لا يضر بالابن فإنه لو استخدم عبده في معصية أو اعتدى عليه لم يجز فالابن أولى ونفع الابن له إذا لم يأخذه الأب بخلاف نفع المملوك فإنه لمالكه كما أن ماله لو مات لمالكه لا لوارثه

ودل ما ذكره على أنه لا يجوز للرجل أن يطأ حاملا من غيره وأنه إذا وطئها كان كسقي الزرع يزيد فيه وينميه ويبقى له شركة في الولد فيحرم عليه استعباد هذا الولد فلو ملك أمة حاملا من غيره ووطئها حرم استعباد هذا الولد لأنه سقاه ولقوله ﷺ: [ كيف يستعبده وهو لا يحل له وكيف يورثه أي يجعله موروثا منه وهو لا يحل له ] ومن ظن أن المراد: كيف يجعله وارثا فقد غلط لأن تلك المرأة كانت أمة للواطئ والعبد لا يجعل وارثا إنما يجعل موروثا فأما إذا استبرئت المرأة علم أنه لا زرع هناك ولو كانت بكرا أو عند من لا يطؤها ففيه نزاع والأظهر جواز الوطء لأنه لا زرع هناك وظهور براءة الرحم هنا أقوى من براءتها من الاستبراء بحيضة فإن الحامل قد يخرج منها من الدم مثل دم الحيض وإن كان نادرا وقد تنازع العلماء هل هو حيض أو لا؟ فالاستبراء ليس دليلا قاطعا على براءة الرحم بل دليل ظاهر والبكارة وكونها كانت مملوكة لصبي أو امرأة أدل على البراءة وإن كان البائع صادقا وأخبره أنه استبرأها حصل المقصود واستبراء الصغيرة التي لم تحض والعجوز والآيسة في غاية البعد

ولهذا اضطرب القائلون هل تستبرأ بشهر؟ أو شهر ونصف؟ أو شهرين؟ أو ثلاثة أشهر؟ وكلها أقوال ضعيفة وابن عمر رضي الله عنهما لم يكن يستبرئ البكر ولا يعرف له مخالف من الصحابة والنبي ﷺ لم يأمر بالاستبراء إلا في المسبيات كما قال في سبايا أوطاس: [ لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تستبرأ بحيضة ] لم يأمر كل من ورث أمة أو اشتراها أن يستبرئها مع وجود ذلك في زمته

فعلم أنه أمر بالاستبراء عند الجهل بالحال لأمكان أن تكون حاملا وكذلك من ملكت وكان سيدها يطؤها ولم يستبرئها لكن النبي ﷺ لم يذكر مثل هذا إذ لم يكن المسلمون يفعلون مثل هذا لا يرضى لنفسه أحد أن يبيع أمته الحامل منه بل لا يبيعها إذا وطئها حتى يستبرئها فلا يحتاج المشتري إلى استبراء ثان

ولهذا لم ينه عن وطء الحبالى من [ السادات ] إذا ملكت ببيع أو هبة لأن هذا لم يكن يقع بل هذه دخلت في نهيه ﷺ: [ أن يسقي الرجل ماءه زرع غيره ]

وقوله تعالى: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } وقال تعالى في تلك الآية: { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } يدل على أن هذا الأجر هو رزقهن وكسوتهن بالمعروف إذا لم يكن بينهما مسمى ترجعان إليه وأجرة المثل إنما تقدر بالمسمى إذا كان هناك مسمى يرجعان إليه كما في البيع والإجارة لما كان السلعة هي أو مثلها بثمن مسمى وجب ثمن المثل إذا أخذت بغير اختياره وكما قال النبي ﷺ: [ من أعتق شركا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد ] فهناك أقيم العبد لأنه ومثله يباع في السوق فتعرف القيمة التي هي السعر في ذلك الوقت وكذلك الأجير والصانع كما نهى النبي ﷺ في الحديث الصحيح لعلي: [ أن يعطي الجازر من البدن شيئا وقال: نحن نعطيه من عندنا ] فإن الذبح وقسمة اللحم على المهدي فعليه أجرة الجازر الذي فعل ذلك وهو يستحق نظير ما يستحقه مثله إذا عمل ذلك لأن الجزارة معروفة ولها عادة معروفة وكذلك سائر الصناعات: كالحياكة والخياطة والبناء وقد كان من الناس من يخيط بالأجرة على عهده فيستحق هذا الخياط ما يستحقه نظراؤه وكذلك أجير الخدمة يستحق ما يستحقه نظيره لأن ذلك عادة معروفة عند الناس

وأما الأم المرضعة فهي نظير سائر الأمهات المرضعات بعد الطلاق وليس لهن عادة مقدرة إلا اعتبار حال الرضاع بما ذكر وهي إذا كانت حاملا منه وهي مطلقة استحقت نفقتها وكسوتها بالمعروف وهي في الحقيقة نفقة على الحمل وهذا أظهر قولي العلماء كما قال تعالى: { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن }

وللعلماء هنا ثلاثة أقوال:

أحدها: أن هذه النفقة نفقة زوجة معتدة ولا فرق بين أن تكون حاملا أو حائلا وهذا قول من يوجب النفقة للبائن كما يوجبها للرجعية كقول طائفة من السلف والخلف وهو مذهب أبي حنيفة وغيره ويروى عن عمر وابن مسعود ولكن على هذا القول ليس لكونها حاملا تأثير فإنهم ينفقون عليها حتى تنقضي العدة سواء كانت حاملا أو حائلا

القول الثاني: أنه ينفق عليها نفقة زوجة لأجل الحمل كأحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد وهذا قول متناقض فإنه إن كان نفقة زوجة فقد وجب لكونها زوجة لا لأجل الولد وإن كان لأجل الولد فنفقة الولد تجب مع غير الزوجة كما يجب عليه أن ينفق على سريته الحامل إذا أعتقها وهؤلاء يقولون: هل وجبت النفقة للحمل؟ أو لها من أجل الحمل؟ على قولين فإن أرادوا لها من أجل الحمل أي لهذه الحامل من أجل حملها فلا فرق وإن أرادوا - وهو مرادهم - أنه يجب لها نفقة زوجة من أجل الحمل: فهذا تناقض فإن نفقة الزوجة تجب وإن لم يكن حمل ونفقة الحمل تجب وإن لم تكن زوجة

والقول الثالث: وهو الصحيح: أن النفقة تجب للحمل ولها من أجل الحمل لكونها حاملا بولده فهي نفقة عليه لكونه أباه لا عليها لكونها زوجة وهذا قول مالك وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد والقرآن يدل على هذا فإنه قال تعالى: { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } ثم قال تعالى: { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وقال هنا: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } فجعل أجر الارضاع على من وجبت عليه نفقة الحامل ومعلوم أن أجر الارضاع يجب على الأب لكونه أبا فكذلك نفقة الحامل ولأن نفقة الحامل ورزقها وكسوتها بالمعروف وقد جعل أجر المرضعة كذلك ولأنه قال: { وعلى الوارث مثل ذلك } أي وارث الطفل فأوجب عليه ما يجب على الأب وهذا كله يبين أن نفقة الحمل والرضاع من باب نفقة الأب على ابنه لا من باب نفقة الزوج على زوجته

وعلى هذا فلو لم تكن زوجة بل كانت حاملا بوطء شبهة يلحقه نسبه أو كانت حاملا منه وقد أعتقها وجب عليه نفقة الحمل كما يجب عليه نفقة الارضاع ولو كان الحمل لغيره كمن وطئ أمة غيره بنكاح أو شبهة أو إرث فالولد هنا لسيد الأمة فليس على الواطئ شيء وإن كان زوجا ولو تزوج عبد حرة فحملت منه فالنسب ههنا لاحق لكن الولد حر والولد الحر لا تجب نفقته على أبيه العبد ولا أجرة رضاعه فإن العبد ليس له مال ينفق منه على ولده وسيده لا حق له في ولده فإن ولده: إما حر وإما مملوك لسيد الأمة نعم لو كانت الحامل أمة والولد حر مثل المغرور الذي اشترى أمة فظهر أنها مستحقة لغير البائع أو تزوج حرة فظهر أنها أمة فهنا الولد حر وإن كانت أمة مملوكة لغير الواطئ لأنه إنما وطئ من يعتقدها مملوكة له أو زوجة حرة وبهذا قضت الصحابة لسيد الأمة بشراء الولد وهو [ نظيره ] فهنا الآن ينفق على الحامل كما ينفق على المرضعة له والله سبحانه وتعالى أعلم

27 - 646 - مسألة: في المرأة والرجل إذا تحاكما في النفقة والكسوة هل القول قولها؟ أم قول الرجل؟ وهل للحاكم تقدير النفقة والكسوة بشيء معين؟ والمسؤول بيان حكم هاتين المسألتين بدلائلهما

فأجاب: الحمد لله إذا كانت المرأة مقيمة في بيت زوجها مدة تأكل وتشرب وتكتسي كما جرت به العادة ثم تنازع الزوجان في ذلك فقالت هي: أنت ما أنفقت علي ولا كسوتني بل حصل ذلك من غيرك وقال هو: بل النفقة والكسوة كانت مني ففيها قولان للعلماء

أحدهما: القول قوله وهذا هو الصحيح الذي عليه الأكثرون ونظير هذا أن يصدقها تعلم صناعة وتتعلمها ثم يتنازعا فيمن علمها فيقول هو: أنا علمتها وتقول هي: أنا تعلمتها من غيره ففيها وجهان في مذهب الشافعي وأحمد والصحيح من هذا كله أن القول قول من يشهد له العرف والعادة وهو مذهب مالك وأبو حنيفة يوافق على أنها لا تستحق عليه شيئا لأن النفقة تسقط بمضي الزمان عنده كنفقة الأقارب وهو قول في مذهب أحمد وأصحاب هذا القول يقولون: وجبت على طريقة الصلة فتسقط بمضي الزمان والجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه يقولون وجبت بطريق المعاوضة فلا تسقط بمضي الزمان

ولكن إذا تنازعا في قبضها فقال بعض أصحاب الشافعي وأحمد: القول قول المرأة لأن الأصل عدم المقبوض كما لو تنازعا في قبض الصداق والصواب أنه يرجع في ذلك إلى العرف والعادة فإذا كانت العادة أن الرجل ينفق على المرأة في بيته ويكسوها وادعت أنه لم يفعل ذلك فالقول قوله مع يمينه وهذا القول هو الصواب الذي لا يسوغ غيره لأوجه

أحدها أن الصحابة والتابعين على عهد رسول الله ﷺ وخلفائه الراشدين لم يعلم منهم امرأة قبل قولها في ذلك ولو كان قول المرأة مقبولا في ذلك لكانت الهمم متوفرة على دعوى النساء وذلك كما هو الواقع فعلم أنه كان مستقرا بينهم أنه لا يقبل قولها

الثاني أنه لو كان القول قولها لم يقبل قول الرجل إلا ببينة فكان يحتاج إلى الاشهاد عليها كلما أطعمها وكساها وكان تركه ذلك تفريطا منه إذا ترك الاشهاد على الدين المؤجل ومعلوم أن هذا لم يفعله مسلم على عهد السلف

الثالث أن الاشهاد في هذا متعذر أو متعسر فلا يحتاج إليه كالاشهاد على الوطء فإنهما لو تنازعا في الوطء وهي ثيب لم يقبل مجرد قولها في عدم الوطء عند الجمهور مع أن الأصل عدمه بل إما أن يكون القول [ قول ] الرجل أو يؤمر بإخراج المني أو يجامعها في مكان وقريب منهما من يعلم ذلك بعد انقضاء الوطء على ما للعلماء في ذلك من النزاع فهنا دعواها وافقت الأصل ولم تقبل لتعذر إقامة البينة على ذلك والانفاق في البيوت بهذه المثابة ولا يكلف الناس الاشهاد على إعطاء النفقة فإن هذا بدعة في الدين وحرج على المسلمين واتباع لغير سبيل المؤمنين

الرابع أن العلماء متنازعون: هل يجب تمليك النفقة؟ على قولين: والأظهر أنه لا يجب ولا يجب أن يفرض لها شيئا بل يطعمها ويكسوهما بالمعروف وهذا القول هو الذي دلت عليه سنة رسول الله ﷺ حيث قال في النساء: [ لهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف ] كما في المملوك [ وكسوته بالمعروف ] وقال: [ حقها أن تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ] كما قال في المماليك: [ إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ] هذه عادة المسلمين على عهد رسول الله ﷺ وخلفائه لا يعلم قط أن رجلا فرض لزوجته نفقة بل يطعمها ويكسوها

وإذا كان كذلك كان له ولاية الانفاق عليها كما له ولاية الانفاق على رقيقه وبهائمه وقد قال الله تعالى: { الرجال قوامون على النساء } وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ قوله: { وألفيا سيدها لدى الباب } وقال عمر بن الخطاب: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ويدل على ذلك قول النبي ﷺ: [ اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم وإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ] فقد أخبر أن المرأة عانية عند الرجل والعاني الأسير وأن الرجل أخذها بأمانة الله فهو مؤتمن عليها ولهذا أباح الله للرجل بنص القرآن أن يضربها وإنما يؤدب غيره من له عليه ولاية فإذا كان الزوج مؤتمنا عليها وله عليها ولاية: كان القول قوله فيما اؤتمن عليه وولي عليه كما يقبل قول الولي في الانفاق على اليتيم وكما يقبل قول الوكيل والشريك والمضارب والمساقي والمزارع فيما أنفقه على مال الشركة وإن كان في ذلك معنى المعاوضة وعقد النكاح من جنس المشاركة والمعاوضة والرجل مؤتمن فيه فقبول قوله في ذلك أولى من قبول قول أحد الشريكين

وكذلك لو أخذت المرأة نفقتها من ماله بالمعروف وادعت أنه لم يعطها نفقة: قبل قولها مع يمينها في هذه الصورة لأن الشارع سلطها على ذلك كما قال النبي ﷺ لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف لما قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي فقال: [ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ]

وكذلك لو كان الزوج مسافرا عنها مدة وهي مقيمة في بيت أبيها وادعت أنه لم يترك لها نفقة ولا أرسل إليها بنفقة: فالقول قولها مع يمينها وأمثال ذلك فلا بد من التفصيل في الماضي مطلقا في هذا الباب

وهذه المعاني من تدبرها تبين له سر هذه المسألة فإن قبول قول النساء في عدم النفقة في الماضي فيه من الضرر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد وهو يؤول إلى أن المرأة تقيم مع الزوج خمسين سنة ثم تدعي نفقة خمسين سنة وكسوتها وتدعي أن زوجها مع يساره وفقرها لم يطعمها في هذه المدة شيئا وهذا مما يتبين الناس كذبها فيه قطعا وشريعة الإسلام منزهة عن أن يحكم فيها بالكذب والبهتان والظلم والعدوان

الوجه الخامس أن الأصل المستقر في الشريعة أن اليمين مشروعة في جنبة أقوى المتداعيين سواء ترجح ذلك بالبراءة الأصلية أو اليد الحسية أو العادة العملية ولهذا إذا ترجح جانب المدعي كانت اليمين مشروعة في حقه عند الجمهور كمالك والشافعي وأحمد كالأيمان في القسامة وكما لو أقام شاهدا عدلا في الأموال فإنه يحكم له بشاهد ويمين والنبي ﷺ جعل البينة على المدعى عليه إذا لم يكن مع المدعي حجة ترجح جانبه ولهذا قال جمهور العلماء في الزوجين إذا تنازعا في متاع البيت فإنه يحكم لكل منهما بما جرت العادة باستعماله إياه فيحكم للمرأة بمتاع النساء وللرجل بمتاع الرجال وإن كانت اليد الحسية منهما ثابتة على هذا وهذا لأنه يعلم بالعادة أن كلا منهما يتصرف في متاع جنسه وهنا العادة جارية بأن الرجل ينفق على امرأته ويكسوها فإن لم يعلم لها جهة تنفق منها على نفسها أجري الأمر على العادة

الوجه السادس أن هذه المرأة لا بد أن تكون أكلت واكتست في الزمان الماضي وذلك إما أن يكون من الزوج وإما أن يكون من غيره والأصل عدم غيره فيكون منه كما قلنا في أصح الوجهين: إن القول قوله في أنه علمها الصناعة والقراءة التي أصدقها تعليمها لأن الحكم الحادث يضاف إلى السبب المعلوم كما لو سقط في الماء نجاسة فرئي متغيرا بعد ذلك وشك هل تغير بالنجاسة أو غيرها؟ فأصح الوجهين أنه يضاف التغير إلى النجاسة ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ أفتى عدي بن حاتم فيما إذا رمى الصيد وغاب عنه ولم يجد فيه أثرا غير سهمه أنه يأكله لأن الأصل عدم سبب آخر زهقت به نفسه بخلاف ما إذا تردى في ماء أو خالط كلبه كلاب أخرى فإن تلك لأسباب شاركت في الزهوق وبسط هذه المسائل له موضع آخر غير هذا

فصل

وأما تقدير الحاكم النفقة والكسوة فهذا يكون عند التنازع فيها كما يقدر مهر المثل إذا تنازعا فيه وكما يقدر مقدار الوطء إذا ادعت المرأة أنه يضربها فإن الحقوق التي لا يعلم مقدارها إلا بالمعروف متى تنازع فيها الخصمان قدرها ولي الأمر وأما الرجل إذا كان ينفق على امرأته بالمعروف كما جرت عادة مثله لمثلها: فهذا يكفي ولا يحتاج إلى تقدير الحاكم ولو طلبت المرأة أن يفرض لها نفقة يسلمها إليها مع العلم بأنه ينفق عليها بالمعروف فالصحيح من قولي العلماء في هذه الصورة أنه لا يفرض لها نفقة ولا يجب تمليكها ذلك كما تقدم فإن هذا هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار المبني على العدل والصواب المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف وليست مقدرة بالشرع بل تختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة وحال الزوجين وعادتهما فإن الله تعالى قال: { وعاشروهن بالمعروف } وقال النبي ﷺ: [ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] وقال: [ لهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف ]

=============

وفي الادب المفرد للبخاري

باب جزاء الوالدين

10 - حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبي ﷺ قال لا يجزى ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه [10]

11 - حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا سعيد بن أبى بردة قال سمعت أبى يحدث أنه شهد بن عمر رجلا يمانيا يطوف بالبيت حمل أمه وراء ظهره يقول إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر ثم قال يا بن عمر أترانى جزيتها قال لا ولا بزفرة واحدة ثم طاف بن عمر فأتى المقام فصلى ركعتين ثم قال يا بن أبى موسى إن كل ركعتين تكفران ما أمامهما [11]

12 - حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن أبى حازم عن أبى مرة مولى عقيل أن أبا هريرة كان يستخلفه مروان وكان يكون بذي الحليفة فكانت أمه في بيت وهو في آخر قال فإذا أراد أن يخرج وقف على بابها فقال السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته فيقول رحمك الله كما ربيتنى صغيرا فتقول رحمك الله كما بررتنى كبيرا ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثله [12]

13 - حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى النبي ﷺ يبايعه على الهجرة وترك أبويه يبكيان فقال ارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما [13]

14 - حدثنا عبد الرحمن بن شيبة قال أخبرني بن أبى الفديك قال حدثني موسى عن أبى حازم أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه ركب مع أبى هريرة إلى أرضه بالعقيق فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمتاه تقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يقول رحمك الله كما ربيتنى صغيرا فتقول يا بني وأنت فجزاك الله خيرا ورضى عنك كما بررتنى كبيرا قال موسى كان اسم أبى هريرة عبد الله بن عمرو [14]

باب عقوق الوالدين

15 - حدثنا مسدد قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا الجريري عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه قال قال رسول الله ﷺ ألا أنبئكم باكبر الكبائر ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئا ألا وقول الزور ما زال يكررها حتى قلت ليته سكت [15]

16 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة قال كتب معاوية إلى المغيرة اكتب إلى بما سمعت من رسول الله ﷺ قال وراد فأملى على وكتبت بيدي إني سمعته ينهى عن كثرة السؤال وإضاعة المال وعن قيل وقال [16]

باب لعن الله من لعن والديه

17 - حدثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا شعبة عن القاسم بن أبى بزة عن أبى الطفيل قال سئل على هل خصكم النبي ﷺ بشيء لم يخص به الناس كافة قال ما خصنا رسول الله ﷺ بشيء لم يخص به الناس إلا ما في قراب سيفى ثم أخرج صحيفة فإذا فيها مكتوب لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من سرق منار الأرض لعن الله من لعن والديه لعن الله من آوى محدثا [17]

باب يبر والديه ما لم يكن معصية

18 - حدثنا محمد بن عبد العزيز قال حدثنا عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبى بكرة البصري لقيته بالرملة قال حدثني راشد أبو محمد عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال أوصانى رسول الله ﷺ بتسع لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدا ومن تركها متعمدا برئت منه الذمة ولا تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما ولا تنازعن ولاة الأمر وإن رأيت أنك أنت ولا تفرر من الزحف وإن هلكت وفر أصحابك وأنفق من طولك على أهلك ولا ترفع عصاك على أهلك وأخفهم في الله عز وجل [18]

19 - حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان قال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما [19]

20 - حدثنا على بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن حبيب بن أبى ثابت قال سمعت أبا العباس الأعمى عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى النبي ﷺ يريد الجهاد فقال أحى والداك قال نعم فقال ففيهما فجاهد [20]

باب من أدرك والديه فلم يدخل الجنة

21 - حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبى هريرة عن النبي ﷺ قال رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قالوا يا رسول الله من قال من أدرك والديه عنده الكبر أو أحدهما فدخل النار [21]

باب من بر والديه زاد الله في عمره

22 - حدثنا اصبغ بن الفرج قال أخبرني بن وهب عن يحيى بن أيوب عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه قال قال النبي ﷺ من بر والديه طوبى له زاد الله عز وجل في عمره [22]

باب لا يستغفر لأبيه المشرك

23 - حدثنا إسحاق قال أخبرنا على بن حسين قال حدثني أبى عن يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس في قوله عز وجل إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف إلى قوله كما ربياني صغيرا فنسختها الآية التي في براءة ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم [23]

باب بر الوالد المشرك

24 - حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا إسرائيل قال حدثنا سماك عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبى وقاص قال نزلت في أربع آيات من كتاب الله تعالى كانت أمى حلفت أن لا تأكل ولا تشرب حتى أفارق محمدا ﷺ فأنزل الله عز وجل وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا والثانية إني كنت أخذت سيفا أعجبنى فقلت يا رسول الله هب لي هذا فنزلت يسألونك عن الأنفال والثالثة إني مرضت فأتاني رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله إني أريد أن أقسم مالي أفأوصى بالنصف فقال لا فقلت الثلث فسكت فكان الثلث بعده جائزا والرابعة إني شربت الخمر مع قوم من الأنصار فضرب رجل منهم أنفى بلحيى جمل فأتيت النبي ﷺ فأنزل الله عز وجل تحريم الخمر [24]

25 - حدثنا الحميدي قال حدثنا بن عيينة قال حدثنا هشام بن عروة قال أخبرني أبى قال أخبرتنى أسماء بنت أبى بكر قالت أتتني أمي راغبة في عهد النبي ﷺ فسألت النبي ﷺ أفأصلها قال نعم قال بن عيينة فأنزل الله عز وجل فيها لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين [25]

26 - حدثنا موسى قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار قال سمعت بن عمر يقول رأى عمر رضي الله عنه حلة سيراء تباع فقال يا رسول الله ابتع هذه فالبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفود قال إنما يلبس هذه من لا خلاق له فأتى النبي ﷺ منها بحلل فأرسل إلى عمر بحلة فقال كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت قال إني لم أعطكها لتلبسها ولكن تبيعها أو تكسوها فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم [26]

باب لا يسب والديه

27 - حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان قال حدثني سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال قال النبي ﷺ من الكبائر أن يشتم الرجل والديه فقالوا كيف يشتم قال يشتم الرجل فيشتم أباه وأمه [27]

28 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا مخلد قال أخبرنا بن جريج قال سمعت محمد بن الحارث بن سفيان يزعم أن عروة بن عياض أخبره أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول من الكبائر عند الله تعالى أن يستسب الرجل لوالده [28]

باب عقوبة عقوق الوالدين

29 - حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى بكرة عن النبي ﷺ قال ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة مع ما يدخر له من البغى وقطيعة الرحم [29]

30 - حدثنا الحسن بن بشر قال حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين قال قال رسول الله ﷺ ما تقولون في الزنى وشرب الخمر والسرقة قلنا الله ورسوله أعلم قال هن الفواحش وفيهن العقوبة ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الشرك بالله عز وجل وعقوق الوالدين وكان متكئا فاحتفز قال والزور [30]

باب بكاء الوالدين

31 - حدثنا موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن زياد بن مخراق عن طيسلة أنه سمع بن عمر يقول بكاء الوالدين من العقوق والكبائر [31]

باب دعوة الوالدين

32 - حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى هو بن أبي كثير عن أبى جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول قال النبي ﷺ ثلاث دعوات مستجابات لهن لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالدين على ولدهما [32]

33 - حدثنا عياش بن الوليد قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن شرحبيل أخى بنى عبد الدار عن أبى هريرة قال سمعت رسول الله ﷺ يقول ما تكلم مولود من الناس في مهد الا عيسى بن مريم ﷺ وصاحب جريج قيل يا نبي الله وما صاحب جريج قال فإن جريجا كان رجلا راهبا في صومعة له وكان راعى بقر يأوي إلى أسفل صومعته وكانت امرأة من أهل القرية تختلف إلى الراعى فأتت أمه يوما فقالت يا جريج وهو يصلى فقال في نفسه وهو يصلى أمى وصلاتى فرأى أن يؤثر صلاته ثم صرخت به الثانية فقال في نفسه أمى وصلاتى فرأى أن يؤثر صلاته ثم صرخت به الثالثة فقال أمى وصلاتى فرأى أن يؤثر صلاته فلما لم يجبها قالت لا أماتك الله يا جريج حتى تنظر في وجه المومسات ثم انصرفت فأتى الملك بتلك المرأة ولدت فقال ممن قالت من جريج قال أصاحب الصومعة قالت نعم قال اهدموا صومعته وأتوني به فضربوا صومعته بالفئوس حتى وقعت فجعلوا يده إلى عنقه بحبل ثم انطلق به فمر به على المومسات فرآهن فتبسم وهن ينظرن إليه في الناس فقال الملك ما تزعم هذه قال ما تزعم قال تزعم أن ولدها منك قال أنت تزعمين قالت نعم قال أين هذا الصغير قالوا هو ذا في حجرها فأقبل عليه فقال من أبوك قال راعي البقر قال الملك أنجعل صومعتك من ذهب قال لا قال من فضة قال لا قال فما نجعلها قال ردوها كما كانت قال فما الذي تبسمت قال أمرا عرفته أدركتنى دعوة أمى ثم أخبرهم [33]

باب عرض الإسلام على الأم النصرانية

34 - حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو كثير السحيمي قال سمعت أبا هريرة يقول ما سمع بي أحد يهودي ولا نصرانى الا أحبنى إن امى كنت أريدها على الإسلام فتأبى فقلت لها فأبت فأتيت النبي ﷺ فقلت ادع الله لها فدعا فأتيتها وقد أجافت عليها الباب فقالت يا أبا هريرة إني أسلمت فأخبرت النبي ﷺ فقلت ادع الله لي ولأمى فقال اللهم عبدك أبو هريرة وأمه أحبهما إلى الناس 19 باب بر الوالدين بعد موتهما [34]

35 - حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال أخبرني أسيد بن على بن عبيد عن أبيه أنه سمع أبا اسيد يحدث القوم قال كنا عند النبي ﷺ فقال رجل يا رسول الله هل بقى من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما قال نعم خصال أربع الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك الا من قبلهما [35]

36 - حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا أبو بكر عن عاصم عن أبى صالح عن أبى هريرة قال ترفع للميت بعد موته درجته فيقول أي رب أي شيء هذه فيقال ولدك استغفر لك [36]

37 - حدثنا موسى قال حدثنا سلام بن أبي مطيع عن غالب قال قال محمد بن سيرين كنا عند أبى هريرة ليلة فقال اللهم اغفر لأبى هريرة ولأمى ولمن استغفر لهما قال محمد فنحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبى هريرة [37]

38 - حدثنا أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرنا العلاء عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال إذا مات العبد انقطع عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له [38]

39 - حدثنا يسرة بن صفوان قال حدثنا محمد بن مسلم عن عمرو عن عكرمة عن بن عباس أن رجلا قال يا رسول الله إن أمى توفيت ولم توص أفينفعها أن أتصدق عنها قال نعم [39]

باب بر من كان يصله أبوه

40 - حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر مر أعرابى في سفر فكان أبو الأعرابي صديقا لعمر رضي الله عنه فقال الأعرابي ألست بن فلان قال بلى فأمر له بن عمر بحمار كان يستعقب ونزع عمامته عن رأسه فأعطاه فقال بعض من معه أما يكفيه درهمان فقال قال النبي ﷺ احفظ ود أبيك لا تقطعه فيطفىء الله نورك [40]

41 - حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا حيوة قال حدثني أبو عثمان الوليد بن أبى الوليد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر عن رسول الله ﷺ قال إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه [41]

باب لا تقطع من كان يصل أباك فيطفأ نورك

42 - أخبرنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عبد الله بن لاحق قال أخبرني سعد بن عبادة الزرقي أن أباه قال كنت جالسا في مسجد المدينة مع عمرو بن عثمان فمر بنا عبد الله بن سلام متكئا على بن أخيه فنفذ عن المجلس ثم عطف عليه فرجع عليهم فقال ما شئت عمرو بن عثمان مرتين أو ثلاثا فوالذى بعث محمدا ﷺ بالحق إنه لفى كتاب الله عز وجل مرتين لا تقطع من كان يصل أباك فيطفأ بذلك نورك [42]

باب الود يتوارث

43 - حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن فلان بن طلحة عن أبى بكر بن حزم عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال كفيتك أن رسول الله ﷺ قال إن الود يتوارث [43]

باب لا يسمى الرجل أباه ولا يجلس قبله ولا يمشى أمامه

44 - حدثنا أبو الربيع عن إسماعيل بن زكريا قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أو غيره أن أبا هريرة أبصر رجلين فقال لأحدهما ما هذا منك فقال أبى فقال لا تسمه باسمه ولا تمش أمامه ولا تجلس قبله [44]

باب هل يكنى أباه

45 - حدثنا عبد الرحمن بن شيبة قال أخبرني يونس بن يحيى بن نباته عن عبيد الله بن موهب عن شهر بن حوشب قال خرجنا مع بن عمر فقال له سالم الصلاة يا أبا عبد الرحمن [45]

46 - قال أبو عبد الله يعنى البخاري حدثنا أصحابنا عن وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال لكن أبو حفص عمر قضى [46]

باب وجوب وصلة الرحم

47 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا ضمضم بن عمرو الحنفي قال حدثنا كليب بن منفعة قال قال جدي يا رسول الله من أبر قال أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم موصولة [47]

48 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبى هريرة قال لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين قام النبي ﷺ فنادى يا بني كعب بن لؤي انقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك من الله شيئا غير أن لكم رحما سابلها ببلالها [48]

باب صلة الرحم

49 - حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب قال سمعت موسى بن طلحة يذكر عن أبى أيوب الأنصاري أن أعرابيا عرض للنبي ﷺ في مسيرة فقال أخبرني ما يقربنى من الجنة ويباعدني من النار قال تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم [49]

50 - حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال حدثني سليمان بن بلال عن معاوية بن أبى مزرد عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال خلق الله عز وجل الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال ألا ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فذلك لك ثم قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم [50]

51 - حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان عن أبى سعد عن محمد بن أبى موسى عن بن عباس قال وآت ذا القربى حقه والمسكين وبن السبيل الآية قال بدأ فأمره بأوجب الحقوق ودله على أفضل الأعمال إذا كان عنده شيء فقال وآت ذا القربى حقه والمسكين وبن السبيل وعلمه إذا لم يكن عنده شيء كيف يقول فقال وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا عدة حسنة كأنه قد كان ولعله أن يكون إن شاء الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك لا تعطى شيئا ولا تبسطها كل البسط تعطى ما عندك فتقعد ملوما يلومك من يأتيك بعد ولا يجد عندك شيئا محسورا قال قد حسرك من قد أعطيته [51]

باب فضل صلة الرحم

52 - حدثنا محمد بن عبيد الله قال حدثنا بن أبى حازم عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة قال اتى رجل النبي ﷺ فقال يا رسول الله ان لي قرابة أصلهم ويقطعون وأحسن إليهم ويسيئون إلى ويجهلون على وأحلم عنهم قال لئن كان كما تقول كأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك [52]

53 - حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال حدثني أخى عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبى عتيق عن بن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن أن أبا الرداد الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله ﷺ يقول قال الله عز وجل أنا الرحمن وانا خلقت الرحم واشتققت لها من اسمى فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته [53]

54 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبى العنبس قال دخلت على عبد الله بن عمرو في الوهط يعنى أرضا له بالطائف فقال عطف لنا النبي ﷺ إصبعه فقال الرحم شجنة من الرحمن من يصلها يصله ومن يقطعها يقطعه لها لسان طلق ذلق يوم القيامة [54]

55 - حدثنا إسماعيل قال حدثني سليمان عن معاوية بن أبى مزرد عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال الرحم شجنة من الله من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله [55]

باب صلة الرحم تزيد في العمر

56 - حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن بن شهاب قال أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه [56]

57 - حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن معن قال حدثني أبى عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبى هريرة قال سمعت رسول الله ﷺ يقول من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه [57]

باب من وصل رحمه أحبه الله

58 - حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن أبى إسحاق عن مغراء عن بن عمر قال من اتقى ربه ووصل رحمه نسىء في أجله وثرى ماله وأحبه أهله [58]

59 - حدثنا أبو نعيم قال حدثنا يونس بن أبى إسحاق قال حدثني مغراء أبو مخارق هو العبدي قال بن عمر من اتقى ربه ووصل رحمه أنسىء له في عمره وثرى ماله وأحبه أهله [59]

باب بر الأقرب فالأقرب

60 - حدثنا حيوة بن شريح قال حدثنا بقية عن بحير عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدى كرب أنه سمع رسول الله ﷺ يقول إن الله يوصيكم بامهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب [60]

61 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا الخزرج بن عثمان أبو الخطاب السعدي قال أخبرني أبو أيوب سليمان مولى عثمان بن عفان قال جاءنا أبو هريرة عشية الخميس ليلة الجمعة فقال احرج على كل قاطع رحم لما قام من عندنا فلم يقم أحد حتى قال ثلاثا فأتى فتى عمة له قد صرمها منذ سنتين فدخل عليها فقالت له يا بن أخي ما جاء بك قال سمعت أبا هريرة يقول كذا وكذا قالت ارجع إليه فسله لم قال ذاك قال سمعت النبي ﷺ يقول إن أعمال بنى آدم تعرض على الله تبارك وتعالى عشية كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم [61]

62 - حدثنا محمد بن عمران بن أبى ليلى قال حدثنا أيوب بن جابر الحنفي عن آدم بن على عن بن عمر ما أنفق الرجل على نفسه وأهله يحتسبها إلا آجره الله تعالى فيها وابدأ بمن تعول فإن كان فضلا فالأقرب الأقرب وان كان فضلا فناول [62]

باب لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم

63 - حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا سليمان أبو إدام قال سمعت عبد الله بن أبى أوفى يقول عن النبي ﷺ قال إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم [63]

باب إثم قاطع الرحم

64 - حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن بن شهاب أخبرني محمد بن جبير بن مطعم أن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع رسول الله ﷺ يقول لا يدخل الجنة قاطع رحم [64]

65 - حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة قال أخبرني محمد بن عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله ﷺ قال إن الرحم شجنة من الرحمن تقول يا رب إني ظلمت يا رب إني قطعت يا رب إني إني فيجيبها ألا ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك [65]

66 - حدثنا آدم بن أبى إياس قال حدثنا بن أبى ذئب قال حدثنا سعيد بن سمعان قال سمعت أبا هريرة يتعوذ من إمارة الصبيان والسفهاء فقال سعيد بن سمعان فاخبرني بن حسنة الجهني أنه قال لأبى هريرة ما آية ذلك قال أن تقطع الأرحام ويطاع المغوى ويعصى المرشد [66]

باب عقوبة قاطع الرحم في الدنيا

67 - حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا عيينة بن عبد الرحمن قال سمعت أبى يحدث عن أبى بكرة قال قال رسول الله ﷺ ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغى [67]

باب ليس الواصل بالمكافىء

68 - حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن الأعمش والحسن بن عمرو وفطر عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو وقال سفيان لم يرفعه الأعمش إلى النبي ﷺ ورفعه الحسن وفطر عن النبي ﷺ قال ليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها [68]

باب فضل من يصل ذا الرحم الظالم

69 - حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا عيسى بن عبد الرحمن عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء قال جاء أعرابى فقال يا نبي الله علمني عملا يدخلنى الجنة قال لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة قال أو ليستا واحدا قال لا عتق النسمة أن تعتق النسمة وفك الرقبة ان تعين على الرقبة والمنيحة الرغوب والفيء على ذي الرحم فإن لم تطق ذلك فأمر بالمعروف وإنه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير [69]

باب من وصل رحمه في الجاهلية ثم أسلم

70 - حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال للنبي ﷺ أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة فهل لي فيها أجر قال حكيم قال رسول الله ﷺ أسلمت على ما سلف من خير [70]

باب صلة ذي الرحم المشرك والتهدية

71 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر رأى عمر حلة سيراء فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفود إذا أتوك فقال يا عمر إنما يلبس هذه من لا خلاق له ثم أهدى للنبي ﷺ منها حلل فأهدى إلى عمر منها حلة فجاء عمر إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله بعثت إلى هذه وقد سمعتك قلت فيها ما قلت قال إني لم أهدها لك لتلبسها إنما أهديتها إليك لتبيعها أو لتكسوها فأهداها عمر لأخ له من أمه مشرك [71]

باب تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

72 - حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا عتاب بن بشير عن إسحاق بن راشد عن الزهري قال حدثني محمد بن جبير بن مطعم أن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول على المنبر تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم لأوزعه ذلك عن انتهاكه [72]

73 - حدثنا أحمد بن يعقوب قال أخبرنا إسحاق بن سعيد بن عمرو أنه سمع أباه يحدث عن بن عباس أنه قال احفظوا انسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا بعد بالرحم إذا قربت وإن كانت بعيدة ولا قرب بها إذا بعدت وإن كانت قريبة وكل رحم أتيه يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها [73]

باب هل يقول المولى إني من فلان

74 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا وائل بن داود الليثي قال حدثنا عبد الرحمن بن حييب قال قال لي عبد الله بن عمر ممن أنت قلت من تيم تميم قال من أنفسهم أو من مواليهم قلت من مواليهم قال فهلا قلت من مواليهم إذا [74]

باب مولى القوم من أنفسهم

75 - حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا زهير قال حدثنا عبد الله بن عثمان قال أخبرني إسماعيل بن عبيد عن أبيه عبيد عن رفاعة بن رافع أن النبي ﷺ قال لعمر رضي الله عنه اجمع لي قومك فجمعهم فلما حضروا باب النبي ﷺ دخل عليه عمر فقال قد جمعت لك قومي فسمع ذلك الأنصار فقالوا قد نزل في قريش الوحي فجاء المستمع والناظر ما يقال لهم فخرج النبي ﷺ فقام بين أظهرهم فقال هل فيكم من غيركم قالوا نعم فينا حليفنا وبن اختنا وموالينا قال النبي ﷺ حليفنا منا وبن اختنا منا وموالينا منا وأنتم تسمعون إن أوليائي منكم المتقون فإن كنتم أولئك فذاك وإلا فانظروا لا يأتى الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالأثقال فيعرض عنكم ثم نادى فقال يا أيها الناس ورفع يديه يضعهما على رؤوس قريش أيها الناس إن قريشا أهل أمانة من بغى بهم قال زهير أظنه قال العواثر كبه الله لمنخريه يقول ذلك ثلاث مرات [75]

باب من عال جاريتين أو واحدة

76 - حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا حرملة بن عمران أبو حفص التجيبي عن أبى عشانة المعافري عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله ﷺ يقول من كان له ثلاث بنات وصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار [76]

77 - حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن شرحبيل قال سمعت بن عباس عن النبي ﷺ قال ما من مسلم تدركه ابنتان فيحسن صحبتهما إلا أدخلتاه الجنة [77]

78 - حدثنا أبو النعمان قال حدثنا سعيد بن زيد قال حدثني على بن زيد قال حدثني محمد بن المنكدر ان جابر بن عبد الله حدثهم قال قال رسول الله ﷺ من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة فقال رجل من بعض القوم وثنتين يا رسول الله قال وثنتين [78]

باب من عال ثلاث أخوات

79 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبى صالح عن سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل عن أيوب بن بشير المعاوى عن أبى سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة [79]

باب فضل من عال ابنته المردودة

80 - حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني موسى بن على عن أبيه أن النبي ﷺ قال لسراقة بن جعشم ألا أدلك على أعظم الصدقة أو من أعظم الصدقة قال بلى يا رسول الله قال ابنتك مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك [80]

81 - حدثنا بشر قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا موسى قال سمعت أبى عن سراقة بن جعشم أن رسول الله ﷺ قال يا سراقة مثله [81]

82 - حدثنا حيوة بن شريح قال حدثنا بقية عن بحير عن خالد عن المقدام بن معدى كرب أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت زوجك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة [82]

باب من كره أن يتمنى موت البنات

83 - حدثنا عبد الله بن أبى شيبة قال حدثنا بن مهدى عن سفيان عن عثمان بن الحارث أبى الرواع عن بن عمر أن رجلا كان عنده وله بنات فتمنى موتهن فغضب بن عمر فقال أنت ترزقهن [83]

باب الولد مبخلة مجبنة

84 - حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال كتب إلى هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت قال أبو بكر رضي الله عنه يوما والله ما على وجه الأرض رجل أحب إلى من عمر فلما خرج رجع فقال كيف حلفت أي بنية فقلت له فقال أعز على والولد ألوط [84]

85 - حدثنا موسى قال حدثنا مهدى بن ميمون قال حدثنا بن أبى يعقوب عن بن أبى نعم قال كنت شاهدا بن عمر إذ سأله رجل عن دم البعوضة فقال ممن أنت فقال من أهل العراق فقال انظرو إلى هذا يسألني عن دم البعوضة وقد قتلوا بن النبي ﷺ سمعت النبي ﷺ يقول هما ريحانى من الدنيا [85]

باب حمل الصبي على العاتق

86 - حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن عدى بن ثابت قال سمعت البراء يقول رأيت النبي ﷺ والحسن صلوات الله عليه على عاتقه وهو يقول اللهم إني أحبه فأحبه[86]

باب الولد قرة العين

87 - حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا صفوان بن عمرو قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله ﷺ والله لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت فاستغضب فجعلت أعجب ما قال إلا خيرا ثم أقبل عليه فقال ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبة الله عنه لا يدرى لو شهده كيف يكون فيه والله لقد حضر رسول الله ﷺ أقوام كبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أو لا تحمدون الله عز وجل إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم فتصدقون بما جاء به نبيكم ﷺ قد كفيتم البلاء بغيركم والله لقد بعث النبي ﷺ على أشد حال بعث عليها نبي قط في فترة وجاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق به بين الوالد وولده حتى إن كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه بالإيمان ويعلم أنه إن هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار وأنها للتى قال الله عز وجل والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين[87]

باب من دعا لصاحبه أن أكثر ماله وولده

88 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال دخلت على النبي ﷺ يوما وما هو إلا أنا وأمى وأم حرام خالتى إذ دخل علينا فقال لنا ألا أصلى بكم وذاك في غير وقت صلاة فقال رجل من القوم فأين جعل أنسا منه فقال جعله عن يمينه ثم صلى بنا ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة فقالت أمى يا رسول الله خويدمك ادع الله له فدعا لي بكل خير كان في آخر دعائه أن قال اللهم أكثر ماله وولده وبارك له [88]

باب الوالدات رحيمات

89 - حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا بن فضالة قال حدثنا بكر بن عبد الله المزني عن أنس بن مالك جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها فأعطتها عائشة ثلاث تمرات فأعطت كل صبي لها تمرة وأمسكت لنفسها تمرة فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما فعمدت إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة فجاء النبي ﷺ فأخبرته عائشة فقال وما يعجبك من ذلك لقد رحمها الله برحمتها صبييها [89]

باب قبلة الصبيان

90 - حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء أعرابى إلى النبي ﷺ فقال أتقبلون صبيانكم فما نقبلهم فقال النبي ﷺ أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة [90]

91 - حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال قبل رسول الله ﷺ حسن بن على وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله ﷺ ثم قال من لا يرحم لا يرحم [91]

باب أدب الوالد وبره لولده

92 - حدثنا محمد بن عبد العزيز قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الوليد بن نمير بن أوس أنه سمع أباه يقول كانوا يقولون الصلاح من الله والأدب من الآباء [92]

93 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى القرشي عن داود بن أبى هند عن عامر أن النعمان بن بشير حدثه أن أباه انطلق به إلى رسول الله ﷺ يحمله فقال يا رسول الله إني أشهدك أنى قد نحلت النعمان كذا وكذا فقال أكل ولدك نحلت قال لا قال فأشهد غيرى ثم قال أليس يسرك أن يكونوا في البر سواء قال بلى قال فلا إذا قال أبو عبد الله البخاري ليس الشهادة من النبي ﷺ رخصة [93]

باب بر الأب لولده

94 - حدثنا بن مخلد عن عيسى بن يونس عن الوصافي عن محارب بن دثار عن بن عمر قال إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الأباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق [94]

باب من لا يرحم لا يرحم

95 - حدثنا محمد بن العلاء قال حدثنا معاوية بن هشام عن شيبان عن فراس عن عطية عن أبى سعيد عن النبي ﷺ قال من لا يرحم لا يرحم [95]

96 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب وأبى ظبيان عن جرير بن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ لا يرحم الله من لا يرحم الناس [96]

97 - وعن عبدة عن أبى خالد عن قيس عن جرير بن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ من لا يرحم الناس لا يرحمه الله [97]

98 - وعن عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت أتى النبي ﷺ ناس من الأعراب فقال له رجل منهم يا رسول الله أتقبلون الصبيان فوالله ما نقبلهم فقال رسول الله ﷺ أو أملك أن كان الله عز وجل نزع من قلبك الرحمة [98]

99 - حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن أبى عثمان أن عمر رضي الله عنه استعمل رجلا فقال العامل أن لي كذا وكذا من الولد ما قبلت واحدا منهم فزعم عمر أو قال عمر إن الله عز وجل لا يرحم من عباده إلا أبرهم [99]

باب الرحمة مائة جزء

100 - حدثنا الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرنا سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله ﷺ يقول جعل الله عز وجل الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه [100]

باب الوصاة بالجار

101 - حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال حدثني مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني أبو بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال ما زال جبريل ﷺ يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه [101]

102 - حدثنا صدقة قال أخبرنا بن عيينة عن عمرو عن نافع بن جبير عن أبى شريح الخزاعي عن النبي ﷺ قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت [102]

باب حق الجار

103 - حدثنا أحمد بن حميد قال حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن سعد قال سمعت أبا ظبية الكلاعي قال سمعت المقداد بن الأسود يقول سأل رسول الله ﷺ أصحابه عن الزنى قالوا حرام حرمه الله ورسوله فقال لأن يزنى الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزنى بامرأة جاره وسألهم عن السرقة قالوا حرام حرمها الله عز وجل ورسوله فقال لأن يسرق من عشرة أهل أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره [103]

باب يبدأ بالجار

104 - حدثنا محمد بن منهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا عمر بن محمد عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله ﷺ ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه [104]

105 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن داود بن شابور وأبى إسماعيل عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أنه ذبحت له شاة فجعل يقول لغلامه أهديت لجارنا اليهودي أهديت لجارنا اليهودي سمعت رسول الله ﷺ يقول ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه [105]

106 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفى قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني أبو بكر أن عمرة حدثته أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول سمعت رسول الله ﷺ يقول ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه ليورثه [106]

باب يهدي إلى أقربهم بابا

107 - حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة قال أخبرني أبو عمران قال سمعت طلحة عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ان لي جارين فإلى أيهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا [107]

108 - حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبى عمران الجوني عن طلحة بن عبد الله رجل من بنى تيم بن مرة عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا [108]

باب الأدنى فالأدنى من الجيران

109 - حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا الفضل بن موسى عن الوليد بن دينار عن الحسن أنه سئل عن الجار فقال أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره [109]

110 - حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عكرمة بن عمار قال حدثنا علقمة بن بجالة بن زبرقان قال سمعت أبا هريرة قال ولا يبدأ بجاره الأقصى قبل الأدنى ولكن يبدأ بالأدنى قبل الأقصى [110]

باب من أغلق الباب على الجار

111 - حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا عبد السلام عن ليث عن نافع عن بن عمر قال لقد اتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت النبي ﷺ يقول كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دونى فمنع معروفة [111]

باب لا يشبع دون جاره

112 - حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن أبى بشير عن عبد الله بن المساور قال سمعت بن عباس يخبر بن الزبير يقول سمعت النبي ﷺ يقول ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع [112]

باب يكثر ماء المرق فيقسم في الجيران

113 - حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا سعيد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال أوصانى خليلي ﷺ بثلاث أسمع وأطيع ولو لعبد مجدع الأطراف وإذا صنعت مرقة فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فاصبهم منه بمعروف وصل الصلاة لوقتها فإن وجدت الإمام قد صلى فقد أحرزت صلاتك وإلا فهي نافلة [113]

114 - حدثنا الحميدي قال حدثنا أبو عبد الصمد العمى قال حدثنا أبو عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال قال النبي ﷺ يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماء المرقة وتعاهد جيرانك أو اقسم في جيرانك [114]

باب خير الجيران

115 - حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا حيوة قال أخبرنا شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله ﷺ أنه قال خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره [115]

باب الجار الصالح

116 - حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبى ثابت قال حدثني خميل عن نافع بن عبد الحارث عن النبي ﷺ قال من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنىء [116]

باب الجار السوء

117 - حدثنا صدقة قال أخبرنا سليمان هو بن حيان عن بن عجلان عن سعيد عن أبى هريرة قال كان من دعاء النبي ﷺ اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقام فإن جار الدنيا يتحول [117]

118 - حدثنا مخلد بن مالك قال حدثنا عبد الرحمن بن مغراء قال حدثنا بريد بن عبد الله عن أبى بردة عن أبي موسى قال رسول الله ﷺ لا تقوم الساعة حتى يقتل الرجل جاره وأخاه وأباه [118]

باب لا يؤذي جاره

119 - حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش قال حدثنا أبو يحيى مولى جعدة بن هبيرة قال سمعت أبا هريرة يقول قيل للنبي ﷺ يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها فقال رسول الله ﷺ لا خير فيها هي من أهل النار قالوا وفلانة تصلى المكتوبة وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا فقال رسول الله ﷺ هي من أهل الجنة [119]

120 - حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد قال حدثني عمارة بن غراب أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت إن زوج إحدانا يريدها فتمنعه نفسها إما أن تكون غضبى أو لم تكن نشيطة فهل علينا في ذلك من حرج قالت نعم إن من حقه عليك أن لو أرادك وأنت على قتب لم تمنعيه قالت قلت لها إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد أو لحاف واحد فكيف تصنع قالت لتشد عليها إزارها ثم تنام معه فله ما فوق ذلك مع أنى سوف أخبرك ما صنع النبي ﷺ إنه كانت ليلتى منه فطحنت شيئا من شعير فجعلت له قرصا فدخل فرد الباب ودخل إلى المسجد وكان إذا أراد أن ينام أغلق الباب وأوكأ القربة وأكفأ القدح وأطفأ المصباح فانتظرته أن ينصرف فأطعمه القرص فلم ينصرف حتى غلبني النوم وأوجعه البرد فأتاني فأقامني ثم قال أدفئيني أدفئينى فقلت له إني حائض فقال وإن اكشفي عن فخذيك فكشفت له عن فخذى فوضع خده ورأسه على فخذى حتى دفيء فأقبلت شاه لجارنا داجنة فدخلت ثم عمدت إلى القرص فأخذته ثم أدبرت به قالت وقلقت عنه واستيقظ النبي ﷺ فبادرتها إلى الباب فقال النبي ﷺ خذى ما أدركت من قرصك ولا تؤذى جارك في شاته [120]

121 - حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه [121]

باب لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة

122 - حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن معاذ الأشهلي عن جدته أنها قالت قال لي رسول الله ﷺ يا نساء المؤمنات لا تحقرن امرأة منكن لجارتها ولو كراع شاة محرق [122]

123 - حدثنا آدم قال حدثنا بن أبى ذئب قال حدثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبى هريرة قال النبي ﷺ يا نساء المسلمات يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة [123]

باب شكاية الجار

124 - حدثنا على بن عبد الله قال حدثنا صفوان بن عيسى قال حدثنا محمد بن عجلان قال حدثنا أبى عن أبى هريرة قال قال رجل يا رسول الله إن لي جارا يؤذينى فقال انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا ما شأنك قال لي جار يؤذينى فذكرت للنبي ﷺ فقال انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون اللهم العنه اللهم اخزه فبلغه فأتاه فقال ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك [124]

125 - حدثنا على بن حكيم الأودي قال حدثنا شريك عن أبى عمر عن أبى جحيفة قال شكا رجل إلى النبي ﷺ جاره فقال احمل متاعك فضعه على الطريق فمن مر به يلعنه فجعل كل من مر به يلعنه فجاء إلى النبي ﷺ فقال ما لقيت من الناس فقال إن لعنه الله فوق لعنتهم ثم قال للذي شكا كفيت أو نحوه [125]

126 - حدثنا مخلد بن مالك قال حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء قال حدثنا الفضل يعنى بن مبشر قال سمعت جابرا يقول جاء رجل إلى النبي ﷺ يستعديه على جاره فبينا هو قاعد بين الركن والمقام إذ أقبل النبي ﷺ ورآه الرجل وهو مقاوم رجلا عليه ثياب بيض عند المقام حيث يصلون على الجنائز فأقبل النبي ﷺ فقال بأبي أنت وأمى يا رسول الله من الرجل الذي رأيت معك مقاومك عليه ثياب بيض قال أقد رأيته قال نعم قال رأيت خيرا كثيرا ذاك جبريل ﷺ رسول ربي ما زال يوصينى بالجار حتى ظننت أنه جاعل له ميراثا [126]

باب من آذى جاره حتى يخرج

127 - حدثنا عصام بن خالد قال حدثنا أرطاة بن المنذر قال سمعت يعنى أبا عامر الحمصي قال كان ثوبان يقول ما من رجلين يتصارمان فوق ثلاثة أيام فيهلك أحدهما فماتا وهما على ذلك من المصارمة إلا هلكا جميعا وما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا هلك [127]

باب جار اليهودي

128 - حدثنا أبو نعيم قال حدثنا بشير بن سليمان عن مجاهد قال كنت عند عبد الله بن عمرو وغلامه يسلخ شاة فقال يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي فقال رجل من القوم اليهودي أصلحك الله قال إني سمعت النبي ﷺ يوصى بالجار حتى خشينا أو رؤينا أنه سيورثه [128]

======

جامع العلوم والحكم/الحديث السابع والعشرون

الحديث السابع والعشرون

عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس رواه مسلم وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال أتيت رسول الله ﷺ فقال جئت تسأل عن البر والإثم قلت نعم قال استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك . حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن

أما حديث النواس بن سمعان فخرجه مسلم من رواية معاوية بن صالح عن عبدالرحمن ابن حبيب بن نفير عن أبيه النواس ومعاوية وعبد الرحمن وأبوه تفرد بتخريج حديثهم مسلم دون البخاري وأما حديث وابصة فخرجه الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة عن الزبير بن عبدالسلام عن أيوب بن عبدالله بن مكرز عن وابصة بن معبد قال أتيت رسول الله ﷺ وأنا أريد أن لا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألته عنه فقال لي ادن يا وابصة فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته فقال يا وابصة أخبرك ما جئت تسأل عنه أو تسألني قلت يا رسول الله أخبرني قال جئت تسألني عن البر والإثم قلت نعم فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري ويقول يا وابصة استفت نفسك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك وفي رواية أخرى للإمام أحمد أن الزبير لم يسمعه من أيوب وقال حدثني جلساؤه وقد رأيته ففي إسناد هذا الحديث أمران يوجب كل منهما ضعفه أحدهما الانقطاع بين أيوب والزبير فإنه رواه عن قوم لم يسمعهم والثاني ضعف الزبير هذا قال الدارقطني روي أحاديث مناكير وضعفه ابن حبان أيضًا لكنه سماه أيوب بن عبدالسلام وأخطأ في اسمه وله طريق آخر عن وابصة خرجه الإمام أحمد أيضًا من رواية معاوية بن صالح عن أبي عبدالله السلمي قال سمعت وابصة وذكر الحديث مختصرًا ولفظه قال البر ما انشرح له الصدر والإثم ما حاك في صدرك وإن أفتاك عنه الناس والسلمي هذا قال على بن المديني هو مجهول وخرجه البزار والطبراني وعندهما أبو عبدالله الأسدي وقال البزار لا نعلم أحدًا سماه كذا قال وقد سمي في بعض الروايات محمد قال عبدالغني بن سعيد الحافظ لو قال قائل إنه محمد بن سعيد المصلوب لما رفعت ذلك والمصلوب هذا صلبه المنصور في الزندقة وهو مشهور بالكذب والوضع ولكنه لم يدرك وابصة والله أعلم.

وقد روي هذا الحديث عن النبي ﷺ من وجوه متعددة وبعض طرقه جيدة فخرجه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن أبي أمامة قال قال رجل يا رسول الله ما الإثم قال إذا حاك في صدرك شيء فدعه وهذا إسناد جيد على شرط مسلم فإنه خرج حديث يحيى بن كثير عن زيد بن سلام وأثبت أحمد سماعه منه وإن أنكره ابن معين.

وخرج الإمام أحمد من رواية عبدالله بن العلاء بن زيد قال سمعت مسلم بن مسلم قال سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول قلت يا رسول الله أخبرني ما يحل لي وما يحرم علي قال البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولا يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون وهذا أيضًا إسناد جيد وعبد الله بن علاء بن زبير ثقة مشهور وخرجه البخاري ومسلم بن مسلم ثقة مشهور أيضًا.

وخرج الطبراني وغيره بإسناد ضعيف من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قلت للنبي ﷺ أفتني عن أمر لا أسألك عنه أحدًا بعدك قال استفت نفسك قلت كيف لي بذلك قال تدع ما يريبك إلى ما لا يريبك وإن أفتاك المفتون قلت كيف بذلك قال تضع يدك على قلبك فإن الفؤاد ليسكن للحلال ولا يسكن للحرام ويروى نحوه من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف أيضًا وروى ابن لهيعة عن أبي زيد بن أبي حبيب أن سويد بن قيس أخبره عن عبدالرحمن بن معاوية أن رجلًا سأل النبي ﷺ فقال يا رسول الله ما يحل لي وما يحرم على وردد عليه ثلاث مرات كل ذلك يسكت النبي ﷺ ثم قال أين السائل فقال له أنا يا رسول الله فقال بأصبعه ما أنكر قلبك فدعه خرجه أبو القاسم البغوي في معجمه وقال لا أدري عبدالرحمن بن معاوية سمع من النبي ﷺ أم لا ولا أعلم له غير هذا الحديث قلت هو عبدالرحمن بن معاوية بن خديج جاء منسوبا في كتاب الزهد لابن المبارك وعبدالرحمن هو تابعي مشهور فحديثه مرسل وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال الإثم حزاز القلوب واحتج به الإمام أحمد ورواه عن جرير عن منصور عن محمد بن عبدالرحمن عن أبيه قال قال عبدالله إياكم وحزاز القلوب وما حز في قلبك فدعه قال أبو الدرداء الخير في طمأنينة والشر في ريبة وروى ابن مسعود من وجه منقطع أنه قيل له أرأيت شيئًا يحيك في صدورنا لا ندري حلال هو أم حرام فقال وإياكم والحكاكات فإنهن الإثم والحك والحز متقاربان في المعنى والمراد ما أثر في القلب ضيقا وحرجا ونفورا وكراهة وهذه الأحاديث مشتملة على تفسير البر والإثم وبعضها في تفسير الحلال والحرام فحديث النواس بن سمعان فسر النبي ﷺ البر بحسن الخلق وفسره في حديث وابصة وغيره بما اطمأنت إليه النفس والقلب كما فسر الحلال والحرام بذلك في حديث أبي ثعلبة وإنما اختلف في تفسير البر لأن البر يطلق باعتبارين معينين أحدهما باعتبار معاملة الخلق بالإحسان إليهم وربما خص بالإحسان إلى الوالدين فيقال بر الوالدين ويطلق كثيرًا على الإحسان إلى الخلق عموما وقد صنف ابن المبارك كتابًا سماه كتاب البر والصلة، وكذلك في صحيح البخاري وجامع الترمذي كتاب البر والصلة ويتضمن هذا الكتاب الإحسان إلى الخلق عموما ويقدم فيه بر الوالدين على غيرهما وفي حديث بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال يا رسول الله من أبر قال أمك قال ثم من قال أباك قال ثم من قال ثم الأقرب فالأقرب ومن هذا المعنى قول النبي ﷺ الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

وفي المسند أنه ﷺ سئل عن بر الحج فقال إطعام الطعام وإفشاء السلام وفي رواية أخرى قال وطيب الكلام، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول البر شيء هين وجه طلق وكلام لين وإذا قرن البر بالتقوى كما في قوله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} المائدة فقد يكون المراد بالبر معاملة الخلق بالإحسان وبالتقوى معاملة الحق بفعل طاعته واجتناب محرماته وقد يكون أريد بالبر فعل الواجبات وبالتقوى اجتناب المحرمات، وقوله تعالى {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} المائدة قد يراد بالإثم المعاصي وبالعدوان ظلم الخلق وقد يراد بالإثم ما هو محرم في نفسه كالزنا والسرقة وشرب الخمر وبالعدوان تجاوز ما أذن فيه إلى ما نهى عنه مما جنسه مأذون فيه كقتل ما أبيح قتله بقصاص ومن لا يباح فيه وأخذ زيادة على الواجب من الناس في الزكاة ونحوها ومجاوزة الحد في الذي وصى به في الحدود ونحو ذلك والمعنى الثاني من معنى البر أن يراد به فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة كقوله تعالى {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} البقرة.

وقد روي عن النبي ﷺ سئل عن الإيمان فتلا هذه الآية فالبر بهذا المعنى يدخل فيه جميع الطاعات الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والطاعات الظاهرة كإنفاق الأموال فيما يحبه الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بالعهد والصبر على الأقدار كالمرض والفقر وعلى الطاعات كالصبر على لقاء العدو وقد يكون جواب النبي ﷺ في حديث النواس شاملًا لهذه الخصال كلها لأن حسن الخلق قد يراد به التخلق بأخلاق الشريعة والتأدب بآداب الله التي أدب بها عباده في كتابه كما قال لرسوله ﷺ وإنك لعلى خلق عظيم القلم وقالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه ﷺ القرآن يعني أنه يتأدب بآدابه فيفعل أوامره ويتجنب نواهيه فصار العمل بالقرآن له خلقا كالجبلة والطبيعة لا يفارقه وهذا من أحسن الأخلاق وأشرفها وأجملها وقد قيل إن الدين كله خلق وأما في حديث وابصة فقال البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس وفي رواية ما انشرح إليه الصدر وفسر الحلال بنحو ذلك كما في حديث أبي ثعلبة وغيره وهذا يدل على أن الله فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وقبوله وركز في الطباع محبة ذلك والنفور عن ضده وقد يدخل هذا في قوله في حديث عياض بن حمار إني خلقت عبادي حنفاء مسلمين فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم فحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وقوله كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء قال أبو هريرة رضي الله عنه اقرأوا إن شئتم فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله الروم ولهذا سمى الله ما أمره به معروفا وما نهى عنه منكرا فقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} النحل وقال تعالى في صفة الرسول ﷺ {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} الأعراف.

وأخبر أن قلوب المؤمنين تطمئن بذكره فالقلب الذي دخله نور الإيمان وانشرح به وانفسح سكن للحق واطمأن به ويقبله وينفر عن الباطل ويكرهه ولا يقبله.

وقال معاذ بن جبل أحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلال على لسان الحكيم وقد يقول المنافق كلمة الحق فقيل لمعاذ ما يدريني أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق قال اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال ما هذه ولا يثنيك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع وتلق الحق إن سمعته فإنه على الحق نور خرجه أبو داود.

وفي رواية له قال بل ما تشابه عليك من قول الحكيم حتى تقول ما أدري بهذه الكلمة فهذا يدل على أن الحق والباطل لا يلتبس أمرهما على المؤمن البصير بل يعرف الحق بالنور عليه فيقبله قلبه وينفر عن الباطل فينكره ولا يعرفه ومن هذا المعنى قول النبي ﷺ سيكون في آخر الزمان قوم يحدثونكم بما لا تسمعون أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم يعني أنهم يأتون بما تستنكره قلوب المؤمنين ولا تعرفه وفي قوله أنتم ولا آباؤكم إشارة إلى أن ما استقرت معرفته عند المؤمنين مع تقادم العهد وتطاول الزمان فهو الحق وأن ما أحدث بعد ذلك فما يستنكر فلا خير فيه فدل حديث وابصة وما في معناه على الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه مما سكن إليه القلب وانشرح إليه الصدر فهو البر والحلال وما كان خلاف ذلك فهو الإثم والحرام.

وقوله في حديث النواس بن سمعان الإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس إشارة إلى أن الإثم ما أثر في الصدر حرجًا وضيقًا وقلقًا واضطرابًا فلم ينشرح له الصدر ومع هذا فهو عند الناس مستنكر بحيث ينكرونه عند اطلاعهم عليه وهذا أعلى مراتب معرفة الإثم عند الاشتباه وهو ما استنكر الناس فاعله وغير فاعله.

ومن هذا المعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه ما رآه المؤمنون حسنًا فهو عند الله حسن وما رآه المومنون قبيحًا فهو عند الله قبيح، وقوله في حديث وابصة وأبي ثعلبة وإن أفتاك المفتون يعني أن ما حاك في صدر الإنسان فهو إثم وإن أفتاه غيره بأنه ليس بإثم فهذه مرتبة ثانية وهو أن يكون الشيء مستنكرا عند فاعله دون غيره وقد جعله أيضًا إثما وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمان، وكان المتفتي يفتي له بمجرد ظن أو ميل إلى هوى من غير دليل شرعي فأما ما كان مع المفتي به دليل شرعي فالواجب على المفتى الرجوع إليه وإن لم ينشرح له صدره وهذا كالرخصة الشرعية مثل الفطر في السفر والمرض وقصر الصلاة في السفر ونحو ذلك مما لا ينشرح به صدور كثير من الجهال فهذا لا عبرة به وقد كان النبي ﷺ أحيانا يأمر أصحابه بما لا تنشرح به صدور بعضهم فيمتنعون من قوله فيغضب من ذلك كما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة فكرهه من كرهه منهم وكما أمرهم بنحر هديهم والتحلل من عمرة الحديبية فكرهوه وكرهوا مفاوضته لقريش على أن يرجع من عامه وعلى أن من أتاه منهم يرده إليهم وفي الجملة فما ورد النص به فليس للمؤمن إلا طاعة الله ورسوله كما قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا فإن ما شرعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به والتسليم له كما قال تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} النساء وأما ما ليس فيه نص من الله ولا رسوله ولا عمن يقتدي بقوله من الصحابة وسلف الأمة فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان المنشرح صدره بنور المعرفة واليقين منه شيء وحك في صدره بشبهة موجودة ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه وهو ممن لا يوثق بعلمه وبدينه بل هو معروف باتباع الهوى فهنا يرجع المؤمن إلى ما حاك في صدره وإن أفتاه هؤلاء المفتون وقد نص الإمام أحمد على مثل هذا أيضًا قال المروزي في كتاب الورع قلت لأبي عبدالله إن القطيعة أرفق بي من سائر الأسواق وقد وقع في قلبي من أمرها شيء فقال أمرها أمر قذر متلوث قلت فتكره العمل فيها قال دع عنك هذا إن كان لا يقع في قلبك شيء قلت قد وقع في قلبي منها فقال قال ابن مسعود الإثم حواز القلب قلت إنما هذا على المشاورة قال أي شيء يقع في قلبك قلت قد اضطرب على قلبي قال الإثم هو حواز القلوب وقد سبق في شرح حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه الحلال بين والحرام بين وفي شرح حديث الحسين بن على رضي الله عنهما دع ما يريبك وشرح حديث إذا لم تستح فاصنع ما شئت شيء يتعلق بتفسير هذه الأحاديث المذكورة ههنا وقد ذكر طوائف من الفقهاء من الشافعية والحنفية المتكلمين في أصول الفقه مسألة الإلهام هل هو حجة أم لا وذكروا فيه اختلافا بينهم وذكر طائفة من أصحابنا أن الكشف ليس بطريق إلى الأحكام وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذم المتكلمين في الوساوس والخطرات وخالفهم طائفة من أصحابنا في ذلك وقد ذكرنا نصا عن أحمد ههنا بالرجوع إلى حواز القلوب وإنما ذم أحمد وغيره المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كان كلامهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعي بل إلى مجرد رأي وذوق كما كان ينكر الكلام في مسائل الحلال والحرام بمجرد الرأي من غير دليل شرعي فأما الرجوع إلى الأمور المشتبهة إلى حواز القلوب فقد دلت عليه النصوص النبوية وفتاوي الصحابة فكيف ينكره الإمام أحمد بعد ذلك لا سيما وقد نص على الرجوع إليه موافقة لهم وقد سبق الحديث إن الصدق طمأنينة والكذب ريبة فالصدق يتميز من الكذب بسكون القلب إليه ومعرفته وبنفوره عن الكذب وإنكاره كما قال الربيع بن خثيم إن للحديث نورا كنور النهار فيعرف به وللكذب ظلمة كظلمة الليل ينكره.

وخرج الإمام أحمد من حديث ربيعة عن عبدالملك بن سعيد بن سويد وأبي أسيد رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه وإسناده قد قيل على شرط مسلم لأنه خرج بهذا الإسناد بعينه حديثًا لكن هذا الحديث معلول فإنه رواه بكير بن الأشج عن عبدالملك بن سعيد عن عباس بن سهل عن أبي بن كعب من قوله قال البخاري هو أصح من يحيى ابن آدم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال إذا حدثتم عني حديثًا تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوه فإني أقول ما يعرف ولا ينكر وإذا حدثتم عني بحديث تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف وهذا الحديث معلول أيضًا وقد اختلفوا في إسناده على ابن أبي ذئب ورواه الحفاظ عنه عن سعيد مرسلًا والمرسل أصح عند أئمة الحفاظ منهم ابن معين والبخاري وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة وقال ما رأيت أحدًا من علماء الحديث يثبت وصله وإنما يحمل مثل هذه الأحاديث على تقدير صحتها على معرفة أئمة أهل الحديث الجهابذة النقاد الذين كثرت دراستهم لكلام النبي ﷺ ولكلام غيره لحال رواة الأحاديث ونقلة الأخبار ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم وضبطهم وحفظهم فإن هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختص الصيرفي الحاذق بمعرفة النقود جيدها ورديئها وخالصها ومشوبها والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بانتقاد الجواهر وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته ولا يقيم عليه دليلًا لغيره وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم فيتفقون على الجواب فيه من غير مواطأة وقد امتحن منهم غير هذا مرة في زمن أبي زرعة وأبي حاتم فوجد الأمر على ذلك فقال السائل أشهد أن هذا العلم إلهام قال الأعمش كان إبراهيم النخعي صيرفيا في الحديث كنت أسمع من لرجال فأعرض عليه ما سمعته وقال عمرو بن قيس ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي الذي ينقد الدرهم الزائف والبهرج وكذا الحديث وقال الأوزاعي كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف على الصيارفة فما عرفوا أخذنا وما أنكروا تركنا وقيل لعبد الرحمن بن مهدي إنك تقول للشيء هذا يصح وهذا لم يثبت فعمن تقول ذلك فقال أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك فقال هذا جيد وهذا بهرج أكنت تسأله عن ذلك أو تسلم الأمر إليه قال لا بل كنت أسلم الأمر إليه فقال فهذا كذلك لطول المجادلة والمناظرة والخبرة وقد روي نحو هذا المعنى عن الإمام أحمد أيضًا وأنه قيل له يا أبا عبدالله تقول هذا الحديث منكر فكيف علمت ولم تكتب الحديث كله قال مثلنا كمثل ناقد العين لم تقع بيده العين كلها فإذا وقع بيده الدينار يعلم بأنه جيد أو أنه رديء.

وقال ابن مهدي معرفة الحديث إلهام وقال إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة وقال أبو حاتم الرازي مثل معرفة الحديث كمثل فص ثمنه مائة دينار وآخر مثله على لونه ثمنه عشرة دراهم قال وكما لا يتهيأ للناقد أن يخبر بسبب نقده فكذلك نحن رزقنا علمًا لا يتهيأ لنا أن نخبر كيف علمنا بأن هذا حديث كذب وأن هذا حديث منكر إلا بما نعرفه قال ويعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره فإن تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره فإن خالفه في المائية والصلابة علم أنه زجاج ويعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه وأن يكون كلاما يصلح مثل أن يكون كلام النبوة ويعرف سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته والله أعلم.

وبكل حال فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جدًا وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين ثم خلفه أيوب السختياني وأخذ ذلك عنه شعبة وأخذ عن شعبة يحيى القطان وابن مهدي وأخذ عنهما أحمد وعلى بن المديني وابن معين وأخذ عنهم مثل البخاري وأبي داود وأبي زرعة وأبي حاتم، وكان أبو زرعة في زمانه يقول من قال يفهم هذا وما أعزه إلا رفعت هذا عن واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا ولما مات أبو زرعة قال أبو حاتم ذهب الذي كان يحسن هذا المعنى يعني أبا زرعة ما بقي بمصر ولا بالعراق واحد يحسن هذا وقيل له بعد موت أبي زرعة يعرف اليوم واحد يعرف هذا قال وجاء بعد هؤلاء جماعة منهم النسائي والعقيلي وابن عدي والدارقطني وقل من جاء بعدهم من هو بارع في معرفة ذلك حتى قال أبو الفرج الجوزي في أول كتابه الموضوعات قل من يفهم هذا بل عدم والله أعلم.

جامع العلوم والحكم

المؤلف: ابن رجب الحنبلي الحديث الثامن والعشرون

==========دعوة الوالدين{المظلوم} ==

قال الله تعالى : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } أي برا و شفقة و عطفا عليهما { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما } : أي لا تقل لهما بتبرم إذا كبرا و أسنا و ينبغي أن تتولى خدمتهما ما توليا من خدمتك على أن الفضل للمتقدم و كيف يقع التساوي و قد كانا يحملان أذاك راجين حياتك و أنت إن حملت أذاهما رجوت موتهما ثم قال الله تعالى : { و قل لهما قولا كريما } أي لينا لطيفا { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } و قال الله تعالى : { أن اشكر لي و لوالديك إلي المصير } فانظر رحمك الله كيف قرن شكرهما بشكره قال ابن عباس رضي الله عنهما : ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها ( إحداهما ) قول الله تعالى : { أطيعوا الله و أطيعوا الرسول } فمن أطاع الله و لم يطع الرسول لم يقبل منه ( الثانية ) قول الله تعالى : { و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة } فمن صلى و لم يزك لم يقبل منه ( الثالثة ) قول الله تعالى : { أن اشكر لي و لوالديك } فمن شكر الله و لم يشكر لوالديه لم يقبل منه و لذا قال النبي ﷺ [ رضى الله في رضى الوالدين و سخط الله في سخط الوالدين ]

و [ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل يستأذن النبي ﷺ في الجهاد معه فقال النبي ﷺ : قال أحي والداك ؟ : نعم قال : ففيهما فجاهد ] مخرج في الصحيحين فانظر كيف فضل بر الوالدين و خدمتهما على الجهاد !

و في الصحيحين [ أن رسول الله ﷺ قال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر : الإشراك بالله و عقوق الوالدين ] فانظر كيف قرن الإساءة إليهما و عدم البر و الإحسان بالإشراك و في الصحيحين أيضا [ أن رسول الله ﷺ قال : لا يدخل الجنة عاق و لا منان و لا مدمن خمر ] و عنه ﷺ قال : [ لو علم الله شيئا أدنى من الأف لنهى عنه فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة و ليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار ] و قال ﷺ : [ لعن الله العاق لوالديه ] و قال ﷺ : [ لعن الله من سب أباه لعن الله من سب أمه ] و قال ﷺ : [ كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة ]

و قال كعب الأحبار رحمه الله : إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقا لوالديه ليعجل له العذاب و أن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان بارا بوالديه ليزيده برا و خيرا و من برهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إن أبي يريد أن يحتاج مالي فقال ﷺ : [ أنت و مالك لأبيك ] و سئل كعب الأحبار عن عقوق الوالدين ما هو ؟ قال هو إذا أقسم عليه أبوه أو أمه لم يبر قسمها و إذا أمره بأمر لم يطع أمرهما و إذا سألاه شيئا لم يعطهما و إذا ائتمناه خانهما

و سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أصحاب الأعراف من هم و ما الأعراف ؟ فقال : أما الأعراف فهو جبل بين الجنة و النار و إنما سمي الأعراف لأنه مشرف على الجنة و النار و عليه أشجار و ثمار و أنهار و عيون و أما الرجال الذين يكونون عليه فهم رجال خرجوا إلى الجهاد بغير رضا آبائهم و أمهاتهم فقتلوا في الجهاد فمنعهم القتل في سبيل الله من دخول النار و منعهم عقوق الوالدين عن دخول الجنة فهم على الأعراف حتى يقضي الله فيهم أمره

و في الصحيحين [ أن رجلا جاء إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة ؟ قال أمك قال ثم من ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : أبوك ثم الأقرب فالأقرب ] فحض على بر الأم ثلاث مرات و على بر الأب مرة واحدة و ما ذاك إلا لأن عناءها أكثر و شفقتها أعظم مع ما تقاسيه من حمل و طلق و ولادة و رضاعة و سهر ليل

رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا قد حمل أمه على رقبته و هو يطوف بها حول الكعبة فقال : يابن عمر أتراني جازيتها ؟ قال : و لا بطلقة واحدة من طلقاتها و لكن قد أحسنت و الله يثيبك على القليل كثيرا و [ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : أربعة نفر حق على الله أن لا يدخلهم الجنة و لا يذيقهم نعيمها : مدمن خمر و آكل ربا و آكل مال اليتيم ظلما و العاق لوالديه إلا أن يتوبوا ] و قال ﷺ : [ الجنة تحت أقدام الأمهات ] و جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال : يا أبا الدرداء إني تزوجت امرأة و إن أمي تأمرني بطلاقها فقال أبو الدرداء : سمعت رسول الله ﷺ يقول : [ الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه ] و قال ﷺ : [ ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم و دعوة المسافر و دعوة الوالد على ولده ] و قال ﷺ : [ الخالة بمنزلة الأم أي في البر و الإكرام و الصلة و الإحسان ] و عن وهب بن منبه قال : إن الله تعالى أوحى إلى موسى صلوات الله و سلامه عليه يا موسى وقر والديك فإن من وقر والديه مددت في عمره و وهبت له ولدا يوقره و من عق والديه قصرت في عمره و وهبت له ولدا يعقه و قال أبو بكر بن أبي مريم : قرأت في التوراة أن من يضرب أباه يقتل و قال وهب : قرأت في التوراة : على من صك والده الرجم

و عن عمرو بن مرة الجهني قال : جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله أرأيت إذا صليت الصلوات الخمس و صمت رمضان و أديت الزكاة و حججت البيت فماذا لي ؟ فقال رسول الله ﷺ : [ من فعل ذلك كان مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين إلا أن يعق والديه ] و قال ﷺ : [ لعن الله العاق والديه ] و جاء عن رسول الله ﷺ قال : [ رأيت ليلة أسري بي أقواما في النار معلقين في جذوع من نار فقلت : يا جبريل من هؤلاء قال : الذين يشتمون آباءهم و أمهاتهم في الدنيا ]

و روي أن من شتم والديه ينزل عليه في قبره جمر من نار بعدد كل قطر ينزل من السماء إلى الأرض و يروى أنه إذا دفن عاق والديه عصره القبر حتى تختلف فيه أضلاعه و أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة : المشرك و الزاني و العاق لوالديه

و قال بشر : ما من رجل يقرب من أمه حيث حيث يسمع كلامها إلا كان أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله و النظر إليها أفضل من كل شيء [ و جاء رجل و امرأة إلى رسول اللهﷺ يختصمان في صبي لهما فقال الرجل : يا رسول الله ولدي خرج من صلبي و قالت المرأة : يا رسول الله حمله خفا و وضعه شهوة و حملته كرها و وضعته كرها و أرضعته حولين كاملين فقضى به رسول الله ﷺ لأمه ] ( موعظة ) : أيها المضيع لآكد الحقوق المعتاض من بر الوالدين العقوق الناسي لما يجب عليه الغافل عما بين يديه بر الوالدين عليك دين و أنت تتعاطاه باتباع الشين تطلب الجنة بزعمك و هي تحت أقدام أمك حملتك في بطنها تسعة أشهر كأنها تسع حجج و كابدت عند الوضع ما يذيب المهج و أرضعتك من ثديها لبنا و أطارت لأجلك وسنا و غسلت بيمينها عنك الأذى و آثرتك على نفسها بالغذاء و صيرت حجرها لك مهدا و أنالتك إحسانا و رفدا فإن أصابك مرض أو شكاية أظهرت من الأسف فوق النهاية و أطالت الحزن و النحيب و بذلت مالها للطبيب و لو خيرت بين حياتك و موتها لطلبت حياتك بأعلى صوتها هذا و كم عاملتها بسوء الخلق مرارا فدعت لك بالتوفيق سرا و جهارا فلما احتاجت عند الكبر إليك جعلتها من أهون الأشياء عليك فشبعت و هي جائعة و رويت و هي قانعة و قدمت عليها أهلك و أولادك بالإحسان و قابلت أياديها بالنسيان و صعب لديك أمرها و هو يسير و طال عليك عمرها و هو قصير هجرتها و مالها سواك نصير هذا و مولاك قد نهاك عن التأفف و عاتبك في حقها بعتاب لطيف ستعاقب في دنياك بعقوق البنين و في أخراك بالبعد من رب العالمين يناديك بلسان التوبيخ و التهديد ( ذلك بما قدمت يداك و أن الله ليس بظلام للعبيد ) :

( لأمك حق لو علمت كثير ... كثيرك يا هذا لديه يسير ) ( فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي ... لها من جواها أنة و زفير ) ( و في الوضع لو تدري عليها مشقة ... فمن غصص منها الفؤاد يطير ) ( و كم غسلت عنك الأذى بيمينها ... و ما حجرها إلا لديك سرير ) ( و تفديك بما تشتكيه بنفسها ... و من ثديها شرب لديك نمير ) ( و كم مرة جاعت و أعطتك قوتها ... حنانا و إشفاقا و أنت صغير ) ( فآها لذي عقل و يتبع الهوى ... و آها لأعمى القلب و هو بصير ) ( فدونك فارغب في عميم دعائها ... فأنت لما تدعو إليه فقير )

[ حكي أنه كان في زمن النبي ﷺ شاب يسمى علقمة و كان كثير الإجتهاد في طاعة الله في الصلاة و الصوم و الصدقة فمرض و اشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله ﷺ : إن زوجي علقمة في النزع فأردت أن أعلمك يا رسول الله بحاله فأرسل النبيﷺ عمارا و صهيبا و بلالا و قال : امضوا إليه و لقنوه الشهادة فمضوا إليه و دخلوا عليه فوجدوه في النزع فجعلوا يلقنونه ( لا إله إلا الله ) و لسانه لا ينطق بها فأرسلوا إلى رسول الله ﷺ يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة فقال النبي ﷺ : هل من أبويه أحد حي ؟ قيل : يا رسول الله أم كبيرة السن فأرسل إليها رسول الله ﷺ و قال للرسول : قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله ﷺ و إلا فقري في المنزل حتى يأتيك قال : فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله ﷺ فقالت : نفسي لنفسه فداء أنا أحق بإتيانه فتوكأت و قامت على عصا و أتت رسول الله ﷺ فسلمت فرد عليها السلام و قال لها : يا أم علقمة أصدقيني و إن كذبت جاء الوحي من الله تعالى كيف كان حال ولدك علقمة ؟ قالت : يا رسول الله كثير الصلاة كثير الصيام كثير الصدقة قال رسول الله ﷺ فما حالك ؟ قالت : يا رسول الله أنا عليه ساخطة قال : و لم ؟ قالت : يا رسول الله كان يؤثر علي زوجته و يعصيني فقال رسول الله ﷺ : إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة ثم قال : يا بلال انطلق و اجمع لي حطبا كثيرا قالت يا رسول الله و ما تصنع ؟ قال : أحرقه بالنار بين يديك قالت : يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي قال : يا أم علقمة عذاب الله أشد و أبقى فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته و لا بصيامه و لا بصدقته ما دمت عليه ساخطة فقالت : يا رسول الله إني أشهد الله تعالى و ملائكته و من حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة فقال رسول الله ﷺ : انطلق يا بلال إليه وانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا ؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني فانطلق فسمع علقمة من داخل الدار يقول : لا إله إلا الله فدخل بلال فقال : يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة و أن رضاها أطلق لسانه ثم مات علقمة من يومه فحضره رسول الله ﷺ فأمر بغسله و كفنه ثم صلى عليه و حضر دفنه ثم قام على شفير قبره و قال : يا معشر المهاجرين و الأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا إلا أن يتوب أن يتوب إلى الله عز و جل و يحسن إليها و يطلب رضاها فرضى الله في رضاها و سخط الله في سخطها فنسأل الله أن يوفقنا لرضاه و أن يجنبنا سخطه إنه جواد كريم رؤوف رحيم ]

الكبائر

المؤلف: شمس الدين الذهبي الكبيرة التاسعة : هجر الأقارب

=======

وفي سنن ابن ماجه

باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم

3995 - حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي جعفر، عن أبي هريرة، قال قال رسول الله ـ ﷺ ـ " ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده ".

3996 - حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو سلمة، حدثتنا حبابة ابنة عجلان، عن أمها أم حفص، عن صفية بنت جرير، عن أم حكيم بنت وداع الخزاعية، قالت سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول " دعاء الوالد يفضي إلى الحجاب ".

باب كراهية الاعتداء في الدعاء

3997 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا سعيد الجريري، عن أبي نعامة، أن عبد الله بن مغفل، سمع ابنه، يقول اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة، إذا دخلتها. فقال أى بنى سل الله الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول " سيكون قوم يعتدون في الدعاء ".

باب رفع اليدين في الدعاء

3998 - حدثنا أبو بشر، بكر بن خلف حدثنا ابن أبي عدي، عن جعفر بن ميمون، عن أبي عثمان، عن سلمان، عن النبي ـ ﷺ ـ قال " إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا - أو قال خائبتين ".

3999 - حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا عائذ بن حبيب، عن صالح بن حسان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، قال قال رسول الله ـ ﷺ ـ " إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك ".

============

الحديث العاشر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} المؤمنون وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} البقرة ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك . رواه مسلم.

هذا الحديث خرجه مسلم من رواية فضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة وخرجه الترمذي وقال حسن غريب وفضيل بن مرزوق ثقة وسط خرج له مسلم دون البخاري، وقوله ﷺ إن الله طيب هذا قد جاء أيضًا من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة وجواد يحب الجود خرجه الترمذي وفي إسناده مقال والطيب هنا معناه الطاهر والمعنى أن الله سبحانه وتعالى مقدس منزه عن النقائص والعيوب كلها وهذا كما في قوله تعالى {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} والمراد المنزهون من أدناس الفواحش وأوضارها، وقوله لا يقبل إلا طيبا قد ورد معناه في حديث الصدقة ولفظه لا يتصدق أحد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا والمراد أنه تعالى لا يقبل من الصدقات إلا ما كان طيبا حلالًا وقد قيل إن المراد في هذا الحديث الذي نتكلم فيه الآن بقوله لا يقبل إلا طيبا أعم من ذلك وهو أن لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبا طاهرًا من المفسدات كلها كالرياء والعجب ولا من الأموال إلا ما كان طيبا حلالًا فإن الطيب يوصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات وكل هذه تنقسم إلى طيب وخبيث وقد قيل إنه يدخل في قوله تعالى {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} المائدة هذا كله وقد قسم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث فقال ضرب الله مثلًا كلمة طيبة كشجرة طيبة إبراهيم ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة إبراهيموقال تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فاطر ووصف الرسول ﷺ بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث وقد قيل إنه يدخل في ذلك الأقوال والأعمال والاعتقادات أيضًا ووصف الله تعالى المؤمنين بالطيب بقوله تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ} النحل وإن الملائكة تقول عند الموت اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب وإن الملائكة تسلم عليهم عند دخولهم الجنة يقولون لهم طبتم وقد ورد في الحديث أن المؤمن إذا زار أخاه في الله تقول له الملائكة طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا فالمؤمن كله طيب قلبه ولسانه وجسده بما يسكن في قلبه من الإيمان وظهر على لسانه من الذكر وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان وداخلة في اسمه في هذه الطيبات كلها يقبلها الله عز وجل.

ومن أعظم ما يحصل به طيبة الأعمال للمؤمن من طيب مطعمه وأن يكون من حلال فبذلك يزكو عمله وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يقبل العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال وإن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله فإنه قال بعد تقريره إن الله لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} المؤمنون وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} البقرة والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح فما كان الأكل حلالًا فالعمل الصالح مقبول فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولا وما ذكره بعد ذلك من الدعاء وأنه كيف يتقبل مع الحرام فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام وقد خرج الطبراني بإسناد فيه نظر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال تليت عند رسول الله ﷺ هذه الآية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً} البقرة.

فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال النبي ﷺ يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عملًا أربعين يومًا وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به.

وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله بإسناد فيه نظر أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال من اشترى ثوبا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام لم يتقبل الله له صلاته ما كان عليه ثم أدخل أصبعيه في أذنيه فقال صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله ﷺ ويروى من حديث علي رضي الله عنه مرفوعًا معناه أيضًا خرجه البزار وغيره بإسناده ضعيف جدًا.

وخرج الطبراني بإسناد فيه ضعف من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادي لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك وزادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لا لبيك لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور ويروى من حديث عمر رضي الله عنه بنحوه بإسناد ضعيف أيضًا وروي أبو يحيى القتات عن مجاهد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا يقبل الله صلاة امريء في جوفه حرام وقد اختلف العلماء في حج من حج بمال حرام ومن صلى في ثوب حرام هل يسقط عنه فرض الصلاة والحج بذلك وفيه عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان وهذه الأحاديث المذكورة تدل على أنه لا يتقبل العمل مع مباشرة الحرام لكن القبول قد يراد به الرضا بالعمل ومدح فاعله والثناء عليه بين الملائكة والمباهاة به وقد يراد به حصول الثواب والأجر عليه وقد يراد به سقوط الفرض به من الذمة فإن كان المراد ههنا القبول بالمعنى الأول أو الثاني لم يمنع ذلك من سقوط الفرض به من الذمة كما ورد أنه لا تقبل صلاة الآبق ولا المرأة التي زوجها عليها ساخط ولا من أتى كاهنا ولا من شرب خمرا أربعين يومًا والمراد والله أعلم نفي القبول بالمعنى الأول أو الثاني وهو المراد والله أعلم من قوله عز وجل {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ولهذا كانت هذه الآية يشتد منها خوف السلف على نفوسهم فخافوا أن لا يكونوا من المتقين الذين يتقبل الله منهم.

وسئل أحمد عن معنى المتقين فيها فقال يتقي الأشياء فلا يقع فيما لا يحل.

وقال أبو عبدالله النباجي الزاهد رحمه الله خمس خصال بها تمام العمل الإيمان بمعرفة الله عز وجل ومعرفة الحق وإخلاص العمل لله والعمل على السنة وأكل الحلال فإن فقدت واحدة لم يرتفع العمل وذلك إذا عرفت الله عز وجل ولم تعرف الحق لم تنتفع وإذا عرفت الحق ولم تعرف الله لم تنتفع وإن عرفت الله وعرفت الحق ولم تخلص العمل لم تنتفع وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل ولم يكن على السنة لم تنتفع وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع.

وقال وهب بن الورد لو قمت مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أم حرام وأما الصدقة بالمال الحرام فغير مقبولة.

كما في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال ما تصدق عبد بصدقة من مال طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وذكر الحديث.

وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال لا يكتسب عبد مالًا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيتقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السييء بالسيئ ولكن يمحو السييء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث ويروى من حديث دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال من كسب مالًا حرامًا فتصدق به لم يكن له فيه أجر، وكان إصره عليه خرجه ابن حبان في صحيحه ورواه بعضهم موقوفا على أبي هريرة وفي مراسيل القاسم بن مخيمرة قال رسول الله ﷺ من أصاب مالًا من مأثم فوصل به رحمه وتصدق به أو أنفقه في سبيل الله جمع ذلك جميعا ثم قذف به في نار جهنم وروي عن أبي الدرداء ويزيد بن ميسرة أنهما جعلا مثل من أصاب مالًا من غير حله فتصدق به مثل من أخذ مال يتيم وكسا به أرملة وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عمن كان على عمل فكان يظلم ويأخذ الحرام ثم تاب فهو يحج ويعتق ويتصدق منه فقال إن الخبيث لا يكفر الخبيث وكذا قال ابن مسعود رضي الله عنه إن الخبيث لا يكفر الخبيث ولكن الطيب يكفر الخبيث وقال الحسن أيها المتصدق على المسكين ترحمه ارحم من قد ظلمت واعلم أن الصدقة بالمال الحرام تقع على وجهين أحدهما أن يتصدق به الخائن أو الغاصب ونحوهما على نفسه فهذا هو المراد من هذه الأحاديث أنه لا يتقبل منه يعني أنه لا يؤجر عليه بل يأثم بتصرفاته في مال غيره بغير إذنه ولا يحصل للمالك بذلك أجر لعدم قصده ونيته كذا قال جماعة من العلماء منهم ابن عقيل من أصحابنا وفي كتاب عبدالرزاق من رواية زيد بن الأخنس الخزاعي أنه سأل سعيد بن المسيب قال وجدت لقطة أفأتصدق بها قال لا تؤجر أنت ولا صاحبها ولعل مراده فإذا تصدق بها قبل تعريفها الواجب ولو أخذ السلطان أو بعض نوابه من بيت المال مالًا يستحقه فتصدق منه أو أعتق أو بنى به مسجدا أو غيره مما ينتفع به الناس فالمنقول عن ابن عمر أنه كالغاصب إذا تصدق بما غصبه كذلك قيل لعبد الله بن عامر أمير البصرة، وكان الناس قد اجتمعوا عنده في حال موته وهم يثنون عليه ببره وإحسانه وابن عمر ساكت فطلب منه أن يتكلم فروى له حديثًا لا يقبل الله صدقة من غلول ثم قال له وكنت على البصرة وقال أسد بن موسى في كتاب الورع حديث الفضيل بن عياض عن منصور عن تميم بن مسلمة قال قال قال ابن عامر لعبد الله بن عمر أرأيت هذا العقاب التي نسهلها والعيون التي نفجرها ألنا فيها أجر فقال ابن عمر أما علمت أن خبيثا لا يكفر خبيثا قط حدثنا عبدالرحمن بن زياد عن أبي مليح عن ميمون بن مهران قال قال ابن عمر لابن عامر وقد سأله عن العتق فقال مثلك مثل رجل سرق إبل حاج ثم جاهد بها في سبيل الله فانظر هل يقبل منه وقد كان طائفة من أهل التشديد في الورع كطاوس ووهيب بن الورد يتوقون الانتفاع بما أحدثه مثل هؤلاء الملوك وأما الإمام أحمد رحمه الله فإنه رخص فيما فعلوه من المنافع العامة كالمساجد والقناطر والمصانع فإن هذه ينفق عليها من مال الفيء اللهم إلا أن يتيقن أنهم فعلوا أشياء من ذلك بمال حرام كالمكوس والغصوب ونحوهما فحينئد يتوقى الانتفاع بما عمل بالمال الحرام ولعل ابن عمر رضي الله عنهما إنما أنكر عليهم أخذهم لأموال بيت المال لأنفسهم ودعواهم أن ما فعلوه منها بعد ذلك فهو صدقة منهم فإن هذا شبيه بالغصوب وعلى مثل هذا يحمل إنكار من أنكر من العلماء على الملوك بنيان المساجد قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله رأيت بعض المتقدمين يسأل عمن كسب حلالًا أو حرامًا من السلاطين والأمراء ثم بنى الأربطة والمساجد هل له ثواب فأفتى بما يوجب طيب القلب المنفق وأنه له في إنفاق ما لا يملكه نوع سمسرة لأنه لا يعرف أعيان المغصوبين فيرد عليهم قال فقلت واعجبا من متصدرين للفتوى لا يعرفون أصول الشريعة ينبغي أن ينظر في حال هذا المنفق أو لا فإن كان سلطانا فما يخرج من بيت المال فقد عرفت وجوه مصارفه فكيف يمنع مستحقيه ويشغله بما لا يفيد من بناء مدرسة أو رباط وإن كان من الأمراء أو نواب السلاطين فيجب أن يرد ما يجب رده إلى بيت المال وإن كان حرامًا أو غصبا فكل شيء يصرف فيه حرام والواجب رده على من أخذ منه أو ورثته فإن لم يعرف رده إلى بيت المال يصرف في المصالح أو في الصدقة ولم يحظ آخذه بغير الإثم انتهي وإنما كلامه في السلاطين الذين عهدهم في وقته الذين يمنعون المستحقين من الفيء حقوقهم ويتصرفون فيه لأنفسهم تصرف الملاك ببناء ما يبنونه إليهم من المدارس والأربطة ونحوهما مما قد لا يحتاج إليه ويخص به قومًا دون قوم فأما لو فرض إمام عادل يعطي الناس حقوقهم من الفيء ثم يبني لهم ما يحتاجون إليه من مسجد أو مدرسة أو مارستان ونحو ذلك كان ذلك جائزا فلو كان بعض من يأخذ المال لنفسه من بيت المال بنى بما أخذ منه بناء محتاجا إليه في حال فيجوز البناء فيه من بيت المال لكنه ينسبه إلى نفسه فقد يتخرج على الخلاف في الغاصب إذا رد المال إلى المغصوب منه على وجه الصدقة والهبة هل يبرأ بذلك أم لا وهذا كله إذا بنى على قدر الحاجة من غير سرف ولا زخرفة وقد أمر عمر بن عبدالعزيز بترميم مسجد البصرة من بيت المال ونهاهم أن يتجاوزوا ما تصدع منه وقال إني لم أجد للبنيان في مال الله حقا وروي عنه أنه قال لا حاجة للمسلمين فيما أضر بيت مالهم.

واعلم أن من العلماء من جعل تصرف الغاصب ونحوه في مال غيره موقفا على إجازة مالكه فإن أجاز تصرفه فيه جاز وقد حكى بعض أصحابنا رواية عن أحمد أنه من أخرج زكاته من مال مغصوب ثم أجازه المالك جاز وسقطت عنه الزكاة، وكذلك خرج ابن أبي الدنيا رواية عن أحمد أنه إذا أعتق عبد غيره عن نفسه ملتزما ضمانه في ماله ثم أجازه المالك جاز ونفذ عتقه وهو خلاف نص أحمد وحكى عن الحنفية أنه لو غصب شاة فذبحها لمتعته وقرانه ثم أجازه المالك أجزأت عنه الوجه الثاني من تصرفات الغاصب في المال المغصوب أن يتصدق به عن صاحبه إذا عجز عن رده إليه وإلى ورثته فهذا جائز عند أكثر العلماء منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم قال ابن عبدالبر ذهب الزهري ومالك والثوري والأوزاعي والليث إلى أن الغال إذا تفرق أهل العسكر ولم يصل إليهم أنه يدفع إلى الإمام خمسة ويتصدق بالباقي روي ذلك عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما أنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه وقال قد أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف وانقطاع صاحبها وجعلوه إذا جاء مخيرًا بين الأجر والضمان، وكذلك المغصوب انتهي وروي عن مالك بن دينار قال سألت عطاء بن أبي رباح عمن عنده مال حرام ولا يعرف أربابه ويريد الخروج منه قال يتصدق به ولا أقول إن ذلك يجزي عنه قال مالك كان هذا القول من عطاء أحب إلى من وزنة ذهب وقال سفيان فيمن اشترى من قوم شيئًا مغصوبا يرده إليهم فإن لم يقدر عليهم يتصدق به كله ولا يأخذ رأس ماله وكذا قال فيمن باع شيئًا ممن تكره معاملته لشبهة ماله قال يتصدق بالثمن وخالفه ابن المبارك وقال يتصدق بالربح خاصة وقال أحمد يتصدق بالربح وكذا قال فيمن ورث مالًا من أبيه، وكان أبوه يبيع ممن يكره معاملته أنه يتصدق منه بمقدار الربح ويأخذ الباقي وقد روي عن طائفة من الصحابة نحو ذلك منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه والمشهور عن الشافعي رحمه الله في الأموال الحرام أنها تحفظ ولا يتصدق بها حتى يظهر مستحقها، وكان الفضيل بن عياص يرى أن من عنده مال حرام لا يعرف أربابه أنه يتلفه ويلقيه في البحر ولا يتصدق به وقال لا يتقرب إلى الله إلا بالطيب والصحيح الصدقة به لأن إتلاف المال وإضاعته منهي عنه وإرصاده أبدًا تعريض له للإتلاف واستيلاء الظلمة عليه والصدقة به ليست عند مكتسبه حتى يكون تقربا منه بالخبيث وإنما هي صدقة عن مالكه ليكون نفعه له في الآخرة حيث يتعذر عليه الانتفاع به في الدنيا، وقوله ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك هذا الكلام أشار فيه ﷺ إلى آداب الدعاء وإلى الأسباب التي تقتضي إجابته وإلى ما يمنع من إجابته فذكر من الأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء أربعة أحدهما إطالة السفر والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده خرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وعنده دعوة الوالد على ولده وروي مثله عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء والثاني حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث والإغبار وهو أيضًا من المقتضيات لإجابة الدعاء كما في الحديث المشهور عن النبي ﷺ رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ولما خرج النبي ﷺ للاستسقاء خرج متبذلا متواضعا متضرعا، وكان مطرف بن عبدالله قد حبس له ابن أخ فلبس خلقان ثيابه وأخذ عكازا بيده فقيل له ما هذا قال أستكين لربي لعله أن يشفعني في ابن أخي الثالث: مد يديه إلى السماء وهو من آداب الدعاء التي يرجى بسببها إجابته وفي حديث سلمان عن النبي ﷺ إن الله تعالى حي كريم يستحيى إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وروي نحوه من حديث أنس وجابر وغيرهما، وكان النبي ﷺ يرفع يديه في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه ورفع يديه يوم بدر يستنصر الله على المشركين حتى سقط رداؤه عن منكبيه وقد روي عن النبي ﷺ في صفة رفع يديه في الدعاء أنواع متعددة فمنها أنه كان يشير بأصبعه السبابة فقط وروي عنه أنه كان يفعل ذلك على المنبر وفعله لما ركب راحلته وذهب جماعة من العلماء إلى أن دعاء القنوت في الصلاة يشير فيه بأصبعه منهم الأوزاعي وسعيد بن عبدالعزيز وإسحاق بن راهويه وقال ابن عباس وغيره هذا هو الإخلاص في الدعاء وقال ابن سيرين إذا أثنيت على الله فأشر بأصبع واحد ومنها أنه ﷺ رفع يديه وجعل ظهورهما إلى جهة القبلة وهو مستقبلها وجعل بطونهما مما يلي وجهه وقد رويت هذه الصفة عن النبي ﷺ في دعاء الاستسقاء واستحب بعضهم الرفع في الاستسقاء على هذه الصفة منهم الجوزجاني وقال بعض السلف الرفع على هذا الوجه تضرع ومنها عكس ذلك وقد روي عن النبي ﷺ في الاستسقاء أيضًا وروي عن جماعة من السلف أنهم كانوا يدعون كذلك، وقال بعضهم الرفع على هذا الوجه استجارة بالله واستعاذة به، منهم ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة، وروي عن النبي ﷺ أنه كان إذا استسقى رفع يديه، وإذا استعاذ رفع يديه على هذا الوجه. ومنها رفع يديه، جعلُ كفيه إلى السماء وظهورهما إلى الأرض وقد ورد الأمر بذلك في سؤال الله عز وجل في غير حديث، وعن ابن عمر وأبي هريرة وابن سيرين أن هذا هو الدعاء والسؤال لله عز وجل.

ومنها عكس ذلك وهو قلب كفيه وجعل ظهورهما إلى السماء وبطنهما إلى ما يلي الأرض وفي صحيح مسلم عن أنس أن النبي ﷺ استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء وخرجه الإمام أحمد رحمه الله ولفظه فبسط يديه وجعل ظاهرهما مما يلي السماء.

خرجه أبو داود ولفظه استسقي هكذا يعني النبي ﷺ مد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض.

وخرج الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان النبي ﷺ واقفا بعرفة يدعو هكذا ورفع يديه حيال ثندويه وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض وهكذا وصف حماد بن سلمة رفع النبي ﷺ يديه بعرفة وروي عن ابن سيرين أن هذا هو الاستجارة وقال الحميدي هذا هو الابتهال والرابع الإلحاح على الله عز وجل بتكرير ذكر ربوبيته وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء.

وخرج البزار من حديث عائشة أم المؤمنين مرفوعًا إذا قال العبد يا رب أربعا قال الله لبيك عبدي سل تعطه.

وخرج الطبراني وغيره من حديث سعد بن خارجة أن قومًا شكوا إلى النبي ﷺ قحوط المطر فقال اجثوا على الركب وقولوا يا رب يا رب وارفعوا السبابة إلى السماء فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم.

وفي المسند وغيره عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال الصلاة مثنى مثنى وتشهد في كل ركعتين وتضرع وتخشع وتمسكن وتقنع يديك يقول ترفعهما إلى ربك مستقبلا بهما وجهك وتقول يا رب يا رب فمن لم يفعل ذلك فهي خداج وقال يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعًا ما من عبد يقول يا رب يا رب يا رب إلا قال له ربه لبيك لبيك ثم روي عن أبي الدرداء وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقولان اسم الله الأكبر رب رب وعن عطاء قال ما قال عبد يا رب يا رب ثلاث مرات إلا نظر الله إليه فذكر ذلك للحسن فقال أما تقرءون القرآن ثم تلا قوله تعالى {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ. رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ. رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ومن تأمل الأدعية المذكورة في القرآن وجدها غالبًا تفتتح باسم الرب كقوله تعالى {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} البقرة {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} البقرة، وقوله {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} آل عمران، ومثل هذا في القرآن كثير.

وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء يا سيدي فقال ألا يقول يا رب زاد مالك كما قالت الأنبياء في دعائهم وأما ما يمنع إجابة الدعاء فقد أشار ﷺ إلى أنه التوسع في الحرام أكلا وشربا ولبسا وتغذية وقد سبق حديث ابن عباس في هذا المعنى أيضًا وأن النبي ﷺ قال لسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة فأكل الحرام وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجب لعدم إجابة الدعاء وروى عكرمة بن عمار حدثنا الأصفر قال قيل لسعد بن أبي وقاص تستجاب دعوتك من بين أصحاب رسول الله ﷺ قال ما رفعت إلى فمي لقمة إلا وأنا عالم من أين مجيئها ومن أين خرجت وعن وهب بن منبه قال من سره أن يستجيب الله دعوته فليطيب طعمته وعن سهل بن عبدالله قال من أكل الحلال أربعين صباحا أجيبت دعوته وعن يوسف بن أسباط قال بلغنا أن دعاء العبد يحبس عن السموات بسوء المطعم، وقوله ﷺ فأنى يستجاب لذلك معناه كيف يستجاب له فهو استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد وليس صريحا في استحالة الاستجابة ومنعها بالكلية فيؤخذ من هذا أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة وقد يوجد ما يمنع هذا المانع من منعه وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعا من الإجابة أيضًا، وكذلك ترك الواجبات كما في الحديث أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمنع استجابة دعاء الأخيار وفعل الطاعات يكون موجبا لاستجابة الدعاء ولهذا لما توسل الذين دخلوا الغار وانطبقت الصخرة عليهم بأعمالهم الصالحة التي أخلصوا فيها لله تعالى ودعوا الله بها أجيبت دعوتهم وقال وهب ابن منبه مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر، وعنه قال العمل الصالح يبلغ الدعاء ثم تلا قوله تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فاطر وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح وعن أبي ذر رضي الله عنه قال يكفي مع البر من الدعاء مثل ما يكفي الطعام من الملح وقال محمد بن واسع يكفي من الدعاء مع الورع اليسير وقيل لسفيان لو دعوت الله قال إن ترك الذنوب هو الدعاء وقال الليث رأى موسى عليه الصلاة والسلام رجلًا رافعا يديه وهو يسأل الله مجتهدا فقال موسى عليه السلام أي رب عبدك دعاك حتى رحمته وأنت أرحم الراحمين فما صنعت في حاجته فقال يا موسى لو رفع يديه حتى ينقطع ما نظرت في حاجته حتى ينظر في حقي.

وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعًا معناه.

وقال مالك بن دينار أصاب بني إسرائيل بلاء فخرجوا مخرجا فأوحى الله تعالى إلى نبيه أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إلى أكفا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام الآن اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعدا وقال بعض السلف لا تستبطيء الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي وأخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال:

نحن ندعو الإله في كل كرب

ثم ننساه عند كشف الكروب

قد سددنا طريقها بالذنوب

كيف نرجو إجابة لدعاء

جامع العلوم والحكم

المؤلف: ابن رجب الحنبلي الحديث الحادي عشر

==============

مختارات من أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم

مختارات من الأحاديث النبوية

1 - «آية المنافق ثلاث إذا حدَّث كذّب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

2 - «أبغض الحلال إلى الله الطلاق».

(عن ابن عمر، رواه أبو داود وابن ماجه)

3 - «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم».

(عن النعمان بن بشير، أخرجه الشيخان)

4 - «اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحَّ فإنه أهلك من كان قبلكم».

(عن جابر، أخرجه مسلم)

5 - «اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المُحْصَنات الغافلات».

(عن أبي هريرة، أخرجه الشيخان)

6 - «أحب الأعمال إلى الله، أدومها وإن قلّ».

(عن عائشة، رواه الشيخان)

7 - «أحب الناس إلى الله تعالى يوم القيامة وأدناهم منه مجلسا، إمام عادل، وأبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأبعدهم منه مجلسا، إمام جائر».

(عن أبي سعيد، أخرجه الترمذي)

8 - «البِرُّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس».

(عن النوّاس بن سمعان، أخرجه مسلم)

9 - «إذا استأذنت أحدَكم امرأتهُ إلى المسجد فلا يمنعها».

(عن سالم عن أبيه، رواه مسلم)

10 - «إذا التقى المسلمان بسيفهما فقتل أحدهما صاحبه، فالقاتل والمقتول في النار»، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه».

(عن أبي بكرة، رواه الشيخان)

11 - «إذا أُمَّ أحدكم الناس، فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة، وإذا صلى لنفسه فليطوّل ما شاء».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

12 - «إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي».

(عن علِيّ رضي الله عنه، رواه أحمد وأبو داود والترمذي)

13 - «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر».

(عن عمرو بن العاص: متفق عليه)

14 - «إذا رأى أحدكم جنازة، فإن لم يكن ماشيا معها، فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه».

(عن عامر بن ربيعة، رواه البخاري)

15 - «إذا مات ابن آدم، انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».

(عن مسلم عن أبي هريرة)

16 - «أربع مَن كنّ فيه، كان منافقا خالصا، ومَن كانت فيه خَلّة منهن، كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدَّثَ كَذَب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر».

(عن عبد الله بن عمر، رواه الشيخان)

17 - «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور».

(عن علِيّ رضي الله عنه، رواه الشيخان)

18 - «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

19 - «الأرواح جنود مجَنَّدة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

20 - «إنا لن نستعمل على عملنا من أراده».

(عن أبي موسى، رواه الشيخان)

21 - «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم».

(عن أبي هريرة، متفق عليه)

22 - «إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم قيلا وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال».

(عن المغيرة بن شعبة، رواه الشيخان)

23 - «إن الله تعالى قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله».

(عن عتبان بن مالك، رواه الشيخان)

24 - «إن الدعاء هو العبادة».

(عن أبي هريرة، رواه الأربعة)

25 - «إن الدين يُسر ولن يُشَادَّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغَدْوة والرّوحة وشيء من الدُّلْجة».

(عن أبي هريرة، أخرجه البخاري)

26 - «إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها».

(عن أبي سعيد الخدري، رواه مسلم)

27 - «إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، هو مَنْ تركه الناس اتقاء فُحشه».

(عن عائشة، رواه الشيخان)

28 - «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

29 - «إن الميت ليعذب ببكاء الحي».

(عن عمر، رواه الشيخان)

30 - «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».

(عن عمر، رواه الشيخان)

31 - «إنما الطاعة في المعروف».

(عن علِيّ رضي الله عنه، رواه الشيخان)

32 - «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت».

(عن ابن مسعود، أخرجه البخاري)

33 - «إن من الشعر لحكمة».

(عن أُبيّ بن كعب، أخرجه البخاري)

34 - «المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضه بعضا».

(عن أبي موسى، رواه البخاري)

35 - «إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوّل فيها فأسمع بكاء الصبيّ فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أشقّ على أمه».

(عن قتادة، رواه البخاري)

36 - «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».

(عن أبي هريرة، أخرجه أبو داود، ولابن ماجه من حديث أنس مثله)

37 - «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه وبلقائه وبرسله، وتؤمن بالبعث الآخر».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

38 - «الإيمان بضع وستون شُعبة، والحياء شُعبة من الإيمان».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

39 - «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامَ الصلاة، وإيتاءَ الزكاة، والحج، وصوم رمضان».

(عن ابن عمر، رواه البخاري)

40 - «بئس الطعام، طعام الوليمة، يُدعى إليه الأغنياء، ويُترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

41 - «تجدون من شر الناس عند الله تعالى يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه».

(عن أبي هريرة، أخرجه الستة)

42 - «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام، فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».

(عن أبي هريرة، أخرجه البخاري)

43 - «تهادوا تحابوا».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

44 - «ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم - قال أبو معاوية - ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر».

(عن أبي هريرة، أخرجه مسلم)

45 - «حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه».

(عن أبي هريرة، رواه مسلم)

46 - «الحياء لا يأتي إلا بخير».

(عن عمران بن الحصين، رواه الشيخان)

47 - «الحياء من الإيمان».

(عن ابن عمر، متفق عليه)

48 - «الخالة بمنزلة الأم».

(عن البراء، رواه الشيخان)

49 - «خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك، قاله لهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان».

(عن عائشة، رواه الشيخان)

50 - «خياركم، أحاسنكم أخلاقا».

(عن ابن عمر، رواه الشيخان)

51 - «دخلت امرأة النار في هِرَّة ربطتها، فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خَشاش الأرض حتى ماتت» (خشاش الأرض: هوامها).

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

52 - «الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

(عن تميم الداري، أخرجه مسلم)

53 - «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل، الصائم النهار».

(عن أبي هريرة، رواه الشيخان)

54 - «سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر».

(عن ابن مسعود، رواه الشيخان)

55 - «السَّخِيُّ قريبٌ من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار، ولجاهل سخيٌّ، أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل».

(عن أبي هريرة، أخرجه الترمذي)

56 - «السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».

(عن ابن عمر، أخرجه البخاري)

57 - «العائد في هبته، كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه».

(عن ابن عباس، متفق عليه)

58 - «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صِدِّيقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا».

(عن ابن مسعود، متفق عليه)

59 - «قد أذن الله لكنّ أن تخرجن لحوائجكن».

(عن عائشة، رواه الشيخان)

60 - «كل شراب أسكر فهو حرام».

(عن عائشة، أخرجه الستة)

61 - «كلكلم راع وكل راع مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته».

(عن ابن عمر، أخرجه الخمسة)

62 - «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام».

(عن ابن عمر، أخرجه مسلم)

63 - «كل معروف صدقة».

(عن جابر، أخرجه البخاري)

64 - «لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه، فهو كفر».

(عن أبي هريرة، رواه مسلم)

65 - «لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدَّموا».

(عن عائشة، رواه البخاري)

66 - «لا تمنعو النساء المساجد إذا استأذنَّكم إليها».

(عن عبد الله بن عمر، رواه مسلم)

67 - «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها».

(عن عبد الله بن مسعود، أخرجه البخاري)

68 - «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان».

(عن أبي بكرة، متفق عليه)

69 - «لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة».

(عن ابن مسعود، متفق عليه)

70 - «لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده».

(عن ابن عمر وابن عباس، رواه أحمد والأربعة)

71 - «لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا مع ذي مَحرَم».

(عن ابن عباس، رواه البخاري)

72 - «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبَر».

(عن عبد الله بن مسعود، رواه مسلم)

73 - «لا يدخل الجنة قَتَّات» - أي نمّام.

(عن حذيفة، متفق عليه)

74 - «لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا يرث الكافرُ المسلمَ».

(عن أسامة بن زيد، متفق عليه)

75 - «لا يرحم الله من لا يرحم الناس».

(عن جرير، أخرجه الشيخان والترمذي)

76 - «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن».

(عن أبي هريرة، رواه مسلم)

77 - «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين».

(عن أبي هريرة، أخرجه الشيخان)

78 - «لا يؤمن أحدكم حتى يحبُّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه».

(عن أنس، رواه البخاري)

79 - «لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

80 - «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».

(عن أبي هريرة، متفق عليه)

81 - «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا».

(عن أم كلثوم بنت عقبة، أخرجه البخاري)

82 - «ليسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير».

(عن أبي هريرة، متفق عليه، وفي رواية لمسلم: والراكب على الماشي)

83 - «ليس المسكين الذين يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يُفطن له فيُتَصدَّق عليه ولا يقول فيسأل الناس».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

84 - «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية».

(عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق، عن عبد الله، رواه مسلم والبخاري)

85 - «ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة».

(عن معقل، رواه مسلم)

86 - «ما من عبد يسترعيه الله رَعِيَّة يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة».

(عن معقل، رواه مسلم)

87 - «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

88 - «المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه».

(عن عبد الله بن عمر، رواه البخاري)

89 - «من أحب أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ في أثره، فَلْيَصِل رحمه».

(عن أبي هريرة، أخرجه البخاري)

90 - «مَن بَدّل دينه فاقتلوه».

(عن ابن عباس، رواه البخاري)

91 - «من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

92 - «مَن حمل علينا السلاح فليس منا».

(عن ابن عمر، متفق عليه)

93 - «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».

(عن أبي هريرة، رواه مسلم)

94 - «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى، جاء يوم القيامة وشقه مائل».

(عن أبي هريرة، رواه أحمد والأربعة وسنده صحيح)

95 - «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه».

(عن أبي هريرة، رواه مسلم)

96 - «من نَفَّسَ عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نَفَّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».

(عن أبي هريرة، أخرجه مسلم)

97 - «من ولاَّه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته».

(عن أبي مريم الأزدي، أخرجه أبو داود والترمذي)

98 - «من يقل عليّ ما لم أقل، فليتبوأ مقعده من النار».

(عن سلمة بن الأكوع، رواه البخاري)

99 - «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».

(عن ابن عمر، أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن)

100 - «والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله، أعطاه أو منعه».

(عن أبي هريرة، رواه البخاري)

101 - «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوّج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».

(عن عبد الله بن مسعود، متفق عليه)

===========

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب الحافظ ابن حجر العسقلاني

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب - مؤسسة قرطبة المؤلف الحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمة المؤلف اسم المصنف: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلا...