روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الاثنين، 13 يونيو 2022

مجلد 7. و8. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

 مجلد 7. و8. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

مجلد 7. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)


[باب: هل يشتري صدقته؟]

  [حديث: لا تعد في صدقتك]
1489# قوله: (تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ [1]): هذا الفرس الذي تصدَّق به عمر رضي الله عنه يقال له: الوَرْد؛ بفتح الواو، وإسكان الرَّاء، وبالدال المهملة، على لفظ (الورد) الذي هو نور الشجر الذي غلب عليه الحَوْجَم؛ وهو لون بين الكُمَيت والأشقر، وهذا الورد أهداه تميم الدَّاريُّ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأعطاه عمر، فحمل عليه عمر في سبيل الله، كذا قاله غير واحد، وسيأتي ذكره في أفراس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في كلامي في مكان يليق به إن شاء الله تعالى.
==========
[1] في هامش (ق): (هذا الفرس الذي تصدق به عمر يقال له: الورد، أهداه تميم الداريُّ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأعطاه عمر، فحمل عليه في سبيل الله، كذا قاله ابن سيِّد الناس في «سيرته» وغيرها).
[ج 1 ص 402]

  [حديث: لا تشتري ولا تعد في صدقتك]
1490# قوله: (فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ): يعني: لم يُحسِن القيام عليه، وفيه بُعدٌ على مثل الصحابة إلا أن يوجبَه عذرٌ، وقيل غير ذلك، والله أعلم.
[ج 1 ص 402]
قوله [1]: (لاَ تَشْتَرِي): كذا في أصلنا بإثبات الياء، وفي نسخة: (لا تشتره)؛ بهاء السَّكت، وكونه بالياء هو لغة، وفي أصلنا الدمشقيِّ: (لا تشتريه)، وفي نسخة: (لا تشتره).
==========
[1] زيد في (ج): (باب)، وليس بصحيح.

(1/3011)


[باب ما يذكر في الصدقة للنبي]
قوله: (باب مَا يُذْكَرُ فِي الصَّدَقَةِ): (يُذكَر): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.
قوله: (لِلنَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وَآلِهِ): تقدَّم الكلام على تحريم الصدقة على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآله؛ لأنَّها أوساخ الناس، وتقدَّم الكلام قريبًا على (الآل) من هم، والكلام على صدقة الفرض، والنفل؛ كلُّ ذلك قريبًا؛ فانظره.
==========
[ج 1 ص 403]

(1/3012)


[حديث: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة]
1491# قوله: (كخْ كخْ): هو بفتح الكاف وكسرها، وسكون الخاء وكسرها، وبالتَّنوين [1] (مع الكسر، وبغير تنوين) [2]، قال الدَّاوديُّ: هي كلمة أعجميَّة عُرِّبت؛ ومعناها على قول الدَّاوديِّ: بئس، قال في «القاموس [3]» شيخنا مجد الدين: وتُشدَّد الخاء فيهما.
==========
[1] زيد في (ب): (وبعض التنوين).
[2] ما بين قوسين سقط من (ب).
[3] في (ب): جاء (في «القاموس») بعد قوله: (مجد الدين).
[ج 1 ص 403]

(1/3013)


[باب الصدقة على موالي أزواج النبي]

(1/3014)


[حديث: هلا انتفعتم بجلدها]
1492# قوله: (حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة وفتح الفاء.
قوله: (حدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أبو محمَّد الفهريُّ المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم [1] مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ يُونُسَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم لغاته، وكذا تقدَّم (ابْنِ شِهَابٍ): أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور.
قوله: (شَاةً مَيْتَةً [2]): بالتَّخفيف والتشديد؛ لغتان.
قوله: (مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ): أمَّا (ميمونة)؛ فهي زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ميمونة بنت الحارث بن حزْن، الهلاليَّة، خالة ابن عبَّاس وخالد بن الوليد، وخالة عبد الله بن شدَّاد، وخالة يزيد بن الأصمِّ، تُوفِّيت سنة إحدى وخمسين، وقيل غير ذلك، أخرج لها الأئمَّة السِّتَّة وأحمد في «المسند»، مناقبها كثيرة مشهورة رضي الله عنها، وأمَّا مولاتها؛ فلا أعرف اسمها، والله أعلم.
قوله: (حَرُمَ أَكْلُهَا): هو بفتح الحاء وضمِّ الرَّاء، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أكلُها): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر.
==========
[1] زيد في (ب): (مرارًا).
[2] في «اليونينيَّة»: (مَيِّتة).
[ج 1 ص 403]

(1/3015)


[حديث: اشتريها فإنما الولاء لمن أعتق]
1493# قوله: (حدَّثنا الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة الكنديُّ مولاهم، فقيه الكوفة، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم أن لهم شخصًا آخر اسمه الحكم بن عتيبة، وأنَّ البخاريَّ جعلهما واحدًا، فعُدَّ من أوهامه.
قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد النخعيُّ، وتقدَّم أنَّ (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النخعيُّ عالم [1] الكوفة؛ كلٌّ منهما مُتَرجَمًا.
قوله: (أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ): تقدَّم أنَّ بريرة اسم أبيها صفوان وأنَّها قبطيَّة، قال الذَّهبيُّ: حبشيَّة، اشترتها عائشة من بني كاهل، وقال بعضهم: من عتبة بن أبي لهب، قال زيد بن واقد: حدَّثنا عبد الملك بن مروان قال: كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن أَلِيَ هذا الأمر، وكانت تقول: يا عبد الملك؛ إنِّي أرى فيك خصالًا، وإنَّك لخليق بهذا الأمر، فإن وُلِّيته؛ فاحذرِ الدِّماء، فإنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنَّ الرجل ليُدفَع عن باب الجنَّة بملء مَحجَمةِ من دم يُريقه من مسلم بغير حقٍّ»، قال الذَّهبيُّ: قلت: رواه عبد الخالق بن زيد عن أبيه، وليس بثقة، قال: روى يزيد بن رومان، عن عروة، عن بريرة قالت: (كان فيَّ ثلاث سُنَن ... )؛ الحديث [2]، قال النَّسائيُّ: هذا خطأ، أخرج لها النَّسائيُّ، وبقيٌّ أخرج لها حديثًا.
قوله: (وَأُتِيَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِلَحْمٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
قوله: (تُصُدِّقَ بِهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

(1/3016)


[باب: إذا تحولت الصدقة]

(1/3017)


[حديث: إنها قد بلغت محلها]
1494# قوله: (حدَّثنا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن مهران الحذَّاء، تقدَّم الكلام عليه وعلى نسبته لماذا.
قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ): تقدَّم أنَّها نُسَيبة _بضمِّ النون وفتح السين على الأصحِّ_ بنت كعب الأنصاريَّة، صحابيَّة جليلة، تقدَّمت مترجمة رضي الله عنها، وقد قيَّدها بـ (الأنصاريَّة)؛ احترازًا من أمِّ عطيَّة العَوْصِيَّة، لكنَّ الأكثر فيها أمُّ عصمة؛ وهي امرأة من قيس، وهي أمُّ عصمة، روت عنها أمُّ الشعثاء، وبعضهم قال فيها [1]: أمُّ عطيَّة، صحَّح لها الحاكم في «الأدعية»، ولهم أمُّ عطيَّة الأنصاريَّة التي تختن النساء، لعلَّها نسيبة، والله أعلم.
قوله: (بَعَثَتْ [2] إِلَيْنَا نُسَيْبَةُ): تقدَّم أنَّها أمُّ عطيَّة، وأنَّ الأصحَّ فيها ضمُّ النُّون وفتح السِّين، والله أعلم.
قوله: (بَلَغَتْ مَحِلَّهَا): تقدَّم أنَّه بكسر الحاء، ويجوز فتحها، وأنَّ ابن قرقول قال في «مطالعه»: (هذا المحلُّ)؛ بكسر الحاء وفتحها، وهو موضع الحلول، ومنه بلغت محلَّها؛ أي: موضعَها ومستحقَّها، قال الله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: 33]، وكذا ذكر اللُّغتين الجوهريُّ في «صحاحه».
قوله: (وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): (أبو داود) هذا: هو سليمان بن داود بن الجارود، الطَّيالسيُّ الحافظ، عن ابن عون وشعبة، وعنه: بندار، وأحمد بن الفرات، والكديميُّ، قال: أسرد ثلاثين ألف حديث ولا فخر، ومع ثقته؛ فقال إبراهيم بن سعد الجوهريُّ: أخطأ في ألف حديث، كذا قال، وثَّقه غير واحد، وله ترجمة في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، وروى له مسلم والأربعة، تُوفِّي سنة (204 هـ)، ويقال سنة (203 هـ) رحمه الله تعالى.
والحكمة في المجيء بهذا التعليق: أنَّ قتادة مدلِّس، وقد عنعن عن أنس، فجاء بهذا التعليق؛ لأنَّ فيه تصريحَ قتادة بالسَّماع من أنس، والله أعلم، وتعليق أبي داود هذا ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، قال شيخنا: أسنده أبو نعيم في «مستخرجه» فقال: (حدَّثنا عبد الله: حدَّثنا يونس: حدَّثنا أبو داود _يعني: الطيالسيُّ_: أنبأنا شعبة ... )؛ فذكره.

(1/3018)


[باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا]
قوله: (وَتُرَدَّ في الْفُقَرَاءِ): (تُردَّ): هو [1] مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.
==========
[1] (هو): ليس في (ج).
[ج 1 ص 403]

(1/3019)


[حديث: إنك ستأتي قومًا أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم]
1496# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك الإمام، مشهور التَّرجمة.
قوله: (عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عبَّاس): تقدَّم مرَّات أنَّه نافذ؛ بالنُّون والفاء والذال المعجمة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ [1] بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ): تقدَّم متى بعثه في أوَّل (الزَّكاة)؛ فانظره.
==========
[1] في النسخ: (لما)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 1 ص 403]

(1/3020)


[باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة]
[ج 1 ص 403]
قوله: ({وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}) [التوبة: 103]: أي: ادع لهم واستغفر.

(1/3021)


[حديث: اللهم صل على آل فلان]
1497# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن مُرَّة، المراديُّ الجَمَليُّ، أبوعبد الله الكوفيُّ، أحد الأعلام، عن ابن أبي أوفى، وابن أبي ليلى، وابن المسيّب، وعدَّة، وعنه: مسعر، وشعبة، وسفيان، وخلق، وكان من الأئمَّة العاملين، قال أبو حاتم: ثقةٌ، يرى الإرجاء، مات سنة (116 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى): علقمة بن خالد بن الحارث الأسلميُّ، أبو معاوية، وقيل: إبراهيم، وقيل: أبو مُحَمَّد، بايع تحت الشَّجرة، وهو آخر الصَّحابة موتًا بالكوفة، تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وثمانين، أخرج له الجماعة، وأمَّا أبوه أبو أوفى؛ فقد قدَّمت في ترجمة ابنه: أنَّه علقمة بن خالد بن الحارث، بعث مع ابنه عبدِ الله بصدقته إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله: (اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَى آلِ فُلاَنٍ): آل الرجل: أهله وعياله، وآله أيضًا: أتباعه، فيحتمل قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «اللَّهمَّ؛ صلِّ على آل فلان»، و «اللَّهمَّ؛ صلِّ على آل أبي أوفى» أن يريد ما ذكرته، ويحتمل أن يريد بآل الشَّخص: نفس الشَّخص، فيكون مثل قوله: «من مزامير آل داود»، فـ (آل) هنا: صلة وزائدة، وهذا أنسب؛ لأنَّ الشَّخص هو المُتصدِّق، فناسب أن يدعوَ له، وفي تبويب البخاريِّ ما يُرشِد إلى هذا، فإنَّه بوَّب عليه هنا: (باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصَّدقة)، ويؤيِّده قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]، ومَن خَصَّ أخاه بالدُّعاء دون نفسه، [وسيأتي في باب: (هل يُصلَّى على غير الأنبياء): (وكان إذا أتى الرَّجل النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بصدقةٍ [1]؛ قال: «اللَّهمَّ؛ صلِّ عليه») انتهى] [2].
فإن قيل: الدُّعاء لأهله وعياله دعاء له؛ فالجواب: أنَّه خلاف الحقيقة، والكلام في الصَّلاة على غير الأنبياء [وعلى دافع الزَّكاة] [3]، أذكره إن شاء الله تعالى وقدَّره في (كتاب الأدب).

(1/3022)


[باب ما يستخرج من البحر]
قوله: (باب مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ): (يُستخرَج): مَبْنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.
قوله: (لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ، هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ): قيل: إنَّ العنبر شيء ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البرِّ، وقيل: إنَّه شجر يتكسَّر، فيصيبها الموج، فيلقيها إلى السَّاحل، وقيل: إنَّه جشاء دابَّة، وقيل: يخرج من عين، وقال ابن البيطار: ينبت في قعر البحر، فتأكله بعض دوابِّه، فإذا امتلأت منه؛ قذفته رجيعًا، وهو في خلقه كالعظام [1] من الخشب، وقيل: إنَّه زبد البحر، وهذا ملخَّص من كلام شيخنا الشَّارح، انتهى، وأخبرني بعض التِّجار أنَّه شمعٌ، وأنَّه رأى أجنحة النَّحل فيه داخل جسمه.
فائدة: أخرج البخاريُّ في هذا الباب حديث الخشبة، وموضع الاستشهاد له ليس أخذ الدنانير، وإنَّما هو أخذ الخشبة على أنَّها حطبة، فدلَّ على إباحة مثل هذا ممَّا يلفظه البحر، أمَّا ما ينشأ في البحر أو ما سبق فيه ملك وعطب وانقطع ملك صاحبه منه على اختلاف العلماء في ملك هذا مطلقًا، وإذا جاز تملُّك الخشبة وقد تقدَّم عليها ملك [2]؛ فتملُّك نحو العنبر الذي هو من مخلوقات البحر ولم يتقدَّم عليه ملك أولى، نبَّه عليه ابن المُنَيِّر رحمه الله تعالى.
وقوله: (دَسَرَهُ): هو بالدَّال والسِّين المهملتين، ثمَّ راء؛ أي: دفعه ورمى به.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.
قوله: (وَاللُّؤْلُؤِ): في (اللُّؤلؤ) لغاتٌ أربع وهي قراءات؛ إحداهنَّ بهمزتين، والثانية: {لُوْلُوْ} [الطور: 24]؛ بغير همز فيهما، والثالثة: بهمز الأوَّل دون الثَّاني، والرَّابعة: بالعكس، وهو شيء معروف.
قوله: (فِي الرِّكَازِ): سيأتي الكلام عليه قريبًا إن شاء الله تعالى.
==========
[1] في (ج): (كالطعام).
[2] في (ب): (تلك)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 404]

(1/3023)


[معلق الليث: أن رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل]
1498# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ [1] ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ هذا الحديث الذي ذكره [2] هنا في (الزَّكاة) ذكره أيضًا في (الكفالة) و (الاستقراض) و (اللُّقطة) و (الشُّروط) و (الاستئذان) بصورته هنا تعليقًا: وقال اللَّيث: حدَّثني جعفر بن ربيعة [به [3]، وقال في (باب التِّجارة في البحر) من (البيوع): وقال اللَّيث: حدَّثني جعفر بن ربيعة ... ] [4] إلى آخره، لم يذكر أبو مسعود ولا خلف قول البخاريِّ: (حدَّثني عبد الله بن صالح: حدَّثني اللَّيث بهذا)، وهو ثابت في عدَّة [5] أصول من رواية أبي الوقت عن الدَّاوديِّ، عن ابن حمُّويه، عن الفربريِّ، عن البخاريِّ، وليس هذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ من رواية أبي ذرٍّ، ولا في أصلنا الدِّمشقيِّ المقابل على نسخة السُّمسياطيَّة [6] والضِّيائيَّة [7] الذي هو [8] من رواية أبي الوقت؛ فاعلمه، وهذا لا أعلم في «البخاريِّ» حديثًا نظيره، وهو أن يذكر البخاريُّ حديثًا سبع مرَّات مُعلَّقًا بصيغة جزم ولا يُسنِده، وعلى ما جاء في بعض الأصول ستَّ مرَّاتٍ، ويسنده مرَّةً سابعة، والله أعلم، وقال شيخنا الشَّارح في «شرح التنبيه»: وعلَّق البخاريُّ في مواضع وأسنده الإسماعيليُّ، فذكر هذا الحديث، وقال في هذا الشَّرح في (كتاب الاستئذان): أخرجه الإسماعيليُّ عن مُحَمَّد بن سليمان: حدَّثنا عاصم: حدَّثنا اللَّيث به، انتهى، وقال هنا: ورواه النَّسائيُّ عن عليِّ بن مُحَمَّد، عن داود، عن منصور، عن اللَّيث، وذكر ابن أبي (أحدَ عشرَ في «جمعه»: أنَّ أبا خلدة حدَّثه به متَّصلًا) [9]، فساقه من حديث عمر بن الخطَّاب السِّجستانيِّ: حدَّثنا عبد الله بن صالح عن اللَّيث به، وذكره أبو نعيم في «مستخرجه» من حديث عاصم بن عليٍّ: حدَّثنا به اللَّيث، (ورواه الإسماعيليُّ من هذا الوجه أيضًا، ومن حديث آدم بن أبي إياس عن اللَّيث) [10]، انتهى، وقد رقم عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»: (خ، س)، ولم أره عزاه في «أطرافه» إلى النَّسائيِّ إنَّما رأيت رقمًا فقط.

(1/3024)


وعبد الله بن صالح: هو ابن مُحَمَّد بن مسلم، الجهنيُّ المصريُّ، أبو صالح، كاتب اللَّيث بن سعد على أمواله، وهو صاحب حديث وعلم، وله مناكير وترجمة في الميزان مُطوَّلة، وقد قدَّمتُ أنَّ البخاريَّ روى عنه في «التَّاريخ»، والصَّحيح: أنَّه روى عنه في «الصَّحيح»، ولكنَّه يدلِّسه فيقول: حدَّثنا عبد الله ولا ينسبه، وهو هو، نعم؛ قد [11] علَّق البخاريُّ حديثًا قال فيه: (قال اللَّيث بن سعد: حدَّثني جعفر بن ربيعة)، ثمَّ قال في آخر الحديث: (حدَّثني عبد الله بن صالح: حدَّثنا اللَّيث)؛ فذكره، ولكنَّ هذا عند ابن حمُّويه السَّرخسيِّ دون صاحبيه، كما قدَّمته، وفي الجملة: ما هو بدون نُعيم بن حمَّاد ولا إسماعيلَ بن أبي أويس ولا سويد بن سعيد، وحديث الأوَّلين فيهما، والثَّالث في «مسلم»، ولكلٍّ منهم مناكيرُ، ولم يُخرِّج لنعيم استقلالًا، إنَّما روى مقرونًا، وقد اتُّهِم بالوضع، وإسماعيل روى له استقلالًا، وروى له مسلم، كما تقدَّم، وسأذكر كلامًا [12] مُطوَّلًا في كاتب اللَّيث في (سورة الفتح) إن شاء الله تعالى.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ): أمَّا الُمستسلِف؛ فلا أعلم أحدًا سمَّاه، وأمَّا
[ج 1 ص 404]
المُسلِف؛ فرأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكر في (الكفالة) عن مُحَمَّد بن الربيع الجيزيِّ في (كتاب من دخل مصر من الصحابة) بإسناده إلى عبد الله بن عمرو يرفعه: (أنَّ رجلًا جاء إلى النَّجاشيِّ فقال له: أسلفني ألف دينار إلى أجل، قال: فائتني بالحميل، قال: الله، فأعطاه الألف)، وساق قصَّة نحو القصَّة الواقعة في «الصحيح» انتهى، وفي كونه النَّجاشيَّ بُعْدٌ؛ لأنَّه أخذ الخشبة لأهله حطبًا، ولقوله: (كَسَرَهَا [13])، ولقوله: (فخرج إلى البحر يلتمس [14] مركبًا).
==========
[1] (بن ربيعة): سقط من (ج).
[2] في (ج): (ذكر).
[3] (به): ليس في (ج).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[5] في (ب): (بعدة).
[6] في (ب): (الشميساطية) وفي (ج): (السميصاتية).
[7] في (ج): (وأيضًا منه)، وهو تحريف.
[8] (هو): ليس في (ج).
[9] ما بين قوسين سقط من (ب).
[10] ما بين قوسين سقط من (ب).
[11] (قد): ليس في (ج).
[12] (كلامًا): ليس في (ج).
[13] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نقرها).
[14] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فخرج في البحر فلم يجد).

(1/3025)


[باب: في الركاز الخمس]
قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ [1]): أمَّا (مالك)؛ فهو الإمام شيخ الإسلام، مشهور جدًّا.
وأمَّا (ابن إدريس) هذا؛ فقد قيل: إنَّه الإمام أبو عبد الله مُحَمَّد بن إدريس بن العبَّاس بن عثمان بن شافع بن [2] الَّسائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطَّلب بن عبد مناف بن قُصيٍّ، القرشيُّ المطَّلبيُّ الشَّافعيُّ؛ لقرنه بمالك، وكذا قال الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ شيخ شيوخنا، وقال شيخنا الشَّارح: الظَّاهر أنَّه الإمام الشَّافعيُّ، قال: وقال ابن التِّين عن أبي ذرٍّ: إنَّه يُقال: ابن إدريس الشافعيُّ، وقيل: عبد الله بن إدريس الأوديُّ الكوفيُّ، وهو أشبه، انتهى، (وجزم شيخنا الشَّارح في أوَّل «شرح المنهاج» له بأنَّه الشَّافعيُّ هنا وفي العَرَيَّة؛ فاعلمه) [3]، وكذا جزم به الإسنويُّ في أوَّل «طبقات الفقهاء» له، (ونقل بعض الحفَّاظ المصريِّين الجزم بأنَّه الشَّافعيُّ عن أبي زيد المروزيِّ في روايته [4] عن الفربريِّ، ثمَّ ذكر القول بأنَّه الأوديُّ، فقال: ولا يصحُّ، انتهى) [5].
قوله: (الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ [6]): (دِفن): بكسر الدَّال؛ أي: مدفونهم، ولم أرَ لأحد في تقييده كلامًا، ولكنَّ هذا صحيحٌ، ولو قُرِئ بفتح الدَّال؛ لكان له وجه.
قوله: (فِي [7] الْمَعْدِنِ جُبَارٌ): (المعدِن)؛ بكسر الدَّال: الموضع الذي يُستخرَج منه جواهر الأرض؛ كالذَّهب، والفضَّة، والنُّحاس، وغير ذلك، والعدن: الإقامة، والمعدن: مركز كلِّ شيء.
وقوله: (جبار): أي هدر، وهو الذي لا طلب فيه ولا قود ولا دِية، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة: فيه قولان: أحدهما: أنَّه [8] إذا استأجر من يحفر له معدِنًا فسقط عليه؛ فهو جُبار، ويُؤيِّد هذا القول اقترانُه بقوله: (البئر جبار، والعجماء جبار)، والثاني: كونه لا زكاة فيه، ويُؤيِّد هذا القول اقترانُه بقوله: (وفي الرِّكاز الخمس)، ففرَّق بين المعدن والرِّكاز، فأوجب الخمس في الرِّكاز؛ لأنَّه نوع مال مجموع يوجد بغير كلفة ولا تعب، وأسقطها عن المعدن؛ لأنَّه يحتاج إلى كلفة وتعب في استخراجه، والله أعلم، انتهى، وفي مذهب الشَّافعيِّ: فيه ربع العشر، والقول الثَّاني: الخمس؛ قياسًا على الرِّكاز، والقول الثَّالث: إن حصل بتعب؛ فربع العشر، وإلَّا؛ فخمسه، ويُشترَط الحول، لا النِّصاب على المذهب فيهما [9]، والله أعلم.

(1/3026)


قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ [10]، العالم المشهور.
قوله: (مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ): هو بكسر السِّين المهملة وفتحها، وتُؤنَّث وتُذكَّر: الصُّلح.
قوله: (وَإِنْ وُجِدْتِ اللُّقَطَةُ): (وُجِدت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (اللُّقطةُ): نائب مناب الفاعل، فهو مرفوع، وفي اللُّقطة لغاتٌ أربع نظمها الإمام ابن مالك، وهي:
~…ولُقْطَةٌ لُقَاطةٌ ولُقَطَةْ…ولَقَطٌ ما لاقطٌ قد لَقَطَهْ
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخنا الشَّارح: هو أبو حنيفة كما صرَّحوا به، ومنهم: ابن التِّين، وقال _يعني: ابن التِّين_: وذلك لأنَّ العلَّة التي ذكرها البخاريُّ هي كالعلَّة المرويَّة عن أبي حنيفة، انتهى، وينبغي أن يجيء هذا في كلِّ مكان قال فيه البخاريُّ: (وقال بعض النَّاس)، ورأيت غير واحد من الحنفيَّة لا يتوقَّفون أنَّ مراد البخاريِّ ذلك، وقد ذكر البخاريُّ في (الإكراه): (باب إذا أُكره حتى وهب عبدًا أو باعه؛ لم يجز، وقال [11] بعض النَّاس)، جزم شيخنا الشَّارح بأنَّه أبو حنيفة، وكذلك في أوائل (ترك الحيل)، وكذا في غيره من (الحيل)، والله أعلم.
قوله: (مِثْلُ دِفْنِ): تقدَّم أعلاه [12] أنَّه بالكسر في الدَّال [13]، وأنَّه لو قرئ بالفتح؛ لكان له وجهٌ.
قوله: (أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ): (أَركز): مبنيٌّ للفاعل، و (المعدنُ): مرفوع فاعله، وهذا ظاهر.
قوله: (لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ): (وُهِب): مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شيءٌ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
==========
[1] في هامش (ق): (ابن إدريس: قيل: إنَّه الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الملقَّب بناصر الحديث، صاحب المذهب، واستدلَّ على ذلك بقربه لمالك، وكذا قال الحافظ المِزِّيّ، ونقل ابن التِّين عن أبي ذرٍّ أنَّه يُقال: إنَّه الشافعيُّ، وقيل: هو عبد الله بن إدريس الأوديُّ الكوفيُّ).
[2] (شافع بن): ليس في (ج).
[3] ما بين قوسين سقط من (ج).
[4] في (ب): (رواية).
[5] ما بين قوسين سقط من (ج).
[6] في هامش (ق): (دِفن الجاهلية؛ بكسر الدال، كذا قال لي شيخي، وقد وجدته في نسخة «ش» مضبوطًا بالقلم بفتح الدال).
[7] (في): ليس في (ب).
[8] (أنه): ليس في (ج).
[9] (فيهما): ليس في (ج).
[10] (البصري): ليس في (ب).
[11] في (ج): (وكان)، وهو تحريف.
[12] في (ب): (بظاهرها).
[13] (في الدال): ليس في (ج).

(1/3027)


[ج 1 ص 405]

(1/3028)


[حديث: العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار]
1499# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وتقدَّم أنَّ ياء (سَعِيدِ بن المسيّب)؛ بالكسر وتُفتَح، وأنَّ (أَبَا سَلَمَةَ) عبدُ الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريُّ، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وتقدَّم مُتَرْجَمًا، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرحمن [1] بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ): تقدَّم الكلام أعلاه [2] على (جبار)، وأمَّا (العَجْماء)؛ فبالعين المهملة المفتوحة، ثمِّ جيم ساكنة، وفي آخره همزة ممدودة: البهيمة، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها لا تتكلَّم، وكلُّ مَن لا يقدر على الكلام؛ فهو أعجم ومُسْتَعْجِم.
قوله: (وَالْبِئْرُ جُبَارٌ): قيل: هي البئر العاديَّة القديمة، لايُعلَم لها حافرٌ ولا مالكٌ، فيقع فيها الإنسان أو غيره، فهو جبار وهدر، وهذا هو الأجير الذي ينزل إلى البئر، فينقِّيها أو يخرج شيئًا وقع فيها، فيموت، وقال شيخنا الشَّارح: والمراد هنا: ما حفره الإنسان؛ حيث يجوز له، فما هلك فيها؛ فهو هدر، وكذا إذا حفر بئرًا؛ فانهارت على الحافر أيضًا، وأبعَدَ من قال: المراد هنا: البئر القديمة، وكذا قاله [3] غيره، وقد تقدَّم شيء من ذلك أعلاه.
قوله: (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ): تقدَّم تفسير (الرِّكاز) من كلام البخاريِّ، والخلاف فيه، وها أنا أذكر تفسيره، فأقول: الرِّكاز عند أهل الحجاز: كنوز الجاهليَّة المدفونة في الأرض، وهي عند أهل العراق: المعادن، والقولان تحتملهما اللُّغةُ؛ لأنَّ كلًّا منهما مركوز في الأرض؛ أي: ثابت، يقال: ركَزه يركُزه ركزًا؛ إذا دفنه، وأركز الرجلُ؛ إذا وجد الرِّكاز، والحديث إنَّما جاء في التفسير الأوَّل؛ وهو الكنز الجاهليُّ،
[ج 1 ص 405]
وإنَّما كان فيه الخمس؛ لكثرة نفعه، وسهولة أخذه، وقد جاء في بعض طرقه في «المسند» لأحمد: «وفي الرَّكائز الخمس»، فإنَّها [4] جمع (ركيزة أو ركازة)، والرَّكيزة والركزة: القطعة من جواهر الأرض المركوزة [5]، وجمع الركزة: ركاز، والله أعلم.
==========
[1] في (ج): (عبد الله)، والمثبت هو الصواب.
[2] (أعلاه): ليس في (ب).
[3] في (ج): (قال).
[4] في (ج): (كأنها).
[5] (المركوزة): ليس في (ج).

(1/3029)


[باب قول الله تعالى: {والعاملين عليها}]
قوله: (وَمُحَاسَبَةِ): هو مجرور؛ لأنَّه معطوف على (قولِ الله).
قوله: (الْمُصَدِّقِينَ): جمع (مُصدِّق)، وقد تقدَّم ضبطه: وهو جابي الصدقة.
==========
[ج 1 ص 406]

(1/3030)


[حديث: استعمل رسول الله رجلًا من الأسد على صدقات بني سليم]
1500# قوله: (حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ): تقدَّم أنَّ أبا حُمَيد هذا بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّ اسمه عبدُ الرحمن، وقيل: المنذر، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه، تقدَّم مُتَرْجَمًا.
قوله [1]: (رَجُلًا مِنَ الأَسْدِ): هو بإسكان السِّين، وهي لغة في (الأزد)، وسيجيء الكلام عليه.
قوله: (عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام: قبيلة معروفة، (قال مُحدِّث حافظ عصري: إنَّ المبعوثَ إليهم بنو ذبيان، أفاده العسكريُّ) [2].
قوله: (يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ [3]): (يُدعى): مَبْنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (ابنَ): منصوب، مفعول ثانٍ، و (اللُّتْبِيَّة): بضمِّ اللَّام، وإسكان المثنَّاة فوقُ، وبعدها موحَّدة مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة تُسمَّى [4] ياء النَّسب، ثمَّ تاء التَّأنيث، منسوبة إلى بني لُتْب من الأَسْد؛ بفتح الهمزة، وإسكان السِّين، وقد تقدَّم أعلاه، ويُقال فيه: ابن [5] اللُّتَبية؛ بفتح التَّاء، ويُقال فيه: ابن الأُتْبيَّة؛ بالهمز وإسكان التَّاء، وليسا بصحيحين، والصَّواب: ما قدَّمته لك أوَّلًا، ووقع تسميته بـ (عبد الله) في بعض روايات البخاريِّ في [6] رواية أبي زيد المروزيِّ، وقال ابن قرقول ما لفظه: واللَّيثيُّ، وبه يشتبه [7] اللُّتبيُّ إلى بني لُتْب، واسمه عبد الله، ويُقال فيها: ابن الأتبيَّة؛ [وهو وهمٌ، وصوابُهُ: (اللُّتْبيَّة)] [8] بإسكان التَّاء وضمِّ اللَّام، قاله الأصيليُّ، وضبطه بخطِّه في باب (محاسبة العمَّال)، وكذلك قيَّده ابن السَّكن رحمهما الله تعالى.
تنبيه شارد: وقع في «المهذَّب» في الفقه للشَّافعيَّة: (استعمل رجلًا من بني أَسَد يُقال له: ابن اللُّتبيَّة)، وهو سبق قلم، والصَّواب: (من [9] الأَسْد)، وهي لغة في (الأزد)، كما تقدَّم.
==========
[1] زيد في النسخ: (إن)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] في هامش (ق): (اسم ابن اللتبية: عبد الله).
[4] في النسخ: (ثم)، وهي في (أ) محتملة للمثبت.
[5] (ابن): ليس في (ج).
[6] في (ج): (من).
[7] في (ب): (نسبه).
[8] ما بين معقوفين مستدرك من «المطالع».
[9] زيد في (ب): (بني).
[ج 1 ص 406]

(1/3031)


[باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل]

(1/3032)


[حديث: أن ناسًا من عرينة اجتووا المدينة فرخص لهم رسول الله .. ]
1501# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ، الذي قال فيه أحمد ابن حنبل: ما رأت عيناي مثل يحيى بن سعيد.
قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ): اعلم أنَّه جاء من عُكْل، وجاء أنَّهم من عُرينة، وجاء أنَّهم من عُكْل أو من عرينة، وجاء أنَّهم من عُكْل وعُرَينة، وقد قدَّمت الرِّوايات في ذلك، وقدَّمت أنَّ عدَّتهم ثمانية، وقيل: سبعة، في باب (أبوال الإبل)، وضبطه: عُكْل وعُرينة.
قوله: (اجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ): هو بالجيم والتَّاء المثنَّاة فوق؛ أي: استوخموها واستوبلوها [1]، وقد تقدَّم في الباب أعلاه.
قوله: (مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا): تقدَّم الكلام عليه في الباب المشار إليه أعلاه، وكذا (الرَّاعِي): وأن اسمه يسار، وكذا (الذَّوْد): كم كان، وكذا (فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ بِهِمْ): تقدَّم الأمير في تلك السَّريَّة مَنْ كان، وتقدَّم عدد تلك السَّريَّة، وكذا (فَسَمَلَ [2] أَعْيُنَهُمْ)، وكذا: (الْحَرَّة).
قوله: (تَابَعَهُ أَبُو قِلاَبَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على (قتادة)، و (أبو قِلَابة): تقدَّم أنَّه بكسر القاف وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، ثمَّ تاء التَّأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله [3] بن زيد الجرميُّ، وأتى بهذه المتابعة؛ لأنَّ قتادة مدلِّس وقد عنعن، فأتى بهذه المتابعة وإن كان أبو قلابة وكذا حُميد مُدلِّسَين، إلَّا أنَّ ثابتًا ليس مُدلِّسًا، ففيه تقوية لرواية قتادة، والله أعلم.
ومتابعة أبي قِلابة: أخرجها البخاريُّ [4]، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وحديث حميد: أخرجه مسلم، وحديث ثابت: أخرجه أبو داود، وأخرجه مسلم في (الحدود)، وأدخل بين (أيُّوب) و (أبي قلابة): (أبا رجاء مولى أبي قلابة)، وذكر الدَّارقطنيُّ _على ما قاله شيخنا_: أنَّ رواية حمَّاد إنَّما هي: (عن أيُّوب عن أبي رجاء عن أبي قلابة)، قال: وسقوط أبي رجاء وثبوته صواب.
==========
[1] في النسخ: (استبلوها)، وهو تحريف عن المثبت.
[2] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وسمر)، والمثبت موافق لطريق أخرى في «البخاريِّ» [ح: 6802].
[3] زيد في (ج): (بن عبد الرحمن)، وليس بصحيح.
[4] زيد في (ب): (في الطهارة)، وضرب عليها في (أ).
[ج 1 ص 406]

(1/3033)


[باب وسم الإمام إبل الصدقة بيده]
قوله: (وَسْمِ الإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ): يُستحبُّ أن تُسمَ [1] إبل الصَّدقة والبقر والغنم، وإنَّما تُوسَم [2]؛ لتتميَّز [3] عن أملاك الإمام، ويتنزَّه صاحبها عن شرائها؛ لئلَّا يكون عائدًا فيما أخرجه لله تعالى، وفيه: تأكيد إشعار البدن؛ لتتميَّز عن أملاكه، وفيه: أنَّ النَّهي عن المثلة وتعذيب الحيوان مخصوص به [4]، يُقال: وسمتَه وسمًا وسِمةً [5]؛ إذا أثَّرتَ فيه بسِمَةٍ وكيٍّ، والهاء: عوض عن الواو، والمِيسم: المِكواة.
==========
[1] في (ب) و (ج): (يسم).
[2] في (ج): (يوسم).
[3] في (ب): (ليتميز).
[4] في (ج): (بها).
[5] في (ب) و (ج): (وسمه وسمًا ويسمه).
[ج 1 ص 406]

(1/3034)


[حديث: غدوت إلى رسول الله بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه]
1502# قوله: (حدَّثنا الْوَلِيدُ): هذا هو الوليد بن مسلم، الحافظ، أبو العبَّاس، عالم أهل الشام، تقدَّم مترجمًا، وكذا (الأَوْزَاعِيُّ) أبو عمرو، عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيُّ، وتقدَّم مُتَرْجَمًا، ولماذا نُسِب، وقد أفتى في [1] سبعين ألف مسألة، وهو أحد الأعلام.
قوله: (وفِي [2] يَدِهِ الْمِيسَمُ): هو بكسر الميم: المِكواة، تقدَّم أعلاه.
==========
[1] (في): ليس في (ج).
[2] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (في).
[ج 1 ص 406]

(1/3035)


((24 م)) (كتاب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) ... إلى (كتابُ الحَجِّ)
فائدة [3]: فُرضت زكاة الفطر في السَّنة الثَّانية من الهجرة، كما تقدَّم في أوَّل (الزَّكاة)، عام فُرض رمضان على القول بفرضيَّتها [4]، وقال بعضهم: واجبة، وقال بعض [5] (الشَّافعيَّة، وبعض أهل العراق، وداود في آخر أمره: إنَّها سُنَّة وليست واجبة) [6]، فهذه ثلاثة أقوال.
قوله: (وَرَأَى أَبُو الْعَالِيَةِ): هذا هو رُفَيع _ (كما صرَّح به شيخنا الشارح، انتهى) [7]_ ابن مِهران؛ بضمِّ الرَّاء، وفتح الفاء، الرِّياحيُّ _بكسر الرَّاء، وبالمثنَّاة تحت_ مولاهم، البصريُّ، أحد أئمَّة التَّابعين، أدرك الجاهليَّة، ودخل على أبي بكر، وصلَّى خلف عمر، وحفظ القرآن في خلافته، وروى عن أُبيِّ بن كعب، وعليٍّ، وابن مسعود، وحذيفة، وعائشة، وأبي أيُّوب، وابن عبَّاس، وطائفة، وعنه: قتادة، وثابت، والربيع بن أنس، وزياد بن الحُصَين، وعاصم الأحول، وداود بن أبي هند، والحذَّاء، وخلق، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم، قال أبو خلدة خالد بن دينار: سمعت أبا العالية يقول: أسلمت بعد موته عليه الصَّلاة والسَّلام بعامين، ترجمته معروفة، فلا نطوِّل بها، تُوُفِّيَ يوم الاثنين ثالث شوَّال سنة تسعين، وقال البخاريُّ: سنة (93 هـ)، وقيل: سنة (111 هـ)، والصَّحيح الأوَّل، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وله ترجمة في «الميزان»، وليس بأبي العالية زياد بن فيروز؛ فاعلمْه.
[ج 1 ص 406]
قوله: (وَعَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وكذا (ابْنُ سِيرِينَ): مُحَمَّد، وقد قدَّمت أنَّ أولاد سيرين الذكورَ والإناث _وسيرين عتيق أنس بن مالك_ ستَّةٌ؛ كلُّهم من التَّابعين؛ وهم: هذا، وأنس، ويحيى، ومعبد، وحفصة، وكريمة، كذا سمَّاهم ابن مَعِين، والنَّسائيُّ في «الكنى»، والحاكم في «علومه»، ولكن نقل في «التَّاريخ» [8] عن أبي عليٍّ الحافظ تسميتهم، فزاد: فيهم: خالد بن سيرين مكان كريمة، فالله أعلم، وذكر ابن سعد في «طبقاته»: عمرة بنت سيرين وسودة بنت سيرين، أمُّهما أمُّ ولد كانت لأنس.

(1/3036)


[حديث: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعًا من تمر]
1503# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَهْضَمٍ): هو بفتح الجيم، ثمَّ هاء ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة مفتوحة، ثمَّ ميم، وهو مصروف [1]؛ لأنَّ الجَهْضَم من الرِّجال: الضَّخمُ الهامة، المستدير الوجه، والجهضم: الأسد، والله أعلم، ومُحَمَّد هذا: يماميٌّ، مولى ثقيف، عن أبي معشر، وجماعة، وعنه: الكوسج، وأبو أميَّة، وطائفة، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.
قوله: (عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ [2]: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى قوله: (مِنَ الْمُسْلِمِينَ): فيه ردٌّ لقول مَنْ قال: إنَّ مالكًا انفرد عن نافع بقوله: (من المسلمين)، وأصل هذا الكلام للتِّرمذيِّ ذكره في (كتاب العلل) التي في آخر «الجامع»، ولم يذكرِ التِّرمذيُّ التفرُّد المطلق عن مالك، وإنَّما قيَّد بتفرُّد الحافظ؛ كمالك، ثمَّ صرَّح بأنَّه رواه غيره عن نافع ممَّن لا يُعتمَد على حفظه، وعلى كلِّ تقدير؛ فلم ينفرد مالك بهذه الزيادة، بل تابعه عليها الضَّحَّاك بن عثمان في «مسلم»، ولو انفرد فكان ماذا؟ فمالك النجم كما قاله الشافعيُّ، وقد تابعه أيضًا عليها غيرهما، فتابعه عبيد الله بن عمرو، صحَّح الحاكم إسناده، وعبد الله بن عمر في «الدَّارقطنيِّ»، وابن الجارود في «منتقاه»، وكثير بن فرقد، صحَّحه الحاكم على شرطهما، والدَّارقطنيُّ في «سننه»، والمعلَّى بن إسماعيل في «الدَّارقطنيِّ»، وصحَّحه ابن حِبَّان، وأيُّوب في «صحيح ابن خزيمة»، وقال ابن عبد البرِّ: رواه حمَّاد بن زيد، والمحفوظ من روايته ورواية غيره حذفها، ويونس [3] بن يزيد في «مشكل الطَّحاويِّ» من حديث يحيى بن أيُّوب عنه، وابن أبي ليلى في «الدَّارقطنيِّ»، وفيه ردٌّ على ابن عبد البرِّ: أنَّ ابن أبي ليلى رواه عن نافع بدونها، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وأيُّوب بن موسى في «البيهقيِّ»، والله أعلم، وقد لخَّصت هذا من كلام العراقيِّ، وفيه من كلام شيخنا الشارح.

(1/3037)


قوله: (صَاعًا مِنْ تَمْرٍ): تقدَّم أنَّ الصاع: أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ مختلف فيه؛ فقيل: رطل وثلث برطل بغداد، وبه يقول الشَّافعيُّ وفقهاء الحجاز، وقد تقدَّم أنَّ رطل بغداد: مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، وقيل: إنَّ المدَّ: رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق، فيكون الصَّاع على قول أهل الحجاز: خمسة أرطال وثلث برطل بغداد، وثمانية أرطال على قول أهل العراق، وفيه حديثان في «الدَّارقطنيِّ» من حديث أنس وعائشة، وهما ضعيفان، ورجع أبو يوسف إلى قول أهل الحجاز، وهو قول الجمهور، فالصَّاع على الأصحِّ عند الشَّافعيَّة: ستُّ مئة وخمسة [4] وثمانون درهمًا، وخمسة أسباع درهم.
قوله: (أَنْ تُؤَدَّى): هو مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/3038)


[باب صاع من شعير]

(1/3039)


[حديث: كنا نطعم الصدقة صاعًا من شعير]
1505# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، الإمام، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام.
قوله: (عن عِيَاضِ بنِ عَبْدِ اللهِ): سيجيء قريبًا ضبط [1] (سَرْح) في نسبه.
قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): هو أبو سعيد، سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وفي الصَّحابة من يُكنَى بأبي سعيد اثنا عشر؛ منهم: اثنان الصَّحيح: أنَّهما تابعيَّان، فبقي عشرة ممَّن شُهِر بأبي [2] سعيد رضي الله عنهم.
==========
[1] في (ب) و (ج): (ضبطه).
[2] في (ب): (بابن)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 407]

(1/3040)


[باب صدقة الفطر صاعًا من طعام]

(1/3041)


[حديث: كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام]
1506# قوله: (عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ): هو بفتح السِّين، وإسكان الرَّاء وبالحاء المهملتين، مشهور الترجمة.
قوله: (مِنْ أَقِطٍ): (الأَقِط): بفتح الهمزة وكسر القاف، ويجوز إسكانها مع فتح الهمزة وكسرها: لبنٌ مُجمَّد.
(تنبيه: قال الغزاليُّ في «الوسيط» في إجزاء الأَقِط قولان؛ أحدهما: التَّردُّد في صحَّة حديث ورد فيه، وقد تبع في ذلك الإمام؛ حيث قال في «النِّهاية»: وفي بعض الرِّوايات: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «أو صاعًا من أقط»، وليست هذه الرِّواية على الحدِّ المرتضى في الصِّحَّة عند الشَّافعيِّ، وليست على حدِّ التَّزييف عنده، فهذا منشأ الخلاف، وقد اعترضه الرَّافعيُّ، وقال: ليس في صحَّة الحديث تردُّد، وكذا ابن الصًّلاح؛ حيث قال: هذا مستنكر عند أهل الحديث، انتهى، وقد طعن ابن حزم في هذه اللَّفظة وردَّها في «محلَّاه»، فقال: لا يخرج في زكاة الفطر إلا التَّمر والشعير خاصة، وردَّ الأحاديث التي فيها زيادة على هذين الجنسين، فقال: واحتجُّوا بأخبار فاسدة، لا يصحُّ منها خبر ... إلى آخر كلامه، وفي كلامه نظر كثير، والله أعلم) [1].
==========
[1] مابين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 407]

(1/3042)


[باب صدقة الفطر صاعًا من تمر]

(1/3043)


[حديث: أمر النبي بزكاة الفطر صاعًا من تمر]
1507# قوله: (عِدْلَهُ): هو بكسر العين وفتحها؛ لغتان مشهورتان.
قوله: (مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ): اعلم أنَّه جاء عنه صلَّى الله عليه وسلَّم: صاع من دقيق، ورُوِي عنه: نصف صاع من بُرٍّ، والمعروف أنَّ عمر بن الخطَّاب [1] جعل نصف صاع من بُرٍّ مكان الصَّاع من هذه الأشياء، ذكره أبو داود، وفي «الصَّحيحين»: أنَّ معاوية هو الذي قوَّم ذلك، وفيه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم آثار مرسلة ومسندة، والله أعلم، (وكون الصَّاع من دقيق غلط من ابن عيينة نبَّه عليه أبو داود) [2].
==========
[1] زيد في (ب): (رضي الله عنه).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج)
[ج 1 ص 407]

(1/3044)


[باب صاع من زبيب]

(1/3045)


[حديث: كنا نعطيها في زمان النبي صاعًا من طعام]
1508# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الميم، ثمَّ نون مكسورة، ثمَّ ياء ساكنة، ثمَّ راء، مشهور.
قوله: (سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ): هو بفتح الحاء، وكسر الكاف، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الثَّوريُّ، تقدَّم قريبًا جدًّا.
قوله: (سَرْحٍ): تقدَّم ضبطه أعلاه، وكذا (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ) رضي الله عنه، تقدَّم تسميتُه ونسبُه.
قوله: (وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ): هو البُرُّ الشَّاميُّ، ويُطلَق على البُرِّ كلِّه.
قوله: (أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وفي نسخة في هامش أصلنا: (أَرى)؛ بفتح الهمزة.
==========
[ج 1 ص 407]

(1/3046)


[باب الصدقة قبل العيد]
قوله: (بَابُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ): أخرج فيه حديث أبي سعيد: (كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ)، موضع التَّرجمة قوله: (يوم الفطر)، فيدخل فيه ما قبل صلاة العيد إلى طلوع الفجر؛ وهو أوَّل اليوم، دلَّ أنَّه داخل في وقت إخراجها، والله أعلم، نبَّه عليه ابن المُنَيِّر، انتهى [1].
==========
[1] (انتهى): ليس في (ج).
[ج 1 ص 407]

(1/3047)


[حديث: كنا نخرج في عهد رسول الله يوم الفطر صاعًا من طعام]
1510# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): هو بفتح الفاء، تقدَّم مرارًا.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ): قد جاء منسوبًا في نسخة: (حفص بن ميسرة)، مشهور.
قوله: (وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ): إنْ رفعت (طعامنا)؛ فانصب (الشَّعير)، والباقي معطوف عليه، وإنْ نصبت (طعامنا)؛ فارفع (الشَّعير) وما بعده.
==========
[ج 1 ص 407]

(1/3048)


[باب صدقة الفطر على الحر والمملوك]
[ج 1 ص 407]
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.
قوله: (فِي الْمَمْلُوكِينَ): هو بكسر الكاف، جمع (مملوك)، وهو خلاف الحُرِّ.
قوله: (يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِي الْفِطْرِ): (يُزكَّى) فيهما: مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، ويجوز بناؤهما للفاعل، وبهما ضُبِط في أصلنا.

(1/3049)


[حديث: فرض النبي صدقة الفطر على الذكر والأنثى]
1511# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وهو بعيد منها، تقدَّم.
قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (فَأَعْوَزَ [1] أَهْلَ [2] [الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ): (أَعْوَز)] [3]؛ بفتح الهمزة، وإسكان العين المهملة، وفتح الواو، وبالزَّاي، و (أهلَ): منصوب، تقول: أعوزه الشيء؛ إذا احتاج إليه، فلم يقدر عليه، و (من التَّمر): محلَّه الرفع؛ أي: أعوز أهلَ المدينة التَّمرُ، وكون (أهل) منصوب هو ما في أصلنا بالقلم، قال الجوهريُّ: (أعوزه [4] الشَّيءُ؛ إذا احتاج إليه، فلم يقدر عليه ... ) إلى أنْ قال: (وأعوزه الدَّهرُ؛ أي: أحوجه)، وهذا صريح في أنَّ (أهل) منصوب، كما في أصلنا، وفي «المطالع»: (فأعوز أهلُ المدينة من التَّمر؛ أي: فقدوه واحتاجوا إليه، يُقال: أعوز؛ إذا احتاج) انتهى، وهذا صريح في أنَّ (أهل) بالرَّفع، وفي «أفعال ابن القطَّاع» ما لفظه: وعَوِز الشيءُ عَوَزًا لم يوجد، وعَوِز الرَّجل وأعوز: افتقر [5]، والشَّيء: تعذَّر، كذلك وأعوزني: تعذَّر عليَّ، والدَّهر أحوجه، وهذا لنصب (أهل)، والله أعلم، وفي [6] هامش أصلنا: (فأُعوِزَ): مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.
قوله: (عَنْ بَنِيَّ [7]): قال الدِّمياطيُّ: (يعني: عن بني نافع) انتهى، وهذا ظاهر.
قوله: (وَكَانُوا يُعْطُونَ): هم بضمِّ الياء والطَّاء، كذا في أصلنا.

(1/3050)


[باب صدقة الفطر على الصغير والكبير]

(1/3051)


[حديث: فرض رسول الله صدقة الفطر صاعًا من شعير]
1512# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه [1] ابن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مرارًا.
==========
[1] زيد في (ج): (يحيى).
[ج 1 ص 408]

(1/3052)


((25)) (كِتَابُ الحَجٍّ) ... إلى (بَابِ الرُّكُوبِ والاِرْتِدَافِ فِي الحَجِّ)
اختلف الناس متى فرض الحجُّ على أقوال؛ أقربُها: سنة خمس أو ستٍّ من الهجرة، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (وهما أرجح مِن قول مَنْ قال: سنة تسع) انتهى، وجزم الرَّافعيُّ بأنَّه في الخامسة، ذكره في «الشرح»، وصحَّح هو والنَّوويّث بأنَّه في السَّادسة في (كتاب السِّير)، وجزم به الماورديُّ في «حاويه»، وخالف في «الأحكام السُّلطانيَّة»، فقال: إنَّه فرض سنة ثمان، وصحَّح القاضي عياض بأنَّه في التَّاسعة، انتهى، وقيل: فُرِض سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع، وقيل: سنة عشر، و (سبعٌ) و (عشرٌ) غريبان، وقول آخر: إنَّه فُرِض قبل الهجرة، وهو غريب جدًّا، وقد حكاه الإمام في «النِّهاية»، ولفظه: واختلف أصحابنا: هل كان الحجُّ واجبًا قبل الهجرة على وجهين، انتهى [1]
فائدة: قال ابن إسحاق صاحب «المغازي»: ولم يبعثِ الله نبيًّا بعد إبراهيم إلا وقد حجَّ البيت، وعن بعض مَن ألَّف في المناسك حكاية وجهين في أنَّه كان واجبًا على الشرائع قبلنا، وادَّعى أنَّ الصَّحيح: أنَّه لم تجب إلَّا على هذه الأمَّة، وهو غريب، انتهى، وحديث ضِمام [2] بن ثعلبة فيه ذكر الحجِّ، وكان قدومه سنة تسع، وقيل: سنة خمس، نقله شيخنا عن مُحَمَّد بن حبيب؛ أعني: القول الثَّاني.
==========
[1] (انتهى): ليس في (ج).
[2] في (ب): (همام)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 408]

(1/3053)


[باب وجوب الحج وفضله]

(1/3054)


[حديث: كان الفضل رديف رسول الله]
1513# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وتقدَّم مرارًا.
قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ): هو بالمثنَّاة تحت، والسِّين المهملة.
قوله: (رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أرداف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد قدَّمت أنَّ ابن منده جمعهم نيِّفًا على ثلاثين بين رجل وامرأة وصبيٍّ، والله أعلم.
قوله: (فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ): هذه المرأة لا أعرفها، وجاء في رواية أخرى في هذا الكتاب: (امرأة من جهينة)، وجهينة وخثعم لا تجتمعان، فهما اثنتان، والله أعلم، قاله شيخنا، ولا شكَّ أنَّهما اثنتان؛ لأنَّ الجهنيَّة [1] قالت: (إنَّ أمِّي نذرت ... )؛ الحديث، والخثعميَّة قالت: (إنَّ فريضة الله على عباده في الحجِّ أدركت أبي شيخًا كبيرًا)، والله أعلم، قال شيخنا: يجوز أن تكون هذه المرأة _يعني: الخثعميَّة_ غاثية أو غايثة، لكنَّ فيه أنَّها سألت عن أمِّها؛ ففي «الصَّحابة» لابن منده وأبي نعيم: غاثية أو غايثة أتت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالت: إنَّ أمِّي ماتت وعليها نذرٌ أن تمشي إلى الكعبة، فقال: «اقضي عنها»، انتهى، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (غاثية أو غايثة سألت عن نذر على أمِّها، أرسله عطاء الخراسانيُّ، ولا يَثبُت) [2] انتهى، وسيأتي الكلام على تسمية الجهنيَّة.
قوله: (أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا): أبوها لا أعرفه؛ فليُنقَّب عنه.

(1/3055)


[باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}]
قوله: ({وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}) [الحج: 27]: الضَّامر: المهزول.
قوله: ({فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]): أي: طريق بعيد، وقال البخاريُّ: ({فِجَاجًا} [الأنبياء: 31]: الطُّرق [1] الواسعة).
==========
[1] في (ج): (الطريق).
[ج 1 ص 408]

(1/3056)


[حديث: رأيت رسول الله يركب راحلته بذي الحليفة]
1514# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (أحمد) غير منسوب، وهو أبو عبد الله أحمد بن عيسى المصريُّ التُّستريُّ [1]؛ [لكونه يتَّجر إليها] [2]، يروي عن عبد الله بن وهب، وضِمام بن إسماعيل، والمفضَّل بن فَضالة، وعدَّة، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والفريابيُّ، والبغويُّ، تُكلِّم فيه بلا حجَّة، تُوُفِّيَ سنة (243 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد راجعت «الأطراف» للمِزِّيِّ؛ فلم أرَه نسبه، بل قال: (أحمد) فقط، وقد قدَّمت كلام أبي عليٍّ الجيَّانيِّ في (الصلاة) في كلامه: (أحمد عن ابن وهب)، والخلاف فيه؛ فانظره، والله أعلم.
قوله: (عَنْ يُونُسَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم أنَّها بضمِّ الحاء المهملة، وفتح اللَّام، وأنَّها على ستَّة أميال من المدينة، وقيل: سبعة، وهو ماء من مياه بني جشم، تقدَّمت.
[ج 1 ص 408]
تنبيه: وقع في «الرَّافعيِّ»: أنَّ بينها وبين المدينة ميلًا، وهو غريب، لكنَّه لم ينفرد به، بل هو في «الشامل» و «البحر»، والله أعلم، وقد قدَّمت ذلك.
قوله: (ثُمَّ يُهِلُّ): هو بضمِّ أوَّله، ويجوز فتحه، يقال: هَلَّ وأهَلَّ، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية.
==========
[1] في (ب) و (ج): (التستري المصري).
[2] مابين معقوفين سقط من (ب) و (ج).

(1/3057)


[حديث: أن إهلال رسول الله من ذي الحليفة حين استوت به راحلته]
1515# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْوَلِيدُ): تقدَّم أنَّه الوليد بن مسلم، عالم أهل الشام، أبو العبَّاس الحافظ، تقدَّم مُتَرْجَمًا، وكذا تقدَّم (الأوزاعي): أنَّه عبد الرحمن بن عمرو، أبو عمرو الأوزاعيُّ، وتقدَّم لماذا نُسِب.
قوله: (سَمِعَ عَطَاءً): هذا [2] هو عطاء بن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرْجَمًا.
==========
[1] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[2] (هذا): ليس في (ج).
[ج 1 ص 409]

(1/3058)


[باب الحج على الرحل]
قوله: (باب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ): (الرَّحل): رحل البعير، وهو أصغر من القَتَب، و (القَتَب): رحل صغير على قدر السِّنَام.

(1/3059)


[معلق أبان: أن النبي بعث معها أخاها عبد الرحمن فأعمرها ... ]
1516# قوله: (وَقَالَ أبَانُ): تقدَّم أنَّ الصَّحيح: أنَّه مصروف [1] في أوائل هذا التَّعليق، وقوله: (وقال أبان) [2]: هو ابن يزيد العطَّار أبو يزيد البصريُّ، أحد الأثبات المشاهير، عن الحسن، وأبي عمران الجونيِّ، وقتادة، وطائفة من التَّابعين، وعنه: ابن المبارك، ويحيى بن سعيد القطَّان، وحَبَّان بن هلال، وعفَّان بن مسلم، وآخرون، قال أحمد: ثَبْتٌ في كلِّ المشايخ، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثقة، انتهى [3]، تُوُفِّيَ في [4] سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
وهذا تعليق مجزوم به، وقد قدَّمت أنَّ التَّعليق المجزوم به هو صحيح عنده على شرطه إلى مَن علَّقه عنه، ثمَّ منه إلى آخره قد يكون على شرطه وقد لا يكون؛ كهذا، فإنَّه رواه عن مالك بن دينار النَّاجي البصريِّ أبي يحيى أحد الأعلام، يروي عن أنس، وسعيد بن جبير، وعنه: أبان [5] بن يزيد، وهمَّام، وثَّقه النَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (123 هـ)، وقيل: سنة (127 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وروى له الأربعة، وهو من علماء البصرة وزُهَّادها المشهورين، وكان ينسخ المصاحف، صدوق، وثَّقه النَّسائيُّ _كما تقدَّم_ وغيره أيضًا، وقال بعضهم: صالح الحديث، وقال الأزديُّ [6]: يعرف وينكر، وقال ابن المدينيِّ: له نحو أربعين حديثًا، وقد استشهد به البخاريُّ، واحتجَّ به النَّسائيُّ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، له ترجمة في «الميزان»، وذكر صاحب «الميزان» في ترجمة مُحَمَّد بن واسع: أنَّ يحيى القطَّان سئل عن مالك بن دينار، ومُحَمَّد بن واسع، وحسَّان بن أبي سنان، فقال: ما رأيت الصَّالحين في شيء أكذب منهم في الحديث يكتبون عن كلِّ أحد، انتهى.
تنبيه: هذا التَّعليق _تعليق أبان عن مالك بن دينار_ ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، وقال شيخنا: أخرجه أبو نعيم في «مستخرجه» من حديث عَبْدة بن عبد الله: حدثنا حرميُّ بن عمارة: حدَّثنا أبان؛ يعني: ابن يزيد العطَّار ... ؛ فذكره، انتهى.

(1/3060)


قوله: (فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ): هو بفتح المثنَّاة فوق، ثمَّ نون ساكنة: من الحلِّ بين مكَّة وسرف على فرسخين من مكَّة، وقيل: هو على أربعة أميال، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ جبلًا عن يمينها يُقال له: نَعِيم، والآخر عن شمالها يُقال له: ناعم، والوادي: نَعمان، وقد تقدَّم، (وسيأتي أو تقدَّم أنَّ بين مكان الإحرام وبابي المسجد ستَّةَ عشرَ ألف خطوة، فذهابًا وإيابًا اثنتان وثلاثون ألف خطوة) [7].
قوله: (وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ): تقدَّم أعلاه ما القَتَبُ.
قوله: (وَقَالَ عُمَرُ): هو عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، أشهر مِنْ أنْ يُذكَر، وفي الصحابة مَن اسمه عمر ثمانية وعشرون شخصًا؛ منهم: أربعة وُهِمَ فيهم، وفيهم اثنان الصحيح: أنَّهما تابعيَّان، والله أعلم.
قوله: (شُدُّوا الرِّحَالَ): هو جمع (رحل)، وقد تقدَّم ما الرَّحل أعلاه [8].

(1/3061)


[معلق محمد بن أبي بكر: أن رسول الله حج على رحل وكانت زاملته]
1517# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّد بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ): كذا في أصلنا: (وقال مُحَمَّد بن أبي بكر)، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وعلَّم عليه (خت)؛ يعني: [البخاري] تعليقًا، وفي نسخة هي على طُرَّة أصلنا المصريِّ: (حدَّثنا مُحَمَّد بن [1] أبي بكر)، قال شيخنا الشارح: (والتعليق الثاني؛ وهو قوله: «وقال مُحَمَّد بن أبي بكر»؛ وهو المُقدَّميُّ، شيخ البخاريِّ، ووقع في بعض النسخ: «حدَّثنا مُحَمَّد بن أبي بكر»، وقد وصله الإسماعيليُّ أيضًا، فرواه عن يوسف القاضي وغيره عنه)، ثمَّ ذكره من عند أبي نعيم أنَّه وصله أيضًا بسنده، انتهى [2]، و (مُحَمَّد بن أبي بكر) هذا: هو مُحَمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن عطاء بن مُقدَّم، مولى ثقيف، أبو عبد الله المُقدَّميُّ البصريُّ، رَوَى الكثيرَ عن حمَّاد بن زيد، وأبي عوانة، ويزيد بن زُرَيع، وطائفة، وعنه: البخاريّث، ومسلم، وروى البخاريُّ أيضًا عن أحمد _غير منسوب_ عنه، وأبو زُرعة، وأبو حاتم، والحسن بن سفيان، وخلق، قال ابن معين: صدوق [3]، وقال أبو زرعة: ثقة، قال البخاريُّ: مات سنة (234 هـ)، زاد بعضهم: بالبصرة في أوَّل السَّنة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ.
وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال [4] فلان) وفلانٌ المسند إليه القول شيخُه؛ يكون متَّصلًا، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة، وتقدَّم [5] هذا مُطوَّلًا في أوائل هذا التعليق، وتقدَّم مختصرًا مرَّاتٍ.
قوله: (حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ زاي ساكنة، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، و (عزرة) هذا: يروي عن عمرو بن دينار، وطائفة، وعنه: وكيع، وابن مهديٍّ، والطبقة، وثَّقه ابن معين وجماعة، وأخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (عَلَى رَحْلٍ): تقدَّم أعلاه [6] ما الرَّحل [7].
قوله: (وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ): (الزَّاملة): البعير الذي يُحمَل عليه الطعام والمتاع، كأنَّها (فاعلة) من الزِّمل.

(1/3062)


[حديث: يا عبد الرحمن اذهب بأختك فأعمرها من التنعيم]
1518# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد شيخه، وهو من أكبر شيوخه، وقد روى هنا عن واحد عنه، تقدَّم مُتَرْجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ [1]): هو بالنُّون في أوَّله، وبعد الألف موحَّدة مكسورة، يروي عن قدامة بن عبد الله، وعن طاووس، وجماعة، وعنه: ابن مهديٍّ، وأبو حذيفة النَّهديُّ، وخلق، عابد فاضل، قال الدَّارقطنيُّ: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة بضع وخمسين ومئة، كذا رأيته بخطِّ أبي الفتح بن سيِّد النَّاس في حاشية على «الكمال»، وكذا قال الذَّهبيُّ في وفاته ممَّا زاده على المِزِّيِّ، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (فَأَعْمِرْهَا): هو بقطع الهمزة، فعل أمر، وهذا ظاهر.
قوله: (مِنَ التَّنْعِيمِ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه [2].

(1/3063)


[باب فضل الحج المبرور]
قوله: (باب فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ)، وكذا في الحديث: (حَجٌّ مَبْرُورٌ): تقدَّم أنَّه الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية، وقد تقدَّم مُطوَّلًا.
==========
[ج 1 ص 409]

(1/3064)


[حديث: سئل النبي: أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله ورسوله]
1519# قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (سَعِيد بن الْمُسَيّبِ): أنَّه بفتح الياء وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
==========
[ج 1 ص 409]

(1/3065)


[حديث: لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور]
1520# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحان، أحد العلماء، تقدَّم مُتَرْجَمًا.
[ج 1 ص 409]
قوله: (عن [1] حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ): (حَبِيب): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، القصَّاب الكوفيُّ، عن أمِّ الدَّرداء وسعيد بن جبير، وعنه: شعبة وابن فُضَيل، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (142 [2] هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ): (نَرى): بفتح النُّون في أصلنا، وكذا في نسخة الدِّمياطيِّ، وفي غيرها: بضمِّها، وهما صحيحان، وقد تقدَّم في (الحيض).
قوله: (لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ): هو بكسر الكاف، وتشديد النُّون، و (الجهاد): منصوب اسمها، وفي نسخة: (لَكُنَّ أفضلُ)؛ بضمِّ كاف (لَكُنَّ) مُشدَّد النُّون، و (أفضلُ): مرفوع، وبهذا ضبط ابن قرقول نسخته، وقال ابن قرقول: («لكنْ أفضلُ» _بإسكان النُّون بالقلم و «أفضلُ»: مرفوع_ كذا لأكثرهم، ولبعضهم: «لكِنَّ» _بكسر الكاف، وتشديد النُّون بالقلم_ أي: لكنَّ الجهاد في حقِّكنَّ أفضل، وفي حديث آخر: «جهادكنَّ الحجُّ»، ولم يقيِّده الأصيليُّ في كتابه) [3] انتهى، فصار فيه على ما في «المطالع» ثلاثة أوجه إن كان الضبط صحيحًا، وإن لم يكن؛ ففيه وجهان معروفان، والله أعلم.
==========
[1] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[2] في (ب): (114)، وليس بصحيح.
[3] «المطالع».

(1/3066)


[حديث: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه]
1521# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة والزَّاي، واسمه سلمان الأشجعيُّ، مولى عزَّة الأشجعيَّة، تقدَّم.
قوله: (فَلَمْ يَرْفُثْ): هو بضمِّ الفاء وكسرها، يُقال: رَفَث يرفُث ويرفِث رفْثًا؛ بالسُّكون في المصدر، والاسم بالفتح، ورفِث أيضًا يرفُث، قال ابن سِرَاج: وقد رُوِي: (فلم يرفِث)؛ بكسر الفاء، ويُقال: أرفث؛ إذا أفحش [1] في الكلام، والرَّفَث: الجماع أيضًا [2] والتَّحدُّث به، وقيل: هو أيضًا مذاكرة ذلك مع النِّساء، وقد اختُلِف في قوله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ} [البقرة: 197] على التَّفاسير المُتقدِّمة، قال الأزهريُّ: هي كلمة لكلِّ ما يريد الرَّجل من المرأة.
قوله: (رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ): (يوم): يجوز فيه النَّصب والجرُّ، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (ج): (فحش).
[2] (أيضًا): ليس في (ب).
[ج 1 ص 410]

(1/3067)


[باب فرض مواقيت الحج والعمرة]

(1/3068)


[حديث: فرضها رسول الله لأهل نجد قرنًا]
1522# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو بضمِّ الزَّاي، وهو ابن معاوية بن حُدَيج، الحافظ أبو خيثمة، تقدَّم مرارًا [1]، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (وَلَهُ فُسْطَاطٌ): تقدَّم أنَّه بيت من شَعَر، ولغاته: فُسْطاط، وفُسْتاط، وفُسَّاط، وكسر الفاء لغة فيهنَّ.
قوله: (وَسُرَادِقٌ): هو بضمِّ السِّين، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف دال مهملة مكسورة، ثمَّ قاف، مصروف، وهو واحد السُّرادقات التي تُمَدُّ فوق صحن الدَّار، وكلُّ بيت من قطن؛ فهو سُرَادِق، هذا لفظ «الصِّحاح»، وفي «المطالع»: (السُّرَادِق: الخباء وشبهُه، وأصله: كلُّ ما أحاط بالشَّيء ودار به، وقيل: ما يُدَار حول الخباء) انتهى.
قوله: (قَرْنًا): (قرْن): بإسكان الرَّاء لا خلاف فيه، وقد غلط الجوهريُّ في ذلك في موضعين؛ أحدهما: أنَّه قال: إنَّها [2] بفتح الرَّاء، وأنَّ أويسًا [3] منسوب [4] إليها، إنَّما هو منسوب إلى قبيلة مِن مراد مِن اليمن، وقد تقدَّم ذلك، ولكن [5] طال العهد به.
قوله: (وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم قريبًا ضبطُها، وكم هي من المدينة المشرَّفة، وتقدَّمت بعيدًا أيضًا.
قوله: (وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ): أمَّا (الشَّام)؛ فقد ضبطتُه في أوَّل هذا التَّعليق، وأمَّا (الجُحْفة)؛ فهي بضمِّ الجيم، وإسكان الحاء المهملة، وهي قرية جامعة بمنبر على طريق المدينة من مكَّة، وهي مَهْيَعة، وسُمِّيت الجُحْفة؛ لأنَّ السَّيل أجحفها وحمل أهلها، وهي على ستَّة أميال من البحر، وعلى ثمانية مراحلَ من المدينة، وقال بعضهم: على نحو سبع مراحل من المدينة، ونحو ثلاثة من مكَّة، انتهى، وهي بقُرب رابغ؛ حذوها.

(1/3069)


[باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}]

(1/3070)


[حديث: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون .. ]
1523# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، البلخيُّ، الزَّاهد، عن ابن عيينة ووكيع، وعنه: البخاريُّ والدَّارميُّ، ثقة، مات سنة (232 هـ)، أخرج له البخاريُّ فقط.
تنبيه: يحيى بن بِشْر الأسديُّ الحريريُّ، عن معاوية بن سلَّام، وسعيد بن بشير، وعنه: مسلم ومُطيَّن، مات سنة (229 هـ)، أخرج له مسلم فقط دون البخاريِّ، وثَّقه الدَّارقطنيُّ وغيره، لم يروِ عنه البخاريُّ شيئًا، هذا هو الصَّواب، وقال أبو عمرو بن الصَّلاح: روى عنه: البخاريُّ ومسلم، وتبع في ذلك القاضي عياضًا في «مشارقه»، والقاضي تبع فيه أبا عليٍّ الجيَّانيَّ في «تقييده»، والجيَّانيُّ تبع في ذلك أبا أحمد بن عديٍّ، وكذا قال الكَلاباذيُّ، والصَّواب الأوَّل، وله عند مسلم حديث واحد عن معاوية بن سلَّام، وأمَّا شيخ البخاريِّ؛ فهو يحيى بن بِشْر البلخيُّ، كما قدَّمته، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا شَبَابَةُ): هو بالشِّين المعجمة، وباءين موحَّدتين مخفَّفتين [1] بينهما ألف، وهو ابن سَوَّار؛ بفتح السِّين، وتشديد الواو، وليس في الكتب السِّتَّة شَبَابَة سواه، فهو فرد فيها، وهو فزاريٌّ مولاهم، أبو عمرو المدائنيُّ، عن يونس بن أبي إسحاق وحَرِيز [2] بن عثمان، وعنه: أحمد وعبَّاس الدُّوريُّ، وكان مرجئًا صدوقًا، قال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، تُوفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (عنْ وَرْقاءَ): هو بفتح الواو، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ قاف، ثمَّ همزة ممدودة، وهو وَرْقَاء بن عمر اليشكريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (فَإِذَا قَدِمُوا المَدِيْنَةَ [3]): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (مكَّة) عوضها، وهي هي، قال بعضهم: (المدينة) الصَّواب، ويعني به: مكَّة.
قوله: (رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا): أراد أن ينبِّه على أنَّه رُوِي موصولًا ومرسلًا، وقد قدَّمت في ذلك أربعة أقوال؛ الصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن وصل إذا كان ثقة، وقيل: الإرسال العبرة به، وقيل: الأكثر، وقيل: الأحفظ، وسفيان أحفظ من وَرْقَاء وأوثق، والله أعلم.

(1/3071)


[باب مهل أهل مكة للحج والعمرة]
قوله: (باب مُهَلِّ): هو بضمِّ الميم، وفتح الهاء: وهو مكان الإهلال، وهذا ظاهر.
قوله: (لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ): ذكر فيه حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام وقَّت لأهل المدينة ذا الحُلَيْفة ... ) إلى أنْ قال: (حتَّى أهل مكَّة يهلُّون من مكَّة)، ظاهر هذه الترجمة مع الاستدلال بهذا الحديث: أنَّ أهل مكَّة يهلُّون منها للحجِّ والعمرة، قال المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: ولا أعلم
[ج 1 ص 410]
أحدًا جعل مكَّة ميقاتًا للعمرة في حقِّ المكِّيِّ، بل عليه أن يخرج إلى أدنى الحلِّ كما أمر عليه الصَّلاة والسَّلام عبد الرَّحمن [1] وعائشة وذلك مع انتظاره وجملةِ [2] الحجيج لهما أدلُّ دليل على اعتبار ذلك، ثمَّ فِعْل مَن جاور مِن الصَّحابة بمكَّة، ثمَّ التابعين [3] إلى اليوم، وذلك إجماع في كلِّ عصر، فلو خالف وأحرم منها أو من الحرم؛ انعقد إحرامه بها على المشهور، وهل يُعتدُّ بطوافه وسعيه قبل الخروج إلى الحلِّ؟ فيه للشَّافعيِّ قولان: قال: فإن قلنا: يُعتَدُّ؛ لزمه دم؛ كمَن أحرم من دون الميقات ولم يرجع إليه، انتهى، وقال في مناسكه نحو [4] ذلك.
وقال شيخنا الشَّارح: (قال مالك: ما رأيت أحدًا أحرم بعمرة من الحرم، ولا يحرم أحد بعمرة من مكَّة، ولا تصحُّ العمرة عند جميع العلماء إلَّا من الحلِّ لمكِّيٍّ وغيره) انتهى، والظَّاهر: أنَّ هذا كلَّه من كلام مالك، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (بَاب وجوه الإحرام) في وسط الكلام على هذا الباب: قال جمهور العلماء: إنَّه يجب الخروج لإحرام العمرة إلى أدنى الحلِّ، وإنَّه لو أحرم بها في الحرم؛ لزمه دم، وقال عطاء: لا شيءَ عليه، وقال مالك: لا يُجزِئه حتَّى يخرج إلى الحلِّ.

(1/3072)


قال القاضي عياض: وقال قوم: لا بدَّ من إحرامه من التَّنعيم خاصَّة، قالوا: وهو ميقات المعتمرين من مكَّة، وهذا شاذٌّ مردود، والذي عليه الجماهير: أنَّ جميع جهات الحلِّ سواء، ولا يختصُّ بالتَّنعيم، والله أعلم، انتهى، والظَّاهر: أنَّ مَدْرك صاحب هذا القول حديثٌ في «مراسيل أبي داود» من حديث ابن سيرين قال: (وقَّت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لأهل مكَّة التَّنعيم)، ثمَّ قال أبو داود: (قال سفيان: هذا لا يكاد يُعرَف) انتهى، وهذا غريبٌ، وقد رواه أبو داود عن أحمد ابن يونس، عن فضيل [5]، عن هشام، عن ابن سيرين، لكن لو حُمِل [6] كلام البخاريِّ على ما إذا أراد القران من بمكَّة؛ فإنَّه يكفيه الإحرام من مكَّة على الأصحِّ عند الشَّافعيَّة، والله عزَّ وجلَّ [7] أعلم، وكان سائغًا غير أنَّه إن كان من حاضري المسجد الحرام؛ فإنَّه لا يلزمه دم، (وإلَّا؛ فيلزمه دم) [8]، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (ب): (بن أبي بكر).
[2] في (ب) و (ج): (حملة).
[3] في (ب): (التابعون).
[4] في (ج): (مثل).
[5] في (ب) و (ج): (فضل)، وهو تحريف.
[6] زيد في (ب): (هذا الكلام أي).
[7] (عزَّ وجلَّ): ليس في (ب).
[8] (وإلَّا فيلزمه دم): سقط من (ج).

(1/3073)


[حديث: إن النبي وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام .. ]
1524# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه [1] هو التَّبوذَكِيُّ، وتقدَّم أن (وُهَيْبًا): هو ابن خالد الكرابيسيُّ، الحافظ، وأن (ابْن طَاوُوس): اسمه عبد الله.
قوله: (ذَا الحُلَيْفَةِ): تقدَّم الكلام عليها قريبًا وبعيدًا، وكذا تقدَّمت (الشَّأم)، و (الجُحْفَة)، و (قَرْن)، وغلط الجوهريُّ فيه في مكانين.
قوله: (يَلَمْلَمَ): هي بفتح الياء المثنَّاة تحت، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ ميم ساكنة [2]، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ ميم أخرى، ويُقال فيها: ألملم، ويُقال فيها: يرمرم، وقد تقدَّم، وهو على مرحلتين من مكَّة.
قوله: (هُنَّ لَهُنَّ): كذا في الأصلِ الذي لنا، وفي نسخةٍ في هامشِه: (لهم) [3]، ولا إشكالَ في الثَّانيةِ، وأمَّا (هنَّ لهنَّ)؛ فكذا هو في «البخاريِّ»، و «مسلمٍ» [1181/ 11]، وغيرِهما.
ووقعَ عندَ أكثرِ رُواةِ البخاريِّ، ومسلمٍ [1181/ 12]: (فهنَّ لهم)، وكذا هو في «أبي داود» [1738]، وغيره، وكذا ذكرَه مسلمٌ مِن روايةِ ابنِ أبي شيبةَ [1181/ 12]، وهو الوجهُ؛ لأنَّه ضميرُ أهلِ هذِه المواضعِ، وأمَّا رواية: (لَهُنَّ)؛ أي: هذِه المواقيتُ جُعلتْ لهذِه البلادِ؛ وهيَ المدينةُ، والشَّامُ، ونجدٌ، وقَرْنٌ، واليمنُ؛ أي: هذِه المواقيتُ لهذِه الأقطارِ، والمرادُ: لأهلِها، فحُذِفَ المضافُ، وأُقِيمَ المضافُ إليه مُقامَه؛ قالَه القاضي عِياض [4].
قوله: (أَنْشَأَ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (أ) و (ج): (أنَّ).
[2] (ساكنة): سقط من (ج).
[3] وهي رواية أبي ذرٍّ.
[4] «مشارق الأنوار» (1/ 50).
[ج 1 ص 411]

(1/3074)


[باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة]
[قوله: (باب مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلاَ يُهِلُّوا قَبْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ): سيأتي الكلام على الإحرام من دويرة أهله] [1].
قوله: (وَلاَ يُهِلُّوا قَبْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ): (ذو الحُلَيْفة): تقدَّمت، وأمَّا الإهلال قبل الميقات؛ فسيأتي الكلام عليه، ومَنِ استحبَّه، ومن كرهه إن شاء الله تعالى.
==========
[1] ما بين معقوفين جاء في النسخ سابقًا بعد قوله: (فيلزمه دم، والله أعلم)، وهو مستدرك في هامش (أ)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».
[ج 1 ص 411]

(1/3075)


[حديث ابن عمر: يهل أهل المدينة من ذي الحليف]
1525# [قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ): قال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: يحتمل أن يكون ابن عمر عنى بمَن بلَّغه: ابنَ عبَّاس، فإنَّه ثابت في «الصَّحيح» من روايته، وهو عند أحمد، والطَّبرانيِّ، وغيرهما من حديث الحارث بن عمرو السَّهميِّ، وفي «مسند أحمد» من حديث جابر مرفوعًا، وهو في «مسلم»، لكن لم يصرِّح برفعه، وعند النَّسائيِّ من حديث عائشة، انتهى] [1].
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 411]

(1/3076)


[باب مهل أهل الشام]

(1/3077)


[حديث: وقت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام .. ]
1526# قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): هذا هو حمَّاد بن زيد بن درهم، الإمام، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 411]

(1/3078)


[باب مهل أهل نجد]

(1/3079)


[حديث: مهل أهل المدينة ذو الحليفة]
1527# 1528# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن عبد الله بن المدينيِّ، الإمام، وأمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عيينة، شيخ الحجاز، وأحد الأعلام، تقدَّم.
قوله: (مِنَ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، الإمام العلم الفرد.
قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (أحمد بن عيسى)، وهو التُّستريُّ، قال شيخنا: إنَّه ابن عيسى عند أبي نعيم، ثمَّ لخَّص ما قاله الجيَّانيُّ، انتهى، وقد تقدَّم ذكر الأماكن التي وقع فيها: (أحمد عن ابن وهب)، وما قيل فيه من عند الجيَّانيِّ، والله أعلم، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فإنَّه في «الأطراف» لم ينسبه.
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب المصريُّ، الإمام، و (يونس): هو ابن يزيدَ الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العلم الفرد.
قوله: (مَهْيَعَةُ؛ وَهِيَ الْجُحْفَةُ): (مَهْيَعة)؛ بفتح الميم، [وإسكان الهاء، ثمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثمَّ عين مهملة مثلها، ثمَّ تاء، ويُقال: مَهِيْعة؛ بفتح الميم] [1]، وكسر الهاء [2]، ثمَّ ياء ساكنة، والباقي مثله، وزان (مَعِيْشة).

(1/3080)


[باب مهل من كان دون المواقيت]

(1/3081)


[حديث: وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة]
1529# قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): تقدَّم أنَّه ابن [1] زيد، الإمام أعلاه [2].
قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار، المكِّيُّ الإمام، تقدَّم مُتَرْجَمًا.
قوله: (حَتَّى إِنَّ أَهْلَ [3] مكَّة): (إِنَّ): بكسر الهمزة؛ لأنَّها بعد (حتَّى)، وهذا ظاهر.
==========
[1] (ابن): سقط من (أ).
[2] في (ب): (بظاهرها).
[3] في (ب): (أهله)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 411]

(1/3082)


[باب مهل أهل اليمن]

(1/3083)


[حديث ابن عباس: أن النبي وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ... ]
1530# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم أنَّه وهيب بن خالد، الحافظ الكرابيسيُّ.
==========
[ج 1 ص 411]

(1/3084)


[باب: ذات عرق لأهل العراق]
قوله: (بَابٌ: ذَاتُ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ): (عِرْق): بكسر العين المهملة، وإسكان الرَّاء، وبالقاف، وهي على مرحلتين من مكَّة، قال الحازميُّ: وهي الحدُّ بين أهل نَجد وتِهامة.
==========
[ج 1 ص 411]

(1/3085)


[حديث: يا أمير المؤمنين إن رسول الله حدَّ لأهل نجد قرنًا]
1531# قوله: (لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ [1]): (فُتِح): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (هذان): بالرَّفع، ورفعه معروف، وفي نسخة: (فَتح)؛ بالبناء للفاعل، و (هذين المِصرين)؛ بالنَّصب؛ تقديره: فتح الله، والمِصر؛ بكسر الميم: واحد الأمصار، ويعني بـ (المِصرين): البصرة والكوفة، صرَّح بهذا غير واحد من العلماء؛ منهم: النَّوويُّ في «تهذيبه» في (الأماكن) في (مِصر)، والمراد بفتحهما: بناؤهما؛ لأنَّهما إسلاميَّتان بنيتا [2] في خلافة عمر رضي الله عنه.
قوله: (وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا): (جَوْر): بفتح الجيم، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ راء؛ أي: مائل مُنحَرِف، ومنه: الجور في الحكم وغيره.
قوله: (حَذْوَهَا): حَذْو الشَّيء: إزاؤه والمقابل له.
[ج 1 ص 411]
قوله: (فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ): هذا انفرد به البخاريُّ، وهذا يدلُّ على أنَّ (ذات عرق) مُجتهَد فيها، وقد روى مسلم عن أبي الزَّبير: سمع جابرًا _أحسبه قال: رفع إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ_ قال: «مهلُّ المدينة من ذي الحُلَيْفة _والطريق الآخر: الجُحْفة_، ومهلَّ أهل العراق من ذات عِرْق، ومهلُّ أهل نَجد من قرْن، ومهلُّ أهل اليمن من يَلَمْلَم»، وأخرجه الشَّافعيُّ أيضًا، وأخرجه أحمد وابن ماجه مرفوعًا من غير شكٍّ، فيدلُّ هذا على أنَّه منصوص [3]، وليس ببِدعٍ موافقةُ عمر في اجتهاده ما نصَّ عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد نزل [4] على وفق قوله وإشارته آياتٌ، (ويؤيِّد حديث جابر أيضًا ما رواه أبو داود والنَّسائيُّ عن عائشة: أنَّه عليه السَّلام وقَّت لأهل العراق ذات عِرْق) [5]، ويؤيِّده أيضًا حديث الحارث بن عمرو السَّهميِّ في «أبي داود» و «النَّسائيِّ» أيضًا.

(1/3086)


واعلم أنَّ في ذات عِرْق وجهان للشَّافعيَّة؛ أحدهما _وإليه مال الأكثرون_: أنَّه منصوص؛ كالأربعة المواقيت، والثاني: أنَّه باجتهاد عمر رضي الله عنه، والأفضل في حقِّ أهل العراق أن يُحرِموا من العقيق؛ وهو واد وراء ذات عرق ممَّا يلي المشرق، ذكر [6] نحو هذا الرَّافعيُّ في «الشرح» أيضًا: أنَّ الأرجح أنَّه منصوص، ثمَّ خالف في «شرح مسند الشَّافعيِّ»، فقال: ذهب الشَّافعيُّ إلى أنَّ ذات عِرْق ليس منصوصًا عليه، وإنَّما هو باجتهاد [7] عمر رضي الله عنه، انتهى، واعلم أن قول الشَّافعيِّ اختلف في أنَّ [8] ذات عِرْق منصوص عليه، وفي موضع قال: إنَّه ليس منصوصًا عليه.
(تنبيه: حديث ابن عمر رضي الله عنه الآتي أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أناخ بالبطحاء، في أصلنا في «باب ذات عرق لأهل العراق»، وفي نسخة الدِّمياطيِّ بعد هذا الباب «باب الصَّلاة بذي الحُلَيْفة»، وذكر فيه حديث ابن عمر المشار إليه، وهو أحسن ممَّا في أصلنا، والله أعلم) [9].

(1/3087)


[باب نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة]

(1/3088)


[حديث: أن رسول الله أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلى بها]
1532# قوله: (أَنَاخَ بالْبَطْحَاءِ بذِي الْحُلَيْفَةِ): هذه البطحاء المذكورة هنا يعرفها أهل المدينة [1] بالمعرَّس.
==========
[1] في (ج): (العراق).
[ج 1 ص 412]

(1/3089)


[باب خروج النبي على طريق الشجرة]

(1/3090)


[حديث: أن رسول الله كان يخرج من طريق الشجرة]
1533# [قوله: (مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرةِ): هي الشَّجرة التي وُلِدت عندها أسماء بنت عميس بذي الحُلَيفة وكانت سمرة، وكان عليه الصَّلاة والسَّلام ينزلها من المدينة] [1].
قوله: (المُعَرَّسِ): هو بفتح الرَّاء المشدَّدة، والمعرَّس: مكان التَّعريس، وهو على ستَّة أميال من المدينة، منزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حين يخرج من المدينة ومعرَّسه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ.
==========
[1] ما بين معقوفين جاء في (ب) و (ج) بعد قوله الآتي: (ومعرسه صلى الله عليه وسلم).
[ج 1 ص 412]

(1/3091)


[باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: العقيق واد مبارك]
[قوله: (الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ): هو بفتح العين المهملة، وكسر القاف، المذكور هنا هو الذي ببطن وادي ذي الحُلَيفة] [1].
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 412]

(1/3092)


[حديث: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك]
1534# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم في أوَّل هذا التَّعليق أنَّه بضمِّ الحاء المهملة [1]، وتقدَّم لماذا نُسِب، وأنَّه عبد الله بن الزُّبير، وهو أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح».
قوله: (وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، و (التِّنِّيْسيُّ)؛ بالمثنَّاة فوق، ثمَّ نون مشدَّدة مكسورتين، ثمَّ مثنَّاة تحت [2] ساكنة، ثمَّ سين مهملة، ثمَّ ياء النسبة، وتنِّيس: من بلاد دمياط أكلها البحرُ الملح، دخلتُ على أرضها بالقرب من [3] محراب جامعها وأنا سائر في السفينة إلى الطينة، وقرأت بها حديثًا واحدًا من «ثلاثيَّات البخاريِّ» على شخص كان معنا في السَّفينة بالإجازة العامَّة من أبي العبَّاس الحجَّار، والشَّخص يقال له [4]: الحاج مُحَمَّد شقير المتعيِّش بقطنا، وسمعه بقراءتي الإمام عزُّ الدِّين الحاضريُّ الحنفيُّ الحلبيُّ.
قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو الأوزاعيُّ، وتقدَّم لماذا نُسِب، وهو شيخ الإسلام.
قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.
قوله: (بِوَادِي الْعَقِيقِ): تقدَّم أعلاه أين هو.
[قوله: (أَتَانِي [5] آتٍ مِنْ رَبِّي): الظَّاهر أنَّه جبريل [6]] [7].
==========
[1] (المهملة): ليس في (ج).
[2] (تحت): ليس في (ب).
[3] في (ج): (في).
[4] (له): مثبت من (ب).
[5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الليلةَ).
[6] زيد في (ب): (عليه السلام).
[7] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 412]

(1/3093)


[حديث: أنه رئي وهو في معرس بذي الحليفة ببطن الوادي]
1535# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، وهذا ظاهر معروف عند أهله.
قوله: (وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ): تقدَّم ضبطه أعلاه.
قوله: (يَتَوَخَّى): أي: يقصد ويتحرَّى، وهو معتلٌّ.
قوله: (بِالْمُنَاخِ [1]): هو بضمِّ الميم؛ فاعلمه.
قوله: (وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ): هو بفتح السِّين؛ أي: مُتوسَّط بين الوادي والطَّريق.
==========
[1] في (ب): (بالمباح)، وهو تصحيف.
[ج 1 ص 412]

(1/3094)


[باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب]
قوله: (باب غَسْلِ الْخَلُوقِ): هو بفتح الخاء المعجمة، ثمَّ لام مضمومة، وفي آخره قاف؛ وهو طِيْبٌ معروف، يُتَّخَذ من الزُّعفران وغيره من أنواع الطِّيب، وتغلب عليه الحمرة والصُّفرة.
قوله: (ثَلاَثَ مرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ): قوله: (من الثِّياب): اعلم أنَّ شيخنا الشَّارح نقل عن الإسماعيليِّ: أنَّه اعترض على البخاريِّ، فقال: شرط أبو عبد الله في الباب غسل الخَلُوق من الثِّياب، وليس في الخبر أنَّ الخَلُوق كان على الثَّوب، وإنَّما الرجل مُتضمِّخ بطيب، ولا يقال لمن طيَّب ثوبه أو صبغه بطيب: إنَّه مُتضمِّخ بطيب، وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «اغسل الطِّيب الذي بك»: يبيِّن أنَّه لم يكن في ثوبه، وإنَّما كان على بدنه، ولو كان على الجبَّة؛ لكان في نزعها كفاية من جهة الإحرام، هذا كلامه، ويؤيِّد البخاريَّ روايةُ مسلم: «عليه جبَّة بها أثر من خَلُوق»، وللتِّرمذيِّ: «جبَّة بها ردع من زعفران»، وعادة البخاريِّ أنَّه يبوِّب لما في أطراف الحديث وإن لم يخرِّجْه، انتهى، ثمَّ بعد ذلك بقليل اعترض عليه شيخنا، فقال: وقوله: (ولا يُقال لمن طيَّب ثوبه أو صبغه بطيب: إنَّه مُتضمِّخ بطيب): فيه نظر، فإنَّ حرمة الثَّوب كالبدن، انتهى.

(1/3095)


[معلق أبي عاصم: اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات وانزع عنك ... ]
1536# قوله: (قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ... ) [1] إلى آخره: هذا أبو عاصم النبيل الضَّحَّاك بن مخلد، وقد قدَّمت أنَّه من أقدم مشايخ البخاريِّ، وقد تقدَّم أنَّه إذا عزا القول إلى شيخ من شيوخه؛ يكون متَّصلًا، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة مُطَوَّلًا، والله أعلم.
[قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، الإمام المشهور، تقدَّم مُتَرْجَمًا] [2].
قوله: (أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه عطاء بن أبي رَباح، إمام أهل مكَّة، وتقدَّم مُتَرْجَمًا.
[ج 1 ص 412]
قوله: (حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ): (يُوحَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): أصحاب الحديث يشدِّدون، وأهل الإتقان والأدب يخطِّئونهم ويخفِّفون، وكلاهما صواب: وهي ما بين الطَّائف ومكَّة، وهي إلى مكَّة أقرب.
قوله: (بَيْنَمَا [3] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ): قال شيخنا الشَّارح: (وفي غيره _أي: غير هذا الموضع_: في منصرفه عليه الصَّلاة والسَّلام من غزوة حُنَين، وفي ذلك الموضع قسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ غنائمها وذلك سنة ثمان، كما ذكره ابن حزم وغيره، وهما موضعان متقاربان) انتهى.
قوله: (وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): (النَّفر): عدَّة رجال من ثلاثة إلى عشرة، والنَّفير مثله، وكذلك النَّفْر والنَّفْرة؛ بالإسكان.
قوله: (جَاءَهُ رَجُلٌ): قال شيخنا الشَّارح: هذا الرجل يجوز أن يكون عمرو بن سوَّاد؛ إذ في كتاب «الشِّفا» للقاضي عياض عنه قال: (أتيت وأنا مُتخلِّق للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «ورس ورس، حط حط»، وغشيني بقضيب في يده في بطني، فأوجعني ... )؛ الحديث، لكنْ عمرٌو هذا لا يدرك ذا، فإنَّه صَاحبُ ابن وهب، وشيخ مسلم، والنَّسائيِّ، وابن ماجه، انتهى.
تنبيه: اعلم أنَّ في نسخة صحيحة من «الشِّفا» للقاضي عياض: سواد بن عمرو، وهذه هي الصَّواب، والحديث المشار إليه مذكور في ترجمة سواد بن عمرو، ذكره أبو عمر بن عبد البَرِّ، غير أنَّه ذكر فيه اختلافًا: هل هو سواد أو سوادة؟ وهل القصَّة له؟ وهو الصَّحيح، أو لسواد بن غزيَّة، والله أعلم.

(1/3096)


تنبيه آخر: حديث يعلى هذا قالت الشَّافعيَّة: إنَّه منسوخ بحديث عائشة رضي الله عنها المُتَّفق عليه: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام تَطيَّب)، وقالت عائشة: (حتَّى رأيت وبيص الطِّيب في مفارق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ)، وقصَّة يعلى كانت سنة ثمان، وحديث عائشة كان في حجَّة الوداع سنة عشر، هذا في البَدَن، وأمَّا الإزار والرِّداء؛ فأصحُّ الأوجه: جواز تطييبهما، والثَّاني: يُستحبُّ، والثَّالث: يُكرَه، والرَّابع: يحرُم، والخامس: إن كان عينًا؛ حُرِّم، وإلَّا؛ فلا، وفي «الرَّوضة»: الأصحُّ: الأوَّل، وصُحِّح في «المحرَّر» و «المنهاج»: الثاني، وهو غريب، فقد قال في «شرح المهذَّب»: اتَّفق أصحابنا على أنَّه لا يُستحبُّ إلَّا في قول حكاه المتولِّي، وهو غريب.
قوله: (وَهْوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ): أي: مُتلطِّخ بطيب.
قوله: (قَدْ أُظِلَّ بِهِ): (أُظِلَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (وَهُوَ يَغِطُّ): هو بفتح أوَّله، وكسر الغين المعجمة، وطاء مهملة مشدَّدة، الغطيط: صوت يخرجه النائم مع نَفَسِه.
قوله: (ثمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): أي: كُشِفَ عنه، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، قال ابن قرقول: بالتخفيف والتثقيل رواه الشيوخ، وهو صحيح، واقتصر النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (الحجِّ) على التشديد، والله أعلم.
قوله: (اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): إنَّما أمره بالثَّلاث؛ للمبالغة، وهذا هو الظَّاهر، وهو الذي فهمه البخاريُّ من الحديث، فبوَّب عليه ما بوَّب، وقوَّاه على ذلك استفهامُ ابن جريج من عطاء بقوله في آخر الحديث: (قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرَّاتٍ؟ قال: نعم)، وقال القاضي: تُحمَل الثَّلاث على قوله: (فاغسله)؛ فكأنَّه قال: اغسله اغسله اغسله، يدلُّ على صحَّته ما رُوِي من عادته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في كلامه أنَّه كان إذا تكلَّم بكلمة؛ أعادها ثلاثًا، انتهى، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: الصَّواب: ما سبق [4]؛ يعني: أمره ثلاث مرَّاتٍ.

(1/3097)


[قوله: (وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا كُنْتَ [5] تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ): كذا في أكثر الرِّوايات غير مُبيَّن، وقد تخبَّط فيه كثيرون، والذي يوضِّحه روايةُ أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال له: «ما كنت صانعًا في حجَّتك؟» قال: أنزع عنِّي هذه الثِّياب، وأغسل عنِّي هذا الخَلُوق، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «ما كنت صانعًا في حجِّك [6]؛ فاصنعه في عمرتك»، وهذا سياقٌ حسنٌ، وحاصله: أنَّه كان ظنُّ [7] حظر الطِّيب والمخيط في الحجِّ، وظنَّ مخالفة العمرة ففعل، ثمَّ ارتاب فسأل، فأُجِيبَ بذلك] [8].
==========
[1] زيد في (ج): (تقدَّم مرارًا أنَّه)، ولعله سبق نظر.
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[3] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَبَيْنَمَا).
[4] في (ج): (قدَّمته).
[5] (كنت): ليس في (ق) و «اليونينيَّة»، ولعلَّ إثباتها سبق نظر.
[6] في (ب): (حجتك).
[7] (ظن): سقط من (ب)، وفي (ج): (لهن)، وهو تحريف.
[8] ما بين معقوفين جاء في النسخ سابقًا بعد قوله: (حرمة الثوب كالبدن، انتهى)، وهو في (أ) مستدرك في هامش الصفحة السابقة (
[ج 1 ص 413]
)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».

(1/3098)


[باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن]
قوله: (وَيَتَرَجَّلُ): التَّرجُّل: تسريح الشَّعر وتنظيفه وتحسينه، وقوله: (ويترجَّلُ): مرفوع، وكذا قوله: (وَيَدَّهِنُ) [1]، وهذا ظاهر.
قوله: (يَشَمُّ): يُقال: شَمِمتُ الشَّيء؛ بالكسر، أشَمُّه؛ بالفتح، شمًّا وشميمًا، وشَمَمتُ؛ بالفتح، أشُمُّ؛ بالضَّمِّ؛ لغة.
قوله: (الرَّيْحَانَ): هو نبت معروف.
قوله: (وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ): هي بكسر الميم، وإسكان الرَّاء، ثمَّ همزة مفتوحة، ممدود، ثمَّ تاء، معروفة.
قوله: (بِمَا يَأْكُلُ: الزَّيْتَ وَالسَّمْنَ): هما منصوبان في أصلنا بالقلم، ويجوز جرُّهما على البدل من (ما)، وبهما ضبط شيخنا الأستاذ أبو جعفر الغرناطيُّ نسخته.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَيَتَخَتَّمُ [2]): أي: يلبس الخاتم، وفيه لغات: فتح التَّاء، وكسرها، وخاتام، وخيتام، وخِتَام، وخَتْم.
قوله: (وَيَلْبَسُ الْهِمْيَانَ): هو هِميان الدراهم، وهو بالكسر، وهو مُعرَّب.
قوله: (بِالتُّبَّانِ): هو بضمِّ المثنَّاة فوق، وتشديد الموحَّدة: سراويل صغير، مقدار شبر، يستر العورة المغلظة فقط يكون للملَّاحين.
قوله: (يَرْحَلُونَ): هو بفتح أوَّله، وتخفيف الحاء، قال ابن قرقول: رَحَلْتُ [3] البعيرَ؛ مخفَّف: شددْتُ عليه الرَّحل، ومنه: (ورحلوا هودجي)، و (يرحلون بي) في حديث الإفك، وكذا ضَبَط (يرحلون) و (يرحل) في حديث الإفك النَّوويُّ في «شرح مسلم»، ولكن ذكر القاضي عياض في حديث الإفك: أنَّ أبا ذرٍّ رواه بالتَّشديد، قال القاضي: ولم أره في سائر تصرُّفاته إلَّا بالتخفيف.
قوله: (هَوْدَجَهَا): (الهودج): مثل المِحَفَّة [4]، عليه قبَّة، وهو من مراكب النساء، وأصله: من الهَدْج _بسكون الدَّال_ وهو المشي الرُّويد.
==========
[1] كذا في النسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ويترجَّلَ ويدَّهنَ) مصحَّحًا.
[2] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يتختَّم).
[3] زيد في (ب): (الإبل).
[4] في (ب): (المحلفة)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 414]

(1/3099)


[حديث: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله وهو محرم]
1537# 1538# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وجدُّه اسمه [1] واقد، أبو عبد الله، مولى بني ضبَّة، مُحدِّث قيساريَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا، وقد قدَّمت الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن هذا الثَّاني، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): هذا [2] هو سفيان بن سعيد الثَّوريُّ، الإمام.
قوله: (عن مَنْصُورٍ): تقدَّم أنَّه ابن المُعتمِر، تقدَّم [3] مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
[ج 1 ص 414]
قوله: (فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ): هو إبراهيم [4] بن يزيد النخعيُّ، وقائل ذلك هو منصور؛ يعني: ابن المُعتمِر، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ): هو [5] ابن يزيد النخعيُّ الكوفيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَبِيصِ الطِّيبِ): هو بفتح الواو، وكسر الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة: البريق واللَّمعان مع أيِّ لون كان، يُقال: وبص الشيء وَبيصًا، وبصَّ بصيصًا؛ بمعنى: برق.
قوله: (فِي مَفَارِقِ): هو بفتح الميم، جمع (مَفرق)؛ بفتح الميم [6] والرَّاء وكسرها، حكاهما الجوهريُّ، وفي «المطالع»: بفتح الميم والرَّاء وكسرهما، انتهى، فاجتمع في المفرد ثلاثُ لغات من كلاميهما؛ وهو وسط الرَّأس، وهو الذي يُفرَق فيه الشعر، وقولهم للمَفرِق: مفارق؛ كأنَّهم جعلوا كلَّ موضع منه مَفرقًا، فجمعوه على ذلك، قاله الجوهريُّ.
==========
[1] في (ب): (أنَّه).
[2] (هذا): ليس في (ج).
[3] (تقدَّم): ليس في (ب).
[4] (إبراهيم): ليس في (ب).
[5] في (ب): (يعني).
[6] (جمع مفرق؛ بفتح الميم): سقط من (ج).

(1/3100)


[حديث: كنت أطيب رسول الله لإحرامه حين يحرم]
1539# قوله: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (كان): اختُلِف فيها: هل تقتضي الدَّوام والتكرار، أم لا؟ والمختار: أنَّها لا تقتضي اللُّزوم ولا التكرار، وإنَّما هي فعل ماض يدلُّ على وقوعه مرَّة، فإن دلَّ دليل على التكرار؛ عُمِل به، وإلَّا؛ فلا تقتضيه بوضعها، وممَّا يدلُّ لما قلته هذا الحديثُ؛ لأنَّ المعلوم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يحجَّ بعد أن صحبته عائشة رضي الله عنها إلَّا حجَّة واحدة، وهي حجَّة الوداع، فاستعملت (كان) في مرَّةٍ، ولا يُقال: لعلَّها طيَّبته في إحرامه بعمرة؛ لأنَّ المُعتمِر لا يحلُّ له الطِّيب قبل الطَّواف بالإجماع، فثبت أنَّها استعملتْها في مرَّة واحدة، والله أعلم.

(1/3101)


[باب من أهل ملبدًا]
قوله: (بَابُ مَنْ أَهَلَّ مُلَبّدًا): هو بكسر الموحَّدة وفتحها، وبهما هو مضبوط في أصلنا، والتَّلبيد: هو جمع الشَّعر بما يُلزِق بعضه إلى بعض من خطميٍّ أو [1] صمغ أو شبهه؛ ليتَّصل بعضه ببعض، فلا يتشعَّث ويقمَل في الإحرام، وهو سنَّة.
==========
[1] زيد في (ب): (غيره من).
[ج 1 ص 415]

(1/3102)


[حديث ابن عمر: سمعت رسول الله يهل ملبدًا]
1540# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): هو ابن الفرج، الفقيه المصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (ابْنُ وَهْبٍ): أنَّه عبد الله بن وهب، الإمام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور.
==========
[ج 1 ص 415]

(1/3103)


[باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة]

(1/3104)


[حديث: ما أهل رسول الله إلا من عند المسجد]
1541# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة فيما ظهر لي، ومدركي في ذلك أنَّ في «التذهيب» ذكره فيمن روى عنه ابن المدينيِّ، وكذلك عبد الغنيِّ في «الكمال»، ولم أرهما ذكرا الثَّوريَّ فيمن روى عنه ابن المدينيِّ، والله أعلم.
==========
[ج 1 ص 415]

(1/3105)


[باب ما لا يلبس المحرم من الثياب]

(1/3106)


[حديث: لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات]
1542# قوله: (أنَّ رَجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ؛ ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟): تقدَّم أنَّ هذا الرَّجل لا أعرفه.
قوله: (لاَ يَلْبَسُ القَمِيْصَ ... ) إلى آخره: نبَّه به وبالسراويل على منع المخيط، وبالعمامة والبرانس على كلٍّ مغطٍّ للرأس، وبالخُفِّ على ما يستُر الرِّجْلَ.
قوله: (وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ): تقدَّم الكلام في (كِتَاب العلم) على السَّراويل، وكذا (البَرَانِس)؛ هو بفتح الموحَّدة [1]، وهو جمع [2] (بُرنُس)؛ بضمِّ الموحَّدة والنُّون؛ وهو كلُّ ثوب رأسه مُلتصِق به دُرَّاعة كان أو جبَّة أو مِمَطْر [3]؛ وهو ثوب يُلبَس في المطر، وقال ابن دريد: البُرنس؛ بضمِّ الباء: نوع من الطَّيالسة، يلبسه العبَّاد وأهل الخير، وفي «الصِّحاح»: البرنس: قلنسوة طويلة، كان النُّسَّاك يلبسونها في صدر الإسلام.
==========
[1] (هو بفتح الموحَّدة): سقط من (ج).
[2] في (ب) و (ج): (وهي).
[3] كذا في النُّسخ، وفي المصادر: (مِمْطَر).
[ج 1 ص 415]

(1/3107)


[باب الركوب والارتداف في الحج]
(بَابُ الرُّكُوبِ وَالاِرْتِدَافِ فِي الحَجِّ) ... إلى (بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنيَانِهَا)
==========
[ج 1 ص 415]

(1/3108)


[حديث: لم يزل النبي يلبي حتى رمى جمرة العقبة]
1543# 1544# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه المسنديُّ؛ وذلك لأنِّي رأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكره في الرُّواة عن وهب بن جرير، والله أعلم.
قوله: (عَنْ يُونُسَ الأَيْلِيِّ): هو بفتح الهمزة، نسبة إلى أيلة، وأيلة تقدَّم الكلام عليها، وهو يونس بن يزيد، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، العالم المشهور.
قوله: (أَنَّ أُسَامَةَ): هو أسامة بن زيد بن حارثة، الثَّلاثة صحابة، وكون حارثة صحابيًّا يُروى أنَّه أسلم في خبر طويل في «فوائد تمَّام»، وهو ابن شراحيل الكلبيُّ، وهو بالحاء المهملة، وبالثَّاء المثلَّثة، وهذا ظاهر إلَّا أنَّ الفائدة في إسلام حارثة وتعيين الكتاب الذي ذُكر فيه إسلامه.
قوله: (كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): قدَّمت الأرداف من الرِّجال والصبيان والنِّساء الذين وقفت عليهم في (كِتَاب العلم).

(1/3109)


[باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر]
قوله: (وَالأُزْرِ [1]): (الإزار): معروف يُذكَّر ويُؤنَّث، والإزارة مثله، وجمع القلة: آزِرة، والكثرة: أُزُر؛ مثل: حمار وأَحمرة وحُمُر، وفي أصلنا مضبوط: بالإسكان، وفي حفظي أنَّها لغة، والله أعلم، ثمَّ رأيته منقولًا.
قوله: (لاَ تَلَثَّمُ): [هو بفتح التَّاء، وهو محذوف إحدى التَّاءين، وهو مرفوع، و (اللِّثام): ما كان على الفم من النِّقاب، واللِّغام: ما كان على الأرنبة.
قوله: (وَلَا تَبَرْقَعُ)] [1]: هو بفتح التَّاء أيضًا، وهو محذوف إحدى التَّاءين، و (البُرقُع)؛ بضمِّ الموحَّدة والقاف، وبفتح القاف أيضًا، وهو للدَّوابِّ ونساء الأعراب، وكذلك البرقوع.
قوله: (وَقَالَ جَابِرٌ: لاَ أَرَى الْمُعَصْفَرَ طِيبًا): هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الصَّحابيُّ المشهور.
قوله: (بِالْحُلِيِّ): هو بضمِّ الحاء في أصلنا، وهو جمع (حَلْيٍّ)، وحليُّ المرأة معروف، المفرد بفتح الحاء، والجمع بضمِّها، وكسر اللَّام، وتشديد الياء، وهو كـ (ثَدْيٍّ [2] وثُدِيٍّ)، وقد تُكسَر الحاء في الجمع لمكان الياء، وقُرِئ: {مِنْ حلِيِّهِمْ} [الأعراف: 148]؛ بالضَّمِّ والكسر، والله أعلم.
[ج 1 ص 415]
قوله: (وَالْمُوَرَّدِ): هو بفتح الرَّاء المشدَّدة: الأحمر المُشبَع.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، وقد تقدَّم.
قوله: (أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر: (يبدِّل)؛ بالتشديد، وهما لغتان مشهورتان في «الصِّحاح»، وقُرِئ بهما في السَّبع.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[2] في (ب): (كثدٍ).

(1/3110)


[حديث: انطلق النبي من المدينة بعدما ترجل وادهن]
1545# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ): تقدَّم أنَّه منسوب إلى جدٍّ له أعلى، وأنَّه بتشديد الدَّال المهملة مفتوحة.
قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، وهذا ظاهر مشهور عند أهله.
قوله: (بَعْدَمَا تَرَجَّلَ): تقدَّم أنَّ التَّرجيل [1]: تسريح الشَّعر.
قوله: (وَالأُزْرِ): تقدَّم قريبًا ضبطها، وأنَّها جمع (إزار).
قوله: (الَّتِي تَرْدَعُ): هو بالعين المهملة، وهو ثلاثيٌّ ورباعيٌّ؛ أي: التي كثر فيها الزَّعفران حتَّى ينفض، تُلطِّخ من لبسها، وفتح الدَّال أَوْجَهُ؛ أعني: الثلاثيُّ أفصح، ومعنى (تُردع) الرُّباعيِّ: تُبقِي أثرًا على الجلد، وفي أصلنا: الثُّلاثيُّ في الأصل، والرباعيُّ نسخة في الهامش، وعن ابن بطَّال: إهمال العين وإعجامها.
قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم الكلام عليها قريبًا وبعيدًا.
قوله: (عَلَى الْبَيْدَاءِ): هي بفتح الباء، وإسكان المثنَّاة تحت، ثمَّ دال مهملة، وهمزة ممدودة: هي الشَّرَف أمام ذي الحُلَيفة على طريق مكَّة، وهي أقرب إلى مكَّة من ذي الحُلَيفة.
قوله: (قَلَّدَ بَدَنَتَهُ): تقليد الهَدْي سُنَّة، وهو تعليق نعل أو جلد أو شبه ذلك ممَّا يكون علامة على أنَّه هديٌ.
قوله: (مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ): هي بكسر القاف، ويجوز الفتح، وكذا (ذو الحَجَّة)، غير أنَّ الفتح في الحاء أكثر.
قوله: (عِنْدَ الْحَجُونِ): هو بفتح الحاء المهملة، وبعدها جيم مضمومة؛ وهو الجبل المشْرف عند المحصَّب حذاء مسجد العقبة، قال الزُّبير: (الحَجُون): مقبرة أهل مكَّة.
قوله: (وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ): هو بفتح الرَّاء هذا الذي أعرفه، وبه ضُبِط في أصلنا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر الغَرناطيِّ: بضمِّها، وفيه نظر، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (الترجل).
[ج 1 ص 416]

(1/3111)


[باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح]

(1/3112)


[حديث: صلى النبي بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين]
1546# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هو المسنديُّ، تقدَّم بعض ترجمته، والله أعلم، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، تقدَّم.
قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[ج 1 ص 416]

(1/3113)


[حديث: أن النبي صلى الظهر بالمدينة أربعًا]
1547# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا أيُّوبُ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو قِلَابَةَ): أنَّه بالقاف المكسورة، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 416]

(1/3114)


[باب التلبية]

(1/3115)


[حديث: أن تلبية رسول الله: لبيك اللهم لبيك]
1549# قوله: (إِنَّ الْحَمْدَ): رُوِي بكسر الهمزة وفتحها، قال الخطَّابيُّ: والفتح رواية العامَّة؛ يعني: أنَّها رواية الأكثر، قال ثعلب: من فتح؛ خصَّ، ومن كسر؛ عمَّ، قال: وهو الأوجه؛ لأنَّه استئناف للخبر واعتراف بالنِّعم الموجبة للشُّكر، وإذا فتح؛ اقتضى تعليل التلبية بأنَّ الحمد والنِّعمة له، ولا تعلُّق للتلبية بهذا [1] إلَّا على بُعْدٍ وتَخْرِيجٍ، وهذا الذي أراد ثعلب.
غريبة: نقل الزَّمخشريُّ في «تفسيره» في آخر (سورة يس [2]): أنَّ الشَّافعيَّ اختار الفتح من (إن الحمد)، وأنَّ أبا حنيفة: كسر، وهو غريب، قال الرَّافعيُّ في «الشَّرح الكبير»: («إن» هذه تكسر على الابتداء، وتُفتَح على معنى: لأنَّ الحمد) انتهى، وقال النَّوويُّ في «الروضة»: قلت: الكسر أصحُّ وأشهر، انتهى، وقال في «شرح مسلم»: يُروَى بكسر همزة «إن» وفتحها؛ وجهان مشهوران لأهل الحديث وأهل اللُّغة، قال الجمهور: الكسر أجود، ثمَّ نقل كلام الخطَّابيِّ وكلام ثعلب، انتهى.
قوله: (وَالنِّعْمَةَ لَكَ): بالنَّصب، وجوَّز القاضي الرَّفع على الابتداء، والخبر محذوف، قال ابن الأنباريِّ: وإن شئت؛ جعلت خبر «إنَّ» محذوفًا؛ تقديره: إنَّ الحمد لك، والنعمة مُستقرَّة لك.
==========
[1] في (ب): (بها).
[2] في (ج): (يونس)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 416]

(1/3116)


[حديث: إني لأعلم كيف كان النبي يلبي: لبيك اللهم لبيك]
1550# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، تقدَّم مرارًا.
قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
قوله: (عَنْ عُمَارَةَ): هو بضمِّ العين، وتخفيف الميم: ابن عُمَير؛ بضمِّ العين، وفتح الميم، الكوفيُّ، عن علقمة والأسود، وعنه: الحكم، والأعمش، وعدَّة، وثَّقوه، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ): هذا هو الوادعيُّ، واسمه مالك، يُقَال: ابن عامر، ويقال: ابن أبي عامر، وقيل غير ذلك، وفي «الأطراف» للمِزِّيِّ قرأت بخطِّ النَّسائيِّ: أبو عطيَّة مالك بن عامر، انتهى، عن ابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وغيرهم، وعنه: مُحَمَّد بن سيرين، وعُمَارة بن عُمَير، وأبو إسحاق السَّبيعيُّ، وحُصَين بن عبد الرَّحمن، والأعمش، وجماعة، وثَّقه ابن معين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ذكره في «الميزان» تمييزًا.
قوله: (تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سفيان، وقد قدَّمت أنَّه الثَّوريُّ، وإنَّما أتى بهذه المتابعة التي لأبي معاوية _مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة والزَّاي الضَّرير_؛ لأنَّ سفيان مُدلِّس، وقد عنعن، فأتى بها؛ تقويةً وإن كان أبو معاوية الضرير يدلِّس أيضًا، لكنَّ المدلِّسين ليسوا على حدِّ واحد؛ بحيث إنَّه يُتوقَّف في كلِّ ما قال فيه كلُّ واحد منهم: (عن) ولم يصرِّح بالسَّماع، بل هم على طبقات؛ فمنهم: من احتمل الأئمَّة تدليسه، وخرَّجوا له
[ج 1 ص 416]
في «الصَّحيح» وإن لم يُصرِّح بالسَّماع، وذلك إمَّا لإمامته [1] أو لقلَّة تدليسه في جنب ما روى، أو لأنَّه لا يُدلِّس إلَّا عن ثقة؛ كالثَّوريِّ، وبعض الأئمَّة حمل ذلك على أنَّ الشَّيخين اطَّلعا على سماع الواحد لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ (عن) ونحوها من شيخه، وفيه نظر، بل إنَّما ذلك لبعض ما تقدَّم آنفًا من الأسباب، ومتابعته هذه ليست في شيءٍ من الكتب السِّتَّة.

(1/3117)


قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ): هو الأعمش بن مِهران: (سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ): الظَّاهر أنَّه خيثمة بن عبد الرَّحمن الجُعْفيُّ، يروي عن عليٍّ وعائشة، وعنه: الحكم، ومنصور، والأعمش، إمام ثقة، ورث مئتي ألف فأنفقها على العلماء، مات قبل أبي وائل، قاله البخاريُّ، وقال غيره: مات بعد سنة ثمانين، وإنَّما أتى بهذه المتابعة؛ لأنَّ الأعمش صرَّح فيها بالسَّماع من خيثمة عن أبي عطيَّة، وفي الأوَّل عنعن عن عُمَارة عن أبي عطيَّة، والله أعلم، وفيها: أنَّ أبا عطيَّة صرَّح فيها بالسَّماع من عائشة، وفي الأوَّل عنعن، وإن كان غير مُدلِّس؛ فإنَّ في [2] عنعنته [3] خلافًا تقدَّم، فأراد أن يخرج من الخلاف، ومتابعة شعبة ليست في شيء من الكتب السِّتَّة.

(1/3118)


[باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب .. ]
قوله: (باب التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الإِهْلاَلِ): هذا الباب قصد به الرَّدَّ على أبي حنيفة في قوله: (إنَّ من سبَّح أو كبَّر؛ أجزأه من إهلاله)، فأثبت البخاريُّ أنَّ التسبيح والتَّحميد من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إنَّما كان قبل الإهلال.
==========
[ج 1 ص 417]

(1/3119)


[حديث: صلى رسول الله ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا]
1551# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هو التَّبُوذَكِيُّ، تقدَّم [1]، وكذا تقدَّم (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الباهِليُّ الحافظ الكرابيسيُّ، وكذا (أيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا (أَبُو قِلَابَةَ): أنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ، وتقدَّم ضبطه.
قوله: (عَلَى الْبَيْدَاءِ): تقدَّم قريبًا [2] ضبطها، وأين هي قريبًا وبعيدًا.
قوله: (يَوْمُ التَّرْوِيَةِ): تقدَّم أنَّه ثامن ذي الحَجَّة، وأنَّ السَّابع يُقال [3] له: يوم الزِّينة، بخلاف من قال: لا يُعرَف له اسم، والتَّاسع: عرفة، والعاشر: يوم النَّحر، والحادي عشر: يوم القَرِّ، والثاني عشر [4]: يوم النفر الأوَّل، والثالث عشر: يوم النفر الثاني، والله أعلم.
قوله: (وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أهدى مئة بدنة، فنحر بيده الكريمة منها ثلاثًا وستِّين يشير بذلك إلى سني عُمره، والله أعلم [5]، ونحر عليُّ بن أبي طالب الباقي، وسيأتي أنَّه نحر سبع بدن قيامًا من حديث أنس، قال ابن القيِّم في «الهَدْي»: قال أبو مُحَمَّد ابن حزم: يُخرَّج حديث أنس على أحد وجوه ثلاثة:
أحدها: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن كما قال أنس، وأنَّه أمر من نحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستِّين، ثمَّ زال عن ذلك المكان، وأمر عليًّا، فنحر ما بقي.
الثاني: أن يكون أنس لم يشاهد إلَّا نحره عليه الصَّلاة والسَّلام سبعًا فقط بيده، وشاهد جابر تمام نحره صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ للباقي، فأخبر كلٌّ بما رأى وشهد.

(1/3120)


والثالث: أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ نحر بيده مفردًا سبع بدنات، كما قال أنس، ثمَّ أخذ هو وعليٌّ الحربة معًا فنحرا كذلك تمام ثلاث وستِّين، كما قال عروة [6] بن الحارث الكنديُّ: (أنَّه شاهد النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يومئذ قد أخذ بأعلى الحربة، وأمر عليًّا يأخذ بأسفلها، ونحرا بها البُدن، ثمَّ انفرد عليٌّ بنحر الباقي)، كما قال جابر، والله أعلم ... إلى آخر كلامه، (ولو قيل: إنَّه نحر سبعًا قيامًا، وبقيَّة الثلاثة والستِّين باركة؛ لكان له وجه، وفيه دليل أنَّ الأفضل قائمة، ويجوز أن تكون باركة، والله أعلم، ويُستحبُّ نحر الإبل وهي قائمة معقولة اليد اليسرى؛ إذ قد صحَّ عن جابر رضي الله عنه: أن النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها، إسناده على شرط «مسلم»، أخرجه أبو داود) [7].
قوله: (أَمْلَحَيْنِ): (الأملح): الأغبر الذي فيه سواد وبياض.
قوله: (قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا عَنْ أيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): في أصلنا بخطِّ بعض الفضلاء تحت (رجل): (هو مُحَمَّد بن سيرين)، وكأنَّه أخذه إمَّا من خط الدِّمياطيِّ، أو من نسخة اليونينيِّ، أو من فم شيخنا العراقيِّ، وقال شيخنا الشَّارح: وعلَّله البخاريُّ بأنَّه عن أيُّوب عن رجل عن أنس، فأعلَّه بجهالة الرجل، قلت: لكنَّه أبو قِلَابة فيما يظهر، انتهى، يحتمل ما قاله شيخنا؛ لأنَّه رواه في «الصَّحيح» عن أبي قِلَابة عبد الله بن زيد الجرميِّ، والله أعلم، ولم أر هذا الحديث في مسند ابن سيرين عن أنس، ثمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ قال في «مبهماته»: هذا الرجل هو أبو قِلَابة؛ لأنَّه ساق الحديث قبل ذلك عن أيُّوب عن أبي قِلَابة عن أنس، وفيه كما في هذا من أنَّه بات بها، فلمَّا أصبح؛ ركب راحلته ... ؛ الحديث، انتهى مُلخَّصًا.

(1/3121)


[باب من أهل حين استوت به راحلته]

(1/3122)


[حديث: أهل النبي حين استوت به راحلته قائمة]
1552# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، وأنَّه من أقدم مشايخه، وروى عن واحد عنه أيضًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 417]

(1/3123)


[باب الإهلال مستقبل القبلة]

(1/3124)


[معلق أبي معمر: كان ابن عمر إذا صلى بالغداة بذي الحليفة أمر ... ]
1553# قوله: (وقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه عبد الله بن عمرو المُقعَد، وهو شيخ البخاريِّ أيضًا، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال فلان) والمسند إليه القول شيخُه؛ يكون محمولًا على السماع، ويكون غالبًا أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، أبو عبيدة الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوبُ): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (فَرُحِلَتْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، مخفَّف الحاء المهملة.
قوله: (حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طَوًى): هو بفتح الطَّاء على الأفصح، ويجوز ضمُّها وكسرها، وبفتح الواو المخفَّفة، ويُصرَف ولا يُصرَف، وأفاد شيخنا: أنَّه بالمدِّ أيضًا، انتهى، وكونه يُصرَف ولا يُصرَف لغتان قُرِئ بهما في السَّبع: وهو موضع عند باب مكَّة أسفل من مكَّة [2] في طريق العمرة المعتادة ومسجد عائشة، ويُعرَف اليوم بآبار الزَّاهر، ونقل [3] شيخنا عن الدِّاوديِّ: أنَّه الأبطح، قال: وليس كما قال، انتهى، يُستحبُّ لمن دخل مكَّة أن يغتسل به بنيَّة غسل دخول مكَّة أيَّ داخل كان ممَّن صحَّ إحرامه بحجٍّ أو عمرة حتَّى الحائض والنفساء والصَّبيُّ، هذا إن مرَّ به، وإلَّا؛ اغتسل [4] في غيره، قيل: سُمِّي بذلك؛ لأنَّ بئرها كانت مطويَّة بالحجارة؛ أي: مبنيَّة، ولم يكن هناك غيرها، فنُسِب الوادي إليها، ذكره الماورديُّ.
قوله: (تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أيُّوبَ فِي الْغَسْلِ): الضَّمير في (تابعه) يعود على عبد الوارث، و (إسماعيل): هو ابن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومتابعة إسماعيل عن أيُّوب _وهو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ_ أخرجها مسلم: عن زهير بن حرب، عن إسماعيل، عن أيُّوب به، وأبو داود: عن أحمد ابن حنبل عن إسماعيل به، وحديث أحمد ابن حنبل في رواية أبي الحسن [5] بن العبد وأبي بكر بن داء، ولم يذكره ابن عساكر.
قوله: (فِي الْغَسْلِ): تقدَّم أنَّه بفتح [6] الغين: الفعل، وبالضَّمِّ: اسم الماء مُطَوَّلًا.

(1/3125)


[حديث: إذا أراد الخروج إلى مكة ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة]
1554# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سليمان العَدويُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 417]

(1/3126)


[باب التلبية إذا انحدر في الوادي]

(1/3127)


[حديث: مكتوب بين عينيه كافر]
1555# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ أبو عمرو البصريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عون، أبو عون، وتقدَّم بترجمته، وأنَّه ابن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له شيء في «البخاريِّ»، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، والله أعلم.
قوله: (فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ): تقدَّم الكلام عليه [2]، وسيأتي أيضًا في (الفتن) إن شاء الله تعالى.
==========
[1] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (حَدَّثَنِي).
[2] زيد في (ج): (وأنَّه).
[ج 1 ص 417]

(1/3128)


[باب: كيف تهل الحائض والنفساء]

(1/3129)


[حديث: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة]
1556# [قوله: (فَدَخَلْتُ [1] مكَّة وَأَنَا حَائِضٌ): قد حاضت عائشة رضي الله عنها بسَرِف يوم السِّبت، وطهرت يوم الجمعة عشيَّة عرفة، ويُقال: طهرت يوم السَّبت.
قولها: (وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ): قال ابن بطَّال: ولا خلاف بين العلماء أنَّ الحائض لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصَّفا والمروة؛ لأنَّ السعي بينهما موصول بالطَّواف، والطَّواف موصول بصلاة [2]، ولا تجوز صلاتها بغير طهارة، وقال ابن التِّين: إنَّما لم تطُف ولم تسعَ، لأنَّ الطَّواف من شرطه الطَّهارة، والسَّعي مرتَّب عليه وإن كان ليس من شرطه الطهارة؛ بدليل أنَّها لو حاضت بعد أن فرغت [من] الطَّواف وسعت؛ لأجزأها، قال شيخنا: وهذا أحسن من ذلك، وقال ابن الجوزيِّ: فيه دلالة على أنَّ طواف المُحدِث لا يجزئ، ولو كان ذلك لأجل المسجد؛ لقال: لا يدخل المسجد، ثمَّ شرع شيخنا بذكر الاختلاف في طواف المُحدِث] [3].
قوله: (إِلَى التَّنعيم [4]): تقدَّم الكلام عليه وأنَّه المساجد، وتقدَّم كم بين مكان الإحرام وباب المسجد، ولِمَ قيل له: التَّنعيم.
[ج 1 ص 417]
قوله: (هَذِهِ مَكَانُ [5] عُمْرَتِكِ): قال الدِّمياطيُّ: بالرفع _يعني: برفع (مكان) _ على الخبر؛ أي: عوض عمرتك الفائتة، قال عياض: وهو أوجه، وبالنصب على الظرف، وقال بعضهم: النَّصب أوجه، والعامل فيه محذوف؛ تقديره: هذه كائنة مكان عمرتك، أو مجعولة مكانها، انتهى.

(1/3130)


[باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي]

(1/3131)


[حديث: أمر النبي عليًا أن يقيم على إحرامه]
1557# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه [1] عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور.
قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.
قوله: (وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ): هو سُراقة بن مالك بن جُعْشُم؛ بضمِّ الجيم، وإسكان العين المهملة، ثمَّ شين معجمة مضمومة، ثمَّ ميم، هذا قول الجمهور، وحكى الجوهريُّ عن الفرَّاء: فتح الجيم والشِّين فيه أفصح، ووقع في كلام بعضهم ما يخالف هذا، وفيه نظر، و (الجعشم) في اللُّغة: هو الرجل القصير الغليظ [2] مع شدَّة، صحابيٌّ مشهور، ترجمته معروفة.
تنبيه: في الصحابة من اسمه سراقة ثمانية [3] غير [4] المذكور، لكن [5] لا أعلم لواحد منهم رواية، وإنَّما الرواية لابن جعشم المذكور، أخرج له البخاريُّ، والأربعة، وأحمد في «المسند».
1558# قوله: (وَزَادَ مُحَمَّد بْنُ [6] بَكْرٍ [7]): هذا هو البرسانيُّ من الأزد، بصريٌّ، عن ابن جريج وطبقته، وعنه: عبد وخلق، ثقة، صاحب حديث، مات سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.
وقد تقدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فهو تعليق مجزوم به، والله أعلم.
تنبيه: هذا الحديث الذي ذكره البخاريُّ هنا: (عن المكِّيِّ بن إبراهيم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر)، عزاه المِزِّيُّ في «أطرافه» إلى (الحجِّ) فقط، وهو بهذه الزِّيادة، وبالسَّند أيضًا في (بعث عليٍّ وخالد بن الوليد إلى اليمن)، وقد أهمله المِزِّيُّ، وقد أخرجه النَّسائيُّ في (الحجِّ): عن عمران بن يزيد، عن شعيب بن إسحاق، عن ابن جريج به، نحو حديث مُحَمَّد بن بكر، والله أعلم.
قوله: (بِمَا أَهْلَلْتَ): كذا في أصلنا، والفصيح: (بِمَ)؛ بحذف الألف، وهذا جارٍ على لغة.
قوله: (فأهْدِ): هو بقطع الهمزة، وهذا ظاهر معروف.

(1/3132)


قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلاَّلُ الْهُذَلِيُّ): وكان ينبغي للمؤلِّف أن يقول: الهذليُّ الخلَّال؛ لأنَّ النَّسب إلى القبيلة قبل الحِرفة، والظَّاهر أنَّه لما كان مشهورًا بالخلَّال؛ قدَّمه، والله أعلم، وهو الحسن بن عليٍّ الهذليُّ الحلوانيُّ الخلَّال الحافظ، نزيل مكَّة، عن وكيع وأبي معاوية، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، والسَّرَّاج، وكان ثقةً ثبتًا حجَّةً، تُوفِّيَ سنة (242 هـ)، أخرج له مَن روى [8] عنه مِن أصحاب الكتب.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تقدَّم أنَّه عبد الصَّمد بن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، حافظ حجَّة، تقدَّم، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ): تقدَّم أنَّه بفتح السِّين، وكسر اللَّام، و (حَيَّان): بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ): هو مروان بن خاقان بصريٌّ، عن أبي هريرة وابن عمر، وعنه: خالد الحذَّاء، وعوف، وشعبة، وجماعة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.
قوله: (بِمَا أَهْلَلْتَ): كذا في الأصل، وفي نسخة: (بِمَ)، وهذه الفصيحة، وما في الأصل لغة، وقد تقدَّمت.
==========
[1] زيد في (ج): (ابن)، ولعله سبق نظر.
[2] في (ب): (الغليظ القصير).
[3] زيد في (ج): (عشر).
[4] في (ب): (عشر).
[5] (لكن): سقط من (ج).
[6] زيد في (ج): (أبي)، وليس بصحيح.
[7] زيادة محمَّد بن بكر جاءت في «اليونينيَّة» بعد حديث الحسن بن عليٍّ، وأشير في (ق) إلى التَّقديم والتَّأخير بخطٍّ مخالف.
[8] في النُّسخ: (أخرج)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[ج 1 ص 418]

(1/3133)


[حديث: بعثني النبي إلى قوم باليمن فجئت وهو بالبطحاء]
1559# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وقد تقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البخاريِّ مُطَوَّلًا.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): الظَّاهر أن هذا هو [1] سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكره في الرُّواة عن قيس بن مسلم، وكذا الذَّهبيُّ في «التَّذهيب»، ولم يذكر عنه سفيان بن عيينة، والله أعلم.
قوله: (عنْ أبي مُوسَى): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إِلَى قَوْمِي بِالْيَمَنِ): تقدَّم متى بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن في أوَّل (الزَّكاة)؛ فانظره.
قوله: (بِمَا أَهْلَلْتَ): كذا في أصلنا، وقد تقدَّم أعلاه أنَّها لغة، وأنَّ الفصيح حذف الألف، وتقول: (بِمَ).
قوله: (فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي): تقدَّم أنَّ هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ ... ) إلى آخره: ظاهره: أنَّ من أنشأ حجًّا ليس له فسخه في عمرة من أجل الهدي؛ تعظيمًا لحرمات الله، وتأوَّل قوم عليه أنَّه كان ينهى عن التَّمَتُّع بالعمرة إلى الحجِّ، وفيه نظر؛ لأنَّ التَّمَتُّع ثابت بنصِّ القرآن والسُّنَّة، ورُوِي عنه: أنَّ ذلك خاصٌّ بذلك العام.

(1/3134)


[باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}]
قوله: ({فَلاَ رَفَثَ} [البقرة: 197]): (الرَّفث): الجماع، وقد تقدَّم، ({وَلاَ فُسُوقَ} [البقرة: 197]): المعاصي، ({وَلاَ جِدَالَ} [البقرة: 197]): وهو المراء، وسيأتي كلُّ ذلك مُفسَّرًا في هذا «الصَّحيح» قريبًا.
قوله: (وَذُو الْقِعْدَةِ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، ويجوز فتحها، وأنَّ (الحَجَّة)؛ بفتح الحاء، ويجوز كسرها.
قوله: (وَكَرِهَ عُثْمَانُ [1]: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ): قال ابن قرقول: (كَرْمان: بفتح الكاف، وسكون الرَّاء، وضبطه الأصيليُّ [2]: بكسر الكاف، وكذلك عبدوس، والصَّواب: فتح الكاف، وإسكان الرَّاء في المدينة وفي النَّسب إليها) انتهى، وهو غير مصروف، وفي الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ: (كرمانِ)؛ مكسور النُّون بالقلم، وعليه (صح)، وهذا غريب، ثمَّ غُيِّرت وأُصلِحت فتحة، وكُتِب عليها (صح).
تنبيه: للشَّافعيَّة قولان في الإحرام من دويرة أهله، والأفضل: ألَّا يحرم إلَّا من الميقات؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يحرم في حَجِّهِ وعُمَرِهِ إلَّا من الميقات، وهذا ما صحَّحه النَّوويُّ، فلو أحرم قبل الميقات؛ فخلاف الأَوْلَى، وقيل: يُكرَه، وفي «المعجم الكبير» للطَّبرانيِّ: أنَّ عمر أغلظ لعمران بن الحصين في إحرامه من البصرة، وقال: يتحدَّث النَّاس أنَّ رجلًا من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أحرم من مصر من الأمصار.
والقول الثاني: من دويرة أهله أفضل، وهذا هو الصَّحيح عند الرَّافعيِّ؛ لأنَّه أكثر عملًا، والله أعلم، وقد رأيته [3] في «مناسك المُحبِّ الطَّبريِّ»: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أحرم من باب المسجد في عمرة القضاء من حديث جابر، قال: لأنَّه سلك طريق الفُرْع، ولولا ذلك؛ لأهلَّ من البيداء، ولم يَعزُ هذا الحديث لأحد.
[ج 1 ص 418]
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: التَّرضية.
[2] في (ج): (الأصيل)، وهو تحريف.
[3] في (ب): (رأيت).

(1/3135)


[حديث: من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرةً فليفعل]
1560# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ومعنى (بندار).
قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو بَكْرٍ الحنفيُّ): هما اثنان؛ أحدهما: الصغير، وهو هذا، واسمه عبد الكبير بن عبد المجيد أبو بكر الحنفيُّ، (منسوب إلى بني حنيفة، لا إلى المذهب) [2]، البصريُّ، عن خُثَيم بن عراك، وأفلح بن حميد، والضَّحَّاك بن عثمان، وسعيد بن أبي عَروبة، وأسامة بن زيد اللَّيثيِّ، وشعبة، وطائفة، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن المدينيِّ، والفلَّاس، وبندار مُحَمَّد بن بشَّار، والذُّهليُّ، وخلق، وثَّقه أحمد وغيره، وقال أبو حاتم: لا بأس به، صالح الحديث، قال أبو داود وغيره: تُوفِّيَ سنة (204 [3] هـ)، أخرج له الجماعة، وأمَّا الكبير؛ فاسمه عبد الله، حسَّن له التِّرمذيُّ، وقد جُهِّل، وليس له شيء في «البخاريِّ» و «مسلم»، وإنَّما أخرج له الأربعة [4].
قوله: (حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة.
قوله: (وَحُرُمِ الحجِّ): قال ابن قرقول: (بضمِّها، كذا لهم، وضبطه الأصيليُّ: بفتح الرَّاء، كأنَّه يريد: الأوقات، أو المواضع، أو الأشياء، أو الحالات، وأمَّا بفتح الرَّاء؛ فجمع «حرمة»؛ أي: ممنوعات الشَّرع ومحرَّماته، ولذلك قيل للمرأة المحرَّمة بالنَّسب [5]: حُرْمة، وجمعها: حُرَم، ويقال لها أيضًا: مَحْرَم، وللرَّجل كذلك) انتهى.
قوله: (فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ): هو بفتح السِّين المهملة، وكسر الرَّاء، تقدَّم أنَّها [6] على ستَّة أميال من مكَّة، وقيل: سبعة، وتسعة، واثني عشر.
قوله: (فَالآخِذُ بِهَا): هو اسم فاعل؛ بمدِّ الهمزة، وهذا ظاهر [7].

(1/3136)


قوله: (يَا هَنْتَاهْ): هو بمعنى: يا هَذه، وهو بفتح الهاء، وإسكان النُّون، ويجوز فتحها، وهي مخفَّفة، وبعضهم شدَّدها، وأُنكِر ذلك، والهاء التي في آخر [8] الكلمة تُسكَّن وتُضمُّ، ويُقال في التثنية: هنتان، وفي الجمع: هِنات وهنوات، وفي المذكَّر: هن وهنان وهنون، ولك أن تُلحِقَها الهاءَ؛ لبيان الحركة، فتقول: يا هنه، وأن تشبع الحركة فتصير ألفًا، فتقول: يا هناه، ولك ضمُّ الهاء، فتقول: يا هناهُ؛ أقبلُ، قال الجوهريُّ: هذه اللَّفظة تختصُّ بالنِّداء، وقيل: معنى (يا هنتاه): يا بلهاء [9]، كأنَّها نُسِبَت إلى قلَّة المعرفة بمكايد النَّاس وشرورهم.
قوله: (فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (لاَ أُصَلِّي): يعني: أنَّها حاضت، وهذا من أحسن الكنايات.
قوله: (أَنْ يَرْزُقَكِيهَا): كذا في أصلنا، وصوابه: أن يَرْزُقَكِها.
قوله: (فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ): أي: طفتُ طواف الإفاضة.
قوله: (فِي النَّفْرِ الآخِرِ): هو بكسر الخاء، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ): هو بالحاء والصَّاد [10] المشدَّدة المهملتين [11] المفتوحتين، قال شيخنا: قال أبو عبيد: هو من حدود خيف بني كنانة، وحدُّه: من الحجون ذاهبًا إلى مِنًى، وهو بطحاء مكَّة، وقال في موضع آخر: وهو الخيف، وهو إلى مِنًى أقرب، وهو الأبطح وبطحاء [12] مكَّة، وقال غيره: هو اسم لما بين الجبلين [13] إلى المقبرة، وقال ياقوت: هو غير المحَصَّب؛ موضع رمي الجمار بمِنًى.
قوله: (حَتَّى تَأتِيَانِ): كذا في أصلنا، وهو لغة معروفة، قال الشاعر:
~…أَنْ تقرآنِ على أَسْمَاءَ ويْحَكما…مِنِّي السَّلامَ وألَّا تُشعِرَا أَحَدَا
قوله: (بِسَحَرَ): هو قبيل الفجر، تقدَّم.
قوله: (فَآذَنَ): هو بمدِّ الهمزة، وهذا معروف.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] في (النسخ): (24)، والمثبت موافق لما في كتب التراجم.
[4] (وإنما أخرج له الأربعة): سقط من (ج).
[5] في (ب): (بالبيت)، وهو تحريف.
[6] (تقدَّم أنَّها): ليس في (ج).
[7] زيد في (ب): (جدًّا).
[8] في (ج): (أواخر).
[9] (يا بلهاء): سقط من (ب).
[10] في (ب): (بالحاء المهملة والصَّاد المهملة).
[11] (المهملتين): ليس في (ب).
[12] في (ب): (وهو بطحاء)، وضرب على (هو) في (أ) ..
[13] في (ج): (الحلبين)، وهو تحريف.

(1/3137)


[ج 1 ص 419]

(1/3138)


[باب التمتع والإقران والإفراد بالحج]
قوله: (باب التَّمَتُّع ... ) إلى آخره: التَّمَتُّع الموجب للدَّم [1] هو أن يحرم الأفقيُّ بالعمرة، ويفرغ من أعمالها، ثمَّ ينشئ حجًّا من مكَّة، (وقد يكون الشَّخص مُتمتِّعًا ولا دم عليه في بعض الصور) [2]، والقران: سيأتي بُعَيد هذا، والإفراد: أن يُحرِم بالحجِّ وحده، ثمَّ يفرغ من أعماله، ثمَّ يحرم بالعمرة، ثمَّ يفرغ منها.
قوله: (وَفَسْخِ الحجِّ): هو لمن لم يكن معه هدي أن يُدْخِل العمرة على الحجِّ، وهذا فيه قولان للشَّافعيَّة؛ أصحُّهما: أنَّه لا يجوز فسخ الحجِّ إلى العمرة، والصَّحيح من حيث السُّنَّة الجواز، [وقد قال ابن القيِّم في «الهَدْي» في (الحجِّ): قد روى عنه الأمر بفسخ الحجِّ إلى العمرة أربعةَ عشرَ من الصحابة، ثمَّ ذكر عدَّة أحاديثَ تشهد لذلك؛ فانظره إن أردته، فإنَّه ردَّ على مَن خالف في كلام طويل مفيد] [3]، وأمَّا العكس؛ فهو جائز عندهم بلا خلاف، والله أعلم، وسيأتي ذلك قريبًا أيضًا [4].
قوله في التبويب: (والإِقْرَانِ): قال شيخنا الشَّارح [5]: كذا في الأصول، وصوابه: القِران، وهو مصدر من قرن بين الحجِّ والعمرة، قال ابن التِّين: (والإقران غير ظاهر؛ لأنَّ فعله ثلاثيٌّ، وصوابه: القِران، وهو مصدر من قرن بين الحجِّ والعمرة؛ إذا جمع بينهما بنيَّةٍ واحدةٍ، وهو قارن، ومضارعه بكسر الرَّاء ... ) إلى آخر كلامه، قال ابن قرقول: (والقران في الحجِّ: جمعه مع العمرة، يُقَال منه: قرن، ولا يقال: أقرن) انتهى، [وهو على أربعة أنواع: الأوَّل: ما تقدَّم، والثَّاني: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجِّ، ثمَّ يُدخِل عليها الحجَّ قبل الطواف، الثالث: أن يحرم بالعمرة قبل الحجِّ، ثمَّ يُدخِل الحجَّ في أشهره، وهذا ممنوع عند عامَّة أصحاب الشَّافعيِّ؛ خلافًا للقفَّال وغيره ممَّن قطع أو صحَّح، والرَّابع: أن يحرم بالحجِّ ثمَّ يُدخِل عليها العمرة، فالجديد للشَّافعيُّ منعُه، والمختار جوازه؛ لصحَّة ذلك من فعله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ثمَّ يمتدُّ الجواز ما لم يشرع في طواف القدوم على الأصحِّ، والخلاف معروف في الأفضل من النُّسُك الثَّلاثة] [6].
وقد رأيت في حواشي الحافظ زكيِّ الدِّين عبد العظيم المنذريِّ نقل فيها عن أبي بكر المغافريِّ [7]_هو ابن العربيِّ القاضي أبو بكر_ أنَّه يقال: قرن بين الشيئين، وأقرن؛ إذا جمع بينهما، والله أعلم.
==========

(1/3139)


[1] (الموجب للدم): سقط من (ج).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[4] (وسيأتي ذلك قريبًا أيضًا): سقط من (ج).
[5] (الشَّارح): ليس في (ب).
[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[7] في (ج): (المعاقدي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 419]

(1/3140)


[حديث: وما طفت ليالي قدمنا مكة؟]
1561# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو ابن أبي شيبة، عثمان بن مُحَمَّد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خُوُاسْتَى، أبو الحسن العبسيُّ مولاهم، الكوفيُّ الحافظ، وكان أكبر من أخيه الحافظ أبي بكر ابن أبي شيبة، عن شريك، وأبي الأحوص، وجرير، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه مُحَمَّد، وأبو يعلى، والبغويُّ، وأممٌ، وهو أحد أئمَّة الحديث الأعلام، تُوفِّيَ في المحرَّم سنة (239 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة مَن أخذ عنه، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الحميد، وكذا تقدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): أنَّه ابنُ يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (وَلاَ نُرَى): هو بضمِّ النُّون في أصلنا وفتحه أيضًا، فقيل: معناه: نظنُّ، وكان هذا قبل أن يعلمن بأحكام الإحرام، وقيل: يحتمل أن ذلك كان اعتقادها من قبل أن تُهِلَّ، ثمَّ أهلَّت بعمرة، ويحتمل أن تريد بقولها: (ولا نُرى): حكاية فعل غيرها من الصَّحابة، وهم كانوا لا يعرفون إلَّا الحجَّ ولم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحجِّ، فخرجوا محرمين بالذي لا يعرفون غيره، وذكر بعضهم: أنَّها
[ج 1 ص 419]
كانت أحرمت بالحجِّ ثمَّ بالعمرة، ثمَّ بالحجِّ، فدلَّ على أنَّ المراد بقولها: (لا نُرى إلَّا الحجَّ): عن فعل غيرها، والله أعلم.
فائدة: اختلف النَّاس فيما أحرمت به عائشة [1] أوَّلًا على قولين؛ أحدهما: أنَّه عمرة مفردة، وهذا هو الصَّواب؛ للأحاديث؛ ومنها: (فكنت [2] أنا ممَّن أهلَّ بعمرة)، ومنها: «دعي العمرة، وأهلِّي بالحجِّ».
والقول الثَّاني: أنَّها أحرمت أوَّلًا بالحجِّ وكانت مفردة، قال ابن عبد البَرِّ: روى القاسم بن مُحَمَّد والأسود بن يزيد وعَمرة؛ كلُّهم عن عائشة ما يدلُّ على أنَّها كانت محرمة بحجٍّ، لا بعمرة؛ منها: حديث عمرة عنها: (خرجنا لا نُرى [3] إلَّا الحجَّ)، وحديث الأسود بن يزيد مثله [4]، وحديث القاسم: (لبَّينا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بالحجِّ)، قال: وغلَّطُوا عروة في قوله عنها: «كنتُ ممَّن أهلَّ بعمرة ... ) إلى آخر الكلام في ذلك، ذكره ابن القيِّم في «الهَدْي»؛ فانظره إن أردته، [وقد جمع القاضي عياض بين [5] الأحاديث في «شرح مسلم»، فقال: إنَّها قارنة] [6].

(1/3141)


واختُلِف في هذه العمرة التي أتت بها عائشة من التَّنعيم على أربعة مسالكَ؛ أحدها: أنَّها كانت زيادة؛ تطييبًا لقلبها وجبرًا لها، وإلَّا؛ فطوافها وسعيها وقع عن حجِّها وعمرتها، وكانت مُتمتِّعة، ثمَّ أدخلت الحجَّ على العمرة، فصارت قارنة، وهذا أصحُّ الأقوال، والأحاديث لا تدلُّ على غيره، وهذا مسلك الشَّافعيِّ، وأحمد، وغيرهما.
المسلك الثاني: أنَّها لمَّا حاضت؛ أمرها أن ترفض عمرتها وتنتقل عنها إلى حجِّ مُفرِد، فلمَّا خلت من الحجِّ؛ أمرها أن تعتمر؛ قضاءً لعمرتها التي أحرمت بها أوَّلًا، وهذا مسلك أبي حنيفة ومن تبعه، وعلى هذا القول؛ فهذه العمرة كانت في حقِّها واجبة لا بدَّ منها، وعلى القول الأوَّل [7]؛ كانت جائزة.
المسلك الثالث: أنَّها لمَّا قرنت؛ لم يكن بدٌّ من أن تأتي بعمرة مُفرِدة؛ لأنَّ عمرة القارن لا تجزئ عن عمرة الإسلام، وهذا إحدى الرِّوايتين عن أحمد.
المسلك الرابع: أنَّها كانت مُفرِدة، وإنَّما [8] امتنعت من [9] طواف القدوم؛ لأجل الحيض واستمرَّت على الإفراد حتَّى طهرت وقضتِ الحجَّ، وهذه العمرة هي عمرة الإسلام، وهذا مسلك إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره من المالكيَّة، ولا يخفى ما في هذا المسلك من الضعف، بل هو أضعف المسالك في الحديث، والله أعلم.
قوله: (فَلَمَّا قَدِمْنَا؛ تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ): تعني بذلك: رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ والنَّاس غيرها؛ لأنَّها هي لم تطُف _كما سيأتي_ لأجل حيضها.
قوله: (فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ): هي بفتح الحاء، وإسكان الصَّاد المهملتين، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث: وهي ليلة نزول المُحصَّب، وهي اللَّيلة التي [10] تلي أيَّام التشريق.
قوله: (قَالَتْ صَفِيَّةُ): هي بنت حُييِّ بن [11] أخطب، أمُّ المؤمنين، تقدَّم بعض ترجمتها [12] رضي الله عنها.
قوله: (مَا أُرَانِي إلَّا حَابِسَتُكُم [13]): (أُراني): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّني.

(1/3142)


قوله: (عَقْرَى حَلْقَى): أمَّا (عَقْرى)؛ فبفتح العين المهملة، وإسكان القاف، ثمَّ راء، مقصورة، و (حَلْقى): بفتح الحاء المهملة، وإسكان اللَّام، ثمَّ قاف، مقصورة أيضًا، قال ابن قرقول: (حلقى: مقصورة غير منوَّنة، ومنهم مَن ينوِّنها، وهو الذي صوَّب أبو عبيد، وهو على هذا مصدرٌ؛ أي: عقرها الله، وحلقها: أهلكها وأصابها بوجع في حلقها، قال ابن الأنباريِّ: لفظه الدُّعاء، ومعناه غير الدُّعاء، وقال غير [14] أبي عبيد: إنَّما هو على وزن «غَضْبَى»؛ أي: جعلها كذلك، والألف للتَّأنيث، وقيل: «عقرى»: عاقر لا تلد، قال الأصمعيُّ: هي كلمة تُقَال للأمر عند التعجُّب به: عقرى حلقى خمشى؛ أي: تعقر النساء منه خدودهنَّ بالخمش، وتحلقن رؤوسهنَّ للتسلُّب على أزواجهنَّ لمصابهنَّ [15]، ومن التعجُّب ما جاء في حديث الصَّبيِّ الذي تكلَّم [16]، فقالت أمُّه: «عقرى! أوَكان هذا منه؟!»، وقال اللَّيث: معنى «عقرى حلقى»: مشوبة بعقر قومها وبحلقهم؛ لشؤمها، وقيل: معنى ذلك: ثُكْل، فتحلق أمُّه رأسها، وهي عاقر لا تلد، وقيل: بل هي كلمة تقولها اليهود للحائض، وفيها جاء الحديث، ونحوه لابن الأنباريِّ، وفي «البخاريِّ» أنَّها لغة لقريش، وقال الدَّاوديُّ: معناه: أنت طويلة اللِّسان لمَّا كلَّمته بما [17] يَكْرَه، مأخوذ من الحلق الذي منه يخرج الكلام، و «عقرى»: من العَقِيرة، وهو الصَّوت [18]، قلت [19]: وهذا لا يُساوِي سماعه) انتهى لفظه.
وقال ابن الأثير: (هكذا يرويه المحدِّثون غير منوَّن بوزن «غضْبَى») ... إلى أنْ قال: (والمعروف في اللُّغة التَّنوينُ على أنَّه مصدر فعل متروكِ اللَّفظ؛ تقديره: عقرها الله عقرًا، وحلقها حلقًا)، وحكي أيضًا في (عقرى): أنَّ أبا عبيد قال: (الصَّواب: عقرًا حلقًا)؛ مُنوَّنين، وبعض هذا في كلام المؤلِّف، ولكن ما نقله فيهما إنَّما نقله في (حَلْقَى).
قوله: (وَهُوَ مُصْعِدٌ [20]): هو بكسر العين، و (المُصْعِدة) [21] هنا: هي المبتدئة في السَّير.
قوله: (وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ [22] عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهْوَ مُنْهَبِطٌ [23] مِنْهَا): هذا شكٌّ من الرَّاوي، وأحد المكانين غلط، وسأذكر ما الغلط فيهما، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس».

(1/3143)


[حديث: خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع]
1562# [قوله: (عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ): هي سنة عشر] [1].

(1/3144)


[حديث: شهدت عثمان وعليًا وعثمان ينهى عن المتعة .. ]
1563# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّ بَشَّارًا بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، لُقِّبَ بذلك، وتقدَّم ما معنى (بندار).
قوله: (حَدَّثَنَا غندر): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، وإسكان النُّون، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم مَن لقَّبه بذلك.
قوله: (عنِ الحَكَمِ): تقدَّم مرارًا [1] ابن عتيبة القاضي، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ البخاريَّ وهم فيه وهمًا ذكرتُه.
قوله: (عنْ عَلِّي بنِ الحُسَيْن [2]): هذا هو زين العابدين الهاشميُّ، مشهور.
قوله: (عن مَرْوانَ بنِ الْحَكَمِ): هذا هو الخليفة مشهور، وقد تقدَّم أنَّه لم يرَه عليه الصَّلاة والسَّلام، وإنَّما هو تابعيٌّ، وقد قدَّمت بعض ترجمته.
قوله: (وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر.
==========
[1] زيد في (ج): (أنَّه).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حُسَيْنٍ).
[ج 1 ص 420]

(1/3145)


[حديث: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض]
1564# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا [1] أن هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم لماذا نُسِب، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن [2] خالد، وكذا تقدَّم (ابْنُ طَاوُوسٍ): أنَّه عبد الله.
قوله: (كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ ... ) إلى آخره: هؤلاء هم [3] الجاهليَّة.
قوله: (وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا): كذا في أصلنا، وفي بعض النسخ: (صفر)، والصَّواب: ما في أصلنا؛ لأنَّه مصروف، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: هكذا هو في النسخ بغير ألف بعد الرَّاء، وهو مصروف بلا خلاف، وكان ينبغي كتابته بالألف، وسواء كُتِب بالألف أم بحذفها لا بدَّ من قراءته هنا منصوبًا؛ لأنَّه مصروف، انتهى.
قوله: (إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ [4]): (برأَ): بهمزة في آخره وتُسهَّل، وبهما ضُبِط في أصلنا، وكتب شيخنا الأستاذ أبو جعفر الغرناطيُّ في هامش نسخته بـ «البخاريِّ»: («برَأَ»؛ بفتح الرَّاء لغة في بَرِئَ، وهو مُسهَّل الهمزة؛ إتباعًا لـ «عَفا»).
قوله: (الدَّبَرْ): هو بفتح الدَّال المهملة والموحَّدة؛ أي: دبر الإبل التي حجُّوا عليها؛ لأنَّ الجاهليَّة كانت لا ترى العُمرة في أشهر الحجِّ، و (الدَّبر): الجرح الذي يكون في ظهر البعير، يُقال: دبَر يدبَرُ دبَرًا، وقيل: هو أن يقرح خفُّ البعير.
قوله: (وَعَفَا الأَثَرْ): (عفا): معتلٌّ؛ أي: دُرِس أثر الحجيج من الطَّريق وامَّحى بعد رجوعهم بوقوع الأمطار وغيرها؛ لطول مرور الأيَّام.

(1/3146)


[حديث: قدمت على النبي فأمره بالحل]
1565# قوله: (حَدَّثَنَا غندر): تقدَّم قريبًا ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وكذا تقدَّم (أَبُو مُوسَى): أنَّه الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار.
==========
[ج 1 ص 420]

(1/3147)


[حديث: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر]
1566# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّ هذا هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك الإمام شيخ الإسلام.
قوله: (إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي): تلبيد الرأس: هو جمعه بما يلزق بعضه إلى بعض من خطميٍّ أو صمغ أو شبهه؛ ليتَّصلَ بعضه ببعض، فلا يشعث ويقمل [1] في الإحرام، وهو سُنَّة، وقد تقدَّم.
قوله: (وَقَلَّدْتُ هَدْيِي): تقدَّم الكلام على تقليد الهَدْي، والهدْي [2]؛ بإسكان الدَّال، وهو أفصح من كسرها هذا مع التشديد، وقد سُوِّي بينهما.
[ج 1 ص 420]

(1/3148)


[حديث: سنة النبي فقال لي أقم عندي]
1567# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ): تقدَّم أنَّه بالجيم والرَّاء.
قوله: (فَقَالَ: سُنَّةَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): يجوز في (سُنَّة) الرَّفع والنَّصب، وبهما ضُبِط في أصلنا.
قوله: (فأجْعَل لَكَ سَهْمًا مِنْ مالِي): (أجعل): منصوب ومرفوع، وذلك معروف، وبهما ضُبِط في أصلنا، وهمزة (فأجعل) مقطوعة.
قوله: (لِلرُّؤْيا الَّتِي رَأَيْتُ): هو بضمِّ التَّاء للتَّكلُّم [1].
==========
[1] في (ج): (للمتكلم).
[ج 1 ص 421]

(1/3149)


[حديث: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة]
1568# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم ضبط دُكَين.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ [1]): اعلم أنَّ أبا شهاب اثنان؛ أحدهما: هذا، وهو أبو شهاب الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهذليُّ الحنَّاط؛ بالحاء المهملة، والنُّون المشدَّدة، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رَباح، روى عنه: أبو نعيم حديثًا واحدًا في (الحجِّ)، وهو هذا، والثَّاني [2]: أبو شهاب الأصغر، واسمه عبد ربِّه بن نافع المدنيُّ الحنَّاط؛ كالمتقدَّم، يروي عن يونس بن عبيد، وابن عون، وعاصم الأحول، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، رويا له جميعًا، روى له البخاريُّ في آخر (الزَّكاة)، وفي (الأشربة)، و (الاستقراض)، و (الكفَّارات)، و (التَّوحيد)، حدَّث عنه: أحمد ابن يونس وعاصم بن يوسف، قال البخاريُّ: (عبد ربه بن نافع أبو شهاب الحنَّاط صاحب الطَّعام، سمع مُحَمَّد بن سوقة، ويونس بن عبيد، وعوفًا الأعرابيَّ ... ) إلى آخر كلامه، فتحرَّر لك أنَّ أبا شهاب الحنَّاط الكبير موسى بن نافع هذا ليس له في «البخاريِّ» غيرُ هذا المكان، وأخرجه مسلم أيضًا، وليس له في بقيَّة الكتب شيءٌ، وكلُّ واحد منهما له ترجمة في «الميزان»، ويقع في بعض النسخ: (قال أبو عبد الله: أبو شهاب ليس له مسند إلَّا هذا) انتهى، وهذه نسخة في هامش أصلنا، والله أعلم.
قوله: (فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلاَثَةِ أيَّامٍ): تقدَّم أنَّ التَّروية ثامنُ ذي الحجَّة.
قوله: (تَصِيرُ الآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً): معنى هذا: أنَّك تنشئُ حَجًّا من مكَّة إذا فرغت من تمتُّعك كما يُنشِئ أهل مكَّة الحجَّ منها؛ لأنَّها ميقاتهم للحجِّ.
قوله: (فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ): هذا عطاء بن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (أَسْتَفْتِيهِ): هو بقطع الهمزة، وهذا ظاهر، وكذا قوله: (أَحِلُّوا): بقطع الهمزة أيضًا، وكسر الحاء، وتشديد اللَّام.

(1/3150)


[حديث: اختلف علي وعثمان وهما بعسفان في المتعة]
1569# قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيّب): تقدَّم أنَّ ياءه تُفتَح وتُكسَر، وأنَّ ياء غيرِه لا يجوز فيها إلَّا الفتحُ مرارًا.
قوله: (وَهُمَا بِعُسْفَانَ): هي قرية جامعة بها مِنْبرٌ، على ستَّةٍ وثلاثين ميلًا من مكَّة.
==========
[ج 1 ص 421]

(1/3151)


[باب من لبى بالحج وسماه]

(1/3152)


[حديث: قدمنا مع رسول الله ونحن نقول لبيك اللهم لبيك بالحج]
1570# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

(1/3153)


[باب التمتع]

(1/3154)


[حديث: تمتعنا على عهد رسول الله فنزل القرآن قال رجل برأيه ما شاء]
1571# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوذَكِيُّ، وكذا [1] تقدَّم (هَمَّامٌ [2]): أنَّه ابن يحيى العَوذيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطَّاء المهملة، وتشديد الرَّاء المكسورة، ثمَّ فاء، وهو مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير الحرشيُّ [3] العامريُّ، أبو عبد الله، أحد الأعلام، عن أبيه، وأُبيٍّ [4]، وعليٍّ، وعنه: أخوه يزيد، وقتادة، وأبو التَّيَّاح، مات سنة (95 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن سعد، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد [5].
قوله: (عَنْ عِمْرَانَ): هو ابن الحصين بن عبيد الخزاعيُّ الكعبيُّ [6]، أبو نُجَيد، أسلم عام خيبر، وهو مشهور، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصحابة مَن اسمه عمران مشهورًا به تسعة أشخاص، هو منهم؛ منهم ثلاثة، الصَّحيح فيهم: أنَّهم تابعيُّون، والله أعلم، ولا أعلم رواية إلَّا لعمران بن الحصين صاحب التَّرجمة، والله أعلم.
قوله: (رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ): هذا الرجل المشار إليه في هذا الحديث، قال شيخنا: قال ابن الجوزيِّ: كأنَّه يريد عثمان، وقال النَّوويُّ وغيره: يريد عمر، قال شيخنا الشَّارح: زاد ابن التِّين: يحتمل أن يكون أراد: أبا بكر، أو عمر، أو عثمان، وسيجيء في (التَّفسير) حديثُ عمران: (قال رجل برأيه ما شاء، قال مُحَمَّد: يُقال: إنَّه عمر رضي الله عنه)، ومُحَمَّد القائل ذلك هو البخاريُّ، انتهى، وكذلك في «مسلم» في (الحجِّ)، وما أدري مِن كلام مَن هو [7]، والله أعلم، وكلام البخاريِّ هو في بعض النُّسخ.

(1/3155)


[باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}]

(1/3156)


[معلق أبي كامل: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلَّا من قلد الهدي]
1572# قوله: (وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ): هذا تعليق مجزوم به، و (أبو كامل) المذكور: هو ابن أخي كامل بن طلحة، يروي عن الحمَّادين، وعبد العزيز بن المختار، وأبي عوانة، ويزيد بن زُرَيع، وسُليم بن أخضر، وطائفة كثيرة، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وبقيُّ بن مَخْلَد، وزكريَّا السَّاجيُّ، وعبدان، وأبو القاسم البغويُّ، وآخرون، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، قال موسى بن هارون: مات سنة [1] سبع وثلاثين ومئتين، أخرج له مَن أخذ عنه مِن الأئمَّة، وقد تقدَّم أنَّه إذا قال البخاريُّ: (قال فلان)، وفلان المسند إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه [2] متَّصل، لكنَّه يكون [3] أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وتعليقه هذا ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم، قال شيخنا: وقد وصله الإسماعيليُّ، فقال: حَدَّثَنَا القاسم بن زكريَّا المُطرِّز: حَدَّثَنَا أحمد بن سنان: حَدَّثَنَا أبو كامل: حَدَّثَنَا أبو معشر [4]: حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد، عن عكرمة ... ؛ الحديث، وقال: هكذا قال القاسم: عثمان بن سعيد، وكذا رواه أبو نعيم عن أبي أحمد: حَدَّثَنَا القاسم المُطرِّز به، وقال: ذكره البخاريُّ بلا رواية عن أبي كامل، [وقال أبو كامل: عثمان بن عتَّاب، وقال المُطرِّز: ابن سعيد] [5]، وقال أبو مسعود الدمشقيُّ: هذا حديث غريب، ولم أره عند أحد إلَّا عند مسلم بن الحجَّاج، ومسلم لم يذكره في «صحيحه» من أجل عكرمة، وعندي: أنَّ البخاريَّ أخذه عن مسلم، قال شيخنا: قلت: ويجوز أن يكون البخاريُّ أخذه عن أبي كامل بغير واسطة، فإنَّه غالبًا يستعمل مثل ذلك فيما أخذه عَرَضًا أو مناولةً، وهما صحيحان عند جماعة، يجب العمل بهما، انتهى.
وفضيل هذا من مشايخ البخاريِّ، ولكن لم يُخرِّج له إلَّا تعليقًا، وقد تقدَّم أنَّ (قال فلان) إذا كان المعزوُّ إليه القول شيخَه؛ محمول على أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وتقدَّم كلام مَن قال: إنَّه يكون عرضًا ومناولةً، وهو الحيريُّ، والله أعلم، (وقد تقدَّم ردُّه، وعكرمة يحايده مالكٌ، وقد أخرج عنه حديثًا أو حديثين، واعتمده البخاريُّ، وتجنَّبه مسلم، لكن أخرج له [6] مقرونًا) [7].

(1/3157)


قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الرَّاء، وبالمدِّ، وهو الذي يَبرِي النَّبلَ [8]، واسمه يوسف بن يزيد البصريُّ العطَّار، عن حنظلة السَّدوسيِّ ويونس، وعنه: لُوَين والقَواريريُّ، صدوق، وضعَّفه ابن معين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ): تقدَّم أنَّه بكسر الغين المعجمة، وبالمثنَّاة تحت المخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة.
[ج 1 ص 421]
قوله: (مَحِلَّهُ): تقدَّم أنَّه بكسر الحاء، وتشديد اللَّام، وأنَّه [9] يجوز فتح الحاء: وقت الحلول ومكانه، ذكره بهما ابنُ قرقول.
قوله: (عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ): تقدَّم الكلام على (التَّروية): أنَّه ثامن ذي الحَجَّة، وأمَّا (عشيَّة)؛ فقد قال الجوهريُّ: العشيُّ والعشيَّة: من صلاة المغرب إلى العتمة، وقد قدَّمت كلام ابن قرقول في ذلك أيضًا.
قوله: ({إِلَى أَمْصَارِكُمْ} [البقرة: 196]): هذه شاذَّة، وفي حفظي: أنَّها قراءة ابن عبَّاس.
قوله: (الشَّاةُ تَجْزِي): تقدَّم أنَّه ثلاثيٌّ معتلٌّ، ورباعيٌّ مهموز.
قوله: (وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ): (سَنَّ): فعل ماضٍ، والضَّمير [مفعول]، و (نبيُّه)؛ بالرَّفع فاعل (سَنَّ).
قوله: (وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الحَجَّة): تقدَّم أنَّ (القِعدة)؛ بكسر القاف وتُفتَح، و (الحَجَّة [10])؛ بالعكس، ويجوز فيها العكس.
==========
[1] (سنة): سقط من (ب).
[2] في (ب) و (ج): (بأنَّه)، وهي في (أ) محتملة للمثبت.
[3] (يكون): سقط من (ج).
[4] في (ب): (معمر).
[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[6] (له): سقط من (ب).
[7] ما بين قوسين سقط من (ج).
[8] في (ج): (النَّبيل)، وسقط من (ب).
[9] في (ب): (وتقدَّم أنَّه).
[10] في (ج): (وذو الحجَّة).

(1/3158)


[باب الاغتسال عند دخول مكة]
قوله: (باب الاِغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مكَّة): اعلم أنَّه يُستحبُّ الاغتسال للحاجِّ في عشرة مواضعَ: للإحرام، ولدخول مكَّة، وللوقوف بعرفة، وللوقوف بمزدلفة بعد الصبح يوم النَّحر، وثلاثة أغسال [1] لرمي جمار التَّشريق، وهذه الأغسال نصَّ عليها الشَّافعيُّ قديمًا وجديدًا، وزاد في القديم ثلاثة أغسال [2]: لطواف الإفاضة، والوداع، والحلق، ولم يستحبَّه لرمي جمرة العقبة؛ اكتفاءً [3] بغُسل العيد، ولأنَّ وقته يتَّسع بخلاف رمي أيَّام التَّشريق، أمَّا الاغتسال للإحرام؛ فرواه التِّرمذيُّ من رواية زيد بن ثابت، وقال: حسن، وذكره ابن السَّكن في «صِحاحه»، وضعَّفه ابن القطَّان، وأمَّا الغسل لدخول مكَّة؛ فأخرجه البخاريُّ من رواية ابن عمر، وأمَّا الغسل للوقوف بعرفة وبمزدلفة على المشعر الحرام غداة النَّحر في أيَّام التشريق للرَّمي؛ فلأنَّ هذه المواضع يجتمع لها النَّاس فأشبه غسل الجمعة، ولا أعلم لها دليلًا من السُّنَّة صريحًا، ولا أعلم للأغسال [4] الثَّلاثة التي زادها في القديم دليلًا صريحًا من السُّنَّة، والله أعلم.
==========
[1] في (ج): (اغتسالات).
[2] في (ج): (اغتسالات).
[3] في (ب): (الميقات)، وهو تحريف.
[4] في (ج): (لاغتسال).
[ج 1 ص 422]

(1/3159)


[حديث: كان ابن عمر إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت]
1573# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ): تقدَّم أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمام، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا أيُّوبُ [1]): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتقدَّم بترجمته.
==========
[1] في (ب) و (ج): (حدثنا أيُّوب).
[ج 1 ص 422]

(1/3160)


[باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا]
قوله: (بِذِي طُوًى): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها تعرف اليوم بآبار الزَّاهر.
==========
[ج 1 ص 422]

(1/3161)


[حديث: بات النبي بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة]
1574# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم، ومن جملة ترجمته: أنَّ الإمام أحمد قال: لم تر عيناي مثل يحيى بن سعيد القطَّان.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مرارًا.
==========
[ج 1 ص 422]

(1/3162)


[باب: من أين يدخل مكة؟]

(1/3163)


[حديث: كان رسول الله يدخل من الثنية العليا]
1575# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْنٌ): هو مَعْن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز أبو يحيى، أحد الأئمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المدينيِّ، وابن معين، ومُحَمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمته، ولكن طال العهد به.
قوله: (مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا): هي كَدَاء، وسيأتي الكلام عليها قريبًا.
قوله: (وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى): هي كُدًى، وسيأتي الكلام عليها قريبًا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[ج 1 ص 422]

(1/3164)


[باب: من أين يخرج من مكة؟]

(1/3165)


[حديث: أن رسول الله دخل مكة من كداء من الثنية العليا]
1576# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّه يحيى [1] بن سعيد القطَّان.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه اسمه ونسبه.
قوله: (مِنْ كَدَاءٍ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا): (كَداء)؛ العُليا: بفتح الكاف، وبالمدِّ مصروفة، وعليه اقتصر النَّوويُّ في «تهذيبه»، وأمَّا (كُدًى)؛ فهي السُّفلى، وهي بضمِّ الكاف، والقصر، والتنوين، هذا هو الصَّواب المشهور الذي قاله الجماهير من العلماء، والمُحدِّثين، وأهل الأخبار، والفقه، قال النَّوويُّ: وما سوى ذلك؛ فليس بشيء، وللرُّواة اختلاف كثير، فإنْ شئت أن تقف عليه؛ فراجع «المطالع» لابن قرقول، أو أصله «المشارق» للقاضي عياض، فإنَّهما أطالا في ذلك، والمُعتمَد ما ذكرته لك أنَّ (العليا)؛ بالمدِّ وفتح الكاف مصروفة، و (السُّفلى)؛ بضمِّ الكاف مقصورة منوَّنة.
فائدة: قال السُّهيليُّ في (غزوة الفتح) من «روضه»: وبكَدَاء وقف إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ [2] حين دعا لذريَّته بالحرم، كذلك روى سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37]، فاستُجيبَت دعوته، وقيل له: أنْ {أَذِّن فِي النَّاس بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ... } [الحج: 27]؛ الآية، ألا تراه قال: {يَأْتُوكَ} ولم يقل: يأتوني؛ لأنَّه استجابة لدعائه، فمن ثمَّ _والله أعلم_ استحبَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إذا أتى مكَّة؛ أن يدخلها من كداء؛ لأنَّه الموضع الذي دعا فيه إبراهيم عليه السَّلام بأن يجعل أفئدة مِن النَّاس تهوي إليهم، انتهى.
قوله: (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): يعني به: القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.
قوله: (أَتَيْتُهُ): هو بضمِّ تاء المُتكلِّم، وكذا: (فَحَدَّثْتُهُ).

(1/3166)


قوله: (وَمَا أُبَالِي كُتُبِي كَانَتْ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ): اعلم أنَّه إذا كان اعتماد الرَّاوي على كتابه دون حفظه وغاب عنه الكتاب بإعارة، أو ضياع، أو سرقة، ونحو ذلك؛ فذهب بعض أهل التشديد في الرواية أنَّه لا يجوز الرِّواية منه؛ لغيبته عنه وجواز التَّغيير فيه، والصَّواب: الذي عليه الجمهور أنَّه إذا كان الغالبُ على الظَّنِّ من أمره سلامتَه من التَّغيير والتَّبديل؛ جازت له الرِّواية منه، لا سيَّما إذا كان ممَّن لا يخفى عليه في الغالب إذا غُيِّر ذلك أو شيءٌ منه؛ لأنَّ باب الرواية مَبنيٌّ على غالب الظَّنِّ، ومعنى كلامه: أنَّ مسدَّدًا ثقة مأمون، فلا فرق بين أن تكون كتبي عندي أم عنده؛ لأنَّه مأمون، والله أعلم.
[ج 1 ص 422]

(1/3167)


[حديث: أن النبي لما جاء إلى مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها]
1577# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وتقدَّم لماذا نُسِب في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه عبد الله بن الزُّبير المكِّيُّ.
1578# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة [1] منسوب: (ابن غَيلان)، وهي في أصلنا، وهو هو، وغَيلان؛ بالغين المعجمة المفتوحة، ثمَّ مثنَّاة تحت، وهذا ظاهر، وأمَّا (أبو أسامة)؛ فهو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (مِنْ كَدَاءٍ): هذه العليا، وقد تقدَّم قريبًا أنَّها بفتح الكاف، وبالمدِّ مصروفة.
قوله: (وَخَرَجَ مِنْ كُدًى): تقدَّم أنَّها بضمِّ الكاف، مقصورة منوَّنة: وهي السُّفلى.
1579# قوله: (حَدَّثَنَا [2] أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا في (الصَّلاة)؛ فانظره مع الخلاف فيه.
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن وهب، الإمام المصريُّ.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَمْرٌو): هذا هو عمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة الأنصاريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو أحد الأعلام.
قوله: (مِنْ كَدَاءٍ): هي بالفتح والمدِّ، وهي العليا، تقدَّمت قريبًا.
قوله: (وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ): هي بالفتح والمدِّ.
1580# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، عن هشام بن عروة ويزيد بن أبي عُبيد، وعنه: ابن معين وابن راهويه، ثقة، تُوفِّيَ سنة [3] (187 هـ) بالمدينة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنْ عُرْوَةَ قَالَ [4]: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ): هذا مُرْسَل، وقد أخرجه كذلك هنا، وكذا في (الحجِّ) مرَّةً أخرى، يأتي قريبًا جدًّا، وفي (المغازي) كذلك [5]، وقد رواه محمود بن غيلان، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، وكذلك رواه سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وحديث حمَّاد بن أسامة أخرجه البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وحديث سفيان أخرجه [6] البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، البخاريُّ [7] في (المغازي).
قوله: (مِنْ كَدَاءٍ): هي بالفتح والمدِّ، كذا في أصلنا، وفي الهامش: نسخة: (كُدًى)؛ بالضَّمِّ، والقصر مُنوَّن.

(1/3168)


1581# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكِيُّ، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب.
قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) [8]: هو وُهيب بن خالد الباهِليُّ الحافظ الكرابيسيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ أَبِيهِ قال [9]: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ): هذا المكان الثاني في (الحجِّ) الذي قدَّمته قريبًا أنَّه مُرسَل؛ فاعلمه.
قوله: (مِنْ كَدَاءٍ): هي بالفتح والمدِّ كما تقدَّم قريبًا: وهي العليا.
==========
[1] في (ج): (نسخته).
[2] (حدثنا): سقط من (ب).
[3] (سنة): ليس في (أ).
[4] (قال): ليس في «اليونينيَّة».
[5] في (ب): (قال).
[6] زيد في (ج): (له).
[7] (البخاري): سقط من (ب).
[8] زيد في (ج): (هذا).
[9] (قال): ليس في «اليونينيَّة».
[ج 1 ص 423]

(1/3169)


[باب فضل مكة وبنيانها]
(باب فَضْلِ مكَّة وَبُنْيَانِهَا) .... إلى (بابُ المَرِيْضِ يَطُوفُ رَاكِبًا)
اعلم أنَّ مكَّة أفضل الأرض عند الشَّافعيَّة؛ خلافًا لمالك، حاشا موضع قبره عليه أفضل [1] الصَّلاة والسَّلام؛ فإنَّه أفضل بقاع الأرض، كما قاله عياض رحمه الله [2]، وهو ظاهر، [رأيت في «تاريخ المدينة المشرَّفة» للمطريِّ [3] بيتين وليسا له، وهما:
جَزَمَ الجَمِيعُ بِأَنَّ خَيرَ الأَرْضِ مَا قَدْ حَاطَ [4] ذَاتَ المُصطَفى وَحَوَاها
وَنَعَمْ لَقَدْ صَدَقُوا بسَاكِنهَا عَلَتْ كَالنَّفْسِ حِينَ زَكَتْ زَكَا مَأْوَاهَا] [5]
وقال المحبُّ الطَّبريُّ: إنَّ بيت خديجة رضي الله عنها الذي بمكَّة أفضلُ موضع منها بعد المسجد الحرام.
فائدة: لمكَّة أسماء مذكورة، وقد ذكرتها في (كِتَاب العلم)؛ فانظرها إنْ أردتها، فإنِّي لم أرها مجموعة كما ذكرتها، والله أعلم.
فائدة: يختصُّ حرم مكَّة باثني عشرَ حكمًا: تحريم الاصطياد، وقطع الشَّجر، ولا يُنحَر عن [6] المحصر الهديُ، ولا يفرق لحمه والطَّعام الواجب إلَّا فيه، ولو نذر المشي إليه؛ لزمه، ولا يدخله إلَّا بإحرام مُستَحبٍّ أو واجبٍ على الخلاف، ولا يتحلَّل إلَّا فيه إلَّا إذا كان مُحْصَرًا، ولو قَتَلَ فيه خطأ رميًا [7] أو إصابةً؛ غُلِّظت الدِّية، ولا تُتملَّك لقطته، ولا يَدخلُه كافر ولا يُدفَن فيه، ولو شرط على دخوله مالًا فدخل؛ أُخِذَ منه، ولا يُعرَف فاسدٌ يُستحقُّ فيه المُسمَّى غير هذا، ولا يُحرِم أحد فيه بالعمرة وحدها، وقد تقدَّم ما قاله البخاريُّ في تبويبه وردُّه، ولا فديةَ على حاصرٍ به بمتعةٍ ولا قرانٍ، (ولا يجوز إخراج أحجاره وترابه إلى الحِلِّ، وإدخال أحجار الحلِّ أو ترابه إليه مكروه) [8]، وبالعبادات المختصَّة بالحجِّ، وتختصُّ الكعبة بأنَّها قبلة المسلمين من جميع الجهات، وبالحجِّ، والعمرة، والطَّواف، وتفضيل الصَّلاة بمئة ألف فيها وفي المسجد حولها، والمصلُّون يستديرون [9] حولها ويتقابلون [10] فيها حتى الإمام والمأموم، وكذلك الاستدبار، وبأن إحياءها فرض كفاية، وبأن قاضي الحاجة يحرم عليه استقبالُها واستدبارُها بالصحراء، وهي أفضل البلاد خلا البقعة التي ضمَّت أعضاءه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد تقدَّم هذا [11].
قوله تعالى: ({وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ}): أي: مرجعًا لكلِّ عام، أو مجمعًا، أو موضع ثواب.

(1/3170)


قوله: ({وَأَمْنًا}): أي: لمن استجار به.
قوله: ({وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}): مقامه: مواقفه كلُّها، وقيل: عرفة ومزدلفة والجمار [12]، وقيل: كلُّ الحرم، وقيل: الحجر الذي قام عليه يَبني، وقد تقدَّم تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ} من كلام الدِّمياطيِّ؛ فراجعه من (الصَّلاة).
قوله: ({مُصَلًّى}): أي: قبلة، أو مَدْعًى، أو موضع صلاة.
قوله: ({لِلطَّائِفِينَ}): أي: بالبيت أو الغرباء.
قوله: ({وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125]): أي: المقيمين أو الدَّاعين على الصَّلاة فيه.
قوله: ({فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا}): أي: أرزقه في حياته.
قوله: ({ثمَّ أَضْطَرُّهُ} [البقرة: 126]): أي: أُكرِهه وأُجبِره.
قوله: ({وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: 128]): أي: عرِّفنا سنن حجِّنا ومعالمه، أو مذابحنا، وأصل المنسَك: الموضع المعتاد الذي يعتاده الرَّجل ويألفه بخير أو شرٍّ، وسُمِّيت المناسك؛ لما يُتردَّد عليها؛ كالحجِّ وأعمال البرِّ، والنَّاسك؛ لتردُّده في عبادة ربِّه.

(1/3171)


[حديث: اجعل إزارك على رقبتك فخر إلى الأرض]
1582# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم): (عبد الله بن مُحَمَّد) [1] هذا: هو المسنديُّ [2].
[ج 1 ص 423]
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل.
قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ [3] جُرَيْجٍ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز، الإمام المشهور.
قوله: (لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ): سيأتي الكلام على بنائها، وأنَّها بُنِيت في الدَّهر خمس مرَّاتٍ أو أكثر مُطَوَّلًا إنْ شاء الله تعالى، وكم كان سنُّه عليه الصَّلاة والسَّلام إذ ذاك، وقد تقدَّم كم كان سنُّه فيما مضى.
قوله: (وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ): (طمَح): بفتح الميم؛ أي: ارتفعتا.
==========
[1] في (ج) بدل ممَّا بين قوسين: (يحتمل أن يكون هذا)، وضرب عليها في (أ).
[2] زيد في (ج): (وهو الظَّاهر وأن يكون ابن أبي شيبة أبا بكر، فإنَّه عبد الله بن محمَّد ومستندي في ذلك ما قاله عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي في الكمال ولفظه في ترجمة أبي عاصم الضَّحَّاك بن مخلب فيمن روى عنه البخاريّ وروى عن المسندي وإسحاق بن نصر وعلي بن المديني وجماعة من شيوخه عنه والله أعلم)، وضرب عليها في (أ).
[3] (ابن): سقط من (ب).

(1/3172)


[حديث: ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم]
1583# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.
قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّد بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَ [1] عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ): تنبيه: اعلم أنَّ عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر اثنان؛ كلاهما من ذريِّة الصِّدِّيق، وهما يرويان عن عائشة رضي الله عنها، وحديثهما في «البخاريِّ» و «مسلم»، فالأوَّل: هذا [2] من ولد مُحَمَّد بن أبي بكر الذي [3] ولدته أسماء بنت عميس بالشَّجرة، وهو أخو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، والثاني: من ولد أبي عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر، وقد يُحذَف من نسبه عبد الرَّحمن اختصارًا، فيشكل بالأوَّل، فأمَّا حديث [4] الأوَّل؛ فمذكور في «البخاريِّ»، و «مسلم»، من رواية مالك، عن ابن شهاب، عن سالم: أنَّ عبد الله بن مُحَمَّد [5] بن أبي بكر أخبر (عبد الله بن عمر عن) [6] عائشة هذا الحديث الذي نحن فيه، وأمَّا حديث عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر، وأبوه يكنى أبا عتيق؛ فمذكورٌ في (كِتَاب الطِّبِّ)، وسأذكره في مكانه إنْ شاء الله تعالى في (الحُبَيبة السَّوداء وأنَّها شفاء من كلِّ داء)، وفي «مسلم»: عن عبد الله بن أبي عتيق قال: (تحدَّثت أنا والقاسم عند عائشة) وكان القاسم رجلًا لحَّانًا، وكان لأمِّ ولد؛ في (الصَّلاة بحضرة طعام)، وقد وهم أبو مسعود الدمشقيُّ في هذا في «أطرافه»، فجعل الأحاديث كلَّها لعبد الله بن أبي عتيق، والأئمَّة الحُفَّاظ كالبخاريِّ وغيره خالفوه في ذلك وميَّزوا بينهما، ونسبوا الأحاديث إلى رواتها على الصَّواب، نبَّه على ذلك أبو عليٍّ الجيَّانيُّ، والله أعلم.
قوله: (لَمَّا بَنَوُا الْكَعْبَةَ): سيأتي بناء قريش للكعبة في بابه، وكم سنُّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا بنت قريش الكعبة، وقد تقدَّم كم كان سنُّه فيما مضى.
قوله: (لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ): هو بكسر الحاء؛ أي: قرب عهدهم، وهو مصدر (حدث حِدثانًا)؛ كـ (الوِجْدان).

(1/3173)


قوله: (لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: ليس هذا من ابن عمر على سبيل التضعيف والتشكيك، ولكن كثيرًا ما يقع في كلام العرب صورة التَّشكيك والتَّقدير، والمراد اليقين؛ كقوله: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111]، وقوله: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإنَّما أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ... } [سبأ: 50]؛ الآية، قاله القاضي، ولخَّصته أنا [7].
قوله: (مَا أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.
قوله: (يَلِيَانِ الْحِجْرَ): هو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، مشهور، وسأذكره محدَّدًا [8] قريبًا إنْ شاء الله تعالى.
==========
[1] زيد في (ب): (عن)، وليس بصحيح.
[2] في (ج): (هو).
[3] في (ج): (المعدي)، وهو تحريف.
[4] زيد في (ج): (محمد بن أبي بكر)، وضرب عليها في (أ).
[5] زيد في النسخ: (بن عبد الرَّحمن)، ويحتمل أنَّه ضرب عليها في (أ).
[6] ما بين قوسين سقط من (ج).
[7] (أنا): سقط من (ب).
[8] في (ب): (مجددًا).
[ج 1 ص 424]

(1/3174)


[حديث: إن قومك قصرت بهم النفقة]
1584# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بالحاء المهملة والصَّاد كذلك، واسمه سلَّام بن سُلَيم، وسلَّام؛ بتشديد اللَّام، وسُلَيم؛ بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، الحافظ، عن آدم بن عليٍّ وزياد بن عِلاقة، وعنه: مُسدَّد وهنَّاد، له نحو أربعة آلاف حديث، وثَّقه ابن معين، فقال: ثقة مُتقِن، تُوفِّيَ سنة (179 هـ)، أخرج له الجماعة [1]، وقد تقدَّم، ولكن بَعُد [2] العهد به.
قوله: (حَدَّثَنَا أَشْعَثُ): تقدَّم أنَّه بالثَّاء المثلَّثة، ابن أبي الشَّعثاء، سُلَيم المحاربيُّ، عن أبيه والأسود، وقد تقدَّم.
قوله [3]: (عَنِ الْجَدْرِ؛ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟): قال في «المطالع»: («عن الجدر؛ أَمِنَ البيت هو؟»، وكذلك قوله: «أن أدخل الجدر في البيت»، كذا في «الصَّحيحين»، زاد مسلم في رواية السمرقنديِّ والسِّجزيِّ: لعلَّه: الحِجْر، والصَّواب ما في الأصل، وكذا في «صحيح البخاريِّ»: «الجَدْر»؛ أي: أصل الجدار القديم وبقيَّة الأساس، وليس [4] هو الحجر كلَّه، ألا تراه قال في سائر الأحاديث: «ولا دخلت فيه من الحجر»، وعند المستملي: «الجدار أمن البيت هو؟» بدلًا من «الجَدْر») انتهى.

(1/3175)


تنبيه: قال النَّوويُّ ما [5] ملخَّصُه: اختلف أصحاب الشَّافعيِّ في الحِجْر؛ فذهب كثيرون إلى ستَّة أذرع منه من البيت، وما زاد ليس من البيت، وبعضهم يقول: سبع أذرع، وبهذا قال أبو مُحَمَّد الجوينيُّ، والإمام، والبغويُّ، وزعم الرَّافعيُّ أنَّه الصَّحيح، ودليل هذا ما في «مسلم»: عن عائشة رضي الله عنها عنه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «ستُّ أذرع من الحجر من البيت»، وفي رواية له: «إنَّ من الحِجْر قريبًا من سبع أذرع من البيت»، والمذهب الثَّاني: أنَّه يجب الطواف بجميع الحِجْر، فلو طاف في جزء منه حتى [6] على جداره؛ لم يصحَّ طوافه، وهذا هو الصَّحيح، وعليه نصَّ الشَّافعيُّ، وبه قطع جماهير أصحابنا، وهذا هو الصَّواب؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام طاف خارج الحِجْر، وكذا الخلفاء الرَّاشدون وغيرهم من الصَّحابة فمَن بعدهم، وأمَّا حديث عائشة رضي الله عنه؛ فقال ابن الصَّلاح: قد اضطربت فيه الروايات، ففي رواية في «الصَّحيحين»: «الحِجْر من البيت»، ورُوِيَ: «ستُّ أذرع من الحجر من البيت»، وروي: «ستُّ أذرع ونحوها»، وروي: «خمس أذرع»، وروي: «قريبًا من سبع»، قال: وإذا اضطربت الروايات؛ تعيَّن الأخذ بأكثرها؛ ليسقطَ الفرض بيقين.
قلت: ولو سُلِّم أنَّ بعض الحِجْر ليس من البيت؛ لا يلزم منه ألَّا يجب الطَّواف خارج جميعه؛ لأنَّ المُعتمَد في باب الحجِّ الاقتداء بفعل النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فيجب الطَّواف بجميعه سواء كان من البيت أم لا، والله أعلم.
قوله: (فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا): سأذكر مَن أشار برفع الباب في (بنيان الكعبة) إنْ شاء الله تعالى وقدَّره.
==========
[1] في (ب): (البخاريّ).
[2] في (ب) و (ج): (طال).
[3] (قوله): سقط في (ج).
[4] (ليس): سقط في (ب) و (ج).
[5] في (ب): (في).
[6] (حتى): سقط من (ج).
[ج 1 ص 424]

(1/3176)


[حديث: لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته]
1585# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ): (الأَساس)؛ بفتح الهمزة: وهو أصل البناء، وكذلك الأُس والأسيس مقصور منه، وجمع الأس: الإِساس؛ بكسر الهمزة؛ مثل: عُسٍّ وعِساس، وجمع الأَسَاس؛ بالفتح: أُسُس؛ مثال (قذَال وقُذُل)، وجمع الأَسس: آساس؛ مثل: سبب وأسباب، قاله الجوهريُّ، وكون الأَساس بفتح الهمزة كذا أعرفه، وكذا هو في أصلنا، وفي نسخة أخرى: بكسر الهمزة وفتحها بالقلم، وقد تقدَّم في كلام الجوهريِّ أنَّ الإِساس؛ بكسر الهمزة: جمع أُسٍّ، والله أعلم.
قوله: (خَلْفًا): هو بفتح الخاء المعجمة، وإسكان اللَّام، قال في «الصَّحيح» هنا عن هشام: (يَعْنِي: بَابًا).
قوله: (وَقَالَ [1] أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: خَلْفًا؛ يَعْنِي: بَابًا): وتعليق أبي معاوية _وهو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، الضَّرير_ أخرجه مسلم في (الحجِّ): عن يحيى بن يحيى، والنَّسائيُّ فيه: عن إسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن أبي معاوية به [2]، والله أعلم.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[2] (به): سقط من (ج).
[ج 1 ص 424]

(1/3177)


[حديث: يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت .. ]
1586# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ [1]): هذا هو ابن هارون، أبو خالد السُّلميُّ الواسطيُّ أحد الأعلام، عن حميد والجُريريِّ، وعنه: الذُّهليُّ، وعبد، والحارث [2] بن أبي أسامة، قال أحمد: حافظٌ متقن وقال ابن المدينيِّ: ما رأيت أحفظ منه، وقال العجليُّ: ثبت [3] مُتعبِّد حسن الصَّلاة جدًّا، يصلِّي الضُّحى ستَّ عشرةَ ركعةً، وقد عمي، مات سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة.
[ج 1 ص 424]
قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تقدَّم أنَّ جَرِيرًا بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّ حَازمًا بالحاء المهملة، وبالزَّاي، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (قَالَ يَزِيدُ: وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ): هو يزيد بن رومان، لا يزيد بن هارون، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (قَالَ جَرِيرٌ: فَقُلْتُ لَهُ): يعني: ليزيد بن رومان.
قوله: (سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا): تقدَّم الكلام على الرِّوايات التي في الحِجْر قريبًا؛ فانظرها [4].

(1/3178)


[باب فضل الحرم]

(1/3179)


[حديث: إن هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده]
1587# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، تقدَّم.
قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المُعتمِر.
قوله: (يَوْمَ فَتْحِ مكَّة): تقدَّم أنَّ يوم الفتح كان يوم الجمعة على الصَّحيح، تاسع عشر رمضان _وفيه خلاف تقدَّم، وسيأتي_ سنة ثمانٍ من الهجرة.
قوله: (لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ): (يُعضَد): مَبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شوكُه): مرفوع نائب مناب الفاعل، ومعنى (يُعضَد): يُقطَع.
قوله: (وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا): يعني: أنَّها لا تُلتقَط للتَّملُّك، إنَّما تُلتقَط للحفظ.
==========
[ج 1 ص 425]

(1/3180)


[باب توريث دور مكة وبيعها]
قوله: (الْبَادِي الطَّارِئُ): (البادِي): من (بدَا)؛ أي: نزل البادية، فهو من المعتلِّ، و (الطارئ): مهموز، وذلك معروف.
==========
[ج 1 ص 425]

(1/3181)


[حديث: وهل ترك عقيل من رباع أو دور]
1588# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تقدَّم أنَّه ابن الفرج، و (ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن وهب، و (يُونُسَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد [1] الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ، مُحَمَّد بن مسلم، الإمام، و (عَلِي بْن حُسَيْنٍ): تقدَّم أنَّه زين العابدين الهاشميُّ، و (عَمْرو بْن عُثْمَانَ): هو ابن عفَّان الأمويُّ، ثقة مشهور، أخرج له الجماعة، و (أُسَامَة بْن زَيْدٍ): هو ابن حارثة، مولى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، تقدَّم.
قوله: (مِنْ رِبَاعٍ): هو بكسر الرَّاء، جمع (رَبْع)؛ بفتحها: وهي الدَّار بعينها، ويُجمَع أيضًا على رُبوع، وأرباع، وأربع.
قوله: (أَوْ دُورٍ): هو شكٌّ من الراوي، (ولا أعلم مَنِ الشَّاكُّ منهم) [2]، والله أعلم.
قوله: (هُوَ وَطَالِبٌ ... ) إلى آخره: أمَّا (عَقِيل)؛ فبفتح العين، وكسر القاف، وقد تقدَّم؛ صحابيٌّ مشهور، أُسِر يوم بدر، وفداه عمُّه العبَّاس، ثمَّ أسلم قبل الحديبية، وهاجر سنة ثمانٍ، وشهد مؤتة مع أخيه جعفر، ثمَّ رجع فعرض له مرض فلم يُسمع له بذكر في الفتح، ولا حنين، ولا الطَّائف، تُوفِّيَ في خلافة معاوية وقد كُفَّ بصره، ودُفِن بالبقيع، وقبره مشهور عليه قُبَّة في أوَّل البقيع.
وأمَّا (طالب)؛ فإنَّه لم يسلم، ويُقال: إنَّ الجنَّ اختطفته، وأولاد أبي طالب: طالب _وقد تقدَّم هنا أنَّه لم يسلم_ وعَقِيل، وجعفر، وعليٌّ، وأمُّ هانئ فاختة، وقيل: هند، وقيل غير ذلك، وقد [3] تقدَّم الاختلاف في اسمها، وجُمَانة [4] بنت أبي طالب أخت ثانية لهم، قسم لها رسول الله [5] صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ثلاثين وسقًا من خيبر، وهي أمُّ عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المُطَّلب، وأمُّ طالب: يقال: اسمها ريطة، أسلموا كلُّهم إلَّا طالبًا.

(1/3182)


قوله: (وَكَانَ [6] عُمَرُ [7] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: لاَ يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ): [اعلم أأنَّ قول عمر هذا أخرجه الأئمَّة السِّتَّة مرفوعًا من حديث أسامة بن زيد، ثمَّ] [8] اعلم أنَّ المؤمن لا يرث الكافر، هذا قول كافَّة الفقهاء حاشى معاذَ بن جبل، وفي «المستدرك» عن معاذ أنَّه أُتِي في ميراث يهوديٍّ وله وارث مسلم، فقال: سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «الإسلام يزيد ولا ينقص»، قال الحاكم: صحيح [9]، وأقرَّه عليه الذَّهبيُّ في «تلخيصه»، ومعاوية بن أبي سفيان، ومُحَمَّد ابن الحنفيَّة، والنَّخعيُّ؛ فإنَّهم قالوا: يرثه، وقال النَّوويُّ: (هو قول العلماء كافَّة _يعني: عدم التَّوريث_ إلَّا ما رُوِي عن ابن راهويه وبعض السَّلف، واعلم أنَّ الكافر لا يرث المسلم، وعن أحمد: أنَّ اختلاف الدِّين [10] لا يمنع الإرث بالولاء، وحُكِي [11] عن عليٍّ رضي الله عنه، قال بعضهم: وهو غريب لا أصل له) انتهى، بلى [12]؛ له أصل، وهو حديث جابر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «لا يرث المسلم النَّصرانيَّ إلَّا أن يكون عبده أو أمته»، أخرجه النَّسائيُّ، وصحَّحه الحاكم، والله أعلم، وأقرَّه الذَّهبيُّ على تصحيحه، وهو من رواية أبي الزُّبير عنه بالعنعنة.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه [13] أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ المذكور في السَّند.
==========
[1] في (ب): (بريد)، وهو تصحيف.
[2] ما بين قوسين ليس في (ج).
[3] (وقد): ليس في (ج).
[4] في (ب): (وجمامة)، وفي (ج): (وحمامة)، ولعلَّه تحريف.
[5] في (ب): (النبي).
[6] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَكَانَ).
[7] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بن الخطَّاب).
[8] ما بين معقوفين سقط من (ج)
[9] في (ب): (صح).
[10] في (ج): (أن الاختلاف الذي)، وهو تحريف.
[11] (حكي): ليس في (ب).
[12] في (ج): (بل).
[13] (أعلاه): ليس في (ب).
[ج 1 ص 425]

(1/3183)


[باب نزول النبي مكة]

(1/3184)


[حديث: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا .. ]
1589# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع.
قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم [1] أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه ابن شهاب، وأنَّه مُحَمَّد بن مسلم أعلاه، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله أو إسماعيل، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ): هو المُحصَّب، كما سيأتي في الحديث الذي بعده، وهما واحد غير أنَّ الثاني مُطوَّل، وهو بطحاء مكَّة والأبطح؛ وهو الحقيقة فيه، وأصله: ما انحدر عن الجبل وارتفع عن المسيل، وقال الزُّهريُّ: والخَيف: الوادي.
قوله: (حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ): (تقاسموا): من القَسْم: اليمين؛ أي: تحالفوا؛ يريد: لمَّا تعاهدت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المُطَّلب، وترك مخالطتهم.
==========
[1] زيد في (ج): (مرارًا).
[ج 1 ص 425]

(1/3185)


[حديث: نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر]
1590# قوله: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وتقدَّم أوَّل هذا التعليق لماذا نُسِب، و (الوَلِيدُ): هو ابن مسلم الإمام، مفتي أهل دمشق، و (الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، أبو عمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، و (الزُّهْرِيُّ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن [1] عبد الرَّحمن [2] بن عوف، وقيل: اسمه إسماعيل، أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن [3] صخر، على الأصحِّ من نحو [4] ثلاثين قولًا، قريبًا وبعيدًا، كلُّه تقدَّم.
قوله: (وَبَنِي عَبْدِ المُطَّلب، أَوْ بَنِي المُطَّلب ... ) إلى أنْ قال: (قَالَ [5] أَبُو عَبْدِ اللهِ: بَنِي المُطَّلب أَشْبَهُ): انتهى، الصَّواب من أحد الشَّكَّين: أنَّهم بنو المُطَّلب؛ لأنَّ بني عبد المُطَّلب من بني هاشم، وهذا ظاهر جدًّا، وسيأتي أنَّ عبد مناف أولاده: هاشم، والمُطَّلب، ونوفل، وعبد شمس.
قوله: (وَقَالَ سَلاَمَةُ [6] عَنْ عُقَيْلٍ): (سلامة) [7]: هو ابن روح، وهو ابن أخي عُقيل؛ بضمِّ العين، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وهو مُتكلَّم فيه، له ترجمة في «الميزان»، وفيها الكلام في [8] سماعه من عُقيل، كما يأتي من عند الدِّمياطيِّ، وقد تقدَّم أنَّ التعليق إذا كان مجزومًا به؛ يكون صحيحًا إلى مَن علَّقه عنه، ثمَّ بعد ذلك يكون على شرطه، وتارة لا يكون على شرطه؛ كهذا، فإنَّ في سماعه من عُقيل مقالًا سيأتي.
[ج 1 ص 425]
قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وكذلك القبيلة وعُقيل بن خالد، وأنَّ الباقي في «البخاريِّ» و «مسلم»: عَقِيل؛ بفتح العين.

(1/3186)


قوله: (وَيَحْيَى عَنْ [9] الضَّحَّاكِ): كذا في أصلنا، وهو غلط، والصَّواب: يحيى ابن الضَّحَّاك، وهو يحيى بن عبد الله بن الضَّحَّاك، نُسِب إلى جدِّه، وكذا في نسخة الدِّمياطيِّ على الصَّواب؛ وتقديره: وقال يحيى ابن الضَّحَّاك عن الأوزاعيِّ، فيكون صحيحًا منه إلى يحيى، ومن يحيى ليس على شرطه، كما سيأتي، قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: (لم يسمع يحيى من الأوزاعيِّ، ولم يسمع سلامة من عُقَيل) انتهى، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ: الصَّواب: يحيى ابن الضَّحَّاك، نُسِب إلى جدِّه، وهو يحيى بن عبد الله بن الضَّحَّاك، قال يحيى بن مَعين: لم يسمع من الأوزاعيِّ، وضعَّفه جماعة، وأمَّا سلامة بن روح؛ فاستبعد أحمد بن صالح المصريُّ سماعه من عُقَيل، انتهى، وقد ذكر الذَّهبيُّ الكلام في سماع سلامة من عُقيل في «ميزانه»، فإنْ أردته؛ فانظره، وكذا ذكر في ترجمة يحيى ابن الضَّحَّاك الكلام في سماعه من الأوزاعيِّ؛ فانظره إنْ أردته، والله أعلم، وما قاله سلامة عن عُقَيل، وما قاله يحيى ابن الضَّحَّاك عن الأوزاعيِّ عن ابن شهاب؛ ليس ذلك عنهما في شيءٍ من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا تعليقًا.

(1/3187)


[باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}]

(1/3188)


[حديث: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة]
1591# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة.
قوله: (يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ): هما تصغير ساقين، صغَّرهما؛ لدقَّة سوق السودان غالبًا، قال شيخنا الشَّارح: ذكر الحليميُّ أنَّ ذلك يكون زمن عيسى صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ [1]، وأنَّ الصَّريخ يأتيه: بأنَّ ذا السُّوَيقتين قد سار [2] إلى البيت يهدمه، فيبعث عيسى إليه [3] طائفةً بين الثَّمان إلى التِّسع ... إلى أنْ قال: وقيل: إنَّ خرابه يكون بعد رفع القرآن من الصُّدور والمصاحف، وذلك بعد موت عيسى»، وصحَّحه القرطبيُّ قال _يعني: القرطبيَّ_: (ولا تعارُض بين هذا وبين كون الحرم آمنًا؛ لأنَّ تخريبها إنَّما يكون عند خراب الدُّنيا، ولعلَّه لا يبقى إلَّا شرار الخلق، فيكون آمنًا مع بقاء الدِّين وأهله، فإذا ذهبوا؛ ارتفع ذلك المعنى، وتحقيقه أنَّه لا يلزم من الأمن الدَّوام، بل إذا حصلت له حرمةٌ وأمنٌ في وقت ما؛ فقد صدق ذلك) انتهى، وقد قال ابن المُنَيِّر: إنَّما أدخل خبر ذي السُّوَيقتين تحت التَّرجمة بالآية؛ ليبيِّن أنَّ الأمر المذكور مخصوص بالزَّمن الذي شاء الله فيه الأمان، وإذا شاء؛ رفعه عند خروج ذي السُّوَيقتَين، ثمَّ [4] إذا شاء؛ أعاده بعد، انتهى.
==========
[1] في (ب): (عليه السلام).
[2] في (ب): (صار).
[3] في (ب): (إليه عيسى).
[4] (ثم): ليس في (ب).
[ج 1 ص 426]

(1/3189)


[حديث: من شاء أن يصومه فليصمه ومن شاء أن يتركه فليتركه]
1592# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام، تقدَّم، وتقدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضمِّ العين، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (عَاشُورَاءَ): سيأتي أي يوم هو، وهو ممدود، وحُكِيَ قصرُه.
قوله: (قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ): (يُفرَض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رمضانُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وكذا (فُرِضَ [1] رَمَضَانَ).
(تنبيه: سيأتي أنَّه فُرِض في شعبان سنة اثنتين من الهجرة) [2].
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَرَضَ اللهُ).
[2] ما بين قوسين ليس في (ج).
[ج 1 ص 426]

(1/3190)


[حديث: ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج]
1593# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبِي): قال الجيَّانيُّ: (وقال _ يعني: البخاريُّ_ في كتاب «الحجِّ» و «النِّكاح»: «حَدَّثَنَا أحمد بن أبي عَمرو: حَدَّثَنَا أَبي: حَدَّثَنَا إبراهيم بن طهمان»، قال الحاكم أبو عبد الله، وأبو نصر، وغيرهما: هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد، أبو عليٍّ السَّلميُّ مولاهم، النَّيسابوريُّ، وكان أبوه على قضاء نيسابور ... ) إلى أنْ قال: (وهكذا نسبه ابن السكن: أحمد بن حفص في «الجامع» أيضًا) انتهى، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: («عن أحمد»: هو ابن حفص بن عبد الله) انتهى، يروي أحمد هذا عن أبيه، والحسين بن الوليد القرشيِّ، وجماعة، ولم يرحل، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو [1] بكر بن أبي داود، وأبو حامد بن الشرفيِّ، وأخوه عبد الله بن الشرفيِّ، وأبو عوانة، ومسلم في غير «الصَّحيح»، وخلق، قال النَّسائيُّ: (صدوق، قليل الحديث)، تُوفِّيَ في المُحرَّم سنة (258 هـ)، أخرج له من السِّتَّة مَنْ أخذ عنه.
وأمَّا أبوه حفص؛ فقاضي نيسابور أبو عَمرو، وقيل: أبو سهل، عن يونس بن أبي إسحاق، ومسعر، وابن أبي ذئب، والثَّوريِّ، وإبراهيم بن طهمان فأكثر عنه، وعنه: ابنه أحمد وآخرون، قال مُحَمَّد بن عَقيل: كان قاضيًا ثلاث وعشرين سنة، ولا يقضي بالرأي ألبتَّة، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، قال ابنه: تُوفِّيَ في شعبان سنة (209 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ [2]): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن طهمان.
قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصحابيُّ، مشهور.
قوله: (لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ [3]): (يُحجَنَّ) و (يُعتمرَنَّ): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، و (البيتُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ): يهمزان ولا يهمزان، وقد قُرِئ بهما في السبع، وسيأتي الكلام فيهما وفي نسبهما.
قوله: (تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على الحجَّاج بن حجَّاج، و (أبان) تقدَّم أنَّ الصَّحيح صرفه، وهو أبان، هو ابن يزيد العطَّار، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3191)


وأمَّا (عمران)؛ فهو ابن داود فيما ظهر لي، فإنْ كان هو؛ فهو القطَّان أبو العوَّام العمِّيُّ البصريُّ، أحد علمائها [4]، عن الحسن، وابن سيرين، وبكر المزنيِّ، وقتادة، وأبو جمرة [5] الضَّبعيِّ، ويحيى بن أبي كَثِير، وعنه: ابن مهديٍّ، وأبو داود، وأبو علي الحنفيُّ، وآخرون، قال يزيد بن زُرَيع: كان حروريًّا، يرى السيف، وقال أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث، وقال ابن مَعِين: ليس بالقويِّ، وقال أبو داود: ضعيف، أفتى أيَّام إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدة فيها سفك دماء، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، له ترجمة في «الميزان»، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له [6] الأربعة، والله أعلم.
ومتابعة أبان وعمران عن قتادة ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحمن عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (عبد الرَّحمن)؛ فالذي ظهر لي أنَّه ابن مهديٍّ، الحافظ المشهور، و (شعبة): مشهور جدًّا حافظ جهبذ [7]، وتعليقه ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقد رأيته في «مستدرك الحاكم» في (الفتن والملاحم)، وسنده: شعبة عن قتادة: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدِّث عن أبي سعيد عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «لا تقوم السَّاعة حتى لا يُحَجَّ البيت»، سكت الذَّهبيُّ عليه في «تلخيص المستدرك»: ولهذا قال البخاريُّ في «صحيحه»: (والأوَّل أكثر)، ويشهد له ما في «مسند عبد بن حميد» في مسند أبي سعيد الخدريِّ مرفوعًا: «إنَّ النَّاس ليحجُّون ويعتمرون، ويغرسون النخيل بعد خروج يأجوج ومأجوج»، في سنده: قتادة عن أبي سعيد، ولم يلقَه.
قوله: (سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ أَبَا سَعِيدٍ): إنَّما صرَّح بسماع قتادة من [8] عبد الله؛ لأنَّ قتادة مُدلِّس، وقد عنعن عن عبد الله، فبيَّن أنَّه سمع منه، وأمَّا عبد الله بن أبي عتبة، مولى أنس؛ فلا نعلمه في المُدلِّسين، ولكن أراد البخاريُّ أن يمشي على شرطه في اللُّقي والسَّماع، وأن يخرج مِن خلاف مَن خالف في العنعنة مطلقًا، والله أعلم.
==========
[1] في (ج): (قاضيًا بالأثر عشرين).
[2] في هامش (ق): (ابن طهمان).
[3] في (ب): (وليعمرن).
[4] في (ب): (الأعلام).
[5] في (ب): (حمزة)، وهو تصحيف.
[6] (له): سقط من (ب).
[7] في (ب): (ببند)، وهو تحريف.
[8] في (ب): (عن).
[ج 1 ص 426]

(1/3192)


[باب كسوة الكعبة]
قوله: (باب كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ): ذكر فيه حديث شيبة عن عمر رضي الله عنهما: «لقد هممت ألَّا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلَّا قسمته بين المسلمين ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: يحتمل أن يكون مقصودُه بالتَّرجمة التَّنبيهَ [1] على أنَّ كسوة الكعبة مشروعة ومأثورة، فيحتجَّ بذلك أنَّها لم تزل تقصد بالمال يُوضَع فيها على معنى الزِّينة والجمال؛ إعظامًا لحرمتها في الجاهليَّة والإسلام، فالكسوة من هذا القبيل، ويحتمل أن يريد التنبيهَ على حكم الكسوة، وهل يجوز التَّصرُّف فيما عُتِق من الكسوة بالقسمة كما يصنعونه
[ج 1 ص 426]
أم لا؟ فنبَّه على أنَّه موضع اجتهاد، وأنَّ مُقتضَى رأي عمر رضي الله عنه أن يقسم في المصالح، ويعارض تركه رأي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وأبي بكر لقسمتها، فذلك مَحلُّ اجتهاد، ويعارض الأمارات، والظَّاهر جواز قسمة الكُسوة العتيقة؛ إذ بقاؤها تعريض لإتلافها بخلاف النَّقدين؛ إذ لا جمال في كسوة مطويَّة عتيقة، ويُؤخَذ من قول عمر رضي الله عنه أنَّ صرف المال في المصالح كالفقراء والمساكين آكدُ من صرفه في كسوة الكعبة، لكنَّ الكسوة في هذه الأزمنة أهمُّ؛ إذ الأمور المُتقادمة تتأكَّد حرمتها في النُّفوس، وقد صار ترك الكسوة في العرف غضًّا في الإسلام، وإضعافًا لقلوب المسلمين، فترجَّحت [2] على الصَّدقة بمثل قيمتها، والله أعلم، انتهى.
وقال شيخنا الشَّارح: ولك أن تقول: لعلَّ البخاريَّ أراد أصل الحديث على عادته في الاستنباط، وهو قوله: (عند ابن ماجه: مال الكعبة) يشير بذلك إلى حديث أبي وائل قال: (بعث رجل معي بدراهم هديَّة إلى البيت، فدخلت البيت وشيبة جالس على كرسيٍّ، فناولته إيَّاها، فقال: ألك هذه؟ قلت: لا، ولو كانت لي؛ لم آتك بها، قال: أمَا لئنْ قلت ذاك، لقد جلس عمر رضي الله عنه مجلسك الذي أنت فيه، وقال: لا أخرج حتَّى أقسم مال الكعبة ... )؛ الحديث، قال شيخنا: وهي _أي [3]: الكسوة_ داخلة فيه، يؤيِّده قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «وهل لك من مالك إلَّا ما لبست [4] فأبليت؟»، فجعل اللِّبس _وهو الكسوة_ مالًا، انتهى.

(1/3193)


وأمَّا ما قاله الشَّافعيَّة في كسوة الكعبة؛ فقال أبو الفضل بن عبدان: لا يجوز قطع شيء من سترة الكعبة، ولا نقلُه، ولا بيعُه، ولا شراؤُه، ولا وضعه بين أوراق المصحف، ومن حمل شيئًا من ذلك؛ لزمه ردُّه، خلاف ما يتوهَّمه العامَّة يشترونه من بني شيبة، وحكى هذا الرَّافعيُّ عنه، ولم يعترضه [5]، وكذا قال الحليميُّ، ولفظه: (لا ينبغي أن يُؤخَذ من كسوة الكعبة شيء) انتهى، وقال ابن القاصِّ: لا يجوز بيع كسوة الكعبة، وقال أبو عمرو بن الصَّلاح: الأمر فيها إلى الإمام، يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعًا وعطاءً، واحتجَّ بما رواه الأزرقيُّ في «تاريخ مكَّة»: أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه كان ينزع كسوة الكعبة كلَّ سنة، فيقسمها على الحاجِّ، قال النَّوويُّ: وهذا الذي قال الشَّيخ حسن، وقد روى الأزرقيُّ عن ابن عبَّاس [6]، وعائشة رضي الله عنهم أنَّهما قالا: تُباع كسوتها، ويُجعَل منها في سبيل الله والمساكين وابن السَّبيل، قال ابن عبَّاس، وعائشة، وأمُّ سلمة: ولا بأس أن يَلبَس [7] كسوتها من صارت إليه من حائض، وجنب، وغيرهما، انتهى.
تنبيه: أوَّل من كسا الكعبة _كما قاله الأزرقيُّ_ قال ابن جريج: كان تُبَّع أوَّل من كساها كسوة كاملة، أُرِيَ في المنام أن يكسوها فكساها الأنطاع، ثمَّ أُرِيَ أن يكسوها الوصائل؛ وهي ثياب حبر من عصب اليمن، ثمَّ كساها النَّاس بعده في الجاهليَّة، ثمَّ روى الأزرقيُّ [8] روايات متفرِّقة حاصلها: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كساها، ثمَّ كساها أبو بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، وابن الزُّبير، ومَنْ بعدهم، وأنَّ عمر كان يكسوها من بيت المال، فيكسوها القباطيَّ، وكساها ابن الزُّبير ومعاوية الدِّيباج، وكانت تُكسَى يوم عاشوراء، ثمَّ صار معاوية يكسوها مرَّتين، ثمَّ كان المأمون يكسوها ثلاث مرَّات؛ فيكسوها الدِّيباج الأحمر يوم التروية، والقباطيَّ يوم هلال رجب، والدِّيباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان، وهذا الأبيض ابتدأه المأمون سنة ستٍّ وثمانين حين قالوا له: الدَّيباج الأحمر يتخرَّق قبل الكسوة الثانية، فسأل عن أحسن ما تكون فيه الكعبة [9]، فقالوا له: الدِّيباج الأبيض، ففعله.

(1/3194)


تنبيه ثانٍ: أوَّل مَن زيَّنها بالذَّهب الوليد بن عبد الملك [10]، بعث عبد الملك إلى واليه على مكَّة خالد بن عبد الله القسريَّ بستَّة وثلاثين ألف دينار، وضرب منها على باب الكعبة صفائح الذَّهب، وعلى ميزاب الكعبة، وعلى الأساطين التي في بطنها، وعلى الأركان في جوفها، فكلُّ ما على الميزاب والأركان من الذَّهب؛ فهو من عمل الوليد، وهو أوَّل من ذهَّب البيت في الإسلام، وأمَّا ما كان على الباب من الذَّهب من عمل الوليد؛ فرُفِع ذلك إلى أمير المؤمنين مُحَمَّد بن الرَّشيد في خلافته، فأرسل إلى سالم بن الجرَّاح عامله على ضواحي [11] مكَّة بثمانية عشر ألف دينار؛ ليضرب منها صفائح الذَّهب على باب الكعبة، فبلغ ما كان على الباب من الصفائح، وزاد عليها ثمانيةَ عشرَ ألف دينار، فضرب عليها الصَّفائح التي هي اليوم، والمسامير، وحلقتي الباب، والعتب، فالذي على الباب من الذهب ثلاثة وثلاثون ألف مثقال، وعمل الوليد بن عبد الملك الرخام الأخضر والأبيض والأحمر في بطنها مؤزَّرًا به جدرانها، وفرشها بالرخام، فجميع ما في الكعبة هو من عمل الوليد بن عبد الملك، وهو أوَّل من فرشها بالرخام وأزَّر به جدرانها، وهو أوَّل من زخرف المساجد.
مسألة: تحلية الكعبة وسائر المساجد بالذَّهب والفضَّة، واتخاذ قناديلها من الذَّهب والفضَّة فيه وجهان في مذهب الشَّافعيِّ؛ أصحُّهما: التَّحريمُ، وأمَّا ستر الكعبة بالحرير؛ فأجمعوا عليه، انتهى، وقال السُّهيليُّ: قال الماورديُّ: أوَّل مَن كسا البيتَ الدِّيباجَ [12] خالد بن جعفر بن كلاب ونُتَيلة، قال السُّهيليُّ: بتاء منقوطة باثنتين، وهي تصغير (نَتْلة)، واحدة النَّتل؛ وهي بيض النَّعام، وبعضهم يُصحِّفها بثاء مثلَّثة، وهي أمُّ العبَّاس وأخيه ضرار ابني عبد المُطَّلب، وقال في أوائل «روضه»: قال ابن إسحاق في غير هذا الموضع: أوَّل مَن كسا الكعبةَ الدِّيباجَ الحجَّاجُ [13]، وذكر جماعة سواه _منهم: الدَّارقطنيُّ_: أنَّها [14] نتيلة بنت جناب أمُّ العبَّاس، وقال الزُّبير: بل أوَّل مَن كساها الدِّيباج عبدُ الله بن الزُّبير، انتهى ملخَّصًا.
==========
[1] في (ب): (التلبية)، وهو تحريف.
[2] في (ج): (فرجحت).
[3] في (ج): (أن).
[4] في (ب): (اكتسيت).
[5] (ولم يعترضه): ليس في (ب).
[6] زيد في (ب): (رضي الله عنهما)، وضرب عليها في (أ) و (ج).
[7] في (ب): (يلتمس).
[8] زيد في (ب): (في).

(1/3195)


[9] (فيه الكعبة): ليس في (ج).
[10] زيد في (ب): (بن مروان).
[11] في (ب): (صواقي)، وكذا في (ج): بلا نقط، وهو تحريف.
[12] في (ب): (بالديباج).
[13] في (ج): (العباس)، وليس بصحيح.
[14] في النسخ: (أنَّ)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

(1/3196)


[حديث: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس .. ]
1594# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، ثمَّ اعلم أنَّ البخاريَّ ذكر هذا الحديث من طريقين؛ الطَّريق الأُولى: نازلة، لكنَّ [1] فيها تصريحَ سفيان من واصل بالتَّحديث، والثانية: أعلى بواحد، لكنَّ فيها عنعنةَ سفيان، ولا تضرُّ؛ لأنَّه قد صرَّح بالتحديث، ومن عادة الأئمَّة أن يبدؤوا [2] بالنَّازل أوَّلًا، ثمَّ بالعالي.
قوله: (حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ): هو واصل بن حَيَّان الأحدب _بفتح الحاء المهملة، وتشديد [3] المثنَّاة تحت_ الأسَديُّ، عن شريح والمعرور بن سويد، وعنه: شعبة وسفيان، مات سنة (120 هـ) [4]، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو داود.
قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَان [5] عَلَى الْكُرْسِيِّ): هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، عبد الله بن عبد العزَّى بن عثمان بن عبد الدَّار بن قصيٍّ، يكنى أبا عثمان، العبدريُّ الحجبيُّ، وهو والد صفيَّة بنت شيبة [6]، خرج شيبة إلى حُنين وهو مشرك؛ لأنَّه أسلم في الفتح ظاهرًا، وخرج إلى حنين يريد اغتيال النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقذف الله في قلبه الإسلام فأسلم، وقاتل يوم حُنين وصبر يومئذٍ، روى عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وعن أبي بكر، وعمر، وعنه: ابنه مصعب بن شيبة أخو صفيَّة بنت شيبة، وأبو وائل، وعكرمة، وغيرهم، بقي إلى أيَّام يزيد، وقال الهيثم، والمدائنيُّ [7]، وجماعة: مات سنة (59 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه.
قوله: (أَلَّا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إلَّا قَسَمْتُهُ): اعلم أنَّ في باطن الكعبة بئرًا اجتمع فيها مال عظيم ممَّا يُهدى للكعبة، وهو الذي أشار إليه عمر، وقد همَّ [8] ابن الزُّبير بإخراجه، فلم يَقدِر عليه.
==========
[1] (لكن): ليس في (ج).
[2] في (النسخ): (يبدؤون)، وليس بصحيح.
[3] زيد في (ب): (الياء).
[4] في (ب): (130 هـ)، والمثبت موافق لما في كتب التراجم.
[5] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة» و (ق): (بن عثمان).
[6] (شيبة): سقط من (ب).
[7] في (ج): (وابن المدائني).
[8] في (ج): (وهم).
[ج 1 ص 427]

(1/3197)


[باب هدم الكعبة]
[ج 1 ص 427]
قوله: (باب هَدْمِ الْكَعْبَةِ): [1] إنَّ الهدْم _بإسكان الدَّال_ المصدرُ، وبفتح الدَّال: ما يُهدَم من البناء، وبكسرها: الميِّت تحت الهَدَم، وقد تقدَّم.
قوله: (يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ): هو بفتح الجيم، وإسكان المثنَّاة تحت، وفي نسخة: (حَبَش)؛ بالحاء المهملة والموحَّدة المفتوحتين في هامش أصلنا، والأوَّل أعرف وأكثر، [ولم يتعرَّض لهما ابن قرقول، وفي حاشية نسخة عتيقة: التي بالجيم في الأصل، وفي الهامش التي بالمهملة، وكُتِب عليها: (صح صح)، وكَتَبَ (الرِّواية)؛ يعني: التي بالمهملة] [2].
==========
[1] زيد في (ج): (تقدَّم).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3198)


[حديث: كأني به أسود أفحج يقلعها]
1595# قوله: (كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ): (كأنَّ): هي التي من أخوات (إنَّ)، والضَّميرُ اسمُها، و (أسودَ) بالفتح، و (أفْحَجَ) مثلُه، و (أسود): بدل من الضَّمير المجرور في (به)، و (أسود): لا ينصرف، فعلامة الجرِّ فيه الفتحةُ، و (يَقْلَعُهَا) هو الخبر، فمحلُّه الرفع، والله أعلم.
قوله: (أَفْحَجَ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ فاء ساكنة، ثمَّ حاء مهملة، ثمَّ جيم مفتوحتين، والفحج: هو تباعد ما بين الفخذين، وقيل: تباعد ما بين وسط السَّاقين، وقيل: تباعد ما بين الرِّجلين.
==========
[ج 1 ص 428]

(1/3199)


[حديث أبي هريرة: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة]
1596# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، الإمام، وتقدَّم أن (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وتقدَّم (المسيّب): أنَّه بالفتح والكسر في يائه، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.
==========
[ج 1 ص 428]

(1/3200)


[باب ما ذكر في الحجر الأسود]
قوله: (باب مَا ذُكِرَ فِي الْحَجَرِ الأَسْوَدِ): اعلم أنَّ الحجر جاءت فيه أحاديثُ كثيرة، فعند التِّرمذيِّ [1] منها: «أنَّه نزل من الجنَّة أشدَّ بياضًا من اللَّبن، فسوَّدته خطايا بني آدم»، وقال: حسن صحيح، وعنده أيضًا: «إنَّ لهذا [2] الحجر لسانًا وشفتين، يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحقٍّ»، وقال: حسن والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وله شاهد صحيح عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «يأتي الرُّكن والمقام يوم القيامة أعظم من أبي قبيس، له لسان وشفتان يكلِّم عمَّن استلمه بالنِّيَّة، وهو يمين الله التي يصافح بها عباده»، وفيه أحاديثُ كثيرة، وبعضها ذكره شيخنا المؤلِّف، ومن أغربها: ما رفعه عبد الله بن عُكيم المُحدِّث: «أنَّ الحجر الأسود يطفو على الماء، ولا يسخن بالنَّار إذا أُوقِدت عليه»، وللحديث قصَّة، فأحضر القرمطيُّ طستًا فيه ماء، ووضع الحجر فيه فطفا على الماء، ثمَّ أُوقِدت عليه النَّار، فلم يحمَ بها، فمدَّ عبد الله [3] المُحدِّث يده وأخذ الحجر وقبَّله، وقال: (أشهد أنَّه الحجر الأسود)، فتعجَّب القرمطيُّ من ذلك، وقال: هذا دِين مضبوط بالنَّقل.
تنبيه: كان الحجر الأسود قد أخذه القرمطيُّ من مكَّة، وتمَّ عنده اثنتين وعشرين سنة إلَّا شهرًا، ثمَّ أُعيد إلى موضعه في ذي الحجَّة، سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، والله أعلم، [وقيل: أقام عند القرامطة ثمانيًا وعشرين سنة، وهذه القصَّة تقتضي أنَّ مجيء القرمطيِّ بالحجر كان بحضور ابن عُكيم، وهذا التأريخ مع حضور ابن عُكيم فيه نظر، مع قولهم: إنَّ آخر من مات من التَّابعين خلف بن خليفة، وقد تُوفِّيَ خلف سنة (181 هـ)، عاش [4] تسعين سنة، مع أنَّ ابن دحية قال: عبد الله هذا لا يُعرَف، انتهى، وفيه نظر؛ لأنَّه ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، بل عدَّه بعضهم صحابيًّا [5]، (وقد روى عنه عدلان، بل أكثر) [6]، والصَّحيح: أنَّه مخضرم، ولم يسمع منه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد روى عنه جماعة] [7].

(1/3201)


[حديث: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع]
1597# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، تقدَّم قريبًا وبعيدًا، وتقدَّم أنَّ (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، وأنَّ (إِبْرَاهِيمَ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ فيما يظهر.
قوله: (عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ): (عابس)؛ بالموحَّدة والسِّين المهملة: النَّخعيُّ، عن عمر، وعليٍّ، وعدَّة، وعنه: ابنه عبد الرَّحمن، وإبراهيم النَّخعيُّ، وأبو إسحاق، قال النَّسائيُّ: ثقة، أخرج له الجماعة.
تنبيه: (عابس) كهذا [1] كثير، وأمَّا (عايش) بمثنَّاة تحت، ثمَّ شين معجمة؛ فواحدٌ في «النَّسائيِّ»، وهو عايش بن أنس البكريُّ، عن عليٍّ وعمَّار، وُثِّق، ولم يرو عنه إلَّا عطاء بن أبي رَباح فقط، وقد جُهِّل، أخرج له النَّسائيُّ، ولهم: عبد الرَّحمن بن عايش: مُختلَف في صحبته، وقد جزم بها بعضهم، أخرج له التِّرمذيُّ فقط، له حديث الرُّؤية، ولهم: ابن عايش الجهنيُّ، أخرج له ابن أبي عاصم، روى مُحَمَّد بن إبراهيم التَّيميُّ عن أبي عبد الله عنه، وقد أخرج له أحمد في «المسند»، وبقيٌّ، والنَّسائيُّ، كذا ذكره الذَّهبيُّ، في «المشتبه» وفي «تجريد الصَّحابة» ذكره في هذه الرُّتبة، فإنَّه ذكره بعد ابن عامر؛ تبعًا لابن ماكولا في «إكماله»، وقد ذكره أيضًا الذَّهبيُّ _والظَّاهر أنَّه تبع فيه المِزِّيَّ_ في أبناء [2] «التَّذهيب» قبل ابن عامر، وهذه الرُّتبة تقتضي أن يكون بالموحَّدة والسِّين المهملة، ولهم: عايش غير هذين، وقد ذكرهم الأمير في «إكماله»، فإنْ أردتهم؛ فانظرهم، ولم يذكر في «المشتبه» سوى هذين الذَّهبيُّ، والله أعلم.
==========
[1] في (ج): (هكذا).
[2] في (ج): (الثَّاء) وفي (ب): (أثناء).
[ج 1 ص 428]

(1/3202)


[باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء]

(1/3203)


[حديث: دخل رسول الله البيت هو وأسامة بن زيد]
1598# قوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ): هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدريُّ، له صحبة، وهو ابن عمِّ شيبة بن عثمان المتقدَّم قبله بقليل، وعنه: ابنه شيبة وابن عمر، تُوفِّيَ سنة (42 هـ)، أخرج له مسلم وأبو داود.
قوله: (أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ): أي: دخل.
قوله: (اليَمَانِيَيْنِ): هو بتخفيف الياء، كما تقدَّم بعيدًا، ويجوز تشديدُها.
==========
[ج 1 ص 428]

(1/3204)


[باب الصلاة في الكعبة]
قوله: (باب الصَّلاة في الكَعْبةِ): اعلم أنَّ الصَّلاة في داخل الكعبة فيها ثلاثة أقوال للعلماء معروفة؛ أحدها: قول الجمهور: صحَّة الفرض والنَّفل، وقال مالك: يجوز فيها النَّفل المطلق دون الفرض والوتر، وقال ابن جرير: لا يجوز الفرض ولا النَّفل، وهو مصادم الحديث، وقد تقدَّم ذلك [1].
==========
[1] (وقد تقدَّم ذلك): سقط من (ج).
[ج 1 ص 428]

(1/3205)


[حديث: أن رسول الله صلى فيه وليس على أحد بأس]
1599# قوله: (حَدَّثَنَا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): قيل: هو مردويه، وقيل: أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، عُرِف بابن شبُّويه، و (عبد الله): هو ابن المبارك، ذكر القولين أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده» كما رأيته فيه، وعزا الأوَّل لأبي عبد الله النَّيسابوريِّ، وعزا الثَّاني للدَّارقطنيِّ، وذكرهما شيخنا ولم يعزُهما لأحد.
قوله: (قِبَلَ الْوَجْهِ): (قِبَل [1]): بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وكذا (قِبَلَ الظَّهْرِ)، وكذا (قِبَلَ وَجْهِهِ).
قوله: (قَرِيبًا): كذا في الأصل، وفي الهامش نسخة: (قريب)، وهذه إعرابها ظاهر؛ لأنَّها اسم (كان)، وأمَّا رواية النَّصب؛ فعلى أنَّه خبر (كان)، ويكون الاسم: مسافة ما بينه وبين الجدار قريبًا أو نحو هذا، وقد تقدَّم مثله.
قوله: (مِنْ ثَلاَثِ أَذْرُعٍ): الذِّراع: يؤنَّث ويذكَّر [2]، وقد أنَّثه هنا.
قوله: (يَتَوَخَّى)؛ أي: يقصد ويتحرَّى، وهو معتلٌّ.
==========
[1] في (ج): (هو).
[2] في (ب): (يذكر ويؤنث).
[ج 1 ص 428]

(1/3206)


[باب من لم يدخل الكعبة]

(1/3207)


[حديث: اعتمر رسول الله فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين]
1600# قوله: (اعْتَمَرَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: كانت هذه عمرة القضاء؛ فاعلمه، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ): هذا الرَّجل لا أعرفه.
[ج 1 ص 428]

(1/3208)


[باب من كبر في نواحي الكعبة]

(1/3209)


[حديث: قاتلهم الله أما والله قد علموا أنهما لم يستقسما بها قط]
1601# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المُقعَد، أبو معمر المنقريُّ الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ): أنَّه [1] ابن سعيد التَّنُّوريُّ، الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوبُ): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (فَأَمَرَ بِهَا، فَأُخْرِجَتْ): الذي أخرجها هو عمر بن الخطَّاب، وسيأتي.
قوله: (الأَزْلاَمُ): واحد الأزلام: زُلَم وزَلَم؛ بضمِّ الزَّاي وفتح اللَّام [2]، وفتحهما: وهي القِداح عليها علامات للخير والشَّرِّ، والأمر والنَّهي، فما خرج لهم؛ عملوا به، والقداح: عيدان السِّهام قبل أن تُراش وتُركَّب [3] فيها النِّصال، فإذا فُعِل ذلك بها؛ فهي سهام، ويُقال: إنَّ الأزلام: حصًى بيضٌ كانوا يضربون بها لذلك، والأوَّل أعرف.
قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أمَا): مخفَّفة، وهي استفتاحٌ؛ نحو: (ألا)، وقد تقدَّم الكلام على كتابتها [4] (أم) أو (أما)، وكلاهما صحيح في (الجنائز)؛ فانظره.
قوله: (لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ): الاستقسام بالأزلام: هو الضَّرب بها؛ لإخراج ما قسم لهم وتمييزه بزعمهم.
قوله: (قَطُّ): تقدَّم الكلام على اللُّغات التي فيها في أوَّل هذا التَّعليق.

(1/3210)


[باب كيف كان بدء الرمل]
قوله: (بَدْءُ الرَّمَلِ): هو في أصلنا مهموز، وقد تقدَّم أنَّ (بدأ) المهموز مصدره [1] (بَدْءًا)؛ بإسكان الدَّال وفتح الباء [2]، وتصريفه كـ (مَنَعَ)، والرَّمَلُ _هو بفتح الرَّاء والميم_ في الطَّواف: هو إسراع المشي مع تقارُب الخُطَا، والفعل منه: رمَل؛ بفتحها، قال ابن قرقول: وجاء في رواية بعضهم ساكنة الميم على المصدر.

(1/3211)


[حديث: قدم رسول الله وأصحابه فقال المشركون إنه يقدم عليكم]
1602# قوله: (وَفْدٌ): الوَفْد؛ بفتح الواو، وإسكان الفاء جمعُ (وافد)؛ كـ (زَائر وزَوْر)، كذا للكافَّة، وهو الصَّواب، ولابن السَّكن: (وقد)؛ بواو العطف، و (قد)؛ بالقاف التي هي حرف لتوقُّع وتقريب، قال ابن قرقول: وقع هذا الخلاف في عمرة القضاء، فمفهوم كلامه أنَّ هذا الباب أجمع الكلُّ على أنَّه (وفد)؛ بالفاء والواو من نفس الكلمة، وفي الأصل الذي سمعت فيه على الحافظ العراقيِّ هنا في الأصل: (وقد) بالقاف، وفي الهامش: بالفاء [1]؛ فاعلمه، والله أعلم.
قوله: (وَهنَتْهم [2]): هو بتخفيف النُّون؛ أي: أضعفتهم، وقد وهن الرجل يَهن، ووهنه غيره وهنًا، وأوهنه ووهَّنَه.
قوله: (الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ): الشَّوْط؛ بفتح الشِّين، وإسكان الواو، بالطَّاء المهملة: الطَّوفة، وهي طوفة واحدة من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود.
تنبيه: كره [3] الإمام الشَّافعيُّ رحمه الله أن يُسمَّى الطَّواف شوطًا، وقد روى كراهته عن مجاهد، وقد ثبت في «البخاريِّ» و «مسلم» عن ابن عبَّاس تسميته شوطًا، فالظَّاهر أن لا كراهة في ذلك، والله أعلم، وكذا قال النَّوويُّ.
قوله: (إِلَّا الإِبْقَاءُ): هو مرفوع استثناء مفرَّغ، وجوَّز بعضهم كونه مفعولًا لأجله، والفاعل: ضمير النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ.
==========
[1] في (ب): (بالهاء)، وهو تحريف.
[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وَهَنَهُمْ).
[3] في (ج): (ذكره)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 429]

(1/3212)


[باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا]
قوله في الترجمة: (وَيَرْمُلُ): هو بضمِّ الميم.
==========
[ج 1 ص 429]

(1/3213)


[حديث: رأيت رسول الله حين يقدم مكة]
1603# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الإمام عبد الله بن وهب المصريُّ، وكذا تقدَّم (يُونُسَ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه [1] مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلم الفرد.
قوله: (إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ): يقال: استلم الحجر؛ إذا لمسه، إمَّا بالقُبلة أو باليد، ولا يُهمَز لأنَّه مأخوذ من السِّلام؛ وهو الحجر، كما تقول: استنوق الجمل، وبعضهم يهمزه، قاله الجوهريُّ، وقال غيره: الاستلام: (افتعال) من السلام؛ الذي هو التحيَّة، وأهل اليمن يُسمُّون الرُّكن الأسود: المُحيَّا؛ أي: أنَّ النَّاس يحيُّونه بالسَّلام، وهو (افتعال) من السِّلام؛ وهي الحجارة، واحدتها: سلِمة؛ بكسر اللَّام، يُقال: استلم الحجر؛ إذا لمسه أو تناوله.
قوله: (الرُّكْنَ الأَسْوَدَ): يعني: الرُّكن الذي فيه الحجر الأسود.
قوله: (يَخُبُّ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ ثانيه، والخَبب؛ بفتح الخاء المعجمة، وموحَّدة مكرَّرة: ضربٌ من العَدْو.
==========
[1] (أنَّه): ليس في (ج).
[ج 1 ص 429]

(1/3214)


[باب الرمل في الحج والعمرة]
قوله: (بَابُ الرَّمَلِ): تقدَّم أعلاه [1] أنَّه بفتح الرَّاء والميم، وتقدَّم ما ذكر فيه ابن قرقول.
==========
[1] زيد في (ج): (تقدَّم أعلاه)، وهو تكرار.
[ج 1 ص 429]

(1/3215)


[حديث: سعى النبي ثلاثة أشواط ومشى أربعة في الحج والعمرة]
1604# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعمان): قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده» فذكر هذا المكان ومكانًا آخر في (بَاب حجَّة الوداع): لم يقل أبو نصر في مُحَمَّد هذا شيئًا، وقال أبو عبد الله الحاكم: هو مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، وقال البخاريُّ في (كِتَاب الصُّلح): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن رافع: حَدَّثَنَا سُريج بن النُّعمان) ... ؛ فذكر حديث ابن عمر: (خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ معتمرًا، فحال كفَّار قريش ... )؛ الحديث، والأشبه عندي أن يُحمَل ما أهمل البخاريُّ من نسبة مُحَمَّد في الحديثين المتقدَّمين على ما بَيَّن في هذا الموضع الثالث، فنقول: إنَّ مُحَمَّدًا هو ابن رافع النَّيسابوريُّ، لا سيَّما والأحاديث الثَّلاثة من نسخة واحدة من رواية سُرَيج، عن فُلَيح، عن نافع، عن ابن عمر، وهي كلُّها في معنى الحجِّ، ونسب أبو عليِّ ابن السَّكن مُحَمَّدًا الذي في (الحجِّ)؛ _يعني: هذا_ (مُحَمَّد بن سلَام)، فالله أعلم، انتهى، وذكر [1] شيخنا الشَّارح قولين: الأوَّل: أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وهو الذي عزاه أبو عليٍّ لابن السَّكن، والثاني: أنَّه ابن نمير، وعزاهما، ورأيتُه أنا منسوبًا: (مُحَمَّد بن سلام)، ورأيته في النُّسخة التي رأيته فيها (مُحَمَّد بن سلام): في بعض النسخ: أنَّه مُحَمَّد بن رافع، انتهى، قال شيخنا: (وقال المِزِّيُّ: مُحَمَّد بن رافع عن سُرَيج، روى عنه البخاريُّ، وروى عن مُحَمَّد غير منسوب عن سُرَيج، ولم يذكر ابن سلام ولا الذُّهليَّ فيمن روى عن سريج) انتهى، وقد راجعتُ «الأطراف»؛ فلم أره نسبه، بل قال: (مُحَمَّد عن سريج).
قوله: (حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعمان): تقدَّم أنَّه بالسِّين المهملة، وبالجيم في آخره، إنَّ جميع ما في «البخاريِّ» و «مسلم»: (شريح)؛ بالشِّين المعجمة، والحاء المهملة إلَّا ثلاثة: أحمد بن أبي سريج، روى عنه البخاريُّ [2] في «صحيحه»، وسُرَيج بن النُّعمان، روى عنه البخاريُّ أيضًا، وذكر الجيَّانيُّ أنَّ مسلمًا روى عن واحد عنه، فالله أعلم، وسُرَيج بن يونس حديثه في «البخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم، قال شيخنا العراقيُّ في «منظومته»:
~…وابن أبي سُرَيجٍ احمد ائتَسى…بولد النُّعمانِ وابنِ يُونُسَا
[ج 1 ص 429]

(1/3216)


قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الفاء وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ مولاهم، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (تَابَعَهُ اللَّيْثُ [3]): الضَّمير في (تابعه) يعود على سُرَيج بن النُّعمان، ومتابعة اللَّيث أخرجها النَّسائيُّ في (الحجِّ)، عن مُحَمَّد وعبد [4] الرَّحمن ابني عبد الله بن عبد الحكم [5]؛ كلاهما عن شعيب بن اللَّيث عنه به.
قوله: (حَدَّثَنَي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ): (كَثِير): بفتح الكاف وكسر الثَّاء المثلَّثة مشهور.
==========
[1] في (ج): (وزاد).
[2] زيد في (ب): (ومسلم شريح بالجيم المعجمة والحاء المهملة)، وهو تكرار.
[3] في (ب): (ليث).
[4] في (ب): (ابن عبد)، وليس بصحيح.
[5] في (ب): (الحليم)، وهو تحريف.

(1/3217)


[حديث عمر: أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع]
1605# قوله: (اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ): تقدَّم أنَّ الاستلام (افتعالٌ) من السَّلام الذي هو التَّحيَّة، وأهل اليمن يُسمُّون الرُّكن الأسود: (المُحيَّا)؛ أي: أنَّ النَّاس يُحيُّونه بالسَّلام، وقيل: (افتعال) من السِّلام؛ وهي الحجارة واحدتها سلِمة؛ بكسر اللَّام، يُقال: استلم الحجر؛ إذا لمسه أو تناوله، وتقدَّم كلام الجوهريِّ.
قوله: (رَايَيْنَا [1] بِهِ الْمُشْرِكِينَ): هو في أصلنا من الرُّؤية، كذا هو مضبوط، (وقال القاضي: راءينا هو (فاعَلْنا) من الرؤية؛ أي: أريناهم أنَّا أشدَّاء، وكذا قال ابن قرقول، والله أعلم) [2]، قال ابن مالك: (معناه: أظهرنا لهم القوَّة ونحن ضعفاء)، جعل ذلك رياءً؛ لأنَّ المرائي يُظهِر غير ما هو عليه، قال: (ورُوِي: «رايينا»؛ بياءين؛ حملًا له على (رِيَاء)، والأصل: (رِئَاء)، فقُلِبت الهمزة ياء لفتحها وكسر ما قبلها ... ) إلى آخر كلامه [3].
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي: «اليونينيَّة» (راءَينا)، وفي هامشها رواية كالمثبت، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.
[2] ما بين قوسين جاء في (ب) بعد قوله الآتي: (وكسر ما قبلها).
[3] (إلى آخر كلامه): سقط من (ب).
[ج 1 ص 430]

(1/3218)


[حديث: ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء]
1606# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتقدَّم ببعض ترجمة [1].
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن [2] عاصم بن عمر بن الخطَّاب.
قوله: (قُلْتُ لِنَافِعٍ): القائل له هو: عبيد الله المذكور أعلاه الرَّاوي عنه، وهذا ظاهر جدًّا.

(1/3219)


[باب استلام الركن بالمحجن]
قوله: (بِالْمِحْجَنِ [1]): هو بكسر الميم ثمَّ حاء مهملة ساكنة، ثمَّ جيم مفتوحة، ثمَّ نون، هو عصًا مُعقَّفة الرأس؛ كالصَّولجان، والميم زائدة.

(1/3220)


[حديث: طاف النبي في حجة الوداع على بعير]
1607# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب الإمام المصريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يُونُسُ) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على ابن وهب، و (الدَّراورديُّ): اسمه عبد العزيز بن مُحَمَّد أبو مُحَمَّد، عن صفوان بن سُلَيم، وزيد بن أسلم، وعنه: عليُّ بن حُجْر ويعقوب الدَّورقيُّ، قال ابن معين: هو أحبُّ إليَّ من فُلَيح، وقال أبو زُرْعة: سيِّئ الحفظ، تُوفِّيَ سنة (187 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، روى له الجماعة، لكنْ البخاريُّ مقرونًا بغيره، وأمَّا هنا؛ فمتابعة، ومتابعته عن ابن أخي الزُّهريِّ عن الزُّهريِّ ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.
قوله: (عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزُّهريِّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم أنَّ عمَّه الزُّهريُّ الإمام، مُحَمَّد بن مسلم.
==========
[ج 1 ص 430]

(1/3221)


[باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين]
قوله: (الْيَمَانِيَيْنِ): تقدَّم أنَّ الأفصح تخفيف الياء، وأنَّه يجوز تشديدها.

(1/3222)


[معلق محمد بن بكر: ليس شيء من البيت مهجورًا]
1608# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّد بْنُ بَكْرٍ): تقدَّم أنَّه البُرسانيُّ من الأزد، وتقدَّم ببعض ترجمة، وهذا تعليق مجزوم به، ومُحَمَّد من شيوخ شيوخ البخاريِّ، وقد انفرد بهذا التَّعليق.
قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام المكِّيُّ، أحد الأعلام.
قوله: (عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ): هو بفتح الشِّين المعجمة، ثمَّ عين مهملة، ثمَّ ثاء مثلَّثة، وفي آخره مدَّة [1]، واسمه جابر بن زيد، الإمام صاحب ابن عبَّاس، وهو أزديٌّ يحمديٌّ [2]، خَوْفي؛ بخاء معجمة مفتوحة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ فاء، ثمَّ ياء النِّسبة، والخوف: ناحية نُعمان، وعن معاوية، وابن عمر [3]، وابن الزُّبير، وعنه: قتادة، وعمرو بن دينار، ويعلى بن حكيم [4]، وآخرون، تُوفِّيَ سنة ثلاث وتسعين وقيل: سنة ثلاث ومئة، أخرج له الجماعة.
قوله: (فَقَالَ لَهُ ابْنُ عبَّاس [5]: إنَّه لاَ يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ): يعني: الشَّاميَّين [6]؛ لأنَّهما ليسا على القواعد.
قوله: (وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ [7] يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ): قال النَّوويُّ في «شرح المهذَّب [8]»: (وقد خالف معاويةَ وابنَ الزُّبير ابنُ عبَّاس وجمهورُ الصَّحابة) انتهى، وأجاب الشَّافعيُّ عن قول معاوية فقال: (لم يَدَعْ أحدٌ استلامَهما؛ هجرًا للبيت، ولكن نستلم ما استلمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ونمسك عمَّا أمسك عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ)، وفي حفظي أنَّ ابن الزُّبير إنَّما استلمهنَّ كلَّهنَّ حين ردهنَّ على القواعد، والله أعلم، ثمَّ رأيت شيخنا في شرحه ذكر عن ابن التِّين قال: (إنَّما كان ابن الزُّبير يستلمهنَّ كلَّهنَّ؛ لأنَّه استوفى القواعد) انتهى وهذا معنى ما ذكرته عن حفظي.

(1/3223)


[حديث: لم أر النبي يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين]
1609# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، وكذا تقدَّم ابن شهاب أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.
قوله: (الْيَمَانِيَيْنِ): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّهما بتخفيف الياء، وفي لغة بتشديدها.
==========
[ج 1 ص 430]

(1/3224)


[باب تقبيل الحجر]

(1/3225)


[حديث: لولا أني رأيت رسول الله قبلك ما قبلتك]
1610# قوله: (حَدَّثَنَا [1] وَرْقَاءُ): تقدَّم أنَّه بفتح الواو، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ قاف، ممدود، ابن عمر اليشكريُّ، أبو بشر، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3226)


[حديث: رأيت رسول الله يستلمه ويقبله]
1611# قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): هذا هو ابن زيد بن درهم أبو إسماعيل الأزديُّ الأزرق، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ): هو نمريٌّ بصريٌّ، عن ابن عمر، وعنه: مَعْمَر وحمَّاد بن زيد، ثقة وثَّقه ابن معين، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، و (عَرَبي)؛ بفتح العين المهملة والرَّاء، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ ياء النِّسبة.
تنبيه: وقع في بعض النُّسخ: (الزُّبير بن عديٍّ؛ بالدَّال)، قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في نسخة أبي مُحَمَّد [1] الأصيليِّ: (عن أبي أحمد)، وهو وهم، والصَّواب: (عربي)، كما قيَّدته، والله أعلم.
قوله: (سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ): هذا الرَّجل السَّائل، لا أعلَمه.
قوله: (عَنِ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ): هو بفتح الجيم: وهو الأسود، وهذا ظاهر.
قوله: (أَرَأَيْتَ): هو بفتح التَّاء على الخطاب لابن عمر، وكذا المكان الثَّاني والثَّالث.
[ج 1 ص 430]
قوله: (زُحِمْتُ) و (غُلِبْتُ): هما بضمِّ تاء المتكلِّم.
==========
[1] في (ج): (في نسخة أي نسخة).

(1/3227)


[باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه]

(1/3228)


[حديث: طاف النبي بالبيت على بعير كلما أتى]
1612# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو ابن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ [1]، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.

(1/3229)


[باب التكبير عند الركن]

(1/3230)


[حديث: طاف النبي بالبيت على بعير]
1613# قوله: (عن [1] خَالِدٌ): هو ابن مِهران الحذَّاء، أبو المُنازِل البصريُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة بترجمته [2].
قوله: (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على خالد بن عبد الله، وهو الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء، ومتابعة إبراهيم عن خالد أخرجها البخاريُّ في (الطَّلاق) عن عبد الله بن مُحَمَّد، عن أبي عامر، عن إبراهيم بن طهمان، عن خالد به.

(1/3231)


[باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته]
قوله: (باب مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ ... ) إلى آخره: تنبيه: قال الأزرقيُّ: (وذرع طوفة واحدة حول البيت: مئة ذراع، وثلاث وعشرون ذراعًا، واثنتا عشرة [1] إصبعًا) انتهى، [وقال شيخنا الشَّارح في «الشرح الكبير للمنهاج» له: (اعتبر بعض المتأخِّرين الطَّواف بالبيت، فوجد كلَّ طوفة مئة وعشر خطوات، على أن يكون بينه وبين البيت ذراع وفوقه قليلًا، فتكون الطَّوفاتُ [2] السَّبعُ سبعَ مئة وسبعين خطوة) انتهى] [3]
فائدة: قال ابن عبد السَّلام العلَّامة عزُّ الدين [4] عبد العزيز السُّلَميُّ الشَّافعيُّ: (الطَّواف أفضل أركان الحجِّ حتَّى الوقوف؛ لتشبيهه عليه الصَّلاة والسَّلام بالصَّلاة)، قال: (والصَّلاة أفضل من الحجِّ، والمُشتمِل على الأفضل أفضل)، ثمَّ قال: (فإن قيل: قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «الحجُّ عرفة» يدلُّ على أفضليَّة عرفة؛ لأنَّ التقدير: معظم الحجِّ وقوف عرفة)، ثمَّ أجاب: (بأنَّا لا نقدِّر ذلك، بل نقدِّر أمرًا مُجمَعًا عليه، وهو إدراك الحجِّ وقوفُ عرفة)، قاله في «أماليه».
==========
[1] في النُّسخ: (عشر)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[2] في (ا) و (ب): (الطواف)، وكُتِب فوقها في (أ): (كذا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[4] زيد في (ج): (بن)، وليس بصحيح.
[ج 1 ص 431]

(1/3232)


[حديث: أن أول شيء بدأ به حين قدم النبي أنه توضأ]
1614# 1615# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تقدَّم أنَّه ابن الفرج المصريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (ابْن وَهْبٍ): أنَّه عبد الله بن وهب.
قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم ببعض ترجمة.
قوله: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ): هذا هو يتيم عروة، مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن نوفل، أبو الأسود، تقدَّم ببعض التَّرجمة وبغيرها غير مرَّة.
قوله: (ثمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَة): يجوز في (عمرة) رفعها منوَّنة، ونصبها كذلك، أمَّا النَّصب؛ أي: لم يكن طوافُه وفعلُه عمرةً [1]، وأمَّا الرَّفع؛ فعلى أن (كان) تامَّة.
تنبيه: وقع في «مسلم» في [2] حديث هارون بن سعيد في طواف القارن: (وحجًّ أبو بكر ... ثمَّ لم يكن غيره)، ثمَّ ذكر حجَّ عثمان؛ مثل ذلك، وفي حجِّ الزُّبير، وذكر في «البخاريِّ» هذا فقال: (لم تكن عمرة) بدلًا من (غيره)، وهو الصَّواب، قاله ابن قرقول، وقال النَّوويُّ: (إنَّ «غيره» صحيحة، وليست تصحيفًا)؛ فاعلمه.
قوله: (ثمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ [3]): و (الزُّبير): بدل من (أبي)، كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (مع ابن الزُّبير)، قال ابن قرقول: (كذا لأبي الحسن ولأبي ذرٍّ: «مع ابن الزُّبير»، والصَّواب الأوَّل) انتهى، ورأيت [4] بعضهم قال: («مع ابن الزُّبير»، قيل: إنَّه الصَّواب) انتهى، (ولعلَّه غلطٌ من النَّاقل عن بعضهم) [5]، والضَّمير عائد إلى عروة أنَّه حجَّ مع والده الزُّبير، فافهمه.
قوله: (فَأَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ): (أوَّلُ): مرفوع مبتدأ، و (الطَّوافُ): مرفوع خبره، وهذا ظاهر.
قوله: (وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي): أمُّه هي أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق.
قوله: (هِيَ وَأُخْتُهَا): أختها: عائشة، وهذا ظاهر.

(1/3233)


قوله: (أنَّها أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ المراد بالماسحين مَن سوى عائشة رضي الله عنها، وإلَّا؛ فعائشة لم تمسح الرُّكن قبل الوقوف بعرفات في حجَّة الوداع، بل كانت قارنة، وقد تقدَّم ما أحرمت [6] به بالخلاف فيه، ومنعَها الحيضُ من الطَّواف قبل يوم النَّحر، وهكذا قول أسماء: (اعتمرت أنا وأختي عائشة والزُّبير وفلان وفلان، فلمَّا مسحنا البيت؛ حللنا)، المراد: مَن سوى عائشة، لكن في رواية إسحاق بن إبراهيم: قالت أسماء: (خرجنا مُحرِمين، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «مُن كان معه هدي؛ فليحلل» ... ) [7] إلى قوله: (وكان مع الزُّبير هدي؛ فلم يحلل)، وهذا تصريح بأنَّ الزُّبير لم يحلل في حجَّة الوداع قبل يوم النَّحر؛ فيجب استثناؤه مع عائشة، أو يكون إحرامه بالعمرة وتحلُّله منها في غير حجَّة الوداع، والله أعلم.
[قوله: (وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ): قال حافظ عصري: هما عبد الرَّحمن بن عوف وعثمان بن عفَّان، ولم يعزُه لأحدٍ] [8].
==========
[1] (عمرة): سقط من (ج).
[2] في (ب) و (ج): (من).
[3] في هامش (ق): (فائد: الزبير: بدل من أبي).
[4] في (ب): (وقد).
[5] ما بين قوسين سقط من (ج).
[6] في (ب): (ما أخبرت).
[7] في (ج): (فليتحلَّل).
[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 431]

(1/3234)


[حديث: أن رسول الله كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم]
1616# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ): تقدَّم أنَّه أنس بن عياض، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 431]

(1/3235)


[حديث: أن النبي كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب .. ]
1617# قوله: (يَخُبُّ): تقدَّم ضبط (يخبُّ)، وما هو الخبب؛ وهو سرعة المشي مع تقارب الخُطا.
==========
[ج 1 ص 431]

(1/3236)


[باب طواف النساء مع الرجال]

(1/3237)


[معلق عمرو بن علي: إي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب]
1618# قوله: (وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): وفي نسخة بغير (لي)، وعمرو بن عليٍّ الفلَّاس شيخ الأئمَّة السِّتَّة، وقد تقدَّم الكلام على ما إذا قال البخاريُّ: (قال فلان) وفلان المسند إليه القول شيخُه، أو (قال لي فلان) أنَّه متِّصل، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد، وكذا تقدَّم (ابْنُ جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام أحد الأعلام.
قوله: (أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رباح، مفتي مكَّة، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
تنبيه: (عطاء عن عائشة) في الكتب السِّتَّة أو بعضها هو عطاء بن أبي رباح، وأمَّا عطاء بن يسار؛ فروى عنها في غير «البخاريِّ»؛ في «مسلم» و «أبي داود» و «النَّسائيِّ» حديثًا، وآخر في «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه») [1]، وآخر في «مسلم»، ليس له عنها غير هذه الأحاديث الثَّلاثة؛ اثنان في «مسلم»، والثالث في غيره، وقد عزوته.
قوله: (إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ): (ابن هشام) هذا هو إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر [2] بن مخزوم، خال هشام بن عبد الملك بن مروان والي المدينة، قاله ابن الكلبيِّ، وأخوه مُحَمَّد بن هشام، وكانا خاملين قبل الولاية، قاله شيخنا الشَّارح.
قوله: (إِي؛ لَعَمْرِي): (إِي) بكسر الهمزة، وهي كلمة تتقدَّم القسم، معناها: بلى، تقول: إي؛ وربِّي، وإي؛ والله، و (لَعمري)؛ بفتح اللَّام، وهذا معروف ظاهر، والكلام في (لَعمري) معروف.
قوله: (حَجْرَةً): الحَجْرة: بفتح الحاء المهملة وإسكان الجيم، وبالرَّاء؛ أي: ناحية، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (حجزة)؛ بالزَّاي، والباقي [3] مثل الأوَّل وعليها علامة راويها، ولم أر هذه في كلام ابن قرقول، والله أعلم، ولكن رأيت بعضهم قال فيها: ويُروَى بالزَّاي؛ أي: محجوزًا بينها وبين الرِّجال بثوب، وهو نصب على الظَّرف.
قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي؛ نَسْتَلِمْ): هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (نَسْتَلِمْ): هو مجزوم جواب الأمر، وهذا ظاهر، (ويجوز رفعه من حيث العربيَّةُ) [4].
[ج 1 ص 431]

(1/3238)


قوله: (وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ): (أُخرِج): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (الرِّجالُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر.
قوله: (وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ): قائل هذا هو عطاء، هو ابن أبي رباح المذكور في السَّند، وهذا ظاهر.
قوله: (فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ): هو بفتح الثَّاء المثلَّثة، وكسر الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء: وهو جبل المزدلفة عن يسار الذَّاهب إلى منًى.
قوله: (فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ): أي: قبَّة صغيرة من لُبُود، قاله النَّوويُّ في «شرحه لمسلم»، وهو ظاهر، و (تركيَّة) نسبة إلى التُّرك، وقال في «المفهم»: (هي التي لها باب، ويُعبَّر عنها بالخيمة).
قوله: (مُوَرَّدًا): المورَّد: الأحمر المُشبَع، وقد تقدَّم.
==========
[1] ما بين قوسين سقط من (ب).
[2] في (ج): (عمرو)، وهو تحريف.
[3] في (ب): (وبالباقي).
[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

(1/3239)


[حديث: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.]
1619# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك الإمام، وتقدَّم أنَّ اسم أبي أويس عبد الله.
قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم الكلام على ترجمتها، وهي أمُّ المؤمنين، واسمها هند بنت أبي أميَّة المخزوميَّة، وتقدَّم أنَّها آخر أمَّهات المؤمنين موتًا، تُوفِّيَت في خلافة يزيد بن معاوية رضي الله عنها.
==========
[ج 1 ص 432]

(1/3240)


[باب الكلام في الطواف]

(1/3241)


[حديث: أن النبي مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان]
1620# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): (هذا هو إبراهيم بن موسى) [1] بن يزيد بن زاذان الفرَّاء، أبو إسحاق التَّميميُّ الرَّازيُّ، الحافظ، أحد بحور الحديث، عن أبي الأحوص سلَّام بن سُليم، والفضل بن موسى، وعبد الوارث، وهشام بن يوسف الصَّنعانيِّ، وطبقتهم، وكان ذا رحلة واسعة، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والباقون بواسطة، والذُّهليُّ، وأبو حاتم، وآخرون، قال أبو زُرْعة: هو أتقى من أبي بكر ابن أبي شيبة، وأصحُّ حديثًا لا يُحدِّث إلَّا من كتابه، وهو أتقن وأحفظ من صفوان بن صالح، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، تُوفِّيَ سنة بضعٍ وعشرين ومئتين.
قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو [2] ابن يوسف الصَّنعانيُّ الأبناويُّ، قاضي صنعاء، أبو عبد الرَّحمن، عن ابن جُريج، ومَعْمَر، والقاسم بن فيَّاض، وسفيان وجماعة، وعنه: ابن المدينيِّ، وابن راهويه، وابن مَعِين، والمسنديُّ، قال ابن معين: (هو أثبت من عبد الرَّزَّاق في ابن جريج، وأعلم من عبد الرَّزَّاق في حديث سفيان، وهو ثقة)، وقال أبو حاتم: (ثقة مُتقِن)، تُوفِّيَ سنة (197 هـ)، أخرج [له] البخاريُّ والأربعة.
قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ بِإِنْسَانٍ [3]): هذان الإنسانان لا أعرفهما، وقد أُخبِرت عن ابن شيخنا البلقينيِّ أنَّه قال: (المَقُود بشرٌ أبو خليفة)، وعزاه لـ «أُسْد الغابة»، ثمَّ إنِّي رأيت ما نُقِل لي عنه في «مبهماته» فرأيته قال: (يحتمل أن يُفسَّر ببشرٍ أبي خليفة، ففي «أُسْد الغابة» ... )؛ فذكره، ولفظه: (فرآه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ هو وابنه مقرونين، فقال: «ما هذا يا بشر؟»، قال: حلفت: لئن ردَّ الله إليَّ مالي وولدي؛ لأحجنَّ بيت الله مقرونًا، فأخذ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الحبل فقطعه، وقال لهما: «حُجَّا، هذا من الشَّيطان» أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال ابن منده: «هذا حديث غريب») انتهى مُختَصرًا، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (بشر أبو خليفة له صحبة، روى عنه ابنه خليفة من حديث غريب) انتهى.

(1/3242)


[باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك]

(1/3243)


[حديث: ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.]
1622# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وتقدَّم (يُونُسُ) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم (ابْنُ شِهَابٍ) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وتقدَّم (حُمَيْدٌ) أنَّه بضمِّ الحاء.
قوله: (فِي الحَجَّة الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهِا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ): هذه الحجَّة كانت سنة تسع، وستأتي في مكانها وأذكر فيها قولين للعلماء، هل أسقطت هذه الحجَّةُ الفرض أم لا؟ على قولين مبنيَّين على أصلين إنْ شاء الله تعالى.
قوله: (أَلاَ لاَ يَحُجُّ): كذا في الأصل، [وهو مرفوع لعدم تقدُّم النَّاصب أو الجازم، وكذا (يطوفُ)] [1]، وفي الهامش. (أنْ لا يحجَّ): يجوز كونها ناصبة، ومخفَّفة من الثَّقيلة.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي رباح مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (أَوْ يُدْفَعُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وكذا (قُطِع) مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (وَيُذْكَرُ نَحْوُهُ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (نحوُه): مرفوع، وقد تقدَّم أنَّ الشيء المسوق _إمَّا أثرًا وإمَّا حديثًا_ إذا لم يكن على شرطه؛ فإنَّه يأتي به مُمرَّضًا كـ (يُذكَر)، و (ذُكِر)، و (رُوِي)، و (يُروَى)، و (جاء)، وما أشبه ذلك من العبارات، وقد تقدَّم كلام ابن الصَّلاح أنَّ ذلك الشَّيء المسوق كذلك، لكنْ ذِكرُه له في «الصَّحيح» مُشْعِرٌ بصحَّة أصله، والله أعلم.

(1/3244)


[باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين]
قوله: (لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ): هذه لغة قليلة والأكثر (أسبوع)، والله أعلم، [ولكنَّه تابع أثر ابن عمر الآتي [1]: (أنَّه كان يصلِّي لكلِّ سبوع ركعتين)، وكذا المُرسَل بعده عن الزُّهريِّ: (لم يطُفِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ سبوعًا قطُ إلَّا صلَّى ركعتين] [2].
قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أميَّة): هذا هو إسماعيل بن أميَّة بن عمرو بن سعيد الأَمويُّ، عن أبيه، وعكرمة، وجماعة، وعنه: السُّفيانان وبشر بن المفضَّل، ثقة، له نحو ستِّين حديثًا، تُوفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح عنده، وقد تقدَّم.
قوله: (قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: إِنَّ عَطَاءً): تقدَّم أنَّ (الزَّهريَّ) مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله [3]، وأنَّ (عطاء) هو ابن أبي رباح مفتي أهل مكَّة.
==========
[1] (الآتي): ليس في (ب).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[3] زيد في (ب): (ابن عبد الله).
[ج 1 ص 432]

(1/3245)


[حديث: قدم رسول الله فطاف بالبيت سبعًا ثم صلى خلف .. ]
1623# 1624# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان، هو ابن عيينة، كما قدَّمته في (الصَّلاة).
قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار، أبو مُحَمَّد المكِّيُّ، تقدَّم.
قوله: ({أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): تقدَّم أنَّ الأسوة؛ بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.
قوله: (لاَ يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ): (يقربُ) في أصلنا بالرَّفع على النَّفي، (ويكون خبرًا، ومعناه النَّهي، وهو أبلغ من النَّهي المجرَّد) [1]، ويجوز من حيث العربيَّةُ كسرُ الباء؛ لالتقاء السَّاكنين، ويكون على النَّهي.

(1/3246)


[باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة]

(1/3247)


[حديث: قدم النبي مكة فطاف وسعى بين الصفا والمروة]
1625# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، وهو ابن سليمان، تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3248)


[باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد]

(1/3249)


[حديث: إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك]
1626# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوْسَى [1]): كذا في أصلنا، وهو خطأ، وقد ضبَّبتُ [2] عليه، وكتبت في الهامش: (صوابه: يوسف، وهو عبد الله بن يوسف التِّنيسيُّ، إمام مشهور، وليس لهم في الكتب السِّتَّة [3] عبد الله بن موسى غيرُ واحد، أخرج له ابن ماجه فقط؛ فاعلمه).
قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّ اسمها هند بنت أبي أميَّة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، تقدَّم بعض ترجمتها.
[ج 1 ص 432]
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِيُّ [4]): هو بالغين المعجمة، وتشديد السِّين المهملة، قال ابن قرقول: (نُسِب إلى غسان قبيلٌ باليمن، وأصله: ماء باليمن نزلوا عليه، فسُمُّوا به)، ووقع عند القابسيِّ: (العُشَانيُّ؛ بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الشِّين المعجمة، وهو وهم) انتهى، وفي أصلنا: (العُشانيُّ)؛ بالعين المهملة، والشِّين المعجمة بالقلم، وقد قدَّمت ما فيه.
==========
[1] في (ق): (موسى)، وفي هامشها: (صوابه: يوسف، هذا عبد الله بن يوسف التنيسي، وليس لهم في الكتب السِّتَّة عبد الله بن موسى غير واحد، أخرج له ابن ماجه فقط، وليس له شيء في «صحيح البخاريّ»، فالصواب: عبد الله بن يوسف، والله أعلم)، وفي «اليونينيَّة»: (يوسف).
[2] في (ب): (ضربتُ).
[3] سقط من (ج).
[4] في هامش (ق): (صوابه: الغَسَّانِيُّ، لم يروه كما في الأصل إلَّا القابسيُّ، قال القاضي: وهو وَهمٌ).

(1/3250)


[باب الطواف بعد الصبح والعصر]
قوله: (باب الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ): وذكر فيه أثر ابن عمر، ومذهب الشَّافعيِّ: أنَّ ركعتي الطَّواف تُصلَّى في وقت الكراهة، وإذا كانت الصَّلاة لها سبب، وسواء كان السَّبب متقدَّمًا على هذه الأوقات أو مقارنًا لها؛ فإنَّها تُفعَل ولا تَدخلُ تحت النَّهي، والله أعلم، وأيضًا الصَّلاة المُتنفَّل بها لا تُكرَه في حرم مكَّة على الصَّحيح في وقت الكراهة.
قوله: (بِذِي طُوًى): تقدَّم ما فيه من اللُّغات؛ فانظره، وتقدَّم أنَّ ذا طُوى يُعرف اليوم بآبار الزَّاهر.

(1/3251)


[حديث: أن ناسًا طافوا بالبيت بعد صلاة الصبح ثم قعدوا إلى المذكر]
1628# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ): هو الحسن بن عمر بن شقيق الجرميُّ البصريُّ، التَّاجر بالريِّ، عن حمَّاد بن زيد وذويه، وعنه: البخاريُّ، والفريابيُّ [1]، وأبو يعلى، وُثِّق، تُوفِّيَ في حدود سنة (232 هـ)، انفرد البخاريُّ بالإخراج له [2] عن بقيَّة السِّتَّة.
قوله: (عَنْ حَبِيبٍ [3]): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو المُعلِّم، أبو مُحَمَّد البصريُّ، هو حبيب بن أبي قريبة، ويقال: حبيب بن أبي بقيَّة، وحبيب بن زائدة، ويُقال: حبيب بن زيد، عن الحسن، وعطاء، وغيرهما، وعنه: حمَّاد بن سلمة، ويزيد بن زُرَيع، وجماعة، وثَّقه أحمد وقال: (ما أصحَّ حديثَه!)، ووثَّقه ابن مَعِين وأبو زُرْعة، وقال النَّسائيُّ: (ليس بالقويِّ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم.
قوله: (ثمَّ قَعَدُوا إِلَى الْمُذَكِّرِ): هو بضمِّ الميم، وفتح الذَّال المعجمة، وتشديد الكاف مكسورة، كذا هو في أصلنا، وكذا أحفظه، وقال ابن الأثير في «نهايته» ما لفظه: (وفي حديث عائشة: «ثمَّ جلسوا إلى المَذْكَر حتى بدَا حاجب الشَّمس»، «المذْكر»: موضع الذِّكر، كأنَّها أرادت عند الرُّكن الأسود والحِجر) انتهى، فهذا عنده اسم مكان، فهو على (مَفْعَل)، بفتح الميم، (وإسكان الذَّال المعجمة، وفتح الكاف، والله أعلم) [4].

(1/3252)


[حديث: سمعت النبي ينهى عن الصلاة عند طلوع الشمس]
1629# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو ضَمْرَةَ): هو أنس بن عياض، تقدَّم.
==========
[1] (حدثنا): سقط من (ب).
[ج 1 ص 433]

(1/3253)


[حديث: رأيت عبد الله بن الزبير يطوف بعد الفجر]
1630# 1631# [قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّد): هو الزعفرانيُّ، هذا التَّوضيح ليس من البخاريِّ، وذلك لأنَّه شيخه، وإنَّما هو من توضيح مَن دون البخاريِّ مِن رواته] [2].
قوله: (حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ): هو بفتح العين، وكسر المُوحَّدة، اعلم أنَّ في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ» من اسمه عَبِيدة؛ بفتح العين، وكسر الموحَّدة أربعة أسماء؛ الأوَّل: عامر بن عَبِيدة الباهِليُّ، وقد ضُبِط عن المُهلَّب بالضَّمِّ، وهو وهم، وقع ذكره في «البخاريِّ» في (الأحكام)، والثَّاني: عَبِيدة بن عمرو، ويُقَال: ابن قيس، السَّلمانيُّ، حديثه في «البخاريِّ» و «مسلم»، والثَّالث: عَبِيدة بن حميد صاحب التَّرجمة، روى له البخاريُّ، والرَّابع: عَبيدة بن سفيان الحضرميُّ، حديثه في «الموطَّأ» و «صحيح مسلم»، وليس له عندهما إلَّا حديث واحد؛ وهو حديث أبي هريرة في تحريم كلِّ ذي ناب من السِّباع، وفي «البخاريِّ»: (قال الزُّبير: لقيت يوم بدر عَبيدة بن سعيد بن العاصي ... )؛ الحديث، والمعروف فيه الضَّمُّ، وذكر صاحب «المشارق» أنَّ البخاريَّ ذكره بالضَّمِّ، وأنَّ الحميديَّ حكى عنه الفتح والضَّمَّ، وعُبَيدة هذا قتله الزُّبير على كفره في بدر، وكذا في «البخاريِّ»، وسيأتي، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ): هو بضمِّ الرَّاء، وفتح الفاء، وهذا معروف عند أهله.
قوله: (لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إلَّا صَلاَّهُا [3]): تقدَّم الكلام على صلاته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعد العصر، وفي أوقات الكراهة، وأنَّه خاصٌّ به، كما قاله [4] الشَّافعيُّ [5] على الأصحِّ مُطَوَّلًا.

(1/3254)


[باب المريض يطوف راكبًا]
(باب الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا) ... إلى (بَابِ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ، إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ)
ذكر في هذه التَّرجمة المريض يطوف راكبًا، وأخرج حديث ابن عبَّاس: (أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ طاف بالبيت وهو على بعير)، ولم يكن تعرَّض لمرض؟
وجوابه: أنَّ في «سنن أبي داود» و «مسند أحمد»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان شاكيًا)، وقد تقدَّمت الإشارة إلى ذلك، وفي سنده يزيد بن أبي زياد، وهو غير مُحتجٍّ به.
قال المُحبُّ الطَّبريُّ: (قال البيهقيُّ: في حديث يزيد بن أبي زياد لفظةٌ لم يُوافَق عليها، وهي قوله: «يشتكي»، والله أعلم)، [وفي «مسلم»: «أنَّه طاف راجلًا»، فيحمل [1] على أنَّ ذلك كان في طواف القدوم، وعلى الركوب في الإفاضة، قال شيخنا الشَّارح في «شرح المنهاج»: (قال الشَّافعيُّ: ولا أعلمه في تلك الحجَّة اشتكى) انتهى، ولكنَّه نافٍ، وغيره مثبتٌ] [2].
==========
[1] (فيحمل): سقط من (ب).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 433]

(1/3255)


[حديث: أن رسول الله طاف بالبيت وهو على بعير]
1632# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ) [1]: إسحاق [هذا: هو ابن شاهين، أبو بشر، وعنه: البخاريُّ والنَّسائيُّ وغيرهما، صدوق، قال الذَّهبيُّ في «النُّبل»: (مات بعد 250 هـ)، وكذا في «ثقات ابن حِبَّان»، وكذا في «التهذيب» [2] من زياداته، وفي «حواشي الدِّمياطيِّ على البخاريِّ» في (سورة {اقتربت}): مات سنة إحدى أو اثنتين ومئة، كذا قال الناقل من خطِّه، والظَّاهر: أنَّه غلطٌ من النَّاقل أو مِن نقلٍ عنه، وصوابه [3]: (ومئتين)، لكنَّ الشَّأن في كونه أرَّخه سنة إحدى أو اثنتين وأربعين، وليس هو بإسحاق بن وهب] [4] الواسطي العلَّاف، عن يزيد بن هارون ونحوه، وعنه: البخاريُّ، وابن ماجه، وابن أبي حاتم، قال أبو حاتم: (صدوق)، أخرج له مَنْ أخذ عنه مِنَ الأئمَّة.
قوله: (أَخْبَرَنَا [5] خَالِدٌ): هذا هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان، أحد العلماء [6]، تقدَّم.
قوله: (أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ): هذا الشَّيء الظَّاهر أنَّه المِحْجَن المتقدَّم ذكره في حديث ابن عبَّاس أيضًا؛ فاعلمه، والله أعلم [7].

(1/3256)


[باب سقاية الحاج]

(1/3257)


[حديث: استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله أن يبيت بمكة]
1634# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تقدَّم أنَّه أنس بن عياض، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 433]

(1/3258)


[حديث: اعملوا فإنكم على عمل صالح]
1635# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _ يعني: البخاريُّ_ في «الحيض»، و «المغازي» في موضعين في «بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن»، وفي «غزوة ذات السَّلاسل»، وفي «تفسير {اقتربت}»، و «المرضى»، و «الأدب»، و «الاستئذان»، و «التَّعبير»: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالد»، فإسحاق في هذه المواضع كلِّها ابنُ شاهين، أبو بشر الواسطيُّ عن [1] خالد بن عبد الله الطَّحَّان)، وكذلك نسبه ابن السَّكن في أكثر هذه المواضع، وقال الكلاباذيُّ: «إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالد بن عبد الله، روى عنه البخاريُّ في «الصَّلاة» وفي غير موضع، فلم يزد _يعني: البخاريُّ_ على أن قال: حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ، ولم ينسبْه إلى أبيه»، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في «المدخل») انتهى ملخَّصًا، وأهمل هذا الباب، ومكانًا في (المحاربين)
[ج 1 ص 433]
في (بَاب رجم المُحصَن): حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالدٌ عن الشَّيبانيِّ، وقال شيخنا الشَّارح هنا في «الحجِّ»: (وإسحاق هو ابن شاهين، أبو بشر الواسطيُّ، ذكره [2] أبو نُعَيم) انتهى، وراجعت «أطراف المِزِّيِّ» فرأيته قال فيه: (إسحاق عن خالد عنه به)؛ فلم ينسبه.
قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): تقدَّم قبيله أنَّ خالدًا هذا هو الطَّحَّان، خالد بن عبد الله أحد العلماء، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (إِلَى أُمِّكَ): أمُّ الفضل هي: لبابة الكبرى، تقدَّمت غير مرَّة، وأنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويُقال: إنَّ [3] أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب.
قوله: (فَقَالَ: أسْقِنِي): يجوز فيه الثُّلاثيُّ والرُّباعيُّ، فيجوز في همزته الوصل والقطع، وكذلك الثانية: (قَالَ: اسْقِنِي).
قوله: (لَوْلاَ أَنْ تُغْلَبُوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر.
قوله: (وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ): العاتق: هو المنكب إلى أصل العُنق، قاله أبو عبيد، وقال الأصمعيُّ: (هو موضع الرِّداء من الجانبين).

(1/3259)


فائدة: قال المُحبُّ الطَّبريُّ بعد أن ذكر حديث جابر الذي في «مسلم» وفيه: (أنَّه لما أفاض إلى بني عبد المُطَّلب وهم يستقون على زمزم، فناولوه دلوًا، فشرب منه)، ثمَّ قال: (قال أبو عليٍّ ابن السكن: نزع له الدَّلوَ العبَّاسُ بن عبد المُطَّلب، وذكر المَلَّاء في «سيرته» عن ابن جريج: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام نزع لنفسه دلوًا فشرب منه، ثمَّ عاد إلى منًى، وذكر الواقديُّ: أنَّه لما شرب؛ صبَّه على رأسه) انتهى.

(1/3260)


[باب ما جاء في زمزم]
قوله: (باب مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ): اعلم أنَّ مياه الأرض تُرفَع قبل يوم القيامة غير زمزم.
فائدة: حديث: «ماء زمزم لما شرب له» رواه ابن ماجه، وفي سنده عنده عبدُ الله بن الُمؤمَّل، وهو ضعيف، قاله ابن معين، وقال أحمد بن أبي مريم عن يحيى: (ليس به بأس، عامَّة حديثه منكر)، وقال أحمد: (أحاديثه مناكير)، وروى عبَّاس عن يحيى: (صالح الحديث)، وقال النَّسائيُّ والدَّارقطنيُّ: (ضعيف)، وقد ذكر له الذَّهبيُّ في «الميزان» أحاديث مناكير؛ منها: حديث: «ماء زمزم لما شرب له»، واعلم أنَّ هذا الحديث رواه أيضًا البيهقيُّ، كما رواه ابن ماجه من رواية ابن المُؤمَّل، قال شيخنا [1] في «شرح المنهاج»: (لا، بل تابعه عليه إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزُّبير)، كذا أخرجه البيهقيُّ نفسَه في «سننه» فيما بعد (باب الرَّخصة في الخروج بماء زمزم)، وكأنَّ البيهقيَّ تبع العُقيليَّ في ذلك، فإنَّه قال: (رواه عبد الله بن المُؤمَّل، ولا يُتابَع عليه) انتهى، وقد رأيت الذَّهبيَّ في «ميزانه» عقَّب الحديث المذكور، بقوله: (رواه عبد الرَّحمن بن المغيرة، عن حمزة الزَّيَّات، عن أبي الزُّبير)، فتابعه حمزة أيضًا، قال شيخنا: (وعبد الله بن المُؤمَّل صحَّح الحاكم حديثه في «مستدركه» في «كتاب الطَّلاق» وغيره)، وأعلَّه ابن القطَّان بتدليس أبي الزُّبير عن جابر، وقد زال التًّدليس؛ إذ في «سنن ابن ماجه» التَّصريحُ بالتَّحديث، وكذا في «سنن البيهقيِّ».
ولهذا الحديث طريقٌ على شرط مسلم أخرجه البيهقيُّ في «شعب الإيمان» من حديث سويد بن [2] سعيد، عن ابن المبارك، عن ابن أبي الموالي، عن ابن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه: مرفوعًا به سواء، ثمَّ [3] قال: (تفرَّد به سويد بن سعيد عن ابن المبارك)، [قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين كما رأيته بخطِّه: (سويد تغيَّر)، وقد أخرجه ابن المُقرِئ في «فوائده» من وجه آخر: عن ابن المبارك عن عبد الله بن المُؤمَّل، وهو المحفوظ، ورواية سعيد منكرة لم يُتابَع عليها، انتهى] [4]، قال [5] شيخ شيوخنا الحافظ أبو مُحَمَّد عبد المؤمن بن [6] خلف الدِّمياطيُّ [7]: (هذا حديث على رسم «الصَّحيح»، فإنَّ [8] عبد الرَّحمن بن أبي الموالي انفرد به [9] البخاريُّ، وسويد بن سعيد انفرد به مسلم) انتهى وقد جمع ذلك في جزء، وهو عندي.

(1/3261)


قال بعض شيوخي [10]: والمعروف رواية عبد الله بن المُؤمَّل عن ابن المنكدر، كما رواه ابن ماجه، وضعَّفه النَّوويُّ وغيره من هذا الوجه، وطريق ابن عبَّاس أصحُّ من طريق جابر، انتهى، [قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين، كما رأيته بخطِّه: (إنَّما رواه ابن ماجه من رواية عبد الله بن المُؤمَّل، عن أبي الزُّبير، عن جابر، لا عن مُحَمَّد بن المنكدر)، انتهى، وصدق، فقد [11] رأيته في «الحجِّ»: (عن هشام بن عمَّار عن الوليد قال: قال عبد الله بن المُؤمَّل به)] [12].
وقد رُوِي هذا الحديث من طريق آخر عن ابن عبَّاس، أخرجه الحاكم في «مستدركه» من حديثه مرفوعًا، قال الحاكم: (حديث صحيح الإسناد إنْ سَلِم من [13] مُحَمَّد بن حبيب الجاروديِّ)؛ يعني: الذي في إسناده، قال بعض شيوخي: (وقد سَلِم منه، فإنَّه قدم بغداد وحدَّث بها، وكان صدوقًا)، وبالجملة: فقد سُئل سفيان بن عيينة عن حديث ماء زمزم فقال: (حديث صحيح)، أسند ذلك عنه ابن الجوزيِّ في «الأذكياء»، [وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (ابن الجوزيِّ ذكره من طريق صاحب «المجالسة»؛ اسمه أحمد بن مروان [14]، وله ترجمة في «الميزان»، وقد أطلق فيه الدَّارقطنيُّ [15] الكلام السَّيِّئ، ومُحَمَّد بن حبيب تفرَّد برفع الحديث، وقد رواه الحُفَّاظ من أصحاب سفيان عنه بالسَّند المذكور موقوفًا على ابن عبَّاس؛ كالحميديِّ وسعيد بن منصور وغيرهما) انتهى] [16]، وقال شيخنا في هذا الشَّرح: (إنَّ الدَّينوريَّ ذكر ذلك عن سفيان في «المجالسة»)، وفي «صحيح مسلم»: «إنَّها طعام طعم»، زاد أبو داود الطَّيالسيُّ: «وشفاء سقم»، وقد شربه العلماء لمقاصد نالوها كالشَّافعيِّ والخطيب البغداديِّ، وغيرهما، انتهى.

(1/3262)


وأمَّا قول بعض العوام: (إنَّ حديث: «الباذنجان لما أكل له» أصحُّ من حديث ماء زمزم)؛ قولٌ فاسدٌ؛ لأنَّ حديث الباذنجان موضوع، وهذا الكلام يُستقبَح نسبتُه إلى آحاد العقلاء فضلًا عن الأنبياء، وقد سألت شيخنا الحافظ العراقيَّ عن حديث الباذنجان، فأخرج «مسند الفردوس»؛ فإذا فيه: «كلوا الباذنجان، فإنَّه شجرة رأيتها [17] في جنَّة المأوى، فشهدتْ لله بالحقِّ، ولي بالنُّبوَّة، ولعليٍّ بالولاية، فمن أكلها على أنَّها داء؛ كانت داء، ومن أكلها على أنَّها دواء؛ كانت دواء»، ذكره صاحب «مسند الفردوس» بغير إسناد، قال شيخنا المشار إليه العراقيُّ: (هذا المتن كذب منكر باطل)، وفي الكتاب المذكور: «كلوا الباذنجان وأكثروا منه، فإنَّها أوَّل شجرة آمنت بالله»، رواه بإسناده من حديث أنس، كذا كتب ورواه بإسناده إلى جعفر بن مُحَمَّد وقال: (إنَّه موقوف عليه)، انتهى، ورأيت حديثًا في الباذنجان في «موضوعات ابن الجوزيِّ»؛ فاعلمْه.
تنبيه: يُكرَه أنْ يستعمل الشَّخص ماء زمزم في نجاسة، وقال الماورديُّ: (يُحرَم الاستنجاء به)، (وجملة ما في استعماله مطلقًا للشَّافعيَّة أربعةُ آراء) [18].
قال شيخنا: (وفي غسل الميِّت عند المالكيَّة قولان؛ ابن شعبان منهم: لا يُستعمَل في مرحاض، ولا يُخلَط بنجس، ولا يُزَال به نجس، [ويُتوضَّأ به، ويتطهَّر مَن ليس بأعضائه نجس] [19]، ولا يُغسَل به ميِّت؛ بناء على أصله في نجاسة الميِّت، ولا يقرب ماء زمزم بنجاسة، ولا يُستنجَى به، وذُكِر أنَّ بعض النَّاس استعمله في بعض ذلك، فحدث به الباسور، وأهل مكَّة وغيرهم على اتِّقاء ذلك إلى اليوم) انتهى.
فائدة: هو أفضل مياه الأرض مطلقًا، وليس أفضل منه إلَّا الذي نبع مِن بين أصابع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ.
==========
[1] زيد في (ب): (الشَّارح).
[2] (سويد بن): سقط من (ج).
[3] (ثم): ليس في (ج).
[4] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (في جزء وهو عندي)، وسقط من (ج).
[5] زيد في (ب): (بعض شيوخي قال).
[6] (بن): سقط من (ب).
[7] (الدِّمياطي): ليس في (ج).
[8] في (ب): (قال)، وهو تحريف.
[9] (به): ليس في (ب).
[10] (قال بعض شيوخي): سقط من (ب).
[11] في (ب): (بعد)، وهو تحريف.
[12] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[13] زيد في (ج): (حديث).
[14] في النُّسخ: (مهران)، وهو تحريف، والمثبت موافق لما في التراجم.
[15] زيد في (ب): (فيه)، وهو تكرار.

(1/3263)


[16] ما بين معقوفين جاء في (أ) في الهامش بدون إشارة، ولعلَّ موضعه هنا، وجاء في (ب): بعد قوله: (وقال شيخنا في هذا الشَّرح)، وسقط في (ج).
[17] في (ب): (رأسها).
[18] ما بين قوسين سقط من (ج).
[19] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 434]

(1/3264)


[معلق عبدان: فرج سقفي وأنا بمكة فنزل جبريل]
1636# قوله: (وَقَالَ عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وقد تقدَّم أنَّه شيخ البخاريِّ، وقد تقدَّم الكلام على ما إذا قال البخاريُّ: (قال فلان)، وفلان المسند إليه القول شيخه _كهذا_؛ أنَّه محمول على الاتِّصال، وأنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، الإمام المشهور، شيخ أهل خراسان.
قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلم الفرد.
قوله: (كَانَ أَبُو ذَرٍّ): تقدَّم أنَّه جندب بن جنادة، وقيل: بُرير، وقد تقدَّم بعض ترجمته، ويأتي أيضًا، والله أعلم.
قوله: (فُرِجَ سَقْفِي): (فُرِج): بضمِّ الفاء مخفَّف الرَّاء، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (سقفي): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر [1].
[ج 1 ص 434]
قوله: (وَأَنَا بِمَكَّةَ): تقدَّم أنَّ هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، وذكرت في أوَّل (الصَّلاة) ما وقع في «تفسير ابن عبد السَّلام عزِّ الدِّين».
قوله: (فَفَرَجَ صَدْرِي): (فَرَج): بفتح الرَّاء المخفَّفة، وهذا ظاهر، مبنيٌّ للفاعل.
(تنبيه: فيه ردٌّ لما قاله ابن حزم من توهُّم شريك أنَّه شُقَّ صدره ليلة الإسراء، وهذا لم يكن فيه شريك؛ فاعلمه) [2].
قوله: (ثمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ): تقدَّم ما فيه من اللُّغات.
قوله: (مِنْ ذَهَبٍ): تقدَّم ما استنبط منه بعض أهل العلم، كما نقله السُّهيليُّ، وهو حسن في أوَّل (الصَّلاة).
قوله: (مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا): تقدَّم الكلام على ذلك، وأنَّ الحكمة والإيمان ليسا بجسم.
قوله: (فَعَرَجَ): هو بفتح الرَّاء مخفَّف؛ أي: جبريل، وهذا ظاهر، ولا يجوز بناؤه للمفعول؛ لأنَّه لازم، واللَّازم لا يُبنَى منه على قول الجمهور.
قوله: (فَقَالَ [3] لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا): تقدَّم في أوَّل (الصَّلاة) أنَّ اسمه إسماعيل، وتقدَّم أنَّ إسماعيل معناه: مطيع الله.
==========
[1] (وهذا ظاهر): ليس في (ج).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (جبريلُ).

(1/3265)


[حديث: سقيت رسول الله من زمزم فشرب وهو قائم]
1637# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد هُوَ [1] ابْنُ سَلَامٍ): تقدَّم الكلام على سلام، وأنَّ الأصحَّ فيه التَّخفيفُ مُطَوَّلًا؛ فانظره في أوَّل مكان وقع فيه ذلك، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (مُحَمَّد) بلا توضيح.
قوله: (أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ): هو مروان بن معاوية، أبو عبد الله الحافظ، عن عاصم الأحول وحميد وأمم، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن فلَّاس، قال أحمد: (ثبت، حافظ)، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: (ثقة)، تُوفِّيَ سنة (193 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): هو عاصم بن سليمان الأحول، تقدَّم، وكذا تقدَّم الشَّعبيُّ أنَّه عامر بن شراحيل مُتَرجَمًا.
==========
[1] زيد في (ج): (محمد).
[ج 1 ص 435]

(1/3266)


[باب طواف القارن]

(1/3267)


[حديث: من كان معه هدي فليهل بالحج والعمرة ثم لا يحل .. ]
1638# قوله: (فَقَدِمْتُ مكَّة وَأَنَا حَائِضٌ): تقدَّم أنَّها حاضت بسَرِف يوم السَّبت، وطهُرت في عشيَّة عرفة يوم الجمعة، فاغتسلت وطافت للإفاضة يوم النَّحر يوم السَّبت.
قوله: (ثمَّ لاَ يَحِلّ): مجزوم بـ (لا) النَّاهية؛ لكنَّه مُضعَّف حُرِّك بالفتح؛ طلبًا للخفَّة، ويُضمُّ وعُزِيَ لسيبويه، وقد تقدَّم نظراؤه.
قوله: (إِلَى التَّنعيم): [تقدَّم أنَّه المساجد، وتقدَّم كم مسافة ما بين مكان الإحرام منه إلى باب المسجد فيما مضى.
قوله: (هَذِهِ مَكَان)] [1]: تقدَّم أنَّه بالنَّصب والرَّفع، وتقدَّم تعليلهما.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[ج 1 ص 435]

(1/3268)


[حديث: إني لا آمن أن يكون العام بين الناس قتال]
1639# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ): تقدَّم أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عليَّة، الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ [1]): قال الجوهريُّ: (والظَّهر: الركابُ)، وقال في الرِّكاب: (الإبل التي يسار عليها، الواحدة: راحلة، لا واحد لها من لفظها).
[قوله]: (قال [2]: إِنِّي لاَ آمَنُ): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الميم، وفيها روايات أُخَرُ رأيتها في بعض النسخ.
قوله: (فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ): يعني: في عمرة الحديبية، وكانت في ذي القعدة سنة ستٍّ، فصالحهم فيها على ما هو معروف عند أهله.
قوله: ({أسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): تقدَّم أنَّ همزة (أسوة) بالضَّمِّ والكسر، وهما قراءتان في السَّبع.
قوله: (أَفْعَل كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أَفعل): مجزوم لأنَّه جواب، وهمزته مفتوحة؛ همزة المتكلِّم، ويجوز فيه الضَّمُّ.
==========
[1] في هامش (ق): (المراد به: الراحلة).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالَ).
[ج 1 ص 435]

(1/3269)


[حديث: إن الناس كائن بينهم قتال وإنا نخاف أن يصدوك]
1640# قوله: (عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ): نزل الحجَّاج بن يوسف الثَّقفيُّ، ووالد يوسف اسمه الحكم بن أبي عَقِيل بن مسعود بن عامر بن مُعتِّب بن مالك بن كعب، قال ابن قتيبة: (وكان أخفشَ رقيقَ الصَّوت، وأوَّل ولاية وليها تَبالة، فلمَّا رآها؛ احتقرها فتركها، ثمَّ تولَّى قتال ابن الزُّبير، فقهره على مكَّة والحجاز، وقتل ابنَ الزُّبير وصلبه بمكَّة سنة ثلاث وسبعين، فولَّاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين، وكان يصلِّي بالنَّاس، ويُقيم لهم الموسم، ثمَّ ولَّاه العراق، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فوليها عشرين سنة، وحطَّم أهلها وفعل ما فعل، ومات بواسط ودُفِن بها، وأُعفِي قبرُه وأُجرِي عليه الماء، وكان موته سنة خمس وتسعين).
وقوله: (عام نزل الحجَّاج بابن الزُّبير)؛ أي: في سنة اثنتين وسبعين في ذي الحجَّة، وحجَّ الحجَّاجُ بالنَّاس، ولم يزل مُحاصِرَه إلى أن قتله يوم الثلُّاثاء سابع جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، كذا نقله ابن سعد وغيره، وقيل: بل قُتِل في نصف جمادى الآخرة، وحكى البخاريُّ عن ضمرة أنَّه قُتِل سنة اثنتين وسبعين، والمشهور الأوَّل، والله أعلم.
قوله: (بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ): تقدَّم أنَّ البَيْداء بفتح الموحَّدة، وإسكان المثنَّاة تحت، والدَّال مهملة، وفي آخره همزة ممدودة، وهي الشَّرف أمام ذي الحُليفة في طريق مكَّة، وهي أقرب إلى مكَّة من ذي الحليفة الميقات.
قوله: (بِقُدَيْدٍ): هي [1] بضمِّ القاف، وفتح الدَّال المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ دال أخرى مثل الأولى: موضع بين مكَّة والمدينة.

(1/3270)


[باب الطواف على وضوء]
قوله: (عَلَى وُضُوءٍ): هو بضمِّ الواو الفعل، وأمَّا الماء؛ فبالفتح، وقد تقدَّم ما فيه من اللُّغات في (الوضوء) وغيره.

(1/3271)


[حديث: أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت]
1641# 1642# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى): تقدَّم أنَّه المصريُّ التُّستريُّ؛ لكونه يتَّجر إليها، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم أنَّ (ابْن وَهْبٍ) هو عبد الله بن وهب المصريُّ الإمام.
قوله: (ثمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَة): تقدَّم أنَّه يجوز (عمرة) مرفوع منوَّن، ومنصوب مثله، وأنَّ بعضهم في «مسلم» رواه: (غيره)، وأنَّه تصحيف، وأنَّ [1] النَّوويَّ قال: (ليس بتصحيف)، وكذا الثانية والثالثة، وكذا الرابعة.
قوله: (ثمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ [2]): تقدَّم أنَّ قائل ذلك هو عروة بن الزُّبير، وأنَّ الصَّواب: (أبي الزُّبير)، وتقدَّم رواية: (ابن الزُّبير)، وأنَّها تصحيف، وتقدَّم ما نَقَل في ذلك بعضُهم.
قوله: (وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي): تقدَّم أنَّ أمَّه أسماءُ بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وأنَّ خالته عائشة أمُّ المؤمنين.
قوله: (فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ؛ حَلُّوا): تقدَّم أنَّ عائشة لم تطُف حين حجَّة الوداع أوَّل قدومها؛ لأنَّها كانت حائضًا، وتقدَّم أنَّ الزُّبير كان معه الهديُ، ففي قوله: (فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ؛ حَلُّوا): يعني: الماسحين، لا خالته عائشة، ولا والده الزُّبير، والله أعلم.

(1/3272)


[باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله]
[ج 1 ص 435]
قوله: (باب وُجُوبِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ): فائدة: قال بعض المتأخِّرين: ما بين الصَّفا والمروة خمسُ مئة وعشرون خطوة، انتهى، فالجملة إذن: ثلاثة آلاف خطوة وستُّ مئة وأربعون خطوة، والله أعلم.
تنبيه هو فائدة: قال ابن عبد السلام عزُّ الدِّين [1] عبد العزيز الشَّافعيُّ: (المروة أفضل من الصَّفا؛ لأنَّها مزورةٌ أربع مرَّات والصَّفا ثلاث مرَّات في السَّعي، فإنَّه أوَّل ما يُبدَأ باستقبال المروة، والذي أمر الله بمباشرته في القربة أكثر يكون أفضل، وأمَّا كونه يُبدَأ بالصَّفا؛ فذلك وسيلة إلى استقبال المروة وبالزِّيارة) انتهى.

(1/3273)


[حديث: قد سن رسول الله الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف]
1643# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.
[قوله: (أَلَّا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ): سيأتي الكلام عليه في (بَاب وجوب العمرة وفضلها)] [1].
قوله: (يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ): (مناة): اسم صنم بجهة البحر ممَّا يلي قديدًا بالمُشلَّل، وكانت الأزد وغسَّان يُهِلُّون له ويحجُّون إليه، وكان الذي نصبه عَمرو بن لُحيٍّ، وقال ابن الكلبيِّ: (كانت مناة صخرة لهذيل بقديدٍ).
قوله: (عِنْدَ الْمُشَلَّلِ): هو بضمِّ الميم، وفتح الشِّين المعجمة، ثمَّ لامان؛ الأولى مشدَّدة مفتوحة، وهو بقديد من ناحية البحر، وهو الجبل الذي يُهبَط منه إلى قديد.
قوله: (ثمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحمَنِ): قائل ذلك هو الزُّهريُّ، مُحَمَّد بن مسلم [2]، كما صرَّح به مسلم.
[قوله: (وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): هؤلاء الرِّجال لا أعرفهم] [3].
قوله: (إلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ): (ذكرتْ): فعل ماض، وعلامة التأنيث (التَّاء) السَّاكنة، و (عائشةُ): مرفوع فاعل.
قوله: (فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ): (أسمعُ): بفتح همزة المتكلِّم، مرفوع، وهذا ظاهر، وكذا في أصلنا، وقال شيخنا الشَّارح: (يحتمل أنَّ يكون «فاسمَعْ» أمرًا، قال ابن التِّين: «وكذلك هو مضبوط في الأصل»، ويحتمل أن يكون خبرًا عن نفسه، قلت: وهو ما ضبطه الدِّمياطيُّ بخطِّه) انتهى كلامه، ورأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر الغرناطيِّ [4] في نسخته: (فاسمعوا) على أنَّه أمر للجماعة بالسَّماع، وينبغي أن يُحرَّر ما كتبَه.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[2] (مسلم): سقط من (ب).
[3] ما بين معقوفين جاء في (ب) و (ج) بعد قوله: (وعائشة: مرفوع فاعل)، وكتب فوقها في (أ) إشارة تقديم وتأخير.
[4] في (ب): (الغرنابي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 436]

(1/3274)


[باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة]
قوله: (مِنْ دَارِ بَنِي عَبَّادٍ): هو بفتح العين [1]، وتشديد الموحَّدة.
==========
[1] زيد في (ب): (المهملة).
[ج 1 ص 436]

(1/3275)


[حديث: كان رسول الله إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثًا]
1644# قوله: (خَبَّ): تقدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وتقدَّم أنَّ (الخببَ) الرَّملُ، وأنَّه سرعة [1] المشي مع تقارُب الخُطا.
قوله: (يُزَاحَمَ [2]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[1] زيد في (ب): (الخيل).
[2] في (ب): (يزاعم)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 436]

(1/3276)


[حديث: قدم النبي فطاف بالبيت سبعًا وصلى خلف المقام ركعتين.]
1645# 1646# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، كما قدَّمته قريبًا، وفي (الصَّلاة).
قوله: (أسْوَةٌ): تقدَّم قريبًا أنَّه بهمزة مضمومة ومكسورة، وأنَّهما قراءتان في السَّبع.
==========
[ج 1 ص 436]

(1/3277)


[حديث: قدم النبي مكة فطاف بالبيت ثم صلى ركعتين]
1647# قوله: (عنِ ابنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، أحد الأعلام، وتقدَّم ببعض ترجمة.
==========
[ج 1 ص 436]

(1/3278)


[حديث: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة]
1648# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أنَّ الجيَّانيَّ قال [1]: (وقال _ يعني: البخاريُّ_ في مواضع في الكتاب: «حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك»، قال أبو عبد الله النَّيسابوريُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العبَّاس، ويُلقَّب مردويه، وقال أبو الحسن الدَّارقطنيُّ: أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شبُّويه) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح كذلك [2]، ولم يعزُه للجيَّانيِّ.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المبارك.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ): هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرَّحمن، تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3279)


[حديث: إنما سعى رسول الله بالبيت وبين الصفا والمروة]
1649# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظَّاهر أنَّه ابن عيينة، الإمام أبو مُحَمَّد المكِّيُّ، والله أعلم.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (زَادَ الْحُمَيْدِيُّ): (الحُميديُّ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبير الحُميديُّ؛ بضمِّ الحاء، وقد تقدَّم في أوَّل هذا التَّعليق لماذا نُسِب، وقوله: (وزاد) هو كقوله: (وقال)، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلان المعزوُّ إليه القول شيخُه _ كهذا_، يكون متَّصلًا، ولكنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّه ابن عيينة.
قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو): تقدَّم أنَّه ابن دينار، وكذا تقدَّم (عَطَاء) أنَّه [1] ابنُ أبي رباح.

(1/3280)


[باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.]
قوله: (عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الواو اسم الفعل، وأنَّه بالفتح الماءُ، وتقدَّم ما فيه من اللُّغات.
==========
[ج 1 ص 436]

(1/3281)


[حديث: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت]
1651# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو ابن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: («ح» [1]): تقدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التَّعليق، وكيف كتابتها والنُّطق بها [2].
قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ [3]): هو خليفة بن خيَّاط، أبو عمرو شَبَاب العُصفريُّ، الحافظ، عن جعفر بن سليمان ويزيدَ بن زُرَيع، وعنه: البخاريُّ، وأبو يعلى، وابن ناجية، صدوق، تُوفِّيَ سنة (240 هـ)، أخرج له البخاريُّ مِن بين أصحاب الكتب، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو الثَّقفيُّ المذكور أعلاه.
[ج 1 ص 436]
قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو حبيب بن أبي بقيَّة، وحبيب بن زائدة، ويقال: حبيب بن زيد، تقدَّم مُتَرجَمًا، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة.
قوله: (غَيْر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (غير): يجوز فيها الجرُّ والنَّصب، وهما ظاهران.
قوله: (فَلَمَّا طَهرَتْ): هو بفتح الهاء وضمِّها.
قوله: (إِلَى التَّنعيم): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها المساجد، وتقدَّم لِمَ سُمِّيت: (التَّنعيم)، وتقدَّم كم بينها وبين باب المسجد.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، و (ح): ليس في «اليونينيَّة».
[2] (بها): سقط من (ب).
[3] زيد في (ج): (بن خياط)، وفي هامش (ق): (أي: البخاري).

(1/3282)


[حديث: لتلبسها صاحبتها من جلبابه ولتشهد]
1652# قوله: (مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ): هو بضمِّ الميم الأولى، وتشديد الثَّانية مفتوحة، اسم مفعول، من (أمَّلَه)، وقد تقدَّم ضبطُه.
قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمام، تقدَّم، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام.
قوله: (عَنْ حَفْصَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّها بنت سيرين التَّابعيَّة الجليلة.
قوله: (عَوَاتِقَنَا [1]): تقدَّم أنَّه جمع (عاتق)؛ وهنَّ [2] الجواري اللَّاتي أدركن، وقيل غير ذلك.
قوله: (فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ): تقدَّم أنَّ هذه المرأة لا أعرفها، وكذا تقدَّم أنَّ (قَصْر بَنِي خَلَفٍ) بالبصرة، ولمَن نُسِب، وكذا (أُخْتهَا) لا أعرفها بعينها، لكنَّها صحابيَّة، ولا يضرُّ الجهل بها، وتقدَّم ما قاله شيخنا فيها، وفيه نظرٌ، وأيضًا الجهل لا يضرُّ بزوجها، غير أنِّي لا أعرفهما، والحجَّة في حديث حفصة عن أمِّ عطيَّة، لا في حديث المرأة المجهولة عن أختها.
قوله: [(قَالَتْ) أي: أختها: (كُنَّا نَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى و] [3] نُدَاوِي الْكَلْمَى): هم الجرحى، وقد تقدَّم (هذه المرأة المُدَاوية لا أعرفها) [4].
قوله: (فَسَأَلَتْ أُخْتِي): تقدَّم أنِّي لا أعرفها، غيرأنَّها صحابيَّة رضي الله عنها.
قوله: (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْباب): تقدَّم أنَّه بكسر الجيم، وبمُوحَّدتين، بينهما ألف، قال ابن شُمَيل: (هو ثوب أقصر [5] من الخمار وأعرض، وهي المقنعة تغطِّي به [6] المرأة رأسها، وقيل غير ذلك، ممَّا تقدَّم مُطَوَّلًا).
قوله: (فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ [7]؛ سَأَلْتُها): قائلة ذلك هي حفصة بنت سيرين، وتقدَّم أنَّ أمَّ عطيَّة نُسَيبة؛ بضمِّ النُّون وفتح السِّين، على الأصحِّ.
قوله: (إلَّا قَالَتْ: بِأَبِي): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا؛ فراجعه، وفيه ثلاث لغات: بهمزة مفتوحة بين الباءين، وتُقلَب الهمزة ياء مفتوحة [8] (بِيَبِي)، وبإبدال الياء الأخيرة ألفًا تبقى: (بِيَبَا).
قوله: (أَسَمِعْتِ): هو بكسر التَّاء على الخطاب لمؤنَّث.
قوله: (الْعَوَاتِقُ): تقدَّم أعلاه ما العواتق.
قوله: (وَذَوَاتُ الْخُدُورِ): (الخدور): السُّتور تكون للجواري الأبكار في ناحية البيت، الواحد: خِدر، ويُقال: الخدر: سرير عليه ستر، وقيل: الخدر: البيت نفسه، وقد تقدَّم.

(1/3283)


قوله: (آلحائض [9]): هو بمدِّ الهمزة، وهي همزة الاستفهام؛ للإنكار، ويأتي [10] فيها ما يأتي في همزة الاستفهام.
==========
[1] في (ج): (عواتقها)، وهو تحريف.
[2] في (ب): (وهي)، وهو تحريف.
[3] ما بين معقوفين سقط في (ج).
[4] ما بين قوسين سقط من (ج).
[5] في (ب): (أخصر).
[6] في (ج): (بها).
[7] زيد في «اليونينيَّة»: التَّرضية.
[8] (مفتوحة): ليس في (ب) و (ج).
[9] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الحائض)، وينظر هامشها.
[10] في (ج): (وسيأتي).
[ج 1 ص 437]

(1/3284)


[باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج]
قوله: (وَسُئِلَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ): تقدَّم [1] أنَّه ثامن ذي الحجَّة.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ): (عبد الملك) [2] هذا: هو ابن أبي سُليمان، ميسرة العرزميُّ الكوفيُّ الحافظ، عن أنس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعنه: القطَّان ويعلى بن عُبيد، قال أحمد: (ثقةٌ يخطئ، من أحفظ أهل الكوفة، ورفع أحاديث عن عطاء)، تُوفِّيَ سنة (145 هـ)، أخرج له مسلم والأربعة، وعلَّق له البخاريُّ كما ترى، له ترجمة في «الميزان»، وهذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح على شرطه إلى عبد الملك، ومنه إلى آخره، تارة يكون على شرطه، وتارة لا؛ كهذا؛ لأنَّ عبد الملك لم يُخرِّج له في الأصول، إنَّما علَّق عنه، فهو ليس على شرطه، وقد تكلَّم فيه شعبة؛ لتفرُّده عن عطاء بحديث الشُّفعة للجار، قال وكيع: (سمعت شعبة يقول: لو روى عبد الملك حديثًا آخر؛ كحديث الشفعة؛ لطرحت حديثه)، وفيه كلام غير ذلك، له ترجمة في «الميزان»، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في (الحجِّ) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن عبد الملك به.
قوله: (حَتَّى يَوْم التَّرْوِيَةِ): (يوم): يجوز فيه الفتح والخفض، وهذا ظاهر، و (التَّروية): تقدَّم أنَّه ثامن الحجَّة.
قوله: (وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ): (أبو الزُّبير): هو مُحَمَّد بن مسلم بن تدرس، ترجمته معروفة، وهو مُدلِّس، حافظٌ، ثقةٌ، وقال أبو حاتم: (لا يُحتجُّ به)، وله ترجمة في «الميزان»، وقد قرنه البخاريُّ، وروى له متابعةً، وعلَّق له، وأخرج له مسلم والأربعة، وهذا تعليق مجزوم به، وهو صحيح على شرطه إلى [3] أبي الزُّبير، والكلام فيه كالكلام في الذي قبله، والله أعلم، وتعليقه هذا أخرجه مسلم.
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ): عبيد هذا تقدَّم [4] أنَّه يروي عن أبي هريرة، ويروي عن ابن عُمر وطائفة، وعنه: زيد بن أسلم، ويزيد بن أبي حبيب، وجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ له في هذه الكتب حديثًا واحدًا، وهو قوله لابن عمر: «رأيتك تصنع أربعًا ... »؛ وذكر الحديث هذا المعلَّق هنا، وقد سبق مُسنَدًا في (الطَّهارة) وغيرها.

(1/3285)


قوله: (حَتَّى يَوْم التَّرْوِيَةِ): تقدَّم أنَّ (يوم) بالفتح والخفض، و (التروية): ثامن الحجَّة.
قوله: (حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ): أي: تنتهض قائمة مِن بُروكها.
[ج 1 ص 437]

(1/3286)


[باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟]

(1/3287)


[حديث ابن رفيع: سألت أنس: أخبرني بشيء عقلته عن النبي]
1653# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ الحافظ المشهور، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولِمَ قيل له: المسنديُّ.
قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ): هو إسحاق بن يوسف بن مرداس، أبو مُحَمَّد المخزوميُّ الواسطيُّ الأزرق، أحد الأعلام، عن الأعمش، وابن عون، وطائفة، وأكثرَ عن شريك، وعنه: أحمد، وابن معين، وخلقٌ، قال أبو حاتم: (صحيح الحديث، صدوق)، وقيل لأحمد: أثقة هو؟ قال: (إي؛ والله)، تُوفِّيَ سنة (195 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظَّاهرأنَّه الثَّوريُّ، ومدركي في ذلك أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ الأزرق الثَّوريَّ؛ وهو سفيان بن سعيد _تقدَّم_ ولم يذكرِ ابن [1] عيينة، وأمَّا الذَّهبيُّ فإنَّه لما ذكر ترجمة إسحاق هذا؛ لم يذكر فيها السُّفيانين بالكليَّة، والله أعلم.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ [2] رُفَيْعٍ): هو بضمِّ الرَّاء، وفتح الفاء؛ مصغَّرٌ، عن ابن عبَّاس، وابن عمر، وأبصر عائشة، وعنه: شعبة، وأبو بكر بن عيَّاش، وجرير [3]، ثقةٌ مُعمَّر، مات سنة (130 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (بِالأَبْطَحِ): (الأبطح): تقدَّم أنَّه يُضَاف [4] إلى مكَّة ومنًى؛ لأنَّه وهو واحد، لكنَّه إلى منًى أقرب، وهو المحصَّب، وهو خَيْف بني كنانة، وزعم بعضهم أنَّه ذو طُوًى، وليس كذلك، قال الخليل: (كلُ مسيل فيه دقاق حصًى؛ فهو أبطح)، قال ابن دريد: (الأبطح والبطحاء: الرَّمل المُنبسِط على وجه الأرض)، قال أبو زيد: (الأبطح: أثر المسيل ضيِّقًا كان أو واسعًا).
قوله: (افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ): (افعلْ): فعل أمر، ساكنُ الآخر.

(1/3288)


[حديث: انظر حيث يصلي أمراؤك فصل]
1654# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو ابن عبد الله ابن [1] المدينيِّ، الحافظ الأستاذ، تقدَّم ببعض ترجمة [2].
قوله: (سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ): تقدَّم أنَّ عيَّاشًا بالمثنَّاة تحت وبالشِّين المعجمة، وتقدَّم أنَّ أبا بكر هو المُقرئ أحد الأعلام، قيل: اسمه شعبة، وقيل: مُحَمَّد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: رؤبة، ومسلم، وخداش، ومُطرِّف، وحمَّاد [3]، وحبيب، قرأ القرآن على عاصم، وقد قدَّمت بعض ترجمته، رحمه الله.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن رفيع، والحديث الذي تقدَّم قبله هذا أعلى منه بدرجة؛ لأنَّ ذاك فيه بينه وبين أنس أربعةُ أشخاص، والثاني بينه وبين أنس ثلاثة، وفيه أيضًا شيء آخر، وهو أنَّ النازل فيه عنعنةُ سفيان، _الظَّاهر: أنَّه الثَّوريُّ وهو مُدلِّس_ عن عبد العزيز، وهذا فيه أبو بكر صرَّح بالتَّحديث من عبد العزيز [4]، والله أعلم.
قوله: ([وَ] حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): هو إسماعيل بن أبان الورَّاق، عن مسعر وعدَّة، وعنه: البخاريُّ، وأبو حاتم، وخلقٌ، ثقةٌ، تُوفِّيَ سنة (216 هـ)، أخرج له البخاريُّ والتِّرمذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (أبان): تقدَّم مُطَوَّلًا، وأنَّ الصَّحيح صرفه، والله أعلم، وقد تقدَّم أنَّ (أَبَا بَكْرٍ) هو ابن عيَّاش أعلاه ببعض ترجمة [5]، و (عَبْد العَزِيزِ) وهو ابن رُفَيع، تقدَّم أعلاه [6].
قوله: (إِلَى مِنًى): تقدَّم الكلام عليها، وهي على ثلاثة أميال من مكَّة، وأوَّلها جمرة العقبة، وكذا تقدَّم أنَّ (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) ثامن الحجَّة.

(1/3289)


[باب الصلاة بمنى.]

(1/3290)


[حديث: صلى رسول الله بمنى ركعتين]
1655# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، الإمام، وأنَّ (يُونُس) هو ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ) هو الزُّهريُّ، مُحَمَّد بن مسلم [1].

(1/3291)


[حديث: صلى بنا النبي ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه بمنى ركعتين]
1656# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ): هو بإسكان الميم، وبالدَّال المهملة، نسبة إلى القبيلة، وهو السَّبِيعيُّ، واسمه عَمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ من جلَّة التَّابعين، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ): هو بالحاء المهملة، وبعد الرَّاء ثاء مثلَّثة، صحابيٌّ مشهور، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَآمَنُهُ): هو بمدِّ الهمزة، مرفوع، معطوف على (أكثر)، وهذا ظاهر جدًّا.
==========
[ج 1 ص 438]

(1/3292)


[حديث: صليت مع النبي ركعتين]
1657# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد هذا فيما ظهر لي، وذلك لأني راجعت ترجمة قبيصة بن عقبة؛ فرأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» قال فيها: (روى عن الثَّوريِّ)، ونظرت في ترجمة الأعمش فرأيته روى عنه: الثَّوريُّ، والله أعلم، وأمَّا الذَّهبيُّ في «التذهيب» فقال في ترجمة قبيصة: روى عن سفيان وأطلق، فحملت المُطَلق على المُقيَّد، وكذا تقدَّم (الأَعْمَش) وأنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، هذا الظَّاهر، وذلك لأنَّ [1] شيخ إبراهيم هذا في هذا الحديث عبدُ الرَّحمن بن يزيد؛ هو ابن قيس النَّخَعيُّ، وعبد الرحمن [2] هذا يروي عنه: إبراهيم النَّخعيُّ، وإبراهيم بن مهاجر، وإبراهيم بن سويد النَّخعيُّ، فأمَّا ابن مهاجر وابن سويد؛ فلم يُخرِّج لهما البخاريُّ شيئًا، فبقي النَّخعيُّ، والله أعلم.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ يَزِيدَ): هو عبد الرَّحمن بن يزيد بن قيس النَّخعيُّ، أبو بكر الكوفيُّ، عن عمِّه، وعلقمة، وأخيه الأسود، وعن عثمان، وسلمان، وابن مسعود، وحذيفة، وأبي مسعود، وأبي موسى، وجماعة، وعنه: ابنه مُحَمَّد، وإبراهيم النَّخعيُّ، والشَّعبيُّ، وآخرون، وثَّقه ابن معين وغيره، تُوفِّيَ سنة ثلاث وسبعين، ويُقَال: في سنة ثلاث وثمانين، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، صحابيٌّ مشهور جدًّا، رضي الله عنه من المهاجرين الأوَّلين.
قوله: (فَيَا لَيْتَ حَظِّي ... ) إلى آخره: يريد أنَّه لو صلَّى أربعًا تكلَّفها؛ فليتها تُتَقبَّل كما تُتَقبَّل الرَّكعتان، وقال الدَّاوديُّ: (خشي ابن مسعود ألاَّ تُجزِئ الأربعُ فاعلَها، وتبع عثمان؛ كراهة لخلافه [3] وأخبر بما في نفسه) انتهى.
==========
[1] (لأن): سقط من (ب).
[2] في النُّسخ: (وإبراهيم)، ولعلَّه سبق نظر، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[3] في (ب) و (ج): (بخلافه).
[ج 1 ص 438]

(1/3293)


[باب صوم يوم عرفة]

(1/3294)


[حديث: شك الناس يوم عرفة في صوم النبي]
1658# [قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام المشهور] [1].
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ [2]: حَدَّثَنَا سَالِمٌ): فقوله: (عن الزُّهريِّ): كذا في أصلنا، وهو خطأ، وقد راجعت أصلنا الدِّمشقيَّ، فرأيته كما في أصلنا القاهريِّ، وفي ثبوت الزُّهريِّ في هذا
[ج 1 ص 438]

(1/3295)


الحديث نظرٌ، والذي يظهر أنَّ ذكره فيه خطأ، وقد راجعت طرق هذا الحديث في «البخاريِّ»؛ فرأيته ذكره في ستَّة [3] أماكن ولم يكن فيها الزُّهريُّ، وراجعت أيضًا «مسلمًا»؛ فما رأيته ذكره فيه، وراجعت «أبا داود»؛ فلم أرَ الزُّهريَّ فيه في النُّسخ التي عندي، والحديث في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، فراجعت الكلَّ غير «النَّسائيِّ»، وقد راجعت «المُجتبَى»؛ فلم أرَه فيه، والظَّاهر أنَّه ليس [4] في «الكبير»، ولم يكن عندي «النَّسائيُّ الكبير»، ولا [5] في «الأطراف» للمِزِّيِّ ذِكْرٌ للزُّهريِّ في تطريف هذا الحديث) [6]، والحاصل: أنَّ ذكر الزُّهريِّ في هذا الحديث خطأ، والله أعلم، وقد ذكر شيخنا الحافظ البُلقينيُّ ذلك [7] وخطَّأه [8] أيضًا، كما رأيته بخطِّه مُطَوَّلًا، وهذا [9] حاصله، [وإنَّما رأيت كلامه بعد فقدي له، [الحمد لله، رأيت في حاشية منقولة كما ذكر كاتبها عن شيخنا البلقينيِّ عن «الجرح والتَّعديل» لابن أبي حاتم أنَّ الزُّهريَّ سمع من مسعود بن الحكم، وعبد الله بن الزُّبير، والحسن، والحسين، وأمِّ عبد الله الدَّوسيَّة، وأبي رُهم، ومروانَ، وعائم بن عبَّاس، انتهت، ولم أرَ أنا ذلك في «الجرح والتَّعديل» في ترجمة الزُّهريِّ، والذي رأيته فيه أنَّه روى عن أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبي الطُّفيل، والسَّائب بن يزيد، وعبد الله بن ثعلبة، ومحمود بن الرَّبيع، وعبد الرَّحمن بن أزهر، ورأى ابن عمر، انتهى، ثمَّ اعلم أنَّ الزُّهريَّ وُلِد سنة (50 هـ)، وقيل: سنة (51 هـ)، وقيل: سنة (56 هـ)، وقيل: (58 هـ)، والحسنُ تُوفِّيَ سنة (49 هـ)، وقيل: سنة (50 هـ)، وقيل: سنة (51 هـ)، والحسينُ تُوفِّيَ يوم عاشوراء سنة (61 هـ)، ومسعود بن الحكم الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ، ولكن وُلِد في عهده عليه السَّلام، وأمُّ عبد الله الدَّوسيَّة أدركته عليه السَّلام، لكن قال الذَّهبيُّ: أظنُّها تابعيَّة، وأبو رُهم قال الذَّهبيُّ: روى الزُّهريُّ عن ابن أخيه عنه، ومروان وُلِد في عهده عليه السَّلام ولم يره، وأمَّا عائم بن عبَّاس؛ فلا أعرفه، والظَّاهر تصحيف من تمَّام بن عبَّاس، وقد اختُلِف في صحبته، وقد قال الذَّهبيُّ: إنَّ الزُّهريَّ روى عن ابن عمر، فيقال: سمع منه [10] حديثين، وسهل بن سعد وأنس وربيعة بن عُبَاد] [11]، [والسَّائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وابن لبيد، وأبي الطُّفيل، وأرسل عن أبي هريرة، وأبي سعيد، ورافع

(1/3296)


بن خديج، انتهى، وقد ذكرت في تعليقي على البخاريِّ في (الجنائز) من روى عنه الزُّهريُّ من الصحابة، ومن أرسل عنه منهم؛ فانظره في تعليقي فإنَّه مفيد، وذلك ضمن (بَاب الصَّلاة على القبر بعدما يدفن)، والله أعلم] [12].
قوله: (حَدَّثَنَا [13] سَالِم): هو ابن النَّضر] [14].
قوله: (عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ): تقدَّم أنَّها لبابة بنت الحارث بن حزن الكُبرى، أمُّ بني العبَّاس، صحابيَّة مشهورة، تقدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويُقَال: إنَّ أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمة [15] بنت الخطَّاب، والله أعلم.
قوله: (بِشَرَابٍ): سيجيء في رواية أنَّه لبن في (بَاب الوقوف على الدَّابة).
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[2] في هامش (ق): (قوله: «عن الزُّهريِّ»: في ثبوت الزُّهريِّ نظر، ولم يذكر المِزِّيّ الزُّهريَّ في تطريفه لهذا الحديث، لا من عند البخاريِّ، ولا في «مسلم»، ولا من عند أبي داود، وقد راجعت الأماكن في «البخاريِّ» المذكور فيها هذا الحديث وهي ستةٌ غير مكان واحد في «الحجِّ»؛ فإنِّي لم أره وأنا مسرع، وراجعت «مسلمًا» و «أبا داود»؛ فلم أر في النسخ التي عندي ثبوت الزُّهريِّ فيها، والله أعلم، وقد رأيت المكان السَّادس، وهو بعده بيسير في «باب الوقوف على الدَّابة بعرفة»).
[3] في النُّسخ: (ست)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[4] (والظَّاهر أنَّه ليس): سقط من (ج)، وزيد فيها: (فهو)، وضرب عليها في (أ).
[5] زيد في (ب): (هو)، وضرب عليها في (أ).
[6] ما بين قوسين سقط من (ج).
[7] (ذلك): سقط من (ب).
[8] في (ب): (وحكاه).
[9] في (ج): (وهو).
[10] (منه): خرم في (أ).
[11] ما بين معقوفين جاء في (أ) بورقة مفردة [1/ 270]، وهو ليس في (ب) و (ج).
[12] ما بين معقوفين جاء في (أ) بورقة مفردة [1/ 265]، وهي تكملة للورقة المفردة السابقة وبينهما نقص، واستُفِيد من الموضع المشار إليه في (بَاب الصَّلاة على القبر بعدما يدفن) [خ¦1348] من هذا الشَّرح، وهو ليس في (ب) و (ج).
[13] في النُّسخ: (عن)، والمثبت موافق لما في الموضع السَّابق و «اليونينيَّة» و (ق).
[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[15] (فاطمة): ليس في (ب).

(1/3297)


[باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة]
(بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ، إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ [1]) ... إلى (بَابٌ: يُتَصَدَّقُ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ)
==========
[1] (إلى عرفة): سقط من (ج).
[ج 1 ص 439]

(1/3298)


[حديث: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه]
1659# قوله: (فَلاَ يُنْكَرُ [1] عَلَيْهِ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وكذا الثَّانية.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يُنْكِر) في الموضعين، وينظر هامشها.
[ج 1 ص 439]

(1/3299)


[باب التهجير بالرواح يوم عرفة]
قوله: (بُابُ التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ): قال الخليل: (الهَجْرُ والتَّهجير للصَّلاة: السَّعي إليها في الهاجرة على مُقتضَى اللَّفظ في اللُّغة) انتهى، والمراد هنا: الرَّواح بعد الزَّوال إلى عرفة.

(1/3300)


[حديث: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف]
1660# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ، وهو [1] مُحَمَّد بن مسلم، العلم [2] المشهور.
قوله: (كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن مروان بن الحكم الأَمويُّ الخليفة، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم بعض ترجمة (الحَجَّاج) بن يوسف الثَّقفيِّ.
قوله: (عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ): السُّرَادِق: تقدَّم أنَّه بضمِّ السِّين، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف دالٌ مهملة مكسورة، ثمَّ قاف، مفرد مصروف: الخباء وشبهه، وأصله: كلُّ ما أحاط بالشَّيء ودار به، وقيل: ما يُدَار حول الخِباء.
قوله: (وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ): هي بكسر الميم، وهذا ظاهر.
قوله: (الرَّوَاحَ): هو بالنَّصب على الإغراء، وهذا ظاهر.
قوله: (فَأَنْظِرْنِي): هو بقطع الهمزة، وكسر الظَّاء، وفي نسخة: (فانظُرني)؛ بهمزة وصل، وضمِّ الظَّاء، وهما صحيحتان.
قوله: (فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ): هو بهمزة وصل، وضمِّ الصَّاد؛ أي: قصِّر، ورأيت بعضهم ذكره بهمزة وصل، غير أنَّه قال: وكسر الصَّاد؛ فيُحرَّر [3].
==========
[1] (وهو): ليس في (ب).
[2] في (ب): (بن عبيد الله العالم).
[3] (فيحرر): سقط من (ج).
[ج 1 ص 439]

(1/3301)


[باب الوقوف على الدابة بعرفة]
قوله: (باب الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ بِعَرَفَةَ): اعلم أنَّ مذهب الشَّافعيِّ: أنَّ الوقوف راكبًا أفضل على الأظهر، والثاني: هو والماشي سواءٌ، (وأما الحجُّ؛ فراكبًا أفضل من المشي أيضًا) [1].
==========
[1] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 439]

(1/3302)


[حديث: أن ناسًا اختلفوا عندها يوم عرفة]
1661# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): هو بالضَّاد المعجمة، وقد تقدَّم أنَّه لا يشتبه بـ (نصر) بالمهملة؛ لأنَّ الذي بالمهملة لا يُكتَب بالألف واللَّام، بخلاف هذا الذي هو بالمعجمة، فإنَّه لا يجيء إلَّا بهما، واسم (أبي النَّضر) هذا سالم بن أبي أميَّة المدنيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن طال به العهد، روى عن أنس، وكتب إليه عبد الله بن أبي أوفى، وعنه: مالك واللَّيث، ثقةٌ نبيلٌ، تُوفِّيَ سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ): تقدَّم أعلاه بعض الكلام عليها، وقد قدَّمت بعض ترجمتها [1] قبل ذلك، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (ب): (عليها).
[ج 1 ص 439]

(1/3303)


[باب الجمع بين الصلاتين بعرفة]

(1/3304)


[معلق الليث: إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السنة]
1662# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ): هذا تعليق مجزوم به، وهو على شرطه، وقد أخرجه البخاريُّ من حديث مالك عن الزُّهريِّ به، و (اللَّيث) هذا: هو ابن سعد الإمام.
قوله: (حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ، مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (عَامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ): تقدَّم أنَّه نزل به سنة اثنتين وسبعين مُطَوَّلًا؛ فانظره قريبًا.
قوله: (فِي السُّنَّةِ): هي بضمِّ السِّين، وتشديد النُّون المفتوحة، وكذا في أصلنا؛ مُجوَّدة؛ فلا تَشتبهنَّ عليك بـ (السَّنَة) التي هي العام.

(1/3305)


[باب قصر الخطبة بعرفة]
قوله: (بَابُ [1] قَصْرِ الْخُطْبَةِ): هو بفتح القاف وإسكان الصَّاد، ويجوز كسر القاف وفتح الصَّاد [2].
==========
[1] (باب): سقط من (ج).
[2] في (ج): (هو بفتح القاف وكسر الصاد، ويجوز فتحُ القاف وإسكان الصَّاد)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح، وهي عبارة مُستدرَكة في هامش (أ)؛ ولذلك تكرَّر ما بعدها لاحقًا.
[ج 1 ص 439]

(1/3306)


[حديث: أن عبد الملك كتب إلى الحجاج أن يأتم بعبد الله بن عمر]
1663# [قوله: (فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ): هو بسكون القاف، وضمِّ [1] الصَّاد، وتقدَّم أعلاه ما قاله بعضهم] [2].
قوله: (عِنْدَ فُسْطَاطِهِ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا، وبعيدًا ما هو، ولغاته.
قوله: (الرَّوَاحَ): تقدَّم أعلاه [3] أنَّه منصوب على الإغراء، [وهذا ظاهر.
قوله: (أَنْظِرْنِي): تقدَّم الكلام عليه أعلاه] [4]، وهذه في أصلنا كالنُّسخة الأولى ممَّا قدَّمته.
قوله: (أُفِيْضُ): هو بإثبات (الياء) في أصلنا، وهي لغة.
قوله: (فَاقْصُرِ): هو بهمزة وصل، وضمِّ الصَّاد، فعلُ أمرٍ، ورأيت بعضهم ذكرها بهمزة وصل، غير أنَّه قال: (وكسر الصَّاد)؛ فتحرَّر، وقد تقدَّم ذلك [5].
==========
[1] في (ب): (وبضمِّ).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[3] في (ب): (بظاهرها)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[5] (وقد تقدَّم ذلك): سقط من (ج).
[ج 1 ص 439]

(1/3307)


[باب الوقوف بعرفة]

(1/3308)


[حديث: هذا والله من الحمس فما شأنه ها هنا]
1664# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (عَمْرٌو) أنَّه ابن دينار.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: عَنْ أَبِيهِ قال [1]: كُنْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِي [2] ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ هذا كان في الجاهليَّة، والدَّليل لذلك: ما رواه ابن إسحاق قال: (حدَّثني عبد الله بن أبي بكر، عن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، عن عمِّه نافع، عن أبيه جبير قال: رأيت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قائمًا مع النَّاس قبل أنْ يُنزَل عليه، تَوفِيقًا من الله)، وقال القاضي عياض في «شرح مسلم»: (جبير بن مُطعِم هذا كان هذا في حجَّه قبل الهجرة، وكان جبير حينئذٍ كافرًا _وأسلم يوم الفتح وقيل: يوم خيبر_ فتعجَّب من وقوف النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعرفات، والله أعلم)، ثمَّ إنِّي رأيت في «المستدرك» من حديث نافع بن جبير عن أبيه قال: (كانت قريش إنَّما تدفع من المزدلفة، ويقولون: نحن الحُمْس؛ فلا نخرج [3] من الحرم، وقد تركوا [4]
[ج 1 ص 439]
الموقفَ على عرفة، فرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في الجاهليَّة وقف مع النَّاس بعرفة على جمل له، ثمَّ يُصبح مع قومه بالمزدلفة؛ فيقف معهم يدفع إذا دفعوا)، على شرط مسلم، وقد أقرَّه الذَّهبيُّ في «تلخيصه» عليه، ثمَّ ذكره الحاكم مرَّة أخرى في أواخر الباب، ولفظه: (عن جُبير قال: «لقد [5] رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قبل أنْ ينزل عليه الوحي، وإنَّه لواقف على بعيره بعرفات مع النَّاس يدفع معهم منها، وما ذاك إلَّا بتوفيق من الله» [على شرط] مسلم) انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة الإمام، وكذا (عَمْرٌو): تقدَّم أنَّه ابن دينار.
قوله: (أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي): وكذا أضلَّ راحلته؛ أي: ذهب عنه ولم يجده، قال أبو زيد: أضللتُ الدَّابَّة والصبيَّ، وكلَّ ما ذهب عنَّا بوجه من الوجوه، وإذا [6] كان معك مقيمًا فأخطأته؛ فهو بمنزلة ما لم يَبْرَح؛ كالدَّار والطَّريق، يُقَال: ضَلَلت ضلالةً، وقال الأصمعيُّ: (ضلَلتُ الدَّار والطَّريق وكلَّ ثابت لا يبرح؛ بفتح اللَّام، وضلَّني فلان، فلم أقدر عليه، وأضللتُ الدَّراهم وكلَّ شيء ليس بثابت) انتهى كلام «المطالع».

(1/3309)


قوله: (مِنَ الْحُمْسِ): هو بضمِّ الحاء، وإسكان الميم، وبالسِّين المهملتين، هم قريش وما ولدت مِن غيرها، وسيجيء بعيد هذا، والحُمْس: قريش وما ولدت، انتهى، وقيل: قريش ومن ولدت، وأحلافها، قال الحربيُّ: (سُمُّوا بذلك؛ لأنَّ الكعبة حمساء في لونها، وهو بياض يَضرِب إلى السَّواد، وهم أهلها)، وقال غيره: سُمُّوا بذلك في الجاهليَّة؛ لتحمُّسهم في دينهم؛ أي: لتشدُّدهم، و (الحماسة): الشِّدَّة، و (التَّحمُّس): الشِّدَّة، وقيل: لشجاعتهم.

(1/3310)


[حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراةً إلا الحمس]
1665# قوله: (فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): هو بفتح الميم، وإسكان الغين المعجمة، ممدود الآخر، (فروة) هذا كنديٌّ، كوفيٌّ، روى عن شريك وأبي الأحوص، وعنه: البخاريُّ، والدَّارميُّ، وجمعٌ، تُوفِّيَ سنة (235 هـ) [1]، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، صدَّقه أبو حاتم.
قوله: (أَخَبَرَنَا [2] عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ): هو بضمِّ الميم، وإسكان السِّين المهملة، وكسر الهاء، اسم فاعل، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (مِنْ جَمْعٍ): هي [3] بإسكان الميم: هي المزدلفة؛ وهو قزح، وهو المشعر الحرام، سُمِّيت جمعًا؛ لجمع الشَّعائر فيها، أو لاجتماع آدم وحوَّاء، واعلم: أنَّ الشَّيخ في (التنبيه) قال في (قزح): (هو المشعر الحرام، وهو المعروف)، وقال الرَّافعيُّ: (جبل من المشعر الحرام، ويقال: هو المشعر الحرام، وليس هو من منًى)، وأَغرب ابنُ يونس فقال: (إنَّه جبل بمنًى، والظَّاهر أنَّه سَبْقُ قلم)، وقال أبو عمرو بن الصَّلاح: (قزح: جبل صغير في آخر المزدلفة)، قال: (وقد استبدل النَّاسُ بالوقوف عليه بناءً محدثًا في وسط مزدلفة، ولا تتأدَّى به السُّنَّة)، وقال الحافظ محبُّ الدِّين الطَّبريُّ المكِّيُّ: (والظَّاهر أنَّ البناء إنَّما هو على الجبل، والمشاهدة تشهدُ له) انتهى.
قوله: (وَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا): قائل ذلك هو هشام بن عروة، وهذا ظاهر، لكن لا يضرُّ التنبيهُ عليه.
قوله: (فَدُفِعُوا): وفي نسخة: «فرفعوا»، الأُولى بالدَّال، والثانية بالرَّاء، وهما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (ج): (225)، والمثبت موافق لما في كتب التراجم.
[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).
[3] في (ج): (هو).
[ج 1 ص 440]

(1/3311)


[باب السير إذا دفع من عرفة]

(1/3312)


[حديث: كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نصَّ]
1666# قوله: (كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ): هو بفتح العين المهملة والنُّون، وبالقاف، وهو سير سهل في سرعةٍ ليس بالشَّديد.
قوله: (فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً): الفجوة: يأتي تفسيرها في كلام البخاريِّ: أنَّه المتَّسَعُ من الأرض، وهو بفتح السِّين [1].
قوله: (نَصَّ ... وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ): (نَصَّ)؛ بفتح النُّون والصَّاد المهملة المشدَّدة، ثمَّ فسَّره: (قَالَ هِشَامٌ [2]: وَالنَّصُّ: فَوقَ العَنَقِ)؛ ومعناه: رَفَعَ في سيره وأسرع، والنَّصُّ: مُنتهَى الغاية في كلِّ شيء.
قوله: (وَالْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ): هو بفتح الفاء والجيم، جمع (فجْوة)، وقوله: (وَفِجَاءٌ): هو بكسر الفاء ممدود [3]، وقد وزنه البخاريُّ فقال: (كـ «رَكْوَةٍ [4]، ورِكَاءٍ»).
==========
[1] (وهو بفتح السِّين): ليس في (ج).
[2] (هشام): ليس في (ب).
[3] في (ج): (ممدودة).
[4] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وكذلك ركوة).
[ج 1 ص 440]

(1/3313)


[باب النزول بين عرفة وجمع]
قوله: (بَابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ): تقدَّم أنَّ (جمعًا) هي المزدلفة أعلاه.
==========
[ج 1 ص 440]

(1/3314)


[حديث: أن النبي حيث أفاض من عرفة]
1667# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، تقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (مَالَ إِلَى الشِّعْبِ): هو بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان العين المهملة، ثمَّ [1] بموحَّدة: هو ما انفرج بين الجبلين.
==========
[1] (ثم): ليس في (ب).
[ج 1 ص 440]

(1/3315)


[حديث: كان ابن عمر يجمع بين المغرب والعشاء بجمع]
1668# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ): تقدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.
قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): هذا [1] جويرية بن أسماء عن نافع والزُّهريِّ، وعنه: ابن أخيه عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وابن أخته سعيد بن عامر الضُّبعيُّ، ومُسدَّد، ثقةٌ، تقدَّم، ولكن طال [2] العهد به.
قوله: (فيَنْتَفِضُ): هو بمثنَّاة تحت مفتوحة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ بالفاء المكسورة، ثمَّ بالضَّاد المعجمة، وهو [3] كناية عن [4] الحَدَثِ والبَول وغيره.
قوله: (حَتَّى يُصَلِّيَ بِجَمْعٍ): تقدَّم أنَّ (جمعًا) هي المزدلفة.

(1/3316)


[حديث أسامة: ردفت رسول الله من عرفات]
1669# 1670# قوله: (رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هو بكسر الدَّال، وكذا: (ثمَّ [1] رَدِفَ الفَضْلُ)؛ أي: ركبت خلفه، وركب خلفه، وقد ذكرت الأرداف من الرِّجال، والنِّساء، والصبيان في أوائل هذا التَّعليق، وقد ذكر شيخنا أنَّ ابن منده جمعهم في جزء، ولم أقف أنا عليه، وقد ذكرت مَنْ تيسَّر لي منهم، فبلغت بهم نيِّفًا على ثلاثين.
قوله: (الْوَضُوءَ): هو بفتح الواو الماء، ويجوز الضًّمُّ، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.
قوله: (فَقُلْتُ: الصَّلاةُ): يجوز في (الصَّلاة) النَّصب والرّضفع، وإعرابهما ظاهر.
قوله: (ثمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللهِ): تقدَّم أعلاه ضبط (رَدِف)، و (الفضلُ): مرفوع فاعل، و (رسولَ): منصوب مفعول.
[ج 1 ص 440]
==========
[1] (ثم): ليس في (ب).

(1/3317)


[باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط]

(1/3318)


[حديث: أيها الناس عليكم بالسكينة]
1671# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم مرَّات [1] سعيد ابن أبي مريم [2] الحكم بن مُحَمَّد، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (أَخْبَرَنِي [3] سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى وَالِبَةَ الْكُوفِيُّ): هو [4] بالواو، وبعد الألف لام مكسورة، ثمَّ مُوحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التَّأنيث، و (الكوفيُّ): صفة لسعيد، وهو مرفوع، فـ (الكوفيُّ) مرفوع، وأمَّا (والبة)؛ فهو ابن الحارث بن ثعلبة بن دُودَان بن أسد بن خزيمة، فيما قاله ابن حَبيب، و (والبة) ليس بكوفيٍّ، ولا أعرف ترجمة والبة [5].
قوله: (لَيْسَ بِالإِيضَاعِ): (الإيضاع): مصدر (أوضع)؛ أي: أسرع إِيضاعًا؛ بكسر الهمزة، وهذا ظاهر، وقد فسَّره البخاريُّ.
==========
[1] زيد في (ج): (أنَّه).
[2] زيد في (ب): (ابن)، وليس بصحيح.
[3] في (ج): (أخبر)، وهو تحريف.
[4] (هو): سقط من (ب).
[5] (ولا أعرف ترجمة والبة): سقط من (ج).
[ج 1 ص 441]

(1/3319)


[باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة]
قوله: (بِالْمُزْدَلِفَةِ): المزدلفة: قيل: هي المَشعر الحرام، والمَشعر؛ بفتح الميم، وتكسر لغةً، لا رواية، والازدلاف: الاقتراب؛ لأنَّها منزلة من الله، وقال الهرويُّ: (لاجتماع النَّاس بها)، وقيل: لازدلاف آدم وحوَّاء عليهما السَّلام؛ أي: لاجتماعهما، وقيل: لنزول النَّاس بها في زلف اللَّيل، والمشعرُ الحرامُ قزحٌ، وقد تقدَّم الكلام قريبًا عليه.

(1/3320)


[حديث: دفع رسول الله من عرفة فنزل الشعب]
1672# قوله: (فَنَزَلَ الشِّعْبَ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.
==========
[ج 1 ص 441]

(1/3321)


[باب من جمع بينهما ولم يتطوع]

(1/3322)


[حديث: جمع النبي بين المغرب والعشاء بجمع]
1673# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، الإمام، أحد الأعلام.
قوله: (وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا): أي: لم يُصلِّ بينهما نافلة، وقد تقدَّم أنَّ (السُّبحة) صلاة النافلة، ولِمَ قيل لها ذلك.
قوله: (وَلاَ عَلَى إثرِ): تقدَّم أنَّ الإِثر بكسر الهمزة، وسكون الثَّاء المثلَّثة وبفتحهما، وقدَّمت أنَّ شيخنا حكى فيه تثليث الهمزة.
==========
[ج 1 ص 441]

(1/3323)


[حديث: أن رسول الله جمع في حجة الوداع المغرب والعشاء]
1674# قوله: (حَدَّثَنَا خالِدُ بنُ مُخْلَدٍ): هو بإسكان الخاء، وهذا ظاهر.
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ): هذا هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، المشهور.
قوله: (عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ [1]): هذا صحابيٌّ، وقد تقدَّم الكلام عليه، و (الخطميُّ): منسوب إلى خَطْمة _بفتح الخاء المعجمة، وإسكان الطَّاء المهملة_ من الأنصار.
قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو أيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ): تقدَّمت ترجمته مختصرة، وهو خالد بن زيد، وقد قدَّمتُ [2] ما أكرمه به ابن عبَّاس لمَّا قَدِم عليه.

(1/3324)


[باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما]

(1/3325)


[حديث: إن النبي كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة]
1675# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ [1]): هذا هو زهير بن معاوية بن حُدَيج، الحافظ، أبو خيثمة، تقدَّم ببعض ترجمة [2].
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ): هذا هو [3] السَّبيعيُّ، عمرو بن عبد الله الهمْدانيُّ السَّبيعيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (حَجَّ عَبْدُ اللهِ [4]): هذا هو ابن مسعود بن غافل الهُذليُّ، من المهاجرين الأَوَّلِي، وممَّن هاجر إلى الحبشة رضي الله عنه.
قوله: (فَأَمَرَ رَجُلًا، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.
قوله: (أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.
قوله: (هُمَا صَلاَتَانِ تُحَوَّلاَنِ عَنْ وَقْتِهِمَا): أي: عن الوقت المستحبِّ المُعتَاد إلى ما قبل ذلك الوقت، لا أنَّ تحويلهما قبل دخول وقتهما المحدود.
قوله: (صَلاَةُ الْمَغْرِبِ): وكذا قوله: (وَالْفَجْرُ) هما بالرَّفع، بدل من (صلاتان) المرفوع.
قوله: (حِينَ يَبْزُغُ [5] الْفَجْرُ): (يَبْزُغ): بفتح أوَّله، ثمَّ مُوحَّدة ساكنة، ثمَّ زاي مضمومة، ثمَّ غين معجمة؛ أي: يطلُع.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: ابن معاوية).
[2] في (ب): (تقدَّم مرارًا ومرة مُتَرجَمًا)، وفي (ج): (ترجمته).
[3] (هو): ليس في (ج).
[4] في هامش (ق): (ابن مسعود).
[5] في (ب): (حتى نزع)، وهو تحريف، وكذا (نزع) في الموضع اللَّاحق.
[ج 1 ص 441]

(1/3326)


[باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون]

(1/3327)


[حديث: أرخص في أولئك رسول الله]
1676# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، الإمام أحد الأعلام، وكذا تقدَّم (يُونُس) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ [1] مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.
قوله: (مَا بَدَا لَهُمْ): (بدا): معتلٌّ: ظهر، وليس بمهموز؛ فاعلمه.
==========
[1] (الزهري): سقط من (ب).
[ج 1 ص 441]

(1/3328)


[حديث: بعثني رسول الله من جمع بليل]
1677# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (مِنْ جَمْعٍ): تقدَّم أنَّها بإسكان الميم، وأنَّها المزدلفة.
==========
[ج 1 ص 441]

(1/3329)


[حديث: أنا ممن قدم النبي ليلة المزدلفة في ضعفة أهله]
1678# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن عبد الله بن المدينيِّ الجِهبذُ، أوحد الحُفَّاظ.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام أحد الأعلام.
قوله: (أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: سَمِعَ ابْنَ عبَّاس): عُبيد الله هذا مَكِّيٌّ، من الموالي، عن ابن عبَّاس وجمع، وعنه: شعبة، وابن عيينة، وعدَّة، صدوقٌ، تُوفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.
تنبيه: روى جماعة كلٌّ منهم اسمه عُبيد الله عن ابن عبَّاس في الكتب السِّتَّة أو في بعضها؛ أوَّلهم: عبيد بن أبي بردة، ويُقَال: ابن المغيرة بن أبي بردة، والثَّاني: عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذليُّ، وهذا مُكْثِرٌ عنه في الكتب السِّتَّة، والثَّالث: عُبيد الله بن يزيد الطَّائفيُّ، والرَّابع: عُبيد الله بن أبي يزيد المكِّيُّ، صاحب التَّرجمة؛ فاعلمه.
==========
[ج 1 ص 441]

(1/3330)


[حديث أسماء: أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي]
1679# قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام المكِّيُّ.
قوله: (عَنْ أَسْمَاءَ): هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وقد قدَّمت بعض ترجمتها، رضي الله عنها.
قوله: (يَا هَنْتَاهْ): أي: يا هذه، وقيل غير ذلك، وقد تقدَّم ضبطُها، والكلام عليها [1] مُطَوَّلًا في (باب قول الله: {الحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197])
قوله: (مَا أُرَانَا): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّنا.
قوله: (لِلظُّعنِ): هو بضمِّ الظَّاء المعجمة والعين المهملة، وسكونها أيضًا، وهنَّ النساء، وأصله: الهوادج التي تكون فيها النساء، ثمَّ سُمِّي النِّساء ظُعُنًا بها، وقيل: لا يقال: (ظعينة) إلَّا للمرأة إذا كانت راكبة، وكَثُر حتَّى استُعمِل في كلِّ امرأة، وحتَّى سُمِّي الجمل الذي تركب
[ج 1 ص 441]
عليه المرأة ظَعينةً، ولا يُقَال ذلك إلَّا للجمل الذي عليه هودج، قيل: سُمِّيت المرأة ظعينة؛ لأنَّها يُظعَن بها ويُرحَل.

(1/3331)


[حديث: استأذنت سودة النبي ليلة جمع وكانت ثقيلةً ثبطةً فأذن لها]
1680# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العالم المشهور.
قوله: (اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ): هذه هي سودة بنت زمعة، أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، ووالد زمعة اسمه قيس بن عبد شمس، العامريَّة، تزوَّجها عليه الصَّلاة والسَّلام بعد خديجة، ولمَّا أسنَّت؛ وهبت يومها لعائشة، وفيها نزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]؛ الآيتان، ولها حديث في «مسند أحمد»، تُوفِّيَت في آخر خلافة عمر بن الخطَّاب، انفردت به صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعد خديجة إلى أن دخل بعائشة، روى عنها ابن عبَّاس ويحيى بن عبد الله الأنصاريُّ، أخرج لها البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، رَحمة الله عليها.
==========
[ج 1 ص 442]

(1/3332)


[حديث: نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي سودة]
1681# قوله: (قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ): الحَطْمة: الزَّحمة؛ بفتح الحاء وإسكان الطَّاء المهملتين.
قوله: (وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِئَة [1]): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: «ثَبِطة»، أمَّا «ثَبطَة» [2]؛ فبثاء [3] مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ موحَّدة مكسورة وساكنة، ثمَّ طاء مهملة مفتوحة، ثمَّ تاء التَّأنيث؛ ومعناه: ثقيلة بطيئة من (التثبُّط)؛ وهو التَّعويق والشُّغل.
قوله: (أَحَبُّ إِلَيَّ): هو بالرَّفع، هو اسم (كان)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي (ق) و «اليونينيَّة»: (بَطِيئَةً)، والنُّسخة التي أشار إليها الشَّارح: (ثَبِطَة) هي في «اليونينيَّة» و (ق) رواية في قوله: (ثقيلة ثَبْطَة)، وهي في (ق) مُوهِمة.
[2] (أما ثبطة): ليس في (ج).
[3] في (ج): (بثاء).
[ج 1 ص 442]

(1/3333)


[باب من يصلي الفجر بجمع]

(1/3334)


[حديث: ما رأيت النبي صلى صلاة بغير ميقاتها إلا صلاتين]
1682# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ غِياثًا بالغين المعجمة المكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت [1] مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا ظاهر عند أهل الفنِّ.
قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ.
قوله: (حَدَّثَنِي عُمَارَةُ): هو بضمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن عمير الكوفيُّ، عن علقمة والأسود، وعنه: الحكم، والأعمش، وعدَّة، وثَّقوه، سُئل عنه أحمد فقال: (ثقة وزيادة، يُسأَل عن مثل هذا؟!)، وقال النَّسائيُّ وغيره: (ثقة)، قال ابن سعد: تُوفِّيَ في خلافة سليمان بن عبد الملك، وقد ولي سليمان في جمادى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين، فمكث سنتين وستَّة أشهر، وتُوفِّيَ بدابق، في صفر سنة تسع وتسعين، والله أعلم.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن، عَنْ عَبْدِ اللهِ): أمَّا عبد الله؛ فهو ابن مسعود رضي الله عنه، تقدَّم، وأمَّا عبد الرَّحمن؛ فهو عبد الرَّحمن بن يزيد النَّخعيُّ أبو بكر الكوفيُّ، عن عمِّه علقمة، وعن عثمان وابن مسعود، وعنه: منصور، والأعمش، وأبو إسحاق، وعدَّة، مات قبل الجماجم، في ولاية الحجَّاج، وقال يحيى ابن بكير: (مات سنة 73 هـ)، وقال الفلَّاس: (مات في الجماجم سنة 83 [2] هـ)، أخرج له الجماعة، تقدَّم قريبًا.
تنبيه: روى جماعة عن ابن مسعود كلٌّ منهم يُقَال له: عبد الرَّحمن؛ صاحب التَّرجمة، هذا في الكتب السِّتَّة أو بعضها؛ أوَّلهم: عبد الرَّحمن بن حرملة، الكوفيُّ، والثَّاني: عبد الرَّحمن بن عبد الله بن مسعود، والثَّالث: عبد الرَّحمن بن أبي علقمة الثَّقفيُّ، والرَّابع: عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، الأنصاريُّ، والخامس: عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، أبو عثمان النَّهديُّ، وأكثرهم روايةً عنه في الكتب أو بعضها صاحبُ التَّرجمة عبد الرَّحمن بن يزيد النَّخعيُّ، والله أعلم، رحم الله الأئمَّة الحُفَّاظ الذين ميَّزوا كلَّ واحد بما يرويه عنه.
قوله: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ صَلَّى صَلاَةً لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إلَّا صَلاَتَيْنِ): تقدَّم الكلام على ذلك قريبًا.

(1/3335)


[حديث: إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب]
1683# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هذا هو ابن يونس بن أبي إسحاق، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا جدُّه (أَبُو إِسْحَاقَ) هو السَّبيعيُّ، تقدَّم قريبًا وبعيدًا، واسمه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ الهمْدانيُّ، وتقدَّم (عَبْدِ الرَّحمن بْنِ [1] يَزِيدَ) أعلاه [2]، وهو النَّخعيُّ، و (عَبْد اللهِ) هو ابن مسعود.
قوله: (ثمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا): تقدَّم أنَّها ساكنة الميم، وهي المزدلفة.
قوله: (كُلّ صَلاَةٍ): يجوز في (كل) النَّصب والرَّفع، وإعرابهما ظاهر.
قوله: (وَالْعِشَاءُ بَيْنَهُمَا): كذا في أصلنا؛ بكسر العين، وقد كانت قبل ذلك بفتح العين، فأُصلِحت على الكسر، وفيه نظر، كما قاله ابن قرقول، ولفظه: (وفي حديث ابن مسعود في الجمع بعرفة: «صلَّى [3] الصَّلاتين كلَّ [4] صلاة وَحْدها بأذان وإقامة، والعَشاء بينهما»؛ بفتح العين؛ معناه: أنَّه تَعشَّى بين الصَّلاتين، كما جاء في الحديث الآخر: «لمَّا صلَّى المغرب؛ دعا بعشائه فتعشَّى، ثمَّ ذكر صلاة العتمة بعد ذلك) انتهى، وكذا رأيتُه عن القاضي، فإذَن الصَّواب: فتح العين، ولا شكَّ أنَّ فتح العين كلام معقول، وأمَّا الكسر؛ فلا يصحُّ الكلام به، ويَتبَاين الكلام به [5].
قوله: (قَائِلٌ يَقُولُ: طَلَعَ الْفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلُع): هذان القائلان لا أعرفهما.
قوله: (إِنَّ هَاتَيْنِ [6] الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا): تقدَّم الكلام على ذلك آنفًا.
قوله: (الْمَغْرِب): يجوز فيها النَّصب والرَّفع، وكذا (وَصَلاَة الْفَجْرِ)، وإعرابهما ظاهر جدًّا.
قوله: (حَتَّى يُعْتِمُوا [7]): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ، وهذا ظاهر أيضًا.
==========
[1] (بن): سقط من (ب).
[2] (أعلاه): سقط من (ب).
[3] في (ج): (صلاة)، وهو تحريف.
[4] في (ج): (قبل)، وهو تحريف.
[5] (به): سقط من (ب).
[6] في (ج): (هذين).
[7] في (ج): (يعموا)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 442]

(1/3336)


[باب: متى يدفع من جمع؟]
قوله: (مَتَى يدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ): (يدْفَع): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول.
قوله: (مِنْ جَمْعٍ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّها المزدلفة.
==========
[ج 1 ص 442]

(1/3337)


[حديث: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس]
1684# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تقدَّم أنَّ هذا هو السَّبيعيُّ، عَمرو بن عبد الله، مشهور التَّرجمة، وقد قدَّمتها.
قوله: (أَشْرِقْ ثَبِيرُ): هو فعل أمرٍ؛ بقطع الهمزة وكسر الرَّاء؛ ومعناه: ادخل ياجبلُ في شرق؛ أي: في ضَوءِ الشمس، يُقال: شرَقتِ الشَّمسُ:
[ج 1 ص 442]
طَلَعَتْ، وأشرقت: أضاءت، وهو امتداد ضوئها، انتهى كلام ابن قرقول، ونحوه لابن الأثير، وبخطِّ شيخنا [1] الأستاذ أبي جعفر الغَرْناطيِّ: (أشرقَ: فعل ماضٍ وأمرٍ أيضًا) انتهى.
و (ثَبِير) تقدَّم ضبطه، وهو جبل المزدلفة، وعلى الأمر؛ يكون مرفوعًا غير منوَّن؛ أعني: ثبيرًا؛ لأنَّه منادى، وعلى ضبط أنَّه فعل ماض؛ يكون مرفوعًا منوَّنًا، والله أعلم.
تنبيه: القائل: (أشرق ثبير)؛ ذكر الإمام السُّهيليُّ في «روضه» أنَّه أبو سيَّارة، واسمه عُميلة [2] بن الأعزل في قول ابن إسحاق، وقال غيره: اسمه العاصي، قاله الخطَّابيُّ، واسم الأعزل خالدٌ، ذكره الأصبهانيُّ، انتهى.

(1/3338)


[باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة]

(1/3339)


[حديث: أن النبي أردف الفضل فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي]
1685# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، وكذا تقدَّم (ابْنُ جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز، وكذا تقدَّم (عَطَاء) أنَّه ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، والله أعلم.
تنبيه تقدَّم ولكن طال العهد به: اعلم أنَّ جماعة يروُون عن ابن عبَّاس في الكتب السِّتَّة أو بعضها، كلٌّ منهم اسمه عطاء في الكتب السِّتَّة أو بعضها [1]؛ منهم صاحب التَّرجمة، مفتي أهل مكَّة، عطاء بن أبي رباح، وهو مُكثِرٌ عنه، وعطاء بن أبي مسلم الخراسانيُّ، وعطاء بن يسار مولى ميمونة، وعطاء أبو الحسن السُّوائيُّ، والله أعلم.

(1/3340)


[حديث: أن أسامة بن زيد كان ردف النبي]
1686# 1687# قوله: (عَنْ يُونُسَ الأَيْلِيِّ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد، وأنَّ الأَيْليَّ بفتح الهمزة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، إلى أيلة البلدة المعروفة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، عالم الحجاز، رحمة الله عليه [1]، وشيخ الإسلام.

(1/3341)


[باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}]

(1/3342)


[حديث: الله أكبر سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم]
1688# قوله: (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ لأنَّ الذي بالمهملة لا يُكتَب بالألف واللَّام؛ بخلاف هذا، وهذا هو النَّضر بن شُمَيل، أبو الحسن المازنيُّ، البصريُّ، النَّحويُّ، شيخ مرو ومُحدِّثها، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ [1]، وأنَّه بالجيم والرَّاء، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ): هي كلمة تُقَال حين يسمع المرءُ ما يُسَرُّ فيه.
قوله: (وَقَالَ آدَمُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغُنْدرٌ، عَنْ شُعْبَةَ): أما (آدم)؛ فهو شيخ البخاريِّ، وهو آدم بن أبي إياس العسقلانيُّ، يروي عن ابن أبي ذئب، وشعبة، وأمم، وعنه: البخاريُّ، وأبو حاتم، وخلقٌ، قال أبو حاتم: (ثقةٌ، مأمونٌ، مُتعبِّد، من خيار عباد الله)، تُوفِّيَ سنة (221 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وإذا كان شيخَه؛ فيكون أخذه عنه [2] في حال المذاكرة غالبًا، كما تقدَّم في نظرائه، ولكن مُقتضَى كلام المِزِّيِّ في «أطرافه» أنَّه أخذه عنه لا في المذاكرة؛ لأنَّه قال: (البخاريُّ [3] في «الحجِّ»: عن آدم، وعن إسحاق بن منصور عن النَّضر، وقال وهب وغندر؛ أربعتهم عن شعبة، عنه _يعني: عن أبي جمرة_ به) [4]؛ أي: بالسَّند.
وأمَّا (وهب بن جرير)؛ فهو وهب بن جرير [5] بن حازم الأزديُّ الحافظ، ثقةٌ، مات سنة (206 هـ)، لم يأخذ عنه البخاريُّ، إنَّما أخذ عنه مشايخُ البخاريِّ، فيكون الحديث من جهته تعليقًا مجزومًا به، وتعليقه لم أره في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يُخرِّجْه شيخنا أيضًا.
وأمَّا (غندر)؛ فقد تقدَّم مرارًا ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وهو من شيوخ شيوخ البخاريِّ، فكذلك يكون تعليقًا من جهته مجزومًا به، وغندر ابن امرأة شعبة، وتُوفِّيَ سنة (193 هـ)؛ فاعلم ذلك، والله أعلم، وتعليق غندر خرَّجه مسلم عن ابن المثنَّى وابن بشَّار؛ كلاهما عن غندر عن شعبة، والباقي ليس في شيء من الكتب السِّتَّة.

(1/3343)


[باب ركوب البدن]
قوله: (عِتْقُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ [1]): (عِتقه): بكسر العين، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (ب): (المنابرة)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 443]

(1/3344)


[حديث: أن رسول الله رأى رجلًا يسوق بدنةً فقال: اركبها]
1689# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بكسر الزَّاي، وبالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وكذا تقدَّم أنَّ (الأَعْرَج) عبد الرَّحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ) عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.
قوله: (وَيْلَكَ): هي كلمة تقال لمن [1] وقع في مَهلكة يستحقُّها ولا يُترحَّم عليه، وقال ابن كيسان عن المازنيِّ: (الويلُ قبوحٌ، والويحُ التَّرحُّمُ [2]، و «ويس» تصغيرها؛ أي: هي دونها)، وقال سيبويه: («ويل» لمن وقع في هلكة)، وعن عليٍّ: («الويل» كلمة عذاب)، وقيل: الويل: كلمة ردع [3]، ويكون بمعنى: الإغراء بما امتنع من فعله، وقيل: الويل: الحُزن، وقيل: المشقَّة من العذاب والويلة مثله؛ ومنه: {يَا وَيْلَتَنَا} [الكهف: 49]، و {يَا وَيْلَتَى} [المائدة: 31]، لغتان، وقال الفرَّاء: (الأصل «وي»: حزنٌ، ووي لفلان؛ أي: حزنٌ له، فوصلته العرب باللَّام، وقدَّروها منه فأعربوها)، وقال الخليل: («وي» كلمة تعجُّب)، وقال الخُشَنيُّ: (ويل أمِّه: كلمة تعجُّب، ولا يريدون بها الذَّمَّ).

(1/3345)


[حديث: أن النبي رأى رجلًا يسوق بدنةً فقال: اركبها]
1690# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو الأزديُّ الفراهيديُّ الحافظ، تقدَّم بعض ترجمته والكلام على نسبته، وأنَّه إلى جدِّه فُرْهُود، والنِّسبة إليه: الفُرْهوديُّ والفَرَاهيديُّ.
قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، أبو بكر البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً [1]): تقدَّم أعلاه [2] أنَّ هذا الرَّجل لا أعرفه.
==========
[1] في (ب): (بقرة).
[2] (تقدَّم أعلاه): سقط من (ب).
[ج 1 ص 443]

(1/3346)


[باب من ساق البدن معه]

(1/3347)


[حديث: من كان منكم أهدى فإنه لا يحل لشيء حرم منه .. ]
1691# 1692# قوله: (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّمت، وهي الميقات، وكم بينها وبين المدينة.
قوله: (وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ [1]): (بدأ): بهمزة في آخره، وهذا ظاهر.
قوله: (ثمَّ خَبَّ): تقدَّم الكلام على الخبب، وهو الرَّمل: سرعة المشي مع تقارُب الخُطا.
قوله: (وَعَنْ عُرْوَةَ عن [2] عَائِشَةَ): قائل ذلك هو الزُّهريُّ، وهو معطوف على السَّند الذي قبله، وقد روى هذا الحديث الذي لعائشة البخاريُّ عن يحيى ابن بُكَير، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وهذا ظاهر، ويُعرَف ذلك من قوله: (بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر)، والله أعلم.

(1/3348)


[باب من اشترى الهدي من الطريق]
[ج 1 ص 443]
قوله: (بَابُ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ): أراد بهذا التبويب: بيان مذهب ابن عُمر: أنَّ الهدي ما أُدخِل من الحلِّ إلى الحرم؛ لأنَّ قُديدًا من الحِلِّ، وقد روى مالك عن نافع عنه أنَّه كان يقول: (الهدي ما قُلِّد، وأُشعِر، ووُقِف به بعرفة)، وكذا فعل الشَّارع، فمَنْ خالفه؛ يحتاج إلى دليل.

(1/3349)


[حديث: أقم فإني لا آمنها أن ستصد عن البيت]
1693# [قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم ما معنى العارم، والعرامة بعيدة من هذا الرَّجل] [1].
قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): هذا حمَّاد بن زيد بن درهم، الإمام، أبو إسماعيل، أحد الأعلام، وقد قدَّمت ترجمته، وليس بابن سلمة وإنْ كان عارم روى عنهما، وهما رويا عن أيُّوب بن أبي تميمة [2] إلَّا أنَّ حمَّاد بن سلمة لم يروِ له البخاريُّ شيئًا في الأصول، إنَّما علَّق له، فتعيَّن أنْ يكون هذا حمَّاد بن زيد، والله أعلم، وقد قدَّمت مرَّات أنَّ حمَّادًا إذا أُطلِق؛ فإنْ أطلقه أبو النُّعمان عارم أو سليمان بن حرب؛ فإنَّه [3] يكون ابنَ زيد، وإنْ أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكِيُّ، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال، أو هدبة بن خالد؛ فإنَّه يكون ابنَ سلمة، والله أعلم، [وتقدَّم أنَّ حمَّاد بن زيد روى له الجماعة، وأنَّ ابنَ سَلَمَة علَّق له البخاريُّ، وأخرج له مسلم والأربعة] [4].
قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي تميمة، وهو السَّختيانيُّ الإمام المشهور.
قوله: (لاَ آمَنُهَا): كذا في أصلنا، وفي [5] نسخة هي في هامش أصلنا: إِيْمَنها، الأولى بمدِّ الهمزة، والثانية بهمزة مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ميم مفتوحة، كذا في نسخة الدِّمياطيِّ وكُتِب تحتها: لغة من يقول: إِعْلَمُ ونِعْلَمُ وتِعْلَمُ؛ بكسر أوائلها، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (قال سيبويه: من العرب مَنْ يكسر زوائد كلِّ فعل مضارع ماضيه (فَعَلَ)، ومستقبله (يَفْعَلُ) إلَّا الياء، فيقولون: أنا إِعْلَمُ، وأنت تِعْلَمُ، ونحن نِعْلَمُ، وهو يَعْلَمُ؛ فتُفتَح الياء؛ كراهية الكسرة فيها لِثقلها، وعلى هذا؛ جاز «لا إِيمنها» لأنَّهم يقولون: «إِيمن») انتهى، وفي نسخة [6] في هامش أصلنا: (أَيْمنها)؛ كالتي قبلها غير أنَّها بفتح الهمزة، والله أعلم.
قوله: (أَنْ سَتُصَدُّ): هو مرفوع؛ لأنَّها مخفَّفة من الثَّقيلة.
قوله: (أُسْوَةٌ): تقدَّم أنَّ فيها لغتَين، وكذا تقدَّم الكلام على (البَيْدَاءِ)، وأنَّها أمام ذي الحليفة؛ الميقاتِ، وكذا تقدَّم (قُدَيْد) وضبطه.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[2] زيد في (ب): (السَّختياني).
[3] في (أ): (فإن)، وهو تحريف.
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[5] في (ج): (وهي في).
[6] زيد في (ب): (هي).

(1/3350)


[ج 1 ص 444]

(1/3351)


[باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم]
قوله: (باب مَنْ أَشْعَرَ): الإشعار للبدن مُستحبٌّ: هو أن يجرحَهَا في صفحة سنامها الأيمن بحربة، أو مدية، أو حديدة، ثمَّ يُسلِت الدَّم عنها؛ فيُعلَم أنَّها هدي، هذا عند الحجازيِّين، وأمَّا العراقيُّون؛ فالإشعار عندهم: هو تقليدها بقلادة، وقال السُّهيليُّ: (الإشعار: هو خلاف قول النخعيِّ وأهل الكوفة في قولهم: إنَّ الإشعار منسوخ بنهيه عليه الصَّلاة والسَّلام عن المُثْلة)، قال السُّهيليُّ: (فيُقَال لهم: إنَّ النَّهي عن المُثلة كان بإثر غزوة أحد؛ فلا يكون النَّاسخ متقدَّمًا على المنسوخ) انتهى، ونقل [1] شيخنا عن الطَّحاويِّ ما لفظه: (أبو حنيفة لم يكره أصل الإشعار، وإنَّما كره ما يُفعَل على وجه يَخَاف منه هلاكًا؛ لسراية الجرح، لا سيَّما في حرِّ الحجاز مع الطَّعن بالسِّنان، أو الشَّفرة؛ فأراد: سدَّ الباب على العامَّة؛ لأنَّهم لا يراعون الحدَّ في ذلك، وأمَّا من وقف على الحدِّ، فقطع الجلد دون اللَّحم؛ فلا يُكرَه)، وذكر الكرمانيُّ عنه استحسانَه [2] قال: (وهو الأصحُّ لا سيَّما إنْ كان بمِبْضَع ونحوه، فيصير كالفصد والحجامة).
[تنبيه: الإشعار سُنَّة؛ للأحاديث الصَّحيحة، ولا نظر إلى ما فيه من الإيلام؛ لأنَّه لا منع إلَّا ما منعه الشَّرع، وهذا الإيلام شبيه بالوسم، وقد ذكر أصحاب الشَّافعيِّ للإشعار فوائدَ؛ منها: تمييزها إذا اختلطت بغيرها، ومنها: إذا ضلَّت؛ عُرِفت، ومنها: أنَّ السَّارق ربَّما ارتدع فتركها، ومنها: أنَّها قد تُعطَب فتُنحَر، وإذا رأى المساكين عليها العلامة؛ أكلوها، ومنها: أنَّ المساكين يتبعونها إلى المَنْحَر؛ لينالوا منها، ومنها: إظهار هذا الشِّعار العظيم، ومنها: حثٌّ لغيره على التَّشبيه به.
تنبيه: هل يقدِّم التَّقليد على الإشعار أم يؤخِّرُه؟ وتقدُّمه هو المنصوص، وصحَّ ذلك من فعل ابن عمر، والوجه الآخر فيه حديث في «البخاريِّ» و «مسلم»: «ثمَّ أشعرها وقلَّدها [3]»؛ يعني النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وقال صاحب «البحر»: (إنَّه إن قرن هَدْيَين في حبل؛ أشعر أحدهما في الصَّفحة اليُمنى، والآخر في اليُسرى؛ ليُشاهدا)، والله أعلم] [4].
قوله: (يَطْعنُ): بضمِّ العين وفتحها؛ لغتان، تقدَّم، وكذا تقدَّم (قِبَل)؛ أنَّه بكسر القاف وفتح الموحَّدة.

(1/3352)


[حديث: خرج النبي من المدينة في بضع عشرة مئة]
1694# 1695# قوله: (حَدَّثَنَا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم الكلام على هذا قريبًا في (الحجِّ)، ولم يُعيِّن الجيَّانيُّ مكانًا، بل قال: (وقال في مواضع من الكتاب: «حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك»، قال أبو عبد الله النَّيسابوريُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى مردويه)، وقال الدَّارقطنيُّ: (أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت يعرف بابن شبُّويه) انتهى ملخَّصًا، وقد قدَّمته قريبًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة [1]، وأنَّه ابن راشد، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (المِسْوَر) أنَّه بكسر الميم وإسكان السِّين، وأنَّه صحابيٌّ صغير، وكذا تقدَّم (مَرْوَان) أنَّه ليس بصحابيٍّ، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ): اعلم أنَّ هذه الخَرجة هي عمرة الحديبية، وقد اختُلِف في عددهم على أقوال سبعة تأتي في (عمرة الحديبية)، والأكثر أنَّهم كانوا ألفًا وأربع مئة.
قوله: (قَلَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ): (والتَّقليد: أن يقلِّدها نعلين لهما قيمة يتصدَّق بهما انتهى، وقد قدَّمت [2] أنَّ التَّقليد سُنَّة؛ لتُعرف) [3]، قال شيخنا الشَّارح عن الدَّارقطنيِّ: (إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام ساق يوم [4] الحديبية سبعين بدنة عن سبع مئة رجل، وفي رواية: كانوا في الحديبية خمسَ عشرةَ مئةً) انتهى، ولا حاجة إلى الدَّارقطنيِّ، ففي «مسلم» من حديث جابر: (أنَّهم نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة، كلُّ سبعة في بدنة) انتهى، واعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أقام في سفرته شهرًا ونصفًا، وقيل: خمسين ليلة، وكانت الحديبية سنة ستٍّ في ذي القعدة.
==========
[1] زيد في (ب): (مهملة).
[2] في (ب): (تقدَّم).
[3] ما بين قوسين سقط من (ج).
[4] في (ب): (ساق في).
[ج 1 ص 444]

(1/3353)


[حديث عائشة: فتلت قلائد بدن النبي بيدي ثم قلدها وأشعرها]
1696# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (أَفْلَحُ) أنَّه ابن حُمَيد مولى الأنصار، مشهور.
قوله: (عَنِ الْقَاسِمِ): هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، أحد الفقهاء السَّبعة؛ فقهاء المدينة رحمة الله عليهم، مشهور التَّرجمة.
==========
[ج 1 ص 444]

(1/3354)


[باب فتل القلائد للبدن والبقر]
قوله: (فَتْلِ الْقَلاَئِدِ لِلْبُدْنِ وَالْبَقَرِ): ذكر في هذه التَّرجمة البدن والبقر، والحديث مُطلَق في الحجِّ، ولكن قد صحَّ أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أهداهما جميعًا، وورد أنَّه ذبح البقر عن نسائه في حجَّة الوداع، وكلُّ ما يذبح في الحجِّ هَدْيٌ، وقد قيل: إنَّه ذبح عنهنَّ البقر هديًا؛ لتمتُّع مَن تمتَّع منهنَّ، قاله ابن المُنَيِّر.
==========
[ج 1 ص 444]

(1/3355)


[حديث: إني لبدت رأسي وقلدت هديي]
1697# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمريُّ الفقيه.
==========
[ج 1 ص 444]

(1/3356)


[باب من قلد القلائد بيده]

(1/3357)


[حديث: ليس كما قال ابن عباس أنا فتلت]
1700# قوله: (أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ): زياد هذا هو ابن سُميَّة مولاة الحارث بن كَلَدة _بفتح الكاف واللَّام_ وهي أمُّ أبي بكرة نُفَيع بن الحارث، وأمُّ زياد هذا، ويُقَال لزياد هذا: زياد ابن أبيه، وزياد ابن أمِّه، وزياد بن عُبَيد، وزياد بن أبي سفيان _كما هنا_ وهو صخر بن حرب استلحقه [1] معاويةُ، وقال: أنت أخي وابن أبي،
[ج 1 ص 444]
كنية زياد هذا أبو المغيرة، قيل: ولد عام هجرة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى المدينة، وقيل: يوم بدر، وليست له صحبة ولا رواية، وكان من دهاة العرب والخطباء الفصحاء، استعمله عمر [2] على بعض أعمال البصرة، وقيل: استعمله أبو موسى الأشعريُّ وكان كاتبه، ثمَّ استعمله (عليٌّ على بلاد فارس، فلم يزلْ معه حتَّى قُتِل، وسلَّم الحسنُ الأمر إلى معاوية، فاستلحقه معاوية سنة أربع وأربعين، ثمَّ استعمله) [3] على البصرة والكوفة، وبقي عليها إلى أن مات سنة (53 هـ)، وقد ذكره الذَّهبيُّ في «تجريده» ولم يحمِّر عليه، ومن حقِّه أن يُحمِّر عليه، وقال: (إنَّه ولد عام الهجرة)، وذكره أبو عمر في «استيعابه»؛ لشرطه، وذكر في ترجمته أشعارًا ولطائف؛ فانظرها، فإنَّها مليحة حسنة.
تنبيه: الذي وقع في «البخاريِّ» هو الصَّواب: أنَّ زيادًا كتب إلى عائشة، ووقع في «مسلم»: أنَّ ابن زياد كتب إلى عائشة ... ؛ فذكره، قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، والقاضي، وجميع المتكلِّمين على «مسلم»: (هذا غلط)؛ يعني: قوله: (إنَّ ابن زياد)، وصوابه: أنَّ زياد بن أبي سفيان، وهو المعروف بزياد ابن أبيه كما وقع في «البخاريِّ»، و «الموطَّأ»، و «أبي داود»، وغيرها من الكتب المُعتمَدة، ولأنَّ ابن زياد لم يدرك عائشة رضي الله عنها، والله أعلم.
قوله: (أَنَا فَتَلْتُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ [4]) ... إلى أن قال: (ثمَّ بَعَثَ بِها مَعَ أبِي): اعلم أنَّ هذا كان في السَّنة التَّاسعة من الهجرة لمَّا حجَّ أبو بكر بالنَّاس، قال ابن سعد: (فخرج أبو بكر رضي الله عنه في ثلاث مئة رجل من المدينة، وبعث معه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعشرين بدنة، قلَّدها وأشعرها بيده وعليها ناجية بن جندب الأسلميُّ، وساق أبو بكر خمس بدنات).

(1/3358)


قوله: (حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ): (نُحِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (الهديُ): مرفوع، قائم مقام الفاعل.
==========
[1] في (ج): (استخلفه).
[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).
[3] ما بين قوسين ليس في (ج).
[4] الصَّلاة: ليس في (أ) و (ج).

(1/3359)


[باب تقليد الغنم]
قوله: (باب تقليد الغنم)

(1/3360)


[حديث: أهدى النبي مرةً غنمًا]
1701# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وقد قدَّمت [1] بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (الأَعْمَشُ) أنَّه سليمان بن مهران الكاهليُّ القارئ، وتقدَّم (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
==========
[1] في (ب): (تقدَّم).
[ج 1 ص 445]

(1/3361)


[حديث: كنت أفتل قلائد الغنم للنبي فيبعث بها]
1703# قوله: (حَدَّثَنَا أبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وهو بعيد من العرامة.
قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): هو ابن زيد، الإمام المشهور، وقد ذكرت فيما مضى مرَّات أنَّه إنْ كان الذي أطلق حمَّادًا سليمانُ بن حرب أو عارم؛ وهو أبو النُّعمان المذكور هنا؛ فهو ابن زيد، وإنْ كان الذي أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكِيُّ أو عفَّان أو الحجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سَلَمَة، وأنَّه كذلك إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، وإنَّما ذكرته لأنَّه طال العهد به.
قوله: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ فيما يظهر، وسببه أنَّ عبد الغنيِّ المقدسيَّ ذكر في «الكمال»: (أنَّ [1] مُحَمَّد بن كثير روى عن الثَّوريِّ)، ولم يذكر أنَّه روى عن ابن عيينة، وأمَّا الذَّهبيُّ؛ فإنَّه ذكر في مشايخه سفيان وأَطلَق، فحملت المُطلَق على الُمقيَّد، وأمَّا منصور بن المعتمر؛ فروى عنه: السُّفيانان، والله أعلم.
قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): تقدَّم أنَّه ابن المُعتمِر أعلاه، وتقدَّم (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ أعلاه، وقبل ذلك مرارًا، والله أعلم.
==========
[1] (أن): ليس في (ج).
[ج 1 ص 445]

(1/3362)


[حديث: فتلت لهدي النبي _تعني القلائد_ قبل أن يحرم]
1704# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم أعلاه، وقبله مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ.
قوله: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ): هذا هو زكريَّاء بن أبي زائدة الهمْدانيُّ، الوادعيُّ، الحافظ، عن الشَّعبيِّ وسماك، وعنه: القطَّان وأبو نعيم، ثقةٌ، يُدلِّس عن الشَّعبيِّ، تُوفِّيَ سنة (149 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.
قوله: (عَنْ عَامِرٍ): هو ابن شراحيل الشَّعبيُّ المشهور.
قوله: (مِنَ الْعِهْنِ): هو الصُّوف مطلقًا، وقيل: المُلوَّن منه خاصَّة، وقيل: الأحمر خاصَّة.

(1/3363)


[باب تقليد النعل]

(1/3364)


[حديث: أن نبي الله رأى رجلًا يسوق بدنةً قال: اركبها]
1706# قوله: (مُحَمَّد أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): مُحَمَّد هذا ذكر أبو عليٍّ الغسَّانيُّ هذا المكان فقط، وساق حديثه، ثمَّ قال: (هكذا أتى مُحَمَّد في هذا الإسناد غير منسوب عن أبي مُحَمَّد الأصيليِّ وأبي ذرٍّ، ولم ينسبْه أبو مسعود أيضًا، ونسبه ابن السَّكن: «مُحَمَّد بن سَلام»، ولعلَّه مُحَمَّد بن المثنَّى الزَّمِن، فقد قال بعد هذا بيسير في «بَاب الذَّبح قبل الحلق»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المثنَّى: حَدَّثَنَا عبد الأعلى ... »؛ فذكر حديثه، وقال في أوَّل «اللِّباس»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عبد الأعلى ... »؛ فذكر حديثًا آخر، ثمَّ قال: (نسبه ابن السَّكن: مُحَمَّد بن سلام) انتهى، وفي هامش أصلنا نسخة صورتها: (هو ابن سلام)، وتجاهها: (كذا نسبه ابن السَّكن، وقد ذكر بعد هذا في «بَاب الذبح قبل الحلق»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المثنَّى عن عبد الأعلى»)، قاله الدِّمياطيُّ، انتهى، وقد ذكر شيخنا كلام الجيَّانيِّ مختصرًا، ثمَّ قال: (قلت: وعليه _ يعني: على مُحَمَّد بن المثنَّى_ اقتصر الإسماعيليُّ وأبو نعيم في «مستخرجيهما»؛ فذكره) انتهى، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فلم ينسبه، بل قال: (مُحَمَّد) فقط.
قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين، بينهما عين مهملة ساكنة، وهو ابن راشد.
قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.
قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): أي: تابع مُحَمَّدًا؛ يعني: ابن سلام أو ابن المثنَّى، على اختلاف القولين، فقد تابعه مُحَمَّد بن بشار بندار شيخ الأئمَّة السِّتَّة، كما قدَّمته في أوَّل هذا التعليق، وتقدَّم ما معنى بندار [1]، وتقدَّم ضبط بَشَّار؛ أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة.
واعلم أنَّ المتابعة: أن تَعْتَبِر الحديث برواياتِ غيرِ ذلك الشَّخص من الرُّواة، فإنْ شاركه في ذلك الحديث راو غيره فرواه عن شيخه أم لا؛ فإنْ لم يشاركه أحد ممَّن يُعتبَر بحديثه؛ أي: يصلح أن يخرج حديثه للاعتبار به، والاستشهاد به؛ فيُسمَّى حديث هذا الذي شاركه: تابعًا، وإن لم تجد أحدًا تابعه عليه
[ج 1 ص 445]

(1/3365)


عن شيخه؛ فانظر هل تابع أحدٌ شيخَ شيخهِ فرواه متابعًا له أم لا؟ فإن وجدتَ أحدًا تابع شيخَ شيخِه عليه فرواه كما رواه؛ فسَمِّه أيضًا تابعًا، وقد يُسمُّونه شاهدًا، فإن لم تجد؛ فافعل ذلك فيمَن فوقه إلى آخرالإسناد حتَّى في الصَّحابيِّ، فكلُّ مَنْ وُجِد له مُتابِعٌ؛ فسَمِّه تابعًا، وقد يسمُّونه شاهدًا، كما تقدَّم، فإن لم تجد لأحدٍ ممَّن فوقه مُتابِعًا عليه؛ فانظر هل أتى بمعناه حديثٌ آخر في الباب أم لا؟ فإن أتى بمعناه حديثٌ آخرُ؛ فسمِّ ذلك الحديث شاهدًا، وإن لم تجد حديثًا آخر يؤدِّي معناه؛ فقد عُدِمتِ المتابَعاتُ والشَّواهدُ، فالحديثُ إذن فردٌ، وقد قدَّمت ذلك في أوَّل هذا التَّعليق، لكن طال العهد به.
والحاصل: أنَّ هذه المتابعة التي ساقها مِن عند مُحَمَّد بن بشَّار تُسمَّى: متابعة، وشاهدًا؛ لأنَّ عليَّ بن المبارك رواه كما رواه مَعْمَر، والله أعلم، وقد انفرد البخاريُّ بهذه المتابعة عن الأئمَّة السِّتَّة.

(1/3366)


[باب الجلال للبدن]
قوله: (ثُمَّ [1] يَتَصَدَّقُ بِهَا): هو مرفوع، وهذا ظاهر.
==========
[1] في النُّسخ: (ويتصدَّق)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 1 ص 446]

(1/3367)


[حديث: أمرني رسول الله أن أتصدق بجلال البدن التي .. ]
1707# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تقدَّم أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، على ما ظهر لي، وسببه أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ قبيصةَ هذا الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، وقال الذَّهبيُّ في «التَّذهيب»: (إنَّه روى عن شعبة وسفيان)، ولم يقيِّده، فحملتُ المُطلَق على المُقيَّد، وأمَّا ابن أبي نجيح؛ فاسمه [1] عبد الله بن أبي نجيح، روى عنه السُّفيانان، مع أنَّ هذا الحديث الذي نحن فيه رواه أيضًا ابنُ عيينة، فرواه مسلم في (الحجِّ) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعمرو النَّاقد، وزهير بن حرب؛ ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، وعن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان بن عيينة، ورواه أبو داود: (عن عمرو بن عون عن ابن عيينة)، ورواه النَّسائيُّ: (عن إسحاق بن إبراهيم عن ابن عيينة)، والله أعلم، فيحتمل أن يكون سفيان هذا ابنَ عيينة، ويكون قد [2] أهمله عبد الغنيِّ أن يذكره في مشايخ قبيصة، و «تهذيب الكمال» المستوعب لذلك ما هو عندي، والله أعلم.
قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح، واسم أبي نجيح يسارٌ، تقدَّمت ترجمته بعيدًا.
قوله: (الَّتِي نَحَرْتُ): هو بضمِّ التَّاء على المتكلِّم، وفي نسخة: (نُحِرَتْ) مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي آخره علامة التَّأنيث، وبينهما فرق، فمَنْ روى: (نُحرتْ) مبنيًّا؛ فالمراد: المئة، ومن روى: (نحرْتُ) على ضمِّ تاء المتكِّلم؛ فهنَّ [3] سبع وثلاثون بدنة، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (فإنَّه).
[2] (قد): ليس في (ج).
[3] في (ب): (فهي).
[ج 1 ص 446]

(1/3368)


[باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها]

(1/3369)


[حديث: أراد ابن عمر الحج عام حجة الحرورية]
1708# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو أنس بن عياض، تقدَّمت ترجمته.
قوله: (عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ): [1] وفي نسخة: (حجَّت [2] الحروريَّةُ)، الحروريَّة: الخوارج، والذي ظهر لي من طرق الحديث أنَّ المراد بهم: أهلُ الشَّام الذين خرجوا وجاؤوا لقتال عبد الله بن الزُّبير _وقد تقدَّم أنَّ ذلك سنة اثنتين وسبعين_ والجيش مع الحجَّاج، ولم يُرِد أهلَ حروراء، والله أعلم، [وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين: أراد ابن عمر الحجَّ عام حجِّ الحروريَّة في عهد ابن الزُّبير، كان ذلك في سنة أربع وستِّين، انتهى، ولا أدري ما هو الصَّواب؛ ما نفقهه أو قول هذا الحافظ؟ وبين التَّاريخين بونٌ، والله أعلم، وقد رأى بعض الحُفَّاظ كلامي قبيل كلامه، فكتب على كلامي: كان حجُّ الخوارج قبل هذا أوَّل ما مات يزيد بن معاوية، فاجتمعوا بمكَّة وأظهروا طاعة ابن الزُّبير، ثمَّ ناظروه في معتقده في عثمان، وعليٍّ، والزُّبير، وطلحة، فجاء يمسكهم فتركوه ورجعوا، فخرج نجدةُ باليمامة، ونافع [3] بن الأزرق بالعراق، وغيرهما، وهذا معروف في التواريخ المبسوطة، خصوصًا «الكامل» لابن الأثير] [4].
قوله: (أُسْوَةٌ): تقدَّم أن فيها لغتين: ضمَّ [5] الهمزة وكسرَها، وهما قراءتان في السَّبع.
قوله: (بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ): تقدَّم الكلام [6] عليها ضبطًا ومكانًا، وهي أمام ذي الحليفة من جهة مكَّة.
قوله: (قَضَى طَوَافَهُ الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ): (طوافه): بالنَّصب، مفعول، و (الحج والعمرة): منصوبان، أمَّا الأوَّل؛ فبنزع الخافض، والدليل عليه أنَّ في نسخة خارجة في الهامش في أصلنا: (للحجِّ)، وعليها علامة راويها، وأمَّا نصب العمرة؛ فعلى العطف، وكان أوَّلًا كذلك في أصلنا، ثمَّ إنَّه جُعِل على (طوافه) ضمةٌ على أنَّه فاعل (قضى)، و (الحج) مفعوله، و (العمرة) معطوف عليه، والله أعلم [7].

(1/3370)


[باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن]

(1/3371)


[حديث: خرجنا مع رسول الله لخمس بقين من ذي القعدة]
1709# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، تقدَّم.
قوله: (مِنْ ذِي الْقعْدَةِ): تقدَّم [1] أنَّه بالفتح والكسر، تقدَّم [2] مرَّات.
قوله: (لاَ نرَى): بضمِّ أوَّله وفتحه، تقدَّم، والأوَّل به مضبوط في أصلنا.
قوله: (فَدُخِلَ عَلَيْنَا [3]): (دُخِل): بضمِّ الدَّال، وكسر الخاء، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ): أمَّا يحيى؛ فهو ابن سعيد الأنصاريُّ المذكور في السَّند.
==========
[1] (تقدَّم): سقط من (أ).
[2] (تقدَّم): ليس في (ج).
[3] في (ب): (عليها)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 446]

(1/3372)


[باب النحر في منحر النبي بمنى]
قوله: (باب النَّحْرِ فِي مَنْحَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بِمِنًى): (المَنحَر): بفتح الميم والحاء: مكان النحر، قال شيخنا الشَّارح: (ومنحر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عند الجمرة الأولى التي تلي [1] مسجد منًى، كما قاله ابن التِّين)، واعلم أنَّ الجمرة الثانية هي الوسطى، والثالثة هي التي عند العقبة في آخر منًى.
==========
[1] (تلي): سقط من (ب).
[ج 1 ص 446]

(1/3373)


[حديث: أن عبد الله كان ينحر في المنحر]
1710# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ): إسحاق هذا الظَّاهر أنَّه إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، الإمام، وعالم خراسان؛ وذلك لأنَّ البخاريَّ يروي عن جماعة، اسم كلٍّ منهم إسحاق بن إبراهيم؛ وهم [1]: ابن راهويه، ولؤلؤ، وإسحاق بن إبراهيم الصَّوَّاف، وإسحاق بن إبراهيم السَّعديُّ، وإسحاق بن إبراهيم الفَراديسيُّ، وقد رأيت في ترجمة خالد بن الحارث: أنَّه روى عنه: إسحاق وأحمد، وإسحاق إذا أُطلِق؛ ما يريدون به إلَّا ابن راهويه، كذا رأيت المُحدِّثين يفعلون وأرباب الخلاف، والله أعلم.
==========
[1] (وهم): سقط من (ب).
[ج 1 ص 446]

(1/3374)


[حديث: أن ابن عمر كان يبعث بهديه من جمع من آخر الليل]
1711# قوله: (حَتَّى يُدْخَلَ بِهِ مَنْحَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (يُدخَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (منحر): مرفوع نائب مناب الفاعل، ويجوز نصبه، وهو أظهر.
==========
[ج 1 ص 446]

(1/3375)


[باب من نحر بيده]
قوله: (باب مَنْ نَحَرَ البدن [1] بِيَدِهِ): ذكر فيه حديث سهل بن بكَّار: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ [2] ... ) إلى آخره، هذا الحديث هو في هامش أصلنا، وعليه علامة راويه، ثمَّ ذكر بعده (باب نحر البدن قائمة)، وذكر فيه حديث سهل بن بكَّار (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ [3] ... )؛ الحديث، متنًا وإسنادًا وصفة أخذ ليس بينهما اختلاف بالكليَّة، غير أنَّ الحديث الأوَّل مُختصَر من الحديث الثاني، وهذا غريب، قلَّما يتَّفق للبخاريِّ مثل هذا، وهذا على تقدير ثبوت المكان الأوَّل، وقد ذكرت لك أنَّه في نسخة ثابتٌ.
وقد رأيت في «صحيح البخاريِّ» أماكن كذلك؛ منها: حديث عبد الله بن مغفَّل [4]: «كنَّا مُحاصِرين قصرَ خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم ... »؛ ذكره البخاريُّ [5] في آخر (الخمس) وفي (كِتَاب الذَّبائح والصَّيد) سندًا ومتنًا.
ومنها: حديث أنس: (أُصيب حارثة،
[ج 1 ص 446]
فقالت أمُّه: قد عَرِفْتَ موضع حارثة منِّي) في (بدر) وفي (الرَّقائق) متنًا وإسنادًا.
ومنها: حديث أنس: (أنَّ رجلين من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ خرجا من عند النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ومعهما مثل المصباحين ... )؛ الحديث، في (بَاب المساجد) وفي باب بعد (بَاب سؤال المشركين أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر).
ومنها: حديث استسقاء عمر بالعبَّاس، ذكره البخاريُّ في (الاستسقاء) وفي (مناقب العبَّاس) متنًا وسندًا.
ومنها: حديث أبي بكرة: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما ... »، ذكره في باب {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] وفي باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} [المائدة: 32] في (الدِّيات) متنًا وسندًا [6].
ومنها: حديث أبي جحيفة [7] قال: (سألت عليًّا: «هل عندكم شيء ممَّا ليس في القرآن ... »؛ الحديث، ساقه في (بَاب العاقلة) وفي (بَاب لا يُقتَل مسلم بكافر) متنًا وسندًا.
ومنها: حديث حذيفة: (حَدَّثَنَا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حديثين؛ رأيتُ أحدهما وأنا أنتظر الآخر، ذكره في (بَاب رفع الأمانة) من (كِتَاب الرَّقائق)، وفي (بَاب إذا بقي في حثالة من النَّاس) من (كِتَاب الفتن) متنًا وإسنادًا [8].

(1/3376)


وقد رأيت غير هذه الأمكنة، ولكن غفلت عن كتابتها، منها: حديث في (كِتَاب الحرث) عن مُحَمَّد بن سِنَان، عن فُلَيْح، عن هِلَال، عن عَطَاءِ بن يَسَار، عن أبي هُرَيْرَةَ [9]، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «كان يَوْمًا يحدِّث وَعِنْدَهُ رَجُلٌ من أَهْلِ الْبَادِيَةِ: أَنَّ رَجُلًا من أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ في الزَّرْعِ ... »؛ الحديث، ذكره في [10] (التَّوحيد) في (كلام الرَّبِّ [11] مع أهل الجنَّة) سندًا ومتنًا، لكن في بعض النُّسخ في (الحرث): (مُحَمَّد بن بشَّار) عوض (مُحَمَّد بن سنان)، وعلى هذه؛ فلا تكرار إلَّا أنَّ المِزِّيَّ ذكره في «الأطراف» في الموضعين عن مُحَمَّد بن سنان، (وقد كتب بعض حُفَّاظ العصر [12] على هذا المكان: مُحَمَّد بن بشَّار في الثَّاني لم يسمع من فليح أصلًا) [13].
ومنها: حديث عمر: «كانت أموال بني النَّضير»، ذكره في (الجهاد) في (بَاب المحن) عن عليِّ بن عبد الله، عن سفيان، عن الزُّهريِّ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر، وكذا هو في (التَّفسير)، وأهمل المِزِّيُّ في «أطرافه» المكان الأوَّل، وذكر الثَّاني فقط؛ فعليه لا تكرار.
ومنها: حديث أبي هريرة: «لا تقتسم ورثتي دينارًا ولا درهمًا ... »؛ الحديث، أخرجه في (الخمس) بسنده في (الجهاد) متنًا وسندًا عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ... ؛ فذكره.
ومنها: حديث في (الجزية) و (الموادعة)، وبوَّب عليه (بَاب إثم من قتل معاهدًا)؛ وهو حديث حفص بن قيس: حَدَّثَنَا عبد الواحد: حَدَّثَنَا الحسن بن عمرو: حَدَّثَنَا مجاهد عن عبد الله بن عمرو عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «مَنْ قتل معاهدًا»، أخرجه في (الجزية) وفي (الدِّيات) في (بَاب من قتل ذمِّيًّا).
ومنها: حديث أبي سعيد مرفوعًا: «إذا صلَّى أحدكم إلى شيء يستره من النَّاس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ... »؛ الحديث أخرجه سندًا ومتنًا في (الصَّلاة) عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وفي (صفة إبليس).

(1/3377)


ومنها: حديث أبي هريرة: وكَّلني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بحفظ زكاة رمضان، أخرجه في (الوكالة)، وفي (صفة إبليس)، و (فضائل القرآن)، فقال: وقال عثمان بن الهيثم: حَدَّثَنَا عوف _وهو ابن أبي جميلة الأعرابيُّ [14]_ عن مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة؛ فذكره متنًا وإسنادًا في الأبواب الثَّلاثة، وعثمان شيخ البخاريِّ.
ومنها: حديث عديِّ بن حاتم: «كنت عند النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؛ إذ جاءه رجلان؛ أحدهما يشكو العيلة ... »؛ الحديث، أخرجه في (الزَّكاة) في (الصَّدقة قبل الرَّدِّ) وفي (بَاب علامات النُّبوَّة في الإسلام).
ومنها: حديث أنس: «لمَّا كان يوم أحد؛ انهزم النَّاس ... »؛ الحديث، أخرجه في (الجهاد) وفي (مناقب أبي طلحة) وفي (المغازي) عن أبي معمر، عن عبد الوارث _هو ابن سعيد_ عن عبد العزيز _هو ابن صهيب_ عن أنس.
ومنها: حديث ابن عبَّاس: «هذا جبريل [15] عليه أداة الحرب»، أخرجه في (شهود الملائكة بدرًا) وفي أوَّل (غزوة أحد) سندًا ومتنًا، غير أنَّه قال في (بدر): (يوم بدر)، وفي (أُحُد): (يوم أُحُد).
ومنها: حديث جابر: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أمر عليًّا أن يقيم على إحرامه وفيه: وزاد مُحَمَّد بن بكر ... ) إلى آخره، هذا ساقه في (الحجِّ) وفي (بعث عليٍّ وخالد إلى اليمن) سندًا ومتنًا، غير أنَّه زاد في المكان الثَّاني: «فقدم [16] عليٌّ بسعايته»، والطَّريق الثَّاني لم يذكرها [المِزِّيُّ، إنَّما ذكر الذي في (الحجِّ) فقط.
ومنها: حديث عائشة رضي الله عنها: (كان يُوضَع لي ولرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ المركن، فنشرع فيه جميعًا)، أخرجه في (الطَّهارة)] [17] وفي (الاعتصام) عن مُحَمَّد بن بشَّار، عن عبد الأعلى، عن هشام بن حسَّان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
ومنها: حديث أبي هريرة: «بينا أيُّوب يغتسل؛ خرَّ عليه جراد من ذهب ... »؛ الحديث، في (أحاديث الأنبياء) وفي (التوحيد)، وليس [18] في نسختي من (الأطراف) عزوُه إلى (التوحيد)، وهو ثابت في أصلنا القاهريِّ والدِّمشقيِّ أيضًا، ولعلَّه سقط من النَّاسخ والمقابل أيضًا، والله أعلم، وغالب ظنِّي أنَّ فيه غيرَ ذلك، وذلك [19] لأنِّي لم أتتبَّعه، بل رأيت هذه الأماكن اتِّفاقًا.

(1/3378)


ومنها: حديث أنس: (كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يفطر من الشَّهر حتَّى نظنَّ أن لا يصوم منه)، ذكره متنًا وإسنادًا في (كِتَاب الصوم) في (بَاب ما يُذكَر في صيام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وإفطاره)، وفي (بَاب قيام النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ونومه).
ومنها: حديث ابن أبي أوفى: «لا تمنَّوا لقاء العدوِّ»، أخرجه في مكانين؛ في (الجهاد) وفي (التَّمنِّي) عن عبد الله بن مُحَمَّد _هو المسنديُّ_ سندًا ومتنًا في الأماكن الثَّلاثة.
[ومنها: حديث عبد الله بن مغفَّل المزنيُّ: «صلُّوا قبل صلاة المغرب»، ثمَّ قال: «في الثَّالثة لمَن شاء»، أخرجه في (الصَّلاة) وفي (الاعتصام) عن أبي مَعمَر، عن عبد الوارث بن سعيد، عن حسين الُمعلِّم، عن عبد الله بن بريدة عنه] [20]، والله أعلم.
==========
[1] (البدن): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] في (ج): (وهب)، وهو تحريف.
[3] في (ب) و (ج): (وهب)، وهو تحريف.
[4] في (ج): (معقل)، وهو تصحيف.
[5] (البخاريّ): ليس في (ب).
[6] في (ب): (وحديثًا).
[7] في (ب): (جحفة)، وهو تحريف.
[8] في (ج): (وسندًا).
[9] زيد في (ب): (رضي الله عنه).
[10] زيد في (ب): (كتاب).
[11] زيد في (ب): (سبحانه).
[12] في (ب): (بعض الحُفَّاظ).
[13] ما بين قوسين سقط من (ج).
[14] (الأعرابي): سقط من (ج).
[15] زيد في (ب): (عليه السلام).
[16] (فقدم): سقط من (ج).
[17] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[18] في (ب) و (ج): (ولكن)، وليس بصحيح.
[19] (وذلك): سقط من (ج).
[20] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3379)


[حديث: نحر النبي بيده سبع بدن قياما]
1712# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن خالد الباهِليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عن أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، وكذا تقدَّم (أَبُو قِلَابةَ)؛ أنَّه بكسر القاف وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوحَّدة، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

(1/3380)


[باب نحر الإبل مقيدة]

(1/3381)


[حديث: رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها]
1713# قوله: (عَنْ يُونُسَ): هو يونس بن عبيد فيما ظهر لي؛ وذلك لأنِّي رأيت الذَّهبيَّ في «التذهيب»: ذكر يونس بن عبيد فيمن روى عن زياد بن جبير، وكذا رأيت في «الكمال»: في ترجمة يزيد بن زُرَيع، روى عنه [1]: يونس بن عبيد، وكذا في «التذهيب»: في ترجمة يونس بن عبيد أنَّه روى عنه: يزيد بن زُرَيع.
ويونس: هو أحد أئمَّة البصرة، عن الحسن وأبي بردة، وعنه: عبد الوهَّاب الثَّقفيُّ وابن عُليَّة، وكان من العلماء العاملين الأثبات، تُوفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، ووثَّقه أحمد والجماعة، وقال أبو حاتم: (ثقة).
تنبيه: لهم يونس بن عبيد غير هذا، لكنَّه كوفيٌّ، حدَّث عن البراء بن عازب، لا يُدرَى مَن هو، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وحديثه في ذكر راية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أنَّها سوداء مُربَّعة من نمرة، أخرج له أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، له حديث واحد وهو ما ذكرته، قال الذَّهبيُّ في آخر ترجمته في «الميزان»: (حديث حسن) انتهى، وقال التِّرمذيُّ: (حسن غريب، لا نعرفه إلَّا من حديث ابن [2] أبي زائدة).
قوله: (أَتَى عَلَى رَجُلٍ): هذا الرَّجل لا أعلم [3] أحدًا سمَّاه.
قوله: (ابْعَثْهَا): أي: أَثِرها مِنْ بروكها.
قوله: (سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): يجوز في (سنَّة) النَّصب والرَّفع.
قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ): إنَّما أتى بهذا التَّعليق المجزوم به؛ لأنَّ يونس _ وهو ابن عبيد، كما قدَّمت أعلاه [4]_في الأوَّل قال: (عن)، ويونس بن عبيد وإن لم يكن مُدلِّسًا فأتى به؛ لأنَّ فيه يونس قال: أخبرني، إلَّا ليخرج من الخلاف، والله أعلم.
وتعليق شعبة ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا إلَّا أنَّ حديث يونس هذا أخرجه مع البخاريِّ مسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ.
==========
[1] في (ج): (عن)، وهو تحريف.
[2] (ابن): سقط من (ب).
[3] في (ب) و (ج): (أعرف).
[4] في (ب): (بظاهرها).
[ج 1 ص 447]

(1/3382)


[باب نحر البدن قائمة]
قوله: (سُنَّة مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (سنَّة): يجوز فيها النَّصب والرَّفع [1]، وهما ظاهران، (وقد تقدَّم أعلاه قريبًا) [2].
==========
[1] في (ب): (الرفع والنصب).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 447]

(1/3383)


[حديث: صلى النبي الظهر بالمدينة أربعًا والعصر .. ]
1714# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة [1]، وكذا تقدَّم (أَبُو قِلَابَةَ) ضبطُه، بعيدًا وقريبًا، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ أعلاه [2].
قوله: (عَلَى الْبَيْدَاءِ): تقدَّمت ضبطًا ومكانًا غير مرَّة.
قوله: (وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا): تقدَّم الكلام عليه في (الحجِّ)، وما خرَّجه فيه أبو مُحَمَّد ابن حزم [3] الحافظ، وما قلته أنا [4].
==========
[1] زيد في (ب): (السَّختيانيّ).
[2] (أعلاه): سقط من (ب).
[3] (بن حزم): سقط من (ب).
[4] (وما قلته أنا): سقط من (ج).
[ج 1 ص 447]

(1/3384)


[حديث: صلى النبي الظهر بالمدينة أربعًا، والعصر .. ]
1715# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو قِلَابَةَ) ضبطًا، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.
قوله: (وَعَنْ أيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ): الذي ظهر لي أنَّ هذا ليس تعليقًا، وإنَّما هو معطوف على السَّند الأوَّل، فإسماعيل رواه بوجهين، كذلك رواه عنه مُسدَّد، فتارة قال: عن أيُّوب، عن أبي قلابة، عن أنس، ومرَّة قال: عن أيُّوب، عن رجل، عن أنس، والله أعلم، وهذا يفهم من تطريف المِزِّيِّ هذا الحديث [1]، والثَّاني: ليس فيه حجَّةُ؛ لأنَّه متَّصل في سنده مجهول، وهذا هو الصَّحيح في لقب هذا، وبعضهم رسمه منقطعًا، وفي الأصول نعته بالمُرسَل، ولم يبيِّنِ المِزِّيُّ في «أطرافه» مَنْ هذا الرجل، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (هذا الرجل هو أبو قلابة؛ لأنَّه ساق الحديث قبل ذلك من طريق أبي قلابة عن أنس، وفيه: كما في هذا من أنَّه «بات بها، فلمَّا أصبح؛ ركب راحلته فجعل يُهلُّ ويسبِّح، فلمَّا علا على البيداء؛ لبَّى بهما جميعًا» انتهى مُلخَّصًا، وهذا أيضًا وقع في خَلَدي أنَّه أبو قِلابة، وقال شيخنا الشَّارح: (والأخير فيه رجل مجهول، قال الدَّاوديُّ: إنَّه ليس بمُسنَد؛ لجهالة هذا الرَّجل، ولو كان محفوظًا عن أبي قلابة؛ ما كنَّى عنه لجلالته وثقته، وإنَّما تلقَّى عمَّن فيه نظر، وقال ابن التِّين: (يحتمل أنَّه نسيه، وهو ثقة؛ إذ لو علم أنَّ فيه نظرًا؛ لسمَّاه أو أسقط حديثه) انتهى، (وقد تقدَّم هذا المكان، وما قيل في الرَّجل المُبهَم بنحو هذا، والله أعلم، وقد كتب بعض الحُفَّاظ على هذا المكان ما لفظه: لا يرد شيء من هذا، بل هو محمول [2] على أنَّ الرَّاوي سمَّاه مرَّةً، وكنَّى عنه مرَّة، انتهى) [3].
==========
[1] زيد في (ب): (والله أعلم).
[2] في (ب): (مجهول)، وهو تحريف.
[3] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 447]

(1/3385)


[باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا]

(1/3386)


[حديث: بعثني النبي فقمت على البدن]
1716# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الكاف وكسر المثلَّثة، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه الثَّوريُّ في ظاهرها [1] على ما ظهر لي مُطَوَّلًا؛ فانظره، وأنَّ (ابْن أَبِي نَجِيحٍ) اسمه عبد الله.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ): تقدَّم أنَّ سفيان الذي ظهر لي [2] أنَّه الثَّوريُّ، وسفيان هذا قد روى هذا الحديث عن اثنين؛ أحدهما: ابن أبي نجيح، والآخر: عبد الكريم، وليس تعليقًا، بل هو بالسَّند الذي قبله؛ فاعلمه، ويفهم هذا من تطريف المِزِّيِّ هذا الحديث، وأمَّا عبد الكريم؛
[ج 1 ص 447]
فهو ابن مالك الجزريُّ [3]، وسيأتي التَّصريحُ به قريبًا، كنيتُه أبو سعيد، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المسيّب، وعنه: مالكٌ وابن عيينة، وكان حافظًا، قال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: كان مُرجِئًا، وكان مِن خيار النَّاس، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، مات سنة (127 هـ).
قوله: (فِي جُزَارَتِهَا [4])؛ هي بضمِّ الجيم: ما يأخذ الجزَّار من الذَّبيحة عن أُجرته؛ كالعُمالة للعامل، وأصلُ (الجُزارة) أطرافُ البعير؛ الرَّأس، واليدان، والرِّجلان، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ الجزَّار كان يأخذها على أجرته، فمُنِع أن يأخذ من الضَّحيَّة جزءًا في مقابلة الأجرة، وفي أصلنا: بكسر الجيم بالقلم في مكانين، وقال شيخنا الشَّارح: بضمِّ الجيم وفتحها، قال الخطَّابيُّ: والجُزارة _بضمِّ الجيم_: اسم للسَّواقط التي [5] يأخذها الجازر، وقال ابن الأثير: بالضَّمِّ _ كالعُمالة_: ما يأخذه الجزَّار من الذَّبيحة عن أجرته، وقال ابن الجوزيِّ: قال قوم: هي كالخياطة، يريد بها: عمله فيها، انتهى، فتحصَّلنا [6] في أنَّ في الجيم ثلاثةَ أوجه: الضَّمَّ، والفتحَ، والكسرَ الذي قاله ابن الجوزيِّ، ورأيت بخطِّ أبي الفتح بن سيِّد النَّاس على «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ تجاه ترجمة خالد بن [7] سعيد بن العاصي ما لفظه: والعِمالة _بكسر العين_: أجرة العامل، انتهى [8].
==========
[1] (في ظاهرها): سقط من (ب).
[2] (لي): سقط من (ج).
[3] في (ب): (الجروي)، وهو تحريف.

(1/3387)


[4] في هامش (ق): (الذي أحفظه في قوله: «جُزارتها»: ضم الجيم، وممَّن نصَّ على ضمَّها ابن الأثير في «نهايته»، فقال ما نصُّه: وشيخي نقل فيها فتح الجيم وكسرها، فصحَّ ما ضُبِط في الأصل، الجُزارة؛ بالضَّمِّ: ما يأخذه الجزار من الذبيحة عن أجرته؛ كالعُمالة للعامل، وأصل الجزارة أطراف البعير الرأس واليدان).
[5] في النُّسخ: (الذي)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[6] في (ج): (فتلخصنا).
[7] (خالد بن): سقط من (ج).
[8] (انتهى): ليس في (ب).

(1/3388)


[باب يتصدق بجلود الهدي]
قوله: (باب يصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْيِ): (يُتَصدَّق): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول.
==========
[ج 1 ص 448]

(1/3389)


[حديث: أن النبي أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم بدنه كلها]
1717# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ الجِهبذ، وتقدَّم (ابْن جُرَيجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ الإمام.
قوله: (الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ [1]) أمَّا عبد الكريم؛ فقد تقدَّم أعلاه، وأمَّا الحسن بن مسلم؛ فهو ابن ينَّاق، عن صفيَّة بنت شيبة، وطاووس، وعنه: ابن جريج وشبل بن عبَّاد، ثقة، قال الذَّهبيُّ: مات مع طاووس، انتهى، وطاووس تُوفِّيَ سنة ستٍّ ومئةٍ، أخرج للحسن هذا: البخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (وَلاَ يُعْطِيَ فِي جزَارَتِهَا شَيْئًا [2]) تقدَّم أعلاه أنَّ الجزارة مُثلَّث الجيم، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: نسبة إلى الجزيرة).
[2] في هامش (ق): (الجُزارة؛ بضمِّ الجيم كما قدَّمته، وقد نقل شيخي في «شرحه»: فتح الجيم وكسرها أيضًا).
[ج 1 ص 448]

(1/3390)


[باب: يتصدق بجلال البدن]
(بَابٌ: يُتَصَدَّقُ بِجِلاَلِ الْبُدْنِ) .... إلى (بَاب وُجُوبِ العُمْرَةِ وَفَضْلُهَا)
==========
[ج 1 ص 448]

(1/3391)


[حديث: أهدى النبي مئة بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها]
1718# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته، وضبط دُكين.
==========
[ج 1 ص 448]

(1/3392)


[باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق]
قوله: (باب مَا يَأْكُلُ [1] مِنَ البُدْنِ، وَمَا يصَدَّقُ): (يصدَّق): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول، والأظهر أنَّه يكون مبنيًّا للفاعل؛ ليتَّسقَ الكلام؛ لقوله: (يأكل).
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ): (عبيد الله) هذا: هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب فيما يظهر؛ لأنَّه مُكثِر عن نافع، ولأنَّ ابن نمير [2]_وهو عبد الله_ روى عنه، لا عمَّن يأتي ممَّن اسمه عبيد الله في الكتب أو بعضها، وقد قدَّمت فيما مضى أنَّ جماعة يُقال لكلٍّ منهم: عبيد الله [3]، روى عن نافع، عن ابن عمر، وهم: عبيد الله بن الأخنس الخزَّاز، والثَّاني: ابن أبي جعفر القرشيُّ المصريُّ، والثَّالث: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وشيخنا الشَّارح قال في هذا الأثر: رواه ابن أبي شيبة، عن ابن نُمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، والله أعلم، ولم يميِّز عبيد الله، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباح، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه مفتي أهل مكَّة.
قوله: (وَيُطْعِمُ): هو رباعيٌّ؛ أي: يُطعِم غيرَه، ولا يجوز (يَطْعَم)؛ بفتح أوَّله وثالثه؛ لأنَّ معناه: يأكل، وقد تقدَّم (الأكل)، والله أعلم.
==========
[1] في (ج): (يؤكل).
[2] في (ج): (ولأن من يمين)، وهو تحريف.
[3] زيد في (ج): (بن عمر بن حفص بن عاصم).
[ج 1 ص 448]

(1/3393)


[حديث: كلوا وتزودوا]
1719# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) تقدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، الإمام، سيِّد الحُفَّاظ.
قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، الإمام المشهور.
قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباح المكِّيُّ، العالم المشهور، تقدَّم.
قوله: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَقَالَ [2]: حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: لَا): اعلَمْ أنَّه وقع في «مسلم»: (قال: نعم)، فيحتمل أنَّه نَسِيَ في وقت، فقال: لَا، وذكر في وقت، فقال: نعم، قاله النَّوويُّ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).
[2] في (ج): (قال).
[ج 1 ص 448]

(1/3394)


[حديث: خرجنا مع رسول الله لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى .. ]
1720# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مخْلدًا بإسكان الخاء المعجمة.
قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو ابن بلال، وكذا هو منسوب في نسخة في هامش أصلنا.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ.
قوله: (مِنْ ذِي الْقعْدَةِ): تقدَّم أنَّه يُقال: بفتح القاف وكسرها، وكذا تقدَّم (لا نرَى)؛ بضمِّ النُّون وفتحها.
قوله: (قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ الذي تقدَّم في السَّند الذي وضَّحته أنا.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنِي).
[ج 1 ص 448]

(1/3395)


[باب الذبح قبل الحلق]

(1/3396)


[حديث: سئل النبي عمن حلق قبل أن يذبح ونحوه فقال: لا حرج]
1721# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوحَّدة.
قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): هذا هو ابن بَشير أبو معاوية السُّلميُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمُه هُشَيم سواه.
قوله: (أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ): هذا هو ابن زاذان، وكذا هو منسوب في نسخة، واسطيٌّ، كنيتُه أبو المغيرة، مولى ثقيف، عن أنس، وأبي العالية، والحسن، وعنه: شعبةُ وهشيمٌ، ثقةٌ، عابدٌ، كبير الشَّأن، سريع القراءة جدًّا، مات سنة (128 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيه: هذا الرَّجل نُقِلَ عن «الحلية» أنَّه كان يصلِّي ركعتين فيما [1] بين المغرب والعشاء، يقرأ فيهما القرآن مرَّتين، ويقرأ في الثَّالثة إلى الطَّواسين، انتهى، وهذا أمرٌ عجبٌ عجبٌ، والله أعلم.
و (عَطَاء): هو ابن أبي رباح المكِّيُّ الإمام، تقدَّم.
[ج 1 ص 448]
قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عَمَّنْ حَلَقَ ... ) إلى آخره: السَّائل تقدَّم أنِّي لا أعرفه.
قوله: (لاَ حَرَجَ)؛ أي: لا إِثْم، وقد تقدَّم.

(1/3397)


[حديث: قال رجل للنبي: زرت قبل أن أرمي؟ قال: لا حرج]
1722# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو بَكْرٍ): هذا هو ابن عيَّاش، اختُلِف في اسمه على أقوال، ذكرت منها ما حضرني قبل هذا، والأكثر شعبة، وهو أحد الأعلام.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ): تقدَّم أنَّ رُفيعًا بضمِّ الرَّاء، وفتح الفاء، وبالعين المهملة؛ مُصغَّرًا، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو ابن أبي رباح المكِّيُّ، مفتي أهل مكَّة تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (قَالَ: رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ): الرَّجل: تقدَّم مرَّات [2] أنِّي لا أعرفه، وقوله: (زرت)؛ أي: طفتُ طواف الإفاضة، وهذا الطَّواف يُسمَّى: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وطواف الرُّكن، وقد يُسمَّى أيضًا: بطواف الصَّدَر، والأشهر أنَّ طواف الصَّدَر هو طواف الوداع، وقد قدَّمت ذلك.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحيم الرَّازِيُّ): هو عبد الرَّحيم بن سليمان الكنانيُّ، ويقال: الطَّائيُّ، الرَّازيُّ، الأشلُّ، أبو عليٍّ نزيل الكوفة، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، وهشام بن عروة، وعاصم الأحول، وغيرهم، وعنه: عليُّ بن سعيد بن مسروق وأبو بكر ابن أبي شيبة، قال ابن معين وأبو داود: ثقة، قيل [3] مات آخر سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ): هو عبد الله بن عثمان بن خُثَيم المكِّيُّ، عن صفيَّة بنت شيبة وأبي الطُّفَيل، وعنه: بشر بن المُفضَّل ويحيى بن سليم، قال أبو حاتم: صالح الحديث، تُوفِّيَ سنة (122 هـ)، أخرج له [4] البخاريُّ تعليقًا، ومسلم، والأربعة، واعلم أنَّ هذا التَّعليق مجزوم به، فهو صحيح إلى مَن علَّقه عنه على شرطه، ومنه إلى آخره، قد يكون على شرطه، وقد لا يكون [5]؛ كهذا، فإنَّ [6] ابن خُثَيم ليس من شرطه، وله ترجمة في «الميزان»، وأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ في السند الأوَّل عبدَ العزيز بن رفيع، وقد عنعن وإن لم يكن مُدلِّسًا، فجاء بهذا التَّعليق الذي فيه التصريح من ابن خُثَيم بالإخبار من عطاء؛ ليخرج من الخلاف الذي قدَّمته مرارًا في العنعنة مطلقًا، والله أعلم.

(1/3398)


قوله: (وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى): هو القاسم بن يحيى بن عطاء بن مُقدَّم، عن منصور بن صفيَّة، والأعمش، وعدَّة، وعنه: ابنُ أخيه مُقدَّمُ بن مُحَمَّد وغيره، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، مات سنة بضعٍ وتسعين ومئة، أخرج له البخاريُّ فقط.
قوله: (عَنِ [7] ابْنِ خُثَيْمٍ) تقدَّم أنَّه عبد الله بن عثمان بن خُثَيم.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [8]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): هذا التَّعليق من أوَّله إلى آخره هو في أصلنا، وكُتِب عليه (مُكرَّر)، وقد رأيته في «أطراف المِزِّيِّ»، فلهذا تكلَّمت على بعض رجاله.
قوله: (وَقَالَ عَفَّانُ): هو شيخ البخاريِّ، عفَّان بن مسلم، وقد تقدَّم أنَّ مثل هذا مُتَّصل، ولكنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا [9].
قوله: (أُرَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ): (أُراه): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وهذا ليس بحجَّة لو استقلَّ، لكنَّه في المتابعات؛ لأنَّه بالظَّنِّ [10]، ولم يجزم به، ووهيب: هو ابن خالد، تقدَّم بعض ترجمته، و (ابْن خُثَيمٍ) بعده، تقدَّم أعلاه.
قوله: (وَقَالَ حمَّاد): هو ابن سلمة، كما في «أطراف المِزِّيِّ»، وهو ابن سلمة بن دينار أبو سلمة، أحد الأعلام، علَّق له [البخاريُّ] كما ترى، وروى له مسلم، والأربعة، وقد تقدَّم أنَّ التعليق المجزوم به هو صحيح عنده على شرطه إلى مَن علَّقه عنه، ومنه إلى آخره، قد يكون على شرطه، وقد لا؛ كهذا، فإنَّه لم يُخرِّج لحمَّاد بن سلمة في الأصول شيئًا.
قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ): هو المكِّيُّ الحبشيُّ، مفتي مكَّة، عن مجاهد، وطاووس، وعطاء، وعنه: الحمَّادان وطائفة، وثَّقوه، له ترجمة في «الميزان»، تُوفِّيَ سنة (119 هـ)، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (عَبَّاد بْن مَنْصُورٍ): هو النَّاجي [11]، عن أبي رجاء العطارديِّ، وعكرمة، وعدَّة، وعنه: القطَّان، وروح بن عبادة [12]، وطائفة، ضعيف، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وفيه كلام غير ذلك، له ترجمة في «الميزان»، قال أبو داود: وقالوا: تغيَّر، مات سنة (152 هـ)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا والأربعة.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم.

(1/3399)


[حديث: سئل النبي فقال: رميت بعد ما أمسيت؟ فقال: لا حرج]
1723# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّامي، ثقة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
[قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو الحذَّاء خالد بن مهران، أبو المُنازِل، تقدَّم.
قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): تقدَّم أنَّ هذا السَّائل لا أعرفه].
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 449]

(1/3400)


[حديث: أحسنت انطلق فطف بالبيت وبالصفا والمروة]
1724# [قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا] [1].
قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ): هو الجَدَليُّ، أبو عمرو الكوفيُّ العابد، عن ابن الحنفيَّة وطارق بن شهاب، وعنه: شعبة، وسفيان، والنَّاس، مات سنة (120 هـ)، ثبت، روى له الجماعة.
قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ، الأمير، مناقبه جمَّة، تقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه.
قوله: (بِالْبَطْحَاءِ): تقدَّم الكلام عليه.
قوله: (أَحَجَجْتَ؟): أي: أنويت الحجَّ؟
قوله: (بِمَا أَهْلَلْتَ؟): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (بِمَ)، وهذه على الجادَّة، وتلك لغة.
قوله: (ثمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ): هذه المرأة لا أعلم أحدًا سمَّاها.
قوله: (فَفَلَتْ رَأْسِي): هو بتخفيف اللَّام، وهذا معروف.
قوله: (إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ؛ فَإنَّه يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ ... ) إلى آخره: ظاهره أنَّ من أنشأ حجًّا ليس له فسخه في عُمرة من أجل الهدي؛ تعظيمًا لحرمات الله، وتأوَّل قوم عليه: أنَّه كان ينهى عن التَّمَتُّع بالعمرة إلى الحجِّ، وفيه نظر؛ لأنَّ التَّمَتُّع ثابت بنصِّ القرآن، والسُّنَّة، ورُوِي عنه أنَّ ذلك خاصٌّ بذلك العام، وقد تقدَّم في أوائل (الحجِّ) [2] بلفظه.
قوله: (مَحلَّهُ): تقدَّم أنَّه يجوز فيه كسر الحاء وفتحها [3].

(1/3401)


[باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق]
قوله: (باب مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ): تقدَّم أنَّ تلبيد الرَّأس أنَّه يجمع شعره بما يلزق بعضه إلى بعض من خطميٍّ، أو صمغ، أو شبهه؛ ليتَّصل بعضه ببعض، فلا يشعث، ويقمل [1] في الإحرام.
==========
[1] في (ج): (ويهمل)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 449]

(1/3402)


[باب الحلق والتقصير عند الإحلال]

(1/3403)


[حديث: حلق رسول الله في حجته]
1726# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.
==========
[ج 1 ص 449]

(1/3404)


[حديث: اللهم ارحم المحلقين]
1727# قوله: (اللَّهُمَّ؛ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ): قال شيخنا الشَّارح: (ثمَّ الأحاديث كلُّها دالَّة على أنَّ هذه الواقعة كانت في حجَّة الوداع، وهو الصَّحيح، وحديث أمِّ الحصين يؤيِّده، فإنَّها سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: ذلك في حجَّة الوداع، وعند القاضي عياض: يوم الحديبية حين أمرهم بالحلق، ويحتمل أنَّه قاله في الموضعين، وهو الأشبه؛ لأنَّ جماعة من الصَّحابة توقَّفت [1] في الحلق فيهما)، وقال ابن بطَّال: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قاله يوم الحديبية، وقال أيضًا شيخنا في «تخريج أحاديث الوسيط» بعد أن ذكر كلام الإمام في ذلك: (وهذا الذي ذكره الإمام هو أحد القولين في ذلك، وهو المحفوظ؛ يعني: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «رحم الله المُحلِّقين» في الحديبية، كما قاله ابن عبد البَرِّ، وساقه البيهقيُّ في «دلائل النُّبوَّة»، لكن قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: إنَّ الصَّحيح المشهور أنَّ ذلك كان في حجَّة الوداع) انتهى، وفي «مسند أحمد» من حديث حُبشيِّ بن جنادة: (أنَّ ذلك كان في حجَّة الوداع)، وفيه أيضًا من حديث أبي سعيد أنَّه قال: (ذلك عام الحديبية)، والذي يظهر أنَّه قاله في الموضعين، وقد تقدَّم أنَّ شيخنا قال عن هذا، وهو الأشبه، (فعلى أنَّه قاله في الحديبية؛ فمن المقصِّرين عثمان، وأبو قتادة، وإن كان في حجَّة الوداع؛ فلا أعلم مَن الُمقصِّر فيها، وسيأتي قريبًا بأطول من هذا) [2].
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ): هذا تعليق أخرجه البخاريُّ تعليقًا، وأخرجه مسندًا مسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ الله): هذا هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، أخرجه مسلم فقط.
[ج 1 ص 449]

(1/3405)


[حديث: اللهم اغفر للمحلقين]
1728# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، وتقدَّم الفرق بينه وبين عبَّاس بن الوليد؛ بالمهملة، وأنَّ كلَّ شيء في «البخاريِّ» (عيَّاش بن الوليد)؛ فهو بالإعجام إلَّا ثلاثة أماكن؛ فإنَّها عن عبَّاس بن الوليد النَّرسيِّ، وقد ذكرت تعيينها.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ فُضيلًا بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): (عُمارة): بضمِّ العين، وتخفيف الميم، وهذا معروف عند أهله.
قوله: (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ): تقدَّم أنَّ اسمه هرم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جَرير، وقيل: عمرو، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّ اسمه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3406)


[حديث: حلق النبي وطائفة من أصحابه وقصر بعضهم]
1729# قوله: (حَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ): هذا إن كان في الحديبية؛ فالذي قصَّر _كما تقدَّم قريبًا [1]_ اثنان لا أعلم لهما ثالثًا من الصَّحابة، أحدهما: عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، والثاني: أبو قتادة الحارث بن ربعيٍّ الأنصاريُّ، كذا جاء مُصرَّحًا بهما في «مسندي أحمد وأبي يعلى الموصليِّ» من حديث أبي سعيد الخدريِّ، وفي آخره: «فاستغفر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ للمحلِّقين ثلاثًا، وللمقصِّرين مرَّة»، وفي رواية لابن سعد: (أنَّ عثمان وأبا قتادة ممَّن لم يحلق)، وهذا يدلُّ على أنَّ غيرهما صنع كذلك، والله أعلم، وإن كان في حجَّة الوداع؛ فلا أعرف الذين قصَّروا فيها، والله أعلم، (وسيأتي من حلق رأسه الُمكرَّم في الحديبية في كلامي) [2].
==========
[1] (كما تقدَّم قريبًا): سقط من (ج).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 450]

(1/3407)


[حديث: قصرت عن رسول الله بمشقص]
1730# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام.
قوله: (عَنْ مُعَاوِيَةَ): هو ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس الأمويُّ الخليفة، ترجمته معروفة، وهو من مسلمة الفتح، عنه: خالد بن معدان، وعبد الله بن عامر، والأعرج، عاش ثمانيًا وسبعين سنة، وتُوفِّيَ في رجب سنة ستِّين، أخرج له الجماعة رحمه الله، ورضي عنه.
قوله: (قَصَّرْتُ عَنْ النَّبيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بِمِشْقَصٍ): اعلم أنَّ هذا التقصير لا يصحُّ أن يكون في عمرة الحديبية، ولا في القضيَّة؛ لأنَّ معاوية من مسلمة الفتح، ولا يصحُّ أن يكون في حجَّة الوداع؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حلق فيها، ويشبه أن يكون في عمرة الجعرانة، كذا قال شيخنا الشَّارح عن ابن التِّين عن الشَّيخ أبي الحسن، انتهى، وكذا قاله النَّوويُّ: في «شرح مسلم»، انتهى، وفي بعض طرق الحديث: أنَّ ذلك كان في حجَّته، وفي رواية النَّسائيِّ: (وذلك في أيَّام العشر)، قال ابن قيِّم الجوزيَّة: في قوله: (وذلك في أيَّام العشر) أنَّها معلولة أو وهم، وقال أيضًا في «الهَدْي» في (غزوة الفتح)، وفي (الحجِّ): أنَّ معاوية سافر وهمُه من عمرة الجعرانة إلى حجَّة الوداع، انتهى، وفي «النَّسائيِّ» (من حديث ابن عبَّاس: «أنَّه قصَّر عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ) [2] بمشقص في عمرته على المروة»، وعن معاوية أيضًا: «أخذت من أطراف شعر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بمشقص كان معي، بعدما طاف بالبيت، وبين الصَّفا والمروة في أيَّام العشر»، قال قيس بن سعد: (النَّاس ينكرون على معاوية ما رواه)، أخرجه النَّسائيُّ أيضًا، وقد احتجَّ بهذا مَنْ قال: (إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان مُتمتِّعًا)؛ لقوله: (في أيَّام العشر)، إلَّا أنَّ هذه الزيادة لم تُروَ في «الصَّحيح»، وقد تقدَّم ما قاله ابن القيِّم، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ: ويحتمل أن يكون في الجعرانة، ثمَّ استدلَّ لذلك برواية النَّسائيِّ المتقدَّمة قبل هذا الحديث، ثمَّ تعقَّب الاستدلال بالحديث الثَّاني على أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان مُتمتِّعًا، انتهى.

(1/3408)


وقال شيخنا الشَّارح عن ابن حزم: «إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان بقي في حجَّة الوداع في رأسه بعض شعر بعد الحلاقة، فأخذها معاوية بمشقص، فقال: قصَّرت عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ»، انتهى [3]، وقد رأيت أنا في «مسند أحمد» من حديث ابن عبَّاس: «أنَّ معاوية أخبره أنَّه رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قصَّر من شعر بمشقص»، وهذا أولى بالصَّواب؛ لأنَّه تقدَّم أنَّ معاوية من مسلمة الفتح، وإنَّما قصَّر عليه الصَّلاة والسَّلام في عمرة [4] القضاء إن كان، اللَّهُمَّ إلَّا أن يكون ذلك في عمرة الجعرانة، وفي حفظي: أنَّ أبا هند الحجَّام حلق رأسه الكريم في عمرة الجعرانة، والله أعلم، ثمَّ رأيته كذلك.
قوله: (بِمِشْقَصٍ) هو بكسر الميم، ثمَّ شين معجمة ساكنة، ثمَّ قاف مفتوحة، ثمَّ صاد مهملة: هو نصل السَّهم الطَّويل غير العريض، وقال ابن دريد: هو الطَّويل العريض، وجمعه: مشاقص، وقال الدَّاوديُّ: هو السِّكِّين، قال ابن قرقول: وهذا تفسير على المعنى، وفي رواية الطَّبريِّ: (بمشاقص).
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).
[2] ما بين قوسين سقط من (ب).
[3] (انتهى): ليس في (ج).
[4] في (أ) و (ج): (عمر)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 450]

(1/3409)


[باب تقصير المتمتع بعد العمرة]

(1/3410)


[حديث: لما قدم النبي مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت]
1731# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، وهذا معروف عند أهله.

(1/3411)


[باب الزيارة يوم النحر]
قوله: (وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ [1] عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عبَّاس ... ) إلى آخره: قال الدِّمياطيُّ: (هو أبو الزُّبير مُحَمَّد بن مسلم المكِّيُّ، روى عن عائشة، وابن عبَّاس: «أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أخَّر طواف يوم النَّحر إلى اللَّيل»، رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه من حديث سفيان الثَّوريِّ عن أبي الزُّبير عنهما، قال التِّرمذيُّ: حديث حسن) انتهى، وكذا عزاه المِزِّيُّ في «أطرافه» إلى أصحاب الكتب الأربعة كما ذكره [2] الحافظ الدِّمياطيُّ، والله أعلم [3].
تنبيه: ما رواه أبو الزُّبير عن عائشة وابن عبَّاس غلط بيِّن خلاف المعلوم من فعله الذي لا يشكُّ فيه أهل العلم بحَجَّته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، قال التِّرمذيُّ في «علله»: (سألت مُحَمَّد بن إسماعيل عن هذا الحديث، وقلت له: سمع أبو الزُّبير من عائشة وابن عبَّاس؟ قال: أمَّا ابن عبَّاس؛ فنعم، وإنَّ في سماعه من عائشة نظرًا [4])، وقال أبو الحسن بن القطَّان: عندي أنَّ هذا الحديث ليس بصحيح، إنَّما طاف النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يومئذ نهارًا، إلى أن قال: وهذا شيء لم يُرو [5] إلَّا من هذه الطَّريق، وأبو الزُّبير مُدلِّس، ولم يذكر هنا سماعًا من عائشة، وقد عُهِدَ أنَّه يروي عنها بواسطة، ولا أيضًا من ابن عبَّاس، فقد عُهِد كذلك يروي عنه بواسطة، وإن كان قد سمع منه؛ فيجب التوقُّف فيما يرويه أبو الزُّبير عن عائشة وابن عبَّاس ممَّا لا [6] يذكر فيه سماعه منهما؛ لما عُرِف به من التَّدليس ولو عُرِف سماعه منهما لغير هذا، فأمَّا (ولم يصحَّ لنا أنَّه سمع من عائشة)؛ فالأمر بيِّن في وجوب التوقُّف إلى آخر كلامه، وهو حسن مليح، ويدلُّ على غلطه على عائشة: أنَّ أبا سلمة روى عنها، قالت: «حججنا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فأفضنا يوم النَّحر»، وقد غلط عليها أيضًا (مارواه ابن إسحاق) [7] فيما رواه عن عبد الرَّحمن بن القاسم، عن أبيه، عنها: «أنَّه عليه الصَّلاة والسلام أذن لأصحابه، فزاروا البيت يوم النَّحر ظهيرة»، وزار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ مع نسائه ليلًا»، قال البيهقيُّ: وأصحُّ هذه الرِّوايات حديثُ نافع عن ابن عمر، وحديث جابر، وحديث أبي سلمة، عن عائشة؛ يعني: أنَّه طاف نهارًا، وقد ذكر ابن القيِّم في «الهَدْي»: سبب الغلط، فإن أردته؛ فانظره، والله أعلم.

(1/3412)


قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عبَّاس): أبو حسَّان هذا: هو الأعرج البصريُّ، الأجرد، واسمه مسلمُ بن عبد الله، روى عن عليٍّ، وهو مرسل_ كما قاله أبو زرعة، وأبو حاتم_ وعائشة، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وابن عبَّاس، وعمران بن حُصَين [8]، وعَبيدة السَّلمانيِّ، والأسود [9]، وآخرين، وعنه: قتادة وعاصم الأحول، وثَّقه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به، أخرج له تعليقًا _كما ترى [10]_ البخاريُّ، وأخرج له مسلم والأربعة، وقوله: (ويذكر): هذه صيغة تمريض، كما تقدَّم، والمذكور عنه لم يصحَّ على شرطه عنده، وتعليقه هذا انفرد به البخاريُّ [11] من بين أصحاب الكتب السِّتَّة، قال شيخنا الشَّارح وابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي [12]» _واللَّفظ لابن القيِّم_: ورواه ابن عرعرة، قال دفع إلينا معاذ بن هشام كتابًا، قال: سمعته من أبي ولم يقرأه، قال: فكان فيه عن أبي حسَّان، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: «أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كان يزور البيت كلَّ ليلة ما دام في منًى»، وما رأيت أحدًا واطأه عليه، انتهى، ورواه الثَّوريُّ في «جامعه» عن ابن طاووس، عن أبيه مرسلًا، قال ابن القيِّم: وهو وهم، فإنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لم يرجع إلى مكَّة بعد أن طاف للإفاضة، ورجع إلى منًى إلى حين الوداع، والله أعلم، انتهى لفظه، وما رواه ابن عرعرة عزاه شيخنا الشَّارح إلى البيهقيِّ، ثمَّ [13] قال: ورواه ابن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، انتهى، وقد ذكره الذَّهبيُّ في ترجمة إبراهيم بن مُحَمَّد بن عرعرة في «الميزان»، فقال: قال الأثرم: قلت: لأبي عبد الله _يعني: أحمد ابن حنبل_ يُحفظ عن ابن عبَّاس: «أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كان يزور البيت كلَّ ليلة»؟ فقال: كتبوه من كتاب معاذ، ولم يسمعوه، فقلت: إبراهيم بن مُحَمَّد بن عرعرة يزعم أنَّه سمعه، فتغيَّر وجه أحمد، ونفض يده، وقال: كذبٌ، ما سمعوه منه، واستعظم ذلك، قال ابن المدينيِّ: روى قتادة حديثًا
[ج 1 ص 450]

(1/3413)


غريبًا، تفرَّد به هشام عنه، قال: حَدَّثَنَا أبو حسان عن ابن عبَّاس: «أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كان يزور البيت كلَّ ليلة ما أقام»، قال عليٌّ: فنسخته من كتاب معاذ بن هشام وهو حاضر، ولم أسمعه منه، فقال لي معاذ: هاتِ حتَّى أقرأه، قلت: دعْه اليوم، فما الذي يمنع أن يكون ابن عرعرة سمعه من معاذ؟ انتهى ما ذكره الذَّهبيُّ في ترجمة إبراهيم بن مُحَمَّد بن عرعرة السَّاميِّ ممَّا يتعلَّق بهذا الحديث، وقد صحَّح الذَّهبيُّ على ابن عرعرة هذا، فهو عنده ثقة، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (هو أبو الزبير محمد بن مسلم المكيُّ، روى عن عائشة وابن عباس: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل، رواه أبو داود، والتِّرمذيّ، والنَّسائيّ، وابن ماجه من حديث سفيان الثَّوريّ عن أبي الزبير عنهما، وقال التِّرمذيّ: حديثٌ حسنٌ).
[2] في (ج): (رواه).
[3] (أعلم): سقط من (ب).
[4] في (ب) و (ج): (نظر)، وهو خطأ، وزيد في (ب): (انتهى).
[5] في (ج) و (ب): (نره)، وهي في (أ) محتملة.
[6] في (ج): (لم).
[7] في (ب) بدل مما بين قوسين: (قيل نحو).
[8] في (ب) و (ج): (الحصين).
[9] في (ب): (وعبيدة)، ولعله سبق نظر.
[10] في (ج): (يروي).
[11] (البخاريّ): سقط من (ج).
[12] (الهدي): سقط من (ج).
[13] (ثم): ليس في (ج).

(1/3414)


[حديث: أن ابن عمر طاف طوافًا واحدًا]
1732# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته، وقد تقدَّم أنَّ مثل هذا مُتَّصل، غير أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر [1] بن الخطَّاب العُمريُّ.
قوله: (ثمَّ يَقِيلُ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ: من القيلولة.
قوله: (وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ): يعني: أنَّه رفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، واعلمْ أنَّ الحديث إذا اختَلفَ فيه الثِّقات _فبعضهم رواه موقوفًا، وبعضهم: مرفوعًا كهذا، أو بعضهم متَّصلًا، وبعضهم مرسلًا_؛ قدَّمت فيه أربعة أقوال، هل الحكم لمن وقف، أولمن رفع، أو لمن أرسل، أو لمن وصل؟ الصَّحيح: أنَّ الحكم لمن وصل، أو رفع، وقد صحَّح هذا الخطيبُ، وقال ابن الصَّلاح: إنَّه الصَّحيح في الفقه وأصوله، وقيل: الحكم لمن أرسل، أو وقف، وحكاه الخطيب عن أكثر أصحاب الحديث، الثَّالث: أنَّ الحكم للأكثر، والرابع: الحكم للأحفظ، والله أعلم، وإنَّما قدَّم البخاريُّ حديث سفيان [2]_هو الثَّوريُّ_ الموقوف على حديث عبد الرزاق المرفوع والله أعلم؛ لأنَّه ظهر لي من ترجمة الرَّجلين أنَّ سفيان أحفظ؛ فلهذا قدَّمه، والله أعلم.
==========
[1] (بن عمر): سقط من (ج).
[2] في (ب): (الذي هو).
[ج 1 ص 451]

(1/3415)


[حديث: حججنا مع النبي فأفضنا يوم النحر]
1733# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، تقدَّم، وكذا تقدَّم (الأَعْرَج) أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف.
قوله: (فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ): هي أمُّ المؤمنين بنت حُييِّ بن أخطب، تقدَّمت [1] ترجمتها رضي الله عنها.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ الْقَاسِمِ): تقدَّم أنَّ هذه صيغة تمريض، ولم يصحَّ عنده على شرطه، والقاسم: هو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر أحد الفقهاء السَّبعة، والعجب أنَّ حديث القاسم بذلك أخرجه هو نفسه (عن عبد الله بن يوسف) [2]، عن مالك، عن القاسم به في (الحجِّ)، وعروة: هو ابن الزُّبير، فالقاسم ابن أخي عائشة، وعروة ابن أختها، وتعليقه عنه عن عائشة: «أنَّ صفيَّة في حجَّة الوداع حاضت بعدما أفاضت»، أخرجه البخاريُّ في (المغازي) عن أبي اليمان، عن شعبة، عن الزُّهريِّ، عن عروة وأبي سلمة؛ كلاهما عن عائشة به [3]، والظَّاهر أنَّه أراد هذا،، وأمَّا ما يذكر عن الأسود، عنها؛ رواه البخاريُّ، وغيره، وهذا عجب أن يَذكُر تعليقًا ممرَّضًا، ويكون قد أخرجه مُسنَدًا، ولا أعرف ذلك منه إلَّا في بعض الشَّيء يصنع ذلك؛ لأنَّه علَّقه بالمعنى، وقد ذكرته في أوائل هذا التعليق، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ، مشهور.
==========
[1] في النُّسخ: (تقدم)، ولعل المثبت هو الصواب.
[2] ما بين قوسين سقط من (ب).
[3] (به): سقط من (ج).
[ج 1 ص 451]

(1/3416)


[باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا]

(1/3417)


[حديث: أن النبي قيل له في الذبح والحلق والرمي .. ]
1734# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بُن إسْماعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم الكلام على نسبته، وكذا تقدَّم (وُهَيْبٌ [1]) أنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابنُ طاوُوسٍ) أنَّه عبد الله.
==========
[1] في (ج): (وهب)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 451]

(1/3418)


[حديث: كان النبي يسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج]
1735# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو ابن مهران أبو المُنازِل، الحذَّاء، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ): (يُسأَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (فَسَأَلَهُ رَجُلٌ): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.
==========
[ج 1 ص 451]

(1/3419)


[باب الفتيا على الدابة عند الجمرة]

(1/3420)


[حديث: أن رسول الله وقف في حجة الوداع فجعلوا]
1736# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.
قوله: (عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ): هو ابن عبيد الله من الحكماء والعقلاء، روى عن أبي هريرة، وأبيه، وعائشة، وعنه: الزُّهريُّ، ويزيد بن أبي حبيب، وعدَّة، مات في سنة مئة ظنًّا، وثَّقه ابن معين وجماعة، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): هو ابن العاصي السَّهميُّ، له من الحديث سبعُ مئة، وقد اعترف له أبو هريرة بالحفظ، وقد قدَّمت ترجمته رضي الله عنه.
تنبيه: إنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة مَنِ اسمه عبد الله بن عمرو به ثمانيةَ عشرَ شخصًا؛ واحد منهم الصَّحيح: أنَّه تابعيٌّ، بل اثنان، والله أعلم، الرِّواية لصاحب التَّرجمة ولعبد الله بن عمرو بن وقدان العامريِّ؛ هو السَّعديُّ، والله أعلم [1].
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ): تقدَّم أنِّي لا أعرفه مرَّاتٍ.
قوله: (لَمْ أَشْعُرْ): أي: أعلم، وهذا ظاهر، وقد تقدَّم.
قوله: (فَجَاءَ آخَرُ): هذا الآخر لا أعلم أحدًا سمَّاه.
قوله: (قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، وهذا ظاهر.
==========
[1] (والله أعلم): سقط من (ج)، وزيد فيها قوله: (وقف بحجة الوداع فجعلوا يسألونه في حفظي من مناسك المحب الطَّبريُّ أو من أحكامه ولم أره بعد ذلك ثانيًا في المناسك أنَّه سئل عند الجمرة عن مسائل وعددها)، وضرب عليها في (أ).
[ج 1 ص 451]

(1/3421)


[حديث: افعل ولا حرج]
1737# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) قال الدِّمياطيُّ: ابن أبان بن سعيد بن العاصي (بن سعيد بن العاصي) [1] بن أميَّة، انتهى، الأمويُّ، عن أبيه وابن المبارك، وعنه: من عدا ابن ماجه، وابنُ صاعد، والمحامليُّ، ثقة، تُوفِّيَ سنة (249 هـ).
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِيُّ) مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم أعلاه (عِيسَى بْن طَلْحَةَ): هو ابن عبيد الله، وكذا تقدَّم (عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي)، وتقدَّم بعيدًا الكلام على العاصي في كتابته، وأنَّ النَّوويَّ قال: الصَّحيح فيه و (ابن الهادي)
[ج 1 ص 451]
و (ابن أبي الموالي) و (ابن اليماني): إثباتُ الياء، وتقدَّم ما [2] قاله ابن الصَّلاح في (العاصي)، والله أعلم.
قوله: (فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنِّي لا أعرفه، وكذا الآخر الذي بعده.
قوله: (وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ [3]): هو مجرور في أصلنا، والذي يظهر في إعرابه النَّصب، وفي بعض النُّسخ: بالرفع، والأخيران ظاهران، وأمَّا الجرُّ؛ فلا أعلم له وجهًا، (اللَّهمَّ إلَّا أن يكون معطوفًا على محلِّ: «أن أرمي»؛ لأنَّ محلَّه الجرُّ) [4]، والله أعلم.
قوله: (لَهُنَّ كُلِّهِنَّ): هو بجرِّ (كل)، وهذا ظاهر جدًّا.
==========
[1] ما بين قوسين سقط من (ج).
[2] (ما): سقط من (أ).
[3] في هامش (ق): (الذي يظهر في إعراب «وأشباه ذلك» فتح الهاء أو ضمها، ولا أعلم لكسرها _كما كان مضبوطًا أولًا في الأصل_ وجهًا).
[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

(1/3422)


[حديث: وقف رسول الله على ناقته]
1738# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: حَدَّثَنَا [2] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم الكلام عليه في (الصَّلاة)، ولم يذكرِ [الجيَّانيُّ] في الأماكن المذكور فيها (إسحاق عن يعقوب) هذا المكان في (الحجِّ)، وقال فيها: نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع إسحاق بن إبراهيم؛ يعني: ابن راهويه، قال: (وقد أتى إسحاق هذا عن يعقوب منسوبًا في رواية الأصيليِّ وابن السَّكن في «الحجِّ» في موضعين في «باب الفتيا على الدَّابة»؛ _يعني: هذا المكان_: «إسحاق بن منصور: أخبرنا يعقوب»، وقال: في «باب حجِّ الصبيان»: «أخبرنا إسحاق: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم»؛ [فذكر حديث ابن عبَّاس: «أقبلت وقد ناهزت الحلم»؛ الحديث، نسبه الأصيليُّ وحده في هذه المواضع: «إسحاق بن منصور»، وذكر أبو نصر أنَّ إسحاق بن إبراهيم] [3] وإسحاق بن منصور يرويان عن يعقوب هذا، وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزُّهريُّ) انتهى، وذكر شيخنا الشَّارح ما ذكره الجيَّانيُّ مختصرًا، ثمَّ قال: ورواه أبو نعيم من حديث ابن شيرويه: (حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا يعقوب)، فيكون إسحاق بن إبراهيم؛ لأنَّ عبد الله بن مُحَمَّد بن شيرويه روى عنه مسنده، ولم يُعلَم له رواية عن إسحاق بن منصور، انتهى، وقد راجعت «الأطراف» للمزِّيِّ، فلم أره نسبه، والله أعلم.
تنبيه: إنَّما أعاد البخاريُّ هذا الحديث؛ لأنَّ في الأوَّل رواه الزُّهريُّ عن عيسى بن طلحة بالعنعنة، وهو مُدلِّس، فأعاده ثانيًا؛ لما فيه من تصريح الزُّهريِّ بالتَّحديث من عيسى بن طلحة، والله أعلم، ولأنَّ عيسى بن طلحة رواه في الأوَّل بـ (عن) عن عبد الله بن عَمرو، وفي نسخة: (أنَّ) وهي مثلها، وثانيًا صرَّح فيه بالسَّماع من عبد الله، والله أعلم.
[قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على صالح، وهو ابن كيسان على ذلك، ومتابعة معْمر أخرجها مسلم والنَّسائيُّ] [4].
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وزيد في «اليونينيَّة»: (قال).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 452]

(1/3423)


[باب الخطبة أيام منى]

(1/3424)


[حديث: أن رسول الله خطب الناس يوم النحر]
1739# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): أنَّه [1] القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ، وكذا تقدَّم (فُضَيْلُ): أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، و (غَزْوَان): بالغين والزَّاي الساكنة المعجمتين.
قوله: (يَضْرِبُ): تقدَّم في أوَّل هذا التعليق أنَّه بالضَّمِّ، كذا الرِّواية، وتقدَّم أنَّ الإسكان يُفسد المعنى، وأنَّ أبا البقاء وابن مالك أجازا فيه الجزم على تقدير شرط، والله أعلم.
==========
[1] (أنَّه): ليس في (ب).
[ج 1 ص 452]

(1/3425)


[حديث: سمعت النبي يخطب بعرفات]
1740# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَمْرٌو): هو ابن دينار المشهور، تقدَّم.
قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو): الضَّمير في (تابعه) يعود على شعبة، ومتابعة ابن عيينة أخرجها مسلم، وابن ماجه.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنِي).
[ج 1 ص 452]

(1/3426)


[حديث: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا .. ]
1741# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه المسنديُّ، فإن كان هو؛ فقد تقدَّمت ترجمته، و (أَبُو عَامِرٍ): هو العَقَديُّ عبد الملك بن عَمرو، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (قُرَّةُ) بعده: هو ابن خالد السَّدوسيُّ، يروي عن أبي رجاء العطارديِّ وعدِّة، وعنه: القطَّان، وأبو نعيم، وغيرهما، وكان من العلماء الأثبات، مات سنة (154 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد، و (أَبُو بَكْرَةَ): تقدَّم أنَّه نُفَيع بن الحارث، وقيل: مسروح، تقدَّم، وهو صحابيٌّ مشهور.
قوله: (وَرَجُلٌ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحمن [1] حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن): (رجلٌ): مرفوع معطوف على (عبد الرَّحمن)، وهو مرفوع فاعلٌ [2]، وهذا معطوف عليه، و (أفضلُ): مرفوع صفة لـ (رجل)، و (حُميد) مرفوع بدل من (رجل)، وهو حُميد بن عبد الرَّحمن الحميريُّ البصريُّ، يروي عن أبي هريرة، وأبي بكرة، وسعد بن هشام، وجماعة، وعنه: ابن سيرين، ومُحَمَّد بن المنتشر، وجعفر بن أبي وحشيَّة، وآخرون، قال أحمد العجليُّ: ثقة، قال: وكان ابن سيرين يقول: هو أفقه أهل البصرة وكذا رُوِي عن شعبة، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، أخرج له الجماعة.
قوله: (يَوْمَ النَّحْرِ): (يوم): بالنَّصب على الخبر، والاسم: اليوم، والرَّفع على العكس، وكذا قوله: (ذَا الحَجَّة): كذا في نسخة هي في هامش أصلنا، وعليها (صح)، وفي الأصل: (ذو)، والعمل فيه كالعمل فيما قبله.
قوله: (فَرُبَّ مُبَلَّغٍ): هو بتشديد اللَّام مفتوحة، اسم مفعول، وهذا ظاهر.
==========
[1] زيد في النُّسخ: (هو): وهي ليس في «اليونينيَّة»، وكانت في (ق)، ثمَّ مُحِيَتْ، ولا تستقيم زيادتها مع إعراب (حميد) الآتي.
[2] في النُّسخ: (قل)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[ج 1 ص 452]

(1/3427)


[حديث: فإن هذا يوم حرام أفتدرون أي بلد هذا؟]
1742# قوله: (وأَعْراضَكُمْ): هو جمع (عِرْض): كلُّ ما ذُكِرَ به الرَّجلُ من نقص في أحواله، ونفسه، وسلفه، وقال ابن قتيبة: إنَّما عِرْض الرجل نفسه فقط، لا سلفه، وكذلك اختلفوا في شعر حسَّان، فقال ابن قتيبة: أراد نفسه، وقال ابن الأنباريِّ: أراد نفسه وسلفه الذي يُنتقَص، ويُذمُّ، أو يُمدَح، ويُبنَى عليه نسبهم، (وقد تقدَّم الكلام على العِرض غير هذه المرَّة) [1].
قوله: (وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْغَازِ): هو بالغين والزَّاي المعجمتين، ابن ربيعة الجرشيُّ أبو العبَّاس الدمشقيُّ، يروي عن مكحول وعطاء، وعنه: شَبَابة وأبو المغيرة، صدوق عابد، تُوفِّيَ سنة (156 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له [2] الأربعة، وتعليقه هذا أخرجه أبو داود وابن ماجه، والله أعلم.
[ج 1 ص 452]
قوله: (وَقَالَ: هَذَا يَوْمُ الحجِّ الأَكْبَرِ): اعلم أنَّ العلماء اختلفوا على ثلاثة أقوال في يوم الحجِّ الأكبر، وسأذكره في (سورة براءة) في (التَّفسير) مُطَوَّلًا [3] إن شاء الله تعالى، وأذكر الفاصل للنِّزاع، (وهو أنَّ النَّصَّ أنَّه يوم النَّحر، والقول الثاني: يوم عرفة، والثالث: أيَّام العشر) [4].
قوله: (فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (طفِق): معناه: جعل، وهو بكسر الفاء وفتحها، ولا يكاد يقولونها بالنَّفي، لكن في الإيجاب، ولا يُقال: ما طفق يفعل، والله أعلم.

(1/3428)


[باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟]

(1/3429)


[حديث: أن العباس استأذن النبي ليبيت بمكة ليالي منى]
1743# 1744# 1745# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وكذا تقدَّم (ابْنُ جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام.
قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على عبد الله بن نمير؛ أي: هؤلاء الثلاثة؛ حمَّاد بن أسامة أبو أسامة، وعقبة بن خالد، وأبو ضمرة أنس بن عياض تابعوه في روايته عن عبيد الله [1] بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، وهو أقرب مذكور، ويجوز أن يعود الضَّمير إلى الذي ساقه أنَّه رواه عن عبيد الله، فيعود على عيسى بن يونس، وعلى عبد الله بن نمير.
ومتابعة أنس أخرجها البخاريُّ في (الحجِّ) عن عبد الله بن أبي الأسود عنه به، ومتابعة حمَّاد بن أسامة أخرجها مسلم في (الحجِّ) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وأبو داود فيه عن عثمان ابن أبي شيبة؛ كلاهما عنه به، ومتابعة عقبة: قال شيخنا الشَّارح: عن الإسماعيليِّ، قال: وقد وصله بلا شكَّ فيه غيرُ من سمَّيت الدَّراورديُّ، وعليُّ بن مسهر، وأبو ضمرة، وعقبة بن خالد، ومُحَمَّد بن فليح، وموسى بن عبيد الله، وأرسله ابن المبارك عن عبيد الله، انتهى.
واصطلاحي أن أعزي المتابعات إلى ما هي فيه من الكتب السِّتَّة أو بعضها فقط، وقد أعزي بعض المتابعات أو الشواهد لخارج الكتب السِّتَّة أحيانًا.
==========
[1] في (ب): (عبد الله)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 453]

(1/3430)


[باب رمي الجمار]

(1/3431)


[حديث: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا]
1746# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وكذا تقدَّم (مِسْعَرٌ): أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين، وفتح العين المهملتين، ابن كِدام الكوفيُّ، العلم مشهور.
قوله: (عَنْ وَبرَةَ): هو بإسكان الموحَّدة وفتحها، قال ابن قرقول: عن ابن عمر وعن سعيد بن جبير، كذا قيَّدناه عن شيوخنا في «مسلم»؛ يعني: بالسُّكون، قال: وقيَّده الجيَّانيُّ بفتح الباء، وكذا قيَّدناه في «البخاريِّ»، وهو وبرة بن عبد الرَّحمن المسليُّ [1]؛ إلى بني مُسَيلة [2]، انتهى، وقد راجعت «التقييد» لأبي عليٍّ؛ فوجدته قيَّده بالفتح كما نقله عنه ههنا، وكذا هو مقيَّد في أصلنا بهما، وعليه (معًا)، وهو وبرة بن عبد الرَّحمن المسليُّ، عن ابن عبَّاس والأسود، وعنه: بيان بن بشر ومسعر، ثقة، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، قال ابن سعد: تُوفِّيَ في ولاية خالد القسريِّ، انتهى، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.
قوله: (فَارْمِه): هو فعل أمر، وفي آخره هاء السَّكت، ويجوز فيها السُّكون والكسر.
قوله: (نَتَحَيَّنُ): هو من طلب الحين وتحرِّيه، وهو الوقت؛ السَّاعة فما فوقها، قاله ابن عرفة، والصَّحيح: أنَّه اسم لما يقع فيه من الحركات؛ كالوقت لا يعرف [3] قدره في نفسه، لكن بما يقع فيه.
==========
[1] في (ج): (المسلمي)، وكذا في الموضع اللَّاحق، وهو تحريفٌ.
[2] في (ج): (مسيملة)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ج): (لا نعرف).
[ج 1 ص 453]

(1/3432)


[باب رمي الجمار من بطن الوادي]

(1/3433)


[حديث: والذي لا إله غيره، هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة]
1747# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف وكسر المثلَّثة.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هو ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وقد تقدَّم (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مهران، وتقدَّم (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ يَزِيدَ): هذا هو عبد الرَّحمن بن يزيد بن قيس النَّخعيُّ، أبو بكر الكوفيُّ، عن عمِّه، وعلقمة، وأخيه الأسود، وعن عثمان عند مسلم [1]، وسلمان وابن مسعود عند الجماعة [2]، وحذيفة عند البخاريِّ [3]، وأبي مسعود، وأبي موسى، وجماعة، وعنه: ابنه إبراهيم، وإبراهيم النَّخعيُّ، والشَّعبيُّ، وآخرون، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، تُوفِّيَ سنة (73 هـ)، ويقال: سنة (83 هـ)، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به طولًا غير طويل، أخرج له الجماعة.
قوله: (رَمَى عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل، من المهاجرين الأوَّلين وممَّن هاجر إلى الحبشة رضي الله عنه.
قوله: (هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ): إنَّما خصَّ (البقرة) دون غيرها من السُّور؛ لأنَّ فيها معظمَ المناسك، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ هذا، ثمَّ قال: وقيل: لطولها، وكثرة أحكامها، وعظم قدرها، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا): إنَّما أتى بهذا التَّعليق؛ لأنَّ سفيان _هو الثَّوريُّ_ مُدلِّس، وقد عنعن في السَّند الأوَّل، فأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ فيه تصريحَه بالتحديث من الأعمش.
وأمَّا (عبد الله بن الوليد)؛ فالوليد هو ابن ميمون العَدَنيُّ أبو مُحَمَّد الأمويُّ مولاهم، المكِّيُّ، عن الثَّوريِّ «مسنده» [4]، وزمعة بن صالح، وإبراهيم بن طهمان، وغيرهم، وعنه: أحمد ابن حنبل، وسعيد بن عبد الرَّحمن المخزوميُّ، وطائفة، قال أحمد: حديثه صحيح، ولم يكن صاحب حديث، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: لا يحتجُّ به، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقول عبد الله بن الوليد به لم يكن في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يعزه شيخنا لأحد؛ فاعلم ذلك، والله أعلم.
==========

(1/3434)


[1] (عند مسلم): ليس في (ب)، ورُمِز إليها برمزها في باقي النُّسخ، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
[2] (عند الجماعة): ليس في (ب).
[3] (عند البخاري): سقط من (ب) و (ج).
[4] في (ب): (سنده).
[ج 1 ص 453]

(1/3435)


[باب رمي الجمار بسبع حصيات]

(1/3436)


[حديث: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة]
1748# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة، الإمام، تقدَّم، وكذا (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا (عَبْد الرَّحمن بْن يَزِيدَ) أعلاه [1]، تقدَّم، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى): هي جمرة العقبة.
==========
[1] (أعلاه): ليس في (ب).
[ج 1 ص 453]

(1/3437)


[باب: يكبر مع كل حصاة]

(1/3438)


[حديث: من هاهنا والذي لا إله غيره قام الذي أنزلت .. ]
1750# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم أنَّه ثقة، وله مناكير نُقِمت عليه [1] اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»، وكذا تقدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
قوله: (سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ): هذا هو ابن يوسف بن الحكم الثَّقفيُّ، تقدَّمت ترجمته مختصرة في حجَّه بالنَّاس، وقتل ابن الزُّبير، وتاريخ وفاته وولاياته؛ فانظره قبل هذا.
تنبيه: استدرك الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخي هذا الاسم على الحافظ جمال الدين المِزِّيِّ [2] شيخ شيوخنا، فقال: لم
[ج 1 ص 453]
يذكره المِزِّيُّ، انتهى، وما فعله الحافظ المِزِّيُّ هو الظَّاهر؛ وذلك لأنَّ الحجَّاج قال مقالة أنكرها عليه الأعمش، واستغنى عليه فيها، وما قصد الأعمش الرِّواية عنه، ولا يلزم المِزِّيَّ أنَّ كلَّ من ذُكِر في شيء من الكتب السِّتَّة أن يذكره مُتَرجَمًا، إنَّما [3] كان يلزمه ذكره أن لو حدث عنه للرِّواية، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: الحجَّاج بن يوسف عن أنس، قال أبو أحمد الحاكم: أهل ألَّا يروى عنه، وقال النَّسائيُّ: ليس بثقة ولا مأمون، قال الذَّهبيُّ: يحكي عنه ثابت، وحُميد، وغيرهما، فلولا ما ارتكبه من العظائم والفتك والشَّرِّ؛ لمشى حاله، انتهى.
قوله: (لإِبْرَاهِيم): تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (حَاذَى [4] بِالشَّجَرَةِ): (حَاذى): أي: قابل، وهذا ظاهر.
قوله: (أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ): تقدَّم الكلام في تخصيصها قُبَيله.

(1/3439)


[باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة]
قوله: (ويُسْهِلُ): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ؛ أي: ينزل في السهل من الأرض عن المرتفع منها.
==========
[ج 1 ص 454]

(1/3440)


[حديث: أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات]
1751# قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي)، و (سَالِم): هو ابن عبد الله بن عمر، أحد الفقهاء السَّبعة على قول.
قوله: (الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا): هي بضمِّ الدَّال، كذا في أصلنا، وقال ابن قرقول: بالكسر والضَّمِّ: القريبة الدُّنوُّ إلى منًى، انتهى، وهي الجمرة التي تلي مسجد الخيف.
قوله: (عَلَى إثرِ [1]): تقدَّم أنَّ فيها لغتين: كسر الهمزة، وإسكان الثَّاء، وبفتحهما، وتقدَّم أنَّ شيخنا قال: إنَّه مثلَّث الهمزة.
قوله: (حَتَّى يُسْهِلَ): تقدَّم [2] أعلاه ما معناه [3].
==========
[1] في (ج): (إثره)، وهو تحريف.
[2] زيد في (ج): (أن فيها لغتين كسر الهمزة وإسكان الثَّاء وبفتحهما وتقدَّم أن شيخنا قال إنَّه مثلث الهمزة)، وهو تكرار.
[3] (أعلاه ما معناه): سقط من (ج).
[ج 1 ص 454]

(1/3441)


[باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى]

(1/3442)


[حديث: أن ابن عمر كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات]
1752# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن [1] أبي أويس عبد الله ابنُ أخت مالك، وقوله: (حَدَّثَنِي أَخِي): [أخوه: هو عبد الحميد بن أبي أويس أبو بكر الأصبحيُّ، تقدَّم الكلام عليه، وقد روى عن أبيه، وابن عجلان، وابن أبي ذئب، وعنه] [2]: أخوه إسماعيل، وأيُّوب بن سليمان، ومُحَمَّد بن رافع، ثقة، تُوفِّيَ سنة اثنتين ومئتين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وقد طال العهد به، وأنَّ الأزديَّ تكلَّم فيه بكلام فاحش، وتعقَّبه الذَّهبيُّ، فقال: هذه زلَّةٌ قبيحة؛ يعني: من الأزديِّ، والله أعلم.
قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن بلال، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] زيد في (ب): (أخت)، ولعله سبق نظر.
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 454]

(1/3443)


[باب الدعاء عند الجمرتين]

(1/3444)


[معلق بندار: أن رسول الله كان إذا رمى الجمرة التي تلي مسجد .. ]
1753# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): ذكر الجيَّانيُّ هذا المكان [1]، ثمَّ قال: هكذا وقع عن الأصيليِّ، وأبي مسعود الدِّمشقيِّ (مُحَمَّد) غير منسوب، ونسبه لنا ابن السَّكن في روايتنا عنه: (مُحَمَّد بن بشَّار)، قال الجيَّانيُّ: وقد روى البخاريُّ في (الأطعمة): عن مُحَمَّد بن المثنَّى، عن عثمان بن عمر، وذكر أبو نصر: أنَّ البخاريَّ قد حدَّث في «الجامع» عن مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن بشَّار، عن عثمان بن عمر، والله أعلم، انتهى ملخَّصًا، وذكر [2] شيخنا كلام الجيَّانيِّ مختصرًا [3]، وزاد: وروى أيضًا عن مُحَمَّد بن عبد الله _هو الذُّهليُّ_ عن عثمان، ورواه الإسماعيليُّ عن مُحَمَّد بن مثنَّى، والبيهقيُّ عن مُحَمَّد بن إسحاق الصغانيِّ: حَدَّثَنَا عثمان، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ورأيت في حاشية نسخة عتيقة: أنَّ أبا ذرٍّ قال: إنَّه مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، وهذا أيضًا ذكره شيخنا، ولم يعزه لأحدٍ.
[قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ ... )؛ الحديث: أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهريُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب] [4].
تنبيه: في هذا الحديث تقديم المتن على بعض السَّند، واعلم أنَّ الراوي إن قدَّم الحديث على السَّند، أو قدَّم [5] بعض الإسناد مع المتن على بقيَّة [6] السَّند _ كهذا_؛ فهذا لا يمنع الحكم باتِّصاله، ولا يمنع ذلك مَن روى كذلك _أعني: تحمُّلَه عن شيخه كذلك_ أن يبتدئ بالإسناد جميعه أوَّلًا، ثمَّ يذكر المتن كما جوَّزه بعض المتقدَّمين، قال ابن الصَّلاح: وينبغي أن يكون فيه خلاف نحو الخلاف في تقديم بعض المتن على بعض، فقد حكى الخطيب المنع من ذلك على القول: بأنَّ الرِّواية بالمعنى لا تجوز، والجواز على القول بأنَّ الرِّواية على المعنى تجوز [7]، ولا فرق بينهما في ذلك، ففيما فعله البخاريُّ دليل على الجواز إن كان مِن فعله، وأيًّا ما كان فعلُه؛ فهو دليل على الجواز، والله أعلم؛ لأنَّه خرَّجه في «صحيحه» مُستدِلًّا به.
قوله: (وَالْحَلْقِ قَبْلَ الإِفَاضَةِ): أي: قبل طواف الإفاضة، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (ج): (الكلام).
[2] في (ج): (وقد)، وهو تحريف.
[3] في (ب): (ملخصًا).

(1/3445)


[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[5] في (ب): (أو تقدَّم).
[6] زيد في (ب): (المتن كما جوزه بعض المتقدَّمين)، ولعلَّه سبق نظر.
[7] في (ج): (لا تجوز)، وليس بصحيح.
[ج 1 ص 454]

(1/3446)


[باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة]

(1/3447)


[حديث: طيبت رسول الله بيدي هاتين حين أحرم]
1754# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام المشهور، وقد تقدَّم بعض ترجمته في أوَّل هذا التعليق، ومن جملتها: أنَّ الشَّافعيَّ قال: لولا مالك وسفيان؛ لذهب علم الحجاز.
==========
[ج 1 ص 454]

(1/3448)


[باب طواف الوداع]

(1/3449)


[حديث: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه .. ]
1755# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): الظَّاهر أنَّه ابن عيينة، ومدركي في ذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ مُسدَّد ابنَ عيينة، ولم يذكر الثَّوريَّ، وراجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فما رأيته قيَّده، ولا هو مُقيَّد بمقتضى التَّصنيف، والله أعلم، وعبد الله بن طاووس روى عنه السُّفيانان.

(1/3450)


[حديث: أن النبي صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء]
1756# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، الإمام.
قوله: (بِالْمُحَصَّبِ): تقدَّم أنَّه الأبطح، وهو خَيف بني كنانة، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا، ومن أيِّ [1] شيء اشتُقَّ له هذا الاسم.
قوله: (تَابَعَهُ [2] اللَّيْثُ): يحتمل أنَّ الضَّمير يعود على ابن وهب وإن كان مِن جملة مَن أخذ عن اللَّيث، غير أنَّ اللَّيث رواه نازلًا، فرواه عن خالد _هو ابن يزيد_ عن سعيد، عن قتادة.
و (خَالِدٌ): هو ابن يزيد الجمحيُّ مولاهم، أبو عبد الرَّحيم البربريُّ، ثمَّ المصريُّ، الفقيه المفتي، يروي عن عطاء بن أبي رَباح، وسعيد بن أبي هلال، والزُّهريِّ، وجماعة، وعنه: حيوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيُّوب، واللَّيث، ومفضَّل بن فَضالة، وطائفة، وثَّقه النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: لا بأس به، قال حرملة: مات سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، والذي ترجَّح عندي أنَّ الضَّمير يرجع إلى عمرو بن الحارث؛ لأجل ما أذكره في الحكمة في الإتيان بهذه المتابعة، والله أعلم [3].
وأمَّا (سَعِيد)؛ فهو ابن أبي هلال اللَّيثيُّ مولاهم، المدنيُّ، ثمَّ المصريُّ، أبو العلاء، أحد المشاهير المُكثِرين، أرسل عن جابر وغيره، وروى عن نافع، وقتادة،
[ج 1 ص 454]
وابن المنكدر، والزُّهريِّ، وخلق، وعنه: سعيد المقبريُّ مع تقدُّمه، وعمرو بن الحارث، وهشام بن سعد، واللَّيث بن سعد، وجماعة، قال أبو حاتم: لا بأس به، يقال: مات سنة (135 هـ)، ويقال: سنة (133 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، من جهة كلام ابن حزم وحده فيه: ليس بالقويِّ.
ومتابعة اللَّيث لم تكن في شيء من الكتب السِّتَّة، وإنَّما أتى بهذه المتابعة؛ لأجل عمرو بن الحارث، وهو عالم الدِّيار المصريَّة، وشيخها، ومفتيها مع اللَّيث بن سعد، وقد وثَّقوه غير أنَّ الأثرم سمع أحمد ابن حنبل يقول: ما في المصريِّين أثبت من اللَّيث، وقد كان عمرو بن الحارث عندي ثقة [4]، ثمَّ رأيت له أشياء مناكير، وقال الأثرم أيضًا: إنَّه حمل على عمرو بن الحارث حملًا شديدًا، وقال: فروى عن قتادة أحاديث يضطرب فيها ويخطئ، والله أعلم، فلهذا أتى البخاريُّ [5] بمتابعة الليث.

(1/3451)


[باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت]

(1/3452)


[حديث ابن عباس: إذا قدمتم المدينة فسلوا]
1758# 1759# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): هذا هو حمَّاد بن زيد، الإمام، تقدَّم، وقد تقدَّم مرارًا أنَّ عارمًا إذا [1] أطلق حمَّادًا أو أطلقه سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه التَّبوذَكِيُّ، أو عفَّان، أو الحجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، انتهى، وكذا تقدَّم (أيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: ([فكان] فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ): (أمُّ): بالرَّفع اسم (كان)، و (أمُّ سليم): تقدَّم أنَّ اسمها سهلة، ويقال: رُميلة، ويقال: رميثة، ويقال: أُنيفة، ويقال: مليكة، ويقال: إنَّها الغميصاء، ويقال: الرُّميصاء، وقال أبو داود: الرُّميصاء، أخت أمِّ سُليم من الرضاعة، وأمُّ سليم أمُّ أنس، وهي أنصاريَّة رضي الله عنها.
قوله: (رَوَاهُ خَالِدٌ): هو خالد بن مهران أبو المُنازِل الحذَّاء، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وما رواه خالد لم يكن في شيء من الكتب السِّتَّة، وكذا رواية قتادة عن عكرمة، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (ب): (كان).
[ج 1 ص 455]

(1/3453)


[حديث ابن عباس: رخص للحائض أن تنفر إذا أفاضت]
1760# 1761# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، وتقدَّم أنَّه نُسِب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النَّسبة إليه: الفُرهوديُّ والفراهيديُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (وُهَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن خالد، وكذا (ابْنُ طَاوُوس): أنَّه عبد الله.
قوله: (رُخِّصَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا أنَّ مثل هذا اللَّفظ مثلُ: نُهِي عن كذا، أو أُمر بكذا؛ أنَّه مرفوع على الصَّحيح، وأنَّ بعضهم خصَّ الخلاف بمَن عدا الصِّدِّيق، أمَّا إذا قال الصِّدِّيق ذلك؛ فإنَّه يكون مرفوعًا بلا خلاف، وهو مَدْرَك حسن.
==========
[ج 1 ص 455]

(1/3454)


[حديث: ما كنت تطوفي بالبيت ليالي قدمنا؟]
1762# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم الحافظ، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): أنَّه ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ؛ كلُّهم مُترجَمين.
قوله: (لَا نرَى): تقدَّم مرَّات أنَّه بضمِّ النُّون وفتحها.
قوله: (فَحَاضَتْ هِيَ): أي: عائشة، وقد تقدَّم أنَّها حاضت بسرف يوم السَّبت، وطهرت عشيَّة [1] عرفة يوم الجمعة.
قوله: (فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ): تقدَّم أنَّها ليلة نزول المُحصَّب، وهي اللَّيلة التي تلي أيَّام التَّشريق، وكذا تقدَّم (التَّنعيم): وأنَّه المساجد، وكذا تقدَّم (مَكَان كَذَا): أنَّه بالرَّفع والنَّصب، وكذا تقدَّم الكلام على (صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ): أمُّ المؤمنين، وكذا (عَقْرَى حَلْقَى)، وكذا (مُصْعِدًا): وأنَّه المُبتدِئ للسَّير.
قوله: (فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مكَّة وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ): قد تكلَّمت على هذا المكان _وهو [2] مُشكِل_ بكلام حسن في تعليقي على «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ»، والحاصل: أنَّ هذا وهم في كلام طويل، فإن أردته؛ فانظره من تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس» في (حجَّة الوداع)، والله أعلم، والصَّحيح ما رواه الشَّيخان عن عائشة قالت: (خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... )؛ وذكرت الحديث: (حتى قضى الله الحجَّ، ونفرنا من مِنًى فنزلنا المُحصَّب، فدعا عبد الرَّحمن بن أبي بكر، فقال: «اخرج بأختك من الحرم، ثمَّ افرغا من طوافكما حتَّى تأتياني هنا بالمُحصَّب»، قالت: فقضى الله العمرة، وفرغنا من طوافنا في جوف اللَّيل، فأتيناه بالمُحصَّب، فقال: «فرغتما؟»، قلنا: نعم، فآذن في النَّاس بالرَّحيل، فمرَّ بالبيت فطاف به، ثمَّ ارتحل مُتوجِّهًا إلى المدينة)، فهذا أصحُّ حديث على وجه الأرض، وأدلُّه على فساد ما ذكره ابن حزم وغيرُه من تلك التَّقديرات التي لم [3] يقع منها شيء، ودليل على أنَّ حديث الأسود غير [4] محفوظ، وإن كان محفوظًا؛ فلا وجه له غير ما ذكرته في تعليقي على «سيرة أبي الفتح»، والله أعلم.

(1/3455)


قوله: (تَابَعَهُ جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ): الضَّمير في قوله: (تابعه) يعود على أبي عوانة، وقد تقدَّم أعلاه اسمه، واسم والده، و (جرير): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (منصور): أنَّه ابن المُعتمِر.

(1/3456)


[باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح]
قوله: (بِالأَبْطَحِ): تقدَّم أنَّه يُضاف إلى مكَّة ومِنًى؛ لأنَّه واحد، لكنَّه إلى مِنًى أقرب، وهو المُحصَّب، وهو خَيْف بني كنانة، وزعم بعضهم أنَّه ذو طوًى، وليس كذلك، قال الخليل: كلُّ مسيل فيه دقاق حصًى؛ فهو أبطح، قال ابن دريد: الأبطح والبطحاء: الرَّمل المنبسط على وجه الأرض، قال ابن دريد: الأبطح: أثر المسيل ضيِّقًا كان أو واسعًا.
==========
[ج 1 ص 455]

(1/3457)


[حديث ابن رفيع: سألت أنس: أخبرني بشيء عقلته .. ]
1763# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ): تقدَّم [1] أنَّه بضمِّ الرَّاء، وفتح الفاء، وكذا تقدَّم (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ): أنَّه ثامن [2] الحجَّة.
==========
[1] زيد في (ب): (مرارًا).
[2] زيد في (ب): (ذي).
[ج 1 ص 455]

(1/3458)


[حديث: أنه صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة]
1764# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، الإمام، وكذا تقدَّم (المُحَصَّب) أعلاه.

(1/3459)


[باب المحصب]

(1/3460)


[حديث: إنما كان منزل ينزله النبي ليكون أسمح لخروجه]
1765# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الفضل بن دُكَين.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (إنَّما كَانَ مَنْزِلٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (منزلًا)، وإعرابهما ظاهر.
==========
[ج 1 ص 455]

(1/3461)


[حديث: ليس التحصيب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله]
1766# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، العلم [1] المشهور، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (قَالَ عَمْرٌو): هو ابن دينار، وفي أصلنا: (قال عمرو) مكتوب عليه (لا ... إلى)، وعلامة راويه؛ تعني: أنَّه ساقط في روايةٍ، وفي إسقاطه نظر، وقد راجعت أصلنا الدِّمشقيَّ؛ فرأيته ثابتًا فيه، وكذا في «أطراف المِزِّيِّ»، والله أعلم.
وقوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.
قوله: (عَنِ ابْنِ عبَّاس [2]: لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَيْءٍ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ التَّحصيب: نزول المُحصَّب، وهو مُستحبٌّ اقتداءً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وليس هو من سنن الحجِّ ومناسكه، هذا معنى كلام ابن عبَّاس.
فائدة: ثمَّ أشياء مُستحبَّة للشخص، وليست هي من المناسك؛ منها هذا، ومنها: الدخول من كَداء باب المُعلَّى، فإنَّه يُستحبُّ لكلِّ داخل إلى مكَّة من أيِّ جهة كانت، وليس من المناسك، وكذا دخول البيت مُستحبٌّ لكلِّ أحد، وليس من المناسك، وينبغي أن يكون كذلك النزول بذي طوًى قبل أن يدخل مكَّة، أو يكون ذلك لمن كان من تلك الجهة، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (العالم).
[2] زيد في «اليونينيَّة»: التَّرضية، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (قال).
[ج 1 ص 455]

(1/3462)


[باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة]
قوله: (بِذِي طُوًى): تقدَّم الكلام عليه ولغاته، وأنَّه يُعرَف اليوم بآبار الزَّاهر.
==========
[ج 1 ص 455]

(1/3463)


[حديث: أن ابن عمر كان يبيت بذي طوى بين الثنيتين]
1767# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه أنس بن عياض.
قوله: (بِذِي طُوًى): تقدَّم بلغاته، وأعلاه أنَّه بآبار الزَّاهر، وكذا تقدَّم أنَّ (الثَّنيَّة): الطَّريق في الجبل، وتقدَّم أنَّ (الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مكَّة) عقبه باب
[ج 1 ص 455]
المُعلَّى، وهي كَداء؛ بفتح الكاف، والمدِّ.
قوله: (لَمْ يُنِخْ): هو بضمِّ أوَّله رباعيٌّ، وهذا ظاهر.
قوله: (الرُّكْنَ الأَسْوَدَ): يعني: الرُّكن الذي فيه الحجر الأسود.
قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم ضبطها، وكم هي على أميال من المدينة، وهي الميقات المعروف.
قوله: (يُنِيخُ بِهَا): تقدَّم أعلاه أنَّه بضمِّ أوَّله، وأنَّه رباعيٌّ.

(1/3464)


[حديث: نزل بها رسول الله وعمر وابن عمر]
1768# قوله: (سُئِلَ عُبَيْدُ اللهِ عَنِ الْمُحَصَّبِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ نَافِعٍ قَالَ: نَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): هذا مُرسَل؛ لأنَّ نافعًا ليس بصحابيٍّ، وإنَّما هو تابعيٌّ، وكذا روايته عن عمر رضي الله عنه مُرسَلة أيضًا، فإنَّه لم يدركه، وإن وقع في عامَّة نسخ «صحيح البخاريِّ» روايته عنه؛ فقد نُصَّ على أنَّه لم يدركه، قال المِزِّيُّ في (مسند نافع) عن عمر بعد ذكر حديث: (أنَّ عمر فرض للمهاجرين الأوَّلين أربعة آلاف ... )؛ الحديث: هكذا وقع في عامَّة الأصول، ووقع في بعضها: عن نافع عن ابن عمر: أنَّ عمر فرض ... ، وقد تقدَّم في ترجمة نافع عن ابن عمر عن عمر، انتهى.
وقوله: (وَابْنُ عُمَرَ): هذا متَّصل.
قوله: (وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ [1]: كَانَ يُصَلِّي ... )؛ الحديث: الذي ظهر لي أنَّ هذا معطوف على الذي قبله، فيكون رواه البخاريُّ عن عبد الله بن عبد الوهَّاب، عن خالد بن الحارث، عن عبيد الله _يعني: ابن عمر بن حفص المتقدَّم أعلاه_ عن نافع، وليس هذا تعليقًا، والله أعلم.
قوله: (وَيَهْجَعُ هَجْعَةً): هو بفتح أوَّله؛ لأنَّه ثلاثيٌّ؛ ومعناه: ينامُ نومةً.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: التَّرضية.
[ج 1 ص 456]

(1/3465)


[باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة]

(1/3466)


[معلق ابن عيسى: كان إذا أقبل بات بذي طوى حتى إذا أصبح دخل]
1769# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّد بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا حمَّاد): هذا هو مُحَمَّد بن عيسى بن نجيح البغداديُّ أبو جعفر بن الطَّبَّاع، سكن أذنة، وروى عن مالك، وأبي غسَّان مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأبي عوانة، وخلائقَ، وعنه: البخاريُّ تعليقًا كما تراه، هذا على ما يقوله المِزِّيُّ والذَّهبيُّ، وقد قدَّمت عن ابن الصَّلاح: أنَّ هذا متِّصل، وإنَّما أخذه عنه في حال المذاكرة، وروى عنه: أبو داود أيضًا، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، ومُحَمَّد بن إسماعيل التِّرمذيُّ، وخلقٌ، قال أحمد [1]: كيِّس فَهِمٌ [2]، وقال أبو حاتم: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع الثِّقة المأمون: ما رأيت من المُحدِّثين أحفظ للأبواب منه، وعن أبي داود: كان يتفقَّه، ويحفظ نحوًا من أربعين ألف حديث، وكان ربَّما دلَّس [3]، ولد مُحَمَّد في حدود سنة (150 هـ)، قال البخاريُّ: ومات في سنة (224 هـ)، أخرج له: البخاريُّ تعليقًا، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وهو ثقة، وثَّقه جماعة.
قوله: (حَدَّثَنَا حمَّاد): قال شيخنا الشَّارح: (قال الإسماعيليُّ: هو ابن سلمة، أخبرني بذلك: الحسن بن سفيان: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبان: حَدَّثَنَا حمَّاد [4]، وأخبرني أبو يعلى: حَدَّثَنَا أبو خيثمة: حَدَّثَنَا عفَّان: حَدَّثَنَا حمَّاد بن سلمة، عن الحسن، عن حُمَيد وبكر بن عبد الله عن ابن عمر، وأيُّوب عن نافع عن ابن عمر: وأخبرني أبو يعلى: حَدَّثَنَا أبو الربيع: حَدَّثَنَا حمَّاد بن زيد: حَدَّثَنَا أيُّوب، وأخبرنا أبو [5] عمران: حَدَّثَنَا الرَّماديُّ: حَدَّثَنَا يونس بن مُحَمَّد، عن أيُّوب عن نافع: أنَّ ابن عمر ... ؛ الحديث، وأمَّا أبو نعيم؛ فجزم بأنَّه ابن زيد، وأمَّا الحافظ جمال الدِّين المِزِّيُّ؛ فذكر رواية ابن الطَّبَّاع عن ابن زيد، ولم يذكرها عن ابن سلمة) انتهى، ولم يقيِّده في «الأطراف»، فالحاصل: أنَّ حمَّادًا قال بعضهم: إنَّه ابن زيد، وبعضهم: ابن سلمة، والله أعلم.
قوله: (عَنْ أيُّوبَ): هو أيُّوب بن أبي تميمة السَّختيانيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
==========
[1] في (ب): (فإن أحمد قال).
[2] في (ب): (فهيم).
[3] في (ج): (يدلس).
[4] في (ب): (أبان)، وليس بصحيح.
[5] (أبو): سقط من (ج).
[ج 1 ص 456]

(1/3467)


[باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية]

(1/3468)


[حديث: كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس]
1770# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام العلم الفرد.
قوله: (ذُو الْمَجَازِ): هو بفتح الميم، ثمَّ جيم مخفَّفة، وفي آخره زاي: سوق عند عرفة من أسواق الجاهليَّة، وفي «الصِّحاح» للجوهريِّ: موضع بمِنًى به سوق في الجاهليَّة.
قوله: (وَعُكَاظٌ): هو بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الكاف، وفي آخره الظَّاء المعجمة المشالة: سوق بقرب مكَّة.
قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الحجِّ} [البقرة: 198]): هذه قراءة شاذَّة، والمتواترة معروفة بغير (في مواسم الحجِّ)، وهذه قراءة ابن عبَّاس.

(1/3469)


[باب الإدلاج من المحصب]
قوله: (الإِدْلاَجِ): الدَّلَج مُحرَّكة، والدلجة؛ بالضَّمِّ والفتح [1]: السَّير من أوَّل اللَّيل، وقد أدلجوا، فإنْ ساروا من آخره؛ فادَّلجوا؛ بالتَّشديد.
قوله: (مِنَ الْمُحَصَّبِ): تقدَّم قبله الكلام عليه.
==========
[1] في (ج): (وبالفتح).
[ج 1 ص 456]

(1/3470)


[حديث: عقرى حلقى أطافت يوم النحر]
1771# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيمُ): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (حَاضَتْ صَفِيَّةُ): تقدَّم أنَّها أمُّ المؤمنين صفيَّة [1] بنت حُييٍّ بن أخطب، وتقدَّم بعض ترجمتها.
قوله: (مَا أُرَانِي): تقدَّم أنَّه بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّني، وقد تقدَّم، وكذا تقدَّم (عَقْرَى حَلْقَى).

(1/3471)


[حديث: خرجنا مع رسول الله لا نذكر إلا الحج]
1772# قوله: (وَزَادَنِي مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ): ذكر أبو عليٍّ الغسَّانيُّ هذا المكان، ومكانًا آخر في تفسير (المائدة) فيه: وزادني مُحَمَّد عن أبي النُّعمان، فقال: و (مُحَمَّد) في هذين الموضعين: هو مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ إن شاء الله، ونسب ابن السَّكن الذي في (الحجِّ) _يعني: هذا الذي نحن فيه_ مُحَمَّد بن سلام، فالله أعلم، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (مُحَمَّد) هذا: هو ابن عبد الله بن نمير، شيخ البخاريِّ كما بيَّنه الحافظ أبو نعيم في «مستخرجه»، ورواه من جهته، وقال الإسماعيليُّ: أخبرني الحسن بن سفيان [1]: حَدَّثَنَا ابن نمير: حَدَّثَنَا أبو معاوية؛ قالا: حَدَّثَنَا الأعمش، وأخبرني الحسن: حَدَّثَنَا ابن نمير: حَدَّثَنَا محاضر: حَدَّثَنَا الأعمش، وهذا حديث ابن نمير، وأبي معاوية وأبيه، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، وزعم الجيَّانيُّ أنَّ مُحَمَّدا هذا: هو الذُّهليُّ، ونسبه ابن السكن: مُحَمَّد بن سلام، انتهى، ولم يُبيِّنْه [2] المِزِّيُّ في «أطرافه».
واعلم أنَّ حكم (وزاد فلان) إذا كان المعزوُّ إليه الزيادة شيخَه، وأصرح منها في أنَّه لقيه وأخذ ذلك عنه [3]: (زادني
[ج 1 ص 456]
فلان)؛ أنَّه متَّصل، كما ذكره ابن الصَّلاح أبو عمرو، وقد ذكرته مُطَوَّلًا، وأنَّها كـ (قال فلان)؛ إذا كان شيخه، وكذا [4] (قال لي فلان)، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ): هو بضمِّ الميم، وتخفيف الحاء المهملة، وبعد الألف ضاد معجمة مكسورة، ثمَّ راء، وهو محاضر بن المُوَرِّع _بضمِّ الميم، وفتح الواو، ثمَّ راء مكسورة مشدَّدة، ثمَّ عين مهملة، وهذا معروف عند أهله_ الكوفيُّ، روى عن الأعمش وعاصم الأحول، وعنه: أحمد والذُّهليُّ، صدوق مغفَّل، تُوفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، وروى له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال أحمد: سمعت منه أحاديث، وكان مُغفَّلًا جدًّا، وقال أبو زُرْعة: صدوقٌ، وقال أبو حاتم: ليس بالمتين، قال أبو سعيد الحدَّاد: مُحَاضِر لا يحسن بصدق، فكيف يحسن بكذب؟! كنَّا نوقِّفه على الخطأ في كتابه، فإذا بلغ ذلك الموضع؛ أخطأ [5]، قال ابن عديٍّ: لم أر له حديثًا منكرًا، وذكره ابن حبَّان في «الثِّقات»، له في «مسلم» حديث: «ينزل ربُّنا [6]» فقط، له ترجمة في «الميزان».

(1/3472)


قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مِهران، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (فَخَرَجَ مَعَهَا أَخُوهَا): تقدَّم في «الصَّحيح» مرَّات أنَّه عبد الرَّحمن، وهو ابن أبي بكر [7]، والله أعلم.

(1/3473)


((26)) (بَاب [1] وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا) ... إلى (بَاب الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ)

(1/3474)


[حديث: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما]
1773# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): هو بضمِّ السِّين المهملة، وفتح الميم، وتشديد الياء، وزان (عُلَيٍّ)؛ مُصغَّرًا، هو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، عن مولاه وابن المسيّب، وعنه: مالك وورقاء، قُتِل يوم قديد سنة (130 هـ)، أخرج له [1] الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به، وقد وثَّقه أحمد وغيره.
قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّان): تقدَّم مرارًا أنَّه ذكوان، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ [2]): تقدَّم تفسيره، وأنَّه الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية، وعبارة بعضهم: الخالص الذي لا رياء فيه، ولا فسوق، ويكون بمال حلال، وهو هو، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا في أوائل التعليق، وفي (كِتَاب الحجِّ).
==========
[1] (له): ليس في (ج).
[2] في (ب): (مبرور).
[ج 1 ص 457]

(1/3475)


[باب من اعتمر قبل الحج]

(1/3476)


[حديث: اعتمر النبي قبل أن يحج]
1774# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): قال الجيَّانيُّ: (وقال: _يعني: البخاري_ في مواضع من الكتاب: حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك، قال أبو عبد الله النَّيسابوريُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العبَّاس، ويُلقَّب مردويه، وقال الدَّارقطنيُّ: أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شبُّويه) انتهى، وقد قدَّمت ذلك قبل هذا، وشيخنا لخَّص كلام الجيَّانيِّ، وأمَّا المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فلم يميِّزه؛ بل قال: أحمد بن مُحَمَّد فقط.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المبارك، وكذا تقدَّم (ابْنُ جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز، الإمام.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): هذا تعليق مجزوم به، فهو على شرطه إلى إبراهيم بن سعد، و (ابْن إِسْحَاقَ) الرَّاوي عنه إبراهيم بن سعد ليس من شرط البخاريِّ، وهذا ممَّا يدلُّك [2] على [3] أنَّ التَّعليق المجزوم به هو صحيح عمَّن علَّقه عنه، وأمَّا منه إلى آخره؛ فقد يكون على شرطه، وقد لا يكون؛ كهذا، فإنَّ ابن إسحاق ليس من شرطه، وتعليقه هذا لم أره في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولا عزاه شيخنا.
أمَّا (إبراهيم بن سعد)؛ فجدُّه إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ أبو إسحاق المدنيُّ، نزيل بغداد، وأحد الأعلام، عن أبيه، والزُّهريِّ، ويزيد بن الهادي، وصفوان بن سُليم، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، وابن إسحاق، وجماعة، وعنه: أبو داود الطيالسيُّ، وابن مهديٍّ، وابن وهب، والقعنبيُّ، وأحمد ابن حنبل، وخلقٌ كثيرٌ، وثَّقه أحمد، وابن مَعِين، وغيرهما، قال البخاريُّ: قال لي إبراهيم بن حمزة: كان عند إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق نحوٌ من سبعةَ عشرَ ألف حديث في الأحكام سوى المغازي، تُوفِّيَ سنة ثلاثٍ وثمانين ومئة، وقيل: سنة أربعٍ وثمانين، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3477)


قوله: (عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار أبو بكر، ويقال: أبو عبد الله المُطَّلبيُّ مولاهم المدنيُّ، الإمام في المغازي، رأى أنسًا، وروى عن عطاء، والزُّهريِّ، والطبقة، وعنه: شعبة، والحمَّادان، والسُّفيانان، ويونس بن بكير، وخلق، وكان من بحور العلم، صدوق، وله غرائبُ في سعة ما روى تُستنكَر، واختُلِف في الاحتجاج به، وحديثه حسن وفوق الحسن، وقد صحَّحه جماعة، تُوفِّيَ سنة (151 هـ)، وقيل: سنة اثنتين، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، وروى له مسلم مقرونًا، وروى له [4] الأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد ذكر أبو الفتح بن سيِّد النَّاس اليعمريُّ في أوَّل «سيرته» كلَّ ما رُمي به ابن إسحاق وأجاب عنه بأجوبة حسنةٍ حسنةٍ، فإن شئتها؛ فانظرها، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): هذا هو الفلَّاس [5]، الحافظ أبو حفص، أحد الأعلام، الصَّيرفيُّ، عن معتمر، ويزيد بن زُرَيع، والنَّاس، وعنه: الجماعة، وقد قدَّمته فيمن أخذ عنه الأئمَّة السِّتَّة، وروى عنه: مُحَمَّد بن جرير، وأبو روق الهِزَّانيُّ [6]، وخلق، قال أبو زُرْعة: لم نر بالبصرة أحفظ منه، ومن عليٍّ، والشَّاذكونيِّ، مات في سنة (249 هـ)، أخرج له الجماعة، قال النَّسائيُّ: ثقة، صاحب حديث، حافظ.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابْنُ جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز.
==========
[1] في (أ): (ثنا أنا)، وفي (ب) و (ج): (حدثنا).
[2] في (ج): (يدل).
[3] (على): ليس في (ب).
[4] (له): مثبت من (ج).
[5] في (ب): (القلاس)، وهو تصحيف.
[6] في (ب): (الهزالي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 457]

(1/3478)


[باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله: (بَابٌ: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اعتمر أربعًا كلَّهنَّ في ذي القِعدة إلَّا التي مع حجَّته، فإنَّها في ذي الحجَّة، فإنَّه كان قارنًا؛ لبضعةَ عشرَ دليلًا، ذكرها بعضُ مَن رجَّح القِرانَ، وأمَّا قول عبد الله بن عمر: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اعتمر أربعًا؛ إحداهنَّ في رجب؛ فوهم منه، وقد أنكرت عائشة قوله: في رجب، وأمَّا ما رواه الدَّارقطنيُّ عن عائشة قالت: (خرجت مع رسول الله صلَّى الله
[ج 1 ص 457]
عليه وسلَّم في عمرة في رمضان، فأفطر وصمت، وقصَر وأتممت ... )؛ الحديث؛ فهذا غلط، فإنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لم يعتمر في رمضان قطُّ، وعمره مضبوطة العدد والزَّمان، ونحن نقول: رحم الله أمَّ المؤمنين عائشة ما اعتمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في رمضان قطُّ، وقد قالت رضي الله عنها: (لم يعتمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلَّا في ذي القِعدة)، رواه ابن ماجه وغيره، ولا خلاف أنَّ عُمَره لم تزد على أربع، فلو كان قد اعتمر في رجب؛ لكانت خمسًا، ولو كان اعتمر في رمضان؛ لكانت ستًّا إلَّا أن يقال: بعضهنَّ في رجب، وبعضهنَّ في رمضان، وبعضهنَّ في ذي القِعدة، وهذا لم يقع، وإنَّما الواقع اعتماره في ذي القِعدة، كما قال أنس، وابن عبَّاس، وعائشة، وقد روى أبو داود في «سننه» عن عائشة [1]: (أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ اعتمر في شوَّال)، وهذا إنْ كان محفوظًا؛ فلعلَّه في عمرة الجعرانة حين خرج في شوَّال، ولكن إنَّما أحرم بها في ذي القِعدة، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

(1/3479)


[حديث ابن عمر: أربع إحداهن في رجب]
1775# 1776# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ ... ) إلى أن قال: (وَسَمِعْنَا [1] اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ في هذا حُجَّةً لمن قال: إنَّ مجاهدًا سمع من عائشة رضي الله عنها، وقد قال يحيى بن سعيد القطَّان: لم يسمع مجاهد من عائشة، وسمعت شعبة ينكر أن يكون سمع منها، وتبعهما على ذلك ابن مَعِين وأبو حاتم الرَّازيُّ، وحديثه عنها في «البخاريِّ» و «مسلم»، وقد صرَّح [2] في غير حديث بسماعه منها، وقد قال ابن المدينيِّ في «العلل»: إنَّه سمع منها، وفي «النَّسائيِّ» صرَّح بالتَّحديث منها من رواية موسى الجهنيِّ عن مجاهد، قال: أتى مجاهد بقدح فحزرته ثمانية أرطال، فقال [3]: حدَّثتني عائشة رضي الله عنها: (أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كان يغتسل بمثل هذا)، وقد تقدَّم هذا غير هذه المرَّة، والمُنكِرون لسماعه منها: شعبة، والقطَّان، وابن مَعِين، وأبو حاتم، حرَّر ذلك ابن أبي حاتم في كتاب «المراسيل»، وقد قدَّمت ذلك هنا، ولكنِّي جمعته.

(1/3480)


قوله: (وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلاَةَ الضُّحَى [4]، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاَتِهِمْ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ): الظَّاهر _والله أعلم_ أنَّه أراد بالبدعة: إيقاعها في المسجد جماعة، لا أصل الإيقاع، ويكون لم يبلغه حديث أبي لبابة في «أبي داود» عنه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «من خرج من بيته متطهِّرًا إلى صلاة مكتوبة؛ فأجره كأجر الحاجِّ المُحرِم، ومن خرج إلى تسبيح الضُّحى لا يُنصِبُه إلَّا إيَّاه؛ فأجره كأجر المعتمر»، وقد بوَّب المُحبُّ الطَّبريُّ على هذا الحديث: (باب استحباب فعلها في المسجد)؛ يعني: فعل صلاة الضُّحى، قال المُحبُّ: ورآهم يصلُّونها جماعة في المسجد، فأنكر إيقاعها في المسجد كذلك، والله أعلم، وقال النَّوويُّ عن القاضي عياض وغيره: إنَّ مراده هذا الأخير، ذكر ذلك في (كِتَاب الحجِّ)، وذكر في (كِتَاب الصَّلاة)؛ كلاهما من «شرحه لمسلم» هذا التأويل، قال: أو يقال: قوله: (بدعة)؛ أي: المواظبة عليها؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يواظب عليها؛ خشية أن تُفرَض، وهذا في حقِّه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد ثبت استحباب المحافظة في حقِّنا ... إلى أن قال: أو يقال: ابن عمر لم يبلغه فعلُه عليه الصَّلاة والسَّلام، وأمرُه بها، وكيف كان؛ فجمهور العلماء على استحباب الضُّحى، وإنَّما نقل النَّوويُّ فيها عن ابن مسعود، وابن عمر، انتهى، وأبي بكر، قاله المُحبُّ الطَّبريُّ، وقول النَّوويِّ في الجواب: إنَّه لم يبلغه _وكذا نقل عنه التوقُّف_ فيه نظر؛ إذ قد روى الحاكم عنه إثباتها قولًا أو فعلًا، كذا عزاه شيخنا إليه، وكأنَّه أراد المُصنَّف في الضُّحى الذي للحاكم، والله أعلم.
قوله: (أَرْبَعٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أربعًا)، وكلاهما في أصلنا، فإنَّه عمل على (أربع) رفعتين ونصبتين، أمَّا النَّصب؛ فظاهر إعرابه؛ أي: اعتمر أربعًا، وأمَّا الرفع؛ فعلى أنَّه خبر مبتدأ [5]؛ تقديره: عُمَره أربع، والله أعلم.
قوله: (أَرْبَعَ عُمرَاتٍ): يجوز في الميم السُّكون، والفتح، والضَّمُّ.

(1/3481)


قوله: (إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ): تقدَّم أعلاه الكلام في ذلك وردُّه، وقوله: (أربعًا)، وكذا في حديث أنس: (أربعًا)، اعلم أنَّ الحديبية صُدَّ عنها، ولم يدخل الحرم، ولم يطف، ولم يسعَ، ولكنَّها في [6] الأجر [7] عمرة؛ لأنَّه صُدَّ عنها، والرَّابعة التي مع حجَّته، هذا على [8] القول بأنَّه قارن، وفيه خلاف معروف، وسيأتي حديث البراء: (اعتمر النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في ذي القِعدة قبل الحجِّ مرَّتين) انتهى، فهذا لم يَعُدَّ التي صُدَّ عنها، ولا التي مع حجَّته، وهذا يحيل [9] إلى أنَّه أشبه، والله أعلم.
قوله: (وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ): أي: استياكها.
قوله: (مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحمن): هو عبد الله بن عمر، وهذا ظاهر، وهي كنيته.

(1/3482)


[حديث: ما اعتمر رسول الله في رجب]
1777# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، وكذا تقدَّم (عَطَاءٌ): أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم بعض ترجمته.
==========
[ج 1 ص 458]

(1/3483)


[حديث: أربع: عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون]
1778# قوله: (حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّان): اختُلِف في نون (حسَّان)؛ فقال بعضهم: زائدة، وقال بعضهم: أصل، وهو بصريٌّ، نزل مكَّة، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: وهو ابن أبي عبَّاد، انتهى، عن شعبة وهمَّام، وعنه: البخاريُّ وأبو زُرْعة، قال أبو حاتم: مُنكَر الحديث، قال البخاريُّ: كان المقرئ يثني عليه، تُوفِّيَ سنة (213 هـ)، انفرد البخاريُّ بالإخراج له، وله ترجمة في «الميزان».
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ): تقدَّم فيها لغتان؛ التَّخفيفُ والتَّشديد.
قوله: (فِي ذِي الْقعْدَةِ): تقدَّم أنَّها بفتح القاف وتُكسَر.
قوله: (الْجِعرَانَةِ): تقدَّم فيها لغتان؛ التَّشديدُ والتخفيف [1]، وكلاهما صواب.
قوله: (أُرَاهُ): أي: أظنَّه، وهذا ظاهر.
قوله: (كَمْ حَجَّ؟ قَالَ: وَاحِدَةً): يعني [2]: بعد الهجرة، وأمَّا قبلها؛ ففي «البخاريِّ» و «مسلم» عن أبي إسحاق: وبمكَّة أخرى، ويعني بأبي إسحاق: السَّبيعيَّ، وفي غير «البخاريِّ» و «مسلم»:
[ج 1 ص 458]
قبل الهجرة حجَّتين، وذلك في «التِّرمذيِّ» من حديث جابر قال: (حجَّ ثلاث حجج؛ حجَّتين قبل أن يهاجر، وحجَّة بعدما هاجر)، قال التِّرمذيُّ: غريب من حديث سفيان لا نعرفه إلَّا من حديث زيد بن حُبَاب، ثمَّ ذكر كلامًا آخر عليه، وقيل: إنَّه حجَّ حججًا، وسيأتي هذا مع زيادة في (حجَّة الوداع) إن شاء الله تعالى [3] وقدَّره.

(1/3484)


[حديث: اعتمر النبي حيث ردوه ومن القابل عمرة الحديبية]
1779# 1780# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، [وَعُمْرَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ [1]، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ): قال شيخنا: أُراه وهمًا؛ لأن الصَّواب أنَّ التي رُدَّ فيها عمرةُ الحديبية [2]] [3] عام ستَّةٍ، واعتمر من قابل، ولم يَزِد، كذا في «كتاب ابن التِّين»، قال شيخنا: ولا وهم؛ لأنَّ قوله: (عمرة الحديبية)؛ لبيان التي رُدَّ فيها، وقوله: (وعمرة في ذي القعدة) بيان للقابلة، انتهى، ويحتمل أن يقال: إنَّ الكلام فيه تقديم وتأخير؛ وتقديره: اعتمر حيث ردُّوه عُمرةَ الحديبية، ومن القابل؛ يعني: عمرة القضيَّة، وعمرة في ذي القعدة؛ يعني: الجعرانة، وعمرة مع حجَّته، وهذا يكون صحيحًا، والله أعلم، وسيأتي في [4] الذي بعده ما يُوضِّحه.
قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ): هو بضمِّ الهاء، وإسكان الدَّال المهملة، ثمَّ مُوحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وهو ابن خالد بن أسود بن هُدْبة القيسيُّ [5] أبو خالد البصريُّ، الحافظ المُسنِد، ويقال له: هدَّاب، وهو لقبه، عن حمَّاد بن سلمة وجرير بن حازم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والبغويُّ، وأبو يَعْلَى، قال ابن عديٍّ: لا أعرف له حديثًا مُنكَرًا، تُوفِّيَ سنة (235 هـ)، وقيل غير ذلك، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود الآخذون عنه، وثَّقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأمَّا النَّسائيُّ؛ فقال: ضعيف، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ، الحافظ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] (وعمرة في ذي القعدة): سقط من (ب).
[2] زيد في (ب): (وعمرة في ذي القعدة وعمرة مع حجته)، وهو تكرار.
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[4] (في): ليس في (ب) و (ج).
[5] في (ب): (البيسي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 459]

(1/3485)


[حديث: اعتمر رسول الله في ذي القعدة قبل أن يحج]
1781# قوله: (حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، وقد تقدَّم أنَّ كلَّ مَن في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» (شُريحٌ)؛ بالشِّين المعجمة، والحاء المهملة، إلَّا هذه الأسماء التي قد ذكرتها لك قبل هذا، قال شيخنا العراقيُّ في «منظومته»:
~…وابنُ أبي شُرَيحٍ أَحْمَدُ ائْتَسَا…بِوَلَدِ النُّعمانِ وابنِ يُونُسَا
قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تقدَّم مرارًا أنَّه السَّبيعيُّ، وأنَّ اسمه عمرو بن عبد الله، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (سَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَطَاءً وَمُجَاهِدًا): أمَّا (مسروق)؛ فهو ابن [1] الأجدع [2] أبو عائشة الهمْدانيُّ، أحد الأعلام، عن أبي بكر، ومعاذ، وعمر، ومعاوية، وعنه: إبراهيم، وأبو إسحاق، ويحيى بن وثَّاب، قال مُرَّة الطَّيِّب [3]: ما ولدت همدانيَّة مثله، وثناء النَّاس عليه كثير، قال ابن مَعِين: ثقة لا يُسأَل عن مثله، تُوفِّيَ سنة (63 هـ)، أخرج له الجماعة، وأمَّا «عطاء [4]»؛ فهو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، ومرَّة [5] مُتَرجَمًا [6]، وأمَّا (مجاهد)؛ فهو ابن جبر، الإمام المشهور، تقدَّم.
قوله: (فقالوا: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ): هذا مُرسَل؛ لأنَّهم تابعيُّون [7].
[قوله: (وَسَمِعْتُ [8] الْبَرَاءَ [9] ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو أبو إسحاق السَّبيعيُّ، تقدَّم أعلاه، وغير مرَّة أنَّه عمرو بن عبد الله] [10].

(1/3486)


[باب عمرة في رمضان]

(1/3487)


[حديث: فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرةً في رمضان حجة]
1782# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّ (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ وشيخهم، وتقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتقدَّم (عَطَاء): أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.
قوله: (لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ [1]): هذه المرأة جاءت مُسمَّاة في «البخاريِّ» و «مسلم» بأمِّ سنان الأنصاريَّة، قال شيخنا: وللتِّرمذيِّ والحاكم: (أمُّ معْقل)؛ يعني: بالعين المهملة الساكنة، والقاف، الأسديَّة، قال: وكنَّاها [2] بعضهم أمَّ طليق، قال شيخنا: وكأنَّ هؤلاء النِّسوة كلُّ واحدة قال لها عليه الصَّلاة والسَّلام ذلك، والله أعلم، انتهى، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ حديث أمِّ سنان وأمِّ معْقل، ثمَّ قال: وقد رُوِيَ: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال لنسوة غيرهما: أمُّ طليق، وأمًّ سُلَيم، وأمُّ الهيثم، وقال في «المناسك» له: وقد رُوِي: أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ [3] قال ذلك لعدَّة نسوة؛ أمِّ معْقل وأمِّ سنان _كما تقدَّم ذكره_ وأمِّ طليق، وأمِّ الهيثم، انتهى، واسم أبي معقل: يقال: هيثم، وأمُّ معقل: زينب، وقد ذكر أبو عمر أمَّ معقل، فذكر هذا الحديث، وأنَّ فيه اضطرابًا، وهي أمُّ طليق عند بعضهم لها كنيتان، وذكر أمَّ طليق، فقال: لها صحبة، حديثها مرفوع: «عمرة في رمضان تعدل حجَّة» فيه نظر.
قوله: (كَانَ لَنَا نَاضِحٌ): هو بالضَّاد المعجمة، والحاء المهملة: وهو البعير الذي يُستقَى عليه الماء، وقد تقدَّم.
قوله: (فَرَكِبَهُ أَبُو فُلاَنٍ وَابْنُهُ): (أبو فلان): هو أبو سنان زوج أمِّ سنان، وهو أبو سنان الأسديُّ وهب بن عبد الله، وقيل: ابن محصن، وقيل: اسمه عامر، وقيل: عبد الله، وقيل: هو أخو عُكاشة بن محصن، شهد بدرًا، تُوفِّيَ سنة خمس كما قيل، وقال الشَّعبيُّ: وزُرُّ بن حبيش إنَّ أوَّل مَن بايع تحت الشجرة أبو سنان وهبٌ، فبطل [4] قول من ورَّخه، قاله الذَّهبيُّ [5] في «تجريده»، انتهى [6]، وأيضًا الحديث في العمرة يردُّه أشدَّ الردِّ، وسيأتي الخلاف في أوَّل مَن بايع، وفيه أقوال، والصَّواب: سنان بن أبي سنان، لا والده، مُطَوَّلًا إن شاء الله تعالى في (الحديبية).

(1/3488)


قوله: (وَابْنُهُ): هو سنان بن أبي سنان بن محصن الأسَديُّ، ابن أخي عُكاشة بن محصن، بدريٌّ من السابقين، وهذا أوَّل المُبايِعين [7] على الصَّحيح وفي لفظ الأكثر، وقال ابن سيِّد النَّاس: إنَّه الصَّواب، قال أبو عمر: تُوفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين، انتهى، وسيأتي ذلك مُطَوَّلًا.
قوله: (نَنْضِح عَلَيْهِ): هو بكسر الضَّاد، ويجوز فتحها.
قوله: (تعدل [8] حَجَّةٌ أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَالَ): اعلم أنَّه روى الحاكم في «المستدرك» من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما حديثًا، وفيه قصَّة، ومنها: وأخبرها أنَّها تعدل حجَّةً مع عمرة في رمضان، على شرط البخاريُّ ومسلم، قال الذَّهبيُّ في «تلخيصه»: عامر _يعني: الأحول_ ضعَّفه غير واحد، وبعضهم قوَّاه، ولم يحتجَّ به البخاريُّ، انتهى.
==========
[1] في هامش (ق): (هذه المرأة: جاء تسميتها في «البخاريّ» و «مسلم»: أم سنان الأنصارية، وللتِّرمذيّ والحاكم: أم معقل الأسدية، وروى ابن منده أنَّها أم طليق، وكان ولاء النسوة كل واحدة قال لها الشارع ذلك، والله أعلم، قال المحب الطَّبريّ: حديث أم سنان وأم معقل، ثم قال: وقد روي: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لنسوة غيرهما: أم طليق، وأم سُلَيم، وأم الهيثم).
[2] في (ب): (وكنى).
[3] في (ب): (عليه الصَّلاة والسَّلام).
[4] في (ج): (فطل)، وهو تحريف.
[5] في (ب): (الذارقطني)، وليس بصحيح.
[6] (انتهى): ليس في (ج).
[7] في (ب): (التابعين)، وهو تصحيفٌ، وفي (ج): (المتابعين).
[8] (تعدل): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 1 ص 459]

(1/3489)


[باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها]
قوله: (لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ): تقدَّم أنَّها ليلة نزول المُحَصَّب، وهي الليلة التي تلي أيَّام التَّشريق.
[ج 1 ص 459]

(1/3490)


[حديث: من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل]
1783# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّد بْنُ سَلاَمٍ): كذا في أصلنا، ولكن على (ابن سلَام) علامة نسخة: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): تقدَّم الكلام على (مُحمَّد عن أبي معاوية)، وذكر الأماكن التي وقعت له، وأغفل [الجيَّانيُّ] أبوابًا أخرى، وقد ذكرت ما ذكره في (الجنائز)، ومُلخَّصه: أنَّ ابن السكن نسبه في بعض هذه المواضع: ابن سلَام، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في (كِتَاب النِّكاح) وغيره، فقال: (حَدَّثَنَا ابن سلَام: حَدَّثَنَا أبو معاوية)؛ فذكر حديثًا، وقال في (كِتَاب الوضوء): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المثنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خازم)؛ فذكر حديثًا، ثمَّ قال: وذكر أبو نصر في كتابه: أنَّ مُحَمَّد بن سلام ومُحَمَّد بن المثنَّى يرويان عن أبي معاوية، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه.
قوله: (أَخْبَرَنَا [2] أَبُو مُعَاوِيَةَ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن خازم الضَّرير؛ بالخاء المعجمة، والزَّاي، مشهور.
قوله: (مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الحَجَّةِ): كذا هنا، وقد تقدَّم مثله، ويأتي أيضًا، والذي في أكثر الرِّوايات عنها وعن غيرها: أنَّهم خرجوا لخمس بقين من ذي القِعدة، والظَّاهر أنَّها قالت: ما هنا [3] على المقاربة، وهذا أولى من توهيم هذه الرِّواية، وقد قدَّمت ذلك في أوَّل هذا التَّعليق على أنَّه على المجاز؛ لحديثها الآخر.
قوله: (فَأَظَلَّنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ): (أظلَّني): أي: دنا منِّي [4] وقرُب.
قوله: (فَلَمَّا كَانَتْ [5] لَيْلَة الْحَصْبَةِ): تقدَّم ضبطها، وأنَّها ليلة نزول المُحصَّب، وهي اللَّيلة [6] التي تلي [7] أيَّام التَّشريق.
قوله: (إِلَى التَّنعيم): تقدَّم ضبطه، ولِمَ قيل له ذلك، وأنَّه المساجد، وتقدَّم أنَّ بين مكان الإحرام وباب المسجد ستَّةَ عشرَ ألف خطوة.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)، وكذا في هامش (ق) مصحَّحًا عليه.
[2] في النُّسخ: (حَدَّثَنَا)، والمثبت موافق لما «اليونينيَّة» و (ق)، ولما ذُكِر أعلاه.
[3] (ما هنا): ليس في (ب).
[4] في (ب): (عني)، وهو تحريف.
[5] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كان).
[6] (الليلة): ليس في (ب).
[7] (تلي): سقط من (ج).
[ج 1 ص 460]

(1/3491)


[باب عمرة التنعيم]
قوله: (بَابُ عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ): اعلمْ أنَّ أفضل بقاع [1] الحلِّ لمن أراد العمرة الجعرانةُ، ثمَّ التَّنعيم، ثمَّ الحديبية، وأقرب الثلاثة من مكَّة التَّنعيم، فإنَّها على ثلاثة أميال، وقيل: أربعة، ثمَّ الجعرانة، فإنَّها على ستَّة فراسخ، وكذا الحديبية على ما قاله الرَّافعيُّ، انتهى، وهي على نحو مرحلة من مكَّة، وقال الرُّويانيُّ والبندنيجيُّ: الجعرانةُ أبعدُها، وقال ابن يونس وابن الرِّفعة: الحديبية أبعدها، وقد قدَّمت ما بين مكان الإحرام من التَّنعيم إلى باب المسجد أعلاه، وقبله أيضًا، وقدَّم الشَّيخ أبو حامد والغزاليُّ _على ما نقله ابن يونس عنه_ الحديبيةَ على التَّنعيم، وهو غريب، وقد ذكرته في (كِتَاب الحيض).
==========
[1] زيد في (ب): (الأرض).
[ج 1 ص 460]

(1/3492)


[حديث: أن النبي أمره أن يردف عائشة]
1784# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، الإمام، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ومرارًا بغير ترجمة.
قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو عمرو بن دينار المكَّيُّ، الإمام.
قوله: (سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ): هو عمرو بن أوس الثَّقفيُّ، عن أبيه، والمغيرة، وعدَّة، وعنه: ابن سيرين، وعمرو بن دينار، وعدَّة، قال فيه أبو هريرة: تسألوني وعندكم عمرو بن أوس؟ أخرج له الجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، قال البخاريُّ: مات قبل سعيد بن جبير، قُتِل سعيد سنة (95 هـ).
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ مرَّة: سَمِعْتُ عَمْرًا، كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو): تقدَّم أنَّ (سفيان) الذي في السَّند: هو ابن عيينة، وهو قائل ذلك، و (عمرو): هو ابن دينار، وهذا ظاهر، لكن لا يضرُّ التنبيه عليه في هذه الأزمان.
==========
[ج 1 ص 460]

(1/3493)


[حديث: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا]
1785# قوله: (عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو حبيب بن أبي قريبة، ويقال: حبيب بن أبي بقيَّة، وحبيب بن زائدة، ويقال: حبيب بن زيد المُعلِّم، وقد قدَّمت ذلك؛ فاعلمه.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم [1] مرارًا، ومرَّةً بترجمة.
[قوله: (غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أنَّ (غير): يجوز فيها الجرُّ، والرَّفع، والنَّصب] [2].
قوله: (وَطَلْحَةَ): هو طلحة بن عبيد الله، وإنَّما قيَّدته [3]؛ لأنَّ في الصَّحابة مَن اسمه طلحة ثمانيةَ عشرَ شخصًا؛ منهم مَن الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ ثلاثة أشخاص، والمشار إليه هنا هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم التَّيميُّ أبو مُحَمَّد، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة رضي الله عنهم، تُوفِّيَ سنة (36 هـ) في الجمل شهيدًا رحمة الله عليه [4]، ترجمته معروفة، والجمل سنة ستٍّ وثلاثين.
قوله: (وَأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أَذِنَ لأَصْحَابِهِ): (أنَّ): بفتح الهمزة، معطوف على (أنَّ) الأولى، ويجوز في هذه الكسر على أنَّها ابتدائيَّة، والله أعلم.
قوله: (وَأَنَّ سُرَاقَةَ [5] بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ): هو كنانيٌّ مُدْلِجِيٌّ [6]، كنيته أبو سفيان، أسلم بعد الطَّائف، ترجمته معروفة، وقد قدَّمته، وقدَّمت في (جعشم) لغتين؛ فتحَ الجيم والشِّين المعجمة، وضمَّهما، وقيل: إنَّ الأوَّلَ أفصح.
قوله: (بَلْ لِلْأَبَدِ): أي: لآخر الدَّهر، والأبد: الدَّهر.

(1/3494)


[باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي]

(1/3495)


[حديث: من أحب أن يهل بعمرة فليهل ومن أحب أن يهل .. ]
1786# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، إمام أهل الحديث، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الحَجَّةِ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه، وأنَّه على المجاز، وأنَّه أولى من توهيمه، وقد تقدَّم قبل ذلك أيضًا، وتقدَّم أنَّ (ذا الحجَّة)؛ بالكسر والفتح [1].
قوله: (فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ): تقدَّم أنَّها حاضت يوم السَّبت بسَرِف، وتقدَّم على كم ميل هي من مكَّة، وطهرت عشيَّة عرفة، والله أعلم.
قوله: (لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّها ليلة نزول المُحصَّب، وأنَّها اللَّيلة التي تلي أيَّام التشريق، والله أعلم.
قوله: (وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ ... ) إلى آخره: تقدَّم الكلام عليه، وهو أنَّ هذا من قول هشام بن عروة، جاء ذلك في «صحيح مسلم» مُصرَّحًا به، وكذا في «البخاريِّ» [2]، قال مسلم: حَدَّثَنَا أبو كريب: حَدَّثَنَا وكيع: حَدَّثَنَا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ فذكرتْ الحديث، وفي آخره في ذلك: أنَّه قُضِي حجُّها وعمرتها، قال هشام: ولم يكن في ذلك هَدْيٌ، ولا صيام، ولا صدقة، انتهى، (ورُوِّينا في كتاب «السُّنن» لابن الصَّبَّاح أنَّه من قول عروة والد هشام، ولعلَّهما قالاه) [3]، واعلم أنَّ الذي عليه الصحابة، والتَّابعون، ومن بعدهم: أنَّ القارن يلزمه الهديُ كما يلزم المتمتِّع، بل هو متمتِّع حقيقة في لسان الصحابة، اللَّهمَّ [4] [إلَّا] أن يكون المتمتِّع من حاضري المسجد الحرام، وأمَّا هذا الحديث؛ فالصَّحيح أنَّ هذا الكلام الأخير من قول هشام، والله أعلم.

(1/3496)


[باب أجر العمرة على قدر النصب]
[ج 1 ص 460]
قوله: (بابٌ: أَجْرُ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ): هو التَّعب، والنَّصَب: الإعياء.
تنبيه: هل الحجُّ راكبًا أفضل أم ماشيًا؟ فيه قولان للشَّافعيِّ، قال النَّوويُّ: والمذهب الرُّكوب أفضل؛ اقتداءً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ولأنَّه أعون على مهمَّات العبادة، انتهى، وقد تقدَّم أنَّ الوقوف الرُّكوبُ فيه أفضل على الأصحِّ، وكذا تقدَّمت هذه المسألة أنَّ الحجّ راكبًا أفضل.

(1/3497)


[حديث: انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم]
1787# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر أبي [1] عون عبد الملك بن يزيد الهلاليُّ أبو مُحَمَّد البغداديُّ الخرَّاز الزَّاهد، تقدَّم هذا [2]، وأنَّه لم يرو له البخاريُّ، إنَّما روى لابن أمير مصر مسلم والنَّسائيُّ، وصاحب التَّرجمة المذكور في «البخاريِّ» عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون، مولى عبد الله بن مغفَّل [3] المزنيِّ، وهو أحد الأعلام، عن إبراهيم، وأبي وائل، ومجاهد، وعنه: شعبة، والقطَّان، ومسلم بن إبراهيم، قال هشام بن حسَّان: لم تر عيناي مثل ابن عون، تُوفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة، تقدَّم [4]، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (يَصْدُرُ النَّاس): هو بفتح أوَّله، وسكون الصَّاد، وضم الدَّال المهملتين، ثمَّ راء؛ أي: ينصرفون.
قوله: (إِلَى التَّنعيم): تقدَّم أنَّه المساجد، وتقدَّم لم قيل له: (التَّنعيم)، وكم بُعدُه من باب المسجد فيما مضى.

(1/3498)


[باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من .. ]

(1/3499)


[حديث: من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرةً]
1788# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ.
قوله: (وَحُرُمِ الحَجِّ): هو بضمِّ الحاء المهملة والرَّاء، كذا لهم، وضبطه الأصيليُّ: بفتح الرَّاء، وبالضَّمِّ، يريد: الأوقاتَ، أو المواضع، أو الأشياء، أو الحالاتِ، وأمَّا بفتح الرَّاء؛ فجمع (حرمة)؛ أي: ممنوعات الشَّرع ومحرَّماته، وقد تقدَّم غير هذه المرَّة.
قوله: (فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ [1]): تقدَّم كم بينها وبين مكَّة من الأميال؛ ستَّة، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة، وقيل: اثني عشر، والله أعلم.
قوله: (فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً): هو منصوب منوَّن، ويجوز رفعه أيضًا منوَّنًا، وقد تقدَّم.
قوله: (فَمُنِعْتُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (العُمْرَة): منصوب مفعول ثان، وهذا ظاهر.
قوله: (لاَ أُصَلِّي): هذا من أحسن الكنايات عن الحيض.
قوله: (عَسَى اللهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا [2]): كذا في أصلنا، ووقع في عدَّة نسخ: (يرزقكِها)؛ بكسر الكاف بغير ياء، وهو خطاب لمؤنَّث، وليس بعد الكاف ياء، وما وقع في أصلنا لغة، والله أعلم.
قوله: (فَنَزَلْنَا الْمُحَصَّبَ): تقدَّم ضبطه، وأين هو.
قوله: (أَنْتَظِرْكُمَا): هو مجزوم جواب الأمر، ويجوز رفعه أيضًا [3].
تنبيه: تقدَّم أنَّ هذا هو الصَّواب، وأنَّ رواية: (فلقيناه مُصعِدًا من مكَّة وأنا مُنهبِطة، أو أنا مصعدة وهو منهبط)؛ فغلط، والله أعلم، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس» في (حجَّة الوداع).
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (سَرِفَ).
[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي هامش (ق): («يَرْزُقَكِهَا»: كذا في ثلاث نسخ صحيحة، وما في الأصل في صحَّته نظر، والله أعلم)، وفي «اليونينيَّة»: (يرزقكها)، وفي هامشها كالمثبت.
[3] (ويجوز رفعه أيضًا): ليس في (ج).
[ج 1 ص 461]

(1/3500)


[باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج]

(1/3501)


[حديث: أين السائل عن العمرة اخلع عنك الجبة واغسل .. ]
1789# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا، أقربها أعلاه [1] أنَّه الفضل بن دُكَين.
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذيُّ، الحافظ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومرارًا بغيرها.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا): تقدَّم في أوَّل (الحجِّ) ما قاله شيخنا فيه وردُّه، وما ذكرته أنا عن [2] «شفا القاضي [عياض»: أنَّه سواد بن عمرو، وأنَّ هذه هي الصَّواب، وأنَّ الحديث المشار إليه مذكور في [3] ترجمة سواد بن عمرو، وأنَّ أبا عمر بن عبد البَرِّ ذكره في ترجمته، غير أنَّه ذكر فيه اختلافًا، هل هو سواد بن عمرو أو سوادة؟ وهل القصَّة له _وهو الصَّحيح_ أو لسواد بن غزيَّة؟ والله أعلم] [4].
قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): تقدَّم أنَّها بالتشديد فيما يقوله أهل الحديث، وأنَّ أهل الإتقان والأدب يخطِّئونهم ويخفِّفون، قال ابن قرقول: وكلاهما صواب.
قوله: (وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ): هو بفتح الخاء المعجمة، وضمِّ اللَّام: طيب معروف يُتَّخذ من الزَّعفران وغيره من أنواع الطِّيب، وتغلب عليه الحمرة والصُّفرة، وقد تقدَّم.
قوله: (فَسُتِرَ بِثَوْبٍ): (سُتِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (لَهُ غَطِيطٌ) هو بفتح الغين المعجمة، وكسر الطَّاء المهملة؛ وهو صوت يُخرِجه النائم مع نفَسه، وقد تقدَّم.
قوله: (الْبَكْرِ) هو بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف، هو الفتيُّ من الإبل.
قوله: (فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ): بتخفيف الرَّاء وتشديدها؛ ومعناه: كُشِف عنه ما أصابه، وتقدَّم أنَّ ابن قرقول قال: رواه الشُّيوخ بالتَّخفيف والتّضشديد، وأنَّ النَّوويَّ اقتصر في «شرح مسلم» على التَّشديد.
قوله: (أَثَرَ الْخَلُوقِ): تقدَّم الخلوق أعلاه ما هو، وقبل ذلك أيضًا.
قوله: (وَأَنْقِ): هو بقطع الهمزة، وكسر القاف، فعل أمر، وهو رباعيٌّ، وهذا ظاهر، وفي هامش أصلنا: (واتَّق)؛ بمثنَّاة فوق مشدَّدة نسخة، وعليها علامة راويها، من الاتِّقاء.
==========
[1] في (ب): (بظاهرها).
[2] في (ب): (من).
[3] (في): ليس في (ب).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 461]

(1/3502)


[حديث: لو كانت كما تقول كانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما]
1790# قوله: (كَانَتْ: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا): اعلم: أنَّ هذا من فهم عائشة الثَّاقب، وذلك لأنَّ الآية الكريمة ليس فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه، وبيَّنت السَّبب في نزولها، والحكمةَ في نظمها، وأنَّها نزلت في الأنصار حين تحرَّجوا من السَّعي بين الصَّفا والمروة في الإسلام، وأنَّها لو كانت كما يقول عروة؛ لكانت: (فلا جناح عليه ألَّا يطوف بهما)، وقد يكون الفعل [1] واجبًا، ويعتقد إنسان أنَّه يمتنع إيقاعه على صفة مخصوصة، وذلك كمن عليه صلاة الظهر مثلًا، وظنَّ أنَّه لا يجوز فعلها عند غروب الشَّمس، فيسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك أن تصلِّيَها [2] في هذا الوقت، فيكون جوابًا صحيحًا، ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر، واعلم أنَّ مذهب الجماهير: أنَّ السَّعي بين الصَّفا والمروة ركن من أركان الحجِّ، لا يصحُّ إلَّا به، ولا يُجبَر بدم ولا غيره، وقال بعض السَّلف: هو تطوُّعٌ، وقال أبو حنيفة: هو واجب، فإن تركه؛ عصى وجبره بالدَّم [3]، وصحَّ حجُّه، والله أعلم.
قوله: (لِمَنَاةَ): تقدَّم الكلام عليها.
قوله: (حَذْوَ)؛ أي: قبالة.
قوله: (قُدَيْدٍ) بضمِّ القاف، وفتح الدَّال، تقدَّم أنَّها بين الحرمين.
قوله: (زَادَ سُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (سفيان)؛ فهو أحد السُّفيانين؛ ابن عيينة أو الثَّوريُّ، ولم أعرفه بعينه، وكلاهما رويا عن هشام، ولم يميِّزه المِزِّيُّ [4] ولا شيخنا، والله أعلم، وما زاده سفيان لم أره في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يعزُه شيخنا أيضًا، [وأمَّا (أبو معاوية)؛ فهو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة [5] والزَّاي، الضَّرير تقدَّم، وليس من شرط الكتاب] [6]، وقد أخرج مسلم ما زاده أبو معاوية، ولم يعزه شيخنا، وقد قدَّمت أن (زاد) مثل (قال)، فهو تعليق مجزوم به.
==========
[1] في (أ): (النفل)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[2] (أن تصليها): ليس في (ب).
[3] في (ج): (الدم).
[4] (المِزِّيّ): ليس في (ب).
[5] (المعجمة): سقط من (ج).
[6] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله سابقًا: (والله أعلم).
[ج 1 ص 461]

(1/3503)


[باب متى يحل المعتمر]
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 461]

(1/3504)


[حديث: اعتمر رسول الله واعتمرنا معه]
1791# 1792# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه الإمام فيما يظهر، وجدُّه اسمه مَخْلَد الإمام أبو يعقوب، المروزيُّ
[ج 1 ص 461]
عالم خراسان، عن الدَّراورديِّ، وجَرير، ومعتمر، وطبقتهم، وعنه: من عدا ابن ماجه، وروى [1] عنه [2] بقيَّةُ شيخُه، وخلقٌ، مَن آخرهم السَّرَّاج إملاءً بسنده من حفظه، تُوفِّيَ وله سبع وسبعون سنة في شعبان سنة (238 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة السِّتَّة مَن أخذ عنه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، وكذا تقدَّم (جَرِير): أنَّه ابن عبد الحميد مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (إِسْمَاعِيل): أنَّه ابن أبي خالد، وكذا تقدَّم (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى)، وأنَّ اسم أبي أوفى علقمةُ بن خالد بن الحارث الأسلميُّ، وأبو أوفى صحابيٌّ كابنه عبد الله.
قوله: (وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مكَّة): إنَّما فعلوا ذلك؛ لأنَّ هذا كان في عمرة القضيَّة [3]، فخافوا أن تغدر قريش بالنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ولم يكن هذا في حجَّة الوداع، ومَن له أدنى معرفةً بالسُّنن يَعرِف هذا.
قوله: (فَقَالَ [4] صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟): هذا الصَّاحب لا أعرفه.

(1/3505)


قوله: (مَا قَالَ لِخَدِيجَةَ؟): هي أمُّ المؤمنين السَّيِّدة الجليلة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، القرشيَّة الأسَديَّة، زوج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كانت تُدعَى في الجاهليَّة الطَّاهرة، أمُّها فاطمة بنت زائدة بن الأصمِّ من بني عامر بن لؤيٍّ، ترجمتها معروفة؛ فلا نُطَوِّل بها، لا يختلفون أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لم يتزوَّج في الجاهليَّة غير خديجة، ولا تزوَّج عليها أحدًا من نسائه حتَّى ماتت، ولم تلد له من المهارَى غيرُها، وهي أوَّل من آمن بالله عزَّوجلَّ ورسوله، والكلام في ذلك معروف، قال عروة: تُوفِّيَت خديجة قبل مخرجه عليه الصَّلاة والسَّلام بثلاث سنين، أو نحو ذلك، وعن عائشة قالت: تُوفِّيَت خديجة قبل أن تُفرَض الصَّلاة، ويقال: إنَّها تُوفِّيَت بعد فرضها، وقال ابن شهاب: وتُوفِّيَت بعد المبعث بسبعة أعوام، قال ابن إسحاق: تُوفِّيَ أبو طالب وخديجة قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين، يقال: كان بين وفاتها وموت أبي طالب ثلاثةُ أيَّام، هي تُوفِّيَت بعده، وكانت يوم تُوفِّيَت بنت خمس وستِّين سنة، تُوفِّيَت في رمضان، ودُفِنت بالحَجُون، ذكره مُحَمَّد بن عمر وغيره رضي الله عنها، وقد تقدَّم قبل ذلك بعضُ ما هنا من وفاة خديجة وأبي طالب.
قوله: (بِبَيْتٍ فِي [5] الجَنَّةِ) إن قيل: كيف لم يبشِّرْها إلَّا ببيت، وأدنى أهل الجنَّة منزلةً من يُعطَى مسيرة ألف عام في الجنَّة كما في حديث ابن عمر، خرَّجه التِّرمذيُّ، ولم ينعت هذا البيت بشيء من أوصاف النَّعيم والبهجة أكثر ما نفى [6] الصَّخب؟ والجواب يأتي في (باب [7] تزويج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ خديجة وفضلها)، إن شاء الله تعالى وقدَّره، والله أعلم.
قوله: (مِنْ قَصَبٍ): هو بفتح القاف، والصَّاد المهملة، وبالموحَّدة، في حديث ابن وهب: قلت: يا رسول الله؛ وما بيت من قصب؟ قال: «من لؤلؤة مُجوَّفة»، ويروى: (مُخبَّأة)، وكلُّه بمعنًى، قالوا: وهو اللُّؤلؤ المُجوَّف الواسع؛ كالقصر المنيف، قال الخليل: (القصب): ما كان من الجوهر مستطيلًا، وستأتي الحكمة في ذلك في (باب تزويج خديجة).

(1/3506)


قوله: (لاَ صَخَبَ) هو بفتح الصَّاد المهملة، والخاء المعجمة، وبالموحَّدة، ويقال: بالسِّين؛ كهو، والأولى أشهر، والسِّين لغة ربيعة، وجاء في مواضع بهذه، وفي مواضع بهذه: اختلاط الأصوات، وارتفاعها، وسيأتي الكلام عليه في الباب المشار إليه أعلاه.
[قوله: (وَلاَ نَصَبَ) تقدَّم أنَّه التَّعب، والمشقَّة، وسيأتي الكلام عليه في الباب المشار إليه أعلاه] [8].

(1/3507)


[حديث: قدم النبي فطاف بالبيت سبعًا وصلى خلف المقام ركعتين .. ]
1793# 1794# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وتقدَّم لماذا نُسِب، وهو أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح».
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هذا هو ابن عيينة الإمام تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ): تقدَّم أنَّ (أُسوة)؛ بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع مرارًا.
==========
[ج 1 ص 462]

(1/3508)


[حديث: أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أحل]
1795# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (غُنْدرٌ) ضبطًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وكذا تقدَّم (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأمير، مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (البَطْحَاء) ضبطًا، وأين هي من مكَّة، وكذا تقدَّم أنَّ قوله: (أَحَجَجْتَ [1]؟): أي: أنويت الحجَّ؟
قوله: (بِمَا أَهْلَلْتَ): كذا في أصلنا، والصَّحيح حذف الألف؛ لأنَّها استفهام، وإثباتها لغة، وقد تقدَّم مثل ذلك.
قوله: (ثمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ): تقدَّم أنَّ هذه المرأة لا أعرفها، وتقدَّم قوله: (فَفَلَتْ) أنَّه بتخفيف اللَّام.
قوله: (إِنْ أَخَذْنَا بِكِتَابِ اللهِ ... ) إلى آخره: تقدَّم الكلام عليه، وأنَّ ظاهره: أنَّ مَن أنشأ حجًّا ليس له فسخه في عمرة من أجل الهَديِ؛ تعظيمًا لحرمات الله، وأنَّ قومًا تأوَّلوا عليه أنَّه كان ينهى عن التَّمَتُّع بالعمرة إلى الحجِّ، وفيه نظر؛ لأنَّ التَّمَتُّع ثابت بنصِّ القرآن والسُّنَّة، ورُوِيَ عنه: أنَّ ذلك خاصٌّ بذلك العام.
==========
[1] في (ب): (حججت).
[ج 1 ص 462]

(1/3509)


[حديث: صلى الله على محمد لقد نزلنا معه هاهنا ونحن يومئذ خفاف]
1796# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هذا أحمد هو التُّستريُّ، وهو مصريٌّ، وإنَّما قيل له: التُّستريُّ؛ لكونه [1] كان يتَّجر إليها، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب المصريُّ الإمام، تقدَّم [2] أيضًا.
وكونه (أحمد بن عيسى) كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وفي أصل آخر: (أحمد بن صالح)، وفي طُرَّته: (أحمد بن عيسى)، وفي أصل آخر: (أحمد) غير منسوب، وفي الهامش: (ابن عيسى)، وعليها مكتوب (ابن الأديب)؛ يعني: في نسخة ابن الأديب، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (أحمد) فقط، لكن قال ما معناه: أنَّ مسلمًا أخرجه عن هارون بن سعيد الأيليِّ وأحمد بن عيسى؛ كلاهما عن ابن وهب، وقال في «التهذيب»: أحمد عن ابن وهب، وعنه: البخاريُّ في مواضع هو أحمد بن صالح، أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب عن عمِّه، وليس بشيء، انتهى،
[ج 1 ص 462]
وقد قدَّمت في (الصَّلاة) وغيرها الكلامَ على ما إذا قال البخاريُّ: (حَدَّثَنَا أحمد عن ابن وهب) من عند الجيَّانيِّ؛ فانظره، فإنِّي ذكرته مُطَوَّلًا.
قوله: (حَدَّثَنَا [3] عَمْرٌو): هذا هو عمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة الأنصاريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن نوفل بن الأسود، أبو الأسود، يتيم عروة، الأسديُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ): هو عبد الله بن كيسان أبو عمر مولى أسماء، عن مولاته، وابن عمر، وعنه: عطاء، وابن جريج، قال أبو داود: ثَبْتٌ، أخرج له الجماعة، ذُكِر في «الميزان» تمييزًا.
قوله: (مَرَّتْ بِالْحَجُونِ): هو بفتح الحاء المهملة، وضمِّ الجيم: الجبل المشرف عند المُحصَّب حذاء مسجد العقبة، وقال الزُّبير: مقبرة أهل مكَّة، وقد قدَّمت ذلك.
[قوله: (فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ؛ أَحْلَلْنَا): في هذا نظر، وذلك لأنَّ عائشة كانت حين قدمت مكَّة حائضًا، فلم تطف حتى رجعت من [4] يوم النَّحر فطافت للإفاضة، وحلَّت، وأمَّا الزُّبير؛ فإنَّه كان معه الهدي، فلم يحلَّ حين طاف للقدوم، إنَّما حلَّ بعد ذلك، والله أعلم] [5].
==========
[1] في (ج): (لأنَّه).
[2] زيد في (ب): (مُتَرجَمًا).

(1/3510)


[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[4] (من): سقط من (ب).
[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3511)


[باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو]

(1/3512)


[حديث: أن رسول الله كان إذا قفل من غزو أو حج]
1797# قوله: (إِذَا قَفَلَ)؛ أي: رجع، وهذا ظاهر، ولا يقال: قفل إلَّا في الرُّجوع، لا في الابتداء بالسَّفر، وربَّما سُمِّيتِ الرِّفقة قافلةً؛ تَفَاؤُلًا لها بالسَّلامة، وفي «النِّهاية»: قفل يقفُل؛ إذا عاد من سفره، وقد يقال للسَّفر: قُفول في الذهاب والمجيء، وأكثر ما يستعمل في الرُّجوع، وقد جاء: (أَقْفَل [1] الجيش وقلَّما أَقْفَلْنا)، والمعروف: قَفَل وقَفَلْنا [2]، وأَقْفَلْنَا غيرَنا، وأُقْفِلْنا: على ما لم يُسَمَّ فاعله.
قوله: (عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ): هو بفتح الشِّين والرَّاء، وبالفاء: العلوُّ والمكان العالي.
قوله: (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ): (الأحزاب): هم أهل الخندق، وكان مَنْ وافى الخندق من المشركين عشرةَ آلاف، وقال قتادة فيما ذكره البيهقيُّ: أربعة آلاف أو ما شاء الله [3]، وكانت الخندق سنة أربع، قاله موسى بن عقبة، كما نقله البخاريُّ عنه في هذا «الصَّحيح»، ويقال: سنة خمس في شوَّال، قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: في ذي القِعدة، ويحتمل أن يريد: أحزاب الكفر في جميع الأيَّام والمواطن، ويحتمل أن يريد: الدُّعاء؛ كأنَّه قال: اللَّهُمَّ؛ افعل ذلك وحدك.
==========
[1] في (ب): (قفل).
[2] (وقفلنا): سقط من (ب).
[3] زيد في (ج): (قوله)، ولعله سبق نظر.
[ج 1 ص 463]

(1/3513)


[باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة]
قوله: (بُابُ اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ، وَالثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ): (القادِمِين): جمع (قادِم)، وهو بكسر الدَّال والميم، وكانت كذلك في أصلنا، ثمَّ أُصلِحت على (القادِمَين)؛ بفتح الميم، تثنية (قادم)، وكما كان في أصلنا أحفظه، والحاجُّ الواحد، وممَّا يدلُّ لما أحفظه: (استقبله أُغيلمة): جمع (غلام)، لكن في قوله: (فحمل واحدًا بين يديه وآخر خلفه) يدلُّ لما ضُبط أخيرًا في أصلنا، والله أعلم، وكذا رأيته مضبوطًا في نسخة أخرى عتيقة، ورأيت فيها عوض (القادِمَين) أيضًا: (الغُلامَين)، وهذا يدلُّ للتَّثنية، و (الثَّلاثة)؛ بالجرِّ، وجرُّه ظاهر.
==========
[ج 1 ص 463]

(1/3514)


[حديث: لما قدم النبي مكة استقبلته أغيلمة بني عبد المطلب]
1798# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن مِهران الحذَّاء، تقدَّم.
قوله: (اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلب): الغلام: يقال للصَّبيِّ من حينِ يُولَد إلى أن يبلغ، وتصغيره: غُليِّم، وجمعه: غلمان، و (أغيلمة): تصغير، ويقال للرَّجل المستحكم القوَّة: غلام، وفي «النِّهاية»: («أغيلمة»: تصغير «أغلمة»؛ جمع «غلام» في القياس، ولم يرد في جمعه: أغلمة، وإنَّما قالوا: غلمة؛ ومثله: «أُصيبِية [1]» تصغير «صِبْية»، ويريد بالأغيلمة: الصِّبيان؛ ولذلك صغَّرهم) [2].
قوله: (فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ): هذان الغلامان لا أعرفهما بأعيانهما، وقد ذكرت أردافه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فيما مضى، (قال بعض حُفَّاظ العصر: الذي حمله خلفه: قُثَمُ بن العبَّاس، والآخر: عبد الله بن جعفر، ولم يعزه لأحد، وقد تقدَّم في الأرداف ما قد يشهد لهذا [3]) [4].
==========
[1] في النُّسخ: (أصيبية)، والمثبت موافق لما في «النهاية».
[2] «النهاية» مادة (غلم).
[3] في (ب): (بهذا).
[4] ما بين قوسين سقط من (ج) ..
[ج 1 ص 463]

(1/3515)


[باب القدوم بالغداة]

(1/3516)


[حديث: أن رسول الله كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة]
1799# قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّمت ضبطًا، وعلى كم هي من المدينة؛ وهي الميقات المعروف لأهل المدينة.
==========
[ج 1 ص 463]

(1/3517)


[باب الدخول بالعشي]
قوله: (باب الدُّخُولِ بِالْعَشِيِّ): تقدَّم أنَّ (العشيَّ) ما بعد زوال الشَّمس إلى الغروب، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا، والخلاف فيه، وهو مباح، وأمَّا المنهيُّ عنه؛ فأن يطرق أهله، والطُّرُوق [1]: الإتيان باللَّيل.
==========
[1] في (ب) و (ج): (والطرق).
[ج 1 ص 463]

(1/3518)


[حديث: كان النبي لا يطرق أهله كان لا يدخل إلا غدوة]
1800# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، وقد تقدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته لماذا نُسِب، وهو حافظ مشهور.
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، الحافظ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 463]

(1/3519)


[باب: لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة]
قوله: (باب لاَ يَطْرُق أَهْلَهُ): تقدَّم أنَّ الطُّرُوق: الإتيان باللَّيل، و (يطرق) في التبويب: مجزوم على النَّهي، ومرفوع على الخبر؛ ومعناه: النَّهي.
==========
[ج 1 ص 463]

(1/3520)


[حديث: نهى النبي أن يطرق أهله ليلًا]
1801# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم أنَّه الفراهيديُّ مُتَرجَمًا، الحافظ، وأنَّه نسبه إلى جدِّه فُرهود.
قوله: (عَنْ مُحَارِبٍ): هو كاسم الفاعل من (حاربَ)، وهو ابن دثار السَّدوسيُّ [1] القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] في (ب): (السدوي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 463]

(1/3521)


[باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة]
قوله: (باب مَنْ أَسْرَعَ نَاقَتَهُ): أُنكِر على البخاريِّ في قوله: (أسرع ناقته)، فقال: لا يقال: إلَّا أسرع بناقته، وفيه نظر؛ لأنَّ في «المحكم»: (أسرع) يتعدَّى بحرف وبغير حرف، انتهى، [وفي «الصَّحيح»: (ثمَّ أسرع السَّير)، وقال الجوهريُّ: وأسرع في السَّير، وهو في الأصل مُتعدٍّ] [1].

(1/3522)


[حديث: كان رسول الله إذا قدم من سفر فأبصر درجات .. ]
1802# قوله: (حَدَّثَنَا سَعيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ): تقدَّم أنَّه سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّد بنُ جَعْفَرٍ): هذا مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقته، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفةٌ، ثقة، أخرج له الجماعة.
قوله: (أخْبَرَنِي حُمَيْدٌ): هذا هو الطَّويل ابن تير، ويقال: تيرويه، وقد تقدَّم أنَّ حميدًا اثنان يرويان عن أنس؛ هذا، وحُميد بن هلال بن هبيرة [2] العدويُّ أبو نصر البصريُّ، روى له البخاريُّ حديثين، وروى له النَّسائيُّ أحدهما، وقد تقدَّما، وأنَّ غيرَ الحديثين كلُّ ما فيه (حُميدٌ عن أنس)؛ فهو الطَّويل ابن تير، ويقال: تيرويه، والله أعلم.
قوله: (فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (دوحات)، قال ابن قرقول: وفي (بَاب إذا رأى جُدُرات المدينة)، وعند النَّسفيِّ: (درجات)؛ وهي المنازل، كذا كتب القاضي، ثمَّ كتب بعد ذلك: أنَّ البخاريَّ قال في «الحجِّ» من رواية قُتيبة بن سعيد: (جُدُرات المدينة)، قال القاضي رحمه الله: ثمَّ ذكره البخاريُّ من رواية ابن أبي مريم: (درجات): كذا للكافَّة، وللمستملي: (دوحات)، قال: والأوَّل أشبه، وكذا ذكره في (فضائل المدينة) من غير خلاف، انتهى، والدَّوحات: جمع (دوحة)؛ وهي الشَّجرة العظيمة.
قوله: (أَوْضَعَ نَاقَتَهُ): أي: حملها على الإسراع في السَّير.
[ج 1 ص 463]

(1/3523)


قوله: (زَادَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ): تقدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، فهو تعليق مجزوم به، فهو على شرطه إلى الحارث، والحارث ليس من شرطه، وهو الحارث بن عمير بصريٌّ، نزل مكَّة، عن أيُّوب وأبي طُوَالَة، وعنه: ابنه حمزة، ولُوَين، وأممٌ، وثَّقه ابن مَعِين، وأبو حاتم، والنَّسائيُّ، ووهاه ابن حِبَّان والحاكم، أخرج له الأربعة، وعلَّق له البخاريُّ كما ترى، ولم يُخِّرج ما زاده الحارث أحدٌ من أصحاب الكتب السِّتَّة إلَّا ما ذكره البخاريُّ، وقال شيخنا: وزيادة الحارث أخرجها أبو نعيم الأصبهانيُّ في «مستخرجه» من حديث ابن أبي شيبة: حَدَّثَنَا خالد بن مخلد: حَدَّثَنَا الحارث بن عمير ومُحَمَّد بن جعفر، عن حميد، عن أنس؛ فذكره، وأخرجها أيضًا التِّرمذيُّ عن عليِّ بن حُجْر: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن حميد، عن أنس، وقال: حسن صحيح غريب [3]، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، عن عبد الله بن دينار، والعلاء بن عبد الرَّحمن، وأبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر، وخلق، وعنه: قُتيبة، وعليُّ بن حُجْر، ومُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، وخلق، وثَّقه أحمد وجماعة، تُوفِّيَ سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ): الضَّمير في (تابعه) يعود على إسماعيل، هو ابن جعفر بن أبي كَثِير، وقد تقدَّم أعلاه ترجمة الحارث بن عمير.

(1/3524)


[باب قول الله تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها}]

(1/3525)


[حديث: نزلت هذه الآية كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا لم يدخلوا]
1803# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ.
قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الهمْدانيُّ السَّبيعيُّ، وأنَّ اسمه عمرو بن عبد الله، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِهِمْ [1]): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهر.
قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل: قال شيخنا الشَّارح: هو رفاعة بن تابوت، كذا أخرجه عبدٌ في «تفسيره»، انتهى، وفيه نظر؛ إذ قد أخرج مسلم عن جابر: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قدم من سفر، فلمَّا كان قرب المدينة؛ هاجت ريح تكاد تدفن الرَّاكب، فزعم أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: بعثت هذه الرِّيح لموت منافق، فلمَّا قدم المدينة؛ فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات، قال ابن بشكوال: هذا المنافق هو رفاعة بن التَّابوت، ذكره ابن إسحاق، ولم يُسمِّ النَّوويُّ هذا المنافق في «شرح مسلم»، قال ابن شيخنا البلقينيِّ لمَّا ذكر هذا: ومحال أن يكون من المنافقين، ويُذكَر في الصَّحابة؛ فيظهر أنَّ هذا غير المذكور هنا، وأنَّهما اشتركا في الاسم، واسم الأب، وقال القسطلانيُّ في اسم المنافق: رفاعة بن زيد بن التَّابوت، وفي «أسباب الواحديِّ»: أنَّ الرَّجل الأنصاريَّ هو قطبة بن عامر، وساق القصَّة التي قدَّمناها في رفاعة بن [2] التَّابوت ... إلى أن قال: ووجدنا في «المنتخب» من «مسند عبد بن حميد»، فذكر حديثًا عن جابر، قال: (كنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في سفر، فهاجت ريح تكاد تدفن الرَّاكب ... ) إلى أن قال: (لموت منافق ... ) إلى أن قال: (فسمعت أصحابنا بعده يقولون: هو رافع بن التَّابوت)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: وهذا يُزيل الإشكال السَّابق، انتهى، قال شيخنا الشَّارح: وأخرج الحاكم، وقال: على شرط الشَّيخين أنَّه قطبةُ بن عامر بن حديدة الأنصاريُّ السُّلَميُّ، انتهى، وقد رأيت أنا في «تلخيص المُستدرَك»: أنَّه قطبةُ بن عامر الأنصاريُّ، انتهى.

(1/3526)


[باب: السفر قطعة من العذاب]
قوله: (بَابٌ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ): قال شيخنا الشَّارح: سُئل إمام الحرمين لمَّا جُعِل مكان والده عن [1] معنى قوله: «السَّفر قطعة من العذاب»؟ فأجاب في الحال: لأنَّ فيه فراقَ الأحباب، قال: وهو من عجيب الأجوبة، انتهى، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: قال بعضهم: يحتمل أن يكون هذا إشارة إلى عذاب الزَّاني، وأنَّ التَّغريب قطعة منه، وهو سفر، انتهى.
فائدة: قال لي بعض مشايخي من الحلبيِّين المحدِّثين: إنَّه مرَّ به في بعض الأجزاء: قالت عائشة: (لولا أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «السفر قطعة من العذاب»؛ لقلت: العذاب قطعة من السَّفر) انتهى ما قاله لي [2]، والله أعلم.
==========
[1] في (ج): (على).
[2] (لي): سقط من (ب).
[ج 1 ص 464]

(1/3527)


[حديث: السفر قطعة من العذاب]
1804# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ السِّين المهملة، وفتح الميم، وتشديد الياء، وزان (عُلَيٍّ) المُصغَّر، وقد تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، وتقدَّم [1] بعض ترجمته.
قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم أنَّه السَّمَّان الزَّيَّات، وأنَّ اسمه ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ): هي بفتح النُّون، وإسكان الهاء؛ أي: حاجته.
==========
[1] في (ج): (وقد تقدَّم).
[ج 1 ص 464]

(1/3528)


[باب المسافر إذا جدَّ به السير يعجل إلى أهله]

(1/3529)


[حديث: إني رأيت النبي إذا جد به السير أخر المغرب]
1805# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم قريبًا في الصَّفحة قبل هذه [1]، وبعيدًا أنَّه سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد ابن أبي مريم، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): تقدَّم الكلام عليه في الصفحة التي قبل هذه ببعض ترجمة.
قوله: (عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ [2]): تقدَّم الكلام عليها ببعض ترجمة، وهذه زوج ابن عمر، وأخت المختار بن أبي عبيد الكذَّاب.
==========
[1] (في الصفحة قبل هذه): سقط من (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[2] في هامش (ق): (صفية بنت أبي عبيد هي زوج ابن عمر رضي الله عنهما).
[ج 1 ص 464]

(1/3530)


((27)) (بَابُ الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ) ... إلى (بَاب لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ)
قوله: (الْمُحْصَرِ): هو اسم مفعول؛ بفتح الصَّاد، وأصلُ الحصر: المنعُ، وهذا ظاهر.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا.

(1/3531)


[باب: إذا أحصر المعتمر]

(1/3532)


[حديث: إن صددت عن البيت صنعت كما صنعنا .. ]
1806# قوله: (فِي الْفِتْنَةِ): أي: في قتال أهل الشَّام لعبد الله بن الزُّبير سنة اثنتين وسبعين، وقد قدَّمت ذلك.
قوله: (عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ): تقدَّم أنَّ في (الحديبية) التَّشديدَ والتَّخفيفَ قريبًا، وعام الحديبية سنة ستٍّ، وكان في ذي القِعدة.

(1/3533)


[حديث: إنما شأنهما واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجةً مع عمرتي]
1807# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): هو جويرية بن أسماء، عن نافع والزُّهريِّ، وعنه: ابن أخيه عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وابن أخته سعيد بن عامر الضُّبعيُّ، ومُسدَّد، ثقة، وقد قدَّمته، ولكن طال العهد به، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (لَيَالِيَ نَزَلَ الْجَيْشُ بِابنِ الزُّبَيْرِ): تقدَّم أعلاه وقبله بكثير [1] أنَّهم نزلوا به في سنة اثنتين وسبعين في ذي الحجَّة، وتقدَّم أنَّه قُتِل _رحمة الله عليه [2]_ في سنة ثلاث وسبعين، وقد قدَّمت خلافًا في شهر قتله؛ فانظره.
قوله: (فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ): كان هذا في ذي القِعدة، سنة ستٍّ في الحديبية، وهذا معروف عند أهله.
قوله: (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم ضبطها: وهي الميقات لأهل المدينة، وكم بينها وبين المدينة من ميل، وما وقع فيها لبعض الشَّافعيَّة.
1808# قوله: (حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم ضبطه؛ نسبته، ولماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (جُوَيْرِيَةُ) أعلاه.
قوله: (أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّ عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله قالا له [3] ذلك، والقائل له هو عبيد الله وعبد الله وسالم؛ أولاده، ذكر ذلك البخاريُّ؛ ففي (بَاب من اشترى الهدي من الطريق): قال عبد الله بن عبد الله بن عمر لأبيه، وأعلاه: أنَّ عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله أخبراه: أنَّهما كلَّما عبد الله بن عمر، انتهى، فمجموع مَن كلَّمه بذلك من أولاده: عبيد الله، وعبد الله، وسالم بنو عبد الله بن عمر.
[ج 1 ص 464]
==========
[1] (بكثير): سقط من (ب).
[2] (عليه): ليس في (ب).
[3] في (ب): (قالاه)، وهو تحريف.

(1/3534)


[حديث: قد أحصر رسول الله فحلق رأسه وجامع نساءه]
1809# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ): قال الجيَّانيُّ: (وقال: _يعني: البخاريُّ_ في «الإحصار وجزاء الصيد»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا يحيى بن صالح»؛ فذكر هذا المكان، قال أبو عبد الله الحاكم: «مُحَمَّد» في هذا الإسناد: هو مُحَمَّد بن خالد الذُّهليُّ، وقال أبو نصر: يقال: إنَّه أبو حاتم مُحَمَّد بن إدريس الرَّازيُّ، قاله لي ابن أبي سعيد السَّرخسيُّ، وذكر أنَّه رآه [2] في أصلٍ عتيقٍ، ونسبه أبو مسعود الدِّمشقيُّ: مُحَمَّد بن مسلم بن وارة الرَّازي) انتهى، وقد حكى شيخنا الشَّارح الأقوالَ، ثمَّ قال: (ويؤيِّده _يعني: القول بأنَّه أبو حاتم الرَّازيُّ_ أنَّ الإسماعيليَّ رواه في «مستخرجه» عن عبد الله بن مُحَمَّد بن مسلم، [عن أبي حاتم الرَّازيِّ: حَدَّثَنَا يحيى بن صالح، ومن جهته رواه ابن طاهر مُرشِّحًا؛ لكونه أبا حاتم، وكذا قال أبو نُعَيم في «مستخرجه»: «حَدَّثَنَا أبو أحمد] [3]: حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلم: حَدَّثَنَا أبو حاتم»؛ فذكره) انتهى.
وأبو حاتم الرَّازيُّ الحافظ المشهور تُوفِّيَ سنة (277 هـ)، واسمه مُحَمَّد بن إدريس بن المنذر [4]، روى عن عبيد الله بن موسى، والأنصاريِّ، وخلائقَ، وعنه: أبو داود، والنَّسائيُّ، وولده عبد الرَّحمن بن أبي حاتم، والمحامليُّ، وخلقٌ، قال موسى بن إسحاق الأنصاريُّ: (ما رأيت أحدًا أحفظ منه، وقال أحمد بن سلمة: ما رأيت بعد ابن راهويه والذُّهليِّ أحفظَ للحديث ولا أعلمَ بمعانيه من أبي حاتم) انتهى، وقد رأيت في «تذهيب الذَّهبيِّ» في ترجمة أبي حاتم هذا المكان من «الصَّحيح»، ثمَّ قال: فقيل: إنَّه أبو حاتم الرَّازيُّ، وقال أبو أحمد الحاكم في «الكنى»: روى عنه: مُحَمَّد بن إسماعيل الجُعْفيُّ، وقال الكلاباذيُّ في ترجمة الوُحَاظيِّ: روى عنه البخاريُّ، وروى عن مُحَمَّد عنه، فحدَّثنا ابن أبي سعيد السَّرخسيُّ: أنَّه ابن إدريس أبو حاتم الرَّازيُّ، وذكر أنَّه رآه في أصلٍ عتيقٍ، وقال البخاريُّ في كتاب «الضعفاء الكبير»: (قال مُحَمَّد بن إدريس: حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح بن مسلم)؛ فذكر حديثًا، انتهى، ولمَّا طرَّف المِزِّيُّ هذا الحديث؛ قال في تطريفه: (قال فيه أبو مسعود: مُحَمَّد بن مسلم بن وارة) انتهى.

(1/3535)


قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ): هو بتشديد اللَّام، وهذا ظاهر معروف عند أهله.
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.
قوله: (قَدْ أُحْصِرَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، والفاعل: (قريش)، وذلك في ذي القِعدة سنة ستٍّ عام الحديبية، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (وَنَحَرَ هَدْيَهُ): تقدَّم عدد هديه في الحديبية أنَّها سبعون بدنة من عند مسلم وغيره.

(1/3536)


[باب الإحصار في الحج]

(1/3537)


[حديث: إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة]
1810# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم الكلام على هذا قبل هذا، وتلخيص ما قال فيه الجيَّانيُّ: قال أبو عبد الله النَّيسابوريُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ مردويه، وقال الدَّارقطنيُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شبُّويه، انتهى.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم في كلام الجيَّانيِّ: أنَّه ابن المبارك، وهذا معروف، وكذا تقدَّم (يُونُسُ): [1] أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، الإمام، العلم المشهور.
قوله: (أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؟!): إن رفعت (حسب)؛ فانصب (سُنَّة)، وإن عكس؛ فاعكس؛ لأنَّهما معرفتان، وللقاضي في إعرابه كلام، وكذا [2] للسُّهيليِّ.
قوله: (إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ): (حُبِس): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أحدُكم): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (فَيُهْدِي): هو رباعيٌّ مضموم الأوَّل، ويجوز نصبه، ويجوز رفعه بسكون الياء [3]، وكذا (أَوْ يَصُوم): يجوز نصبه ورفعه.
قوله: (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ: قال [4] أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ... ) إلى آخره: هذا ليس تعليقًا، ولكنَّه معطوف على السَّند قبله، فرواه البخاريُّ عن أحمد بن مُحَمَّد عن عبد الله: أخبرنا مَعْمَر، و (مَعْمَرٌ)؛ بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّم أعلاه، وقبله مرارًا.
قوله: (نَحْوَهُ): هذا منصوب؛ أي: نحو الحديث الذي قبله، ولو كان هذا تعليقًا؛ لكان يكون (نحوُه [5])؛ بالرَّفع على الابتداء، و (عن فلان): الخبر مُقدَّم، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (أ): (ابن)، ولعله سبق نظر.
[2] في (ب): (وكذلك).
[3] في النسخ: (الدَّال)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[4] (قال): ليس في «اليونينيَّة».
[5] في (ب): (رفعه)، وهو سبق نظر.
[ج 1 ص 465]

(1/3538)


[باب النحر قبل الحلق في الحصر]

(1/3539)


[حديث: أن رسول الله نحر قبل أن يحلق]
1811# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هو محمود بن غيلان _بالغين المعجمة_ المروزيُّ الحافظ أبو أحمد، عن الفضل بن موسى السِّينانيِّ وابن عيينة، وعنه: الأئمَّة السِّتَّة ما خلا أبا داود، وابنُ خزيمة، والبغويُّ، مات في رمضان سنة (239 هـ)، أخرج له الذين روَوا عنه من الأئمَّة، وثَّقه النَّسائيُّ.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الإمام الحافظ المُصنِّف المشهور الثِّقة، له ترجمة في «الميزان»، وترجمته معروفة، فلا نُطَوِّل بها، وقد تقدَّم الكلام أعلاه على (مَعْمَر): أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وهو ابن راشد، وكذا تقدَّم [1] (الزُّهْرِي): أنَّه [2] مُحَمَّد بن مسلم [3]، العلم المشهور.
قوله: (عَنِ الْمِسْوَر): تقدَّم أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين، وفتح الواو، وهو ابن مخرمة، والمِسْوَر: صحابيٌّ صغير، وأبوه صحابيٌّ، تقدَّم.

(1/3540)


[حديث: خرجنا مع النبي معتمرين فحال كفار قريش دون البيت]
1812# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحيم [1]): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم بن أبي زهير العدويُّ، مولى عمر بن الخطَّاب، أبو يحيى البغداديُّ، الحافظ المشهور بصاعقة، وهو أحد الأئمَّة، عن يزيد بن هارون، ورَوح، وطبقتِهما، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ [2]، وابن صاعد، والمحامليُّ، وخلق، وكان بزَّازًا، تُوفِّيَ سنة (255 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه منهم.
قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِرِينَ ... ) إلى آخره: يعني: في عمرة الحديبية، وقد تقدَّم غيرَ مرَّةٍ متى كانت، وفي أيِّ شهر.
قوله: (فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بُدْنَهُ): تقدَّم أنَّها كانت سبعين، كما في «مسلم» وغيره.
قوله: (وَحَلَقَ رَأْسَهُ): سيأتي أنَّه حلقه في الحديبية خِرَاشُ بن أميَّة بما فيه من الخلاف، والله أعلم.

(1/3541)


[باب من قال: ليس على المحصر بدل]
[ج 1 ص 465]
قوله: (وَقَالَ رَوْحٌ [1] عَنْ شِبْلٍ): (رَوح) هذا: هو ابن عبادة القيسيُّ [2] أبو مُحَمَّد، الحافظ البصريُّ، عن ابن عون وابن جريج، وعنه: أحمد، وعبد، والكديميُّ، صنَّف الكتب، وكان من البحور، أخرج له الجماعة، وثَّقه غير واحد، وتكلَّم فيه القواريريُّ بلا حُجَّة، له ترجمة في «الميزان»، وقد [3] صحَّح عليه، تُوفِّيَ سنة (205 هـ)، وهذا تعليق مجزوم به، فهو على شرطه، ولم يخِّرجه أحد من أصحاب الكتب السِّتَّة إلَّا البخاريُّ، وشيخنا لم يعزُه.
قوله: (عَنْ شِبْلٍ): هو بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان الموحَّدة، وهو ابن عبَّاد المكِّيُّ، القارئ [4] صاحب ابن كثير، وروى عن أبي الطُّفيل وعدَّةٍ [5]، وعنه: رَوح بن عبادة [6] وأبو حذيفة النَّهديُّ، قال أبو داود: ثقة إلَّا أنَّه يرى القدر، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال أحمد وابن مَعِين: ثقة.
قوله: (عَنِ ابْنِ [7] أَبِي نَجِيحٍ): هو عبد الله بن أبي نجيح، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ): هو بالضَّاد المعجمة في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (نقص)؛ يعني: بالصَّاد المهملة، ولم أرَها في «المطالع».
[قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ): وغيره: هو قول الشَّافعيِّ رحمه الله [8]، وإسحاق، وجمع] [9].
قوله: (ثمَّ لَمْ يُذْكَرْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجُ [10] الْحَرَمِ): قال شيخنا: هذا من قول البخاريِّ وصله بقول مالك، وليس من قوله، وقوله: إنَّها داخل الحرم، وقال الشَّافعيُّ: إنَّها خارج الحرم، وجمع ابن بطال، فقال: كلا القولين له وجه؛ وذلك أنَّ الحديبية أوَّل الحرم، وهو موضع بروك ناقة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؛ لأنَّها إنَّما بركت في أوَّل الحرم، وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «حبسها حابس الفيل»، وصاحب الفيل [11] لم يدخلِ الحرم، فمَن قال: إنَّ الحديبية خارجه؛ فيمكن أن يريد: البئر، وموضع نزول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ومَنْ قال: إنَّها في الحرم؛ يريد: موضع حلاقهم ونحرهم، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح أيضًا في (غزوة الحديبية) ما لفظه: وهل هي في الحلِّ أو الحرم؟ أو بعضها في الحلِّ، وبعضها في الحرم؟ فيه خلاف سبق أيضًا، انتهى.

(1/3542)


[حديث: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله]
1813# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أُوَيْس عبد الله، وهو ابن أخت مالك الإمام شيخ الإسلام.
قوله: (فِي الْفِتْنَةِ): تقدَّم أنَّها فتنة ابن الزُّبير حين جاء الحجَّاج مع جماعته لقتاله سنة اثنتين وسبعين من الهجرة.
قوله: (أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (مجزئًا)؛ بالنَّصب، والرَّفع ظاهر، والنَّصب على لغة.
==========
[ج 1 ص 466]

(1/3543)


[باب قول الله تعالى: {فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه}]

(1/3544)


[حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين]
1814# قوله: (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ): هو بضمِّ العين المهملة، وإسكان الجيم، ثمَّ راء، ثمَّ تاء التأنيث، وكعبٌ صحابيٌّ مشهور، من أهل الحديبية، عنه: الشَّعبيُّ، وابن سيرين، وطائفة، تُوفِّيَ سنة (52 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.
قوله: (هَوَامُّكَ): هو بتشديد الميم؛ أي: قملك، وأصله: كلُّ ما يدبُّ، وقد جاء والقمل يتناثر على وجهه، وقيل: بَلْ لدَبِّها [1] في الرَّأس، يقال: هو يتهمَّم رأسه؛ أي: يفلِيه.
قوله: (قَالَ [2]: احْلِقْ): هو بهمزة وصل، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر جدًّا، مجزوم فعل أمر.
قوله: (أَوْ أَطْعِمْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ ساكن؛ لأنَّه أمر.
==========
[1] في «المطالع»: (لِدِبَبِها).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ).
[ج 1 ص 466]

(1/3545)


[باب قول الله تعالى: {أو صدقة}]

(1/3546)


[حديث: صم ثلاثة أيام أو تصدق بفرق بين ستة أو انسك بما تيسر]
1815# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا سَيْفٌ): هو ابن سليمان، ويقال: ابن أبي سليمان المخزوميُّ مولاهم، المكِّيُّ، عن مجاهد وعديِّ بن عديٍّ، وعنه: القطَّان وأبو نُعَيم، قال النَّسائيُّ: ثقة ثبت، تُوفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا): التَّهافُت: التَّساقُط، و (قملًا): منصوبٌ على التمييز.
تنبيه: يُكرَه للمُحرِم كراهة تنزيه أن يفلي رأسه ولحيته، فإن فعل فأخرج منهما قملة وقتلها؛ تصدَّق ولو بلقمة، نصَّ عليه الشَّافعيُّ، قال جمهور أصحابه: هذا التَّصدُّق مُستحبٌّ، وقال بعضهم: واجب؛ لما فيه من إزالة الأذى.
قوله: (بِفَرَقٍ): هو بفتح الفاء والرَّاء، وبالقاف، قال ابن قرقول: (قدر ثلاثة آصُع؛ بفتح الرَّاء وسكونها، والفتح أشهر)، وقال ابن الأثير في «النِّهاية»: (الفَرَق؛ بالتحريك: مكيال يسع ستَّةَ عشرَ رطلًا، وهو اثنا عشر مُدًّا، وثلاثة آصُع عند أهل الحجاز، وقيل: الفرق: خمسة أقساط، والقسط: نصف صاع، وأمَّا الفرْق؛ بالسُّكون؛ فمئةٌ وعشرون رطلًا، وفي «الصِّحاح»: (والفرْق: مكيال معروف بالمدينة، وهو ستَّةَ عشرَ رطلًا، وقد تُحرَّك) انتهى، وفي «الجمهرة [1]»: (وقيل: «فرْق» بالسُّكون) وقد تقدَّم.
==========
[1] في (ج): (الجمهور)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 466]

(1/3547)


[باب الإطعام في الفدية نصف صاع]
قوله: (بَابٌ الإِطْعَامُ فِي الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ): (بابٌ): منوَّن [1]، و (الإطعامُ): مرفوع، و (نصفُ): مثله، وهذا ظاهر، ويجوز غيره.
==========
[1] في (ب): (ينون).
[ج 1 ص 466]

(1/3548)


[حديث: ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى]
1816# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، الحافظ، وتقدَّم بترجمة.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن ابْنِ الأَصْبِهَانِيِّ): تقدَّم ضبط أصبهان أنَّها [1] بفتح الهمزة وكسرها، والفتح أشهر، وبالباء وبالفاء.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ): هو بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وبالقاف، ومعقل: هو ابن مُقرِّن المزنيُّ، يروي عن أبيه، وعليٍّ، وكعب بن عُجرة، وابن مسعود، وعنه: أبو إسحاق ويزيد بن أبي زياد، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم [2]، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، قال أحمد العجليُّ: ثقة من خيار التَّابعين.
تنبيه: جميع هذه الأسماء: معقل؛ كهذا إلَّا عبدَ الله بن مغفَّل؛ بالغين المعجمة، والفاء المفتوحة، وعبد الله ووالده المغفَّل صحابيَّان، وهبيب بن مُغْفِل؛ بضمِّ الميم، وإسكان الغين المعجمة، وكسر الفاء، صاحب وادي الإسكندريَّة، وقد انضبط هذا الباب، وقد قدَّمته أيضًا.
قوله: (حُمِلْتُ): هو بضمِّ الحاء، وكسر الميم، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
[ج 1 ص 466]
قوله: (مَا كُنْتُ أُرَى): (أُرَى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وكذا الثَّانية (أُرَى الْجَهْدَ [3]).
قوله: (مَا أَرَى): هو بفتح الهمزة، من رؤية العين، وكذا الثانية: (مَا أَرَى).
قوله: (لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ): (نصف): مرفوع مبتدأ، و (لكلِّ مسكين): خبر مقدَّم، [ويجوز نصب (نصف) على تقدير: أطعم] [4].
تنبيه: هكذا رواه الجمهور: (لكلِّ مسكين)، وقد وقع في بعض نسخ «مسلم» من حديث زكريَّا بن أبي زائدة عن عبد الرَّحمن ابن الأصبهانيِّ، عن مَعْقِل، عن كعب: (أو يطعم ستَّة مساكين لكلِّ مسكين صاع)، وهو وهم مخالف لرواية الجمهور، نبَّه عليه المُحبُّ الطَّبريُّ في «مناسكه»، وهذا على رواية، قال ابن قرقول: («لكلِّ مسكينٍ صاعٌ»: كذا للعذريِّ، وعند الكافَّة: «لكلِّ مِسكينَين صاعٌ»، وهو الصَّواب في غير هذا الحديث) انتهى.

(1/3549)


[باب: النسك شاة]

(1/3550)


[حديث: أن رسول الله رآه وإنه يسقط على وجهه فقال .. ]
1817# 1818# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ): هذا المكان لم يذكره أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، بل قال: (وقال: _يعني: البخاريُّ_: في «ذكر الجنِّ»، و «البقرة»، و «الرَّقائق»: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا رَوح بن عبادة»، لم أجد إسحاقَ هذا منسوبًا عند أحد من شيوخنا في شيء من هذه المواضع، وقد حدَّث البخاريُّ [1] في «الأحزاب» و «ص»: عن إسحاق بن إبراهيم، عن رَوح بن [2] عبادة، وحدَّث أيضًا في «كتاب الصَّلاة» في موضعين، وفي «الأشربة»، وغير موضع: عن إسحاق بن منصور، عن رَوح بن عبادة) انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسب إسحاقَ هنا.
قوله: (حَدَّثَنَا [3] رَوْحٌ): هو ابن عبادة، تقدَّم.
قوله: (حَدَّثَنَا شِبْلٌ): تقدَّم، وكذا (ابْن أَبِي [4] نَجِيحٍ) أنَّه عبد الله.
قوله: (وَعَنْ مُحَمَّد بْنِ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ... ) إلى آخره: هذا مُحَمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ [5] أبو عبد الله، مولى بني ضبَّة، مُحدِّث قيساريَة، روى عن فطر بن خليفة، وعمر بن ذرٍّ، وسفيانَ، وعنه: البخاريُّ، والجماعة بواسطة، والذُّهليُّ، وابن وارة، وعاش اثنتين وتسعين سنة، مات سنة (212 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمت غير هذه المرَّة ترجمته، ولكن طال العهد بها، وأيضًا ترجمته هنا؛ ليُعرَف، وليس هو بمُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ، وقد ذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ، فيما تقدَّم.

(1/3551)


وقوله: (وعن): تحتمل هذه العبارة ألَّا [6] يكون بينه وبينه واسطة وأن [7] يكون، وإذا كان كذلك؛ فلا أعرف أنا الواسطة، فهو تعليق، وكلام المِزِّيِّ في «تطريفه» عبارتُه محتملةٌ أن يكون رواه عنه، وأن يكون علَّقه عنه، لكنَّ الظاهر من عبارته أنَّه أخذه عنه، [ولكن عادة [8] شيخنا فيما إذا قال البخاريُّ: (قال فلان) إذا كان شيخَه أن يقول: (وصله فلان)، ويخرِّجه] [9]، ولهذا قال [10] شيخنا في «شرحه»: (وصله الإسماعيليُّ قال: أخبرنا مُحَمَّد بن عليٍّ الحدَّاديُّ: حَدَّثَنَا هاشم بن سعيد بن أبي داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يوسف الفريابيُّ: حَدَّثَنَا ورقاء؛ فذكره، وأخرجه أيضًا من حديث عمر بن الخطَّاب: حَدَّثَنَا الفريابيُّ: حَدَّثَنَا ورقاء به) انتهى، وعمر بنُ الخطاب في كلام شيخنا: الظَّاهر أنَّه الحافظ السِّجستانيُّ [11]، نزيل الأهواز، فإنَّه يروي عن الفريابيِّ، وأمَّا قوله: مُحَمَّد بن عليٍّ الحدَّاديُّ؛ فهو نسبة إلى قرية حَدَّادة، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ): هو ورقاء بن عمر اليشكريُّ، أبو بشر، عن عَمرو بن دينار وابن المنكدر، وعنه: الفريابيُّ ويحيى بن آدم، صدوق صالح، أخرج له الجماعة، قال أحمد: ثقة، صاحب سُنَّة، فيه إرجاء، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (مِثْلَهُ): هو بالنَّصب؛ أي: مثل الحديث الذي قبله.

(1/3552)


[باب قول الله تعالى: {فلا رفث}]

(1/3553)


[حديث: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه]
1819# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو منصور بن المُعتمِر، تقدَّم.
قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة والزَّاي، سلمان الأشجعيُّ، مولى عزَّة الأشجعيَّة، جالس أبا هريرة خمس سنين، وعنه: مُحَمَّد بن جُحَادة والأعمش، تُوفِّيَ سنة (100 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (كَيَوم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ): (يوم): يجوز فيه الجرُّ والنَّصب [1]، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (ب): (النصب والجرّ).
[ج 1 ص 467]

(1/3554)


[باب قول الله عز وجل {ولا فسوق ولا جدال في الحج}]

(1/3555)


[حديث: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه]
1820# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، كذا صرَّح به المِزِّيُّ، وقال شيخنا: هو الثَّوريُّ كما بيَّنه [1] البيهقيُّ في إسناده، ثمَّ عزاه إلى البخاريِّ، وكذا (مَنْصُور) تقدَّم أعلاه، وكذا (أَبُو حَازِمٍ) سلمان.
قوله: (فَلَمْ يَرْفُثْ): تقدَّم الكلام على (الرَّفث) مُطَوَّلًا.
==========
[1] في (ج): (نبه عليه).
[ج 1 ص 467]

(1/3556)


((28)) [كتاب جزاء الصيد]

(1/3557)


[باب: إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله]
قوله: (وَالدُّجَاجِ): تقدَّم أنَّ المفرد والجمع فيه تثليث الدَّال.
قوله: ({عَدْلُ ذَلِكَ} [المائدة: 95]: مِثْلُ ذَلِكَ [1]): هذا [2] بفتح العين، وفي «المطالع»: العَدل: المثل، وما عادل الشيء وكافأه من غير جنسه: بفتح العين، فإن كان من جنسه؛ فهو عِدْل، وقيل: هما لغتان، وهو قول البصريِّين، ونحوُه عن ثعلب، وكذا قاله ابن الأثير، وزاد قولًا آخر في القول الأوَّل، وهو بالعكس، وهو إن كان من جنسه؛ كان بالفتح، وإلَّا؛ فبالكسر، وكذا ذكر القولين غيرُه.
قوله: (يَجْعَلُونَ لَهُ [3] عدْلًا): هذا بفتح العين وكسرها، وهذا يُعرَف مما ذكرته قبله، ولكنَّ مقتضى ما ذكره البخاريُّ أن يكون بالفتح؛ لأنَّه المِثْل عنده.
==========
[1] كذا في النسخ، و (ذلك): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] في (ب): (هو).
[3] كذا في النسخ، و (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 1 ص 467]

(1/3558)


[حديث: انطلق أبي عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم يحرم]
1821# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الفاء، وأنَّه ظاهر عند أهله.
قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ أبو بكر، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب.
قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، وهو بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، تقدَّم بترجمة [1].
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي [2]): أبوه: هو أبو قتادة، وقد اختُلِف في اسمه؛ فقيل: الحارث، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمرو بن ربعيِّ بن بلدمة بن خُنَاس بن سنان، وبقيَّة نسبه معروف، الأنصاريُّ الخزرجيُّ، فارس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ): تقدَّم أنَّ (الحديبية) فيها لغتان؛ التخفيف والتشديد، وأنَّها في ذي القِعدة سنة ستٍّ من الهجرة، وكلُّه معروف.
قوله: (وَلَمْ يُحْرِمْ): إن قيل: كيف جاز لأبي قتادة مجاوزة الميقات من غير إحرام؟ فالجواب: أنَّه يحتمل أنَّه لم يقصد نسكًا، وإنَّما جاء؛ لكثرة الجمع، ويجوز أن تكون المواقيت لم تؤقت إذ ذاك، قال الأثرم: كنت أسمع أصحاب الحديث يتعجَّبون من هذا، ويقولون: كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات غير محرم؟ ولا يدرون ما وجهه، حتى رأيته مُفسَّرًا في رواية عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد_ أي [3]: في «الصَّحيح» _ قال: (خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فأحرمنا، فلمَّا كنَّا مكان كذا وكذا؛ إذا نحن بأبي قتادة، كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعثه في شيء قد سمَّاه ... )؛ فذكر حديث حمار الوحشيِّ، قاله شيخنا بزيادة حذفتها، وذكر النَّوويُّ عن القاضي عياض أجوبة؛ أحدها: أنَّ المواقيت لم تكن وُقِّتت بعد، الثاني: أنَّه عليه السَّلام بعث أبا قتادة ورفقته؛ لكشف عدوٍّ لهم بجهة السَّاحل، كما ذكره مسلم في الرواية الأخرى، الثالث: أنَّه لم يكن خرج مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ من المدينة، بل بعثه أهل المدينة بعد ذلك إليه عليه السَّلام؛ ليعلمه أنَّ بعض
[ج 1 ص 467]
العرب يقصدون الإغارة على المدينة، الرَّابع: أنَّه خرج معهم [4]، ولكنَّه لم ينوِ حجًّا ولا عمرةً، قال القاضي: وهذا بعيد، والله أعلم.

(1/3559)


ثمَّ اعلم أنَّ في «أبي حاتم» من حديث أبي سعيد: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بعث أبا قتادة الأنصاريَّ على الصدقة، وخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وأصحابه مُحرِمون حتَّى نزلوا بعسفان ثنيَّة الغزال؛ فإذا هم بحمار وحش، فجاء أبو قتادة وهو حلٌّ ... )؛ الحديث، ففيه تعيين السَّبب الذي تخلَّف فيه أبو قتادة عن الإحرام.
قوله: (وَحُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (حُدِّث): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (فَأَثْبَتُّهُ [5]): أي: أصبتُ مقاتلَه.
قوله: (أَنْ نُقْتَطَعَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ أي: ننفرد ونُؤخَذ.
قوله: (أَرْفَعُ فَرَسِي): بإسكان الرَّاء، وفتح الفاء مخفَّفة؛ أي: أزيد في السَّير بها، وهو دون الجري، وفوق المشي، يقال: رفعَ البعيرُ في السَّير _أي: بالغ_ ورفعتُه أنا [6]، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ويقال أيضًا: رفَّعته_ بالتَّشديد_ ترفيعًا، وفي بعض النُّسخ: بتشديد الفاء مع فتح الرَّاء، وهو نفسه، وهذه في أصلنا، ورأيت بعضهم اقتصر على التَّشديد، وليس كذلك، بل فيه اللُّغتان.
قوله: (شَأْوًا): هو بالشِّين المعجمة، وبعدها همزة ساكنة؛ أي: طلقًا من الجري، تقول: شَأْوتُ القوم؛ إذا سبقتهم.
قوله: (فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ): هذا الرَّجل لا أعلم أحدًا سمَّاه.
قوله: (بِتَعْهِنَ [7]): هي بمثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ عين مهملة ساكنة، ثمَّ هاء مكسورة، ثمَّ نون، قال ابن قرقول: («تِعْهِن»: عين ماء، سُمِّي بها الموضع، على ثلاثة أميال من السُّقيا بطريق مكَّة؛ بكسر الأوَّل والثَّالث، كذا ضبطناه عن شيوخنا، وكذا قيَّده البكريُّ، وضبطناه عن بعضهم: بفتح أوَّله وكسر ثالثه، وإسكان العين في كلا الضَّبطين، وحُكِي عن أبي ذرٍّ: «تُعَهِن») [8] انتهى، قال القاضي عياض: عن أبي ذرٍّ أنَّه قال: سمعت العرب تقوله بضمِّ التَّاء، وفتح العين، وكسر الهاء، وهذا ضعيف، وفي «النِّهاية»: («تُعُهِّن»، قال أبو موسى: هو بضمِّ التَّاء والعين، وتشديد الهاء، وهو فيما بين مكَّة والمدينة، ومنهم من [9] يكسر التَّاء، وأصحاب الحديث يقولونه: بكسر التَّاء، وسكون العين) انتهى.

(1/3560)


قوله: (وَهُوَ قَايِلٌ): من القيلولة، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: ورُوِي بالباء الموحَّدة، وهو ضعيف، وكأنَّه تصحيف، وإن صحَّ؛ فمعناه: أنَّ تَعْهِنَ موضعٌ مقابل (للسُّقيا) انتهى، فيحتمل أن يجيء هذا في رواية البخاريِّ، ويحتمل أَنْ لا؛ لأنَّه إنَّما ذكرها في ألفاظ «مسلم»، ولكنَّه أطلق، ولم يقيِّدها بـ «مسلم [10]» ولا بغيره، والله أعلم، ورأيت بعضهم قال: (قايل): اسم فاعل من القول ومن القائلة، الأوَّلُ المرادُ، انتهى، وفيه نظر، إنَّما حمله ابن قرقول وكذا النَّوويُّ [11] على القيلولة، والله أعلم.
قوله: (السُّقْيَا): هي بضمِّ السِّين المهملة، وإسكان القاف، وبعدها مثنَّاة تحت، ثمَّ ألف مقصورة، وهي قرية جامعة من عمل الفُرْع [12]، بينهما ممَّا يلي الجحفة [13] سبعةَ عشرَ ميلًا، وفي «النِّهاية»: هي على يومين من المدينة.
قوله: (أَنْ يُقْتَطَعُوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ومعناه تقدَّم أعلاه: وهو ينفردوا، ويُؤخَذوا.
قوله: (فَاضِلَةٌ): أي: فضلة، وروى بعضهم: (فاضلُه)؛ بضمِّ اللَّام، وهاء الضمير بعدها، قاله ابن قرقول.

(1/3561)


[باب: إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال]
قوله: (فَفَطِنَ [1] الحَلَالُ): هو بكسر الطَّاء، يقال: فطَنت الشيء [2]؛ بالفتح، ورجل فطِن، وفطُن، وقد فَطِن بالكسر، فطنةً، وفَطانةً، وفطانية، وفي أصلنا: بكسر الطَّاء وفتحها بالقلم، وكذا في أصل آخر جيِّد صحيح.
==========
[1] في (ج): (فبطن)، وهو تحريف.
[2] في (ب) و (ج): (للشيء).
[ج 1 ص 468]

(1/3562)


[حديث: انطلقنا مع النبي عام الحديبية فأحرم أصحابه]
1822# قوله: (عنْ يَحْيَى): تقدَّم في الصَّفحة قبله أنَّه [1] يحيى بن أبي كَثِير.
قوله: (عنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أبِي قَتَاَدَةَ: أنَّ أبَاهُ حَدَّثَهُ): تقدَّم أنَّ أباه أبو [2] قتادة [3]، وقد تقدَّم في الصفحة قبلُ بعضُ الكلام عليه رضي الله عنه.
قوله: (عامَ الحُدَيْبِيَةِ): تقدَّم أنَّ في (الحديبية) لغتين؛ التَّخفيفَ والتشديدَ، وأنَّ عامها سنة ستٍّ، وهذا ظاهر.
قوله: (بِغَيْقَةَ [4]): هي بفتح الغين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ قاف مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: موضع بين الحرمين من بلاد غفار، وقيل: هو قُلَيب ماء لبني ثعلبة.
قوله: (فَبَصُرَ أَصْحَابِي): هو بضمِّ الصَّاد، وهذا ظاهر.
قوله: (فَأَثْبَتُّهُ): تقدَّم أعلاه: أصبتُ مقاتلَه.
قوله: (أَنْ نُقْتَطَعَ): تقدَّم معناه أعلاه [5].
قوله: (أَرْفَعُ [6] فَرَسِي): تقدَّم معناه أعلاه [7].
قوله: (شَأْوًا): تقدَّم ما هو الشَّأو أعلاه.
قوله: (فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرفه أعلاه.
[قوله: (تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ): تقدَّم ضبطها، وأين هي أعلاه] [8].
قوله: (وَهُوَ قَائِلٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه من القيلولة، وما قال فيه النَّوويُّ، وما قاله [9] بعضهم.
قوله: (السُّقْيَا): تقدَّم ضبطها، وأين هي أعلاه.
قوله: (أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ الْعَدُوُّ): تقدَّم معناه أعلاه [10].
قوله: (فَانْظُرْهُمْ): هو بهمزة وصل، وضمِّ الظَّاء، كذا في أصلنا، وهو صحيح؛ ومعناه: انتظرهم.
[ج 1 ص 468]
قوله: (إِنَّا اصَّدْنَا): قال ابن قرقول: بشدِّ الصَّاد ذكره البخاريُّ، وكذا السِّجزيُّ والفارسيُّ في حديث صالح بن مسمار، وهو على لغة مَنْ يقول: مُصَّبِر في مُصْطَبِر [11]، وقرأ الفرَّاء: (أن يصَّلحا [12])؛ ومعنى أصَدْتُ؛ بتخفيفٍ: أثرت الصَّيد، وقال في «النهاية»: («اصَّدنا»: هكذا رُوِي بصاد مشدَّدة، وأصله: اصطدنا، فقُلِبت الطَّاء صادًا، وأدغمت؛ مثل «اصَّبر» في «اصْطَبَر»، وأصل الطَّاء: مبدلة من تاء «افتعل») انتهى.
قوله: (فَاضِلَةً): هي بتاء منوَّنة، تقدَّم ما قيل [13] فيها بباطنها [14].
==========
[1] في (ب): (تقدَّم بظاهرها أنَّه).
[2] في النسخ: (أبا)، ولعل المثبت هو الصَّواب.
[3] (أبا قتادة): سقط من (ب).
[4] في هامش (ق): (فائد: غيقة بطريق البقيع).

(1/3563)


[5] في (ب): (في الورقة التي قبل هذه).
[6] في (ب) و (ج): (أربع)، وهو تحريفٌ.
[7] في (ب): (قريبًا)، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[9] زيد في (ج): (قاله)، وهو تكرارٌ.
[10] في (ب): (في الورقة التي قبل هذه).
[11] (في مصطبر): سقط من (ب).
[12] في (ب): (يصطلحا)، وفي «المطالع» (&): (وقرأ القراء: {أن يصَّالحا} [النساء: 128]).
[13] في النُّسخ: (قيله)، ولعل المثبت هو الصواب.
[14] في (ب): (في الورقة التي قبلها).

(1/3564)


[باب: لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد]

(1/3565)


[حديث: كنا مع النبي بالقاحة من المدينة على ثلاث]
1823# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه [المسنديُّ، ويشهد له ما قاله بعض الحُفَّاظ في عصرنا في (الجمعة)] [1].
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام المشهور، تقدَّم.
قوله: (عَنْ أَبِي مُحَمَّد نَافِعٍ): كذا هو في أصلنا، وفي نسخة زيادة على ذلك: (مولى أبي قتادة)، وهو نافع بن عبَّاس، ويقال: ابن عيَّاش، أبو مُحَمَّد الأقرع، مولى أبي قتادة، كذا هو منسوب إليه، وإنَّما ولاؤه لعقيلة الغفاريَّة، عن أبي قتادة وأبي هريرة، وعنه: سالم أبو النضر والزُّهريُّ، وثَّقه النَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة.
قوله: (بِالْقَاحَةِ): قال ابن قرقول: (على ثلاث مراحل من المدينة، قيل: السُّقيا بنحو ميل، وهو بقاف، وحاء مهملة خفيفة، وهي رواية أبي ذرٍّ، والأصيليِّ، وابن السَّكن، وفي رواية القابسيِّ [2] والهمْدانيِّ في كتاب «الفارسيِّ»، وفيه إشكال [3]، والصَّواب الأوَّل) انتهى، [كذا في «المطالع» وقد سقط منه شيء] [4]، وقال عياض: (ورواه بعضهم عن البخاريِّ: بالفاء، وهو وهم، والصَّواب: بالقاف)، فلعلَّ هذا الذي سقط أو معناه، والله أعلم.
وزعم ابن إسحاق في «مغازيه»: أنَّها بفاء، وجيم، وردَّ ذلك عليه ابنُ هشام، وقال الحازميُّ: هي: موضع بين الجحفة وقُدَيد.
قوله: (وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن عيينة.
قوله: (عَنْ أَبِي مُحَمَّد): تقدَّم بعض ترجمته أعلاه، وهو مولى أبي قتادة.
قوله: (مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ): (الأَكَمة)؛ بفتح الهمزة، والكاف: الرَّابية، وقد تقدَّم الكلام على جمعها.
قوله: (وَهُوَ أَمَامَنَا): هو بفتح الهمزة والميم؛ أي: قُدَّامنا.
قوله: (قَالَ لَنَا عَمْرٌو: اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ؛ فَاسألُوهُ [5] عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ قَدِمَ [6] عَلَيْنَا هَهُنَا) انتهى: قال شيخنا الشَّارح: يعني: أنَّ ابن عيينة قال لنا ذلك، وعمرو: هو ابن دينار، كأنَّ عمرًا دلَّهم على أخذه من صالح، انتهى.

(1/3566)


[باب: لا يشير المحرم إلى الصيد لكى يصطاده الحلال]

(1/3567)


[حديث: منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها]
1824# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ، تقدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته لماذا.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ): هو عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب التَّيميُّ، عن أبي هريرة وابن عمر، وعنه: شعبة وأبو عوانة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وثَّقه ابن مَعِين وأبو داود.
تنبيه: لهم: عثمان بن مَوْهَب الكوفيُّ، من موالي بني هاشم، له عن أنس، تفرَّد به زيد بن الحُبَاب، لكن قال أبو حاتم: صالح الحديث، وهذا ليس له في الكتب ولا بعضها شيء.
قوله: (خَرَجَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا [1]): كذا هنا، والمعروف أنَّ هذه الخرجة (كانت للحديبية، كما صرَّح به قبل ذلك، ومعنى هذه الرواية) [2]: (معتمرًا)؛ لأنَّه القصد والزِّيارة، والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لم يحجَّ بعد أن [3] انتقل إلى المدينة إلَّا حجَّة الوداع، وهذا معروف لكلِّ أحد، فلهذا حملناه على التَّأويل، والله أعلم.
قوله: (إلَّا أَبُو قَتَادَةَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي خارج الأصل في الحاشية: (أبا)، أمَّا (أبا)؛ فإعرابها ظاهر، وأمَّا (أبو)؛ فعلى معنى (لكن)؛ مثلَ: {إلَّا قليلٌ} [البقرة: 249]؛ أي: لم يشرب، والله أعلم.
قوله: (حُمرَ وَحْشٍ): هو بضمِّ الميم وسكونها؛ لغتان، وهذا ظاهر، وكذا قوله: (على الحُمرِ)؛ بضمِّ الميم وسكونها في «الصِّحاح»، وكذا (حُمر وَحْشٍ [4]) الآتية.
قوله: (فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا وبعيدًا، الحارث بن ربعيٍّ رضي الله عنه.
قوله: (الأَتَان): تقدَّم في أوائل هذا التعليق ما الأتان؛ وهو الأنثى من الحمر.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ خَرَجَ حَاجًّا).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] (أن): سقط من (ب).
[4] في (ب): (الوحش).
[ج 1 ص 469]

(1/3568)


[باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًا حيًا لم يقبل]
قوله في الترجمة: (حَيًّا): قد أُنكِر عليه قوله: (حيًّا)، قال المُنكِر: ويرد كونه حيًّا رواية ابن عبَّاس: (أنَّ الصعب أهدى إليه عليه الصَّلاة والسَّلام رِجل حمار وحش)، وفي رواية: (عجز حمار وحش تقطر دمًا فردَّه ... )؛ الحديث، وهذا في «مسلم»، والظَّاهر في تأويله ما ذهب إليه الشَّافعيُّ، وهو أنَّه إنَّما كان الرَّدُّ لأجل أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام ظنَّ أنَّه صِيد له، والله أعلم، قال النَّوويُّ: لما ساق روايات مسلم في «شرحه» ما لفظه: (وترجم له البخاريُّ «باب إذا أُهدِي للمُحرِم حمارًا وحشيًّا حيًّا لم يقبل»؛ رواه بإسناده، وقال في روايته: «حمارًا وحشيًّا»، وحُكِي أيضًا هذا التأويل عن مالك وغيره، وهو تأويل باطل، وهذه الطُّرق التي ذكرها مسلم صريحة في أنَّه مذبوح، وأنَّه إنَّما أهدى بعضَ لحم صيد لأكله) انتهى، وقد أطال النَّوويُّ الكلامَ على ذلك في «شرح المهذَّب» في حديث الصعب؛ هل أهدى حمارًا وحشيًّا أو لحم حمار؟ واختلاف الرُّواة في ذلك ... إلى أن قال: (قال الشَّافعيُّ: وحديث مالك: أنَّ الصعب أهدى للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حمارًا أثبت من حديث: أنَّه [1] أهدى من لحم حمار) انتهى، فإذن قول البخاريِّ: (حيًّا) صوابٌ، وليس مُنتقَدًا عليه، وإن أردت الوقوف على حقيقة ذلك؛ فانظر «شرح المُهذَّب» للنَّوويِّ، والله أعلم، وقد أطال شيخنا الشَّارح فيه النفس جدًّا؛ فانظره من «شرح البخاريِّ» إن أردته، فإنِّي لم أنظره؛ لطوله، وذكر ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدِّين الرِّوايات في ذلك في «الهَدْي»، ثمَّ [2] قال: ومَن روى: لحمًا؛ أولى لثلاثة [3] وجوه، فذكرها؛ فانظرها إن أردت ذلك من «الهَدْي»، والله أعلم.
[ج 1 ص 469]
قوله: (يَقْبَلْ): هو بفتح أوَّله مبنيًّا للفاعل، وهذا ظاهر جدًّا.
==========
[1] (أثبت من حديث: أنَّه): سقط من (ج).
[2] (ثم): ليس في (ج).
[3] في النُّسخ: (الثلاثة): والمثبت مستفاد من «زاد المعاد».

(1/3569)


[حديث: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم]
1825# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العالم المشهور.
قوله: (عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ): أمَّا (الصَّعْب)؛ فبفتح الصَّاد، وإسكان العين المهملتين، ثمَّ موحَّدة، وأمَّا (جَثَّامة)؛ فبفتح الجيم، وتشديد الثَّاء المثلَّثة، والباقي معروف، وهو الصَّعْب بن جَثَّامة، واسم جَثَّامة: يزيد بن قيس بن عبد الله بن يعمر بن عوف بن عامر بن ليث اللَّيثيُّ الحجازيُّ، تُوفِّيَ في خلافة الصِّدِّيق، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وهو أخو محلم بن جَثَّامة، قال الدِّمياطيُّ في «حواشيه»: ذكر ابن سعد أنَّه كان مُتوجِّهًا إلى الحديبية حين أتاه بالحمار الوحشيِّ، وفي بعض الطُّرق: بلحم حمار وحش، وكان ينزل وَدَّان، انتهى.
قوله [1]: (وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ): هي بفتح الهمزة، ثمَّ مُوحَّدة ساكنة، ثمَّ واو، ثمَّ همزة ممدودة: قرية من عمل الفُرْع من المدينة، بينها وبين الجحفة ممَّا يلي المدينة ثلاثةٌ وعشرون ميلًا.
قوله: (أَوْ بِوَدَّانَ): هو بفتح الواو، وتشديد الدَّال المهملة: وهي قرية جامعة من عمل الفُرْع، بينها وبين هَرْشى نحوٌ من ستَّة أميال، وبينها وبين الأبواء نحوٌ من ثمانية أميال قريب من الجحفة [2]، هكذا هو بالشَّكِّ، قال المُحبُّ الطَّبريُّ في «مناسكه»: (وذكر المَلَّاء أنَّ ذلك كان في حجَّة الوداع، وقطع أنَّه كان بالأبواء) انتهى، وفي كلام ابن سعد: أنَّه كان مُتوجِّهًا إلى الحديبية كما تقدَّم عن الدِّمياطيِّ.

(1/3570)


[باب ما يقتل المحرم من الدواب]

(1/3571)


[حديث: خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح]
1826# قوله: (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ... ) إلى آخره [1]: هذا معطوف على الحديث قبله، وقد روى هذا الحديث البخاريُّ عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، وليس تعليقًا، وقد أخرجه في (بدء الخلق): عن عبد الله بن مسلمة القعنبيِّ، عن مالك به، والله أعلم.

(1/3572)


[حديث: يقتل المحرم]
1827# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.
قوله: (حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): هي حفصة، كما سيأتي.
==========
[ج 1 ص 470]

(1/3573)


[حديث: خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن]
1828# قوله: (عَنْ يُونُسَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (قَالَتْ حَفْصَةُ): هي أمُّ المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطَّاب، زوج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، يقال: ولدت قبل المبعث بخمسة أعوام، تزوَّجها عليه الصَّلاة والسَّلام سنة ثلاث من الهجرة، روى عنها: أخوها عبد الله بن عمر، وابنه حمزة، وشُتَّير [1] بن شَكَل، وصفيَّة بنت أبي عبيد، وغيرهم، تزوَّجت أولًا [2] بخُنَيس بن حذافة السَّهميِّ، فتُوفِّيَ عنها، استُشهِد بأُحُد، وفي «تجريد الذَّهبيِّ» كذلك، فإنَّه قال: وأصابه بأُحُد جراحة، فمات منها، وكذا في «التذهيب» له، وهو الظَّاهر لما يأتي قريبًا، وكان بدريًّا، وفي «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ»: فتُوفِّيَ عنها من جراحات أصابته ببدر، وقيل: بأُحُد، والأوَّل أشهر، وقد عرضها عمر رضي الله عنه حين حلَّت على أبي بكر، فسكت، فتألَّم عمر، ثمَّ عرضها على عثمان لمَّا ماتت رقيَّة، فقال: ما أريد أن أتزوَّج اليوم، فشكاه عمر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «يتزوَّجها من هو خير منه، ويتزوَّج عثمان من هو خير منها»، ثمَّ تزوَّجها عليه السَّلام، قال أبو عبيدة: تزوَّجها عليه الصَّلاة والسَّلام سنة اثنتين، انتهى، وكيف يصحُّ أن يكون خنيس تُوفِّيَ بأُحُد، ويكون النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تزوَّجها سنة اثنتين إلَّا أن يكون طلَّقها، والله أعلم، وقد طلَّقها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ثمَّ راجعها، تُوفِّيَت [3] سنة إحدى وأربعين، وكذا قال أحمد بن أبي خيثمة، وزاد: أوَّل ما بُويع لمعاوية، وقال الواقديُّ: تُوفِّيَت سنة خمس وأربعين، وصلَّى عليها مروان أمير المدينة، وأمَّا ابن وهب عن مالك؛ فقال: تُوفِّيَت حفصة حين افتُتِحت إفريقية، انتهى، وافتُتِحت [4] إفريقية سنة (47 هـ)، والله أعلم.
قوله: (لاَ حَرَجَ): أي: لا إثم.
قوله [5]: (وَالْحِدَأَةُ): هي بكسر الحاء، وفتح الدَّال المهملتين، ثمَّ همزة مفتوحة، ثمَّ تاء التَّأنيث، وزان [6] (عِنَبَة)، معروفة.
قوله: (وَالْفَأْرَةُ): هي معروفة مهموزة، وتُسهَّل أيضًا، و (فارة المسك) غير مهموز، كذا قيل، والصَّحيح أنَّهما بالهمز وتركه، وقد تقدَّم.
==========
[1] في (ب): (وستير)، وفي (ج): (وشبير)، وهو تصحيف.

(1/3574)


[2] (أولًا): ليس في (ج).
[3] (تُوفِّيَت): سقطت من (ج)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] في (ب): (وانفتحت).
[5] (قوله): سقط من (ب).
[6] في (ب): (وزاي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 470]

(1/3575)


[حديث: خمس من الدواب كلهن فاسق]
1829# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، العالم المشهور المصريُّ، وكذا تقدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، وأنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
==========
[ج 1 ص 470]

(1/3576)


[حديث: وقيت شركم كما وقيتم شرها]
1830# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ غِيَاثًا بالغين المعجمة المكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا ظاهر.
قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ [1]): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، تقدَّم مرارًا، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) مرارًا: أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (عَبْد اللهِ) بعده: أنَّه ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، أحد المهاجرين الأوَّلين.
قوله: (فِي غَارٍ بِمِنًى): (مِنًى): تقدَّم الكلام عليها، وهذا الغار معروف، وهو جنوب مسجد الخيف في الجبل بقربه جدًّا يأثره الخلف عن السلف [2]، وقد وقع في «الطَّبرانيِّ الصَّغير»: أنَّه كان بحراء من حديث ابن مسعود، وذكره أيضًا أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته الكبرى» عنه، ومن طريق أبي عليِّ بن الصَّوَّاف أيضًا عن عبد الله بن أحمد، وقال الطَّبرانيُّ [3]: حَدَّثَنَا عمر بن عبد الرَّحمن السُّلميُّ؛ قالا: حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحجَّاج السَّاميُّ؛ فذكره، وحديث «الصَّحيح»: أنَّه في غار بمِنًى في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «النَّسائيِّ»، والذي في «الطَّبرانيِّ» في سنده عاصم بن بهدلة، وليس بالحافظ، وفيه غير ذلك، والذي في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «النَّسائيِّ» أولى أن يكون محفوظًا، ويبعد تعدُّد القضيَّة، وكذا الإنزال، والله أعلم.

(1/3577)


[حديث: أن رسول الله قال للوزغ: فويسق]
1831# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام شيخ الإسلام، و (ابْن شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
فائدة: تحصَّل من مجموع ما يقتله المحرم من «الصَّحيحين» و «السُّنن»: الفأرة، والعقرب، والحيَّة، والغراب، والحدأة، والكلب العقور، والسِّتُّ في «البخاريِّ»، و «مسلم»: والسَّبُع العادي، وهو الذي يعدو على النَّاس وعلى دوابِّهم؛ كالذِّئب، والنَّمر، والأسد، والفهد، والخنزير، ونحوها، قال المُحبُّ الطَّبريُّ: واتَّفق أهل العلم
[ج 1 ص 470]
على جواز قتلهنَّ للمُحرِم والحلال في الحلِّ والحرم إلَّا ما رُوِي عن النَّخعيِّ، فإنَّه قال: لا يقتل المحرم الفأرة، فلم ينقل عنه فيها فدية، وهو خلاف النَّصِّ والإجماع، انتهى، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: إنَّ السَّاجيَّ نقل ذلك عن النَّخعيِّ، قال: وحكى غيره عن عليٍّ ومجاهد: أنَّه لا يُقتَل الغراب، ولكن يُرمَى، وليس بصحيح عن عليٍّ، انتهى، وقد اختُلِف في المراد بالكلب العقور؛ فقيل: الكلب المعروف، وقيل: كلُّ ما يفترس؛ لأنَّ كلَّ مُفترِس من السِّباع يُسمَّى في اللُّغة: كلبًا عقورًا، وحَمَل زُفَر الكلب على الذِّئب وحده.

(1/3578)


[باب: لا يعضد شجر الحرم]
قوله: (باب لاَ يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَمِ): (يُعضَد): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شجرُ): مرفوع قائم مقام الفاعل؛ أي: لا تُقطَع أغصانها، وأصله: من قطع العضد، وقد تقدَّم.
==========
[ج 1 ص 471]

(1/3579)


[حديث: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل]
1832# قوله: (عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ): هو بالشِّين المعجمة، والحاء المهملة [1]، وهذا معروف، واسمه خويلد بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل: هانئ بن عمرو، حمل لواء قومه يوم الفتح، وكان من العقلاء، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقد تقدَّم.
قوله: (أنَّه قالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعيدٍ): هذا هو المشهور، وهو في «البخاريِّ» و «مسلم»، وقد وقع في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّ أبا شُرَيح قال ذلك لعمرو بن الزُّبير، وقد تقدَّم ذلك في (كِتَاب العلم)؛ فانظره فإنَّه مكان مليح، وقد قدَّمت ترجمة عمرو بن سعيد الأمير في (كِتَاب العلم).
قوله: (وَهْوَ يَبْعَثُ الْبعُوُثَ إلَى مكَّة): أي: الجيوش التي جهَّزها يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزُّبير.
قوله: (أُحَدِّثْكَ): هو بإسكان الثَّاء جواب، وهذا ظاهر جدًّا.

(1/3580)


قوله: (مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ): تقدَّم أنَّ الفتح كان يوم الجمعة، وسيأتي متى كان من الشَّهر مع الاختلاف فيه، وقد ذكرته، ففي «مسلم»: (فصبَّح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ مكَّة لثلاثَ عشرةَ خلت من رمضان)، كذا في (كِتَاب الصَّوم) منه، ثمَّ ذَكَر عن أبي سعيد، قال: غزونا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لستَّ عشرةَ مضت من رمضان، وفي رواية: (لثمان عشرةَ خلت)، وفي رواية: (ثنتي عشرةَ)، وفي رواية: (لسبعَ عشرةَ أو تسعَ عشرةَ)، قال النَّوويُّ: (والمشهور في كتب المغازي: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ خرج في غزوة الفتح من المدينة لعشرٍ خلون من رمضان، ودخلها لتسعَ عشرةَ خلت منه، ووجه الجمع بين هذه الرِّوايات ... )، ثمَّ أخلى بياضًا؛ ليكتب فيه جوابًا، فلم يكتب، وفي «سيرة مغلطاي الصُّغرى» في (الفتح): طاف صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بالبيت يوم الجمعة لعشرٍ بقين من رمضان، وقد تقدَّم أنَّ الفتح كان يوم الجمعة لسبعَ عشرةَ، فينبغي أن يجمع بين [2] هذه الرِّوايات؛ وهي: ثلاثَ عشرةَ، وستَّ عشرةَ، وثمانيَ عشرةَ، وثنتا عشرةَ، وسبعَ عشرةَ أو تسعَ عشرةَ، خروجه من المدينة بعد مضي ثماني عشرة [كما في «المسند»، وهي صحيحة، وقد ذكر ابن القيِّم: أنَّه خرج من المدينة إلى مكَّة في أواخر رمضان بعد مضي ثماني عشرةَ] [3] ليلة منه، ثمَّ ساق مستنده كما ذكرته، وقد قدَّمت أنَّ النَّوويَّ قال: إنَّ [4] في كتب المغازي أنَّه خرج في الفتح من العشر لعشر خلون من رمضان، ودخلها لتسعَ عشرةَ، ولا يُجتمَع لي بين هذه الرِّوايات.
قوله: (أَنْ يَسْفِكَ): هو بكسر الفاء؛ أي: يريق.
قوله: (وَلاَ يَعْضِدَ): هو بكسر الضَّاد، وقد تقدَّم أعلاه، وفي الأصل الذي سمعت فيه على شيخنا [5] العراقيِّ: بالكسر والضَّمِّ، والضَّمُّ ينبغي أن يُحرَّر [6] ثمَّ أُزيلَت الضَّمَّة.
قوله: (تَرَخَّصَ لِقِتَالِ): اللَّام بمعنى الباء؛ أي: بقتال.
قوله: (سَاعَةً): تقدَّم أنَّها كانت من أوَّل النَّهار إلى العصر، كما عُزِي لكتاب «الأموال» لأبي عُبَيد.
قوله: (مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟): يعني: ابن سعيد الأمير، وقد قدَّمت ترجمته في أوائل التعليق في (العلم).
قوله: (لاَ يُعِيذُ): هو بالذَّال المعجمة، مضموم الأوَّل، رباعيٌّ، يقال: عُذت بفلان؛ أي: لجأت إليه.

(1/3581)


قوله: (بِخَرْبَةٍ): هي بفتح الخاء المعجمة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ تاء التَّأنيث، وقد ذكرتها في (كِتَاب العلم) مُطوَّلة، قال أبو عبد الله: (خربةٌ: بَليَّةٌ [7]).

(1/3582)


[باب: لا ينفر صيد الحرم]
(بَابُ لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ) ... إلى (بَاب حَرَمِ المَدِيْنَة)
قوله: (يُنَفَّرُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، مشدَّد الفاء، و (صيدُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
==========
[ج 1 ص 471]

(1/3583)


[حديث: إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي]
1833# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، الحافظ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): تقدَّم أنَّ هذا هو خالد بن مِهران الحذَّاء أبو المُنازِل، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مكَّة): تقدَّم الجمع بين هذا وبين قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «اللَّهمَّ؛ إنَّ إبراهيم حرَّم مكَّة»؛ فانظره.
قوله: (لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا [1]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (خلاها [2]): مرفوع نائب مناب الفاعل، لكنَّه مقصور لا يظهر فيه الإعراب، وقد مدَّه بعضُ الرُّواة: وهو العشب الرَّطب خاصَّة، وقد تقدَّم، وعن ابن فارس وغيره: اليابس.
قوله: (وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا): تقدَّم قريبًا أنَّ (يُعضَد): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ ومعناه: يُقطَع، و (شجرُها): بالرَّفع قائم مقام الفاعل.
قوله: (وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا): مثل الذي قبله.
قوله: (وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا): مثل الذي قبله.
قوله: (إلَّا لِمُعَرِّفٍ): تقدَّم، وفي رواية: (إلَّا لمُنشِد) [خ¦112]؛ يعني: لقطة مكَّة؛ يعني: لا يحلُّ منها إلَّا إنشادها وإن تمَّت السَّنة عنده، بخلاف غيرها، وقيل: المنشد
[ج 1 ص 471]
هنا: الطَّالب، وحكى الحربيُّ بين أهل اللُّغة اختلافًا في النَّاشد والمنشد؛ منهم من يقول كما تقدَّم، ومنهم من يعكس ذلك، ولكلٍّ حجَّةٌ من الحديث والشِّعر.
قوله: (إلَّا الإِذْخِرَ): هو بكسر الهمزة، ثمَّ ذال ساكنة، ثمَّ خاء مكسورة معجمتين، ثمَّ راء، تقدَّم أنَّه نبت طيِّب الرائحة مع ضبطه.
قوله: (وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ): وذكر تفسير تنفير صيدها، والذي ظهر لي أنَّه معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه البخاريُّ: عن مُحَمَّد بن المثنَّى، عن عبد الوهَّاب، عن خالد، عن عكرمة _تفسير (يُنفَّر صيدها) _ موقوفًا عليه، وليس تعليقًا، والله أعلم.

(1/3584)


[باب: لا يحل القتال بمكة]
قوله: (وَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ): تقدَّم ضبطًا وترجمة، قريبًا وبعيدًا في (كِتَاب العلم).
قوله: (لاَ يَسْفِكُ [1] دَمًا): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وكسر الفاء، مرفوع نفي، ومعناه: النَّهي، و (دمًا): منصوب مفعول.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بها).
[ج 1 ص 472]

(1/3585)


[حديث: لا هجرة ولكن جهاد ونية]
1834# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مرارًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المُعتمِر، الإمام.
قوله: (يَوْمَ افْتَتَحَ مكَّة): تقدَّم الاختلاف متى كان، وكان يوم الجمعة.
قوله: (لاَ هِجْرَةَ): أي: من مكَّة؛ لأنَّها صارت دار إسلام، أو لا هجرة فضيلتها كفضيلة الهجرة من مكَّة، ولا بدَّ من التَّأويل لما هو معروف.
قوله: (حَرَّمَ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ): تقدَّم الجمع بين هذا وبين أنَّ إبراهيم حرَّم مكَّة في أوائل هذا التعليق.
قوله: (إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ): تقدَّم الكلام أيُّ شيء هي.
قوله: (لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ): تقدَّم معنى (يُعضد)، وأنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شوكُه): مرفوع، وكذا (لاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا)؛ أي: لا تُلتَقَط لتملُّك، وإنَّما تُلتقَط للحفظ؛ بخلاف غيرها من البلدان، وكذا تقدَّم: (وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا)، وكذا (الإِذْخِر)، وكذا (القَين) بعيدًا، وهو الحدَّاد، ويُطلَق أيضًا على الصَّانع [1]، والله أعلم.

(1/3586)


[باب الحجامة للمحرم]
قوله: (وَكَوَى ابْنُ عُمَرَ ابْنَهُ): هذا الابن لا أعرفه بعينه، (وقال بعض الحُفَّاظ: إنَّه واقد، وبيَّن مستند ذلك في «الفتح» شرح «البخاريِّ» له) [1]، ولابن عمر عبدِ الله عدَّةُ أبناء يحضرني منهم الآن: سالم، وعبد الله، وعاصم، وحمزة، وبلال، وذكر ابن الجوزيِّ في «تلقيحه» له اثني عشر ابنًا ذكرًا، فإن أردتهم؛ فانظرهم من «التَّلقيح»، (وذكر فيهم: واقدًا، لكن لم يعيِّن أنَّه المكويُّ، وواقدٌ معروف مشهور في أولاده) [2]، وسيأتي الكلام على الكيِّ في (الطِّبِّ)، وأنَّ أحاديثه تضمَّنت أربعة أنواع، وقد جمعت بينها؛ فانظره، فإنِّي أذكره هناك إن شاء الله تعالى.
[قوله: (وَيَتَدَاوَى): هو مبنيٌّ للفاعل، وفاعله: المحرم] [3].
==========
[1] ما بين قوسين سقط من (ج)
[2] ما بين قوسين سقط من (ج)
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج)
[ج 1 ص 472]

(1/3587)


[حديث: احتجم رسول الله وهو محرم]
1835# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا [1] ابن المَدينيِّ، الحافظ، تقدَّم.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة.
قوله: (قَالَ لَنَا عَمْرٌو): هذا [2] هو ابن دينار المكِّيُّ، الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (سَمِعْتُ عَطَاءً): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم بترجمة.
==========
[1] زيد في (ب) و (ج): (هو).
[2] (هذا): ليس في (ج).
[ج 1 ص 472]

(1/3588)


[حديث: احتجم النبي وهو محرم بلحي جمل في وسط رأسه]
1836# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مخْلدًا؛ بإسكان الخاء، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ): هو عبد الله بن مالك بن القِشب [1] الأزديُّ أبو مُحَمَّد، المعروف بابن بُحَينة؛ وهي أمُّه، و (بُحَيْنَة)؛ بضمِّ الموحَّدة، وفتح الحاء المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: مُطَّلبيَّة صحابيَّة، قسم لها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ من خيبر، واسمها عبْدة، وتقدَّم الكلام عليه وعلى أبيه، ومَن قال: إنَّ مالكًا صحابيٌّ، وتعقُّبه، وبعض ترجمة عبد الله، وهو من السَّابقين [2]، روى عنه: حفص بن عاصم، والأعرج، ومُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، تُوفِّيَ مع عائشة تقريبًا، وقد قدَّمت وفاتها، أخرج له الجماعة.
قوله: (احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): قال شيخنا: فائدة: الحاجم هو أبو طيبة، قال ابن سعد في «الطبقات»: حجمه أبو طيبة لثمان عشرةَ من رمضان نهارًا، انتهى.
قوله: (بِلَحْيِ جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ): (لَحي جمل): قال ابن قرقول: بفتح اللَّام وكسرها؛ لغتان في كلِّ لحيٍ، وبالفتح كان عند الصَّدفيِّ، والخشنيِّ، والأصيليِّ قيَّده بخطِّه كذلك، قال ابن وضَّاح: وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السُّقيا، ورواه بعضهم: (لَحْيَي جملٍ)؛ بالتثنية، وفسَّر في الحديث ابنُ بشار: بأنَّه ماء، انتهى، و (جَمَل): بفتح الجيم والميم، وباللَّام، و (وسط): يجوز فيه الفتح والسكون، وقد تقدَّم هذا الأخير.

(1/3589)


[باب تزويج المحرم]

(1/3590)


[حديث: أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم]
1837# قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، وتقدَّم ببعض ترجمة، ولماذا نُسِب، ومن جملة ترجمته: أنَّه أفتى في سبعين ألف مسألة رحمة الله عليه [1]، وهو أحد الأعلام.
قوله: (عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الرَّاء، وبالموحَّدة، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه مفتي أهل مكَّة، مشهور.
قوله: (تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهْوَ مُحْرِمٌ): سيأتي الكلام على هذا إن شاء الله تعالى قريبًا.

(1/3591)


[باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة]
قوله: (باب مَا يُنْهَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (لاَ تَلْبَسِ [1] الْمُحْرِمَةُ): (تلبس): مجزوم بالنَّهي، وكُسِر؛ لأجل الساكن بعده، فحُرِّك بالكسر.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» من «الفرع»: (لاَ تَلْبَسُ).
[ج 1 ص 472]

(1/3592)


[حديث: لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم]
1838# قوله: (قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَاذَا تَأْمُرُنَا؟): هذا الرَّجل تقدَّم أنِّي لا أعرف اسمه.
قوله: (وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ): هو جمع (سراويل)، وقد تقدَّم الكلام عليه؛ فراجعه إن شئت في (العلم).
قوله: (وَلاَ الْبَرَانِسَ): تقدَّم أنَّه جمع (برنس)؛ وهو ثوب رأسه مُلتصِق به مُطَوَّلًا.
قوله: (وَلاَ تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ): هو نهي، وكُسِر؛ لالتقاء الساكنين، وهو بفتح التَّاءين المُثنَّاتين فوق [1]، بينهما نون ساكنة.
قوله: (وَلاَ تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ): القَفَّاز: بفتح القاف، وتشديد الفاء، وفي آخره زايٌ، قال ابن قرقول: هو غشاء للأصابع مع [2] الكفِّ يكون من جلد وغيره، وقال ابن دريد: هو نوع من الحليِّ لليدين، وقال ابن الأنباريِّ: لليدين والرجلين، والأوَّل هو المَعنيُّ في هذه الكتب،
[ج 1 ص 472]
ولفظ ابن الأثير: (هو _بالضَّمِّ والتشديد_ شيءٌ تلبسه نساء العرب في أيديهنَّ يُغطِّي الأصابع، والكفَّ، والسَّاعد [3] من البرد، فيه قطنٌ مَحشوٌّ، وقيل: هو ضربٌ من الحليِّ يُتَّخذ للمرأة ليديها) [4] انتهى، وفي كلام الجوهريِّ: أنَّه شيء يُعمَل لليدين؛ ليقيهما من البرد، يُحشَى بقطن، ويكون له أزرار على السَّاعدَين، انتهى.
تنبيه: قال شيخنا الشَّارح هنا: قال أبو عمر: رفعُه صحيح، انتهى، وذكر في «العُجَالة» شرح «المنهاج» في الفقه عن البغويِّ في «شرح السُّنَّة» ما معناه: أنَّ أكثر أهل العلم على أنَّ ذكر القفَّازَين في الحديث من قول ابن عمر، انتهى؛ يعني: مُدرَجًا، والله أعلم.

(1/3593)


قوله: (تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي النِّقَابِ [5] وَالْقُفَّازَيْنِ): الضَّمير في (تابعه) يعود على اللَّيث؛ وهو ابن سعد، فرواه موسى بن عقبة عن نافع، أخرجه النَّسائيُّ، وكذلك رواها إسماعيل عن نافع، وإسماعيل يروي عن عمِّه، وعائشة بنت سعد، ونافع، وعنه: إسماعيل بن أبي أُوَيس، وسعيد بن أبي مريم، وعدَّة، وثَّقه النَّسائيُّ، وأخرج له البخاريُّ أصلًا، ومسلم، والنَّسائيُّ كذلك، مات بعد السِّتِّين والمئة، له ترجمة في «الميزان»، وأمَّا جويرية؛ فهو [6] ابن أسماء بن عبيد بن مخارق الضُّبعيُّ البصريُّ، فرواه عن نافع، أخرجها أبو يعلى الموصليُّ، وجويرية عن نافع والزُّهريِّ، وعنه: ابن أخيه عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وابن أخته سعيد [7] بن عامر الضُّبعيُّ، ومُسدَّد، ثقة، وقد قدَّمت ترجمته، ووأمَّا ابن إسحاق؛ فهو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار الإمام في «المغازي»، رواه عن نافع، أخرجه أبو داود، وترجمة ابن إسحاق معروفة، وقد تقدَّم بعضها، وأنَّ حديثه حسن، وفوق الحسن، وقد علَّق له البخاريُّ، وقرنه مسلم، وروى له الأربعة.
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ)؛ يعني: عن نافع، وقوله: (وصله الحسن بن سفيان قال: أخبرنا العبَّاس بن الوليد: حَدَّثَنَا يحيى القطَّان: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر عن نافع؛ فذكره، قاله شيخنا) [8]، وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مُتَرجَمًا.
وقوله: (وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لاَ تَتَنَقَّبِ الْمُحْرِمَةُ)؛ يعني: أنَّه وقفه على ابن عمر، وقد قال أبو داود: روى هذا الحديث حاتم [9] بن إسماعيل، ويحيى بن أيُّوب عن موسى _يعني: ابن عقبة_ مرفوعًا، ورواه عبيد الله بن عمر، ومالك، وأيُّوب، وأبو قُرَّة موقوفًا، ورواه إبراهيم بن سعيد المدنيُّ عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «المُحرِمة لا تنتقب، ولا تلبس القفَّازين»، قال أبو عمر: ورفعه صحيح.

(1/3594)


قوله: (وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ): (سُلَيم): بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، و (ليث) هذا: أخرج له الأربعة، وقرنه مسلم، وعلَّق عنه البخاريُّ كما ترى، وهو أحد العلماء، مشهور التَّرجمة، فيه ضعف [10] يسير من سوء حفظه، وبعضهم احتجَّ به، أبو بكر القرشيُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن مجاهد وطبقته، ولا نعلمه لقي صحابيًّا، وعنه: شعبة، وزائدة، وجرير، وخلق، وكان ذا صلاة، وصيام، وعلم كثير، تُوفِّيَ سنة (138 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، والضَّمير في (تابعه) يعود على مالك، فإنَّه رواه عن نافع، كما رواه مالك عن نافع، ومتابعة ليث بن أبي سُليم ليست في الكتب السِّتَّة، ولا في شيء منها إلَّا ما ذكره البخاريُّ [11].

(1/3595)


[حديث: اغسلوه وكفنوه ولا تغطوا رأسه]
1839# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (الْحَكَم) أنَّه ابن عتيبة [1] الإمام.
قوله: (وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ): تقدَّم معنى (وقصت)، يقال: وقصته، وأوقصته؛ أي: كسرت عنقه.
قوله: (بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ): تقدَّم أنَّ الرَّجل لا أعرفه، وتقدَّم أنَّ ناقته وقصته عند الصَّخرات؛ موقف النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ.
قوله: (فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رسولُ [2]): مرفوع نائب مناب الفاعل.
==========
[1] في (ج): (عقبة)، وهو تحريفٌ.
[2] في (ب): (ورسوله).
[ج 1 ص 473]

(1/3596)


[باب الاغتسال للمحرم]

(1/3597)


[حديث: أن ابن عباس والمسور اختلفا بالأبواء]
1840# قوله: (وَالْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تقدَّم أنَّ (المِسْوَر): بكسر الميم، وسكون السِّين، وفتح الواو، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه صحابيٌّ صغير، لما تُوفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام كان عمره ثماني سنين، وأبوه صحابيٌّ أيضًا، وقد تقدَّم رضي الله عنهما، وهو من مسلمة الفتح.
قوله: (بِالأَبْوَاءِ): تقدَّم ضبط (الأبواء)، وأين هي، فانظرها قريبًا، وليس بالبعيد.
قوله: (إِلَى أَبِي أيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ): تقدَّم، وأنَّه خالد بن زيد الخزرجيُّ صحابيٌّ جليل مشهور، وتقدَّم [1] متى تُوفِّيَ، وأنَّه بالقسطنطينيَّة.
تنبيه: في الصَّحابة من هو مشهور بأبي أيُّوب غير المشار إليه، أبو أيُّوب اليمامي له رواية، قاله جعفر المستغفريُّ، وآخر يقال له: أبو أيُّوب، روى عن أبي مسهر، عن الإفريقيِّ [2]، عن أبيه، عن أبي أيُّوب، فلعلَّه الأنصاريُّ، والله أعلم.
قوله: (فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ): (قرنا البئر): هما الدِّعامتان من خشب، أو بناء على البئر، تُمدُّ عليهما خشبةٌ ثالثةٌ، تكون فيها البَكَرَة.
قوله: (وَهْوَ يُسْتَرُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (فَطَأْطَأَهُ): هو بهمزتين؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، بعد كلِّ طاء [3] واحدة؛ أي: خفض.
قوله: (حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ): (بدا): هو معتلٌّ، وليس مهموزًا؛ أي: ظهر.
قوله: (ثمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ): هذا الإنسان لا أعرفه.
قوله: (اصْبُبْ): هو بهمزة وصل، مضموم الموحَّدة، فإن ابتدأت به؛ ضَمَمْتَ الهمزة أيضًا.
==========
[1] في (ج): (وقد تقدَّم).
[2] في (ب): (الأوزاعي)، وليس بصحيح.
[3] زيد في (ب): (مفتوحة).
[ج 1 ص 473]

(1/3598)


[باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين]

(1/3599)


[حديث: من لم يجد النعلين فليلبس الخفين]
1841# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3600)


[حديث: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات]
1842# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

(1/3601)


[باب: إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل]

(1/3602)


[حديث: من لم يجد الإزار فليلبس السراويل]
1843# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي إياس، وتقدَّم الكلام على (آدم) وصرفه.

(1/3603)


[باب لبس السلاح للمحرم]
قوله: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ): هو [1] عكرمة مولى ابن عبَّاس، أصله: بربريٌّ من أهل المغرب، وهو من كبار التَّابعين، وهو كثير العلم بحر من البحور، وقد قدَّمت ترجمته مختصرة، والله أعلم.

(1/3604)


[حديث: اعتمر النبي في ذي القعدة]
1844# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، سمع هشام بن عروة، وابن أبي خالد، وابن جريج، والطبقة، وعنه: البخاريُّ، والدَّارميُّ، وعبْد، والحارث بن أبي أسامة، والنَّاس، مات في ذي القعدة سنة (213 هـ) أخرج له الجماعة، وهو ثقة في نفسه، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وتقدَّم أنَّ (أَبَا إِسْحَاقَ): هو عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السَّبيعيُّ الهمْدانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (فِي ذِي الْقَعْدَةِ): تقدَّم [1] أنَّ فيها لغتين؛ الفتحَ والكسرَ في القاف، هذا كان في عمرة الحديبية.
تنبيه: وقع في كلام شيخنا أنَّ هذا كان في القضيَّة، وهو سبق قلم، وهذا ظاهر لا يكاد يغلط فيه مُحدِّث.
قوله: (يَدَعُوهُ): هو بفتح الدَّال، وهذا ظاهر.

(1/3605)


[باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام]

(1/3606)


[حديث: أن النبي وقت لأهل المدينة ذا الحليفة]
1845# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تقدَّم أنَّه مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته، وتقدَّم (وُهَيْبٌ) أنَّه ابن خالد مُتَرجَمًا، وتقدَّم (ابْنُ طَاوُوسٍ) أنَّه عبد الله.
قوله: (ذَا الْحُلَيْفَةِ): تقدَّمت ضبطًا ومكانًا، وكذا (قَرْن) وغلط الجوهريِّ فيها، وهي [1] بإسكان الرَّاء، وتقدَّمت (يَلَمْلَم)، ويقال: ألملم [2]، ويقال: يرمرم.
قوله: (أَنْشَأَ): هو بهمزة في أوَّله، وأخرى في آخره، وهذا ظاهر.
==========
[1] في (ب): (وهو).
[2] (ويقال: ألملم): سقط من (ج).
[ج 1 ص 473]

(1/3607)


[حديث: أن رسول الله دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر]
1846# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلم الفرد.
قوله: (عَامَ الْفَتْحِ): تقدَّم أنَّه في رمضان سنة ثمانٍ، وتقدَّم تاريخ الدُّخول بالخلاف فيه قريبًا، ويأتي في (الفتح) أيضًا.
[ج 1 ص 473]
قوله: (الْمِغْفَرُ): هو بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الفاء، وبالرَّاء، هو ما يلبسه الدَّارع على رأسه من الزَّرد، ونحوه، ويُطلَق أيضًا على الخوذة.
تنبيه: هذا الحديث قيل: تفرَّد به مالك عن الزُّهريِّ، عن أنس، وليس كذلك، وسيأتي الكلام عليه مُطَوَّلًا في (اللِّباس) إن شاء الله وقدَّره في (بَاب المِغْفَر).
قوله: (رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ [1] مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ): هذا الرَّجل الذي أعلمه عليه الصَّلاة والسَّلام بابن خطل لا أعرفه إلَّا أن يكون واحدًا ممَّن قيل: إنَّه قتله، وسيأتي قريبًا، قال الدِّمياطيُّ: (ابن خطل): هلال بن عبد الله بن عبد مناف، و (خطل) لقبٌ لجدِّه، انتهى.
(وابن خطل) اسمه هلال، أو عبد الله _وهلال أخوه، ويقال لهما: الخطلان_ أو عبد العزَّى، أو غالب بن عبد الله بن عبد مناف؛ أقوال.=

8.  التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح)
المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

ثمَّ اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم بالدخول إلى مكَّة ألَّا يقاتلوا إلَّا من قاتلهم إلَّا أنَّه قد عهد في نفر سمَّاهم بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة؛ منهم: عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح _بالسِّين المفتوحة، وإسكان الرَّاء، وبالحاء المهملتين_ العامريُّ، وعبد العزَّى بن خطل وقد قدَّمت اسمه، والاختلاف فيه أعلاه، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نقيد بن وهب بن عبد بن قصيٍّ، ومقيس بن صُبَابَة و (صُبَابَة) [2]: بضمِّ الصَّاد المهملة، وموحَّدتين، بينهما ألف، الثَّانيةِ مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وذكر غير واحد من أهل اللُّغة أنَّه (مقيص) بالصَّاد، وهبَّار بن الأسود، وقيِّنتا ابن خطل كانتا تغنِّيان لابن خطل بهجاء النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وسأذكر تسميتهما، وسارة مولاة لبني عبد المُطَّلب، وقد ذكر هؤلاء المُهدَرين مغلطايُ في «سيرته الصُّغرى [3]»، وزاد: وكعب بن زهير، وهند بنت عتبة أسلمت، ووحشيُّ بن حرب أسلم، انتهى، وفي «تجريد الذَّهبيِّ»: أَسِيد بن أبي أُنَاس بن زُنَيم الكنانيُّ أهدر عليه الصَّلاة والسَّلام دمه فيما يروى، ثمَّ جاء مسلمًا، انتهى، لكن لم أرَ أنا هل أهدره في الفتح، أو في غيره.
فأمَّا ابن أبي سرح؛ فذنبه أنَّه [4] كان أسلم قبل ذلك وهاجر، وكان يكتب الوحي له عليه الصَّلاة والسَّلام، ثمَّ ارتدَّ مُشرِكًا، وصار إلى قريش، فلمَّا كان يوم الفتح؛ فرَّ إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمُّه عثمان، فغيَّبه حتَّى أتي به رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ بعدما اطمأنَّ النَّاس فاستأمنه له، فصمت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ طويلًا، ثمَّ قال: «نعم»، فلمَّا انصرف عثمان؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام لمن حوله: «ما صمتُّ إلَّا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه، فقال رجل من الأنصار: فهلَّا أومأت إليَّ يا رسول الله، فقال: إنَّ النَّبيَّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين»، وكان عبد الله بعد ذلك ممَّن حسن إسلامه، ولم يظهر منه شيء يُنكَر عليه.

(1/3609)


وأمَّا ابن خطل؛ فإنَّما أمر بقتله، فإنَّه كان مسلمًا، فبعثه عليه الصَّلاة والسلام مُصدِّقًا، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مولًى له يخدمه، وكان مسلمًا، فنزل منزلًا، وأمر المولى أن يذبح له تيسًا، فيصنع له طعامًا، فنام فاستيقظ ابن خطل ولم يصنع له شيئًا، فعدا عليه فقتله، ثمَّ ارتدَّ مُشرِكًا، وكانت له قيِّنتان؛ فرتنى، وقَرِينة، وفَرْتَنى: بفتح الفاء، وإسكان الرَّاء، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ نون مثلها، مقصورة، وقَرِينة: بفتح القاف، وكسر [5] الرَّاء، وكانتا تغنِّيان بهجائه عليه السَّلام، فأمر بقتلهما معه، فقتله سعيد بن حُرَيث المخزوميُّ، وأبو برزة الأسلميُّ، وفي «مناسك المُحبِّ الطَّبريِّ»: قتله الزُّبير بن العوَّام، ورأيت في «مسند أبي يعلى»: أنَّه قتله سعيد بن حُرَيث، وذكر [6] ابن شيخنا البلقينيِّ في «الجهاد» قولًا آخر: أنَّه قتله سعيد بن ذُؤَيب، وعزاه لـ «أُسد الغابة»، وقد رأيته في «تجريد الذَّهبيِّ» مختصر «الأُسد»، وذكر أيضًا قولًا آخر: أنَّه سعيد بن زيد، وعزاه لـ «سنن البيهقيِّ» في أبواب (الرِّدَّة)، فتحصَّلنا على خمسة أقوال في قاتله؛ وهو سعيد بن حريث، أو أبو برزة، أو الزُّبير [7]، أو سعد بن ذؤيب، أو سعيد بن زيد، ولعلَّهم اشتركوا فيه، والله أعلم.
وأمَّا عكرمة بن أبي جهل؛ ففرَّ إلى اليمن، فاتَّبعته امرأته أمُّ حكيم بنت الحارث بن هشام فردَّته، فأسلم وحسُن إسلامه، وكان يعدُّ من فضلاء الصَّحابة.
وأما الحُوَيرث بن نقيد؛ فكان يؤذيه عليه الصَّلاة والسَّلام بمكَّة، فقتله عليٌّ رضي الله عنه يوم الفتح.
وأمَّا مقيس؛ فكان قد أتى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ مسلمًا قبل ذلك، ثمَّ عدا على رجل من الأنصار فقتله بأخيه هشام بن صُبَابة بعد أن أخذ الدِّية، وكان الأنصاريُّ قتل أخاه مسلمًا خطأ في غزوة بني المصطلق، ويقال: في غزوة ذي قرد، وهو يُرى أنَّه من العدوِّ، ثمَّ لحق مقيس بمكَّة، فقتله يوم الفتح نُمَيلة بن عبد الله اللَّيثيُّ، وهو ابن عمِّه، وقال الواحديُّ عن الكلبيِّ، عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس: أنَّ مقيسًا قتل رجلًا من بني فهر كان معه رسولًا إلى بني النَّجَّار من جهة قتل أخيه، وقد قال شيخنا: وذكر مقاتل: أنَّ الفهريَّ اسمه عمرو، انتهى، وقال ابن بشكوال: المقتول زهير بن عياض الفهريُّ، كذا في تفسير ابن عبَّاس رواية خلف بن قاسم، انتهى.

(1/3610)


وأمَّا هبار بن الأسود؛ فهو الذي عرض لزينب بنته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في سفهاء من قريش حين بعث بها زوجها أبو العاصي بن الربيع إلى المدينة، وأهوى إليها هبَّار هذا، ونخس بها، فسقطت على صخرة، فألقت ذا بطنها، وأهراقت الدِّماء، فلم يزل بها مرضُها ذلك حتى ماتت سنة ثمانٍ، وقد تقدَّم تاريخ وفاتها، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «إن وجدتم هبَّار بن الأسود؛ فأحرقوه بالنَّار، ثمَّ قال: اقتلوه، فإنَّه لا يعذِّب بالنَّار إلَّا ربُّ النَّار»، فلم يوجد، ثمَّ أسلم بعد الفتح، وفي كلام بعضهم: يوم الفتح، وحسن إسلامه، وصحب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم [8].
وأمَّا قيِّنتا ابن خطل فرتنى وقرينة؛ فقُتِلَت إحداهما، واستُؤمِن عليه الصَّلاة والسَّلام للأخرى، فآمنها، فعاشت مدَّة، ثمَّ ماتت في حياته عليه الصَّلاة والسَّلام، وقال السُّهيليُّ: إنَّ فرتنى أسلمت، واستؤمن للأخرى، انتهى.
وأمَّا سارة؛ فاستُؤمِن لها أيضًا، فآمنها عليه الصَّلاة والسَّلام، وعاشت إلى أن أوطأها رجل فرسًا بالأبطح زمن عمر فماتت.
ولا تستطل هذا؛ [فإنَّه مفيد، وقد قدَّمت أنَّ (كعب بن زهير) أسلم، وكذا (هند)، وكذا (وحشي)، والله أعلم] [9].

(1/3611)


[باب: إذا أحرم جاهلًا وعليه قميص]
[ج 1 ص 474]
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

(1/3612)


[حديث: اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك]
1847# 1848# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وتقدَّم مرَّةً مُتَرجَمًا [1].
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، تقدَّم بترجمة.
قوله: (حَدَّثَنَا عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (عن [2] صَفْوَانِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (صفوانُ بن يعلى) بن أميَّة التَّميميُّ؛ فروى عن أبيه، وعنه: عطاء، والزُّهريُّ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأمَّا (أبوه يعلى بن أميَّة)؛ فهو ابن مُنية تميميٌّ حليف لقريش، شهد حنينًا، عنه: عكرمة، وعطاء رضي الله عنه، وأمَّا أميَّة والد يعلى؛ (فهو أميَّة بن أبي عُبيدة بن همَّام بن الحارث التَّميميُّ الحنظليُّ والد يعلى، لهما صحبة، قال يونس وفليح عن الزُّهريِّ: عن عمرو بن عبد الرَّحمن بن يعلى) [3] عن أبيه، عن جدِّه، قال: جئت بأبي أميَّة يوم الفتح، فقلت: يا رسول الله؛ بايعْ أبي على الهجرة، فقال: «أبايعه على الجهاد، فقد انقطعت الهجرة»، وأمَّا أمُّ يعلى مُنية؛ فلا أعلم ترجمتها، والظَّاهر هلاكهاعلى دينها، والله أعلم.
قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ): تقدَّم أنَّ هذا الرجل ذكر فيه شيخنا ما ذكره عن القاضي، وهو غلط في نُسخ [4] «الشِّفا»، وأنَّ الذي رأيته في نسخة صحيحة أنَّه سواد بن عمرو، وهذه هي الصَّواب، والحديث الذي أُشِير إليه في قصَّته مذكور في ترجمة سواد بن عمرو، وقد قدَّمته في أوَّل (الحجِّ)؛ فانظره.
قوله: (أَوْ نَحْوُهُ): هو بالرَّفع، ورفعه ظاهر.
قوله: (ثمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): تقدَّم أنَّه بالتَّخفيف والتشديد؛ أي: كُشِف عنه.
قوله: (وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ): العاضُّ سيأتي الكلام عليه وعلى المعضوض إن شاء الله تعالى.

(1/3613)


[باب المحرم يموت بعرفة]
قوله: (أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الحجِّ): (يُؤدَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (بقيَّةُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
==========
[ج 1 ص 475]

(1/3614)


[حديث: بينا رجل واقف مع النبي بعرفة]
1849# قوله: (بَيْنَما [1] رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرفه، وقد تقدَّم أنَّه وقع عند الصخرات؛ موقف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [2].
قوله: (فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ): تقدَّم الكلام على (وقصته)، و (أقعصته) [3]، و (أقصعته) في (الجنائز)، وعلى (وقصته) وكذا (أوقصته) قريبًا.
قوله: (وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ): (التخمير): التَّغطية.
تنبيه: تقدَّم أنَّ في «صحيح مسلم»: (ولا وَجَهَهُ)، وفيها شذوذ.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بَيْنَا).
[2] في (أ) و (ج): (عليه السَّلام).
[3] (وأقعصته): ليس في (ج).
[ج 1 ص 475]

(1/3615)


[حديث: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبًا]
1850# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، وتقدَّم مرَّةً مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 475]

(1/3616)


[باب سنة المحرم إذا مات]

(1/3617)


[حديث: اغسلوه بماء وسدر]
1851# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تقدَّم أنَّه ابن بشير أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، واسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).
[ج 1 ص 475]

(1/3618)


[باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة]
قوله في التَّرجمة: (وَالرَّجُلِ [1] يَحُجُّ عَنِ الْمَرْأَةِ): (الرَّجل): مجرور، وجرُّه ظاهر.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (والرَّجلُ).
[ج 1 ص 475]

(1/3619)


[حديث: نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين]
1852# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نسبته، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو بِشْرٍ): أعلاه ضبطه، واسمه أعلاه.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذه المرأة عمَّة سنان بن عبد الله الجهنيِّ، [ثمَّ ذكر مستنده من «مختصر الاستيعاب»، ومن «الأُسْد»، ثمَّ قال: وفي «الأُسْد» في ترجمة سنان بن عبد الله الجهنيِّ] [1] عن ابن عبَّاس قال: «أمرتِ امرأةٌ سنانَ بن عبد الله أن يسأل رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: أنَّ أمَّها ماتت، ولم تحجَّ ... »؛ فذكره، قال: وفي «الأُسْد»: في الغين المعجمة: غايثة، وقيل: غاثية أَتَتِ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فقالت: إنَّ أمِّي ماتت، وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة، فقال: «اقضي عنها»، وفي «النَّسائيِّ»: «أمرت امرأةٌ سنانَ بن سلمة الجهنيَّ أن يسأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: أنَّ أمَّها ماتت، ولم تحجَّ ... »؛ فذكره، فهذا مخالف لما تقدَّم من أنَّه سنان بن عبد الله، انتهى.
==========
[1] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 475]

(1/3620)


[باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة]

(1/3621)


[حديث: جاءت امرأة من خثعم]
1853# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام، وكذا تقدَّم (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وكذا تقدَّم (سُلَيْمَان بْن يَسَارٍ): أنَّه بفتح المثنَّاة تحت، والسِّين المهملة.
قوله: (أنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ): تقدَّم الكلام عليها في أوَّل (كِتَاب الحجِّ)، وكذا (أبوها) لا أعرفه أيضًا.
==========
[ج 1 ص 475]

(1/3622)


[باب حج الصبيان]

(1/3623)


[حديث: بعثني النبي في الثقل من جمع بليل]
1856# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه [1] مُحَمَّد بن الفضل عارم الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ العارم: الشِّرِّير أو الشِّرس، وهو بعيد من العرامة.
قوله: (فِي الثَّقَلِ): هو بفتح الثَّاء والقاف، معروف.
قوله: (مِنْ جَمْعٍ): تقدَّم أنَّها المزدلفة مرَّاتٍ.

(1/3624)


[حديث: أقبلت وقد ناهزت الحلم أسير على أتان لي]
1857# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم الكلام على (إسحاق) هذا [2] في (الصَّلاة) مُطَوَّلًا؛ فانظره.
[ج 1 ص 475]
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، وباقي نسبه معروف، ذكرته مرارًا في نسب الزُّهريِّ عمِّه، وقد تقدَّم هذا مُتَرجَمًا، ولكن بَعُد العهد به، يروي عن عمِّه، وعنه: مَعْنٌ، والقعنبيُّ، وطائفة، ليَّنه ابن مَعِين، ووثَّقه أبو داود وغيره، مات في سنة (157 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ أحد الأعلام مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ.
قوله: (نَاهَزْتُ الْحُلُمَ)؛ أي: قاربته، وقد تقدَّم.
قوله: (عَلَى أَتَانٍ لِي): تقدَّم ضبطه، وأنَّه الأنثى من الحُمُر.
قوله: (وقالَ يُوْنُسُ، عنِ ابنِ شِهَابٍ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ تقدَّم أعلاه، وقول يونس: قال البخاريُّ في [3] (المغازي): وقال اللَّيث: حدَّثني يونس [خ¦4412]، انتهى، وقد أخرجه مسلم عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس به.

(1/3625)


[حديث: حج بي مع رسول الله وأنا ابن سبع سنين]
1858# قوله: (عنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ): وجدُّه اسمه سعيد، وكنيته أبو يزيد المعروف بابن أخت نمر، قيل: إنَّه ليثيٌّ كنانيٌّ، وقيل: أزديٌّ، وقيل: كنديٌّ، وقيل: هذليٌّ حليف بني أميَّة، ولد [1] في السنة الثانية من الهجرة، وخرج في الصبيان إلى ثنيَّة الوداع يتلقَّى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ مقدمه من تبوك، وشهد حجَّة الوداع، وذهبت به خالته وهو وجع إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فدعا له، ومسح برأسه، وقال: نظرت إلى خاتم النُّبوَّة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، تُوفِّيَ سنة (91 هـ)، وقيل: سنة (86 هـ).
==========
[1] في (ج): (كذا).
[ج 1 ص 476]

(1/3626)


[حديث: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول للسائب]
1859# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّد [2]): كذا في أصلنا، وصوابه القاسم بن مالك، وكذا أخرجه بعض الفضلاء في الهامش، وعمل على مالك (صح)، وما صحَّح عليه هو الصَّواب، ثمَّ أنا عملت على مُحَمَّد الذي في الأصل ضبَّة، وهذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا أنَّه [3] القاسم بن مالك، وعلى الصَّواب: هو في أصلنا الدِّمشقيِّ بلا تردُّد، والحديث المذكور الذي في سنده هذا أخرجه البخاريُّ، والنَّسائيُّ، أمَّا البخاريُّ؛ ففي (الكفَّارات): عن عثمان ابن أبي شيبة، وهنا، وفي «الاعتصام»: عن عمرو بن زرارة؛ كلاهما عن القاسم بن مالك عن الجُعَيد به، وزاد عمرو في حديثه: (وَكَانَ السَّائِبُ قَدْ حُجَّ بِهِ فِي ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) [خ¦1859]، وأخرجه النَّسائيُّ في «الزَّكاة» عن عمرو بن زرارة، وزياد بن أيُّوب؛ كلاهما عن القاسم بن مالك به [4]، والصَّواب إذن: القاسم بن مالك، وما وقع في الأصل خطأ لا شَكَّ فيه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[2] في «اليونينيَّة»: (مالك).
[3] في (ج): (أبو)، وهو تحريفٌ.
[4] (به): سقط من (ج).
[ج 1 ص 476]

(1/3627)


[باب حج النساء]

(1/3628)


[حديث: أذن عمر لأزواج النبي في آخر حجة حجها]
1860# قوله: (وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ)، قال الجيَّانيُّ: («أحمد بن مُحَمَّد»: هذا هو ابن مُحَمَّد بن الوليد الأزرقيُّ أبو مُحَمَّد المكِّيُّ)، كذا رأيته في «تقييد المهمل»، وكذا نقله شيخنا عنه، انتهى، وهو أحمد بن مُحَمَّد بن الوليد الأزرقيُّ عن مالك، وعمرو بن يحيى بن سعيد، وعنه: البخاريُّ، وحفيده مُؤرِّخ مكَّة مُحَمَّد بن عبد الله، وأبو جعفر التِّرمذيُّ، ثقة، مات سنة (222 هـ)، أخرج له البخاريُّ فقط، وثَّقه أبو حاتم، وقال شيخنا الشَّارح أيضًا قبل هذا: إنَّ البيهقيَّ أسنده من حديث عبدان: حَدَّثَنَا إبراهيم _يعني: ابن سعد_ به [1]، (ثمَّ قال _يعني: البيهقي_: رواه _ يعني: البخاريُّ_ في «الصَّحيح» عن أحمد بن مُحَمَّد عن إبراهيم بن سعد مختصرًا، قال شيخنا: وقال الحميديُّ في «جمعه» عن البرقانيِّ) [2]: إنَّه إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، ثمَّ قال _يعني: الحميدي_: وفيه نظر، انتهى.
وأمَّا (ِإبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ)؛ فهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، كنيته إبراهيم أبو إسحاق، مدنيٌّ نزل بغداد، وهو أحد الأعلام، عن أبيه، والزُّهريِّ، ويزيدَ بن الهادي، وجماعةٍ، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ، وابن مهديٍّ، وابنُ وهب، والقعنبيُّ، ولُوَين، وأحمد ابن حنبل، وخلقٌ كثيرٌ، وثَّقه أحمد، وابن مَعِين، وغيرُهما، تُوفِّيَ سنة (183 هـ)، ويقال: سنة (184 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
وأمَّا والده (سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف)؛ فهو قاضي المدينة، عن أبي أمامة بن سهل، وعنه: ابنه، وشعبة، وابن عيينة، ثقة إمام، يصوم الدَّهر، ويختم كلَّ يوم، تُوفِّيَ سنة (125 هـ)، أخرج له الجماعة.
وأمَّا جدُّه (إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف)؛ فكنيته أبو إسحاق، ويقال: أبو مُحَمَّد.

(1/3629)


أمُّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من المهاجرات، وهي أخت عثمان للأمِّ، روى عن خاله عثمان، وعمر، وعليٍّ، وعمَّار، وطائفة، وعنه: ابناه سعدٌ وصالحٌ، والزُّهريُّ، وغيرهم، قال يعقوب بن شيبة: كان ثقة من الطَّبقة الأولى من التَّابعين، مات سنة ستٍّ، وقيل: خمس وتسعين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، (وروايته هنا عن عمر فيها مقالٌ، ذكرته مُطَوَّلًا في «مُؤلَّفِي» في رواة الكتب السِّتَّة، فقيل: أدركه، وقيل: لا) [3]، وقد تقدَّم أنَّه إذا قال البخاريُّ: (قال لي فلان)؛ فهو متَّصل، ولكنَّه يكون [4] أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يسمِّيان هذا تعليقًا، وليس بتعليق، ولكنَّه متَّصل مُطَوَّلًا.
قوله: (فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا): هي سنة ثلاث وعشرين.

(1/3630)


[حديث: لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور]
1861# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، المصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه ثقة، وله مناكيرُ نُقِمَت عليه، اجتنبها صاحبا «الصَّحيح».
قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ): (أحسنُ): مرفوع مبتدأ، و (لكُنَّ) بضمِّ الكاف، وتشديد النُّون، وكذا (وأَجْمَلُهُ): بالرَّفع معطوف على (أحسن).
قوله: (حَجٌّ مَبْرُورٌ): تقدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق وغيره، وأنَّ بعضهم قال: هو الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.
==========
[ج 1 ص 476]

(1/3631)


[حديث: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم]
1862# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن دينار الإمام [1] المشهور.
قوله: (عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين، وفتح المُوحَّدة، وبعدها دال مهملة، واسمه نافذ؛ بالفاء والذَّال المعجمة، عن مولاه ابن عبَّاس، وعنه: أبو الزُّبير، وسليمان الأحول، مات سنة (104 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته [2]، ولكن طال العهد بها، كان من خيار موالي ابن عبَّاس وأصدقهم.
قوله [3]: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحجَّ): هذا الرَّجل لا أعرفه، وكذا امرأته.

(1/3632)


[حديث: فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي]
1863# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، ومرَّةً مُتَرجَمًا، ولم قيل له: عبدان.
قوله: (أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ): تقدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (المعلِّم): اسم فاعل تقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): هو عطاء بن أبي رباح مفتي أهل مكَّة، تقدَّم.
[ج 1 ص 476]
قوله: (لِأُمِّ سِنَانٍ): تقدَّم الكلام عليها، وعلى زوجها، وابنها سنان بن أبي سنان، وتقدَّم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قاله ذلك لجماعة نسوةٍ غيرِها، وقد ذكرتهنَّ؛ فانظره.
قوله: (تَقْضِي حَجَّةً، أو حَجَّةً [1] مَعِي): تقدَّم أنَّ الحاكم في «المستدرك» روى من حديث ابن عبَّاس حديثًا وفيه قصَّة؛ ومنها: (وأخبرنا أيضًا: «أنَّها تعدل حجَّة مع عمرة في رمضان «على شرط البخاريِّ)، قال الذَّهبيُّ: عامرٌ _يعني: الأحول_ ضعَّفه غيرُ واحد، وبعضهم قوَّاه، ولم يحتجَّ به البخاريُّ، انتهى.
قوله: (رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال [2]: سَمِعْتُ ابْنَ عبَّاس): أمَّا (ابن [3] جريج)؛ فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وأمَّا [4] (عطاء)؛ فهو ابن أبي رباح، وإنَّما أَتى بهذا؛ لأنَّ في السَّند الأوَّل (عطاءٌ عن ابن عبَّاس) بالعنعنة، فأتى بهذا الذي فيه تصريح عطاء بالسَّماع من ابن عبَّاس؛ ليخرج من خلاف العنعنة وإن كانت من غير مُدلِّس، وقد قدَّمت مثل ذلك مرارًا، والله أعلم، ورواية ابن [جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أخرجها البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ.
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (عبيد الله)؛ فالظَّاهر أنَّه عبيد الله بن عمرو أبو وهب الحافظ] [5] الرَّقِّيُّ، عن عبد الملك بن عمير، وزيد بن أبي أنيسة، وخلق، وعنه: أبو نُعَيم الحلبيُّ، وعليُّ بن معبد الرَّقِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: كان أحفظ مَنْ رُئِي عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحد منازعه في الفتوى، مات سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، وجماعة.

(1/3633)


وأمَّا (عبد الكريم)؛ فهو ابن مالك الجزريُّ أبو سعيد، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى وسعيد بن المسيّب، وعنه: مالك، وابن عيينة، وكان حافظًا مُكثِرًا، مات سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا (عطاءٌ)؛ فهو ابن أبي رباح، وتعليقه هذا أخرجه ابن ماجه بقصَّة العمرة.
==========
[1] (أو حجَّة): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وهي من رواية أبي ذرٍّ.
[2] كذا في النُّسخ، و (قال): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[3] (ابن): سقط من (ب).
[4] في (ب): (وابن)، وهو تحريفٌ.
[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3634)


[حديث: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها]
1864# قوله: (عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ): هو بفتح القاف والزَّاي، ويُسَكَّن، واسم والده يحيى، ويقال: الأسود الغادية، البصريُّ من الموالي، عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وجماعة، وعنه: مجاهد، وقتادة، وربيعة بن يزيد، وعطيَّة بن قيس، وعبد الملك بن عمير، وعاصم الأحول، وآخرون، وثَّقه العجليُّ وغيره، أخرج له الجماعة.
قوله: (سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد [1] بن مالك بن سنان الخدريُّ الصحابيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَآنَقْنَنِي): هو بمدِّ الهمزة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ قاف ساكنة، ثمَّ نونان؛ الأولى مفتوحة، والثانية نون الوقاية مكسورة؛ ومعناه: أعجبْنَني إعجابًا بالغًا، ورواه بعضهم: (آيقنني)؛ بالياء، وإنَّما هي صورة ألف المدَّة التي بعد الهمزة، فغلط الرَّاوي، وضبطه الأصيليُّ: (آتقنَنِي) من التَّوق؛ وهو الشَّوق البالغ؛ أي: شوَّقْنَنِي، أو جعلْنَنِي تائقًا، والأوَّل أليق [2] بالمعنى، وقد تقدَّم.

(1/3635)


[باب من نذر المشي إلى الكعبة]

(1/3636)


[حديث: إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني]
1865# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا [2] الْفَزَارِيُّ [3]): وفي الهامش في أصلنا نسخة، وهي: (ابن سلام)، وكذا هو منسوب في أصلنا الدِّمشقيِّ في الأصل من غير تردُّد، قال الجيَّانيُّ: (وقال في «كِتَاب الحجِّ»، و «تفسير المائدة»، وغير ذلك: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مروان الفزاريُّ»، نسبه أبو عليٍّ ابن السَّكن، وأبو نصر مُحَمَّد بن سلام، وقد حدَّث البخاريُّ في غير موضع من «الجامع»: عن مُحَمَّد بن سلام منسوبًا عن مروان) انتهى.
ومُحَمَّد بن سلَام _ بالتخفيف_ على الأصحِّ، كما تقدَّم مُطَوَّلًا، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ومقتضى كلامه أن يكون كذلك في الرِّواية.
وأمَّا (الفزاريُّ)؛ فهو أبو عبد الله الحافظ مروان بن معاوية، عن عاصم الأحول، وحُمَيد، وأمم، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن مَلَاس، تُوفِّيَ سنة (193 هـ) [4]، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وأمَّا كونه مروان بن معاوية؛ فكذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقال شيخنا الشَّارح: والفزاريُّ هذا هو أبو إسحاق، أو مروان بن معاوية، قاله ابن حزم، وكلاهما ثقة إمام، وأمَّا خلف، وأبو نعيم والطُّرقيُّ في آخرين؛ فذكروا: أنَّه مروان، وأخرجه مسلم عن ابن [5] أبي عُمر عن مروان: (حَدَّثَنَا ... )؛ فذكره.
قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه ابن تير، أو تيرويه، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

(1/3637)


قوله: (رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذا هو أبو إسرائيل، كذا رأيت بخطِّ مغلطاي نقلًا عن الخطيب ما يدلُّ عليه، وذكر النَّوويُّ أنَّ اسمه قيصر، وقيل: قيس، وفي «مختصر الاستيعاب»: أنَّ اسمه يُسَير، وقيل: قُشَير، وفي «تهذيب الأسماء واللُّغات»: أنصاريٌّ مدنيٌّ، قال الخطيب في «مبهماته»: هو عامريٌّ، قال: قيل: اسمه قيسر، قال: ولا أعرف في الصحابة مَن كنيته أبو إسرائيل، ولا مَن اسمه قيسر غيره، ثمَّ راجعت «مبهمات الخطيب»، فلم أجد فيها ما نقله مغلطاي عنه، فالعهدة عليه، انتهى، وكذا قال شيخنا: أنَّه أبو إسرائيل، وتكلَّم عليه مُطَوَّلًا، والذي يظهر لي أنَّ هذا غير أبي إسرائيل، وقصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد، كما في «مسند أحمد»، وهذا رآه في الطَّريق، والذي يظهر لي أنَّه غيره، وأمَّا [6] (أبو إسرائيل)؛ فذكر جماعة اسمه، وأنَّه ليس في الصَّحابة أبو إسرائيل سواه، ولا من اسمه قُشَير، أو قيصر، كلُّ هذا اطَّلعت عليه، ولكن يظهر لي أنَّه غيره، والله أعلم؛ لِمَا في «مسند أحمد»: أنَّ قصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد.
[ج 1 ص 477]
قوله: (يُهَادَى): هو بضمِّ أوَّله وفتح الدَّال؛ أي: ماشيًا بينهما مُتَّكِئًا عليهما، والتَّهادي: المشي المُثقَل [7] مع التمايُل يمينًا وشمالًا، وقد تقدَّم.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة»: (ابْنُ سَلاَمٍ)، وفي هامشها من رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت: (محمد بن سلام)، وفي (ق) كالمثبت، وزيد في هامشها من رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت: (ابن سلام).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[3] في هامش (ق): (الفزاريُّ: هو مروان، وقيل: أبو إسحاق).
[4] في (ج): (192).
[5] (ابن): ضرب عليها في (ب).
[6] (أما): ضرب عليها في (ج).
[7] (المثقل): ليس في (ب).

(1/3638)


[حديث: لتمش ولتركب]
1866# قوله: (أنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج مرارًا.
قوله: (أخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أبيِ أيُّوب): واسم (أبي أيُّوب) مقلاصٌ، وهذا مصريٌّ، يروي عن جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حبيب، وعنه: ابن وهب والمقرئ، ثقة، تُوفِّيَ في سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة، وروى عنه ابن جريج، وهو أكبر منه، قال ابن معين وغيره: ثقة.
قوله: (أنَّ يَزِيدَ بْنَ أبيِ حَبِيبٍ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر معروف عند أهله.
قوله: (أنَّ أبَا الخَيْرِ): هو بفتح الخاء المعجمة [1]، وإسكان المثنَّاة تحت، واسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ المصريُّ، عن عمرو بن العاصي، وأبي بصرة الغفاريِّ، وعنه: يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن [2] ربيعة، وكان مفتي أهل مصر، مات سنة (90 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيه: لهم آخر يقال له: مرثد بن عبد الله، لكنَّه زِمَّانيٌّ، ويقال: الذماريُّ [3]، يروي عن أبي ذرٍّ، فيه جَهالة، ذكره العقيليُّ، وقال: لا يُتابَع على حديثه، قال الذَّهبيُّ: هكذا وجدت بخطِّي، فلا أذكر من أين نقلْتُه إلَّا أنَّه ليس بمعروف، قال: وقد أفرده شيخنا أبو الحجَّاج عن مرثد بن عبد الله اليزنيِّ، ما روى عنه سوى ولده مالك، انتهى.
قوله: (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي): أخت عقبة بن عامر يقال لها: أمُّ حِبَّان _بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحَّدة_ كذا نصَّ عليه الذَّهبيُّ في «تجريده»، ولم يسمِّها، وكذا ذكر [4] شيخنا أنَّها أمُّ حِبَّان، انتهى، وكذا ذكرها ابن شيخنا البلقينيِّ عن القسطلانيِّ، وضبطها، [قال بعض حُفَّاظ العصر ما لفظه: (هذا غلط من ابن بشكوال، وتبعه القسطلانيُّ في «مختصره»، وغفل مَن أخذ منه عن التحقيق فيه، فإنَّ [5] راويَ الحديث هو عقبة بن عامر الجهنيُّ، وعقبة بن عامر المدنيُّ أخته أمُّ حبَّان أنصاريٌّ صحابيٌّ آخر، ومن أراد تحرير ذلك؛ فليراجع «إكمال ابن ماكولا») انتهى، وقد رأيت ابن ماكولا، ولفظه: (أمُّ حبَّان بنت عامر بن نابي بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاريَّة، وهي أخت عقبة بن عامر بن نابي، أسلمت وتابعت، قال ذلك مُحَمَّد بن سعد) انتهى] [6].

(1/3639)


قوله: (قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ): ظاهر العبارة أنَّ قائل هذا الكلام يزيدُ بن أبي حبيب، وأتى بهذا الكلام؛ ليُعرَف لُقِيُّ مرثد لعقبةَ؛ لأنَّه عنعن في الحديث، فأتى بهذا؛ ليُعرف لُقِيُّه له.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ [7]): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وكذا (يَزِيد): أنَّه بن أبي حبيب، وكذا تقدَّم (أَبُو الخَيْرِ) عقيب ذلك [8] أعلاه، وكذا (عُقْبَة).

(1/3640)


((29)) (بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) ... إلى (كِتَاب الصَّومِ)
اعلم أنَّ المدينة المشرَّفة لها أسماء؛ منها: المدينة، وطابة، وطيبة، والدَّار، ويثرب، والأمان، كما قاله الدَّاوديُّ، والقرية التي تأكل القرى، ودار الهجرة والتَّنزيلِ، ومهبط الوحي، ودار النُّصرة، ومثوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حيًّا وميِّتًا، وعن ياقوت في «المُشترَك»: أنَّ (البحرة) على لفظ تأنيث البحر من أسماء المدينة، وذكر لها شيخنا الشَّارح اثنين وعشرين اسمًا في كتاب «الإشارات» له على «المنهاج»، ولم يحضرني الآن، وصيدها حرام، والجديد: لا ضمان، والمُختار: أنَّه يضمن بسلب الصَّائد غير ما يستر عورته، ولا يُنقَل شيءٌ من تراب الحرمين، ولا أحجارها، (وقد ذكرت في خصائص حرم مكَّة أنَّ إخراج الأحجار والتراب منه إلى الحلِّ حَرَامٌ، وإدخالهما إليه مكروه) [1]، واختُصَّت بأنَّها دار الهجرة، ومدفن سيِّد الأوَّلين والآخرين صلَّى الله عليه وعلى سائر النَّبيِّين وسلَّم.
==========
[1] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 478]

(1/3641)


[حديث: المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها]
1867# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ [1] عارم، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا)؛ أي: من عَيْر إلى ثَورٍ، وسيأتي الكلام عليهما.
قوله: (لاَ يُقْطَعُ شَجَرُهَا): (يُقطَع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شجرُها): مرفوع نائب مناب الفاعل، وكذا (ولا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ).
قوله: (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا) [2]: (الحَدَث): بفتح الحاء والدَّال المهملتين، وهو هنا: الإثم، وقيل: هو عامٌّ في الجنايات، والحدث في الدِّين، وفي «النِّهاية» لابن الأثير: (والحَدَثُ: الأمر الحادث المُنكَر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السُّنَّة، والمحدِث _يعني في قوله: «أو آوى محدثًا» _: يُروَى بكسر الدَّال وفتحها؛ على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: مَن نصر خائنًا، وآواه، وأجاره مِن خصمه، وحال بينه وبين [3] أن يُقتصَّ، والفتح: هو الأمر المُبتدَع نفسُه، ويكون معنى الإيواء فيه: الرِّضا به والصَّبرَ عليه، فإنَّه إذا رضي بالبدعة، وأقرَّ فاعلَها، ولم يُنكِر عليه؛ فقد آواه) انتهى، وقال النَّوويُّ: المحدث: من يأتي بفسادٍ في الأرض، ذكره في «شرح مسلم» والمعنى قريب، أو كلُّه واحد، والله أعلم.

(1/3642)


[حديث: يا بني النجار ثامنوني]
1868# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج أبو معمر المِنْقَريُّ [1] الحافظ.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، الضُّبعيُّ أحد الأعلام، تقدَّم بترجمة.
قوله: (وَأمرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ): (أمر): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول.
قوله: (ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ [2]): أي: اذكروا ثمنه وبايعوني، وقد تقدَّم.
قوله: (لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إِلَى اللهِ): تقدَّم أنَّ ظاهره أنَّهم لم يبيعوه، وقد تقدَّم ما في ذلك، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اشتراه بعشرة دنانير، وأمر [3] الصِّدِّيق، فوفاها [4] من ماله؛ أي: من مال الصِّدِّيق.
قوله: (ثمَّ [5] بِالْخِرَبِ، فَسُوِّيَتْ): تقدَّم الكلام عليها.
==========
[1] في (ب): (المنبري)، وهو تحريفٌ.
[2] (بحائطكم): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وجاءت في «الصَّحيح» في حديث آخر [428].
[3] زيد في (ب): (رضي الله عنه).
[4] في (أ): (فوهاها)، وهو تحريفٌ.
[5] (ثم): سقط من (ب).
[ج 1 ص 478]

(1/3643)


[حديث: حرم ما بين لابتي المدينة على لساني]
1869# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام.
قوله: (حَدَّثَنِي أَخِي [1]): تقدَّم أنَّ أخاه اسمه عبد الحميد بن أبي أويس، وتقدَّم بعض [2] ترجمته، وما قاله بعض النَّاس فيه، وردُّه.
قوله: (عَنْ [3] سُلَيْمَانَ): هذا هو ابن بلال أبو مُحَمَّد، تقدَّم بعض ترجمته غير مرَّة.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، تقدَّم مرارًا.
[ج 1 ص 478]
قوله: (مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ): (اللَّابتان): الحرَّتان، و (اللَّابة): بترك الهمز، وقد أخرجها غير واحد في (لوب)؛ منهم: الجوهريُّ وشيخنا مجد الدِّين في «قاموسه»، ولفظ الجوهريِّ: اللُّوبة واللَّابة: الحرَّة، والجمع: اللُّوْبُ، واللَّاب، واللَّابات؛ وهي الحِرَار [4]، وفي الحديث: «حرَّم ما بين لابتي المدينة»؛ وهما حرَّتان تكتنفانها [5]، قال أبو عبيد: لُوبة، ونُوبة للحرَّة؛ وهي الأرض التي تلبسها حجارة سود، ومنه قيل للأسود: لُوبيٌّ ونُوبيٌّ، وأنشد بيتًا، وسمَّى قائله، وكذا أخرجها ابن قرقول، وابن الأثير.
==========
[1] في هامش (ق): (عبد الحميد أبو بكر).
[2] (بعض): سقط من (ب).
[3] في (ج): (من)، وهو تحريفٌ.
[4] في (ج): (الحرارة)، وهو تحريفٌ.
[5] في (أ) و (ج): (مكتنفانها).

(1/3644)


[حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثًا]
1870# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى بندار.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ أحد الأعلام، المشهور.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) [1]: الثَّوريُّ _وهو سفيان بن سعيد بن مسروق_[وابنُ عيينة رَويا] [2] عن الأعمش، [قاله ابن طاهر والكلاباذيُّ] [3]، ورأيتهم قد ذكروا في ترجمة عبد الرَّحمن بن مهديٍّ: أنَّه روى عن السُّفيانَين، والله أعلم، [فيُنظَر مَن سفيان منهما، والله أعلم] [4].
قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران الكاهليُّ القارئ، تقدَّم.
قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ): هو إبراهيم بن يزيد بن شُرَيك التَّيميُّ العابد، عن عائشة مرسلًا، وأنسٍ، وعمرو بن ميمون، وعنه: الأعمش، ومسلم البَطِين [5]، وعدَّةٌ، لم يبلغ الأربعين، قُتِل سنة (192 هـ)، قال المحاربيُّ: حَدَّثَنَا الأعمش قال: قال لي إبراهيم التَّيميُّ: ما أكلت منذ أربعين ليلة إلَّا حبَّة عنب، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ أَبِيهِ): أبوه: هو يزيد بن شريك التَّيميُّ الكوفيُّ، عن عمر وأبي ذرٍّ، وعنه: ابنه إبراهيم والحكم، ثقة، أخرج له الجماعة.
قوله: (إلَّا كِتَاب اللهِ): (كتاب): يجوز فيه الرَّفع والنصب، وإعرابهما ظاهران.
قوله: (وَهَذِهِ الصَّحِيفَة): يجوز في (الصَّحيفة) الرَّفع والنَّصب؛ كالذي قبله.
قوله: (مَا بَيْنَ عَايِرٍ [6] إِلَى كَذَا): كذا وقع في طرقه كلِّها إلَّا في رواية الأصيليِّ في (الجزية والموادعة)، فإنَّه وقع فيها: (من عَيْر إلى ثور)، وقد وقع كذلك في «مسلم»: (حرَّم ما بين عَيْر إلى ثور)، وقد تقدَّم رواية: (من كذا إلى كذا)، وهذه (من عاير إلى كذا)، وفي «مسلم»: (من عَيْر إلى ثور)؛ بإسقاط الألف.

(1/3645)


وقد اختلف النَّاس فيهما هل هما بالمدينة أو بمكَّة؟ ولا شكَّ أنَّهما بالمدينة، وهما معروفان، قال ابن المُنَيِّر [7]: (من عَيْر إلى كذا) سكت عن النِّهاية، وقد جاء في طريق آخر: (ما بين عَيْر إلى ثور)، قال: والظَّاهر أنَّ البخاريَّ أسقطها عمدًا؛ لأنَّ أهل المدينة يُنكِرون أن يكون بها جبلٌ يُسمَّى ثورًا، وإنَّما ثور بمكَّة، فلمَّا تحقَّق عنده أنَّه وَهَمٌ؛ أسقطه، وذكر بقيَّة الحديث، وقد سلف أنَّه ذكرها في (الجزية والموادعة)، وقد أنكر مصعب عيرًا وثورًا، وقال: ليسا بالمدينة، وللنَّاس في ذلك كلام كثير، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ (عن عبد السَّلام بن مزروع: أنَّه رأى ثورًا بقرب أُحُد جبيلًا صغيرًا، سأل عنه الدَّليل، قال: هذا ثور، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ: إنَّه رآه غير مرَّة بالمدينة، وعَيْر: جبل مشهور بالمدينة، وقال في «المناسك» _أعني: المحبَّ الطَّبريَّ_) [8]: (إنَّه أخبره الحافظ العلَّامة المسند أبو مُحَمَّد عبد السَّلام بن مزروع [البصريُّ المجاور بحرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أنَّ حذاء أُحُد عن يساره جبلٌ صغيرٌ يقال له: ثور، وأخبر _يعني: ابن مزروع_] [9] أنَّه تكرَّر سؤاله عنه لطوائف من العرب المجاورين لتلك المواضع، وأنَّ أخبارهم تواردت بذلك، انتهى) [10].
تنبيه: في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير»: (ما بين عاير إلى أُحُد): و (عاير)؛ بالعين المهملة، وبعد الألف مثنَّاة تحت، ثمَّ راء، وقال الجوهريُّ: (عير): جبل بالمدينة، قال ابن قرقول: قال الزُّبير: جبل بالمدينة، وقال عمُّه مصعب: لا يُعرَف بالمدينة جبل يقال له: (عير)، ولا (عاير)، ولا (ثور) انتهى، وقد تقدَّم ما ذُكِر في ذلك.
قوله: (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا): تقدَّم معناه في ظاهرها.
قوله: (أَوْ آوَى): تقدَّم (آوى): بالمدِّ في المتعدِّي كهذا، وفي اللَّازم بالقصر، هذه لغة القرآن، ويجوز في كلٍّ من المتعدِّي المدُّ والقصرُ، وفي اللَّازم القصرُ والمدُّ، ولكنَّ الأفصح التَّفرقة، وهي لغة القرآن.
قوله: (لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ): (يُقبَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، (صرفٌ): نائب مناب الفاعل، والعدل: معطوف عليه، والصَّرف: التَّوبة، أو الحيلة، أو التَّصرُّف في فعل، أو النَّافلة، أو الفريضة، وقيل غير ذلك، والعدل: الفداء، أو الفريضة، أو النَّافلة، وقيل غير ذلك.

(1/3646)


قوله: (فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا): أي: لم يفِ له بعهده وغَدَرَه.

(1/3647)


[باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس]

(1/3648)


[حديث: أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب]
1871# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفاح، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ؛ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ): (الحُبَاب)؛ بضمِّ الحاء المهملة، ومُوحَّدتين، بينهما ألف، و (يسار)؛ بالمثنَّاة تحت، والسِّين المهملة، مشهور.
[ج 1 ص 479]
قوله: (سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى): (أُمِرت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أمرت بقرية)؛ أي: بالهجرة إلى قرية إن كان قاله بمكَّة، أو سكناها إن كان قاله بالمدينة؛ ومعنى (تأكل القرى): أي: تُفتَح منها، ويأكل أهلها غنائم القرى، وقيل: معناه: أنَّها مركز جيوش الإسلام في أوَّل الأمر، وأنَّ أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة منها، وإليها تُساق غنائمها، وقيل غير ذلك.
قوله: (الْكِيرُ): هو بكسر الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت: كير الحدَّاد؛ وهو المبنيُّ من الطِّين، وقيل: الزُّقُّ الذي يُنفَخ به النَّار، والمَبنيُّ: الكور، قاله ابن الأثير في «نهايته».

(1/3649)


[باب: المدينة طابة]

(1/3650)


[حديث: أقبلنا مع النبي من تبوك حتى أشرفنا على المدينة]
1872# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مَخْلدًا؛ بإسكان الخاء، وفتح الميم.
قوله: (حَدَّثَنِي [1] سُلَيْمَانُ): هذا هو ابن بلال أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): هو ابن عُمَارة بن أبي حسن، تقدَّم مُتَرجَمًا، روى عن أبيه، وعبَّاد بن تميم، وعدَّة، وعنه: مالك، ووُهيب، وخلق، ثقة، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنْ عبَّاس بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ [2]): هو بالمُوحَّدة، والسِّين المهملة، وهذا ظاهر جدًّا عند أهله.
قوله: (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ): هو السَّاعديُّ الأنصاريُّ، قيل: اسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه عمُّ [3] سهل بن سعد، تقدَّم مُتَرجَمًا، لكن طال العهد به، روى عنه: عروة، وعمرو بن سُليم، وعدَّة، بقي إلى حدود سنة ستِّين، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[2] (ابن سعد): سقط من (ج).
[3] (عم): سقط من (ج).
[ج 1 ص 480]

(1/3651)


[باب لابتي المدينة]
قوله: (بَابُ لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ): تقدَّم الكلام على (اللَّابة) في [1] أوَّل الصفحة التي قبل هذه.
==========
[1] (في): ليس في (ب).
[ج 1 ص 480]

(1/3652)


[حديث: ما بين لابتيها حرام]
1873# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (سَعِيدِ بنِ المسيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها؛ بخلاف غيره، فلا يقال إلَّا بالفتح.
قوله: (الظِّبَاءَ): هو بكسر الظَّاء المعجمة، وبالمدِّ في آخره، وهو جمع لـ (ظبي) [1]، وهو معروف.
قوله: (مَا ذَعَرْتُهَا): هو بالذَّال المعجمة؛ أي: أفزعتُها.
==========
[1] في (ج): (الظبي).
[ج 1 ص 480]

(1/3653)


[باب من رغب عن المدينة]

(1/3654)


[حديث: يتركون المدينة على خير ما كانت]
1874# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (سَعِيدُ بْنُ المسيّب): وأنَّه بفتح يائه وكسرها؛ بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ): هو بمثنَّاة تحت في أوَّله، كذا هو في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا نحفظه، وكذا كان في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ، ثمَّ أُصلِحت بمثنَّاتَين فوق، وبقيت الياء، ورأيتها في نسخة عتيقة في الأصل بهما مضبوط بالقلم، وقال القرطبيُّ في «تذكرته»: (تَتْركون [1] المدينة): هو بتاء المخاطب، فمراده غير المخاطبين؛ لأنَّ نوعهم من أهل المدينة أو نسلهم.
قوله: (إلَّا العَوَافِيْ [2]): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ واو مخفَّفة، وفي آخره فاء مكسورة [3]، ثمَّ ياء ساكنة، وقد فسَّره: بالطَّير والسِّباع، وهو جامع؛ لطلبها رزقها، وكذلك سائر الدَّوابِّ، وكلُّ من ألمَّ بك وقصدك لرفدك؛ فهو عافٍ ومُعْتَفٍ، والجمع: عُفَاة وعافية، تقول: عفوته واعتفيته؛ أي: أتيته لطلب معروفه.

(1/3655)


قوله: (وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ): هذان لا أعرف اسميهما، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (يعني: أنَّهما بأقصى المدينة، فيكونان في أثر مَنْ يُبعَث منها ليس أنَّ [4] بعض النَّاس يخرج بعد بعض من الأجداث إلَّا [5] بالشَّيء المتقارب، يقول الله تعالى: {إِن كَانَتْ إلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [6] [يس: 53] ... ) إلى أن قال: وقال شيخنا أبو العبَّاس: ويحتمل أن يكون معناه: آخر مَن يُحشر إلى المدينة؛ أي: يُساق إليها كما في «مسلم»، قال القرطبيُّ: وقد ذكر ابن شبَّة [7] خلاف هذا كلِّه، فذكر عن حذيفة بن أَسَيد قال: «آخر النَّاس محشرًا رجلان من مزينة يفقدان النَّاس، فيقول أحدهما لصاحبه: قد فقدنا النَّاس منذ [8] حين، انطلق بنا إلى شخص بني فلان [9]، فينطلقان فلا يجدان بها أَحدًا، ثمَّ يقول: انطلق بنا إلى المدينة، فينطلقان [10] فلا يجدان بها أحدًا، ثمَّ يقول: انطلق بنا إلى منازل قريش ببقيع الغرقد، فينطلقان فلا يجدان إلَّا السِّباع والثَّعالب، فيتوجَّهان نحو البيت الحرام»، وذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «آخر من يحشر رجلان من مزينة، ورجل من جهينة، فيقولان: أين النَّاس؟ فيأتيان المدينة، فلا يريان إلَّا الثعلب، فينزل إليهما مَلَكان فيسحبانهما على وجوههما حتَّى يلحقاهما بالنَّاس») انتهى.
قوله: (يَنْعقَانِ بِغَنَمِهِمَا): (نَعَقَ): بالنُّون والعين المهملة وبالقاف المفتوحات في الماضي، (ينعِق) في المستقبل: بكسرها، وفي «الصِّحاح»: الفتح أيضًا؛ ومعناه: يصيحان بها، والنَّعيق: صوت الرَّاعي بغنمه، انتهى، وفي «التَّذكرة» للقرطبيِّ نقلًا عن الدَّاوديِّ شارح «البخاريِّ» _وهو أبو جعفر أحمد بن نصر_: (ينعقان بغنمهما): يطلبان الكلأ، انتهى.
قوله: (فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا): هو بفتح الواو، وإسكان الحاء المهملة، وبالشِّين المعجمة؛ أي: خلاء، والصَّحيح: ذات وحش، وفي «الصَّحيح» هنا نسخة: (وُحُوشًا)، قال ابن قرقول: كذا في «البخاريِّ»، وكلا المعنيين صحيح، انتهى، وفي «النِّهاية» في حديث فاطمة: (في مكان وحش)؛ أي: خلاءً لا ساكن به، ومنه حديث المدينة: (فيجدانها وحْشًا)، كذا في «مسلم».
==========
[1] في (ج): (تنزلون)، وهو تحريفٌ.
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (العوافِ)، وفي هامشهما من رواية أبي ذرٍّ: (عوافي).

(1/3656)


[3] (مكسورة): ليس في (أ).
[4] زيد في (أ) و (ب): (من)، والمثبت موافق لـ «التَّذكرة».
[5] في (ب): (لا)، وهو تحريفٌ.
[6] في النسخ: (فإذا هم قيام ينظرون)، وكتب فوقها: (كذا)، والمثبت موافق لـ «التَّذكرة» ..
[7] في (ج): (شيبة)، وهو تحريفٌ.
[8] في (ج): (منه)، وهو تحريفٌ.
[9] في (ب): (قال)، وهو تحريفٌ.
[10] (فينطلقان): سقط من (ج).
[ج 1 ص 480]

(1/3657)


[حديث: تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم .. ]
1875# قوله: (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ): هذا سفيان بن أبي زهير الأزديُّ، من أزد شَنُوءة، له صحبة، وقال فيه بعضهم: النَّمِريُّ، ويقال فيه: النُّميريُّ، والأوَّل أكثر، يُعدُّ في أهل المدينة، روى عنه: ابن الزُّبير وأخوه عروة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه رضي الله عنه.
قوله: (يَبسُّونَ [1]): هو بفتح المثنَّاة تحت في أوَّله، ثمَّ مُوحَّدة مكسورة ثانيه، وضمِّها أيضًا، وبضمِّ أوَّله مع كسر ثانيه، وهذه اللَّفظة
[ج 1 ص 480]
ثلاثيَّة ورباعيَّة، فحصل في ضبطها ثلاثة أوجه: يَبِسُّون، ويَبُسُّون، ويُبِسُّون؛ كلُّه في الأمَّهات؛ ومعناه: يتحمَّلون بأهليهم، وقيل: يدعون النَّاس إلى بلاد الخِصْب، وقيل: معناه: يسوقون، وقيل: يُزيِّنون لهم البلاد، ويُحسِّنونها إليهم، ويدعونهم إلى الرَّحيل إليها، وقال الدَّاوديُّ: (يبسُّون): يزجرون دوابَّهم، فتُفتِّت ما تَطَأ، ومنه: {وَبُسَّتِ الجِبَالُ} [الواقعة: 5]: فُتَّتْ، وهذا ضعيف أو باطل، قاله النَّوويُّ.
قوله: (وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ): تقدَّم الكلام عليها وحدِّها في أوَّل هذا التَّعليق.
قوله: (يَأْرِزُ)، وكذا (لَيَأْرِزُ): هو بمثنَّاة تحت في أوَّله، ثمَّ همزة ساكنة، ثمَّ راء مكسورة، ثمَّ زاي، وقولي: (راء مكسورة): كذا [2] لأكثرهم، وقال أبو [3] الحسين بن سراج: بضمِّ الرَّاء، وحكى القابسيُّ عن المروزيِّ: بفتح الرَّاء، فحصل في الرَّاء التَّثليثُ؛ ومعناه: ينضمُّ ويجتمع.
وقوله: (الإِيمَانُ): أي: أهل الإِيمان على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، قاله المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه».
==========
[1] في هامش (ق): (أي: يَسيرون).
[2] (كذا): سقط من (ج).
[3] (أبو): سقط من (ج).

(1/3658)


[باب: الإيمان يأرز إلى المدينة]

(1/3659)


[حديث: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها]
1876# قوله: (حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمن): قال الدِّمياطيُّ تجاه (عبيد الله) ما لفظه: (ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، عن خاله خُبيب بن عبد الرَّحمن بن خُبيب بن يساف بن عنبة [1]) انتهى.
قوله: (عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمن): تقدَّم أعلاه نسبه، وهو بضمِّ [2] الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، الخزرجيُّ، عن عمَّته أنيسة ولها صحبة، وحفص بن عاصم، وعنه: شعبة ومالك، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ، تُوفِّيَ في إمرة مروان، كذا في «التَّذهيب»، وفي «ثقات ابن حبَّان»: تُوفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومئة.
قوله: (كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ): (تأْرِز): تقدَّم أنَّ الرَّاء مثلَّثة أعلاه [3].

(1/3660)


[باب إثم من كاد أهل المدينة]

(1/3661)


[حديث: لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء]
1877# قوله: (حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ [1] بْنُ حُرَيْثٍ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ): قال الدِّمياطيُّ: ابن موسى _يعني: الفضل_ عن الجُعيد _ويقال: الجعْد بن عبد الرَّحمن المدنيُّ_ عن عائشة بنت سعد بن أبي وقَّاص مالك بن أهيب، عن أبيها، انتهى.
قوله: (لاَ يَكِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ المَدِينَةِ [2]): هو بفتح أوَّله، وكسر ثانيه، من الكيد؛ وهو تدبير فعل السُّوء وإعمال الحيلة فيه.
قوله: (إلَّا انْمَاعَ): أي: سال وجرى، وفي رواية: (امَّاع)، وأصله: انماع، وكذا رواه بعضهم كما تقدَّم، وهو في أصلنا كذلك، فأُدغمت النُّون، كما قال في الرواية الأخرى: ذاب.

(1/3662)


[باب آطام المدينة]
قوله: (بَابُ آطَامِ الْمَدِينَةِ): الآطام؛ بمدِّ الهمزة، وبالطَّاء المهملة، واحدها: أُطُم؛ بضمِّ الهمزة والطَّاء: وهو بناء مرتفع، و (آطام المدينة): أبنيتها المرتفعة؛ كالحصون.
==========
[ج 1 ص 481]

(1/3663)


[حديث: هل ترون ما أرى؟! إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم]
1878# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): كذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في القاهريِّ، وفي نسخة هي في طُرَّة أصلنا القاهريِّ بعد [1] (علي): (ابن عبد الله)، وهو هو، والله أعلم، وأمَّا (سفيان)؛ فإنَّه ابن عيينة، الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ) بعده: الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سفيان؛ هو ابن عيينة، و (مَعْمَر): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وهو ابن راشد، ومتابعة مَعْمَر أخرجها البخاريُّ في (الفتن) عن محمود، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الزُّهريِّ.
وأمَّا (سليمان بن كَثِير)؛ فقد تقدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، ومتابعته ليست في شيء من الكتب السِّتَّة، وذكر شيخنا أنَّها في «مسلم»، وليس كذلك، بل إنَّما فيه مَعْمَر، كما ذكرته [2]؛ فاعلمه، (قال بعض حُفَّاظ العصر: أخرج رواية سليمان بن كَثِير موصولة البخاريُّ في كتاب «الوالدين» له) [3].
==========
[1] (بعد): سقط من (ج).
[2] في (ب): (بل الحافظ إنما ذكر معمر كما ذكرته).
[3] ما بين قوسين سقط من (ج).
و (الزُّهريُّ): هو ابن شهاب المذكور في السَّند.
[ج 1 ص 481]

(1/3664)


[باب: لا يدخل الدجال المدينة]
قوله: (باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ): سيأتي في هذا الباب ليس من بلد إلَّا سيطؤه الدَّجَّال إلَّا مكَّة والمدينة، وكذا في «مسلم» أيضًا، وفي حديث فاطمة بنت قيس: (فلا أدع قرية إلَّا هبطتها في أربعين ليلة غير مكَّة وطيبة، هما مُحرَّمتان [1] عليَّ)، أخرجه مسلم، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: وذكر أبو جعفر الطَّبريُّ من حديث عبد الله بن عمرو: (إلَّا الكعبة وبيت المقدس)، زاد أبو جعفر الطَّحَّاويُّ: (ومسجد الطُّور)، رواه من حديث جنادة بن أبي أميَّة عن بعض أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وفي بعض الروايات: (فلا يبقى له موضع إلَّا ويأخذه [2] غير مكَّة، والمدينة، وبيت المقدس، وجبل الطُّور، فإنَّ الملائكة تطرده عن هذه المواضع) انتهى، ثمَّ ذَكَر عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن سَمُرة بن جندب، عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، وذكر الدَّجَّال إلى أن قال: «وسيظهر على البلاد كلِّها إلَّا الحرم وبيت المقدس ... »؛ الحديث، انتهى، ورأيت أنا في «مسند أحمد» من حديث جنادة بن أبي أميَّة عن رجل من الأنصار؛ فذكر حديثًا، وفيه: (يمكث في الأرض أربعين صباحًا، يبلغ سلطانه كلَّ منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرَّسول، والمسجد الأقصى، والطُّور)، ثمَّ رأيته فيه بإسناد آخر عن جنادة، قال: ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال حَدِّثْنَا حديثًا سمعتَه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يَذكُر عن الدَّجَّال، فقال: خطَبنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «أنذركم الدَّجَّال ... » إلى أن قال: «لا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الطُّور، ومسجد الأقصى»، ثمَّ ذكر بإسناده إلى جنادة نحوه بإسناد آخر، ثمَّ آخر؛ كذلك، والله أعلم.

(1/3665)


[حديث: لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال]
1879# قوله: (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): هو نُفَيع بن الحارث، الصَّحابيُّ، تقدَّم.

(1/3666)


[حديث: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال]
1880# قوله [1]: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام [2]، أحدِ الأعلام.
قوله: (عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ): هو بضمِّ الميم الأولى، وكسر الثَّانية، وبينهما جيم ساكنة، ويقال: بالتَّشديد، وقد تقدَّم.
[ج 1 ص 481]
قوله: (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ): الأَنْقاب: بفتح الهمزة، وبعدها نون ساكنة، كذا هنا، وسيجيء: (نِقاب المدينة)؛ بكسر النُّون، وهما جمع (نَقْب)؛ بفتح النُّون، وإسكان القاف، وبالمُوحَّدة، ويقال: بضمِّ النُّون، قال ابن وهب: يعني: مداخل المدينة، وقال غيره: هي أبوابها التي يدخل إليها منها، كما جاء في الحديث الآخر: (على كلِّ باب منها مَلَك)، والنَّقب أيضًا: الطَّريق بين الجبلين، وسيجيء في الرِّواية الثانية كلام الدِّمياطيِّ؛ فانظره.
قوله: (لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ): فائدة: سأذكر في (بَاب ما جاء في الطَّاعون) سبب عدم دخوله إليها، قال شيخنا في الباب المشار إليه: (وقد ورد: أنَّ الطَّاعون لا يدخل مكَّة أيضًا [3]، وإسناده ضعيف، قال: وفي «المعارف» لابن قتيبة: أنَّه لم يقع بالمدينة ولا بمكَّة طاعون قطُّ)، ثمَّ قال: (قلتُ: أمَّا المدينة؛ فنعم، وأمَّا مكَّة؛ فدخلها سنة تسع [4] وأربعين وسبع مئة) انتهى، وقد رأيت النَّقل عن ابن قتيبة في «الأذكار» للنَّوويِّ.

(1/3667)


[حديث: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة]
1882# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام الجواد، وتقدَّم أيضًا (عُقَيْل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم أنَّ (أَبَا سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ رضي الله عنه.
قوله: (نِقَابَ الْمَدِينَةِ): قال الدِّمياطيُّ: («نقاب المدينة»: طرق المدينة، ومسالكها، ومنه قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ} [ق: 36]؛ أي: جعلوا فيها طرقًا ومسالكَ، فإن قيل: ما الجمع بين قوله: (لا يدخل المدينة رعب الدَّجَّال) وبين قوله: (ترجف المدينة)، والرَّجفة: رعب؟ أُجيب: بأنَّ الرَّجفة: هي خروج المنافقين إلى الدَّجَّال) انتهى.
قوله: (فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ [2] رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاس، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاس ... )؛ الحديث: هذا شكٌّ من الراوي، وفي آخر «مسلم» في بعض النُّسخ: (قال أبو إسحاق: هذا الرجل هو الخضرُ عليه السَّلام) انتهى، قائل هذا الكلام هو إبراهيم بن مُحَمَّد بن سفيان الفقيه راوي مسلم عنه، وكما قال إبراهيم بن مُحَمَّد بن سفيان، قاله [3] مَعْمَر [4] في «مسنده» إِثْر هذا الحديث، كذا قاله النَّوويُّ، وقال القرطبيُّ في أواخر «تذكرته» بعد ذكرالحديث: (قال أبو إسحاق السَّبيعيُّ [5]: يقال: هذا الرَّجل هو الخضر) انتهى، فيحرَّر هل قالاه؟ أو قاله أحدهما والتبس بالآخر؟ والله أعلم، وهذا على القول بحياته، وقد تقدَّم الخلاف فيها مُطَوَّلًا في (كِتَاب العلم)، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ الحديث، وقال عقيبه: (قال مَعْمَر: يُرَون أنَّ هذا الذي يقتله الدَّجَّال، ثمَّ يحييه هو الخضر عليه الصَّلاة والسَّلام، أخرجه أبو حاتم) انتهى، فالظَّاهر أنَّ أبا حاتم أخرج كلام مَعْمَر عقب الحديث، والله أعلم.
قوله: (هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ): قد يُستشكَل؛ لأنَّ ما أظهره الدَّجَّال لا دلالة فيه لربوبيَّته؛ لظهور النَّقص عليه، ودلائل الحدوث، وتشويه الذَّات، وشهادة كذبه وكفره المكتوبة بين عينيه، وغير ذلك.

(1/3668)


ويجابُ: بأنَّهم لعلَّهم قالوه؛ خوفًا منه وتقيَّةً لا تصديقًا، ويحتمل أنَّهم قصدوا: لا نشكُّ في كذبك وكفرك، فإنَّ مَن شكَّ في كذبه؛ كفر، وخادَعُوه بالتَّورية؛ خوفًا منه، ويحتمل أنَّ الذين قالوا: لا نشكُّ؛ هم مُصدِّقوه من اليهود وغيرهم ممَّن قدَّر الله تعالى شقاوته.
قوله: (فَيَقْتُلُهُ ثمَّ يُحْيِيهِ): قال المازريُّ: إن قيل: إظهار المعجزة على يد الكذَّاب ليس بمُمكِن، فكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يديه؟
فالجواب: أنَّه إنَّما يدَّعي الربوبيَّة، وأدلَّة الحدوث تُحيل ما ادَّعاه وتكذِّبُه، وأمَّا النَّبيُّ؛ فإنَّما يدَّعي النُّبوَّة، وليست مستحيلة في البشر، فإذا أتى بدليل لم يعارضه شيءٌ؛ صُدِّق، والله أعلم [6].
قوله: (اُقْتُلْهُ): هو بهمز وصل أمر، وهو ساكن اللَّام، (فإن ابتدأتَ به؛ ضممتَ همزه [7]) [8].
قوله: (فَلاَ يُسَلَّطُ [9] عَلَيهِ): هذا في المرَّة الثَّانية، كما في غيره، وقال ابن تيمية: إنَّه يقتله مرَّتين، ولا يُسلَّط عليه في الثَّالثة، وتقدَّم [10] في [11] «مسند عبد بن حُميد»: أنَّه في الرَّابعة.
[قوله: (فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ): (يُسلَّط): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه] [12]، ظاهر هذا أنَّه يريد أنْ يقتله المرَّة الثَّانية، وقد جاء في «مسند عبد بن حُمَيد»: أنَّه يقتله ثلاث مرَّاتٍ، ويُمنَع [13] في الرَّابعة، وسيأتي أيضًا ذلك في (بَاب الدَّجَّال).

(1/3669)


[حديث: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال]
1881# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو ابن مسلم، الحافظ أبو العبَّاس، عالم أهل الشَّام، تقدَّمت ترجمته، وهو مُدلِّس، فيُتَّقى من حديثه ما قال فيه: (عن [1])، ويُدلِّس أيضًا تدليس التَّسوية، وقد قدَّمته، وتدليس التَّسوية مُسقِط للعَدالة، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو): هذا هو الأوزاعيُّ عبد الرَّحمن بن عمرو، العالم المشهور، وقد تقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ): هذا هو ابن عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمِّه، مشهور الترجمة، روى عن عمِّه أنس، وأبيه، وعدَّة، وعنه: مالك، وابن عيينة، وجمع، حُجَّة، وقد تقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (إلَّا مكَّة وَالْمَدِينَةَ): تقدَّم أنَّه لا يطأ أيضًا بيت المقدس، ولا جبل الطُّور، والظَّاهر أنَّ الله عزَّ وجلَّ أطلعه بعد هذا الحديث على أنَّه لا يطأُ أيضًا المكانين الآخرين، والله أعلم.
قوله: (مِنْ نِقَابِهَا): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [2].

(1/3670)


[باب: المدينة تنفي الخبث]

(1/3671)


[حديث: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها]
1883# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بنَ عَيَّاش [1]): كذا في أصلنا بالمثنَّاة تحتُ، وبالشِّين المعجمة، وهو خطأ محضٌ لا شكَّ فيه، وإنَّما هو بالمُوحَّدة، والسِّين المهملة، وهو عمرو بن العبَّاس الباهِليُّ البصريُّ الرَّازيُّ، يروي عن ابن عيينة، وغندر، وابن مهديٍّ، وجماعة، وعنه: البخاريُّ وغيره، قيل: مات في ذي الحجَّة سنة (235 هـ)، انفرد البخاريُّ بالإخراج [2] له عن بقيَّة الأئمَّة السِّتَّة، وليس في الكتب السِّتَّة عمرُو بن عيَّاش؛ بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، والله [3] أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ، الإمام المشهور، أحد الأعلام.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العلم المشهور، (كما ذكر هذا الحديث في مسنده في «الأطراف» [4]) [5].
قوله: (جَاءَ أعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعلم أحدًا سمَّاه؛ فليُتبَع، (وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين: إنَّه لم يُسَمَّ، قال: وفي «ربيع الأبرار» للزَّمخشريِّ: إنَّه قيس بن أبي حازم، وفيه نظر، انتهى، ولا شكَّ أنَّ هذا فيه نظر، بل هو غير صحيح [6]، والله أعلم [7]) [8].
قوله: (فَقَالَ: أَقِلْنِي): قال النَّوويُّ: قال العلماء: إنَّما لم يقِله بيعته عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لأنَّه لا يجوز لمن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إليه عليه الصَّلاة والسَّلام [9]
[ج 1 ص 482]
للمقام [10] عنده أنْ يترك الهجرة، ويذهب إلى وطنه أو غيره، وهذا الأعرابيُّ كان ممَّن هاجر، وبايع على المقام معه عليه السَّلام، وقال القاضي: ويحتمل أنَّ بيعته هذه كانت بعد الفتح وسقوط الهجرة إليه، وإنَّما بايع على الإسلام، وطلب الإقالة منه فلم يقله، والصَّحيح الأوَّل، انتهى.
قوله: (كَالْكِيرِ): هو بكسر الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت، تقدَّم قُبيل هذا بقليل.

(1/3672)


قوله: (وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا): (يَنْصَع)؛ بفتح المثنَّاة تحت، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ صاد مفتوحة ثمَّ عين مهملتين، و (طيِّبُها): مرفوع؛ ومعناه: يخلُص، وقيل: يبقى ويظهر، وصُوِّب هذا، وفي رواية: (تَنصع)؛ بمثنَّاة فوق مفتوحة، و (طِيبَها): منصوب، والفاعل: (هي) عائد على (المدينة)، قال المُحبُّ الطَّبريُّ: ويُروَى: بالباء الموحَّدة، والضَّاد المعجمة، وكذلك ذكره الزَّمخشريُّ، وقال: فهو من أُبضِعُه بضاعة [11]؛ إذا دفعتُها إليه؛ أي: أنَّ المدينة تُعطي ساكنيها طيبها، والمشهور بالنُّون والصَّاد المهملة، وقد رُوِي: بالضَّاد والخاء المعجمتين، وبالحاء المهملة، وهو من النَّضح؛ وهو رشُّ الماء، والنَّضخ أكثر منه، انتهى ما ذكره الطَّبريُّ المُحبُّ، وما ذكره المُحبُّ ذكره ابن الأثير في «نهايته» بحروفه.
وأمَّا قوله: (طِيبها)؛ فقال ابن قرقول: إنَّه بكسر الطَّاء، عن ابن وضَّاح، وعند غيره: (طَيِّبها) انتهى، وقال شيخنا المؤلِّف: (الرِّواية: طيِّبها؛ بالتَّشديد) انتهى، وما قاله ظاهر، وهو من معنى كلام ابن قرقول والقاضي.
[تنبيه: نفي خبثها: قال ابن عبد البَرِّ: وهذا عندي _والله أعلم_ إنَّما كان في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فلم يخرج عنه إلَّا مَن لا خيرَ فيه، وإلَّا؛ فقد خرج بعد وفاته الأخيار، وكذا قال عياض؛ لأنَّه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه إلَّا مَن ثبت إيمانه، قال النَّوويُّ: وليس بظاهر؛ لما صحَّ: «لا تقوم السَّاعة حتَّى تنفي [12] المدينة شرارها ... »؛ الحديث، وهذا _والله أعلم_ في زمن الدَّجَّال، انتهى، وهوكذلك في زمن الدَّجَّال] [13].
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي هامش (ق): (صوابه: عبَّاس؛ بالموحَّدة والسِّين المهملة في آخره، وليس في رواة الكتب السِّتَّة من اسمه عمرو بن عيَّاش؛ بالمثناة تحت، والشِّين المعجمة؛ فاعلمه)، وفي «اليونينيَّة»: (عبَّاس).
[2] زيد في في (ب): (عنه).
[3] زيد في (ب): (سبحانه).
[4] في (ب): (هذا الحديث في أطرافه).
[5] ما بين قوسين سقط من (ج).
[6] في (ب): (أن هذا غير صحيح بل هو فيه نظر).
[7] (والله أعلم): ليس في (ب).
[8] ما بين قوسين سقط من (ج).
[9] زيد في (ب): (والله أعلم).
[10] في (ج): (للعالم)، وهو تحريفٌ.
[11] في (ج): (دفعها).
[12] في (ب): (يبقى)، وهو تصحيفٌ.
[13] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3673)


[حديث: إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد]
1884# [قوله: (لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إِلَى أُحُدٍ؛ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ... )؛ الحديث: اعلم أنَّه عليه السَّلام لمَّا خرج إلى أُحُد؛ خرج في ألف من الصَّحابة، قال ابن إسحاق: حتَّى إذا كانوا بالشَّوط بين المدينة وأُحُد؛ انخزل عبد الله بن أُبيٍّ بثلث النَّاس، وقال: أطاعهم وعصاني، وقال موسى بن عقبة: فلمَّا رجع عبد الله بن أُبيٍّ بالثَّلاث مئة؛ سُقط في أيدي الطَّائفتين من المسلمين، وهمَّا أن يَقتتلا؛ وهما بنو حارثة، وبنو سَلِمة.
قوله: (وَقَالَ [1]: إنَّها تَنْفِي الرِّجَالَ ... )؛ الحديث: قال شيخنا: (وهو حديث على حياله، فجَمَعَهما [2] الرَّاوي) انتهى، قاله في (أُحُد)] [3].
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم).
[2] في (ب): (فجمعه).
[3] ما بين معقوفين جاء في النُّسخ سابقًا بعد قوله: (قبيل هذا بقليل)، وقد جاء مستدركًا في هامش (أ)، والمُثبَت موافق لما في «اليونينيَّة».
[ج 1 ص 483]

(1/3674)


[باب حب المدينة والدعاء لها]

(1/3675)


[حديث: اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة]
1885# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ، الحافظ الذي قدَّمت ترجمته، ومدركي في ذلك أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة وهب بن جرير في الرُّواة عنه [1]: (عبد الله بن مُحَمَّد المسنديَّ)، ولم يذكر فيها أحدًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد إلَّا هو، والله أعلم.
قوله: (سَمِعْتُ يُونُسَ): هو [2] ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم مرارًا، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على جرير، [ومتابعة عثمان بن عمر عن يونس ليست في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا أخرجها [3] شيخنا] [4].
و (عثمان بن عمر): جدُّه اسمه فارس، عبديٌّ بصريٌّ، عن يونس بن يزيد، وابن جريج، وطائفة، وعنه: أحمد، والرَّماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصَّالحين الثِّقات، مات في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».
تنبيه: لهم شخص آخر يقال له: عثمان بن عمر، وجدُّه اسمُه موسى بن عبيد الله بن مَعْمَر التيميُّ المدنيُّ، أرفع طبقة من الذي في «الصَّحيح»، يروي عن أبان بن عثمان، وخارجة بن زيد، والقاسم بن مُحَمَّد، والزُّهريِّ، وعنه: ابنه عمر، وعبد الواحد بن زياد، والزُّبير بن بكَّار، وكان على قضاء المدينة، ثمَّ ولَّاه المنصور (قضاءه، فكان معه حتَّى مات) [5] بالحيرة قبل أن تُبنَى بغداد، علَّق له البخاريُّ، وروى له أبو داود وابن ماجه، ولهم آخر يقال [له]: عثمان بن عمر بن أبي خثمة، سُئل عنه ابن مَعِين، فقال: لا أعرفه، ولهم غيرهما.

(1/3676)


[حديث: أن النبي كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات .. ]
1886# قوله: (إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ): هو جمع (جدار)، وقد تقدَّم الكلام على (دوحات المدينة)، و (جدرات)، و (درجات) قريبًا.
قوله: (أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ): هو بالضَّاد المعجمة؛ أي: حملها على الإسراع في السَّير، وقد تقدَّم.
==========
[ج 1 ص 483]

(1/3677)


[باب كراهية النبي أن تعرى المدينة]
قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ): تقدَّم أنَّها بتخفيف الياء، وفي لغة يقال: كراهي [1]، حكاها ابن قرقول.
قوله: (أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ): (تُعرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (المدينةُ): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، و (تُعرى)؛ بالعين المهملة والرَّاء؛ ومعناه: تُخلى فتُترَك عراء، والعراء: الفضاء من الأرض الخالي الذي لا يستره شيء، وروى المستملي في (كِتَاب الصَّلاة): (أن تُغزى)؛ بالغين المعجمة والزَّاي، والأوَّل الصَّواب.
==========
[1] كذا في النُّسخ: وفي «المطالع» و «المشارق» (&): (كراهين).
[ج 1 ص 483]

(1/3678)


[حديث: يا بني سلِمة ألا تحتسبون آثاركم]
1887# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وتقدَّم مرارًا أنَّ سلَامًا الأصحُّ فيه التَّخفيفُ مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، وتقدَّم أنَّ المُشدَّد شخص آخر اشتبه بهذا، وتقدَّم ما قاله بعضهم من أنَّه بالتَّشديد.
قوله: (أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ): تقدَّم أنَّه مروان بن معاوية الفزاريُّ أبو عبد الله، الحافظ.
قوله: (أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ): هو بكسر اللَّام بلا خلاف: قَبيل من الأنصار من الخزرج [1]، وقد تقدَّم ذلك.
قوله: (أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ): تقدَّم أنَّ (تُعرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأنَّ (المدينة): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، وتقدَّم معنى (تُعرى) أعلاه [2].
قوله: (أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ؟): تقدَّم معنى الاحتساب، والآثار: مشيهم إلى الصَّلوات، وقد تقدَّم.
==========
[1] (من الخزرج): ليس في (ج).
[2] في (ب): («تعرى» في الورقة التي قبل هذه).
[ج 1 ص 483]

(1/3679)


[باب الترغيب في سكنى المدينة]

(1/3680)


[حديث: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة.]
1888# قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا يحيى بن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ.
قوله: (عن [1] خُبَيْبِ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن): تقدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح المُوحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله.
قوله: (مَا بَيْنَ [2] بَيْتِي وَمِنْبَرِي): تقدَّم الكلام على هذا، وعلى رواية: (ما بين قبري ومنبري)، وقدر [3] كم ذرع ما بينهما مع زيادة.
قوله: (رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ): تقدَّم في ذلك قولان، وأنَّ الأصحَّ: أنَّ تلك البقعة الشريفة تُنقَل بعينها إلى الجنَّة.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[2] (بين): سقط من (ج).
[3] في (أ) و (ب): (وقد)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 483]

(1/3681)


[حديث: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد]
1889# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، الحافظ المشهور.
قوله: (لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ): تقدَّم متى قدم، وتاريخ ذلك والشَّهر، وهل كان نهارًا _وهو الأصحُّ_ أو ليلًا، كما وقع في آخر «مسلم»، وهو خلاف المحفوظ، كلُّ ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ): (وُعِك): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أبو بكر): مرفوع نائب مناب الفاعل، والوَعْك: بفتح الواو، ثمَّ بالعين المهملة وسكونها، قال أبو حاتم: الوَعْك: الحُمَّى، وقال غيره: ألم التَّعب، وقال يعقوب: وعكةُ الشَّيء: دفعتُه وشدَّتُه، وقال غيره: هو إرعاد الحُمَّى وتحريكها إيَّاه، وقال الأصمعيُّ: الوَعْك: شدَّة الحرِّ مكان حرِّ الحمَّى وشدَّتها.
قوله: (إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهْ ~…وَالْمَوْتُ أَدْنَى [2] مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ [3]): تنبيه: في «الاستعاب» في ترجمة أبي بكر رضي الله عنه ما لفظه: (وروى سفيان بن حُسين عن الزُّهريِّ قال: «سألني عبد الملك بن مروان قال: أرأيت هذه الأبيات التي تُروَى عن [4] أبي بكر؟ فقلت له: لم يقلها [5]، حدَّثني عروة عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ أبا بكر لم يقل بيت شعر في الإسلام حتَّى مات») انتهى، ولم يذكرِ الأبياتَ التي أشار إليها [6].
وسفيان بن حسين صدوق مشهور، وقد اختُلِف فيه، وقد قال ابن مَعِين: ثقة، لكنَّه في الزُّهريِّ ضعيف، فيحتمل _إن كان محفوظًا هذا_ أن يكون الصِّدِّيق تمثَّل بما في «الصَّحيح»، والله أعلم، وقد ذكر الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخي في «سيرته الصُّغرى» في هجرته عليه الصَّلاة والسَّلام هو وأبو بكر، قال: فلمَّا راحوا من قديد [7]؛ تعرَّض له سراقة بن مالك بن جعشم المدلجيُّ [8]، فدعا عليه الصَّلاة والسَّلام عليه، فساخت قوائم فرسه، فطلب الأمان، فأُطلِق، ورَدَّ مَن وراءه، ففي ذلك يقول أبو بكر رضي الله عنه:
~…قَالَ النَّبيُّ ولم يَجْزَعْ: يُوَقِّرنُي…ونحنُ في سُدَفٍ مِنْ ظُلمةِ الغَارِ

(1/3682)


فذكر تتمَّة أربعة عشر بيتًا، وأيضًا رأيت بسوق الكتب بحلب قبل فتنة تَمْرٍ مجلَّدة لطيفة، شعر منسوب [9] إلى الصِّدِّيق، ويُنادى عليه ديوانُ الصِّدِّيق، لكن يحتمل أنَّ هذا الشِّعر الذي في الدِّيوان قاله قبل الإسلام، والله أعلم.
فائدة: قال عمر بن شبَّة في كتاب «المدينة المشرَّفة»: قوله: (كلُّ امرئٍ مُصبَّحٌ في أَهْلِه) ... إلى آخره، تمثَّل بهذا [10] أبو بكر رضي الله عنه، وهما لحنظلة بن سيَّار، قالهما في يوم ذي قار، انتهى.
قوله في الشِّعر: (مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهْ): الشِّراك؛ بكسر الشِّين المعجمة: هو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها.
قوله: (إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، كذا في أصلنا، وفيه نظر؛ لأنَّ (أقلع) لازم لا يُبنَى منه فعل، وفي هامش أصلنا: (أَقلع): مبنيًّا للفاعل،
[ج 1 ص 483]
وعليه علامة راويه، وهذا هو الجادَّة، والله أعلم.
قوله: (يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ): هي بفتح العين المهملة، وكسر القاف: وهي الصَّوت.
قوله: (أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي .. )؛ البيتين: قال الجوهريُّ في «صحاحه»: إنَّه تمثَّل به بلال، وكذا قال شيخنا في «شرحه» عن أسامة بن مرشد [11]: إنَّهما _يعني: البيتين_ لبكر بن غالب بن عامر بن مُضَاض الجُرْهميِّ عندما نفتهم خزاعةُ من مكَّة، انتهى.
قوله: (إِذْخِرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بكسر الهمزة، ثمَّ ذال معجمة ساكنة، ثمَّ خاء مثلها مكسورة، ثمَّ راء [12]، وأنَّه نبتٌ طيِّب الرائحة.
قوله: (وَجَلِيلُ): هو بفتح الجيم، وكسر اللَّام؛ وهو الثُّمام؛ وهو نبت ضعيف يُحشَى منه خُصَاصُ البيوتِ، الواحدة: جَليلة، والجمع: جلائلُ.
قوله: (مِيَاهَ مجَنَّةٍ): هو بالهاء في آخره؛ أعني: (مياه)، وقد رأيت في «تاريخ زين الدِّين» عمر بن الوردي شيخ بعض شيوخي في النَّحو: أنَّ بعض القضاة _ وعيَّنه_ درَّس في مدرسة _ وعيَّنها_ وأظنُّها الأسديَّة بحلب قال في الدَّرس: (كِتَاب الطَّهارة) (بَاب المياةِ)؛ بالتَّاء، قال: فقلت: إنَّما هو باب الألوف؛ يشير بذلك إلى أنَّه أعطى رشوة حتَّى تولَّى المنصب
ألوفًا.

(1/3683)


وقوله: (مجَنَّة): هي بفتح الميم وكسرها، وبفتح الجيم، ثمَّ نون مشدَّدة مفتوحة: سوق بقرب مكَّة، قال الأزرقيُّ: هي بأسفل مكَّة على بريد منها، كان سوقها عشرةَ أيَّام آخر ذي القِعدة، وقد تقدَّم قبل هذا بزيادة، وقد صرَّح بأنَّ هذه هي المرادة الجوهريُّ في «صحاحه» وابنُ الأثير في «نهايته».
قوله: (شَامَةٌ وَطَفِيلُ): (شامة)؛ بالشِّين المعجمة، وبعد الألف ميم، ثمَّ تاء التأنيث، وقال في «النهاية»: وقال بعضهم: إنَّه شابة؛ بالباء: وهو جبل حجازيٌّ، انتهى.
و (طَفِيْل)؛ بفتح الطَّاء المهملة، وكسر الفاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ لام: جبل أيضًا، وهما على نحو ثلاثين ميلًا من مكَّة، قال الخطَّابيُّ: كنت أحسبُهما جبلين حتَّى أُثبِت لي أنَّهما عينان، وفي «الغريب»: (شامة وطَفِيْل): جبلان مشرفان على مَجَنَّة، وعلى بريد من مكَّة، قال أبو عمر: وقيل: أحدهما بجُدَّة، قاله ابن قرقول.
قوله: (اللَّهُمَّ؛ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأميَّة بْنَ خَلَفٍ): تقدَّم الكلام على هؤلاء الثَّلاثة مع غيرهم، وأنَّهم [13] قُتِلوا ببدر على كفرهم.
قوله: (إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ): (الوَباء): يُمدُّ ويُقصَر: مرض عامٌّ، وجمع المقصور: أوباء، وجمع الممدود: أوبئة، وسأذكر هل الوباء الطَّاعون، أو بينهما خصوص وعموم في مكانه إن شاء الله تعالى وقدَّره.
قوله: (فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا): تقدَّم الكلام على (الصَّاع) وعلى (المُدِّ) في (الغسل) كم هما؛ فانظره إن أردته.
قوله: (حُمَّاهَا): هو بالقصر، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (إِلَى الْجُحْفَةِ): تقدَّم ضبطها في (المواقيت)، وهي معروفة.
تنبيه: إنَّما دعا عليه الصَّلاة والسَّلام أنْ تنقل حمَّى المدينة إلى الجُحَفْة؛ لأنَّ ذاك الوقت كان ساكنوها يهودَ، قاله الخطَّابيُّ.
قوله: (وَهْيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللهِ): (أوبأ): مقصور مهموز.
قوله: (فَكَانَ بُطْحَانُ): تقدَّم أنَّه بضمِّ المُوحَّدة، وإسكان الطَّاء ثمَّ حاء مهملتين، وفي آخره نون، كذا يرويه المُحدِّثون أجمعون، وحكى أهل اللُّغة فيه (بَطِحانَ)؛ بفتح الباء، وكسر الطَّاء، وكذلك قيَّده أبو عليٍّ في «تاريخه»، وعن أبي عليٍّ قال البكريُّ: لا يجوز غيره: وهو موضع وادٍ بالمدينة.

(1/3684)


قوله: (يَجْرِي نَجْلًا): هو بفتح النُّون، وإسكان الجيم؛ أي: نَزًّا ماء قليلًا حين يظهر وينبُع، وقال الحربيُّ: واسعًا فيه ماء ظاهر، وقال أبو عمرو: النَّجلُ: الغدير الذي لا يزال فيه الماء، وقال يعقوب: النَّجل: النَّزُّ حين يظهر، وضبطه الأصيليُّ؛ بفتح الجيم، وقد فسَّره هنا، فقال: آجِنًا، والآجن؛ بهمزة ممدودة: وهو المُتغيَّر الرِّيح، يقال: أَجِنَ الماء وأجَنَ، قال ابن قرقول: كذا جاء في «البخاريِّ» في تفسير الحديث، وهو غير صحيح، والنَّجل: الماء النَّابع [14] الجاري قليلًا، انتهى، وقد تقدَّم أنَّ الآجن؛ بهمزة ممدودة، ورأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر: (وبقصرها مع كسر الجيم فيهما) انتهى، يقال: أجَن الماء؛ بالفتح، يأجِنُ ويأجُنُ_ بكسر الجيم وضمِّها_ أجْنًا وأجُونًا، وحكى اليزيديُّ: أجِن الماء _ بالكسر_ يأجَنُ أجَنًا، فهو أجِنٌ على (فَعِلٍ).
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).
[2] في (ب): (أقرب).
[3] في (ج): (أهله).
[4] في (أ) و (ب): (على).
[5] (لم يقلها): ليس في (ب).
[6] زيد في (ب): (لم يقلها).
[7] في (ب): (فديك)، وهو تحريف.
[8] في (ج): (المدني)، وهو تحريفٌ.
[9] في (ج): (منسوبة).
[10] في (ب): (بهما).
[11] في (ج): (مرثد)،وليس بصحيح.
[12] (راء): سقط من (ج).
[13] في (أ): (وأنه).
[14] في (ج): (المائع).

(1/3685)


[حديث: ارزقني شهادةً في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك]
1890# قوله: (وَقَالَ ابْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أُمِّهِ [1]، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ [2] قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ): أمَّا (ابن زريع)؛ فهو يزيد بن زُريع، وهذا تعليق مجزوم به؛ لأنَّه شيخ شيوخ البخاريِّ، وقوله في أصلنا: (عن زيد بن أسلم عن أمِّه): كذا في أصلنا، وعليها (صح)، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في أصل آخرَ عتيقٍ جدًّا، وهذا التصحيح فيه نظر، و (أمه) لا أعرفها، ولا رأيت أحدًا ترجمها، ولا ذكروا فيمن روى عنه زيدٌ أمَّه، ولا هي في «أطراف المِزِّيِّ»، والذي فيه [3] في تطريف [4] الحديث: (عن أبيه) لا (عن أمِّه) في الموضعين؛ في مسند أسلم عن عمر وفي مسند حفصة عن عمر [5]، وفي نسخة عندي من «البخاريِّ» عتيقة: (عن أبيه) في الطَّريق الأوَّل، و (عن أمِّه) في الطَّريق الثَّاني، وراجعت «شرح شيخنا»، فرأيته قال: (عن أبيه) في الموضعين؛ الواحدُ بلفظه والآخر بمعناه، والذي ظهر لي _والله أعلم_ أنَّ قوله: (عن أمِّه) تصحيف، وقوَّاني على ذلك أنَّي لم أرَ لها ترجمة [6]، ولا ذكروها (في الرُّواة عن حفصة، ولا ذكروها) [7] في ترجمة زيد بن أسلم أنَّه روى عنها، وراجعت «ثقات ابن حبَّان»؛ فما وجدتها، وأنا أستبعد أن يكون (عن أمِّه) صحيحًا، وراجعت كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ في «الأوهام الواقعة في البخاريِّ»، وكذا راجعت «المطالع»؛ فلم أرها، والله أعلم.
قال شيخنا: وتعليق ابن زريع وصله أبو نعيم، فقال: (حَدَّثَنَا أبو عليِّ بن الصَّوَّاف: حَدَّثَنَا إبراهيم بن هشام: حَدَّثَنَا أميَّة بن بسطام: حَدَّثَنَا يزيد بن زريع: حَدَّثَنَا رَوح به)، وقال الإسماعيليُّ: (أخبرنا إبراهيم بن هاشم: حَدَّثَنَا أميَّة بن بسطام: حَدَّثَنَا يزيد بن زريع [8]: حَدَّثَنَا روح بن القاسم به).
قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ): (هشام) هذا: هو ابن سعد، يروي عن زيد بن أسلم، ونافع، والمقبريِّ، وعنه: ابن وهب، وابن مهديٍّ، والقعنبيُّ، قال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، وقال أحمد: لم يكن بالحافظ، انتهى، قال الذَّهبيُّ: قلت: حسن الحديث، تُوفِّيَ سنة (160 هـ)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، ومسلم، والأربعة، له ترجمة في «الميزان».

(1/3686)


قال شيخنا: وصله ابن سعد في «طبقاته»: (أخبرنا مُحَمَّد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة)؛ فذكره [9].

(1/3687)


((30)) (كِتَابُ الصَّوُمِ) [1] ... إلى (باب الوِصَالِ)
فائدة: فُرِض صوم رمضان في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرًا من مهاجره عليه الصَّلاة والسَّلام.
ثانية: صام صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تسع رمضانات، وفي «مسلم» أكثرهنَّ ناقص.
ثالثة: اختُلِف فيه وفي الصَّلاة أيُّهما أفضلُ؟ أو الصَّلاة بمكَّة أفضل، والصَّوم بالمدينة أفضل، ترجيحًا لكلٍّ بموضع فرضِه، فيه خلاف للسَّلف والأصحاب، والصَّحيح الأوَّل، وهو الصَّلاة، وقد تقدَّم [2].
رابعة: لرمضان ستُّون اسمًا، قال شيخنا في «شرح المنهاج»: ذكرها أبو الفرج الطَّالقانيُّ في «خصائص القدس»، انتهى.
==========
[1] زيد في (ج) قبلها: (بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر وأعن وأتمم بالخير).
[2] (وقد تقدَّم): ليس في (ب).
[ج 1 ص 485]

(1/3688)


[باب وجوب صوم رمضان]

(1/3689)


[حديث: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا]
1891# قوله: (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ): قال الدِّمياطيُّ: (نافع بن مالك بن أبي عامر، وفي سماع أبيه من طلحة نظر) انتهى، وسيأتي نسب أبي سُهيل بأطول من هذا من كلام الدِّمياطيِّ في الورقة التي بعد هذه؛ فانظره، قال شيخنا العراقيُّ الحافظ: ذكر المِزِّيُّ: أنَّه [1] سمع من عمر رضي الله عنه، فكيف [2] يكون في سماعه من طلحة نظر، وقد تأخَّر بعد عمر اثنتي [3] عشرة سنة، وقد تأخَّر طلحة بعد عثمان؟! وكان مالك بن أبي عامر قد قرأ القرآن في زمن عثمان، وفرض له عثمان، انتهى، وقد ذكر المِزِّيُّ الحديث في مسند طلحة من رواية مالك بن أبي عامر جدِّ مالك بن أنس، ولم يُنبِّه على عدم سماعه منه، كما هي عادته فيمن لم يلقَ مَن يُحدِّث عنه، والحديث المذكور في (كِتَاب الإيمان) من «البخاريِّ» قال فيه: (إنَّه سمع طلحة بن عبيد الله)، وكذا هو في (الشَّهادات)، وفيه التَّصريح بالسَّماع كما قدَّمته، فأين النظر؟ وكذا في «مسلم» في (الإيمان)، وقد تقدَّم ذلك، والحاصل: أنَّه صرَّح بالسَّماع منه في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، والله أعلم، وكأنَّ مدرك الدِّمياطيِّ ما حكاه الكلاباذيُّ: أنَّه تُوفِّيَ سنة اثنتي عشرة ومئة، وأنَّه بلغ من العُمر سبعين أو اثنتين وسبعين، فعلى هذا؛ يكون مولده بعد موت طلحة بسنتين، وهذا وهم، وحكى المنذريُّ عن ابن عبد البَرِّ: أنَّه تُوفِّيَ سنة مئة أو نحوها، وعلى هذا يستقيم، وقد روى ابن سعد في «طبقاته»: أنَّه قال: شهدت عمر بن الخطَّاب عند الجمرة أصابه حجر، فرماه، وقد [4] قال ابن سعد فيها: إنَّه روى عن عمر، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، وأبي هريرة، وكان ثقة، ولم يذكر وفاته.
قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا الأعرابيُّ تقدَّم الكلام عليه في (كِتَاب الإيمان)؛ فانظره.
قوله: (ثَائِر الرَّأْسِ): تقدَّم أنَّ (ثائر)؛ بالنَّصب والرَّفع، وتقدَّم تعليلهما، وما معناه.
قوله: (فَقَالَ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ): بنصب (الصَّلواتِ)، وعلامة النَّصب فيها الكسرة؛ أي: فرض الله عليك الصَّلواتِ، و (الخمسَ)؛ بالنَّصب صفة لـ (الصَّلوات) الذي هو منصوب.
قوله: (إلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ): تقدَّم الكلام على هذا الاستثناء: هل هو متَّصل أو منقطع بمعنى: لكن؟
==========

(1/3690)


[1] في (ب): (المِزِّيّ أنَّ مالك بن أبي عامر).
[2] في (ج): (فيكون).
[3] في النُّسخ: (اثنتا)، ولعلَّ المُثبت هو الصَّواب.
[4] (قد): ليس في (ج).
[ج 1 ص 485]

(1/3691)


[حديث: صام النبي عاشوراء وأمر بصيامه]
1892# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْماعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (فلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ): (فُرِض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رمضانُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
==========
[ج 1 ص 485]

(1/3692)


[باب فضل الصوم]

(1/3693)


[حديث: الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل]
1894# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ): هو بضمِّ الجيم، وتشديد النُّون مفتوحة؛ أي: ستر من النَّار ومانع.
قوله: (فَلاَ يَرْفُثْ [1]): هو بضمِّ الفاء، وكسرها، وفتحها، قال شيخنا مجد الدِّين في «قاموسه»: (وقد رفث _ كـ «نَصَر، وفَرِح، وكَرُم» _ وأَرفث) انتهى، قال الدِّمياطيُّ: (الرَّفث: كلمة لكلِّ ما يريد الرَّجل من المرأة) انتهى، وقد تقدَّم الكلام على الرَّفث؛ فراجعْه.
قوله: (فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ): اختُلِف في ذلك: هل يقوله بلسانه؛ لينكفَّ [2] مُسَابُّه عن شتمه أو بقلبه؟ والأظهر الأوَّل؛ لأنَّه لا ينكفُّ بقوله في قلبه، ووجه الثَّاني خوف الرِّياء، لا جرم فرَّق بعض أصحاب الشَّافعيِّ بين الفرض والنَّفل، قال النَّوويُّ: إنَّه يقوله في قلبه، ثمَّ يتكلَّم به.
قوله: (لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ): الخُلوف؛ بضمِّ الخاء المعجمة، قال ابن قرقول: بضمِّ الخاء قيَّدناه عن المُتقِنين [3]؛ وهو ما يخلف بعد الطَّعام في [4] الفم من ريح كريهة؛ لخلاء [5] المعدة من الطَّعام، وأكثر المُحدِّثين يرويه بفتح الخاء، وهو خطأ عند أهل العربيَّة، وبالوجهين ضبطناه عن القابسيِّ، وفي بعض طرقه: (لخُلفة فم الصَّائم)، والمعنى واحد، انتهى، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: هو بضمِّ الخاء؛ وهو تغيُّر رائحة الفم، هذا هو الصَّواب فيه؛ بضمِّ الخاء، وهو الذي ذكره الخطَّابيُّ وغيره من أهل [6] الغريب، وهو المعروف في كتب اللُّغة، وقال القاضي: الرِّواية الصَّحيحة: بضمِّ الخاء، قال: وكثير من الشُّيوخ يروونه بفتحها، قال الخطَّابيُّ: وهو خطأ، قال: وحُكِي عن القابسيِّ فيه: الفتحُ والضَّمُّ، وقال: أهل المشرق يقولونه بالوجهين، والصَّواب الضَّمُّ، انتهى.

(1/3694)


قوله: (فَمِ الصَّائِمِ): بفتح الفاء في حالة الرَّفع، والنَّصب، والجرِّ، ومنهم: مَن يكسر الفاء على كلِّ حال، ومنهم: من يرفع الفاء [7] على كلِّ حال، ومنهم: مَن يُعربه في مكانين يقول: رأيت فَمًا، وهذا فُم، ومررت بفِم، وأمَّا تشديد الميم، فإنَّه يجوز في الشِّعر، وقد زعم الفارسيُّ أنَّ الميم لا تثبت [8] إلَّا في الشِّعر، وتابعه ابن عصفور وغيره، والصَّحيح جوازه، وقال ابن عصفور: وأقبح من ذلك في الضَّرورة تعويضها مشدَّدة، وليس كما قال، فالتَّشديد لغة محكيَّة.
قوله: (أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ [9] مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ): هل هذا في الدُّنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط؟ جاء في «مسلم»: (يوم القيامة)، وجاء في رواية خارج الكتب السِّتَّة، وهي في «صحيح ابن حبَّان» ما معناه: أنَّ ذلك في الدُّنيا والآخرة، وكذا في غيره، كما سيأتي [10]، وقد وقع في هذه المسألة خلاف بين الإمامين؛ أبي عمرو بن الصَّلاح وأبي مُحَمَّد بن عبد السَّلام، فكان ابن عبد السَّلام يقول: إنَّه في الآخرة فقط على ما [11] في «مسلم»، وكان ابن الصَّلاح يقول بالرِّواية الأخرى، وكتب كلٌّ منهما مُؤلَّفًا في ذلك، والرِّواية التي رواها ابن حبَّان: (لخُلوف فم الصائم حين يخلُف)، هذه الزِّيادة التي ذكرها ابن حبَّان في «صحيحه»، وروى الإمام أبو بكر السَّمعانيُّ من حديث جابر: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «أُعطيتْ أمَّتي في رمضان خمسَ خصال»، ثمَّ قال: «وثانيها: أنَّهم يُمْسُون وخلوف أفواههم عند الله أطيب [12] من ريح المسك»، وهو حديث حسن، وقد عُزِي لغيره أيضًا تخريجه، فإذًا الصَّحيح: أنَّه في الدُّنيا والآخرة، والله أعلم.
قوله: (الصِّيَامُ لِي): أكثرَ النَّاسُ في تأويل هذا الحديث، وأنَّه لِمَ خصَّ الصَّوم والجزاء عليه بنفسه عزَّ وجلَّ وإن كانت العبادات كلُّها له، وجزاؤهما منه، وذكروا فيه وجوهًا مدارها كلُّها على أنَّ الصَّوم سرٌّ بين الله والعبد لا يطَّلع عليه سواه، ولا يكون العبد
[ج 1 ص 485]

(1/3695)


صائمًا حقيقةً إلَّا وهو مُخلِص في الطَّاعة، وهذا وإن كان كما قالوا؛ فإنَّ غير الصَّوم من العبادات تشاركه في سرِّ الطَّاعة؛ كالصَّلاة على غير طهارة، أو في ثوب نجس، ونحو ذلك من الأسرار المقترنة [13] بالعبادات التي لا يعرفها إلَّا الله تعالى وصاحبها، قال ابن الأثير: وأحسن ما سمعتُ في تأويل هذا الحديث: أنَّ جميع العبادات التي يُتقرَّب بها إلى الله عزَّ وجلَّ من صلاةٍ، وحجٍّ، وصدقةٍ، واعتكافٍ، وتبتُّلٍ، ودعاءٍ، وقُربانٍ، وهَدْيٍ، وغير ذلك من أنواع العبادات قد عبد المشركون بها ما كانوا [14] يتَّخذونه من دون الله أندادًا، ولم يُسمَع أنَّ طائفة من طوائف المشركين وأرباب النِّحل في الأزمان المُتقادِمة عبدت آلهتها بالصَّوم، ولا تقرَّبتْ إليها بهِ، ولا عُرِف الصوم في العبادات إلَّا من جهة الشَّرائع؛ فلذلك قال الله تعالى: «الصَّومُ لي، وأنا أجزي به»؛ أي: لم يشاركني فيه أحدٌ، ولا عُبِد به غيري، فأنا حيئنذٍ أجزي به، وأتولَّى الجزاء عليه بنفسي، ولا أكله [15] إلى أحد مِن مَلَك مُقرَّب أو غيره على قدر اختصاصه بي، انتهى لفظه، [قال شيخنا في «شرحه» أوجهًا في معنى ذلك [16]، ثمَّ قال: (وأبعد مَنْ قال: إنَّ معناه: لم يُعبَد به غير الله ... ) إلى أن قال: (فقد حكى المسعوديُّ وغيره: أنَّ جماعة من الملاحدة وغيرهم تعبَّدوا المشتريَ وزُحَلَ [17] والزُّهَرة به)] [18].
وفي «شرح مسلم» النَّوويُّ [19] ذكر عنه أجوبةً: أحدها ما قاله ابن الأثير، الثَّاني: أنَّ الصَّوم يبعدُ من الرِّياء؛ لخفائه بخلاف بقيَّة العبادات الظَّاهرة، الثَّالث: أنَّ الصَّائم ونفسه ليس [لهما] فيه حظٌّ، قاله الخطَّابيُّ، الرابع: أنَّ الاستغناء عن الطَّعام من صفات الله تعالى، فتقرَّب الصَّائم بما يتعلَّق بهذه الصِّفة وإن كانت صفات الله لا يشبهها شيء، الخامس: معناه: أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه، وتضعيف حسناته، وغيره من العبادات أظهر سبحانه بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها، السَّادس: قيل: هي إضافة تشريف، والله أعلم.

(1/3696)


وفي «التَّذكرة» للقرطبيِّ: فصل: ظنَّ بعض العلماء أنَّ الصِّيام مُختصٌّ بعامله مُوفَّرًا له أجره، لا يُؤخَذ منه شيءٌ لمظلمة ظلمها مُتمسِّكًا بقوله: (الصِّيام لي، وأنا أجزي به)، وأحاديث هذا الباب _يعني: الباب المذكور في «تذكرته» _ تردُّ قوله، وأنَّ الحقوق تُؤخَذ من سائر الأعمال صيامًا كان أو غيره، وقيل: إنَّ الصَّوم إذا لم يكن معلومًا لأحد، ولا مكتوبًا في الصُّحف؛ هو الذي يستره الله ويخبَؤُه عليه حتَّى يكون له جُنَّة من العذاب، فيطرحون أولئك عليه سيئاتهم، فتذهب عنهم، ويقيه الصَّوم فلا يضرُّ أصحابها؛ لزوالها عنهم، ولا له؛ لأنَّ الصوم جُنَّة، قاله القاضي أبو بكر بن العربيِّ، وهو تأويل حسن، والحمد لله، انتهى، وهذا ينبني [20] على أنَّ مثل هذا العمل إذا لم يطَّلع عليه إلَّا الله وهو في القلب؛ لا تكتبه الملائكة، وهذا فيه خلافٌ سيأتي في مكانه، والله أعلم.

(1/3697)


[باب الصوم كفارة]

(1/3698)


[حديث: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره]
1895# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الإمام، تقدَّم بعض ترجمته، وبعده (سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، الإمام.
قوله: (حَدَّثَنَا جَامِعٌ): هذا هو ابن أبي راشد الكاهليُّ، عن أبي الطُّفيل وأبي وائل، وعنه: السُّفيانان وشريك، ثقة، وثَّقه أحمد، وقال أحمد العجليُّ: ثقةٌ ثبْتٌ صالحٌ، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم مُتَرجَمًا [1].
قوله: (عَنْ حُذَيْفَةَ): هو ابن اليماني حَسْلٌ، ويقال: حُسيل العبسيُّ، ثمَّ الأشهليُّ حليفهم، صاحب السِّرِّ، منعه وأباه المشركون شهودَ بدر؛ لأنَّهم استحلفوهم، روى عنه: الأسود، وربعيُّ بن حِراش، وأبو إدريس، وطائفة، تُوفِّيَ سنة (36 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، وتقدَّم أنَّ الصَّحيح في (اليماني) و (العاصي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن الهادي) إثباتُ الياء في الكلِّ، قاله النَّوويُّ.
تنبيه: تقدَّم أنَّ جملة مَن يُسمَّى حذيفة مشهورًا بالاسم بهذا [2] من الصَّحابة سبعة [3]، والله أعلم.
قوله: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ): تقدَّم الكلام عليها؛ فراجعْه في (بَاب الصَّلاة كفَّارة).
قوله: (لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهْ [4]): هو بكسر الذَّال المعجمة، وإسكان الهاء؛ ومعناها: ذي، فجاء بالهاء؛ للوقف [5]، أو لبيان اللَّفظ، كما يقال: هذه وهذي، والجميع بمعنًى، وإنَّما أُدخِلت (ها)؛ للإشارة على ذه وذي [6].
قوله: (أَجْدَرُ): أي: أحقُّ.
==========
[1] (وتقدَّم مُتَرجَمًا): ليس في (ج).
[2] (بهذا): ليس في (ج).
[3] في (ب): (مشهورًا بهذا الاسم سبعة من الصحابة)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.
[4] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ذِهِ).
[5] في (ب): (للوقت)، وهو تحريفٌ.
[6] في (أ): (وهذي)، وفي (ج): (وهذه)، والمثبت من (ب)، ولعلَّه هو الصَّواب.
[ج 1 ص 486]

(1/3699)


[باب الريان للصائمين]

(1/3700)


[حديث: إن في الجنة بابًا يقال له الريان]
1896# قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ): سأذكر أبواب الجنَّة إنْ شاء الله تعالى في (بدء الخلق) في (بَاب صفة الجنَّة).
قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تقدَّم أنَّ مَخْلدًا؛ بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ): هذا أبو حازم سلمة بن دينار، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ حَازمًا بالحاء المهملة وبالزَّاي.
قوله: (عَنْ سَهْلٍ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، وتقدَّم بعض ترجمته، وفي الصَّحابة من اسمه سهل ستَّةٌ وثلاثون شخصًا بالرَّاوي هنا.
قوله: (أُغْلِقَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر جدًّا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[ج 1 ص 486]

(1/3701)


[حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة .. ]
1897# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْنٌ): هو معن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز أبو يحيى، أحد الأئمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المَدينيِّ، وابن مَعِين، ومُحَمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ حُميد بن عبد الرَّحمن الحميريَّ ليس له [2] في «البخاريِّ» شيء عن أبي هريرة [3]، وإنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصِّيام بعد رمضان شهر الله المُحرَّم»، وليس له في «مسلم» عن أبي هريرة سواه؛ فاعلمه، وتقدَّم [4] (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ): قال الحسن: اثنين من شيء من الأشياء؛ كدرهمين، أو دينارين، أو ثوبين، وقال غيره: يريد ستِّين درهمًا ودينارًا، أو درهمًا وثوبًا، وخفًّا ولجامًا، ونحو هذا، وقال الباجيُّ: يحتمل أنْ يريد عملًا من الأعمال؛ كصلاتين وصيام يومين، قاله ابن قرقول، انتهى، قال القرطبيُّ في «تذكرته» بعد ذكر الأقوال التي ذكرتها: والأوَّل من التَّفسير أعلى؛ لأنَّه يُروَى عن المصطفى، ذكر الآجريُّ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «مَن أنفق زوجين في سبيل الله؛ ابتدرته حجبة الجنَّة»، ثمَّ قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «بعيرين، درهمين، تِرسين، نَعلين» انتهى.
قوله: (فِي سَبِيلِ اللهِ): قيل: هو على العموم في جميع وجوه الخير، وقيل: مخصوص بالجهاد، والأوَّل أصحُّ، قاله عياض القاضي، وأقرَّه عليه النَّوويُّ في «شرح مسلم».
قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تقدَّم الكلام على التَّفدية بالأب والأمِّ، والأصحُّ جوازه وإن كانا مُسلمَين.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[2] (له): ليس في (ج).
[3] (عن أبي هريرة): سقط من (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] (تقدَّم): مثبت من (ب).
[ج 1 ص 486]

(1/3702)


[باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعًا]
قوله: (بَابٌ: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ؟): تقدَّم أنَّه اختلف العلماء في أنَّه هل يكره أن يقال: (رمضان) من غير ذكر الشهر؟ [فذهب بعض المتقدَّمين إلى كراهته، قال أصحابنا: يكره أن يقال: جاء رمضان، من غير ذكر الشَّهر] [1]، وكذلك: دخل رمضان، وحضر رمضان، وما أشبه ذلك ممَّا لا قرينة فيه تدلُّ على أنَّ المراد: الشَّهرُ، فإنْ ذكر معه قرينة تدلُّ على أنَّه الشهر؛ كقولك: صمت رمضان، وجاء رمضان [2] الشهر المبارك، وما أشبه ذلك؛ لم يُكرَه
[ج 1 ص 486]
هكذا، قال أصحابنا: ونقله صحاب «الحاوي الكبير»، وصاحب «البيان»، وجماعة آخرون عن الأصحاب، واحتجَّ الأصحاب في ذلك بما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «لا تقولوا رمضان؛ فإنَّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا: شهر رمضان»، وهذا الحديث رواه البيهقيُّ، وضعَّفه، والضَّعف عليه بَيِّنٌ، وروى الكراهة في ذلك عن مجاهد والحسن البصريِّ، قال البيهقيُّ: والطَّريق إليهما في ذلك ضعيف، والصَّحيح في ذلك ما ذهب إليه صاحب هذا «الصَّحيح» البخاريُّ وجماعات من المحقِّقين أنَّه لا كراهة في ذلك مُطلَقًا كيفما قيل؛ لأنَّ الكراهة لا تثبت إلَّا بالشَّرع، ولم يَثبُت فيه شيء، وقد صنَّف جماعات لا يُحصَون في أسماء الله تعالى مُصنَّفات مبسوطة، فلم يثبتوا هذا الاسم، وقد ثبت في الأحاديث الصَّحيحة جوازُ ذلك، فالصَّحيح: جوازه من غير كراهة، والله أعلم.
قوله: (لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ): هو بضمِّ التَّاء، وكسر الدَّال، كذا في أصلنا، وفي الحاشية نسخة: (تَقدَّموا)؛ بفتح التَّاء والدَّال المشدَّدة، محذوف إحدى التَّاءين.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[2] (وجاء رمضان): ليس في (ب).

(1/3703)


[حديث: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة]
1898# قوله: (عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ [1]، عَنْ أَبِيْهِ): تقدَّم أنَّ اسم (أبي سُهيل) نافعُ بنُ مالك بن أبي عامر، واسم أبي عامر [2] نافعٌ أيضًا [3]، وقد عُزِي ذلك بخطِّ الدِّمياطيِّ الحافظ، كما مضى ويأتي [4]، الأصبحيُّ، تقدَّم في أوَّل (الصَّوم)، قال الدِّمياطيُّ: أبو سُهيل نافعٌ هو الذي حدَّث عنه الزُّهريُّ في الحديث بعده، فقال: (أخْبَرني ابن أبي أنس مولى التَّيميِّين)، وأبو أنس: هو مالك بن أبي عامر نافع بن عمرو بن الحارث، وكان لمالك أربعةُ أولاد: أبو سُهيل نافع، وأنس، وأويس، والرَّبيع، انتهى [5].
قوله: (فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ): (فُتِحت)؛ بالتَّخفيف والتَّشديد، وهذا ظاهر.
قوله: (أَبْوَابُ الْجَنَّةِ): وسيأتي بعده [خ¦1899]: (فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ): والمراد بـ (أبواب السَّماء): أبوابُ الجنَّة.
==========
[1] في هامش (ق): (أبو سُهَيل نافع هو الذي حدَّث عنه الزهري في الحديث بعده فقال: أخبرني ابن أبي أنس مولى التيميين، وأبو أنس: هو مالك بن أبي عامر نافع بن عمرو بن الحارث، وكان لمالك أربع أولاد: أبو سُهَيل نافع، وأنس، وأويس، والربيع).
[2] (أبي عامر): سقط من (ج).
[3] (أيضًا): ليس في (ج).
[4] زيد في (ب): (إنْ شاء الله).
[5] (انتهى): ليس في (ب).
[ج 1 ص 487]

(1/3704)


[حديث: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء]
1899# [قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ): (ابن أبي أنس): هو أبو سُهيل الذي تقدَّم أعلاه] [1].
قوله: (وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ): وجاء في رواية أخرى: (وصُفِّدتِ الشَّياطينُ).
إنْ قيل: إنَّا نرى الشَّرَّ والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا؟ والجواب: أنَّها تُغلُّ عن الصائمين في الصوم الذي حُوفظ على شروطه بخلاف غيره، وقيل: إنَّ الشَّرَّ الواقع هو من غيرهم؛ كالنفس الخبيثة، والعادات الرَّكيكة، والشَّياطين الإنسيَّة، وقيل: إنَّه إخبار عن غالب الشَّياطين والمردة، وأمَّا مَنْ ليس من المَردة؛ فقد لا يُصَفَّد، والمقصود تقليل الشَّرِّ، وهو موجود في رمضان، وقد يقال: إنَّ الحاصل من تلك الحركة؛ أعني: حركة المغلول وإن قلَّت، والله أعلم.
==========
[1] مابين معقوفين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (الزهري محمد بن مسلم)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».
[ج 1 ص 487]

(1/3705)


[حديث: إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا]
1900# قوله: (حَدَّثَنَا [1] اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، الإمام، وكذا تقدَّم (عُقَيل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ): أي: سُتِر بالغمام.
قوله: (فَاقْدُرُوا لَهُ): قال ابن قرقول: هو بالوصل، وكسر الدَّال وضمِّها؛ أي: قدِّروا له عدد ثلاثين حتَّى تكملوه.
تنبيه: قوله: (فأكملوا العدد ثلاثين): هذا قول الجمهور، وذهب ابن سُريج القاضي إلى أنَّ هذا خطابُ من خُصَّ بهذا العلم من حساب القمر والنُّجوم؛ أي: يحتمل على حسابها، والكمال والعدَّة خطاب لعامَّة النَّاس الذين لا يعرفونه، ولم يوافقه النَّاس على هذا، انتهى، ولابن الأثير نحوه، ولم يتعرَّض لتضعيف كلام ابن سُريج.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنِ اللَّيْثِ): أي: غير يحيى ابن بُكَير، ولا أعرفه أنا، وقال شيخنا الشَّارح: لعلَّه يريد به كاتبَ اللَّيث، فقد رواه الإسماعيليُّ: عن إبراهيم بن هانئ: حَدَّثَنَا الزِّياديُّ: حَدَّثَنَا ابن بكير وأبو صالح: أنَّ اللَّيث حدَّثهما: حَدَّثَنَا عُقَيل .. )؛ الحديث، ثمَّ قال: قال ابن ناجية في حديث البخاريِّ، ثمَّ ذكر مثل حديث يونس، وزاد فيه: (وكان أبو هريرة يقول فيه: سمعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ) مثلَه، وقال: «فإنْ غُمَّ عليكم؛ فصوموا ثلاثين»، [وجزم بعض حُفَّاظ المصريِّين بأنَّه كاتب اللَّيث، انتهى] [2].
قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): معنى (إيمانًا): تصديقًا بالثَّواب من الله على صيامه وقيامه، و (احتسابًا): يحتسب ثوابه على الله بصيامه [يريد]: وجهَهُ، وقد تقدَّم، ونزيد هنا أنَّ نصب (إيمانًا) إمَّا أنَّه مصدر موضع الحال، أو مفعول له.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنِي).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 487]

(1/3706)


[باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيةً]

(1/3707)


[حديث: من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]
1901# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله [1] الدَّستوائيُّ، تقدَّم، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله أو إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): تقدَّم الكلام عليه أعلاه وقبله.
==========
[1] لفظ الجلالة: ليس في (أ) و (ج).
[ج 1 ص 487]

(1/3708)


[باب: أجود ما كان النبي يكون في رمضان]

(1/3709)


[حديث: كان النبي أجود الناس بالخير]
1902# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ، تقدَّمت ترجمته، ولماذا نُسِب.
قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد [بن مسلم] بن عبيد الله بن عبد الله [1] بن شهاب، العالم المشهور.
قوله: (كَانَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ] أَجْوَدَ)، وكذا (كَانَ أَجْوَدَ): هما لا شكَّ بالنَّصب.
قوله: (وَكَانَ أَجْوَدُ): تقدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق، والأرجح الضَّمُّ، أو الذي لا يجوز فيه إلَّا الضَّمُّ مُطَوَّلًا؛ فانظره تجدْه، وقال شيخنا المؤلِّف هنا ما لفظه: (وأجود) الأوَّل بالفتح، وقوله: (وكان أجود) كذلك، وجوَّز ابن مالك رفعه أيضًا، انتهى، وفي الأوَّل رجَّح شيخنا رفعه، والله أعلم.
قوله: (يَعْرِضُ عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر، وهذا صريح في أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام هو القارئ على جبريل، وسيأتي في ذلك كلام في (بَاب تأليف القرآن) إنْ شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.
==========
[1] في (أ) و (ج): (عبد الله بن عبيد الله)، وليس بصحيحٍ.
[ج 1 ص 487]

(1/3710)


[باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم]

(1/3711)


[حديث: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة]
1903# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهو أحد الأعلام.
قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ أباه كنيته أبو سعيد، واسمه كيسان، روى كيسان عن عمر، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: ابنه [1] سعيد وجماعةٌ، تُوفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة، قال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقال الواقديُّ: كان ثقة، وأرَّخ وفاته كما قدَّمتها، وقال ابن سعد: تُوفِّيَ في خلافة الوليد، انتهى.
==========
[1] (وعنه: ابنه): سقط من (ب).
[ج 1 ص 487]

(1/3712)


[باب: هل يقول: إني صائم إذا شتم؟]
قوله: (إِذَا شُتِمَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[ج 1 ص 487]

(1/3713)


[حديث: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام]
1904# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَطَاءٌ): أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وقد تقدَّمت ترجمته، وكذا تقدَّم (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، وتقدَّم بعض ترجمته.
[ج 1 ص 487]
قوله: (إلَّا الصِّيَامَ، فَإنَّه لِي): تقدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره.
قوله: (وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ): تقدَّم الكلام عليه ضبطًا ومعنًى، وكذا تقدَّم (يَرْفُثْ) بلُغاتها ومعناها.
قوله: (وَلاَ يَصْخَبْ): هو بفتح الخاء المعجمة، مفتوح الأوَّل، ثلاثيٌّ، ويقال: السَّخب، والصَّخب؛ بالسِّين، والصَّاد: اختلاط الأصوات وارتفاعُها، وقد تقدَّم.
قوله: (إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ): تقدَّم [الكلام] عليه قريبًا: هل يقوله سرًّا أو علانيةً؟ أو يفرق بين الفرض والنَّفل؟ أو يقوله بقلبه ثمَّ بلسانه؟
قوله: (لَخُلُوفُ): تقدَّم قريبًا أنَّه بضمِّ الخاء الصَّواب [1] مُطَوَّلًا.
قوله: (عِنْدَ اللهِ): تقدَّم الكلام عليه: هل هذا في الدُّنيا والآخرة _وهو الرَّاجح_ أو في الآخرة فقط؟ ومن اختلف فيه؟

(1/3714)


[باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة]

(1/3715)


[حديث: من استطاع الباءة فليتزوج]
1905# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولم قيل له: (عبدان).
قوله: (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ): هو بالحاء المهملة، وبالزَّاي: هو مُحَمَّد بن ميمون أبو حمزة السُّكريُّ، مُحدِّث مرو، عن زياد بن علاقة، وعاصم بن أبي النَّجود بهدلة، وعنه: عبدان ونعيم بن حمَّاد، تُوفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له الجماعة، صدوق إمام، له ترجمة [1] في «الميزان»، وقد تقدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد به، وإنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، وكذا تقدَّم (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (عَلْقَمَة) أنَّه ابن قيس أبو شبل، الفقيه، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ [2] الْبَاءَةَ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ): (الباءة): فيها أربع لغات؛ الفصيحة المشهورة: الباءة؛ بالمدِّ، والثَّانية: الباةَ؛ بلا مدٍّ، والثَّالثة: بالمدِّ [3] بلا هاء، والرَّابعة: الباهة؛ بهاءَين بلا مدٍّ، وأصلها في اللُّغة: الجماع، واختُلِف في المراد بـ (الباءة) هنا على قولين يرجعان إلى [4] معنًى واحد؛ أصحُّهما: أنَّ المراد معناها اللُّغويُّ؛ وهو الجماع، والثَّاني: أنَّ المراد بـ (الباءة) [5] مُؤَنُ النِّكاح، وسُمِّيت باسم ما يلازمها، وفي ذلك كلام طُوِّل، وقصدي الاختصار.
قوله: (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ): هذا إغراء لغائب [6]، وقول النُّحاة فيه معروف، وقال بعضهم: ليس إغراءً لغائب؛ لأنَّ الهاء في (عليه) لمن خصَّه من الحاضرين بعدم [7] الاستطاعة؛ لتعذُّر خطابه بكاف الخطاب.
قوله: (فَإنَّه لَهُ وِجَاءٌ): الوِجاء؛ بكسر الواو، وبالجيم ممدود؛ وهو رضُّ الخصيتين، والمراد هنا: أنَّ الصوم يقطع الشَّهوة، ويقطع شرَّ المني، كما يفعله الوِجاء، والله أعلم.
==========
[1] زيد في النُّسخ: (في ترجمة)، وهو تكرار.
[2] (منكم): ليس في «اليونينيَّة».
[3] (والثالثة: بالمد): سقط من (ج).
[4] في (ب): (على).
[5] (بالباءة): ليس في (ب).
[6] في (ب): (الغائب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[7] في (ب) و (ج): (تقدَّم)، وهو تصحيفٌ.
[ج 1 ص 488]

(1/3716)


[باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا]
قوله: (فَأَفْطِرُوا): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا معروف ظاهر.
قوله: (وَقَالَ صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ): أمَّا (صلة)؛ فهو ابن زفر العبسيُّ، عن عليٍّ، وعمَّار بن ياسر، وابن مسعود، وعنه: شُتَير بن شَكَل، وأيُّوب، وأبو إسحاق، وُثِّق، قُتِل في زمان مصعب، فعلى هذا؛ لم يدركه أيُّوب، أخرج لصلةَ الأئمَّةُ السِّتَّةُ.
تنبيه: قال شيخنا الشَّارح: ووقع في كتاب ابن حزم: (ابن أشيم)، وهو [1] غلط، انتهى، [وأمَّا ابن أشيم؛ فيكنى أبا الصَّبهاء، وهو عدويٌّ، من عُبَّاد أهل البصرة وزُهَّادهم، روى عنه أهل البصرة، ذكره ابن حبَّان في «ثقاته» في التَّابعين، وقال: قُتِل سنة خمس وسبعين بكابل في أوَّل ولاية الحجَّاج بن يوسف، وقد قيل: إنَّ أبا الصَّبهاء قُتِل في ولاية يزيد بن معاوية، انتهى] [2]
وأمَّا (عمَّار)؛ فهو ابن ياسر أبو اليقظان، تقدَّم مُتَرجَمًا في (كِتَاب الإيمان)، ومَن قَتَله، وتاريخ وفاته.
فائدة: تعليقه هذا رواه الأربعة، وصحَّحه ابن خُزيمة، وابن حبَّان، والتِّرمذيُّ، والحاكم على شرطهما، وحسَّنه الدَّارقطنيُّ، وقيل: إنَّه موقوف، وَوُهِّيَ.
==========
[1] في (ج): (وهذا).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 488]

(1/3717)


[حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال]
1906# قوله: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ): (غُمَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ ومعناه: سُتِر بالغمام، وقد تقدَّم.
قوله: (فَاقْدُرُوا لَهُ): هو بضمِّ الدَّال وكسرها، وبالوصل، وقد تقدَّم معناه قريبًا؛ فانظره.
==========
[ج 1 ص 488]

(1/3718)


[حديث: الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه]
1907# قوله: (فَأَكْمِلُوا): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.
==========
[ج 1 ص 488]

(1/3719)


[حديث: الشهر هكذا وهكذا]
1908# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ): هو بضمِّ السِّين وفتح الحاء المهملتين، مشهور.
قوله: (وَخَنَسَ الإِبْهَامَ): هو بالخاء المعجمة، والنُّون، والسِّين المهملة المفتوحات؛ ومعناه: قبض، وفي نسخة هي على طُرَّة أصلنا: (حبس)؛ بالحاء المهملة، والموحَّدة، وبالسِّين المهملة أيضًا، ولم أر هذه في «المطالع» إلَّا في حديث مُحَمَّد بن رافع، وأمَّا في هذا؛ فلم يتعرَّض له، والله أعلم.

(1/3720)


[حديث: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته]
1909# قوله: (فَإِنْ غُبِيَ عَلَيْكُمْ): قال في «المطالع»: بفتح الغين، وتخفيف الباء، كذا هنا لأبي ذرٍّ، وعند القابسيِّ: (غُبِّي)؛ بضمِّ الغين، وشدِّ الباء المكسورة، كذا قيَّده الأصيليُّ بخطِّه، والأوَّل أبين؛ ومعناه: خفي عليكم، وقال ابن الأنباريِّ: الغباء: شبه الغبرة في السَّماء، والغَباوة: الغفلة، انتهى، وفي أصلنا كما عند القابسيِّ، وفي الطُّرَّة كما لأبي ذرٍّ، وفيها أيضًا: (أُغمي) و (غُمَّ)، وكلُّه متقارب.
==========
[ج 1 ص 488]

(1/3721)


[حديث: إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا]
1910# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النبيل الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.
قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ): (صيفيٌّ): كالمنسوب إلى الصَّيف؛ الفصل المعروف، وهو يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صيفيٍّ، ويقال: يحيى ابن مُحَمَّد، عن أبي مَعْبد وعكرمة، وعنه: ابن جريج وعبد الله بن المُؤمَّل، ثقة، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره.
[ج 1 ص 488]
قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمها هند بنت أبي أميَّة حذيفة، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتقدَّم أنَّها آخر الأزواج موتًا، تُوفِّيَت في دولة يزيد بن معاوية بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، وتقدَّم ما قيل غير ذلك.
قوله: (آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا): أي: حلف ألَّا يدخلنَّ عليهنَّ، وقد تقدَّم، وإنَّما عدَّاه بـ (مِن) حملًا على المعنى، وهو الامتناع من الدُّخول، وهو يتعدَّى بـ (من)، وللإيلاء في الفقه أحكام تخصُّه، فلا يُسمَّى إيلاء دونَها.

(1/3722)


[حديث: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين]
1911# قوله: (في مَشْربةٍ): هي بفتح الميم، وإسكان الشِّين المعجمة، ثمَّ راء مفتوحة ومضمومة، ثمَّ مُوحَّدة، ثمَّ تاء التَّأنيث؛ كالغُرفة، قال الخليل: هي كالغُرفة، قال الطَّبريُّ: كالخزانة فيها الطَّعام والشَّراب، وبه سُمِّيت: مشربة، وقال يحيى بن يحيى الأندلسيُّ: هو العسكر، وهو متقارب، وقد تقدَّم.
==========
[ج 1 ص 489]

(1/3723)


[باب: شهرا عيد لا ينقصان]
قوله: (بَابٌ: شَهْرَا عِيدٍ لاَ يَنْقُصَانِ): للنَّاس في معنى هذا الكلام أقوال، ذكر البخاريُّ كما يقع في بعض النُّسخ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهْوَ تَمَامٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لاَ يَجْتَمِعَانِ كِلاَهُمَا نَاقِصٌ)، قال النَّوويُّ: (والصَّحيح الأوَّل).
أمَّا (إسحاق) الذي نقل عنه البخاريُّ هنا؛ فهو ابن سُوَيد بن هُبَيرة، ويقع في بعض النُّسخ: (إسحاق بن سويد)؛ منسوبًا، قال شيخنا: وهو إسحاق بن سويد بن هُبيرة العدويُّ التَّميميُّ البصريُّ، انتهى، عن أبي قتادة، وتميم بن نذير العدويِّ، ومَعاذة العدويَّة، ويحيى بن يعمر، وعبد الرَّحمن بن أبي بكرة، وجماعة، وقيل: إنَّه روى عن ابن عمر، كذا في كلام الذَّهبيِّ، وفي كلام العلائيِّ: أرسل عن عمر، وعزاه لأبي زُرْعة، فلعلَّ أحدهما غلط من النَّاسخ [1]، ويحتمل أنَّهما صحيحان، وعنه: الحمَّادان، وابن عُليَّة، وعبد الوهَّاب الثَّقفيُّ، وآخرون، وثَّقه أحمد وجماعة، قال ابن سعد: تُوفِّيَ في الطَّاعون سنة (131 هـ)، روى له البخاريُّ مقرونًا بآخر، كما سيأتي قريبًا جدًّا، وقرينه (خَالِد الحَذَّاء) ابنُ مهران، وعلَّق عنه هنا كما ترى، ورأيت [بعضهم قال: إنَّه ابن راهويه، وهذا يردُّه ما في بعض النُّسخ: (إسحاق بن سويد) منسوبًا] [2]، والله أعلم، [وكذا مصرَّح بأنَّه [3] ابن سويد في «صحيح مسلم» في (الصَّوم)] [4]، وكذا يردُّه قول شيخنا فيه، ولكن في «جامع التِّرمذيِّ» نقل هذا الكلام عن إسحاق، ولم ينسبْه، ولكنَّ من عادته أنَّه لا ينقل عن إسحاق إلَّا ابن راهويه، والله أعلم، فهذان قولان في الحديث؛ قول إسحاق، ومُحَمَّد الظَّاهر أنَّه البخاريُّ صاحب «الصَّحيح»، والله أعلم.
وقال التِّرمذيُّ في «جامعه»: قال أحمد: معنى هذا الحديث: لا ينقصان معًا في سنة واحدة؛ شهر رمضان وذو الحجَّة، إن نقص أحدهما؛ تمَّ الآخر، وقال إسحاق: معناه: لا ينقصان بقول وإن كان تسعًا وعشرين، فهو تمام غير نقصان، وعلى مذهب إسحاق يكون بنقص الشَّهران معًا في سنة واحدة، انتهى.

(1/3724)


وقد ذكر المحبُّ الطَّبريُّ هذا الحديث، وذكر في معناه خمسة أقوال؛ (أحدها: أنَّه خرج مخرج الغالب، والغالب أنَّهما لا ينقصان في عام واحد، الثَّاني: لا ينقصان عن أجر [5] الكامل ولو نقص عددهما، وبيَّن ذلك؛ لئلا يقع في النُّفوس إذا صاموا تسعًا وعشرين، أو أخطؤوا العدد، الثَّالث: أنَّه إشارة إلى سنة معلومة، قاله ابن فورك، الرَّابع: لا ينقص أجر ذي الحجَّة عن أجر رمضان، الخامس: لا ينقصان في الحقيقة، وإن نقصا عندنا في رأي العين عند حصول حائل، قاله أبو حاتم) انتهى.
قوله: (وَذُو الحَجَّة): تقدَّم أنَّ فيها لغتين؛ الكسر والفتح.
==========
[1] في (ج): (الناس)، وهو تحريفٌ.
[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[3] (أنه): ليس في (ب).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[5] في (ج): (أجزاء)، وليس بصحيح.
[ج 1 ص 489]

(1/3725)


[حديث: شهران لا ينقصان شهرا عيد رمضان وذو الحجة]
1912# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سليمان التَّيميُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ سُوَيْدٍ [2]): تقدَّم مُتَرجَمًا أعلاه، وهذا هو مقرون هنا، وما عمله البخاريُّ هنا نوع من القرن؛ لأنَّه قرنه بخالد الحذَّاء.
قوله: (عَنْ أَبِيهِ): هو أبو بكرة نُفيع بن الحارث، تقدَّم ببعض ترجمة.
==========
[1] في (ب): (مَعْمَر)، وهو تحريفٌ.
[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» ليس فيها (ابن سويد).
[ج 1 ص 489]

(1/3726)


[باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب]
قوله: (وَلاَ نَحْسُبُ): هو بضمِّ السِّين، وهذا ظاهر.
==========
[ج 1 ص 489]

(1/3727)


[حديث: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا]
1913# قوله: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّة): [نسبة إلى صفة الأمِّ] [1] لمَّا كان الغالب في أحوالهنَّ ألَّا يكتبن ولا يقرأن مكتوبًا؛ كان الابن بصفتها نُسِب إليها كأنَّه مثلها، وقيل: المراد بالأمِّيِّ: الباقي على أصل ولادة أمِّه، ولم يقرأ، ولم يكتب، وقال شيخنا: (وقيل له: أمِّيٌّ؛ نسبةً إلى أمِّ القرى مكَّة) انتهى.
==========
[1] ما بين معقوفين مستفاد من «المطالع».
[ج 1 ص 489]

(1/3728)


[باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين]
قوله: (بَابٌ: لَا يتَقَدَّمَنَّ رَمَضَان): (يُتقدَّمن): مبنيٌّ للمفعول، فـ (رمضانُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، ومبنيٌّ للفاعل [1]، فـ (رمضان): منصوب مفعول.
==========
[1] في (ج): (للمفعول)، وليس بصحيحٍ.
[ج 1 ص 489]

(1/3729)


[حديث: لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين]
1914# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّه نُسب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النِّسبة إليه: فُرهوديٌّ وفَراهيديٌّ، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ): أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وتقدَّم الكلام على نسبته، وتقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 1 ص 489]

(1/3730)


[باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}]
قوله: ({الرَّفَثُ} [البقرة: 187]): تقدَّم في معناه ثلاثةُ أقوال في (الحجِّ)، وهي مقولة في الآية؛ فانظرها.

(1/3731)


[حديث: كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار]
1915# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ، وكذا تقدَّم فيه وقبله مرارًا جدُّه أبو [1] إسحاق الرَّاوي عنه هنا عمرو بن عبد الله، وتقدَّم (الْبَرَاء): أنَّه ابن عازب، وأنَّ عازبًا صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنهما.
قوله: (وَإِنَّ قَيْسَ [2] بْنَ صِرْمَةَ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة على الابتداء، وهو قيس بن صِرْمة؛ بكسر الصَّاد المهملة، وإسكان الرَّاء، وقيل: اسمه صِرْمة بن قيس المازنيُّ، وقيل: قيس بن مالك، اضطربوا فيه، وقد ذكر الذَّهبيُّ: صِرْمة بن أبي أنس بن صِرْمة بن مالك الخزرجيُّ النَّجَّاريُّ، واسم أبيه قيس، قال الذَّهبيُّ: هو الذي قبله _يعني: صِرْمة بن أنس_ وقيل: ابن قيس الأنصاريُّ الخطميُّ أبو قيس، له حديث، قال ابن عبد البَرِّ في «الكنى»: أبو قيس: كان قد ترهَّب، وفارق الأوثان، ولبس المسوح، واغتسل من الجنابة، وهمَّ بالنَّصرانيَّة، ثمَّ جاء الإسلام فأسلم، وهو شيخ كبير، وله شعر كثير، وهو القائل:
~…ثَوَى في قريشٍ بضعَ عشرةَ حِجَّة ...
[ج 1 ص 489]
كان ابن عبَّاس يختلف إليه يأخذ عنه، له ذكر في (الصَّوم)، والشِّعر المشار إليه في «مسلم» في بعض النُّسخ في (المناقب) في أوَّل الرُّبع الرَّابع، ولم يُسَمَّ الشَّاعر، قال عروة: وقد سئل عن إقامته عليه الصَّلاة والسَّلام بمكَّة، فأجاب: بأنَّه أقام عشرًا، فاعترض عليه سائله عمرو بأنَّ ابن عبَّاس يقول: بضعَ عشرةَ، فصغَّره [3]، وقال: إنَّما أخذه من قول الشَّاعر [4]:
ثَوَى في قُريشٍ بضعَ عشرةَ حِجَّةً [5] يُذكِّر لو يَلقَى خَلِيلًا مُوَاتِيَا

(1/3732)


[وقال [6] شيخنا الشَّارح: وتابع _يعني: التِّرمذيُّ_ البخاريَّ على قيس بن صِرْمة _يعني: أنَّ صاحب القصَّة الذي فيه الآية قيس بن صِرْمة_ وابنُ خزيمة، والدَّارميُّ، وجماعاتٌ، وقال أبو نعيم في «الصَّحابة»: صِرْمة بن أنس، وقيل: ابن قيس الخطميُّ الأنصاريُّ الشَّاعر، نزلت فيه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ... }؛ الآية [البقرة: 187]، ثمَّ ساق من حديث صِرْمة بن أنس حديثًا فيه قصَّته، وكذا ذكره أبو داود في «سننه»، ومقاتل في «تفسيره»، ثمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ، ثمَّ قال شيخنا: وقال بعضهم: صِرْمة ابن مالك، نسبة [7] إلى جدِّه، وهو الذي نزل فيه وفي عمر: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: 187]، كذا هو في «أسباب الواحديِّ»، وقال الدَّاوديُّ: ما ذكره البخاريُّ من كونه قيس بن صِرْمة؛ أخشى أنَّه ليس بمحفوظ؛ إنَّما هو صِرْمة بن قيس، وبخطِّ الدِّمياطيِّ: قيل: نزلت في ابنه قيس، والأشبه صِرْمة ترهَّب في الجاهليَّة، ثمَّ أسلم، وشهد أُحُدًا، وفي «كتاب [8] ابن الأثير» من حديث أبي هريرة: (ضمرة بن أنس)، ولعلَّه تصحيف، وقال السُّهيليُّ: (حديث صِرْمة بن أبي أنس قيس بن صِرْمة الذي أَنزل الله فيه وفي عمر: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ... } إلى قوله: {وَعَفَا عَنكُمْ}، فهذه في عمر، ثمَّ قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} ... إلى آخر الآية، فهذه في صِرْمة بن أبي أنس، بدأ الله بقصَّة عمر؛ لفضله، ثمَّ بقصَّة صِرْمة) انتهى ببعض اختصار] [9].
قوله: (أَتَى [10] امْرَأَتَهُ): امرأة قيس بن صِرْمة لا أعرف اسمها.
قوله: (أَنْطَلِقُ): هو بفتح الهمزة، مرفوع فعل مضارع، وهذا ظاهر، وكذا (فَأَطْلُبُ).
قوله: (خَيْبَة لَكَ): هو منوَّن منصوب ومرفوع، قاله الجوهريُّ [11] في «صحاحه»، قال: (فالنَّصب على إضمار فعل، والرَّفع على الابتداء) انتهى، والخيبة: معروفة، يقال: خابَ؛ إذا لم ينل ما طلبَهُ.
قوله: (فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[1] (أبو): سقط من (ب).
[2] في هامش (ق): (كان ترهب في الجاهلية، ثم أسلم، وشهد أُحُدًا، وكان شاعرًا).
[3] كذا في النُّسخ، وفي «صحيح مسلم» (&): (فغفره).
[4] زيد في (ب): (قوله).
[5] زيد في (ب) و (ج): (قوله)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[6] في (ب): (قوله قال).
[7] في (ب): (نسب).
[8] (كتاب): ليس في (ب).

(1/3733)


[9] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[10] في (ب): (إلى)، وهو تحريفٌ.
[11] زيد في (ب): (وقال بعضهم).

(1/3734)


[باب قول الله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}]

(1/3735)


[حديث: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار]
1916# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): هو مُصغَّر، تقدَّم، وهو ابن بَشير السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ)؛ بضمِّ الحاء، وفتح الصَّاد المهملتين، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، وأنَّ الكنى بالفتح، وقدَّمت حضين بن المنذر أنَّه بالمعجمة، أبا ساسان، وأنَّه فرد، وكذا تقدَّم (الشَّعْبِي): أنَّه بفتح الشِّين، وأنَّه عامر بن شراحيل، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَمَدْتُ): هو بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، عكس (صَعِدَ)، هذا الذي أعرفه ورأيته، وقد رأيت في حاشية على [1] نسخة بـ «صحيح البخاريِّ» قال فيها عن بعض كتب اللُّغة، وسمَّاه «شرح الفصيح» للَّبليِّ [2]: (أنَّه يقال: «عمِد» في الماضي بالكسر)، وقد تقدَّم.
قوله: (إِلَى عِقَالٍ): العِقال؛ بكسر العين: الحبل الذي تُشدُّ به ركبة البعير.
==========
[1] زيد في (ب): («شرح الفصيح» للبلي)،ولعلَّه سبق نظرٍ.
[2] («شرح الفصيح» للبلي): ليس في (ب).
[ج 1 ص 490]

(1/3736)


[حديث: أنزلت {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم}]
1917# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم [1] الحكم بن مُحَمَّد بن سالم الجمحيُّ مولاهم، المصريُّ، أبو مُحَمَّد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة وبالزَّاي، وأنَّه عبد العزيز بن أبي حازم المدينيُّ، وتقدَّم أنَّ أبا حَازم سلمةُ بن دينار، وتقدَّم أنَّ خطيب تونس ابن سيِّد النَّاس ليَّنه، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».
قوله: (وَلَمْ يُنْزَلْ {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187]): (يُنزَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ويجوز (يَنْزِل): مبنيٌّ للفاعل.
قوله: (رُؤْيَتُهُمَا [2]): كذا في أصلنا، قال ابن قرقول: (رِئْيهما)؛ بكسر الرَّاء، وهمزة ساكنة، قيَّدناه عن متقني شيوخنا؛ أي: منظرُهما، ووقع عند بعض شيوخنا: بفتح الرَّاء، وكسر الهمزة، ولا وجه له هنا، إنَّما الرَّئِيُّ: تابع الكاهن من الجنِّ، انتهى.
تنبيه: وقع في هذه اللَّفظة في «شرح صحيح مسلم» للنَّوويِّ تقييد الرِّواية الأولى: براء مكسورة، ثمَّ ياء ساكنة [3]، ثمَّ همزة؛ ومعناه: منظرهما، وهذا الضَّبط خلاف ضبط ابن قرقول؛ فلْيعلم، وكما قال ابن قرقول ضبطه في «النِّهاية»، وسيأتي في تفسير (البقرة) إنْ شاء الله تعالى، فصار في هذه اللَّفظة ثلاثة ضبوط؛ اثنان في «المطالع»، و (رؤيتهما)، والله أعلم، وفيها رواية أخرى: (زِيُّهما)؛ بزاي مكسورة، ثمَّ ياء مشدَّدة بلا همز؛ ومعناها: لونهما، وقد نسب شيخنا هذه في «المطالع»، ولم أرها في نسختي بـ «المطالع «، ويؤوَّل ما قاله على ما ذكره من الرِّوايات في مجموع «المطالع» وغيره، والله أعلم.
قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ بَعْدُ): هو بضمِّ الدَّال؛ مقطوعٌ عن الإضافة.
==========
[1] زيد في (ج): (بن)، وليس بصحيحٍ.
[2] في هامش (ق): (رِئْيُهُمَا: ضبطت هذه اللفظة على ثلاثة أوجه؛ الأول: رِئْيُهُما، ومعناه: منظرهما، قال تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74]، الثاني: زِيُّهُما، ومعناه: لونُهما، الثالث: رئِهُّمُا، قال القاضي: وهو غلطٌ؛ لأنَّ الرَّئِيَّ: التابع من الجن).
[3] (ثم ياء ساكنة): سقط من (ب).
[ج 1 ص 490]

(1/3737)


[باب قول النبي: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال]
قوله: (لاَ يَمْنَعَنَّكُمْ [1] مِنْ سَحُورِكُمْ): هو بفتح السِّين، وقد قدَّمت أنَّ السَّحور_بالفتح_: اسم لما يُؤكَل في السَّحر، وكذا الفَطُور: اسم لما يُفطَر عليه، وبالضَّمِّ: اسم الفعل، وأجاز بعضهم أنْ يكون اسم الفعل بالوجهين، والأوَّل أكثر وأشهر، وقال في «النِّهاية» _وفيه ذكر السَّحور مكرَّرًا في غير موضع_: (هو بالفتح [2]: اسم لما يُتسحَّر به من الطَّعام والشَّراب، وبالضَّمِّ: المصدر والفعل نفسه، وأكثر ما يُروَى بالفتح، وقيل: الصَّواب بالضَّمِّ؛ لأنَّه بالفتح: الطعام، والبركة والأجر والثَّواب في الفعل، لا في الطعام) انتهى.
==========
[1] كذا في هامش (أ) مُصحَّحًا عليه، وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي النُّسخ: (يمنعكم)، وعليها علامة نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي.
[2] زيد في (ج): (أنْ يكون).
[ج 1 ص 490]

(1/3738)


[حديث: كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم]
1918# 1919# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عَائِشَةَ): هو بجرِّ (القاسمِ) عطفًا على (نافع)؛ لأنَّ عبيد الله رواه عن نافع عن ابن عمر، وعن القاسم عن عائشة، وقد ضُبِط بالرَّفع، وهو خطأ، وهذا ظاهر إلَّا أنَّ في هذه الأزمان يَقرَأ «صحيح البخاريِّ» وغيرَه مَن لا يعرف الصَّحابيَّ من التَّابعيِّ، وقد سُئِلت مرَّة عن سفيان، وما أدري [1] أهو ابن عيينة أو الثَّوريُّ، أصحابيٌّ هو أم لا؟ وسألني شخص آخر عن وحشيِّ بن حرب، وهذا الشَّخص يقرأ «البخاريَّ»: هل هو صحابيٌّ أم لا؟ وإذا تأمَّلت النَّاس؛ قلتَ: ليتَ هذا الذي وضع هذا الكتاب ذكر ما هو أوضح فيه منه مع دعواهم العريضة، وقد قال شخص بحضوري وهو من أسافل النَّاس في العلم وغيره: إنَّه يحفظ «صحيح البخاريِّ»، وادَّعى آخرُ بحضوري أنَّه يعرف كلَّ حديث في «صحيح البخاريِّ» في كم مكان ذكره، وَوَاللهِ هذان في أوَّل طبقة المبتدئين.

(1/3739)


[باب تأخير السحور]
[ج 1 ص 490]
قوله: (بُابُ تَعْجِيْلِ [1] السَّحُورِ [2]): (السَّحور) [3]: تقدَّم الكلام عليه في ظاهرها [4] وبعيدًا أيضًا، وهو في أصلنا هنا: بفتح السِّين.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (تأخير).
[2] في هامش (ق): (وقال الدَّارميُّ في «مسنده»: «تسحَّروا ولو بجرعة من ماء»، وفي «مسند أحمد» من حديث أبي سعيد الخدريِّ مرفوعًا: «السَّحور كلُّه بركة، فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ... »؛ الحديث من طريقه، وقال شيخنا ابن الملقِّن: إنَّ ابن حبَّان روى من حديث ابن عمر مرفوعًا: «تسحَّروا ولو بجرعة من ماء»، قال: وروى أبو داود في «مراسيله» من حديث ابن محيريز: أنَّه عليه السَّلام كان يستحبُّ السَّحور ولو على جرعة من ماء، انتهى).
[3] (السَّحور): ليس في (ب).
[4] في (ب): (أعلاه).

(1/3740)


[حديث: كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود]
1920# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ عَنْ [1] أبيِ حازِمٍ [2]): كذا في أصلنا، وصوابه: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أبي حَازم، وما في الأصل خطأ لا شكَّ فيه، وتقدَّم ضبط (أبي حَازم)، وقدَّمت قريبًا اسمه، وكذا بعيدًا.
قوله: (أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (السَّحور)؛ بالحاء والرَّاء، قال ابن قرقول: (بالرَّاء، وللكافَّة: (السُّجود)؛ يعني: الصَّلاة، والأُولى _يعني: بالرَّاء_: رواية النَّسفيِّ والمستملي، وصوابه: (السُّجود)؛ بدليل قوله: (أنْ أدرك صلاة الفجر مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ).
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصوَّبًا: (ابن).
[2] في هامش (ق): (صوابه: ابن، وهو عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، وهذا لا شكَّ فيه، والله أعلم، وكذا هو في النُّسخ).
[ج 1 ص 491]

(1/3741)


[باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر]
قوله: (قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السُّحُورِ [1] وَصَلاَةِ الْفَجْرِ): هو بضمِّ السِّين في أصلنا، وفيه ما قد ذكرته في ظاهرها [2]، وكذا: (بَيْنَ [الأَذَانِ] وَالسُّحُورِ [3]).
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (السَّحور).
[2] في (ب): (ذكرته أعلاه).
[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (السَّحور).
[ج 1 ص 491]

(1/3742)


[حديث: تسحرنا مع النبي ثم قام إلى الصلاة]
1921# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ): أنَّه ابن أبي [1] عبد الله الدَّستوائيُّ مُتَرجَمًا [2].

(1/3743)


[باب بركة السحور من غير إيجاب]

(1/3744)


[حديث: لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأسقى]
1922# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته لماذا، وكذا تقدَّم (جُوَيْرِيَةُ): أنَّه ابن أسماء، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى): (أَظَلُّ): بفتح الهمزة والظَّاء المعجمة [1]، ولا يقال: ظلَّ يفعل كذا إلَّا إذا فعله نهارًا، كما لا يقال: بات يفعل كذا إلَّا إذا فعله ليلًا، وسيأتي معنى هذا الحديث قريبًا، و (أُطْعَم وأُسْقَى): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما.

(1/3745)


[باب: إذا نوى بالنهار صومًا]
قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ ... ) إلى آخره: أمَّا (أمُّ الدرداء) هذه؛ فهي الصُغرى، واسمها هُجَيمة، ويقال: جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة الحميريَّة، تابعيَّة، تقدَّمت، وأمُّ (الدَّرداء الكبرى): اسمها خيرة بنت أبي حدرد الأسلميِّ، صحابيَّة [ليست المراد هنا، نزلت الشَّام، وتُوفِّيَت في إمرة عثمان، لها في «مسند أحمد «الصحابيَّة، وأمَّا التابعيَّة؛ فلها في الكتب السِّتَّة] [1]، وليس للصحابيَّة في الكتب السِّتَّة شيء إلَّا ما قاله شيخنا [2] المؤلِّف فيما يأتي في (كِتَاب المرضى) في قوله: (وعادت أمُّ الدرداء رجلًا من أهل المسجد من الأنصار)، ولم يذكرها المِزِّيُّ في «تهذيبه»، ولا الذَّهبيُّ في «تذهيبه»؛ فاعلمه.
وأمَّا (أبو الدَّرداء)؛ فقد تقدَّم أنَّ اسمه عُويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، الخزرجيُّ، حَكيم هذه الأمَّة، تأخَّر إسلامه، أسلم عقب بدر، عنه: ابنه بلال القاضي، وزوجته أمُّ الدَّرداء، وجُبَير بن نُفَير، وأبو إدريس، وخلق، فرض له عمر فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، مات سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقد تقدَّمت ترجمته مختصرة، ولكن طال العهد بذلك.
قوله: (وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ): هو زيد بن سهل الأنصاريُّ، بدريٌّ كبير، ترجمته معروفة، وهو نقيب، تقدَّمت ترجمته مختصرة، تُوفِّيَ سنة (34 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وأحمد في «المسند»، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم عبد الرَّحمن بن صخر رضي الله عنه، وكذا (ابْنُ عبَّاس): عبد الله البحر والحبر، مشهور التَّرجمة، وكذا (حُذَيْفَةُ): ابن اليماني، معروفون رضي الله عنهم أجمعين.

(1/3746)


[حديث: أن من أكل فليتم أو فليصم]
1924# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي [1]): وفي بعض طرقه: (رجلًا من أسلم) [خ¦2007]: هذا الرَّجل هو [2] هند بن أسماء الأسلميُّ، وقال ابن طاهر: أسماء بن حارثة، والله أعلم [3]، وقد ذكره ابن بشكوال وابن طاهر من حديث سلمة ابن الأكوع الرَّاوي هنا، وسيأتي في آخر (الصَّوم) بما فيه إنْ شاء الله تعالى.
قوله: (يَوْمَ عَاشُورَاءَ): (يوم عاشوراء): اختُلِف فيه أيُّ يوم هو، والأصحُّ: أنَّه عاشر المحرَّم، وهو بالمدِّ والقصر، مشهور.
==========
[1] في هامش (ق): (حاشية: هذا الرجل: قال ابن بشكوال: هو هند بن أسماء، وصوابه: هند أخو أسماء).
[2] زيد في (ب): (من أسلم)، وهو تكرارٌ.
[3] زيد في (ب): (قوله)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[ج 1 ص 491]

(1/3747)


[باب الصائم يصبح جنبًا]

(1/3748)


[حديث: أن رسول الله كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله]
1925# 1926# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): هو بضمِّ السِّين المهملة [1]، وفتح الميم، وتشديد الياء؛ بوزن (عُلَيٍّ) المُصغَّر، وهو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، كما هنا، تقدَّم ببعض ترجمة.
قوله: (وَأُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم قريبًا أنَّها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتقدَّمت أيضًا بعيدًا.
قوله: (فَقَالَ [2] مَرْوَانُ): تقدَّم أنَّه ابن الحكم الخليفة، وقدَّمت بعض ترجمته، وأنَّه ليس بصحابيٍّ.
قوله: (لَتَقْرَعَنَّ [3] بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ): قال في «المطالع»: (بفتح التَّاء؛ أي: لتردعنَّه، يقال: قَرِع الرَّجل؛ إذا ارتدع، أو يكون معناه: لتفجأنَّه بذكرها، وهو كالصَّك [4] له، والضَّرب منه، ومنه: قرع الباب والعصا، والأَوجه [5] عندي أن يكون بضمِّ التَّاء، وكسر الرَّاء، رباعيٌّ؛ ومعناه: تغلبه وتظهر عليه بالكلام، يقال منه: أقرعتَه؛ إذا قهرتَه بكلامك) انتهى، ولابن الأثير نحوُه، قال في «المطالع»: قال صاحب «الأفعال»: ويحتمل أنْ يكون (لتُقْرِعَنَّ بها أبا هريرة): من التَّقريع؛ وهو التَّوبيخ) انتهى، وفي طرَّة أصلنا: (لتُفَزِّعنَّ)؛ بالفاء والزَّاي، من التفزيع الذي هو التَّخويف [6].
قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تقدَّم ضبطها، وأنَّها الميقات، وكم بينها وبين المدينة من مِيل، وغلط مَن غلط في مسافتها.
قوله: (كَذَلِكَ [7] حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عبَّاس [8]، وَهُوَ أَعْلَمُ): كذا في أصلنا، اعلم أنَّ في «البخاريِّ» و «مسلم» ردَّ ذلك أبو هريرة للفضل بن العبَّاس [9]، وفي «النَّسائيِّ» ردَّ ذلك إلى أسامة بن زيد، فقال: (أخبرنيه أسامة بن زيد)، وفي رواية أخرى: (أخبرنيه [10] مُخبِر)، وفي رواية أخرى: (أخبرنيه فلان وفلان)، فيحتمل أنَّه سمعه من الفضل وأسامة، فتارة صرَّح بذا، وتارة صرَّح بذا، وتارة [كنَّى عنهما، وتارة كنَّى عن أحدهما، والله أعلم] [11].
[ج 1 ص 491]

(1/3749)


قوله: (وَهُوَ أَعْلَمُ): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وقد عُمِل بالحمرة فوقها: (وهما)، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: (وهما أعلم)، ويؤيِّد هذه ما في «مسلم»: (هما قالتا ذلك؟ قال: نعم، قال أبو هريرة: هما أعلم)، ورجع عن قوله، ولا شكَّ أنَّهما أعلم بذلك من غيرهما من الرِّجال، وعائشة أفقه من الفضل وأعلم، وفي نسخة عتيقة في الأصل: (وهو أعلم)، وفي الطُّرَّة: (وهنَّ أعلم) نسخة.
قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ وَابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (همَّام)؛ فالظَّاهر أنَّه ابن مُنبِّه بن كامل اليماني الأبناويُّ؛ وذلك أنِّي لا أعلم أحدًا اسمه همَّام يروي عن أبي هريرة في الكتب السِّتَّة أو بعضها سواه، ولم أرَ حديثه الذي أشار إليه البخاريُّ في شيء من الكتب السِّتَّة، والله أعلم [12].
وأمَّا (ابن عبد الله بن عمر)؛ فالظَّاهر أنَّه عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، كذا في أصلنا من غير تردُّد، ويحتمل أنْ يكون في نفس الأمر عُبيد الله بن عبد الله [13] بن عمر بن الخطَّاب؛ لما سأذكره، روى حديث عبد الله النَّسائيُّ في (الصَّوم): عن مُحَمَّد بن عبد الملك _هو ابن زنجويه_ عن بشر بن شعيب بن [14] أبي حمزة، عن أبيه، عن الزُّهريِّ، عن عبد الله به، ورواه: عُقَيل، عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبي هريرة، أخرجه النَّسائيُّ أيضًا فيمن أصبح جنبًا في رمضان [15] قال: (فلقيت أبا هريرة، فقال [16]: يفطر، إنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ كان يأمرنا بالفطر إذا أصبح الرَّجل جنبًا، قال: فجئت عبد الله _يعني: ابن عمر_، فذكرت له [17] الذي أفتاني أبو هريرة ... )؛ الحديث، النَّسائيُّ في (الصَّوم): عن عبد الملك بن شعيب بن اللَّيث بن سعد، عن أبيه [18]، عن جدِّه، عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ به.
قوله: (وَالأوَّل أَسْنَدُ [19]): قال شيخنا في «شرحه»: أي: أظهر إسنادًا وأبينُ في الاتِّصال، نقله ابن التِّين عن أبي الحسن بعد أنْ قال: إسنادُ الحديث رفْعُه إلى قائله، وهذان قد رفعاه إلى قائلهما [20]، والله أعلم، والذي كنت أفهمُه من قوله: (والأوَّل أسند)؛ أي: أصحُّ إسنادًا، أو أقوى إسنادًا، والله أعلم [21]، ولا شكَّ أنَّه أقوى إسنادًا، وقد ذكرت لك إسناد عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة، وإسناد عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة [22] أعلاه، والله أعلم.

(1/3750)


فائدة: قال الدِّمياطيُّ: قال الخطَّابيُّ: كأنَّ أبا [23] هريرة لم يعلم بالنَّسخ، فلمَّا سمع خبر عائشة وأمِّ سلمة؛ صار إليه، انتهى، ويؤيِّد هذا ما ذكرته آنفًا [24] من عند مسلم أنَّه رجع، واعلم [25] أنَّه أجيب عن حديث أبي هريرة بثلاثة أجوبة؛ أحدها: قاله ابن المنذر [26]، كما نقله عنه البيهقيُّ: أنَّ حديث أبي هريرة منسوخ، وكان أوَّلَ الأمر حين كان الجماعُ محرَّمًا في اللَّيل بعد النَّوم [27]، كما كان الطَّعام والشَّراب، ثمَّ نُسِخ، ولم يعلم أبو هريرة، فكان يفتي بما علمه حتَّى بلغه النَّاسخُ، فرجع إليه، قال ابن المنذر: وهذا أحسنُ ما سمعتُ فيه، وهذا قد تقدَّم، والثَّاني: محمول على مَن أدركه الفجر مُجامِعًا، فاستدام عالمًا؛ فإنَّه [28] يفطر، فلا صوم له، الثَّالث: أنَّه أشار إلى الأفضل، فالأفضل أنْ يغتسل قبل الفجر، ولو خالف؛ جاز.
فإنْ قيل: يقولون: إنَّ الاغتسال قبل الفجر أفضل، وقد ثبت عنه عليه الصَّلاة والسَّلام خلافه.
والجواب: أنَّه فعله؛ لبيان الجواز، ويكون في حقِّه أفضل؛ لأنَّه يتضمَّن البيان في حقِّه، وهو مأمور به، وله نظائر، والله أعلم، وعنه أجوبة أخرى غير ما ذكرتُ.

(1/3751)


[باب المباشرة للصائم]

(1/3752)


[حديث: كان النبي يقبل ويباشر وهو صائم]
1927# [قوله: (عَنْ شُعْبَةَ [1]، عَنِ الحَكَمِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (سعيد) عوض (شعبة)، وهو سعيد بن أبي عَروبة، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فرأيته ذكر هذا الحديث: عن شعبة، عن الحكم، ليس غير، فالصَّواب إذن: شعبة، لا سعيد، والله أعلم] [2].
قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عُتيبة [3] القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وغلطُ البخاريُّ فيه، والله أعلم، [وكذا تقدَّم (إِبْراهيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ] [4]، وكذا تقدَّم (الْأَسَوْد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ): أي: لحاجته؛ يعني: أنَّه كان غالبًا لهواه، أكثر المُحدِّثين كما قاله ابن الأثير: يروونه بفتح الهمزة والرَّاء؛ يعنون: الحاجة، وبعضهم يرويه: بكسر الهمزة، وسكون الرَّاء، وله تأويلان؛ أحدهما: الحاجة يقال فيها: الأرَبُ، والإِرْبة، والمأرُبة، والثَّاني: أنَّها أرادت العضو، وعنت من الأعضاء الذكر خاصَّة، وقد تقدَّم.
قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: {مَآرِبُ} [طه: 18]: حَاجَةٌ): كذا في أصل من أصولنا: بكسر الرَّاء، وفي أصلنا الذي سمعنا [5] على العراقيِّ: (مأرَب)؛ بفتح الرَّاء، وكذا أحفظه أنا، والحاجة يقال لها: مأرُبة: مثلَّثة الرَّاء، والظَّاهر أنَّ (مأرب) مثلها مثلَّثة الرَّاء، قال شيخنا: وبخطِّ الدِّمياطيِّ في حاشية أصله: الصَّواب: (حاجات أو حاج) انتهى، والظَّاهر: أنَّ عند الدِّمياطيِّ: {مَآرِبُ}: حاجات أو حاج؛ جمعان [6]، ويكون ذلك تفسيرًا للقرآن في قوله: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (ابن أبي عروبة).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[3] في (ب): (عتبة)، وهو تحريفٌ.
[4] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (وكذا تقدَّم «الأسود» ... النخعي).
[5] زيد في (ج): (فيه).
[6] (أو حاج جمعان): سقط من (ج).
[ج 1 ص 492]

(1/3753)


[باب القبلة للصائم]
قوله: (وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ): هذا هو أبو الشَّعثاء الأزديُّ اليحمديُّ الخَوفيُّ البصريُّ، والخَوف: ناحية بعُمان، وقيل: درب الخَوف بالبصرة، من أئمَّة التَّابعين، صحب ابن عبَّاس وأكثر عنه، وعن معاوية، وابن عمر، وابن الزُّبير، وعنه: قتادة، وعمرو بن دينار، ويعلى بن مسلم، وآخرون، تُوفِّيَ سنة (93 هـ)، وقال [ابن سعد: (103 هـ)، والأوَّل أصحُّ، أخرج له الجماعة، أثنى عليه ابن عبَّاس وغيره.] [1]
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 492]

(1/3754)


[حديث: إن كان رسول الله ليقبل بعض أزواجه وهو صائم]
1928# [قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو] [1] ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: («ح»): تقدَّم الكلام على (ح) في أوَّل هذا التَّعليق كتابةً وقراءةً، فأغنى ذلك عن إعادته.
قوله: (لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، ثمَّ ضَحِكَتْ): المقبَّلَة لعلَّها عائشة رضي الله عنها، ولذلك ضحكت، وسيجيء من حديث أمِّ سلمة: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يُقبِّل أمَّ سلمة أيضًا وهو صائم)، فيحتمل أنَّها أخبرت عنها، ويحتمل أنْ يكون عن غيرهما، والله أعلم.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 492]

(1/3755)


[حديث: بينما أنا مع رسول الله في الخميلة إذ حضت فانسللت]
1929# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1]): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا مرَّة مُتَرجَمًا، ومن جملة ترجمته أنَّ أحمد ابن حنبل قال: ما رأت عيناي مثل يحيى بن [سعيد] القطَّان.
قوله: (عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ): هذا هو الدَّستوائيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُترجَمًا [2]، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي [3] كَثِيرٍ)؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.
قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ [4] أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا): أمَّا (زينبُ) هذه؛ فأبوها أبو سلمة، وهي ربيبته عليه الصَّلاة والسَّلام، وأبوها تقدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أمُّه: برَّة بنت عبد المُطَّلب، وهو أخو النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ من الرَّضاعة، روت زينب عن أمِّها وغيرها، وعنها: عروة وأبو سلمة، تُوفِّيَت سنة (73 هـ)، أخرج لها الجماعة رضي الله عنها، وأمُّها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة تقدَّمت، أمُّ المؤمنين.
[ج 1 ص 492]
قوله: (فِي الْخَمِيلَةِ): هي بفتح الخاء المعجمة، وكسر الميم: كساء ذو خمل، وهي كالقطيفة، أو هي هي، وقد تقدَّمت.
قوله: (حِيْضَتِي): قال ابن قرقول: بكسر الحاء قيَّدناه عن أهل الإتقان: وهي الحالة التي [5] هي [6] عليها، وقد تقدَّم ذلك.
قوله: (مَا لَكِ؟ أَنفِسْتِ؟): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ النُّون مفتوحة ومضمومة.

(1/3756)


[باب اغتسال الصائم]
قوله: (فأُلقِيَ [1] عَلَيْهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (فألقاه).
قوله: (وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ): (الشَّعبيُّ): تقدَّم أنَّه بفتح الشِّين، وهو عامر بن شراحيل، تقدَّم.
قوله: (الْحَمَّامَ): هو مشدَّد، وهو مذكَّر عند العرب، مشتقٌّ من الحميم؛ وهو الماء الحارُّ، وقد قدَّمت أنَّ الحميم من الأضداد عن الصَّغانيِّ، و (الحمَّام): مذكَّر بالاتِّفاق، ورأيت أنَّ بعض النُّحاة ذكر الحمَّام، فقال: دخلتها، فقيل له: إنَّ الحمَّام مُذكَّر، فقال: أردتُ حمَّام النِّساء.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، مشهور التَّرجمة.
قوله: (مُتَرَجِّلًا): أي: متسرِّحًا، وقد تقدَّم.
قوله: (إِنَّ لِي أَبْزَنَ [2]): هو بالموحَّدة، والزَّاي، والنُّون، وهو بفتح الهمزة، وسكون الباء، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ بالقلم، ولا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهو مصروف في أصلنا الدِّمشقيِّ، وصرفه لغة، وقال شيخنا الشَّارح: وضبطه غيره بالكسر، وعلى أفواه الأطبَّاء الضَّمُّ، انتهى، وقال المحبُّ الطَّبريُّ: (والأَبْزَن؛ بفتح الهمزة وكسرها، وسكون الباء الموحَّدة، وزاي بعدها مفتوحة، ثمَّ نون: شبه الحوض الصغير، وهي كلمة فارسيَّة) انتهى، وقال ابن قرقول: (والأبْزَن: كلمة فارسيَّة، وهو مثل الحوض الصغير، أو القصريَّة الكبيرة من فخار ونحوه، قاله ثابت، وقيل: هو حجر منقور؛ كالحوض الصَّغير، أو كالقِدر يُسخَّن فيه الماء، قال القاضي: وليس هذا بشيء، وفقه الحديث: أنَّه كان يتبرَّدُ فيه وهو صائم يستعين على حرِّ العطش، وهو قول كافَّة العلماء، وكرهه بعضهم حتَّى كره إبراهيم النَّخعيُّ للصائم أنْ يبلَّ ثوبه من الحرِّ) انتهى، وفي أصلنا: بكسر الهمزة، وكسر الزَّاي وفتحها بالقلم، ولم أر كسر الزَّاي؛ فيُحرَّر [3].
قوله: (أَتَقَحَّمُ [4] فِيْهِ): أي: أُلقِي نفسي فيه، والتَّقحُّم [5]: الدُّخول في الشيء من غير رَويَّة.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ ازْدَرَدَ): (عطاء) هذا: هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هذا هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد ذكرت أولاد سيرين؛ الذُّكور والإناث فيما تقدَّم.

(1/3757)


قوله: (وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الميم الثَّانية، رباعيٌّ، وفي نسخة: (تَمَضمَض)؛ بفتح التَّاء، وفتح الميمين، محذوف إحدى التَّاءين.
[قوله: (وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ): أمَّا (أنس)؛ فهو ابن مالك الخادم رضي الله عنه، مشهور، وأمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور] [6].

(1/3758)


[حديث: كان النبي يدركه الفجر جنبًا في رمضان]
1930# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هذا أحمد بن صالح، أبو جعفر ابن الطَّبريِّ، الحافظ المصريُّ، سمع ابن عيينة وابن وهب، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وابن أبي داود، وآخرون، كتب عن ابن وهب خمسين ألف حديث، قال صالح جزرة: كان رجلًا جامعًا يحفظ، ويعرف الفقه، والنَّحو، والحديث، مات سنة (248 هـ)، وهو ثبت في الحديث، أخرج له البخاريُّ وأبو داود، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، قال في ترجمته الذَّهبيُّ [1]: (آذى النَّسائيُّ نفسَهُ بكلامه فيه) انتهى.
تنبيه: اعلم أنَّ الجارح [2] وإن كان إمامًا معتمدًا في ذلك، فربَّما أخطأ فيه، كما جرَّح [3] النَّسائيُّ أحمد بن صالح المصريَّ بقوله: (غير ثقة ولا مأمون)، وهو ثقة إمام حافظ، احتَجَّ به البخاريُّ في «صحيحه»، وقال: (ثقة، ما رأيت أحدًا يتكلَّم فيه بحُجَّة)، وكذا وثَّقه أبو حاتم الرَّازيُّ، والعجليُّ، وآخرون، وقد قال [4] أبو يعلى الخليليُّ: اتَّفق الحُفَّاظ على أنَّ كلام النَّسائيِّ فيه تحامُل [5]، ولا يقدح كلامُ أمثاله فيه، وقد بيَّن ابن عديٍّ سبب كلام النَّسائيِّ فيه، وقد ذكر ابن دقيق العيد أبو الفتح تقيُّ الدِّين القشيريُّ الوجوه التي تدخل الآفَّة منها في ذلك، وهي خمسة: الهوى والغرض، وهو شرُّها، وهو في تواريخ المتأخِّرين [6] كثير، الثاني: المخالفة في العقائد، والثالث: الاختلاف بين المتصوِّفة وأهل علم الظَّاهر، والرَّابع: الكلام بسبب الجهل بمراتب العلوم، وأكثر ذلك في المتأخِّرين؛ لاشتغالهم بعلوم الأوائل، وفيها الحقُّ؛ كالحساب، والهندسة، والطِّبِّ، وفيها الباطل؛ كالطبيعيَّات، وكثير من الإلهيَّات، وأحكام النُّجوم، والخامس: الأخذ بالتوهُّم مع عدم الورع، هذا حاصل كلامه، وقد عقد ابن عبد البَرِّ في (كِتَاب العلم) بابًا لكلام الأقران المتعاصرين بعضهم في بعض، ورأى أنَّ أهل العلم لا يُقبَل جَرحُهم إلَّا ببيان واضح.
سؤال: وهو أنَّه إذا نُسب مثل النَّسائيِّ وهو إمام حجَّة في الجرح والتَّعديل إلى مثل هذا، فكيف يوثق بقوله في ذلك؟
فأجاب أبو عمرو بن الصَّلاح: بأنَّ عين السُّخط تُبدي مساوِئَ لها في الباطن مخارج صحيحة تعمى عنها بحجاب السُّخط، لا أنَّ ذلك يقع من مثله تعمُّدًا لقدح يعلم بطلَانَه، والله أعلم.

(1/3759)


قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي بَكْرٍ): أمَّا (عروة)؛ فهو ابن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد بن أسد، أحد الأعلام، وأحد الفقهاء السَّبعة، وأمَّا (أبو بكر)؛ فهو ابن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أحد الفقهاء السَّبعة على قول، عن أبي هريرة وعائشة، وعنه: أولاده
[ج 1 ص 493]
والزُّهريُّ، وُلِد زمن عمر رضي الله عنه، وكُفَّ بأخرة، وكان من سادات قريش، ويُسمَّى الرَّاهبَ، يقال: اسمه مُحَمَّد، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرَّحمن، مات سنة (94 هـ)، أخرج له الجماعة، كان ثقةً فقيهًا عالمًا سخيًّا [7] كثير الحديث.
قوله: (مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ [8]): قال ابن قرقول: (بجزم اللَّام؛ أي: لا من حلم المنام، وهو الاحتلام، وليس فيه إثبات أنَّه كان يحتلم، وقد نفاه عنه بعضُ النَّاس؛ لأنَّه من الشَّيطان، ولأنَّه لم يُروَ عنه أثرٌ في ذلك، وقد يحتمل جوازه عليه، ولا يكون من الشَّيطان، لكن من الطَّبع البشريِّ عند اجتماع الماء، والبُعد من النِّساء، والحلم؛ بضمِّ اللَّام أيضًا وبسكونها: رؤيا النَّوم، والفعل منه: حلَم؛ بفتح اللَّام) انتهى، فقوله: (لم يرو عنه أثرٌ في ذلك): إنْ كان مرادُه: أثرًا صحيحًا؛ فنعم، وإن أراد شيئًا بالكليَّة؛ فيُرَدُّ عليه ما في «الطَّبرانيِّ» من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما رفعه: «ما احتلم نبيٌّ قطُّ، إنَّما الاحتلام من الشَّيطان»، قال شيخنا المؤلِّف في بعض مُؤلَّفاته التي قرأتها عليه: (ضعَّفه ابن دحية في كتابه المُسمَّى بـ «الآيات البيِّنات») انتهى، والمقالتان اللَّتان أحدهما منقولة والثَّانية احتمال هما محكيِّتان عند الشَّافعيَّة أيضًا، قال النَّوويُّ في «الرَّوضة»: (والأشهر امتناع الاحتلام عليهم عليهم الصَّلاة والسَّلام) انتهى.
==========
[1] (الذهبي): سقط من (ج).
[2] في (ب): (الخارج)، وهو تصحيفٌ.
[3] في (ب) و (ج): (خرج)، وهو تصحيفٌ.
[4] في (ب): (فقال).
[5] في (ب): (تحليل)، ولعلَّه تحريفٌ.
[6] في (ج): (المتكلمين).
[7] (سخيًّا): ليس في (ج).
[8] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة»: (حُلُم)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

(1/3760)


[حديث: أشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبًا]
1931# 1932# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، تقدَّم مرارًا، وأنَّه ابن أخت الإمام [1] مالك [2] شيخ الإسلام، وأحد الأعلام.
قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا ضبطه، وأنَّه وزان (عُلَيٍّ) المُصغَّر، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحمن): هو ابن الحارث بن هشام بن المغيرة مولاه، وهو الذي قدَّمته أعلاه مُتَرجَمًا.
قوله: (عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وقدَّمت بعض ترجمتها، وأنَّها [3] تُوفِّيَت بعد السِّتِّين على الصَّحيح، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين وفاةً رضي الله عنهنَّ.
==========
[1] (الإمام): ليس في (ج).
[2] في (ب): (مالك الإمام).
[3] في النُّسخ: (وأنَّه)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[ج 1 ص 494]

(1/3761)


[باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا]
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (إِنِ اسْتَنْثَرَ): تقدَّم الكلام في (الوضوء) على الاستنشاق والاستنثار، وأنَّ بعضهم قال: إنَّهما واحد، وهذا مقتضى كلام عطاء هنا، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ الاستنشاق: إدخالُ الماء بالنَّفَس في الأنف، والاستنثار: إخراجه من الأنف بالنَّفَس، ولهذا غاير بينهما في حديث مُتقدِّم [1] في «الصَّحيح»، فقال: (استنشق، واستنثر) [خ¦164].
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العَلَم [2] المشهور.
قوله: (وَمُجَاهِدٌ): تقدَّم أنَّه ابن جَبْر أبو الحجَّاج الإمام، تقدَّم بعض ترجمته، وهو أشهر مِنْ أنْ يُذكَر.

(1/3762)


[حديث: إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه]
1933# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن حسَّان القُردوسيُّ _وقُردوس: بطن من الأزد؛ بالقاف_ الأزديُّ [1] مولاهم [2]، الحافظ، عن الحسن وابن سيرين، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، والأنصاريُّ، مات في صفر سنة (148 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد العجليُّ: ثقة حسن الحديث، وقال أبو حاتم [3]: صدوق، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وقد قدَّمت أولاد سيرين؛ الذُّكور والإناث، ومَنْ روى منهم، والله أعلم.

(1/3763)


[باب سواك الرطب واليابس للصائم]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ): (يُذكَر): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ولم يكن على شرطه في «الصَّحيح»، فلهذا ذكره بصيغة تمريض، وحديثه أخرجه أبو داود والتِّرمذيُّ، وقال: (حسن) انتهى، في سنده فيهما: عاصم بن عُبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العدويُّ، روى عنه: شعبة ومالك، ثمَّ ضعَّفه، وقال يحيى: ضعيف لا يُحتَجُّ به، وقال ابن حبَّان: كثير الوهم فاحش الخطأ فتُرِك [1]، وقال أحمد: قال ابن عيينة: كان الأشياخ يتَّقون حديث عاصم بن عبيد الله، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، ذَكر له في «الميزان» حديثين مُنكَرين، ليس هذا منهما، فلهذا لم يُخرِّجِ البخاريُّ حديثه، أخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه.
و (عامر بن ربيعة): بن كعب بن [2] مالك في نسبه اختلاف، وهو من عنْز بن وائل، ومنهم مَن نسبه إلى مِذْحَج؛ وهو حليف الخطَّاب أبي عمر، أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، وشهد بدرًا، وقد روى عنه: ابنه عبد الله وعبد الله بن عمر، مات قبيل عثمان، وفي «التذهيب»: مات سنة (33 هـ)، وقيل: سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ): أمَّا (عطاء)؛ فهو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأمَّا (قتادة)؛ فهو ابن دِعامة، إمام مشهور التَّرجمة [3].
قوله: (عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ): هو بضمِّ الواو الفعلُ، وقد تقدَّم أنَّ الفعل بالضَّمِّ، وأنَّ الماء بالفتح، وتقدَّم ما فيه من اللُّغات.
قوله: (وَيُرْوَى نَحْوُهُ [4] عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (يُروَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (نحوُه): مرفوع نائب مناب الفاعل، و (جابر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (زيد بن خالد): هو الجُهنيُّ، شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، تُوفِّيَ سنة (78 هـ)، وله (85) سنة، والله أعلم، أخرج لهما الجماعة.

(1/3764)


قوله: (وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ): اعلم أنَّ هذا هو الذي يترجَّح من حيث الدَّليل، ومذهب الشَّافعيِّ: أنَّه لا يُكرَه إلَّا للصائم بعد الزَّوال؛ لقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «لخُلوف فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك»، أخرجه البخاريُّ ومسلم، وانفرد مسلم: «يوم القيامة»، وتزول [5] الكراهة بالغروب، كما هو مفهوم كلامهم، قال النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»: قال أبو عيسى التِّرمذيُّ في (كِتَاب الصِّيام) عن الشَّافعيِّ: إنَّه لم ير بالسِّواك [6] للصَّائم بأسًا أوَّل النَّهار وآخره، وهذا النَّقل غريب وإنْ كان قويًّا من حيث الدَّليل، وبه [7] قال المزنيُّ وأكثر العلماء، وهو المختار، والمشهور فيه الكراهة، وأمَّا كونه مكروهًا بعد الزَّوال؛ ففي «الأمِّ»، وفي (الصَّيام) من «مختصر المزنيِّ» وغيره: (وأطبق عليه أصحابنا) انتهى.
[ج 1 ص 494]
==========
[1] في (ب) و (ج): (فنزل).
[2] زيد في (ب): (أخت)، وليس بصحيحٍ.
[3] (الترجمة): ليس في (ج).
[4] في (ب): (عنه)، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب): (ويرون)، وهو تحريفٌ.
[6] (بالسواك): سقط من (ب).
[7] (وبه): سقط من (ج).

(1/3765)


[حديث: من توضأ وضوئي هذا ثم يصلي ركعتين]
1934# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولِمَ لُقِّب (عبدان).
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، أحد الأعلام رحمة الله عليه [1]، وكذا تقدَّم (مَعْمَرٌ): أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة ساكنة، وهو ابن راشد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.
قوله: (عَنْ حُمْرَانَ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وهو من النَّمِر بن قاسط بن أبان، ويقال غير ذلك، من سبي عين التَّمر، عن مولاه عثمان، وعنه: عروة وزيد بن أسلم، وكان كاتب عثمان وحاجبه، ووُلِّي إمرة سابور زمن [2] الحجَّاج، تُوفِّيَ بعد سنة (75 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد ذكره ابن سعد في «الطبقات»، فقال: لم أرهم يحتجُّون به، وقد أورده البخاريُّ في «الضُّعفاء» لكن ما قال: ما يليِّنه قطُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (إِلَى الْمرْفقِ): تقدَّم أنَّه بكسر الميم، وفتح الفاء، وبالعكس، معروف.
قوله: (وُضُوئِي هَذَا): وكذا الثَّانية [3] تقدَّم أنَّ الوُضوء؛ بالضَّمِّ الفعل _كهذا [4]_، وبالفتح الماء، وقد تقدَّم ما فيه من اللُّغات.
قوله: (لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا [5]): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه جاء في رواية: (بشيء [6] من أمر الدُّنيا)، كما عزوتها هناك؛ فانظرها.
==========
[1] في (ب): (رحمه الله).
[2] في (ج): (من).
[3] (وكذا الثانية): ليس في (ج).
[4] في (ج): (هكذا).
[5] في (ج): (فيهما نفسه)، وعليهما في (أ) علامة تقديم وتأخير.
[6] (بشيء): ليس في (ج).
قوله: (مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): تقدَّم الكلام عليه.
[ج 1 ص 495]

(1/3766)


[باب قول النبي: إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء]
قوله: (بِمَنْخِرِهِ مِنَ [1] الْمَاءَ): المَنخِر: تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وكسر الخاء: ثقب الأنف، وقد تُكسَر الميم؛ إتباعًا لكسرة الخاء كـ (مِنتِن)، وهما نادران؛ لأنَّ مِفْعِلًا: ليس من الأبنية، والمنخور: لغةٌ في المَنْخر.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.
قوله: (بِالسَّعْوطِ): هو بفتح السِّين، وضمِّ [2] العين، وبالطَّاء المهملات: الدَّواء يُصبُّ في الأنف.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي مكَّة.
قوله: (وَلَا يَمْضغُ): يجوز في (يمضغ) في ضاده الفتح والضَّمُّ؛ لغتان نقلهما الجوهريُّ.
قوله: (وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ): (يُنهَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[1] كذا في النُّسخ، و (من) ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] في النُّسخ: (إسكان)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[ج 1 ص 495]

(1/3767)


[باب: إذا جامع في رمضان]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1] رَفَعَهُ: مَنْ أَفْطَرَ ... ) إلى آخره: (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذه صيغة تمريض؛ لأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، وقد أخرجه الأربعة من حديث يزيد بن المُطَوَّس عن أبيه، قال البخاريُّ في «تاريخه»: (تفرَّد به ابن المُطوَّس، ولا يُعرَف له غيره، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟)، قال التِّرمذيُّ بعد أن رواه بلفظ: «من غير رخصة ولا مرض، لم يقضه عنه صيام الدَّهر كلِّه وإن صامه»: هذا حديث لا نعرفه [2] إلَّا من هذا الوجه، وسمعت مُحَمَّدًا يقول: أبو المُطوَّس يزيد بن المُطوَّس، ولا أعرف له غير هذا الحديث، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (أبو المطوَّس عن أبيه اسمه [3] يزيد بن مطوَّس، ضُعِّف، روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، تفرَّد عنه بحديثه [4] عن أبيه عن أبي هريرة رفعه: «من أفطر يومًا من رمضان ... »؛ الحديث، ولا يُعرَف لا هو ولا أبوه) انتهى، وللنَّاس كلام في هذا الرجل وأبيه، ويكفي هذا في ردِّه، قال الدِّمياطيُّ: (رواه التِّرمذيُّ، وأبو داود، والدَّارقطنيُّ من حديث يزيد بن المطوَّس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال البخاريُّ في «التاريخ» [5]: تفرَّد به ابن المطوَّس عن أبيه، ولا يُعرَف له غيره، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟) انتهى، والذي ظهر لي أنَّ الدِّمياطيَّ قال: (رواه التِّرمذيُّ، وأبو داود، وابن ماجه)؛ فظنَّ النَّاقل أنَّ رمز (ق) للدَّارقطنيِّ، وإنَّما هو لابن ماجه، وهو قزوينيٌّ، وقد وقع للناقل عنه مثل هذا في غير مكان، والله أعلم.
ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ، وعزاه لـ «السُّنن الأربعة»؛ قال: رواه كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن أبي المُطوَّس، عن أبي هريرة، ولم يتابعه أحدٌ على هذا القول، انتهى، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسيّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المسيَّب؛ لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتقدَّم الكلام في (الشَّعْبِي): أنَّه بفتح الشِّين المعجمة، وأنَّه عامر بن شراحيل، و (ابْن جُبَيْرٍ): هو سعيد بن جبير، الإمام الكوفيُّ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيمُ): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ الإمام، وكذا تقدَّم (قَتَادَةُ): أنَّه ابن دِعامة، وكذا (حمَّاد): الظَّاهر أنَّه ابن زيد، وهو مشهور التَّرجمة.

(1/3768)


[حديث: إن رجلًا أتى النبي، فقال: إنه احترق. قال: مالك]
1935# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تقدَّم أنَّ مُنِيْرًا بضمِّ الميم، ثمَّ نون مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء.
قوله: (إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... ) إلى آخره: هذا الرجل هو سلمة بن صخر البياضيُّ، وهو المجامع في رمضان، كذا قاله ابن بشكوال فيما ذكر ابن أبي شيبة في «مسنده»، وعند ابن الجارود: سلمان بن صخر، ولعلَّه المظاهر في رمضان، كذا ذكره شيخنا المؤلِّف، والذي في «ابن بشكوال»: (أنَّ رجلًا أفطر في رمضان، فأمره عليه الصَّلاة والسَّلام أن يُكفِّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستِّين مسكينًا)، وسمَّاه سلمةَ بن صخر البياضيَّ، وساق له حجَّة، وأظنُّها من ابن الجارود، وقد رأيته في [1] «مسند أحمد» من حديثه، وقوله: (ولعلَّه هو المظاهر في رمضان): كذلك ذكره في «المُهذَّب» في (الظِّهار [2] المؤقَّت)، وأقرَّه عليه النَّوويُّ في «تهذيبه» وفي «مبهمات أبي زُرْعة» ابنُ شيخنا الحافظ العراقيِّ ما لفظه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أنَّ رجلًا جامع في رمضان،
[ج 1 ص 495]

(1/3769)


فأمره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أن يُكفِّر بعتق رقبة ... )؛ الحديث، هو سلمة بن صخر البياضيُّ، «ب» [3]، كذا في «مسند ابن أبي شيبة»، و «منتقى ابن الجارود»، ويقال فيه: سلمان بن صخر، ذكره ابن السَّكن، انتهى، رقم ابن شيخنا عليه: (طب)؛ أي: اتَّفق عليه ابن طاهر وابن بشكوال، وأمَّا رقم (ب)؛ يعني: انفرد به ابن بشكوال، انتهى، وكونه سلمان بن صخر هو في «التِّرمذيِّ» في (الظِّهار)، انتهى، ولمَّا ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ؛ قال: (وهكذا مُتعقَّب، فسلمة إنَّما ظاهر عن زوجته في رمضان، ورأى خلخالها، قال: ولا حجَّة فيما أورده عبد الغنيِّ بما زعم أنَّه يدلُّ على ذلك؛ فليراجع من كلامهِ، ثمَّ ذكر كلام ابن بشكوال: أنَّ رجلًا أفطر في رمضان، قال: هو سلمة بن صخر البياضيُّ، وعزاه إلى «المنتقى» لابن الجارود، و «مسند ابن أبي شيبة» قال: (ويقال فيه أيضًا [4]: سلمان) انتهى، [ورأيت في نسخة صحيحة من «المصابيح» للبغويِّ في (بَاب المُطلَّقة ثلاثًا) في قسم الحسان: (أنَّ اسمه سليمان، وأظنُّ أنَّي رأيته في كلام بعض النَّاس، ولم أعلم أحدًا من الصَّحابة اسمه سليمان بن صخر؛ إنَّما أعرف القولين في اسمه: سلمة بن صخر _وهو الأصحُّ_ أو سلمان؛ بغير ياء)، والله أعلم] [5].
قوله: (أَصَبْتُ أَهْلِي): أهله: امرأته، ولا أعلم اسمها.
قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر، لم يذكر مَن أتاه به، والذي أتاه به في (ظهار) «التِّرمذيِّ» أنَّه فروة بن عمرو.

(1/3770)


قوله: (بِمِكْتَلٍ يُدْعَى الْعَرَقَ): المِكْتَل؛ بكسر الميم، وإسكان الكاف، وفتح المثنَّاة فوق [6]، ثمَّ لام: الزِّنبيل؛ بكسر الزَّاي، وقيل: القفَّة، وقال ابن وهب: هو وعاء يسع خمسةَ عشرَ صاعًا إلى عشرين، قال ابن قرقول: قلت: قاله [7] سعيد في (العرق) انتهى، وأمَّا (العَرق)؛ فهو بفتح العين والرَّاء، وبالقاف، ويجوز إسكان الرَّاء، لكنَّ المشهور الأوَّل، فهو الزِّنبيل، وقد تقدَّم ضبطه، ويقال: الزَّبيل: الثانية [8] بفتح الزَّاي، لكن بحذف النُّون، يسع خمسةَ عشرَ صاعًا إلى عشرين، وهو [9] المِكْتَل، كما قاله، ثمَّ اعلم أنَّ في «سنن أبي داود»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أُتِي بعَرَق فيه تمر قدر [10] خمسةَ عشرَ صاعًا)، قال البيهقيُّ: وهو أصحُّ مِن رواية مَن روى: (فأُتي بعرق فيه عشرون صاعًا) انتهى.
==========
[1] زيد في (ب): (تهذيب)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[2] في (ب): (الطهارة)، وهو تحريفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[3] الرَّمز (ب): ليس في (ج).
[4] في (ب): (ويقال أيضًا فيه)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.
[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[6] (فوق): ليس في (ج).
[7] زيد في (ج): (ابن)، وليس بصحيح.
[8] في (ب): (الثاني).
[9] في (ب): (وهذا هو).
[10] في (ب): (قد)، وهو تحريفٌ.

(1/3771)


[باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر]
قوله: (فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ؛ فَلْيُكَفِّرْ): (تُصدِّق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (يُكفِّر): مبنيٌّ للفاعل، وهو بضمِّ أوَّله، وكسر الفاء.
==========
[ج 1 ص 496]

(1/3772)


[حديث: بينما نحن جلوس عند النبي إذ جاءه رجل]
1936# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم [1] (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [2] بن شهاب، وكذا تقدَّم (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن): أنَّه الزُّهريُّ، لا الحميريُّ، وأنَّ الحميريَّ ليس له شيء في «البخاريِّ» عن أبي هريرة، وإنَّما روى عنه مسلم حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم»، فإذن الحميريُّ ليس له شيء في «البخاريِّ» عن أبي هريرة، والله أعلم.
قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ [3] ... ) إلى آخره: تقدَّم أعلاه [4] الكلام عليه؛ فانظره.
قوله: (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي): امرأته لا أعلم أحدًا سمَّاها، كما تقدَّم أعلاه [5].
قوله: (فَمَكثَ): هو بفتح الكاف، ويجوز ضمُّها؛ لغتان.
قوله [6]: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (بِعَرَقٍ): تقدَّم أعلاه ضبطه، وما هو، وكذا تقدَّم الكلام على (الْمِكْتَل).
قوله: (الْحَرَّتَيْنِ): تقدَّم ضبط الحَرَّة؛ وأنَّها أرض تركبها حجارة سود.
قوله: (أَهْلُ بَيْتٍ): (أهلُ): مرفوع، ورفعه معروف.
قوله: (أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ): (أَطْعِمْه): بفتح الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.
==========
[1] (تقدَّم): ليس في (ج).
[2] (بن عبد الله): مثبت من (ب).
[3] في هامش (ق): (الرجل: هو سلمة بن صخر البياضيُّ، كذا قاله ابن بشكوال، وعند ابن الجارود: سلمان بن صخر، ولعله المظاهر في رمضان؛ يعني: سلمة، كذا ذكره شيخي في «شرحه»).
[4] في (ب): (بظاهرها).
[5] (أعلاه): ليس في (ب).
[6] (قوله): سقط من (ب).
[ج 1 ص 496]

(1/3773)


[باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟]

(1/3774)


[حديث: إن الأخر وقع على امرأته في رمضان]
1937# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، تقدَّم مرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُوْر): أنَّه ابن المُعتمِر، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (حُمَيْد بن عَبْدِ الرَّحمن): أنَّه الزُّهريُّ، لا الحميريُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (إِنَّ الْأَخِرَ): هو بفتح الهمزة مقصورة، وكسر الخاء المعجمة [1]، على وزن (كَبِدٍ)، وقد ذكر ابن قرقول في (إنَّ الأَخِر قد زنى): أنَّها قصيرة الألف، وأنَّ بعض المشايخ مدَّها، قال: وكذلك روي عن الأصيليِّ في «الموطَّأ»، وهو خطأ، وكذلك من فتح الخاء، ومعنى (الأخر)؛ بالقصر: الأبعد؛ على الذمِّ، ويقال: الأرذل الخسيس، انتهى، ورأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر الغرناطيِّ: (إنَّ الآخر)؛ بمدِّ الهمزة، ورأيت في حاشية أنَّ المدَّ ذكره صاحب «المحكم».
قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (أُتِي): تقدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّبيُّ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (بِعَرَقٍ): تقدَّم أعلاه [2] ضبطه، وكم هو، ومَن أتى به، وكذا تقدَّم (الزَّبِيلُ [3]) ضبطه أعلاه.
قوله: (أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ): (أَطعمْ): بفتح الهمزة، رباعيٌّ، فعل أمر، وكذا (فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).
قوله: (وَالْقَيْءِ): هو بهمزة في آخره، وهذا معروف.
==========
[1] (المعجمة): ليس في (ب).
[2] (أعلاه): ليس في (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[3] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: والزَّبيلُ معروفٌ، فإذا كسرته؛ شدَّدت، فقلت: زِبِّيلٌ أو زِنْبيلٌ؛ لأنَّه ليس في كلام العرب: فَعليل؛ بالفتح).
[ج 1 ص 496]

(1/3775)


[باب الحجامة والقيء للصائم]
قوله: (وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ): هذا هو الوُحاظيُّ الحمصيُّ، الحافظ الفقيه، عن سويد بن عبد العزيز وفليح، وعنه: البخاريُّ، وإبراهيم بن ديزيل، وثَّقه ابن مَعِين، قال العُقيليُّ: جهميٌّ، مات سنة (222 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمت أنَّ هذا شيخ البخاريِّ، وقوله: (قال لي فلان)؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا مُطَوَّلًا؛ فاعلمه، وقد قدَّمت لك غير مرَّة أنَّ هذا وأمثاله [1] يجعله المِزِّيُّ تعليقًا، ويرقم عليه: (خت)، ويرقم على الشَّخص إذا كان بهذه المثابة لم يرو عنه إلَّا كذلك (خت)، والله أعلم.
[ج 1 ص 496]
قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ): (سلَّام)؛ بتشديد اللَّام بلا خلاف، وقد قدَّمت مِن يقال له: سلَام؛ بالتَّخفيف، ومَنْ عدا مَنْ ذكرتُ؛ فهو بالتَّشديد.
قوله: (عَنْ [2] يَحْيَى): هذا هو يحيى هو [3] ابن أبي كَثِير، تقدَّم مرارًا.
قوله: (إِذَا قَاءَ): هو بهمزة مفتوحة ممدودة في آخره، وهذا ظاهر.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّه قال [4]: يُفْطِرُ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّ القاعدة أنَّه إذا ذكر البخاريُّ الحديث، أو الأثر، أو التعليق بصيغة تمريض؛ لم يكن صحيحًا على شرطه؛ مثل هذا، والله أعلم.
[قوله: (وَقَالَ ابْنُ عبَّاس وَعِكْرِمَةُ: الفِطْرُ [5] مِمَّا دَخَلَ [6]): كذا في أصلنا الدِّمشقيِّ لم يذكر مع ابن عبَّاس أحدًا، وقد رأيت في نسخة صحيحة وأخرى مقاربة ثبوتَ عكرمة مع ابن عبَّاس، وكذا عزاه شيخنا المؤلِّف في «شرحه» إلى ابن عبَّاس، وعكرمة، وعزا أثرهما إلى ابن أبي شيبة، فالظَّاهر ثبوته، والله أعلم] [7].
قوله: (وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ رضي الله عنه.

(1/3776)


قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد قدَّمت أعلاه أنَّه ليس ما [8] ذكره هنا على شرطه؛ لأنَّه ذكره بصيغة تمريض، و (سعد): هو ابن أبي وقاص، قال شيخنا كما ذكره البيهقيُّ، وأمَّا (زيد بن أرقم)؛ فهو خزرجيٌّ، له سبعَ عشرةَ غزوة، روى عنه: طاووس وأبو إسحاق، وكان من خواصِّ عليٍّ رضي الله عنهما، تُوفِّيَ سنة (68 هـ)، وقيل: سنة (66 هـ)، أخرج له الجماعة.
وأمَّا (أم سلمة)؛ فهي هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتقدَّم أنَّها آخر الأزواج وفاةً، وتقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.
قوله: (وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ ... ) إلى آخره: أمَّا (بُكير) هذا؛ فهو ابن عبد الله بن الأشجِّ، يروي عن أبي أمامة بن سهل، وابن المسيّب، وأممٍ، وعنه: ابنه مخرمة، واللَّيث، وأممٌ، ثبت، تُوفِّيَ سنة [9] (127 هـ)، أخرج له الجماعة.
وأمَّا (أم علقمة)؛ فهي أمُّ ابن أبي علقمة، سمَّاها البخاريُّ في بعض الأصول (مرجانة)، وكذلك ابن حبَّان؛ لما ذكرها في «ثقاته»، وقد ذكر الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (مرجانة عن عائشة رضي الله عنها، تفرَّد عنها ولدها علقمة بن أبي علقمة، وذكرها في «الكنى»، فقال: أمُّ علقمة لا تُعرَف، خرَّج لها البخاريُّ في (أدبه) [10] من طريق بكير بن الأشجِّ عنها: (أنَّ عائشة رضي الله عنها قيل لها: ألا ندعو لبناتِ أخيكِ مَن يلهيهنَّ ... )؛ الأثر إلى آخره.
قوله: (وَيُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ): (يُروَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد قدَّمت [11] أنَّ هذه صيغة تمريض، فلم يصحَّ عنده على شرطه، و (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

(1/3777)


وقوله: (عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ [12] ... أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ): اعلم أنَّ النَّسائيَّ روى في «سننه» بإسناد صحيح إلى أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه [13] قال: (أرخص [14] رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في الحجامة للصَّائم)، والله أعلم، فإذن حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) منسوخ، وما قاله البخاريُّ: (عن غير واحد ... أفطر الحاجم والمحجوم) [15] رواه النَّسائيُّ: عن زكريَّا بن [16] يحيى، عن عمرو بن عليٍّ، عن عبد الرَّحمن، عن [17] أبي حرَّة، عن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «أفطر الحاجم والمحجوم»، قلت: عمَّن؟ قال: عن غير واحد من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ)، وكذا أخرجه مرَّة أخرى: (عن الحسن عن غير واحد من الصَّحابة)، ولم يقل: عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وكذا ذكره مرَّة أخرى عن الحسن كذلك، ومرَّة أخرى عن الحسن قولَه.
[وقال بعض حُفَّاظ [18] المصريِّين: هكذا أبهم شيوخ الحسن سليمان التَّيميَّ، كما بيَّنتُه في «التَّغليق»، وبيَّنت أنَّه رُوِي عنه عن شدَّاد بن أوس، وهذه رواية حميد عنه، وعن أسامة بن زيد، وهذه رواية أشعث عنه، وعن أبي هريرة، وهذه رواية يونس عنه، وعن أسامة بن زيد، وهذه رواية قتادة عنه، وعن معقل [19] بن يسار، وهذه رواية عطاء بن السَّائب عنه، ويحتمل أنْ يكون سمعه منهم كلِّهم، انتهى] [20].
قوله: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ): اعلم أنَّه قيل: إنَّ المحجوم هو جعفر بن أبي طالب، لكن ساق بعضهم عن «المسند» هذا الحديث، وفيه: عن أوس: (أنَّه مرَّ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ زمن الفتح على رجل يحتجم [21])، وزمن الفتح كان جعفر قد قُتِل، إلَّا أن يريد بزمن الفتح عام الفتح؛ فيجوز أن يكون هو؛ لأنَّه قُتِل بمؤتة، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان، والفتح في رمضان سنة ثمان، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (هو جعفر بن أبي طالب، وقيل: معقل بن سنان الأشجعيُّ) انتهى، وهذان القولان في «ابن بشكوال»، وعزا الأوَّل للدَّارقطنيِّ، والثَّاني لابن أبي شيبة في «مسنده»، و «سنن النَّسائيِّ».

(1/3778)


قوله: (وَقَالَ لِي عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم أنَّ هذا عيَّاش بن الوليد، وأنَّه بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، وهو شيخه، وأنَّ قوله: (قال لي فلان) يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وكذلك (قال فلان) إذا كان شيخه؛ حكمه كذلك، وقد تقدَّم أنَّ مثل الاثنين يرقم عليه المِزِّيُّ والذَّهبيُّ: (خت)؛ يعني: أخرجه البخاريُّ تعليقًا، ويرقمان على الشَّخص الذي لم يذكره إلَّا كذلك ولم يُخرِّج عنه شيئًا بـ (حَدَّثَنَا) ولا (أخبرنا) ونحوها: (خت).

(1/3779)


[حديث: أن النبي احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم]
1938# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه وُهيب بن خالد الباهِليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
==========
[1] في (ج): (ابن وهب)، وليس بصحيحٍ.
[ج 1 ص 497]

(1/3780)


[حديث: احتجم النبي وهو صائم]
1939# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج أبو مَعْمَر المنقريُّ، الحافظ المُقعَد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ) أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ، أبو عُبيدة [1] الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام.
==========
[1] في (ج): (أبو عبيد الله)، وليس بصحيحٍ.
[ج 1 ص 497]

(1/3781)


[حديث: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟]
1940# [قوله: (سَمِعْتُ ثابتًا البُنَانيَّ): هو بضمِّ الموحَّدة، ثمَّ نون مخفَّفة، ونون ثانية بعد الألف، ثمَّ ياء النَّسب، وهذا ظاهر جدًّا] [1].
قوله: (إلَّا مِنْ أَجْلِ الضّعْفِ): هو بفتح الضَّاد وضمِّها؛ لغتان مشهورتان.
قوله: (وَزَادَ شَبَابَةُ): هو ابن سَوَّار الفزاريُّ مولاهم، أبو عمرو المدائنيُّ، تقدَّمت ترجمته، وهذا من شيوخ شيوخ البخاريِّ، وقد قدَّمت أنَّ (زاد) مثل (قال).
==========
[1] بين معقوقين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (خلط اللَّبن بغيره)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 1 ص 497]

(1/3782)


[باب الصوم في السفر والإفطار]

(1/3783)


[حديث: إذا رأيتم الليل أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم]
1941# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، وكذا تقدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ) أنَّه سليمان بن فيروز والشَّيبانيُّ؛ بالشِّين المعجمة، الكوفيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (عبد الله [1] بن أَبِي أَوْفَى): وأنَّ اسم أبي أوفى علقمةُ بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى الأسلميُّ رضي الله عنه وعن أبي أوفى، فإنَّهما صحابيَّان.
[قوله: (فَقَالَ لِرَجُلٍ [2]: انْزِلْ فَاجْدَحْ): هذا الرجل هو بلال، كذا جاء في بعض طرقه، وكذا هو في «مسند أحمد»، وكذا هو في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير»، و «أبي داود»] [3].
قوله: (فَاجْدَحْ لِي): الجَدْح: هو بفتح الجيم، وإسكان الدَّال المهملة، وبالحاء، كذلك قال ابن قرقول؛ أي: حرِّكِ السَّويق بالماء؛ لنفطر عليه، والمجْدَح: ما يُحرَّك به؛ كالمخوض، وقال الدَّاوديُّ: معنى اجدح لنا: احلب، وليس كما قال، انتهى، والمجدح في كلامه: خشبة طرفها ذو جوانب، وقال النَّوويُّ: الجدح: خلط السَّويق بالماء، وهو معنى كلام ابن قرقول، وقال القرطبيُّ في «مفهمه»: (اجدح): اخلطِ اللَّبن بالماء، والجدح: خلط اللَّبن بغيره.
[ج 1 ص 497]
قوله: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ الشَّمْس): يجوز في (الشَّمس) الرَّفع والنَّصب، وإعرابهما ظاهر.
قوله: (تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى): أمَّا الضَّمير في (تابعه)؛ فيعود على سفيان؛ أي: تابع سفيانَ على روايته هذا الحديث عن الشَّيبانيِّ _وهو سليمان بن فيروز_ جريرُ بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، ومتابعته أخرجها البخاريُّ في (الطَّلاق) عن عليِّ بن عبد الله، عن جرير، عنه، وأخرجها مسلم، و (أبو بكر بن عيَّاش): وعيَّاش؛ بالمثنَّاة تحت، وبالشِّين المعجمة، وقد تقدَّم الكلام عليه، والاختلاف في اسمه، وكذا تقدَّم الكلام على (ابن أبي أوفى) وأنَّه عبد الله، وعلى نسبه، وأنَّ أبا أوفى صحابيٌّ أيضًا.
وأمَّا متابعة أبي بكر بن عيَّاش؛ فأخرجها البخاريُّ في (الصَّوم) عن أحمد ابن يونس، عن أبي بكر بن عيَّاش به.
==========
[1] (عبد الله): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/3784)


[2] في هامش (ق): (الرجل: هو بلال؛ كذا جاء في بعض طرق الحديث).
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/3785)


[حديث: يا رسول الله إني أسرد الصوم]
1942# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، إمام الحُفَّاظ، تقدَّم.
قوله: (أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ): هو أبو صالح، وقيل: أبو مُحَمَّد، حمزة بن عمرو بن عويمر بن الحارث بن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عديِّ بن سهل، _وقيل: سهم_ بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة الأسلميُّ، روت [1] عنه: عائشة أمُّ المؤمنين، وابنه مُحَمَّد، وعروة بن الزُّبير، وسليمان بن يسار، وغيرهم، تُوفِّيَ سنة إحدى وستِّين، وكان يصوم الدَّهر، روى البخاريُّ في «التَّاريخ» بإسناده عن مُحَمَّد بن حمزة عن أبيه قال: (كنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في سفر، فتفرَّقنا في ليلة ظلماء، فأضاءت أصابعي حتَّى جمعوا عليها ظهرهم، وما هلك منهم، وإنَّ أصابعي لتُنير)، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ رضي الله عنه، وقد قدَّمت أنَّ أسيد بن الحضير وعبَّاد بن بشر أُضِيء لهما، وأنَّها [2] كانت عادة عبَّاد بن [3] بشر، وأنَّ الطُّفيل بن عمرو أُضِيء له، ويقال له: ذو النُّور، ذكرت ذلك في (المساجد)، (وسبق أيضًا أنَّ قتادة بن النُّعمان من أصحاب النُّور) [4].
فائدة: حمزة بن عمرو الأسلميُّ: هو من الذين يسردون الصَّوم، وسأذكرهم قريبًا في (بَاب صوم الدَّهر).
قوله: (فَأَفْطِرْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر جدًّا.
==========
[1] في (ب): (روى).
[2] في (ب): (وإنَّما).
[3] (عباد بن): سقط من (ب).
[4] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 498]

(1/3786)


[باب: إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر]
[قوله: (باب إِذَا صَامَ أيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، ثمَّ سَافَرَ): هذه التَّرجمة ردٌّ [1] على عليِّ بن أبي طالب [2] وعَبِيدة السَّلمانيِّ، وسيأتي ذلك مبسوطًا في (الجهاد) إن شاء الله تعالى] [3].
==========
[1] في (ب): (ترد).
[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).
[3] ما بين معقوفين جاء في (أ) و (ب) سابقًا بعد قوله: (باب صوم الدَّهر)، وقد جاء استدراكًا في (أ)، وسقط من (ج).
[ج 1 ص 498]

(1/3787)


[حديث: أن رسول الله خرج إلى مكة في رمضان فصام]
1944# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.
قوله: (بَلَغَ الْكَدِيدَ): تقدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر الدَّال المهملة، وفي آخره مهملة مثلها، على اثنين وأربعين ميلًا من مكَّة، وهنا (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ)؛ يعني: البخاريُّ: (وَالْكَدِيدُ: مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ)، كذا في بعض النُّسخ.
واعلم أنَّ المُحبَّ الطَّبريَّ ساق الأحاديث وفي بعضها: (حتَّى إذا بلغ الكديد؛ أفطر)، وفي بعضها: (عُسفان)، وفي بعضها: (قديد) قال: وقد رُوِيَ: أنَّ فطره كان بكراع الغميم، وكان ذلك كلُّه في سفرة واحدة، فيجوز أن يكون فطرُه كان في أحد المواضع حقيقة؛ إمَّا الكديد، وإمَّا الكراع، وإمَّا عسفان، وإمَّا قديد، وأُضِيف إلى الآخر، تجوُّزًا لقُربه منه ... إلى أن قال: ويجوز أن يكون وقع منه الفعل [1] في المواضع الأربعة، والفطر في موضع منها، لكن لم يره جميع النَّاس فيه؛ لكثرتهم، فكرَّره؛ ليتساوى النَّاس في رؤية الفعل، فيروي كلٌّ عن رؤية عين، فأخبر كلٌّ عن محلِّ رؤيته، انتهى.
==========
[1] في (ب): (وقع الفعل منه).
[ج 1 ص 498]

(1/3788)


[حديث: خرجنا مع النبي في بعض أسفاره في يوم حار]
1945# قوله: (عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ [1]، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ): تقدَّم أنَّ (أمَّ الدَّرداء) هذه: هي الصُّغرى، وأنَّ اسمها هُجَيمة أو جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، تابعيَّة جليلة، وقد قدَّمتُ أنَّها مِن أفضل التَّابعيَّات، وأنَّ أفضل التَّابعيَّات: عمرة، وحفصة، وأمُّ الدَّرداء، وتقدَّم الكلام عليها وعلى زوجها (أبي الدَّرداء) حكيم الأمَّة قريبًا رضي الله عنه.
قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ... ) إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: يحتمل أن تكون غزوة بدر؛ لأنَّ التِّرمذيَّ روى عن عمر: (غزونا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في رمضان يوم بدر والفتح، فأفطرنا فيهما) انتهى، وهذا فيه نظر؛ لأنَّ أبا الدَّرداء لم يشهد بدرًا بلا خلاف، وقد تأخَّر إسلامه، فأسلم عقيب [3] بدر، واختُلِف في شهوده أُحُدًا، ولكن قوله: (خرجنا) مجاز؛ أي: خرج الصَّحابة، وهو مثل قول أبي هريرة: (خرجنا إلى خيبر)، والله أعلم.
فإن قيل: يحتمل أن يكون الفتح؟
فالجواب: لا يصحُّ ذلك أيضًا؛ لأنَّ في الحديث: (أنَّ ابن رواحة كان معهم)، وعبد الله بن رواحة قُتِل في مؤتة قُبيل [4] الفتح؛ لأنَّها في جمادى الأولى سنة ثمان، والفتح في رمضان سنة ثمان، والله أعلم.
و (عبد الله بن رَواحة)؛ بفتح الرَّاء، وتخفيف الواو، وبعد الألف حاء مهملة، ثمَّ تاء التأنيث، وجدُّه اسمه ثعلبة، الأنصاريُّ من بني الحارث بن الخزرج أبو مُحَمَّد، نقيب بدريٌّ أمير، استُشهِد بمؤتة من أرض الشَّام، وقد قدَّمت تاريخ الوقعة، أخرج لعبد الله البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند».

(1/3789)


[باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر]

(1/3790)


[حديث جابر: ليس من البر الصوم في السفر]
1946# قوله: (فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ): هذا الرَّجل: قال شيخنا الشَّارح: (يجوز أن يكون هذا المجهول هو أبو إسرائيل، روى الخطيب في «مبهماته» أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام رأى رجلًا يُهادى بين ابنيه، وقد ظُلِّل عليه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام، فقال: «إنَّ الله لغنيٌّ عن تعذيب هذا نفسَه، مُرُوه؛ فلْيمشِ وليركب»، وفي «مسند أحمد» ما يشعر بأنَّه غيره، فإنَّ فيه: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام دخل المسجد وأبو إسرائيل يصلِّي، فقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: هو ذا يا رسول الله لا يقعد، ولا يتكلَّم، ولا يستظلُّ، ولا يفطر، فقال: «ليقعد، وليتكلَّم، وليستظلَّ، وليفطرْ») انتهى، وقوله: (وفي «مسند أحمد» ما يُشعِر بأنَّه غيره)، بل فيه كالصريح أنَّه غيره، وفي «البخاريِّ» و «مسلم» أنَّ قصَّة هذا كانت في السفر، وفي [1] «المسند»: أنَّ قصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد، فهو غيره، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (في الغزو في).
[ج 1 ص 498]

(1/3791)


[باب من أفطر في السفر ليراه الناس]

(1/3792)


[حديث: خرج رسول الله من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان]
1948# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته [1]، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ) أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المُعتمِر، و (مُجَاهِد) هو ابن جَبْر الإمام، و (طَاوُوس): أنَّه ابن كيسان الإمام.
قوله: (حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ): هي قرية جامعة على ستَّةٍ وثلاثين ميلًا من مكَّة، تقدَّمت.
==========
[1] في (ب): (قتيبة)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 498]

(1/3793)


[باب: {وعلى الذين يطيقونه فدية}]
[ج 1 ص 498]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (ابن نمير): هو عبد الله بن نمير الهمْدانيُّ أبو [1] هشام، عن هشام [2] بن عروة [3] والأعمش، وعنه: ابنه مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وأحمد، وابن مَعِين، حجَّة، تُوفِّيَ سنة (199 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا تعليق مجزوم به، وقد صرَّح بأنَّه (عبد الله) المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولفظه: (قال ابن نمير؛ يعني: عبد الله) انتهى، وتعليقه [4] ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، وقد أخرجه شيخنا، وما ذاك إلَّا لأنَّ مُحَمَّد بن عبد الله لم يرو عن الأعمش، فتعيَّن أن يكون والده، و (الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
قوله: (وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ): (رُخِّص): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

(1/3794)


[حديث: أن ابن عمر قرأ: {فدية طعام مساكين} قال: هي منسوخة]
1949# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ عيَّاشًا هذا؛ بالمثنَّاة [1] تحت، والشِّين المعجمة، وأنَّه ابن الوليد، وقد قدَّمت الفرق بينه وبين عبَّاس [2] بن الوليد النَّرسيِّ، والاثنان من مشايخ البخاريِّ، غير أنَّه لم يذكرِ النَّرسيَّ إلَّا في ثلاثة [3] أماكن ذكرتها؛ فانظرها.
و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ _ بالمهملة_ البصريُّ، عن الحذَّاء والجُريريِّ، وعنه: إسحاق وبندار، ثقة، لكنَّه قدريٌّ، تُوفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم، ولكن بَعُد العهدُ به.
قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا [4] أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.
==========
[1] في (ج): (بفتح المثناة).
[2] في (ب): (عياش)، وهو تصحيفٌ.
[3] في النُّسخ: (ثلاث)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[4] (مرارًا): ليس في (ج).
[ج 1 ص 499]

(1/3795)


[باب: متى يقضى قضاء رمضان؟]
قوله: (بابٌ: مَتَى يَقْضِي قَضَاءَ [1] رَمَضَانَ؟): (يَقضِي): مبنيٌّ للفاعل، و (قضاءَ): منصوب، و (يُقضى): مبنيٌّ للمفعول، و (قضاءُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (يُفَرَّقَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسيّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّ ياء (المسيّب) بالفتح والكسر، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور.
قوله: (َيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عبَّاس): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقوله: (مُرْسَلًا): هو بفتح السِّين، قال شيخنا: يعني: أنَّه روي عن أبي هريرة مرسلًا، وابن عبَّاس موقوفًا، قال: وذكر الدَّارقطنيُّ حديث أبي هريرة مرفوعًا من طريق مجاهد، ولم يسمع منه فيما ذكره [2] البَرْديجيُّ، ولعلَّ هذا مرادُ البخاريِّ بالإرسال، انتهى، والذي ذكره العلائيُّ شيخ شيوخنا صلاح الدِّين في «المراسيل» ما لفظه: (الذي صحَّ لمجاهد من الصحابة: ابن عبَّاس، وابن عمر، وأبو هريرة على خلاف فيه، قال بعضهم: لم يسمع منه، يدخل بينه وبين أبي هريرة عبد الرَّحمن بن أبي ذئاب) انتهى، والمُرسل: فيه أقوال نحو العشرة ذكر ابن الصَّلاح في «علومه» منها ثلاثة: وهو قول التَّابعيِّ: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، أو قول التَّابعيِّ الكبير: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، أو ما سقط [3] من إسناده واحد، وهذا الذي نحن فيه يُسمَّى [4] مرسلًا على قوله: (إنَّ مجاهدًا لم يسمع من أبي هريرة)، فيكون سقط منه واحد.
قوله: (أنَّه يُطْعِمُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر العين، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.
==========
[1] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يُقْضَى قَضَاءُ).
[2] زيد في (ج): (فيما ذكره)، وهو تكرارٌ.
[3] في (ج): (وسقط).
[4] (يسمى): سقط من (ب).
[ج 1 ص 499]

(1/3796)


[حديث: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع .. ]
1950# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية بن حُدَيج [1] الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يَحْيَى) أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.
قوله: (قَالَ يَحْيَى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ المذكور في السَّند.
قوله: (الشُّغْلَ [2]): هو منصوب بالقلم في أصلنا، وعليه (صح)، مفعول من أجله، ويجوز رفعه على أنَّه فاعل؛ تقديره: يمنعني الشُّغلُ، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (خديج)، وهو تصحيفٌ.
[2] في هامش (ق): (مفعول لأجله).
[ج 1 ص 499]

(1/3797)


[باب: الحائض تترك الصوم والصلاة]
قوله: (وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] في هامش (ق): (عبد الله بن ذكوان).
[ج 1 ص 499]

(1/3798)


[حديث: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟! فذلك نقصان دينها]
1951# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن سالم، ابنُ أبي مريم، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا [1] مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): تقدَّم أنَّ هذا مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير _بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة_ المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقته، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفة، ثقة، أخرج له الجماعة، ولكن بَعُد العهدُ به، وتقدَّم أنَّ (زَيْدًا) بعده: هو ابن أسلم الفقيه العمريُّ، عن أبيه، وابن عمر، وجابر، وعنه: مالك والدَّراورديُّ، قال ابن عجلان: ما هبتُ أحدًا هيبتي زيدَ بن أسلم، تُوفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة حجَّة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بَعُد العهدُ به.
قوله: (عَنْ عِيَاضٍ): هذا هو عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشيُّ العامريُّ المدنيُّ، عن أبي هريرة وصحابة غيره، وعنه: داود بن قيس، وابن عجلان، وعدَّة، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، قال ابن يونس: ولد بمكَّة، ثمَّ قدم مصر فكان مع أبيه، ثمَّ خرج إلى مكَّة، فلم يزل بها حتَّى مات.
قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (فَذَلِكِ نُقْصَانُ دِينِهَا): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث؛ لأنَّ امرأة سألته: ما نقصان العقل والدِّين؟ فأجابها.

(1/3799)


[باب من مات وعليه صوم]
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.
==========
[ج 1 ص 499]

(1/3800)


[حديث: من مات وعليه صيام صام عنه وليه]
1952# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ خالدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ مُوسَى بنِ أَعْيَنَ): (مُحَمَّد بن خالد) هذا: ذكره الجيَّانيُّ [1] في الباب الثَّالث من (أبواب الذُّهليِّ): فهو مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذُّهليُّ، أبو عبد الله النَّيسابوريُّ الحافظ، عن ابن مهديٍّ وعبد الرَّزَّاق، وعنه: البخاريُّ، والأربعة، وابن خزيمة، وأبو عوانة، فلا يكاد
[ج 1 ص 499]
البخاريُّ يفصح باسمه؛ لما جرى بينهما، قال ابن أبي داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى، وكان أمير المؤمنين في الحديث، وقال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه، تُوفِّيَ سنة (258 هـ)، وله ستٌّ وثمانون سنة، أخرج له البخاريُّ والأربعة، وقال شيخنا: (وما ذكرناه _يعني: من أنَّه الذُّهليُّ_ هو ما ذكره الجيَّانيُّ [2] عن أبي نصر والحاكم، واقتصر عليه الدِّمياطيُّ، ولم يصرِّح البخاريُّ باسمه في شيء من [3] «الجامع»؛ يعني: لم ينسبه ويميِّزه كما يفعل بغيره من مشايخه، قال شيخنا: وقال ابن عديٍّ: في شيوخ البخاريِّ مُحَمَّد بن خالد بن جبلة الرَّافعيُّ، وقال ابن عساكر: قيل: إنَّ البخاريَّ روى عنه، وقال أبو نعيم في «مستخرجه»: رواه _يعني: البخاريُّ_ عن مُحَمَّد بن خالد بن خليٍّ، وهو غريب، انتهى، ولا شكَّ أنَّه غريب غريبٌ؛ وذلك لأنَّ مُحَمَّد بن خالد بن خليٍّ الحمصيَّ عن أحمد الوهبيِّ وعدَّة، وعنه: النَّسائيُّ، وأبو عوانة، والأصمُّ، وثَّقه النَّسائيُّ، وقال الدَّارقطنيُّ: ليس به بأس، ولم يخرِّج له سوى النَّسائيُّ؛ فاعلمْه، والله أعلم.
قوله: (أنَّ مُحَمَّد بنَ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن الزُّبير بن العوَّام، عن عمِّه عروة وجماعة، وعنه: ابن جُرَيج وجماعة، قال بعضهم: كان فقيهًا عالمًا، وثَّقه النَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة.

(1/3801)


قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو): الضَّمير في (تابعه) يعود على موسى بن [4] أعين، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب المصريُّ، العالم المشهور، ومتابعته رواها مسلم عن هارون بن سعيد الأيليِّ، وأحمد بن عيسى؛ كلاهما عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث به، ورواها أبو داود في (الصَّوم) عن أحمد بن صالح عن ابن وهب به، انتهى، ورأيت بخطِّ بعض الفضلاء المُحدِّثين من أصحابنا _وهو حافظ_ في حاشية «الأطراف» ما لفظه [5]: أبو داود [6] في (الأَيمان والنُّذور) أيضًا من رواية ابن العبد. انتهت.
قوله: (وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أيُّوب، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ): أمَّا (يحيى بن أيُّوب)؛ فهو الغافقيُّ المصريُّ، أحد العلماء، عن يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة، وعنه: ابن وهب وسعيد بن أبي مريم، صالح الحديث، قال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، تُوفِّيَ سنة (168 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، و (ابن أبي جعفر): هو المذكور في السَّند، عبيد الله بن أبي جعفر، وما رواه يحيى بن أيُّوب ليس في شيء من الكتب السِّتَّة [7]، قال شيخنا: (أخرجه البيهقيُّ من حديث عمرو بن الربيع بن طارق [8] عن يحيى به).

(1/3802)


[حديث: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إن أمي]
1953# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحيم): هذا أبو يحيى الحافظ، المُلقَّب بصاعقة، عن يزيد بن هارون، وروح، وطبقتهما، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وخلقٌ، وكان بزَّازًا، تُوفِّيَ في شعبان سنة (255 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الخطيب: كان مُتقِنًا عالمًا حافظًا.
قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هو زائدة بن قدامة أبو الصَّلت الثَّقفيُّ، الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة، صاحب سُنَّة، تُوفِّيَ غازيًا بالرُّوم سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمته، ولكن بَعُد العهدُ به.
قوله: (عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الطَّاء المهملة، وهو مسلم بن عمران البَطِين أبو عبد الله الكوفيُّ، عن أبي وائل، وعليِّ بن الحُسين، وأبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ، وعنه: الأعمش وابن عون، وثَّقه أحمد وغيره، أخرج له الجماعة.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ): هذا الرجل لا أعرفه، (وهذه المرأة أمُّه لا أعرفها [1]) [2].
قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ: قال [3] الْحَكَمُ وَسَلَمَةُ: وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ): (سليمان) هذا: هو الأعمش المذكور في السَّند، و (الحكم): هو ابن عتيبة [4]، الإمام المشهور، وقد تقدَّم، وأمَّا (سلمة)؛ فهو ابن كُهَيل أبو يحيى الحضرميُّ، من علماء الكوفة، رأى زيد بن أرقم، وروى عن أبي جُحَيْفَة وعلقمة، وعنه: شعبة وسفيان، ثقة إمام، له مئتا حديث وخمسون حديثًا، مات سنة (121 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/3803)


قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّ هذا لم يصحَّ عنده على شرطه، وأمَّا (أبو خالد) هذا؛ فهو الأحمر، وهو سليمان بن حيَّان كوفيٌّ، عن عاصم الأحول ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وهنَّاد، صدوق إمام، قال ابن مَعِين: ليس بحجَّة، تُوفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (الأعمش): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.
(وتعليق أبي خالد عن الأعمش أخرجه مسلم، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وتعليق الأعمش عن مسلم عن سعيد أخرجه مسلم؛ نحوَه، وتعليق الأعمش عن سلمة بن كُهَيل أخرجه [5] البخاريُّ والنَّسائيُّ) [6].
قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ [7] الأَعْمَشُ): أمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم، وتعليقه عن الأعمش أخرجه أبو داود، وأمَّا (أبو معاوية)؛ فهو مُحَمَّد بن خازم الضَّرير؛ بالخاء المعجمة والزَّاي، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (الأعمش): سليمان بن مهران، تقدَّم أعلاه، وتعليقه عن الأعمش أخرجه أبو داود.
قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ): هذا هو عبيد الله بن عمرو الرَّقِّيُّ أبو وهب الحافظ، عن عبد الملك بن عمرو، وزيد بن أبي أنيسة، وخلقٍ، وعنه: أبو نعيم الحلبيُّ، وعليُّ بن معبد الرَّقِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: وكان أحفظ مَن روى عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحد ينازعه في الفَتْوى، مات سنة (180 هـ) [8]، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّمت [9] ترجمته، ولكن طال العهد بها، وتعليقه عن زيد أخرجه مسلم.
قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن عتيبة الإمام القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/3804)


قوله: (وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ [10]): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الرَّاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ زاي، واسمه عبد الله بن الحسين الأزديُّ أبو حَرِيْز، قاضي سَجِستان، عن قيس بن أبي حازم والشَّعبيِّ، وعنه: فُضَيل بن ميسرة وابن أبي عَروبة، مُختلَف فيه، وقد وُثِّق، وله ترجمة في «الميزان»، قال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد، وجاء عنه أنَّه مؤمن بالرَّجعة؛ رجعة عليٍّ، والله أعلم، علَّق له البخاريُّ، وروى له الأربعة.
تنبيه: كلُّ ما في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ»؛ فهو جَرِير؛ بفتح الجيم، وكسر الرَّاء إلَّا اسمين: حَرِيزَ بن عثمان الرَّحَبيَّ الحمصيَّ، روى له البخاريُّ والأربعة، وكذلك هذا الرَّجل الذي ترجمناه أبو حَريز عبد الله بن الحسين، فقد علَّق له البخاريُّ، ومَن عداهما؛ فهو جَرير، وحُدَير لا يشتبه به إلَّا نادرًا، والله أعلم [11].
وتعليقه هذا قال شيخنا: أخرجه البيهقيُّ من حديث الفُضَيل عنه.
==========
[1] (لا أعرفها): سقط من (ب).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).
[4] في (ب): (عيينة)، وهو تصحيفٌ.
[5] في (ب) و (ج): (أخرجها).
[6] ما بين قوسين جاء في (ب) سابقًا عند قوله: (قوله: ويذكر عن أبي خالد حدثنا الأعمش).
[7] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[8] في (ب): (80 هـ)، وليس بصحيحٍ.
[9] في (ج): (قدمت).
[10] في هامش (ق): (حاشية بخط اليونيني: أبو حَرِيزٍ: أوله حاء مهملة، وراء مكسورة، وزاي معجمة، هو عبد الله بن حسين قاضي سجستان، استشهد به البخاريُّ، عن عكرمة، قال أحمد ابن حنبل: منكر الحديث، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: هو ضعيف، قال ابن عديٍّ: عامة ما يرويه لا يتابع عليه).
[11] (والله أعلم): ليس في (ج).
[ج 1 ص 500]

(1/3805)


[باب: متى يحل فطر الصائم؟]
[ج 1 ص 500]
قوله: (وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] (مرارًا): ليس في (ب).

(1/3806)


[حديث: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا]
1954# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير المكِّيُّ، وتقدَّم الكلام لماذا نسب، وأنَّه أوَّل شيخ روى البخاريُّ [عنه] في هذا «الصَّحيح»، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، أحد الأعلام مُتَرجَمًا.
قوله: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا ... ) إلى آخره: قال العلماء: كلُّ واحد من هذه الثَّلاثة يتضمَّن الآخرَين ويلازمهما، وإنَّما جمع بينها [1]؛ لأنَّه قد يكون في وادٍ ونحوه بحيث لا يشاهد غروب الشَّمس، فيعتمد إقبال الظَّلام [2] وإدبار الضِّياء.

(1/3807)


[حديث: يا فلان، قم فاجدح لنا]
1955# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ): هو إسحاق بن شاهين الواسطيُّ أبو بشر، عن هُشَيم، وخالد بن عبد الله، وابن عيينة، وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وأحمد بن يحيى بن زهير التَّستريُّ، وأبو عَروبة، وخلق، قال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقال بحشل [1]: جاوز المئة، قال الذَّهبيُّ: قلت: بقي إلى بعد الخمسين والمئتين، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه.
قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو خالد بن عبد الله، تقدَّم أنَّه خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان [2]، أحد العلماء، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات بزنته [3] فضَّة رحمه الله تعالى، وأمَّا (الشَّيْبَانِي) الذي روى عنه؛ فهو بشين معجمة، وهو سليمان بن فيروز أبو إسحاق، تقدَّم قريبًا مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى) واسم (أبي أوفى) ونسبه، وأنَّه صحابيٌّ؛ كابنه، فعبد الله وأبو أوفى صحابيَّان.
قوله: (قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ): تقدَّم قريبًا أنَّه بلال، وتقدَّم (الجدح) ما هو وضبطه قريبًا.

(1/3808)


[باب: يفطر بما تيسر عليه بالماء وغيره]

(1/3809)


[حديث: إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم]
1956# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 501]

(1/3810)


[باب تعجيل الإفطار]

(1/3811)


[حديث: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر]
1957# [قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، والزذَاي، وأنَّه اسمه سلمة بن دينار الأعرج المدنيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا] [1].
قوله: (لاَ يَزَالُ النَّاس بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ): يعني: ما داموا محافظين على هذه السُّنَّة.

(1/3812)


[حديث: إذا رأيت الليل قد أقبل من هاهنا ... ]
1958# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا هو أبو بكر بن عيَّاش؛ بالمثنَّاة والشِّين المعجمة، وقد اختُلِف في اسمه كثيرًا كما تقدَّم؛ فقيل: شعبة، وقيل: مُحَمَّد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: رؤبة، ومسلم، وخداش، ومُطرِّف، وحمَّاد، وحبيب [1]، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وهو أحد الأعلام.
قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): وهو الشَّيبانيُّ، تقدَّم [2] أعلاه ابن فيروز، وكذا تقدَّم (ابْن أَبِي [3] أَوْفَى) أنَّه عبد الله، وتقدَّم اسم أبيه، وأنَّه صحابيٌّ أيضًا، وكذا تقدَّم (قَالَ لِرَجُلٍ) وأنَّه بلال، وتقدَّم (الجدح) ما هو وضبطه.
==========
[1] في (ب): (وخبيب).
[2] في (ب): (وقد تقدَّم).
[3] (أبي): سقط من (ب).
[ج 1 ص 501]

(1/3813)


[باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس]

(1/3814)


[حديث: قالت أفطرنا على عهد النبي يوم غيم ثم طلعت الشمس]
1959# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم، وكذا تقدَّمت (فَاطِمَة) أنَّها بنت المنذر بن الزُّبير بن العوَّام، زوج هشام بن عروة وبنت عمِّه، وكذا تقدَّمت (أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ [1]) زوج الزُّبير.
==========
[1] زيد في (ج): (أبي)، وهو تكرارٌ.
[ج 1 ص 501]

(1/3815)


[باب صوم الصبيان]
قوله: (وَقَالَ عُمَرُ [1] لِنَشْوَان): النَّشْوان: يجوز عدم صرفه وصرفُه، وهو السَّكران؛ وهو بفتح النُّون، وإسكان الشِّين المعجمة، [وهذا النَّشْوان لا أعرفه، قال بعض حُفَّاظ مصر [2] في هذا الزَّمان: وفي رواية أبي عبيد: أنَّه كان شيخًا، وفي «أخبار المدينة» لعمر بن شبَّة [3] ما يدلُّ على أنَّه ربيعة بن أميَّة بن خلف، انتهى] [4]
قوله: (وَيْلَكَ): تقدَّم الكلام على (ويل) مُطَوَّلًا، وهي كلمة تقال لمن وقع في هلكة يستحقُّها.

(1/3816)


[حديث: من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه]
1960# قوله: (بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر)؛ بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، و (المفضَّل): اسم مفعول من (فضَّله)؛ المشدَّد [1].
قوله: (عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ): هي بضمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، وبعدها مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، ثمَّ عين مهملة، وأمَّا (مُعَوّذ)؛ فبضمِّ الميم، وفتح العين، وتشديد الواو مكسورة ومفتوحة، ثمَّ ذال معجمة، وهي الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ ابن عفراء [2] الأنصاريَّة، بايعت تحت الشجرة، وتأخَّرت وفاتها، روى عنها جماعة؛ منهم: أبو سلمة، وعمرو بن شعيب، أخرج لها الأئمَّة السِّتَّة، وأحمد في «المسند».
قوله: (أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ): سيأتي لمن أرسل [فيما يُحتمل، وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين في هذا العصر: لم أقف على اسم الرَّسول، وليس هو أسماء أو هند ابني حارثة [3]؛ فإنَّهما أسلميَّان، أُرسل أحدهما إلى قومه، انتهى] [4].
قوله: (عَاشُورَاءَ): تقدَّم أنَّ فيه المدَّ والقصر، وسيأتي الخلاف في أيِّ يوم هو، والصَّحيح: أنَّه العاشر من المحرَّم.
قوله: (مِنَ الْعِهْنِ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه الصُّوف مطلقًا، وقيل: الملوَّن منه، وقيل: الأحمر خاصَّة، ويقع في كثير من النُّسخ بعد هذا: (العهن: الصُّوف)، وهو نسخة في أصلنا.
==========
[1] في (ب): (المشدَّدة).
[2] في (ب): (العفراء).
[3] في (ب): (جارية)، وفي (أ) يحتملهما، والمثبت موافق لما في «أسد الغابة».
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 501]

(1/3817)


[باب الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام]
(بَابُ الْوِصَالِ) ... إلى (كتاب صَلَاةِ التَّرَاويحِ)
مسألة: أمَّا حكم الوصال؛ فهو مكروه كراهة تحريم، على الأصحِّ عند الشَّافعيَّة، وهو ظاهر نصِّ الشَّافعيِّ، والثاني: أنَّه كراهة تنزيه.
==========
[ج 1 ص 501]

(1/3818)


[حديث: لست كأحد منكم إني أطعم وأسقى]
1961# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.
قوله: (إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى): و (أُطعَم وأُسقَى): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، [وهذا ظاهر.
قوله: (أَوْ: إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى): هما مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما] [1]، وقد قدَّمت الوعدَ بذكر معنى هذا والخلاف فيه؛ الصَّحيح أنَّ معناه: يجعل الله فيَّ قوَّة مَن أكل وشرب، ثانيها: أنَّه يأكل من طعام الجنَّة حقيقة؛ كرامةً من الله، وأنكره بعضهم؛ لانتفاء الوصال، إذًا هذا إن كان أكله ليلًا، وإن كان أكله نهارًا؛ فيردُّه: «أظلُّ يطعمني ربِّي ويسقين»، ولا يقال: ظلَّ يفعل كذا إلَّا إذا فعله نهارًا، ولو أكل نهارًا؛
[ج 1 ص 501]
أفطر، قال شيخنا: إنَّه يأكل حقيقة؛ كرامةً له [2] من الله، وأنكره بعضهم؛ لانتفاء الوصال إذًا وكان مفطرًا، وقد يجاب: بأنَّ طعام الجنَّة لا يُفطِر، كذا قال شيخنا، وفيه نظر، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ لمَّا نقل هذا عن بعضهم، ولم يعيِّن القائل؛ قال: (والأولى أن يقال: إطعامُ الله لا يُفطِر؛ بدليل النَّاسي إذا أكل؛ لا يفطر) انتهى، وهو كلام حسن، أو يخلق الله له مِن الشَّبع والرِّي؛ كالطَّاعم الشَّارب، واستُبعِد، فإنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يجوع أكثر ممَّا يشبع، ولكان لا يجد له [3] روحها الذي هو الجوع والمشقَّة، وثالثها: أنَّ ذلك كان في المنام، وحكى المُحبُّ الطَّبريُّ فيه أربعة أوجه هي مذكورة فيما قدَّمته غير الرَّابع؛ وهو أنَّه عَبَّر بـ (الوصال): عن قوَّة الأنس بالله [4] والسُّرور، ثمَّ أنشد بيتين يقوِّيانه، انتهى، وفي كلام ابن قيِّم الجوزيَّة ترجيح هذا على غيره من الأقوال.

(1/3819)


[حديث: لا تواصلوا فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر]
1963# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِي): اسم (ابن الهادي) يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي اللَّيثيُّ، عن أبي مُرَّة مولى أمِّ هانئ وغيره، وعنه: مالك وأبو ضمرة، ثقة مُكثِر، مات سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وتقدَّم أنَّ (الهَادي) الصَّحيح فيه: إثباتُ الياء، قاله النَّوويُّ مع (ابن أبي الموالي) و (ابن العاصي) و (اليماني).
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، الأنصاريُّ مولاهم، عن أبي سعيد، وعنه: بُكَير ابن الأشجِّ، وابن إسحاق، وعدَّة، وثَّقه أبو حاتم وغيره، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتقدَّم [1] مُتَرجَمًا.
قوله: (حَتَّى السَّحَرِ): هو قبيل الصُّبح، كذا قاله الجوهريُّ، وفي حفظي: أنَّ ابن عبد السَّلام قال في «تفسيره الصَّغير»: (إنَّ السَّحَر: هو السُّدس الأخير من اللَّيل).
قوله: (لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ [2]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [3]؛ فانظره.

(1/3820)


[حديث: إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقين]
1964# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّد؛ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): أمَّا (عثمان ابن أبي شيبة)؛ فهو الحافظ أخو الحافظ الكبير أبي بكر ابن أبي شيبة، مشهور التَّرجمة، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا المقرون به (مُحَمَّد)؛ فهو في أصلنا: (مُحَمَّد بن سلَام)، وقد كُتِب على (ابن سلَام): (زائد)، وقد قال الجيَّانيُّ [1] في «تقييده»، فذكر أبوابًا ليس منها هذا المكان: («مُحَمَّد عن عَبْدة»: هكذا أتى «مُحَمَّد» غير منسوب عن عَبْدة، وفي بعض هذه المواضع، وقد نسبه ابن السَّكن في بعضها: «ابن سلَام»، وكذلك صرَّح البخاريُّ في بعض المواضع باسمه، فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا عَبْدة، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة) انتهى، وقد راجعتُ «الأطراف» للمزِّيِّ؛ فقال: (في «الصَّوم» عن عثمان ابن أبي شيبة، ومُحَمَّد هو ابن سلَام) هذا لفظه، فالتَّوضيح يحتمل أن يكون منه [2]، ويحتمل أن يكون [3] مِن غيره؛ ممَّن [4] تقدَّم؛ كالفربريِّ أو مَن دونه.
و (عَبْدة) هذا: هو ابن أبي لبابة الأسديُّ الغاضريُّ مولاهم، ويقال: مولى قريش، تابعيٌّ جليل، لقي ابن عمر وجماعة، وله في «مسلم» عن عُمر نفسِه، وهذا مُنقطِع، وكذا قال الرَّشيد العطَّار في «الغرر» [5]، وعنه: مُحَمَّد بن جحادة، وشعبة، والأوزاعيُّ، وخلقٌ، وكان فاضلًا إمامًا كبير القدر [6]، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ [7]، والنَّسائيُّ [8]، وابن ماجه.
==========
[1] في (ب): (الجبائي)، وهو تصحيفٌ.
[2] (منه): سقط من (ج).
[3] (ويحتمل أن يكون): سقط من (ب) و (ج).
[4] في (ب): (وقد).
[5] في (ب): (العزيز)، وهو تحريفٌ.
[6] في (ب): (الفضل).
[7] في (ب): (وأبو داود).
[8] زيد في (ب): (والتِّرمذي)، وهو تكرار.
[ج 1 ص 502]

(1/3821)


[باب التنكيل لمن أكثر الوصال]

(1/3822)


[حديث: وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين]
1965# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن [1]) أنَّه ابن [2] عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.
قوله: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ): هذا الرجل لا أعلم أحدًا سمَّاه؛ فليتبعْ.
قوله: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ [3]): تقدَّم الكلام عليه قريبًا.
قوله: (كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ): التَّنكيل: العُقوبة.
==========
[1] زيد في (ب): (بن عوف).
[2] (ابن): سقط من (ب).
[3] في (ب) و (ج): (ويسقيني).
[ج 1 ص 502]

(1/3823)


[حديث: إياكم والوصال]
1966# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: قد [2] قدَّمتُ في (الصَّلاة) أنَّ البخاريَّ ذكر يحيى عن عبد الرَّزَّاق في عدَّة أبواب ذكرتها هناك عن عبد الرَّزَّاق [3]، نسبه ابن السَّكن: يحيى بن موسى خت، وذكر غيره أنَّ يحيى عن عبد الرَّزَّاق في بعض تلك المواضع التي ذكرتها: هو يحيى بن جعفر بن أعين أبو زكريَّا البخاريُّ البيكنديُّ، وذكر أبو نصر أنَّ يحيى بن موسى البلخيَّ ويحيى بن جعفر البخاريَّ روى مُحَمَّد بن إسماعيل عنهما عن عبد الرَّزَّاق في «الجامع»، ووجدنا رواية يحيى بن جعفر عن عبد الرَّزَّاق في أوَّل (كِتَاب الاستئذان)، وقال أبو أحمد بن عديٍّ: يحيى بن جعفر هذا هو الذي قال لمُحَمَّد بن إسماعيل: مات عبد الرَّزَّاق ولم يكن مات في ذلك الوقت، بل كان حيًّا، وكان البخاريُّ [4] مُتوجِّهًا إلى عبد الرَّزَّاق فانصرف، فلمَّا مات عبد الرَّزَّاق [5]؛ سمع البخاريُّ كُتُبَ عبد الرَّزَّاق من يحيى هذا، انتهى ملخَّصًا، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (قيل: إنَّه يحيى بن موسى).
قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (هَمَّام) وأنَّه ابن مُنبِّه بن كامل اليماني الأبناويُّ، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ): (الوِصال): منصوب، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (فَاكْلَفُوا): قال ابن قرقول: (كَلِفْتُ بالشَّيءِ أولعت به، ثلاثيٌّ مفتوح اللَّام في المستقبل، مكسورها في الماضي، ووقع عند بعض شيوخنا بألف القطع، ولام مكسورة، ولا يصحُّ عند أهل العربيَّة) انتهى.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: الملقب بخت).
[2] (قد): ليس في (ب).
[3] زيد في (ج): (في «الجامع»، ووجدنا رواية).
[4] زيد في (ب): (وكان البخاريّ)، وهو تكرارٌ.
[5] زيد في (ب): (سمع البخاريّ عبد الرزاق)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[ج 1 ص 502]

(1/3824)


[باب الوصال إلى السحر]
[ج 1 ص 502]
قوله: (باب الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ): تقدَّم أنَّ (السَّحر): قبيل الصُّبح، وتقدَّم قريبًا ما رأيته في ذلك.

(1/3825)


[حديث: لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر]
1967# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، والزَّاي [1]، وأنَّ اسمه عبد العزيز بن أبي حَازم المدنيُّ [2]، واسم أبيه سلمة بن دينار، تقدَّم.
قوله: (عَنْ يَزِيدَ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تقدَّم قريبًا مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ): تقدَّم في باطنها ضبط والده، وبعض ترجمته هو [3]، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِي) أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

(1/3826)


[باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه .. ]

(1/3827)


[حديث: آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء]
1968# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم لِمَ لُقِّب بندارًا.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ [1]): هو بضمِّ العين، وفتح الميم، وبالسِّين المهملتين، وتقدَّم أيضًا أنَّ اسمه عتبة بن عبد [2] الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذليُّ، أخو عبد الرَّحمن المسعوديِّ، عن الشَّعبيِّ، وابن أبي مُلَيكة، وإياس بن سلمة ابن الأكوع، وعون بن أبي جُحَيْفَة، وجماعة، وعنه: شعبة، وعبد الواحد بن زياد، وأبو معاوية، وآخرون، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قال الذَّهبيُّ: موته قريب من موت الأعمش، انتهى، والأعمش تُوفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (148 هـ)، وقال شيخنا المؤلِّف في هذا الشرح: تُوفِّيَ سنة (120 هـ)؛ فاعلمه.
قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ (أبا جُحَيْفَة) بضمِّ الجيم، وفتح الحاء المهملة، والباقي معروف، وهب بن عبد [الله] السُّوائيُّ، تقدَّم.
قوله: (بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ): تقدَّم أنَّ أبا الدرداء عُويمر، وقد اختُلِف في اسم أبيه، وقد قدَّمته، حكيم هذه الأمَّة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ): هذه هي الكبرى، قال الدِّمياطيُّ: (واسمها خَيْرة بنت أبي حدرد الأسلميِّ في قول أحمد ويحيى، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى اسمها هجيمة أو جهيمة بنت حُيَيٍّ، وهي أيضًا زوج أبي الدَّرداء، والصُّحبة للكبرى، تُوفِّيَت بالشَّام في خلافة عثمان قبل أبي الدَّرداء، ولم يُروَ عنها شيء في الكتب السِّتَّة، وسيأتي ما ذكره شيخنا الشَّارح في (عيادة المريض)، وروت الصغرى عنه فيها، ومات عنها أبو الدَّرداء، فخطبها معاوية، فلم تتزوَّجه، وحجَّت سنة إحدى وثمانين) انتهى، قال ابن عبد البَرِّ: (تُوفِّيَت _يعني: الكبرى_ قبل أبي الدَّرداء بسنتين) انتهى [3]، وتُوفِّيَ أبو الدَّرداء سنة اثنتين وثلاثين، وقد تقدَّم أنَّه روى لها أحمد في «المسند»، وقد قال شيخنا الشَّارح فيما يأتي في (كِتَاب المرضى) كلامًا معناه: أنَّه علَّق لها البخاريُّ، وسيذكر البخاريُّ في (المرضى) ذلك، وأذكر ما قاله شيخنا، والله أعلم.

(1/3828)


قوله: (مُتَبَذِّلَةً): أي: لابسة ثيابها؛ وهو ما يمتهن فيه من الكسوة؛ أي: غير مُتزيِّنة، ولا مُتصنِّعة للزَّوج، وهو بمثنَّاة فوق ثمَّ موحَّدة مفتوحتين، ثمَّ ذال معجمة مكسورة، قال في «النِّهاية»: وفي رواية: (مبْتَذِلة)؛ يعني: بموحَّدة ساكنة، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ ذال معجمة مكسورة، وهما بمعنًى.
قوله: (لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا): لم أقف على كلام فيه، والذي ظهر لي أنَّ مرادها المرأة؛ أي: ليس له حاجة في الزَّوجة، والله أعلم.
قوله: (فَصَلَّيَا): هو بفتح اللَّام المشدَّدة؛ أي: صلَّى هو وسلمان.

(1/3829)


[باب صوم شعبان]

(1/3830)


[حديث: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر]
1969# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تقدَّم أنَّ النضر [1] بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بنصر؛ لأنَّ المهمل لا يأتي بالألف واللَّام؛ بخلاف المعجم؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام، وهو سالم بن أبي أميَّة، مولى عمر بن عبيد الله التَّيميِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف.

(1/3831)


[حديث: خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا]
1970# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ (فَضالة) بفتح الفاء، وهذا ظاهر إلَّا أنِّي رأيت مَن يقع فيه ويضمُّ فاءه.
قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): تقدَّم أنَّ هذا هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وأنَّ (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، وأنَّ (أَبَا سَلَمَةَ) أحد الفقهاء السَّبعة على قول، وتقدَّم اسمه أعلاه.
قوله: (لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا): تقدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التَّعليق، وأنَّ (حتَّى) على بابها من الغاية، وإليه ذهب ابن سِرَاج وأبوه؛ أي: لا يَملَّ لثوابهم مللًا مقابلًا لمللهم، وقيل: خرج الكلام مخرج قولهم: (حتَّى يشيب الغراب)، على نفي القصَّة، لا على وجودها؛ أي: لا يَملُّ، ولا يليق به الملل إن مللتم أنتم، من المقابلة بين الكلامين؛ أي: لا يترك ثوابكم حتَّى تملُّوا، وتتركوا بمللكم عبادته، فسمَّى تركه لثوابهم مللًا، و (الملل) إنَّما هو من صفات المخلوقين: وهو ترك الشيء؛ استثقالًا وكراهيةً [1] بعد حرص عليه ومحبَّة فيه، قاله في «المطالع».
==========
[1] في (ب): (وكراهةً).
[ج 1 ص 503]

(1/3832)


[باب ما يذكر من صوم النبي وإفطاره]
قوله: (باب مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر.
==========
[ج 1 ص 503]

(1/3833)


[حديث: ما صام النبي شهرًا كاملًا قط غير رمضان]
1971# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (أَبُو عَوَانَةَ) أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ الحافظ مُتَرجَمًا، وتقدَّم (أَبُو بِشْرٍ) أنَّه بالموحَّدة المكسورة، وبالشِّين المعجمة، وأنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس.
قوله: (قَطُّ): تقدَّم الكلام في أوَّل هذا التَّعليق على اللُّغات فيها.

(1/3834)


[حديث: كان رسول الله يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه.]
1972# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الميم [1]، وأنَّه الطَّويل ابن تير، وقيل: تيرويه، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم أنَّ كلَّ ما جاء (حُمَيد عن أنس) في هذا «الصَّحيح»؛ فهو الطَّويل إلَّا في حديثين؛ أحدهما: «أخذ الرَّاية زيد فأصيب»، والثَّاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار»؛ فإنَّه حُمَيد بن هلال، والله أعلم.
[ج 1 ص 503]
قوله: (أَنْ لاَ يَصُوم): هو منصوب ومرفوع، وهذا ظاهر، وكذا (أَنْ لاَ يُفْطِر).
قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ): (سليمان) هذا: هو سليمان بن بلال المدنيُّ أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، عن زيد بن أسلم وعبد الله بن دينار، وعنه: ابنه أيُّوب، والقعنبيُّ، ولُوَين [2]، ثقة إمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهذا تعليق مجزوم به، فهو [3] شرطه مِن أوَّله إلى آخره، وسليمان من شرطه، أخرج له [4] الجماعة، وتعليق سليمان لم يكن في شيء من الكتب السِّتَّة.
==========
[1] في (ب): (الموحَّدة)، وليس بصحيحٍ.
[2] في (ب): (ولوس)، وهو تحريفٌ.
[3] زيد في (ب): (على).
[4] (له): سقط من (أ) و (ج).

(1/3835)


[حديث: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائمًا إلا رأيته]
1973# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا أَبُو [2] خَالِدٍ الأَحْمَرُ): كذا في الأصل، وفي نسخة وعليها علامة راويها: (ابن سلَام)، قال الجيَّانيُّ [3]_وقد ذكر هذا المكان فقط في «البخاريِّ» _: (نسبه ابن السَّكن: مُحَمَّد بن سلَام، وإليه أشار أبو نصر في كتابه) انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: البخاريُّ في (الصَّلاة) وفي (الصَّوم)، (عن مُحَمَّد): هو ابن سلَام.
قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن حيَّان الكوفيُّ، عن عاصم الأحول ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وهنَّاد، صدوق إمام، قال ابن مَعِين: ليس بحجَّة، تُوفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد بها، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (وَلاَ مَسِسْتُ): يقال: مسِست الشيء _ بالكسر_ أَمَسُّه مَسًّا، هذه اللُّغة الفصيحة، وحكى أبو عبيدة: مسَستُ الشَّيء _ بالفتح_ أمُسُّه؛ بالضَّمِّ، وربَّما قالوا: مِسْتُ الشَّيء؛ يحذفون منه السِّين الأولى، ويُحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم مَن لا يحوِّل، ويترك الميم على حالها مفتوحة، قاله الجوهريُّ، وقد تقدَّم بعض هذا أو كلُّه.
قوله: (وَلاَ شَمِمْتُ): بكسر الميم الأولى، ويجوز فتحها في لغة، وقد تقدَّم بأطولَ مِن هذا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَني).
[2] (أبو): سقط من (ج).
[3] في (ب): (الخطابي)، وهو تحريف.
[ج 1 ص 504]

(1/3836)


[باب حق الضيف في الصوم]

(1/3837)


[حديث: إن لزورك عليك حقًا وإن لزوجك عليك حقًا]
1974# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحاقُ: أَخْبَرَنَا هارُونُ بنُ إسْماعِيلَ): قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر هذا المكان فقط_: (لم ينسبه أبو نصر ولا غيره من شيوخنا) انتهى، ولا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: («خ» إسحاق: روى البخاريُّ عنه، عن عبد الله بن بكر، وأبي [1] عاصم، وجماعة، والظَّاهر أنَّه الكوسج، وقيل: إنَّ الذي يروي عن عبد الله بن بكر: هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر) انتهى، وقال شيخنا بعد أن ذكر كلام الجيَّانيِّ بتقديم وتأخير: ورواه أبو نعيم في «مستخرجه» عن أبي أحمد: حَدَّثَنَا ابن شيرويه: حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم: أخْبَرنا هارون: حَدَّثَنَا عليُّ بن المبارك) انتهى، وما قاله شيخنا لم يحصل به التَّمييز؛ لأنَّ في مشايخ البخاريِّ مَن اسمه (إسحاق بن إبراهيم) جماعة؛ منهم مَن روى عنه في «الصَّحيح»؛ وهم [2]: البغويُّ لؤلؤ [3]، والصَّوَّاف [4] الباهِليُّ، وابن راهويه، وابن نصر السَّعديُّ، وابن يزيد [5] أبو النضر الدِّمشقيُّ، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير، تقدَّم بترجمته، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ [6] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ [7]): [تقدَّم الكلام على [8] ياء (العاصي)] [9]، قال النَّوويُّ: (إنَّ الصَّحيح: إثبات الياء)، وقدَّمت كلام أبي عمرو بن الصَّلاح.

(1/3838)


قوله: (دَخَلَ عَلَيَّ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ؛ يَعْنِي: إِنَّ [لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ] [10] لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ المُسمِع الشَّيخ الرَّاوي إذا أتى ببعض الحديث، وحذف بقيَّته، وأشار إليه بقوله: (وذكر الحديث)؛ كهذا، أو نحو هذا؛ كقوله: (وذكره)، وكقوله: (الحديث)، ولم يكن تقدَّم كمال الحديث؛ كالصُّورة الأولى؛ فليس لمن سمع كذلك أن يُتمِّم الحديث، بل يقتصر على ما سمع منه إلَّا مع البيان، كما [11] سيأتي، وبالمنع أجاب الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينيُّ، وقال أبو بكر الإسماعيليُّ: إذا عَرَف المُحدِّث والقارئ ذلك الحديث، فأرجو أن يجوز ذلك، والبيان أولى أن يقول: كما قال [12]، وطريق مَن أراد إتمامه [13] أن يقتصَّ ما ذكره الشَّيخ منه، ثمَّ يقول: (قال: وذكر الحديث)، ثمَّ يقول: (وتمامه كذا وكذا)، وقال أبو عمرو بن الصَّلاح بعد حكاية كلام الإسماعيليِّ: إذا جوَّزنا ذلك؛ فالتَّحقيق فيه أنَّه بطريق الإجازة فيما لم يذكر الشَّيخ، قال: لكنَّها إجازة أكيدة، قويَّة من جهات عديدة، فجاز لهذا مع كون أوَّله سماعًا إدراجُ الباقي عليه من غير إفراد [14] بلفظ الإجازة، والله أعلم، والذي فضَّله [15] الإمام البخاريُّ اختيار منه للجواز، والظَّاهر أنَّ المُسمِع والبخاريَّ يعرفان بقيَّة الحديث، والبخاريُّ لا أعلمه روى في هذا «الصَّحيح» بالإجازة إلَّا على ما قاله الحيريُّ، ولم يروِ بالمكاتبة نفسُه إلَّا في مكان واحد، فقال فيه: (كتب إليَّ مُحَمَّد بن بَشَّار) [خ¦6673]، كما سيأتي، وقد تقدَّمت مسألة الإجازة والمكاتبة في (كِتَاب العلم)، والله أعلم.
قوله: (إِنَّ لِزَوْرِكَ): (إنَّ)؛ بكسر همزتها ابتدائيَّة، والزَّور: الزَّائر، وهو جمع أيضًا، جمع (زَائر)، يقال: أتانا زَور؛ الواحد والاثنان والجميع سواء، ويقال: الزَّور: مصدر سُمِّي به الزَّائر، كما قالوا: رجل صَوم وعَدْل، ورجال صَوم وعَدْل.
قوله: (وَإِنَّ لِزَوْجِكَ): الزَّوج: الزَّوجة، والأفصح طرح التَّاء، وإثباتها لغة.
قوله: (قَالَ: نِصْفُ): هو برفع الفاء، وهذا ظاهر.

(1/3839)


[باب حق الجسم في الصوم]

(1/3840)


[حديث: يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟!]
1975# قوله [1]: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك الإمام، تقدَّم، وكذا تقدَّم (الأَوْزَاعِيُّ) أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو أبو عمر، أحد الأعلام، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المثلَّثة، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن) أعلاه وقبله [2] مرارًا، وكذا تقدَّم (العَاصِي) في يائه.
قوله: (أَلَمْ أُخْبَرْ): هو بضمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر [3].
قوله: (وَإِنَّ بِحَسْبِكَ): هو بإسكان السِّين، الحسْب _ بإسكانها_: الكفاية.
قوله: (صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ): (كله): مجرور، تأكيد لـ (الدَّهر) [4]، وهذا ظاهر.
قوله: (فَشُدِّدَ عَلَيَّ): (شُدِّد): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (نِصْفُ الدَّهْرِ): (نصف): مرفوع، ورفعه ظاهر.

(1/3841)


[باب صوم الدهر]
قوله: (باب صَوْمِ الدَّهْرِ): فائدة: الصَّحابة الذين كانوا يسردون الصَّوم جماعة؛ منهم: عمر، وابنه عبد الله، وأبو طلحة، وحمزة بن عمرو الأسلميُّ، وعائشة، وأبو الدَّرداء، وأبو أمامة الباهِليُّ، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وأمُّ سلمة، وأسماء بنت الصِّدِّيق، وعبد الله بن الزُّبير، ومن التَّابعين: عروة بن الزُّبير، وأبو بكر بن عبد الرَّحمن، وأبو سلمة.
==========
[ج 1 ص 504]

(1/3842)


[حديث: فإنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم]
1976# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (المسيّب) أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحمن) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أعلاه [1].
قوله: (أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أُخبِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رسولُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهر [2].
قوله: (أَنِّي أَقُولُ): هو بفتح همزة (أنِّي)، وهذا ظاهر أيضًا.
قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): أي: أفديك بأبي وأمِّي، وقد تقدَّم التَّفدية بأحد الأبوين أو بهما، وأنَّه جائز سواء أكانا مؤمنين أم كافرين، أو أحدهما مؤمن، والآخر كافر، والله أعلم.
==========
[1] (أعلاه): ليس في (ب).
[2] (وهذا ظاهر): ليس في (ب).
[ج 1 ص 504]

(1/3843)


[باب حق الأهل في الصوم]
قوله: (رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ): تقدَّم قريبًا أنَّه وهب بن عبد [الله] السُّوائيُّ، وتقدَّم أيضًا فيه ضبط (جُحَيْفة) وقريبًا أيضًا.
==========
[ج 1 ص 504]

(1/3844)


[حديث: ألم أخبر أنك تصوم ولا تفطر]
1977# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): هذا هو الفلَّاس [1] أبو حفص [2]، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو عَاصِمٍ) أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، وكذا تقدَّم (عَطَاء) أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.
[ج 1 ص 504]
قوله: (أَنَّ أَبَا الْعبَّاس الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ): (أبو العبَّاس الشاعر): هو السَّائب بن فَرُّوخَ المكِّيُّ الأعمى، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي وابن عمر، وعنه: عطاء بن أبي رَباح وعمرو بن دينار، ثقة، وثَّقه أحمد وجماعة، أخرج له الجماعة.
قوله: (فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ): (إِمَّا) في الموضعين؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وهذا ظاهر.
قوله: (أَلَمْ أُخْبَرْ): تقدَّم أنَّ (أُخبَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (لَأَقْوَى): هي بفتح لام التَّأكيد.
قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): هذا هو ابن أبي رَباح المذكور في السَّند.

(1/3845)


[باب صوم يوم وإفطار يوم]

(1/3846)


[حديث: صم من الشهر ثلاثة أيام]
1978# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى هذا اللَّقب، وكذا تقدَّم (غندر): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم أنَّه لَقَّبه به ابنُ جريج، وأنَّ معنى (غندر): المُشغِّب.
قوله: (عَنْ مُغِيرَةَ): هذا هو مغيرة بن مِقْسَم الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ الفقيه الأعمى أبو هشام، عن أبي وائل، وإبراهيم، والشَّعبيِّ، وعنه: شعبة، وزائدة، وابن فُضَيل، روى جرير عنه قال: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته، تُوفِّيَ سنة (133 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو إمام ثقة، لكن ليَّن أحمد حديثه عن إبراهيم النَّخعيِّ فقط، وهي في «البخاريِّ» و «مسلم»، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): قال العلائيُّ في «المراسيل»: واختُلِف في روايته عن عبد الله بن عمرو؛ فقيل: لم يسمع منه، قال العلائيُّ: قلت: أخرج البخاريُّ عنه حديثين، انتهى، إنَّما أخرج البخاريُّ لمجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ثلاثة أحاديث؛ أحدها: «ليس الواصل بالمُكافِئ»، والثاني: «أنكحني أبي امرأةً ذات حسب»، والثالث: «مَنْ قتل معاهدًا؛ لم يرح رائحة الجنَّة»، ونقل شيخنا عن الدَّارقطنيُّ: أنَّه لم يسمع من عبد الله بن عمرو، وسيجيء ذلك في (الدِّيات) و (الأدب)، والبخاريُّ لا يكتفي بإمكان اللُّقيِّ [1]، إنَّما يكتفي باللُّقيِّ [2]، وقد أخرج له التِّرمذيُّ عنه، وقال: حسن [3] صحيح، وفي بعضها حسن له.
==========
[1] في (ب): (يكتفي في مكان الكقي)، وهو تحريفٌ.
[2] (باللقي): سقط من (ب).
[3] في (ج): (حديث).
[ج 1 ص 505]

(1/3847)


[باب صوم داود عليه السلام]

(1/3848)


[حديث: إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النفس]
1979# قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): هذا بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر معروف عند أهله.
قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْعبَّاس الْمَكِّيَّ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ): تقدَّم أعلاه بعض ترجمته، وأنَّه السَّائب بن فَرُّوخ.
قوله: (هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ): هو بفتح الهاء والجيم والميم، وبتاء التأنيث الساكنة؛ أي: غارت [1] ودخلت في موضعها، ومنه: الهجوم على القوم: الدُّخول عليهم [2]، وقد تقدَّم.
قوله: (وَنَفِهَتْ [3] لَهُ النَّفْسُ): هو بكسر الفاء؛ ومعناه: أَعيتْ وكَلَّت، وفي أصلنا مضبوط بالقلم: بفتح الفاء وكسرها، والكسر قيَّده به الجوهريُّ، قال في «المطالع»: (نَهَثَتْ [4] له النَّفسُ): كذا لهم، وعند النَّسفيِّ: (نَهَثت أو نَفِهَتْ) على الشَّكِّ، والصَّواب: نَفِهَت؛ أي: أَعْيَت وكلَّت، وذكر شيخنا الشَّارح: (نهتت)؛ بنون، ثمَّ هاء، ثمَّ مثنَّاة فوق [5]، ثمَّ أخرى مثلها؛ ومعناه: ضعفت، ولأبي الهيثم: (نهلت): وليست هذه الكلمة معروفة في كلامهم حتَّى «الصِّحاح»، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ في الحاشية، وقال ابن التِّين: ضُبِط بكسر الهاء [6] في بعض الرِّوايات، وبالفتح في بعضها، وأعجم الثَّاء ثلاثًا [7] أتمَّ، ثمَّ قال: ولم يذكره أحد من أهل اللُّغة، وإنَّما ذكره الهرويُّ وابن فارس: بتاء معجمة باثنتين، قال ابن فارس: النَّهيت دون الزَّئير، قال: وكذلك ذكر صاحب «الصِّحاح»، قال الجوهريُّ: نَهَت يَنْهَتُ؛ أي: صوَّتَ، والنَّهيت: صوت يخرج من الصدر شبيه بالزجر [8]، وقال في رواية أخرى: (نهكت)، ولا وجه له إلَّا أن تُقرَأ بضمِّ النُّون من (نهكته الحمَّى)؛ إذا نقصته، انتهى، وفي بعض أصولنا: (نهثت) في الأصل، وكُتِب تجاهه [9]: صوابه: (لهثت)؛ باللَّام؛ أي: أعيت، وأمَّا بالنُّون؛ فهو مُهمَل عند أهل اللُّغة [10]، انتهت، و (نهثت) المذكورة؛ بمثلَّثة بعد الهاء، ثمَّ مثنَّاة فوق بالقلم، وقد تقدَّم من كلام شيخنا: أنَّ (نهتت)؛ بالمثنَّاة فوق، ثمَّ مثلها، فهذه غير تلك، والله أعلم.
==========
[1] في (ب) و (ج): (عادت).
[2] (عليهم): سقط من (ب).
[3] في (ب): (وتفهمت)، وهو تحريفٌ.
[4] في النُّسخ: (نهبت)، والمُثبَت من مصدره.
[5] في (ج): (مفتوحة).

(1/3849)


[6] في النُّسخ: (الثاء)، وكُتِب فوقها في (أ) كذا، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[7] في النُّسخ: (ثلاثًا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[8] في النسخ: (بالرجز).
[9] زيد في (ج): (في الحاشية).
[10] (أهل): سقط من (ب).
[ج 1 ص 505]

(1/3850)


[حديث: أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام]
1980# قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ.
قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ): هو بفتح الميم، وكسر اللَّام، واسمه عامر، وقيل: زيد بن أسامة بن عُمير الهذليُّ، عن أبيه وبُريدة، وعنه: أيُّوب وحجَّاج بن أرطاة، ثقة، مات سنة (98 هـ)، وقيل: سنة (112 هـ)، وقيل: سنة (108 هـ)، وُلِّي الأُبلة، أخرج له الجماعة.
قوله: (ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (ثَلاَثَةُ أيَّام): (ثلاثةُ): مرفوع فاعل (يكفي).
قوله: (قَالَ خَمْسًا): وكذا ما بعده: (سبعًا) و (تسعًا)؛ أي: صُمْ خمسًا، فهو مفعول بفعل [1] مُقدَّر، وهذا ظاهر.
قوله: (شَطْر الدَّهْرِ): (شطر): يجوز فيه الجرُّ، ويجوز النَّصب.
==========
[1] في (ب): (لفعل).
[ج 1 ص 505]

(1/3851)


[باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة]
قوله: (بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ: ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ): في أيَّام البيض وجهان لأصحاب الشَّافعيِّ، فما ذكره البخاريُّ هو الصَّحيح من الوجهين عندهم، وفي وجه: أنَّ أوَّلها الثَّاني عشر، ثمَّ اعلم أنَّ لفظ التَّرجمة حديث مرفوع لم يوافق شرطه، أخرجه النَّسائيُّ في رواية، وصحَّحها ابن حِبَّان: (أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أن نصوم من الشَّهر ثلاثة أيَّام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة)، أخرجها النَّسائيُّ من طريقين، وفيهما: يحيى بن سام، لم يخرِّج له البخاريُّ شيئًا، وإنَّما أخرج له التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وذكره ابن حبَّان في «الثِّقات»، وقال أبو عبيد الآجريُّ: سألت أبا داود عنه، فكأنَّه لم يرضَه، وقال: بلغني أنَّه لا بأس به.
==========
[ج 1 ص 505]

(1/3852)


[حديث: أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر]
1981# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين مهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو المُقعَد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّنُّوريُّ أبو عبيدة الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
[ج 1 ص 505]
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وبالمثنَّاة تحت المُشدَّدة، وفي آخره حاء مهملة، وتقدَّم أنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد [1] الضُّبعيُّ.
قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْديُّ [2]): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتقدَّم اللُّغات في (مَلٍّ)، وهنَّ أربع، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ): تنبيه: تقدَّم أنَّ الكُرَّاسة التي في أيدي الطرقيَّة وبعضِ النَّاس التي تُسمَّى وصيَّة أبي هريرة مكذوبة [3] إلَّا هذه الثَّلاث؛ فاعلمه، رأيت ذلك في كلام غير واحد من الحُفَّاظ، وإن كانت كلامًا حسنًا، فما كلُّ كلام حسن قاله النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، بل كلُّ ما قاله النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حسنٌ.

(1/3853)


[باب من زار قومًا فلم يفطر عندهم]

(1/3854)


[حديث: أعيدوا سمنكم في سقائه وتمركم في وعائه فإني صائم]
1982# قوله: (عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وهي أمُّ أنس بن مالك، وقد اختُلِف في اسمها؛ فيُقال: اسمها سهلة، ويقال: رُمَيلة، ويقال: رُمَيثة [1]، ويقال: أُنَيفة، ويقال: مُلَيكة، ويقال: الغُمَيصاء، ويقال: الرُّمَيصاء، وقال أبو داود: الرُّميصاء أخت أمِّ سُلَيم من الرَّضاعة، وقد قدَّمت ترجمتها.
قوله: (إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً): هي تصغير (خاصَّة)، وهي بتشديد الصَّاد: الأمر الذي يختصُّ بالإنسان، وجاء في رواية خارج هذا الكتاب: (خُوَيصَّتُكَ أنسٌ)؛ أي: الذي يختصُّ بخدمتك، وصُغِّر به؛ لصغر سِنِّه، والله أعلم.
قوله: (وَلاَ دُنْيَا): تقدَّم أنَّها غير منوَّنة على اللُّغة الفصيحة، وفي لغة يُنوَّن.
قوله: (ابْنَتِي أُمَيْنَةُ): هي تصغير (آمنة)، و (أُمَيْنَة)؛ بهمزة مضمومة، ثمَّ ميم مفتوحة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: بنت أنس بن مالك، حدَّث عنها أنس، كذا قيَّدها غير واحد، ولا أعرفُ ترجمتها.
قوله: (مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ [2] عِشْرُونَ وَمِئَةٌ): أمَّا الحجَّاج؛ فهو ابن [3] يوسف الثَّقفيُّ، تقدَّم نسبه، والكلام فيه، وأمَّا قدومه البصرةَ؛ فقال شيخنا: وكانت ولاية الحجَّاج سنة خمس وسبعين، انتهى.
وقوله: (عشرون ومئة): كذا هنا، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (بضع وعشرون ومئة)، وقال شيخنا: وفي رواية مُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ عن حُميد: (ثلاثة وعشرون ومئة)، ذكرها الخطيب في الكتاب المذكور؛ يعني: في «رواية الآباء عن الأبناء»، انتهى.
وقد وُلد لأنس بعد ذلك، وتُوفِّيَ سنة (93 هـ)، وقيل غير ذلك، وسيأتي مُطَوَّلًا.

(1/3855)


فائدة في هذا الحديث: فيه [4] رواية الآباء عن الأبناء، وهو من لطائف الإسناد، وقد أفرده الخطيب البغداديُّ بالتَّصنيف، وها أنا أذكر لك مَن حضرني مِن هذا النَّوع: روى العبَّاس عن ابنه الفضل، وروى وائل بن داود عن ابنه بكر، وروى سليمان التَّيميُّ عن ابنه مُعتمِر حديثين، وروى أنس بن مالك عن ابنه غير مُسمًّى، وروى عن ابنته هذه أُمَيْنَة، وروى زكريَّا بن أبي زائدة عن ابنه، وروى يونس بن أبي إسحاق عن ابنه إسرائيل، وروى أبو بكر بن [5] عيَّاش عن إبراهيم ابنه، روى شجاع بن الوليد عن ابنه أبي [6] هشام الوليد، وروى عمر بن يونس اليماميُّ عن ابنه، وروى سعيد بن الحكم المصريُّ عن ابنه مُحَمَّد، وروى [7] إسحاق بن البهلول عن ابنه يعقوب، وروى كثير بن يحيى البصريُّ عن ابنه يحيى، وروى يحيى بن جعفر بن أعين عن ابنه الحسين، وروى عليُّ بن حرب عن ابنه الحسن، وروى مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ عن ابنه يحيى، وروى أبو داود صاحبُ «السُّنن» عن ابنه أبي بكر، وروى أحمد بن شاهين عن ابنه مُحَمَّد، وروى أبو بكر بن أبي عاصم عن ابنه أبي عبد الرَّحمن، وروى عمر بن مُحَمَّد السَّمرقنديُّ عن ابنه مُحَمَّد، وروى مُحَمَّد بن عبد الله الصَّفَّار عن ابنه أبي بكر أبياتًا، وروى أبو الشَّيخ بن حيَّان عن ابنه عبد الرَّزَّاق حكايةً، وروى الحافظ أبو سعد [8] بن السَّمعانيِّ عن ابنه عبد الرَّحيم في «ذيل تاريخ بغداد»، وروى الإمام بدر الدِّين ابن جماعة عن ابنه القاضي عزِّ الدين حكايةً عجيبةً، وقال بعضهم: وروى أبو بكر الصِّدِّيق عن عائشة ابنته في (الحبَّة السَّوداء)، وهذا غلط ممَّن رواه؛ إنَّما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة، وهو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، وكذا رواه البخاريُّ في «صحيحه»، وروت أمُّ رومان دعد _ويقال: زينب_ عن ابنتها عائشة، والله أعلم.

(1/3856)


فائدة: اعلم أنَّ أنسًا أكثر الصَّحابة أولادًا كذا صُرِّح به، وقال ابن قتيبة في «معارفه»: (ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتَّى رأى كلُّ واحد منهم مئة ذكر مِن صلبه: أنس بن مالك، وأبو بكرة نُفَيع بن الحارث، وخليفة بن بدر) انتهى، وقد ذكر القاضي العلَّامة شمس الدين ابن خَلَّكان في «تاريخه» في ترجمة تميم بن المعزِّ بن باديس: (أنَّه خلَّف من البنين مئةً، ومن البنات ستِّين) انتهى، والله أعلم، [وذكر أيضًا في «تاريخه» في ترجمة المُهلَّب بن أبي صُفرة: (أنَّه وقع من صلبه إلى الأرض ثلاثُ مئة ولد) انتهى، والله أعلم] [9].
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ... ) إلى آخره: وفي نسخة: (قال ابن أبي مريم)، أمَّا (ابن أبي مريم)؛ فقد [10] تقدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم [11] الحكم بن مُحَمَّد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهو شيخ البخاريِّ، وهذا يُعرَف مِن قوله: (حَدَّثَنَا ابن أبي مريم)، وأمَّا على تلك النسخة الأخرى: (قال ابن أبي مريم)؛ فيكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة، كما قد تقدَّم في نظرائه غير مرَّة، وقد تقدَّم ما حكم: (قال فلان)؛ إذا كان المُسنَد إليه القولُ شيخَه؛ كهذا، وأصرح منها: (قال لي فلان) ما حكمها.
والحكمة في الإِتيان بالثَّاني سواء كان بصيغة: (قال) أو (حَدَّثَنَا): تصريح حُمَيد بالسَّماع من أنس؛ لأنَّ حُمَيدًا مُدلِّس، فأتى بالثَّاني؛ لتصريح حُمَيد فيه بالسَّماع من أنس، والله أعلم.
و (يَحْيَى بْن أيُّوب): هو الغافقيُّ المصريُّ، أحد العلماء، تقدَّم، روى له الجماعة.
و (حُمَيْدٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه الطَّويل، والله أعلم.

(1/3857)


[باب الصوم آخر الشهر]

(1/3858)


[حديث: يا أبا فلان أما صمت سرر هذا الشهر]
1983# قوله: (حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ): هذا هو مهديُّ بن ميمون المَعْوليُّ، عن أبي رجاء وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديٍّ، ومُسدَّد، ثقة، تُوفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ غَيْلاَنَ): هو بفتح الغين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت، وهو ابن جَرِير، كما صرَّح به في الطريق الثَّانية، الأزديُّ المَعْوليُّ، عن أنس، ومُطرِّف بن الشِّخِّير،
[ج 1 ص 506]
وعدَّة، وعنه: شعبة، وجرير بن حازم، وحمَّاد بن زيد، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد وجماعة.
قوله: (ح [1]): تقدَّم الكلام عليها كيف كتابتها، والنُّطق بها في أوَّل هذا التعليق مُطَوَّلًا.
قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو النُّعمان): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم معنى عارم، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ مُطَرِّفٍ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطَّاء، وتشديد الرَّاء المكسورة [2]، ثمَّ فاء، هو مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير العامريُّ أبو عبد الله، أحد الأعلام، عن أبيه، وأُبيٍّ، وعليٍّ [3]، وعنه: أخوه يزيد، وقتادة، وأبو التَّيَّاح، مات سنة (95 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة.
قوله: (أَوْ سَأَلَ رَجُلًا، وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ، فَقَالَ: يَا فُلاَنٍ [4]): (فلان): هو الرَّجل، ولا أعرفُ اسمه.
قوله: (أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ): كذا للكافَّة، وعند العذريِّ: (من سُرر)؛ بضمِّ السِّين، قال أبو عُبيد: سرار الشَّهر: آخره حيث يستتر الهلال، وأنكرَ غيرُه وقال: لم يأت في صوم آخر الشَّهر حضٌّ، وسرار كلِّ شيء: وسطه وأفضلُه؛ يريدون: الأيَّام الغرُّ في وسط الشَّهر، وقال ابن السِّكِّيت: سِرار الشَّهر وسَراره؛ بالكسر والفتح، قال الفرَّاء: والفتح [5] أجود، وقال الأزهريُّ: سرر الشهر، وسَرارُه، وسِراره؛ ثلاث لغات، وقال الأوزاعيُّ وسعيد بن عبد العزيز: سَرُّه: أوَّله، وقد جاء هكذا في «مُصنَّف أبي داود»، وأثبت بعضهم: سرَّه، ولم يعرفه الأزهريُّ، وقال أبو داود: قيل: سَرُّه: وسطه، وسرُّ كلِّ شيء: جوفه، وأنكر هذا الخطَّابيُّ أنَّ سَرَّه: أوَّله، وذكر قول الأوزاعيِّ: (سِرُّه: آخره، وقال: سُمِّي آخره: سرَّه؛ لاستسرار القمر فيه، وذكر مسلم في [6] حديث عمران بن الحُصَين: «من سُرَّة هذا الشَّهر»، وهذا يدلُّ على أنَّه وسطه، انتهى لفظ «المطالع».

(1/3859)


قوله: (قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ [7]: رَمَضَانَ): كذا هنا، وقد تعقَّبه البخاريُّ بعده بروايةٍ: (شعبان)، وكذا أخرجه مسلم: (من سرر شعبان) عن مُطَرِّف، وهو الصَّواب.
قوله: (وَقَالَ ثَابِثٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ ... ) إلى آخره: أمَّا (ثابت)؛ فهو ابن أسلم البُنانيُّ أبو مُحَمَّد، عن ابن عمر، وابن الزُّبير، وخلقٍ، وعنه: الحمَّادان وأممٌ، وكان رأسًا في العلم والعمل، يلبس الثِّياب الفاخرة، ويقال: لم يكن في وقته أعبدُ منه، تُوفِّيَ سنة (127 هـ)، وعمره: (86)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال العهد به، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3860)


[باب صوم يوم الجمعة]

(1/3861)


[حديث: نهى النبي عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم]
1984# قوله: (حَدَّثَنَا أبُو عاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (ابن جُرَيْحٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام.
قوله: (زَادَ غَيْرُ [1] أَبِي عَاصِمٍ؛ يَعْنِي [2]: أنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمِه [3]): قال شيخنا الشَّارح: (غير أبي عاصم: هو يحيى بن سعيد القطَّان)، كما بيَّنه النَّسائيُّ؛ فذكره، قال: (وكذا قال البيهقيُّ: قوله: «زاد [4] غير أبي عاصم» ذكرها يحيى بن سعيد، عن ابن جريج) ... إلى آخر كلامه، انتهى، وقد قدمت أنَّ (زاد) مثل (قال)، وإذا كان كذلك؛ فهو تعليق.
==========
[1] في (ج): (عن)، وهو تحريفٌ، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
[2] (يعني): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وفي هامشهما إثباتها مِن رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت.
[3] كذا في النُّسخ و (ق) وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا: (بصومٍ).
[4] زيد في (ج): (قوله).
[ج 1 ص 507]

(1/3862)


[حديث: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده]
1985# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (أَبُو صَالِحٍ) أنَّه ذكوان الزَّيَّات، وتقدَّم [1] مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3863)


[حديث: تريدين أن تصومي غدًا؟]
1986# قوله: (عن [1] يَحْيَى): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان [2]، شيخ الحُفَّاظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد: حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): (مُحَمَّد) هذا: تقدَّم الكلام عليه في (الصِّيام)، قال الجيَّانيُّ [3] في «تقييده»: (وقال في «الصِّيام»، و «تفسير {اقتربت}»، و «الطَّلاق»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا غندر» لم ينسب أحدٌ من شيوخنا في شيء مِن هذه المواضع، ولعلَّه: مُحَمَّد بن بَشَّار وإن كان مُحَمَّد بن المثنَّى يروي عن غندر، وذكر أبو نصر: أنَّ بندارًا ومُحَمَّد بن المثنَّى الزَّمِن ومُحَمَّد بن الوليد التُّستريَّ قد روى عن غندر في «الجامع») انتهى، وذكر شيخنا قال: ذكر أبو نعيم في «مستخرجه» والإسماعيليُّ: أنَّه ابنُ بَشَّار، ثمَّ ذكر ما ذكره الجيَّانيُّ، ثمَّ قال: (وقال عليُّ بن المُفضَّل: الأقرب أنَّه بندار انتهى، وبندار: هو مُحَمَّد بن بَشَّار المذكور) انتهى، والمِزِّيُّ لم يقيِّده، بل قال: (مُحَمَّد) فقط.
قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم ضبط (غندر)، وتقدَّم مَن لقَّبه به، وهو ابن جريج؛ ومعنى (غندر): المُشغِّب.
قوله: (عَنْ أَبِي أيُّوب): هذا هو أبو أيُّوب المراغيُّ الأزديُّ يحيى بن مالك، وقيل: حبيب بن مالك، له عن جويرية، وأبي هريرة، وسمرة، وابن عبَّاس، وعبد الله بن عمرو، وعنه: أبو عمران الجونيُّ، وقتادة، وثابت، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، ذُكِر في «الميزان» تمييزًا، أخرج له مَن عدا التِّرمذيِّ.
قوله: (عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ): هذه أمُّ المؤمنين، ابن أبي ضرار، الخزاعيَّة المصطلقيَّة، روى عنها: ابن عبَّاس، وعبد الله بن شدَّاد بن الهادي، ومجاهد، وغيرهم، سباها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يوم المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، وكانت سنة خمس، قاله خليفة، وكان اسمها بَرَّة، فسمَّاها عليه الصَّلاة والسَّلام جويريةَ، وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقيِّ، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن الشَّمَّاس،
[ج 1 ص 507]

(1/3864)


أو ابن عمٍّ له، فكاتبته، وكانت جميلة، قالت عائشة: كانت جُويرية عليها حلاوة وملاحة لا يكاد أحد يراها إلَّا وقعت بنفسه، فأتت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تستعينه على كتابتها، فوالله ما هو إلَّا أن رأيتُها على باب الحجرة، فكرهتها، وعرفت أنَّه سيرى منها ما رأيت، فقالت: يا رسول الله؛ أنا جويرية بنت الحارث سيِّدِ قومه، وقد أصابني من الأمر ما لم يخفَ عليك، وقد كاتبت وجئتك أستعينك، فقال: «هل لك في خير من ذلك؟» قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: «أقضي كتابتك وأتزوجُّك»، قالت: نعم، فقال: قد فعلتُ، وخرج الخبر إلى النَّاس، فقالوا: صهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فأرسلوا ما في أيديهم من السَّبي، قالت عائشة: (فلا نعلم امرأة كانت أعظم بركةً على قومها منها)، تُوفِّيَت سنة (56 هـ) في ربيع الأوَّل، وصلَّى عليها مروان، وقال غيره: سنة (50 هـ)، ولها خمس وستُّون سنة، أخرج لها الجماعة، ووالدها الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن الحارث بن عائذ بن مالك بن المصطلق الخزاعيُّ [4]، استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وحده، كذا قال الذَّهبيُّ، وأنَّه أسلم هو وابناه، وطائفة، انتهى، وفي «تاريخ دمشق»: (أنَّ أباها أسلم رضي الله عنه).
قوله: (أَمْسِ): هو بكسر السِّين، وهذا ظاهر، و (أمس) حُرِّك آخره؛ لالتقاء السَّاكنين، واختلف العرب فيه؛ فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم مَن يعربه معرفة، وكلُّهم يعربه إذا أدخل عليه الألف واللَّام، أو صيَّره نكرة، أو أضافه، تقول: مضى الأمسُ المبارك، ومضى أمسُنا، وكلُّ غدٍ صائر أمسًا، قال سيبويه: وقد جاء في ضرورة الشِّعر: (مُذْ أمسَ)؛ بالفتح، ولا يُصغَّر (أمسِ)، كما لا يُصغَّر (غدٌ [5])، و (البارحة)، و (كيف)، و (أين)، و (متى)، و (أيٌّ)، و (ما)، وأسماء الشُّهور والأسبوع غير (الجمعة)، والله أعلم.
قوله: (أَنْ تَصُومِينَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (تصومي)، وهذه جارية على الجادَّة.
قوله: (فَأَفْطِرِي): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ.

(1/3865)


قوله: (وَقَالَ حمَّاد بْنُ الْجَعْدِ): ويقال فيه [6]: حمَّاد بن أبي الجعد: (سَمِعَ قَتَادَةَ قال [7]: حَدَّثَنِي أَبُو أيُّوب [8] أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ): أمَّا (حمَّاد بن الجعد)؛ فهو هذليٌّ بصريٌّ، يروي عن قتادة وليث بن أبي سُلَيم، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ وهدْبة بن [9] خالد، قال ابن مَعِين: ضعيف ليس بثقة، وقال أبو زُرْعة: ليِّن، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأسٌ، وضعَّفه أيضًا أبو داود والنَّسائيُّ، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، ولم يخرِّج له غيرُه، وله ترجمة في «الميزان»، فالتَّعليق صحيح من البخاريِّ إلى حمَّاد، وحمَّاد ليس على شرطه.
والحكمةُ في هذا التعليق؛ لأنَّ السَّند الأوَّل فيه شعبة، وقد عنعن عن قتادة، لكنَّ شعبة مِن أكره النَّاس في التَّدليس، وقد قدَّمت عنه: (أنَّه أخو الكذب)، و (لَأَن أزني أحبُّ إليَّ من أن أدلِّس)، ولكنَّ الخلاف جار فيه وفي غيره، وقتادة مُدلِّس، وقد عنعن في الأوَّل عن أبي أيُّوب، وأبو أيُّوب عنعن عن جُويرية، فصرَّح في هذا التَّعليق بتحديث قتادة من أبي أيُّوب، وأبو أيُّوب صرَّح بالتَّحديث من جُويرية وإن كان أبو أيُّوب غير مُدلِّس؛ فالخلاف في العنعنة مطلقًا، فأتى بهذا؛ لتصريحهم بالتَّحديث، والله أعلم.
وتعليق حمَّاد بن الجعد ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم يعزه شيخنا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[2] زيد في (ب): (الحافظ).
[3] في (ب): (الجبائي)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] في (ج): (الخزادعي)، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب): (غدًا)، وليس بصحيح.
[6] (فيه): ليس في (ج).
[7] (قال): ليس في «اليونينيَّة».
[8] في هامش (ق): (يحيى بن مالك الأزديُّ البصريُّ).
[9] (بن): سقط من (ب).

(1/3866)


[باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟]

(1/3867)


[حديث: لا كان عمله ديمة]
1987# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، وكذا تقدَّم مرارًا أنَّ (سُفْيَانَ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، ومستندي في ذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكره فيمن أخذ عنه القطَّانُ، ولم يذكر ابن عيينة، والله أعلم، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، ولا يحتمل أن يكون إبراهيم بن سويد النَّخعيَّ وإن كان الاثنان رويا عنه؛ لأنَّ إبراهيم بن سويد لم يخرِّج له البخاريُّ شيئًا بالكليَّة، لا عن علقمة ولا عن غيره [1]، والله أعلم.
قوله: (عَنْ عَلْقَمَةَ قال [2]: قُلْتُ لِعَائِشَةَ [3]: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَخُصُّ [4] مِنَ الأيَّام شَيْئًا؟ ... )؛ الحديث: هذا علقمة بن قيس النَّخعيُّ أبو شبل الكوفيُّ، يروي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الله، وخلق، وعنه: ابن أخيه عبد الرَّحمن بن يزيد، وابن أخته إبراهيم النَّخعيُّ، وسلمة بن كهيل، وآخرون، تقدَّم بعض ترجمته [5].
تنبيه: اثنان كلُّ منهما اسمه علقمةُ يرويان عن عائشة رضي الله عنها في «البخاريِّ»، و «مسلم»، وغيرهما؛ أحدهما: علقمة بن قيس هذا، أخرج له عنها [6] البخاريُّ ومسلم وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وابن ماجه لم يخرِّج له عنها فقط، والثَّاني: علقمة بن وقَّاص اللَّيثيُّ، أخرج له عنها البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.
قوله: (دِيمَةً): هو بكسر الدَّال، وإسكان المثنَّاة تحت؛ أي: دائمًا متَّصلًا، والدِّيْمة: المطر الدَّائم في سكون.

(1/3868)


[باب صوم يوم عرفة.]

(1/3869)


[حديث: أن ناسًا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي]
1988# قوله: (عن [1] يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا يحيى بن سعيد القطَّان، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ): تقدَّم أنَّها لبابة بنت الحارث بن حزن الكبرى، أمُّ بني العبَّاس السِّتَّة النُّجباء، وأولاد العبَّاس عشرة [2]، يقال: إنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: بل فاطمة بنت الخطَّاب، تقدَّم بعض ترجمتها.
قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بنصر؛ لأنَّ نصرًا لا يُكتَب بالألف واللَّام بخلافه، فإنَّه لا يرد إلَّا بالألف واللَّام، وتقدَّم أنَّ اسمه سالم بن أبي [3] أميَّة المدنيُّ، عن أنس، وكتب إليه ابن أبي أوفى، تقدَّمت ترجمته؛ فانظره.
قوله: (تَمَارَوْا عِنْدَهَا): أي: تجادلوا وتخالفوا.

(1/3870)


[حديث: أن الناس شكوا في صيام النبي يوم عرفة]
1989# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، الإمام المشهور، تقدَّم [1].
قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هذا هو ابن الحارث بن يعقوب أبو أميَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ بُكَيْرٍ): هو بُكير بن عبد الله بن الأشجِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ مَيْمُونَةَ): هي أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن، خالة خالد وابن عبَّاس، الهلاليَّة، عنها: ابن أختها ابن عبَّاس، وابن أختها عبد الله بن شدَّاد، وابن أختها يزيد بن الأصمِّ، تُوفِّيَت بسَرِف سنة (51 هـ)، وقد قدَّمت ذلك، ولكن طال به العهد، أخرج لها [2] الجماعة رضي الله عنها.
[ج 1 ص 508]
قوله: (بِحِلاَبٍ): هو بكسر الحاء المهملة، وتخفيف اللَّام، وفي آخره باء موحَّدة، وهو إناء يملأُ قدر حلبة ناقة، ويقال له: المِحْلَبُ [3] أيضًا.
==========
[1] (تقدَّم): ليس في (ب).
[2] في (أ) و (ج): (له).
[3] زيد في (ج): (والله أعلم).

(1/3871)


[باب صوم يوم الفطر]

(1/3872)


[حديث: هذان يومان نهى رسول الله عن صيامه]
1990# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور.
قوله: (عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ): تقدَّم أنَّ اسمه سعد بن عبيد أبو عبيد، مولى ابن أزهر، عن عمر وعليٍّ، وعنه: الزُّهريُّ وسعيد بن خالد، تُوفِّيَ سنة [1] (98 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثقة، قاله ابن سعد.
قوله: (يَوْمُ فِطْرِكُمْ): (يومُ): مرفوع بدل من (يومين)، وكذا (اليَوْمُ الآخِرُ) مرفوع أيضًا.
قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ ابْنُ عُيَينَة: مَنْ قَالَ: مَوْلَى ابْنِ أَزْهَر؛ فَقَد أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ: مَوْلَى عَبْدِ الرَّحمن بْنِ عَوْفٍ؛ فَقَد أَصَابَ [2]): هذا الكلام في (أبي عبيد) الذي قدَّمت أعلاه بعضَ ترجمته، وهو كلام صحيح؛ لأنَّ ابن أزهر هو عبد الرَّحمن بن أزهر بن عوف، وهو ابن [3] أخي عبد الرَّحمن بن عوف، وغلط مَن جعله ابن عمِّ عبد الرَّحمن بن عوف، ومولى ابن أخيه مولاه، وكذا مولى العمِّ مولى ابن الأخ، وقد قال شيخنا المؤلِّف: وقول ابن عيينة السَّالف سببه أنَّهما اشتركا في ولائه، والله أعلم.
==========
[1] (سنة): سقط من (ب).
[2] قوله: (قال أبو عبد الله ... ) إلى هنا: ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وإثباته رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وكما في هامش «اليونينيَّة» و (ق).
[3] (ابن): سقط من (ب).
[ج 1 ص 509]

(1/3873)


[حديث: نهى النبي عن صوم يوم الفطر والنحر]
1991# 1992# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم الكلام على نسبته هذه، وكذا تقدَّم الكلام على (وُهَيْب) ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (عمرو)؛ فهو عمرو بن يحيى بن عُمارة بن أبي حسن، عن أبيه وجدِّه، وعنه: أحمد الأزرقيُّ، وسويد، وجماعة، قال ابن مَعِين: صالح، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت ترجمته، ولكن طال بها العهد، وأمَّا (والده)؛ فيحيى بن عُمارة بن أبي حسن المازنيُّ، عن عبد الله بن زيد بن عاصم وأبي سعيد، وعنه: الزُّهريُّ، ومُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، ثقة، أخرج له الجماعة، وقدَّمت ترجمة الآخر، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ مشهور، وقد قدَّمته أيضًا.
قوله: (وَعَنِ الصَّمَّاءِ): تقدَّم الكلام عليها.
==========
[ج 1 ص 509]

(1/3874)


[باب الصوم يوم النحر]

(1/3875)


[حديث: ينهى عن صيامين وبيعتين الفطر والنحر]
1993# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): هذا الرَّازيُّ الفرَّاء الحافظ، عن أبي الأحوص، وعبد الوارث، وخالد الطَّحَّان، وغيرهم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، ومَن بقي بواسطة، وأبو حاتم، قال أبو زُرْعة: كتبْتُ عنه مئة ألف حديث، وهو أتقن مِن أبي بكر ابن أبي شيبة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، تُوفِّيَ سنة بضع وعشرين ومئتين، أخرج له الجماعة.
قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، عن ابن جريج ومَعْمَر، وعنه: ابن مَعِين وإسحاق، مات سنة (197 هـ)، قال ابن مَعِين: ثقة، وقال ابن أبي حاتم: ثقة مُتقِن، وقد قدَّمته، ولكن طال منه العهد، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و (عَطَاءِ بْنِ مِينَاء): بالمدِّ، تقدَّم، ويُقصَر.
قوله: (عَنْ بَيْعَتَيْنِ [1]): هو بفتح الباء، ورأيت بعضهم قيَّده بالكسر أيضًا على أنَّها الحالة، وقد قدَّمت ذلك.
قوله: (الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ): أمَّا (الملامسة)؛ فهو أن يلمس المتاع مِن وراء ثوب، ولا ينظر إليه، ثمَّ يُوقِع البيع، نُهِي عنه؛ لما فيه من الغَرَر أو لأنه [2] تعليق، أو عدول عن [3] الصِّيغة الشَّرعيَّة، وقيل معناه: أن يجعل اللمس باليد بيعًا قاطعًا للخيار، ويرجع ذلك إلى تعليق اللُّزوم، وهو غير نافذ.
وأمَّا (النِّباذ)؛ فهو أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إليَّ الثَّوبَ، أو أنبذه إليك؛ ليجب البيع، وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة؛ فقد وجب البيع، فيكون البيع معاطاةً من غير عقد، ولا يصحُّ أن يقال: نبذت الشيء أنبذه نبذًا، فهو منبوذ؛ إذا رميته وأبعدته.
==========
[1] رواية «اليونينيَّة» و (ق): (عن صيامين وبيعتين).
[2] في النُّسخ: (لا)، وعليها في (أ) إشارة بيان، ولم يكتب بيانها في الهامش، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[3] في (ب): (من)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 509]

(1/3876)


[حديث: أمر الله بوفاء النذر ونهى النبي عن صوم هذا اليوم]
1994# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): هذا هو معاذ بن معاذ التَّميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، عن حُميد والتَّيميِّ، وعنه: ابناه عبيد الله ومثنَّى، وأحمد، وبندار، قال أحمد: إليه المنتهى في الثَّبْت بالبصرة، مات سنة (196 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم أنَّ (ابْن عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون، مولى عبد الله بن مُغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، عن إبراهيم، وأبي وائل، ومجاهد، وعنه: شعبة، والقطَّان، ومسلم بن إبراهيم، قال هشام بن حسَّان: لم تر عيناي مثل ابن عون، وقال قرَّة [1]: كان يتعجَّب من ورع ابن سيرين، فأنساناه ابنُ عون، وقال الأوزاعيُّ: إذا مات ابن عون وسفيان الثَّوريُّ؛ استوى النَّاس، تُوفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ): هذا الرَّجل لا أعرف أحدًا سمَّاه، وقد ذكر ابن حِبَّان في «ثقاته» في ترجمة كريمة بنت سيرين أخت مُحَمَّد بن سيرين: أنَّها روت عن ابن عمر، ثمَّ ساق بسنده إليها: (أنَّها سألت ابن عمر: قلت: جعلت على نفسي أن أصوم كلَّ يوم أربعاء، واليوم الأربعاء وهو يوم النَّحر، فقال: أمر الله بوفاء النَّذر، ونهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن صوم يوم النَّحر) انتهى، لكنَّ السَّائل في «الصَّحيح» رجلٌ، وهذه امرأة، وذاك سأل عن صوم الاثنين فيما ظنَّ زياد بن جبير، وهذه سألت عن صوم يوم الأربعاء، فهما سائلان؛ كلُّ واحد سأل عمَّا وقع له، وما ذكرته أنا لك عن «ثقات ابن حبَّان» عزاه ابن شيخنا البلقينيِّ إلى «الطَّبرانيِّ الأوسط»، والله أعلم.
قوله: (أَمَرَ [2] اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ): ظاهر هذا توقُّف ابن عمر في ذلك؛ لتجاذُب [3] الأدلَّة، فوقف تورُّعًا، وقال شيخنا العلَّامة البلقينيُّ _الذي لم تر عيناي أحفظ منه في مجموع ما يحفظه من الفقه، والحديث، والتَّفسير، وغيرها من العلوم_: بل لم يتوقَّف [4]،
[ج 1 ص 509]

(1/3877)


بل ذكر للمستفتي الدَّليلين، والقاعدة: إذا تعارض الأمر والنَّهي ولم يُدرَ أيُّهما أسبق؛ قُدِّم النَّهيُ، فكأنَّه أحاله على القاعدة، أو ما هذا معناه، أو قريب منه، ثمَّ رأيت شيخنا الشَّارح ذكر عن الدَّاوديِّ: أنَّ المفهوم من كلامه النَّهيُ؛ لأنَّ مَن نذر ما ليس بطاعة؛ لا يلزم نذره، قد أمر عليه الصَّلاة والسَّلام الذي تهادى بين ابنيه وقد نذر أن يمشي أن يركب ويمشي، انتهى، وقد حكى النَّوويُّ في «شرح مسلم» عن ابن عمر في هذا: أنَّه توقَّف عن الجزم بجوابه؛ لتعارُض الأدلَّة عنده، ثمَّ قال: بُعَيده بقليل، ويحتمل أنَّ ابن عمر عرَّض له بأنَّ الاحتياطَ لك القضاءُ؛ لتجمع بين أمر الله تعالى وأمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، انتهى والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (مرَّة)، وهو تحريفٌ.
[2] في (ب): (امرأته)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ج): (ليجاذف)، وهو تحريفٌ.
[4] (بل لم يتوقف): سقط من (ج).

(1/3878)


[حديث: لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم]
1995# قوله: (سَمِعْتُ قَزعَةَ): هذا هو قزعة؛ _بفتح الزَّاي وإسكانها كما تقدَّم_ ابن يحيى، ويقال: ابن الأسود، مولى زياد، ويقال: مولى عبد الملك، ويقال: إنَّه حرشيٌّ، عن أبي هريرة وأبي سعيد، وعنه: قتادة، وعاصم الأحول، وعدَّة، أخرج له الجماعة، وليس لقزَعة في «البخاريِّ» سوى هذا الحديث: (سَمِعْتُ أَرْبَعًا [1] مِنْ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي [3] ... )؛ الحديث، وثَّقه العجليُّ وغيره، وقال ابن خراش: صدوق، وقد تقدَّم.
قوله: (سَمِعْتُ أبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
==========
[1] في النُّسخ: (أربعًا سمعتهنَّ): والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبي)، وفي حديث آخر في «البخاري» (ح 1864): (أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[3] في (أ) و (ب): (فأعجبني)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 1 ص 510]

(1/3879)


[باب صيام أيام التشريق]

(1/3880)


[حديث: كانت عائشة تصوم أيام منى]
1996# قوله: (قَالَ [1] لِي مُحَمَّد بْنُ الْمُثَنَّى): هذا هو مُحَمَّد بن المثنَّى أبو موسى العَنَزيُّ الحافظ الزَّمِنُ، عن ابن عيينة، وعبد العزيز العمِّيِّ، وغندر، وعنه: الجماعة، وأبو عَروبة، والمحامليُّ، ثقة وَرِعٌ، مات سنة (252 هـ) [2]، أخرج له الجماعة، كما تقدَّم هنا، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة.
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان الحافظ، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وقال).
[2] في (ج): (52 هـ)، والمثبت موافق لما في كتب التَّراجم.
[ج 1 ص 510]

(1/3881)


[حديث: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن]
1997# 1998# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ بَشَّارًا بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما البندار فيما مضى.
قوله: (حَدَّثَنَا غندر): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وأنَّ غندرًا بضمِّ الغين المعجمة، وإسكان النُّون، وبعدها دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وتقدَّم مَن لقَّبه بذلك، وأنَّه ابن جريج، وتقدَّم ما معنى (غندر) قريبًا وبعيدًا.
قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم [1] المشهور.
قوله: (وَعَنْ سالِمٍ): هذا معناه: أنَّ الزُّهريَّ رواه عن الاثنين؛ عن عروة عن عائشة، وعن سالم عن ابن عمر أنَّهما قالا ... ؛ فذكر الحديث.
قوله: (لَمْ يُرَخَّصْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، [وقد تقدَّم أنَّ مثل هذا مرفوع، وهو مثل: (رُخِّص)، و (أُمِر)، و (نُهِي)، مرفوع على الصَّحيح، وقد تقدَّم بأطول من هذا.
قوله: (أنْ يُصَمْنَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه] [2].
==========
[1] في (ب): (العلم)، وزيد فيها: (الفرد).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 510]

(1/3882)


[حديث: الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج]
1999# قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ [1] مِثْلَهُ [2]): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، والبخاريُّ روى هذا الثَّاني: (عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن عائشة مثله)؛ أي: مثل الحديث المذكور قبله.
وقوله: (مثلُه): هو في أصلنا مرفوع، وكأنَّ الذي ضبطه ظنَّ أنَّه تعليق، فيكون (مثله) مبتدأ، و (عن ابن شهاب)؛ الخبر مُقدَّم، وليس كذلك، بل هو منصوب بفعل؛ وهو (أخْبَرنا مالك عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن عائشة مثلَهُ)، وقد ذكرت (مثله) فيما مضى؛ فاعلمه.
قوله: (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضَّمير في (تابعه) يعود على مالك؛ لأنَّه أقربُ مذكور، وهذا مقتضى كلام المِزِّيِّ، وكذا قال شيخنا: إنَّ إبراهيم تابع مالكًا في روايته عن الزُّهريِّ، ويُلخَّص من كلام شيخنا عن البيهقيِّ: أنَّ الشَّافعيَّ رواه: (عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب)، وفي أصلنا صُرِّح بأنَّ إبراهيم رواه عن ابن شهاب، ولكن رأيت في نسخة عتيقة إثباتَ (ابن شهاب) رواية، وحذفها رواية.
==========
[1] زيد في (ب): (رضي الله عنها).
[2] في هامش (ق): (صوابه: نصبت «مثلَهُ»؛ لأنَّه معطوف على السند قبله، وليس بتعليق، ولو كان تعليقًا؛ لكان الذي ضبطه الصواب، والله أعلم).
[ج 1 ص 510]

(1/3883)


[باب صيام يوم عاشوراء]
قوله: (بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ): (عاشوراء)؛ بالمدِّ والقصر، وقد قدَّمت ذلك، وقد اختُلِف أيُّ يوم هو عاشوراء؛ فالصَّحيح: أنَّه عاشر المُحرَّم، وقيل: تاسعه، والقولان لابن عبَّاس، وحكى شيخنا الشَّارح عن أبي اللَّيث السَّمرقنديِّ: أنَّه حادي عشر المحرَّم، قال: وحكاه المُحبُّ الطَّبريُّ أيضًا، انتهى، وقد رأيته أنا في كلام المُحبِّ الطَّبريِّ، ولكن قولًا مع القولين قبله من غير أن يتعرَّض لعزوه لكتاب ولا لقائل، وكأنَّه مشهور عنده.
فائدة: قال شيخنا: يوم عاشوراء اتفقت فيه فضائلُ: منها: أنَّه أظفر الله فيه موسى على فرعون، وفلق له البحر، وغرق فيه فرعون وجنوده، واستوت فيه سفينة نوح على الجوديِّ، وأغرق قومه [1]، ونجا يونس من بطن الحوت، وتاب على قومه، وتاب فيه على آدم، قاله عكرمة، وفيه أُخرِج يوسف من الجُبِّ، ووُلد فيه عيسى، سنده [2] واهٍ، وتاب الله فيه على قوم، ويتوب فيه على آخرين، وفيه تُكسَى الكعبة كلَّ عام، قاله ابن حبيب فيما نقله ابن بطَّال عنه، انتهى.
قال الحافظ أبو العبَّاس ابن تيمية: لم يصحَّ فيه شيء غير الصَّوم، انتهى، ويُردُّ عليه: التَّوسعة في النفقة على النفس والأهل، ولم يقف الشَّيخ على حديثها، وإنَّما وقف فيها على كلام مُحَمَّد بن المنتشر، وفيها حديث صحيح على شرط مسلم فيه عنعنة أبي الزُّبير عن جابر: «مَن وسَّع على نفسه وأهله يوم عاشوراء؛ وسَّع الله عليه سائر سَنَتِهِ»، قال جابر: جرَّبناه فوجدناه كذلك، وقال أبو الزُّبير مثله، وقال شعبة مثله، رواه أبو عمر بن عبد البَرِّ [3] في «الاستذكار»، ورجاله رجال «الصَّحيح» غير أنَّه من رواية أبي الزُّبير عن جابر بالعنعنة، وقد أخرج مسلم في «صحيحه» أكثر من مئة وأربعين حديثًا من رواية أبي الزُّبير عن جابر؛ بعضها بالعنعنة، وبعضها بـ (حَدَّثَنَا) أو (أخْبَرنا)، ولم يخرِّجِ البخاريُّ لأبي الزُّبير عن جابر [4] إلَّا حديثين؛ حديث المخابرة، وحديث النَّهي عن بيع الثمرة قبل بُدوِّ الصَّلاح، ولكن الحديثان فيهما أبو الزُّبير مقرون بغيره، وقد ذكر له البخاريُّ حديثًا آخر، لكنَّه ذكره تعليقًا مجزومًا به، وهو حديث بعير جابر، والله أعلم.
وفي التَّوسعة يوم عاشوراء أحاديث، لكنَّ هذا أمثلُها، والله أعلم، وقد ذكرها شيخنا الحافظ العراقيُّ في مُؤلَّف مُفرَد، وقد قرأته عليه.

(1/3884)


[حديث: إن شاء صام]
2000# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
[ج 1 ص 510]

(1/3885)


[حديث: كان رسول الله أمر بصيام يوم عاشوراء]
2001# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.
قوله: (فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ): (فُرِض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رمضانُ): مرفوع نائب مناب الفاعل، وقد تقدَّم متى فُرِضَ [1].

(1/3886)


[حديث: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية]
2002# قوله: (فِي الْجَاهِلِيَّةِ): تقدَّم أنَّها ما قبل مبعث النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، سُمُّوا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم، وقد تقدَّم ما في ذلك، وأنَّ الظَّاهر أنَّها ما قبل الفتح، وبالفتح انقطع أمر الجاهليَّة، وسيجيء ذلك في (أيَّام الجاهليَّة).
قوله: (فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/3887)


[حديث: هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه]
2003# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُهريُّ أعلاه، وتقدَّم اسمه ونسبُه مرارًا.
قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا هو حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، تقدَّم أنَّ أمَّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة، [روى عن أبويه وعمر، وعنه: ابنه عبد الرَّحمن، والزُّهريُّ، وقتادة، وقيل: لم يرَ عمر، تُوفِّيَ سنة (95 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أبو زُرْعة، وقد تقدَّم] [1]، ولكن طال به العهد.
قوله: (عَنْ [2] مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ): أمَّا (معاوية)؛ فهو أبو عبد الرَّحمن الخليفة الأَمويُّ، من مسلمة الفتح، عنه: خالد بن معدان، وعبد الله بن عامر، والأعرج، وعاش ثمانيًا وسبعين سنة، مات في رجب سنة ستِّين، أخرج له الجماعة.
وأمَّا والده (أبو سفيان)؛ صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، رئيس قريش، أسلم ليلة يوم الفتح، عنه: ابنه معاوية وابن عبَّاس [3]، ترجمته معروفة في كتب الصَّحابة؛ منها: «الاستيعاب» وغيره، تُوفِّيَ سنة (32 هـ) [4]، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، رضي الله عنه.
قوله: (عَامَ حَجَّ): قال بعض حُفَّاظ العصر في هذا المكان: صوابه [5]: أنَّه قاله سنة أربع وأربعين أوَّل حجَّة حجَّها بعد أن استُخلِف، ذكر ذلك أبو جعفر الطَّبريُّ في «تاريخه الكبير»، انتهى.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أنَّه سَمِعَ).
[3] في (ج): (عياش)، وهو تصحيفٌ.
[4] في (ب): (132 هـ)، وليس بصحيح.
[5] (صوابه): ليس في (ب).
[ج 1 ص 511]

(1/3888)


[حديث: فأنا أحق بموسى منكم]
2004# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين [1] ساكنة، وأنَّه عبد الله بن عمرو المِنْقَريُّ المُقعَد الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ) أنَّه عبد الوارث [2] بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ أبو عبيدة الحافظ، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، أحد الأعلام.
قوله: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ): قد تقدَّم متى قَدِم المدينة، وأنَّه في شهر ربيع الأوَّل يوم الاثنين على الصَّحيح نهارًا على الصَّحيح أيضًا، وقد وقع في «مسلم» أنَّه قدمها ليلًا، والمعروف أنَّه قدمها نهارًا، وقد تقدَّم كم كان في الشَّهر، كلُّ ذلك مضى، والذي يظهر أنَّه لعلَّ هذه القدمة ليستِ الأُولى، ولكن قدمة من القدمات، لا أنَّها الأُولى، والله أعلم، وذلك لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام إنَّما قدم المدينة في ربيع الأوَّل كما تقدَّم، فكيف يقول: إنَّه لمَّا قدم المدينة؛ وجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء؟ فلهذا قلت: لعلَّه من بعض القدمات، وذلك أيضًا: لأنَّ مسلمًا روى في «صحيحه» عن ابن عبَّاس [3]: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حين صام عاشوراء، وأمر بصيامه؛ قالوا: يا رسول الله؛ إنَّه يوم يعظِّمه اليهود والنَّصارى، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «إذا كان العام المُقبِل إن شاء الله؛ صمنا اليوم التَّاسع»، فلم يأتِ العامُ المُقبِلُ حتَّى تُوفِّيَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ)، فهذا فيه أنَّ صومه والأمر بصيامه كان قبل وفاته بعام، وفي الأحاديث التي في صوم عاشوراء إشكالات غير ما ذكرت ذكرها ابن القيِّم في «الهَدْي»، وأجاب عنها، ووفَّق بين الأحاديث؛ فانظر ذلك إن أردته، فإنَّه جمع بينها جمعًا حسنًا.
==========
[1] زيد في (ج): (مهملة).
[2] زيد في (ب): (أنَّه عبد الوارث)،وهو تكرارٌ، وسقط من (ج).
[3] في (ج): (عياش)، وهو تصحيفٌ.
[ج 1 ص 511]

(1/3889)


[حديث: فصوموه أنتم]
2005# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تقدَّم (أَبُو عُمَيْس [1]) أنَّه بضمِّ العين، وفتح الميم، ثمَّ مثنَّاة ساكنة، ثمَّ سين مهملتين، وأنَّ اسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، وهو أخو عبد الرَّحمن المسعوديِّ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو مُوسَى) أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ مُتَرجَمًا رضي الله عنه.
==========
[1] في هامش (ق): (عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، أخو عبد الرحمن المسعوديُّ).
[ج 1 ص 511]

(1/3890)


[حديث: أن من كان أكل فليصم بقية يومه]
2007# قوله: (رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): هذا الرَّجل تقدَّم الوعد بذكره، وهو هند بن أسماء، كذا قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق له شاهدًا، وأظنُّه من «مسند ابن رِشْدين»، وصواب هذا الاسم: هند أخو أسماء بن حارثة، ويقال: جارية؛ بالحاء المهملة، والمثلَّثة، وبالجيم، والمثنَّاة تحت، وقال ابن طاهر في «مبهماته»: (أسماء بن حارثة) انتهى، وفي «مسند أحمد» من حديث يحيى بن هند بن حارثة: (وكان هند من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... )؛ الحديث، وأخوه الذي بعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يأمر قومه بصوم عاشوراء، وهو أسماء بن حارثة، وفي «المسند» أيضًا من حديث هند بن أسماء الأسلميِّ قال: (بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى قومي مِن أسلم، فقال: «مُرْ قومك، فليصوموا ... »)؛ الحديث.

(1/3891)


((31)) (كِتَابُ صَلَاةِ التَّرَاوِيْحِ) ... إلى (أَبواب الاِعْتِكَاف)
[فائدة: روى ابن أبي شيبة في «مصنَّفه»، والطَّبرانيُّ وعنه البيهقيُّ من حديث إبراهيم بن عثمان أبي [2] شيبة، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عبَّاس: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يصلِّي في رمضان عشرين ركعة سوى الوتر)، ورواه سُليم بن أيُّوب الرَّازيُّ في كتاب «التَّرغيب» قال: (ويوتر بثلاثٍ)، وهذا ضعيفٌ، إبراهيم بن عثمان جدُّ الإمام أبي بكر بن أبي شيبة مُتَّفَق على ضعفه، وليَّنه ابن عديٍّ، ثمَّ إنَّه يخالف للحديث الصَّحيح حديثُ عائشة: (ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة)] [3].
==========
[1] (صلاة): سقط من (ب).
[2] في النُّسخ: (بن)، والمُثبت موافق لما في المصادر.
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 511]

(1/3892)


[حديث: من قامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]
2008# قوله: (حَدَّثَنِي [1] اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه اللَّيث بن سعد، الإمام الجواد، الذي قال فيه الشَّافعيُّ: اللَّيث أفقه من مالك إلَّا أنَّ أصحابه أضاعوه، وكذا تقدَّم (عُقَيْل) أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح القاف، وتقدَّم مَن يقال له [2]: عُقَيل؛ بالضَّمِّ [3] في الكتب الثلاثة [4]، والباقي: عَقِيل؛ بالفتح، وهذا هو ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابن شِهابٍ) أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العلم الفرد، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): وهو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وتقدَّم أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (لِرَمَضَانَ [5]): قال الدِّمياطيُّ: (يعني: لأجل رمضان؛ كقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} [الأنفال: 38]؛ أي: قل لأجلهم) انتهى.
قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): تقدَّم الكلام عليهما فيما مضى.
قوله: (مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): يعني: الصَّغائر؛ بدليل حديث آخر وهو: «ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات لما بينهنَّ ما اجتُنِبَت الكبائرُ»، والله أعلم.
[ج 1 ص 511]
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).
[2] (له): سقط من (أ) و (ج).
[3] في (ج): (بضمِّ).
[4] (في الكتب الثلاثة): سقط من (ج).
[5] في هامش (ق): (يعني يقول: لأجل رمضان؛ كقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} [الأنفال: 38]؛ أي: قل لأجلهم).

(1/3893)


[حديث: من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]
2009# 2010# قوله: (عنِ ابنِ شِهابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (حُمَيْد بن عَبْدِ الرَّحمن، عنْ أبي هُرَيْرَةَ) أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحمن الحميريَّ ليس له عن أبي هريرة شيء في «البخاريِّ»، إنَّما روى عنه مسلم حديثًا واحدًا وهو: «أفضل الصِّيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم»، وهذا الحديث ليس هو في «البخاريِّ»، فحُمَيد الحميريُّ عن أبي هريرة ليس في «البخاريِّ»، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ... ) إلى آخره: هذا مُرسَلٌ، ابن شهاب الزُّهريُّ لم يسنده وهو تابعيٌّ صغير [1]؛ لأنَّه وُلِد سنة خمسين فيما يقولون، وقال الواقديُّ: سنة ثمان وخمسين، وعمر تُوفِّيَ سنة ثلاث وعشرين.
قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند قبله، وليس تعليقًا، وقد رواه البخاريُّ عن عبد الله بن يوسف: أخْبَرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عبد الرَّحمن بن عبدٍ القاريِّ أنَّه قال: خرجت مع عمر بن الخطَّاب، والذي قبله رواه ابن شهاب، عن حُمَيد بن عبد الرَّحمن، عن أبي هريرة، وكذا عمله المِزِّيُّ، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ): هو بتشديد الياء، منسوب إلى القارة؛ القبيلة المعروفة _وهم: بنو الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مُضَر_ لا إلى القراءة، و (عبد)؛ بغير إضافة، وعبد الرَّحمن هذا رأى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وهو طفل، قاله أبو داود، وسمع عمر وأبا طلحة، وعنه: عروة والزُّهريُّ، وقد وثَّقه ابن مَعِين، تُوفِّيَ سنة ثمانين، أخرج [له] الجماعة، وقد حمَّر عليه الذَّهبيُّ؛ وذلك لأنَّ الرؤية المعتبرة في الصُّحبة [2] أن يكون مُميِّزًا، وسيأتي ذلك في (مناقب الصَّحابة) إن شاء الله تعالى، وشرطه أنَّ كلَّ مَن حمَّر عليه؛ فالصَّحيح أنَّه تابعيٌّ.
قوله: (فَإِذَا النَّاس أَوْزَاعٌ [3])؛ أي: جماعات مُتفرِّقة، وضروبٌ وأقسام مجتمعة بعضها دون بعض للصلاة، وأصله: من التَّوزيع؛ وهو الانقسام.

(1/3894)


قوله: (الرَّهْطُ): (الرَّهط) [4]: ما دون العشرة من النَّاس، وكذلك النَّفر، وقيل: من العشرة إلى الثلاثة، وقيل غير ذلك، وقد تقدَّم.
قوله: (إِنِّي أُرَى): هو بضمِّ الهمزة في أصلنا، وصحَّح عليه، ويجوز فيه فتح الهمزة.
قوله: (عَلَى قَارِئٍ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهر جدًّا، ولكن لا يضرُّ التَّنبيهُ عليه، وكذا (بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ): بالهمز أيضًا.
قوله: (نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ): سمَّاها: بدعة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يسنَّها لهم، ولا فعلها الصِّدِّيق، وقد فعلها الفاروق، وقد روى ابن ماجه والتِّرمذيُّ من حديث حذيفة رضي الله عنه، قال التِّرمذيُّ: حسن، وصحَّحه ابن حبَّان، وأخرجه الحاكم في «مستدركه»: «اقتدُوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر»، وأمَّا ابن حزم؛ فوهَّاه، ووصفها عمر رضي الله عنه بـ (نِعْم)؛ لما فيها من وجوه المصالح، قال الدِّمياطيُّ: يقال (نِعْمَ): كلمة تجمع المحاسن كلَّها، و (بِئْسَ): تجمع المساوئ كلَّها، وقيام رمضان في حقِّ التَّسمية سُنَّة غير بدعة: «اقتدُوا باللَّذين من بعدي ... »، «وعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء مِن بعدي»، انتهى، أمَّا حديث: «اقتدُوا باللَّذين مِن بعدي»؛ فقد عزوته أعلاه، وأمَّا حديث: «عليكم بسنَّتي ... »؛ الحديث؛ فقد رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ وصحَّحه، وابن ماجه من رواية العرباض بن سارية السُّلميِّ، ورواه الحاكم أيضًا، وقال: صحيح على شرطهما، وليس له علَّة، وأمَّا ابن القطَّان أبو الحسن الكُتَاميُّ؛ فأعلَّه بجهالة مَن بان توثيقه.
2011# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ.
==========
[1] زيد في (ج): (فهو مرسل).
[2] (في الصُّحبة): سقط من (ج).
[3] في هامش (ق): (جماعات).
[4] (الرَّهط): ليس في (ب).
[ج 1 ص 512]

(1/3895)


[حديث: أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت .. ]
2012# قوله: (عَجَزَ الْمَسْجِدُ): هو بفتح الجيم في الماضي، ومكسورها في المستقبل، هذه لغة القرآن، ويجوز العكس في لغة.
قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تقدَّم الكلام على الأوجه في إعرابها، والخلاف في أوَّل مَن تكلَّم بها في أوَّل هذا التَّعليق.

(1/3896)


[حديث: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي]
2013# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي أويس، وتقدَّم (سَعِيد الْمَقْبرِي) والكلام على نسبته، وأنَّه يجوز ضمُّ بائه وفتحها، وكذا تقدَّم الكلام على (أَبِي سَلَمَةَ): وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.
قوله: (إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي): تقدَّم الكلام عليه في نومه عن الصَّلاة بالوادي صلاة الفجر، وأنَّ القضاعيَّ قال: إنَّ هذه من خصوصيَّاته دون سائر الأنبياء، [وليس كذلك، ويردُّه ما في «البخاريِّ» في قصَّة الإسراء: «وكذلك الأنبياء] [1] تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم» [خ¦3570].
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[ج 1 ص 512]

(1/3897)


[باب فضل ليلة القدر]
قوله: (بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ): سأذكر قريبًا الاختلاف فيها، قال العلماء: سُمِّيت (ليلة القدر)؛ لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار، والأرزاق، والآجال التي تكون في تلك السَّنة؛ لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، وقوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4]؛ ومعناه: تُظهِر الملائكةُ ما سيكون فيها، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم، وكلُّ ذلك ممَّا سبق في علم الله تعالى وتقديره له، وقيل: سُمِّيت (ليلة القدر)؛ لِعِظَم قدرها وشرفها.

(1/3898)


واعلم أنَّه يُستحبُّ لمَن رأى ليلة القدر أن يكتمَها، نقله النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب» عن صاحب «الحاوي»، والحكمة في كتمانها: أنَّ رؤيتها كرامة، والكرامات كلُّها ينبغي كتمانها، أمَّا كونها كرامة؛ فلأنَّها أمر خارق للعادة، اختصَّ الله به بعض عباده من غير صنيع منه، وأمَّا في أنَّ الكرامات ينبغي كتمانها؛ فذلك ممَّا لا خلاف فيه بين أهل الطَّريق، بل لا يجوز إظهارها إلَّا لحاجة أو قصد صحيح؛ لما في إظهارها من الخطر؛ منها: رؤية النَّفس، ومنها: أنَّه قد يداخله في الإخبار بها رياء أو حظُّ نفس؛ فيُسلَب ما أنعم الله به عليه، وغير ذلك، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (ولا ينال فضلها إلَّا مَن أطلعه الله عليها، فلو قامها إنسان ولم يشعر بها؛ لم ينل فضلها) انتهى، كذا نقله بعض العصريِّين عنه، ولفظه في «شرح مسلم» في (بَاب التَّرغيب في قيام رمضان؛ وهو التَّراويح): (قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه» هذا مع الحديث المتقدَّم: «من قام رمضان»، قد يقال: إنَّ أحدهما يغني عن الآخر؟ وجوابه: أن يقال: قيام رمضان من غير موافقة ليلة القدر ومعرفتها سبب لغفران الذُّنوب، وقيام ليلة القدر لمن وافقها وعرفها سبب للغفران وإن لم يَقُم غيرها، انتهى، وهو الذي نقله عنه بعض العصريِّين، ولكنْ أَوْضَحَ العبارةَ في المسألة، والله أعلم، لكن لفظ المُتولِّي: يُستحبُّ التَّعبُّد في كلِّ ليالي العشر حتَّى يحوز [1] الفضيلة بيقين، وكذا قول ابن مسعود: إنَّها في جميع السَّنة، فإنَّه أراد: ألَّا يتَّكل النَّاس؛ يردُّ ما قاله النَّوويُّ، نَعَم؛ قولُ عائشة رضي الله عنها له عليه الصَّلاة والسَّلام: (أرأيتَ إن علمتُ أيَّ [2] ليلة [3] ليلة القدرِ ما أقول؟) يشهد له، والله أعلم.

(1/3899)


[حديث: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه]
2014# قوله: (حَدَّثَنَا عليُّ بنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهبذ، وتقدَّم أنَّ (سُفْيان) هو ابن عيينة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العَلَم [1] المشهور، وتقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أعلاه [2]، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا): تقدَّم الكلام عليه، وعلى (غَفَرَ اللهُ لَهُ [3] مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): وأنَّه الصَّغائر؛ لحديث [4] آخر.
قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سفيان، وقد قدَّمت أنَّه ابن عيينة، و (كَثِير)؛ بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المثلَّثة، ومتابعته هذه ليست في شيء من الكتب [5] إلَّا ما هنا، وشيخنا لم يخرِّجه، وتقدَّم (الزُّهْرِي) أعلاه.
==========
[1] في (ب): (العالم).
[2] (أعلاه): ليس في (ب).
[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غُفِر له).
[4] في (ب) و (ج): (بحديث).
[5] زيد في (ج): (السِّتَّة).
[ج 1 ص 512]

(1/3900)


[باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر]

(1/3901)


[حديث: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر]
2015# قوله: (قَدْ تَوَاطَأَتْ): قال ابن قرقول: (أي: قد توافقت، وجاء في عامَّة نسخ «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ» بغير همز، وعند ابن الحذاء: بالهمز، وكذا للقابسيِّ، وكذا قيَّدناه عن شيخنا أبي إسحاق، ولعلَّهم لم يكتبوا الهمزة ألفًا، فترك بعضهم همزها جهلًا، انتهى، وقد تقدَّم.
قوله: (فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا): التَّحرِّي: التَّعمُّد والتَّقصُّد.

(1/3902)


[حديث: إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها أو نسيتها]
2016# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الفاء، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ) أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وتقدَّم الكلام على نسبته لماذا، وكذا تقدَّم (يَحْيَى) أنَّه ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتقدَّم أيضًا (أَبُو سَلَمَةَ) عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف.
[ج 1 ص 512]
قوله: (سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.
قوله: (أَوْ نُسِّيتُهَا): هو بضمِّ النُّون، وتشديد السِّين مكسورة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهر.
قوله: (قَزعَةً): القزعة؛ بفتح الزَّاي وسكونها: قطعة من السَّحاب رقيقة، والجمع: قَزَع، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

(1/3903)


[باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر]

(1/3904)


[حديث: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان]
2017# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ [1]): أمَّا (أبو سُهيل)؛ فاسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحيُّ المدنيُّ، عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس، وأبيه، وسعيد بن المسيّب، والقاسم، وجماعة، وعنه: ابن أخيه مالك بن أنس الإمام، والزُّهريُّ مع تَقدُّمه، وعبد العزيز الدَّراورديُّ، وآخرون، وثَّقه أحمد وأبو حاتم، قال الواقديُّ: كان تُؤخَذ عنه القراءة بالمدينة وعن أبي جعفر، تُوفِّيَ في إمارة أبي العبَّاس السَّفَّاح، أخرج له الجماعة.
وأمَّا (أبوه) مالك بن أبي عامر؛ فهو جدُّ مالك الإمام، روى عن عمر، وعثمان، (وطلحة، وعائشة، وأبي هريرة، وكعب الأحبار، وعنه: بنوه؛ أنس وأبو سهيل نافع والزُّبير، ومُحَمَّد بن إبراهيم التيميُّ، وسالم أبو النَّضر، وغيرهم، وقد فرض له عثمان) [2]، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، قيل: تُوفِّيَ سنة أربع وسبعين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد تقدَّما، ولكن طال العهد بهما.

(1/3905)


[حديث: كنت أجاور هذه العشر ثم قد بدا لي أن أجاور .. ]
2018# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): أمَّا (ابن أبي حَازم)؛ فهو بالحاء المهملة، والزَّاي، واسمه عبد العزيز بن أبي حازم، تقدَّم، وأنَّه أخرج له الجماعة.
وأمَّا (الدَّراورديُّ)؛ فاسمه أيضًا عبد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد الدَّراورديُّ أبو مُحَمَّد المدنيُّ، مولى جُهينة، وقيل: مولى قضاعة، ودراورد: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، وقال أحمد بن صالح المصريُّ: كان من أهل أصبهان نزل المدينة، ويقال [1] للرجل إذا أراد أن يدخل: أندرون؛ فلقَّبه أهلُ المدينة الدَّراورديَّ، عن صفوان بن سُلَيم وزيد بن أسلم، وعنه: عليُّ بن حُجْر ويعقوب الدَّورقيُّ، قال ابن مَعِين: هو أحبُّ إليَّ من فُلَيح، وقال أبو زُرعة: سيِّئ الحفظ، تُوفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، لكن البخاريُّ مقرونًا بغيره كهذا، وقد تقدَّم، ولكنَّ طولَ العهد به أوجبَ ذكرَه ثانيًا.
قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ [2]): تقدَّم أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي اللَّيثيُّ، وأنَّ (الهادي) الصَّحيح فيه: إِثبات الياء، وهو في أصلنا بغيرها، تقدَّم.
قوله [3]: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ إِبْرَاهِيمَ) هذا: هو التَّيميُّ، وهو مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر التَّيميُّ المدنيُّ، أبو عبد الله، أحد العلماء المشاهير، وكان جدُّه الحارثُ من المهاجرين الأوَّلين، روى عن أسامة بن زيد، وأُسَيد بن الحُضَير مُرسَلًا، وعن أنس، وجابر، وأبي سعيد، وعائشة في «التِّرمذيِّ» و «النَّسائيِّ»، فما يُدرَى [4] سمع منها أم لا؟ وقال أبو حاتم: لم يسمع منها، وعن علقمة بن وقَّاص، وأبي سلمة، وعروة، وجماعة، وعنه: ابنه موسى، ويزيد بن الهادي، ويحيى بن أبي كَثِير، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وجماعة، قال ابن سعد: كان فقيهًا مُحدِّثًا، وقال أحمد ابن حنبل: في حديثه شيء، يروي أحاديثَ مُنكَرةً، أو قال: أحاديثُه مُنكَرةٌ، ووثَّقه ابن مَعِين والنَّاس، قال الواقديُّ وغيره: مات سنة عشرين ومئةٍ، وقال أبو عبيد: سنة تسعَ عشرةَ، وقال خليفة: سنة إحدى وعشرين، والأوَّل الصَّحيح، وكان عريف [5] قومه، له ترجمة في «الميزان»، واحتجَّ به الشَّيخان، وقال فيه: قفز القَنْطرة، انتهى [6]، وقد أرسل عن جماعة ذكرتُهم في «غاية السُّول في رواة السِّتَّة الأصول» مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

(1/3906)


قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وتقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ)، وكذا قوله بُعَيده فيه: (أَنْ أُجَاوِرَ [7] هَذِهِ العَشْرَ)، وكذا المكان الثاني: اعلم أنَّ العشر من الشَّهر فيه لغتان: التَّأنيث والتَّذكير، والتَّأنيث أكثر في الأحاديث وكلام العرب، وهذا جاء على اللُّغة الكثيرة، والله أعلم.
قوله: (قَدْ بَدَا لِي): (بدا): بغير همز، معتلٌّ؛ ومعناه: ظهرَ، وهذا ظاهر.
قوله: (فَابْتَغُوها): الابتغاء: الطَّلب، وكذا المكان الثَّاني: (وابْتَغُوها في كُلِّ وِتْرٍ).
قوله: (وقَدْ رَأيْتُنِي): هو بضمِّ التَّاء، وهذا ظاهر؛ ومعناه: رأيتُ نفسي.
قوله: (فَوَكَفَ): هو بفتح الكاف.
قوله: (فَبَصُرَتْ عَيْنِي): هو بضمِّ الصَّاد، وفي آخره تاء التَّأنيث.
2019# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «تهذيب الكمال» (18/ 188): (وكان يقول).
[2] في (ب) و (ج): (الهادي).
[3] (قوله): مثبت من (ب).
[4] في (ب): (ندري).
[5] في (ج): (عريب)، وهو تحريفٌ.
[6] (انتهى): ليس في (ب).
[7] في (ج): (أجاوز)، وهو تصحيفٌ.
[ج 1 ص 513]

(1/3907)


[حديث: تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان]
2020# قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ: (وقع في «الاعتكاف»، و «الجهاد»، و «صفة إبليس»، و «الأنبياء»، و «مناقب الأنصار»، و «تفسير البقرة»، و «يوسف»، و «النِّكاح»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «الأيمان والنُّذور»، و «الأحكام»، و «التَّمنِّي» _وأهمل «الصَّلاة»، وقد تقدَّم ذكر هذا في «الصَّلاة»، ولكن طال العهد به_: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أخْبَرنا عَبْدة»: هكذا أتى «مُحَمَّد» غير منسوب عن عَبْدة وفي بعض هذه المواضع، وقد نسبه ابن السَّكن في بعضها: (ابن سلَام)، وكذلك صرَّح البخاريُّ في بعض المواضع باسمه، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا عَبْدة»، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة) انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا المكان: (مُحَمَّد: هو ابن سلَام).
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان أبو مُحَمَّد الكلابيُّ المقرئ، اسمه عبد الرَّحمن، عن عاصم الأحول، والأعمش، والطبقة، وعنه: أحمد، وهنَّادٌ، والطَّبقةُ، قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاحه وشدَّة فقرِه، مات سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بَعُدَ العهد به.
==========
[ج 1 ص 513]

(1/3908)


[حديث: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان]
2021# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته، وكذا تقدَّم (وُهَيْبٌ) أنَّه ابن خالد الباهِليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ الحافظ مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور.
قوله: (فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى ... ) إلى آخره: التَّاسعة: هي ليلة إحدى وعشرين، و (سَابِعَةٍ تَبْقَى): ليلة ثلاث وعشرين، و (خَامِسَةٍ تَبْقَى): ليلة خمس وعشرين، قال شيخنا: وإنَّما يصحُّ معناه، وتوافق ليلة القدر وترًا من اللَّيالي على ما ذُكِر في الحديث إذا كان الشَّهر ناقصًا، فأمَّا إذا كان تامًّا؛ فإنَّها لا تكون إلَّا في شفع، فتكون التَّاسعة الباقية ليلةَ ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ستٍّ وعشرين، والسَّابعة الباقية ليلة أربعٍ وعشرين على ما ذكره البخاريُّ عن ابن عبَّاس، فلا تصادف واحدة منهنَّ وترًا، وهذا دالٌّ على الانتقال من وتر إلى شفع، وعكسه؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يأمر أمَّته بالتماسها في كلِّ شهر كامل دون ناقص؛ بل أطلق طلبها في جميعه التي قد رتَّبها الله تعالى على التمام مرَّة، وعكسه؛ فثبت
[ج 1 ص 513]
انتقالُها في العشر الأواخر، قيل: وإنَّما خاطبهم بالنقص؛ لأنَّه ليس على تمام الشهر على يقين، انتهى [1]
==========
[1] (انتهى): ليس في (ب).

(1/3909)


[حديث: هي في العشر هي في تسع يمضين أو في سبع يبقين]
2022# [قوله: (تَابَعَهُ [1] عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أيُّوب): (عبد الوهَّاب) هذا: هو ابن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ أبو مُحَمَّد الحافظ، تقدَّمت ترجمته، والضَّمير في (تابعه) يعود على وُهَيب، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، تقدَّم، يعني: ورواه أيُّوب عن عكرمة، ومتابعة عبد الوهَّاب ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها البيهقيُّ.
قوله: (وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ): هذا هو خالد بن مِهران الحذَّاء أبو المُنازِل، تقدَّم بعض ترجمته، يعني: ورواه عبد الوهَّاب الثَّقفيُّ _الذي تقدَّم أعلاه_ عن خالد، عن عكرمة.
فإن قيل: لِمَ لم يجمعِ البخاريُّ بينهما، فيقول: تابعه عبد الوهَّاب عن أيُّوب، وخالد عن عكرمة؟
وجوابه: أنَّ رواية: خالد، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس موقوفة؛ بخلاف رواية أيُّوب الأولى؛ فإنَّها مرفوعة، وهذا ظاهر لمن تأمَّله] [2].
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هو عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود أبو بكر البصريُّ الحافظ، عن خاله عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، ومالك، ودَيْلَم بن غزوان، وعبد الواحد بن زياد، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وإبراهيم الحربيُّ، وجماعة، قال ابن مَعِين: لا بأس به، لكنَّه سمع من أبي عوانة وهو صغير، وقال الخطيب: كان حافظًا مُتقِنًا، سكن بغداد، قال أبو حسَّان الزِّياديُّ: مات في جمادى الآخرة سنة (223 هـ)، وكذا ورَّخه غيره، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ.
[قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم، له مناكير نُقِمت عليه اجتنبها [3] صاحبا «الصَّحيح»، تقدَّم مُتَرجَمًا] [4].
قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول البصريُّ أبو عبد الرَّحمن، عن عبد الله بن سرجس، وأنس، وعمرو بن سَلِمة، وخلق، وعنه: شعبة، وابن عُلَيَّة، ويزيد، وخلق، قال أحمد: ثقة من الحُفَّاظ، مات سنة (142 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3910)


قوله: (عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ): هو بكسر الميم، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ زاي، واسمه لاحق بن حُمَيد السَّدوسيُّ، بصريٌّ، نزل مروَ، عن جندب وابن عبَّاس، وعنه: سليمان التَّيميُّ وعاصم الأحول، ثقة إمام من العلماء، مات سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (وَعِكْرِمَةَ): هو مجرور معطوف على (أبي مِجْلَز [5])؛ لأنَّهما روياه عن ابن عبَّاس [6]، وعلامة الجرِّ فيه الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف.
قوله في حديث ابن عبَّاس: (هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ، أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ): هذا شكٌّ من الرَّاوي هو أو غيره، ودلَّ قوله عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الآخر في «سابعة تبقى»: أنَّ الصَّحيح من لفظي الشَّكِّ قولُه: (في سبع يبقين) على طريقة العرب في التَّأريخ إذا جاوزوا نصف الشهر؛ إنَّما يؤرِّخون بالباقي، لا بالماضي، ولهذا عدُّوا (تاسعة تبقى) ليلة إحدى وعشرين، (ولم يعدُّوها ليلة تسع وعشرين) [7]، وعدُّوا (سابعة تبقى) ليلةَ أربع وعشرين، ولم يعدُّوها ليلة سبع وعشرين، كما [8] لم يأخذوا العدد من أوَّل الشَّهر.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) بعد الإصلاح: (قال).
[2] ما بين معقوفين جاء في (ج) سابقًا بعد قوله: (على يقين، انتهى)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير وهي موافقة لرواية ابن عساكر، وفي رواية «اليونينيَّة» و (ق) تقدَّم حديث عبد الله بن الأسود على قول عبد الوهَّاب.
[3] (اجتنبها): سقط من (ب).
[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[5] في (ب): (محبر)، وهو تحريفٌ.
[6] زيد في (ب): (ورواية).
[7] ما بين قوسين سقط من (ب).
[8] في (ب) و (ج): (لما).
[ج 1 ص 514]

(1/3911)


[حديث: خرجت لأخبركم بليلة القدر]
2023# [قوله: (لِتَلَاحِي النَّاسِ) [1]: سيأتي معناه قريبًا] [2].
قوله: (فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ): أمَّا (تلاحى) [3]؛ أي: تسابَّا، والاسم: اللِّحاء، وقيل فيه غير ذلك، وقد تقدَّم في (الإيمان).
وأمَّا الرجلان؛ فقد تقدَّم اسمهما في (كِتَاب الإيمان) من كلام شيخنا، وأنَّه مكث مدَّة، فلم يعثر عليهما إلى أن رأى ابن دِحية في كتابه [4] «العلم» المشهور قال: (هما كعب بن مالك، وعبد الله بن [5] أبي حدرد)، [وزاد بعض حُفَّاظ المصريِّين بعد النَّقل عن ابن دِحية قال: (وفي رواية مُحَمَّد بن نصر المروزيِّ في «قيام الليل»: أنَّهما من الأنصار) انتهى] [6].
قوله: (فَرُفِعَتْ): اعلم [7] أنَّه أجمع مَن يُعتدُّ به في الإجماع على بقائها إلى يوم القيامة، وشذَّت الرَّوافض، فقالوا: رُفِعت، ويردُّ قولهم «التمسوها»، ولو رُفِعت؛ لم تُلتمَس.

(1/3912)


واختُلِف في محلِّها؛ فقيل: بانتقالها في ليالي العشر، وبه قال مالك، وأحمد، وابن خزيمة، والمزنيُّ، وقد [8] قُوِي لجمع [9] بين أحاديث الباب، وإنَّما تنتقل في العشر الأواخر، وقيل: في كلِّ الشَّهر، وقيل: يلزم ليلة بعينها، وقيل: هي في [10] السَّنة كلِّها، وهو قول ابن مسعود، وأبي حنيفة، وصاحبيه، وقيل: بل في كلِّ رمضان، وهو قول ابن عمر، وجماعة من الصَّحابة، وقيل: أوَّل ليلة منه، وقيل: في العشر الأوسط والآخر، وقيل: في العشر الأواخر، وقيل: يختصُّ بأوتار العشر الأواخر، وقيل: بأشفاعه، وقيل: بل في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين، وهو قول ابن عبَّاس [11]، وقيل: بل تُطلَب في ليلة [12] سبعَ عشرةَ أو إحدى وعشرين، وهو مَحكيٌّ عن عليٍّ وابن مسعود، وقيل: ليلة ثلاث وعشرين، وهو قول كثير من الصَّحابة وغيرهم، وقيل: ليلة إحدى وعشرين، وقيل: ليلة أربع وعشرين ليلة يوم بدر، وقيل: ليلة خمس وعشرين، وقيل: ليلة سبع وعشرين، وهو قول جماعة من الصَّحابة، وادَّعى الرُّويانيُّ في «الحلية» أنَّه قول أكثر العلماء، وقيل: ليلة سبعَ عشرةَ، وقيل: ثماني عشرةَ، وقيل: ليلة تسعَ عشرةَ، وقيل: آخر ليلة من الشَّهر، حكى هذه الأقوال القاضي عياض في «شرحه»، وادَّعى الماورديُّ أنَّه لا خلاف أنَّها في العشر الأواخر، قال القاضي: ما في ليلة من ليالي العشر إلَّا وقد رُوِي أنَّها هي، لكن ليالي الوتر أرجاها، وفي «شرح الهداية»: ذهب أبو حنيفة إلى أنَّها في رمضان تتقدَّم وتتأخَّر، وعندهما: لا تتقدَّم ولا تتأخَّر لكن غير معيَّنة، وقيل: هي [13] عندهما في النِّصف الأخير من رمضان، وقال أبو بكر الرَّازيُّ: هي غير مخصوصة بشهر من الشُّهور، وبه قال الحنفيُّون، وفي «قاضي خان» المشهور عن أبي حنيفة: أنَّها تدور في السَّنة كلِّها، وقد تكون في رمضان، وقد تكون في غيره، وصحَّ ذلك عن ابن مسعود، قال ابن عبَّاس: (السُّورة ثلاثون كلمة، فإذا وصلتَ إلى قوله: {هِيَ} [القدر: 5]؛ فهي سابعة وعشرون منها)، وأُجيب: بأنَّ قوله: {لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1] نصٌّ على عينها، وهي الكلمة الخامسة، و {هي}: كناية، فإذا لم يدلَّ الصريح؛ فالكناية أولى، وقيل: إنَّها ليلة النِّصف من شعبان، وقال ابن حزم: إن كان الشَّهر ناقصًا؛ فهي أوَّل العشر الآخر من غير شكٍّ، فهي إمَّا في ليلة عشرين، أو ثانيه، أو أربع، أو ستٍّ [14]، أو ثمان، وإن كان كاملًا؛ فأوَّل العشر الأواخر بلا شكَّ؛

(1/3913)


إمَّا ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع في وترها، وعند جميع الصُّوفيَّة: أنَّه إذا وافق الوتر ليلة جمعة من العشر الأخير؛ كانت هي ليلة القدر، وهذا كلُّه نقلته من كلام شيخنا المؤلِّف، والله أعلم.

(1/3914)


[باب العمل في العشر الأواخر من رمضان]

(1/3915)


[حديث: كان النبي إذا دخل العشر شد مئزره]
2024# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا تقدَّم [1] أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، الإمام المشهور.
قوله: (عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ [2]): اسمه عبد الرَّحمن بن عبيد بن نِسْطَاس الكوفيُّ الصَّغير، عن السَّائب بن يزيد وأبي الضُّحى، وعنه: ابن المبارك وابن فُضَيل، وثَّقوه، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، وقال أبو حاتم: لا بأس به.
[ج 1 ص 514]
قوله: (عَنْ أَبِي الضُّحَى): هو مسلم بن صُبَيح، وصُبَيحٌ بضمِّ الصَّاد المهملة، وفتح الموحَّدة، الهمْدانيُّ العطَّار، عن ابن عبَّاس وعلقمة، وعنه: منصور، والأعمش، وفطر، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو زُرْعة.
قوله: (شَدَّ مِئْزَرَهُ): معناه: اجتهد في العبادة، وقيل: كناية عن اعتزال النِّساء، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (تقدَّم هذا).
[2] في هامش (ق): (اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس).

(1/3916)


((33)) (أَبْوَابُ الاِعْتِكَافِ) ... إلى (كِتَاب البُيُوعِ)

(1/3917)


[حديث: كان رسول الله يعتكف العشر الأواخر من رمضان]
2025# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا ابن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، العالم المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (يُونُسَ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3918)


[حديث: كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله]
2026# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وكذا تقدَّم (عُقَيْل) أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3919)


[حديث: أن النبي كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان]
2027# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك.
قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ): تقدَّم أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وأنَّ (الهادي) إثبات الياء فيه [1] الصَّحيح، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحمن) أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وهو أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِي): أنَّه سعد بن مالك بن سنان.
قوله: (وَقَدْ رَأَيْتُنِي): تقدَّم أنَّه بضمِّ التَّاء؛ أي: رأيت نفسي، وقد تقدَّم.
قوله: (فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ): (بصُرت): بضمِّ الصَّاد، وقد تقدَّم قريبًا.
==========
[1] (فيه): سقط من (ج).
[ج 1 ص 515]

(1/3920)


[باب الحائض ترجل المعتكف]
قوله: (تُرَجِّلُ الْمُعْتَكِفَ): تقدَّم أنَّ التَّرجيل: التَّسريحُ بما يليِّنه ويُرسل ثائره.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3921)


[حديث: كان النبي يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد]
2028# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.
قوله: (يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ؛ أي: يُميل.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3922)


[باب غسل المعتكف]
قوله: (باب غسْلِ الْمُعْتَكِفِ): يجوز في (غَسل) فتح العين وضمُّها.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3923)


[حديث: كان النبي يباشرني وأنا حائض]
2030# 2031# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريُّ البيكنديُّ، وقد قدَّمت الأبواب التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو سفيان [1] بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم) تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
==========
[1] (هو سفيان): سقط من (ب).
[ج 1 ص 515]

(1/3924)


[باب الاعتكاف ليلًا]

(1/3925)


[حديث: أن عمر سأل النبي قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف]
2032# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان الحافظ سيِّد الحُفَّاظ.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم مرارًا.
قوله: (فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ): هو بقطع الهمزة، وكسر الفاء؛ لأنَّه رباعيٌّ معتلٌّ.

(1/3926)


[باب اعتكاف النساء]

(1/3927)


[حديث: كان النبي يعتكف في العشر الأواخر من رمضان]
2033# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم أنَّ العارم: الشِّرير أو الشَّرس، وهذا بعيد منها.
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّمت (عَمْرَةَ) أنَّها بنت عبد الرَّحمن، وأنَّها من أجلِّ التَّابعيَّات.
قوله: (فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً): الخِبَاء؛ بكسر الخاء المعجمة، وبالمُوحَّدة المُخفَّفة، ممدود الآخر، وهو بيت من بيوت الأعراب، قال أبو عبيد: الخِبَاء: من وبر وصوف، ولا يكون مِن شعر.
قوله: (فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ): (حفصةُ): مرفوعة فاعل (استأذنت)، و (عائشة): منصوبة مفعوله.
قوله: (آلْبِرّ تُرَوْنَ): هو بألف الاستفهام في أوَّله، وهو استفهام إنكار، و (آلبر): منصوب، ويجوز رفعه، وبهما ضُبِط في أصلنا.
قوله: (تُرَوْنَ بِهِنَّ): هو بضمِّ أوَّله؛ أي: تظنُّون، ويجوز فتح التَّاء.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3928)


[باب الأخبية في المسجد]
قوله: (بَابُ الأَخْبِيَةِ فِي الْمَسْجِدِ): (الأَخبية): جمع (خِبَاء)، وقد تقدَّم أعلاه ما الخِبَاء ضبطًا ومعنًى.

(1/3929)


[حديث: آلبر تقولون بهن؟]
2034# قوله: (عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحمن، عَنْ عَائِشَةَ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدمشقيِّ، قال المِزِّيُّ في «أطرافه» لمَّا طرَّفه من عند أبي داود قال فيه: أبو داود عن عثمان ابن أبي شيبة، عن أبي معاوية، ويعلى بن عبيد؛ عشرتهم: عن يحيى بن سعيد به، وفي حديث مالك عن يحيى عن عمرة: (أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أراد أن يعتكف، فلمَّا انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه؛ إذا أخبية؛ خِباء عائشة، وخِباء حفصة، وخِباء زينب)، ثمَّ طرَّفه من عند التِّرمذيِّ، فقال: (التِّرمذيُّ فيه عن هنَّاد، عن أبي معاوية، وقال: رواه الأوزاعيُّ وسفيان الثَّوريُّّ عن يحيى هكذا، ورواه مالك وغير واحد عن يحيى مُرْسَلًا)، ثمَّ ذكر بقيَّة تطريفه.
فالحاصل: إنَّما رواه مالك وغير واحدٍ مُرسَلًا، فإثباتُ (عن عائشة) في أصلَينا هنا فيه نظر؛ لأنَّه من رواية مالك، والله أعلم.
==========
[ج 1 ص 515]

(1/3930)


[باب: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟]

(1/3931)


[حديث: على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي]
2035# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.
[ج 1 ص 515]
قوله: (أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تقدَّم أنَّها صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، وتقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.
قوله: (ثمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ): أي: تنصرفُ.
قوله: (يَقْلِبُهَا): أي: يصرفها، يقال: قلبه وانقلب هو؛ إذا انصرف، قال الله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} [العنكبوت: 21]، ولا يقال: أقلبَه.
قوله: (أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها زوجه عليه الصَّلاة والسَّلام، وأنَّ اسمها هند بنت أبي أميَّة حذيفة المخزوميَّة، وأنَّها آخرهنَّ وفاةً، وتقدَّم بعض ترجمتها.
قوله: (مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ): هذان الرَّجلان لا أعرفهُما، وكذا قال شيخنا، قال [1]: (لكن رأيتُ مَن قال: إنَّهما أُسَيد بن الحُضَير وعبَّاد بن بِشْر صاحبا المصباحَين) انتهى، وسألتُه عن قائل ذلك، فقال لي: ابن العطَّار تلميذ الشَّيخ محيي الدِّين، والظَّاهر أنَّه نُقِلَ لي ذلك عن «شرح العمدة» لابن العطَّار، انتهى، ولعلَّ ذلك انتقالُ حفظ مِن صاحبَي المصباحين إلى هذين، والله أعلم، وأخْبَرني مَن أُخبِر عن شيخنا العلَّامة سراج الدين البلقينيِّ إنكار ذلك، والله أعلم، (ونقل بعض حُفَّاظ المصريِّين ذلك عن «شرح العمدة» لابن العطَّار، وأقرَّه ولم يتعقَّبْه) [2].
قوله: (عَلَى رسْلِكُمَا): هو بفتح الرَّاء وكسرها، فمعنى الكسر: التَّؤدة، والفتح: اللِّين والرِّفق، وأصله: السَّير اللَّيِّن.
قوله: (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا): هو بفتح الكاف، وضمِّ الموحَّدة، وهذا معروف.

(1/3932)


[باب الاعتكاف]

(1/3933)


[حديث: إني أريت ليلة القدر وإني نسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر]
2036# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تقدَّم مرَّات أنَّ مُنِيرًا بضمِّ الميم، وكسر النُّون، ثمَّ مثنَّاة ساكنة، ثمَّ راء، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذان مشهوران عند أهل الحديث، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ) عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وكذا (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِي) سعد بن مالك بن سنان، صحابيٌّ مشهور.
قوله: (وَإِنِّي نُسِّيتُهَا): هو بضمِّ النُّون، وكسر السِّين المهملة، وفي نسخة: (نَسِيتها)؛ بإسناد الفعل إليه.
قوله: (قَزعَةً): تقدَّم مرارًا أنَّها بفتح القاف والزَّاي، وسكونها، ومرَّةً قريبًا.
قوله: (في أَرْنَبَتِهِ): هي بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ مُوحَّدة مثلها، ثمَّ تاء التأنيث، ثمَّ هاء الضَّمير، والأَرْنَبة: طَرَف الأنف، وقد تقدَّمت.
==========
[ج 1 ص 516]

(1/3934)


[باب اعتكاف المستحاضة]

(1/3935)


[حديث: اعتكفت مع رسول الله امرأة من أزواجه مستحاضة]
2037# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هذا هو خالد بن مِهران أبو المُنازِل الحذَّاء، تقدَّم مرارًا.
قوله: (امْرَأَةٌ مُسْتَحَاضَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ [1]): هذه المرأة من أزواجه عليه الصَّلاة والسَّلام قال شيخنا: المعتكفة: سودة، وفي «الموطَّأ»: (إنَّ زينب بنت جحش استُحيضت، وكانت تحت ابن عوف)، وهو وَهم؛ إنَّما كانت تحت ابن حارثة، والمُستحاضة أختها حمنة وأمُّ حبيبة، لا هي، نبَّه عليها المنذريُّ، وذكر بعضهم أنَّ بنات جحش الثَّلاث اسمهنَّ زينب، وأنَّهنَّ استحضن كلُّهنَّ، واستُبعِد، وقال ابن الجوزيِّ: ما نعلم في زوجاته مُستحاضة، وكأنَّ عائشة أرادت بقولها: (من نسائه)؛ أي: من النِّساء المتعلِّقات به بسبب صهارة وشبهها، وردَّه شيخنا المؤلِّف، وكذلك أنا ذكرتُ ردَّه في (الطَّهارة)، وفي «مسلم» من حديث عائشة: (أنَّ زينب بنت جحش كانت تُستحاض سبع سنين)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ الإمام جلال الدِّين: (هي سودة بنت زمعة، وقيل: إنَّ زينب بنت جحش استُحيضت، وهو غير صحيح، وإنَّما المُستحاضة أختاها حمنة وأمُّ حبيبة) انتهى.
قوله: (فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا): (الطَّسْت): تقدَّم الكلام عليه بلغاته.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (من أزواجه مستحاضة).
[ج 1 ص 516]

(1/3936)


[باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه]
قوله: (بَابُ زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا): (زوجَها): منصوب مفعول المصدر، وهي (زيارة).
==========
[ج 1 ص 516]

(1/3937)


[حديث: لا تعجلي حتى أنصرف معك]
2038# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، والباقي معروف، وكذا تقدَّم (اللَّيْثُ) أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (عَلِي بْن الْحُسَيْنِ): أنَّه زين العابدين، والحسين: ابن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ، و (صَفِيَّة): تقدَّمت أعلاه وقبله [1] مترجمة.
قوله: (وحَدَّثَنِي [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ الحافظ، وقد قدَّمت [3] ترجمته، ولِم قيل له: المسنديُّ، وكذا تقدَّم (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ [4]): أنَّه الصَّنعانيُّ الأبناويُّ، قاضي صنعاء، وكذا تقدَّم (مَعْمَرٌ) ضبطًا وترجمةً، وأنَّه بإسكان العين، وفتح الميمين، وأنَّه ابن راشد، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تقدَّم (عَلِي بْن الْحُسَيْنِ): أنَّه زين العابدين، و (الحسين): ابن عليِّ بن أبي طالب، وهذا الثَّاني مُرسَل؛ لأنَّه حكى قصَّة لم يدركها، وسيأتي مُرسَلًا، ومُسنَدًا متَّصلًا، والله أعلم.
قوله: (فَلَقِيَهُ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ): تقدَّم الكلام عليهما أعلاه.
قوله: (ثمَّ أَجَازَا): أي: نفذا، وهذا ظاهر.
قوله: (تَعَالَيَا): هو بفتح اللَّام، وهذا ظاهر أيضًا.
قوله: (هَلْ يَدْرَأُ): هو بفتح أوَّله، وإسكان الدَّال المهملة، وفي آخره همزة، والدَّرءُ: الدَّفع، وهذا ظاهر.

(1/3938)


[باب: هل يدرأ المعتكف عن نفسه؟]

(1/3939)


[حديث: تعال، هي صفية، فإن الشيطان يجري من ابن آدم ... ]
2039# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْماعِيلُ بنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، [ابن أخت الإمام مالك.
قوله: (حَدَّثَنِي [1] أَخِي): تقدَّم أنَّ أخاه اسمه عبد الحميد بن عبد الله أبي أويس] [2]، وتقدَّم بعض ترجمته، وما قاله الأزديُّ فيه وردُّه.
قوله: (عنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن بلال أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر [3]، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عنْ مُحَمَّد بنِ أبي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق التَّيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافع، والزُّهريِّ، وعنه: عبد العزيز الماجِشون، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسليمان بن بلال، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، روى له البخاريُّ مقرونًا بغيره، وهذا المكان أيضًا هو مقرون بمَعْمَر المذكور في الطريق قبله؛ كلاهما عن الزهريِّ، وهذا نوع من القرن؛ فاعلمه.
[ج 1 ص 516]
قوله: (وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَّدينيِّ، الحافظ المشهور الجِهبذ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال شيخنا: ولعلَّه وَهم؛ لأنَّ أكثر الرُّواة: أنَّهما اثنان، ويحتمل أنَّ هذا كان مرَّتين، أو أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أقبل على أحدهما بالقول بحضرة الآخر، فيصحُّ على هذا نسبة القصَّة إليهما جميعًا وانفرادًا، نبَّه عليه القرطبيُّ، انتهى.
قوله: (وَهَلْ هُوَ إلَّا لَيِلًا): كذا في الأصل، وفي الهامش: (ليلٌ)؛ بالرفع، وعليه (صح)، أمَّا الرفع؛ فظاهر، وأمَّا النَّصب؛ فعلى الظرف؛ (أي: في ليلٍ، والله أعلم) [4].
==========
[1] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وهي رواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرني).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[3] زيد في (ج): (وقد).
[4] ما بين قوسين سقط من (ب).

(1/3940)


[باب من خرج من اعتكافه عند الصبح]

(1/3941)


[حديث: من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه فإني رأيت هذه الليلة]
2040# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحمن بْنِ بِشْرٍ [1]): هو بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، معروف.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام المشهور، تقدَّم، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتقدَّم (سُلَيْمَان الأَحْوَل): أنَّه ابن أبي مسلم المكِّيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو خال ابن أبي نجيح كما هنا، ويقال: ابن خالته، والظَّاهر أنَّ المراد بـ (ابن أبي نجيح): عبد الله بن أبي نجيح يسار، مولى الأخنس بن شريق الثَّقفيِّ المكِّيِّ، أبو يسار، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وتقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد [2] بن مالك بن سنان الخدريُّ.
قوله: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَمْرٍو): قائل ذلك هو سفيان بن عيينة، وفي نسخة في هامش أصلنا وعليها علامة راويها: (قال سفيان)، وكذا قال المِزِّيُّ في تطريفه، ولفظه: (قال سفيان: وحدَّثنا مُحَمَّد بن عمرو عن أبي سلمة) انتهى.
و (مُحَمَّد بن عمرو) هذا: هو ابن علقمة بن وقَّاص اللَّيثيُّ، عن أبيه، وأبي سلمة، وطائفة، وعنه: شعبة، وسفيان بن عيينة، ومالك، ومُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ، وخلق، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، مات سنة (144 هـ)، روى له أصحاب «السنن الأربعة»، والبخاريُّ مقرونًا بغيره كهذا؛ لأنَّه مقرون بابن جريج، فسفيان رواه عن ابن جريج، وعن مُحَمَّد بن عمرو، وهذا نوع من القرن، وروى له مسلم في المتابعات، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): قائل هذا هو سفيان بن عيينة، و (ابن أبي لَبيد): اسمه عبد الله بن أبي لَبيد المدنيُّ [3] أبو المغيرة، العبد الصَّالح، مولى الأخنس بن شريق الثَّقفيِّ، عن أبي سلمة بن [4] عبد الرَّحمن، والمُطَّلب بن عبد الله بن حنطب، وغيرهما، وعنه: ابن إسحاق، والسفيانان، وجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/3942)


تنبيه: عبد الله بن أبي لَبيد الكوفيُّ يروي عن عائشة، وأبي سعيد، والبراء، وأبي جُحَيفة السُّوائيِّ، هو [5] أقدم من المدنيِّ، يروي عنه: الزُّبير بن عديٍّ؛ ذكرته للتَّمييز.
قوله: (وَرَأَيْتُنِي): تقدَّم أنَّه بضمِّ التَّاء.
قوله: (وَأَرْنَبَتِهِ): تقدَّم [الكلام] عليها ضبطًا، وما هي في ظاهرها.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وليس في رواية «اليونينيَّة»: (ابن بشر)، وكُتِب عليها في (ق): زائد، مع الإشارة إلى علامة رواتها.
[2] في (ب): (سعيد)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ج): (المزني)، وهو تحريفٌ.
[4] (بن): سقط من (ب).
[5] (هو): سقط من (ب).
[ج 1 ص 517]

(1/3943)


[باب الاعتكاف في شوال]

(1/3944)


[حديث: ما حملهن على هذا آلبر؟ انزعوها فلا أراها]
2041# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ): قال الجيَّانيُّ: (وقال البخاريُّ في «الصيد» و «الاعتكاف»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فُضيل»، نسبه ابن السكن في الموضعين: ابن سلَام، ووافقه الأصيليُّ على الذي في «الاعتكاف»، فنسبه كذلك، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في «كِتَاب النكاح»، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا ابن فُضيل») انتهى، ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ؛ قال عن هذا المكان: (وعن مُحَمَّد بن سلَام، عن مُحَمَّد بن فُضيل)، فصريح كلامه أنَّه كذلك في الرِّواية، وكأنَّه وقع له هكذا، انتهى، وأهمل الجيَّانيُّ مكانًا في (البيع) فيه: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا [1] ابن فُضَيل).
قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ): أمَّا (فُضَيل)؛ فبضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، و (غَزْوان): بالغين المعجمة المفتوحة، وإسكان الزَّاي، و (مُحَمَّد) هذا ضبِّيٌّ مولاهم، حافظ، وكنيته أبو عبد الرَّحمن، يروي عن أبيه، ومغيرة، وحُصين، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، ثقة شيعيٌّ، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (فِي كُلِّ رَمَضَانَ): يجوز صرف (رمضان) على أنَّه نكرة، ويجوز عدم صرفه على أنَّه معرفة.
قوله: (فِيهِ قُبَّةً): القُبَّة من الخيام: بيت صغير مُستدير، وهو من بيوت العرب.
قوله [2]: (أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبابٍ): ثلاث قِبَاب لأزواجه، وقُبَّة له، وقد تقدَّم ما يوضِّحه من حديث عائشة: (فكنت أضرب له خِباء)، و (قِبَاب): بكسر القاف، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره موحَّدة ثانية.
قوله: (فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ): (أُخبِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (خبرَهنَّ): بالنصب مفعول ثانٍ لـ (أُخبِرَ).
قوله: (آلْبِرُّ): هو بهمزة الاستفهام، و (البرُّ): مرفوع، ورفعه ظاهر على أنَّه فاعلُ فعلٍ [3] مُقدَّرٍ يدلُّ عليه قبله قوله: (ما حملهُنَّ).
قوله: (لَا أَرَهَا [4]): بفتح الهمزة، من رؤية العين، وهذا ظاهر.
قوله: (فَنُزِعَتْ): هو بضمِّ النُّون، وكسر الزَّاي، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.
==========

(1/3945)


[1] (حدثنا): سقط من (ج).
[2] (قوله): سقط من (ب).
[3] في (ب): (لفعل).
[4] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَلاَ أَرَاهَا).
[ج 1 ص 517]

(1/3946)


[باب من لم ير عليه صومًا إذا اعتكف]
قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ إِذَا اعْتَكَفَ صَوْمًا [1]): هذا مذهب الشَّافعيِّ، والحسن، وأبي ثور، ورُوِي عن عليٍّ أيضًا، وابن مسعود، وطاووس، وعمر بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك، وأبو حنيفة، والأوزاعيُّ: لا اعتكاف إلَّا بصوم، وقاله ابن عمر، وابن عبَّاس، وعائشة، وعروة، والزُّهريُّ، وقيل: إنَّه مذهب عليٍّ، والشَّعبيِّ، ومجاهد، والقاسم بن مُحَمَّد، وابن المسيّب، ونافع، والثَّوريِّ، واللَّيث، والحسن بن حيٍّ، والشَّافعيِّ في القديم، وقول لأحمد، ورواه عطاء، ومِقْسَم، وأبو فاختة عن ابن عبَّاس، واستدلَّ لذلك بقول عائشة مرفوعًا: «لا اعتكاف إلَّا بصوم»، رواه البيهقيُّ، ووَهم راويه، وهو عند أبي داود عنها: (السُّنَّة على المعتكف ألَّا يعود مريضًا)، وفيه: (ولا اعتكاف إلَّا بصوم، ولا اعتكاف إلَّا في مسجد جامع)، قال الدَّارقطنيُّ: يقال قوله: (السُّنَّة ... ) إلى آخره: إنَّما هو من قول ابن شهاب، ومَن أدرجه في الحديث؛ فقد وَهم، وقال: الأشبه أن يكون مِن قول مَن دون عائشة، ولأصحاب المذهب الأوَّل أحاديث شاهدة لهم، والمسألة طويلة لكنْ قد قال القاضي عياض: لم يأت عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أنَّه اعتكف بغير صوم، ولو كان جائزًا؛ لفعله [2] تعليمًا للجواز، وهو عمل أهل المدينة، وقد أجابوا عن ذلك أجوبة، والله أعلم، منها: اعتكافه عليه الصَّلاة والسَّلام العشر الأوَّل من شوَّال، ويوم الفطر لا يصلح للصَّوم، ونذر عمر: نذرت اعتكاف ليلة.

(1/3947)


[حديث: أوف نذرك]
2042# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيهِ): أمَّا (إسماعيل)؛ فقد تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام، وأنَّ أخاه اسمه عبد الحميد بن أبي أويس عبد الله، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وما قاله الأزديُّ عنه؛ فإنَّه باطل، والله أعلم.
قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه ابن بلال في ظاهرها [1]، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا قبل ذلك.
قوله: (أَوْفِ): هو بقطع الهمزة، وكسر الفاء؛ لأنَّه رباعيٌّ معتلٌّ، وقد تقدَّم، وهو ظاهر.

(1/3948)


[باب: إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم]

(1/3949)


[حديث: أوف بنذرك]
2043# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تقدَّم (عُبَيْد اللهِ) أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر [1] بن الخطَّاب.
==========
[1] (بن عمر): سقط من (ج).
[ج 1 ص 517]

(1/3950)


[باب الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان]

(1/3951)


[حديث: كان النبي يعتكف في كل رمضان عشرة أيام]
2044# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا هو ابن عيَّاش الإمام، تقدَّم الكلام على بعض ترجمته، والاختلاف في اسمه.
قوله: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ [1]): هو بفتح الحاء، وكسر الصَّاد المهملتين، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ إلَّا حضين بن المنذر [2] أبا ساسان؛ فإنَّه بالضَّاد المعجمة، فرد، وتقدَّم أنَّ (أبا حَصِين) المذكور هنا: عثمان بن عاصم الأسديُّ.
[ج 1 ص 517]
قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان [3]، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (فِي كُلِّ رَمَضَانٍ): (رمضان) [4]: يجوز صرفه على أنَّه نكرة، ويجوز عدم صرفه على أنَّه معرفة، وقد قدَّمت قريبًا مثله.
==========
[1] في هامش (ق): (عثمان بن عاصم بن حَصِين).
[2] زيد في (ب): (بن)، وليس بصحيحٍ.
[3] في (ب): (اليماني)، وهو تحريفٌ.
[4] (رمضان): سقط من (ج).

(1/3952)


[باب من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج]
قوله: (ثمَّ بَدَا لَهُ): (بَدا): بغير همز معتلٌّ؛ أي: ظهر، وهذا ظاهر.
==========
[ج 1 ص 518]

(1/3953)


[حديث: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف]
2045# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام، وشيخ خراسان، وكذا تقدَّم (الأَوْزَاعِيُّ) بعده: أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو أبوعمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وبعض ترجمته، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: تقدَّم أنَّه الأَنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّمت (عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وأنَّها من أجلِّ التابعيَّات، وأنَّ أَجلَّهن: عَمرة، وحفصة بنت سيرين، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى.
قوله: (وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ): (حفصةُ): مرفوعة فاعلة، و (عائشةَ): منصوبة مفعولة.
قوله: (أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ): البناء هنا: القُبَّة، وأصله: من ضرب أوتاد الأبنية، وهي: الأخبية عند إقامتها.
قوله: (آلْبِرَّ أَرَدْنَ): بمدِّ ألف الاستفهام، وهو منصوب ونصبه ظاهر، ويجوز رفعه، وقد تقدَّم قريبًا [1].

(1/3954)


[باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل]
قوله: (لِلْغسْلِ): هو بفتح الغين، ويجوز ضمُّها، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.
==========
[ج 1 ص 518]

(1/3955)


[حديث: أنها كانت ترجل النبي وهي حائض وهو معتكف .. ]
2046# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنديُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، وتقدَّم أيضًا (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): أنَّه الصَّنعانيُّ الأبناويُّ قاضي صنعاء، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (مَعْمَرٌ) ضبطًا، وأنَّه ابن راشد ومُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (تُرَجِّلُ): تقدَّم أنَّه التَّسريح بما يُليِّن الشَّعر، ويُرسِل ثائره.

(1/3956)


((34)) (كِتَاب البُيُوع) ... إلى (باب السُّهُولَة والسَّمَاحَة ... ) إلى آخر الترجمة
تنبيه: لمَّا فرغ البخاريُّ [1] من العبادات المقصود بها التَّحصيل الأخرويُّ؛ شرع في بيان المعاملات المقصود بها التَّحصيل الدُّنيويُّ، فقدَّم العبادات؛ للاهتمام بها، ثمَّ ثنَّى بالمعاملات؛ لأنَّها ضروريَّة، وأخَّر النِّكاح؛ لأنَّ شهوته متأخِّرة عن الأكل ونحوه، وأخَّر الجنايات والمخاصمات؛ لأنَّ وقوع ذلك في الغالب إنَّما هو بعد الفراغ من شهوة الفرج والبطن، وجمع (البيوع) باعتبار أنواعه، وغيره أفرده؛ تبرُّكًا بلفظ القرآن.
قال ابن المُنَيِّر بعد أن سرد ما ذكره في الباب: (جميعُ ما ذكره [2] ظاهر في إباحة التِّجارة إلَّا قوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً ... }؛ الآية [الجمعة: 11]، فإنَّها عتب على التِّجارة، وهي أدخل في النَّهي منها في الإباحة لها، لكنَّ مفهومَ النَّهي عن تركه قائمًا [اهتمامًا] [3] بها [4] يشعر أنَّها لو خلت من المُعارِض الرَّاجح؛ لم تدخل في [5] العتب؛ بل كانت حينئذٍ مباحة) انتهى.

(1/3957)


[باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في.}]

(1/3958)


[حديث: إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه]
2047# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه ابن شهاب مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (سَعِيدُ بْنُ المسيّب): أنَّه يجوز في يائه الفتح والكسر، وأنَّ مَن سواه ممَّن اسمه المسيّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (يَشْغَلُهُمْ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا معروف، وكذا قوله: (يَشْغَلُ) الثانية، يقال: شغلت فلانًا، ولا تقل: أشغلته؛ لأنَّها لغة رديئة، قاله الجوهريُّ.
قوله: (صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ)؛ أي: تصرُّف، والصَّفق أيضًا: عقد البيع، وقد تقدَّم.
قوله: (عَلَى مِلْءِ بَطْنِي): هو بهمزة في آخره، وبكسر الميم.
قوله: (مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ): تقدَّم الكلام على (الصُّفَّة)، وأنَّ في «البخاريِّ» و «مسلم»: (لقد رأيت سبعين من أهل الصُّفَّة) من حديث أبي هريرة، وأنَّ أبا نعيم ذكرهم جريدة مئة ونيِّفًا، وإنَّ السَّهرورديَّ شهاب الدَّين في «عوارفه» قال: إنَّهم كانوا نحو أربع مئة.

(1/3959)


[قوله: (حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي): المقالة المشار إليها: قال بعض حُفَّاظ المصريِّين العصريِّين [1]: المقالة المشار إليها رواها أبو نعيم في «الحلية» من طريق الحسن عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «ما من رجل يعلم كلمة، أو كلمتين، أو ثلاثًا، أو أربعًا، أو خمسًا ممَّا فرض الله، فيتعلَّمهنَّ ويعلمهنَّ إلَّا دخل الجنَّة ... »؛ الحديث، انتهى، والحسن مُدلِّس، وفي سماعه من أبي هريرة خلاف، والأكثر: عدم سماعه منه، وفي (كِتَاب الزُّهد) في «التِّرمذيِّ» من حديث الحسن عن أبي هريرة [2]: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «من يأخذ عنِّي هؤلاء الكلمات، فيعمل بهنَّ، ثمَّ يعلِّم مَن يعمل بهنَّ؟»، فقال أبو هريرة: قلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي، فعدَّ خمسًا قال: «اتَّق المحارم؛ تكن أعبد النَّاس، وارض بما قسم الله؛ تكن أغنى النَّاس، وأحسن إلى جارك؛ تكن مُؤمِنًا، وأحِبَّ للنَّاس ما تحبُّ لنفسك؛ تكن مسلمًا، ولا تكثرِ الضَّحك، فإنَّ كثرة الضَّحك تميت القلب»، انتهى، وهذه تحتمل أن تكون الكلمات التي أشار إليها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، والله أعلم] [3].
قوله: (نَمِرَةً): هي بفتح النُّون، وكسر الميم؛ وهي شملة مُخطَّطة من صوف، قيل: فيها أمثال الأهلَّة، قاله ابن قرقول.

(1/3960)


[حديث: أولم ولو بشاة]
2048# قوله: (آخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ [1] سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ): اعلم أنَّ المؤاخاة كانت مرَّتين؛ الأولى: بين المهاجرين بعضِهم في بعض بمكَّة، وهذه أنكرها أبو العبَّاس ابن تيمية، وسيأتي ذلك في بابه، والثَّانية [2] مُتَّفق عليها: بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، وذلك بعد بناء المسجد، وقيل: إنَّ ذلك كان والمسجد يُبنَى، وقال ابن عبد البَرِّ: بعد قدومه المدينةَ بخمسة أشهر، ويقال: كانت عدَّتهم في المدينة مئة؛ خمسون من كلِّ صنف، وقيل: تسعون [3]؛ خمسة وأربعون من كلِّ صنف.
قوله: (فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي): (أَقسمُ): بفتح الهمزة مرفوع، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (وَانْظُرْ) [4]: هو أمر، وهذا ظاهر.
[قوله: (أَيَّ [5] زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ): زوجتا سعد بن الربيع: عَمرة بنت حزم أخت عمرو بن حزم، سمَّاها إسماعيل القاضي في «أحكام القرآن»، والأخرى لم تُسَمَّ، انتهى، وعَمرة بنت حزم صحابيَّة، وهي _كما ذكر_ زوجة سعد بن الرَّبيع، روى عنها: جابر] [6].
قوله: (هَوِيتَ): هو بكسر الواو، وفي آخره تاء المخاطب المفتوحة.
قوله: (سُوقُ قَيْنُقَاع [7]): قال الدِّمياطيُّ: (قينُقاع): بضمِّ النُّون، وفتحها، وكسرها: شعب من يهود المدينة، أضيف إليهم السُّوق، انتهى، وما قاله هو لفظ ابن قرقول بحروفه، ويجوز ترك صرف (قينُقاع) وصرفه.
قوله: (فأَتَى [8] بِأَقِطٍ): (أَتَى): بفتح الهمزة والتَّاء، مبنيٌّ للفاعل، والأَقِط: معروف، وهو لبن مجفَّف، وهو بفتح الهمزة، وكسر القاف [9]، وربَّما سُكِّن في الشِّعر، وتُنقَل حركة القاف إلى ما قبلها.
قوله: (قَالَ [10]: امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة: قال شيخنا المؤلِّف: المرأة التي تزوَّجها عبد الرَّحمن ابنة أبي الحيسر أنيس [11] بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل [12]، قال الزُّبير: ولدت له القاسم وأبا عثمان عبد الله بن عبد الرَّحمن بن عوف، انتهى، وذكر أيضًا شيخنا في (النِّكاح): فائدة [13]: ذكر الزبُّير أنَّ المرأة التي تزوَّجها عبد الرَّحمن ابنة أبي الحيسر [14]، واسمه أنس بن رافع، انتهى، وكذا قال في «تخريج أحاديث الوسيط»: عن الزَّبير أنَّها ابنة أنس
[ج 1 ص 518]

(1/3961)


بن رافع بن امرئ القيس، ولدت له القاسم وأبا عثمان عبد الله، انتهى، وقد نقل ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّها بنت أبي الحيسر أنس بن رافع، قال: ويقال: بشر بن رافع، ذكر ذلك الحافظ مغلطاي، كما رأيته بخطِّه على حواشي «أُسد الغابة» نقلًا عن الزُّبير بن بكَّار، انتهى.
وما وقع في كلام شيخنا من أنَّه أنيس خطأ، والصَّواب: أنس كما ذكره في مكانين مُكبَّرًا، قال الذَّهبيُّ: أنس بن رافع، يقال: قدم في فتية مِن بني عبد الأشهل (مكَّة، فأسلموا قبل الهجرة، انتهى كلامه في «تجريده».
وفي «سيرة أبي الفتح اليعمريُّ» ما لفظه: (وقدم مكَّة أبو الحيسر أنس بن رافع في فتية مِن قومه بني عبد الأشهل) [15] يطلبون الحلف، فدعاهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى الإسلام [16]، فقال رجل منهم _اسمه إياس بن معاذ، وكان شابًّا_: يا قوم؛ والله هذا خير ممَّا قدمنا له، فضربه أبو الحيسر، وانتهره، فسكت، ثمَّ لم يتمَّ لهم الحلف، فانصرفوا إلى بلادهم، ومات إياس بن معاذ، فقيل: إنَّه مات مسلمًا، انتهى، فهذا يخالف [17] ما نقله الذَّهبيُّ، لكنَّ الذَّهبيَّ [18] في كلامه زيادة على هذا، فتُقبَل، [وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين في (مناقب الأنصار): هي بنت أبي الحيسر بن رافع، أو سهلة بنت عاصم بن الجدِّ بن العجلان، كما تقدَّم في (البيوع) انتهى، وقد راجعت (البيوع) من كتابه من نسخة سقيمة؛ فلم أرَ فيها القول الثاني، والله أعلم، وقد راجعت «التجريد» للذَّهبيِّ؛ فرأيت فيه سهلة [19] بنت عاصم بن عديٍّ وُلِدت يوم خيبر عن قولها، والحديث واهي السَّند، انتهى، وهذه لا تصلح أن تكون المذكورة هنا، والله أعلم، وقد أعاد الكلام الحافظ المصريُّ بنحو [20] كلامه هنا [21] في الشَّرح؛ فانظره] [22].
قوله: (قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): هي خمسة دراهم، وقيل: اسم لما زنته خمسة دراهم، يقال له: نواة، كما يقال للعشرين: نشٌّ، وللأربعين: أوقية، وقيل: كانت قدر نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم، قاله ابن قرقول، وقد ذكر شيخنا في (النِّكاح) أقوالًا؛ منها: أنَّ زنة النَّواة ثلاثة مثاقيل ونصف، انتهى، وثلاثة مثاقيل ونصف هو القول بأنَّها خمسة دراهم، ونقل التِّرمذيُّ في «جامعه» في (النِّكاح) عن أحمد ابن حنبل: أنَّها وزن ثلاثة دراهم وثلث، انتهى، ونقل شيخنا في (الدَّعوات) أقوالًا؛ منها: أنَّ أبا عبيد قال: النَّواة خمسة قراريط، وقال إسحاق: وزن خمسة دراهم ونصف.

(1/3962)


[حديث: ما سقت إليها؟]
2049# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هو أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله اليربوعيُّ الحافظ، عن ابن أبي ليلى، وابن أبي ذئب، وعاصم بن مُحَمَّد، والثَّوريِّ، وأمم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود [1]، وعبد، وخلق، قال أحمد لرجل: اخرج إلى أحمد ابن يونس فإنَّه شيخ الإسلام، مات سنة (227 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أبو حاتم: كان ثقةً مُتقِنًا.
قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو زهير بن معاوية بن حُدَيج الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): تقدَّم أنَّه الطَّويل ابن تير، وقيل: تيرويه، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ): (الوَضَر): بفتح الواو والضَّاد المعجمة، وبالرَّاء؛ أي: لطخًا من طيب.
قوله: (مَهْيَمْ) [2]: هو بفتح الميم الأولى، وإسكان الهاء، وبالمثنَّاة تحت المفتوحة، ثمَّ ميم ساكنة: كلمة يمانية؛ معناها: مَا هذا؟ أو مَا شأنك؟ وجاء للقابسيِّ في بعض نسخ النَّسفيِّ وأبي ذرٍّ في هذا الحرف في حديث سارة: (مهيا)، والأوَّل هو المعروف، ولابن السَّكن والنَّسفيِّ أيضًا: (مهين)؛ بالنُّون [3]، وفي بعض النُّسخ: (مهيًا)؛ بالتَّنوين، وكلُّه يُعتبَر، ووقع في «الاستملاء» إلَّا الأوَّل.
==========
[1] (وأبو داود): ليس في (ج).
[2] في (ب): (تميم)، وهو تحريفٌ.
[3] (بالنَّون): ليس في (ج).
[ج 1 ص 519]

(1/3963)


[حديث: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية]
2050# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه [المسنديُّ كما تقدَّم في [1] (الجمعة)] [2].
[قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة الإمام] [3].
قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار أبو مُحَمَّد المكِّيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (كَانَتْ عُكَاظٌ وَمجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ): تقدَّم الكلام عليها في (الحجِّ)، ونزيد هنا: قال الأزهريُّ: مجنَّة: بأسفل مكَّة على بريد منها، وكان سوقه عشرة أيَّام آخر ذي القِعدة، والعشرون [4] قبلها سوق عُكاظ، وبعده (مجنَّة وثمانية أيَّام مِن أوَّل ذي الحجَّة، ثمَّ يخرجون في التَّاسع إلى عرفة) [5]، وذو المجاز عند عرفة من أسواق الجاهليَّة [6].
قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ} [البقرة: 198] قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ): هذه شاذَّة ليست متواترة.
==========
[1] في (ب): (الظَّاهر كما تقدَّم أنَّه المسند كما في).
[2] في (ج) بدل مما بين معقوفين: (أبو بكر بن أبي شيبة الحافظ الكبير المصنف، وقد تقدَّم)، وضرب عليها في (أ).
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[4] في (ج): (والعدول)، وهو تحريفٌ.
[5] ما بين قوسين سقط من (ج).
[6] هذه الفقرة جاءت مضطربة في (ج).
[ج 1 ص 519]

(1/3964)


[باب: الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات]
قوله: (وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ [1]): تقدَّم الكلام على المشتبهات في (كِتَاب الإيمان).
==========
[1] كذا في النُّسخ وهي في هامش (ق) نسخة، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مُشبَّهات).
[ج 1 ص 519]

(1/3965)


[حديث: الحلال بيِّن والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة]
2051# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ السُّلميُّ مولاهم، البصريُّ القسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، أبو عمرو، عن حُمَيد الطَّويل، وحسين المُعلِّم، وابن عون، والحذَّاء، وخلق، وعنه: أحمد، وابن مَعِين، والفلَّاس، وخلق، وثَّقه أبو حاتم، والنَّسائيُّ، وغيرهما، قال ابن سعد: مات بالبصرة سنة أربع وتسعين ومئة، زاد غيره: في ربيع الآخر، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن بعُد [1] العهدُ به.
قوله: (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون، مولى عبد الله بن المُغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، تقدَّم، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له في «البخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.
قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشِّين، وهذا ظاهر.
قوله: (سَمِعْتُ النُّعمان بْنَ بَشِيرٍ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين المعجمة، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ المشهور الجهبذ.
قوله: (عَنِ [2] ابْنِ عُيَيْنَةَ [3]، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ): هو بالفاء، قال الدِّمياطيُّ: عروة بن الحارث بن فروة الهمْدانيُّ الكوفيُّ، انتهى، وهو كما قال، يروي عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، والشَّعبيِّ، وأبي زرعة البجليِّ، وطائفة، وعنه: أبو إسحاق وهو أكبر منه، ومسعر، وسفيان، وشعبة، وجَرِير بن عبد الحميد، وعَبِيدة بن حُمَيد، وآخرون، وثَّقه ابن مَعِين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وفي «تذهيب الذَّهبيُّ»: (أخرج له البخاريُّ مقرونًا بآخر)، وهو هذا المكان؛ لأنَّه قرنه بعبد الله بن عون الذي روى عن الشَّعبيِّ في الطريق التي قبلها، وهذا نوع قرن؛ فاعلمه، [وقد قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: وفي (البيوع): عن عليِّ بن عبد الله، وعبد الله بن مُحَمَّد؛ كلاهما عن سفيان بن عيينة، وعن مُحَمَّد بن كثير، عن سفيان الثَّوريِّ؛ كلاهما عن أبي فروة الهمدانيِّ، انتهى، فوصفه بالهمْدانيِّ.

(1/3966)


وقال بعض حُفَّاظ مصر ما لفظه: («ابن عيينة عن أبي فروة»: هو مسلم بن سالم الجهنيُّ [4]، وغلط مَن زعم أنَّه يزيد بن سنان أبو فروة الجزريُّ) انتهى، و (مسلم بن سالم): نهديٌّ كوفيٌّ، وهو أبو فروة الأصغر الجهنيُّ، نزل فيهم [5]، لا همدانيٌّ كما نسبه المِزِّيُّ، وقوله: (يزيد بن سنان أبو فروة الجزريُّ): هذا الذي قاله هذا الحافظ صوابه: الجزريُّ، الجزريُّ لم يُخرِّج له البخاريُّ، إنَّما أخرج له التِّرمذيُّ وابن ماجه، والله أعلم] [6].
قوله: (وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظَّاهر أنَّه [المسنديُّ، كما تقدَّم في (الجمعة)] [7].
قوله: (عَنْ أَبِي فَرْوَةَ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [8]، وكذا تقدَّم (الشَّعْبِي) أعلاه، وكذا والد النُّعمان ضبطًا.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ؛ فاعلمه، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.
[ج 1 ص 519]
قوله: (عَنْ أَبِي فَرْوَةَ): تقدَّم قبيله الكلام عليه، وكذا (الشَّعْبِي)، وكذا ضبط (بَشِير) والد النُّعمان.
قوله: (وَمَنِ اجْتَرَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهر.
قوله: (عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ): هو مبنيٌّ للفاعل.
قوله: (أَوْشَكَ): هو بفتح الهمزة في الماضي؛ ومعناه عند الخليل: أسرع أن يكون كذا وقَرُب، وقال أبو عليٍّ: جعلوا له الفعل؛ كأنَّهم قالوا: (يوشك) الفعل، وقال أبو عليٍّ: مثل: (عسى) الفعل، قال: ولا يقال: (يوشَك)؛ بفتح الشِّين، المستقبل، ولا (أوشك) في الماضي، وأنكر الأصمعيُّ (أوشك) أيضًا، إنَّما يأتي عنده مستقبلًا، الوشك: السُّرعة، انتهى كلام «المطالع»، قال الجوهريُّ: والعامَّة تقول: (يوشَك)؛ بفتح الشِّين، وهي لغة رديئة، وقد تقدَّم.
قوله: (مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى؛ يُوشِكْ): هما مجزومان؛ شرط وجزاء، و (يوشِك)؛ بكسر الشِّين، وتُفتَح على لغة تقدَّمت أعلاه.

(1/3967)


تنبيه: إنَّما كرَّر البخاريُّ أسانيد حديث النُّعمان بن بَشِير: «الحلال بَيِّن»؛ لأجل قول ابن مَعِين [9]: إنَّه [10] لا يصحُّ له سماع من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، والله أعلم [11]، وقد صرَّح في أحد الطرق هنا بسماعه منه عليه الصَّلاة والسَّلام، قال ابن مَعِين: أهل المدينة يقولون: لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وأهل العراق يصحِّحون سماعه منه، وليس يقول: (سمعت) إلَّا في حديث الشَّعبيِّ: «إنَّ في الجسد مضغةً»، والباقي يقول (عن)، والله أعلم.
وفي هذا الكلام نظر؛ إذ في كتاب «ابن سعد»: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «أفضل العبادة الدُّعاء»، وفي كتاب «العسكريِّ» عنه: سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «مَن [12] لم يشكرِ القليل؛ لم يشكرِ الكثير»، وفي كتاب «الطَّبرانيِّ»: سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إذا كتب أحدكم إلى أحد؛ فليبدأ بنفسه»، وحديث: (ذهب بي [13] أبي إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: إنِّي نحلت ابني هذا غلامًا [14])، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «مثل المدهن [15] في حدود الله مثل قوم ركبوا [16] سفينة»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «ينبغي للمؤمنين أن يكونوا [17] فيما بينهم؛ كمنزلة [18] رجل واحد، إذا اشتكى عضوًا من جسده ... »، وسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إنَّ من العنب خمرًا»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «خذوا على أيدي سفهائكم»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «لتُسوُّنَّ صفوفكم»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول [19]: «أُنذِركم النَّار»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «مثل الأمراء»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إنَّ أهون أهل النَّار عذابًا»، وحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يقول: «إنَّ ثلاثة كانوا في الجبل»، وغير ذلك من الأحاديث التي صرَّح فيها بالسَّماع، والله أعلم.

(1/3968)


ذكر هذه الأحاديث الحافظ مغلطاي في كتابه [20] «التقريب» في الرَّد على الحافظ المِزِّيِّ في سكوته على [21] كلام ابن مَعِين في «تهذيبه»، ولكنَّ هذه الأحاديث إنَّما ترد إذا كانت الأسانيد إلى النُّعمان صحيحة إليه، والله أعلم، وقد أخرج له البخاريُّ في «صحيحه» غير هذا الحديث المذكور هنا «الحلال بَيِّن» ستَّة أحاديث أُخَر، وله [22] في بقيَّة الكتب [23]_ «مسلم» أو غيره_ عدَّةُ [24] أحاديث غير ما ذكرته أنا، والله أعلم غير أنَّ الحافظ مغلطاي ذكر ما صرَّح فيه بالسَّماع منه عليه الصَّلاة والسَّلام.
==========
[1] في (ج): (طال).
[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[3] (عن ابن عيينة): سقط من (ج).
[4] في (ب): (الخبر)، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب): (جهم).
[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[7] في (ج) بدل مما بين معقوفين: (ابن أبي شيبة الحافظ الكبير المصنف، والله أعلم)، وضرب عليها في (أ).
[8] (أعلاه): ليس في (ج).
[9] في (ب): (مسعون)، وفي (ج): (معاوية)، وهو تحريفٌ.
[10] (إنَّه): ليس في (ج).
[11] (والله أعلم): ليس في (ج).
[12] (من): سقط من (ج).
[13] (بي): ليس في (ج).
[14] في (ب): (غدينًا)، وهو تحريفٌ.
[15] في (ب): (المؤمن)، وهو تحريفٌ.
[16] في (ب): (بكوا)، وهو تحريفٌ.
[17] زيد في (ب): (أمنًا).
[18] في (ب): (بمنزلة)، وهو تحريفٌ.
[19] (يقول): ليس في (ج).
[20] في (ب): (كتاب).
[21] في (ب): (عن).
[22] زيد في (ب): (صح).
[23] زيد في (ب): (السِّتَّة).
[24] (عدَّة): ليس في (ج).

(1/3969)


[باب تفسير المشبهات]
قوله: (وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ): (حسَّان) هذا: بصريٌّ، أحد العبَّاد، عن الحسن، وعنه: جعفر بن أبي سليمان وعبد الله بن شوذب [1]، قال عمارة بن زاذان: كان حسَّان يفتح باب حانوته، فيضع الدَّواة، وينشر حسابه، ويرخي ستره، ثمَّ يصلِّي، فإذا أحسَّ بإنسان قد جاء؛ يقبل على الحساب يريه أنَّه كان في الحساب، وقال سلام بن أبي مطيع: قال حسَّان بن أبي سنان: لولا المساكين؛ ما اتَّجرتُ، وقال جعفر بن [2] سليمان: سمعت جليسًا لوهب بن مُنبِّه يقول: رأيت النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فيما يرى النَّائم، فقلت: يا رسول الله؛ أين الأبدال مِن أمَّتك؟ فأومأ إلى الشَّام، قلت: أَمَا بالعراق منهم أحد؟ قال: «بلى؛ مُحَمَّد بن واسع، وحسَّان بن أبي سنان، ومالك بن دينار»، ويروى: أنَّ رجلًا رأى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في المنام، فقال: «لو أنَّ حسَّان بن أبي سنان دعا أن يُحوَّل جبل؛ تحوَّل»، وقال البرجلانيُّ عن النَّضر بن عبد الجبَّار السُّلميِّ، قال: مرَّ حسَّان بن أبي سنان بغرفة، فقال: مذ كم بُنيَت؟ ثمَّ رجع إلى نفسه، فقال: وما عليكِ تسألين عمَّا لا يعنيك، فعاقبها بصوم سنة، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وليس له في بقيَّة الكتب شيء، والله أعلم.
قوله: (مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرَعِ): (الورع) في الأصل: الكفُّ عن المحارم، والتَّحرُّج منه، يقال: ورِع الرَّجل يَرِع _بالكسر فيهما [3]_ ورعًا ورِعةً، فهو وَرِع، وتورَّع من كذا: استُعِير للكفِّ عن المباح والحلال [4]، وقال ابن قرقول: (الكفُّ عن الشُّبهات تحرُّجًا تخوُّفًا من الله)، وقال النَّوويُّ: (الورع: اجتناب الشُّبهات، والاشتهار بالعبادة) انتهى كلامه في «التَّحقيق»، أو حسن الطَّريقة والعفَّة [5]، لا مجرَّد العدالة المسوغة [6] لقبول الشهادة، بل ما يزيده عليه من العفَّة وحسن السِّيرة، كما قاله الرَّافعيُّ، وابن الرفعة، والنَّوويُّ في «التحرير».
قوله: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ): (يريب): ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، روايةً ولغةً؛ ومعناه: دع ما تشكُّ فيه إلى ما لا تشكُّ فيه.
==========
[1] في (ب): (سودة)، وهو تحريفٌ.
[2] زيد في (ج): (أبي)، وليس بصحيحٍ.
[3] (فيهما): سقط من (ج).
[4] زيد في النُّسخ: (وينقسم الورع)، ولم يذكر أقسامه؛ فلا مكان له.
[5] (والعفة): سقط من (ب).

(1/3970)


[6] في (ب): (المتبوعة)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 520]

(1/3971)


[حديث: أن امرأة سوداء جاءت فزعمت أنها أرضعتهما]
2052# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ كثيرًا بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.
قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الظَّاهر أنَّه الثَّوريُّ، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ المقدسيَّ في «الكمال» ذكر في مشايخه: الثَّوريَّ فقط، وفي «التَّذهيب» أطلق فقال: روى عن سفيان، وفي «الكاشف» قال: والثَّوريُّ، والله أعلم.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ): تقدَّم أنِّي لا أعرفها، وتقدَّم أنَّها أمَةٌ، ولا أعرف هل هي مسلمة أم لا، والله أعلم.
قوله: (فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ): (ذَكر): مبنيٌّ للفاعل؛ أي: عقبة ذكر.
قوله: (وَكَانَتْ [1] تَحْتَهُ [2] بْنتُ أَبِي إِهَابٍ التَّمِيمِيِّ): تقدَّم أنَّها بنت أبي إهاب بن عَزِيز [3]؛ بعين مهملة مفتوحة [4]، وزايين [5]؛ الأولى مكسورة، وأبو إهاب صحابيٌّ ولا يُعرَف اسمه، وإنَّ له حديثًا في النَّهي عن الأكل مُتَّكئًا، وأمَّا بنته؛ فاسمها غَنِيَّة _بفتح الغين المعجمة، وكسر النُّون، وتشديد المثنَّاة تحت المفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث_ صحابيَّة، وقد جاء في بعض الطُّرق: أنَّ اسمها زينب، وأبو إهاب والدها: ابن عَزِيز بن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم [6]، حكاه الدَّارقطنيُّ عن الزُّبير، قاله ابن بشكوال وابن ماكولا في «إكماله» في (عتبة)، كنيتها أمُّ يحيى، وقد قدَّمت كلَّ ذلك في (بَاب الرحلة في المسألة النَّازلة [7]) في (كِتَاب العلم).
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية ابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) مصحَّحًا: (وقد كانت).
[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة»: (ابنة).
[3] زيد في (ب): (يعني).
[4] (مفتوحة): ليس في (ج).
[5] في (ب): (وراءين)، وهو تحريفٌ.
[6] في (ج): (كارم)، وهو تحريفٌ.
[7] في (ب): (التاركة)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 520]

(1/3972)


[حديث: الولد للفراش وللعاهر الحجر]
2053# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تقدَّم أنَّه بفتح الزَّاي وسكونها، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزهريُّ [1] مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ [2]): هذا هو أخو سعد بن أبي وقَّاص مالك بن أهيب، أحد العشرة، ذكروا عتبة في الصَّحابة، وممَّن ذكره ابن منده، واحتجَّ بوصيَّته إلى أخيه سعد بابن وليدة زمعة، وأنكر أبو نعيم ذلك على ابن منده، قال أبو نعيم: وعتبة هو الذي شجَّ وجه النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يوم أحُد، وكسر رباعيته، وما علمت له إسلامًا، ولم يذكره أَحد مِن المتقدَّمين في الصَّحابة، قيل: إنَّه مات كافرًا، انتهى معناه، وسأذكر (مَن قتله على كفره في أحُد، وسأذكر أيضًا) [3] الذين رمَوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ يوم أحُد في مكانه من (أحُد) وغيره، وقد قال الدِّمياطيُّ في «حاشيته» هنا ما لفظه: عتبة بن أبي وقَّاص هو الذي كسر يوم أحُد رباعية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ اليمنى السُّفلى، وجرح شفته السُّفلى، مات كافرًا بمكَّة، وابن قمئة جرح يومئذٍ وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المِغْفَر في وجنته، فنزعهما أبو عبيدة فسقطت ثنيِّتاه، وشجَّه عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ في جبهته [4]، انتهى، وسأذكر ذلك في (أحُد) مُطَوَّلًا، وأذكر من قيل: إنَّه أخرج الحلقتين، فقيل: أبو عبيدة، ويقال: عقبة بن وهب بن كلدة، وأذكر مَن فعل به ما فعل مُطَوَّلًا في (أحُد).
قوله: (أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمعَةَ): (ابن وليدة زمْعة): اسمه عبد الرَّحمن بن زمْعة بن قيس القرشيُّ العامريُّ، معدود في الصَّحابة، وهو أخو عبد، ومالك، وسودة أولاد زمْعة.
وقوله: (ابن وليدة زمْعة): هذه الوليدة لا أعرفها، والوليدة: الجارية الصَّبيَّة، وقال شيخنا، (ومِن قَبْله ابنُ عبد البَرِّ في «الاستيعاب») [5]: وأمُّه امرأة يمانيَّة، انتهى.
و (زمْعة): بإسكان الميم، ويقال بفتحها، وعن الوقشيِّ: أنَّه الصَّواب.
قوله: (فَاقْبِضْهُ): هو بهمزة وصل، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر.
قوله: (فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ): تقدَّم أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان، وقد اختُلِف متى هو من الشهر، وقد قدَّمته، وسأذكره أيضًا في (الفتح).

(1/3973)


قوله: (فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمعَةَ): هو عبد بن زمْعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودِّ بن نصر، صحابيٌّ مشهور، أخو سودة أمِّ المؤمنين، وقال أبو نعيم: عبد بن زمْعة بن الأسود العامريُّ، أخو سودة أمِّ المؤمنين، كان من سادة الصَّحابة، وهو الذي اختصم هو وسعد بن أبي وقَّاص في ابن وليدةِ زمْعةَ، كذا نسبه؛ فوهم، وإنَّما هو مَن ذكرته لك، والله أعلم.
[ج 1 ص 520]
قوله: (فَتَسَاوَقَا): الظَّاهر أنَّ معناه: أنَّ كلَّ واحد منهما ساق الآخر، وحقيقة المساوقة: مجيء واحد بعد آخر، وهي المتابعة، والله أعلم.
قوله: (يَا عَبْد بْن زَمعَةَ): يجوز في (عبد) الفتح، وكذا (ابن)، ويجوز في (عبد) الضَّمُّ، فهذان [6] وجهان معروفان، وحكى ابن مالك في «التَّسهيل»: جواز الضَّمِّ في (ابن).
قوله: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): أي: لصاحب الفراش.
قوله: (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ [7]): قال الدِّمياطيُّ: يعني: الخيبة والحرمان؛ لأنَّه لا يلحق به الولد، ولم يُرِدِ الحجارة، إذ ليس كلُّ زان [8] يُرجَم؛ إنَّما يُرجَم المُحصَن، انتهى، وكذا قال غيره، وسأذكر شروط الإحصان إن شاء الله تعالى.
==========
[1] (الزهري): ليس في (ب).
[2] في هامش (ق): (عتبة بن أبي وقاص هو الذي كسر يوم أُحُد رباعية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم اليُمنى السُّفلى، وجرح شفته السُّفلى، مات كافرًا بمكة، وابن قمئة جرح يومئذٍ وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، فنزعهما أبو عُبيدة فكسرت ثنيته، وشجه عبد الله بن شهاب الزهري في جبهته).
[3] ما بين قوسين سقط من (ج).
[4] في (ج): (وجنته).
[5] ما بين قوسين سقط من (ج).
[6] في النُّسخ: (فهذا).
[7] في هامش (ق): (يعني: الخيبة والحرمان؛ لأنَّه لا يلحق به الولد ولم يرد الحجارة، إذ ليس كل زان يُرجم إنَّما يرجم المحصن).
[8] زيد في النُّسخ: (لا)، وليس بصحيح.

(1/3974)


[حديث: إذا أصاب بحده فكل وإذا أصاب بعرضه فلا تأكل]
2054# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ): تقدَّم أنَّه بفتح الفاء، وأنَّ بعض المغاربة سكَّن الفاء، وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدَّارقطنيُّ عنهم، وقد قدَّمت أنَّ الأسماء بالسكون، والكنى بالفتح، وكذا تقدَّم أنَّ (الشَّعْبِي) عامر بن شراحيل.
قوله: (عَنِ الْمِعْرَاضِ): هو بكسر الميم، وإسكان العين المهملة، وفي آخره ضاد معجمة؛ وهو خشبة مُحدَّدة [1] الطَّرف، وقيل: بل فيه حديدة يُرمَى بها الصَّيد، وقيل: بل هو سهم لا ريش له.
قوله: (وَقِيْذٌ): هو بفتح الواو، وكسر القاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالذَّال المعجمة، قال ابن قرقول: أي: ميتة؛ بمعنى: موقوذة، وهي المقتولة بعصًا أو حجر، أو بما لا حدَّ له، يقال: وقذتَه؛ إذا أثخنتَه ضربًا، قال أبو سعيد: أصل الوَقذ: الضرب على فأس القفا، فتصل هدَّتها إلى الدِّماغ، فيُذهِب العقل.
قوله: (ولا أدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَ): (أيُّ): مضمومة الياء، وبعضهم أعرب (أيًّا) مطلقًا.
==========
[1] في (ج): (محدودة).
[ج 1 ص 521]

(1/3975)


[باب ما يتنزه من الشبهات]
قوله: (بَابُ مَا يُتَنَزَّهُ): (يُتنزَّه): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[ج 1 ص 521]

(1/3976)


[حديث: لولا أن تكون صدقةً لأكلتها]
2055# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تقدَّم مرَّات أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة، ثمَّ تاء التأنيث، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ أبو عامر، عن فطر بن خليفة، ومسعر، والطبقة، وعنه: البخاريُّ، وأحمد، وعبد، والحارث بن أبي أسامة، وأمم، وكان من العابدين الحُفَّاظ، مات سنة (215 هـ)، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بعُد العهدُ به.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الثَّوريُّ فيما ظهر لي، ومستندي أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ فيمَن روى عنه قَبِيْصة بن عقبة، ولم يذكر فيهم ابن عيينة، والله أعلم، والذَّهبيُّ في «التذهيب» أطلق، فقال: وسفيان.
قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المُعتمِر.
قوله: (عَنْ طَلْحَةَ): هو طلحة بن مُصرِّف الياميُّ أبو عبد الله الكوفيُّ، أحد أئمَّة الكوفة، عن عبد الله بن أبي أوفى، وأنس، ومرَّة الطيب، وعدَّة، وعنه: ابنه مُحَمَّد، وشعبة، وخلق، وثَّقوه، وقال ابن إدريس: كانوا يسمُّونه: سيِّد القرَّاء، مات سنة (112 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو حاتم.
قوله: (بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ [1]): قال الدِّمياطيُّ: (مسقوطة)؛ بمعنى: ساقطة، وقد يأتي (مفعول) بمعنى (فاعل)؛ كقوله [2] تعالى: {إنَّه كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًا} [مريم: 61]: أي: آتيًا، و {حِجَابًا مَّسْتُورًا} [الإسراء: 45]: أي: ساترًا، انتهى، وكذا {يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101]: أي: ساحرًا.
قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): (همَّام) هذا: هو ابن مُنبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ، وهذا تعليق مجزوم به، ولهذا أخرجه مسندًا متَّصلًا في (اللُّقطة) عن مُحَمَّد بن مقاتل، عن ابن المبارك، عن مَعْمَر بن راشد، عن همَّام به [خ¦2432]، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: مسقوطة بمعنى: ساقطة، وقد يأتي المفعول بمعنى فاعل؛ كقوله تعالى: {إنَّه كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61]؛ أي: آتيًا، و {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45]؛ أي: ساترًا).
[2] في (ب): (قال الله).
[ج 1 ص 521]

(1/3977)


[باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات]

(1/3978)


[حديث: لا حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا]
2056# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم ضبط دُكَين، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم الكلام على عبَّاد بن تميم، وأنَّه عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ مُتَرجَمًا؛ فانظره في أوائل هذا التعليق.
قوله: (شُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الرَّجُلُ): (شُكِي): بضمِّ الشِّين، وكسر الكاف، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا، و (الرَّجلُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): (ابن أبي حفصة): اسمه مُحَمَّد بن أبي حفصة ميسرة أبو سلمة البصريُّ، عن الزهريِّ، وأبي جمرة الضُّبعيِّ، وجماعة، وعنه: الثَّوريُّ، وإبراهيم بن طهمان، وابن المبارك، ورَوح بن عُبَادة، وجماعة، وثَّقه أبو داود، وقال عبَّاس عن ابن مَعِين: ثقة، وقال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن مَعِين: صالح [2]، وليَّنه يحيى القطَّان، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان».
و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، ولم يخرِّج شيخنا هذا الأثر، ذكره ولم يعزه.

(1/3979)


[حديث: سموا الله عليه وكلوه]
2057# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحمن الطُّفَاوِيُّ): هو بضمِّ الطَّاء المهملة، وبالفاء؛ نسبة إلى طُفاوة؛ حَيٌّ، وفي أصلنا: مضموم الطَّاء ومفتوحها بالقلم.
==========
[ج 1 ص 521]

(1/3980)


[باب قول الله تعالى: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}]
قوله: (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11]): قال ابن المُنَيِّر: إنَّما ذكر الآية في هذه التَّرجمة؛ لمنطوقها؛ وهو الذَّمُّ، وتقدَّم ذكرها في باب الإباحة لمفهومها؛ وهو تخصيص ذمِّها بحالة اشتُغِل بها عن الصَّلاة والخطبة، والله أعلم.
==========
[ج 1 ص 521]

(1/3981)


[حديث: بينما نحن نصلي مع النبي إذ أقبلت من الشأم عير]
2058# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النُّون، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هذا هو زائدة بن قدامة أبو الصَّلت الثَّقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة صاحب سُنَّة، تُوفِّيَ غازيًا بالرُّوم [1] سنة ستِّين ومئة، أو سنة إحدى وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد [2].
[ج 1 ص 521]
قوله: (عَنْ حُصَيْنٍ [3]): هو بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، تقدَّم، وأنَّ الأسماء كلَّها بالضَّمِّ كذلك إلَّا حُضين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّ الكنى بالفتح أبو حَصِين، وهذا هو حُصَين بن عبد الرَّحمن السُّلميُّ أبو الهذيل الكوفيُّ، ابن عمِّ منصور، عن جابر بن سَمُرة وأبي وائل، وعنه: شعبة، وهشيم، وعليُّ بن عاصم، ثقة حجَّة، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد منه.
قوله: (عَنْ سَالِمٍ): هو سالم بن أبي الجعْد الأشجعيُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن عمر وعائشة مُرسَلًا، وعن ابن عبَّاس، وابن عمر، وعنه: منصور والأعمش، تُوفِّيَ سنة (100 هـ)، ثقة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
تنبيه: في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ: (حُصَين بن سالم)، وهذا غلط صرح، وإنَّما هو: (عن سالم)، وقد ضبَّبت أنا على (بن)، وكتبت صوابه في الحاشية [4]: (عن)، والله أعلم.
قوله: (إِذْ أَقْبَلَتْ مِنَ الشَّأْمِ عِيرٌ ... ) إلى آخره: تقدَّم الكلام على الشَّام، وعلى العير، ولمن كانت، والاثنا عشر رجلًا ذكرتهم، وذكرت مَن بقي غير اثني عشر رجلًا، وذكرت مجموعهم، فبلغوا خمسةَ عشرَ رجلًا وامرأتين، والله أعلم.
==========
[1] في (أ) و (ج): (لروم).
[2] في (ج): (العهد به).
[3] في هامش (ق): (صوابه: عن).
[4] في (ب): (الحواشي).

(1/3982)


[باب من لم يبال من حيث كسب المال]
قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يُبَالِ): هو بكسر اللَّام مجزوم؛ لأنَّه معتلٌّ، فبقيت الكسرة؛ لتدلَّ على أنَّ المحذوف ياءٌ، وهذا ظاهر.
قوله: (كَسَبَ): هو بفتح السِّين، وهذا ظاهر.

(1/3983)


[حديث: يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه]
2059# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا [1] مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (المَقْبرِي) أنَّه بضمِّ الباء، وفتحها، وكسرها، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3984)


[باب التجارة في البر]
قوله: (بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الرَّاء، [وفي نسخة: (البَزِّ): بفتح الموحَّدة، وبالزاي، وفي نسخة: (البُرِّ): بضمِّ الموحَّدة [1]، وتشديد الرَّاء] [2]، قال شيخنا: قال بعض شيوخنا: اختُلِف في هذا التَّبويب هل هو (البَر) بفتح الباء، أو ضمِّها، أو بالزَّاي؟ وبكلِّها جاءت النُّسخ، ولم أر مُتقِنًا ضبطها، وقال ابن بطَّال: أي: في البز [3] وغيره، انتهى، وقد نقل شيخنا قبل هذا عن نسخة الدِّمياطيِّ: بفتح الباء والرَّاء المشدَّدة، انتهى، ويَشُدُّ هذا ما ترجم بعده: (باب التِّجارة في البحر)، والله أعلم، ورأيت بعضهم قال: إنَّه بتشديد الزَّاي؛ أي: أمتعة البزَّاز، قال: وعند بعضهم بالرَّاء، وهو تصحيف، انتهى.
قوله: (وَقَالَ قَتَادَةُ): هذا [4] هو [5] ابن دِعامة المُفسِّر العالم [6] الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] من قوله: (وبالزاي ... ) إلى قوله: (بضمِّ الموحَّدة): سقط من (ب).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[3] في (ب) و (ج): (البر)، وهو تصحيفٌ.
[4] (هذا): ليس في (ج).
[5] زيد في (ج): (قتادة).
[6] زيد في (ب): (الفاضل).
[ج 1 ص 522]

(1/3985)


[حديث: إن كان يدًا بيد فلا بأس وإن كان نساءً فلا يصلح]
2060# 2061# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم [1] مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل الحافظ، وتقدَّم بترجمة، وكذا تقدَّم (ابْن جُرَيْجٍ) أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام [2].
قوله: (عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ [3]): هذا اسمه عبد الرَّحمن بن مطعم، سمع البراء، وزيد بن أرقم، وابن عبَّاس، روى عنه: عمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت، وعبد الله بن كَثِير، وسليمان الأحول، وثَّقه أبو زرعة، تُوفِّيَ سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيه: لهم: أبو المنهال الرِّياحيُّ؛ بكسر الرَّاء، وبالمثنَّاة تحت، واسمه سيَّار بن سلَامة البصريُّ، يروي عن أبيه وأبي برزة، وعنه: شعبة وحمَّاد بن سلمة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ.
قوله: (وَإِنْ كَانَ نَسَاءً): هو بفتح النُّون والسِّين، والمدِّ، والهمز في آخره، كذا في أصلنا، على وزان (فَعَال)، قال ابن قرقول: قوله في الصَّرف: (وإن كان نسِيئًا؛ فلا يصلح)، كذا لهم وزن (فعيل)، وعند الأصيليِّ: (نَسَاء)؛ مثال: (فَعَال)، وكلاهما صحيح؛ بمعنى (التَّأخير)، انتهى، وفي «القاموس»: (نسأه؛ كمنعه: أخَّره، كأنسأه) انتهى، فحصل فيه ثلاثة أوجه: (نَساء)، و (نسيئًا)، والرُّباعيُّ، وجهان في كلام ابن قرقول تقدَّما، والثَّالث والرباعيُّ في كلام «القاموس»، وها هي: نَسَاءً، ونَسِيئًا، ونَسْئًا، وإنساءً؛ كلُّها بمعنى (التَّأخير).

(1/3986)


[باب الخروج في التجارة]

(1/3987)


[حديث عمر: أخفي علي من أمر رسول الله؟! ألهاني الصفق .. ]
2062# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (ابن سلَام)، وعليها علامة راويها، قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال البخاريُّ في «الجمعة»، و «البيوع»، و «بدء الخلق»، وفي «ذكر الملائكة»، و «المرضى»، و «اللِّباس»، و «الوصايا»، وفي «بَاب ما يُنهَى عنه من دعوة الجاهليَّة»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مخلد بن يزيد [1] الحرَّانيُّ»، نسبه شيوخنا: مُحَمَّد بن سلَام، وقد نسبه البخاريُّ أيضًا كذلك في مواضع من آخر الكتاب) انتهى، وفي «الأطراف» للمزِّيِّ لم ينسبه.
قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام المكِّيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (عَطَاء) وهو ابن أبي رَباح المكِّيُّ مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ): هذا ليثيٌّ قاصُّ مكَّة، عن أُبيٍّ، وعمر، وعائشة، وعنه: ابنه، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وآخرون، وذكر ثابت البُنانيُّ: أنَّه قصَّ على عهد عمر [2]، قال الذَّهبيُّ: وهذا بعيد، مات سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة.
تنبيه: لهم آخر يقال له: عبيد بن عمير، مولى ابن عبَّاس، عن مولاه، وعنه: ابن أبي ذئب، والصَّحيح أنَّه بيَّنه عطاء، له ترجمة في «الميزان»: أنَّه لا يُعرَف، أخرج له أبو داود، انفرد عنه ابن أبي ذئب.
قوله: (أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، أمير النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وتقدَّم ببعض ترجمة.
قوله: (فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ): هو بكسر الذَّال في أصلنا الآن، والظَّاهر أنَّه يجوز الفتح.
قوله: (فَفَزِعَ [3] عُمَرُ): هو بالزاي، والعين المهملة؛ أي: انتبه ممَّا هو فيه.
قوله: (إلَّا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وهذا هنا، وفي «مسلم»: أنَّ الشاهد أُبيُّ بن كعب، وقال له: (يا بن الخطَّاب؛ لا تكن عذابًا على أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... )؛ الحديث [4]، والظَّاهر أنَّهما شهدا، والله أعلم، وزاد أُبيٌّ ما زاد.
[ج 1 ص 522]
قوله: (أَخَفِيَ عَلَيَّ؟): هو بهمزة الاستفهام، و (خَفِي): فعل ماض، وهذا ظاهر.

(1/3988)


قوله: (أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تقدَّم تفسيره، وهنا في «الصَّحيح» في بعض النُّسخ: (يعني: الخروج إلى التِّجارة).
==========
[1] في (ب): (مزيد)، وهو تحريفٌ.
[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).
[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي هامشها من نسخة: (فتفرَّغ)، وفي «اليونينيَّة»: (فَفَرَغَ).
[4] (الحديث): سقط من (ج).

(1/3989)


[باب التجارة في البحر]
قوله: (وَقَالَ مَطَرٌ): هذا هو مطر بن طهمان أبو رجاء الخراسانيُّ الورَّاق، مولى عِلباء السُّلميِّ، وكان يكتب المصاحف، عن أنس [1]، فقيل: مُرسَلًا، وعن شهر بن حوشب، ورجاء بن حيوة، والحسن، وعطاء بن أبي رَباح، وعمرو بن شعيب، وخلق، وعنه: ابن أبي عروبة، ومَعْمَر، والحمَّادان، وخلق، وكان يحيى القطَّان يُشبِّهه بابن أبي ليلى في سوء الحفظ، وقال أحمد: هو في عطاء ضعيف الحديث، وقال ابن مَعِين: صالح، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: مات سنة خمس وعشرين _وقال الفلَّاس: سنة تسع وعشرين_ ومئة، علَّق له البخاريُّ كما ترى هنا، وفي غير هذا المكان، وأخرج له مسلم والأربعة، وهو حسن الحديث، له ترجمة في «الميزان».
قوله: ({الفُلْكِ}: السُّفُنُ): الواحد والجميع سواء، انتهى، وقال تعالى: {فِي الفُلْكِ المَشْحُونِ} [الشعراء: 119]: هذا مفرد، وقال: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} [يونس: 22]: هذا جمع، ويُؤنَّث ويُذكَّر، {الفُلْكِ المَشْحُونِ}: مذكَّر، وقال تعالى: {وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي البَحْرِ} [الحجّ: 65]، فأنَّث، ويحتمل واحدًا وجمعًا، قال الجوهريُّ: كأنَّه يُذهَب بها إذا كانت واحدة إلى المركب؛ فتُذكَّر، وإلى السفينة؛ فتُؤنَّث.
قوله: (وَقَالَ [2] مُجَاهِدٌ): هذا هو ابن جَبْر الإمام المُفسِّر، وقد قدَّمت بعض ترجمته.
قوله: (تَمْخرُ السُّفنُ الرِّيحَ [3] وَلاَ تَمْخَرُ الرِّيحَ مِنَ السُّفنِ إلَّا الْفُلْكُ الْعِظَامُ): (تَمْخَر): بفتح المثنَّاة فوق، وإسكان الميم، وفتح الخاء المعجمة وضمِّها، وبالرَّاء، قال ابن قرقول: (تمخر السُّفَنَ الرَّيحُ، ولا تمخَرُ الرِّيحُ من السُّفن إلَّا الفُلكَ العِظام): كذا لهم، وعند الأصيليِّ: (تمخر السُّفنُ الريحَ)؛ بضمِّ (السُّفن)، ونصب (الرِّيح)، وقال بعضهم: صوابه فتح (السفن)، وضمُّ (الريح)؛ كأنَّها جعلها المُصرِّفة لها في الإقبال والإدبار، قال القاضي أبو الفضل: صوابه إن شاء الله ما ضبطه الأصيليُّ، وهو دليل القرآن؛ إذ [4] جعل الفعلَ للسفن، فقال: {مَوَاخِرَ فِيهِ} [النحل: 14]، وقال الخليل: مخرت السفينةُ؛ إذا استقبلت الرِّيح، وقال أبو عبيد: هو شقُّها، فعلى هذا؛ (السفينة): فاعلة مرفوعة، وقال الكسائيُّ: مخرت تمخر؛ إذا جرت، وقال غيره: {مَوَاخِرَ}: جواري، انتهى.
==========

(1/3990)


[1] (عن أنس): سقط من (ب).
[2] في (أ) و (ب): (قال)، والمثبت موافق لما في «اليونينية» و (ق).
[3] في هامش (ق): (إذا جرت تشق الماء مع صوت، قال بعضهم: صوابه فتح «السفن»، وضم «الريح» الفعل للريح كأنَّه جعلها المصرفة لها في الإقبال والإدبار، قال القاضي: والصواب إن شاء الله ما ضبطه الأصيلي، وهو دليل القرآن إذ جعل الفعل للسفن، فقال: {مَوَاخِرَ فِيهِ} [النحل: 14]).
[4] في النسخ: (إذا)، ولعل المثبت هو الصواب.
[ج 1 ص 523]

(1/3991)


[معلق الليث: أنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل]
2063# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ ... ) إلى آخره [1]: تقدَّم في (الزَّكاة) أنَّ هذا التعليق أخرجه البخاريُّ في سبعة أماكن غير مُسَند، وأنَّه يقع هنا عقيبه: (حدَّثني عبد الله بن صالح: حدَّثني اللَّيث بهذا، وأنَّه ثابت في عدَّة أصول، وهو أيضًا ثابت في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ هنا، ولكن فيه: (عبد الرَّحمن)، وكان قبل ذلك (عبد الله)، فأصلح، وضرب على الجلالة، وخرَّج (الرَّحمن)، وصحَّح عليه، وهو خطأ محض، وصوابه: عبد الله، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في (الزَّكاة)، وتكلَّمت على عبد الله بن صالح؛ فانظره، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ أيضًا [2] هنا لم يسنده.
قوله: (أنَّه ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقد قدَّمت من عند ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّ الذي أقرض الألف الدِّينار هو النَّجاشيُّ.
==========
[1] في هامش (ق): (صوابه: عبد الله لا عبد الرحمن، وهو كاتب الليث، وكذا ذكر البخاريّ هذا المكان عنه، وليس في رواة الكتب السِّتَّة بل ولا في مصنفات أصحاب الكتب السِّتَّة أحد روى له عبد الرحمن بن صالح غير واحد، روى له النَّسائيّ في «بدء الخلق»، وهو شيعيٌّ، وكان يدخل على أحمد ابن حنبل، ولم يخرج له ولا غيره من أصحاب الكتب السِّتَّة شيئًا).
[2] (أيضًا): ليس في (ج).
[ج 1 ص 523]

(1/3992)


[باب: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}]
قوله: (وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْقَوْمُ يَتَّجِرُونَ): هذا الأثر قدَّمه قريبًا [1] بزيادة: (يتبايعون).

(1/3993)


[حديث: أقبلت عير ونحن نصلي مع النبي الجمعة]
2064# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا [2] مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده» ما لفظه: (وقال في «الصيد» و «الاعتكاف»: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا مُحَمَّد [3] بن فُضيل»، نسبه ابن السَّكن في الموضعين: ابن سلَام، ووافقه الأصيليُّ على الذي في «الاعتكاف»، فنسبه كذلك، وقد صرَّح البخاريُّ [4] باسمه في «كِتَاب النكاح»، فقال: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا ابن فُضيل») انتهى، فلم يذكر هذا المكان، والظَّاهر أنَّه مثلهما، وقال شيخنا هنا: (وشيخ البخاريِّ هو ابن سلَام البيكنديُّ، قاله الدِّمياطيُّ والمِزِّيُّ) انتهى، ثمَّ إنِّي راجعت «أطراف المِزِّيِّ» فوجدته كذلك، ولفظه: (وعن مُحَمَّد: هو ابن سلَام).
و (مُحَمَّد بن فُضَيل): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد.
قوله: (عَنْ حُصَيْنٍ): تقدَّم في ظاهرها أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، ومن هو.
قوله: (عِيرٌ): تقدَّم ما العِير، ولمن كانت في (الجمعة)، وكذا (إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا)، تقدَّم مَن الاثنا عشر رجلًا، وتقدَّم أنِّي بلغتهم خمسةَ عشرَ رجلًا وامرأتين.

(1/3994)


[باب قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم}]

(1/3995)


[حديث: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها]
2065# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وتقدَّم أنَّ (مَنْصُورًا): هو ابن المعتمر، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (أَبُو وَائِل) أنَّه شقيق بن سلمة مُتَرجَمًا.
قوله: (كَسَبَ): تقدَّم أنَّه بفتح السِّين، وهذا ظاهر.
==========
[ج 1 ص 523]

(1/3996)


[حديث: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره]
2066# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو يحيى بن جعفر بن أعين الأزديُّ البيكنديُّ الحافظ، عن ابن عيينة ووكيع، وعنه: البخاريُّ وعبيد الله بن واصل، صدوق، مات سنة (243 هـ)، أخرج له البخاريُّ فقط، وقد قدَّمته.
قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذلك تقدَّم (هَمَّام) أنَّه [1] ابن مُنبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/3997)


[باب من أحب البسط في الرزق]

(1/3998)


[حديث: من سره أن يبسط له رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه]
2067# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ [1] الْكِرْمَانِيُّ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن منصور أبو عبد الله، نزيل البصرة، عن حسَّان بن إبراهيم الكرمانيِّ، وابن عيينة، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمِّيِّ، وغندر، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ وغيره، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وقال البخاريُّ: مات سنة (244 هـ) انتهى.
و (الكرماني): قال ابن قرقول: (قيَّده الأصيليُّ: بكسر الكاف) انتهى، وقال في (الأماكن): بفتح الكاف، وسكون الرَّاء، وضبطه الأصيليُّ: بكسر الكاف [2]، وكذلك
[ج 1 ص 523]
عبدوس، والصَّواب: فتح الكاف، وإسكان الرَّاء في المدينة وفي النَّسب إليها، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا حَسَّانُ): هذا هو حسَّان بن إبراهيم الكرمانيُّ العَنَزيُّ، قاضي كرمان، عن إبراهيم الصائغ، وسعيد بن مسروق، وعاصم الأحول، وعنه: عليُّ بن حُجْر وابن الَمدينيِّ، ثقة، قال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، تُوفِّيَ سنة (183 هـ)، وله مئة سنة [3]، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تقدَّم أنَّه يونس بن يزيد الأيليُّ.
قوله: (يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ): (يُبسَط): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (رزقُه): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (أَوْ يُنْسَأَ): (يُنسَأ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي آخره همزة مفتوحة معطوف على ما قبله؛ ومعناه: يُؤخَّر، و (أَثَرِهِ): أجله، وقد يراد به: بقاء الذكر بعده، و (أَثَره): بفتح الهمزة والثَّاء المثلَّثة.
فائدة [4]: إن قلت: أليس قد فُرِغ من الرِّزق والأجل، فما هذا الحديث؟
والجواب عن ذلك من خمسة أوجه:
أحدها: أن يكون المراد بالزيادة: توسعة الرزق، وصحَّة البدن، فإنَّ الغنى يُسمَّى حياةً، والفقر موتًا.
ثانيها: أن يُكتَب أجل العبد مئة سنة، ويجعل بركيَّته تعميَر [5] ثمانين سنة، فإن وصل رحمه؛ زاد الله في بركيَّته، فعاش عشرين أخرى [6]، قالهما [7] ابن قتيبة.
ثالثها: أنَّ هذا التأخير في الأجل ممَّا قد فُرِغ منه، لكنَّه علَّق الإنعام به بصلة الرَّحم؛ فكأنَّه كتب أنَّ فلانًا يبقى [8] خمسين سنة، فإن وصل رحمه؛ بقي ستِّين.

(1/3999)


رابعها: أن تكون هذه الزِّيادة في المكتوب، والمكتوب غير المعلوم، فما علمه الله من نهاية العمر لا يتغيَّر، وما كُتِب قد يُمحَى ويُثبَت، وقد كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يقول: (إن كنتَ كتبتَني شقيًّا؛ فامحُني) كما سلف، وما قال: إن كنتَ علمتني؛ لأنَّ ما علم وقوعه؛ لا بدَّ أن يقع، ويبقى عليه إشكال، وهو أنَّه إذا كان المحتوم واقعًا، فما الذي أفاده زيادة المكتوب ونقصانه؟
وجوابه: أنَّ المعاملاتِ على الظواهر، والمعلوم الباطن خفيٌّ لا يتعلَّق عليه حكم، فيجوز أن يكون المكتوب يزيد، وينقص، ويُمحَى، ويُثبَت، ليبلغ ذلك على لسان الشَّرع إلى [9] الآدميِّ، فيعلم فضيلة البِرِّ وشؤم العقوق، ويجوز أن يكون هذا ممَّا يتعلَّق بالملائكة، فتُؤمَر بالإثبات والمَحو، والعلم الحتم لا يطَّلعون عليه، ومِن هذا إرسال الرُّسل إلى مَن لا يؤمن [10].
الخامس: أنَّ زيادة الأجل تكون بالبركة فيه، وتوفيق صاحبه بفعل الخير، وبلوغ الأغراض، فينال في نصف عمره ما يناله غيره في طويله، وادَّعى التِّرمذيُّ الحكيم: أنَّ المراد بذلك: قلَّة المقام بالبرزخ، ولا أدري ما هذا، انتهى ما قاله شيخا بنحوه، وما قاله شيخنا: (ولا أدري ما هذا) غريبٌ، فهو معروف منقول، وقد ذكره غير واحد.
==========
[1] في هامش (ق): (إسحاق بن منصور).
[2] زيد في (ب): (انتهى وقال: في الأماكن: بفتح الكاف)، وهو تكرارٌ.
[3] (سنة): سقط من (ب) و (ج).
[4] في (ب): (باب)، وكتب في هامش (أ) بلا تصحيح: (انظر أليس الله فرغ من الرزق والأجل فما هذا الحديث؟).
[5] في (ج): (بعمر).
[6] زيد في (ج): (أخرى)، وهو تكرارٌ.
[7] في (ج): (قاله).
[8] (يبقى): سقط من (ب).
[9] في النُّسخ: (إلَّا)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[10] في (ج): (يؤمر)، وهو تحريفٌ.

(1/4000)


[باب شراء النبي بالنسيئة]
قوله: (بَابُ شِرَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِالنَّسِيئَةِ): أمَّا الشراء؛ فيُمدُّ ويُقصَر، وأمَّا (النَّسيئة)؛ فبهمزة في آخره؛ أي: إلى أجل، وقد تقدَّم معناها.
==========
[ج 1 ص 524]

(1/4001)


[حديث: أن النبي اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل]
2068# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة بترجمة، وقد قدَّمت أنَّ له مناكير تجنَّبها صاحبا «الصَّحيحين»، وتقدَّم أنَّ (الأعْمَش) سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (إِبْراهِيم): تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَدُ): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ): قوله: (طعامًا): هذا الطَّعام كان ثلاثين صاعًا، كذا في هذا «الصَّحيح»، وفي رواية: (عشرين)، وفي «مُصنَّف عبد الرزَّاق»: (بوسق شعير)، والوَسق: ستُّون صاعًا [كما تقدَّم، وللبزَّار من طريق ابن عبَّاس: (أربعين صاعًا)] [1]، فإن صحَّت هذه الرِّواية؛ فالثَّلاثون داخلة فيها، وتبقى روايتان؛ رواية [2]: (وسق)، ورواية «الصَّحيح»: (ثلاثون صاعًا)، فإن صحَّ الوسق؛ فرواية «الصَّحيح» داخلة فيه، وإلَّا؛ فالاعتبار برواية «الصَّحيح»، والله أعلم.
[وهذا اليهودي يقال له: أبو الشحم، قاله غير واحد، وهو رجل من بني ظفر، ووقع في «نهاية» الإمام تسميته بأبي شحمة، والمعروف الأوَّل] [3]، والأجل كان سنة.
وأمَّا قوله: (وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ)؛ فهذه الدِّرع: هي ذات الفضول، قاله غير واحد من الحُفَّاظ.
فائدة: كان له عليه الصَّلاة والسَّلام سبعُ أدراع: ذات الفضول هذه، وذات الوشاح، وذات الحواشي، والسُّغدية؛ بالإعجام في الغين، وضمِّ السِّين المهملة، قال شيخنا: نسبة إلى سغد سمرقند فيما أحسب، انتهى، ويقال فيها: السَّعْديَّة؛ بالسِّين المفتوحة والعين الساكنة المهملتين [4]، ويقال: إنَّها كانت درع داود [5] التي لبسها لقتال جالوت، كما أفاده النَّيسابوريُّ في «شرف المصطفى»، كذا قاله أبو الفتح بن سيِّد النَّاس اليعمريُّ في «سيرته»، والبتراء، والخِرْنِق؛ بكسر الخاء المعجمة، وإسكان الرَّاء، وبالنُّون المكسورة، وبالقاف، وفضَّة.
==========
[1] ما بين معقوفين تكرَّر في (ب).
[2] في (ب): (روايتان وإنَّه).
[3] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (اشترى طعامًا من يهودي)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.
[4] في (ج): (المهملة).
[5] زيد في (ب): (عليه الصَّلاة والسَّلام).
[ج 1 ص 524]

(1/4002)


[حديث: ما أمسى عند آل محمد صاع بر ولا صاع حب]
2069# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هذا هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم الكلام على نسبته، وأنَّها إلى جدِّه، وكذا تقدَّم (هِشَامٌ) أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، والكلام على نسبته لماذا.
قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تقدَّم أنَّ حَوْشبًا؛ بفتح الحاء المهملة، وإسكان الواو، وفتح الشِّين المعجمة، وبالموحَّدة.
قوله: (حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِيُّ): هذا يروي عن هشام الدَّستوائيُّ وشعبة، وعنه: مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، قال أبو حاتم: مجهول، وقال ابن حِبَّان: كان يخالف الثِّقات، ويروي عن شعبة أشياء، كأنَّه شعبة آخر، روى له البخاريُّ مقرونًا في هذا المكان، وهو مقرون بمسلم بن إبراهيم الفراهيديِّ المذكور في السَّند قبله، وهذا قرن أيضًا، وما شرط القرن أن يقول: عن فلان وفلان.
تنبيه: لهم شخص آخر يقال له: أسباط أبو اليسع الذُّهليُّ بصريٌّ، نزل بُخارى، عن الوليد بن مُحَمَّد السلميِّ صاحب شعبة، وعن مُحَمَّد بن سلَام البيكنديِّ، وجماعة، وعنه: حامد بن بلال ومُحَمَّد بن عمرو بن عمرويه النَّيسابوريُّ، مات سنة (263 هـ).
قوله: (وَإِهَالَةٍ): هي بكسر الهمزة: كلُّ ما يُؤتَدم به من الأدهان، قاله أبو ذرٍّ، وقال الخليل: الإِهالة: الإلية تُقطَع، ثمَّ تُذَاب.
قوله: (سَنِخَةٍ): هي بفتح السِّين المهملة، وكسر النُّون، ثمَّ خاء معجمة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث؛ أي: مُتغيِّرة.
قوله: (دِرْعًا لَهُ): تقدَّم أعلاه أنَّها ذات الفضول، وكذا تقدَّم (اليَهُودِيُّ) أنَّه أبو الشحم، وتقدَّم أنَّ (الشَّعِير) المأخوذ ما هو، وكذا تقدَّم (الصَّاع) كم مقداره.
[ج 1 ص 524]

(1/4003)


[باب كسب الرجل وعمله بيده]

(1/4004)


[حديث: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي]
2070# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّه إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ [(ابْن وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، وتقدَّم أنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم] [1] (ابْن شِهَابٍ): أنَّه [2] مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (لَمَّا اسْتُخْلِفَ [3] أَبُو بَكْرٍ): (استُخلِف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أبو بكر): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (أَنَّ حِرْفَتِي)؛ أي: كسبي، وهي بكسر الحاء المهملة.
قوله: (تَعْجِزُ): تقدَّم أنَّه بكسر الجيم في المستقبل، وفتحها في الماضي، وأنَّ هذه لغة القرآن، وأنَّه يجوز العكس.
قوله: (وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ): أي: يكتسب لهم ما ينفعهم، أو يكون بمعنى (يجازيهم)، يقال: أحرف الرجل؛ إذا جازى على خير أو شرٍّ، وقال ابن الأثير: الحِرفة: الصناعة وجهة الكسب، وحريف الرجل: مُعامِلُه في حرفته، وأراد باحترافه للمسلمين: نظره في أمورهم، وتثمير مكاسبهم وأرزاقهم، يقال: هو يحرف لعياله ويحترف؛ أي: يكتسب، انتهى، وفي أصلنا كانت: (ويُحترَف): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ثمَّ إنَّها أُصلِحت الآن على البناء للفاعل، وهذه هي الصَّحيحة.

(1/4005)


[حديث: كان أصحاب رسول الله عمال أنفسهم]
2071# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): (مُحَمَّد) [1] هذا: قال الجيَّانيُّ في (أبواب مُحَمَّد بن خالد الذُّهليِّ) وقد ذكر هذا الموضع: (لم ينسبه أحد من الرُّواة، ولا ذكر أبو نصر شيئًا) انتهى، وظاهر كلامه من التَّبويب: أنَّه الذُّهليُّ، وكذا جزم به شيخنا عن الجيَّانيِّ، ولم ينسبه المِزِّيُّ.
قوله: (أَخْبَرَنَا [2] سَعِيدٌ): قال الدِّمياطيُّ: ابن أبي أيُّوب مقلاص، انتهى، وهو سعيد بن أبي أيُّوب مقلاص أبو [3] يحيى الخزاعيُّ مولاهم، المصريُّ [4]، عن جعفر بن ربيعة، وأبي عَقِيل زهرة بن معبد، وكعب بن علقمة، ويزيد بن أبي حبيب، وخلق، وعنه: ابن جريج وهو أكبر منه، وابن المبارك، وابن وهب، وجماعة، قال أحمد: لا بأس به، وقال ابن مَعِين وغيره: ثقة، قال ابن يونس: وُلد [5] سنة مئة، وتُوفِّيَ سنة (161 هـ) على الصَّحيح، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.
قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ): هذا اسمه _كما [6] قال الدِّمياطيُّ_ مُحَمَّدُ بن عبد الرَّحمن [7]، يتيم عروة، انتهى، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَرْوَاحٌ): هو جمع (ريح).
قوله: (رَوَاهُ هَمَّامٌ [8]): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر، أحد أئمَّة الحديث، أخرج له الجماعة، ثبت في كلِّ المشايخ، تقدَّم [9] مُتَرجَمًا، وهذا التعليق مجزوم به، فهو على شرطه، والله أعلم، ولم يُخرِّجه أحد من أصحاب الكتب السِّتَّة، وقال شيخنا: أسنده أبو نعيم من حديث هدبة عنه [10].

(1/4006)


[حديث: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده]
2072# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى): هذا هو ابن يونس بن أبي إسحاق، أحد الأعلام في الحفظ والعبادة، عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وخلق، وعنه [1]: حمَّاد بن سلمة مع تقدُّمه، وابن المَدينيِّ، وإسحاق، وابن عرفة، وأممٌ، وكان يحجُّ سنة، ويغزو سنة، مات سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَنْ ثَوْرٍ [2]): هذا هو ابن يزيد الحمصيُّ الحافظ، عن خالد بن معدان وعطاء، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، وخلق، وكان ثبتًا قدريًّا، أخرجوه من حمص، وأحرقوا داره، تُوفِّيَ سنة (153 هـ)، أخرج له البخاريُّ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
[قوله: (عَنْ خَالِدِ): تقدَّم من هو خالد أعلاه] [3].
قوله: (عَنِ الْمِقْدَامِ): هذا [4] هو المقدام بن معديكرب أبو كريمة الكنديُّ الصَّحابيُّ، نزل حمص، وله عن معاذ، وعنه: حفيده صالح بن يحيى، وخالد بن معدان، ويحيى بن جابر، مات سنة (87 هـ) [5]، أخرج له البخاريُّ والأربعة رضي الله عنه.
تنبيه: قال شيخنا: زعم الإسماعيليُّ أنَّ سنده منقطع بين خالد والمقدام جبير بن نفير، انتهى، وفيه نظر؛ لأنَّ خالدًا قال: أدركت سبعين من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وتُوفِّيَ خالد سنة ثلاث ومئة، ويقال: سنة أربع ومئة، وقيل: سنة ثمان ومئة، والمقدام قال ابن سعد وجماعة: مات سنة سبع وثمانين، وله إحدى وتسعون سنة، وقال عليُّ بن عبد الله التَّميميُّ [6]: سنة ثمان وثمانين، والأوَّل أصحُّ، نعم؛ أرسل خالد بن معدان عن أبي عبيدة ابن الجرَّاح، ولم يسمع من أبي الدرداء، ولم يصحَّ سماعه من عبادة بن الصَّامت، ولا من معاذ، وقال ابن أبي حاتم: سألت _ يعني: أباه_: خالد بن معدان عن أبي هريرة متَّصل؟ فقال: قد أدرك أبا هريرة، ولا يُدرَك له سماع، والله أعلم.
قوله: (وَإِنَّ [7] دَاوُدَ [8] كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ): إن قيل: ما كانت صنعة داود؟
فالجواب: أنَّه كان زرَّادًا.

(1/4007)


فائدة [9]: كان آدم حرَّاثًا، ونوح نجَّارًا وكذلك زكريَّاء، وإدريس خيَّاطًا وكذا أيُّوب، وداود تقدَّم أعلاه زرَّادًا، وإبراهيم زرَّاعًا وكذا لوط، وصالح تاجرًا، ولقمان خيَّاطًا، وقيل: نجَّارًا، وموسى وشعيب ومُحَمَّد صلَّى الله عليهم [10] وسلَّم رعاة للغنم، وكذلك الأنبياء كلُّهم رعَوا الغنم، وفي «المستدرك» [11] في ترجمة ابن [12] مريم ذكر حديثًا عن ابن عبَّاس مرفوعًا: «إنَّ آدم كان حرَّاثًا، ونوح نجَّارًا، وإدريس خيَّاطًا، وداود زرادًا، وموسى راعيًا، وإبراهيم زرَّاعًا، وشعيب راعيًا، ولوط زرَّاعًا، وصالح تاجرًا، وسليمان مَلِكًا»، في سنده عبد المنعم بن إدريس ساقط.
ثانية: كان أبو بكر الصِّدِّيق، وعثمان، وعبد الرَّحمن بن عوف، وطلحة، وابن سيرين، وميمون بن مهران بزَّازين، والزُّبير، وعمرو [13] بن العاصي، وعامر بن كُريز خزَّازين، وسعد بن أبي وقَّاص يُبري النُّبل، وعثمان بن طلحة الحجبيُّ خيَّاطًا، ومثله قيس بن مخرمة، وأيُّوب السَّختيانيُّ يبيع جلود السَّختيان، ومالك بن دينار ورَّاقًا يكتب المصاحف، ومُجمِّع الزَّاهد حائكًا.

(1/4008)


[حديث: أن داود كان لا يأكل إلا من عمل يده]
2073# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُوسَى): هذا بلخيُّ سختيانيٌّ، يقال له: خت، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وهو ابن راشد، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[ج 1 ص 525]

(1/4009)


[حديث: لأن يحتطب أحدكم حزمةً على ظهره خير من أن يسأل أحدًا]
2074# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وتقدَّم (عُقَيْل) أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (ابْنِ شِهَابٍ) أنَّه الزهريُّ، [وكذا تقدَّم (أَبُو عُبَيْد) أنَّه سعد بن عبيد أبو عبيد الزهريُّ، مولى ابن أزهر، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو ثقة] [1].
قوله: (فَيُعْطِيَهُ) وكذا (أَوْ يَمْنَعَهُ): هما منصوبان، ونصبهما معروف.
==========
[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[ج 1 ص 525]

(1/4010)


[حديث: لأن يأخذ أحدكم أحبله خير له من أن يسأل الناس]
2075# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى): تقدَّم أعلاه أنَّه خت.
[ج 1 ص 525]
قوله: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا هو وكيع بن الجرَّاح أبو سفيان الرؤاسيُّ، أحد الأعلام، عن الأعمش وهشام بن عروة، وعنه: أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الله القصَّار، وُلد سنة (128 هـ)، قال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم منه، ولا أحفظ، كان أحفظ من ابن مهديٍّ، وقال حمَّاد بن زيد: لو شئت؛ لقلت: إنَّه أرجح من سفيان، وقال أحمد: لمَّا وُلِّي حفص بن غياث القضاء؛ هجره وكيع، تُوفِّيَ بفيد يوم عاشوراء سنة (197 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (أَحْبُلَهُ): هو جمع (حَبْل)، جمع قلَّة، وجاء في بعض الطرق مفردًا.

(1/4011)


[باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقًا]
(بَابُ السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ ... ) إلى آخر التَّرجمة ... وإلى (بَاب ما ذُكِرَ فِي الأَسْوَاقِ)
قوله: (فِي الشِّرَاءِ): تقدَّم أنَّه يُمدُّ ويُقصَر.
قوله: (فِي عَفَافٍ): هو بفتح العين، وهو العفَّة، وهو الكفُّ عمَّا لا يحلُّ، ورجل عِفٌّ: بيِّنُ [1] العَفاف والعَفافة، والعِفَّة؛ بالكسر، قاله ابن قرقول، وفي «الصِّحاح»: عفَّ عن الحرام يعِفَّ عَفًّا، (وعِفَّةً، وعَفافًا، وعَفافةً؛ أي: كفَّ، فهو عَفٌّ وعَفِيف، والمرأة عَفَّة) [2] وعفيفة، وأعفَّه الله سبحانه، وقال النَّوويُّ في حديث هرقل: العَفاف: الكفُّ عن المحارم وخوارم المروءة، قال صاحب «المحكم»: العِفَّة: الكفُّ عمَّا لا يحلُّ ولا يجمُل.
==========
[1] في (ب): (من)، وهو تحريفٌ.
[2] ما بين قوسين سقط من (ب).
[ج 1 ص 526]

(1/4012)


[حديث: رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع]
2076# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): هو بالمثنَّاة تحت، وبالشِّين المعجمة الألهانيُّ البكَّاء، عن جَرير، وشعيب بن أبي حمزة، وعدَّة، وعنه: البخاريُّ، والذُّهليُّ، والنَّاس، وثَّقوه، وُلِد سنة (143 هـ)، ومات سنة (219 هـ)، قال يحيى بن أكثم: أدخلته [1] على المأمون، فتبسَّم، ثمَّ بكى، فقال: أدخلت عليَّ مجنونًا؟! قلت: هذا خير أهل الشام، وأعلمهم بالحديث ما خلا أبا المغيرة، أخرج له البخاريُّ والأربعة.
قوله: (سَمْحًا): هو بفتح السِّين المهملة، وإسكان الميم، وصفه بالمصدر؛ للمبالغة، والسَّماح: السُّهولة.
قوله: (وَإِذَا اقْتَضَى): أي: استوفى.

(1/4013)


[باب من أنظر موسرًا]
قوله: (بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا): كذا في أصلنا، وصحَّح عليه، وفي أصلنا الدمشقيِّ كذلك، وفي الهامش نسخة: (مُعسِرًا).
==========
[ج 1 ص 526]

(1/4014)


[حديث: تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم]
2077# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية بن حُدَيج [1]، تقدَّم، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (مَنْصُورٌ) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (رِبْعِي بْن حِرَاشٍ) أنَّه بكسر الرَّاء، وإسكان الموحَّدة؛ كالمنسوب إلى الربيع، وأنَّ حِرَاشًا بكسر الحاء المهملة، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف شين معجمة، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حُذَيْفَة) أنَّه [2] ابن اليماني رضي الله عنه، وعن اليماني والده، وتقدَّم حذيفة مُتَرجَمًا.
قوله: (فِتْيَانِي): أي: عبيدي، والفتى: العبد، والفتاة: الأَمَة، والفتوَّة: لفظة مشتركة، والفتى: الشَّابُّ، والفتاة: الشَّابَّة، و (قال لفِتْيته): لعبيده.
قوله [3]: (أَنْ يُنْظِرُوا): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ؛ أي: يُؤخِّروا.
قوله: (وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ): (أبو مالك) هذا: هو سعد بن طارق بن أشيم الأشجعيُّ الكوفيُّ، عن أبيه وابن أبي أوفى، وعنه: شعبة وأبو معاوية، وثَّقه [4] أحمد وغيره، بقي إلى حدود الأربعين والمئة، له ترجمة في «الميزان»، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم والأربعة، وقول أبي مالك أخرجه مسلم عن أبي سعيد [5] الأشجِّ، عن أبي خالد (الأحمر، عن أبي مالك، عن رِبْعيٍّ موقوفًا، وفي آخره: قال عقبة بن عامر الجهنيُّ وأبو مسعود الأنصاريُّ: هكذا سمعناه مِن فِي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ) [6].
قوله: (وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ)؛ أي: تابع شعبة أبا مالك سعدًا، فرواه عن رِبْعيٍّ عن حذيفة، كما رواه أبو مالك عن حذيفة، فالضمير يعود على أبي [7] مالك، والله أعلم.
و (عبد الملك): هو ابن عمير كوفيٌّ، رأى عليًّا، وسمع جَريرًا، والمغيرة، والنُّعمان بن بَشِير، وعنه: شعبة والسفيانان، قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالحافظ، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، ومتابعة شعبة عنه أخرجها البخاريُّ في (الاستقراض) عن مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، عن عبد الملك، وأخرجها ابن ماجه.

(1/4015)


قوله: (وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ): (أبو عوانة): تقدَّم أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم أعلاه (عبد الملك) أنَّه ابن عمير، وتقدَّم (ربعي) أنَّه ابن حِراش، وهذا تعليق مجزوم به، وقول أبي عوانة أخرجه البخاريُّ في (ذكر بني إسرائيل) عن موسى بن إسماعيل عنه به [8].
قوله: (وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ): (نعيم) هذا: أشجعيٌّ، عن أبيه، وله صحبة، وله عن سويد بن غَفَلة، وعنه: شعبة وسفيان، ثقة، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وروى له مسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وهذا تعليق مجزوم به، وهو صحيح على شرطه إلى نعيم، ونعيم لم يكن على شرطه، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في (البيوع) عن عليِّ بن حُجْر، وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن جرير، عن مغيرة، عن نعيم بن أبي هند عنه به.
قوله: (فَأَقْبَلُ): هو بفتح الهمزة؛ همزة المتكلِّم [9]، مرفوع، وهذا معروف.
==========
[1] في (ب): (خديج)، وهو تصحيفٌ.
[2] (أنَّه): سقط من (ج).
[3] (قوله): سقط من (ج).
[4] زيد في (ب): (أبو)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[5] في (ب): (معبد)، وهو تحريفٌ.
[6] ما بين قوسين سقط من (ج).
[7] (أبي): سقط من (ب).
[8] (به): ليس في (ج).
[9] في (ب): (بفتح الهمزة للمتكلم).
[ج 1 ص 526]

(1/4016)


[باب من أنظر معسرًا]
قوله: (بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا): قد تقدَّم أعلاه معنى الإنظار.
==========
[ج 1 ص 526]

(1/4017)


[حديث: كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه]
2078# قوله: (حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّ اسمه مُحَمَّد بن الوليد أبو الهذيل القاضي الحمصيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (قَالَ لِفِتْيَانِهِ): أي: لعبيده، وقد تقدَّم أعلاه [1].
==========
[1] في (ب): (بظاهرها).
[ج 1 ص 526]

(1/4018)


[باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... )؛ فذكره: (العَدَّاء): بفتح العين وتشديد الدَّال المهملتين، وهمزة ممدودة في آخره، وهو العَدَّاء بن خالد بن هوذة العامريُّ، من بني عامر بن صعصعة، أسلم بعد حنين، وعنه: عبد المجيد بن وهب، وأبو رجاء العطارديُّ، وعبد الكريم العُقيليُّ، وغيرهم، قال عبد المجيد: دخلنا عليه زمن يزيد بن المهلَّب، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له الأربعة، وأحمد في «المسند».
[ج 1 ص 526]
قال الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدِّمياطيُّ: (حديث العَدَّاء بن خالد بن هوذة العامريُّ _أسلم هو وأبوه وعمُّه_ رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه بإسنادهما إلى عبد الحميد)، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ، وصوابه: المجيد بن وهب، قال: قال لي العَدَّاء بن خالد: ألا أقرئك كتابًا كتبه لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؟ قال: قلت: بلى، فأخرج إليَّ كتابًا: (هذا ما اشترى العَدَّاء بن خالد بن هوذة من مُحَمَّد رسول الله، اشترى منه عبدًا أو أمة لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة، بيع المسلم المسلم)، وهذا أشبه من لفظ البخاريِّ في قوله: (اشترى مُحَمَّد رسول الله)؛ لأنَّ العهدة إنَّما تُكتَب للمشتري، لا للبائع، وكذلك رواه جماعة كرواية التِّرمذيِّ، وهو الصَّحيح، انتهى، وكذا أخرجه النَّسائيُّ في (الشروط)، وقال التِّرمذيُّ: حسن غريب، لا نعرفه إلَّا من حديث عبَّاد؛ يعني: عبَّاد بن ليث صاحب الكرابيس [1]، وقد ذكر ابن عبد البَرِّ العَدَّاء، ولم يذكر إلَّا أنَّه اشترى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ غلامًا، وكتب له عُهدة، قال: وهي عند أهل الحديث محفوظة، ولم يذكر ما وقع في «البخاريِّ» قطعًا غير أنَّه شكَّ بعض الرواة هل هو عبد أو أمة، وقد جزم أبو عُمر أوَّلًا بأنَّه غلام.
قوله: (لا دَاءَ): الدَّاء؛ بفتح الدَّال وبالمدِّ: العيب كلُّه.

(1/4019)


قوله: (وَلاَ خِبْثَةَ): هي بكسر الخاء المعجمة، ثمَّ موحَّدة ساكنة، ثمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وهو ما كان عن غير طيِّب الكسب والأصلِ، وكلُّ حرام خبيث، قال تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وقيل: الخبثة: بيع أهل العهد، وقيل: هي ههنا الريبة من الفجور، وقال شيخنا في (الحيل) عن ابن التِّين: أنَّه حكى الضَّمَّ؛ يعني: في خاء (خِبثة).
قوله: (وَلاَ غَائِلَةَ): هو بالغين المعجمة، وقد فسَّره قتادة _هو ابن دِعامة الإمام_ في الأصل: بالربا، وفي «المطالع»: (ولا غائلة)؛ أي: لا خديعة ولا حيلة، وقال الخطَّابيُّ: الغائلة في البيع: كلُّ ما أدَّى إلى تلف الحقِّ، وذكره بعضهم في ذوات الواو، وفسَّره قتادة: بالزِّنى، والسرقة، والإباق، والأشبه عندي أن يكون هذا التفسير راجعًا إلى الخبثة والغائلة جميعًا، انتهى.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ [2]): الظَّاهر أنَّه إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، وقد تقدَّم.
قوله: (إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ): هو جمع (نَخَّاس)؛ بفتح النُّون، وتشديد الخاء المعجمة، وفي آخره سين مهملة، والنَخَّاس: دلَّال الدَّوابِّ، يقال: نخَسه بعود [3]، ينخُسه وينخِسه؛ بضمِّ الخاء وكسرها، ومنه سُمِّي النَّخَّاس.
قوله: (يُسَمِّي آرِيَّ خُرَاسَانَ [4]): قال الدِّمياطيُّ: (آريَّ): هو مربط الدَّابة، وقيل: معْلَفُها، قاله الخليل، وقال الأصمعيُّ: هو حبل يُدفَن في الأرض، ويُبرَز طرفُه تُشَدُّ به الدَّابَّة، وأصله: من الحبس والإقامة، من قولهم: تأرَّى الرجل بالمكان؛ إذا أقام به؛ والمعنى: أنَّ بعض النَّخَّاسين يسمِّي موضع الدَّابَّة ومَربَطها في الدار: خراسان وسَجِستان، فيقولون: جاء من خراسان وسجستان؛ يعنون: مَرابطها فيحرِّضون على المشتري [5]، ويظنُّها طريَّة الجلب، قال عياض: وأظنُّ أنَّه نقص من الأصل بعد (آريَّ) لفظة: (دوابِّهم)؛ أي [6]: يسمِّي آريَّ دوابِّهم خراسان، انتهى، وفي «المطالع»: (أرِيَّ خراسانَ): كذا قيَّده جلُّ الرواة، ووقع للمروزيِّ: (أَرَى)؛ بفتح الهمزة والرَّاء، على مثال: (دَعَا)، وليس بشيء، ووقع لأبي ذرٍّ: بضمِّ الهمزة، وهو أيضًا تصحيف، ثمَّ ذكر نحو ما ذكره الدِّمياطيُّ، وابن قرقول والدِّمياطيُّ أخذاه من القاضي عياض، والله أعلم.

(1/4020)


وقوله: (خراسان): هو الإقليم المعروف موطن الكثير أو الأكثر من علماء المسلمين رضي الله عنهم، قال أبو الفتح الهمذانيُّ: ويقال له أيضًا: خُرْسان؛ بحذف الألف، وسكون الرَّاء.
وأمَّا (سَجِسْتَانَ [7]): اسمها زرنج، وسجستان اسم لتلك الدِّيار، فلمَّا كانت زرنج قصبة ذلك الإقليم، ودار مملكتها؛ غلب عليها الاسم، وهي خلف كرمان مسيرة مئة فرسخ، منها أربعون فرسخًا مفازة، ليس بها ماء، وهي التي بناحية الهند على حدِّ غزنة، وكرمان: اسم لتلك البلاد ... إلى آخر كلام عبد القادر الرَّهاويِّ، وقال أبو بكر الحازميُّ في «المؤتلِف والمختلِف» في (الأماكن): سَجْز؛ بالسِّين المهملة، وبالجيم الساكنة، وآخره زاي: اسم لسجستان، ويقال في النِّسبة: سَجْزيٌّ، انتهى.
وسَجِستان [8]: بفتح السِّين، وفي «الذيل والصِّلة» للصغانيِّ: سجستان: بلد، وهو معرَّب سِيستان، وسين (سِجستان) و (سِيستان) مكسورة بالقلم، وهذه النسخة التي نقلت عمدة، وكأنَّها كانت ملك الصغانيِّ؛ لأنَّ عليها في هوامشها تخاريجَ كثيرةً، وغالبها بخطِّه، والله أعلم، [ورأيت في حاشية على نسخة «علوم ابن الصَّلاح» _وقد قرئت النسخة عليه مرَّتين_ لفظها: السِّين والجيم مفتوحتان معًا، ومكسوران معًا ضبطناها عن الشَّيخ، انتهى، يعني: عن [9] ابن الصلاح [10]، وفي «تهذيب الأسماء واللُّغات» للنَّوويِّ: بفتح السِّين وكسرها، الكسر أشهر، والجيم مكسورة فيهما، انتهى وهذا الذي أحفظه أنا] [11].
قوله: (فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً): أي: حرَّمه تحريمًا شديدًا؛ لأنَّ الكراهة في لسان الأقدمين عبارة عن الحرام، وهو دليل القرآن، قوله: {كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38]، و (كراهيَة): تقدَّم مرَّات أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللُّغة: كراهي.
قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ): هذا هو الصحابيُّ الجهنيُّ، وهو صحابيٌّ كبير شريف، فصيح مقرئ، فرضيٌّ شاعر، وُلِّيَ غزو البحر، وعنه: عُليُّ بن رباح، وأبو عُشَانة، وخلق، تُوفِّيَ بمصر _وقد زرت قبره بالقرافة_ سنة (58 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

(1/4021)


[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا]
2079# قوله: (عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ): هو ابن أبي مريم، عن أبي موسى مُرسَلًا، وعن أبي سعيد كذلك، وسفينة، وعنه: منصور وأيُّوب، ثقة [1]، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، أخرج له الجماعة.
قوله: (إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ): تقدَّم أنَّ [2] حاء (حَكِيم) مفتوحة، وكافه مكسورة، وأنَّ حِزامًا؛ بكسر الحاء وبالزاي، وقد تقدَّم بعض ترجمة حَكِيم.

(1/4022)


[باب بيع الخلط من التمر]
قوله: (بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ): (الخِلْط): بكسر الخاء المعجمة، وإسكان اللَّام، وبالطَّاء المهملة، وكذا في الحديث: وهو ألوان مجتمعة، وقيل غير ذلك.
==========
[ج 1 ص 527]

(1/4023)


[حديث: لا صاعين بصاع ولا درهمين بدرهم]
2080# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
[ج 1 ص 527]
قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان [1] بن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، كذا قال ابن الأثير، وتقدَّم غيرَ مرَّةٍ ما قاله ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، انتهى.
قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن أبي كَثِير، وأنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وكذا تقدَّم (أَبُو سَلَمَةَ) أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، وكذا تقدَّم (أَبُو سَعِيدٍ) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.
قوله: (كُنَّا نُرْزَقُ): هو بضمِّ النُّون، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (تَمْرَ): منصوب مفعول ثانٍ، وهذا ظاهر، وكذا تقدَّم (وَهْوَ الْخِلْطُ) قريبًا، وكذا تقدَّم (الصَّاع): أنَّه أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ: رطل وثلث برطل بغداد، وأنَّ رطل بغداد مئةٌ وثمانيةٌ وعشرون درهمًا (وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: مئة وثلاثون، وأنَّ الصاع زنة ستِّ مئة وخمسة وثمانين [2] درهمًا) [3] وخمسة أسباع درهم على مذهب أهل الحجاز، والله أعلم.

(1/4024)


[باب ما قيل في اللحام والجزار]
قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي اللَّحَّامِ وَالْجَزَّارِ): قال شيخنا: قال القرطبيُّ: اللَّحَّام: هو الجزَّار والقصَّاب على قياس قولهم: عطَّار وتمَّار [1] للذي يبيع ذلك، انتهى، والذي أعرفه أنا أنَّ (اللَّحَّامَ) بائعه، و (الجزَّار) الذي يجزره، فبينهما خصوص وعموم [2]، والله أعلم.
==========
[1] في (أ) و (ج): (وتمام)، وفي هامشهما: (لعله: وتمار).
[2] في (ب): (وبينهما عموم وخصوص).
[ج 1 ص 528]

(1/4025)


[حديث: إن هذا قد تبعنا فإن شئت أن تأذن له فأذن له]
2081# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه سليمان بن مِهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، وكذا تقدَّم (شَقِيقٌ) أنَّه أبو وائل شقيق بن سلمة الأسديُّ الكوفيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو مَسْعُود [1]) أنَّه عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاريُّ البدريُّ، وأنَّه كان ينزل ماء ببدر، فنُسِب إليها، ولم يشهدها على الصَّحيح وإن عدَّه البخاريُّ فيهم، وسيأتي التنبيه على ذلك، وقد قدَّمت شيئًا من ترجمته رضي الله عنه، وقال الدِّمياطيُّ: عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أُسيرة [2] بن عُسيرة بن عطيَّة بن خدارة أخي خدرة ابني عوف بن الخزرج الأنصاريِّ، انتهى.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ): ليس في الصحابة مَن اشتُهِر بأبي شعيب غير هذا، ولا أعلم ترجمته إلَّا أنَّه أنصاريٌّ حكى عنه أبو مسعود هذا.
قوله: (فَقَالَ لِغُلاَمٍ لَهُ قَصَّابٍ): هذا الغلام لا أعرف [3] اسمه.
قوله: (خَامِسَ خَمْسَةٍ): أي: أحد خمسة.
قوله: (فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
==========
[1] في هامش (ق): (عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أُسيرة بن عُسيرة بن عطية بن خُدارة أخي خدرة ابني عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاريُّ).
[2] (بن أسيرة): سقط من (ب).
[3] زيد في (ب): (له).
[ج 1 ص 528]

(1/4026)


[باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع]

(1/4027)


[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ... ]
2082# قوله: (حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ [1] المُحَبَّرِ): (بَدَل): بفتح الموحَّدة والدَّال المهملة، وباللَّام [2]، و (المُحَبَّر)؛ بضمِّ الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة مفتوحة، ثمَّ راء: اسم مفعول.
قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ [3]): تقدَّم قريبًا [4] أنَّه صالح بن أبي مريم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حَكِيم بْن حِزَامٍ).
==========
[1] في (ب): (من)، وهو تحريفٌ.
[2] في (ج): (واللَّام).
[3] في هامش (ق): (صالح بن أبي مريم).
[4] (قريبًا): ليس في (ب).
[ج 1 ص 528]

(1/4028)


[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا}]

(1/4029)


[حديث: ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال]
2083# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، وكذا تقدَّم (الْمَقْبُرِيُّ) أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتحها، وكسرها، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[1] في هامش (ق): (محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب).
[ج 1 ص 528]

(1/4030)


[باب آكل الربا وشاهده وكاتبه]
قوله: (بَابُ آكِلِ الرِّبَا): هو بمدِّ الهمز، وكسر الكاف: اسم فاعل، وهذا ظاهر.
قوله: ({مِنَ المَسِّ} [البقرة: 275]): (المس): الجنون.

(1/4031)


[حديث: لما نزلت آخر البقرة قرأهن النبي عليهم في المسجد]
2084# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُندار، وتقدَّم بعض ترجمته، وما هو البُندار، وكذا تقدَّم (غندر) أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، وإسكان النُّون، وبالدَّال المهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم له ترجمة، وما معنى الغندر، وأنَّه لقَّبه به ابن جريج، وكذا تقدَّم (مَنْصُور) أنَّه ابن المعتمر، وكذا تقدَّم (أَبُو الضُّحَى) أنَّه مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصَّاد المهملة، وفتح الموحَّدة مُتَرجَمًا.
قوله: (لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ سُوْرَةِ [1] الْبَقَرَةِ ... ) إلى أن قال: (ثمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ): تقدَّم الكلام على هذا في (بَاب تحريم تجارة الخمر في المسجد).
==========
[1] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة» و (ق): (سورة).
[ج 1 ص 528]

(1/4032)


[حديث: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة]
2085# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (جَرِيرُ) أنَّه ابن حازم الأزديُّ، حضر جنازة أبي الطُّفيل بمكَّة، وسمع أبا رجاء العطارديَّ والحسن، وعنه: ابن وهب، وابن مهديٍّ، وشيبان، وهدبة، ثقة، لمَّا اختلط؛ حجبه ولده، تُوفِّيَ سنة (170 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد ذكرته في مؤلَّفي في كتاب [1] «الاغتباط [2] فيمن رُمِي بالاختلاط»، والله أعلم، وكذا تقدَّم (أَبُو رَجَاءٍ) وأنَّه عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان، وتقدَّم أنَّ (جُنْدب) يقال فيه: بفتح الدَّال وضمِّها.
قوله: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ): هما جبريل وميكائيل، جاءا مسمَّين في هذا «الصَّحيح».
قوله: (وَسطِ النَّهَرِ): تقدَّم أنَّه يقال: بإسكان السِّين وفتحها، كذا عندهم: (وسط)، وعند ابن السكن: (شط النهر)، وصوَّبه القاضي.
قوله: (رَمَى الرَّجُلُ): هو مرفوع فاعل.

(1/4033)


[باب موكل الربا]
قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ)؛ يعني: آية الرِّبا، تقدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلافُ في أوَّل ما أُنزِل، وفي آخر ما أُنزِل مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/4034)


[حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب وثمن الدم]
2086# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، ومُتَرجَمًا مرَّة، وكذا تقدَّم ضبط (أَبِي جُحَيْفَةَ).
قوله: (عَبْدًا حَجَّامًا): عبد أبي جُحَيْفَة لا أعرف اسمه.
قوله: (وَآكِلِ الرِّبَا): هو بمدِّ الهمزة اسم فاعل، وهذا يُعرَف مِن الذي بعده؛ وهو (وَمُوكِلِهِ)، و (آكِلِ) و (موكِلِ) في أصلنا: مجروران بالقلم.

(1/4035)


[باب: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}]

(1/4036)


[حديث: الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة]
2087# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وكذا تقدَّم (يُونُس) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تقدَّم (ابْنُ المسيّب) أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، وهو سعيد بن المسيّب بن حزن، والمسيّب وحزن صحابيَّان، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
[ج 1 ص 528]
قوله: (مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمَحِّقَةٌ [1] لِلْبَرَكَةِ): (مُنَفِّقة): بضمِّ الميم، وفتح النُّون، وكسر الفاء المشدَّدة، ثمَّ قاف، ثمَّ تاء التأنيث، ومثله: (مُمَحِّقة)، كذا في أصلنا، وقال ابن قرقول: («مَمْحِقة»: بفتح الميم، وكسر الحاء، ويصحُّ بفتحهما، كذا قيَّده القاضي أبو الفضل، والذي أعرف بفتحها؛ أي: مُذهِبة [2] بركته مهلكة لها) انتهى، وقال غيره: (مَنْفَقة) و (مَمْحَقة)؛ بفتح أوَّلهما، وسكون ثانيهما، وفتح ثالثهما، ومقتضى تفسير ابن الأثير في [3] اللَّفظين أن يكون كهذا الضبط؛ ومعنى (منفقة للسلعة): أي: سبب لسرعة بيعها، وكثرة الرغبة والحرص عليها بسبب اليمين، وقال المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (مَنفقة): بفتح الميم على وزن (مَفعلة)، وهذا البناء موضوع؛ للمبالغة، كما يقال: الولد مبخلة [4] مجبنة، والمُحدِّثون يقولون: (منفِّقة) (ممحِّقة)؛ بالتَّشديد فيهما، والوجه الأوَّل ذكره صاحب «المفهم»، ثمَّ فسَّر (منفقة) انتهى.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مُمْحِقَة).
[2] في النُّسخ: (مذهبة)، والمثبت موافق لما في مصدره.
[3] في (ب): (بقي)، وهو تحريفٌ، وسقط من (ج).
[4] في (ج): (مخببة)، وهو تحريفٌ.

(1/4037)


[باب ما يكره من الحلف في البيع]

(1/4038)


[حديث: أن رجلًا أقام سلعة وهو في السوق فحلف بالله لقد أعطى بها]
2088# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّد): هذا هو الناقد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وله ترجمة في «الميزان» يسيرة، وكذا تقدَّم (هُشَيْمٌ): أنَّه ابن بَشِير أبو معاوية السُّلميُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو فرد في الكتب السِّتَّة ليس فيها راوٍ اسمه هشيمٌ سواه.
قوله: (أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ): هذا هو العوَّام بن حَوْشَب الواسطيُّ، أحد الأعلام، عن إبراهيم، ومجاهد، والطبقة، وعنه: شعبة، ويزيد بن هارون، وخلق، وثَّقوه، وله نحو مئتي حديث، مات سنة (148 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن طال به العهد، وكذا تقدَّم (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى)، واسم أبي أوفى ونسبه، وأنَّ أبا أوفى صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنه.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً): هذا الرجل لا أعرفه.
قوله [1]: (أَقَامَ سِلْعَةً): أي: عرضها للبيع.
قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا): هو بفتح الهمزة [2]، وفتح الطَّاء، كذا في أصلنا؛ أي: اشتراها بكذا، وسيأتي فيما يليه بقيَّة الكلام عليه.
قوله: (مَا لَمْ يُعْطِ): هو بضمِّ أوَّله، وبكسر الطَّاء، وفي نسخة: (أُعطِي بها): بضمِّ الهمزة، وكسر الطَّاء، و (ما لم يُعطَ): بضمِّ أوَّله، وفتح الطَّاء؛ أي: دُفِع [3] له فيها كذا ولم يكن ذاك.

(1/4039)


[باب ما قيل في الصواغ]
قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ): هو بفتح الصَّاد المهملة، وتشديد الواو، وفي آخره غين معجمة، وهو صائغ الحليِّ، يقال: صاغ يصوغ، فهو صائغ، وصوَّاغ، وصيَّاغ أيضًا في لغة أهل الحجاز، وعمله الصِّياغة.
فائدة [1]: رأيت في «تاريخ المدينة المشرَّفة» للإمام زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي من مراغة مصر الشَّافعيُّ _وقد رأيت هذا المؤلِّفَ مرارًا بالقاهرة، وهو من طلبة الإمام الفقيه جمال الدين الإسنويِّ شيخ شيوخنا، واجتمعت به [2] في المدينة المشرَّفة في منزله بها في سنة (813 هـ) _: قال فيه ابن [3] المطريَّ _يعني به: جمال الدين مُحَمَّد بن أحمد بن المطريِّ، وله «اختصار [4] تاريخ ابن النجَّار للمدينة» _: إنَّه كان بالمدينة المشرَّفة ثلاث مئة صائغ من اليهود، نقل ذلك عن ابن زَبالة، قال ابن حسين: وفيه نظر؛ لأنَّ الثلاث مئة إنَّما كانت بزهرة، وكانت من أعظم قرى المدينة، كذا حكاه ابن زَبالة، انتهى.
قوله: (لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا): (يُختلى): يُقتطَع، وتقدَّم أيضًا أنَّ الخلى _ بالقصر_ الحشيشُ الرطب، وقيل: اليابس، وأنَّ بعض الرواة مدَّه، وهو خطأ.
قوله: (إلَّا الْإِذْخِرَ): تقدَّم ما هو، وأنَّه بكسر الهمزة.
قوله: (فَإنَّه لِقَيْنِهِمْ): هو بفتح القاف، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون مكسورة، والقَيْن: الحدَّاد، ثمَّ استُعمِل في الصَّائغ، وقد تقدَّم.

(1/4040)


[حديث: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم]
2089# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتقدَّم لِمَ لُقِّب (عَبْدان)، وتقدَّم بعض ترجمته، وكذا تقدَّم (عَبْدُ اللهِ) بعده: أنَّه ابن المبارك، وتقدَّم (يُونُسُ) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْن): أنَّه ابن عليِّ بن أبي طالب زين العابدين.
قوله: (كَانَتْ له [1] شَارِفٌ): الشَّارِف؛ بالشِّين المعجمة، وبعد الألف راء مكسورة، ثمَّ فاء: المسنُّ من النُّوق، وفُسِّر في «مسلم»: بأنَّه [2] المسنُّ الكبير، والمعروف في ذلك أنَّه من النُّوق خاصَّة، لا من الذكور، وحكى الحربيُّ عن الأصمعيِّ: أنَّه يقال: (شارف)؛ للذكر والأنثى، ويجمع على (شُرُف)، قاله ابن قرقول.

(1/4041)


قوله: (وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [3] شَارِفًا [4] مِنَ الْخُمْسِ): قال شيخنا: ولم يختلف أهل السِّير كما قاله ابن بطَّال في غير هذا الباب: أنَّ الخمس لم يكن يوم بدر، وذكر إسماعيل القاضي: أنَّه كان في غزوة بني النضير حين حكم سعدًا، وقال: وأحسب أنَّ بعضهم قال: نزل أمر الخمس بعد ذلك، وقيل [5]: إنَّما كان الخمس يقينًا في غنائم حنين، وهي آخر غنيمة حضرها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، قال: وإذا كان كذلك؛ فيحتاج قول عليٍّ إلى تأويل، قال شيخنا: قلت: ذكر ابن إسحاق: أنَّ عبد الله بن جحش لمَّا بعثه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في السنة الثانية إلى نخلة في رجب، وقتل عمرو بن الحضرميِّ وغيره، واستاقوا الغنيمة، وهي أوَّل غنيمة؛ قسم ابن جحش الغنيمة، وعزل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الخمس، وذلك قبل أن يُفرَض الخمس، فأخَّر عليه الصَّلاة والسَّلام أمر الأسيرين، ثمَّ ذكر خروج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى بدر في رمضان، فقسم غنائمها مع الغنيمة الأولى، وعزل الخمس، فيكون قول عليٍّ: (شارفي من نصيبي) من المغنم يوم بدر، ويكون قوله: (كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أعطاني شارفًا من الخمس) قبله من غنيمة ابن جحش، وقال الدَّاوديُّ: (فيه دليل أنَّ آية الخمس نزلت يوم بدر؛ لأنَّه لم يكن قبل بنائه بفاطمة مغنم غيره، وذلك سنة اثنتين من الهجرة في رمضان، وكان بناؤه بفاطمة بعد ذلك ... ) إلى آخر كلامه، لكن في هذا «الصَّحيح» في الباب الذي بعد (بَاب شهود الملائكة بدرًا) ما لفظه: (وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أعطاني ممَّا أفاء الله عليه من الخمس يومئذٍ _أي: يوم بدر_ شارفًا)، وكذلك في (غزوة بدر) في هذا «الصَّحيح»، والتأويل مع هذا فيه صعوبة، وقد يؤوَّل، وقول شيخنا عن إسماعيل
[ج 1 ص 529]
القاضي: (إنَّ ذلك كان في غزوة بني النضير حين حكم سعدًا) فيه نظرٌ، والمعروف المشهور: إنَّما حكم سعدًا في قُريظة.

(1/4042)


ثمَّ إنِّي رأيت في كلام ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين: قال ابن إسحاق: كانت الخيل يوم بني قُريظة ستَّة وثلاثين فرسًا، وكان أوَّل ما وقعت فيه السَّهمان، وأخرج منه الخمس، ومضت به السُّنَّة، ووافقه على ذلك القاضي إسماعيل بن إسحاق، قال إسماعيل: وأحسب أنَّ بعضهم قال: نزل أمر الخمس بعد ذلك، ولم يأت في ذلك من الحديث ما فيه بيانٌ شافٍ، وإنَّما جاء ذكر الخمس يقينًا في غنائم حنين، وقال الواقديُّ: إنَّ أوَّل خمس خُمِّس في غزوة بني قينقاع [6] بعد بدر بشهر وثلاثة أيَّام، نزلوا على حكمه، فصالحهم على أنَّ له أموالهم، ولهم النِّساء، والذريَّة، وخمس أموالهم، وقال عبادة بن الصَّامت: (خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى بدر، فلمَّا هزم الله العدوَّ؛ تبعتهم طائفة يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وطائفة استولت على العسكر [7] والغنيمة، فلمَّا رجع الذين طلبوهم؛ قالوا: لنا النَّفل عن طلبنا العدوَّ ... ) إلى أن قال: (فقسمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن بواء قبل أن تنزل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41])، وقال القاضي إسماعيل: إنَّما قسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ أموال بني النضير بين المهاجرين، وثلاثة من الأنصار: سهل بن حنيف، وأبي دجانة، والحارث بن الصِّمَّة ... إلى آخر كلامه.
قوله: (وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا): هذا الرجل لا أعرفه.
قوله: (صَوَّاغًا)؛ أي: صائغًا، تقدَّم، وتقدَّم أنَّ (قَيْنُقاعَ): مثلث النُّون، وكذا تقدَّم (الإِذْخِر)، وتقدَّم (الصَّوَّاغِينَ).
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (لي).
[2] في (ج): (أنَّه).
[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي).
[4] في هامش (ق): (الشارف: المسن من النوق، وفسر في «مسلم» بأنَّه المسن الكبير، والمعروف في ذلك أنَّه من النوق خاصة لا من الذكور، وحكى الحربي عن الأصمعيِّ أنَّه يقال: شارف للذكر والأنثى، ويجمع على شرف، ولم يأت فعل جمع فاعل إلَّا قليلًا، قاله عياض).
[5] (قيل): ليس في (ج).
[6] في (أ) و (ج): (قيقناع)، وهو تحريفٌ.
[7] في (ب): (العساكر).

(1/4043)


[حديث: إن الله حرم مكة ولم تحل لأحد قبلي]
2090# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: (وقال في «الحيض»، و «المغازي» في موضعين في «بعث أبي موسى»، وفي «غزوة ذات السلاسل»، وفي «اقتربت»، و «المرضى»، و «الأدب»، و «الاستئذان»، و «التعبير»، ولم يذكر هذا المكان، ولا مكانًا آخر في «المحاربين» في «بَاب رجم المحصن» [1]: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالد»، و «إسحاق» في هذه المواضع كلِّها: هو إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، وكذلك نسبه أبو عليٍّ ابن السَّكن في أكثر هذه المواضع من «الجامع»، وقال الكلاباذيُّ: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالد بن عبد الله، روى عنه البخاريُّ في «الصَّلاة»، وفي غير موضع، فلم يزد _يعني: البخاريُّ_ على أن قال: «حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ»، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب «المدخل») انتهى، وقال شيخنا: هو ابن شاهين الواسطيُّ، قاله ابن ماكولا، وابن البَيِّع، وصرَّح به الإسماعيليُّ وأبو نعيم، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه الطَّحَّان، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، ومن جملة ترجمته: أنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات يتصدَّق بزنة نفسه فضَّة رحمه الله، و (خَالِد) الثاني: هو الحذَّاء خالد بن مهران أبو المُنازِل، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَإنَّما أُحِلَّت لِي سَاعَةٌ مِن نَهَارٍ): تقدَّم أنَّها من بكرة إلى العصر، قاله أبو عبيد في «الأموال» له، (وأخبرني بعض حُفَّاظ العصر: أنَّه كذلك في «مسند أحمد») [2].
قوله: (لا يُخْتَلَيَنَّ [3] خَلاَهَا): تقدَّم قريبًا وبعيدًا ما هو، وتقدَّم (يُختلينَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (وَلاَ يُعْضَدُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (شَجَرُهَا) [4]: مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا): هو كالذي قبله، وقبل قبله، وكذا: (ولا تُلْتَقَطُ [5] لُقَطَتُهَا).
قوله: (إلَّا لِمُعَرِّفٍ)؛ يعني: إلَّا لمنشد؛ أي: لا تُلتقَط للتملُّك، إنَّما تُلتقَط للحفظ.

(1/4044)


قوله: (وَقَالَ [6] عَبْدُ الوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفيُّ، تقدَّم مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا، و (خالد) هذا: هو الحذَّاء خالد بن مهران أبو المُنازِل، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتعليق عبد الوهَّاب أخرجه البخاريُّ في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، وفي (الحجِّ) عن أبي موسى؛ كلاهما عن عبد الوهَّاب.
==========
[1] (في باب «رجم المحصن»): سقط من (ج).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لا يُخْتَلَى).
[4] في (ب): (ونحرها)، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب): (يلتقط).
[6] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 1 ص 530]

(1/4045)


[باب ذكر القين والحداد]
قوله: (بَابُ ذِكْرِ الْقَيْنِ [1] وَالحَدَّادِ): قال الدِّمياطيُّ: القَيْن: الحدَّاد، ثمَّ استُعمِل في الصائغ، والقين: العبد، والقينة: المغنِّية، والقينة: الأَمَة أيضًا والماشطة، والتَّقيُّن: التَّزيُّن، انتهى، وقول البخاريِّ: (القَيْن والحدَّاد) العطف يقتضي التغايُر، وكأنَّهما لمَّا كانا مختلفي اللَّفظ؛ جاز عطف الأوَّل على نفسه، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (القينُ: الحداد، ثم استعمل في الصانع، والقين: العبد، والقينة: المغنية، والقينة: الأمة أيضًا والماشطة، والتقينُ: التزينُ).
[ج 1 ص 530]

(1/4046)


[حديث: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد]
2091# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُندار، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ أبو عمرو البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ الأعمش، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أَبُو الضُّحَى) أنَّه مسلم بن صُبَيح، وكذا تقدَّم (خَبَّاب) أنَّه بخاء معجمة مفتوحة، ثمَّ موحَّدة مشدَّدة، وفي آخره موحَّدة: ابن الأرتِّ؛ بمثنَّاة فوق في آخره مشدَّدة، وهذا ظاهر عند أهل الشَّام التَّميميُّ، حليف بني زُهرة، بدريٌّ، عنه: قيس بن أبي حازم وعلقمة، تُوفِّيَ سنة (37 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم رضي الله عنه.
قوله: (قَيْنًا): تقدَّم أنَّه الحدَّاد.
قوله: (فِي الْجَاهِلِيَّةِ): تقدَّم أنَّها ما قبل مبعث النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ سُمُّوا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم، وسيأتي تعقُّب في ذلك في (أيَّام الجاهليَّة).
قوله: (وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ): تقدَّم الكلام على يائه: ابن هاشم بن سُعَيد _بضمِّ السِّين وفتح العين المهملتين_ ابن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيِّ بن غالب أبو عمرو قرشيٌّ سهميٌّ، هلك العاصي عاصيًا وهو على دين قومه، عرض لرجله شوكة فهلك منها في الحال، وقصَّته معروفة.
قوله: (فَقُلْتُ: لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللهُ ثمَّ تُبْعَثَ): مسألة: وهو أنَّ الشَّخص إذا علَّق كفره؛ فإنَّه يكفر في الحال، ولكن خَبَّاب علَّق كفره على مستحيل في اعتقاد المخاطب، فلا يكون كفرًا، وذلك لأنَّ العاصي ما كان يعتقد البعث بعد الموت، والله أعلم.

(1/4047)


[باب ذكر الخياط]

(1/4048)


[حديث: إن خياطًا دعا رسول الله لطعام صنعه]
2092# [قوله: (إِنَّ خَيَّاطًا): هذا الخيَّاط لا أعرف اسمه] [1].
قوله: (فِيهِ دُبَّاءٌ): هو بضمِّ الدَّال، مشدَّد الموحَّدة، ممدود: القرع، على وزن (المُكَّاء)، والواحدة: دُبَّاءة، وحُكي في الدُّباء القصرُ، وحُكي أيضًا في المفرد.
[ج 1 ص 530]
قوله: (الْقَصْعَةِ): هي بفتح القاف، ولا تُكسَر.
==========
[1] ما بين معقوفين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (في المفرد)، وجاء في (أ) استدراكًا، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/4049)


[باب ذكر النساج]

(1/4050)


[حديث: جاءت امرأة ببردة أتدرون ما البردة؟]
2093# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، وبالزاي، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، وتقدَّم بعض ترجمته.
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ): هذه المرأة تقدَّم أنِّي لا أعرف اسمها.
قوله: (نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي): لا أعرف في الصَّحابة حائكًا ولا حائكةً إلَّا هذه، وقد تقدَّم أنِّي لا أعرف اسمها.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن عوف معزوًّا في (الجنائز)، وذكرت هناك ما قاله المؤلِّف في «شرح التنبيه» من أنَّه سهل بن سعد، وهو غريب، [وتقدَّم أنَّ بعض حُفَّاظ هذا العصر قال [1]: إنَّه سعد بن أبي وقَّاص، ذكرته مُطَوَّلًا في (الجنائز)] [2].
==========
[1] (قال): سقط من (أ).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[ج 1 ص 531]

(1/4051)


[باب النجار]

(1/4052)


[حديث: أن مري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن]
2094# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ): (عبد العزيز) هذا: هو ابن أبي حازم سلمة بن دينار، وقد تقدَّما [1] مُترجَمين.
تنبيه: مَن يقال له: عبد العزيز، وقد روى عن أبي حازم عن سهل اثنان؛ أحدهما: ولده، والثاني: عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّراورديُّ، أخرج له عنه مسلم حديثًا عن سهل.
قوله: (أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم.
قوله: (إِلَى فُلاَنَةَ): تقدَّم أنَّ بعضهم قال: (علاثة) [2]، وهذا تصحيف من (فلانة)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «الطَّبرانيِّ الأوسط»: عن جابر: (أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ ... ) إلى أن قال: (فأمرت عائشة، [فصنعت له منبره ... )؛ الحديث، ثمَّ قال: عائشة هذه لم يصرَّح فيها بأنَّها زوج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فيحتمل أن تكون المرأة [3] الأنصاريَّة عائشة] [4]، وفي الصحابيَّات [5] من الأنصار عوائش.
قوله: (أَنْ مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ): تقدَّم الاختلاف في اسم الذي صنع المنبر، وكم كان من درجة، وفي أيِّ سنة عُمِل [6]، وطوله، وعرضه، وماذا جرى فيه في آخر الأمر، والله أعلم.
قوله: (مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ): تقدَّم الكلام على (الطَّرفاء)، وعلى (الغابة).

(1/4053)


[حديث: بكت على ما كانت تسمع من الذكر]
2095# قوله: (الَّذِي صُنِعَ): هو بضمِّ أوَّله مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ ... ) إلى آخره: تقدَّم الكلام على حنين الجذع، وماذا قال له [1] عليه الصَّلاة والسَّلام وما ردَّ عليه، وماذا جرى فيه بعد ذلك؛ فانظره في (المساجد).
قوله: (قَالَ: بَكَتْ عَلَى مَا [2] كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ): قائل هذا الكلام: [قال ابن سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى» في (ذكر [3] المنبر) ما لفظه: زاد غيره _أي: غير المُطَّلب_: فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «إنَّ هذا بكى لما فَقَد من الذكر»، انتهى] [4].

(1/4054)


[باب شراء الحوائج بنفسه]
قوله: (شِرَاءِ الْحَوَائِجِ): هو بجرِّ (الحوائج) مضاف، وتقدَّم أنَّ (شِرَى) يُمدُّ ويُقصَر.
فائدة [1]: اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام باع واشترى، وكان اشتراؤه بعد أن أكرمه الله تعالى برسالته أكثر من بيعه، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يحفظ عنه البيع إلَّا في قضايا يسيرة، وأكثرها لغيره؛ كبيعه القدح والحلس فيمن يزيد، وبيعه يعقوب المُدبَّر غلام أَبي مذكور، وبيعه عبدًا أسود بعبدين، وأمَّا شراؤه؛ فكثير، والله أعلم.
قوله: (جَاءَ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ): هذا المشرك لا أعلم اسمه.

(1/4055)


[حديث: اشترى رسول الله من يهودي طعامًا بنسيئة ورهنه درعه]
2096# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هذا هو مُحَمَّد بن خازم الضَّرير، وخازم؛ بالخاء المعجمة، والزاي، تقدَّم، وتقدَّم (الأَعْمَشُ) أنَّه سليمان بن مهران، و (إِبْرَاهِيم) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وكذا تقدَّم (الأَسْوَد) أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا): تقدَّم [1] أنَّ اليهوديَّ أبو الشحم، وأنَّ الطعام كان ثلاثين صاعًا من شعير، وتقدَّم الاختلاف فيه، وتقدَّم أنَّ الأجل كان سنة، وأنَّ الدرع المرهونة ذات الفضول.
==========
[1] (تقدَّم): مثبت من (ج).
[ج 1 ص 531]

(1/4056)


[باب شراء الدواب والحمير]

(1/4057)


[حديث: أما إنك قادم فإذا قدمت فالكيس الكيس]
2097# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّ بَشَّارًا بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُندار، وتقدَّم (عَبْدُ الْوَهَّابِ) أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ، وتقدَّم (عُبَيْدُ اللهِ) أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.
قوله: (فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا): هذه الغزاة التي وقع فيها بيع جمل جابر سيجيء مُعلَّقًا أنَّه كان في طريق تبوك، ويأتي الاختلاف في مقدار الثمن مُطَوَّلًا من عند البخاريِّ في (بَاب إذا اشترط البائع ظهر الدَّابَّة إلى مكان مُسمًّى؛ جاز)، وذكر الاشتراط أيضًا، وترجيحه لمقدار الثمن والاشتراط، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» في (غزوة ذات الرقاع): أنَّ بيع الجمل كان بها، ولفظه: وفي انصرافه من هذه الغزوة أبطأ جمل جابر بن عبد الله، فنخسه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فانطلق متقدَّما بين يدي الركاب، ثمَّ قال: «بِعْنيه»، فابتاعه منه، وفي «مسلم»: (أقبلتُ من مكَّة إلى المدينة)، وذكر قصَّة الجمل، وسيأتي قبل (فرض الخمس): (فلمَّا قدم صرارًا)؛ فذكر قصَّة الجمل، وصرار على ثلاثة أميال من المدينة من ناحية العراق، والله أعلم.
قوله: (يَحْجُنُهُ): هو بضمِّ الجيم، والمِحْجَن: بكسر الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثمَّ جيم مفتوحة، ثمَّ نون، تقدَّم أنَّها عصًا مُعقَّفة الرأس؛ كالصَّولجان، والميم زائدة.
قوله: (أَكُفُّهُ): أي: أضمُّه.
قوله: (بَلْ ثَيِّبًا): امرأة جابر الثَّيِّب [1] التي تزوَّج بها معدودة في الصَّحابيَّات، ولا أعرف اسمها، [وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين: اسم زوجته سُهَيمة بنت مسعود الأوسيَّة، انتهى، وسهيمة بنت مسعود بن أوس الظفريَّة بايعت، وولدت لجابر بن عبد الله عبد الرَّحمن فيما ورد، والله أعلم] [2].
قوله: (إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ): هنَّ تسع، وفي رواية: سبع، وفي رواية بالشَّكِّ بين تسع وسبع، وفي رواية: (وترك خمس أخوات)، وكلُّ هذا لا ينافي التِّسع، والله أعلم.
[ج 1 ص 531]
قوله: (وَتَمْشُطُهُنَّ): هو بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وضمِّ ثالثه، وهذا معروف.
قوله: (أَمَا [3] إِنَّكَ): هو بتخفيف الميم، وكسر همزة (إنَّ) على الابتداء، و (أَمَا) كـ (أَلا) التي للاستفتاح.

(1/4058)


قوله: (فَالْكَيْسَ الكَيْسَ): هو بفتح الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالسِّين المهملة؛ يريد: الولد وطلب النَّسل، يقال: كاس الرَّجل في عمله: حذق، وكاس: وَلَدَ كيسًا، وقال الكسائيُّ [4]: أكاس: وُلد له كيس.
قوله: (بِأُوقِيَّةٍ): تقدَّم الكلام على الأوقية، وعلى ما فيها، وأنَّها أربعون درهمًا، وأنَّ النَّشَّ: عشرون، وسيجيء الاختلاف في ثمن الجمل حيث ذكره البخاريُّ، وقد ذكرت مكانه قريبًا.
قوله: (خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ): سأذكر إن شاء الله تعالى ما الحكمة في اشترائه عليه الصَّلاة والسَّلام الجمل، وإعطائه جابرًا بعد ذلك مع الثَّمن حكمة لطيفة مِن عند [5] السُّهيليِّ.
==========
[1] في (ب): (البنت)، وهو تصحيفٌ.
[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[3] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أمَّا)، وينظر هامشها.
[4] في (ج): (الكتاني)، وهو تحريفٌ.
[5] (عند): ليس في (ب).

(1/4059)


[باب الأسواق التي كانت في الجاهلية فتبايع بها الناس في الإسلام]

(1/4060)


[حديث: فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها]
2098# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجهبذ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة الإمام.
قوله: (كَانَتْ عُكَاظٌ [1]،وَمَجنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ): تقدَّم الكلام عليها كلِّها؛ فراجعه.
قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الحجِّ} [البقرة: 198] قَرَأَ ابْنُ عبَّاس كَذَا): هذه شاذَّة، وقد سبق ذلك، وهذا ظاهر معروف.

(1/4061)


[باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب]
قوله: (بَابُ شِرَاءِ الإِبِلِ الْهِيمِ): هو بكسر الهاء، وإسكان المثنَّاة تحت، قال البخاريُّ: (الهائم: المخالف للقصد في كلِّ شيء) انتهى، والهِيْم [1]: التي أصابها الهُيَام؛ وهو داء عطش لا يُروَى من الماء، وهو بضمِّ الهاء، وبالكسر، اسم الفعل، ومنه قوله تعالى: {شُرْبَ الهِيمِ} [الواقعة: 55]، وقيل في الآية غير هذا، قيل: هو داء يكون معه الجرب، ولهذا ترجم البخاريُّ عليه: (شراء الإبل الهِيْم والأجرب [2])، ويدلُّ عليه قول ابن عمر حين تبرَّأ إليه بائعها من عيبها: (رضيت بقضاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لا عدوى)، قاله ابن قرقول.
==========
[1] في (ب): (والهيثم)، وهو تحريفٌ.
[2] في (ب): (والأدب)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 532]

(1/4062)


[حديث: إن شريكي باعك إبلًا هيمًا ولم يعرفك]
2099# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ [1]): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المَدينيِّ، وأنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، و (عَمْرو): هو ابن دينار.
قوله: (كَانَ هَهُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ): هو بفتح النُّون، وتشديد الواو، وبالسِّين المهملة، هذا لا أعرفه، قال ابن قرقول: (رجل اسمه نَوَّاس): كذا للأصيليِّ وكافِّتهم، وعند [2] القابسيِّ: (نِوَاس)؛ بكسر النُّون، وتخفيف الواو، وعند بعضهم: (نواسيٌّ) [3]، انتهى.
قوله: (مِنْ شَرِيكٍ لَهُ): شريك نَوَّاس لا أعرفه.
قوله: (مِنْ شَيْخِ كَذَا وَكَذَا): (شيخٍ) [4]: مجرور منوَّن؛ أي: من شيخ صفتُه كذا وكذا.
قوله: (وَيْحَكَ): تقدَّم الكلام على (ويح) و (ويل) مُطَوَّلًا، وأنَّ (ويح): كلمة تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقُّها، وقيل غير ذلك.
قوله: (سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا): إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ سفيان بن عيينة وكذا الثَّوريُّ [5] مدلِّسٌ، وقد قال: (قال) في السند، فعقَّبه [6] بأنَّه سمع منه؛ لأنَّ (قال) كـ (عن) و (أنَّ)، والله أعلم، (وقد قدَّمت أنَّ الخلاف في عنعنة المدلِّس في [7] غير ابن عيينة) [8].

(1/4063)


[باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها]
قوله: (فِي الْفِتْنَةِ): أي: قتال المسلمين مع المسلمين، (قال الإسماعيليُّ: ليس في هذا الحديث من [1] ترجمة الباب في شيء، وسأذكر كلامه قريبًا جدًّا) [2].
قوله: (وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ): تقدَّم أنَّ حُصَينًا بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، وهذا ظاهر، وحُصَين صحابيٌّ أيضًا كابنه عمران، والله أعلم.
==========
[1] في (ب): (في).
[2] ما بين قوسين سقط من (ج).
[ج 1 ص 532]

(1/4064)


[حديث: خرجنا مع رسول الله عام حنين]
2100# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (عُمَر بْن كَثِير بْنِ أَفْلَحَ) أنَّ كَثِيرًا؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتقدَّم أنَّ (أَبَا مُحَمَّد مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): اسمه نافع بن عبَّاس، وقيل: عيَّاش، وتقدَّم (أَبُو قَتَادَةَ) أنَّه الحارث بن ربْعيٍّ، وقد نُسِب إليه أبو مُحَمَّد، وولاؤه لعقيلة الغفاريَّة، وهو حليف أبي قتادة، عن أبي قتادة وأبي هريرة، وعنه: الزهريُّ، وعمر بن كَثِير بن أفلح، وسالم أبو النَّضر، وجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ، وقد تقدَّم، ولكن طال به العهد، أخرج له الجماعة.
قوله: (عَامَ حُنَيْنٍ): (حنين): في السَّنة الثَّامنة، وهي بعد الفتح، وكانت في شوَّال سنة ثمان، والطَّائف بعدها.
قوله: (فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفًا) [1]: قال ابن قرقول: (إنَّ مخرافًا) و (ابتعت به مَخرِفًا): بكسر الرَّاء، وفتح الميم: وهو حائط النَّخل، وكذلك البستان يكون فيه الفاكهة تُخترَف وهي الخرفة، ومنهم من يقول: مَخرِف؛ كمسجد: اسم لموضع السُّجود، ومنهم مَن يكسر الميم جعله كالمِرْبَد، وقال الخطَّابيُّ: المَخرَف: الفاكهة بعينها [2]، والمِخرف: وعاء يُجمَع فيه، وأنكر ابن قتيبة على أبي عبيد أن يكون المَخْرِف [3]: الثَّمر، قال: وإنَّما هي النَّخل، والثَّمر مخروف، وفي حديث آخر: (خرافًا)؛ وهو اسم لما يُخترَف منه ثمارٌ، أو يكون جمع (خريف)؛ وهي النَّخلة، جمع (كريم)، وقيل: المِخرَف: القطعة من النَّخل، انتهى، وفي «النِّهاية»: (حديث أبي طلحة: «إنَّ لي مَخْرَفًا، وإنِّي قد جعلته صدقة»؛ أي: بستانًا من نخل، والمَخْرَف؛ بالفتح: يقع على النَّخل وعلى الرُّطب، ومنه حديث أبي قتادة: «فابتعت به مخرَفًا [4]»؛ أي حائط نخل يُخرَف منه الرُّطَب) انتهى، وقال شيخنا: (المَخرف): بفتح الميم وكسر الرَّاء، وعكسه، وفتحهما: البستان، وقيل: الحائط من النَّخل يُخترَف منه الرُّطب؛ أي: تُجتنَى فيه الثَّمرة، وإمَّا [5] ما يُقطَع به، وبالفتح: الحائط من النَّخل، (وقال ابن سيده: المخرف: القطعة الصَّغيرة من النَّخل) [6] ستٌّ أو سبع يشتريها [7] الرَّجل للخرفة، انتهى.
قوله: (فِي بَنِي سَلِمَةَ): هو بكسر اللَّام [8]، وهذا ظاهر، وقد تقدَّم أنَّهم قبيل من الأنصار من الخزرج [9].

(1/4065)


قوله: (تَأَثَّلْتُهُ): هو بالمثنَّاة فوق في أوَّله، وبعد الألف مثلَّثة مفتوحة، ثمَّ لام ساكنة، ثمَّ تاء المُتكلِّم المضمومة؛ ومعناه: اتَّخذته أصلًا، وأَثْلة الشَّيء؛ بفتح الهمزة، وسكون الثَّاء: أصله، ومنه: (غير مُتأثِّل مالًا)،
فائدة [10]: قال الإسماعيليُّ: ليس هذا الحديث من ترجمة الباب في شيء، فإنَّه لم يبعِ [11] السِّلاح في الفتنة، انتهى، وما قاله حسنٌ غير [12] أنَّه قال البخاريُّ في التَّبويب: (وغيرها)، أمَّا بيعه في الفتنة؛ فإنَّما كُرِه؛ لأنَّه من باب التَّعاوُن على الإثم، وذلك منهيٌّ عنه، وأمَّا بيعه في غيرها؛ فمُباح، وداخل في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ} [البقرة: 275]، وقال ابن التِّين: لعلَّه في فتنة لا يُعرَف الظَّالم من المظلوم فيها، وإلَّا؛ فلو علمنا؛ بِيْع من المظلوم، ولم يُبَعْ من الظَّالم، انتهى.
==========
[1] في (ب): (فانبعث به مخرقًا)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[2] في (ج): (نفسها).
[3] في (ب) و (ج): (المحرف)، وهو تصحيفٌ.
[4] في (ج): (محرفًا)، وهو تصحيفٌ.
[5] كذا في النُّسخ، وفي «التَّوضيح» (14/&): (أو).
[6] ما بين قوسين سقط من (ج).
[7] في (ب): (يستر بها)، وهو تصحيفٌ.
[8] في النُّسخ: (الميم)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[9] (من الخزرج): سقط من (ج).
[10] (فائدة): سقط من (ب) و (ج).
[11] في (ج): (ينفي)، وهو تحريفٌ.
[12] في (ج): (قال)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[ج 1 ص 532]

(1/4066)


[باب: في العطار وبيع المسك]
قوله: (بَابٌ: فِي الْعَطَّارِ وَبَيْعِ الْمِسْكِ): (العطَّار): هو بيَّاع الطِّيب، والعطر: الطِّيب، وأطيب الطِّيب: المسك، كما قاله عليه الصَّلاة والسَّلام في «مسلم».
==========
[ج 1 ص 532]

(1/4067)


[حديث: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك]
2101# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب.
قوله: (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ له مناكير اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»، وكذا تقدَّم (أَبُو بُرْدَةَ) أنَّه بُرَيد _بضمِّ الموحَّدة_ ابن عبد الله بن أبي بُردة، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (أَبُو بُرْدَةَ بْن أَبِي مُوسَى)، وأنَّ اسمه الحارث أو عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعريُّ.
[ج 1 ص 532]
قوله: (وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ): هو بفتح السِّين، مهموز الآخر.
قوله: (وَكِيرِ الْحَدَّادِ): (الكِير): بكسر الكاف، تقدَّم الكلام عليه.
قوله: (لا يُعْدِمُكَ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الدَّال، وهو في أصلنا: بفتح أوَّله وضمِّه بالقلم؛ يعني: إذا فُتِح أوَّله؛ فُتِحتِ الدَّالُ.
قوله: (إِمَّا تَشْتَرِيهِ): (إمَّا): بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

(1/4068)


[باب ذكر الحجام]

(1/4069)


[حديث: حجم أبو طيبة رسول الله فأمر له بصاع من تمر]
2102# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ): تقدَّم أنَّه حُمَيد الطَّويل ابن تير، ويقال [1]: تيرويه، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وقد تقدَّم أنَّ كلَّ ما في الكتب: (حميد عن أنس)؛ فهو الطَّويل إلَّا في حديثين؛ أحدهما في «البخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، وهو «أخذ الرَّاية زيد، فأصيب»، والثاني في «البخاريِّ» فقط: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم ... »؛ الحديث، فإنَّه حُمَيد بن هلال بن هبيرة العدويُّ [2] أبو نصر البصريُّ، والله أعلم.
قوله: (أَبُو طَيْبَةَ): (أبو طيبة): كمدينة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ طيبة، واسمه نافع، وقيل: ميسرة، وقيل: دينار، قال شيخنا: قال ابن الحذَّاء: عاش مئة وثلاثًا وأربعين سنة، انتهى، وهو عبد لبني بياضة، وسيأتي الكلام في أهله الذين وضعوا مِن خراجه قريبًا، روى عنه: ابن عبَّاس، وأنس، وجابر، روى حديثًا في النَّفقة في الحنَّاء.
قوله: (فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ): تقدَّم الكلام على الصَّاع كم مقداره، والاختلاف فيه.
قوله: (وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ): كان خراجه ثلاثة آصع، فوُضِع عنه صاع بشفاعته، و (أهله): هو [3] مُحَيِّصة بن مسعود [4]، وقال ابن الأثير: مولى بني حارثة، ثمَّ مولى مُحَيِّصة بن مسعود، انتهى.
==========
[1] (يقال): سقط من (ب).
[2] في (ب): (الغنوي)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ج): (هم)، وهو تحريفٌ.
[4] في (ب): (معود)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 533]

(1/4070)


[حديث: احتجم النبي وأعطى الذي حجمه]
2103# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا الطَّحَّان الواسطيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه اشترى نفسه من الله ثلاث مرَّات يتصدَّق بزنته فضَّة، وتقدَّم (خَالِدٌ) الثاني: أنَّه الحذَّاء خالد بن مِهران أبو المُنازِل.
قوله: (وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ): الظَّاهر أنَّ الذي حجمه هو [1] أبو طيبة الذي تقدَّم أعلاه، وأنَّه أعطاه صاعًا من تمر.
==========
[1] (هو): ليس في (ج).
[ج 1 ص 533]

(1/4071)


[باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء]
قوله: (بَابُ التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ): ذكر في الباب حديث ابن عمر: (أرسل النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى عمر بحلَّة حرير ... )؛ الحديث، قال المُحبُّ الطَّبريّ: لمَّا ذكر هذا [1] الحديث؛ ترجم عليه البخاريُّ: (ذكر التِّجارة فيما يُكرَه لبسه للرِّجال والنِّساء)، وفي الترجمة نظر، انتهى، ولم يبيِّن وجهه، وقال شيخنا: واعلم أنَّ الإسماعيليَّ قال: جعل ترجمة الباب: (التجارة فيما يُكرَه لبسه للرِّجال والنِّساء)، وقد قال عليه الصَّلاة والسَّلام في نصيب عليٍّ: «شقِّقْها خُمرًا بين نسائك»، وكان على زينب بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ حلَّة سيراء، وإنَّما المعنى: مَن لا خلاقَ له من الرِّجال، فأمَّا النِّساء؛ فلا، فإن أراد شراء ما فيه تصاوير؛ فحديث عمر لا يدخل في التَّرجمة، وكذا أسلفنا الجواب عن هذا، وكذا قال ابن المُنَيِّر: في الترجمة إشعار بحمل قوله: «مَن لا خلاق له» على العموم للرِّجال والنِّساء، والحقُّ أنَّ النهي خاصٌّ بالرِّجال، والنمرقة المُصوَّرة يستوي فيها الرِّجال والنِّساء في المنع، انتهى ما قاله شيخنا، والذي ظهر لي أنا أنَّ مجموع ما في الباب يدلُّ للترجمة، لا أنَّ كلَّ حديث منهما، نعم؛ الحديث الثاني يدلُّ لها، ومجموعهما يدلُّ لها، والله أعلم، وقد رأيت كلام ابن المُنَيِّر في «تراجمه»، وها أنا أسوق لفظه لك، قال: في ترجمة البخاريِّ إشعار بحمل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «إنَّما يلبسها مَن لا خلاق له» على العموم للرِّجال والنِّساء، والحقُّ أنَّ النهي خاصٌّ بالرِّجال، وأمَّا النمرقة المُصوَّرة المكروهة؛ يستوي فيها الرِّجال والنِّساء في المنع، انتهى.

(1/4072)


[حديث: إني لم أرسل بها إليك لتلبسها إنما يلبسها من لا خلاق له]
2104# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ): هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقَّاص، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، أخرج له الجماعة.
قوله: (أَوْ سِيرَاءَ): تقدَّم الكلام على السِّيراء مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ): أي: لا نصيب؛ يعني: في الآخرة.

(1/4073)


[حديث: إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون]
2105# قوله: (اشْتَرَتْ [1] نُمْرُقَةً): هي بضمِّ النُّون والرَّاء، وكسرهما، ويقال: بفتح النُّون، وضمِّ الرَّاء؛ ثلاث لغات، ويقال: نمرق؛ بغير تاء، فهذه أربع لغات، ويقال: نُمروق، قال الدِّمياطيُّ: النُّمرقة: وسادة صغيرة، وربَّما سمُّوا الطُّنفسة [2] التي فوق الرَّحل طنفسة [3]، انتهى، ولفظ «المطالع»: (النُّمرقة: الوسادة؛ بضمِّ أوِّلها وكسره، ويقال: نُمروق أيضًا، وقيل: المرافِق، وقيل: المجالس، لعلَّه يعني: الطَّنافس) انتهى، وفي «النِّهاية»: (نُمرُقة: أي: وسادة، وهي بضمِّ النُّون والرَّاء، وكسرهما، وبغير هاء، وجمعها: نمارق) انتهى.
قوله: (الْكَرَاهِيَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغةُ: كراهي.
قوله: (لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ): سيأتي الكلام على هؤلاء الملائكة، وأنَّهم غير الحفظة، وأنَّ الحفظة لا يفارقون الإنسان إلَّا عند الخلاء والجماع، كذا جاء في «التِّرمذيِّ»، وسأذكره مُطَوَّلًا وكلام النَّاس فيه إن شاء الله تعالى.
==========
[1] في (ج): (اشتريت)، وهو تحريفٌ.
[2] في (ج): (الطبقة).
[3] كتب فوقها في (أ) و (ج): كذا، وكذا هي في حواشي الدِّمياطيِّ التي في هامش (ق)، ولعلَّ الصَّواب: نمرقة.
[ج 1 ص 533]

(1/4074)


[باب: صاحب السلعة أحق بالسوم]

(1/4075)


[حديث: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم]
2106# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، وكذا تقدَّم [1] (عَبْدُ الْوَارِثِ) أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّنُّوريُّ أبو عبيدة الحافظ، وكذا تقدَّم (أَبُو التَّيَّاح) أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، ثمَّ بمثنَّاة تحت مشدَّدة، وفي آخره حاء مهملة، وأنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد.
قوله: (ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ): تقدَّم معنى (ثامنوني)، وتقدَّم ما هو الحائط، وكذا تقدَّم الكلام [على]: (وفيه خِرَب [2])، وكذا في أصلنا هنا، (وتقدَّم اختلاف الرُّواة فيه) [3].
[ج 1 ص 533]

(1/4076)


[باب: كم يجوز الخيار؟]

(1/4077)


[حديث: إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا]
2107# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هذا هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، عن معتمر وابن عيينة، وعنه: البخاريُّ، ومُحَمَّد بن نصر المروزيُّ، وكان حافظًا رحَّالًا ثبتًا، قال النَّسائيّ: ثقة، وقال ابن حبَّان: كان صاحب حديث وسُنَّة، مات سنة نيِّف وعشرين ومئتين، ويقال: سنة ثلاث وعشرين ومئتين، ويقال: سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، أخرج له البخاريُّ فقط.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو الثقفيُّ عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت أبو مُحَمَّد الحافظ الثقفيُّ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح.
قوله: (أَوْ يَكُونَ): هو منصوب.
==========
[ج 1 ص 534]

(1/4078)


[حديث: البيعان بالخيار ما لم يفترقا]
2108# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ): قال الدِّمياطيُّ: (هو صالح بن أبي مريم الضَّبعيُّ البصريُّ) انتهى، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم [1] (حَكِيم) أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ (حِزامًا)؛ بالحاء المكسورة وبالزَّاي.
قوله: (وَزَادَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ): قال شيخنا الشَّارح: و (أحمد) قيل: إنَّه ابن حنبل الإمام، وكذا ذُكِر عن أبي المعالي أحمد بن يحيى ابن هبة الله ابن البَيِّع، و (بهز): هو ابن أسد، انتهى، وكذا رأيت الدِّمياطيَّ قال [2]: (قيل [3]: إنَّه أحمد ابن حنبل)؛ بلفظ (قيل)، وإذا كان كذلك؛ فقد تقدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وأحمد شيخه حدَّث عنه، وعن واحد عنه أيضًا، فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كما تقدَّم في نظرائه، والله أعلم، ورأيت [4] بعضهم قال: إنَّه أحمد ابن حنبل، قال: وهو أحد الموضعين اللَّذين ذكره البخاريُّ فيهما، انتهى، (قال حافظٌ مصريٌّ مُتأخِّر في زيادة أحمد ما لفظه: وصلها أبو عوانة عن أبي جعفر الدَّارميِّ، وهو أحمد بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا بهز بسنده، انتهى، وهو أحمد بن سعيد بن صخر أبو جعفر الدَّارميُّ الحافظ النَّيسابوريُّ، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وقد أخذوا عنه) [5].

(1/4079)


[باب: إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع؟]

(1/4080)


[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما]
2109# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عارم، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام.
قوله: (أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا): (يقول): منصوب، ونصبه معلوم.

(1/4081)


[باب: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا]
قوله: (وَشُرَيْحٌ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، قال الدِّمياطيُّ: شريح بن الحارث بن قيس، كان قاضيًا شاعرًا قائفًا [1] كوسجًا، مات سنة ستٍّ _وقيل: سبع، وقيل: ثمان أو تسع_ وسبعين، وقيل: سنة: ثمانين، كان يكنى أبا أميَّة، وكان بلغ مئة وثمان سنين، وقيل: مئة وعشرين سنة، وُلِّي القضاء من زمن عمر إلى زمن الحجَّاج ستِّين سنة، ثمَّ استعفى فأعفاه الحجَّاج، انتهى، وقول الدِّمياطيِّ: (وُلِّي القضاء من زمن عمر): اعلم أنَّه ذكر البيهقيُّ في كتابه «مناقب الشَّافعيِّ» في (بَاب الجرح والتعديل): أنَّ الشَّافعيَّ قال: لم يكن شريح قاضيًا لعمر، قال البيهقيُّ: وقد اختلفوا فيه، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وأنكر آخرون قول الشَّافعيِّ، قالوا: وتوليته القضاء لعمر فمَن بعده مشهور، نقله النَّوويُّ في «تهذيبه»، والله أعلم.
قوله: (وَالشَّعْبِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشِّين، وهذا ظاهر جدًّا، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (وَعَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وكذا تقدَّم (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ) أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة التَّيميُّ، مؤذن ابن الزُّبير وقاضيه، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] في (ج): (فائقًا)، وهو تصحيفٌ.
[ج 1 ص 534]

(1/4082)


[حديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما .. ]
2110# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] حَبَّانُ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاريُّ_: في «البيوع» في موضعين منه، وفي «حديث بني النضير»، و «الطبِّ»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «الدُّعاء»، و «الأيمان والنذور»، و «الدِّيات»: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا حبَّان»؛ يعني: ابن هلال، لم أجد «إسحاق» هذا منسوبًا [2] عند أحد مِن رواة الكتاب، ولعلَّه إسحاق بن منصور، فقد روى مسلم في «الصَّحيح» عن إسحاق بن منصور عن حبَّان بن هلال) انتهى، وكذا عزاه شيخنا للجيَّانيِّ، ولم يزد، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة: ابن هلال كما تقدَّم، وكذا هو في نسخة في أصلنا، وكذا تقدَّم (صَالِح أَبُو الخَلِيلِ) أنَّه صالح بن أبي مريم، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (حَكِيم بْن حِزَامٍ) ضبطًا ومُتَرجَمًا بعيدًا.

(1/4083)


[باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع]

(1/4084)


[حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار]
2112# قوله: (أَوْ يُخَيِّرُ): هو مجزوم معطوفًا على [1] (يَتَفَرَّقَا) المجزوم.
==========
[1] (على): سقط من (ج).
[ج 1 ص 534]

(1/4085)


[باب: إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟]

(1/4086)


[حديث: كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار]
2113# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو مُحدِّث قيساريَّة، وتقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ [1]، وتقدَّم تعيين الأبواب التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ.
قوله: (إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ): هذا الاستثناء من الجملة الأخيرة؛ والمعنى: إلَّا بيعًا شُرِط فيه الخيار، فإنَّهما وإن تفرَّقا؛ فلا بيع [2] بينهما حتَّى تتمَّ مدَّة الخِيار، أو يكون المستثنى بيعًا تخايرا فيه، فيجب البيع وإن لم يتفرَّقا، وهو أقرب الاحتمالين، وأظهر التَّأويلين، قاله المحبُّ الطَّبريُّ.
==========
[1] في (ب): (البيكندي البخاري).
[2] في (ج): (يقع).
[ج 1 ص 534]

(1/4087)


[حديث حكيم بن حزام: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا]
2114# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [1]؛ فانظره، وكذا تقدَّم (حبَّان): أنَّه _ بالفتح_ ابن هلال، وكذا تقدَّم (هَمَّامٌ) أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، وكذا تقدَّم (أَبُو الخَلِيلِ): أنَّه صالح بن أبي مريم أعلاه، وكذا (حَكِيم بْن حِزَامٍ) أعلاه، وقبله [2] مرارًا، ومرَّة مُتَرجَمًا.
قوله: (قَالَ هَمَّامٌ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي: يَخْتَارُ ثَلاَثَ مِرَارٍ): قال شيخنا [3]: وقول همَّام ... إلى آخره: ليس بمحفوظ، والرِّواية على خلافه، وإذا خالف واحدٌ الرُّواةَ جميعًا؛ لم يُقبَل قوله سيَّما إذا وجده في كتابه، وربَّما أُدخِل على الرَّجل في كتبه إذا لم يكن شديد الضَّبط، انتهى [4]
قوله: (وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ): قائل ذلك هو حبَّان؛ يعني: ابن هلال، وهو معطوف على السَّند قبله، فرواه البخاريُّ عن إسحاق، عن [5] حبَّان، عن همَّام به، وهذا ظاهر، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ في السند الأوَّل قتادة، وقد عنعن، وفيه أبو الخليل، وقد عنعن عن عبد الله بن الحارث، وفي الثاني: أبو التَّيَّاح صرَّح بالتَّحديث من عبد الله بن الحارث، فزال ما يُخشَى من عنعنة قتادة، وأبو الخليل وإن لم يكن مدلِّسًا، لكن ليخرج مِن خلاف مَن خالف في العنعنة، وإن لم تكن مِن مُدلِّس، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، وأنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد.

(1/4088)


[باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا ولم ينكر]
قوله: (بابٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر قال: (أراد البخاريُّ إثبات خيار المجلس بحديث ابن عمر مع عثمان، ولمَّا علم أنَّ الحديث الأوَّل يعارضه؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ تصرَّف في البَكْر تصرُّف المالك قبل تمام العقد لفظًا؛ استأنف الجواب عن ذلك بقوله في الترجمة: ولم ينكرِ البائع على المشتري، بقي أنَّ هذه الهبة إنَّما مضت بإمضاء البائع، وهو سكوته النَّازل منزلة قوله [1]: أمضيت العقد، لا بلفظ العقد الأوَّل خاصَّة) انتهى.
==========
[1] (قوله): سقط من (ب).
[ج 1 ص 534]

(1/4089)


[معلق الحميدي: هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت]
2115# [قوله: (وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير المكِّيُّ، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، وتقدَّم أنَّ مثل هذا يكون قد أخذه عن شيخه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم] [1].
[ج 1 ص 534]
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة الإمام، وكذا قوله: (عَنْ [2] عَمْرٍو) أنَّه ابن دينار المكِّيُّ.
قوله: (فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ): هو بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف: وهو الفتيُّ من الإبل، وقد تقدَّم.

(1/4090)


[معلق الليث: بعت من أمير المؤمنين عثمان مالًا بالوادي ... ]
2116# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحمن بْنُ خَالِدٍ بْنِ مُسَافِرٍ [1] ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، فهو على شرطه، و (عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر) الفهميُّ، أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه اللَّيث بن سعد ويحيى بن أيُّوب، تُوفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ورأيت بخطِّي: (لم يرو له مسلم [2] في الأصول، وإنَّما أخرج له في الشَّواهد، فقال في «الحدود»: «وروى اللَّيث بن سعد عن ابن مسافر»، وكونه لم يرو له في الأصول قاله المِزِّيُّ في «التَّهذيب») انتهى، قال يحيى بن مَعِين: كان عنده عن الزِّهريِّ كتاب فيه مئتا حديث، أو ثلاث مئة حديث كان اللَّيث يحدِّث بها عنه، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وتعليق اللَّيث هذا ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: (رواه الإسماعيليُّ من حديث أبي صالح عنه، ورواه أيضًا من حديث أيُّوب بن سويد عن يونس بن يزيد، عن الزُّهريِّ به ... ) إلى آخر كلامه عليه.
و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.
قوله: (عَلَى عَقِبَيَّ [3]): هو مثنًّى [4]، كذا هو في أصلنا: مشدَّد بالقلم.
قوله: (أَنْ يُرَادَّنِي): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الدَّال المهملة المشدَّدة، وهذا ظاهر.
قوله: (وَكَانَتِ السُّنَّةُ): تقدَّم أنَّ مثل هذا إذا قاله الصَّحابيُّ _ كهذا_؛ يكون مرفوعًا مسندًا؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّه لا يريد به إلَّا سُنَّة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، وما يجب اتَّباعه، وقد قدَّمت الخلاف في ذلك.

(1/4091)


[باب ما يكره من الخداع في البيع]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ): تقدَّم أنَّ المراد بالكراهة: التحريم، والخداع في البيع حرام، لا خلاف فيه.
==========
[ج 1 ص 535]

(1/4092)


[حديث: إذا بايعت فقل: لا خلابة]
2117# قوله: (أَنَّ رَجُلًا [1] ذَكَرَ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنَّه يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ): قال الدِّمياطيُّ: الرجل هو حَبَّان بن منقذ بن عمرو من بني [2] النَّجَّار، شهد أحُدًا، وروى له الجماعة، ولعمِّه [3] واسع بن حَبَّان، ولابنه حِبَّان بن واسع بن حَبَّان، روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، انتهى، كذا قال هذا الحافظ، وهو قول في المسألة، والصَّحيح أنَّ والده منقِذ هو الرجل الذي [4] يُخدَع، وهو بكسر القاف، وبالذَّال المعجمة: ابن عمرو بن عطيَّة بن خنساء بن مبذول بن غنم بن مازن بن النَّجَّار الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ المازنيُّ الصَّحابيُّ المدنيُّ، ذكره ابن ماجه [5]، والبخاريُّ في «تاريخه» وبسط، قال البخاريُّ: قال عيَّاش بن الوليد: حَدَّثَنَا عبد الأعلى: حَدَّثَنَا ابن إسحاق: حدَّثني مُحَمَّد بن يحيى بن حبَّان قال: (كان جدِّي منقِذ بن عمرو أصابته آمَّة في رأسه، فكسرت لسانه، ونازعت عقله، وكان لا يدع التِّجارة، ولا يزال يُغبَن، فذكر ذلك للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «إذا بايعت؛ فقل: لا خِلَابة، وأنت في كلِّ سلعة تبيعها بالخيار ثلاث ليال»، وعاش ثلاثين ومئة سنة، وكان في زمن عثمان ... )؛ الحديث، لكن مُحَمَّد بن يحيى لم يدرك منقِذًا، ففيه إرسال، وحَبَّان: بفتح الحاء لا خلاف في ذلك، وقول الدِّمياطيِّ: (روى له الجماعة): لا أدري ما هذا الكلام، بل لا أذكر روى له أحد ولا [6] أحمد ابن حنبل، ولا بقيُّ بن مَخْلَد [7]، ولا روى له أصحاب الكتب السِّتَّة، وقوله: (ولعمِّه واسع بن حبَّان)، نعم؛ هذا روى له الجماعة أصحاب الكتب السِّتَّة، وقوله: (ولابنه حبَّان بن واسع روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ) هذا أيضًا صحيح، والله أعلم.
قوله: (لا خِلابَةَ): هي بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث؛ أي: لا خداع، وجاء في رواية: (فقل [8]: لا خيابة)؛ بالياء، وهي لثغة من الرَّاوي إبدال اللَّام ياء، والله أعلم.
==========

(1/4093)


[1] في هامش (ق): (الرجل: هو حبان بن منقذ بن عمرو من بني النجار، شهد أُحُدًا، وروى له الجماعة، ولعمه واسع بن حبان ولابنه حبان بن واسع بن حبان، روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيّ، لا أدري معنى قوله: وروى له الجماعة، فإنِّي لا أذكر أنَّ أحدًا من أصحاب الكتب السِّتَّة أخرج لحبان بن منقذ، بل ولا أحمد، ولا بقي بن مَخْلد؛ فلْيحرَّر ما هذا الكلام).
[2] في (ج): (عمرو بن أبي)، وهو تحريفٌ.
[3] قوله: (روى له الجماعة، ولعمه) فيه نظر، وعلى في حواشي الدِّمياطيِّ التي في هامش (ق) علامة نظر، فالذي روى له الجماعة مُحَمَّد بن يحيى بن حبَّان، ولعمه واسع بن حبَّان، وينظر تعليق المؤلِّف الآتي.
[4] (الذي): سقط من (ب).
[5] (ابن ماجه): سقط من (ج).
[6] في النُّسخ: (إلا)، والمثبت موافق لما في هامش (ق).
[7] (ولا بقي بن مخلد): سقط من (ج).
[8] في (ج): (فقيل)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 535]

(1/4094)


[باب ما ذكر في الأسواق]
(بَابُ مَا ذُكِرَ [1] فِي الأَسْوَاقِ) ... إلى (بَاب بَيْعِ المُلَامَسَة)
قال ابن المُنَيِّر: بعد أن سرد ما في الباب إنَّما أراد بذكر الأسواق إباحة المتاجر، ودخول السُّوق، والشراء منه للعلماء والفضلاء، وكأنَّه لم يصحَّ عنده الحديث الذي رُوِي: «شرُّ البقاع الأسواق، وخيرها المساجد»، وهذا خرج على الأغلب؛ لأنَّ المساجد يُذكَر فيها اسم الله، والأسواق قد غلب على أهلها اللَّغط، واللَّهو، والاشتغال بجمع المال، والكبُّ على الدُّنيا من الوجه المباح وغيره، وإنَّه إذا ذُكِر الله في السوق؛ فهو من أفضل الأعمال، روى مُحَمَّد بن واسع أنَّه قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: مَن دخل السوق، فقال: لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كلِّ شيء قدير؛ كُتِبت له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف سيِّئة، وبُنِي له بيت في الجنَّة»، وكذلك إذا لغا في المسجد، أو لغط فيه، أو عصى ربَّه؛ لم يضرَّ المسجد، ولا نقص فضله، وإنَّما أضرَّ نفسه، وبالغ في إثمه، وقد رُوِي عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من عصى الله في المسجد؛ فكأنما عصى الله في الجنَّة، ومن عصاه في الحمَّام؛ فكأنَّما عصاه في النار، ومن عصاه في المقبرة؛ فكأنَّما عصاه في عرصات القيامة، ومن عصاه في البحر؛ فكأنَّما عصاه على أكفِّ الملائكة)، وذهب المُهلَّب في حديث عائشة رضي الله عنها _يعني: «يغزو جيش [2] الكعبة» _ إلى أنَّ مَن كثَّر سواد العصاة؛ لزمته العقوبة معهم، وإنَّ مالكًا استنبط من الحديث: معاقبة جليس شارب الخمر وإن لم يشرب، وهذا عندي مردود، فإنَّ العقوبة في الحديث هي المحنة السَّماويَّة، والمحن السَّماويَّات لا تُقاس بها العقوبات الشَّرعيَّة، ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «ويُبعَثون على نيَّاتهم» دلَّ على أنَّ المُقاتِلة [3] عوقبوا، والسُّوقة امتُحنوا معهم في الدُّنيا خاصَّة، ثمَّ وراء ذلك نظر في مصاحبة أهل الفتنة للتِّجارة معهم، هل هي من قبيل إعانتهم على ما هم عليه؟ ويقال: إنَّ ضرورة الوجود تُوجِب معاملتهم، وكلٌّ يعمل على شاكلته، والمُفتِن [4] يبوء بإثمه، وهذا ظاهر الحديث) انتهى.

(1/4095)


فقوله: في حديث الذِّكر في السوق؛ فقد رواه التِّرمذيُّ وابن ماجه [5] من حديث سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جدِّه، قال التِّرمذيُّ: غريب، أخرجه في (الدعوات)، وأخرجه ابن ماجه [6] في (التجارات) وفي (الدعاء)، ولكن لم يذكر عمر في هذه الطريق، ولفظ التِّرمذيِّ: (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له [7] الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت بيده الخير، وهوعلى كلِّ شيء قدير)، وأمَّا حديث: «شرُّ البقاع الأسواق»؛ فرواه مسلم، ولفظه من حديث أبي هريرة: أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «أحبُّ البلاد إلى الله عزَّ وجلَّ مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»، وأمَّا أبو نعيم؛ فقد أخرج هذه القطعة منه مع قوله: «وشرُّ أهلها أوُّلهم دخولًا، وآخرهم خروجًا» في (كِتَاب حرمة المساجد) من حديث ابن عبَّاس: «أبغض البقاع إلى الله الأسواق، وأبغض أهلها إلى الله أوَّلهم دخولًا، وآخرهم خروجًا»، وأمَّا حديث: سُئِل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن خير البقاع وشرِّها؛ فقال: «لا أدري حتَّى نزل جبريل ... »؛ الحديث، رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزَّار، والحاكم وصحَّح إسناده، والطَّبرانيُّ من حديث جبير بن مطعم، ولابن حِبَّان والحاكم نحوه من حديث ابن عمر، وفي «صحيح مسلم» من قول سلمان رضي الله عنه في مناقب أمِّ سلمة زوج النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: (لا تكوننَّ إن استطعتَ أوَّل مَن يدخل السوق، ولا آخر مَن يخرج منها، فإنَّ بها [8] معركة الشَّيطان، وبها ينصب رايته)، قال المحبُّ الطَّبريُّ في هذا الموقوف على سلمان: أخرجه البزَّار هكذا مرفوعًا، وأخرجه مسلم موقوفًا [9] على سلمان، انتهى، وقال النَّوويُّ في «رياضه» عقب الموقوف على سلمان: رواه البرقانيُّ في «صحيحه» عن سلمان: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «لا تكن أوَّل مَن يدخل السوق، ولا آخر مَن يخرج منها فبها باض الشيطان وفرَّخ»، انتهى.
[قوله: (سُوقُ بَنِي [10] قَيْنُقَاع): تقدَّم أنَّ نونه مثلَّثة، وأنَّه يُصرَف ولا يُصرَف] [11].
قوله: (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه الخروج إلى التِّجارة.
==========
[1] في (ج): (يكره).
[2] في (ج): (حبش)، وهو تصحيفٌ.
[3] في (ب) و (ج): (المقابلة)، وهو تصحيفٌ.
[4] في النُّسخ: (المفتر)، والمثبت من مصدره.
[5] (وابن ماجه): سقط من (ج).

(1/4096)


[6] (ابن ماجه): سقط من (ج).
[7] (له): سقط من (ج).
[8] في (ج): (لها)، وهو تحريفٌ.
[9] (وأخرجه مسلم موقوفًا): سقط من (ب).
[10] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة»: (بني)، وضرب عليها في (ق).
[11] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[ج 1 ص 535]

(1/4097)


[حديث: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف .. ]
2118# قوله: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ سُوقَةَ): هو بضمِّ السِّين المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ قاف مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث.
قوله: (يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ): هذا الجيش قال شيخنا [1]: قال ابن التِّين: ولعلَّ هذا الجيش الذين يُخسَف بهم هم الذين يهدمون الكعبة،
[ج 1 ص 535]
فينتقم منهم، وتعقَّبه شيخنا الشَّارح فقال: قد يقال: الجيش يهدمون [2] الكعبة ليسوا من هذه الأمَّة [3]، والشارع قال في «صحيح مسلم»: «إنَّ أناسًا من أمَّتي يؤمُّون [4] هذا البيت لرجل من قريش قد لجأ إلى البيت»؛ فذكر الحديث.
تنبيه: الأمَّة تُطلَق على مَن بُعِث إليهم (النَّبيُّ وإن لم يجيبوه، ودليله في «صحيح مسلم»: «لا يسمع بي من هذه الأمَّة يهوديٌّ، ولا نصرانيٌّ، ولم يؤمن ... »؛ الحديث، فالأمَّة تُطلَق على القوم المبعوث إليهم) [5] الرسول، فإن أجابوه؛ كانت أمَّة الإجابة، وإن لم يجيبوه؛ كانت أمَّة الدعوة، فالمسلمون أمَّة الإجابة، واليهود، والنَّصارى، وجميع الأديان الموجودون بعد مبعثه عليه الصَّلاة والسَّلام إذا لم يجيبوه؛ فهم أمَّة الدَّعوة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بُعِث إلى الخلق كلِّهم، والله أعلم [6].
قوله: (فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ): البيداء: المفازة لا شيء بها.
==========
[1] (قال شيخنا): ليس في (ب).
[2] في (ب): (يقدمون).
[3] في (ب): (الأئمَّة)، وهو تحريفٌ.
[4] في (ب): (يؤمنون)، وهو تحريفٌ.
[5] ما بين قوسين سقط من (ج).
[6] (والله أعلم): ليس في (ج).

(1/4098)


[حديث: صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته]
2119# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا، وتقدَّم (الأَعْمَشِ) أنَّه سليمان بن مهران أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (أَبُو صَالِح) تقدَّم أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَسُوقِهِ [1]): يعني: إذا صلَّى فيهما منفردًا.
قوله: (بِضْعًا): البِضع في العدد: بكسر الباء وفتحها، تقدَّم كم هو في أوائل هذا التَّعليق مُطَوَّلًا.
قوله: (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ): هو بضمِّ الواو الفعل، وأمَّا الماء؛ فبفتح الواو، ويجوز في كلٍّ منهما الضَّمُّ والفتح، وقد تقدَّم مرارًا.
قوله: (لاَ يَنْهَزُهُ [1]): هو بفتح [2] أوَّله وثالثه، وضبطه بعضهم: بضمِّه [3] على أنَّه رباعيٌّ، وخُطِّئ، وليس بخطأ، بل هو لغة؛ ومعناه: يحرِّكه ويُنهِضه.
قوله: (إلَّا رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً): (درجةً): منصوب منوَّن؛ أي: رُفِع هو؛ يعني: الجائي إلى الصَّلاة درجةً.
قوله: (وَحُطَّتْ عَنْهُ [4] خَطِيئَةٌ): (حُطَّت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (خطيئةٌ): مرفوع منوَّن نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَالْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ): تقدَّم أنَّ العلماء قالوا: الصَّلاة من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن الآدميِّ تضرُّع ودعاء.
قوله: (مَا لَمْ يُحْدِثْ): تقدَّم الكلام عليه، ومن فسَّره بحدث الإثم، ومن فسَّره بحدث الوضوء.

(1/4099)


[حديث أنس: سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي]
2120# قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكتنوا [1] بِكُنْيَتِي): سيأتي الكلام على هذا، وأذكر فيه أربعة مذاهب للعلماء، والله أعلم، وأظنُّ أنِّي قدَّمتها.
==========
[1] كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج) و «اليونينيَّة» و (ق): (تكنَّوا).
[ج 1 ص 536]

(1/4100)


[حديث: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]
2121# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو زهير بن معاوية الجُعْفيُّ أبو خيثمة الكوفيُّ، تقدَّم.
قوله: (دَعَا رَجُلٌ بِالْبَقِيعِ): هذا الرجل لا أعرفه.
قوله: (بِالْبَقِيعِ): هو بفتح الموحَّدة: مدفن أهل المدينة معروف.
==========
[ج 1 ص 536]

(1/4101)


[حديث: اللهم أحببه وأحب من يحبه]
2122# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور.
قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة الإمام.
قوله: (فِي طَائِفَةِ النَّهَارِ)؛ أي: في قطعة منه.
قوله: (قَيْنُقَاعَ): تقدَّم مرَّات أنَّه مثلَّث النُّون، وأنَّه يُصرَف ولا يُصرَف.
قوله: (بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ): الفِناء؛ بكسر الفاء، وبالمدِّ [1]: ما بين يدي المنازل والدُّور.
قوله: (أَثَمَّ لُكَعُ [2]؟): (أثَمَّ): بهمزة الاستفهام، و (ثَمَّ): بفتح الثَّاء، وتشديد الميم؛ أي: أهناك [3].
قوله: (لُكَعٌ): هو مصروف في أصلنا بالقلم مُنوَّن، وفيه نظر، قال ابن قرقول: (يعني الحسنَ رضي الله عنه، وهو الصغير في لغة تميم، قال الهرويُّ: وعندي على بابه في الاستصغار والاستحقار على طريق التقليل، والرحمة به [4]، كما قال [5]: يا حُمَيْراء، وقال عمر رضي الله عنه: (أخشى على هذا العُرَيب)، وهي كلمة تقال: لمن يُستحقَر، وللعبد، والأمة، والوغد، والخامل، والقليل العقل [6]، وهي مأخوذة من الملاكِع؛ وهي التي تخرج مع السَّلى على الولد، قاله الأصمعيُّ، وهو معدول عن ألكع، ويقال: الرَّجل يلكع لكعًا، ولُكَعُ [7]، كلُّ ذلك إذا خسَّ؛ أي: صار خسيسًا، ويقال: اللَّكع: الوغد، لكنَّه للذكر، وللأنثى: لَكَاعِ (مبنيَّة [8] ... إلى آخر كلامه، وقال في «النِّهاية»: (اللَّكع عند العرب: العبد، ثمَّ استُعمِل في الحمق والذَّمِّ، يقال للرجل: لُكَع، وللمرأة: لَكَاعِ) [9]، وقد لكِع يلكِع لكعًا، فهو ألكع، وأكثر ما يقع في النداء: هو اللئيم، وقيل: الوسخ، وقد يُطلَق على الصغير، وذكر حديث الأصل، ثمَّ قال: فإن أُطلِق على الكبير؛ أريد به الصَّغيرُ العلمِ والعقل، انتهى، وفي «الصِّحاح»: ولا يُصرَف (لُكَع) في المعرفة؛ لأنَّه معدول من (ألكع)، وقال أبو عبيد: يُقال للفرس الذكر: لكعٌ، والأنثى: لكعةٌ، هذا ينصرف في المعرفة؛ لأنَّه ليس ذلك من المعدول الذي يقال للمؤنَّث منه: لَكَاعِ، وإنَّما هو مثل: صُردٍ ونُغَرٍ، ويقال للجحش: لُكَعٌ، وللصغير أيضًا، وفي الحديث: «أثَمَّ لُكعٌ؟»؛ يعني: الحسن أو الحسين، انتهى، وإنَّما هو الحسن كما في الحديث، وهذا كلام «الصِّحاح».

(1/4102)


قوله: (سِخَابًا): هو بكسر السِّين المهملة، وخاء معجمة، وبعد الألف مُوحَّدة، قال الدِّمياطيُّ: قلادة خرزها من الطيب من غير ذهب ولا فضَّة، انتهى،
[ج 1 ص 536]
وقال ابن قرقول: (السِّخَاب [10]: قلادة من طيب أو سكٍّ، قال ابن الأنباريِّ: هو خيط يُنظَم فيه خرز، ويلبسه الصبيان والجواري، وقال غيره: هو من المعاذات، وقال ابن دريد: هي قلادة من قرنفل أو غيره، والجمع: سُخب، وقال غيره: هي قلادة من قرنفل، وسكٍّ، ومَحْلَب، ليس فيها من الجوهر شيء.
قوله: (أَوْ تُغَسِّلُهُ): هو بتشديد السِّين المكسورة، كذا في أصلنا، ويجوز [11]: تَغْسِله؛ بإسكان الغين، وفتح أوَّله.
قوله: (فَجَاءَ يَشْتَدُّ)؛ أي: يعدو ويُحضِر.
قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَحِبَّه): هو بفتح الهمزة، فعل أمر، وكذا: (وأحِبَّ).
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): هو المذكور في السند، وهو ابن عيينة [12]، كما تقدَّم.
قوله: (قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ أَخْبَرَنِي: أنَّه رَأَى نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ): هذا جاء به؛ لأجل عنعنة عبيد الله عن نافع بن جبير، فصرَّح هنا بذلك؛ ليرتفع عنه التدليس، ولينبِّه على اللُّقيِّ به وإن كان عبيد الله بن أبي يزيد ليس مُدلِّسًا، ولكن لأجل الخلاف في العنعنة مطلقًا التي قدَّمتها، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (ب): (قال).
[2] في هامش (ق): (يريد: الحسن بن علي).
[3] في (ب) و (ج): (هناك).
[4] (به): سقط من (ج).
[5] في (ج): (يقال).
[6] في (ج): (العقد)، وهو تحريفٌ.
[7] في «المطالع»: (&): (معدولٌ عن اللُّكَعِ، ويقال: لَكِعَ الرجلُ يَلْكَعُ لَكْعاً، فهو ألْكَع).
[8] في (ب): (منيته)، وهو تصحيفٌ.
[9] ما بين قوسين سقط من (ج).
[10] في (ج): (سخاب).
[11] في (أ) و (ب): (ونحو)، ولعلَّه تحريفٌ.
[12] زيد في (ب): (الإمام).

(1/4103)


[حديث: أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي]
2123# 2124# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تقدَّم أنَّه أنس بن عياض.
قوله: (وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ ... ) إلى آخره: قائله هو نافع، وقد حدَّث بالحديثين جميعًا بهذا السند الذي تقدَّم.
==========
[ج 1 ص 537]

(1/4104)


[باب كراهية السخب في السوق]
قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ): (كراهيَة): تقدَّم أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغة: كراهي.
قوله: (السَّخَبِ): قال الدِّمياطيُّ: قيل: الفصيح بالصَّاد، وهي بالسِّين لغة قبيحة لربيعة، انتهى، وذكر غيره أنَّه لغة ربيعة، ولم يقبِّحها، والصَّخب: ارتفاع الأصوات، وقد تقدَّم، قال القاضي: يقال بالسِّين والصَّاد، والصَّاد أشهر.
==========
[ج 1 ص 537]

(1/4105)


[حديث: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا]
2125# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سليمان، وأنَّه فرد، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمه فُلَيح سواه.
قوله: (حَدَّثَنَا هِلاَلٌ): هذا هو هلال بن عليٍّ، وهو هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال، يروي عن أنس، وعطاء بن [1] يسار، وأبي سلمة، وعنه: مالك، وفُلَيح، وهو هلال ابن أسامة منسوب إلى جدِّه، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال الواقديُّ: تُوفِّيَ في آخر خلافة هشام، أخرج له الجماعة.
قوله: (لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي): هذا صحابيٌّ مشهور كأبيه، وتقدَّم الكلام على ياء (العاصي)، وكلام النَّوويِّ أنَّ الصَّحيح إثباتها، وكلام ابن الصلاح أبي عَمرو.
قوله [2]: (قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ... )؛ فذكره: إنَّما سأل عطاء بن يسار عبدَ الله بن عمرو بن العاصي بن وائل القرشيَّ السَّهميَّ عن صفته عليه الصَّلاة والسَّلام في التَّوراة؛ وذلك لأنَّ عبد الله كان يحفظ التَّوراة، وقد روى الإمام أحمد في «المسند» عن قتيبة: حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: (رأيت فيما يرى النَّائم لكأنَّ في إحدى إصبعيَّ سمنًا، وفي الأخرى عسلًا، فأنا ألعقها [3]، فلمَّا أصبحت؛ ذكرت ذلك [4] للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، فقال: «تقرأ الكتابين، التَّوراةَ والفرقان»)، فكان يقرؤهما، قال شيخنا: وقد روى البزَّار من حديث ابن لهيعة عن واهب عنه، فذكر حديث «المسند» غير أنَّ فيه: (يلعقهما)، ولم يقع شيخنا على ما في «المسند».
ثمَّ اعلم أنَّ هذا الكلام في حقِّ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ الظَّاهر أنَّهم أوَّلوه لغيره [5]، ويحتمل أنَّهم حذفوه من التَّوراة، والله أعلم.

(1/4106)


ثمَّ اعلم أنَّ الأقوال اختلفت في التَّوراة التي بأيديهم، هل هي مُبدلَة أم التبديل والتحريف وقع في التأويل دون التنزيل؟ على ثلاثة أقوال: طرفين، ووسط، فأفرطت طائفة، وزعمت أنَّ كلَّها أو أكثرها مُبدلَة مُغيَّرة، وليست التَّوراة التي أنزلها الله على موسى، ويعرُض هؤلاء لتناقضها، وتكذيب بعضها بعضًا، وغلا بعضهم فجوَّز الاستنجاء بها من البول، وسأذكر ذلك في آخر «الصَّحيح» عند قول البخاريِّ: ({يُحَرِّفُونَ} [النساء: 46]: يزيلون ... ) إلى آخره، وقابلهم طائفة أخرى من أئمَّة الحديث، والفقه، والكلام، وقالوا: بل [6] التبديل وقع في التأويل، لا في التنزيل، وهذا مذهب صاحب هذا الكتاب، وسيجيء في آخر «الصَّحيح»: ({يُحَرِّفُونَ} [النساء: 46]: يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ، وَلَكِن يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ)، وقال بعضهم: وقد اغترَّ بعض المتأخِّرين بهذا، وقال: إنَّ في تحريف التوراة والإنجيل خلافًا، هل هو في اللَّفظ والمعنى [7]، أو في المعنى [8] فقط؟ ومال إلى الثاني، ورأى جواز مطالعتهما، وهو قول باطل، ولا خلاف أنَّهم بدَّلوا وغيَّروا، والاشتغال [9] بكتابتهما، والنَّظر فيهما لا يجوز بالإجماع، يدلُّ عليه غضبه عليه الصَّلاة والسَّلام حين رأى بيد عمر قطعة من التوراة، وقال: «لو كان موسى حيًّا؛ لما وسعه إلَّا اتِّباعي»، انتهى، وهذا مذهب فخر الدين الرازيِّ في «تفسيره»؛ أعني: أنَّ التحريف وقع في التأويل فقط.

(1/4107)


قال الحافظ العلامة أبو العبَّاس ابن تيمية: وقع النزاع في هذه المسألة بين بعض الفضلاء وبين غيره، فاختار هذا المذهب، فأُنكِر عليه، فأحضر لهم خمسة عشر نقلًا، ومن حجَّة هؤلاء: أنَّ التوراة قد طبَّقت مشارق الأرض ومغاربَها، وانتشرت جنوبًا وشمالًا، ولا يعلم عدد نسخها إلَّا الله، ومن الممتنع أن يقع التواطؤُ على التبديل والتغيير في جميع تلك النُّسخ، لا يبقى في الأرض نسخة إلَّا مُبدلَة مغيَّرة، والتبديل والتغيير على منهاج واحد، وهذا ممَّا يحيله العقل ويشهد ببطلانه، وقد قال الله تعالى لنبيِّه مُحتجًّا على اليهود: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]، قالوا: وقد اتَّفقوا على ترك فريضة الرَّجم، ولم يمكنهم تغييرُها من التوراة، ولهذا لمَّا قرؤوها على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؛ وضع القارئ يده على آية الرَّجم، فقال له عبد الله بن سلَام: ارفع يدك عن آية الرجم، فرفعها؛ فإذا هي تلوح تحتها، فلو كانوا قد بدَّلوا ألفاظ التوراة؛ لكان هذا من أهمِّ ما يبدِّلونه، قالوا: وكذلك صفات النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ، ومخرجه هو في التوراة بيِّن، ولم يمكنهم إزالتُه وتغييرُه، وإنَّما ذمَّهم
[ج 1 ص 537]
الله بكتمانه، وكانوا إذا احتُجَّ عليهم بما في التوراة مِن نعته وصفته؛ يقولون: ليس هو ونحن ننتظره، قالوا: وقد روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أتى اليهود فدعوا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ إلى القُفِّ، وأتاهم في بيت المِدْراس، فقالوا [10]: يا أبا القاسم؛ إنَّ رجلًا منَّا زنى بامرأة، فاحكم، فوضعوا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وسادة، فجلس عليها، فقال: ائتوني بالتوراة، فأُتِي بها، فنزع الوسادة مِن تحته، ووضع التوراة عليها)، فلو كانت مبدلة مغيَّرة؛ لم يضعها على الوسادة، ولم يقل: «آمنتُ بكِ»، قالوا [11]: وقد قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [الأنعام: 115]، والتوراة من كلماته، قالوا: والآثار الذي في كتمان اليهود صفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ في التوراة، ومنعهم أولادَهم من الاطِّلاع عليها مشهورة، ومَن اطَّلع عليها منهم؛ قالوا له [12]: ليس به، فهذا بعض ما احتجَّت به هذه الفرقة.

(1/4108)


وتوسَّطت طائفة ثالثة، وقالوا: قد زيد فيها وغُيِّر ألفاظٌ يسيرة، ولكنَّ أكثرَها باقٍ على ما أنزل الله، والتبديل في يسير منها جدًّا، وممَّن اختار هذا القول أبو العبَّاس ابن تيمية الحافظ في كتابه «الجواب الصَّحيح لمن بدَّل دين المسيح»، وسيأتي في (الشهادات) من حديث ابن عبَّاس: أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ قال: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللهِ، تَقْرَؤُونَهُ مَحْضًا [13] لَمْ يُشَبْ» [خ¦2685]، والله أعلم.
قوله: (وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ)؛ أي: حافظُهم وحافظ دِينهم، والله أعلم، والأُمِّيُّون: هم العرب؛ لأنَّ الكتابة عندهم قليلة.
قوله: (لَيْسَ بِفَظٍّ): يعني: سيِّئ الخلق.
قوله: (وَلاَ غَلِيظٍ): أي: شديد القول، وهما حالتان مكروهتان، وأمَّا قول النسوة لعمر رضي الله عنه: أنت أفظُّ وأغلظ من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ؛ فليست (أفعل) التفضيل على بابها، بل معناه: أنت فظٌّ غليظٌ، وسأذكر عنه جوابًا آخر حيث يأتي ذاك الحديث.
قوله: (وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ): تقدَّم قريبًا ما السَّخب والصَّخب.
قوله: (الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ): يعني: ملَّة إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ [14] التي غيَّرتها العرب عن [15] استقامتها، وأمالَتْها بعد قوامها.
قوله: (وَقُلُوبًا غُلْفًا): هو مثل قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]؛ معناه: كأنَّه من قلَّة فطنته وانشراحه لا يصل إليه شيء ممَّا يُسمَع، فكأنَّه في غلاف؛ وهو صِوان الشيء؛ وهو الأكنَّة، وقد فسَّره البخاريُّ كما وقع في بعض النُّسخ، فقال: (كلُّ شيء في غلاف، سيف أغلف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف؛ إذا لم يكن مختونًا).
فائدة: قد روى الواقديُّ هذا الحديث عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو [16] بن العاصي؛ فذكره، ثمَّ قال: ثمَّ لقيت كعب الأحبار، فسألته فما اختلفا في [17] حرف، انتهى.

(1/4109)


قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلاَلٍ): الضمير في (تابعه) يعود على فُلَيح؛ هو ابن سليمان، و (عبد العزيز بن أبي سلمة) هذا: هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجِشون أبو عبد الله، ويقال: أبو الأصبغ التَّيميُّ مولاهم، الفقيه، أحد الأعلام، عن أبيه، والزُّهريِّ، وخلق، وعنه: إبراهيم بن طهمان، واللَّيث، وعبد الرَّحمن بن مهديٍّ، وأبو داود الطَّيالسيُّ، وكان قد تعلَّق بكلمة من الفارسيَّة؛ إذا لقي رجلًا يقول: شوني شوني، فلُقِّب الماجِشون، وقال إبراهيم الحربيُّ: الماجشون فارسيٌّ، وإنَّما سُمِّي الماجشون؛ لأنَّ وجنتيه كانتا حمراوين، وقال ابن سعد: يعقوب بن أبي سلمة، وهو الماجِشون سُمِّي بذلك هو ووِلْده، فيعرفون جميعًا بالماجشون، قال أبو حاتم وجماعة: ثقة، تُوفِّيَ سنة (164 هـ)، كذا أرَّخه جماعة، وقال ابن حِبَّان: سنة (166 هـ)، أخرج له الجماعة، ومتابعته هذه أخرجها البخاريُّ في (التفسير) عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي: أنَّ هذه الآية التي في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، قال في التَّوراة: (يا أيُّها النَّبيُّ إنَّا أرسلناك)؛ فذكر نحوه.
و (هلال): تقدَّم قريبًا ترجمته، وأنَّه ابن عليٍّ.

(1/4110)


قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ سَلاَمٍ): أمَّا (سعيد)؛ فهو سعيد بن أبي هلال اللَّيثيُّ مولاهم، أبو العلاء المدنيُّ مصريٌّ، عن نافع، ونُعَيم المُجْمِر، والطبقة، وعنه: شيخه سعيد المقبريُّ واللَّيث بن سعد، ثقة، له ترجمة في «الميزان»؛ لقول ابن حزم وحده: ليس بالقويِّ، تُوفِّيَ سنة (135 هـ)، أخرج له الجماعة، وقال شيخنا في «شرحه» حين خرَّج تعليقه: أخجه الطَّبرانيُّ في «معجمه» عن المُطَّلب بن شعيب: حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح: حدَّثني اللَّيث عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أسامة، عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن سلَام؛ فذكره، وأخرج التِّرمذيُّ في (المناقب) بإسناده إلى مُحَمَّد بن يوسف بن عبد الله بن سلَام عن أبيه عن جدِّه قال: (مكتوب في التوراة صفةُ مُحَمَّد وعيسى ابن مريم يُدفَن معه)، قال أبو مودود: قد بقي في البيت موضع قبر، هذا حديث حسن غريب، قد ذكر شيخنا أنَّ والد هلال اسمه أسامة، وأمَّا أنا؛ فلم أعلم اسم أبيه، ولكنَّ الذي ذكرت لك ترجمةُ سعيد بن أبي هلال، والظَّاهر أنَّ اسم أبي هلال أسامة، والله أعلم، و (هلال) و (عطاء): تقدَّما قريبًا جدًّا في الصفحة قبل هذه [18].

(1/4111)


قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ [19] بنِ سَلاَمٍ): بتخفيف اللَّام بلا خلاف، واسم والد سلَام الحارثُ، إسرائيليٌّ، ثمَّ أنصاريٌّ خزرجيٌّ صحابيٌّ، كان حليفًا لبني الخزرج، كنيته أبو يوسف، كني بابنه [20] يوسف، وهو من بني قينُقاع؛ مثلث النُّون، يُصرَف ولا يُصرَف، تقدَّم، وهو من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلَّى الله عليهم وسلَّم [21]، كان اسمه في الجاهليَّة: الحُصَيْن _بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين_ فسمَّاه عليه الصَّلاة والسَّلام: عبدَ الله، أسلم في أوَّل قدومه عليه الصَّلاة والسَّلام المدينة، ونزل في فضله قولُه تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ... }؛ الآية [الأحقاف: 10]، ثمَّ قوله: {قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} [الرعد: 43]، روى عنه: ابناه مُحَمَّد ويوسف، وأبو هريرة، وأنس، وعبد الله بن مُغفَّل، وجماعات من التَّابعين، وشهد مع عمر رضي الله عنهما بيت المقدس والجابية، تُوفِّيَ سنة (43 هـ) بالمدينة، مناقبه مشهورة؛ منها: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام شَهِد له بالجنَّة، ولم أر له ذكرًا في الغزوات، ولا في البعوث والسَّرايا، وكأنَّه كان معذورًا، ولا أعرف له مشهدًا إلَّا فتح بيت المقدس مع عمر، وهذا غريب جدًّا أنَّ شخصًا من كبار الصحابة في المدينة يقيم بها معه عشر سنين لم يغز غزوةً، ولم يحضر سريَّةً ولا بَعثًا، هذا فيما أعلم أنا، ولم أر أنا ذلك في كلام أَحد، وحديثه هذا في صفته عليه الصَّلاة والسَّلام أخرجه التِّرمذيُّ في (المناقب)، وقال: حسن غريب.
==========
[1] زيد في (ب): (أبي)، وليس بصحيحٍ.
[2] في هامش (أ) بخطٍّ مغاير: (بحث: تبديل التوراة).
[3] كتب فوقها في (أ) و (ج): كذا.
[4] (ذلك): ليس في (ج).
[5] في (ج): (كغيره).
[6] (بل): سقط من (ج).
[7] (والمعنى): سقط من (ج).
[8] في (أ) و (ج): (اللفظ)، وفي هامشهما: (لعله: المعنى).
[9] زيد في (ب): (بهما).
[10] في (ج): (قالوا).
[11] في (ب): (قال).
[12] في (ب): (إنَّه).
[13] (محضًا): ليس في رواية ابن عباس في (الشَّهادات) [خ¦2685].
[14] في (ب): (عليه السلام).
[15] في (ج): (على).
[16] زيد في (ب): (بن عمرو)، وهو تكرارٌ.
[17] (في): سقط من (ج).
[18] (في الصفحة قبل هذه): سقط من (ب).

(1/4112)


[19] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة» و (ق): (عبد الله).
[20] في (ب): (بأبيه)، وهو تصحيفٌ.
[21] في (ب): (عليهم السلام).

(1/4113)


[باب الكيل على البائع والمعطي]
قوله: (عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِي): هو بكسر الطَّاء، اسم فاعل، فلا تقله: اسم مفعول.
[ج 1 ص 538]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ): (يُذكَر): هو [1] مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّ هذه صيغة تمريض، فليس على شرط الكتاب، وهذا التعليق [2] أسنده الدَّارقطنيُّ بإسناد ضعيف.
==========
[1] (هو): ليس في (ج).
[2] زيد في (ب): (صوابه).

(1/4114)


[حديث: اذهب فصنف تمرك أصنافًا العجوة على حدة]
2127# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (حَدَّثَنَا [1] جَرِيرٌ): هو جَرِير بن عبد الحُمَيد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مرارًا ومرَّةً مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ مُغِيرَةَ): هذا هو المغيرة بن مِقْسم أبو هشام الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ الفقيه الأعمى، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».
قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشِّين.
قوله: (تُوفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ): هذا هو والد [2] جابر، وتقدَّم أنَّه قُتِل في وقعة أحُد، وتقدَّم متى كانت الوقعة، وتقدَّم أنَّ دَينه كان ثلاثين وسقًا من تمر، وسيجيء ذلك.
قوله: (وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الذَّال المعجمة، وبالقاف؛ وهو نوع من تمر المدينة، قال شيخنا: رديء، وكونه بفتح العين هو المشهور، ونقل شيخنا في هذا الشرح قبيل [3] (كِتَاب الخصومات) عن ابن التِّين: أنَّه في النسخ بهما؛ يعني: الفتح والكسر، قال النَّوويُّ في «تهذيبه» في (تمر): قال الشَّيخ أبو مُحَمَّد الجوينيُّ في (كِتَاب الزَّكاة) من كتابه «الفروق»: (كنت بالمدينة فدخل عليَّ بعض أصدقائي، فقال: كنَّا عند الأمير، فذكروا أنواع تمر المدينة، فبلغت أنواع الأسود [4] ستِّين نوعًا، قالوا: وأنواع الأحمر، فبلغت هذا المبلغ، قد ذكر النَّوويُّ ذلك في غير هذا المؤلَّف أيضًا، وقد ذكرت كلام النَّوويِّ لبعض أهل المدينة المشرَّفة، فقال: إنَّه أكثر من ذلك، ثمَّ ذهب هو وشخص آخر من أهل المدينة وكتبوا تمرها على حروف المعجم، فبلغت أكثر من ذلك، والله أعلم، وذلك قبل كائنة تمر.
قوله: (ثمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ): (أَرسلْ): فعل أمر بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهر.
قوله: (فِي وَسطِهِ): تقدَّم أنَّه بالسكون وبالفتح [5].

(1/4115)


قوله: (وَقَالَ فِرَاسٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: (هو فراس [6] بن يحيى أبو يحيى [7] الهمْدانيُّ، كان مُعلِّم كتَّاب لا يأخذ أجرًا على التَّعليم) انتهى، وهو كما قال، عن أبي صالح السَّمَّان، والشَّعبيِّ، وعطيَّة العَوْفيِّ، وغيرهم، وعنه: شعبة، وسفيان، وشيبان، ومَعْمَر، وأبو عوانة، وآخرون، وثَّقه ابن مَعِين وجماعة، تُوفِّيَ سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، مذكور في «الميزان»؛ للتَّمييز.
و (الشَّعبي): عامر بن شراحيل، تقدَّم، وأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ فيه تصريحَ الشَّعبيِّ بالتَّحديث [8] من جابر، وهو في الأوَّل بالعنعنة، وإن كان الشَّعبيُّ غير مُدلِّس إلَّا ليخرج من الخلاف، والله أعلم، وتعليق فراس [9] أخرجه [10] البخاريُّ [11] في (الوصايا)، والنَّسائيُّ فيها أيضًا.
قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ): (هشام) هذا: هو ابن عروة، و (وهب): هو ابن كيسان أبو نُعيم الأسديُّ، مولى ابن الزُّبير، وهذا تعليق مجزوم به، فهو على شرطه، ولهذا أخرجه في (الاستقراض)، وأخرجه أبو داود، وابن ماجه، والله أعلم.
قوله: (فَأَوْفِ لَهُ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهو فعل أمر، والفاء مكسورة؛ لأنَّه معتلٌّ حُذِف منه حرف العلَّة؛ للأمر، والله أعلم.

(1/4116)


[باب ما يستحب من الكيل]

(1/4117)


[حديث: كيلوا طعامكم يبارك لكم]
2128# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): هذا هو الرَّازيُّ الفرَّاء الحافظ، عن أبي الأحوص، وعبد الوارث، وخالد الطَّحَّان، وأمم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والباقون بواسطة، وأبو حاتم، قال أبو زُرْعة: كتبت عنه مئة ألف حديث، وهو أتقن مِن أبي بكر ابن أبي شيبة، وأصحُّ حديثًا، لا يحدِّث [1] إلَّا من كتابه، وثناء النَّاس عليه كثير، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، تُوفِّيَ سنة بضع وعشرين ومئتين، أخرج له _كما تقدَّم_ الجماعةُ، تقدَّم، ولكن طال العهد منه.
قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو ابن مسلم الدمشقيُّ، صاحب الأوزاعيِّ، أحد الأعلام، تقدَّم، وكذا تقدَّم (ثور): ابن يزيد.
==========
[1] (لا يحدِّث): سقط من (ب).
[ج 1 ص 539]

(1/4118)


[باب بركة صاع النبي ومدهم]
قوله: (بَابُ [1] صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ وَمُدِّهِ [2]): تقدَّم الكلام على صاعه عليه الصَّلاة والسَّلام ومدِّه، وكم مقدار كلِّ واحد منهما، والاختلاف فيه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (بركة).
[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) مُصحَّحًا: (ومدِّهم).
[ج 1 ص 539]

(1/4119)


[حديث: أن إبراهيم حرم مكة ودعا لها]
2129# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكِيُّ الحافظ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (وُهَيْبٌ) أنَّه ابن خالد الباهِليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (عَمْرُو بْنُ يَحْيَى) أنَّه ابن عمارة بن أبي حسن المازنيُّ، وكذا تقدَّم (عَبَّاد بْن تَمِيمٍ)، وتقدَّم (عَبْد الله بْنِ زَيْدٍ): ابن عاصم المازنيُّ الصحابيُّ رضي الله عنه.
قوله: (أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مكَّة): تقدَّم الجمع بينه وبين: «إنَّ الله حرَّم مكَّة».

(1/4120)


[باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة]
قوله [1]: (وَالْحُكْرَةِ): هي بضمِّ الحاء المهملة، وإسكان الكاف: وهي إمساك الطعام عن البيع مع الاستغناء عنه عند حاجة النَّاس إليه؛ انتظارًا لغلاء ثمنه، قاله ابن قرقول، وقال الجوهريُّ: الاحتكار: حبس الطعام يُتربَّص به الغلاء، قال: وهو الحُكرة؛ بالضَّمِّ، انتهى، وأمَّا الاحتكار عند الشَّافعيَّة؛ فهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء، ولا يدعه للضعفاء، ويحبسه؛ ليبيعه بأكثر عند اشتداد الحاجة، ولا بأس بالشراء في وقت الرخص؛ ليبيعه في وقت الغلاء، وكذا لو دخل عليه من أرضه ونحو ذلك، والمسألة بفروعها في كتب الشَّافعيَّة.
==========
[1] في هامش (أ): (تعريف الاحتكار) بخط مغاير.
[ج 1 ص 539]

(1/4121)


[حديث: رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على .. ]
2131# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظَّاهر أنَّه ابن راهويه، الإمام المشهور، وقد تقدَّم، وكذا تقدَّم [1] (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) عالم أهل الشَّام، وكذا تقدَّم (الأَوْزَاعِي) أنَّه عبد الرَّحمن بن عَمرو أبو عَمرو، وتقدَّم لماذا نُسِب، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [2] بن شهاب.
قوله: (يُضْرَبُونَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[1] (وكذا تقدَّم): ليس في (ب).
[2] في (ج): (بن عبد الله بن عبيد الله)، والمثبت هو الصَّواب.
[ج 1 ص 539]

(1/4122)


[حديث: أن رسول الله نهى أن يبيع الرجل طعامًا حتى يستوفيه]
2132# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكِيُّ الحافظ أعلاه، وتقدَّم أنَّ [1] (وُهَيبًا) أنَّه ابن خالد، و (ابْن عبَّاس): عبد الله، تقدَّم.
[ج 1 ص 539]
قوله: (ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ): تأوَّله [2] أن يشتري منه طعامًا بمئة إلى أَجَل، ويبيعه منه قبل قبضه بمئة وعشرين، وهو غير جائز؛ لأنَّه في التقدير: بيع دراهم بدراهم، والطعام مرجأ غائب، وليس هذا تأويله عند أكثر العلماء، وقيل: معناه: أن يبيعه من آخر ويحيله [3] به.
قوله: (وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ): هو مهموز وغير مهموز؛ لغتان مشهورتان قرئ بهما في السَّبع؛ ومعناه: مُؤخَّر، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البخاريُّ عقيبه: ({مُرْجَوْنَ} [التوبة: 106]: مُؤخَّرُون) [4].

(1/4123)


[حديث: من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه]
2133# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).
[ج 1 ص 540]

(1/4124)


[حديث: الذهب بالذهب ربًا إلا هاء وهاء]
2134# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو ابن المَدينيِّ عليُّ بن عبد الله [1]، وكذا في «أطراف المِزِّيِّ» في تطريف هذا الحديث: (قال عليُّ بن عبد الله)، وكأنَّه كذا وقع في نسخته منسوبًا، أو في نسخة أبي مسعود، أو خلف، أو الكلِّ، وترجمته مشهورة، وقد تقدَّمت، و (سُفْيَانُ) هذا: هو ابن عيينة، وقد ذكرت لك مستندي في ذلك في غير حديث، فيها: عليُّ بن المَدينيِّ عن سفيان، وذلك لأنَّي رأيت عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكره في مشايخ ابن المَدينيِّ، ولم يذكرِ الثَّوريَّ فيهم، والله أعلم.
قوله: (عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ): هذا مالك بن أوس بن الحَدَثان النَّصريُّ، والحَدَثان: بفتح الحاء والدَّال المهملتين، وبالثَّاء المثلَّثة، وفي آخره نون، والنَّصريُّ: بالنُّون، وبالصَّاد المهملة، كنيته أبو سعيد، اختلف النَّاس فيه؛ فقال بعضهم: إنَّه صحابيٌّ، والصَّحيح: أنَّه تابعيٌّ.
واعلم أنَّ التَّابعين طبقات [2]؛ أوَّلهم: مَن روى عن العشرة المشهود لهم بالجنَّة، قالوا: وليس في التَّابعين أحد روى عن العشرة إلَّا قيس بن أبي حازم، ذكره عبد الرَّحمن بن يوسف بن خِراش، وقال أبو عبيد الآجريُّ عن أبي داود: روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرَّحمن بن عوف، وأمَّا قول الحاكم في «علوم الحديث»: وقد أدرك سعيد بن المسيّب أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليًّا ... إلى آخر العشرة، قال: وليس في جماعة التَّابعين مَن أدركهم وسمع منهم غير سعيد وقيس بن أبي حازم؛ فهو غلط صريح، وكذا قوله في النَّوع الرابعَ عشرَ: فمن الطبقة الأولى قوم لحقوا العشرة؛ منهم: سعيد بن المسيّب، وقيس بن أبي حازم، وأبو عثمان النَّهديُّ، وقيس بن عُبَاد، وأبو ساسان حُضَيْن بن المنذر، وأبو وائل، وأبو رجاء العطارديُّ، انتهى، فقد أُنكِر على الحاكم؛ لأنَّ سعيدًا وُلِد في خلافة عمر بلا خلاف، فكيف يسمع من أبي بكر؟ والصَّحيح أيضًا: أنَّه لم يسمع من عمر، نعم؛ أثبت أحمد سماعه منه، وبالجملة فلم يسمع من أكثر الصحابة العشرة فيما حكاه ابن الصلاح، لا يصحُّ له رواية عن أحد من العشرة (إلَّا سعد بن أبي وقَّاص) [3].

(1/4125)


تنبيه: مالك بن أوس بن الحَدَثان على القول بأنَّه ليس بصحابيٍّ، وهو الصَّحيح، قال ابن عبد البَرِّ: إنَّه سمع من العشرة المهاجرين، [وذكر أيضًا في ترجمة قيس بن أبي حازم: أنَّه لم يسمع من عبد الرَّحمن بن عوف، وإذا كان كذلك؛ فمالك بن أوس فرد في أنَّه سمع من العشرة] [4]، أو أنَّه ثانٍ لقيس على قول جماعة، والله أعلم، تُوفِّيَ مالك بن أوس [5] هذا سنة (92 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وفي كلام الذَّهبيِّ: قيل: رأى أبا بكر، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا): الظَّاهر أنَّه طلحة بن عبيد الله أحد العشرة، ترجمته معروفة، وفي الصَّحابة مَن اسمه طلحة خمسةَ عشرَ، وثلاثة الصَّحيح فيهم أنَّهم [6] تابعون.
قوله: (خَازِنُنَا) [7]: خازنه [8] لا أعرف اسمه.
قوله: (مِنَ الْغَابَةِ): هي بالغين المعجمة، وبعد الألف موحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: مال من أموال عوالي المدينة، وقد صحَّفها بعض النَّاس، فقال: الغاية، (وكذلك غلط بعض الشَّارحين في تفسيرها، فقال: الغابة: موضع الشجر التي ليست بمربوبة [9] لاحتطاب النَّاس ومنافعهم، فغلط فيها من وجهين، وإنَّما) [10] الغابة: هي الشَّجر الملتفُّ والأجم من الغابة وشبهها، قاله ابن قرقول، وسيأتي قريبًا بأطولَ من [11] هذا.

(1/4126)


قوله: (إلَّا هَاءَ وَهَاءَ [12]): قال ابن قرقول: كذا رُوِّيناه _يعني: بالمدِّ_ قال: وهو قول أكثر أهل اللُّغة، ومن أهل الحديث مَن يرويه: (هَا وهَا)؛ مقصورين، وأهل العربيَّة أكثرهم ينكره، وحكى بعضهم القصر، ومعنى الكلمة: هاكَ، أبدلت الكاف همزة، وأُلقِيت حركتها [13] عليها عند [مَن مدَّ، أو (ها) عند] [14] مَن قصر؛ أي: خذ؛ كأنَّ كلَّ واحد يقول [15] لصاحبه، وقيل: معناه: هاكَ وهاتِ؛ أي: خذ وأعطِ، وقال الخليل: هي كلمة تُستعمَل عند المُنازَلة، ويقال للمؤنَّث على هذا: هاءِ؛ بكسر الهمزة [16]، كما يقال: هاكِ، وفيه لغة ثالثة: (ها) مقصور غير مهموز؛ مثل (خَفْ)، وللأنثى: هاتي، [كأنَّها صُرِفت تصريف فعلٍ معتلِّ العين رباعيٍّ؛ مثل (خاف)، ولغة رابعة: بالكسر للذَّكر والأنثى سواء، إلَّا أنَّك تزيد للأنثى ياءً، فتقول: هائي] [17]؛ مثل: هاتِ، وهاتي للمؤنَّث؛ كأنَّها صرفت تصريف فعلٍ معتلِّ اللَّام؛ مثل (راعي)، ولغة خامسة: هاءك؛ ممدود، بعد الهمزة كاف، وتُكسَر للمؤنَّث، ولغة سادسة: أن تصرفها [18] تصريفَ فعلٍ محذوفٍ؛ مثل (وهْب [19])، فتقول: هأْ؛ مقصور، مهموز، ساكن الهمزة، وللمرأة: هائي، ويُثنَّى ويُجمَع، ولغة سابعة: لكنَّها للذَّكر وللأنثى [20]، والواحد [21] وغيره سواء، قال السيرافيُّ: كأنَّهم جعلوه صوتًا؛ مثل: صَه، انتهى، وهذا الكلام أجمع كلام رأيت في هذه اللَّفظة، ولابن الأثير فيها كلام مختصر، وقال في آخره: وفيها لغات أخرى.
==========
[1] (علي بن عبد الله): سقط من (ب).
[2] في (ج): (طباق)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ب) بدل مما بين قوسين: (المهاجرين، وذكر أيضًا في ترجمة قيس بن أبي حازم)، ولعلَّه سبق نظرٍ.
[4] ما بين معقوفين سقط من (ب).
[5] في (ب): (أويس)، وهو تحريفٌ.
[6] في (أ) و (ب): (أنَّه).
[7] في (ب): (جارية)، وهو تحريفٌ.
[8] في (ب) و (ج): (خازله)، وهو تحريفٌ.
[9] في (ب): (بربوية).
[10] ما بين قوسين سقط من (ج).
[11] (من): سقط من (أ).
[12] في هامش (ق): (بالمد هكذا الرواية، وهو قول أكثر أهل اللغة، ومن أهل الحديث من يرويه بالقصر، وأهل العربية أكثرهم ينكره).
[13] في (ب): (حرفها)، وهو تحريفٌ.
[14] ما بين معقوفين مُستفاد من مصدره، ولايستقيم الكلام إلا به.
[15] في «المطالع» (&): (يقوله).
[16] في النُّسخ: (الهاء)، وكتب فوقها: كذا، والمثبت من مصدره.
[17] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/4127)


[18] في (ب): (يصرفها).
[19] لعلَّها (وهَب) كما في مصدره.
[20] في (ب): (والأنثى).
[21] في (ج): (وللواحد).
[ج 1 ص 540]

(1/4128)


[باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك]
قوله: (قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[ج 1 ص 540]

(1/4129)


[حديث: أما الذي نهى عنه النبي فهو الطعام]
2135# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، وكذا تقدَّم (سُفْيَانُ) أنَّه ابن عيينة.
قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: وَلاَ أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ): قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: يجوز أن يكون ابن عبَّاس قاس ما عدا الطعام عليه بعلَّة أنَّه عين مَبِيعة لم تُقبَض، ويجوز أن يكون قاله؛ لنهي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ عن ربح ما لم يضمن، والشيء المبيع ضمانه قبل القبض على البائع، فلم يَطِب [1] للمشتري ربحه، انتهى.

(1/4130)


[حديث: من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه]
2136# قوله: (زَادَ إِسْمَاعِيلُ: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا ... ) إلى آخره: قال الدِّمياطيُّ: كان ينبغي أن يقول: وقال إسماعيل: حتَّى يقبضه، ولا معنى لقوله: (زاد إسماعيل) انتهى، وما قاله ظاهر جدًّا، وذلك لأنَّ إسماعيل: هو ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك، روى هذا الحديث عن خاله [1] مالك، فخالف عبدَ الله بن مسلمة في روايته عن مالك، فقال عبد الله: حتَّى يستوفيَه، وقال إسماعيل: حتَّى يقبضَه، والله أعلم.
قوله: (طَعَامًا جزَافًا)، وكذا قوله: (يِتَبَايَعُونَ [2] جزَافًا): مثلَّث الجيم.
قوله: (إِلَى رَحْلِهِ): الرَّحل: المنزل والمأوى.

(1/4131)


[باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا أن لا يبيعه حتى يؤويه]
قوله: (وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ): (الأدب): مجرور معطوف على [1] (مَنْ) في أوَّل الباب؛ لأنَّها بمعنى (الذي).
==========
[1] (على): سقط من (أ) و (ب).
[ج 1 ص 540]

(1/4132)


[حديث: لقد رأيت الناس في عهد رسول الله يبتاعون جزافًا]
2137# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه اللَّيث بن سعد، الإمام الجواد، وتقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (يُونُس) أنَّه ابن يزيد الأيليُّ مُتَرجَمًا، وكذا (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ الإمام مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ.
قوله: (يُضْرَبُونَ) [1]: هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
==========
[1] في (ج): (يصرمون)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 540]

(1/4133)


[باب: إذا اشترى متاعًا أو دابة فوضعه عند البائع أو مات قبل أن .. ]
[ج 1 ص 540]
قوله: (قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

(1/4134)


[حديث: أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج]
2138# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو المَغْراء: معديكرب أبو القاسم، وقيل: أبو مُحَمَّد الكنديُّ الكوفيُّ، تُوفِّيَ سنة خمس وعشرين ومئتين) انتهى، (فروة) هذا: يروي عن الوليد بن أبي ثور، وشريك، وأبي الأحوص، وعَبيدة بن حُمَيد، وعليِّ بن مُسهِر، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وعبَّاس الدُّوريُّ، والدَّارميُّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومُحَمَّد بن عثمان ابن أبي شيبة، وآخرون، صدَّقه أبو حاتم، وقال البخاريُّ: مات سنة خمس وعشرين ومئتين، أخرج له البخاريُّ والتِّرمذيُّ، و (المَغْراء): بفتح الميم، وإسكان الغين [1] المعجمة [2]، وبالمدِّ في آخره.
قوله: (فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ): (أُذِن): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (لَمْ يَرُعْنَا): أي: لم يَفْجأْنا.
قوله: (فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ): (خُبِّر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، مُضعَّف، (قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: عامر بن فُهَيرة) [3].
قوله: (أَشَعَرْتَ): أي: أَعلِمتَ، وهذا ظاهر جدًّا.
قوله: (الصُّحْبَةَ): هي منصوبة، (كذا هي في أصلنا: منصوبة) [4] بفعل مقدَّر، ويجوز رفعها على: مسألتي أو مطلوبي، وكذا الثَّانية: (قال: الصُّحْبَةَ).
قوله: (إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ ... ) إلى قوله: (قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ): النَّاقة التي هاجر عليها [5] عليه الصَّلاة والسَّلام: القَصواء؛ بفتح القاف وبالمدِّ، وقال السُّهيليُّ: إنَّها الجدعاء، انتهى، وكذا هو في «صحيح البخاريِّ» في (غزوة الرَّجيع)، وقال بعضهم: القَصواء، انتهى [6]، وسيأتي ذلك مُطَوَّلًا في (الإجارات)، وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى [7]، وأذكر الاختلاف في الجدعاء، والقَصواء، والعضباء، هل هنَّ واحدة، أو اثنتان، أو ثلاث.
سؤال هو فائدة: إن قيل: ما الحكمة في أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ لم يأخذ منه الناقة إلَّا بالثَّمن، وأبو بكر أنفق عليه من ماله ما هو أكثر من هذا فقبله، وقد قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «ليس من أحد أمَنَّ عليَّ في صحبته وماله من أبي بكر؟».

(1/4135)


وأجيب: إنَّما ذلك؛ لتكون هجرته بنفسه وماله رغبةً منه عليه الصَّلاة والسَّلام في استكمال فضل الهجرة إلى الله عزَّ وجلَّ، وأن تكون الهجرة والجهاد على أتمِّ أحوالهما، قال السُّهيليُّ: وهو قول حسن، حدَّثني بهذا بعض أصحابنا عن الفقيه الزَّاهد ابن [8] اللَّوَّان، انتهى، وبعض أصحابه: هو أبو إسحاق إبراهيم ابن قرقول صاحب «المطالع» الحمزيُّ، قاله الحافظ أبو الحسن بن دِحية، كما رأيته عنه في حاشية نسخة بـ «الرَّوض» عليها حواشٍ من كلام ابن دِحية؛ فاعلمه.
فائدة: في «صحيح أبي حاتم بن حبَّان» _بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة_: أنَّ أبا بكر أنفق عليه عليه الصَّلاة والسَّلام أربعين ألفًا، كذا عزاه المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» في (الزَّكاة) إليه، وفي «تذهيب الذَّهبيِّ» عن عروة في ترجمة أبي بكر رضي الله عنه، _وعروة: هو ابن ابنته أسماء_: أنَّه أسلم وله أربعون ألف دينار، انتهى.
ثانية: ثمن النَّاقتين _في «طبقات ابن سعد» كما عزاه بعضهم إليها_: ثمان مئة، اشتراهما من نعم بني قُشَير، انتهى.
==========
[1] (الغين): ليس في (ب).
[2] زيد في (ج): (الساكنة)، وضرب عليها في (أ).
[3] ما بين قوسين سقط من (ج).
[4] ما بين قوسين سقط من (ج).
[5] (عليها): سقط من (ب).
[6] (انتهى): ليس في (ب) و (ج).
[7] (وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى): ليس في (ب).
[8] في (ج): (أبي)، وليس بصحيحٍ.
[ج 1 ص 541]

(1/4136)


[باب: لا يبيع على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه حتى يأذن له]
قوله: (بَابٌ لَا يَبِعْ [1]): وفي نسخة: (يبيع) على أنَّه خبر؛ ومعناه: النَّهي (عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَسُومُ)، وفي نسخة: (يسمْ) [2] (عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ): إن قيل: بوَّب على السَّوم، ولم يذكره في الحديثين اللَّذين ذكرهما؟ وجوابه _كما قاله [3] شيخنا الشَّارح_: كأنَّ البيع هنا: هو السَّوم، وبه صرَّح مالك في «الموطَّأ»، وقال أبو عبيد: قال [4] أبو عبيدة، وأبو زيد، وغيرهما: البيع هنا: الشَّراء، والنَّهي وقع عليه، لا على البيع؛ لأنَّ العرب تقول: بعت الشيء؛ بمعنى (اشتريته)، قال أبو عبيد: وليس للحديث عندي وجهٌ غيرُه، كما أنَّ الخاطب هو الطَّالب.
فإن قيل: ذكر في الترجمة: (حتَّى يأذن له أو يترك [5])، ولم يذكره.
والجواب _كما قاله شيخنا_: أنَّه ذكره في الباب المذكور في (الخِطبة على الخِطبة [6])، فكأنَّه أشار إليه من باب: لا فارق.
==========
[1] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وفي هامش (ق) من نسخة: (لا يبيع).
[2] في (ب): (ثم)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ج): (قال).
[4] (أبو عبيد قال): سقط من (ب).
[5] في (ب): (ينزل)، وهو تصحيفٌ.
[6] (على الخِطبة): سقط من (ج).
[ج 1 ص 541]

(1/4137)


[حديث: لا يبيع بعضكم على بيع أخيه]
2139# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمام المجتهد، شيخ الإسلام.
==========
[ج 1 ص 541]

(1/4138)


[حديث أبي هريرة: نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد]
2140# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، فإنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، وتقدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم [1]، وتقدَّم (سَعِيد بْن المسيّب) أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره من المُسيَّبين لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ): بيع الحاضر للبادي: هو أن يقدم غريب بمتاع تعمُّ الحاجة إليه؛ ليبيعه بسعر يومه، فيقول بلديٌّ [2]: اتركه عندي؛ لأبيعه لك على التَّدريج بأغلى.
قوله: (وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ): (يخطبُ): مرفوع خبر [3]؛ معناه: النَّهي، و (خِطبة): بكسر الخاء معروفة، وكذا (وَلاَ تَسْأَلُ): مرفوع في أصلنا على ما قلنا في (يخطبُ).
قوله: (طَلاَقَ أُخْتِهَا)؛ أي: طلاق ضرَّتها.
قوله: (لِتَكْفَأَ): كفأت الإناء _ثلاثيٌّ ورباعيٌّ_ كفأته وأكفأته؛ إذا كببتَه وإذا أملتَه، وهذا تمثيل [4] لإمالة الضَّرَّة حقَّ صاحبتها [5] مِن زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها.
==========
[1] زيد في (ب): (وتقدَّم محمد بن مسلم).
[2] في (ب): (بكذا)، وهو تحريفٌ.
[3] في (ب): (خبر مرفوع).
[4] في (ج): (يميل)، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب) و (ج): (صاحبها)، ولعلَّه تحريفٌ.
[ج 1 ص 541]

(1/4139)


[باب بيع المزايدة]
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح الإمام، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
==========
[ج 1 ص 541]

(1/4140)


[حديث: أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي]
2141# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّد [1]): تقدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، وهذا ظاهر عند أهله.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك الإمام، شيخ الإسلام، تقدَّم، وكذا تقدَّم [2] (حسَيْن [3] المُكْتِب [4])، وأنَّه بضمِّ الميم، وإسكان الكاف، وأنَّه يقال فيه: المكتِّب؛ بكسر التَّاء [5] المشدَّدة، وأنَّ والده اسمه ذكوان، وتقدَّم (عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ) مُتَرجَمًا، وأنَّه مفتي أهل مكَّة، وأنَّ رَباحًا بفتح الرَّاء، وبالموحَّدة، وهذا ظاهر لا خَفاء به.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا [6] أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ [7]): تقدَّم أنَّ الرَّجل المُعتِق يقال له: أبو مذكور، وفي «مسلم»: أنَّه من بني عذرة، وجاء أنَّه من [8] الأنصار، فيحتمل أنَّه عذريٌّ حليف الأنصار، وتقدَّم أنَّ الغلام المُعتَق عن دُبر يقال له: يعقوب، وقد صرَّح بهما مسلم في «صحيحه» في (الزَّكاة).
قوله: (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ [9]): قال الدِّمياطيُّ: نعيم بن عبد الله بن أُسيد بن عبد عوف بن عَبيد بن عَويج بن عديِّ بن كعب، أسلم قديمًا بعد عشرة أنفس، وكان يكتم إسلامه، ومنعه قومه من الهجرة؛ لشرفه فيهم، وكانت هجرته عام خيبر، وقيل: أقام بمكَّة حتَّى الفتح، قُتِل بأجنادين، وقيل: باليرموك، وكان يُسمَّى نُعيمٌ النَّحَّامَ؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «سمعت لنُعيم نحمة في الجنَّة»، والنَّحمة: السَّعلة، وقيل: التَّنحنُح، انتهى [10].
[ج 1 ص 541]
قوله: (بِكَذَا وَكَذَا): هو ثمان مئة درهم، كما جاء في «صحيح مسلم»، وفي «أبي داود»: (بسبع مئة أو تسع مئة).
==========
[1] في (ب): (مقدم)، وهو تحريفٌ.
[2] (وكذا تقدَّم): سقط من (ب).
[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الْحُسَيْن).
[4] في هامش (ق): (ابن ذكوان).
[5] في النُّسخ: (الكاف)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[6] في هامش (ق): (اسمه أبو مذكور).
[7] في هامش (ق): (حاشية: معناه: مدبر).
[8] زيد في (ب): (بني).

(1/4141)


[9] في هامش (ق): (نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عبد عوف بن عبيد بن عولج بن عدي بن كعب، أسلم قديمًا بعد عشرة أنفس، وكان يكتم إسلامه، ومنعه قومه من الهجرة؛ لشرفه فيهم، وكانت هجرته عام خيبر، وقيل: أقام بمكة حتى الفتح، قُتل بأجنادين، وقيل: باليرموك، وكان يسمى: نعيم النحام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «سمعت لنعيم نحمة في الجنة»، والنحمة: السعلة، وقيل: التنحنح).
[10] (التَّنحنح، انتهى): سقط من (ب).

(1/4142)


[باب النجش]
قوله: (بَابُ النَّجْشِ): هو بفتح النُّون، وإسكان الجيم _وقال بعضهم عن المطرِّزيِّ: إنَّه قيَّده بتحريكها، ثمَّ قال: ويروى بالسكون، انتهى، وسيأتي في (غزوة بني المصطلق) في حديث الإفك: (النَّجَش) و (النَّجْش) مُطَوَّلًا، (وهل هو بالشِّين المعجمة، أو بالسِّين المهملة) [1]_، وبالشِّين المعجمة؛ وهو أن يزيد في سلعة، لا لرغبةٍ إلَّا ليخدع غيره.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى): قال الدِّمياطيُّ: عبد الله بن أبي أوفى: علقمة بن خالد بن الحارث بن أَسِيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى، سكن الكوفة، ومات بها سنة (86 هـ)، وهو آخر مَن مات بها مِن الصَّحابة، له ولأبيه ولأخيه زيد صحبةٌ، انتهى، وقوله: (وهو آخر ... ) إلى آخر المسألة: هذا هو القول الأصحُّ، وذكر ابن المَدينيِّ: أنَّ آخر الصحابة موتًا بالكوفة: أبو جُحَيْفَة، والأوَّل أصحُّ، لكن بقي النظر بين ابن أبي أوفى وعَمرو بن حريث، فإنَّه أيضًا [2] مات بالكوفة، وإن كان عمرو بن حُرَيث تُوفِّيَ سنة خمس وثمانين؛ فقد تأخَّر ابن أبي أوفى بعده، وإن كان تُوفِّيَ سنة ثمان وتسعين _كما رواه الخطيب في «المتَّفِق والمفترِق» عن مُحَمَّد بن الحسن الزعفرانيِّ [3]_؛ فيكون عَمرو آخرهم [4] موتًا بها، والله أعلم.

(1/4143)


[باب بيع الغرر وحبل الحبلة]
قوله: (وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ): هو بالحاء المهملة المفتوحة فيهما، وقيل: في الأوَّل بسكون الموحَّدة، والفتح أبين فيهما، وهو مصدر: حبِلت تحبَل حبْلًا، وهو اسم للجنين أيضًا، وقد فسَّره ابن عمر في الحديث؛ فانظره.
==========
[ج 1 ص 542]

(1/4144)


[حديث: أن رسول الله نهى عن بيع حبل الحبلة]
2143# قوله: (إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ): (تُنتَج الناَّقة): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (النَّاقةُ): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، وكذا (تُنْتَجُ) الثانية، وقد تقدَّم.
==========
[ج 1 ص 542]

(1/4145)


[باب بيع الملامسة]
(بَابُ بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ) ... إلى (بَاب مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الأَمْصَار [1]) ... إلى آخر الترجمة
قوله: (باب بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ): يأتي [2] تفسيره [3] في الحديث نفسه.
==========
[1] في (ج): (الأنصار)، وهي مروية كما سيذكره في بابه.
[2] في (ب) و (ج): (بان).
[3] في (ب): (يسرة)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 542]

(1/4146)


[حديث: أن رسول الله نهى عن المنابذة]
2144# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ عُفَيرًا بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وهو سعيد بن كَثِير بن عُفَير، وكذا تقدَّم (اللَّيْثُ) أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، وكذا تقدَّم (عُقَيْلٌ) أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا تقدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ [1]): قال الدِّمياطيُّ: عامر بن سعد بن أبي وقَّاص مالك، أخو إبراهيم، وإسحاق، وعمر، ومصعب، وموسى، ومُحَمَّد، وإسماعيل، وإسحاق [الأصغر]، وعبد الله الأكبر والأصغر، وعمير الأكبر والأصغر، وعبد الرَّحمن، وستَّ عشرةَ أختًا، مات سنة أربع ومئة [2]، وقيل: ثلاث، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: وعامر بن سعد: هو ابن أبي وقَّاص، له أربعة عشر أخًا، وستَّ عشرة أختًا؛ منهنَّ: عائشة، انتهى، والذين عدَّدهم [3] الدِّمياطيُّ ثلاثةَ [4] عشرَ، فما أدري شيخنا أخذ من الدِّمياطيِّ _وهو الظَّاهر_ فغلط في العدد، أو اطَّلع على زيادة، والله أعلم، وقد عدَّدهم الرَّشيد العطَّار في «غرره» سبعة، ونُقِل عن أبي زرعة السبعة الذين ذكرهم الرَّشيد، قال: وزاد واحدًا؛ فذكره، انتهى، وقد عدَّدهم ابن الجوزيِّ في «تلقيحه» في أوَّله ستَّةً وثلاثين ولدًا [5] من بين ذكر وأنثى، وسمَّاهم فيه، والله أعلم، وقد تقدَّم (أَبُو سَعِيد الخدريُّ [6]) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الصَّحابيُّ رضي الله عنه مُتَرجَمًا.

(1/4147)


[حديث: نهي عن لبستين: أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد]
2145# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، تقدَّم، وكذا تقدَّم (أيُّوب) أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا تقدَّم (مُحَمَّد) أنَّه ابن سيرين الإمام، وتقدَّم الكلام على بني سيرين كم هم [1]، وكذا (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (نُهِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وقد تقدَّم أنَّه مرفوع على الصَّحيح، وتقدَّم ما فيه، وقول مَن قال: إنَّ الخلاف مختصٌّ بغير الصِّدِّيق، أمَّا إذا قال الصِّدِّيق: أُمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا؛ فإنَّه يكون مرفوعًا بلا خلاف، وهذا حسن [2]، والله أعلم.
قوله: (ثمَّ يَرْفَعهُ): يجوز نصب (يرفع)، ورفعه [3]، وإعرابهما ظاهر.
قوله: (وعنْ بَيْعَتَيْنِ): تقدَّم أنَّ البَيعة؛ بالفتح، وأنَّ بعضهم ضبطها بالكسر، وقال: إنَّها الهيئة، وقال هنا: الوجه الكسر.
قوله: (اللِّماسِ وَالنِّبَاذِ)؛ أمَّا (اللِّماس)؛ فهو بيع الملامسة، وقد فُسِّر [4] في الحديث قبله، وأمَّا (النِّبَاذ)؛ فهو بكسر النُّون، وهو المنابذة، وقد تقدَّم تفسيرها في الحديث الذي قبل هذا، وهما معروفان.
==========
[1] في النُّسخ: (هو)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[2] في (ب): (أحسن).
[3] في (ب): (ونصبه)، وليس بصحيحٍ.
[4] في (ج): (فسرها).
[ج 1 ص 542]

(1/4148)


[باب بيع المنابذة]

(1/4149)


[حديث: أن رسول الله نهى عن الملامسة والمنابذة]
2146# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك، وكذا تقدَّم أنَّ (مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ) بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة، وكذا تقدَّم (أَبُو الزِّنَادِ) أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.
وقوله فيه: (وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ): هذه الواو لا بدَّ منها، وذلك لأنَّ مالكًا رواه عن مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان وعن أبي الزِّناد؛ كلاهما عن الأعرج، فإن حُذِفتِ الواو؛ بقي مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان يرويه عن أبي الزِّناد، وإنَّما هو رفيقه في روايته عن الأعرج، لكن قد يقال: لو حَذَف (عن) وأبقى الواو؛ بقي الكلام مُنتظَمًا صحيحًا، وقد ظهر لي في الجواب عنه أنَّه لو فعل ذلك؛ لكان يكون مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان وأبو الزِّناد روياه جملة عن الأعرج، وليس كذلك؛ بل روياه مُتفرِّقَين عن الأعرج، والله أعلم، وقد تقدَّم أنَّ (الأَعْرَج) عبد الرَّحمن بن هرمز مُتَرجَمًا، وكذا تقدَّم (أبو هريرة) عبد الرَّحمن بن صخر مرارًا.
==========
[ج 1 ص 542]

(1/4150)


[حديث: نهى النبي عن لبستين وعن بيعتين الملامسة والمنابذة]
2147# قوله: (حَدَّثَنِي عَيَّاشُ [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم أنَّ هذا (عيَّاش)؛ بالمثنَّاة تحت، والشِّين المعجمة، وهو ابن الوليد، وكذا هو منسوب في نسخة في هامش أصلنا، وقد تقدَّم مرَّات أنَّ عياش بن الوليد الرَّقام هذا كلَّما جاء عيَّاش يُحدِّث عنه البخاريُّ؛ فهو هذا إلَّا في ثلاثة أمكنة [2] ذكرتها، فإنَّه عبَّاس _بالموحَّدة، والسِّين المهملة_ ابن الوليد النَّرسيُّ [3].
قال الدِّمياطيُّ في الرَّقام: البصريُّ مات سنة (226 هـ)، ومثله: عيَّاش بن عبَّاس القِتْبانيُّ [4]، [اتَّفقا عليه، ومَن عداهما: عبَّاس بالمهملة؛ منهم: عبَّاس بن الوليد النَّرسيُّ، انتهى، فقوله: (اتَّفقا عليه): لا يصحُّ في القِتبانيِّ، ولا في ابن الوليد الرَّقام، وعبارته تتناول القِتبانيَّ] [5] ولا تتناول الأوَّل؛ لأنَّ الرَّقام المُحدَّث عنه في «البخاريِّ» الذي حدَّث عن عبد الأعلى، روى له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة» فقط، وأمَّا القِتبانيُّ؛ فإنَّ مسلمًا والأربعة أخرجوا له، ولم يُخرِّج له البخاريُّ شيئًا في «الصَّحيح»، وإنَّما أخرج له في كتاب «القراءة خلف الإمام»، ولم يُردِ الدِّمياطيُّ هذا بالكليَّة؛ لأنَّ هذه الكتب إنَّما أضافها إلى الكتب السِّتَّة المِزِّيُّ الحافظ جمال [6] الدين بعد الدِّمياطيِّ، ورقم عليها؛ فاعلمه، ويُصحِّح ذلك أنَّه يأتي قريبًا في الهامش الذي لأصلنا من كلام الدِّمياطيِّ: أنَّ مسلمًا انفرد بعبد الوهَّاب بن عطاء العجليِّ، وقد روى له البخاريُّ في «أفعال العباد»، وهذا يجيء كثيرًا في كلام الدِّمياطيِّ، وتقدَّم أيضًا، وإنَّما ذكرت هذا؛ لأنَّه قد يجيء مَن لا يعرف ذلك فيستفيده، والله أعلم، وتقدَّم أنَّ (عَبْد الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ؛ بالسِّين المهملة، وتقدَّم مُتَرجَمًا.
[ج 1 ص 542]
قوله: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، وتقدَّم أنَّ (الزُّهْرِي): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتقدَّم (أَبُو سَعِيْد) أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.
قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): هو بكسر اللَّام، وهما اشتمال [7] الصَّمَّاء والاحتباء في ثوب واحد، وقد تقدَّمتا [8].
==========

(1/4151)


[1] في هامش (ق): (البصريُّ، مات سنة «226 هـ»، ومثله: عيَّاش بن عبَّاس القِتْباني، اتفقا عليه، ومن عدا عياش: عبَّاس؛ بالسِّين المهملة؛ منهم: عبَّاس بن الوليد النرسي).
[2] في (ب): (أمثلة).
[3] في (ب): (البرسي)، وهو تصحيفٌ، وسقط من (ج).
[4] في (ب): (القتياني)، وهو تصحيفٌ، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[6] في (ب): (كمال)، وهو تحريفٌ.
[7] في (ب): (استحال)، وهو تحريفٌ.
[8] في (ب): (تقدَّما)، وفي (ج): (تقدَّم).

(1/4152)


[باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة]
قوله: (أَلَّا يُحَفِّلَ الإِبِلَ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثانيه، وكسر الفاء المشدَّدة، و (الإبلَ): منصوب مفعول، والفاعل: الشَّخص، (وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ): منصوبان بالعطف، وكذا (كُل) بالنَّصب عطفًا على ما قبله.
قوله: (مُحَفَّلَةٍ): هو بتشديد الفاء المفتوحة: اسم مفعول.
قوله: (وَالْمُصَرَّاةُ): هي بضمِّ الميم، وفتح الصَّاد المهملة، وتشديد الرَّاء، ثمَّ تاء التأنيث، مرفوع، ورفعه معروف [1].
قوله: (صُرِّيَ لَبَنُهَا [2]،وَحُقِنَ [3] وَجُمِعَ): (صُرِّي)؛ بضمِّ الصَّاد، وكسر الرَّاء المشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (حُقن) و (جُمع): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، و (لبنُها): مرفوع نائب مناب الفاعل.
قوله: (فَلَم [4] تُحْلَبْ [5]): (تُحلب) [6]: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.
قوله: (صَرَّيْتُ الْمَاءَ [7]؛ إِذْا حَبَسْتَه): هو بتشديد الرَّاء، والتَّاء: مضمومة؛ تاء المتكلِّم، و (حبستَه): بفتح التَّاء على الخطاب، وهذا ظاهر، قال ابن قرقول: («صرَيت الماء»؛ إذا جمعته، وذكر البخاريُّ: «صرَّيتُ» _يعني الأوَّل بالتَّخفيف، والثاني_ بالتَّشديد، قال ابن قرقول: وهو صحيح أيضًا)، فصريح كلامه أنَّ التَّخفيف أولى.
==========
[1] في (ج): (مرفوع)، ولعلَّه تكرارٌ.
[2] في هامش (ق): (من صري: إذا جمع؛ نظيره: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]، فإنَّه من زكى، وبعضهم يضبطه بفتح التَّاء، من صرَّ، وبعض الرواة يحذف واو الجمع، وتضم لام (الإبل) على ما لم يسم فاعله).
[3] كذا في النُّسخ، وزيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فِيهِ).
[4] في (ب): (فيما)، وليس بصحيح.
[5] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يحلب).
[6] (تحلب): سقط من (ج).
[7] في هامش (ق): (هذا الكلام فيه نظر، وقد ذكرته في غير هذا الموضع).
[ج 1 ص 543]

(1/4153)


[حديث: لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين]
2148# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وتقدَّم (الأَعْرَج) أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ): هذه اللَّفظة ذكرها جماعة؛ فمنهم من أطال، ومنهم من اختصر [1]، قال ابن قرقول: («لا تُصَرُّوا الإبل»: من صَرَّى يُصَرِّي؛ إذا جمع، وهو تفسير مالكٍ، والكافَّةِ من الفقهاء وأهلِ اللُغة، وبعضُ الرُّواة تقول: «تَصُرُّوا [2] الإبل»، وهو خطأ على هذا التَّفسير، لكنَّه يخرج على مَن فسَّره بالرَّبط والشَّدِّ من «صرَّ يصُرُّ»، ويقال فيها: المصرورة، وهو تفسير الشَّافعيِّ لهذه اللَّفظة [3]؛ كأنَّه بحبسه فيها ربطَ [4] أخلافها [5]، وبعضهم يقول: «تَصَرُّوا الإبل»، وهذا أيضًا لا يصحُّ على التَّفسير الآخر من الصَّرِّ، وكان أبو مُحَمَّد بن عتَّاب يقول لنا عند السَّماع: إنَّ أباه كان يقول: اجعلوا أصلكم في هذا الحرف: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]، انتهى، وأصله: «تُصْرِيُوا»، استُثقِلت الضمَّة على الياء، فنُقِلت إلى الرَّاء [6]، ثمَّ حُذِفت؛ لالتقاء السَّاكن، وذكرهما [7] ابن الأثير في «صرى»، وقال في آخر كلامه: فإن كان من الصَّرِّ؛ فهو بفتح التَّاء، وضمِّ الصَّاد، وإن كان من الصَّرْيِ؛ فيكون بضمِّ التَّاء، وفتح الصَّاد، وإنَّما نُهِي عنه؛ لأنَّه غشٌّ وخداع) انتهى، قال شيخنا: وما بعده _أي: بعد (تُصَرُّوا) _ منصوب على أنَّه مفعول، ورُوِيَ رفعه، انتهى.
قوله: (بَعْدَ [8]): أي: بعد التَّصرية، وقيل: بعد العلم بهذا النَّصِّ، وقال الدِّمياطيُّ: روى ابن لهيعة: (بعد أن يحلبها)، قال الدِّمياطيُّ: وبه يصحُّ المعنى، ونقل بعضهم عن الدِّمياطيِّ: كذا رواه ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج، وبه يصحُّ المعنى، وهذا أوضح، والبخاريُّ رواه من جهة اللَّيث [9] عن جعفر بإسقاطها، فأشكل المعنى، لكنَّه رواه آخر الباب عن أبي الزِّناد عن الأعرج، فقال: (بعد أن يحتلبَها [10])، فلا معنًى لاستدراك الحافظ له من جهة ابن لهيعة، فإنَّه ليس من شرط البخاريِّ مع الاستغناء عنه بوجوده [11] في «الصَّحيح»، والله أعلم، انتهى.

(1/4154)


والحاصل: أنَّه اختُلِف عن الأعرج؛ فرواها عنه أبو الزِّناد، ورواه بإسقاطها عنه جعفر بن ربيعة، واختُلِف أيضًا على جعفر بن ربيعة؛ فرواه بإسقاطها اللَّيث، وبإثباتها ابن لهيعة، وما ذكرته في التقدير بعد (بعدُ) أنا؛ أسلمُ وأفهمُ للمعنى، وما قاله الدِّمياطيُّ في فهمه من هذه العبارة نظر، والله أعلم.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ [12] وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): قوله: (ويُذكَر): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهي صيغة تمريض، وذلك لأنَّه لم يثبُت عنده على شرطه، فلهذا مرَّضه، و (أبو صالح): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (مجاهد): هو ابن جبر، تقدَّما، و (الوليد بن رَباح): هو بفتح الرَّاء، وبالموحَّدة، وهو مدنيٌّ، يروي عن أبي هريرة وسهل بن حنيف، وعنه: ابنه مُحَمَّد، ومسلم، وكثير بن زيد، صدوق، أخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البخاريُّ كما ترى، وقال الدِّمياطيُّ: الوليد بن رَباح دوسيٌّ، روى له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وموسى بن يسار عمُّ مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، روى له الجماعة إلَّا البخاريَّ، انتهى، ويسار: بالمثنَّاة تحت، وبالسِّين المهملة.
تنبيه: وقع في أصل لنا دمشقيٍّ في الأصل كما ضبطتُه، وفي الهامش بخطِّ ابن المقريزيِّ: (رِياح)، وعليه (نسخة) و (صح)، ولم يذكر ابن ماكولا فيه خلافًا، ولا رأيت أحدًا ذكره بمثنَّاة تحت وكسر الرَّاء، فما في الهامش غريب أو خطأ، والله أعلم.
وتعليق أبي صالح أخرجه مسلم منفردًا [13] به بإسناده إلى يعقوب بن عبد الرَّحمن القارئ عن سُهيل، عن أبيه _وهو أبو صالح_ عن أبي هريرة؛ فذكره.
وتعليق مجاهد قال شيخنا: أخرجه البزَّار، انتهى.
وأمَّا تعليق الوليد بن رَباح [14]؛ فلا أعلم مَن خرَّجه، ولا خرَّجه شيخنا.
وأمَّا تعليق موسى بن يسار؛ فأخرجه مسلم والنَّسائيُّ.
قوله: (صَاعَ تَمْرٍ): (صاع): منصوب على أنَّه مفعول؛ أي: ردَّها وصاع تمر.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ) [15]: (بعضُهم): لعلَّه أراد: قُرَّة؛ هو ابن خالد، وذلك لأنَّ مسلمًا روى مِن طريقه عن مُحَمَّد بن سيرين عن أبي هريرة: (ردَّ معها صاعًا من طعام، لا سمراء)، وفيه أيضًا: (وهو بالخيار ثلاثًا)، وهو أيضًا في «التِّرمذيِّ»، والله أعلم.

(1/4155)


قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ): هذا في «مسلم» و «النَّسائيِّ»، ولعلَّ (بعضهم): أيُّوب، فإنَّهما روياه بإسنادهما إلى ابن عيينة [16]، عن أيُّوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، والله أعلم، ويحتمل أن يكون هشام بن حسَّان، فإنَّ ابن ماجه أخرجه من طريقه عن ابن سيرين، والأوَّل لعلَّه المراد؛ إذ في «ابن ماجه» الذي ذكرته: (ثلاثة أيَّام)، وقد قال البخاريُّ: (ولم يذكر ثلاثًا).
==========
[1] في (ب): (أخصر).
[2] في مصدره: (تُصَرُّ).
[3] في (ب): (اللَّفظ)، والمثبت هو الصَّواب.
[4] في (ب): (ربطًا)، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب) و (ج): (خلافها)، وهو تحريفٌ.
[6] في (ب) و (ج): (الواو)، وهو تحريفٌ.
[7] في (ج): (وذكرها).
[8] في هامش (ق): (وروى ابن لهيعة: بعد أن يحلبها، قال الدِّمياطيّ: وبه يصح المعنى).
[9] في (ب): (الكتب)، وهو تحريفٌ.
[10] في (ب): (نحلتها)، وهو تحريفٌ، وفي (ج): (يحلبها).
[11] في (أ) و (ب): (موجودة).
[12] في هامش (ق): (الوليد بن رَباح دوسيٌّ، روى له أبو داود، والتِّرمذيّ، وابن ماجه، وموسى بن يسار عم محمد بن إسحاق بن يسار، روى له الجماعة إلَّا البخاريّ).
[13] زيد في (ج): (منفردًا)، وهو تكرارٌ.
[14] في (ب): (رياح)، وهو تصحيفٌ.
[15] زيد في هامش (أ): (حاشية: هذا الباقي من تعليقي ابن سيرين)، وبدون علامة تصحيح.
[16] في (ج): (عبيد)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 543]

(1/4156)


[حديث: من اشترى شاة محفلة فردها فليرد معها صاعًا]
2149# قوله: (عَنْ [1] مُعْتَمِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي): (معتمر) هذا: هو معتمر بن سليمان، وقد تقدَّمت ترجمة معتمر، وكذا ترجمة أبيه سليمان بن طرخان، وذكرت أنَّ طرخان مُثلَّث الطَّاء، يكنَّى أبا المعتمر التَّيميَّ نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، ومناقبه جمَّة، تُوفِّيَ سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، وكذا تقدَّم (أَبُو عُثْمَانَ) النَّهديُّ، واسمه عبد الرَّحمن بن ملٍّ، بلغات (مل).
قوله: (أَنْ [2] تُلَقَّى [3] البُيُوعُ): (تُلقَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهو مشدَّد القاف مفتوحة، و (البيوع): مرفوع نائب مناب الفاعل.
==========
[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).
[2] (أن): ليس في (ج).
[3] في (ب): (تتلقى).
[ج 1 ص 543]

(1/4157)


[حديث: لا تلقوا الركبان ولا يبيع بعضكم على بيع بعض .. ]
2150# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وكذا تقدَّم (الأَعْرَجِ) أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تقدَّم (أَبُو هُرَيْرَة) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَلاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)، وكذا (حَاضِرٌ لِبَادٍ): هذا خبر؛ ومعناه: النهي، وفي نسخة في المكانين: (يبع) على النَّهي، وقد تقدَّم تفسير (النَّجَشِ)، وكذا تقدَّم معنى (بيع الحاضر للبادي).
قوله: (وَفِي حَلْبَتِهَا)، وكذا قوله في الحديث: (فَفِي حَلْبَتِهَا): هما بفتح اللَّام، و (الحلْب والحلَب)؛ بفتح اللَّام وسكونها: استخراج [1] ما في الضِّرع من اللَّبن، قاله في «القاموس»، وفي «الصِّحاح»: الحلَب؛ بالتحريك: اللَّبن، والحلَب أيضًا: مصدر حلَب النَّاقة يحلبها حلبًا واحتلبها، وفي أصلنا: (حلَبتها) في الموضعين؛ بفتح اللَّام بالقلم.
==========
[1] في (ج): (إسراح)، وهو تحريفٌ.
[ج 1 ص 543]

(1/4158)


[باب: إن شاء رد المصراة وفى حلبتها صاع من تمر]

(1/4159)


[حديث: من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها]
2151# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَمْرٍو [1]): قال الدِّمياطيُّ: (مُحَمَّد بن عَمرو أبو عبد الله البلخيُّ) انتهى، يقال له: السَّوَّاق والسُّويقيُّ، عن الدَّراورديِّ،
[ج 1 ص 543]
وحاتم بن إسماعيل، وهُشَيم، وابن وهب، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وأبو زرعة، وغيرهما، تُوفِّيَ في ربيع الآخر سنة (236 هـ)، قال أبو زرعة: شيخ صالح، قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: روى البخاريُّ في (بَاب المُصرَّاة): عن مُحَمَّد بن عَمرو عن مكِّيِّ بن إبراهيم؛ فذكر هذا الحديث، فقال الحاكم والكلاباذيُّ: هو السَّوَّاق، وقال ابن عديٍّ: مُحَمَّد بن عَمرو: يشبه أن يكون مروزيًّا، وأهل العراق يقولونه: مُحَمَّد بن عمرويه، وقال أبو أحمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يوسف الجرجانيُّ صاحب الفربريِّ: هو مُحَمَّد بن عَمرو بن جَبَلة، وقال الدَّارقطنيُّ: مُحَمَّد بن عَمرو زُنَيج [2]، انتهى، وقال الجيَّانيُّ: (قال أبو نصر والحاكم: هو مُحَمَّد بن عمرو السُّويقيُّ، ونسبه الأصيليُّ: عن أبي أحمد مُحَمَّد بن عمرو بن جبلة، وهو ابن أبي روَّاد، وذكر [3] الدَّارقطنيُّ: مُحَمَّد بن عمرو أبا غسَّان زُنَيج) انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ): قال الدِّمياطيُّ: والمكِّيُّ: أبو السَّكن، ابن إبراهيم بن [4] بشير بن فرقد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و (زِيَادٌ): ابن سعد البلخيُّ، و (ثَابِت): بن عياض الأحنف الأعرج، مولى عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب القرشيِّ العدويِّ، انتهى.
قوله: (فَفِي حَلْبَتِهَا): تقدَّم أنَّه بفتح اللَّام [5] وإسكانها.
==========
[1] في هامش (ق): (محمد بن عَمرو أبو عبد الله البلخيُّ، والمكيُّ: أبو السكن ابن إبراهيم بن بَشير بن فرقد، وابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وزياد بن سعد البلخي، وثابت بن عياض الأحنف الأعرج، مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب القرشي العدوي).
[2] في (ب): (زنيخ)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[3] في (ب): (وكذا).
[4] في (ب): (و)، وليس بصحيحٍ.
[5] في (ج): (الحاء)، وليس بصحيحٍ.

(1/4160)


[باب بيع العبد الزاني]
قوله: (وَقَالَ شُرَيْحٌ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، هو ابن الحارث القاضي أبو أميَّة الكنديُّ، ولَّاه عمر قضاء الكوفة، تقدَّم بعض ترجمته، أخرج له النَّسائيُّ.

(1/4161)


[حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها]
2152# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام الجواد، وتقدَّم (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ)، وأنَّه بضمِّ الموحَّدة وفتحها.
قوله: (وَلاَ يُثَرِّبْ): التَّثريب: التوبيخ والتَّعيير بالذنب.
==========
[ج 1 ص 544]

(1/4162)


[حديث: إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فبيعوها]
2153# 2154# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله [1]، ابن أخت الإمام مالك شيخ الإسلام، وتقدَّم (ابْن شِهَابٍ) أنَّه الزُّهريُّ، أحد الأعلام، شيخ الحجاز، وتقدَّم (عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ اللهِ) أنَّه ابن عتبة بن مسعود الفقيه الأعمى، عن عائشة، وأبي هريرة، وابن عبَّاس، وعنه: الزُّهريُّ، وأبو الزِّناد، وصالح بن كيسان، وخلق، وهو معلِّم عمر بن عبد العزيز، كان من بحور العلم، مات سنة (98 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو أحد الفقهاء السبعة، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولكن بَعُدَ العهدُ به.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (الجهنيُّ، مات سنة ثمان وسبعين بالمدينة) انتهى، وله خمس وثمانون سنة، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه.
قوله: (وَلَمْ تُحْصِنْ): هو بكسر الصَّاد وفتحها، قال الخطَّابيُّ: ذكر الإحصان فيه غريب مُشكِل جدًّا، وله وجهان؛ أحدهما: أن يكون معناه: العتق، والآخر: أن يريد به النِّكاح، وظاهره [2] يُوجِب الرَّجم عليها إذا أحصنت، والإجماع على خلافه؛ بدليل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25]، ونقل البغويُّ عن الأكثرين تفسير الإحصان بالإسلام.
قوله: (وَلَوْ بِضَفِيرٍ): قال مالك: الحبل، أراد التقليل للثَّمن، وقد جاء [3] مُفسَّرًا: (ولو بحبل [4]).
==========
[1] (عبد الله): سقط من (ج).
[2] زيد في (ج): (وظاهره)، وهو تكرارٌ.
[3] زيد في (ج): (وقد جاء)، وهو تكرارٌ.
[4] في (ب): (حبل).
[ج 1 ص 544]

(1/4163)


[باب البيع والشراء مع النساء]
قوله: (باب الشِّرَاءِ): تقدَّم أنَّه يُمدُّ ويُقصَر، وهو في أصلنا هنا: ممدود [1].
==========
[1] في (ب): (ممدودة).
[ج 1 ص 544]

(1/4164)


[حديث: اشتري وأعتقي فإن الولاء لمن أعتق]
2155# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تقدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (وَأَعْتِقِي): هو بفتح الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.
قوله: (أمَّا بَعْد): تقدَّم الكلام على إعرابها وأوَّلِ مَن [1] قالها في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ): اختلفوا ما المراد به؛ فقيل: قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال القاضي عياض رحمه الله: وعندي أنَّه [2] قوله صَلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّمَ: «الولاء لمن أعتق»، والله أعلم.
==========
[1] (من): سقط من (ج).
[2] في (ج): (أنَّ)، والمثبت هو الصَّواب.
[ج 1 ص 544]

(1/4165)


[حديث: إنما الولاء لمن أعتق]
2156# قوله: (حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ): قال الدِّمياطيُّ: اسم أبي عبَّاد حسَّانُ، فهو حسَّان بن حسَّان البصريُّ، سكن مكَّة، ومات سنة (213 هـ)، قاله الكلاباذيُّ وغيره، وقال غيره: حسَّان بن حسَّان بن أبي عبَّاد، وانفرد به البخاريُّ، وقال فيه أبو حاتم: مُنكَر الحديث، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام [1] بن يحيى العَوْذيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (بَرِيرَةَ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها [2] بنت صفوان، وكانت قبطيَّة، كذا قال بعض مشايخي، وقال الذَّهبيُّ: حبشيَّة [3] اشترتها عائشة من بني ذُهْل، وفي كلام غيره أنَّها كانت لعتبة بن أبي لهب، فاشترتها عائشة؛ كالمِزِّيِّ، والذَّهبيِّ، (وسأذكر لمن كانت مُطَوَّلًا في باطنها؛ فانظره) [4]، يقال: إنَّ عبد الملك بن مروان سمع منها كما في ترجمته، روى لها النَّسائيُّ: روى يزيد بن رومان، عن عروة، عن بريرة، قالت: (كان فيَّ ثلاث سُنَن ... )؛ الحديث، قال النَّسائيُّ: هذا خطأ.
قوله: (قُلْتُ لِنَافِعٍ: حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا؟ فَقَالَ: مَا يُدْرِينِي؟): سيأتي الكلام في زوجها، وأنَّ اسمه مغيث، وقيل: برير، وقيل: مِقْسَم، وقد جزم ابن عبَّاس بأنَّ زوجها: عبد، وسيأتي [5] مُطَوَّلًا إن شاء الله تعالى.
==========
[1] زيد في (أ): (هو همَّام)، وهو تكرارٌ.
[2] في (أ) و (ب): (وأنَّه).
[3] في (ب): (حبيبة)، وهو تحريفٌ.
[4] ما بين قوسين ضرب عليه في (ب).
[5] في (ب): (زوجها غندر، سيأتي).
[ج 1 ص 544]

(1/4166)


[باب: هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟]
قوله: (بَابٌ هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟): تقدَّم تفسيره قبل هذا بيسير؛ فانظره.
قوله: (وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.

(1/4167)


[حديث: بايعت رسول الله على شهادة أن لا إله إلا الله]
2157# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وتقدَّم مُتَرجَمًا [1]، وتقدَّم أنَّ (سُفْيَان) ابن عيينة، وذكرت مستندي في ذلك فيما مضى قريبًا وبعيدًا، وكذا تقدَّم (إِسْمَاعِيل) أنَّه ابن أبي خالد، وكذا (قَيْس) أنَّه ابن أبي حازم، وكذا (جَرِير) أنَّه ابن عبد الله البَجليُّ الصَّحابيُّ.

(1/4168)


[حديث: لا تلقوا الركبان ولا يبيع حاضر لباد]
2158# قوله: (حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّد): قال الدِّمياطيُّ: (الصَّلت بن مُحَمَّد: انفرد به البخاريُّ، والصَّلت بن مسعود انفرد به مسلم) انتهى؛ يعني: أنَّ كلَّ واحد منهما انفرد به عن رفيقه، لا عن رفقته، وذلك لأنَّ الصَّلت بن مُحَمَّد أخرج له النَّسائيُّ أيضًا، نعم؛ ابن مسعود انفرد به مسلم عن الجماعة كلِّهم.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا تقدَّم مرارًا أنَّه ابن زياد، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا (مَعْمَرٌ) تقدَّم أنَّه بفتح الميمين ساكن العين، وأنَّه ابن راشد.
قوله: (وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ): تقدَّم أنَّ هذا خبر؛ ومعناه: النَّهي، وهو أبلغ من النهي فقط، وتقدَّم معنى (بيع الحاضر للبادي).
قوله: (لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا): بسينين مهملتين، هذا ممَّا لا خلاف فيه في الشام، وأمَّا أهل القاهرة ومصر؛ يقولونه بشين معجمة، ثمَّ مهملة، ولقد جادلني فيه بعض الطَّلبة الفضلاء من القاهريِّين، وكشفنا عنه، والسِّمسار: الدَّلال، وأصله: القيِّم بالأمر الحافظُ له [1]، ثمَّ استُعمِل في مُتولِّي البيوع والشراء لغيره، والله أعلم.
[ج 1 ص 544]
==========
[1] (له): سقط من (ج).

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب الحافظ ابن حجر العسقلاني

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب - مؤسسة قرطبة المؤلف الحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمة المؤلف اسم المصنف: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلا...