روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الاثنين، 13 يونيو 2022

مجلد19. و20. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

  مجلد19. و20. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

19. مجلد19.التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل
الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: كاد الخيران أن يهلكا]
4845# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ): (يَسَرة): بفتح المثنَّاة تحت، وفتح السين المهملة والراء، ثُمَّ تاء التأنيث، و (جَمِيل): بفتح الجيم، وكسر الميم، تَقَدَّم، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، وأنَّ اسم أبي مُلَيْكَة زهيرٌ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.
قوله: (كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا ... ) إلى أن قال: (قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ): يُعلِمك أنَّ هذا الحديث يرويه ابن أبي مُلَيْكَة عن عبد الله بن الزُّبَير، وبه ظهر اتِّصاله، فإنَّه حكى هذه القصَّة ولم يحضرها، وقد ذكر هذا الحديث البُخاريُّ في (المغازي) و (التفسير) عن عبد الله بن أبي مُلَيْكَة عن ابن الزُّبَير، وهنا و (الاعتصام) (عن ابن أبي مُلَيْكَة: كاد [1] الخيِّران)، وقد أخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن ابن أبي مُلَيْكَة عن ابن الزُّبَير نحوه، وقال: حسنٌ غريبٌ، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مُلَيْكَة مرسلًا، ولم يذكر ابن الزُّبَير، وأخرجه النَّسائيُّ عن ابن أبي مُلَيْكَة عن ابن الزُّبَير، والله أعلم، فإن قال قائل: لعلَّ أبا بكر وعمر حدَّثاه بالقصَّة أو أحدَهما؟ فالجواب: أنَّه لم يسمع منهما، هو يصغر عن ذلك، وقد أرسل عن عمر وعثمان، قاله أبو زرعة.
تنبيهٌ: إذا تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف تَقَدَّم فيه أربعة أقوال؛ أحدها: الحكم لمن وصل، وهو الأظهر الصحيح، والثاني: أنَّ الحكم لمن أرسل، والثالث: الحكم للأكثر، الرابع: الحكم للأحفظ، فإذا وقع الاختلاف من راوٍ واحدٍ ثِقةٍ في المسألتين معًا، فوصَله في وقت وأرسَله في وقت، أو رفعه في وقت ووقفه في وقت؛ فالحكم على الأصحِّ لوصله ورفعه، لا لإرساله ووقفه، هكذا صحَّحه ابن الصلاح، وأمَّا الأصوليُّون؛ فصحَّحوا أنَّ الاعتبار بما وقع منه أكثر، من إرساله أو وقفه، والله أعلم.
قوله: (كَادَ [2] الْخَيِّرَانِ): هو بالخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، وكذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وقال شيخنا: بالخاء المعجمة، ويجوز بالمهملة أيضًا، انتهى؛ يعني: ومع الإهمال بالموحَّدة، وهذا لا بدَّ منه مع الإهمال، والله أعلم.

(1/8764)


قوله: (أَنْ يَهْلِكَا): هو بكسر اللام، وقد تَقَدَّم، وفي أصلنا: (أن يهلكان)؛ بإثبات النون، وعلَّم عليها علامة راويها، وهذه على لغة، وهو إثباته النون مع الناصب، وشاهدها:
~…أَنْ تَقْرأانِ على أسماءَ وَيْحَكما…منِّي السَّلامَ وألَّا تُشْعِرا أحدًا
وفي رواية في أصلنا بحذف النون، وهذه على نكارة.
قوله: (أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا أيضًا: (أبا بكر)، وهذه على لغة القصر، وأمَّا (عمرُ)؛ فإنَّه مرفوع في أصلنا غير منوَّن، وهذا يؤيد أنَّ قوله: (أبا بكر) على لغة القصر، والله أعلم.
قوله: (حِينَ قَدِمَ [3] رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ): تَقَدَّم متى قَدِم، وقد ذكرت رؤوسهم المعروفين؛ فانظره.
قوله: (فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ): تَقَدَّم الكلام على (الأقرع بن حابس)، والمشير به: هو عمر بن الخَطَّاب، وقد تَقَدَّم ذلك مصرَّحًا به في الباب الذي بعد (باب وفد بني تميم)، وسيأتي بُعَيد هذا المكان أيضًا، وفي (التفسير) من «التِّرْمِذيِّ» في (الحجرات): (أنَّ أبا بكر أشار بالأقرع)، وقال: حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مُلَيْكَة مرسلًا، قال شيخنا: قال ابن التين: كان القعقاع أرقَّ من الأقرع؛ فلهذا أشار به أبو بكر.
قوله: (وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ نَافِعٌ: لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ): (نافع): هو ابن عمر المذكور في السند، والرجل الآخر: القعقاع بن معبد بن زرارة، والمشير به: هو أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم مصرَّحًا به في الباب المشار إليه أعلاه، وسيأتي بُعَيد هذا أيضًا، وقد تَقَدَّم من عند السهيليِّ أنَّ القصَّة جرت وأشارا بغير هذين الأميرَين.
قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [4]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ... }؛ الآية [الحجرات: 2]): وهذا الحديث مصرِّح بأنَّ الآية نزلت في ذلك، وعن ابن عيينة: الصحيح: أنَّ سببها كلام جفاة الأعراب، انتهى.
ولقد تكلَّم بعضهم في هذا الحديث فقال: إنَّه ليس بمتَّصل، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الطريق الثانية صرَّحت بأنَّ ابن الزُّبَير هو الذي أخبر ابنَ أبي مُلَيْكَة ذلك، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أعلاه.

(1/8765)


قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ؛ يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ [5]): وهذا هو الصواب، ويدلُّ له: وصفه بـ (الصِّدِّيق)، كما في أصلنا، وكما في بعض النسخ، وفي بعضها حذفه، ولا التفات إلى ما وقع لبعض الشرَّاح فقال: يحتمل أنَّه أراد: أبا بكر عبد الله بن الزُّبَير بن العوام، أو أبا بكر عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، فإنَّ أبا مليكة ذُكِر في الصَّحابة عند أبي عمر وأبي نعيم، وقال أبو عمر: فيه نظرٌ، انتهى ما قاله شيخنا، وفي قوله: (ولم يذكر ذلك عن أبيه؛ يعني: أبا بكر الصِّدِّيق): أنَّ أولاد البنات يُنسَبون إلى جدِّهم، وأنَّه ليس خاصًّا به عَلَيهِ السَّلام، وقد قدَّمتُ ذلك في (براءة).
تنبيهٌ: قال شيخنا في (كتاب الاعتصام) في هذا الحديث: إنَّه روي عن أبي بكر رضي الله عنه مثلُ فعلِ عمرَ، لم يكن بعد ذلك من كلامه لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حتَّى يستفهمه، والله أعلم، انتهى، وقد حكى القاضي عياض في (الباء): ورُوِيَ أنَّ أبا بكر لمَّا نزلت الآية؛ قال: والله يا رسول الله؛ لا أكلِّمك بعدها إلَّا كأخي السِّرَار، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر: وقد روى ابن مردويه من طريق مخارق، عن طارق، عن أبي بكر أنَّه قال ذلك أيضًا، انتهى.
==========
[1] في (أ): (كان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] في (أ): (كان)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عليه).
[4] (تعالى): ليس في «اليونينيَّة»، وفي (ق): (عزَّ وجلَّ).
[5] قوله: (الصدِّيق): ليس في «اليونينيَّة».

(1/8766)


[حديث: اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة]
4846# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، فإنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ): هذا الرجل هو سعد بن معاذ، وقيل: عاصم بن عَديٍّ، وقيل: أبو مسعود عقبةُ بن عمرو، ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابنُ بشكوال في «مبهماته»، وأتى لكلِّ قول بشاهد، انتهى، والشاهد للأوَّل في «مسلم».
تنبيهٌ: ينبغي أن تعلم أنَّ هذه الآية نزلت في بني تميم في المحرَّم سنة تسع، وقد جاؤوا مرَّتين، وكلاهما في سنة تسع، ومات سعد بُعَيد الخندق عَقِب وقعة بني قريظة، وكلاهما في سنة خمس، والله أعلم، فما في «مسلم» فيه نظرٌ.
==========
[ج 2 ص 343]

(1/8767)


(((50))) [سورة {ق}]
قوله: ({فُرُوجٍ} [ق: 6]: فُتُوقٍ، وَاحِدُهَا: فَرْجٌ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء.
قوله: (قُيِّضَ لَهُ): (قُيِّض): بضمِّ القاف، مشدَّدة المثنَّاة تحت المكسورة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: ({مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38]: النَّصَبُ): (النَّصَب): بفتح النون والصاد المهملة، وبالموحَّدة، و (اللُّغوب): مصدرٌ لا جمع، ولهذا فسَّره بمصدر آخرَ، وفي مصدر (لَغِبَ لغوبًا) بضمِّ اللام وفتحها، وفعله كـ (مَنَعَ)، و (سَمِعَ)، و (كَرُم)، وهذه عن اللبليِّ، والله أعلم، وكان ينبغي للبخاريِّ أن يذكر ذلك في (سورة فاطر)، فإنَّه أوَّل مكان وقع فيه ذلك، وقد ذكره كذلك في أوَّل (بدء الخلق).
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {نَضِيدٌ} [ق: 10]: الْكُفُرَّى): هو قول أبي عبيدة في «المجاز» بمعناه.
قوله: (الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامِهِ): تَقَدَّم ضبط (الكُفُرَّى) وما هو في (سورة {حم} السجدة).
قوله: ({وَإِدْبَارَ [1] النُّجُومِ} [الطور: 49]، {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]): الأولى بالكسر، والثانية بالفتح، وقد ذكر البُخاريُّ هنا عن عاصم: أنَّه يفتح التي في (ق)؛ يعني: الثانية في (التفسير)، ويكسر التي في (الطور)؛ يعني: الأولى، ثُمَّ قال: (إنَّهما يُكسَرَان، ويُنصَبَان)، واعلم أنَّ الحِرْمييَن _وهما: نافع وابن كَثِير_ وحمزة كسروا التي في (ق)، والباقون فتحوها، وأمَّا التي في (الطور)؛ فلا أستحضر فيها خلافًا في السبع على ما في «التيسير» و «الشاطبيَّة»: أنَّها بالكسر، والله أعلم، وقد قرأ سالم الجعديُّ، ويعقوب، والمنهال بن عَمرو: بفتح التي في (الطور).
تنبيهٌ: {إِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]: العامَّة: على كسر الهمزة مصدرًا، بخلاف التي في آخر (ق)، فإنَّ الفتح هناك لائقٌ؛ لأنَّه يُراد به السجودَ؛ أي: أعقابه، على أنَّه قد قرأ من ذكرته أعلاه بفتحها هنا؛ أي: أعقاب النجوم وأدبارها إذا غربت، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (في أدبار).
[ج 2 ص 343]

(1/8768)


[{وتقول هل من مزيد}]

(1/8769)


[حديث: يلقى في النار وتقول هل من مزيد]
4848# قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ): هو بفتح الحاء المهملة والراء، والميم مكسورة، ومشدَّد الياء؛ كالنسبة، لكنَّ النسبة إلى الحرم حِرْميٌّ؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، وكذا (امرأة حِرْميَّة)؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، وهذا خلاف القياس، وهو حَرَمْيُّ بن عُمَارة؛ بضمِّ العين، مخفَّف الميم.
قوله: (يُلْقَى فِي النَّارِ): (يُلقَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ): قال ابن قُرقُول في (الجيم مع الموحَّدة): («الجبَّار فيها قدمه»؛ أي: الذي خلقه [1] لها، فكانت تنتظره، وقيل: «الجبَّار» هنا: الله تعالى، و «قدمه»: قومٌ قدَّمهم لها، أو تَقَدَّم في سابق علمه أنَّه سيخلقهم لها كما جاء في «كتاب التوحيد» من «البُخاريِّ»، وأنَّ الله يُنشِئُ للنار من يشاء، فيُلقَون فيها، وأمَّا الجنة؛ فيُنشِئ لها خلقًا، وقيل: معناه: يقهرها بقدرته حتَّى تسكن، يقال: وطئنا بني فلان؛ أي: قهرناهم ذُلًّا)، ثُمَّ تكلَّم على (الجبار)، ثُمَّ على رواية: (رِجله) عوض (قدمه) ... إلى أن قال: وعند أبي ذرٍّ: (حتَّى يضع رِجلَه)، وكذا في كتاب «مسلم» في حديث عبد الرزَّاق ... إلى أن قال: وهذه الرواية تبطل تأويلات المبتدعة،
[ج 2 ص 343]
والجزم في مثل هذه الأحاديث الواردة في صفات الربِّ أن تُمَرَّ كما جاءت، ولا يُتعرَّض لها بتأويلٍ ولا تمثيلٍ، كما بلغنا عن السلف الصالح والصدر الأوَّل، والله أعلم، انتهى.
تنبيهٌ: قوله في النار فيما يأتي: (إِنَّ اللهَ يُنشِئُ لَهَا خَلْقًا [2]): فسأذكر [3] أنَّه وَهَمٌ انقلب على بعض الرواة من (الجنَّة) إلى (النَّار)، والمسألة في صفات الربِّ عزَّ وجلَّ الكلامُ فيها معروفٌ، ومذهبُ السلف، ومذهبُ الخلف، فلا نطوِّل به، وقد ضُعِّفت رواية: (رِجله)، وادَّعى بعضهم أنَّها من تحريف بعض الرواة، وفي ذلك نظرٌ، والله أعلم، وسيأتي لفظ (الرِّجل) قريبًا في هذا «الصحيح».

(1/8770)


قوله: (فَتَقُولُ: قَط قَط): قال ابن قُرقُول: بالتخفيف والسكون، وبالكسر أيضًا؛ أعني: كسر الطاء [4]، وهي رواية عن أبي ذرٍّ، و (قطُّ قطُّ) أيضًا، ويُروى: (قطني قطني)، و (قطي قطي)؛ ومعنى الكلِّ: حسبي وكفاني، وإذا خفَّفت الطاء؛ فتحت القاف، وبمعنى التقليل أيضًا، انتهى، وفي «النِّهاية»: (قَطْ قَطْ)؛ بمعنى: حَسْبُ حَسْبُ، وتكرارها للتَّأكيد، وهي ساكنة الطاء مخفَّفة، ورواه بعضهم: (قطني قطني)؛ أي: حسبي، انتهى، وفيها روايات: فتح القاف وسكون الطاء، وفتح القاف مع كسر الطاء من غير تنوين ومع التنوين، فهذه ثلاث لغات مع فتح القاف، ورابعةٌ بكسرها وسكون الطاء، والله أعلم.

(1/8771)


[حديث: يقال لجهنم: هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد فيضع الرب]
4849# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو سفيان هذا: سعيد بن يحيى بن مهديِّ بن عبد كُلال الواسطيُّ الحذَّاء، انفرد به البُخاريُّ، مات يوم الأربعاء لأربع _وقيل: لسبع_ بقين من شعبان سنة ثنتين ومئتين، وقيل: سنة ثنتين وثمانين ومئة، قدم أبوه مع مسلمة إلى واسط، وكان يُعرَف بالقَصَبيِّ، انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلم، وإلَّا فقد أخرج له أبو داود ووثَّقه، وله ترجمة في «الميزان» و «الكنى»، وأشار إليه في «الأسماء»، وأنَّه متوسِّط الحال، و (عَوْفٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي جميلة الأعرابيُّ، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو ابن سيرين، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (رَفَعَهُ): تَقَدَّم أنَّ القول عن الصحابيِّ: (يرفعه)، أو (يبلُغ به)، أو (روايةً)، أو (يَنميه)؛ أنَّ هذا كلُّه مرفوعٌ؛ مثل: قال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
قوله: (وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ): (وأكثر): بالثاء المثلَّثة، و (يوقفه): كذا في أصلنا وغيرِه، (يوقفه): رُباعيٌّ، والمشهور في اللغة الثلاثيُّ: (يَقِفُه)، قال ابن التين: وقال ابن فارس: يقال للذي يأتي بالشيء ثُمَّ ينزع عنه: قد أوقف، فيحتمل أن يكون أوقفه، ثُمَّ لم يرفعه، فيصحُّ على هذا: (وأكثر ما كان يوقفه)، والله أعلم.
مسألةٌ: إذا وقع الاختلاف من راوٍ واحدٍ ثِقةٍ مثل هذا، فرفعه في وقت، ووقفه في وقت؛ فالحكم على الأصحِّ لرفعه، لا لوقفه، هكذا صحَّحه ابن الصَّلاح، وأمَّا الأصوليُّون؛ فصحَّحوا أنَّ الاعتبار بما وقع منه أكثر، وأمَّا تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف؛ ففيها أربعة أقوال تَقَدَّمت قريبًا وبعيدًا، وأنَّ الأصحَّ أنَّ الحكم لمن وصل أو رفع، والله أعلم.
قوله: (قَدَمَهُ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا، وكذا (قَط قَط).
==========
[ج 2 ص 344]

(1/8772)


[حديث: تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين ... ]
4850# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وقد قدَّمتُ لِمَ قيل له: المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): بإسكان العين، هو ابن راشد، و (هَمَّامٌ): هو ابن مُنَبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ.
قوله: (وَسَقَطُهُمْ): (السَّقَط): بفتح السين المهملة والقاف، وبالطاء المهملة أيضًا، وهو الرديء من كلِّ شيء، وما لا يُعتَدُّ به، وكذلك السُّقَّاط والساقط من الناس، والساقطة: الرجل السَّفِلَة، واللئيم.
قوله: (تَمْتَلِئُ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهرٌ، وكذا الثانية.
قوله: (يَضَعَ رِجْلَهُ): تَقَدَّم الكلام على (قدمه)، و (الرِّجْل): بكسر الراء، وإسكان الجيم، وقد تَقَدَّم كلام ابن قُرقُول في ذلك قريبًا، والمسألة معروفةٌ فلا نطوِّل بها.
قوله: (قَط قَط قَط [1]): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا بلُغَاتِها.
قوله: (وَيُزْوَى): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان الزاي، وفتح الواو، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، معتلٌّ؛ أي: يُضَمُّ ويُجمَع.
قوله: (يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا): (يُنشئ): هو مضموم الأوَّل، مهموز الآخر، وهو رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/8773)


[{وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}]

(1/8774)


[حديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته]
4851# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه الإمام، أحد الأعلام، و (جَرِيرٌ) بعده: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم، تَقَدَّم أنَّه بالحاء المهملة، و (جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو البجليُّ، تَقَدَّم الكلُّ.
قوله: (لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه.
==========
[ج 2 ص 344]

(1/8775)


[حديث: أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها]
4852# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو آدم بن أبي إياس العسقلانيُّ، و (وَرْقَاءُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الواو، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ فاء، وممدود الآخر، وهو ابن عمر اليشكريُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق [1].
==========
[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة على الحديث (4851)، بعد قوله: (وهو رباعيٌّ، وهذا ظاهر).
[ج 2 ص 344]

(1/8776)


(((51))) [{والذاريات}]
قوله: (قَالَ عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن أبي طالب، أسند عبد الرزَّاق عن مَعْمَر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل: أنَّ ابن الكوَّاء سأل عليًّا رضي الله [عنه] عن ذلك، فقال: ({الذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1]: الرياح، و {الْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2]: السحاب، و {الْجَارِيَاتِ يُسْرًا} [الذاريات: 3]: السفن، و {الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 4]: الملائكة)، قال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يتعقَّبه الذهبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم.
قوله: (إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ): هو بكسر الدال المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (لَذُو سَعَةٍ): هو بفتح السين، وهذا معروفٌ.
قوله: (حُلْوٌ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وهذا معروفٌ.
قوله: (فَفَعَلَ بَعْضُهُم [1]، وَتَرَكَ بَعْضٌ): أي: بقَدَر، قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: رواه ابن جرير من طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس بمعناه.
قوله: (وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ الْقَدَرِ): وهذا دليل على إمامة البُخاريِّ في علم الكلام، وذُكِر للآية تأويلاتٌ؛ أحدها: أنَّ اللفظ عامٌّ، والمراد خاصٌّ؛ وهم أهل السعادة، وكلٌّ مُيَسَّر لِمَا خُلِق له، ثانيها: خلقهم مُعَدِّين للعبادة؛ كما تقول: البقرة مخلوقة للحرث، وقد يكون فيها ما لا يحرث، والله أعلم.
قوله: (مِنَ السِّيمَا): تَقَدَّم أنَّها بالقصر، وكذا هي في القرآن، قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]، وقد تجيء (السيماء) و (السيمياء) أيضًا ممدودَين.
قوله: ({قُتِلَ الإِنْسَانُ} [عبس: 17]: لُعِنَ) [2]: كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وليس ذلك في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعلى تقدير ثبوت ذلك؛ فذلك في (سورة عبس)، ليس في هذه.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بعضٌ).
[2] هذا القول ثابت في رواية أبي ذرٍّ، وليس في رواية «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 344]

(1/8777)


(((52))) [{والطور}]
قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الطُّورِ} [الطور: 1]: الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ): أُنكِر ذلك عليه، إلَّا أنْ يريدَ: وافق لغةَ العرب لغةُ السُّريانيَّة، وكذا الكلام في كلِّ ما وقع في «البُخاريِّ» من هذا النوع، والله أعلم.
قوله: ({الْمَسْجُورِ} [الطور: 6]: الْمُوقَدِ): هو بضمِّ الميم، وفتح القاف، قال ابن قُرقُول: («الموقَد»؛ يعني: بالدال: كذا لجميعهم، ولأبي زيد عند الأصيليِّ: «الموقَر»؛ بالراء، وفسَّره بعضهم: المملوء، والقولان معروفان، مجاهدٌ يقول: (الموقَر) بالراء، وقيل: المملوء)، انتهى.
تنبيهٌ: ذكر الصغانيُّ أنَّ {الْمَسْجُورِ}: المملوء والفارغ، من الأضداد، والمراد هنا: المملوء، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَمُورُ} [الطور: 9]: تَدُورُ): قال بعض حفَّاظ العصر: هو قول مجاهد، انتهى، وفي السورة: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَتْنَاهُمْ} [الطور: 21]: نَقَصْنَا، وَقَالَ غَيرُهُ: {تَمُورُ}: تَدُورُ)، انتهى، وهذا _كما ترى_ القائل غير مجاهد، وفي «تفسير الثعلبيِّ»: {تَمُورُ}: تدور، هذا قاله ابن عبَّاس، انتهى.
قوله: ({كِسَفًا} [الطور: 44]: قِطَعًا [1]): كذا في أصلنا بفتح السين كانت ثُمَّ كُشِطَت، وكأنَّ الكشط مُحدَثٌ، و (قِطَعًا): بكسر القاف، وفتح الطاء، كذا في أصلنا، وهذا يدلُّ على أنَّه {كِسَفًا}؛ بفتح السين: جمعٌ، حتَّى فسَّره بالجمع في قوله: (قِطَعًا)، ولو أراد {كِسْفًا}: بإسكان السين مفردًا؛ لقال: قطعة، وفيه بُعدٌ؛
[ج 2 ص 344]

(1/8778)


لأنَّه تعالى وصفه بمفرد، فقال: {سَاقِطًا} [الطور: 44]، فلمَّا وصفه البُخاريُّ بالجمع؛ عُلِم أنَّه أراد الجمع في {كِسَفًا}، وهذا تفسير لقراءة شاذَّة، وإلا؛ ففي السبعة ليس فيها شيءٌ، إنَّما الذي في السبعة الإفراد فقط، والظاهر أنَّ بعض الناس لمَّا لم ير فيها شيئًا في السبعة؛ كَشَطَ فتحة السين في {كِسَفًا} في أصلنا، والله أعلم، وقد نظرت فلم أرَ فيها شيئًا في الشواذِّ فيما وقفت عليه، ثُمَّ إنِّي وقفت على نسخة صحيحة مصريَّة فرأيت فيها: ({كِسْفًا}: قِطْعًا)، وهذه موافقة، وقال شيخنا في «شرحه»: ({كِسَفًا}: قِطَعًا، ويقال [2]: قطعة، جمعٌ [3]، وهو جمع «كِسْفَة»؛ كقِرْبَة وقِرَبٍ، ومن قرأ بالسكون على التوحيد؛ فجمعه: أكساف وكسوف، وهو واحد، ويجوز أن يكون جمع «كِسْف»؛ كسِدرة وسِدْر)، وهذا يؤيِّد ما كان في أصلنا، والله أعلم، وكذا رأيت بعضهم قال هذا على فتح السين، ومن قرأ بالسكون؛ فعلى التوحيد، جمعه: كسوف وأكساف، انتهى.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ} [الطور: 23]: يَتَعَاطَوْنَ): هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، قاله بعض حفَّاظ العصر، انتهى.

(1/8779)


[حديث أم سلمة: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.]
4853# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ): (زينب) هذه: ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهي بنت أمِّ سلمة هندِ بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، وأبوها: عبد الله بن عبد الأسد، تَقَدَّمت ببعض ترجمة، رضي الله عنها، وأمُّها أمُّ سلمة تَقَدَّمتُ، وأنَّها آخر الأزواج موتًا.
==========
[ج 2 ص 345]

(1/8780)


[حديث جبير: سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور]
4854# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة.
قوله: (حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ): لا أدري مَن حدَّثه به عن الزُّهريِّ، ثُمَّ ذكر بعده الحديث الذي سمعه من الزُّهريِّ، وهو الحُجَّة، وليس في الذي حدَّثوه عن الزُّهريِّ حجَّةٌ؛ للجهل بمَن حدَّثه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 345]

(1/8781)


(((53))) [{والنجم}]
قوله: ({ضِيزَى} [النجم: 22]: عَوْجَاءُ): هو بالمدِّ، قال الجوهريُّ: جائرة، وهي (فُعلى)؛ مثل: طُوبى وحُبلى، وإنَّما كسروا الضاد؛ لتسلَمَ الياءُ؛ لأنَّه ليس في كلام العرب (فِعلى) صفة، وإنَّما هو من بناء الأسماء، كـ «الشِّعرى» و «الدِّفلى»، قال الفرَّاء: وبعض العرب يقول: ضَأَزَني، وضؤزى؛ بالهمز، وحكى أبو حاتم عن أبي زيد: أنَّه سمع العرب تهمز ضِئْزَى، انتهى.
قوله: (مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ): (مِرْزَم): بكسر الميم، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ ميم، و (الجوزاء): بالمدِّ، وهي نجمٌ، يقال: إنَّها تعترض في جوْز السماء، وجوز السماء: وسطها، والمرزمان: مرزما الشِّعرَيين، وهما نجمان، أحدهما في الشِّعْرى، والآخر في الذِّراع، وأمَّا الشِّعْرَى؛ ففي «الصحاح»: أنَّها الكوكب الذي يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدَّة الحرِّ، وهما الشِّعرَيان؛ الشعرى: العَبور التي في الجوزاء، والشعرى: الغُميصاء الذي في الذراع، يزعم العرب أنَّهما أختا سهيل، انتهى، والمراد بالتي في القرآن: كوكبٌ خلف الجوزاء، قيل: إنَّه العَبور، والأخرى الغُميصاء، يقال: كانتا مع سهيل، فانجرَّ سهيلٌ نحو اليمن، فتبعته العَبور حتَّى عبرتِ المجرَّة، وتمكَّثت الغُميصاء حتَّى غُمِصت عيناها، وكانت خزاعة تعبد العَبور، أبدعها أبو كبشة، ويقال: إنَّها تقطع السماء طولًا، وغيرَها عرضًا.
قوله: ({سَامِدُونَ} [النجم: 61]: الْبَرْطَمَةُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ اللَّهْوِ [1]): كذا في بعض النسخ، وهذه الزيادة: (وهو ضربٌ من اللهو) سيأتي الكلام عليها، و (البَرْطَمَة): بباء مفردة مفتوحة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ ميم مفتوحة أيضًا، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (البَرْطَمَة): كذا لجمهورهم بباء مفتوحة؛ يعني: وبالميم، قال: وعند الأصيليِّ والقابسيِّ وعبدوس: (البرطنة)؛ بالنون، وفسَّره الحمُّوي في الأصل: بأنَّه ضرب من اللهو، وهو معنى قول عكرمة في الأمِّ: (يتغنَّون)، وفي «النِّهاية» في حديث مجاهدٍ في قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61]، قال: هي البرطمة، وهو الانتفاخ من الغضب، ورجل مبرطِم: متكبِّر، وقيل: مقطِّبٌ متغضِّبٌ، والسامد: الرافع رأسه تكبُّرًا، انتهى، وكذا في «الصحاح»، ولفظه: والبرطمة: الانتفاخ من الغضب، وتبرطم الرجل؛ إذا تغضَّب من كلام، انتهى.

(1/8782)


قوله: (يَتَغَنَّوْنَ، بِالْحِمْيَرِيَّةِ): (يتغنَّون): هو من الغناء؛ بالمدِّ، و (الحميريَّة): لغة حِمْيَر، وقد تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هذا هو فيما يظهر أنَّه النخعيُّ، وذلك أنَّ شيخنا لمَّا خرَّج هذا الأثر؛ قال: أخرجه عبد بن حميد، عن عمرو بن عون، عن هُشَيم، عن مغيرة عنه، فنظرت ترجمة هُشَيم بن مِقسَم فرأيته يروي عن النخعيِّ، والله أعلم.
قوله: ({أَفَتُمَارُونَهُ} [النجم: 12]: أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ: {أفتَمْرُونَه}؛ يَعْنِي: أَفَتَجْحَدُونَهُ): هما قراءتان، قرأ حمزة والكسائيُّ: {أفتَمْرونه}؛ بفتح التاء، وإسكان الميم، والباقون: بضمِّ التاء، وفتح الميم، وألف بعدها.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام.
==========
[1] قوله: (وهو ضرب من اللهو): ليس «اليونينيَّة»، وعليه في (ق) إشارة الزيادة.
[ج 2 ص 345]

(1/8783)


[حديث: من حدثك أن محمدًا رأى ربه فقد كذب]
4855# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (الأعراف)؛ فانظره إن أردته، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، ووقع في أصلنا: (عن إسماعيل، عن أبي خالد)، وهو خطأ، والصواب: إبدال (ابن) بـ (عن)، و (عَامِرٌ): هو الشَّعْبيُّ عامر بن شراحيل.
قوله: (لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ): (قَفَّ): بفتح القاف، وتشديد الفاء؛ أي: قام من شدَّة إنكاري واستعظامي لما قلتَ، و (القفوف): القُشْعَريرة من البرد وشبهه، وليس هذا منها إنكارًا لجواز الرؤية مطلقًا كما تقوله المعتزلة، وإنَّما أنكرت وقوعَها في الدنيا، وقد تَقَدَّمتْ مسألة رؤية النَّبيِّ عَلَيهِ السَّلام ربَّه في أوَّل (كتاب الصلاة)، وستأتي مسألة رؤية الله في الدار الآخرة للخلق، وفيها ثلاثة أقوال.
قوله: (مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا [1] رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ): هذه المسألة تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل (كتاب الصلاة) من هذا التعليق؛ فانظرها.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (صلى الله عليه وسلَّم).
[ج 2 ص 345]

(1/8784)


[حديث في قوله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى}]
4856# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبه عارم، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، و (الشَّيْبَانِيُّ): هو بشين معجمة مفتوحة، وهو أبو إسحاق، سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، تَقَدَّم مِرارًا، و (زِرٌّ): هو ابن حُبَيْش، مشهورٌ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
==========
[ج 2 ص 345]

(1/8785)


[حديث آخر في قوله: {فكان قاب قوسين أو أدنى}]
4857# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النون، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (زَائِدَةُ) بعده: هو ابن قدامة، و (الشَّيْبَانِيُّ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (زِرٌّ)، وكذا (عَبْدُ اللهِ).
==========
[ج 2 ص 345]

(1/8786)


[حديث في قوله: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى}]
4858# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنِّي وجدت في «الكمال»: أنَّ قَبِيصة بن عقبة يروي عن الثوريِّ، ورأيت في «التذهيب» قال: روى عن سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخَعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ): (الرَّفْرَف): براءين مفتوحتين، وفاءين؛ الأولى ساكنة، قال ابن قُرقُول: هو بساط، وقيل: هو واحد، ويقال: جمعٌ، الواحد: رفرفة، قال ثابت: الرَّفْرَف: فضل الحجلة عن السرير، وهذا أبين، انتهى، وفي «النِّهاية»: أي: بساطًا، وقيل: فراشًا، ومنهم من يجعل الرفرف جمعًا، واحده: رفرفة، وجمع الرَّفْرَف: رفارف، وقد قُرِئ به: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارِفَ خُضْرٍ} [الرَّحمن: 76]، وفي حديث المعراج ذكر الرفرف وأراد
[ج 2 ص 345]
به: البساط، وقال بعضهم: الرَّفْرَف في الأصل: ما كان من الديباج وغيره رقيقًا حسن الصنعة، ثُمَّ اتُّسع فيه.
قوله: (أَخْضَرَ): قال في «المطالع»: كذا للأصيليِّ، وعند غيره: (رفرفًا خَضِرًا)؛ أي: أخضر، والعرب تقول: أَخضَر خَضِر؛ كما تقول: أعور عَوِر، ولغيرهم: (خضراء)، والأوَّل أشهر.

(1/8787)


[{أفرأيتم اللات والعزى}]

(1/8788)


[حديث ابن عباس: في قوله تعالى: {اللات}]
4859# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (أَبُو الأَشْهَبِ) بعده: بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، واسمه جعفر بن حَيِّان؛ بفتح الحاء، وبالمثنَّاة تحت المشدَّدة، العطارديُّ السعديُّ البصريُّ الأعمى، أخرج له الجماعة، ووثَّقه أحمد وأبو حاتم، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وُلِد سنة سبعين أو إحدى وسبعين، ومات في شعبان سنة (175 هـ)، وهو من كبار قرَّاء البصرة، قال أبو عمرو الدانيُّ: إنَّه قرأ القرآن على أبي رجاء العطارديِّ، له ترجمة في «الميزان» وفيها توثيقه، ثُمَّ قال: قال ابن الجوزيِّ: قال ابن معين: ليس بشيء، قال الذهبيُّ: قلت: ما أعتقد أنَّ ابن معين قال هذا، وإنَّما وهَّى ابن معين أبا الأشهب الواسطيَّ، ولهذا وَهِمَ ابن الجوزيِّ وقال في هذا: جعفر بن حيَّان أبو الأشهب الواسطيُّ، والرجل بصريٌّ، ليس بواسطيٍّ، وقد اشتركا في الكنية والاسم، وافترقا في البلد والأب، انتهى.
والمتكلَّم فيه: جعفر بن الحارث، قال الذهبيُّ: وقد فتَّشت على العطارديِّ _يعني: جعفر بن حيَّان صاحب الترجمة_ فما رأيت أحدًا سبق ابنَ الجوزيِّ إلى تكنيته بوجه، وإنَّما أوردته؛ ليُعرَف أنَّه ثِقةٌ، ويسلمَ من قال وقيل، انتهى، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، والله أعلم.
و (أَبُو الْجَوْزَاءِ): بفتح الجيم، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ زاي، ممدودٌ، واسمه أوس بن عبد الله الرَّبَعِيُّ، أبو الجوزاء البصريُّ، عن عائشة، وأبي هريرة، وصفوان بن عَسَّال، وابن عبَّاس، وعنه: بديل بن ميسرة، وقتادة، وعمرو بن مالك النُّكريُّ، ومحمَّد بن جُحادة، وأبو الأشهب العطارديُّ، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم، قُتِل في وقعة دَير الجماجم، وكانت سنة ثلاث وثمانين، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».
قوله: (اللَّاتُ [1]: كَانَ [2] رَجُلًا يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ): و (اللات) في أصلنا مدلَّس التاء ليس مشدَّدًا، بل ظاهر ضبطه يدلُّ على أنَّه مخفَّفٌ، قال ابن الأثير: إنَّ أصله بالتشديد؛ لأنَّ الصنم سُمِّيَ باسم الذي كان يلتُّ السويق عند الأصنام؛ أي: يخلطه، فخُفِّف، وجُعِل اسمًا للصنم، وقيل: إنَّ التاء في الأصل مخفَّفةٌ للتأنيث، انتهى، وقد رأيته في نسخة صحيحة مشدَّد التاء بالقلم في الموضعين، وعليه (صح).

(1/8789)


وقال شيخنا ما لفظه: هذا على قراءة من قرأ بتشديد التاء، وهو خلاف ما عليه الأكثر، والوقف عليها بالتاء، خلافًا للكسائيِّ حيث وقف بالهاء، انتهى، وما قاله عن الكسائيِّ معروفٌ عند القرَّاء معرفةً شهيرة، وقال شيخنا مجد الدين في «القاموس»: و (اللاتُّ؛ مشدَّد التاء: صنم، قرأ بها ابن عبَّاس، وعكرمة، وجماعة)، وقال الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»: والعامَّة تخفِّف تاءها، وقرأ ابن عبَّاس، ومجاهد، ومنصور بن المعتمر، وأبو الجوزاء، وأبو صالح، وابن كَثِير في رواية: بتشديد التاء، قيل: هو رجل كان يلتُّ السَّويق ويطعمه الحاجَّ، فهو اسم فاعل في الأصل غلب على هذا الرجل، وكان يجلس عند حَجَر، فلمَّا مات؛ سُمِّيَ الحَجَر باسمه وعُبِد من دون الله تعالى، انتهى، والرجل: عمرو بن لحيٍّ، أو ربيعة بن حارثة، ذكرهما السهيليُّ، فتُقرَأ التلاوة بتشديد التاء على الشاذَّة، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({اللاتَ}).
[2] قوله: (كان): ليس في «اليونينيَّة»، وهي في (أ) و (ق) مستدركة مصحَّحٌ عليها.
[ج 2 ص 346]

(1/8790)


[حديث: من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل لا إله إلا الله]
4860# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المسنديُّ، وتَقَدَّم لم قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): قاضي صنعاء، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، ابن راشد، تَقَدَّم، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، تَقَدَّم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّم مرارًا، وأنَّه ليس بالحِمْيَريِّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (حَلفِهِ): هو بكسر اللام، وتسكَّن؛ لغتان في «الصحاح»، تَقَدَّمتْ.
قوله: (وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّم الكلام على (اللات)، وأمَّا (العُزَّى)؛ [فهي] شجرة تعبدها غطفان، وهي تأنيث (الأعزِّ)، فقطعها خالدٌ.
قوله: (فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ): قيل: إنَّما أوجب ذلك إشفاقًا من الكفر؛ لأنَّ اليمين إنَّما يكون بالمعبود الذي يُعظَّم، فإذا حلف بهما؛ فقد ضاهى الكفَّارَ في ذلك، فأُمِر أن يتدارَكَه، والله أعلم.
قوله: (تَعَالَ؛ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ): أي: فليتصدَّق بما ينطلق عليه الاسم؛ لقوله في «مسلم»: «فليتصدَّق بشيء»، وهذا يدلُّ لما قاله المحقِّقون، وقال الخَطَّابيُّ: يتصدَّق بما أراد أن يُقامِر به، وقد نقل شيخنا هذا عن الأوزاعيِّ، وكذا رأيت بعضهم نقله عنه أيضًا، وعن بعض الحنفيَّة: أنَّ المراد بها كفارةُ اليمين، وظاهر الحديث _كما قال القُرْطبيُّ_ وجوب الصدقة وقول: (لا إله إلَّا الله) في حقِّ الأوَّل، وسأذكر في (النذور والكفَّارات) حديثًا من عند ابن عديٍّ في «كامله» يدلُّ لما قاله بعض الحنفيَّة، وفيه مقالٌ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).
[ج 2 ص 346]

(1/8791)


[{ومناة الثالثة الأخرى}]

(1/8792)


[حديث: إنما كان من أهل بمناة الطاغية التي بالمشلل…]
4861# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وهو أوَّل شيخٍ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام.
قوله: (إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ): تَقَدَّم الكلام على (مناةَ) في (الحجِّ)، وسيأتي بُعَيد هذا أنَّ (مناة) صنمٌ بين مَكَّة والمدينة.
قوله: (الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ): تَقَدَّم ضبطه، وأين هو، في (الحجِّ).
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وهو المذكور في سند هذا الحديث.
قوله: (مِنْ قُدَيْدٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ القاف، ودالين مهملتين؛ الأولى مفتوحة، بينهما مثنَّاة تحت.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ)؛ هو ابن مسافر أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه الليث بن سعد ويحيى بن أيوب، تَقَدَّم الكلام عليه فيما مضى، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، وهذا تعليقٌ مجزوم به، ولم أرَ هذا التعليق عن عبد الرَّحمن بن خالد عن ابن شهاب في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّم أنَّ (مَعْمَرًا) هو ابن راشد، و (الزُّهريُّ): تَقَدَّم أعلاه، وهذا تعليق مجزوم به، ولا أعلم أحدًا أخرجه من الأئِمَّة السِّتَّة سوى ما هنا.
==========
[ج 2 ص 346]

(1/8793)


[{فاسجدوا لله واعبدوا}]

(1/8794)


[حديث: سجد النبي بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون ... ]
4862# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين، وفتح الميمين، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): ابن سعيد بن ذكوان، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.
قوله: (سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ): تَقَدَّم أنَّها أوَّل سجدةٍ أُنزِلت، وسيأتي ذلك قريبًا، وتَقَدَّم متى كان هذا السجود.
[ج 2 ص 346]
قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ): (ابن طهمان): هو إبراهيم، والضمير في (تابعه) يعود على عبد الوارث؛ هو ابن سعيد بن ذكوان، كما قدَّمتُه في رواية هذا عن أيوب، وهو ابن أبي تميمة كما قدَّمتُه، و (إبراهيم بن طهمان) قدَّمتُ ترجمته، وأنَّه من أئمَّة الإسلام، لكنَّ فيه إرجاءً.
قوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ): (ابن عُلَيَّة): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام؛ يعني: أنَّه روى هذا الحديث عن أيوب، عن عكرمة مرسلًا، ولم يذكر فيه ابن عبَّاس، والحاصل: أنَّ عبد الوارث وإبراهيم بن طهمان روياه بذكر ابن عبَّاس، وابن عُلَيَّة رواه عن عكرمة مرسلًا، وقد تَقَدَّم أنَّ العبرة بمَن وصل على الأصحِّ من أربعة أقوال، والله أعلم.

(1/8795)


[حديث: أول سورة أنزلت فيها سجدة {والنجم}]
4863# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو أَحْمَدَ): (أبو أحمد) هذا: هو محمَّد بن عبد الله بن الزُّبَير الأَسديُّ مولاهم، الزُّبَيريُّ الكوفيُّ الحبَّال، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، قال بُنْدَار: ما رأيت أحفظ منه، وقال آخر: كان يصوم الدهر، قال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن معين: ثِقةٌ، وقال العجليُّ: كوفيٌّ ثِقةٌ يتشيَّع، مات بالأهواز سنة ثلاث ومئتين، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو جدُّ إسرائيل، واسمه عَمرو بن عبد الله، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
قوله: (أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ: {والنجم}): سجوده عَلَيهِ السَّلام في هذه السورة وهذه القصَّة كانت بمَكَّة لا خلاف في ذلك، وكان ذلك في رمضان سنة خمس من النبوَّة؛ قاله محمَّد بن عمر الواقديُّ، وعنه أيضًا: أنَّ المهاجرين خرجوا في رجب سنة خمس، فأقاموا شعبان وشهر رمضان، وكانت السجدة في رمضان، فقَدِموا في شوَّال سنة خمسٍ، انتهى، وصريح القصَّة المذكورة في ذلك: أنَّ السجدة جرت حتَّى بلغتِ الحبشة، ثُمَّ إنَّهم خرجوا بعد السجدة محقَّقًا، فينبغي أن يكون خروجهم بعد رمضان سنة خمس، اللهمَّ إلَّا أن يقال: إنَّ السجدة تُحُدِّثَ بها ولم تقع، فخرجوا، وفيه بُعدٌ، وصريح القصَّة يردُّه.
قوله: (إِلاَّ رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا): سيأتي في هذا الحديث أنَّه أُمَيَّة بن خلف، واعلم أنِّي قد ذكرت في هذا الرجل مَن كان، فقيل: إنَّه الوليد بن المغيرة، وقيل: كان أبا أحيحة سعيد بن العاصي، وقيل: كلاهما فعله، وقد حكى المنذريُّ في الذي أخذ كفًّا من حصًى فسجد عليه أقوالًا: الوليد بن المغيرة، وجزم به بعض حفَّاظ العصر، انتهى، وقيل: عتبة بن ربيعة، أو أبو أحيحة، قال: وما ذكره البُخاريُّ أصحُّ، وقُتِل أُمَيَّة يوم بدر كافرًا، ولم يَحكِ فيه بعضُهم غير الوليد بن المغيرة، وعن ابن بَزِيزة _الإمام عبد العزيز الذي شرح «أحكام عبد الحق»، وهو رجل عالم من الغرب_ أنَّ ذلك كان من المنافقين، وهو وَهَمٌ، وقد ذكرت أنَّه لا خلاف أنَّها كانت بمَكَّة، والنفاق إنَّما كان بالمدينة، وقد قدَّمتُ عن شيخ شيوخنا الأستاذ العلَّامة أثير الدين أبي حيَّان في تفسيره «البحر»: أنَّه أبو لهبٍ، والله أعلم.

(1/8796)


(((54))) [{اقتربت الساعة}]
قوله: ({مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4]: مُتَنَاهًى [1]): هو بضمِّ الميم، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون، والهاء مفتوحة، منوَّن الآخر.
قوله: (اسْتُطِيرَ [2]): هو بضمِّ المثنَّاة فوق، وكسر الطاء المهملة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ كـ {ازْدُجِر} [القمر: 4].
قوله: ({دُسُرٍ} [القمر: 13]: أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ): قال الجوهريُّ: (الدِّسار: واحد «الدُّسر»، وهي خيوط تُشَدُّ بها ألواح السفينة، ويقال: هي المسامير)، ثُمَّ ذكر الآية، ثُمَّ قال: (ودُسْر ودُسُر؛ مثل: عُسْر وعُسُر).
قوله: (فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا): قال بعض حفَّاظ العصر: هو كلام أبي عبيدة، وقال ابن قُرقُول: ({فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر: 29]: فعاطى بيده)، كذا في نسخ البُخاريِّ، وللأصيليِّ: (فتعاطاه بيده)، وهو الصواب؛ يعني: تناولها بيده، والتعاطي: تناول ما لا يجب، انتهى، وقال شيخنا: قال ابن التين: لا أعلم له وجهًا؛ يعني: (فعاطها)، إلَّا أن يكون من المقلوب الذي قُلِبَت عينُه ... إلى آخر كلامه.
قوله: (الأَشَرُ: الْمَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ): (الأشَر)؛ بفتح الشين: مصدر، ولهذا فسَّره بـ (المرح والتجبُّر)، وإنَّما فسَّره بالمصدر؛ ليُعرَف أنَّ اسم الفاعل مأخوذ من المفسَّر به، وأمَّا التلاوة؛ فإنَّها بكسر الشين، وهو اسم فاعل، وهو عظيم الكذب، وقيل: بطِر، وقد رأيت في نسخة: (يقال: {الأشِر} [القمر: 26]: المرِح والمتجبِّر)؛ بكسر الشين والراء، وهذا ظاهرٌ لا خفاء فيه، والله أعلم [3].
قوله: (النَّسَلاَنُ: الْخَبَبُ السِّرَاعُ): (النسلان): تَقَدَّم في (والصافَّات)، و (الخَبَب)؛ بفتح الخاء المعجمة، وباءين موحَّدتين؛ الأولى مفتوحة: ضرب من العَدْوِ، و (السِّراع)؛ بكسر السين: جمع (سريع)، وهو تفسير لـ {مُهْطِعِينَ} [القمر: 8]؛ لأنَّ (الإهطاع) الإسراعُ، وأهطع في عَدْوِه: أسرع، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (الإسراع)، وهذا تفسير للإهطاع، والله أعلم.

(1/8797)


قوله: ({الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]: كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ): (الحظار): بكسر الحاء المهملة، وبالظاء المعجمة المشالة المخفَّفة _وقال شيخنا: إنَّ الحاء مفتوحة أيضًا، انتهى_ وفي آخره راءٌ، وهي الحظيرة تُعمَل للإبل من شجر؛ لتقيَها البرد والريح، و {المحتظر}: الذي يعمل الحظيرة، وقُرِئ: {كهشيم المحتظر}، فمَن كسره؛ جعله للفاعل، ومن فتح؛ جعله للمفعول به، وليس في السبع سوى الكسر، لكنَّ الذي في «البُخاريِّ» هل هو على المتواترة أو الشاذَّة؟ والذي ينبغي أن يُقرَأ: {المحتظَر}؛ بفتح الظاء، وهي شاذَّة، وقد قرأ الحسن وقتادة _كما نقله الثعلبيُّ_ بفتح الظاء، أراد الحظيرة، انتهى، وقال غيره: قرأ أبو السَّمَّال وأبو حيوة وأبو رجاء وعمرو بن عبيد: بفتحها، فقيل: هو مصدر؛ أي: كهشيم الاحتظار، وقيل: هو اسم مكان، وقيل: هو اسم مفعول، وهو الهشيم نفسه، ويكون من باب إضافة الموصوف لصفته، كمسجد الجامع، والحظْر: المنع، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (متناهٍ).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فاستطير).
[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متأخِّرة على قوله: (النَّسلان: الخبب ... ).
[ج 2 ص 347]

(1/8798)


[حديث: انشق القمر على عهد رسول الله فرقتين]
4864# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مسدد) هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، (وَسُفْيَانُ) هذا: لا أدري مَن هو منهما، وذلك لأنَّ يحيى القطَّان روى عنهما، وهما روَيا عن الأعمش، والله أعلم، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو فيما يظهر أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ؛ لأنَّه ذكره عبد الغنيِّ فيمن روى عن أبي مَعْمَرٍ عبدِ الله بن سخبرة، وكذا ذكره الذهبيُّ، ولم يذكر إبراهيم بن يزيد التيميَّ، لكنَّ الأعمش قد روى عنهما، و (أبو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه؛ فاعلمه.
قوله: (انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ [1]): تَقَدَّم الكلام على انشقاق القمر متى كان في مكانه قبل (هجرة الحبشة) في هذا «الصحيح»، وعلى قوله: (مرَّتين) التي وقعت في «مسلم» وغيره، وعلى كلام الحليميِّ، وعلى قول من قال: نزل بين يديه، وعلى قول من قال: دخلت فرقة في كُمِّه، وخرجت من الكُمِّ، وردِّ ذلك من كلام الشيخ محيي الدين النَّوويِّ، وأنَّه انشق في مكانه من السماء، مطوَّلًا؛ فانظره، والله أعلم.
قوله: (فِرْقَة فَوْقَ الْجَبَلِ، وَفِرْقَة دُونَهُ): (فرقة) في المكانين: منصوبة منوَّنة، بدل، ومرفوعة منوَّنة، وهما ظاهران.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث اللاحق (4865)، ورواية هذا الحديث: (انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ).
[ج 2 ص 347]

(1/8799)


[حديث: انشق القمر ونحن مع النبي فصار فرقتين]
4865# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن سخبرة، وقبله مرارًا، وضبطه، قال الدِّمْياطيُّ هنا: أبو مَعْمَر عبد الله بن سخبرة، لأبيه سخبرة صحبةٌ وروايةٌ، روى له التِّرْمِذيُّ، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ ابن سخبرة بالكوفة في ولاية عبيد الله بن زياد، انتهى، فقوله: (لأبيه سخبرة صحبةٌ): قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: سخبرة له حديثٌ، ويقال: له صحبةٌ، رواه أبو داود الأعمى عن عبد الله بن سخبرة عن أبيه، وليس بالأزديِّ، في (طلب العلم)، وهو ضعيف الإسناد، انتهى.
وحاصل ما صنع الذهبيُّ تَبَعًا للمِزِّيِّ: أنَّ عبد الله بن سخبرة اثنان؛ أبو مَعْمَر: أخرج له الجماعة، وليس لأبيه سخبرة رواية في الكُتُب السِّتَّة، والثاني: عبد الله بن سخبرة عن أبيه، وعنه: أبو داود الأعمى، انفرد بالإخراج له التِّرْمِذيُّ عن أبيه سخبرة المذكور بالصحبة، فجعل الدِّمْياطيُّ أبا مَعْمَر ابنَ سخبرة الذي ذُكِر بالصحبة، وليس كذلك.
تنبيهٌ: قول الذهبي في ترجمة (سخبرة): (وليس بالأزديِّ)، قال في «التجريد»: الأزديُّ روى عنه عبد الله، وله حديث في «التِّرْمِذيِّ»، انتهى.
و (سخبرة) في الصَّحابة اثنان؛ أحدهما: هذا الذي ذكرته، والثاني: سخبرة بن عبيدة الأَسَديُّ، من أقارب عبد الله بن جحش، له هجرة، ولا رواية له في الكُتُب السِّتَّة، وابن الجوزيِّ ذكر في «تلقيحه» منهما الأزديَّ.
فائدةٌ: عبد الله بن سخبرة الذي انفرد بالإخراج له ولأبيه التِّرْمِذيُّ له ترجمة في «الميزان»، قال فيها: تفرَّد عنه أبو داود الأعمى نفيعٌ، وأبو داود تالفٌ، انتهى.
و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

(1/8800)


[حديث: انشق القمر في زمان النبي]
4866# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (جَعْفَرٌ): هو ابن ربيعة الكنديُّ، عن أبي سلمة والأعرج، وعنه: الليث وبكر بن مضر، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد بن حنبل: كان شيخًا من أصحاب الحديث، ثِقة، وقال أبو زرعة: صدوق.

(1/8801)


[حديث: سأل أهل مكة أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر]
4867# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ، كما نصَّ عليه ابن طاهر، وابنُ أبي شيبة روى عن يونس عند مسلم، و (يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ) هذا: هو المؤدِّب الحافظ، و (شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصحَّحة: (حدَّثنا).

(1/8802)


[حديث: انشق القمر فرقتين]
4868# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّ يحيى بعد (مسدَّد) هو ابن سعيد القطَّان.
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8803)


[{تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ولقد تركناها آية}]

(1/8804)


[حديث: كان النبي يقرأ: {فهل من مدكر}]
4869# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هو عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّم، وكذا (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8805)


[حديث: عن النبي أنه كان يقرأ {فهل من مدكر}]
4870# قوله: (عَنْ يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، أوحد الحُفَّاظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وكذا (الأَسْوَدُ)، و (عَبْدُ اللهِ).
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8806)


[{أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر}]

(1/8807)


[حديث: وسمعت النبي يقرؤها {فهل من مدكر} دالًا]
4871# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتَقَدَّم مترجمًا، و (زُهَيْرٌ) بعده: هو ابن معاوية، أبو خيثمة الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (سَمِعَ رَجُلًا سَأَلَ الأَسْوَدَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال بعض حفَّاظ العصر: وللمصنِّف في روايةٍ: أنَّ [1] الأسود هو الذي سأل عبدَ الله بن مسعود عن ذلك، و (الأسود): تَقَدَّم أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن مسعود بن غافل.
==========
[1] في (أ): (ابن)، والمثبت موافق لمصدره.
[ج 2 ص 348]

(1/8808)


[{فكانوا كهشيم المحتظر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}]
قوله: ({كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]): تَقَدَّم في {الْمُحْتَظِرِ} قراءتان، والمتواترة بكسر الظاء، وقدَّمتُ مَن قرأ بالفتح؛ فانظره، وما هو.
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8809)


[حديث: عن النبي أنه قرأ: {فهل من مدكر} الآية]
4872# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم قريبًا أعلاه أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وتَقَدَّم (الأَسْوَدُ): أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن مسعود.

(1/8810)


[{ولقد صبحهم بكرةً عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر}]

(1/8811)


[حديث: عن النبي قرأ: {فهل من مدكر}]
4873# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: قال _يعني: البُخاري_ في (الصيام)، و (اقتربت)، و (كتاب الطلاق): (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا غُنْدُر)، ولم ينسب أحدٌ من شيوخنا محمَّدًا في شيء من هذه المواضع، ولعلَّه محمَّد بن بَشَّار وإن كان محمَّد بن المثنى يروي عن غُنْدُر، وذكر أبو نصر أنَّ بُنْدَارًا ومحمَّد بن المثنى الزَّمِن ومحمَّد بن الوليد التستريَّ قد روَوا عن غُنْدُر في «الجامع الصحيح»، انتهى.
و (غُنْدُرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (الأَسْوَدُ)، وكذا (عَبْدُ اللهِ).
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8812)


[{ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر}]

(1/8813)


[حديث: قرأت على النبي: {فهل من مدكر}]
4874# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا تَقَدَّم الكلام [عليه] في (الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.
قوله: (فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ) _يعني: بالذال المعجمة_، فَقَالَ لَهُ [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]): يعني: بالدال المهملة، اعلم أن أصل (مُذَّكِرٍ): مذتكر؛ (مفتعل) من الذكر، لكنْ حرفُ الذال مجهور قويٌّ، والتاء مهموسة ضعيفة، فأبدلوا من التاء حرفًا من مخرجها ممَّا يوافق الذال في الجهر، وهو الدال المهملة، ثُمَّ أدغمت الذال في الدال، فصار كذلك، ويجوز بالذال على إدغام الثاني في الأوَّل، وبذلك قرأ قتادة فيما رأيته منقولًا عنه، والله أعلم.
==========
[1] قوله: (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 348]

(1/8814)


[{سيهزم الجمع ويولون الدبر}]

(1/8815)


[حديث: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك]
4875# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم ضبط (حَوْشَب)، وهو محمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، وكذا وقع في نسخة، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحذَّاء، خالد بن مِهران، أبو المُنازل.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (سورة اقتربت): (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا عفَّان بن مسلم)؛ فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: هكذا في روايتنا عن الأصيليِّ: (محمَّد) غير منسوب، وكذلك عند أبي ذرٍّ، وذكره أبو نصر ولم ينسبه، وسقط من نسخة ابن السكن ذكر (محمَّد) الذي قبل (عفَّان)، قلت: ولعلَّه محمَّد بن يحيى الذهليُّ، انتهى، وقال شيخنا: قال ابن طاهر في ترجمة عفَّان: روى عنه البُخاريُّ عن عبد الله بن سعيد، ومحمَّد بن عبد الرحيم، وإسحاق غير منسوب، ومحمَّد غير منسوب عنه، وروى مسلم عن الصغانيِّ محمَّدِ بن إسحاق، ومحمَّد بن حاتم، ومحمَّد بن المثنى عنه، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسب محمَّدًا هذا في «الأطراف».
و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، قال الدِّمْياطيُّ: وهيب بن خالد بن عجلان، أبو بكر، الباهليُّ مولاهم، البصريُّ، مات سنة ستٍّ وخمسين ومئة، وهو ابن ثمان وخمسين سَنةً، انتهى، فقوله في وفاته: (سنة ستٍّ وخمسين ومئة) فيه نظرٌ، والذي ذكره الذهبيُّ في غير مؤلَّف _كـ «الكاشف»، و «التذهيب»، و (الوفيات) من «تاريخ الإسلام» له_ في وفاته مقتصرًا عليه: سنة خمس وستِّين ومئة، فإن لم يكن ما قاله الدِّمْياطيُّ قولًا [2]؛ فهو غلطٌ من أحد الرجلين؛ إمَّا الناقل أو الدِّمْياطيُّ، والله أعلم، و (خَالِدٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحذَّاء، ابن مهران، أبو المُنازِل.
قوله: (اللَّهُمَّ [3]؛ أَنْشُدُكَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك، وقد تَقَدَّم، وقد تَقَدَّم الكلام على فعل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعلى فعل أبي بكر، في (غزوة بدر).
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في (ق) وعليها علامة الزيادة.
[2] زيد في (أ): (وإلا)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.
[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) مستدركة مصحَّحة: (إنِّي).
[ج 2 ص 348]

(1/8816)


[{بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}]

(1/8817)


[حديث: لقد أنزل على محمد بمكة وإني لجارية ألعب]
4876# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا، و (يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهاء، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة.
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8818)


[حديث: أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد]
4877# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن) قبل (حجة الوداع)، وقال الدِّمْياطيُّ هنا ما لفظه: ابن شاهين، أبو بشر الواسطيُّ، مات سنة إحدى _أو اثنتين_ وأربعين ومئة، انتهى، فقوله: (ومئة): غلط لا شكَّ فيه، وهو سبق قلمٍ من أحد الرجلين، والظاهر أنَّه من الناقل، وذلك لأنَّ الدِّمْياطيَّ لا يقول في شخص روى عنه البُخاريُّ ذلك، وقد أرَّخه الذهبيُّ في «التذهيب» من زياداته على المِزِّيِّ، وفي «النبل» لابن عساكر: بأنَّه تُوُفِّيَ بعد الخمسين ومئتين، والله أعلم، وقال شيخنا هنا: هو ابن شاهين، كما ذكر جماعة، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه» لمَّا طرَّف هذا الحديث، والله أعلم، و (خَالِدٌ) الأوَّل: خالد بن عبد الله الطَّحَّان، تَقَدَّم مترجمًا، والثاني: الحذَّاء، خالد بن مِهران، تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 348]

(1/8819)


(((55))) (سُورَةُ الرَّحْمَنِ) ... إلى (سُورَة المُلْكِ)
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ} [الرَّحمن: 9]: لِسَانَ الْمِيزَانِ): هذا قول ابن عبَّاس، رواه ابن جرير في «التفسير» من طريق المغيرة بن مسلم قال: رأى ابنُ عبَّاس رجلًا يزن قد أرجح فقال: أقم اللسان، أقم اللسان، أليس قد قال الله: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرَّحمن: 9]، قاله بعض حفَّاظ العصر.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {الْعَصْفِ} [الرَّحمن: 12]؛ يُرِيدُ: الْمَأْكُولَ ... ) إلى آخره: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، ويحيى بن زياد الفرَّاء في كتاب «معاني القرآن»، قاله بعض حفَّاظ العصر.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ [1]: الْعَصْفُ: وَرَقُ الْحِنْطَةِ): هذا قول ابن عبَّاس وقتادة، رواه ابن جرير وغيره، قاله بعض حفَّاظ العصر.
قوله: (وَ [2] العَصْفُ: التِّبْنُ): هو الذي تأكله الأنعام، وهذا غايةٌ في الظهور.
قوله: (وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ): هذا هو [ ... ] [3].
قوله: (تُسَمِّيهِ النَّبَطُ): تَقَدَّم الكلام على (النَّبَط)، ومَن هم، وضبط ذلك.
قوله: (هَبُوْرًا): هو بفتح الهاء، وضمِّ الموحَّدة المخفَّفة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، قال ابن الأثير في (هبر): وفي حديث ابن عبَّاس في قوله: {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5]، قال: هو الهَبُور، قيل: هو دقاق الزرع بالنبطيَّة، ويحتمل أن يكون من الهبر: القطع، انتهى.
[ج 2 ص 348]
قوله: (كَمَا يُصْنَعُ الفَخَّارُ [4]): (يُصنَع): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الفخَّارُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (إِذَا أُوقِدَتْ): هو بضمِّ الهمزة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} [الرَّحمن: 17] ... ) إلى آخره: قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نَجِيح عنه.
قوله: (مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ): (رُفِع): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قِلْعُه)؛ بالرفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذلك (فَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهُ [5]): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القِلْع): بكسر القاف، وإسكان اللام، ونقل شيخنا عن ابن التين فتحَها أيضًا أنَّه حكاه.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

(1/8820)


قوله: (وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم عقب بدر، عنه: ابنه بلال، وزوجته أمُّ الدرداء، وجُبَير بن نفير، وأبو إدريس، وخلقٌ، فرض له عمر فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، مات سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم.
قوله: ({ذُو الْجَلَالِ} [الرَّحمن: 27]: الْعَظَمَةِ): (العظمةِ): مجرورة؛ أي: ذو العظمة، ويؤيِّد ذلك أنَّ في بعض النسخ من أصولي الدِّمَشْقيَّة: (ذو العظمة)؛ بإثبات (ذو) ثانيًا، وكذا هو في نسخة في هامش أصلنا، وعليها علامة راويها، و (الجلال) في اللغة: العظمة، و (ذو): بمعنى: صاحب، ويجوز رفع (العظمة) على أنَّه تفسير، وقد قدَّمتُ في (بدء الخلق) كيف يُقرَأ التفسير، وهذا من ذاك الباب، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَارِجٍ} [الرَّحمن: 15]: خَالِصٌ): هو قول ابن عبَّاس من رواية عليِّ بن أبي طلحة عنه، قاله [6] بعض حفَّاظ العصر.
قوله: (يُقَالُ: مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ): (مرَج): بفتح الراء، والمستقبل: يمرُج؛ بضمِّ الراء، قال بعض حفَّاظ العصر: (يقال: مرج الأمير رعيَّته ... ) إلى آخره: كلام أبي عبيدة في «المجاز».
قوله: (مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ: اختَلَطَ [7]): (مرِج)؛ بكسر الراء في الماضي، ومفتوح في المستقبل؛ كـ (فرِح).
قوله: (لاَ يَشْغَلُهُ): هو بفتح أوَّله، يقال: شغله كذا، ولا يقال: أشغله _ رُباعيٌّ_ إلَّا على لغة رديئة ذكرها الجوهريُّ، ووصفها بالرداءة.
قوله: (وَمَا بِهِ شُغْلٌ): في (شغل) لغات، يقال: شُغْل، وشُغُل، وشَغْل، وشَغَل؛ أربع لغات.
قوله: (عَلَى غِرَّتِكَ): (الغِرَّة)؛ بكسر الغين، وتشديد الراء المفتوحة: الغفلة.

(1/8821)


[{ومن دونهما جنتان}]

(1/8822)


[حديث: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما .... ]
4878# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هو عبد الله بن محمَّد بن أبي الأسود حميدِ بن الأسود، أبو بكر البصريُّ الحافظ، تَقَدَّم، و (أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الملك بن حبيب الأزديُّ، ويقال: كنديٌّ، أحد علماء البصرة، أخرج له الجماعة، ووثَّقه ابن معين وغيره، تُوُفِّيَ سنة ثمان وعشرين ومئة، وقيل: سنة تسع.
قوله: (فِي جَنَّةِ عَدْنٍ): أي: والناظر في جنة عدن، وقد تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 349]

(1/8823)


[{حور مقصورات في الخيام}]

(1/8824)


[حديث: إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة]
4879# 4880# قوله: (عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا): تَقَدَّم الكلام على (الميل) كم مقداره [1]، وحكيتُ فيه سبعة أقوال في (القصر).
قوله: (يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ): كذا في أصلنا، وكذا في أصل آخرَ صحيحٍ، وعلى (المؤمنين) (صح)، قال شيخنا: وهو صواب، وبخطِّ الدِّمْياطيِّ: (الوجه: المؤمن)، وما قاله ظاهرٌ.
==========
[1] في (أ): (مقدارهو)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 349]

(1/8825)


(((56))) [الواقعة]
قوله: ({بُسَّتِ} [الواقعة: 5]: فُتَّتْ وَلُتَّتْ [1]): (فُتَّت): بضمِّ الفاء، ومثنَّاتين فوق؛ الأولى مشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ لأنَّه تفسيرٌ لـ {بُسَّتِ}، وهو مبنيٌّ أيضًا، وكذا (لُتَّت): مبنيٌّ أيضًا، وهو بضمِّ اللام، ثُمَّ مثنَّاتين من فوق؛ الأولى مشدَّدة مفتوحة، والثانية ساكنة للتأنيث.
قوله: (الْمُوقَرُ حَمْلًا): (المُوْقَر): بضمِّ الميم، وإسكان الواو، وفتح القاف _كذا في أصلنا_ ثُمَّ راء، قال الجوهريُّ: أوقَرَت النخلة؛ أي: كثر حملها، يقال: نخلة موقَرة، وموقِر، وحُكِيَ: موقَر _يعني: بفتح القاف_، وهو على غير القياس؛ لأنَّ [الفِعلَ ليسَ للنخلةِ، وإنَّما قيل: مُوقِر _بكسر القاف_ على] [2] قياس قولك: امرأة حامل؛ لأنَّ حمل الشجرة مشبَّه بحمل النساء، فأمَّا موقَر؛ بالفتح؛ فشاذٌّ، وقد رُوِيَ في قول لَبيد ... ؛ فأنشد بيتًا، والجمع: مواقر، انتهى، و (حَمْلًا): بفتح الحاء، يقال: حملت المرأة والشجرة حَمْلًا؛ بفتح الحاء، ومنه قوله تعالى: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} [الأعراف: 189]، قال ابن السِّكِّيت: الحَمل: ما كان في بطنٍ وعلى رأس شجرةٍ، والحِمل؛ بالكسر: ما كان على ظهرٍ أو رأسٍ.
تنبيهٌ: قال ابن قيِّم الجوزيَّة: قال جماعة: (المخضود): هو المُوْقَر حَمْلًا، وأنكر عليهم القول، وقالوا: لا يُعرَف في اللغة (الخضد) بمعنى: الحمل، ولم يصب هؤلاء الذين أنكروا هذا القول، بل هو قول صحيح، وأربابه ذهبوا إلى أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا خضد شوكه، وأذهبه، وجعل مكان كلِّ شوكة تمرة؛ أوقره بالحمل، قال: والحديثان _يعني: المذكورين قبل ذلك_ يجمعان القولَين، وكذلك قول من قال: المخضود: الذي لا يعقر اليد، ولا يَرِدُ اليدَ منه شوكٌ ولا أذًى؛ فسَّره بلازم المعنى، وهكذا غالب المفسِّرين يذكرون لازم المعنى المقصود تارةً، وفردًا من أفراده تارةً، ومثالًا من أمثلته، فيحكيها الجمَّاعون للغثِّ والسمين أقوالًا مختلفة، ولا اختلاف بينها، قال ذلك في «حادي الأرواح»، انتهى.
قوله: (وَالْعُرُبُ: الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ): (المُحَبَّبات): بضمِّ الميم، وفتح الحاء المهملة، ثُمَّ موحَّدتين؛ الأولى مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء.
قوله: ({لَمُغْرَمُونَ} [الواقعة: 66]: لَمُلْزَمُونَ): هو بفتح الزاي، اسم مفعول؛ كـ (مُغْرَمون).

(1/8826)


قوله: ({تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: 65]: تَعَجَّبُون): هو بفتح التاء أوَّله والعين، وتشديد الجيم المفتوحة، قال بعض الحُفَّاظ: هو قول عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم، رواه ابن جرير في «التفسير» عنه.
قوله: ({عُرُبًا} [الواقعة: 37]: مُثَقَّلَةً): هو بتشديد القاف؛ يعني: محرَّكة الراء، وهذا معروفٌ، ولو قال: مخفَّفة؛ لكان يريد: ساكنة الراء.
قوله: (يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ: الْعَرِبَةَ): هو بفتح العين المهملة، وكسر الراء، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء.
قوله: (وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: الْغَنِجَةَ): هو بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ جيم مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.
قوله: (وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: الشَّكِلَةَ): هو بفتح الشين المعجمة، ثُمَّ كاف مكسورة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (الشَّكِلَة)؛ بفتح الشين، وكسر الكاف: هي الغَزِلَة، والشِّكل؛ بالكسر: الدلُّ، يقال: إنَّها لحسنة الشِّكل؛ أي: الدلِّ، وذاتُ دلٍّ، والشَّكْل: المثل، وأيضًا: المَذْهَب، وأيضًا: النَّحْوُ، وكذلك الشاكلةُ.
قوله: (وَمِنْهُ: وَضِينُ النَّاقَةِ): (الوَضِيْن): بفتح الواو، وكسر الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، والوَضِيْن للهودج بمنزلة البطان للقَتَب، والتصدير للرحل، والحزام للسَّرج، وهما كالنِّسْعِ، إلاَّ أنَّهما من السيور إذا نُسِجَ نَسَاجةً بعضُه على بعض مضاعفًا، والجمع: وُضُن، و {مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15]: معناه: منسوجة بالجواهر.
قوله: (وَالْكُوبُ: مَا لَا أُذُنَ [3] لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزخرف)، وينبغي أن يُتْبَع قوله في تعريف الكوب هنا، فإنَّ العروة هي الأذن، وأمَّا (الأباريق)؛ فواحدها: إبريق، وهو فارسيٌّ معرَّبٌ، قاله الجوهريُّ.
قوله: ({لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 73]: لِلْمُسَافِرِينَ، وَالْقِيُّ: الْقَفْرُ): (القِيُّ): بكسر القاف، وتشديد الياء، وكذلك (القَواء)؛ بالمدِّ والقصر مع فتح القاف: كلُّه القَفْر؛ بفتح القاف، وإسكان الفاء، وبالراء.
قوله: ({مُدْهِنُونَ} [الواقعة: 81]: مُكَذِّبُونَ): هو بكسر الذال المعجمة، اسم فاعل، كما أنَّ (مُدهِن) اسم فاعل.
[ج 2 ص 349]

(1/8827)


قوله: (وَأُلْغِيَتْ إِنَّ): (أُلغِيَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، وفي رواية: (أُلقِيَت)؛ بالقاف، وقدَّمها شيخنا على الغين المعجمة، و (إِنَّ): بكسر الهمزة، مشدَّد النون.
قوله: (مُصَدّقٌ): اسم مفعول واسم فاعل، وبهما ضبط في أصلنا.
قوله: (فَسقْيًا له): هو بفتح السين وضمِّها، كذا في أصلنا بالقلم، وعليها (معًا)، وهو منوَّن منصوب، وهذا معروف، قال شيخنا: (فسَقيًا لك)؛ أي: بفتح السين، كما ضبطه ابن التين، وبخطِّ الدِّمْياطيِّ بضمِّها.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (لُتَّت)؛ بغير واو، وكانت ثابتة في (ق) ثمَّ كُشِطت.
[2] ما بين معقوفين ساقط من (أ)، مثبتٌ من «الصحاح» وغيره، مادَّة (وقر)، ولا يستقيم النصُّ إلَّا به.
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (والكوب: لا آذان).

(1/8828)


[{وظل ممدود}]

(1/8829)


[حديث: إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها]
4881# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (أَبُوالزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ، لاَ يَقْطَعُهَا): تَقَدَّم الكلام على (ظلِّها)، وتَقَدَّم أيضًا في (صفة الجنَّة) أنَّ هذه الشجرة في «مسند أحمد» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «إنَّ في الجنَّة شجرةً يسير الراكب في ظلِّها مئة سنة، وإنَّ ورقها لَتُخَمِّر الجنَّة»، وكذا في «مسند أبي يعلى الموصليِّ»، وقد تَقَدَّم في (صفة الجنة) أنَّها طوبى، وأنَّ في «مسند عبد بن حميد»: شجرة الخلد، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 350]

(1/8830)


(((57))) [الحديد]
قوله: (مُعَمَّرِينَ): هو بضمِّ الميم الأولى، وفتح العين، وفتح الثانية وتشديدها، اسم مفعول؛ كـ ({مُسْتَخْلَفِين} [الحديد: 7])، وهذا ثابت في بعض النسخ، وهو نسخة في أصلنا.
قوله: (جُنَّةٌ وَسِلاَحٌ): (جُنَّة)؛ بضمِّ الجيم، وتشديد النون المفتوحة: ما استترت به من سلاح، كذا في «الصحاح»، وكون البُخاريِّ عطف (السلاح) على (الجُنَّة) دلَّ على أنَّه عنده غيره، وقال بعضهم: الجُنَّة: الدرع، فعلى هذا يكون كلام البُخاريِّ من باب عطف الخاصِّ على العامِّ، والله أعلم.
قوله: ({مَوْلَاكُمْ} [الحديد: 15]: أَوْلَى بِكُمْ): كذا في أصلنا، وفي أصل آخر: (هو أولى بكم)، والتلاوة: {هي}؛ أي: هي صاحبتكم، وأَولى بكم، وأحقُّ أن تكون مَسكَنًا لكم.
==========
[ج 2 ص 350]

(1/8831)


(((58))) [المجادلة]
قوله: ({كُبِتُوا} [المجادلة: 5]: أُخْزِيُوا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أُخْزوا)، وفي أخرى: (أُحزِنوا)؛ من الحزن.
قوله: ({انْظُرُونَا} [الحديد: 13]: انْتَظِرُونَا): كذا في أصلنا هنا، وهذا ينبغي أن يكون قبل {كُبِتُوا}؛ لأنَّ {كُبِتُوا} في (المجادلة)، و (انْظُرُوا) في (الحديد)، و (انْظُرُوا): بضمِّ الهمزة والظاء، وهذا موافق لما فسَّره به، وفي {انْظُرُونَا} قراءتان في السبع، قرأ حمزة: (أَنظِروا)؛ بقطع الهمزة، وكسر الظاء، والباقون: بهمزة وصل _فإن ابتدأت بها؛ ضممتها_ وبضمِّ الظاء، والتفسير لقراءة السِّتَّة، لا لقراءة حمزة، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: النظر: تأمُّل الشيء بالعين، وكذلك النظَرَانُ؛ بالتحريك، وقد نظرت إلى الشيء، والنظر: الانتظار، انتهى.
ومعنى قراءة حمزة _والله أعلم_ {أَنْظِرونا}: من الإنظار إلى الدنيا، أو أمهلونا نعملْ عملَكم فنقتبس مثلَ نوركم، و (انْظُرُوا): قراءة السِّتَّة؛ بمعنى: انتظرونا، كما قاله البُخاريُّ.
==========
[ج 2 ص 350]

(1/8832)


(((59))) [الحشر]

(1/8833)


[حديث: ما زالت تنزل: ومنهم ومنهم حتى ظنوا أنها لم تبق أحدًا ... ]
4882# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشيم بن بشير، أبو معاوية، حافظ بغداد، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وقد تَقَدَّم أنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
قوله: (الْفَاضِحَةُ): هو بالفاء، وبالضاد المعجمة المكسورة، وبعدها حاء مهملة.
قوله: (إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8834)


[حديث: قلت لابن عباس: سورة الحشر]
4883# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله ضبطه، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا).
[ج 2 ص 350]

(1/8835)


[{ما قطعتم من لينة}]

(1/8836)


[حديث: أن رسول الله حرق نخل بني النضير وقطع]
4884# قوله: (وَهْيَ الْبُوَيْرَةُ): هي بضمِّ الموحَّدة، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، موضعٌ من بلد النَّضِير، وقد تَقَدَّم، وأنَّه يقال فيه: البُويلَة؛ باللام، وقد تَقَدَّم أنَّها بقرب مسجد قباء في قِبلِيِّه من جهة الغرب، وفيها أُطُمٌ خرابٌ.
==========
[ج 2 ص 350]

(1/8837)


[{ما أفاء الله على رسوله}]

(1/8838)


[حديث: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ... ]
4885# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، وأنَّ (سُفْيَانَ) بعده: ابن عيينة، وأنَّ (عَمْرًا): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وأنَّ الصحيح أنَّه تابعيٌّ، وقد روى عن العشرة المشهود لهم بالجنَّة، و (الحَدَثان): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء والدال المهملة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، والباقي معروفٌ.
قوله: (وَالْكُرَاعِ): هو بضمِّ الكاف _وضبطه بعضهم عن الأصيليِّ بكسرها، وهو خطأ_ وتخفيف الراء، وفي آخره عين مهملة، تَقَدَّم أنَّه اسمٌ جامعٌ للخيل.
==========
[ج 2 ص 350]

(1/8839)


[{وما آتاكم الرسول فخذوه}]

(1/8840)


[حديث: لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات]
4886# [قوله]: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأمكنة التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيدَ النخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (وَالْمُتَنَمِّصَاتِ): هو بضمِّ الميم، وفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ ميم مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ صاد مهملة، قال الدِّمْياطيُّ: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمِّصة: التي يُفعَل ذلك بها، انتهى، وكذا قاله ابن قُرقُول بنحوه، وقال ابن الأثير: النامصة: التي تنتف الشعر من وجهها، والمتنمِّصة: التي تأمر من يفعل ذلك بها، وبعضهم يرويه: (المُنْتَمِصة)؛ بتقديم النون على التاء، ومنه قيل للمِنْقَاش: مِنمَاص، انتهى، فعبارة الدِّمْياطيِّ وابن قُرقُول أوفى من عبارته، لكنْ هو زاد رواية تقديم النون على التاء، والله أعلم.
قوله: (وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ): (المُتَفَلِّجَات): بضمِّ الميم، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ فاء مفتوحة أيضًا، ثُمَّ لام مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ جيم، قال ابن قُرقُول: هنَّ اللاتي يأشرن أسنانهنَّ بحديدة حتَّى يُفَلِّجْنَها، و (الفَلَج): فَرْجة بين الثنايا، قاله الخليل، وقال غيره: بين الأسنان، وقال بعضهم: بين الثنايا والرَّباعيَات ... إلى أن قال: و «المتفلِّجات»: هنَّ المُؤتَشِرات، وذكر ابن الأثير قولًا واحدًا [1] من الأقوال التي ذكرها ابن قُرقُول؛ وهو: (والفَلَج؛ بالتحريك: فرجة بين الثنايا والرَّباعيَات)، والفَرَق: فَرْجة بين الثنيَّتين، قال: ومنه الحديث ... ؛ فذكره.
قوله: (فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ): (أسَد): بفتح السين، والمرأة يأتي الكلام عليها بُعَيده.
قوله: (يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ): هذه المرأة لا أعرفها بأكثر ممَّا ذكرها به، وهي أسَديَّة، كما قال، غير أنَّها روت في هذا «الصحيح» في (باب الواشمة) عن عبد الله _هو ابن مسعود_ وهنا أيضًا، وعنها: عبد الرَّحمن بن عابس؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، والله أعلم.
[ج 2 ص 350]

(1/8841)


قوله: (كَيْتَ وكَيْتَ): (كَيْتَ): بفتح الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وفتح المثنَّاة فوق، قال ابن الأثير: كناية عن الأمر؛ نحو: كذا وكذا، قال أهل العربيَّة: إنَّ أصلها: كيَّة؛ بالتَّشديد، والتَّاء فيها بدلٌ من إحدى الياءين، والهاء التي في الأصل محذوفة، وقد تُضمُّ وتكسر، انتهى، وذكر في «الصحاح»: الفتح والكسر، وكذا في «القاموس».
قوله: (مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ): تعني: القرآن.
قوله: (قرأتِه؛ لَقَدْ وَجَدْتِهِ [2]): هما بكسر التاء فيهما من غير ياء.
قوله: (قَدْ نَهَى عَنْهُ): (نَهَى): بفتح النون والهاء.
قوله: (أُرَى أَهْلَكَ): (أُرَى): بضمِّ الهمزة، وفتح الراء؛ أي: أظنُّ، وأهل عبد الله بن مسعود: زوجه.
قوله: (لَوْ كَانَتْ كَذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (مَا جَامَعَتْنَا)؛ أي: ما صاحبتنا ولم نجتمع نحن وهي، بل كنَّا نطلِّقها ونفارقها، وفي نسخة: (لم نجامعْها)، وهو كذلك، قال القاضي عياض: ويحتمل أنَّ معناه: لم أطأها، وهذا ضعيف، والصحيح ما سبق، فيُحتجُّ به في أنَّ من عنده امرأةً مرتكبةً معصية؛ كالوصل في الشعر، أو الوشر، أو التنمُّص، أو تاركةً للصلاة أو غيرها؛ ينبغي أن يطلِّقها.
==========
[1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (قَرَأْتِيهِ لقد وَجَدْتِيهِ).

(1/8842)


[حديث: لعن رسول الله الواصلة]
4887# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ [1]): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن المدينيِّ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، و (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثوريُّ؛ لأنِّي راجعت ترجمة عبد الرَّحمن بن عابس في «الكمال»؛ فرأيته ذكر في الرواة عنه الثوريَّ، ورأيت الذهبيَّ قال في ترجمته: روى عنه سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بن عَابِسٍ): تَقَدَّم بظاهرها ضبط والده، وهو عبد الرَّحمن بن عابس بن ربيعة النَّخعيُّ، عن ابن عبَّاس وكُميل بن زياد، وعنه: شعبة وسفيان، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (119 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
تنبيه: هذا غير عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمثنَّاة تحت والشين المعجمة، هذا حضرميٌّ شاميٌّ، قال أبو حاتم: أخطأ من قال: له صحبة، وقال أبو زرعة: ليس بمعروف، وقال البُخاريُّ: له حديث واحد يضطربون فيه، وروى عن مالك بن يُخَامِر عن معاذ: «رأيت ربِّي»، وعنه: أبو سلام ممطور، وخالد بن اللجلاج، وحديثه في «المسند» و «جامع التِّرْمِذيِّ»، وحديثه عجيب غريب، ذكره في «الميزان»، وقد أخرج له التِّرْمِذيُّ، وقد جزم بصحبته الذهبيُّ في «المشتبه»، وقال في غيره: مختلف في صحبته، وكذا جزم بها ابن حبَّان في «ثقاته»، وقال ابن عبد البَرِّ: لا تصحُّ له صحبة، وحديثه مضطرب، والله أعلم.
و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر تَقَدَّم أعلاه، وكذا (إِبْرَاهِيمُ)، وكذا (عَبْدُ اللهِ).
قوله: (سَمِعْتُهُ مِنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ): تَقَدَّم الكلام عليها بظاهرها؛ فانظره.
==========
[1] قوله: (بن عبد الله) ثابت في (أ) و (ق) وهي في رواية غير أبي ذرِّ، وليست في رواية «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 351]

(1/8843)


[{والذين تبوؤوا الدار والإيمان}]

(1/8844)


[حديث: أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم]
4888# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو بَكْرٍ) بعده: هو ابن عيَّاش، تَقَدَّم بعض ترجمته، و (حُصَيْن): هو ابن عبد الرَّحمن، وتَقَدَّم أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح.
قوله: (بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): تَقَدَّم أنَّ (المهاجرين الأوَّلين): هو من صلَّى منهم القبيلتين مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأمَّا من أسلم بعد تحويل القبلة وهاجر؛ لا يُعدُّ فيهم، قاله القاضي عياض، وذكرت في ذلك قولًا آخرَ في (مناقب عثمان رضي الله عنه).
قوله: (وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ): يعني: في غير الحدود.
==========
[ج 2 ص 351]

(1/8845)


[{ويؤثرون على أنفسهم} الآية]
قوله: (حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ: عَجِّلْ): قال ابن التِّين: لم يذكره أهل اللُّغة، إنَّما قالوا: معناه: هَلُمَّ وأقبِلْ، قاله شيخنا.

(1/8846)


[حديث: ألا رجل يضيف هذه الليلة يرحمه الله]
4889# قوله: (حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (أَبُو أُسَامَةَ) بعده: حمَّاد بن أسامة، و (فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ): بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، و (أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ): بالحاء المهملة، سلمان، تَقَدَّم مِرارًا، وهو مشهور الترجمة.
قوله: (أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل: قال شيخنا عن الواحديِّ: (إنَّه من أهل الصُّفَّة، ثُمَّ قال: وفي «الأوسط» للطبرانيِّ: أنَّه أبو هريرة، وفي «أحكام القاضي إسماعيل»: «أنَّ رجلًا من المسلمين مكث ثلاثة أيام لا يجد ما يفطر عليه حتَّى فطن له رجل من الأنصار يقال له: ثابت بن قيس ... »؛ الحديث، وبه جزم ابن التِّين)، انتهى، وقال شيخنا أيضًا في (كتاب الأطعمة): (ويقدِّم ضيفه على عياله كما فعل أبو طلحة وأم سُلَيم بأبي هريرة، كما ذكره الطبرانيُّ في «أوسطه»)، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك كلَّه.
قوله: (أَصَابَنِي الْجَهْدُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الجيم: المشقَّة.
قوله: (أَلاَ رَجُلٌ): (ألَا): بفتح الهمزة، وتخفيف اللَّام.
قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل: قال الخطيب البغداديُّ: الأنصاريُّ: ثابت بن قيس بن شَمَّاس، وقيل: أبو طلحة، قال: ولا أُراه أبا طلحة زيد بن سهل، بل آخرَ يُكنى أبا طلحة، انتهى، وفي «مبهمات ابن بشكوال»: هو أبو طلحة زيد بن سهل، وساق له شاهدًا من «مسلم»، انتهى، والذي في «مسلم»: (أبو طلحة) فقط من غير تسميةٍ ولا نسبٍ لأبيه، وقد تَقَدَّم كلام الخطيب، قال ابن بشكوال: وقيل: ثابت بن قيس بن شَمَّاس، وساق له شاهدًا، وقيل: عبد الله بن رواحة، حكاه يحيى بن مُزين في «تأليفه»، انتهى، وقال شيخنا: وعند المهدويِّ: نَزَلَتْ في أبي المتوكِّل، وأنَّ الضيف: ثابت بن قيس بن شَمَّاس، عكس ما سلف، قال شيخنا: وَهِمَ ابن عسكر فقال: أبو المتوكِّل هذا هو الناجيُّ؛ لأنَّه تابعيٌّ إجماعًا، وقد تَقَدَّم ما قاله شيخنا قريبًا في الضيف مع من ضيَّفه، وقد تَقَدَّم.

(1/8847)


قوله: (فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ): إن كان هذا الرجل أبا طلحة زيد بن سهل _كما قاله ابن بشكوال ونفاه الخطيب_؛ فامرأته أمُّ سليم، كما تَقَدَّم كلام شيخنا، وإن كان غيره؛ فلا أعرف امرأته ولا هو، وإن كان ثابتَ بن قيس بن شَمَّاس؛ فقد تزوَّج في حياته عَلَيهِ السَّلام بنسوةٍ، وإن كان عبد الله بن رواحة؛ فلا أعرف اسم امرأته، والله أعلم.
قوله: (ضَيْفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ضيفُ) في أصلنا: مرفوع؛ أي: هذا ضيفُ، والله أعلم، ويجوز نصبه على تقدير: أكرمي أو نحوه.
[ج 2 ص 351]
قوله: (فَأَطْفِئِي): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ مهموز الآخِرِ.
قوله: (عَجِبَ اللهُ [1] أَوْ ضَحِكَ اللهُ [2]): تَقَدَّم الكلام على (عَجِبَ الله)؛ ومعنى (عَجِب): أي: عظم عنده ذلك، وقيل: عظم جزاء ذلك، فسمَّى الجزاء عجبًا، وقد قدَّمتُ ذلك بأطول من هذا، وأمَّا (ضَحِكَ الله)؛ فطريقه وطريق الأحاديث مثله الإيمان بها من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تأويل، وتسليمها إلى عالمها، أو تأويلها بما يليق بجلاله، وهما قولان؛ للسلف الأوَّل، وللخلف الثاني، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عزَّوجلَّ).
[2] اسم الجلالة ليس في رواية «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8848)


(((60))) [الممتحنة]
قوله: (سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةُ [1]): هي بفتح الحاء، اسم مفعول؛ لقوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]، وقال شيخنا: بكسر الحاء، كما قاله السهيليُّ؛ أي: المختَبِرة، أُضِيف إليها الفعل مجازًا، ومن قاله بالفتح؛ أضافها للمرأة التي نزلت فيها؛ وهي أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط، وقال مقاتل: اسمها سُبَيْعَة، ويقال: سعيدة بنت الحارث الأسلمية، وقيل: نزلت في أميمة بنت بشر، انتهى، ذكر الذهبيُّ في «تجريده»: سعيدة، ولم ينسبها، قال: صحابيَّة، ذكرها مقاتل في تفسير آية الامتحان.
قوله: (أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُمر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أصحابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/8849)


[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها ... ]
4890# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا ابن عيينة.
قوله: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ): تَقَدَّم في (الجهاد) أنَّه عَلَيهِ السَّلام أرسل معهم أبا مَرْثَد، ولم يذكر المقدادَ، والظاهر [أنَّه] عَلَيهِ السَّلام أرسلهم كلَّهم؛ عليًّا، والزُّبَيرَ، والمقدادَ، وأبا مَرثَد، وقد تَقَدَّم في أوَّل (غزوة الفتح) مع روايتين أُخْرَيَين، وفي (الجهاد) أيضًا.
قوله: (رَوْضَةَ خَاخٍ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأين هي، ووَهَمُ من وَهِمَ فيها فقال: (حاج)، وكذا تَقَدَّم الكلام [على] (الظَّعِينَة) التي حملت الكتاب مع الاختلاف في اسمها، وعلى (عِقَاصِهَا)، وما هي، والجمع بينها وبين (مِنْ حُجْزَتِهَا)، وتَقَدَّم ما كان في الكتاب مع الاختلاف فيه، وأنَّه كتبه إلى سهيل بن عمرو، وصفوان بن أُمَيَّة، وعكرمة بن أبي جهل، وكذا على قوله: (مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، وأنَّه بضمِّ الفاء.
قوله: (فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ): هو بنصب (أَضْرِبَ) جواب الأمر.
قوله: (قَالَ عَمْرٌو: وَنَزَلَتْ فِيهِ)، وكذا قوله: (أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو)، وهو ابن دينار المَكِّيُّ المذكور في السند.
قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ قريبًا وبعيدًا، وكذا (قِيلَ لِسُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير.
قوله: (وَما أُرَى أَحَدًا): (أُرى): بضمِّ الهمزة، وفتح الراء؛ أي: أظنُّ.
==========
[ج 2 ص 352]

(1/8850)


[{إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات}]

(1/8851)


[حديث: قد بايعتك على ذلك]
4891# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا [1] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (غزوة الحُدَيْبيَة)، و (يعقوب بن إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، أبو يوسف الزُّهريُّ تَقَدَّم، و (ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَمُّه): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو بكر محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: («قَدْ بَايَعْتُكِ» كَلَامًا، لَا [2] وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَمَا [3] يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ): فائدة هي تنبيه: بيعة النساء: أن يأخذ عليهنَّ العهد والميثاق، فإذا أقررن بألسنتهنَّ؛ قال: قد بايعتكنَّ، و (ما مسَّت يدُه يدَ امرأة في المبايعة): كذلك في هذا الحديث من حديث عائشة رضي الله عنها، قال الإمام السهيليُّ في «روضه»: وقد رُوي أنَّهنَّ كنَّ يأخذن بيده في البيعة من فوق ثوبٍ، وهو قول عامر الشَّعْبيِّ، ذكره ابن سلَّام في «تفسيره»، والأوَّل أصحُّ، وقد ذكر أبو بكر محمَّد بن الحسن النقَّاش في صفة بيعة النساء وجهًا ثالثًا أوردَ فيه آثارًا؛ وهو (أنَّه عَلَيهِ السَّلام كان يغمس يده في إناء، وتغمس المرأة يدها فيه عند المبايعة)، فيكون ذلك عقدًا للبيعة، وليس هذا بالمشهور، ولا هو عند أهل الحديث بالثَّبت غير أنَّ ابن إسحاق قد ذكره في رواية يونس عن أبان بن صالح، انتهى، والله أعلم.

(1/8852)


قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على ابن أخي الزُّهري، وقد قدَّمتُ أعلاه اسمه ونسبه، و (يونس): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيدَ الأيليُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (عبد الرَّحمن بن إسحاق): هو عبد الرَّحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة القرشيُّ العامريُّ مولاهم، المدنيُّ، ويقال له: عباد بن إسحاق، عن أبيه، وسعيد المَقبُريِّ، والزُّهريِّ، وخلق، وعنه: إبراهيم بن طهمان، ويزيد بن زُرَيع، وحمَّاد بن سلمة، وخالد الطَّحَّان، وابن عليَّة، وآخرون، قال يحيى القطَّان: لم أرهم يحمدونه بالمدينة، وقال يزيد بن زريع: ما جاءنا من المدينة أحفظ منه، وكان كوسجًا، وقال ابن عيينة: كان قَدَريًّا فنفاه أهل المدينة، وقال أحمد: صالح الحديث، وقال عبَّاس عن ابن معين: ثِقةٌ، وقال في موضع آخر: صالح الحديث، وقال يعقوب: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، وهو قريب من محمَّد بن إسحاق، وقال البُخاريُّ: ليس ممَّن يُعتَمد على حفظه، وقال أبو داود: قَدَريٌّ ثِقةٌ، له ترجمة في «الميزان»، وقد ذكرته، ولكن طال العهد به، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم، والأربعة.
ومتابعة يونس أخرجها البُخاريُّ في (الطلاق): (وقال إبراهيم بن المنذر) [خ¦5288]، وقال أبو مسعود: (عن إبراهيم بن المنذر)، ومسلم في (المغازي) عن أبي الطاهر بن السَّرح، والنَّسائيُّ في (التفسير) وفي (البيعة) عن يونس بن عبد الأعلى، وابن ماجه في (الجهاد) عن أبي الطاهر بن السَّرح؛ ثلاثتهم عن ابن وهب عن يونس به.
ومتابعة مَعْمَر أخرجها البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمود عن عبد الرزاق عن مَعْمَر به، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن عبد بن حُمَيد عن عبد الرزاق نحوه [4]، وقال: حسنٌ صحيحٌ.
ومتابعة عبد الرَّحمن بن إسحاق لا أعلم من خرَّجها من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سوى ما هنا.

(1/8853)


قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ): (إسحاق بن راشد): الجزريُّ، عن ميمون بن مهران والزُّهريِّ، وعنه: عتَّاب بن بشير، وعبيد الله بن عمرو، وعِدَّة، صدوق، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وثَّقه ابن معين، وفيه تعديل غير ذلك، وقال الدارقطنيُّ: تكلَّموا في سماعه من الزُّهريِّ، وقد قدَّمتُ أنَّ أبا المليح الرَّقيَّ وغيره قالوا: (قال إسحاق بن راشد: بعث محمَّد بن عليِّ بن زيد بن عليٍّ إلى الزُّهريِّ قال: يقول لك أبو جعفر: استوص بإسحاق خيرًا، فإنَّه منَّا أهل البيت)، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن مسلم، غير أنَّ إسحاق رواه عن الزُّهريِّ عن عروة وعمرة؛ وهي بنت عبد الرَّحمن بن سعد بن زرارة من فقهاء التابعين تَقَدَّمتُ، فزاد: (عمرة) على الذين تَقَدَّموه عن الزُّهري، والله أعلم، ولا أعلم من خرَّجه كذلك من أصحاب الكتب سوى ما هنا، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي موافقة لرواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وَلَا).
[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» (ما)؛ بغير واو، وكُشِط عليها في (ق).
[4] زيد في (أ): (نحوه)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 352]

(1/8854)


[{إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}]

(1/8855)


[حديث: بايعنا رسول الله فقرأ علينا: {أن لا يشركن بالله شيئًا}]
4892# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، وبينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ الحافظ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ أحد الأعلام، و (أُم عَطِيَّة): تَقَدَّم أنَّها نُسيبة _بضمِّ النون على الصَّحيح، وقيل: بفتحها_ بنت كعب الأنصاريَّة من كبار نسَّابة الصَّحابة، تَقَدَّمتُ مترجمة في (الجنائز) وغيرها.
[ج 2 ص 352]
قوله: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ): (بايعْنا): بإسكان العين، والضمير فاعل، و (رسولَ): منصوبٌ مفعولٌ، ولو قيل بفتح العين، ورفع (رسولُ)؛ جاز؛ لأنَّ مَنْ بايَعَك؛ فقد بايَعْتَه، وهو من باب المُفاعَلة، والله أعلم.
قوله: (فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا): هذه المرأة هي أمُّ عطيَّة، كذا في «مسلم»، ولفظه: (عن أمِّ عطيَّة قالت: لمَّا نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} ... {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]، قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله؛ إلَّا آل فلان، فإنَّهم كانوا أسعدوني في الجاهليَّة، فلا بدَّ لي من أن أُسْعِدهم، فقال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إلَّا آل فلان»)، انتهى.
فائدة: قوله: «إلا آل فلان»: قال النوويُّ: محمول على الترخيص لأمِّ عطيَّة في آل فلان خاصَّةً، كما هو ظاهرٌ، ولا تحلُّ النياحة لغيرها، ولا لها في غير آل فلان، كما هو صريح الحديث، وللنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن يخصَّ من العموم من شاء، هذا هو الصَّواب، وما قيل فيه غير هذا فيه نظر، والله أعلم، انتهى، ولو حُمِل على أنَّها ساعدتهم بالبكاء الذي لا نياحة فيه؛ لكان أقرب، والله أعلم؛ لأنَّ الإسعاد لا يُسْتَعمل إلَّا في البكاء كما يأتي.
قوله: (أَسْعَدَتْنِي فُلَانَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: الإسعاد لا يستعمل إلَّا في البكاء، انتهى، وقال ابن قُرقُول: أسعدتني فلانة؛ أي: أعانتني في النياحة، والمرأة التي أسعدت أمَّ عطيَّة لا أعرف اسمها، والله أعلم.

(1/8856)


[حديث ابن عباس في قوله: {ولا يعصينك في معروف}]
4893# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هذا هو المسنديُّ، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): هو ابن حازم تَقَدَّم، و (الزُّبَيْر بن الخَرِّيْت [1]): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق.
==========
[1] قوله: (بن الخَرِّيْت): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.
[ج 2 ص 353]

(1/8857)


[حديث: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تزنوا ... ]
4894# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ تَقَدَّم مِرارًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): هذا هو الخولانيُّ، واسمه عائذ الله بن عبد الله، أحد علماء التابعين تَقَدَّم، وهو مشهور، و (عُبَادَة بْن الصَّامِتِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة.
قوله: (وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة المذكور في السند، و (أكثر): بالثاء المثلَّثة.
قوله: (فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ): تَقَدَّم الكلام على الحدود؛ هل هي كفَّارات لأهلها أم لا، وعلى الحديث، وحديث [1] أبي هريرة مرفوعًا: «لا أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟» في أوائل هذا التعليق؛ فانظره.
قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ): الضمير في (تابعه): يعود على سفيان؛ هو ابن عيينة؛ أي: تابعه عبد الرزاق _يعني: ابن همَّام_ فرواه عن مَعْمَر عن الزُّهريِّ في قراءة الآية، وحديث مَعْمَر أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن عبد الله بن محمَّد، عن هشام، عن مَعْمَر، وأخرجه [2] النَّسائيُّ عن يعقوب بن إبراهيم الدورقيِّ، عن غُنْدُر، عن مَعْمَر به، ومتابعة عبد الرزاق عنه أخرجها مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق به.
==========
[1] زيد في (أ): (أم)، ولعلَّه سبق نظر.
[2] في (أ): (وأخرجها)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 353]

(1/8858)


[حديث: شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله وأبي بكر وعمر ... ]
4895# قوله: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ): هذا الواو سببها: أنَّ هذا الحديث من جملة أحاديثَ رواها ابن وهب عن ابن جُرَيج، فرواها معطوفةً بعضُها على بعض، فلمَّا حدَّث بهذا الحديث ابنَ وهب؛ حدَّثه بالواو، فرواه ابنَ وهب كما سمعه، والله أعلم، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ): تَقَدَّم الكلام على أوَّل من بدأ بالخطبة قبل الصلاة، وردِّ قول من قال: إنَّ أوَّل من بدأ فلان أو فلان.
قوله: (حِينَ يُجَلِّسُ): هو مشدَّد اللَّام في أصلنا، وليس في «الصحاح» إلَّا التعدية بالهمز (يُجْلِس)، ولم أره عُدِّي بالتضعيف، وكأنَّه هنا أراد المبالغة.
قوله: (أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَقَالَت امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ): هذه [1] المرأة لا أعرف اسمها، وقال بعض حفَّاظ العصر: يقال: إنَّها أسماء بنت يزيد بن السَّكن.
قوله: (لاَ يَدْرِي الْحَسَنُ مَنْ هِيَ): (الحسن) هذا: هو المذكور في السند الحسن بن مسلم، شيخ ابن جُرَيج، وهو الحسن بن مسلم بن يَنَّاق، ويَنَّاق: بفتح المثنَّاة تحت، وتشديد النون، وفي آخره قاف لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهو ثِقةٌ، تُوُفِّيَ مع طاووس، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
تنبيه: وقع في «مسلم»: (لا يدري حينئذ من هي)، وهو تصحيف من (حسن)، والله أعلم.
قوله: (الْفَتَخَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الفاء والمثنَّاة فوق المخفَّفة، وبالخاء المعجمة، قال ابن قُرقُول: هي خواتيمُ عظامٌ تُمسكها النساء، كذا فسَّره في كتاب «البُخاريِّ» عبدُ الرزاق، وقال غيره: هي خواتيمُ تُلْبَس في الرِّجل، الواحدة: فتخة، وقال الأصمعيُّ: هي خواتيم لا فصوصَ لها، ويجمع أيضًا: فِتَاخ، وفَتَخات، وفي «الجمهرة»: الفَتْخَة: حَلْقَة من ذهب أو فضَّة لا فصَّ لها؛ وربَّما اتُّخِذ لها فصٌّ؛ كالخاتم، انتهى، وقد قدَّمتُه، وقوله: (عظام)؛ أي: كبار.
==========
[1] زيد في (أ): (لا)، ولعلَّه سبق نظر.
[ج 2 ص 353]

(1/8859)


(((61))) [سورة الصف]
قوله: (وَقَالَ يَحْيَى: بِالرَّصَاصِ): وفي أصلٍ آخرَ: (وقال غيره: بالرَّصاص)، (يحيى) هذا: هو يحيى بن زياد الفرَّاء، ابن عبد الله بن منصور [1] الأسلميُّ، أبو زكريَّا الفرَّاء الديلميُّ الكوفيُّ، مولى بني أسَد، وقيل: مولى بني منقر، له «معاني القرآن»، وقد قال هذا في «معانيه»، كان أبرعَ الكوفيِّين وأعلمَهم باللُّغة، والنحو، وفنون الأدب، ترجمته معروفةٌ، تُوُفِّيَ سنة سبع ومئتين في طريق مَكَّة، وعمره ثلاث وستون سَنةً، ولم يكن يعمل الفِرَاء ولا يبيعها، وإنَّما قيل له: الفرَّاء؛ لأنَّه يفري الكلام رحمه الله تعالى، و (الرَّصاص): بفتح الراء معروف، قال الجوهريُّ: العامَّة تقوله بكسر الراء، انتهى، ونقل بعضهم عن القاضي عياض في «التنبيهات»: الكسر أيضًا، انتهى، وكان هذا في بلاد الجوهريِّ، وأمَّا في بلادنا؛ فلا أسمعهم ينطقون به إلَّا بالضمِّ.
==========
[1] كذا في (أ) مضبوطًا، وفي المصادر: (منظور).
[ج 2 ص 353]

(1/8860)


[{من بعدي اسمه أحمد}]

(1/8861)


[حديث: إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد ... ]
4896# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي) محمَّد بن مسلم.
قوله: (إِنَّ لِي أَسْمَاءً): هو مصروف في أصلنا بالقلم، وكذا جاء به القرآن: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} [النجم: 23]، وقال النَّحْويُّون: لا ينصرف.
قوله: (وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الْكُفْرَ): قيل: المراد: المحوُ العامُّ؛ بمعنى: الظهور بالحجَّة والغلبة، قال الله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]، وقيل: المراد: محو الكفر من مَكَّة، والمدينة، وسائر بلاد العرب، وما زُوي له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الأرض، وجاء في حديث آخر في تفسير (الماحي): «فإنَّه الذي مُحيتْ به سيِّئات من اتَّبعه»، فقد يكون المراد بمحوِ الكفر هذا؛ كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وفي الحديث
[ج 2 ص 353]
الصحيح: «الإسلام يَهْدِمُ ما قبله»، وقد تَقَدَّم.
قوله: (وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي): هو بالتخفيف على الإفراد، وتشديدها على التَّثنية، قال العلماء: معناه: يُحشَرون على إثري، وزمان نبوَّتي ورسالتي، وليس بعدي نبيٌّ، وقيل: معناه: يتَّبعوني، وجاء في رواية في «الصحيح»: «على عقبي»، وقيل فيها كما قيل في هذه من حيث المعنى.
قوله: (وَأَنَا الْعَاقِبُ): ومعناه: الذي ليس بعده نبيٌّ، كما فسَّره صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8862)


فائدة: اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم له أسماءٌ، وقد ذكر الحافظ القاضي أبو بكر بن العربيِّ في كتابه «الأحوذي في شرح التِّرْمِذي» عن بعضهم: أنَّ لله تعالى ألفَ اسم، وللنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ألف اسم، ثُمَّ ذكر منها على التفصيل بضعًا وستين، وقد رأيت مؤلَّفًا في القاهرة في جلدين للحافظ ابن دحية ذكر فيهما أسماءً للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وذكر أماكنها، والكتب التي ذكرت فيها، وتكلَّم عليها من حيث اللغة، وتخريجها من الأحاديث، وهو مؤلَّف حسن، غالب ظنِّي أنَّ فيه ثلاثَ مئة اسمٍ ونيِّفًا، وتَقَدَّم ما ذكره مغلطاي في عددها، وذكر فيه: أنَّ من جملة الأسماء: اللَّبِنَة؛ لقوله عَلَيهِ السَّلام: «وأنا اللَّبِنَة»، وغالبها من هذا النَّحْو، وقد ذكرت فيما مضى ما حضرني من أسمائه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في (باب ما جاء في أسماء رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)؛ فانظره، والله أعلم.

(1/8863)


(((62))) [الجمعة]

(1/8864)


[{وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}]
قوله: ({فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9]): هذه شاذَّةٌ.

(1/8865)


[حديث: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء]
4897# قوله: (عَنْ ثَوْرٍ): هو ابن زيد الديليُّ، مشهور جدًّا، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّم ضبطه غيرَ مرَّةٍ، وأنَّ اسمه سالم، تَقَدَّمتُ ترجمته، وهو مولى ابن مُطيع.
قوله: (وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ): تَقَدَّم الكلام عليه قبيل (المغازي)، وعلى كم عاش، وكلام الذهبيِّ في ذلك، وأنَّه من أبناء الثمانين لم يبلغ المئة، ومن أين هو، ولا أستحضر اسم والده، وكنت قد ظفرت به في مكان ثُمَّ أُنسِيتُه.
قوله: (لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا): هي النجم المعروف، وقد قدَّمتُ الكلام عليها، وكم هي من نجم، وكم كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يَرى فيه من نجم في (البيوع).
تنبيه هو فائدة: في «مسند أحمد» هذا الحديث، ولكنَّ لفظه: «لو كان العلم» بدل «الإيمان»، ذكره من ثلاث طرق بذلك.
4898# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ: أَخْبَرَنَا [1] ثَوْرٌ): (عبد العزيز) هذا: هو الدراورديُّ، كذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقد رواه التِّرْمِذيُّ من طريقه، وقال شيخنا: ذهب الكلاباذيُّ إلى أنَّه ابن أبي حازم، وكذا رأيته أنا في «الكلاباذيِّ»، قال الجيَّانيُّ: والذي عندي أنَّه الدراورديُّ، انتهى، و (ثور): تَقَدَّم أنَّه ابن زيد الديليُّ أعلاه، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سالم مولى ابن مُطيع.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أَخْبَرَنِي).
[ج 2 ص 354]

(1/8866)


[{وإذا رأوا تجارةً}]

(1/8867)


[حديث: أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي فثار الناس ... ]
4899# قوله: (حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ) تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وأنَّ الأسماء كذلك، والكنى بالفتح، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وقوله: (وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ): هذا: قال الدِّمْياطيُّ: اسمه طلحة بن نافع.
إن قيل: ما الحكمة في قوله: (عن سالم بن أبي الجعد، وعن أبي سفيان عن جابر)؟ فالجواب: أنَّ حُصَين بن عبد الرَّحمن روى هذا الحديث في مجلسَين؛ عن سالم وعن أبي سفيان، فلو قال: عن سالم وأبي سفيان؛ لأدَّى ذلك إلى أن يكون سمعهما في مجلسٍ واحدٍ، وليس كذلك؛ إنَّما سمعه منهما متفرِّقَين، لا مجموعَين، هذا ما ظهر لي فيه، والله أعلم.
وطلحة بن نافع هذا: هو مولى قريش، يروي عن أبي أيَّوب، وجابر، وابن عبَّاس، وعدَّة، وعنه: الأعمش، وأبو بشرٍ، وابن إسحاق، قال جماعة: ليس به بأس، وقال شعبة وابن عيينة: حديثه عن جابر صحيفةٌ، روى عنه البُخاريُّ مقرونًا، وهو هنا مقرونٌ بسالم بن أبي الجعد، وأخرج له الأربعة، وله ترجمة في «الميزان».
قوله: (أَقْبَلَتْ عِيرٌ): تَقَدَّم ما (العير)، ولمن كانت هذه العير، في (الجمعة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على الاثني عشر رجلًا الذين لم ينفضُّوا، بل ثبتوا، ومن قيل: إنَّه ثبت معهم، كلُّه في (الجمعة).
==========
[ج 2 ص 354]

(1/8868)


(((63))) [سورة المنافقين]
قوله: (سُوْرَةُ المُنَافِقِين): اعلم أنِّي ذكرت فيما مضى أنِّي أذكر في هذه السورة من وقفت عليه أنَّه ذُكر بنفاقٍ، وقد رتَّبتهم على حروف المعجم، وهم: أوس بن قبطيٍّ، بجاد بن عثمان، بحزَجُ، بشر بن أُبيرق، بشر بن زيد، بشير بن أُبيرق، ثعلبة بن حاطب، جارية بن عامر، جدُّ بن عبد الله بن نبتل، جدُّ بن قيس، جُلَاس بن سويد، الحارث بن سويد، حاطب بن أُمَيَّة، أبو حبيبة بن الأزعر، حُدير بن أبي حُدير، خذام، داعس، رافع بن وَدِيعة، رافع بن خزعلة، رافع بن زيد، رفاعة بن زيد، زُوَيٌّ، زيد بن جارية، زيد بن اللُّصيت، سعد بن زرارة، سلسلة بن برهام، سعد بن حنيف، سميحة _كذا في «مبهمات ابن بشكوال»، وفي «تجريد الذهبيِّ»: سميحة أو سحمية جار أبي لبابة، له ذكر في حديثٍ ذكره الأشيريُّ_، سويد غير منسوب _وفي كلام بعضهم في المنافقين: سويد بن عديِّ بن ربيعة، يحتمل أن يكون هو، وأن يكون غيرَه، والله أعلم_، ضحَّاك أبو ثابت، عبَّاد بن حنيف، عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، عبد الله بن نبتل، عبد الرَّحمن بن نبتل، _كذا رأيته عن «المتَّفِق والمفترِق» في ترجمة زيد بن أسلم: أنَّه جاء زيد بن أسلم بصدقة ماله، فقال معتِّب بن قُشَير وعبد الرَّحمن بن نبتل: إنَّما أراد الرياء، فأنزل الله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ ... }؛ الآية [التوبة: 79]_، عثمان بن أوفى، عَديُّ بن ربيعة، عقبة بن كُديم، عمرو بن قيس، عيينة بن حصن، _ذكره شيخنا في (بعث عليٍّ وخالد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجَّة الوداع): أنَّه كان منافقًا، انتهى، والمعروف أنَّه ارتدَّ بعد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وآمن بطُلَيحة، ثُمَّ أُسر فمنَّ عليه الصديق، ولم يزل مظهرًا للإسلام، ولم أرَ مَن ذكره أنَّه منافق إلَّا شيخنا_، قزمان، قيس بن عمرو بن سهل، قيس بن رفاعة، قيس بن زيد، كنانة بن صوريا، مالك بن أبي نوفل، مبشر بن أُبيرق، مجمع بن جارية، مخشيُّ بن حمير، مربع بن قيظيٍّ، معتِّب بن قُشَير، نافع بن الضَّحَّاك بن خليفة، نبتل بن الحارث، نعمان بن أوفى، نعمان بن عمرو، وديعة بن ثابت، وديعة بن خذام فيما قيل، ووديعة آخر غير منسوب، _والظاهر أنَّه وديعة بن مالك، ذُكِر في غزوة بني النضير شخص يقال له: وديعة بن مالك، دسَّ إلى بني النضير أن اثبوا، وكان معه جماعة من المنافقين؛ كعبد الله بن أُبيٍّ، وسويد، وداعس، والله أعلم_، يزيد بن مجمع.

(1/8869)


تنبيه: اعلم أنَّ ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كان المنافقون من الرجال ثلاثَ مئة، ومن النساء مئة وسبعين، قال أبو الفرج ابن الجوزيِّ الحافظ المشهور: ثُمَّ منهم من اشتُهِر بالنفاق، فلم يُذْكَر في الصَّحابة؛ كعبد الله بن أُبيٍّ، ومنهم جماعة ذكرهم العلماء في الصَّحابة قد كان سُمع منهم ما يدلُّ على النفاق، ولعلَّ فيهم من تغيَّر عن حاله، وفيمن ذكرنا ثعلبة بن حاطب، ومعتِّب بن قُشَير، وكلاهما قد شهد بدرًا، وإنَّما ذكرت هذا الكلام؛ لئلَّا يُطلَق لسانٌ في ذمِّ جماعتهم إلَّا من تحقَّق نفاقه؛ كابن أُبيٍّ، والله أعلم، انتهى.
تنبيه ثانٍ: هؤلاء الجماعة أخذتهم من «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، ومن «تلقيح ابن الجوزيِّ»، ومن غيرهما أيضًا، وليُعلَم أنَّ جميع هؤلاء مشايخُ، ولم يكن فيهم شابٌّ إلَّا واحدًا؛ وهو قيس بن عمرو بن سهل، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 354]

(1/8870)


[{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله}]

(1/8871)


[حديث: إن الله قد صدقك يا زيد]
4900# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): (إسرائيل) هذا: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله.
قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ فِي غَزَاةٍ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: ذكر أبو نُعيم أنَّ سنان بن وبر سمع عبد الله بن أُبيٍّ يقول: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ... }؛ الآية [المنافقون: 8]، فيحمل على أنَّه سمعه أيضًا مع زيد بن أرقم؛ توفِيقًا بينهما، انتهى.
قوله: (كُنْتُ فِي غَزَاةٍ ... ) إلى آخره: هذه الغزاة هي غزوة بني المُصطلق، وهي غزوة المريسيع، وكانت في شعبان سنة ستٍّ عند ابن إسحاق، وفي سنة أربع عند موسى بن عقبة، وفي شعبان سنة خمس يوم الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق بعدها عنده في ذي القعدة من السنة، وقد تَقَدَّم ذلك في مكانه، وفي «التِّرْمِذيِّ»: أنَّ القصَّة كانت في تبوك، وقال: حسن صحيح، وذكر أيضًا القول بأنَّها في غزوة بني المصطلق حكاية عن سفيان، ولفظ سفيان: (يُرَون أنَّها غزوة بني المصطلق)، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: إنَّها في المريسيع، وذكر ابن العربيِّ: أنَّها في تبوك، وهو غير جيِّد، كما نبَّه عليه ابن عسكر؛ لأنَّ المسلمين كانوا في تبوك أعزَّةً، والمنافقين أذلَّةً، وأيضًا أنَّ منهم من قال: إنَّ ابن أُبيٍّ لم يشهدها إنَّما كان مع الخوالف، انتهى.
قوله: ({حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ} [المنافقون: 7]): هذا موجود في قراءة عبد الله، ولم يثبت في شيء من المصاحف المتَّفق عليها.

(1/8872)


قوله: (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي أَوْ لِعُمَرَ): كذا بالشَّكِّ، وسيجيء (لعمِّي) بغير شكٍّ، ولابن إسحاق: أنَّ زيد بن أرقم مشى به إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وسيجيء في هذا «الصحيح»: (فأتيت النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فأخبرته)، وسيجيء أيضًا: (فبلغ ذلك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، قال شيخنا: وفي رواية في «الطبرانيِّ»: (فذكرت ذلك لسعد بن عبادة)، ولا تنافي؛ فقد يخبر به عمَّه أو غيرَه، ثُمَّ يسأله النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فيخبره، ويجوز أن يقال: أخبرتُه؛ إذا أومأتَ إليه، انتهى، وعمُّ زيد بن أرقم هو _كما قاله شيخنا عن الدِّمْياطيِّ_: ثابت بن زيد بن قيس بن زيد، أخو أرقم بن زيد، انتهى، وذكر هذا بعض حفَّاظ المِصْريِّين فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّه يكون ابنَ عمِّه، لكن لعلَّه سماه عمًّا تعظيمًا، انتهى، ولم أر أنا هذا في الصَّحابة في كتاب «تجريد الذهبيِّ»، وهو أجمع كتاب وقفت عليه في الصَّحابة، ولا في «مبهمات التجريد»، قال شيخنا: ويحتمل أنَّه أراد به سعد بن عبادة، كما سلف؛ لأنَّه شيخ من شيوخ قبيلته الخزرج، ويحتمل أنَّه أراد عمَّه زوج أمِّه، ابن رواحة، انتهى، وهذا القول الأخير إنَّما يأتي على أنَّ القصَّة جرت في غزوة بني المصطلق، أمَّا على القول بأنَّها جرت في تبوك؛ فلا، وذلك لأنَّ تبوك في التاسعة، وابن رواحة رضي الله عنه قُتل في مؤتة في الثامنة.

(1/8873)


[{اتخذوا أيمانهم جنةً}]

(1/8874)


[حديث: إن الله قد صدقك]
4901# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبيعيِّ.
قوله: (كُنْتُ مَعَ عَمِّي): تَقَدَّم الكلام في اسم عمِّ زيد بن أرقم أعلاه.
==========
[ج 2 ص 355]

(1/8875)


[{ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}]

(1/8876)


[حديث: لما قال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله]
4902# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عتيبة، وقدَّمتُ وهمًا وَهِمَه البُخاريُّ فيه.
قوله: (فَأَتَانِي رَسُولُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرسول لا أعرف اسمه.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ... ) إلى آخره: هذا هو يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، وقد تَقَدَّم مُترجَمًا، و (الأَعْمَش): سليمان بن مهران تَقَدَّم، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الأنصاريُّ الكوفيُّ، وهذا التعليق أخرجه النَّسائيُّ في (التفسير): عن إسحاق بن إبراهيم، عن يحيى بن آدم، عن يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن الأعمش، عن عمرو بن مرَّة، عن ابن أبي ليلى به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 355]

(1/8877)


[{وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ... }]

(1/8878)


[حديث: خرجنا مع النبي في سفر أصاب الناس فيه شدة]
4903# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.
قوله: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمتْ أعلاه أنَّها غزوة بني المصطلق، وما قيل في ذلك.
قوله: (كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (كَذَبَ): بفتح الكاف، والذال المخفَّفة، والباء الموحَّدة، و (رسولَ): منصوبٌ مفعولٌ؛ ومعناه: حدَّثه حديثَ كذبٍ.
==========
[ج 2 ص 355]

(1/8879)


[{وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ... }]
قوله: (وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ «لَوَيْتُ»): اعلم أنَّه قرأ بالتخفيف نافعٌ، والباقون بتشديد الواو، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 355]

(1/8880)


[حديث: كنت مع عمي فسمعت ابن أبي يقول: لا تنفقوا على .. ]
4904# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله.
قوله: (كُنْتُ مَعَ عَمِّي ... ) إلى أن قال: (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي): تَقَدَّم الكلام على عمِّه أعلاه؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 355]

(1/8881)


[{سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ... }]

(1/8882)


[حديث: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه]
4905# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو ابن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، وقد تَقَدَّم ذلك مرارًا.
قوله: (كُنَّا فِي غَزَاةٍ): تَقَدَّم ما هي الغزاة أعلاه.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فِي جَيْشٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ سفيان هذا هو ابن عيينة، وهو المذكور في السند.
قوله: (فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): (الكَسْعُ)؛ بفتح الكاف، وإسكان السين وبالعين المهملتين: هو أن تضرب بيدك ورجلك دبر إنسان، قاله الخليل، وقال الطَّبريُّ: هو أن تضرب عَجُزَ إنسان بقدمك، وقيل: هو ضربك بالسيف على مؤخره، وقال الجوهريُّ: الكَسْع: أن تضرب دبر الإنسان بيدك أو بصدر قدمك، انتهى.
والرجل من المهاجرين: هو جهجاه بن مسعود، قال ابن عبد البَرِّ: جهجاه بن سعد بن حرام، وهو صاحب حديث: «المؤمن يأكل في معًى واحد»، وقيل: إنَّ ذلك كان في غيره، وقال الطبريُّ: المحدِّثون يزيدون فيه الهاء، والصواب: جهجا؛ دون هاء، وجهجاه هذا: هو الذي جاء وعثمان رضي الله عنه يخطب وبيده عصا النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخذها وكسرها على ركبته، فدخلت فيها شظيَّة منها، فبغى الجرح، وأصابته الأكَلَة، وشُدَّت العصا، وكانت مضبَّبة، ذكره ابن مسلمة التجيبيُّ في «تاريخه»، وقد رأيت عن ابن دحية الحافظ نقلًا عن ابن العربيِّ في كتاب «العواصم»:
[ج 2 ص 355]
(لا يصحُّ كسر العصا عمَّن أطاع ولا من عصى).
وأمَّا الأنصاريُّ؛ فإنَّه سنان بن وبْر؛ بإسكان الموحَّدة عند بعضهم، وقال أبو عمر: سنان بن تيم، ويقال: ابن وبر، وفي كتاب ابن شبَّة: سنان بن أبير، وحكى الأمويُّ عن ابن إسحاق: سنان بن عمرو، ويقال: ابن وبرة، ونقل شيخنا عن السُّدِّيِّ: أنَّه حصل بين جعال _ويقال: جهجاه_ الغفاريِّ أجير عمر رضي الله عنه وبين وبر بن سنان الحمصيِّ الجهنيِّ حليف ابن أُبيٍّ شرٌّ، فبلغ ذلك ابنَ أُبيٍّ، فتكلَّم، فسمعه زيد بن أرقم ... )؛ الحديث، انتهى، ولعلَّ قوله: (وبر بن سنان): مقدَّم ومؤخَّر، والله أعلم.
تنبيه: قال بعض الحُفَّاظ من أهل العصر: في «تفسير ابن مردويه»: أنَّ ملاحتهما كانت بسبب حوض شربت منه ناقة الأنصاريِّ.

(1/8883)


قوله: (يا لَ الأَنْصَار): لام المستغاث به مفتوحٌ؛ لأنَّه كالضمير، وكذا قوله: (يا لَ المُهَاجِرِينَ)، وهذا إذا ولي (يا)، أمَّا لو جاء بعد الذي يلي (يا)؛ فإنَّها تكون مكسورةً، تقول: يا لَزيد ولِعمرٍو، فلام (زيد) مفتوحة، ولام (عمرو) مكسورة، وقد تَقَدَّم كيف كتابتها.
قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو): أمَّا (سفيان): فقد تَقَدَّم قبيله أنَّه ابن عيينة، وأنَّ (عمرًا) هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام.

(1/8884)


[{هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ... }]

(1/8885)


[حديث: اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار]
4906# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ أحدِ الأعلام.
قوله: (حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ): تَقَدَّم أنَّ الحرَّة كانت سنة ثلاثٍ وستِّين، وتَقَدَّم عدد من قُتِل فيها، وماذا جرى.
قوله: (وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي): (شدَّةُ): مرفوع فاعل (بلغه)، والضمير: مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ): السائل لأنسٍ لا أعرفه.
قوله: (أَوْفَى اللهُ بِأُذُنِهِ): ومعنى: (أوفى الله بأُذُنِه): أي: أظهر صدقه في إخباره عمَّا سمعت أُذُنُه، قاله ابن الأثير، وقوله: (بأُذُنه): كذا في أصلنا (بأُذُنه)؛ بضمِّ الهمزة والذال، وكذا في أصل آخر، ويجوز تسكين الذال، لغتان معروفتان، وهما قراءتان أيضًا في السبع، قرأ نافع بالإسكان حيث وقع، والباقون بالضَّمِّ، وقال شيخنا: وهو بسكون الذال، ولم يذكر غيره، انتهى، وقال بعضهم: بضمِّ الهمزة، وسكون الذال، ويُروَى بفتحهما، انتهى، و (الأَذَن)؛ بفتح الهمزة والذال: الاستماع؛ أي: بما استمعه من عبد الله بن أُبيٍّ.
==========
[ج 2 ص 356]

(1/8886)


[{يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل}]

(1/8887)


[حديث: دعوها فإنها منتنة]
4907# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة.
قوله: (كُنَّا فِي غَزَاةٍ): تَقَدَّم الكلام قريبًا على هذه الغزاة ما هي، والاختلاف فيها، وعلى (فَكَسَعَ)، وعلى الرجل [من] المهاجرين، والرجل الأنصاريِّ، وعلى (يَا لَ الأَنْصَارِ [1]).
قوله: (أَوَقَدْ فَعَلُوا؟): (أوَ): بفتح الواو على الاستفهام، وهو استفهام إنكار.
==========
[1] في (أ): (للأنصار)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 356]

(1/8888)


(((64))) [سورة التغابن]
قوله: (سُورَةُ التَّغَابُنِ): فائدة: نقل شيخنا ما لفظه: قيل: التغابن: اسم من أسمائه تعالى، وسُمِّي بذلك؛ لأنَّه يغبن فيه المظلوم والظالم، انتهى، وهذا غريبٌ؛ لأنَّه لا يعرف في أسمائه تعالى ذلك، والله أعلم.
قوله: (غَبَنَ أَهْلُ الجنَّة أَهلَ النَّار): (أهلُ الجنَّة): بالرفع، و (أهلَ النَّار): بالنصب، الأوَّلُ فاعلٌ [1]، والثاني مفعولٌ، كذا هو مضبوط هنا في أصلنا، وفي (باب القصاص يوم القيامة) مضبوط: (غبنُ أهلِ الجنة أهلَ النار)، (غبنُ): مرفوع، وهو مصدر، و (أهلِ الجنَّة): مجرور مضاف، و (أهلَ النَّار): منصوب مفعول المصدر، وفي أصل آخر: (غبنِ)؛ بالجر؛ لأنَّه بدل من (التغابنِ)، وهو مجرور، و (أهلِ الجنة): مجرور بالإضافة، و (أهلَ النار): بالنصب مفعول المصدر.
قوله: (وَقَالَ عَلْقَمَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
==========
[1] في (أ): (فاعل الأوَّل)، من غير علامة التقديم والتأخير، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 356]

(1/8889)


(((65))) [سورة الطلاق]

(1/8890)


[حديث: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر]
4908# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): بضمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهري محمَّد بن مسلم.
قوله: (أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): امرأة ابن عمر المطلَّقة اسمها آمنة بنت غفار، قاله الشيخ محيي الدين النوويُّ في «مبهمات تهذيبه» وفي «مختصر المبهمات» له التي اختصرها من «مبهمات الخطيب» في (حرف الياء المثنَّاة تحت)، وكذا عزا تسميتَها ونسبها إلى أبيها الذهبيُّ في «تجريده» إلى النوويِّ، وكذا سمَّاها بعض حفَّاظ العصر، قال: رُوِّيناه في الجزء التاسع من «حديث قتيبة» جمعَ سعيد العيَّار، قال: وكذا ضبطه ابن نقطة _ أباها_ بغين معجمة وفاء، وعزاه لابن سعد، وذكر أنَّه وجده كذلك بخطِّ أبي الفضل بن ناصر الحافظ، انتهى.
قوله: (ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ): قال بعضهم: قيل: مدرج من الراوي، انتهى.
قوله: (فَإِنْ بَدَا لَهُ): (بدا) غير مهموز؛ بمعنى: ظهر له.

(1/8891)


[{وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}]
قوله: ({وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} [الطلاق: 4]: وَاحِدَتُها: ذَاتُ حَمْلٍ)؛ يعني: أنَّ المفرد من غير اللفظ، وله نظائرُ.
==========
[ج 2 ص 356]

(1/8892)


[حديث: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة]
4909# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو ابن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى الصَّنعة المعروفة، كذا قال ابن الأثير، وقال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النحْويُّ، لا شيبان النحْويُّ هذا، وقد تَقَدَّم ذلك مرَّات، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.
قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ): هذا الرجل لا أعر ف اسمه.
قوله: (أَفْتِنِي): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (آخِرَ الأَجَلَيْنِ): (آخرَ): بالنصب؛ أي: تعتدُّ بآخر الأجلين، ويجوز الرفع؛ أي: عدَّتُها آخرُ الأجلين، و (آخر الأجلين)؛ يعني: إن كانت حاملًا فوضعت قبل أربعة أشهر وعشرة أيام؛ فتَرَبَّصُ إلى أربعة أشهر وعشرة أيام، وإلَّا؛ فبوضعِ الحمل، والله أعلم.
قوله: (إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة، المخزوميَّة أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها آخر الأزواج موتًا، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، وقُتِل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستِّين.
قوله: (قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ زوجها سعد بن خولة، وتَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه تُوُفِّيَ بمَكَّة، ولم يُقتَل، قال شيخنا: وقع هنا أنَّ زوج سُبَيعة قُتِل، وهو المراد بباقي الروايات: (مات)، انتهى، وفي هذا نظر، والله أعلم، و (سُبَيْعَة): تَقَدَّمتُ أنَّها بنت الحارث الأسلميَّة، ووَضَعت بعد وفاته بليالٍ، قيل: أربعين؛ وهذا هنا، وقيل: بخمسٍ وثلاثين يومًا، وقيل: بشهرٍ، وقيل: بخمس وعشرين، وقيل: عشرين ليلة، وقيل: بنصف شهر، وبخمس عشرة ليلة، وهما واحد، وقال شيخنا بعد أن حكى (عشرين ليلةً) مع غيره قال: وأخرجها أجمعَ عبدُ بن حميد وابن مردويه وابن جرير في «تفاسيرهم»، انتهى.
تنبيه: في «الاستيعاب» عن ابن جُرَيج: أنَّ زوجها المتوفَّى عنها: أبو البدَّاح بن عاصم، وهذا وَهَمٌ، ذكر ذلك في (أبي البدَّاح).
[ج 2 ص 356]

(1/8893)


قوله: (فَخُطِبَتْ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، وكسر الطاء، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا): (أبو السَّنَابِل): بفتح السين المهملة، وبعدها نون مخفَّفة، وبعد الألف مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ لام، وهو ابن بَعْكَك؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ كافين الأولى مفتوحة، مصروف، وبَعْكَك: هو ابن الحجَّاج بن الحارث ابن السباق بن عبد الدار، كذا نسبه ابن الكلبيِّ وابن عبد البَرِّ، وقيل في نسبه غيرُ هذا، واسمه عمرو، وقيل: حبَّة؛ بالموحَّدة المشدَّدة، ويقال: بالنون المشدَّدة، ولا يَصِحُّ، وقيل: بعكك، وقيل: اسمه كنيته، وقيل: عامر، وقيل: أصرم، وقيل: بَغِيض، وقيل: لبيد بن عبد ربِّه، وقيل: اسمه عبد الله، وقال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: قال محمَّد _يعني: البُخاريُّ_: لا أعرف أبا السنابل عاش بعد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وفي (حرف اللام) من «تجريد الذهبيِّ»: أنَّ الدارقطنيَّ سمَّاه لندرته، وقال شيخنا: وادَّعى ابن عسكر أنَّ أبا السنابل عبدُ الله بن عامر بن كريز القرشيُّ، انتهى، أسلم أبو السنابل يوم الفتح، وكان من المؤلَّفة، وكان شاعرًا، سكن الكوفة، وقد تَقَدَّم غير هذه المرَّة.
قوله: (فِيمَنْ خَطَبَهَا): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «الأُسْد» لابن الأثير: عن أمِّ سلمة: (فخطبها كهلٌ وشابٌّ)، انتهى، أمَّا الكهلُ؛ فهو أبو السنابل، كذا ذكره الطبرانيُّ في «الأوسط» في (أحمد بن محمَّد بن نافع)، وأمَّا الشابُّ؛ فهو أبو البشر بن الحارث، كذا نقله ابن بشكوال عن ابن وضَّاح، قال: ولم أرَ لهذا ذكرًا في الصَّحابة، وذكره في «الأُسْد» فقال: أبو البشر بن الحارث، من بني عبد الدار، هو الشابُّ الذي خطب سُبَيعة، قاله ابن وضَّاح، ورواه ابن الدبَّاغ عن أبي محمَّد بن عتَّاب، وضبطه بالشين المعجمة بعد الباء الموحَّدة، انتهى ملخَّصًا، وكذا قال الذهبيُّ في «تجريده»: أبو بشر بن الحارث العبدريُّ، خطب سُبَيعة، قاله ابن الدبَّاغ، انتهى.

(1/8894)


[معلق ابن مسعود: كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى]
4910# قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ محمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ): أمَّا (سليمان بن حرب)؛ فهو أبو أيُّوب الواشحيُّ البصريُّ، قاضي مَكَّة، عن شعبة وجرير بن حازم، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والكجِّيُّ، وأبو خليفة، قال أبو حاتم: إمام من الأئمَّة، لا يُدَلِّس، ويتكلَّم في الرجال والفقه، لعلَّه أكبر من عفَّان، ما رأيت في يده كتابًا قطُّ، حُزِرَ مجلسه ببغداد بأربعين ألفًا، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم ولكن بعد العهد به، وأمَّا (أبو النُّعمان)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل عارمٌ، السدوسيُّ الحافظ، شيخ البُخاريِّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّختياني، و (محمَّد) بعده: هو ابن سيرين أحد الأعلام.
ثم اعلم أنَّ هذا التعليق مجزوم به عن شيخيه؛ وهما سليمان بن حرب وعارم، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسند إليه القول شيخَه _ كهذا_؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّه كـ (حدثنا)، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذهبيُّ تعليقًا.
تنبيه: هذا التعليق لم يذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة مالك بن عامر أبي عطيَّة الهمْدانيِّ عن ابن مسعود، إنَّما عزاه للنَّسائيِّ، ورأيت في حاشية نسختي من «الأطراف» بخطِّ بعض الأئِمَّة من المحدِّثين الدَّماشقة من أصحابنا ممَّن سمع بقراءتي، وسمعت بقراءته، وصحبْتُه بحلبَ ودمشقَ والقاهرةِ ما لفظه: حاشية بخطِّ ابن كَثِير _يعني: العلَّامة الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كَثِير الشافعيَّ_: ورواه البُخاريُّ في (التفسير) _يعني: هذا المكان_ مُعلَّقًا، فقال: (وقال سليمان بن حرب، وأبو النعمان حدَّثنا حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن محمَّد هو ابن سيرين)؛ فذكره، انتهت الحاشية.
قوله: (فِي حَلْقَةٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان اللَّام وتُفتَح.
قوله: (فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ): تَقَدَّم قريبًا ما هو.
قوله: (فَحَدَّثْتُ): هو بفتح الحاء، والدَّال المُشدَّدة، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة.

(1/8895)


قوله: (فَضَمَّن [1] لِي): كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (فضمِن لي بعضُ أصحابه): كذا للقابسيِّ، وعند أبي الهيثم: (فضمز لي)؛ بزاي، وعند الأصيليِّ: (فضمَّن)؛ بتشديد الميم ونون، وللباقين: (فضمِن)؛ بالتخفيف والكسر، هذا كلُّه غيرُ مفهومِ المعنى، وأشبهها رواية أبي الهيثم بالزَّاي، لكنْ مع تشديد الميم وزيادة نون وياء (فضمَّزَني)؛ أي: أسكتني، يُقَال: ضمز: سكت، وضمَّز غيرَه، وفي رواية ابن السَّكن: (فضمَّن)، وفي رواية أخرى: (فغمَّض)، فإن صحَّت؛ فمعناه: من يُغمِض عينيه، كذا على السُّكون، انتهى، ورأيت في نسخة من أصولي على الهامش ما لفظه: قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر رحمه الله: (فضمَّتني)، انتهت، وقال ابن الأثير في (ضمز) فذكر هذا المكان: (اختُلِف في ضبط هذه اللَّفظة، فقيل: هي بالضَّاد والزَّاي من ضمز؛ إذا سكت، وضمَّز غيرَه؛ إذا أسكته، ورُوِي بدل اللَّامِ نونًا؛ أي: أسكتني، وهو أشبه، ورُوِيت بالرَّاء والنُّون، والأوَّل أشبهها، انتهى.
قوله: (بَعْضُ أَصْحَابِهِ): الذي ضمَّز محمَّدًا لا أعرفه.
قوله: (فَفَطنْتُ لَهُ): هو بفتح الطَّاء وكسرها في أصلنا، وعليها (معًا)، وكذا في أصل آخر، واقتصر الجوهريُّ على الفتح.
قوله: (لَجَرِيءٌ): هو مهموز الآخر، مِنَ الجُرْأَةِ.
قوله: (لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلكَ [2]): (عمُّه): عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ الصَّحابيُّ المشهور، و (عَبْدُ اللهِ بنُ عُتْبَةَ): هو عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافل، فعبد الله بن مسعود عمُّ عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهذا ظاهرٌ عند أهله، والله أعلم، قال شيخنا: وهذا اختلاف من قوله، لكنَّه رجع إلى قول مالك بن عامر، انتهى.
هذا هو (مالك بن عامر) أبو عطيَّة الوادعيُّ الهمْدانيُّ الكوفيُّ، ويقال: ابن أبي عامر، ويقال: ابن حمزة، وقيل: ابن أبي حمزة، وقيل: اسمه عمرو بن جندب، وقيل: هما اثنان، عن ابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وغيرِهم، وعنه: محمَّد بن سيرين، وعُمارة بن عُمَير، وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ، وحُصين بن عبد الرَّحمن، والأعمش، وجماعة، وثَّقه ابن معين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.
تنبيه: لهم أبو عطيَّة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه لا يُدرَى مَن هو، روى عنه بديل بن ميسرة، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

(1/8896)


قوله: (فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ): تَقَدَّمتُ ترجمته أعلاه؛ فانظرها.
قوله: (لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى): (سورة النِّساء القصرى): تَقَدَّم في (البقرة) أنَّها (الطَّلاق)، و (الطُّولى): هي (البقرة)؛ لذكر العدَّة فيها، وقال شيخنا عن مقاتل: (إنَّها سورة النِّساء الصُّغرى)، و (الصُّغرى)؛ يعني: الطَّلاق، ونقل عن الدَّاوديِّ ما لفظه: وقوله: (القصرى): لا أُرَاه محفوظًا عنه، ولا يقال في سورة من القرآن:
[ج 2 ص 357]
قُصْرى ولا صُغْرى، وإنَّما يقال: صغيرة، انتهى.
تنبيه: كذا جعله ابن مسعود على النَّسْخ، والجمهور على التخصيص، وخصَّصوا الآية بحديث سُبَيعةَ، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (فضمَّز).
[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ذاك).

(1/8897)


(((66))) [سورة المتحرم]

(1/8898)


[{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك}]

(1/8899)


[حديث: أن ابن عبَّاس قال في الحرام: يكفر]
4911# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا إلَّا أنِّي رأيت مِن المبتدئين مَن يضمُّ الفاء، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله أبو بكر الدَّستوائيُّ الحافظ تَقَدَّم، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، تقدَّم، و (ابْن حَكِيم)؛ بفتح الحاء وكسر الكاف: هو يعلى، ثِقةٌ مشهور، أخرج له الجماعة إلَّا التِّرْمِذيَّ.
قوله: (يُكفِّرُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الفاء، كذا في أصلنا؛ أي: يكفِّر فيه الحالف، وفي أصل آخر: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، بالقلم كلاهما، وقال بعضهم: (في الحرام: يُكفِّر)، كذا لجمعهم؛ بكسر الفاء، وعند ابن السَّكن: (يمينٌ تكفَّر)؛ بفتح الفاء، وزيادة: (يمين).
قوله: ({أسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): تَقَدَّم أنَّ (الأُسوة) بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.
==========
[ج 2 ص 358]

(1/8900)


[حديث: لا ولكني كنت أشرب عسلًا عند زينب]
4912# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أحد الأعلام، و (عَطَاء) بعده: هو ابن أبي رَباح.
قوله: (كَانَ [1] يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحِشٍ وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَتَوَاصَيْتُ [2] أَنَا وَحَفْصَةُ): كذا هنا، وهذا هو الأصحُّ، وسيأتي أيضًا في (الطَّلاق)، ويأتي فيما يليه: أنَّ شربَ العسل كان عند حفصةَ، وسأذكر إن شاء الله تعالى الكلام [على] ذلك، وأذكر أنَّ الآية نزلت في شرب العسل على الصحيح، لا في قصَّة ماريَّة، كما هو خارجَ «الصَّحيحين»؛ فانظره، والله أعلم.
قوله: (فَتَوَاطيتُ [3] أَنَا وَحَفْصَة): كذا في أصلنا، وأصله الهمز؛ أي: توافقت، وفي أصلنا أيضًا: (فتواطَيت)، وكُتِبَ عليه همزةٌ، وفوقها سكون، وكُتِب عليها (معًا)، وفي ذلك نظر، وكان ينبغي أن يُكتَب في الهامش: (فتواطَأْت)، ويُكتَب عليها (خ)، وابن قُرقُول لم يذكر إلَّا (تواطيت)، ثُمَّ قال: توافقتا، وأصله الهمز، انتهى.
قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيْرَ): (المَغَافِيْر): بفتح الميم، وبالغين المعجمة، وبعد الألف فاءٌ مكسورةٌ، وبعدها مثنَّاة تحتُ ساكنة، ثُمَّ راءٌ، قال ابن قُرقُول: وهو شبْه الصَّمغ يكون في أصل الرِّمْث، فيه حلاوة، والتفسير صحيح في الأمِّ وفي رواية الجرجانيِّ، والميم فيه زائدة، وأصليَّة عند آخرين، قال ابن دريد: واحدها: مُغْفور، وهو ما جاء على (فُعْلُول) موضع الفاء ميم [4]، وقال غيره: ليس في الكلام (فُعْلُول) _ بالضمِّ_ سوى مُغْفُور، ومُغْرُود؛ لضربٍ من الكَمْأة، ومُنْخُور، ويقال للواحد أيضًا: مُغْفِر، ومِغْفَار، وهي المغاثير أيضًا، حكاه الفرَّاء، ووقع في الأصول: (مغافر)؛ بغير ياء، والأوَّل أصوب، وكأنَّ الواحدَ مُغْفِر؛ بغير ياء، وفي «النِّهاية»: (مغافير): واحدها: مُغْفُور؛ بالضَّمِّ وله ريح كريهة مُنكَرة، ويقال أيضًا: المغاثير؛ بالثاء المثلَّثة، وهذا البناء قليل في العربيَّة لم يَرِدْ منه إلَّا مُغْفُور، ومُنْخُور: للمِنْخَر، ومُغْرُود؛ لضربِ من الكَمْأة، ومُغْلُوق؛ واحد المغاليق، انتهى، وقال شيخنا: ووقع للمُهلَّب: أنَّ رائحة العُرْفُط والمغافير حسنة، وذكره ابن بطَّال في (النِّكاح) أيضًا، وهو خلاف ما يتضمَّنه الحديث واللُّغة.

(1/8901)


قوله: (لاَ تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/8902)


[{تبتغي مرضات أزواجك قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}]

(1/8903)


[حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة]
4913# قوله: (عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي تَقَدَّم، و (عُبيد بن حُنَين): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح النُّون، كـ (حنين): اسم المكان الذي كانت به غزوة حنين، وهذا ظاهرٌ عند أهله.
قوله: (أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ): الآية التي كان ابن عبَّاس يريد أن يسأل عمر بن الخَطَّاب عنها هي قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ... }؛ الآية [التحريم: 4].
قوله: (عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ): قال ابن قُرقُول: («الأراك»: شجر مجتمع يُستظَلُّ به، وقيل: هو من نَمِرة؛ موضع من عرفة، يقال لذلك الموضع: نَمِرة، وقيل: هو من مواقف عرفة، بعضه من جهة الشَّام، وبعضه من جهة اليمن)، انتهى، وقال شيخنا في «شرح المنهاج» له عن ابن الحاجِّ المالكيِّ: إنَّ الأراك من نَمِرة بقرب عرفات، وهو أفضل منازل عرفة، انتهى، وهذا ذكره عند قوله في «المنهاج»: (بل يقيمون بنَمِرة بقرب عرفات حتَّى نزول الشمس)، وكلام ابنِ الحاجِّ موافقٌ لكلام ابن قُرقُول في قوله: (وقيل: هو من نمرة)، وأمَّا قول ابن قُرقُول: (في موضع من عرفة)؛ الصَّحيح الذي قاله الأكثرون أنَّه بقرب عرفة، وقال صاحب «الشامل» من الشافعيَّة _وهو ابن الصَّبَّاغ_: إنَّه من عرفات، وهذا يوافق قول ابن قُرقُول، والله أعلم، وسيأتي أنَّه سأل بمرِّ الظَّهران، وسأذكر قريبًا الجوابَ عنه.
قوله: (تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: تعاوَنتا، وسيجيء من كلام البُخاريِّ في هذه السُّورة: ({يُظَاهِرُونَ} [المجادلة: 2]: يعاونون).
قوله: (إِنْ كُنَّا): (إن): بكسر الهمزة وإسكان النُّون، نافية بمعنى: (ما)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَتَأَمَّرُهُ): هو بتشديد الميم المفتوحة، ومعنى (تأمَّر): تسلَّط، ولعلَّ _والله أعلم_ معنى كلامه: أتسلَّط عليه بالفكر أو بغير ذلك.

(1/8904)


قوله: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي): امرأة عمر بن الخَطَّاب هذه تَقَدَّم أنِّي لا أعرفها، والظاهر أنَّها ليست أنصاريَّة، وامرأته: زينب بنت مظعون أمُّ عبد الله وحفصةَ تُوُفِّيَت بمَكَّة، وجميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح أوسيَّة، وأمُّ كلثوم بنت جرول بن مالك بن المُسَيَّب بن ربيعة بن أصرم، الخزاعيَّة أمُّ عبيد الله بن عمر، والله أعلم، وعُبيد الله ولدها وُلِد على عهده عَلَيهِ السَّلام، ولا تُحفَظ روايةٌ عنه ولا سماعٌ منه، وكان من أنجاد قريش وفرسانهم، وجزم بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين بأنَّها زينب بنت مظعون، وفيه النَّظر الذي قدَّمتُه.
قوله: (مَا لَكِ): هو بكسر الكاف، وهذا ظاهرٌ، وكذا (تَكَلُّفُكِ).
قوله: (وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ابنته هي حفصة أمُّ المؤمنين، وهذا ظاهرٌ، وستأتي مُسمَّاةً.
قوله: (فَأَخَذَ رِدَاءَهُ): (الرِّداء): تَقَدَّم ما هو، وهو معروف، وما كان على أعالي البدن؛ فهو رداء، وما كان على أسافله؛ فهو إزار.
قوله: (تَعْلَمِينَ): هو بإسكان العين في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (تعَلَّمين)، و (تعَلَّمي)، و (تعَلَّم سورة كذا): بفتح العين؛ يعني: وتشديد اللَّام ... إلى أن قال: كلُّ هذا بمعنى: اعلموا، فإن كان ابن قُرقُول أشار بقوله: (تعَلَّمين) إلى هذا الحديث؛ فذاك، وإن كان أشار إلى حديث صاحبة المزادتين؛ فهذا مثله لا فرقَ، والله أعلم.
قوله: (أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا): (حسنُها): بالرَّفع فاعل، والضَّمير في (أعجب): مفعول منصوب.
قوله: (حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مرفوع، وهو بضمِّ الحاء مُشدَّد الموحَّدة، وهو بدل من (حسنُها)، كذا هو مرفوع في أصلنا وفي أصل آخرَ صحيحٍ، وقال شيخنا الإمام أبو جعفر الأندلسيُّ: إنَّه محذوف حرف العطف؛ أي: وحُبُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فيكون معطوفًا على الفاعل، وقال شيخنا الشَّارح: (حسنُها)؛ بالرَّفع، وكذا (حُبُّ)، وقال الدِّمْياطيُّ
[ج 2 ص 358]

(1/8905)


بخطِّه في (حبُّ): (كذا، وقال ابن التِّين: «حسنُها»: بالضمِّ؛ لأنَّه فاعل، و «حُبَّ»: بالنَّصب؛ لأنَّه مفعول من أجله، وسيأتي عن ابن التِّين أيضًا العكس؛ أي: أعجبها حسنها؛ لأجل حبِّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إيَّاها)، انتهى، وهنا في النُّسخة من «شرح شيخنا» سَقَم، وقال شيخنا أيضًا في (باب حبِّ الرجل بعضَ نسائه أفضلَ من بعض): هو بفتح النُّون من (حسن)؛ لأنَّه مفعول من أجله، و (حبُّ): فاعل؛ تقديره: أعجبها حبُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إيَّاها؛ لأجل حسنها، وقيل: إنَّه مرفوع؛ كالحبِّ ... إلى آخر كلامه، وذكره عن ابن التِّين، انتهى، وقد تَقَدَّم ما يخالفه عنه، ولعلَّه من سقم النُّسخة بـ «الشَّرح»، وسأذكره في الباب المشار إليه إن شاء الله تعالى، وقال بعضهم: قال أبو القاسم بن الأبرش: حذف العاطف _أي: وحُبُّ_ تُؤيِّده روايةُ مسلم بالواو، وقال السُّهيليُّ في «نتائج الفكر»: بلغني عن بعض مشايخنا الجلَّة أنَّه جعله من حذف العاطف، وبلغ الاستحسان بالسامعين لذلك إلى أن علَّقوه في الحواشي من كتاب «الصحيح»، وليس كذلك، وإنَّما يرتفع على البدل من الفاعل في (يغرنَّك)؛ أي: هذه بدل اشتمال، انتهى، فعلى هذا هو مرفوع، وهو ما حكاه القاضي عن قوم من النُّحاة، قال: وضبطه بعضُهم بالنصب على إعدام الخافض، وقال في موضعٍ آخرَ: عطف بيان، أو بدل اشتمال، أو على حذف العاطف.
قوله: (حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا): (أمُّ سلمة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ بنِ المغيرة، المخزوميَّة أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وتَقَدَّمت وفاتها، والقرابة التي بين عمر بن الخَطَّاب وبين أمِّ سلمةَ هي بنت عمِّ أمِّه، وبيانه: أنَّ أمَّ عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة على الصحيح، ويقال: بنت هشام بن المغيرة، فعلى كلِّ تقدير؛ هي بنت عمِّ أمِّه، وقد قدَّمتُ نسب أمِّ عمر في (مناقبه)، والله أعلم.

(1/8906)


قوله: (وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الأنصاريُّ: تَقَدَّم أنَّ ابن بشكوال ذكر هذا الحديث، وفيه: (كان لي أخ من الأنصار ... )؛ الحديث، قال: قال أبو عمر: الذي آخى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بينه وبين عمِّي عِتبانُ بن مالك الأنصاريُّ، وقيل: أوس بن خَوليٍّ الأنصاريُّ، أتى ذلك في حديث مِن رواية خلف بن قاسم، فيه طول، وذكر الملِك، وقال: هو الحارث بن أبي شمر، وقد جاء في موضع آخرَ أنَّه جَبَلة بن الأيهم، ورُوِي مُسنَدًا، وهو في «الصَّحابة» للعثمانيِّ: (كان مؤاخيًا لأوس بن خوليٍّ)، وفيه: (فقال عمر: لعلَّ الحارث بن أبي شمر صار إلينا)، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر: هو جبلة بن الأيهم، رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط»، وفي «سيرة ابن سيِّد النَّاس» في (المؤاخاة) عن ابن إسحاق قال: وعمر بن الخَطَّاب وعِتبان بن مالك أَخَوَينِ، انتهى، وقد قدَّمتُ ما قِيل في ذلك في أوائل هذا التعليق.
قوله: (وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه ضمن كلام ابن بشكوال قولٌ في أخي عمر: الأنصاريُّ، و (غسَّان): تَقَدَّم أنَّه حيٌّ من قحطان، وهذا معروف.
قوله: (ذُكِرَ لَنَا): (ذُكر): بضمِّ الذَّال، وكسر الكاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.
قوله: (اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ)، وفي بعض طرقه: (طلَّق)، وقد تَقَدَّم، وسيجيء بعيد حديث أمِّ زرعٍ في (النِّكاح)، والمذكور هنا هو الصواب، والله أعلم.
قوله: (رَغمَ أَنْفُ حَفْصَةَ): (رغم): بفتح الغين وكسرها.
قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّم ضبطها، وما هي، وما فيها من اللُّغات.
قوله: (يَرْقَى عَلَيْهَا): (يَرقى): بفتح أوَّله معتلٌّ.
قوله: (بِعَجَلَةٍ): هي بفتح العين والجيم واللَّام، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي جذع يُعرَض فيه فروض؛ كالدَّرَج يُرتقَى عليه.
قوله: (وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ): هذا الغلام يقال له: رَباح؛ بفتح الراء، وبالموحَّدة، وكذا جاء مُسمًّى في بعض طرق «الصحيح»، وقد تَقَدَّم.

(1/8907)


قوله: (فَأَذِنَ لِي): هو بفتح الهمزة، وكسر الذَّال، مبنيٌّ للفاعل، وهذا مختصر من حديث مُطوَّل، وإنَّما أذن له بعد أن استأذن مرَّة، ومرَّتين، وثلاثًا، وكذا تَقَدَّم في (باب الغرفة والعليَّة)، وكذا هو في (باب موعظة الرجل ابنته بحال زوجها).
قوله: (قَرَظًا مَصْبُورًا): قال الدِّمْياطيُّ: (القرظ: ورق السَّلم الذي يُدبَغ به، والمصبور: المجموع) انتهى، وفي «المطالع»: («مصبوب»: كذا للقابسيِّ، ولغيره: (مصبور)، وهو الأشهر في هذا الحديث)، انتهى، و (المصبور)؛ بالصَّاد المهملة: المجموع، كما تَقَدَّم، ووقع في بعض الأصول: بالمعجمة أيضًا، قال النَّوويُّ: (وكلاهما صحيح)، انتهى، وأمَّا (مَصبوب)؛ فقال الجوهريُّ: قال أبو عبيد: الصَّبيب: ماء ورق السِّمسم أو غيره من نبات الأرض، وقال الدِّينوريُّ: الصَّبيبُ: شجرة تُشبِه السذابَ تُطبَخ، فيُؤخَذ عصيرها، فيُعالَج به الخِضَاب، وهو ممَّا يختَضِب به الشُّيوخُ، انتهى ما في حاشية أصلنا، وما نقله عن الجوهريِّ رأيته، وما نقله عن الدِّينوريِّ لم أره، والذي يظهر لي أنَّ (مصبوبًا) معناه: مسكوب، والله أعلم، أمَّا قول الشيخ محيي الدين: (إنَّه بالمعجمة) صحيحٌ؛ فمعنى (مضبوب) _ بالمعجمة_؛ أي: مُلصَق بالأرض، والله أعلم.
قوله: (أُهب مُعَلَّقَةٌ): (الأُهُب): بفتح الهمزة والهاء وضمِّهِما، معروف، وهو الجلد، وقيل: إنَّما يقال للجلد: إهاب قبل الدَّبغ، فأمَّا بعده؛ فلا، وقد تَقَدَّم أنَّه يقال: أُهُب وأَهَب: بضمِّهما وفتحهما.
قوله: (إِنَّ كِسْرَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الكاف وفتحها، وتَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (وَقَيْصَرَ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في أوَّل هذا التعليق.

(1/8908)


[{وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا ... }]

(1/8909)


[حديث: أردت أن أسأل عمر فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان]
4914# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الإمام الحافظ، تَقَدَّم مِرارًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا.
==========
[ج 2 ص 359]

(1/8910)


[{إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}]
قوله: (صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ: مِلْتُ): قال الجوهريُّ: (صَغَا يَصْغُو ويَصْغِي؛ أي: مال، وكذلك صَغِيَ؛ بالكسر، يَصْغَى صَغًا، وصُيّغًا ... ) إلى أن قال: (وأصغيتَ إلى فلان؛ إذا ملت بسمعك نحوه).
==========
[ج 2 ص 359]

(1/8911)


[حديث: أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللتان تظاهرتا]
4915# قوله: (فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ): وفي نسخة: (بمرِّ الظهران)، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة: بطن مرو، وأنَّه على بريد من مَكَّة من جهة الشام، وقال ابن وضَّاح: على أحدٍ وعشرين ميلًا، وقيل: على ستَّةَ عشرَ، وقد تَقَدَّم قريبًا: (عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ)، (وَعَدَلْتُ مَعَهُ)، (فَسَأَلَهُ في الأَرَاكِ)، وتَقَدَّم أين الأراك قريبًا، فعلى ما تَقَدَّم؛ يكون سأله مرَّتين، مرَّة بالأراك، ومرَّة بمرِّ الظهران، وفيه بُعْد زائد مع ما تَقَدَّم من هيبة عمر، أو يكون سأله في الأراك؛ أي: ابتدأ سؤاله، ولم يكلِّمْه، وأكمله بمرِّ الظهران، فأجابه به، أو أنَّ الأراك في اللُّغة كما تَقَدَّم، فسأله بمرِّ الظهران بمكان فيه أراك، أو نحو ذلك من الأجوبة، والله أعلم، والذي يظهر في الجواب: أنَّ (الأراك) الشجرُ المجتمعُ، فسأله بمكانٍ فيه شجرٌ مجتمعٌ، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ: أَدْرِكْنِي): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (بِالْوَضُوءِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الواو الماء، وأنَّه يجوز ضمُّه، مُطوَّلًا.
[ج 2 ص 359]
قوله: (فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها بكسر الهمزة، وبالدال المهملة، وبعد الألف واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، إناء صغير من جلد يُتَّخذ للماء؛ كالسطيحة ونحوها، وجمعها: أداوَى.

(1/8912)


[{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن ... }]

(1/8913)


[حديث: اجتمع نساء النبي في الغيرة عليه]
4916# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ [1] بْنُ عَوْنٍ): كذا في أصلنا، وصوابه: عَمرو بن عون؛ بفتح العين، وزيادة واو، و (هُشَيْمٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بشير، و (حُمَيْد) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حميد بن تير _ويقال: تيرويه، وقيل غير ذلك_ الطويل، لا حميد بن هلال، وتَقَدَّم أنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» سوى حديثين ذكرتهما مرارًا ليس هذا منهما، والله أعلم.
قوله: (اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): نساؤه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هنَّ تسعٌ، وقد [2] قدَّمتُهنَّ مع مَن قيل: إنَّه عَلَيهِ السَّلام عقد عليها أو خطبها ولم يتَّفق له نكاحُها، في أوائل هذا التعليق، وزوجاته اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ معروفاتٌ رضي الله عنهنَّ.

(1/8914)


(((67))) (سُورَة المُلْكِ) ... إلى ({والضُّحَى})
قوله: (وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ): هما قراءتان في السبع، قرأ حمزة والكسائيُّ: التَّفوُّت، وقرأ الباقون: بالألف، وقوله: (التَّفَاوُتُ: الاخْتِلَافُ)، وقيل: الاعوجاج والتناقُض، والتفاوت والتفوُّت بمعنًى؛ كالتعهُّد والتعاهد، قال في «القاموس»: وتفاوت الشيئان: تباعد ما بينهما تفاوتًا؛ مثلَّثة الواو ... إلى أن قال: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحمن مِنْ تَفوُّتٍ} [الملك: 3]؛ أي: عيب، يقول الناظر: لو كان كذا؛ لكان أحسن، وكأنَّ التفاوت والتفوُّت واحد من حيث المعنى؛ لأنَّ التفاوت: التَّباعد، والتفوُّت: العيب، وهو تباعد ما بينه وبين السَّليم، فبهذا يظهر أنَّهما واحدٌ على ما قالا، والله أعلم.
قوله: ({تَدَّعُونَ} [الملك: 27]، {تَدْعُونَ}): الأولى: متواترة؛ بتشديد الدال المهملة المفتوحة، والثانية: بإسكان الدال، وهي قراءة يعقوب، وهي في العشرة، ويعقوب: هو ابن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرميُّ مولاهم، البصريُّ، أبو محمَّد المقرئ النَّحويُّ، أحد الأئِمَّة الأعلام، عن جدِّه زيد، وشعبة، وحمَّاد بن سلمة، وجماعة، وعنه: آخرون، قال أحمد وأبو حاتم: صدوق، وقيل: مات في ذي الحجَّة سنة خمس ومئتين، أخرج له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ في «الشَّمائل»، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (مِثْلُ: {تَذَّكَّرُونَ} [الأنعام: 152] وَتَذْكُرُونَ)؛ يعني: بالتشديد والتخفيف؛ كلاهما بالمثنَّاة فوق، وقد قرأ حفصٌ، وحمزة، والكسائيُّ: {تذَكَّرون}؛ بتخفيف الذال حيث وقع إذا كان بالمثنَّاة فوق، والباقون: بتشديدها، والله أعلم.
تنبيه: نقل البغويُّ في أوَّل تفسيره الاتِّفاقَ على جواز القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر؛ لشهرتهما، انتهى.

(1/8915)


تنبيه آخر: في القراءة الشاذَّة: قال النَّوويُّ: وقُرِئ بالقراءات السبع، ويصحُّ بالقراءة الشاذَّة إن لم يكن فيها تغيير معنًى، ولا زيادة حرف ولا نقصانه، وقال في «شرح المُهذَّب»: (إنَّه لا يجوز في صلاة ولا في غيرها)، وفي «فتاوى موهوب الجزريِّ»: (إنَّ القراءة بالشاذِّ جائز مطلقًا إلَّا في الفاتحة للمصلِّي، وذكر ابن الحميريِّ المصريُّ في «فتاويه» نحوه أيضًا، إلَّا أنَّه أطلق المنع في الصلاة)، انتهى، والذي أعرفه تحريم القراءة بالشواذِّ مطلقًا في الصلاة، وغيرها، غير إن كان في الصلاة، فإن زاد حرفًا، أو نقص حرفًا، أو غيَّر معنًى؛ بطلت، وقد أطبق علماء بغداد على المنع من القراءة بالشواذِّ في قصَّة ابن شُنبوذ، وقد ذكر هذا غيرُ واحد من العلماء، والله أعلم.
قوله: ({صَافَّاتٍ} [الملك: 19]: بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ): (بَسْط): بفتح الموحَّدة، وإسكان السين، وبالطاء المهملتين، و (أجنحتهنَّ): مجرور بالإضافة، وفي نسخة أخرى: (بُسُطٌ أجنحتُهنُّ)؛ بضمِّ باء (بُسُط) وسينها، وتنوين الطاء؛ مرفوعة، و (أجنحتهنَّ): مرفوع أيضًا، وهذا كلُّه ظاهر.
قوله: ({وَنُفُورٍ} [الملك: 21]: الْكُفُورُ): هو بضمِّ الكاف في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: بفتحها، و (الكَفور): بالفتح معروف، وبالضمِّ، قال الجوهريُّ: والكفر أيضًا: جحود النعمة، وهو ضدُّ الشُّكر، وقد كَفره كُفورًا وكُفرانًا، قال تعالى: {إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} [القصص: 48]؛ أي: جاحدون، وقوله تعالى: {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 99]، قال الأخفش: (الكُفر) مثل: بُرد وبرود.
==========
[ج 2 ص 360]

(1/8916)


(((68))) [{ن والقلم}]
قوله: ({عَلَى حَرْدٍ} [القلم: 25]: عَلَى [1] جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ): (جِدٍّ): بكسر الجيم، وتشديد الدال المهملة، كذا في أصلنا، وكذا رأيته في نسخة الدِّمْياطيِّ، وكذا أخرى صحيحة، وقال شيخنا الشارح: و (الجِدُّ)؛ بالكسر: الاجتهاد، وفي الأمِّ: ولِنقيض الهزل، وربَّما ضُبِط بالفتح، انتهى، وقال ابن قُرقُول في (الجيم والدَّال المهملة): («عَلَى حَرْدٍ»؛ أي: قَصْدٍ، وهو قول الفرَّاء، كذا رواه الأصيليُّ، وعند غيره: أي: جِدٍّ؛ يعني: في المنع)، انتهى، وقال الهرويُّ في «غَريبَيه»: (أي: جِدٍّ في المنع، من قولك: حاردتِ السَّنةُ؛ أي: منعتْ قَطْرها، وحاردتِ الإبل؛ أي: منعت ألبانها، قال: وقيل: حَرْد؛ أي: غَضَب)، انتهى، وقال ابن عبد السَّلام: ({حَرْدٍ} قدرة في أنفسهم وجِدٍّ، أو غيظ، أو غضب، وقيل: القرية تُسمَّى حَرْدًا، وقيل: اسم الجنَّة)، انتهى.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عبَّاس: {إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: 26]: أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا): قال الدِّمْياطيُّ: صوابه في هذا (ضللنا)، يقال: ضللتُ الشيء؛ إذا جعلتَه في مكانٍ ولم تدرٍ أين هو، وأضللتُه؛ إذا ضيَّعتَه، وإذا وجدتَه ضالًّا، وإذا حملتَه على الضلال وأدخلتَه فيه أيضًا)، انتهى، وما قاله صحيح، ويشهد له قولُ غيرِ واحد؛ منهم الجوهريُّ وابن قُرقُول، فإنَّه قال في «المطالع»: أضللتُ بعيرًا لي، وأضلَّ راحلته؛ أي: ذهب عنه ولم يجده، قال أبو زيد: أضللتُ الدابَّةَ والصبيَّ، وكلَّ ما ذهب عنَّا بوجه من الوجوه، وإذا كان معكَ مقيمًا فأخطأتَه؛ فهو بمنزلة ما لم يَبرَح؛ كالدَّار والطَّريق، تقول: ضللتُ ضلالةً، قال الأصمعيُّ: ضلَلت الدَّار والطريق، وكلَّ ثابت لا يبرح _بفتح اللَّام_، وضلَّني فلان، فلم أقدر عليه، وأضللت الدراهم، وكلَّ شيء ليس بثابتٍ، وفي حديث أبي هريرة: «فضلَّ أحدُهما صاحبَه»، الوجه: فأضلَّ أو ضلَّ أحدهما من صاحبه ... إلى آخر كلامه، وقد تَقَدَّم تعقُّبٌ في حديث أبي هريرة: «فضلَّ أحدُهما صاحبَه»، والله أعلم.

(1/8917)


[{عتل بعد ذلك زنيم}]

(1/8918)


[حديث: {عتل بعد ذلك زنيم} قال: رجل من قريش]
4917# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن غيلان، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، و (إِسْرَائِيل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (أَبُو حَصِين): بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى _ كهذا_ بالفتح، واسم هذا عثمان بن عاصم أبو حَصِين الأَسَديُّ.
قوله: ({عُتُلٍّ} [القلم: 13]): سيأتي الكلام عليه قريبًا.
قوله: ({زَنِيمٍ} [القلم: 13]): قال الدِّمْياطيُّ: الزَّنيم: الدَّعيُّ في النسب وليس منهم؛ تشبيهًا له بالزنمة، وهو شيء يُقطَع من أذن الشاة ويُترَك مُعلَّقًا بها، انتهى، اعلم أن الدِّمْياطيَّ قال: (الزَّنيم: الدَّعيُّ)، وهو كذلك، والزَّنيم عند العرب: المُلصَق في القوم ليس منهم، وقيل: الذي ليس يُعرًف مَن أبوه، وكان الأخنس حليفًا مُلصَقًا، وقيل: مَن له زنمةٌ كزنمة التَّيس، وكذا كان الوليد من أسفل أذنه، وقيل: معروف بالشرِّ، من الزنمة، وقيل: مَن عليه علامة الكفر، وقال السُّهيليُّ في «روضه»: أُنزِلتْ في الأخنس بن شَرِيق، واسمه أُبيٌّ، وقيل: في الوليد بن المغيرة، وقيل: في الأسود بن عبد يغوث الزُّهريِّ، انتهى، وقال شيخنا: إنَّه الأسود بن عبد يغوث، أو عبد الرَّحمن بن الأسود، قاله مجاهد، وقوله: (أُنزِلت في الأخنس بن شَرِيق) لا يتأتَّى إلَّا مجازًا؛ لأنَّه ثقفيٌّ، لا من نفس قريش، ولكنَّه حليف لهم لبني زُهْرَة، فبهذا الاعتبار هو قرشيٌّ، والله أعلم، والأخنس أسلم بعد ذلك وصحِب، رضي الله عنه، وأمَّا قول مجاهد: (عبد الرَّحمن بن الأسود)؛ إن كان مراده: عبد الرَّحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زُهْرة؛ فهذا وُلِد على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولا تصحُّ له رؤية، وروى عن أبي بكر، وعمر، وغيرهما، وعنه: مروان بن الحكم، وأبو سلمة بن عبد الرَّحمن، وغيرهما، وثَّقه أحمد العجليُّ، وقال: تابعيٌّ ثِقةٌ رجل صالح من كبار التابعين، وهذا قد أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، فهذا لا يصحُّ أن يكون المراد، وإن كان غيره؛ فلا أعلم له إسلامًا، والله أعلم، وأمَّا الوليد بن المغيرة؛ فكافر معروف هلك على كفره، وكذا الأسود بن عبد يغوث، والله أعلم.
[ج 2 ص 360]

(1/8919)


قوله: (رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في ظاهرها.

(1/8920)


[حديث: ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف]
4918# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كذا ذكروا الثوريَّ فيمن روى عن معبد بن خالد في «الكمال» وفي «التذهيب»، ولم يذكرا ابنَ عيينة، و (حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ): بالحاء المهملة، وبعد الراء ثاء مثلَّثة، له صحبة، قال الدِّمْياطيُّ: حارثة بن وهب أخو عبيد الله بن عمر بن الخَطَّاب لأمِّه، أمُّهما أمُّ كلثوم بنت جرول بن مالك بن المُسَيَّب الخزاعيَّة، وأمُّ عبد الله وحفصة: زينب بنت مظعون أخت عثمان، انتهى، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن حفصة، وعنه: معبد بن خالد، وأبو إسحاق، وغيرُهما.
قوله: (كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ [1]): قيل: الضعيف عن أذى الناس بمال أو قوَّة بدن، وعن معاصي الله عزَّ وجلَّ، والتزام الخشوع لله وللمسلمين، وقيل: الخاضع لله المذلُّ نفسه له، ضدُّ المتكبِّر الأشِر، وقد يكون (الضعفاء، والضعيف، والمتضعِّف) كنايةً عن رقَّة القلوب، كما قال في أهل اليمن: «أرقُّ قلوبًا، وأضعف أفئدة»، كنايةً عن سرعة قبولهم ولين جوانبهم، عكس القوَّة والجفاء والغلظة، انتهى قول «المطالع»، قال الشيخ محيي الدين: وضبطوا (متضعَّف) بفتح العين وكسرها، المشهور الفتح، ولم يذكر الأكثرون غيره، انتهى، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وكذا بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: غَلِطَ مَن كسرها، وسيأتي في (الأدب): أنَّ في أصلنا (متضاعِف)؛ بكسر العين بالقلم.
تنبيهٌ: ذكر الحاكم في «علوم الحديث»: أنَّ ابن خزيمة سئل عن الضعيف، فقال: الذي يبرِّئ نفسه من الحول والقوَّة في اليوم عشرين مرَّة إلى خمسين مرَّة، انتهى.
قوله: (كُلُّ عُتَلٍّ [2]): هو بضمِّ العين، وفتح المثنَّاة فوق، وباللام المشدَّدة، الفاحش في الحديث، وقيل: القويُّ في كفره، وقيل: مُصحَّح الجسم، وقيل: جافٍ شديد الخصومة في الباطل، وقيل: لئيم ظلوم، أكول شَروب، من العتل؛ وهو العنف، قاله ابن عبد السلام في «تفسيره».

(1/8921)


قوله: (جَوَّاظٍ): هو بفتح الجيم، وتشديد الواو، وبالظاء المعجمة المشالة، قال ابن قُرقُول: هو القصير البَطين، وقيل: الجَموع المَنوع، وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته، وقيل: الغليظ الرقبة والجسم، وقيل: الذي لا يستقيم على أمر، يصانع ههنا وههنا، وقيل: الفاجر، وفي «الغريبين»: قيل: يا رسول الله؛ ما الجظُّ؟ قال: «الضخم»، وفي موضع آخر: «كلُّ جظٍّ جَعْظ»، يقال: جظٌّ، وجوَّاظ، وجعظ، وجعظريٌّ؛ بمعنًى، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «فرع اليونينيَّة»: (متضعِّف)؛ بكسر العين.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عتُلٍّ)؛ بضمِّ التاء.
[ج 2 ص 361]

(1/8922)


[{يوم يكشف عن ساق}]

(1/8923)


[حديث: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة]
4919# قوله: (طَبَقًا وَاحِدًا): هو بفتح الطاء المهملة والباء الموحَّدة، ثُمَّ قاف؛ أي: فقارة واحدة، و (الطَّبق): فقار الظهر، فلا يقدر على الانحناء ولا السجود، وفي هامش أصلنا: الطبق: فقار الظهر، واحدتها: طبقة، يريد: أنَّه صار فقارهم كأنَّه كالفقارة الواحدة، فلا يقدرون على السجود، وكتب بعده: (دمياطي)؛ أي: هذا من كلام الدِّمْياطيِّ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 361]

(1/8924)


(((69))) [الحاقة]
قوله: (ثُمَّ أَحْيَا [1] بَعْدَهَا): هو بفتح الهمزة، مبنيٌّ للفاعل، وليس هو مبنيًّا للمفعول، وكذلك هو في أصلنا.
قوله: (أَحَدٌ: يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ)، انتهى، وكذا قال الجوهريُّ، وأمَّا قولهم: ما في الدار أحد؛ فهو اسم لمن يصلح أن يخاطَب، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنَّث، قال تعالى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32]، وقال سبحانه: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47]، انتهى.
قوله: ({الْوَتِينَ} [الحاقة: 46]: نِيَاطُ الْقَلْبِ): (نياط): بكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره طاء مهملة، وفي «الصحاح»: والنياط: عرق عُلِّق به القلب من الوتين، فإذا انقطع؛ مات صاحبه، وهو النَّيط أيضًا، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أُحْيَا).
[ج 2 ص 361]

(1/8925)


(((70))) [{سأل سائل}]
قوله: ({لِلشَّوَى} [المعارج: 16]: الْيَدَانِ وَالرِّجْلاَنِ وَالأَطْرَافُ، وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا: شَوَاةٌ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ؛ فَهُوَ شَوًى): (شَوَاة): بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الواو، وبعد الألف تاء التأنيث، قال الجوهريُّ: والشَّوى: جمع شواة؛ وهي جلدة الرأس، والشَّوى: اليدان والرِّجلان والرأسُ من الآدميِّين، وكلُّ ما ليس مَقتَلًا، يقال: رماه فأشواه؛ إذا لم يُصِب المقتل ... إلى آخر كلامه، وقال ابن عبد السلام {للشَّوى}: جلد الرأس، وقيل: العقب والعصب، وقيل: مكارم الوجه، وقيل: جلود على العظم؛ لأنَّ النار تشويها، وقيل: الأعضاء أو المفاصل، وقيل: أطراف اليد والرجل، وقيل: القوائم، وقيل: الشوى: جمع شواة، وهي جوارح الإنسان ما لم تكن مقتلًا، يقال: رمى فأشوى؛ إذا لم يُصِب مَقتَلًا.
قوله: (الْعِزُونَ: الْجَمَاعَاتُ، وَاحِدُهَا: عِزَةٌ): (عِزَة): بكسر العين المهملة، وفتح الزاي المخفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الجوهريُّ: (والعِزَة: الفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء، والجمع: عِزًى؛ على (فِعَل)، وعِزون، وعُزون أيضًا بالضمِّ، ولم يقولوا: عِزات؛ كما قالوا: ثُبَاتٍ، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37]، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: قال الأصمعيُّ: يُقال: في الدار عزون؛ أي: أصناف من الناس)، انتهى.

(1/8926)


(((71))) [{إنا أرسلنا}]
قوله: (وَالْكُبَّارُ: أَشَدُّ مِنَ الْكُبَارِ؛ وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً ... ) إلى آخر كلامه: (الكُبَّار) الأولى: بضمِّ الكاف، وتشديد الموحَّدة، وقوله: (أشدُّ من الكُبَار)؛ أي: أبلغ، و (الكُبَار) الثانية: بضمِّ الكاف، وتخفيف الموحَّدة، وفي أصلٍ آخرَ صحيحٍ بكسر الكاف من غير تشديد، وفي هامشها مضموم الكاف من غير تشديد، ونسب هذه النسخة إلى الرشيديَّة، وفي هامشٍ آخرَ بالكسر والتخفيف، وبالضمِّ معه، ونسب هذه إلى دار الذهب، يقال: كبُر؛ بالضمِّ، يكبُر؛ أي: عظم، فهو كبير وكُبَار؛ بالضمِّ والتخفيف، فإذا أفرط، قيل: كُبَّار؛ بالتشديد، وكذلك جُمَّال وجميل، والجُمَّال: بضمِّ الجيم، وتشديد الميم، والجَمَال؛ بالفتح والتخفيف: الحُسْنُ، وقد جَمُل الرجل _بالضمِّ_ جمالًا، فهو جميل، والمرأة جميلة، وجملاء أيضًا عن الكسائيِّ، والجُمَّال؛ بالضمِّ والتشديد: أجمل من الجميل.
قوله: (وَكُبَّارٌ: الْكَبِيرُ): هو بالضمِّ والتشديد، كما تَقَدَّم، و (كُبَار) أيضًا: بضمِّ الكاف مع التخفيف، كما تَقَدَّم.
قوله: ({دَيَّارًا} [نوح: 26]: مِنْ دَوَرَ [1]، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ ... ) إلى آخر كلامه: قال ابن قُرقُول: (وفي «كتاب التفسير»: «{دَيَّارًا}: من الدَّوْرِ، ويقال: من الدوران»، كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «{دَيَّارًا}: من دَوَرَ»؛ بفتح الدال والواو والراء، وأصل ديَّار: دَيْوَار؛ (فَيْعَال) من دار يدور)، انتهى، وقال الجوهريُّ: ويقال: ما بها دوريٌّ، وما بها ديَّار؛ أي: أحد، وهو (فَيْعَال) من (درت)، وأصله: ديوار، قالوا: وإذا وقعت بعد ياء ساكنة قبلها فتحة؛ قُلِبت ياء
[ج 2 ص 361]
وأُدغِمت؛ مثل: أيَّام، وقيَّام، وفي أصلنا: (دَوَرَ)؛ بفتح الدال والواو والراء، وفي أصل آخر: ساكن الواو، مجرورٌ، منوَّن؛ كلُّه بالقلم.
قوله: (وَقَرَأَ [2] عُمَرُ: {الحَيُّ القَيَّامُ} [البقرة: 255]): هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، وهذه شاذَّة، و (القَيُّوم) و (القَيَّام): الذي لا يزول.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {دَيَّارًا} [نوح: 26]: أَحَدًا): قال بعض حفَّاظ العصر: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (دوْرٍ).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كما قرأ).

(1/8927)


[حديث: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد]
4920# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَطَاءٌ) بعده: هو ابن أبي رَباح، كذا أخرج هذا الحديث المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته، ثُمَّ قال عقب حديث آخر بعده: وقال عطاءٌ عن ابن عبَّاس: «كان المشركون على منزلتين ... »؛ الحديث ... إلى أن قال مثل حديث مجاهد، قال: وقال عطاء عن ابن عبَّاس أيضًا: كانت قَرِيبة عند عمر فطلَّقها ... ، فذكره، قال أبو مسعود: هذا الحديث والذي قبله _يعني: حديث: (صارت الأوثان) الذي نحن فيه_ في «تفسير ابن جُرَيج» عن عطاء الخراسانيِّ عن ابن عبَّاس، والبُخاريُّ ظنَّه ابنَ أبي رباح، وابن جُرَيج لم يسمع التفسير من عطاء الخراسانيِّ، إنَّما أخذ الكتاب من أبيه، ونظر فيه، وروى (ز) _يعني: زاد المِزِّيُّ_: وقال ابن المدينيِّ: سمعت هشام بن يوسف قال: قال لي ابن جُرَيج: سألت عطاء عن التفسير من (البقرة) و (آل عمران)، فقال: اعفني من هذا، قال هشام: فكان إذا قال: عطاء عن ابن عبَّاس؛ قال: الخراسانيُّ، فكتبنا ما كتبنا ثُمَّ مللنا، قال عليٌّ: يعني: كتبنا ما كتبنا أنَّه عطاء الخراسانيُّ، قال عليُّ ابن المدينيِّ: وإنَّما كتبتُ هذه القصَّة؛ لأنَّ محمَّد بن ثور كان يجعلها: عطاء عن ابن عبَّاس، فظنَّ الذين [1] حملوها عنه أنَّه عطاء بن أبي رباح، انتهى.
وقال المِزِّيُّ في «التهذيب» في ترجمة عطاء الخراسانيِّ: روى له البُخاريُّ فيما أظنُّ، انتهى، وقد اعترضه مغلطاي فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ البُخاريَّ من عادته إذا ضعَّف رجلًا أو نقل تضعيفه عن غيره؛ لا يروي عنه، وقد نقل البُخاريُّ تضعيفه عن سعيد بن المُسَيّب، وأنَّه كذَّاب، وممَّن قال إنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج حديثَه اللالكائيُّ، والكلاباذيُّ، والباجيُّ، وأبو إسحاق الحبَّال، والحاكم، والدارقطنيُّ، وأبو إسحاق الصريفينيُّ، وغيرُهم، والله أعلم، انتهى.
قوله: (أَمَّا ودٌّ): هي بضمِّ الواو قرأ نافع، والباقون: بفتحها.

(1/8928)


قوله: (بِدوْمَةِ الْجَنْدَلِ): (دومة): بضمِّ الدال المهملة وفتحها، وأنكر ابن دريد الفتح، وهو موضع من بلاد الشام قرب تبوك، وقد تَقَدَّمتْ، وقد جاء في حديث الواقديِّ: «دُوماء الجندل»، و (الجَنْدَل): بفتح الجيم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة، ثُمَّ لام.
قوله: (ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ): هو بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء.
قوله: (بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَأ): كذا هو بفتح الجيم بالقلم في أصلنا، وبالواو الساكنة، ثُمَّ فاء، وفي نسخة في هامش أصلنا: (بالجُرف)؛ بضمِّ الجيم، وبالراء، وفي هامش نسخة صحيحة: (بالجوف)، قال أبو ذرٍّ: وهو صوابه، وفي الهامش: (بالجرف)، وعليها مكتوب: (دار الذهب)، وقال شيخنا: («بالجوف»، كذا هو ثابت بالألف واللام، وذكر أبو عبيد البكريُّ: أنَّه معرفة، ولا تدخله الألف واللام، ورواه الحُمَيديُّ _كما حكاه ياقوت_ بالراء، قال: ورواه النسفيُّ باللام في آخره: «الجول»)، انتهى.
قوله: (لِهَمْدَانَ): هو بإسكان الميم، وبالدال المهملة، قبيلة معروفة، وقد تَقَدَّمتْ.
قوله: (لِحِمْيَرَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ راء، غير مصروف، وهو أبو قبيلة من اليمن، وهو حِمْيَر بن سبأ بن يشجُب بن يعرُبَ بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأوَّل، واسم حِمْيَر العرنجج.
قوله: (لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ): هو بفتح الكاف، وتخفيف اللام، وفي آخره عين مهملة، و (ذو الكَلَاع): اسم ملك من ملوك اليمن، من الأذواء، وقد قدَّمتُ عن الإمام أحمد: أنَّ مَن كان شريفًا من اليمن؛ يقال له: ذَو، ومَن كان ليس بشريف؛ لا يقال له: ذو.
قوله: (وَنَسْرٌ: أَسْمَاءُ رِجَالٍ): كذا كان في أصلنا، ولكن ضُرِب على (نسر) بالحمرة، ورأيتها ثابتة في نسخة صحيحة: {ونَسْرًا} [نوح: 23]؛ بالتنوين مع النصب، قال شيخنا: (وَنَسْرٌ: أسماء رجال صالحين): كذا هو في «البُخاريِّ»، وكأنَّ قوله: (ونسر) تحريف، وصوابه: وهي أسماء رجال صالحين، وعلى تقديره؛ فهو نوع تكرير بنقصٍ [2]، فإنَّه كان يلزم إعادة باقي الأسماء قبلها، وهي وَدٌّ، وسُوَاعٌ، ويغوثُ، ويعوقُ، انتهى، وهو كلام حسن على تقدير ثبوت: (ونسر)، والله أعلم.
قوله: (أَنِ انْصِبُوا): هو بهمزة وصل _لأنَّه ثُلاثيٌّ_ وكسرِ الصاد المهملة.

(1/8929)


قوله: (أنْصَابًا): تَقَدَّم الكلام على (الأنصاب)، وعلى المفرد منه، وهو معروفٌ.
قوله: (فَلَمْ تُعْبَدْ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ، وكذا (نُسِخَ العِلْمُ): مبنيٌّ أيضًا، و (العلمُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (عُبِدَتْ): مبنيٌّ أيضًا لما لمْ يُسمَّ فاعِلُه.
==========
[1] في (أ): (الذي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[2] في مصدره: (يُنقَض)؛ ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 362]

(1/8930)


(((72))) [{قل أوحي إلي}]

(1/8931)


[حديث: انطلق رسول الله في طائفة من أصحابه عامدين ... ]
4921# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ) بعده: هو الوضَّاح بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا، وكذا (أَبُو بِشْرٍ): بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
قوله: (فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ في السيرة: أنَّه في مرجعه من الطائف، وكان وحده في الطائف، كما قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: معه زيد بن حارثة، وفي انصرافه عَلَيهِ السَّلام من الطائف راجعًا إلى مَكَّة حين يئس من خير ثقيف؛ مرَّ به النفر من الجنِّ وهو بنخلة، وهم _فيما ذكر ابن إسحاق_ سبعة من جنِّ نصيبين، وهنا كما رأيتَ: (في طائفة من أصحابه)، وابن سيِّد النَّاس عمل الإسراء بعد هذه القصَّة، وهنا: (وهو يصلِّي بأصحابه صلاة الفجر)، و (عُكَاظ): تَقَدَّم ضبطه، وقال الدِّمْياطيُّ هنا: موضع بقرب مَكَّة، كانوا في الجاهليَّة يقيمون به أيَّامًا، انتهى، وهو يُصرَف ولا يُصرَف.
قوله: ({أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]): تَقَدَّم الكلام على (الجنِّ): أنَّهم ولد إبليس، وأنَّ لهم ثوابًا وعقابًا، واختلف في دخولهم الجنَّة، والعمومات تقتضيه، وقد ذكرت ما ذكره شيخنا العلَّامة البلقينيُّ عن الحارث بن أسد المحاسبيِّ، وقد قدَّمتُ عزوَه لابن تيمية أبي العبَّاس، وهو عزاه لبعض الكتب، وقيل: إنَّ الجنَّ ليسوا بشياطين، ومنهم كافر ومؤمن، ويموتون، والشياطين ليسوا منهم بمؤمنين، ولا يموتون إلَّا مع إبليس، وأنَّ هؤلاء كانوا من جنِّ الجزيرة، كما في «مسلم»، وكانوا سبعةً، وفي «تفسير البغويِّ»: تسعة، وقيل: سبعة، وكذا في (الأحقاف)، ثُمَّ ذكر فيها عن ابن عبَّاس أنَّهم استجاب [1] لهم نحوٌ من سبعين رجلًا من الجنِّ، فرجعوا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فوافقوه بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن، وأمرهم ونهاهم، انتهى، والظاهر من قوله: (فرجعوا)؛ أي: التسعة أو السبعة، والله أعلم، وقد ذكرت أسماءهم، وأنَّهم لم يُذكَر منهم في الصَّحابة غيرُ عمرو بن جابر، وقد ذكرتُ مَن ذُكِر من الجنِّ في الصَّحابة في (كتاب الصلاة)؛ فانظره.
قوله: (وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ): (أُوحِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/8932)


==========
[1] في (أ): (استحباب)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 362]

(1/8933)


(((73))) [المزمل]
[ج 2 ص 362]
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

(1/8934)


(((74))) [المدثر]
قوله: ({قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51]: رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ): (رِكْز): بكسر الراء، وإسكان الكاف، وبالزاي، و (الرِّكز): الصوت، وسيجيء بُعَيد هذا في هذه: (الرِّكْز: الصوت)، انتهى، ومنه قوله تعالى: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98].
==========
[ج 2 ص 363]

(1/8935)


[حديث: جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت]
4922# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)، وقال شيخنا هنا: ووقع في بعض النسخ: أنَّه ابن موسى الحُدانيُّ، انتهى.
قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]): تَقَدَّم الكلام على أوَّل ما نَزَل من القرآن في أوَّل هذا التعليق، وجوابٌ عن هذا.
قوله: (جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، و (جوَارِي): بكسر الجيم وضمِّها، تَقَدَّم؛ أي: اعتكافي.
==========
[ج 2 ص 363]

(1/8936)


[{قم فأنذر}]

(1/8937)


[حديث: جاورت بحراء]
4923# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَرْبٌ): قال شيخنا: لعلَّ المراد بقوله: (وغيرُه): ما صرَّح به أبو [1] نعيم الأصبهانيُّ حيث قال: (حدَّثنا أبو إسحاق بن حمزة: حدَّثنا أبو عوانة: حدَّثنا محمَّد بن بَشَّار: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ وأبو داود: حدَّثنا حرب ... )؛ فذكره، وكذا قال بعض حفَّاظ العصر: إنَّه أبو داود الطيالسيُّ، بيَّنه أبو نعيم في «مستخرجه».
قوله: (مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ): الظاهر أنَّه أراد الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي موسى محمَّد بن المثنى، عن عثمان بن عمر، عن عليِّ بن المبارك، عن أبي سلمة، وحديث عليِّ بن المبارك هو في «البُخاريِّ» في (التفسير) قُبَيل هذا، لكن عنه وكيعٌ، وعن وكيعٍ يحيى، والله أعلم.

(1/8938)


[{وربك فكبر}]

(1/8939)


[حديث: جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت فاستبطنت]
4924# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، أبو سهل، حافظٌ حُجَّة، تَقَدَّم، و (حَرْبٌ): هو ابن شدَّاد، كذا هو منسوب في الحديث الذي قبل هذا، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير المذكور في سند الحديث الذي قبل هذا، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (فِي حِرَاءٍ): تَقَدَّم مِرارًا، وكذا (جوَارِي): أنَّه بالضمِّ والكسر.
قوله: (فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ [1]): هذا جبريل، وهذا ظاهرٌ لا خفاء فيه.
قوله: (وَأُنْزِلَ عَلَيَّ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8940)


[{وثيابك فطهر}]

(1/8941)


[حديث: فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت]
4925# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (عُقَيْل): بضمِّ العين، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام على كتابتها والنطق بها في أوَّل هذا التعليق.
قوله: (وَحَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (فَجُئِثْتُ [3]): كذا في أصلنا بالهمز، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: (فجثثت)، قال الدِّمْياطيُّ: جُثِثَ الرجل وجُئِثَ؛ أي: فَزِعَ.
فائدةٌ هي تنبيهٌ: هذا الحديث هنا وقع من رواية مَعْمَر، وقد وقعت هذه اللفظة في «مسلم» من رواية مَعْمَر ويونس وعُقَيل عن الزُّهريِّ، وقد ضبط الشيخ محيي الدين النَّوويُّ ذلك، فقال في رواية يونس عن الزُّهري: بجيم مضمومة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ تاء الضمير، وقال في رواية عُقَيل ومَعْمَر: بعد الجيم ثاءان مثلَّثتان، هكذا هو الصواب في رواية الثلاثة، انتهى، والظاهر أنَّه كذلك في «البُخاريِّ»، ثُمَّ ذكر كلامًا للقاضي عياض وتعقَّبه، ثُمَّ ذكر كلام «المطالع»، فقال: وقد ذكر صاحب «المطالع» أيضًا رواياتٍ أخرى باطلةً مصحَّفةً، تركت حكايتها؛ لظهور بُطلانها، والله أعلم، انتهى.
فإذن الصواب هنا: بثاءين مثلَّثتين؛ لأنَّه من رواية مَعْمَر، ولا يُهمَز؛ لأنَّ الهمز رواية يونس، والله أعلم، وهذا الذي فعل الشيخ محيي الدين تحقيقٌ حسن وملخَّص، وليس أحسنَ منه، والله أعلم.

(1/8942)


[{والرجز فاهجر}]

(1/8943)


[حديث: فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء]
4926# قوله: (يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق كم مدَّة الفترة من عند السهيليِّ، وأنَّها سنتان ونصف، كما جاء في حديث.
قوله: (فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ): تَقَدَّم أنَّه جبريل عَلَيهِ السَّلام.
قوله: (فَجَئِثْتُ مِنْهُ): كذا في أصلنا بالهمز، وقد قدَّمتُ أنَّ الصواب بثاءين مثلَّثتين؛ لأنَّه هنا من رواية عُقَيل، وأنَّ الهمز رواية يونس؛ فانظره أعلاه.
قوله: (حَتَّى هَوَيْتُ): هو بفتح الواو، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وهو المذكور في السَّند.
قوله: (ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الميم؛ أي: قَوِيَ واشتدَّ، كما قال: (وَتَتَابَعَ).
==========
[ج 2 ص 363]

(1/8944)


(((75))) [سورة القيامة]
قوله: ({سُدًى} [القيامة: 36]: هَمَلًا): هو بفتح الهاء والميم، و (الهَمَل): الإبل بلا راعٍ.
قوله: ({لَا وَزَرَ} [القيامة: 11]: لاَ حِصْنَ): هو بكسر الحاء وإسكان الصاد المهملتين، واحد الحصون.
==========
[ج 2 ص 363]

(1/8945)


[حديث: كان النبي إذا نزل عليه الوحي حرك به لسانه]
4927# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة.
==========
[ج 2 ص 363]

(1/8946)


[حديث ابن عباس: كان يحرك شفتيه إذا أنزل عليه]
4928# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ.
قوله: (إِذَا أُنْزِلَ [1] عَلَيْهِ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (نَزَلَ).
[ج 2 ص 363]

(1/8947)


[{فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}]

(1/8948)


[حديث ابن عباس: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي ... ]
4929# قوله: (وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ): (يُعرَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: ({أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34]: توعُّدٌ): قال الدِّمْياطيُّ: قال الجوهريُّ: قولهم: {أَوْلَى لَكَ}: تهدُّد ووعيد، قال القشيريُّ أبو نصرٍ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}
[ج 2 ص 363]
؛ أي: ويلٌ لك يوم تموت، ثُمَّ ويلٌ لك في القبر، ثُمَّ ويلٌ لك حين تُبعَث، ثُمَّ ويلٌ لك في النار، انتهى، وهذا في أبي جهل.

(1/8949)


(((76))) [{هل أتى على الإنسان}]
قوله: (يُقَالُ: مَعْنَاهُ: أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ): وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (قال يحيى: معناه: أتى على الإنسان)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: «يحيى» هذا: أبو زكريَّا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الديلميُّ الفرَّاء، انتهى، وقد ذكرت في (سورة الصفِّ) بعض كلام في ترجمته؛ فانظره، ووفاته.
قوله: (وَ «هَلْ»: تَكُونُ جَحْدًا): قال شيخنا: هذا فيه تجوُّز، وإنَّما الاستفهام في الحقيقة استعلامٌ للفائدة، واستطلابها ممَّن يعلمها، انتهى، وقد ذكر الإمام الأستاذ جمال الدين ابن هشام القاهريُّ في كتابه «المغني» في (هَلْ) كلامًا طويلًا، ومنه: أنَّها تأتي المرادُ بالاستفهام بها النفيُ، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر في {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] ... إلى آخر كلامه: هو كلام يحيى بن زياد الفرَّاء في «معاني القرآن».
قوله: (وَيُقَالُ: {سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا} [الإنسان: 4]): اعلم أنَّه قرأ نافع والكسائيُّ وأبو بكر وهشام: {سَلَاسِلًا}؛ بالتنوين، ووقفوا بالألف عوضًا منه، والباقون: بغير تنوين، ووقف حمزة وقنبل وحفص _قال أبو عمر: ومن قراءتي على أبي الفتح_ بغير ألف، وكذا قال النقَّاش عن أبي ربيعة عن البزيِّ، وعن الأخفش عن ابن ذكوان قال أبو عمرٍو: وكذلك قرأت في مذهبهما على الفارسيِّ، ووقف الباقون بالألف صلةً للفتحة، انتهى كلام الدانيِّ في «تيسيره».
قوله: (وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ): هو في أصلنا بضمِّ المثنَّاة تحت، وإسكان الجيم، وكسر الراء، قال ابن قُرقُول: (ولم يُجْرِ بعضهم)؛ أي: يصرفه، ولا نوَّنه؛ كأنَّه لمَّا فعل ذلك؛ لم يُجْرِه في الإعراب مُجرى ما ينصرف، كذا رواه الأصيليُّ، ورواه الباقون: (يُجِزْه غيرُه)؛ من الجواز، وهما بمعنًى، انتهى، وفي هامش أصلنا: (يُجِز)؛ من الإجازة، لكن بلا ضمير، وأخبرني بعض الفضلاء الغرباء: أنَّ بعض العصريِّين من المحدِّثين قال: إنَّ (بعضهم) هو حمزة؛ يعني: الزَّيَّات، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت كلام بعض المحدِّثين ولفظه: عنى بـ (بعضهم) حمزةَ الزَّيَّات، فإنَّه قرأ الجميعَ بالألف، انتهى، وقد تَقَدَّم مَن قرأ بغير تنوين، وهو المراد، وهذا هو الظاهر.
قوله: (إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرُّوحُ): مرفوع قائم مقام الفاعل [1].

(1/8950)


قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): كذا في أصلنا، وعليها علامة نسخة بإشارة إلى راويها، وهو بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، والذي يظهر لي أنَّه مَعْمَر بن المثنَّى، أبو عبيدة، صاحب اللغة، وسيأتي ما يعارضه، وابن المثنَّى تُوُفِّيَ سنة عشر ومئتين، قال الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجيٌّ ولا جماعيٌّ أعلمَ لجميع العلوم من أبي عبيدة، وقال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المدينيِّ يصحِّح رواية أبي عبيدة، وقال المبرِّد: كان أكملَ القوم، وقال الدارقطنيُّ: لا بأس به، إلَّا أنَّه يُتَّهم بشيء من رأي الخوارج، ويُتَّهم بالأحداث، وقد ذكره ابن حبَّان في «ثقاته»، وفيه لأبي عبيد القاسم بن سلَّام توثيقٌ، وللأزهريِّ فيه كلام ذكره النوويُّ في «تهذيبه»، ولكنَّ شيخنا لمَّا عزا هذا الأثر؛ قال: أخرجه عبد بن حميد، عن عبد الرزَّاق، عن مَعْمَر، عن قتادة، وذكره عن مجاهد وغيره بنحوه، انتهى، فمقتضى هذا: أن يكون مَعْمَرَ بن راشدٍ، والله أعلم.
قوله: (شِدَّةُ الْخَلْقِ): هو بفتح الخاء المعجمة، وإسكان اللام.
قوله: (مِنْ غَبِيْطٍ [2] قَتَبٍ): (الغَبِيْط): شيء تركبه النساء شبه المِحَفَّة، (الغَبِيْط): بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة، قال ابن قُرقُول في (الغين المعجمة): الغبيط: من مراكب النساء؛ كالهودج، انتهى، وكذا ذكرته لك عن أصلنا، ولكنَّه مكتوب عليه: (زائد)، وقال الجوهريُّ في (غبط): والغَبِيْط: الرَّحْلُ، وهو للنساء، يُشَدُّ عليه الهودج، والجمع: غُبُط، وفي «النِّهاية»: («كأنَّها غُبُط»: الغُبُط: جمع غَبِيْط؛ وهو الموضع الذي يُوطَّأ للمرأة من البعير؛ كالهودج، يُعمَل من خشب وغيرِه)، انتهى.
قوله: (وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ) [3]: هو بضمِّ القاف، وتخفيف الميم، وبعد الألف طاء مهملة مكسورة، ثُمَّ راء، مصروفٌ؛ لأنَّه مفرد، يقال: يوم قمطرير، ويوم قُمَاطِر؛ ومعناه: شديد، وأمَّا (القِمَطْر)؛ [فهو] بكسر القاف، وفتح الميم، ثُمَّ طاء مهملة ساكنة، ثُمَّ راء، وجمعه: قَمَاطر؛ بفتح القاف، و (القِمَطْر) و (القِمَطرةُ): ما يُصان فيه الكتب، قال ابن السِّكِّيت: لا يقال بالتشديد، ويُنشَد:
~…ليسَ بعِلْمٍ مَا يَعِي القِمَطْرُ…ما العِلْمُ إلَّا مَا وَعَاهُ الصَّدْرُ

(1/8951)


(((77))) [{والمرسلات}]
قوله: ({جُمَالَاتٌ} [المرسلات: 33]: حِبَالٌ): وفي نسخة: (حبال السُّفُنِ)، وكذا في آخِرِ هذه السورة: ({جِمَالَاتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 33]: حبال السفن، تُجمَع حتَّى تكون كأوساط الرجال)، انتهى، وهذا التفسير على قراءة شاذَّة؛ لأنَّ {جُمَالَاتٌ} في أصلنا مضموم الجيم، مخفَّف الميم، وكذا رأيتها في نسخة أخرى صحيحة، وعليها: (خف)، و (الجُمَّل)؛ بضمِّ الجيم، وتشديد الميم: واحد حبال السفينة، وقد قرأ ابن عبَّاس ومجاهد: {حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، قال الزمخشريُّ في هذه السورة: وقُرِئ: {جُمَالَاتٌ}؛ بالضمِّ: وهي قلوس الجسور، وقيل: قلوس سفن البحر، الواحدة: جُمالة، وقُرِئ: {جُمالة}؛ بمعنى: جِمال، و {جُمالة}؛ بالضمِّ: وهي القلس، انتهى.
وذكر الإمام شهاب الدين السَّمين في «إعرابه» قراءاتٍ في هذه اللفظة، قال: وقد قرأ ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، وقتادة، وأبو رجاء؛ بخلافٍ عنهم كذلك؛ يعني: {جِمَالَاتٌ} جمعًا لـ (جمالة)، و [يجوز] أن يكون جمعًا لـ (جمال)، فيكون جمع الجمع، ويجوز أن يكون جمعًا لـ (جَمَل) المفرد؛ كقولهم: رِجالات قريش، قال: إلَّا أنَّهم ضمُّوا الجيم؛ يعني قرؤوا: {جُمَالَاتٌ}؛ بضمِّ الجيم، وتخفيف الميم، قال: وهي حبال السُّفُن، وقيل: قلوس الجسور، الواحدة: جُملة؛ لاشتمالها على طاقات الحبال، وفيها وجهان: أحدهما: أن يكون {جُمَالَاتٌ} جمعَ «جُمال»، وجُمال: جمع «جُملة»، كذا قال الشيخ _يعني: أبا حيَّان شيخَه_ قال: ويحتاج _في إثبات أنَّ (جُمالًا)؛ بالضم: جمع (جُملة)؛ بالضمِّ_ إلى نقل، والثاني: أنَّ {جُمَالَاتٌ}: جمع (جُمالة)، قاله الزمخشريُّ، وهو ظاهرٌ، وقرأ ابن عبَّاس والسُّلميُّ وأبو خَيْرة: {جُمالة}؛ بضمِّ الجيم، وهي دالَّة لما قاله الزمخشريُّ آنفًا، انتهى.
وقال شيخنا: و {جِمَالاتٌ}؛ بكسر الجيم، وقيل: بالضمِّ: إبل سود، واحدها: جُمالة، وجُمالة: جمع (جمل)، وقُرئ: {جِمَالَة}؛ على التوحيد، وقُرِئ بضمِّهما، ثُمَّ ذكر بعض كلام الهرويِّ الآتي، ثُمَّ قال: وذكر الفرَّاء فيما حكاه ابن فارس: أنَّ «الجُمالات» ما جُمِع من الحبال؛ فعلى هذا تُقرَأ بالضمِّ، فيما ذكره مجاهد.

(1/8952)


وقال الهرويُّ في «غريبَيه» في قوله: {جُمَالَاتٌ صُفْرٌ}: ومَن قرأ: {جُمَّالات}؛ ذهب إلى أنَّه الحبال الغلاظ، وقال مجاهد في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]: هو حبل السفينة، وهو قلوس، الواحد: قَلْس، قال ابن عرفة: وهذا كلام العرب إذا أرادوا اليأس من الشيء؛ مَثَّلُوه، انتهى، والله أعلم.
قوله: (وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35] ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام على سائله في (فصلت).

(1/8953)


[حديث: كنا مع رسول الله وأنزلت عليه ... ]
4930# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا محمود بن غيلان، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو ابن موسى العبسيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم، ثِقةٌ على تشيُّعه [1] وبدعته، و (إِسْرَائِيل) بعده: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخعيُّ.
قوله: (كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: كانوا في غارٍ بمنًى كما سيجيء في الرواية بُعَيده، وهذا الغار معروف بمنًى، كما في بعض طرق «الصحيح»، وهو فوق مسجد الخيف في الجبل، والله أعلم، وهو عن يسارك إذا استقبلتَ في مسجد الخيف القبلة، وكون [2] الغار بمنًى يردُّ ما ذكرتُه عن «معجم الطبرانيِّ الصغير» وغيرِه: أنَّه بحراء، وقد ذكرت ذلك قبل (كتاب الأنبياء)؛ فانظره، وتعدُّد الواقعة فيه بُعدٌ بعيدٌ، وحديث «الصحيح» صحيحٌ، وذاك قد استنكرت منه شخصًا؛ وهو عاصم ابن بهدلة، أحد القرَّاء، ثَبْتٌ في القراءة، يَهِمُ في الحديث، والله أعلم.
قوله: (وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ): (وُقِيَتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وشرَّكم): منصوبٌ، مفعول ثان، وكذا (وُقِيتُمْ شَرَّهَا) مثله، وقد ذكرته في (الحجِّ).
4931# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): (عَبْدة): بإسكان الموحَّدة، وقد تَقَدَّم، وأنَّه ليس في «الصحيح» (عَبَدة) بتحريكها إلَّا عامر بن عَبَدة، وبجالة بن عَبَدة، ويقال فيهما بالإسكان، فعامرٌ روى له مسلم في مقدِّمة «الصحيح»، وبجالة روى له البُخاريُّ في (كتاب الجزية)، والله أعلم، و (إِسْرَائِيل): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (مَنْصُور): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن المعتمر.
قوله: (بِهَذَا): أي: بهذا السند وهذا الحديث؛ يعني: الذي تَقَدَّم.
[ج 2 ص 364]
قوله: (وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: مِثْلَهُ): مقتضى ما هنا أن يكون معطوفًا على السند الذي قبله، الذي حدَّث فيه عن عَبْدة، عن يحيى، عن إسرائيل، إلى هنا سند الذي قبله موافقٌ لهذا، والذي قبله رواه إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله؛ هو ابن مسعود، وهذا الذي نحن فيه: إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.

(1/8954)


والحاصل: أنَّ إسرائيل رواه بطريقين؛ أحدهما: عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة به، والثاني المعطوف: إسرائيل عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة به، والله أعلم، لكنَّ المِزِّيَّ لم يطرِّفه كذلك، إنَّما قال: البُخاريُّ في (بدء الخلق) عن عَبْدة، عن يحيى، عن إسرائيل عنه به؛ أي: عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، وقال: تابعه أبو عوانة عن مُغيرة عن إبراهيم، وقال حفصٌ وأبو معاوية وسليمانُ بن قرم عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، وفي (التفسير) _يعني: هذا المكان_ عن محمود، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل به، وقال: تابعه أسود بن عامر عن إسرائيل، والنَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن سليمان عن يحيى بن آدم به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم.
والحاصل: أنَّ هذا الذي نحن فيه ليس في نسختي بـ «الأطراف» للمزِّيِّ، وهي مقابلة، سواء كان تعليقًا أو متِّصلًا، والله أعلم، والذي ظهر لي _كما قدَّمتُه_ أنَّه معطوف على الذي قبله، فعلى هذا (مثلَهُ)؛ بالنصب، وعلى أن يكون تعليقًا يكون (مثلُهُ) بالرفع، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): أمَّا (يحيى بن حمَّاد)؛ فشَيبَانيٌّ مولاهم، وهو خَتَن أبي عوانة، وراويتُه له، عن عكرمة بن عمَّار وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، والكديميُّ، ثِقةٌ متألِّه، تُوُفِّيَ سنة (215 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه.
وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدثنا)، غير أنَّ الغالب أخذُه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذهبيُّ تعليقًا.
و (أبو عوانة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (مُغيرة): هو ابن مِقسَم الضبيُّ، و (إبراهيم): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّم، و (عبد الله): هو ابن مسعود، تَقَدَّم.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ): قال الدِّمْياطيُّ: قال ابن معين: سمع ابنُ إسحاق من القاسم بن محمَّد، ومكحول، وعبد الرَّحمن بن الأسود، انتهى.

(1/8955)


(محمَّد بن إسحاق) هذا: هو إمام أهل المغازي، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وقرنه مسلمٌ بغيره، وأخرج له الأربعة، والكلام فيه معروف، قال شيخنا: هذا وصله أبو نعيم في «مستخرجه»، وبيَّن أنَّه محمَّد بن إسحاق، وما وقع في بعض نسخ «البُخاريِّ»: (وقال أبو إسحاق) وَهَمٌ، وابن إسحاق سمع من عبد الرَّحمن المذكور، كما صرَّح به ابن معين، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/8956)


[{إنها ترمي بشرر كالقصر}]
قوله: ({إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32]): قال ابن الأثير: ومنه حديث ابن عبَّاس: {إنَّها ترمي بشرر كالقَصَر}؛ بالتحريك، قال: (كُنَّا نرفع الخشب للشتاء ثلاث أذرع أو أقلَّ، ونُسمِّيه: القَصَر)؛ يريد قَصَر النخل؛ وهو ما غَلُظَ من أسفلها، وأعناق الإبل واحدتها: قَصَرة، انتهى، وقال الجوهريُّ: والقَصَرة؛ بالتحريك: أصل العنق، والجمع: قَصَر، وبه قرأ ابن عبَّاس: {إنَّها ترمي بشرر كالقَصَر}، وفسَّره: قصَر النخل؛ يعني: الأعناق، انتهى.
فينبغي أن تُقرَأ هذه اللفظة بالتحريك، وهو في أصلنا: ساكن بالقلم، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ التفسير إنَّما ذكره لأجل قراءة ابن عبَّاس، وقال ابن التين _كما نقله شيخنا عنه_: إنَّه بفتح الصاد وإسكانها، وقال الخَطَّابيُّ: قوله: (فنسمِّيه القَصَر): هو جمع «قَصَرة»؛ أي: كأعناق الإبل، وكذلك قرأ ابن عبَّاس: {كالقَصَر}؛ بفتح القاف والصاد، الواحدة: قَصَرة، قال شيخنا: قلت: وقرأه الجمهور بإسكان الصاد، وقُرِئ بفتح القاف وكسر الصاد، وقُرِئ بضمِّهما، وبكسر القاف مع فتح الصاد؛ وكلُّها لغاتٌ بمعنًى، انتهى.
قال الزمخشريُّ: {كالقَصْر}: من القصور، في عِظَمِها، وقيل: هو الغليظ من الشجر، الواحدة: قَصْرة؛ نحو: حَمْرة وحمْر، وقُرِئ: {كالقَصَر}؛ بفتحتين، وهي أعناق الإبل، أو أعناق النخل؛ نحو: شَجَرة وشَجَر، وقرأ ابن مسعود: {كالقُصُر}؛ بمعنى القُصور؛ كرَهْن ورُهُن، وقرأ سعيد بن جُبَير: {كالقِصَر} في جمع قَصَرة؛ كحَاجَة وحِوَجٍ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 365]

(1/8957)


[حديث ابن عباس: كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع]
4932# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): تَقَدَّم [أنَّه] بالموحَّدة، والسين المهملة، وتَقَدَّم مترجمًا مع مَن يشتبه به؛ وهو عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، في (سورة الحشر) [1].
قوله: ({إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [2] [المرسلات: 32]): هو بإسكان الصاد في أصلنا، وينبغي أن تُقرَأ بفتح الصاد، تَقَدَّم نقل ذلك عن ابن عبَّاس.
==========
[1] هذه الفرة جاءت في (أ) متقدِّمة على آية الباب، بعد قوله: (وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا).
[2] كذا في (ق)، ورواية «اليونينيَّة» مصحَّحةً: ({كالقَصَر}).
[ج 2 ص 365]

(1/8958)


[{كأنه جمالات صفر}]

(1/8959)


[حديث: كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك]
4933# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو حفص الفلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، تَقَدَّم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه وفي (سورة الحشر)، والفرق بينه وبين من يشتبه به: عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة.
قوله: ({كَالْقَصْرِ} [1] [المرسلات: 32]): تَقَدَّم أنَّه ساكن الصاد في أصلنا، وينبغي أن تُقرَأ بالفتح؛ لأجل التفسير الذي فسَّره به، وكذا هو بالفتح في أصلٍ صحيح، وقد تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه.
قوله: (كُنَّا نَعْمِدُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وفي الماضي بفتحها، عكس (صَعِد)، وتَقَدَّم [أنِّي] رأيته في حاشيةٍ على «البُخاريِّ»: أنَّ (نعمد) فيه لغةٌ بعكس ما ذكرته.
قوله: ({كَأَنَّهُ جُمَالَاتٌ صُفْرٌ} [2] [المرسلات: 33]: حِبَالُ السُّفْنِ): تَقَدَّم ضبطه في أوَّل السورة؛ فانظره.
قوله: (حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ): هو في أصلنا بالجيم، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: بالحاء المهملة، وقال شيخنا: هو بالحاء المهملة، انتهى.
[ج 2 ص 365]
==========
[1] كذا في (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة» من رواية أبي ذرٍّ: ({كالقَصَر}).
[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({جِمالاتٌ})؛ بكسر الجيم.

(1/8960)


[{هذا يوم لا ينطقون}]

(1/8961)


[حديث: وقيت شركم كما وقيتم شرها ... ]
4934# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ [1]): تَقَدَّم أنَّ (غِيَاثًا) بالغين المعجمة المكسورة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، و (غِيَاث) في أصلنا نسخةٌ، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النخَعيُّ، تَقَدَّم قريبًا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
قوله: (فِي غَارٍ): تَقَدَّم أنَّ الغار بمنًى، كما في بعض طرقه في هذا الحديث، وأنَّه مُطِلٌّ على مسجد الخيف، إذا وقفت في المسجد؛ كان على شمالك بقربه جدًّا.
قوله: (لَرَطْبٌ بِهَا): تَقَدَّم معناه في (الحجِّ).
قوله: (وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا): (وُقِيَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شرَّكم): بالنصب مفعولٌ ثانٍ، وكذا (وُقِيتُم): مبنيٌّ، وكذا (شرَّها): منصوب.
قوله: (قَالَ عُمَرُ: حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِي: فِي غَارٍ بِمِنًى): (عمر) هذا: هو شيخ البُخاريِّ، عمر بن حفص بن غِيَاث.
==========
[1] قوله: (بن غياث): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 366]

(1/8962)


(((78))) [{عم يتساءلون}]
قوله: (وَيَغسِقُ الجُرْحُ: يَسِيلُ) [1]: (يَغسِق): بكسر السين.
قوله: (كَأَنَّ الغَسَّاقَ والغَسِيقَ وَاحِدٌ) [2]: قال ابن قُرقُولَ: وقول البُخاريِّ في تفسير (الغَسَّاق): (غَسَقَتْ عينُه، وغسق الجرحُ، كأنَّ الغسَّاق والغسيق واحد) لم يزد؛ ومعناه: انغسقت عينه؛ إذا سالت ودمعت، وغسق الجرح؛ إذا سال منه ماء أصفر؛ يريد: أنَّهم يُسقَون ذلك، وقال السُّدِّيُّ: هو ما يَغسِق من دموعهم، يُسقَونه مع الحميم، وقال أبو عبيدة: هو ما سال من جلود أهل النار، وقال غيرُه: من الصديد، وقيل: الغسَّاق: البارد يُحرِق ببرده، وقُرِئ بالتخفيف والتشديد، قال الهرويُّ: فمَن خفَّف؛ فأراد البارد المُحرِق ببرده، وقيل: {غَسَّاقًا} [النبأ: 25]: مُنتِنًا، انتهى، ولم أرَ لـ (الغسيق) ذكرًا فيما وقفت عليه من كتب اللغة.
تنبيهٌ: (الغسَّاق) في هذه السورة، وفي (ص): قرأهما حفص وحمزة والكسائيُّ: بتشديد السين، والباقون: بتخفيفها.
==========
[1] قوله: (وَيَغسِقُ الجُرْحُ: يَسِيلُ): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.
[2] قوله: (كأنَّ الغساق والغسيق واحد): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 366]

(1/8963)


[{يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجًا}]

(1/8964)


[حديث: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون ... ]
4935# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (المغازي) في (أحُدٍ)، و (أبو معاوية): محمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، تَقَدَّم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّموا.
قوله: (قال: أَبَيْتُ): في الأماكن الثلاثة بضمِّ تاء المتكلِّم، وتَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الزُّمَر)، وأنَّه جاء: (أربعون خريفًا)، وأنَّه جاء كما رواه ابن وهب: (أربعون جمعة)، ولكنَّه منقطع.
قوله: (وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزمر).
==========
[ج 2 ص 366]

(1/8965)


(((79))) [{والنازعات}]
قوله: (وَالْبَاخِلِ وَالْبَخِيلِ): كذا هما بالموحَّدة والخاء المعجمة في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (والناحل والنحيل)؛ بالنون والحاء المهملة.
قوله: (فَيَنْخَرُ): هو بفتح الخاء المعجمة.
==========
[ج 2 ص 366]

(1/8966)


[حديث: بعثت والساعة كهاتين]
4936# قوله: (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة، مُصغَّر، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المهملة: سلمة بن دينار، تقدَّم.
قوله: (بِإِصْبَعَيْهِ): تَقَدَّم في أنَّ في (الإصبع) عشر لغات: تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: أُصبوع، وتَقَدَّم أنَّ بعض العلماء ممَّن عاصرناه نظم ذلك، فقال:
~…بَا إِصْبَعٍ ثَلِّثًا مَع مِيمِ أَنْمُلَةٍ…وثَلِّثِ الهَمْزَ أيضًا وارْوِ أُصْبُوعًا
قوله: (هَكَذَا، بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا [1]): للسهيليِّ _في معاني اقتران هاتين الإصبعين، وسبق هذه بهذه؛ أعني: الوسطى والسبابة، وفي الحروف المقطَّعة_ كلامٌ لطيف، استخرج منه مدَّة بقاء هذه الأمَّة في الدنيا، وهو ألف سنة، وقد وَهِم في حساب الجُمَّل في موضع، وأبدل بالشين المعجمة المهملة، وليس في الحروف المقطَّعة في أوائل السور المعجمةُ، وأيضًا فسبَّابة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أطولُ من الوسطى له، كما هو معروفٌ، وجاء فيه حديثٌ، اللهمَّ إلَّا أن يقولَ السهيليُّ: إنَّها وإن كانت السبَّابة أطولَ من الوسطى؛ فطولها على الوسطى سُبعٌ، والله أعلم، ذكر ذلك في أوائل النصف الثاني من «روضه» في حديث بشير بن أُبَيرِق، وقبلَهُ إسلام عبد الله بن سلَام، والله أعلم، وهذا أمرٌ غَيْب لا يعلمه إلَّا الله عزَّ وجلَّ.
قوله: (بُعِثْتُ وَالسَّاعَة): يجوز نصب (الساعة) ورفعها، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تلي الإبهام).
[ج 2 ص 366]

(1/8967)


(((80))) [{عبس}]
قوله: (فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ): (جُعِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (التطهيرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (وَجُعِلَتِ الْمَلاَئِكَةُ): (جُعِلت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الملائكةُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
قوله: (وَتَأْدِيَتِهِ): هو بالمثنَّاة فوق قبل الضمير، من الأداء، وفي نسخة هي في هامش أصلنا وعليها علامة راويها: (وتأديبه)؛ بالموحَّدة، من الأدب، قال ابن قُرقُول: («وتأديبه»: كذا للهرويِّ وعبدوس، من الأدب، وضبطه القابسيُّ: «وتأديته»؛ من الأداء، وهو أشبه بتفسير «السَّفَرة»)، انتهى.
قوله: ({تَصَدَّى} [عبس: 6]: تَغَافَلُ عَنْهُ): كذا في هذا «الصحيح»: ({تصدَّى}: تغافل)، قال ابن قُرقُول: كذا للكافَّة، وهو وَهَمٌ وقلبٌ للمعنى، إنَّما {تصدَّى}: ضدُّ تغافل، بل معناه: تعرَّض له، وهو مفهوم الآية، بخلاف التي بعدها، وفي نسخة ولم أروه: ({تَلَهَّى} [عبس: 10]: تغافل عنه)، وهذا أشبه بالصواب، فـ {تصدَّى} تصحيفٌ مِن {تلهَّى}، أو سقط من الأصل تفسير {تصدَّى} إلى {تلهَّى}، ووُصِل بين الكلامين، فاختلَّ، انتهى، وهو كلام حسنٌ، ورأيت عن أبي ذرٍّ قوله: {تصدَّى}: تغافل عنه، ليس بصحيح، وإنَّما تصدَّى للأمر؛ إذا رفع رأسه إليه، فأمَّا {تلهَّى}؛ تغافل وتشاغل عنه، انتهى، وفي أصلنا الذي سمعت منه على العراقيِّ: ({تصدَّى}: تغافل عنه)، ثُمَّ ذكر أشياء، ثُمَّ قال: {تلهَّى}: تشاغل، وكذا رأيته في أصل آخَرَ، وآخَرَ من بعض أصولي الدِّمَشْقيَّة، والله أعلم.
قوله: ({مُسْفِرَةٌ} [عبس: 38]: مُشْرِقَةٌ): هو من الإشراق؛ بالشين المعجمة والقاف.
قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ) [1]: (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: ({تَلَهَّى} [عبس: 10]: تَشَاغَلُ): هو مضارع مرفوع محذوف إحدى التاءين.
==========
[1] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» متقدِّمًا على قوله: ({مُسْفِرَةٌ}: مُشْرِقَةٌ).
[ج 2 ص 366]

(1/8968)


[حديث: مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام]
4937# قوله: (مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ البَرَرة ... ) إلى أن قال: (فَلَهُ أَجْرَانِ): يعني: أجرًا بقراءته، وأجرًا بِتَعَبِه في تلاوته ومشقَّته، قال القاضي عياض وغيرُه من العلماء: وليس معناه أنَّ الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضلُ وأكثرُ أجرًا، فإنَّه مع السَّفَرة، وله أجور كثيرة، ولم تُذكَر هذه
[ج 2 ص 366]
المنزلة لغيره، وكيف يلتحق به من لم يعتنِ بكتاب الله، وحفظه، وإتقانه، وكثرة تلاوته ودراسته؛ كاعتنائه حتَّى مهر فيه، والله أعلم، انتهى، وقال بعضهم في قوله: (له أجران): هل هو ضِعْفُ أجر الذي يقرأ حافظًا، أو يضاعف له أجره؟ والأوَّل أعظم وأكثر؛ لأنَّه مع السَّفَرة، وهذا أشبه، ومن رجَّح الأوَّل؛ قال: الأجر على قدر المشقَّة، انتهى.

(1/8969)


(((81))) [{إذا الشمس كورت}]
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، مشهورٌ.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]: أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ... ) إلى آخره: هو كلام يحيى بن زياد الفرَّاء، قاله بعض حفَّاظ العصر.
قوله: (وَالْخُنَّسُ: تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا: تَرْجِعُ): وقيل: الخنَّس: الكواكب كلُّها، وقيل: الكواكب السيَّارةُ منها دون الثابتة، قال الفرَّاء في قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الجَوَارِ الكُنَّسِ} [التكوير: 15 - 16]: إنَّها النجوم الخمسة: زُحَل، والمشتري، والمِرِّيخ، والزُّهَرة، وعطارد، وقال ابن عبد السلام بعد أن ذكر ما ذُكِر فيها: والمُجمَع عليه أنَّ الله عزَّ وجلَّ أقسم بأشياء تخنس أحيانًا، وتكنس أحيانًا، لا يخصُّ بذلك شيئًا، انتهى.
قوله: (تَكْنِسُ [1]: تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ): (تكنِس): بكسر النون في المستقبل، ومفتوحٌ في الماضي.
قوله: (تَخْنِسُ): هو بكسر النون أيضًا في المستقبل، وضمِّها أيضًا.
قوله: (وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالضَّنِينُ: يَضَنُّ بِهِ)، انتهى، هذا إشارة إلى أنَّها تُقرَأ بالظاء والضاد، وهما بمعنَيَين؛ ومعنى (الضنين)؛ بالضاد: البخيل، يقال: ضَنِنتُ به أضَنُّ _بالكسر في الماضي، والفتح بالمستقبل_ ضِنًّا وضَنًّا به؛ إذا بخلتَ، وهو ضنينٌ به، قال الفرَّاء: وضَنَنت أضِنُّ؛ بالكسر: لغة، وقد قرأ ابن كَثِير وأبو عمرو والكسائي: بالظاء المشالة، والباقون: بالضاد المعجمة، والله أعلم.
قوله: (يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ): (يُزَوَّج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ونظيرَه): منصوبٌ، مفعول ثانٍ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: ({عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: أَدْبَرَ): قال الجوهريُّ: عسعس الليل؛ إذا أقبل ظلامه، وقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: قال الفرَّاء: أجمع المفسِّرون على أنَّ معنى {عسعس}: أدبر، قال: وقال بعض أصحابنا: إنَّه دنا من أوَّله وأظلم، انتهى، وقال أبو محمَّد بن عبد السلام: عسعس الليل: أظلم، وقيل: أقبل، انتهى.
وحاصل كلام أهل اللغة: أنَّ (عسعس) يُستَعمل بمعنى: أقبل، وبمعنى: أدبر، وقد قيل ذلك في الآية، نقله غير واحد، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (وتكنس)؛ بزيادة واو، وهي مستدركة في (ق).
[ج 2 ص 367]

(1/8970)


(((82))) [{إذا السماء انفطرت}]
قوله: (وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، و (الرَّبيع): حُجَّة قانتٌ ثِقةٌ، ترجمته معروفة.
قوله: ({فُجِّرَتْ} [الانفطار: 3]): قراءة الجماعة: بالتشديد في الجيم المكسورة وضمِّ الفاء، ولكن ينبغي أن تُقرَأ هذه اللفظة بالتخفيف مع ضمِّ الفاء؛ لأنَّه منسوب إلى الربيع بن خُثَيْم، واعلم أنَّ {فُجِّرَتْ} العامَّة على بنائه للمفعول مثقَّلًا، وقرأ مجاهد: مبنيًّا للفاعل مخفَّفًا، من الفجور؛ نظرًا إلى قوله: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20]، فلمَّا زال البرزخ؛ بَغَيَا، وقرأ مجاهد أيضًا، والربيع بن خُثَيْم، والزعفرانيُّ، والثوريُّ: مبنيًّا للمفعول مخفَّفًا، قاله الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»، وما قاله البُخاريُّ في تفسير قراءة الربيع بن خُثَيْم فيه نظرٌ؛ إذ فسَّره بـ (فاضت) اللازم، والله أعلم، وهذا التفسير لائقٌ بقراءة مجاهد الأُولى، حيث قرأ مبنيًّا للفاعل مخفَّفًا، والله أعلم.
قوله: (وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ} [الانفطار: 7]؛ بِالتَّخْفِيفِ): اعلم أنَّه قرأ الكوفيُّون: {فَعَدَلَكَ}؛ بتخفيف الدال، والباقون: بتشديدها، و (الأعمش): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (عاصم): هو أحد القرَّاء السبعة، وهو عاصم بن أبي النَّجود بهدلةَ، قال الفلَّاس: بهدلةُ أمُّه وغُلِّط، أبو بكر الأسديُّ مولاهم، الكوفيُّ، ترجمته مشهورة جدًّا، أخرج له البُخاريُّ ومسلمٌ مقرونًا بغيره، وأخرج له الأربعة، تُوُفِّيَ سنة سبع وعشرين ومئة، وقال ابن سعد وجماعة: تُوُفِّيَ سنة ثمان وعشرين ومئة، له ترجمة في «الميزان».
==========
[ج 2 ص 367]

(1/8971)


(((83))) [{ويل للمطففين}]
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُطَفِّفُ: لاَ يُوَفِّي غَيْرَهُ): قال بعض حفَّاظ العصر: هذا قول أبي عبيدة، انتهى.
==========
[ج 2 ص 367]

(1/8972)


[حديث: يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه ... ]
4938# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): تَقَدَّم أنَّه مَعْن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز، أبو يحيى، أحد الأئِمَّة، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوُفِّيَ سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة، تَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.
قوله: (فِي رَشْحِهِ): (الرَّشْح): العَرَق، وهذا معروفٌ.
==========
[ج 2 ص 367]

(1/8973)


(((84))) [{إذا السماء انشقت}]

(1/8974)


[حديث: ليس أحد يحاسب إلا هلك]
4939# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفصٍ الفلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، و (عُثْمَان بْن الأَسْوَدِ): الجمحيُّ المَكِّيُّ، أخرج له الجماعة، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ، قال الدِّمْياطيُّ: حديث عثمان بن الأسود وأيوبَ عن ابن أبي مُلَيْكَة، وحديث ابن أبي صغيرة عن ابن أبي مُلَيْكَة عن القاسم عن عائشة؛ يحتمل أن يكون ابن أبي مُلَيْكَة سمعه أوَّلًا من القاسم عن عائشة، ثُمَّ لَقِيَ عائشة فسمع منها، ووقع في «الصحيحين» مثل هذا أحاديثَ، انتهى.
في الطريق الأوَّل: قال ابن أبي مُلَيْكَة: سمعت عائشة، وفي الثانية: عن عائشة، وفي الطريق الثالثة: حاتم بن أبي صغيرة عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن القاسم، عن عائشة.
قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّ (يحيى) هو ابن سعيد القطَّان الحافظ.
قوله: (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي [1]): تَقَدَّم الكلام على (فداك)، وعلى التفدِّي بالآباء والأمَّهات، أو بأحدهما، وأنَّه جائز، في (غزوة أحُد) وقبلها أيضًا.
قوله: (ذَاكِ الْعَرْضُ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا معروفٌ ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (جعَلَني اللهُ فِدَاءَكَ).
[ج 2 ص 367]

(1/8975)


[حديث ابن عباس: {لتركبن طبقًا عن طبق} حالًا بعد حال]
4940# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة.
قوله: (أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هُشَيم بن بَشِير، حافظ بغداد، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة.
قوله: ({لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} [الانشقاق: 19]): هو في أصلنا بضمِّ الموحَّدة، وفي أصل آخرَ صحيح بفتحها، وهما قراءتان، قرأ ابن كَثِير وحمزة: بفتح الباء، والباقون: بضمِّها وفتح التاء
[ج 2 ص 367]
، خطابٌ له عَلَيهِ السَّلام؛ أي: لتَركبَنَّ طبقًا من أطباق السماء بعد طبق من المعراج، أو لترفَعَنَّ أمرك حالًا بعد حال، والله أعلم، وقال شيخنا: (قرأ ابن مسعود بالمثنَّاة تحت، ونصب الباء الموحَّدة، وقرأ أبو المتوكِّل كذلك، لكنْ رَفَع الباءَ)، انتهى.

(1/8976)


(((87))) [{سبح اسم ربك}]

(1/8977)


[حديث: أول من قدم علينا من أصحاب النبي مصعب بن عمير]
4941# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عثمان بن عبد الرَّحمن بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، وتَقَدَّم لِمَ قيل: إنَّه لُقِّب به، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله، و (البَرَاء): هو ابن عَازب، وتَقَدَّم أنَّ عازبًا صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّم الكلام على أوَّل من قَدِم المدينة من المهاجرين مطوَّلًا في أوَّل (باب مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأصحابه المدينة)؛ فانظره.
قوله: (وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عَمرو بن قيس بن زائدة، وقيل: اسمه عبد الله، وأمُّ مكتوم: أمُّه، وقدَّمتُ أنَّ اسمها عاتكة بنت عبد الله، وقدَّمتُ بعض ترجمته، رضي الله عنه.
قوله: (ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ [2] فِي عِشْرِينَ): تَقَدَّم مَن عُرِف من العشرين فيما مضى في (المَقْدَم).
قوله: (حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ): هو جمع (وليدة)؛ وهي الصغيرة، وقد تُطلَق الوليدة على الجارية والأَمَة وإن كانت كبيرة، والظاهر أنَّ المراد هنا: البنات الصغار؛ لقرينة (والصِّبْيانَ)، والله أعلم.
قوله: (هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [3] قَدْ جَاءَ): تَقَدَّم عن الحافظ أبي ذرٍّ في (الأحزاب) أنَّ ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، انتهى، ومن أجل ذلك؛ سقطت في بعض النُّسَخ، وقد تعقَّبتُ ذلك عليه من كلام اليونينيِّ: أنَّه ورد الصلاة عليه في حديث الإسراء، وهو كان بمَكَّة، فلا وجه لإنكارها في هذا الموضع، والله أعلم.

(1/8978)


(((88))) [{هل أتاك حديث الغاشية}]
قوله: (بَلَغَ إِنَاهَا): هو بكسر الهمزة، مقصور، وكذا بعده: (بَلَغَ إِنَاهُ).
قوله: (يُقَالُ لَهُ: الشِّبْرِقُ): (الشِّبْرِق): بكسر الشين المعجمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ قاف، قال الجوهريُّ: والشِّبْرِق؛ بالكسر: نبتٌ، وهو رطب، الضريع، قال بعضُ حفَّاظ العصر: هو كلام الفرَّاء، ونقله منه أبو عبيدة ما هنا فقط.
قوله: (وَهْوَ سَمٌّ): تَقَدَّم أنَّه مثلَّث السين، وأنَّ الأفصح الفتحُ، ويليه الضمُّ، ثُمَّ الكسر، وقد أُنكِر.
قوله: (وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ): اعلم أنَّ هشامًا قرأ: {بِمُسَيطِرٍ}؛ بالسين، وحمزة بخلافٍ عن خلَّاد بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد خالصةً، والله أعلم.

(1/8979)


(((89))) [{والفجر}]
قوله: (كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ): قد يُستَشكَل؛ لأنَّه تعالى قال: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12]، والظاهر _والله أعلم_ أنَّ مجاهدًا أراد أنَّ كلَّ شيء له نظيرٌ أو شبيهٌ؛ فهو شَفْع، ولهذا قال: (كلُّ شيء خَلَقَه فهو شَفْع)؛ يعني: المخلوقاتِ يُشبِه بعضها بعضًا؛ فهي شَفْع بهذا الاعتبار، والله تعالى لا نظير له ولا شبيه، فهو وترٌ، وقد قدَّمتُ ذلك في (بدءِ الخلق)، ونحوه للحكيم محمَّد بن عليٍّ التِّرْمِذيِّ فيما أظنُّ أنَّه كلامُه في قولهِ: «إنَّ الله وتر يحبُّ الوتر ... »؛ الحديث، «الوتر»: الفَرد، فالله تعالى هو الفَرد الذي لا يزدَوِج بشيء، وكلُّ ما سواه من الأفراد؛ فإنَّه يزدَوِج بشكلٍ أو بضدٍّ، وكلُّ وتر غيره يُشفَع بخلافٍ أو وفاقٍ، والله تعالى وتر لا شكل له ولا مثل، وكلُّ وتر سواه؛ فهو في نفسه ليس بفرد، بل شَفْع؛ لأنَّه مركَّب ويَقْبلُ، والله يتعالى عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا، فهو فردٌ وترٌ أحدٌ، لا يُوصَف بما يُوصَف به خلقُه بوجه من الوجوه من جهة الفرديَّة والوتريَّة والأَحَديَّة، ثُمَّ تكلَّم على «يحبُّ الوتر ... » إلى آخر الحديث.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.
قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {جَابُوا} [الفجر: 9]: نَقَبُوا): هو بتخفيف القاف، قال بعض الحُفَّاظ: هو كلام أبي عُبيدة، وباقيه من نقل المصنِّف.
قوله: (جِيْبَ الْقَمِيصُ): (جِيْبَ)؛ بكسر الجيم، وإسكان المثنَّاة تحت، وفتح الموحَّدة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القميصُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ).
==========
[ج 2 ص 368]

(1/8980)


(((91))) [{والشمس وضحاها}]
قوله: (سُورَةُ [1] {والشَّمْسِ وَضُحَاهَا}): اعلم أنَّ (الشَّمس) لها أسماء؛ منها: المهاةُ، سُمِّيَت بذلك لصفائها، و (المهاة): البلُّورة، ومن أسمائها: الغزالة إذا ارتفعت، فهذا في معنى المهاةِ، ومن أسمائها: البُتَيراءُ _ذكره الخَطَّابيُّ والهرويُّ_ وحَناذِ، وبَراحِ، والضِّحُّ، وذُكاء، والجارية، والشفاء، وبُوْحٌ، ويقال: يوحٌ؛ بالياء، وهو قول الفارسيِّ، وبالباء ذكره الأنباريُّ، والشَّرْق، والسراج، انتهى، قاله السهيليُّ، والله أعلم.
==========
[1] قوله: (سورة): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 368]

(1/8981)


[حديث: يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها ... ]
4942# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الحافظ، و (هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ): هو هشام بن عروة، عن أبيه عروة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ زَمْعَةَ): هو عبد الله بن زَمْعَة بن الأسود بن المطَّلب، القرشيُّ الأسَديُّ، ابن أخت أمِّ سلمة، أحد الأشراف، روى له الجماعة، وأحمد في «المسند»، رضي الله عنه.
قوله: (وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا [1]): اعلم أنَّ الذي عقرها يُقال له: قُدَار بن سالِف، و (قُدَار)؛ بضمِّ القاف، وتخفيف الدال المهملة، وفي آخره راء، كذا قاله غير واحد، وكذا أخرجه الجوهريُّ وغيره في (قدر)، و (سالِف)؛ بالسين المهملة، وبعد الألف لام مكسورة، ثُمَّ فاء، وقُدَار: أُحيمِر ثمود، وكان أشقر أزرق قصيرًا، واسم أمِّه قُدَيرَةُ، قال الإمام قاضي المسلمين بدر الدين بن جماعة في «غرر الفوائد»: إنَّ اسمه مصدعٌ، وإنَّه عقرها يوم الأربعاء، ونزل العقابُ يومَ السبت، وقال شيخنا في مكانٍ: ولمَّا عقر قُدَار بن سالِف ومصدع بن مهرج _ويقال: ابن دهر، ويقال: ابن جَهْم_ الناقةَ يوم الأربعاء؛ صَعِد فصيلُها جَبَلًا ودعا، فأتاهم العذابُ يوم السبت، وذكر السُّهيليُّ أنَّ قُدَارًا كان ولدَ زنى، وأمَّا الذين تمالؤوا معه؛ فذكرهم عن «الوشاح» لابن دريد، وفي آخره: (وكان الذي تولَّى عَقْرَها قُدَار، والذي رماها مصدع)، ورأيت في كلام بعض شيوخنا قال: (وقيل: شَرِكه فيها مصدع).
قوله: ({إِذِ انْبَعَثَ} [الشمس: 12]): أي: قام بسُرعة.
قوله: (عَارِمٌ): تَقَدَّم أنَّ (العَارِم)؛ بالعين المهملة، وبعد الألف راء مكسورة، ثُمَّ ميم: الشَّرِسُ، كذا في «الصحاح»، وقال غيره: العَارِم: الشِّرِّير المفسد الخبيث، وقيل: القويُّ الشَّرِس، يقال: عَرِمَ _بضم الراء وكسرها وفتحها_ عَرامةً وعُرامًا؛ فهو عَارِمٌ وعَرِمٌ.
قوله: (مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: هو الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ، جدُّ الراوي عبدِ الله بن زَمْعَة بن الأسود، وقُتِل زَمْعَةُ يوم بدر كافرًا، وكان يقال للأسود وهو أحد المستهزئين: مسلم بن مسلم بن مسلم؛ لإصلاحهم بين المتفاسدين، انتهى، و (زَمْعَة)؛ بالفتح، والإسكان.

(1/8982)


قوله: (يَعْمِدُ): تَقَدَّم أنَّ المستقبل بالكسر، والماضي بالفتح، وأنِّي رأيت في حاشية نسخة بـ «البُخاريِّ» عتيقةٍ نقل العكس أيضًا عن «شرح الفصيح».
[ج 2 ص 368]
قوله: (لِمَ يَضْحَكُ؟): (لمَ): بفتح الميم على الاستفهام، و (يضحك): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضرير، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام، وتَقَدَّم قريبًا (عَبْد اللهِ بْن زَمْعَةَ)، وتعليق أبي معاوية لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: أخرجه أبو القاسم في «معجم الصَّحابة» عن سريج بن يونس: حدَّثنا أبو معاوية به، انتهى.
قوله: (مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ): قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: أنَّ أبا زمعة ابن عمِّ أبيه، وذلك لأنَّ أبا زَمْعة اسمه الأسود بن المطَّلب، والمطَّلب أخو خويلد بن أسد، والزُّبَير هو ابن العوَّام بن خويلد بن أسد، انتهى، ولو قال: إنَّ هذا مجاز؛ لأنَّ أبا زَمْعة في منزلة العوَّام، وهو أيضًا قريب أبي الزُّبَير، فهو عمُّ الزُّبَير بهذا الاعتبار، ونظيره قول خديجة لورقة: (أيْ عمُّ؛ اسمع من ابن أختك)، وإنَّما ورقة ابن عمِّها، لكن قد يقال في هذا: إنَّ خديجة خاطبت ورقة بذلك تُعَظِّمه لكِبَر سِنِّه، والله أعلم، وقال شيخنا في (كتاب الأنبياء): وادَّعى القُرْطبيُّ أنَّ أبا زَمْعة هذا يحتمل أن يكون البلويَّ، وهو ممَّن بايع تحت الشجرة، وتُوُفِّيَ بإفريقيَّة مع معاوية بن حُدَيج، فإن كان إيَّاه؛ فإنَّه شبَّهه بالعاقر في عزَّة قومه، وسبقه إليه ابن العربيِّ وغيرُه، وقد أسلفناه، انتهى، وهذا يردُّه ما تَقَدَّم، وقد قدَّمتُ ذلك في (كتاب الأنبياء)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (عَقَرَ)، وعلى (ها) في (ق) ضربٌ وعلامة تصحيح.

(1/8983)


(((92))) [{والليل إذا يغشى}]
قوله: (وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: {تَتَلَظَّى} [الليل: 14]): في هامش أصلنا فائدة: قال الدِّمْياطيُّ ما ملخَّصه: أنَّ ما عزاه البُخاريُّ إلى عبيد بن عمير من القراءة كذا وقع في تفسير سعيد بن منصور، والمعروف عند أصحاب القراءة عن عبيد بن عمير غيرُ هذا، وأنَّه قرأها: {نارًا تَّلظَّى}؛ بتثقيل التاء؛ أي: بالإدغام في الوصل، لا في الابتداء؛ إذ لا يُتَصَوَّر الابتداء بالساكن، فعلى هذا لا خلاف في ذهاب الإدغام في الابتداء، وفي القراءة بتاء واحدة مفتوحة، انتهى.
وما نسبه الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ إلى عبيد بن عُمير؛ نسبه الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه» إلى ابن الزُّبَير، وسفيان، وزيد بن عليٍّ، وطلحة: {تتلظَّى}؛ بتاءين، قال: وهو الأصل، وقال قبله: قد تَقَدَّم في (البقرة) أنَّ البزيَّ يشدِّد مثل هذه التاء، والتشديد فيها عَسِرٌ؛ لالتقاء الساكنين فيها على غير حدِّهما، وهو نظير قوله: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} [النور: 15]، وقد تَقَدَّم، وقال أبو البقاء: يُقرَأ بكسر التنوين، وتشديد التاء، وقد ذُكِر وجهُه عند: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ} [البقرة: 267]، انتهى، قال الإمام السمين: وهذه قراءة غريبة، ولكنَّها موافقة للقياس من حيث إنَّه لم يلتقِ فيها ساكنان ... إلى آخر كلامه، فإنَّه اعترضه.

(1/8984)


[حديث: دخلت في نفر من أصحاب عبد الله الشام ... ]
4943# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (قَبِيصة) بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ فيمن روى عنه قبيصةُ الثوريَّ، ولم يذكر فيهم ابن عيينة، ونظرت «تذهيب الذهبيِّ»؛ فرأيته ذكر فيمن روى عنه قبيصةُ سفيانَ وأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أنَّه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تأخَّر إسلامه، فأسلم عَقِب بدر، وقد فرض له عمر فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، وأخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، ومناقبه مشهورة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
==========
[ج 2 ص 369]

(1/8985)


[{وما خلق الذكر والأنثى}]
قوله: ({وَالذَّكَرِ وَالأُنثَى} [الليل: 3]): هو مجرور، وهي قراءة عليٍّ وابن عبَّاس أيضًا، قال القاضي عياض: قال المازريُّ: يجب أن يُعتَقد في هذا الخبر وما في معناه أنَّ ذلك كان قرآنًا، ثُمَّ نُسِخ، ولم يَعلَم مَن خَالَفَ النسخَ، فبقي على النَّسْخِ، قال: ولعلَّ هذا وقع عن بعضهم قبل أن يبلغَهم مصحفُ عثمان المُجمَعُ عليه المحذوفُ منه كلُّ منسوخٍ، وأمَّا بعد ظهور مصحف عثمان؛ فلا يُظَنُّ بأحد منهم أنَّه خالف فيه، وأمَّا ابن مسعود؛ فقد رُوِيَت عنه رواياتٌ كثيرةٌ، منها ما ليس بثابت عند أهل النقل، وما يثبت منها مخالفًا لما قلناه؛ فهو محمولٌ على أنَّه كان يكتب في مصحفه بعضَ الأحكام والتفاسير ممَّا يعتقد أنَّه ليس بقرآن، وكان لا يعتقد تحريم ذلك، وكان يراه كصحيفة يُثْبِتُ فيها ما شاء، وكان يرى عثمانُ والجماعةُ منعَ ذلك؛ لئلَّا يتطاول الزَّمانُ، ويُظَنَّ ذلك قرآنًا، فعاد الخلاف إلى مسألة فقهيَّة؛ وهو أنَّه هل يجوز إلحاق بعض التفاسير في أثناء المصحف؟ قال: ويحتمل ما رُوِيَ من إسقاط المعوِّذتَين من مصحف ابن مسعود أنَّه اعتقد أنَّه لا يلزمه كَتْبُ كلِّ القرآن، فكتب ما سواهما وتركهما؛ لشهرتهما عنده وعند الناس، والله أعلم، انتهى، وسأذكر في المعوِّذتين كلام ابن مسعود فيهما، وما قيل عنه فيهما، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 369]

(1/8986)


[حديث: أيكم يقرأ على قراءة عبد الله ... ]
4944# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ): كذا في أصلنا، وعلى (حفص) صورة نسخة، وأنَّها رواية، وهو عمر بن حفص بن غياث، تَقَدَّم ذكره مرارًا، ونسبته إلى أبيه، وأبيه إلى جدِّه، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ): هم: علقمة بن قيس، وعبد الرَّحمن والأسود ابنا يزيد النخعيِّ، قاله بعض حفَّاظ العصر.
قوله: (عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه، وقبل ذلك مرَّات.
==========
[ج 2 ص 369]

(1/8987)


[{فأما من أعطى واتقى}]

(1/8988)


[حديث: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ... ]
4945# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: لا أعرفه بعينه، ولم أرَ مَن عيَّنه، وقد روى أبو نعيم عن السفيانين، وهما رويا عن الأعمش، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، مشهورٌ، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: واسمه عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة، انتهى، وهذا تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، و (حَبِيب) والده: بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (رُبَيِّعة) جدُّه: بضمِّ الراء، وفتح الموحَّدة، وتشديد المثنَّاة تحت المكسورة، و (السُّلَميُّ): بضمِّ السين، وفتح اللام، وهذا كلُّه معروفٌ عند أهله، وقد ذكرت بعض ترجمة أبي عبد الرَّحمن فيما مضى.
قوله: (فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ): (البَقِيع)؛ بفتح الموحَّدة، وكسر القاف: مدفن أهل المدينة، (والغَرْقَد): بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، في «الصحاح»: شجرٌ، وقال ابن قُرقُول: هو من العِضاهِ، قاله الهرويُّ، وقال غيره: هو العوسج، وله ثمرٌ أحمرُ حلوٌ يُؤكَل؛
[ج 2 ص 369]
كأنَّه حَبُّ العقيق، ورأيت في بعض حواشي البُخاريِّ عن بعض رواته: أنَّه الدِّفْل [1]، وليس بشيء، وسُمِّيَ بقيعَ الغرقد بشجرات غرقد كانت فيه قديمًا، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك.
قوله: (فِي جنَازَةٍ): صاحب هذه الجنازة تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه.
قوله: (إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ومقعدُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا معروفٌ.
قوله: (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: أخرجه ابن مردويه في «تفسيره» من طريق جابر: أنَّ السائل عن ذلك سراقةُ بن جعشم.
4945 م# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو عبد الواحد بن زياد، وتَقَدَّمتُ ترجمته، وأنَّ له مناكيرَ اجتنبها أهل الصحيح، و (الأَعْمَشُ): سليمان، تَقَدَّم قريبًا، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ أباه بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، وتَقَدَّم الكلام قريبًا على (أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) السُّلَمِيِّ.

(1/8989)


[{فسنيسره لليسرى}]

(1/8990)


[حديث: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ... ]
4946# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، وتَقَدَّم ضبط (غُنْدُر)، وما هو، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش.
قوله: (يَنْكُتُ): هو بضمِّ الكاف، وبالمثنَّاة فوق في آخره، وهذا معروفٌ جدًّا.
قوله: (وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِبَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ومقعدُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي بِهِ مَنْصُورٌ، فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ): حديث شعبة هذا أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن بُنْدَار، عن غُنْدُر، عن شعبة، عن منصور والأعمش، عن سعد بن عُبَيدة، عن أبي عبد الرَّحمن السُّلَميِّ، عن عليٍّ به.
==========
[ج 2 ص 370]

(1/8991)


[{وأما من بخل واستغنى}]

(1/8992)


[حديث: ما منكم من أحد إلَّا وقد كتب مقعده من الجنة ... ]
4947# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم مَن هو في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران.
قوله: (كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مقعدُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، (وَمَقْعَدُهُ) الثاني: معطوف عليه، وهو مرفوعٌ.

(1/8993)


[{وكذب بالحسنى}]

(1/8994)


[حديث: أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ... ]
4948# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، ابن عبد الحميد، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، والباقي تَقَدَّم.
قوله: (فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ): تَقَدَّم ضبطه في الصفحة قبل هذه، وكذا (الغرقد).
قوله: (وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ): هي بكسر الميم، وإسكان الخاء المعجمة، ثُمَّ صاد مهملة ثُمَّ راء مفتوحَتَين، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه، من عصًا، أو عُكَّازة، أو مِقْرَعة، أو قضيب، وقد يتَّكئ عليه.
قوله: (فَنَكَّسَ): هو بتشديد الكاف في أصلنا، ويقال: بالتخفيف، لغتان حكاهما الجوهريُّ.
قوله: (يَنْكُتُ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (المِخْصَرَة).
قوله: (مَنْفُوسَةٍ [1]): أي: مولودة.
قوله: (كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً): (كُتِبَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شقيَّةً أو سعيدةً): منصوبان منوَّنان، ونصبهما معروفٌ.
قوله: (فَقَال [2] رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ في (كتاب القَدَر) في هذا الحديث _حديث عليٍّ_: وقع في «أُسْد الغابة» في ترجمة ذي اللِّحية _واسمه شريح بن عامر_ أنَّه قال: (يا رسول الله؛ أنعمل في أمر مستأنَف، أو في أمر قد فُرِغ منه؟) ثُمَّ قال: وهذا يحتمل أن يُفَسَّر به المبهم في حديث عِمران السابق وحديث عليٍّ الذي نحن فيه، قال: وقد وقعت مثل هذه القضيَّة لعمر بن الخَطَّاب، رواها التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (أبواب القَدَر) ... ، فذكرها، انتهى.

(1/8995)


تنبيهٌ: اعلم أنَّه اختلف أهل الإقراء في لفظ التكبير إذا بلغ (والضحى)، فكان بعضهم يقول: الله أكبر، لا غير، ودليلهم على ذلك _كما قاله أبو عمرو الدانيُّ_ جميع الأحاديث الواردة بذلك من غير زيادة، قال: كما حدَّثنا أبو الفتح شيخنا: حدَّثنا أبو الحسن المقرئ: حدَّثنا أحمد بن سَلْم: حدَّثنا الحسن بن مَخْلَد: حدَّثنا البَزِّيُّ قال: قرأت على عكرمة بن سليمان، وقال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قُسْطَنْطِين، فلمَّا بلغت (والضحى)؛ قال: كبِّر حتى تختم مع خاتمة كلِّ سورة، فإنِّي قرأت على عبد الله بن كثير وأمرني بذلك، وأخبرني ابن كثير أنَّه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أنَّه قرأ على عبد الله بن عبَّاس فأمره بذلك، وأخبره ابن عبَّاس أنَّه قرأ على أُبيِّ بن كعب فأمره بذلك، وأخبره أنَّه قرأ على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فأمره بذلك.
وكان آخرون يقولون: لا إله إلا الله والله أكبر، فيهلِّلون قبل التكبير، واستدلُّوا على صحَّة ذلك، واستدلوا على ذلك بما حدَّثَناه فارسٌ بن أحمد المقرئ: حدَّثنا عبد الباقي بن الحسن: حدَّثنا أحمد بن سَلْم الخُتَّليُّ وأحمد بن صالح قالا: حدَّثنا الحسن بن الحُبَاب قال: سألت البَزِّيَّ عن التكبير: كيف هو؟ فقال: لا إله إلا الله والله أكبر.
قال أبو عمرو: وابن الحُبَاب هذا مِن الإتقان والضبط وصدق اللهجة بمكانٍ لا يجهله أحدٌ من علماء هذه الصنعة، وبهذا قرأت على أبي الفتح، وقرأت على غيره كما تَقَدَّم، انتهى، فاعلم أن الذهبيَّ في «ميزانه» ذكر ترجمة البَزِّيِّ، وذكر فيها هذا الحديث في التكبير، ثُمَّ قال: هذا حديث غريب، وهو مما أُنكِر على البَزِّيِّ، قال أبو حاتم: هذا حديث منكرٌ، انتهى.
==========
[1] في (أ): (منقوسة)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 370]

(1/8996)


(((93))) (سُورَةُ {وَالضُّحَى}) ... إِلَى آَخِر القُرْآنِ
قوله: (سَجَى [1]: أَظْلَمَ وَسَكَنَ): قال بعض حفَّاظ العصر: هذا كلام الفرَّاء.
==========
[1] قوله: (سجى) ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 370]

(1/8997)


[حديث: اشتكى رسول الله فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا ... ]
4950# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زهير بن معاوية، أبو خيثمة الحافظ، و (جُنْدب بْن سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الدال وفتحها، تَقَدَّم أنَّه جندب بن عبد الله بن سفيان، أبو عبد الله البجليُّ ثُمَّ العَلَقيُّ، وقد يُنسَب إلى جدِّه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن حذيفة، وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو مِجْلَز، وجماعةٌ، وعَلَقَة: حيٌّ من بجيلة، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (64 هـ).
قوله: (فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا): قال شيخنا: واختلف في المدَّة التي احتبس لها جبريل، فذكر ابن جُرَيج أنَّها كانت اثني عشر يومًا، وقال ابن عبَّاس: خمسة عشر يومًا، وفي رواية: كانت خمسًا وعشرين يومًا، وقال مقاتل: أربعين يومًا، ويقال: ثلاثة أيَّام، انتهى، وهنا ترك القيام ليلتين أو ثلاثًا بالشكِّ، وسيأتي في (فضائل القرآن): (ليلة أو ليلتين)، وهذا في «البُخاريِّ» أيضًا في (التهجُّد)، وفيه تعيين المدَّة التي لم يقم فيها، والظاهر أنَّها التي لم يأتِ فيها جبريل، والله أعلم.
قوله: (فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ): هذه المرأة تَقَدَّم الكلام عليها في (باب ترك القيام للمريض)، والله أعلم.
قوله: (لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ): هو بكسر الراء، يقال: قَرِبَه؛ كـ (سَمِعَ)، وكذا المُعدَّى، وقَرُب منه _بضمِّ الراء_ اللازم، يقال: قَرِبته _ بالكسر_ أقرَبه _ بالفتح_ قُرْبًا؛ إذا دنوتَ منه، قاله في «التحرير».

(1/8998)


[{ما ودعك ربك وما قلى}]
قوله: (تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ): أمَّا التشديد؛ فمتواترٌ، وأمَّا التخفيف؛ فشاذٌّ، وقوله: (بمعنًى واحدٍ): خالف في ذلك أبو عبيدة، فقال: التشديد من التوديع، والتخفيف: من وَدَعَ يَدَعُ؛ أي: سكن، والتخفيف قراءة ابن أبي عَبْلة، وقد تَقَدَّم أنَّها شاذَّة.
==========
[ج 2 ص 370]

(1/8999)


[حديث: قالت امرأة: يا رسول الله ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك]
4951# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ (محمَّدًا) بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): غُنْدُر، تقدَّم ضبط (غندر)، وأنَّه لقبٌ لمحمَّد، و (جُنْدبُ البَجَلِيُّ): تَقَدَّم أعلاه رضي الله عنه، وتَقَدَّم الكلام على المرأة قائلة هذا الكلام في الباب المذكور أعلاه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ في هذه المرأة التي قالت: (ما أُرى صاحبَك إلَّا قد أبطأ عنك): هي خديجة رضي الله عنها، وقيل: عائشة، ذكرهما عن ابن بشكوال، ونسب الأوَّل إلى ما ذكره إسماعيل بن إسحاق في «تفسيره»، انتهى، وقد ذكرت ذلك في الباب المشار إليه أعلاه.
قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ [1]: مَا أُرَى صَاحِبَكَ): (أُرى): بضمِّ الهمزة، وفتح الراء؛ أي: أظنُّ، و (صاحبَك): منصوبٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، قال بعض حفَّاظ العصر: هي زوجته خديجة رضي الله عنها، كما في «المستدرك»، و «أعلام النبوة» لأبي داود، و «أحكام القرآن» للقاضي إسماعيل، و «تفسير ابن مردويه» من حديث خديجة نفسها، وكون عائشة المخاطِبَة باطلٌ؛ لأنَّها لم تكن إذ ذاك زوجتَه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَا رَسُولَ اللهِ).
[ج 2 ص 370]

(1/9000)


(((94))) [{ألم نشرح}]
قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ... وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ): هذا إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5 - 6]، فإن قيل: هنا عسران ويسران؟ فالجواب: أنَّ {العسر} في الموضعين معرَّف، فهما واحد، فإنَّهم قالوا: إنَّ المعرفة إذا أُعِيدَت؛ كان الثاني عين الأوَّل، و (اليسر) مُنَكَّر، وقالوا: إنَّ النكرة إذا أُعِيدَت؛ كان الثاني غير الأوَّل، فهما يسران على هذا، وهذا قد ذكروه، وهذا قد ذكره الإمام جمال الدين ابن هشام في «المغني» وتعقَّبه؛ فانظر ذلك إن أردته.
وقوله: (ولن يغلب عسرٌ يسرين): هذا قد ذكره أبو محمَّد بن عبد السلام العلَّامة عزُّ الدين في «تفسيره» حديثًا ولفظه: وفي الحديث
[ج 2 ص 370]
: «والذي نفسي بيده؛ لو كان العسر في جُحْر؛ لجاءه اليسر حتَّى يدخل عليه، ولن يغلب عسرٌ يسرين»، قاله عليه الصلاة والسلام عند نزولها، وذلك لأنَّ {العسر} مُعرَّف بالألف واللام، فكان واحدًا، بخلاف (اليسر)؛ لأنَّ النكرة إذا كُرِّرت؛ كان الثاني بخلاف الأوَّل؛ كقولك: لفلان عليَّ ألفٌ، لفلان عليَّ ألف، يلزمه ألفان، بخلاف ما لو قال: لفلان عليَّ الألف، انتهى.
وقال شيخنا: وقد ورد مرفوعًا: «لن يغلب عسر يسرين»، ثُمَّ قال: وقد رُوِيَ في «الموطأ»: أنَّ عمر كتب إلى أبي عبيدة: (أمَّا بعد؛ فإنَّه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل يسوءُه؛ يجعل الله له بعده فرجًا، ولن يغلب عسرٌ يسرين)، انتهى.

(1/9001)


قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وإنَّما مرَّضه؛ لأنَّه لم يكن على شرطه، لم تصحَّ الطريق إليه عنده، قال شيخنا: وهذا رواه جويبرٌ عن الضَّحَّاك عنه، انتهى، و (جويبر): هو ابن سعيد، أبو القاسم الأزديُّ البلخيُّ المفسِّر، صاحب الضَّحَّاك، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجانيُّ: لا يُشتَغل به، وقال النَّسائيُّ والدارقطنيُّ: متروك الحديث، روى له ابن ماجه، وأمَّا (الضَّحَّاك)؛ فهو ابن مزاحم هذا المفسِّر، قال يحيى القطَّان: كان شعبة يُنكِر أن يكون الضَّحَّاك لقيَ ابنَ عبَّاس قطُّ، وقال أبو داود الطيالسيُّ: حدَّثنا شعبة: سمعت عبد الملك بن ميسرة يقول: الضَّحَّاك لم يلقَ ابنَ عبَّاس، إنَّما لقيَ سعيد بن جُبَير بالرِّيِّ، فأخذ عنه التفسير، وقد تُكُلِّم فيه، ووثَّقه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له الأربعة، والله أعلم.

(1/9002)


(((95))) [{والتين}]
قوله: ({فَمَا يُكَذِّبُكَ} [التين: 7] ... ) إلى آخره: هذا كلام الفرَّاء في «معاني القرآن»، قاله بعض الحُفَّاظ من العصريِّين.
==========
[ج 2 ص 371]

(1/9003)


[حديث: أن النبي كان في سفر فقرأ في العشاء ... ]
4952# قوله: (أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ): هذا هو عديُّ بن ثابت الأنصاريُّ، روى عن أبيه، والبراء، وابن أبي أوفى، وعدَّةٍ، وعنه: شعبة، ومسعر، وخلقٌ، ثِقةٌ، لكنَّه قاصُّ الشيعة وإمام مسجدهم، تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، و (الْبَرَاء): هو ابن عَازب، تَقَدَّم، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ، رضي الله عنهما.
==========
[ج 2 ص 371]

(1/9004)


(((96))) [{اقرأ باسم ربك الذي خلق}]

(1/9005)


[حديث: اكتب في المصحف في أول الإمام بسم الله الرحمن الرحيم ... ]
4952 م# قوله: (قَالَ [1] قُتَيْبَةُ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وفي نسخة في أصلنا القاهريِّ: (حدَّثنا قتيبة)، وقد تَقَدَّم الكلام على ما إذا [قال]: (قال فلانٌ) إذا كان شيخَه؛ كهذا؛ وأنَّه كـ (حدَّثنا)، لكن الغالب استعمالها في المذاكرة، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد المشهور، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.
قوله: (اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا): سمَّى الحسنُ مُصْحَفَهُ إمامًا؛ لأنَّه يُقتَدى به، وكذا رأيت عن عثمان: أنَّه سمَّى المُصْحَف إمامًا لهذا المعنى، قال شيخنا: هذا المذكور عن مصحف الحسن شذوذ، كما نبَّه عليه السُّهيليُّ، ويريد بـ (الأوَّل): قبل أمِّ الكتاب، وقال الداوديُّ: إن أراد خطًّا موضع «بسم الله»؛ فحسنٌ، وإن أراد خطًّا وحدَه؛ فلم يكن الأمر على ذلك، قال ابن الزُّبَير: قلت لعثمان: لِمَ لَمْ تكتبوا (بسم الله الرَّحمن الرحيم) بين (الأنفال) و (براءة)؟ فقال: تُوُفِّيَ [2] رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ولم يبيِّنْه، فأشكل علينا أن تكون منها، وهي على هذا من القرآن؛ إذ لا يُكتَب في المصحف ما ليس بقرآن، قال السهيليُّ: ولا يلزم أنَّها آيةٌ من كلِّ سورة، بل ولا من الفاتحة، بل نقول: إنَّها آية من كتاب الله مقترنة مع السورة، وهو قول أبي حنيفة وداود، ثُمَّ ادَّعى أنَّه بيِّنُ القوَّةِ لمن أنصف، قال شيخنا: ولا يُسَلَّم له ذلك؛ بل مَن تأمَّل الأدلة؛ ظهر له أنَّها آية من الفاتحة ومن كلِّ سورة، وقد سلفت الإشارة إلى بعض ذلك، وأبعد ابن القصَّار حيث استدلَّ على أنَّها ليست [3] بقرآن من أوائل السور؛ من قوله: {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]، ولم يذكرها، انتهى، وقد قدَّمتُ في أوَّل (براءة) أنَّ التِّرْمِذيَّ والحاكم رَوَيَا نقل ذلك عن ابن عبَّاس: أنَّه سأل عثمان عن تركهم التسمية بين (الأنفال) و (براءة)؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وَقَالَ).
[2] في هامش (أ): (لعلَّه سقط «تُوُفِّيَ»).
[3] في (أ): (ليس)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 371]

(1/9006)


[حديث: أول ما بدي به رسول الله الرؤيا ... ]
4953# 4954# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): (يحيى) هذا: هو ابن بُكَيْر، كما في «أطراف المِزِّيِّ»، انتهى، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوائل هذا التعليق كتابةً وتلفُّظًا، وسيأتي الكلام عليها أيضًا في أواخره.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ): (أبو رِزْمَة): بكسر الراء، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ ميم مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أَبُو صَالِحٍ سَلْمُوْيَه [2]): هو بفتح السين المهملة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ ميم مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ هاء، كذا يقوله المحدِّثون، والنحاة يفتحون الميم والواو، ويسكِّنون الياء، ويكسرون الهاء، وفي أصلنا في آخره تاء مضمومة مجوَّدًا بالقلم، وقد اختلفتُ أنا وشيخُنا العراقيُّ في حال قراءة هذا المكان، فكان شيخنا يقول: هو بالتاء، وأقول أنا: هو بالهاء، وقد ذكرت له كلام ابن الصلاح في الكلام على المسلسل بالأوَّليَّة له في (زيلويه)، و (عَمرويه)، و (نفطويه)، وكلامَه على قول أهل العربيَّة وأهل الحديث، وأنَّه ليس بتاء في آخره على كلِّ قولةٍ، والتاء خطأ، فقال شيخنا: هذا ليس من هذا الباب، ويعني أنَّه بالتاء في آخره، ولهذا ضُبِط في أصلنا بالتاء، وقد قال الجوهريُّ في (ويه): (أمَّا سيبويه ونحوه من الأسماء؛ فهو اسم يُبْنَى مع صوت، فجُعِلَا اسمًا واحدًا مكسورًا آخره؛ كما كسروا «غاقِ»؛ لأنَّه ضارع الأصوات، وفارق «خمسة عشر»؛ لأنَّ آخره لم يضارع الأصوات، فيُنوَّن في التنكير، ومَن قال: هذا سيبويهُ، ورأيت سيبويهَ؛ فأعربه بإعراب ما لا ينصرف، وجمعه فقال: السِّيْبَوَيْهَان، والسِّيْبَوَيْهُون، وأمَّا مَن لم يُعرِبه؛ فإنَّه يقول في التثنية: ذوا سيبويهِ، وكلاهما سيبويهُ، ويقول في الجمع: ذوو سيبويهِ، وكلُّهم سيبويه)، انتهى.

(1/9007)


وقال ابن قُرقُول: (وسلْمويه): كذا ضبطه أبو نصر الحافظ بسكون اللام، وقيَّدناه عن كافَّة شيوخنا بفتح اللام، ومنهم من يقول: (سلمويه)، واسمه سلمة، ويقال: سليمان، انتهى، وقدَّم غيره (سليمان)، وهو سليمان بن صالح الليثيُّ مولاهم، أبو صالح سَلْمُوْيَه المروزيُّ، صاحب ابن المبارك، كان ابن المبارك يخصُّه بالحديث، فروى عنه ثمان مئة حديث ممَّا لم يقع في الكتب، مات قبل سنة عشر ومئتين وكان جاوز المئة، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وأخرج له النَّسائيُّ، قال أبو عليٍّ الغسانيُّ في (الألقاب) من «تقييده»: قال أبو جعفر العقيليُّ: كان عندهم ثِقةً، انتهى، وفي «الكاشف»: صدوقٌ، ولم أرَ فيه في «التذهيب» توثيقًا ولا تجريحًا، ولا في «الميزان»، والله أعلم.
[ج 2 ص 371]
قوله: (فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا): تَقَدَّم أنَّها (فُعلى)، وأنَّها غير منوَّنة، وكذا تَقَدَّم الكلام على (فَلَقِ الصُّبْحِ)، وعلى (الْخَلاَءُ)؛ وهي الخلوةُ، وعلى (حِرَاءٍ)، وعلى (التَّحَنُّث)، وتَقَدَّم على (فَجِئَهُ)؛ أي: جاءه بغتة، وعلى (الْمَلَكُ)، وأنَّه جبريل عَلَيهِ السَّلام، وعلى (مَا أَنَا بِقَارِئٍ)، وعلى (فَغَطَّنِي)، وعلى (الْجهْد)، وإعرابه، وعلى كون الغطَّات ثلاثًا، وعلى (بَوَادِرُهُ)، وعلى (زَمِّلُونِي)، وعلى (الرَّوْعُ)، وعلى قوله: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي)، وعلى (لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا)، وعلى (الكَلِّ)، وعلى (تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ)، وعلى (تَقْرِي)، وأنَّه ثُلاثيٌّ معتلٌّ، وعلى (وَرَقَةَ بْن نَوْفَلٍ)، وعلى (تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ)، وعلى (يَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ)، وعلى [3] (شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ)، والعميان من الصَّحابة والأشراف ومن الأنبياء، وعلى (النَّامُوسُ)، وعلى عدوله عن عيسى وذكر (مُوسَى)، وعلى (جَذَعًا) معنًى وإعرابًا، وعلى (مُؤَزَّرًا)، وعلى (يَنْشَبْ)، وعلى فترة الوحي ومدِّتها حكمةً وزمانًا.
قوله: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ ... )؛ فذكر بقيَّة الحديث، وهذا بالسند المذكور قبله، غير أنَّ الأوَّل رواه ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وهذا رواه عن أبي سلمة عن جابر، والله أعلم.
قوله: (فَفَرِقْتُ مِنْهُ): (فَرِق)؛ بكسر الراء: فزع.

(1/9008)


قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]): تَقَدَّم الكلام في أوَّل هذا التعليق على أوَّل ما نزل من القرآن، وأنَّه {اقرأ} على الصحيح.
قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ): هو شيخ الزُّهريِّ عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّم مِرارًا.

(1/9009)


[{خلق الإنسان من علق}]

(1/9010)


[حديث: أول ما بدئ به رسول الله الرؤيا الصالحة ... ]
4955# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1] ابْنُ بُكَيْر): تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه ومرارًا، وعلى (اللَّيْث)، وعلى (عُقَيْلٍ)، وعلى (ابْنِ شِهَابٍ).
قوله: (بُدِئَ): هو بضمِّ الموحَّدة، وكسر الدال، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مهموزُ الآخِر.
==========
[1] قوله: (يحيى) ليس «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 372]

(1/9011)


[{اقرأ وربك الأكرم}]

(1/9012)


[حديث: أول ما بدئ به رسول الله الرؤيا الصادقة جاءه الملك ... ]
4956# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): هو ابن شهاب، محمَّد بن مسلم، العالم المشهور.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ): هذا تعليق، وقد أسنده قُبَيلَه عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن عُقَيل به، وكذا أسنده في (ابتداء الوحي) عن يحيى ابن بُكَيْر به، وفي موضعين آخَرَين عن عبد الله بن يوسف عن الليث به، في (أحاديث الأنبياء) بتمامه، وفي (التفسير) مختصرًا، ومسلم في (الإيمان) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جدِّه به.
4957# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (إِلَى خَدِيجَةَ): هي أمُّ المؤمنين بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ القرشيَّة الأسديَّة، زوج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، مناقبها وجلالتها معروفان، وقد تَقَدَّم بعض مناقبها في (المناقب)، رضي الله عنها، وهي أوَّل من أسلم، وتَقَدَّم الاختلاف في أوَّل من أسلم، والله أعلم.
==========
[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 372]

(1/9013)


[{كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة}]

(1/9014)


[حديث: لو فعله لأخذته الملائكة]
4958# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): قال الجيَّانيُّ: نسبه ابن السكن: يحيى بن موسى، وهو يحيى بن موسى بن عبد الله بن سالم، أبو زكريَّا الحُدَّانيُّ، يقال له: ختٌّ؛ لقبٌ، ويقال له: ابن ختٍّ أيضًا، ويعرف بالختِّيِّ، وذكره غيره أنَّ (يحيى عن عبد الرزَّاق) في بعض المواضع: يحيى بن جعفر بن أعين، أبو زكريَّا البُخاريُّ البيكنديُّ، وذكر أبو نصر: أنَّ يحيى بن موسى البلخيَّ ويحيى بن جعفر البُخاريَّ روى محمَّد بن إسماعيل عنهما عن عبد الرزَّاق في «الجامع»، ووجدنا رواية يحيى بن جعفر عن عبد الرزَّاق في أوَّل (كتاب الاستئذان)، وقال أبو أحمد بن عديٍّ: يحيى بن جعفر هذا هو الذي قال لمحمَّد بن إسماعيل: مات عبد الرزَّاق، ولم يكن مات ذلك الوقت، بل كان حيًّا، وكان البُخاريُّ متوجِّهًا إلى عبد الرزَّاق فانصرف، فلمَّا مات عبد الرزَّاق؛ سمع البُخاريُّ كُتُبَ عبد الرزَّاق من يحيى هذا، انتهى، وقد تَقَدَّم أيضًا.
و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَر): تَقَدَّم ضبطه قريبًا، وأنَّه ابن راشد، و (عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ): هو عبد الكريم بن مالك الجزريُّ، كنيته أبو سعيد، وهو حافظ مكثر، تَقَدَّم.
قوله: (قَالَ أَبُو جَهْلٍ): هو عمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر على كفره، تَقَدَّم.
قوله: (تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ): الضمير في (تابعه) يعود على يحيى الراوي عن عبد الرزَّاق، ويحتمل عوده على معمر الراوي عن عبد الكريم الجزريِّ، و (عمرو بن خالد) هذا: جدُّه اسمه فرُّوخ بن سعيد، أبو الحسن الحرَّانيُّ التميميُّ، ويقال: الخزاعيُّ، نزل مصر، وحدَّث عن حمَّاد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وأبي المليح الرَّقِّيِّ، وابن لَهِيْعَة، وعبد الحميد بن بهرام، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابناه أبو علاثة محمَّد وأبو خيثمة عليٌّ، ومحمَّد بن يحيى الذهليُّ، وخلقٌ، قال العجليُّ: مصريٌّ ثبت ثِقةٌ، قال البُخاريُّ: تُوُفِّيَ بمصر سنة (229 هـ)، أخرج له البُخاريُّ وابن ماجه، ذُكِر في «الميزان» تمييزًا.

(1/9015)


و (عُبَيْد اللهِ) بعده: هو ابن عمرو بن أبي الوليد، أبو وهب الأسديُّ مولاهم، الرَّقِّيُّ، أحد الأئِمَّة، عن عبد الملك بن عمير، وعبد الله بن محمَّد بن عقيل، وعبد الكريم بن مالك، وأيوبَ السَّختيانيِّ، وطائفةٍ، وعنه: زكريَّا ويوسف ابنا عديٍّ، ويحيى الوحاظيُّ [1]، وأبو نعيم الحلبيُّ، وخلقٌ كثير، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: ثِقةٌ صدوق، لا أعرف له حديثًا منكرًا، وقال ابن سعد: كان ثِقةً كثير الحديث، وربَّما أخطأ، وكان أحفظَ مَن روى عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحد ينازعه في الفتوى في دهره، ومات بالرَّقَّة سنة ثمانين ومئة، وقال غيره: وُلِد سنة إحدى ومئة، أخرج له الجماعة، و (عبد الكريم): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الجزريُّ، وهذا يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (الوخاطي)، والمثبت موافق لما في المصادر.
[ج 2 ص 372]

(1/9016)


(((97))) [{إنا أنزلناه}]
قوله: (الْمَطْلَعُ): هو الطلوع، (وَالْمَطْلِعُ): الموضع الذي يطلع منه، الأوَّل: بفتح اللام، والثاني: بكسرها، كذا في أصلنا وأصلٍ آخَرَ صحيحٍ، وقد قرأ الكسائيُّ بكسر اللام، والباقون بفتحها، قال ابن قُرقُول: و (المطلَع) موضع الطلوع: بفتح اللام، وبالكسر: وقتُه، وقد قيل بالوجهين فيهما، انتهى.
وقال الجوهريُّ: طلعت الشمس والكوكب طلوعًا، ومطلِعًا، ومطلَعًا، والمطلَع والمطلِع أيضًا: موضع طلوعها، والحاصل من كلام الجوهريِّ: أنَّ المصدر بالفتح والكسر، والمكان بهما، والله أعلم.

(1/9017)


(((98))) [{لم يكن}]

(1/9018)


[حديث: إن الله أمرني أن أقرأ عليك ... ]
4959# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بُنْدَار، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر.
قوله: (لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [1]: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ): تَقَدَّم الكلام على هذا في (مناقب أُبيِّ بن كعب)، ونسبه ووفاته، والحكمة في أمره عَلَيهِ السَّلام أن يقرأ على أُبيِّ بن كعب، وما الحكمة في اختصاص هذه السورة، وما ذكره ابن عبد البَرِّ من القراءة عليه مرَّة أخرى آية من (سورة يونس)، وعزوت هذا الحديث في قراءته عليه الآية التي في (يونس)، وكونه قرأ عليه الآية التي في (يونس) هو في «المسند» لأحمد في (مسند الأنصار) في ترجمة أُبيٍّ، والله أعلم، كلُّ ذلك في (مناقبه).
قوله: (قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَبَكَى): تَقَدَّم [ما] الحكمة في بكاء أُبيٍّ في (مناقبه).
==========
[1] قوله: (ابن كعب) ليس في «اليونينيَّة»، وعليه في (ق) علامة الزيادة.

(1/9019)


[حديث: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن]
4960# قوله: (آللهُ سَمَّانِي لَكَ؟): هو بهمزة ممدودة، همزة الاستفهام، كذا في أصلنا.
قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البينة: 1]): الذي أنبأ قتادةَ الظاهر أنَّه أنسٌ، وقال بعض حفَّاظ العصر: رواه ابن مردويه من حديث أُبيِّ بن كعب.

(1/9020)


[حديث: إن الله أمرني أن أقرئك القرآن]
4961# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِي: حَدَّثَنَا رَوْحٌ): قال الجيَّانيُّ: قال أبو عبد الله الحاكم وابن منده الأصبهانيُّ: المشهور عند أهل بغداد أنَّه محمَّد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي، فاشتبه اسمه على أبي عبد الله، وقد تكلَّمنا عليه بأكثرَ من هذا فيما تَقَدَّم من كتابنا، انتهى.
وقال في «أوهام البُخاريِّ» لمَّا ذكر هذا المكان؛ قال: وإنَّما اسمه محمَّد، قال أبو عبد الله الحاكم: يقال: إنَّه محمَّد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي، وكذلك سمَّاه ابن أبي حاتم محمَّدًا، قال: هو ثِقةٌ صدوق، وأرَّخ وفاته ... إلى آخر كلامه، وقد ترجمه المِزِّيُّ، وتابعه الذهبيُّ في محمَّد بن عبيد الله، وساقا كلام البُخاريِّ وما يتعلَّق به؛ فانظره إن شئت.
قوله: (أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ): هذه الرواية تؤيِّد القول بأنَّه عَلَيهِ السَّلام إنَّما قرأ على أُبيٍّ؛ ليتعلَّم منه أُبيٌّ، وقد تَقَدَّم ذلك في (مناقب أُبيٍّ)، وقال شيخنا: معناه: أن أقرأ عليك؛ كما في الثانية؛ أي: كما في الرواية الثانية؛ وهي: «أن أقرأ عليك القرآن»، والله أعلم، وكأنَّ الأَولى العكس؛ أن تُرَدَّ هذه الرواية إلى رواية: «أن أُقرِئَك القرآن»، والله أعلم.
قوله: (وَقَدْ ذُكِرْتُ ... ؟): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة.
قوله: (فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ): (ذَرَفتْ): بفتح الذال المعجمة والراء، وتاء التأنيث الساكنة في آخره، وقد تَقَدَّم معناه.
==========
[ج 2 ص 373]

(1/9021)


(((99))) [{إذا زلزلت الأرض زلزالها}]

(1/9022)


[{فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره}]

(1/9023)


[حديث: الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر .. ]
4962# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (فِي طِيَلِهَا): (الطِّيَل): بكسر الطاء المهملة، وفتح المثنَّاة تحت، وباللام، وكذا (الطِّوَل) بكسر الطاء، وفتح الواو: هو الحبل، وقيل: الرسن، وهو الطِّوَال أيضًا، وقد تَقَدَّم.
قوله: (فَاسْتَنَّتْ): هو بالسين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون مشدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، قال ابن قُرقُول: أي: جرت، وقيل: لجَّت في عَدْوِها إقبالًا وإدبارًا، وقيل: الاستنان يختصُّ بالجري إلى فوق، وقيل: هو المَرَح والنشاط، وفي «البارع»: الاستنان كالرقص، وقال ابن وهب: أفلتت، وقيل: استنَّت: رعت، وقيل: الاستنان: الجري بغير فارس، وقد تَقَدَّم، ولكن طال العهد به، وكذا تَقَدَّم (شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ)؛ أي: طلَقًا أو طلَقَين، وقيل: الشرف هنا: ما علا من الأرض، وكذا تَقَدَّم (تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا)؛ أي: ليكتسب بها، ويستغني عن الحاجة إلى الناس وسؤالهم، وكذا (نِوَاءً)، وأنَّه بكسر النون ممدود، مخفَّف الواو؛ أي: معاداة [1]، ناوَأتُه مناوءَة ونِوَاء، وأصله من نَوَأت إليه؛ فناء إليك؛ أي: نهض، وأنَّ الداوديَّ رواه: (نَوًى لأهل الإسلام)؛ بفتح النون، وتنوين الواو، وهو وَهَمٌ، وكذا (الْفَاذَّةَ)، وأنَّها بالفاء والذال المعجمة المشدَّدة؛ أي: الفردة.

(1/9024)


[{ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}]

(1/9025)


[حديث: لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة]
4963# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ذكوان وقبلَه مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) أيضًا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر.
قوله: (سُئِلَ [1] عَنِ الْحُمُرِ): قال بعض حفَّاظ العصر: السائل صعصعة بن ناجية جدُّ الفرزدق الشاعر، وفي رواية لابن مردويه: صعصعة بن معاوية عمُّ الأحنف، انتهى.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[ج 2 ص 373]

(1/9026)


(((100))) [{والعاديات}]
قوله: ({فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} [العاديات: 4]: [1] غُبَارًا): هذا قول الفرَّاء ... إلى آخر الكلام، قاله بعض الحُفَّاظ من العصريِّين.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رَفَعْنَ بِهِ).
[ج 2 ص 373]

(1/9027)


(((101))) [{القارعة}]
قوله: (كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ): هو بغينَين معجَمَتَين مفتوحتين، وبعد الأولى واو ساكنة، ممدود الآخر، صغاره إذا ظهرت أجنحته، وماج بعضه في بعض، يُشَبَّه به سَفِلَة الناس، وقيل: هو الجراد نفسه، قال ابن قُرقُول: والأوَّل أحسن؛ لأنَّه أضافه إلى الجراد، وقال أبو عبيد: هو شيء يشبه البعوض إلَّا أنَّه لا يعَضُّ.
قوله: ({كَالْعِهْنِ} [القارعة: 5]: كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {كَالصُّوفِ}): أمَّا (العهن)؛ فهو الصوف مطلقًا، وقيل: الملوَّن منه خاصَّة، وقيل: الأحمر خاصَّة، شبَّه خفَّتها بعد رزانتها بالصوف، وتلوُّنَها بالمصبوغ، ومَرَّها بالمندوف، والله أعلم، وقراءة عبد الله _هو ابن مسعود_ شاذَّة، وقد قرأ بها سعيد بن جُبَير وبعض السلف، كما نقله ابن عبد البَرِّ في «التمهيد».
==========
[ج 2 ص 373]

(1/9028)


(((103))) [{والعصر}]
قوله: ({الْعَصْرِ} [العصر: 1]: الدَّهْرُ) [1]: كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (قَالَ يَحْيَى: الدَّهْرُ)، وهذه نسخة في أصلنا، و (يحيى): هو الفرَّاء، تَقَدَّم في (الصفِّ)، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وقال يحيى: الدَّهر)؛ كما ذكر أنَّه رواية الأصل الدمشقيِّ.
[ج 2 ص 373]

(1/9029)


(((105))) [{ألم تر}]
قوله: ({مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 4]: هِيَ سِنْكِ [1] وَكِلْ): (سِنْكِ)؛ بكسر السين المهملة، وإسكان النون، وبالكاف المكسورة: كذا في أصلنا، وفي نسخة أخرى: بفتح السين بالقلم، و (كِلْ)؛ بكسر الكاف، وإسكان اللام: كذا في أصلنا، وكذا في أصل آخَرَ صحيحٍ، قال ابن عبد السلام العلَّامة عزُّ الدين: ({مِنْ سِجِّيلٍ}: آجُرٍّ، معرَّبة سِنْج وجِل؛ لقوله تعالى: {حِجَارَةً مِّن طِينٍ} [الذاريات: 33]، وقيل: هو الشديد، وقيل: اسم السماء الثانية، وقال غيره: ومعنى (سِنْك): حَجَر، و (كِلْ): طين، انتهى، وذكر شيخنا القولَ الأخير: أنَّه حَجَر وطين، وفيه أقوال أُخَرُ؛ أغربها [2]: من السِّجِلِّ؛ وهو الكتاب، ممَّا كتب عليهم أن يعذَّبوا به، أو أنَّه اسم لسماء الدنيا.
==========
[1] كذا في (أ) ونسخة في هامش (ق)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سَنْك)؛ بفتح السين، بعكس المثبت الآتي.
[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (أقربها).
[ج 2 ص 373]

(1/9030)


(((107))) [{أرأيت}]
قوله في (سورة {أرأيت}): (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لإِيلَافِ} [قريش: 1]: لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ): هذا ينبغي أن يُذكَر في السورة التي قبل هذه؛ وهي: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ}، هذا الذي يظهر، لا في هذه، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الْمَاعُونُ: الْمَاءُ): نقله الفرَّاء عن بعض العرب فقال: سمعت بعض العرب يقول: الماعون: هو الماء، قاله بعض حفَّاظ العصر.

(1/9031)


(((108))) [{إنا أعطيناك الكوثر}]
تنبيهٌ هو فائدةٌ: ممَّا جاء في (الكوثر) ما رواه ابن أبي نَجِيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: (الكوثر: نهرٌ في الجنَّة لا يُدخِل أحدٌ إصبعيه في أذنيه إلَّا سمع خرير ذلك النهر)، وقع هذا الحديث في السيرة من رواة يونس بن بُكَيْر، ورواه الدارقطنيُّ من طريق مالك بن مِغْول عن الشَّعْبيِّ، عن مسروق، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إنَّ الله أعطاني نهرًا يقال له: الكوثر، لا يشاء أحدٌ من أمَّتي أن يسمع خرير ذلك النهر إلَّا سمعه»، فقلت: يا رسول الله؛ وكيف ذلك؟ قال: «أدخلي إصبَعَيك في أذنَيك وشدِّي، فإنَّك تسمعين فيها خرير الكوثر»،
[ج 2 ص 373]
انتهى، قاله السهيليُّ في «روضه»، وقد نقله شيخنا عن البَيهَقيِّ في «بعثه» عن عائشة، قال: وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في «ثواب القرآن»؛ يعني: كتابه في ذلك، قال: والطبريُّ، قال: وأخرجه الدارقطنيُّ عنها مرفوعًا، انتهى.

(1/9032)


[حديث: أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفًا]
4964# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو شيبان بن عبد الرَّحمن النحويُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عُرِجَ)؛ بضمِّ العين وكسر الراء في أصلنا: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفيه نظرٌ؛ لأنَّه لازم، واللازم لا يُبنَى منه إلَّا في قولةٍ رأيتها عن سيبويه، والفصيح في هذه: (عَرَجَ)؛ بفتح العين والراء والجيم، والفاعل: جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ ومعناه: ارتقى.
قوله: (حَافَتَاهُ): هو بتخفيف الفاء، وإيَّاك أن تشدِّدها فتحرِّف، وهو من (حَوَف)، لا من (حَفَف).

(1/9033)


[حديث عائشة في {إنا أعطيناك الكوثر}]
4965# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): قد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله، و (أَبُو عُبَيدَةَ) هذا: بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، هذا هو ابن عبد الله بن مسعود، واسمه عامر، ويقال: اسمه كنيته، عن أبيه ولم يسمع منه، وحديثه عنه في «السنن الأربعة»، وعن أبي موسى، وكعب بن عجرة، وعائشة، والبَراء بن عازب، ومسروق، وغيرِهم، وعنه: إبراهيم النخَعيُّ، ومجاهد، ونافع بن جُبَير بن مُطعِم، وعمرو بن مرَّة، وأبو إسحاقَ، وجماعةٌ، قال عمرو بن مرَّة: سألته: هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: لا، وقال أحمد ابن حنبل: كانوا يفضِّلونه على أخيه عبد الرَّحمن، وقال أبو داود: مات أبوه وله سبع سنين، وقال عمرو بن مرَّة: فُقِدَ ليلة دُجيل سنة إحدى _أو اثنتين_ وثمانين، أخرج له الجماعة.
قوله: (شَاطِئَاهُ): هو بهمزة مفتوحة بعد الطاء المكسورة، وشطْء النهر: شطُّه.
قوله: (رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): أمَّا (زكريَّاء)؛ فهو ابن أبي زائدة الهَمْدانيُّ الوادعيُّ الحافظ، تَقَدَّم، وأمَّا (أبو الأَحْوص)؛ فهو بفتح الهمزة، ثُمَّ حاء ساكنة، ثُمَّ واو، ثُمَّ صاد مهملتين: سلَّام بن سُلَيم، و (سلَّام): تَقَدَّم أنَّه بتشديد اللام، و (سُلَيم): أنَّه بضمِّ السين، وفتح اللام، الحافظ، تَقَدَّم، وأمَّا (مُطَرِّف)؛ فهو بضمِّ الميم، وفتح الطاء المهملة، ثُمَّ راء مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ فاء، والظاهر أنَّه مُطَرِّف بن طريف الكوفيُّ، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى والشَّعْبيِّ، وعنه: عبثر وابن فُضَيل، ثِقةٌ إمام عابد، تُوُفِّيَ سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، و (أبو إسحاق): هو عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ؛ يعني: عن أبي عبيدة عن عائشة، كما تَقَدَّم، وما رواه زكريَّاء _وكذا أبو الأَحْوص_ لم يكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وأمَّا ما رواه مُطَرِّف؛ فأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن حرب عن أسباط بن محمَّد عن مُطَرِّف به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، ولم يخرِّجها شيخنا.

(1/9034)


[حديث: هو الخير الذي أعطاه الله إياه]
4966# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، قال الدِّمْياطيُّ: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، اليشكريُّ، انتهى، وقد قدَّمتُ أنا ذلك مرارًا.

(1/9035)


(((109))) [{قل يا أيها الكافرون}]
قوله: (يُقَالُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ} [الكافرون: 6]: الْكُفْرُ ... ) إلى آخره: هو كلام الفرَّاء في «معاني القرآن»، قاله بعض حفَّاظ العصر.
قوله: ({لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2]: الآنَ): هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، قاله بعض حفَّاظ العصر [1].
==========
[1] هذه الفقرة والتي قبلها جاءتا في (أ) مستدركتين متقدِّمتين على قوله: (حدَّثنا هشيم ... ).
[ج 2 ص 374]

(1/9036)


(((110))) [{إذا جاء نصر الله}]

(1/9037)


[حديث: ما صلى النبي صلاة بعد أن نزلت ... ]
4967# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه واسمه، واسم أبيه، وضبطهما، وقال الدِّمْياطيُّ هنا: سلَّام بن سُلَيم الحنفيُّ الكوفيُّ، أبو الأَحْوص، مات مع مالك، انتهى، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن صُبَيح.
==========
[ج 2 ص 374]

(1/9038)


[حديث: كان رسول الله يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده ... ]
4968# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ): (يُكثِر): بضمِّ أوله، وكسر الثاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ): أي: يعمل ما أُمِر به في القرآن من قول الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3].

(1/9039)


[{ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا}]

(1/9040)


[حديث ابن عباس: أن عمر سألهم عن قوله تعالى ... ]
4969# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ): هذا هو الحافظ الكبير المصنِّف أبو بكر ابن أبي شيبة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَانَ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر؛ وذلك لأنِّي راجعت ترجمة حَبِيب بن أبي ثابت في «الكمال»، فرأيته ذكر في الرواة عنه الثوريَّ، ورأيت في «التذهيب»: أنَّ سفيان روى عنه، فحملت المطلق على المقيَّد، وأمَّا ابن مهديٍّ؛ فقد روى عنهما، و (حَبِيب بْن أَبِي ثَابِتٍ): بفتح الحاء، وكسر الموحَّدة، وهذا مشهورٌ.

(1/9041)


قوله: (أَجَلٌ): هو بفتح الهمزة والجيم، واللام منوَّنة، و (أَوْ): هي (أو) التي للشكِّ، و (مَثَلٌ): بفتح الميم والثاء المثلَّثة، واللام منوَّنة، وقد قدَّمتُ من أين أخذ عمر وابن عبَّاس أنَّه أجل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقال الإمام السهيليُّ في «روضه» عقيب (غزوة تبوك) ما لفظه: وذكر سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}، وتفسيره لها في الظاهر خلاف ما ذكره ابن عبَّاس حين سأله عمر عن تأويلها ... إلى أن قال: وظاهر الكلام يدلُّ على ما قاله ابن عبَّاس وعمر رضي الله عنهما؛ لأنَّ الله سبحانه لم يقل: فاشكر ربَّك واحمَدْه، كما قال ابن إسحاق، إنَّما قال: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]، فهذا أمرٌ لنبيِّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالاستعداد للقاء ربِّه والتوبة إليه؛ ومعناها: الرجوع عمَّا كان بسبيله ممَّا أُرسِل به من إرسال الدين، إذ قد فرغ من ذلك وتمَّ مراده فيه، فصار جواب {إذا} من قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1 - 2] محذوفًا، وكثيرًا ما يجيء في القرآن الجوابُ محذوفًا؛ والتقدير: إذا جاء نصر الله والفتح، وقد انقضى الأمر، ودنا الأجل، وحان اللقاء؛ فسبح بحمد ربِّك واستغفره، إنَّه كان توَّابًا، ووقع في «مسند البزَّار» مبيَّنًا من قول ابن عبَّاس فقال فيه: فقد دنا أجلك، فسبِّح، هذا المعنى هو الذي فهمه ابن عبَّاس، وهو حذف جواب {إذا}، ومن لم يتنبَّه لهذه النكتة؛ حسب أنَّ جواب {إذا} في قوله {فَسَبِّحْ}؛ كما تقول: إذا جاء رمضان؛ فَصُمْ، وليس في هذا التأويل من المشاكلة لما قبله في تأويل ابن عبَّاس؛ فتدبَّره، فقد وافقه عليه عمر، وحسبك بهما فهمًا في كتاب الله تعالى، و (الفاء) على قول ابن عبَّاس: رابطة للأمر بالفعل المحذوف، وعلى ما ظهر لغيره: رابطة لجواب الشرط الذي في {إذا})، انتهى.

(1/9042)


[{فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا}]

(1/9043)


[حديث ابن عباس: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ... ]
4970# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
قوله: (فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ): (كأنَّ): هي مشدَّدة [1] مفتوحة الهمزة، التي هي من أخوات (إنَّ)، و (بعضهم): يأتي الكلام عليه بُعَيده، وقد تَقَدَّم أيضًا.
قوله: (فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا؟): وهذا القائل هو عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّم التصريح به في هذا «الصحيح».
قوله: (أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ [2] اللهَ): (أُمِرنا)؛ بضمِّ الهمزة، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
[ج 2 ص 374]
قوله: (إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا): (نُصِرنا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فُتِح): مَبنيٌّ أيضًا لما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/9044)


(((111))) [{تبت يدا أبي لهب وتب}]

(1/9045)


[حديث: أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلًا تخرج من سفح هذا الجبل ... ]
4971# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران.
قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1]: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]): هذا مرسل صَحابيٍّ، قال شيخنا هنا عن الداوديِّ: إنَّ ابن عبَّاس لم يُخلَق يومئذٍ، قال شيخنا: وهو لائح، وقال في (سورة الشُّعَراء): إنَّه كان صغيرًا.
قوله: ({وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}): كذا فيه، وظاهرُ هذا أنَّ {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} قرآنٌ، ولكنَّه الآن ليس في المصحف، فهو شاذٌّ، وقد قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: وظاهر هذه العبارة: أنَّ قوله: {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} كان قرآنًا، ثُمَّ نسخت تلاوته، ولم تقع هذه الزيادة في روايات «البُخاريِّ»، انتهى، وهذه قد وقعت هنا؛ فاعلمه، ثُمَّ إنِّي رأيت في هامش نسخة صحيحة ما لفظه: وأمَّا زيادة قوله: {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}؛ فإنَّها هكذا في قراءة عبد الله بن عبَّاس، ذكره الإسماعيليُّ، انتهى.
قوله: (حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا): تَقَدَّم أنَّ (صعِد) في الماضي بكسر العين، وفي المستقبل بفتحها، وهذا معروفٌ.
قوله: (فَهَتَفَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: صاح، وتَقَدَّم الكلام على (يَا صَبَاحَاهْ).
قوله: (فَقَالَ [2] أَبُو لَهَبٍ): تَقَدَّم أنَّ اسم أبي لهب عبدُ العُزَّى، وتَقَدَّم متى هلك، في (سورة الشعراء)، قيل: الحكمة في عدول البارئ تعالى عن اسمه إلى كنيته حين ذكره في القرآن بالكنية: لكون اسمِه عبد العزَّى، وقيل: لمناسبة حاله بالنار، وقيل غير ذلك، وفي «مستدرك الحاكم»: أنَّه كان له ولد اسمه لهب.

(1/9046)


قوله: ({وَقَدْ تَبَّ} ... ) إلى آخرها: هذه قراءةٌ شاذَّة، قرأ بها الأعمش كما هنا، قال الإمام السُّهيليُّ في حديث الصحيفة التي كتبتها قريش: هكذا قرأ مجاهد والأعمش، وهي _والله أعلم_ قراءة مأخوذة عن ابن مسعود؛ لأنَّ في قراءة ابن مسعود ألفاظًا كثيرةً تُعِين على التفسير، قال مجاهد: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابنَ عبَّاس؛ ما احتجت أن أسأله عن كثير ممَّا سألته، وكذلك زيادة {قد} في هذه الآية فسَّرت أنَّه خبر من الله وأنَّ [3] الكلام ليس على الدعاء ... إلى آخر كلامه، وقد جزم الزمخشريُّ في «تفسيره» وكذا الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»: بأنَّها قراءة عبد الله بن مسعود، والله أعلم.

(1/9047)


[{وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب}]

(1/9048)


[حديث: أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ... ]
4972# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الأصحِّ، وقد قدَّمتُ ذلك مطوَّلًا في أوائل هذا التعليق، قال الدِّمْياطيُّ: (أَبُو مُعَاوِيةَ: محمَّد بن خازم)، انتهى، وهو بالخاء المعجمة، الضرير، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ.
قوله: (إِلَى الْبَطْحَاءِ): تَقَدَّم أنَّها والأبطح واحد، وأنَّها بين مَكَّة ومنًى، تضاف إلى كلٍّ منهما، وتَقَدَّم (صَعِد): أنَّه بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، وكذا تَقَدَّم (يَا صَبَاحَاهْ).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).
[ج 2 ص 375]

(1/9049)


[{سيصلى نارًا ذات لهب}]

(1/9050)


[حديث ابن عباس: قال أبو لهب تبًا لك ألهذا جمعتنا؟]
4973# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أنَّ جدَّه غِيَاث، وتَقَدَّم ضبطه، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ) أعلاه.
==========
[ج 2 ص 375]

(1/9051)


[{وامرأته حمالة الحطب}]
قوله: ({وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} [المسد: 4]): قال الدِّمْياطيُّ: أمُّ جَمِيل بنت حرب بن أُمَيَّة، أخت صخر بن حرب، وقيل: كانت تحتطب للؤمها وبخلها، وقيل: كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: كانت نمَّامة، انتهى.
أمُّ جَمِيل هذه: بفتح الجيم، وكسر الميم، اسمها العَوراء، قاله غير واحد، وفي «مستدرك الحاكم» كذلك، وكنيتها في (تفسير {سبحان})، وفي «مبهمات ابن بشكوال» تسميتها بالعَوراء، ثُمَّ قال: وقيل: اسمها أَروى، وساق لكلٍّ شاهدًا، ورأيت بخطِّ الحافظ مغلطاي شيخ شيوخنا قال: سمَّاها البَيهَقيُّ في «الدلائل»: أمَّ كلثوم بنت حرب، ولا أدري أهي كنية أم اسم؟ ولا أعرف من قاله غيره، انتهى.
قال ابن عبد السلام: قيل: كانت تحمل الشوك فتلقيه في طريق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: كانت تمشي بالنميمة، وقيل: كان مصيرها النار كالحطب، يقال: فلان يحطب على ظهره؛ أي: يجني على نفسه، وحاطب قومه: جانيهم، نسقًا على الضمير في {سيصلى}، و {حمَّالةُ}: خبرُ محذوفٍ؛ أي: هي، وقيل: {لهب}: وقفٌ؛ أي: وستصلى امرأته، على التكرار، و {حمالةُ}: بدل، و {الحطب}: وقفٌ، انتهى.

(1/9052)


(((112))) [{قل هو الله أحد}]
قوله: (لاَ يُنَوَّنُ {أَحَدٌ} [الإِخلاص: 1]): قال بعض الحُفَّاظ من العصريِّين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، واعلم أنَّه قُرِئ خارج السبع: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ}؛ بغير تنوين، وهي قراءة زيد بن عليٍّ، وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق، وأبي السَّمَّال، وأبي عَمرو في رواية في عدد كثير؛ لالتقاء الساكنين؛ كقوله:
~…عَمْرُو الذي هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَومِهِ…ورِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
وقال الآخر:
~…فَأَلْفَيتُهُ غيرَ مُسْتَعتِبٍ…وَلَا ذَاكِرَ اللهَ إلَّا قَلِيلا
انتهى.
وأبو السَّمَّال: بفتح السين المهملة، وتشديد الميم، وباللام في آخره، وهو متكلَّم فيه، واسمه قعنب بن هلال، عدويٌّ مقرئ، روى عنه: أبو زيدٍ النحويُّ حروفًا، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: بصريٌّ، له حروف شاذَّة، لا يُعتَمد على نقله، ولا يُوثَق به، انتهى.
==========
[ج 2 ص 375]

(1/9053)


[حديث: قال الله كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك.]
4974# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز، تَقَدَّم مِرارًا أيضًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (كَمَا بَدَأَنِي): هو بهمزة مفتوحة بعد الدال، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
[ج 2 ص 375]
قوله: (بِأَهْوَنَ): هو مجرور، وعلامة الجرِّ فيه الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف.

(1/9054)


[{الله الصمد}]
قوله: (وَقَالَ [1] أَبُو وَائِلٍ) [2]: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بغير واو.
[2] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» بعد حديث أبي اليمان الآتي، والمثبت موافق لما في (ق).
[ج 2 ص 376]

(1/9055)


[حديث: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك]
4975# قوله: ({كُفْؤًا} [1] وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ) [2]: فالأُولى: بضمِّ الكاف، وإسكان الفاء، والثانية: بفتح الكاف، وكسر الفاء، وبعدها ياء، والثالثة: بكسر الكاف، وبالمدِّ، مهموزٌ، ورُوِيَ: بكسر الكاف وسكون الفاء، ولم يُقرَأ بالفتح وسكون الفاء، وقد قرأ حفص: {كُفُوًا}؛ بضمِّ الفاء وفتح الواو من غير همز، وقرأ حمزة: بإسكان الفاء مع الهمز في الوصل، فإذا وقف؛ أبدل الهمزة واوًا مفتوحة اتَّباعًا للخطِّ، قال العلَّامة أبو عمرو الدانيُّ: القياس أن تُلقَى حركتها على الفاء، وقرأ الباقون: بضمِّ الفاء مع الهمز، هذا الذي في السبع، وقال الجوهريُّ: والكفِيء: النظير، وكذلك «الكُفْء» و «الكُفُوء» على (فُعْل وفُعُول)، والمصدر: الكفاءة؛ بالفتح والمدِّ، تقول: لا كِفَاء له؛ بالكسر، وهو في الأصل مصدر؛ أي: لا نظير له، انتهى.
وفي «القاموس»: والاسم: الكَفَاءة والكَفَاء؛ بفتحهما ومدِّهما، وهذا كِفاؤه، وكَفِيْئَتُه، وكَفِيئُه، وكُفْؤُه، وكَفْؤُه، وكِفْؤُه، وكُفُؤُه؛ مثله، انتهى.
وفي (كفؤ) لغات؛ فمنها: الثلاثة المقروء بها، وواحدة لم يُقرأ بها؛ وهي: (كُفُوءًا)؛ بالضمِّ والمدِّ على (فُعول)، وذكر البَطَلْيَوْسِيُّ في «شرح أدب الكاتب»: (كَفْء)؛ بفتح الكاف وتسكين الفاء، و (كِفْء)؛ بكسر الكاف وتسكين الفاء، و (كَفِيء)؛ على مثال: نبيء، و (كِفاء)؛ على مثال: رداء، مع ضمِّ الكاف وتسكين الفاء، وضمِّهما، وهما مع همز آخره، وكلُّه بمعنًى، والجمع: الأَكْفَاء؛ وهم النُّظَرَاء، وقال بعضهم: هو المكافئ المماثل النظير، والله أعلم.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية (ق): ({كُفُؤًا})؛ بضمِّ الفاء، وفي «اليونينيَّة» معًا.
[2] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» متأخِّرًا عن الحديث الآتي، والمثبت موافق لما في (ق).
[ج 2 ص 376]

(1/9056)


(((113))) [{قل أعوذ برب الفلق}]
قوله: (هُوَ [1] أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ): (فَرَق): بفتح الفاء والراء، وبالقاف، و (فلق الصبح)؛ يعني: انشقاقه وبيانه وخروجه من الظلام، وفَرَقه وفَلَقه سواء، وقال الخليل: الفلق: هو الصبح، قال بعض حفَّاظ العصر في قوله: (يقال: هو أبين من فلق وفرق الصبح): هو كلام الفرَّاء.
==========
[1] قوله: (هو) ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِب عليها في (ق).
[ج 2 ص 376]

(1/9057)


[حديث: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين]
4976# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ سفيان بعد (قُتَيْبَة): ابن عيينة، و (عَاصِم): هو ابن أبي النَّجود القارئ، أحد القرَّاء السبعة، تَقَدَّم، و (عَبْدة)؛ بإسكان الموحَّدة: هو ابن أبي لبابة، وكذا هو منسوب في (سورة الناس) بعد هذه السورة، و (زِرُّ): هو ابن حُبَيْش؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين معجمة، مشهور جدًّا.
قوله: (عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ): هو بكسر الواو، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 376]

(1/9058)


(((114))) [{قل أعوذ برب الناس}]
قوله: (إِذَا وُلِدَ): هو بضمِّ الواو، وكسر اللام، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ): كذا في أصلَينا، قال ابن قُرقُول: ظاهر هذا الكلام اختلالٌ بيِّن، فإمَّا أن يكون (نخسه الشيطان) بدلًا من (خنسه)، وإمَّا أن يقع في النقل تغيير، وقد ذكر البُخاريُّ في غير هذا المكان عن ابن عبَّاس: «يولد الإنسانُ والشيطان جاثم على قلبه، فإذا ذُكِر الله؛ خَنَس _أي: انقبض_ وإذا غَفَل؛ وسوس»، فكأنَّ البُخاريَّ إنَّما أراد هذا الحديث، انتهى.
قوله: (فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والاسم الجليل: نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (وَإِنْ [1] لَمْ يُذْكَرِ اللهُ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والاسم الجليل: نائب عن الفاعل.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وإذا).
[ج 2 ص 376]

(1/9059)


[حديث: سألت أبي بن كعب: قلت: أبا المنذر إن أخاك ... ]
4977# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: ابن عيينة، وأنَّ (عَبْدَة بْن أَبِي لُبَابَةَ) بإسكان الموحَّدة، و (زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ): تَقَدَّم قريبًا ضبط والده، وقوله: (وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ): قائل ذلك هو سفيان بن عيينة، و (عاصم): تَقَدَّم قريبًا أنَّه ابن أبي النَّجود بهدلة، أحد القرَّاء السبعة، وقد تَقَدَّم ذلك.
قوله: (سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؛ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟): رأيت في «زوائد معجَمَي الطبرانيِّ الصغير والأوسط» لشيخنا الحافظ الصالح نور الدين عليٍّ الهيتميِّ _تلميذ شيخنا العراقيِّ، وقد سمعت عليه بعض «مسلم»، وقرأت بحضرته مسلمًا أو غالبه على شيخنا العراقيِّ، وسمعنا على العراقيِّ بعض «صحيح البُخاريِّ» بحضوره، وقرأنا عليه «شرح الألفيَّة» و «النكت» بحضوره، أو غالب ما ذكرته، وكذا غير ذلك_ قال الطبرانيُّ: حدَّثنا الحسين بن عبد الله الخرقيُّ: حدَّثنا محمَّد بن مِرْدَاس: حدَّثنا محبوب بن الحسن، عن إسماعيل بن مسلم، عن سيَّار أبي الحكم، عن زِرِّ بن حُبَيْش، عن ابن مسعود: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سُئل عن هاتين السورتين فقال: «قيل لي ... ، فقلت، وقولوا كما قلت» لا يُروَى عن ابن مسعود إلَّا بهذا الإسناد، وإنَّما رواه الناس عن زِرٍّ عن أُبيِّ بن كعب قوله، انتهى؛ يعني: موقوفًا من قوله.
قوله: (يَقُولُ كَذَا وَكَذَا): قال شيخنا: يريد: أنَّه لم يدخل المعوِّذتين في مصحفه، وهو من أفراده؛ لكثرة ما كان يرى الشارعَ يتعوَّذ بهما، فظنَّ أنَّهما من الوحي، وليسا من القرآن، والصَّحابة أجمعت عليهما، وأثبتتهما في المصحف، انتهى.
وإنَّما كنَّى عن ذلك بـ (كذا وكذا)؛ استعظامًا منه لهذا القول أن يتلفَّظ به، وعن ابن الباقلَّانيِّ: لم ينكر ابنُ مسعود كونَهما من القرآن، إنَّما أنكر إثباتَهما في المصحف؛ لأنَّه كانت السُّنَّة عنده: ألَّا يُثبِت إلَّا ما أمر النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بإثباته، ولم يبلغه أمرُه به، وهذا تأويل منه، وليس جحدًا لكونهما قرآنًا، انتهى.

(1/9060)


وقد روى ابن حبَّان في «صحيحه» عن زِرٍّ قال: «قلت لأُبيٍّ: إنَّ ابن مسعود لا يكتب في مصحفه المعوِّذتين، فقال: قال لي رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «قال لي جبريل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} [الفلق: 1]، فقلتها، وقال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، فقلتها»، فنحن نقول كما قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال شيخنا: وكان أُبيٌّ أدخل سورتَي القنوت في مصحفه؛ وهما: (اللهم إنَّا نستعينك ... )، وأول السورة الثانية: (اللهم إيَّاك نعبد ... )، انتهى.
وأجمعت الصَّحابة على إثباتهما؛ أعني: المعوِّذتين، وأصل هذا الحديث عند أحمد في «المسند» قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن عَبْدة وعاصم عن زِرٍّ قال: قلت لأُبيٍّ: إنَّ أخاك يحكُّهما من المصحف، قيل لسفيان: ابن مسعود؟ فلم يُنكِر، قال: سألت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فقال: «قيل لي ... ، فقلت»، فنحن نقول كما قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد روى عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» فقال: حدَّثني محمَّد بن الحسين بن إشكابَ: حدَّثنا محمَّد بن أبي عبيدة بن معن: حدَّثنا أبي: حدَّثنا الأعمش عن أبي إسحاق، عن عبد الرَّحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يحكُّ المعوِّذتين من مصاحفه، ويقول: إنَّهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى، وهذا يحتاج إلى جواب، وقد قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» له: وأمَّا ما يُروَى عن ابن مسعود؛ فقال ابن حزم: إنَّه لا يصحُّ عنه، وقد ذكرت أنا في تفسير (سورة {والليل}) كلامًا للمازريِّ هو جواب عن بعض ما نُقِل عن ابن مسعود وغيره، والله أعلم، والإجماع قائم على إثباتهما، وأنَّهما قرآن، ولعلَّه كان يقول ذلك، فلمَّا رأى المصاحف التي كُتِبَت في زمن عثمان، وفيها إثباتهما؛ رجع عن ذلك، فإنَّ في حفظي أنَّه صحَّ عنه إثباتهما، وبهما قُرِئ عليه، والله أعلم.
تنبيهٌ: إذا كبَّر في آخر (سورة الناس)؛ قرأ فاتحة الكتاب وخمس آيات من أوَّل (البقرة)، على عدد الكوفيِّين، إلى قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]، ثُمَّ دعا بدعاء الختمة، قال أبو عمرو الدانيُّ في «التفسير»: وهذا يُسَمَّى الحالَّ المرتحل، وفي جميع ما قدَّمناه أحاديثُ مشهورةٌ يروها العلماء، يؤيِّد بعضها بعضًا، تدلُّ على صحَّة ما فعله ابن كَثِير، ولها موضعٌ غير هذا قد ذكرناها فيه، انتهى.

(1/9061)


اعلم أنَّ الحالَّ المرتحل كذلك فسَّره الهرويُّ في «غريبَيه» كما نقله عنه ابن الأثير في «نهايته»، وقيل: أراد الحالَّ المرتحل: الغازي الذي لا يقفل عن غزوة إلَّا عقَّبها [1] بأخرى، انتهى.
قال ابن قيِّم الجوزيَّة في آخر «معاليم الموقِّعين» في تفسير الحالِّ المرتحل: وفهم من هذا بعضهم: إذا فرغ من ختم القرآن؛ قرأ فاتحة الكتاب وثلاث آيات من سورة البقرة؛ لأنَّه حلَّ بالفراغ، وارتحل بالشروع، وهذا لم يفعله أحد من الصَّحابة ولا التابعين، ولا استحبَّه أحدٌ من الأئِمَّة؛ والمراد بالحديث: الذي كلَّما حلَّ من غزاة؛ ارتحل في أخرى، أو كلَّما حلَّ من عمل؛ ارتحل في غيره تكميلًا له، كما يكمل الأوَّل، وأمَّا هذا الذي [يفعله] بعض القرَّاء؛ فليس مرادَ الحديث قطعًا، والله أعلم، وبالله التَّوفيق، وقد جاء تفسير الحديث متَّصلًا به: «أن يضرب من أوَّل القرآن إلى آخره، كلَّما حلَّ؛ ارتحل»، وهذا له معنيان؛ أحدهما: أنَّه كلَّما حلَّ من سورة أو جزء؛ ارتحل في غيره، والثاني: أنَّه كلَّما حلَّ من ختمة؛ ارتحل في أخرى، انتهى، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (عقَّبه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 376]

(1/9062)


((66)) (كِتَابُ فَضَائِل القُرْآن) ... إلى (كِتَاب النِّكَاح)
تنبيهٌ: روى الحاكم بسنده إلى أبي عمَّار المروزيِّ: أنَّه قيل لأبي عِصْمَة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عبَّاس في فضل القرآن سورةً سورةً، وليس عند أصحاب عكرمة؟ فقال: إنِّي رأيت النَّاس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمَّد بن إسحاق، فوضعت لهم هذا الحديث حِسبةً، وقال الحاكم: وَضَعَ حديثَ فضائلِ القرآنِ أبو عِصْمَة نوحٌ الجامعُ.
تنبيهٌ ثانٍ: روى ابن حبَّان في مقدمة «تاريخ الضُّعفاء» عن ابن مهديٍّ قال: قلت لميسرة بن عبد ربِّه: من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا؛ فله كذا؟ قال: وضعتها لأُرغِّب الناس فيها، وهكذا حديث أُبيٍّ الطويل في فضائل القرآن سورةً سورةً، فرُوِّينا عن المؤمَّل بن إسماعيل: حدَّثني شيخٌ به، فقلت للشيخ: مَن حدَّثك؟ قال: حدَّثني رجل بالمدائن، وهو حيٌّ، فصرت إليه، فقلت: من حدَّثك؟ قال: حدَّثني شيخٌ بواسط، وهو حيٌّ، فصرت إليه، فقال: حدَّثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال: حدَّثني شيخ بعبَّادان، فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتًا، فإذا فيه قوم من المتصوِّفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدَّثني، فقلت: يا شيخ؛ من حدَّثك، فقال: لم يحدِّثني أحدٌ، ولكنَّا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث؛ ليصرفوا قلوبهم
[ج 2 ص 376]
إلى القرآن، انتهى.
وكلُّ من أودع حديث أُبيٍّ تفسيرَه _كالواحديِّ، والثعلبيِّ، والزمخشريِّ_ مخطئٌ في ذلك، لكنَّ من أبرز إسناده منهم؛ كالثعلبيِّ والواحديِّ؛ فهو أبسط لعذره؛ إذ أحال ناظرَه على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيانه إذا علم ذلك، كما هو معروف في علوم الحديث، وأمَّا من لم يبرز إسناده وأورده بصيغة جزمٍ؛ فخطؤه أفحش؛ كالزمخشريِّ، هذا إذا علم حاله، والله أعلم.

(1/9063)


[كيف نزول الوحي وأول ما نزل]
قوله: (بابٌ كَيْفَ نُزُولُ الْوَحْيِ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ): (بابٌ): منوَّن مرفوع، و (نزولُ): مرفوع من غير تنوينٍ؛ لأنَّه مضافٌ، و (أوَّل): مرفوع أيضًا.
قوله: (بَابُ نُزُولُ الوَحْيِ: قَالَ ابْنُ عبَّاس: الْمُهَيْمِنُ: الأَمِينُ، الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ): رأيت بخطِّ شيخ الإسلام البلقينيِّ ما نصُّه: (فائدة: أثر ابن عبَّاس رضي الله عنهما مطابقٌ لفضائل القرآن لا لترجمة الباب، والمراد بترجمة الباب: كيف كان زمان نزوله، وكيف كان المَلَك الذي يأتيه بالوحي، وهذا غير ما بدأ به البُخاريُّ كتابه)، انتهت.
==========
[ج 2 ص 377]

(1/9064)


[حديث: لبث النبي بمكة عشر سنين]
4978# 4979# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تَقَدَّم، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قال ابن الأثير في كتابه، وفي «التذهيب» في ترجمة شيبان هذا: قال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيدُ بنُ أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى، وقد تَقَدَّم، والله أعلم، و (يَحْيَى) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.
قوله: (لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ): هذه المسألة تَقَدَّمتُ، وهي لُبْثُه بمَكَّة بعد النُّبوَّة، وذكرت فيها ثلاثة أقوال؛ أحدها: هذا، والثاني: ثلاث عشرة، وهو الصحيح، والثالث: خمس عشرة، وهذا الخلاف مبنيٌّ على الخلاف في مدَّة حياته؛ فمن قال: عاش ستِّين؛ قال: أقام بعد النُّبوَّة عشر سنين، وبالمدينة عشرًا، وإقامته بالمدينة عشرًا لا خلافَ فيها، ومن قال: ثلاثًا وستِّين؛ وهو الصحيح المشهور؛ قال: أقام بمَكَّة بعد النُّبوَّة ثلاث عشرة، ومن قال: خمسًا وستِّين؛ قال: أقام بعد النبوَّة خمس عشرة، وقد ذكرت هذا كلَّه فيما مضى بزيادةٍ في سنِّه عَلَيهِ السَّلام مع جمع الإمام السهيليِّ بين الأقوال وجمع غيره.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).
[ج 2 ص 377]

(1/9065)


[حديث: أنبئت أن جبريل أتى النبي وعنده أم سلمة .. ]
4980# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبِي): هذا هو المعتمر بن سليمان بن طَرْخَان، وتَقَدَّم ضبط طرخان، وما معناه، و (أَبُو عُثْمَانَ) هذا: هو النَّهديُّ عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّم اللُّغات في (مَلٍّ)، وترجمة عبد الرَّحمن.
قوله: (أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ ... ) إلى آخره: هذا أسنده أبو عثمان في آخره إلى أسامة بن زيد، وقد ذكر هذا الحديث الإمام الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ في «أطرافه» في (مسند أسامة)، وذكره أيضًا في (مسند أمِّ سلمة)، وذكر أنَّه تَقَدَّم في (مسند أسامة)، إذا علمت ذلك؛ فاعلم أنَّ الحميديَّ قال: يصلح أن يكون في (مسند أمِّ سلمة)، وقد ذكره خلف وأبو مسعود في (مسند أسامة)، والله أعلم.
قوله: (وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة، المخزوميَّة، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها آخرُ أمَّهات المؤمنين وفاةً، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.
قوله: (هَذَا دِحْيَةُ): تَقَدَّم الكلام على دِحية ونسبه، وأنَّه بكسر الدال وتُفتَح، وما معنى (دِحية)، في أوَّل هذا التعليق، رضي الله عنه.
قوله: (قَالَ أَبِي): القائل ذلك هو المعتمر، و (أبوه): هو سليمان بن طَرْخَان.

(1/9066)


[حديث: ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر]
4981# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام أحد الأعلام والأجواد، و (سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة وضمِّها وكسرها، و (المقبرة): مثلَّثة الموحَّدة، و (أَبُوه): هو أبو سعيد كيسان المقبريُّ، عن عمر، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: ابنه سعيد وجماعة، تُوُفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة، قال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقد تَقَدَّم لم قيل له: المقبريُّ، وقال الواقديُّ: كان ثِقةً، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (إِلاَّ أُعْطِيَ مَا مِثْلُهُ): (أُعطِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مثلُه): مرفوع، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ): كذا هنا، قال ابن قُرقُول: (وفي بعض روايات «الصحيح»: «أومن عليه البشر»، وكتبه بعضهم: «ائتمن»، وكُلُّه [1] راجع إلى معنى الإيمان، وروى القابسيُّ: «أَمِن»؛ من الأمان، وليس موضعَه، وإنَّما معنى [الحديث] [2]: الإخبار أنَّ الله تعالى أيَّد كلَّ نبيٍّ بعثه من الآيات _يعني: المعجزات_ بما يُصَدِّق دعواه وتقوم به الحجَّة على من دعاه، إلَّا أنَّ الذي أوتيه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وحيٌ يتلى، ومعجزةٌ تدوم وتبقى)، انتهى، وفي معنى هذا الحديث أقوال أخر ذكرها القاضي عياض في «الشفا»، وقد ذكر في أوائل «الشفا» نحو هذا الكلام عن ابن فورك؛ فراجع «الشفا» إن أردت زيادةً.

(1/9067)


[حديث: أن الله تعالى تابع على رسوله قبل وفاته حتى توفاه]
4982# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَمْرُو بْنُ محمَّد): هذا تَقَدَّم أنَّه عمرو بن محمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان البغداديُّ الناقد الحافظ، نزل الرَّقَّة، عن هشيم، ومعتمر، وطبقتهما، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والفريابيُّ، والبغويُّ، تُوُفِّيَ في ذي الحجَّة سنة (232 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال أحمدُ: يتحرَّى الصدق، وقال أبو داود وغيره: ثِقةٌ، وقال ابن معين وقيل له: إنَّ خَلْقًا يقع في عمرٍو؛ فقال: ما هو من أهل الكذب، له ترجمة في «الميزان»، و (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي): هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، أبو يوسف، تَقَدَّم، و (أبوه): إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّما، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ): (أكثرَ): بالنصب، وهذا ظاهرٌ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).
[ج 2 ص 377]

(1/9068)


[حديث: اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة ... ]
4983# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتَقَدَّم (سُفْيَانُ) بعده: أنَّه الثوريُّ، و (جُنْدُبٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الدال وفتحها، وأنَّه ابن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ ثُمَّ العلقيُّ، تَقَدَّم في (التفسير) في (الضحى)، والله أعلم.
قوله: (فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ): تَقَدَّم في {والضحى} الاختلاف في المدَّة المتروك فيها القيام.
قوله: (فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ؛ مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ): هذه المرأة تَقَدَّم الكلام عليها في (باب ترك القيام للمريض) في (الصلاة)، وذكرت فيها أقوالًا، وهذا الكلام لا أعلم أنَّه يصحُّ عن مؤمنةٍ، ولو تكلَّم بهذا مؤمنة _والعياذ بالله_؛ كان ردَّةً، وقد ذُكِر عن أمِّ جَمِيل زوجِ أبي لهب، كما ذكره الحاكم في «مستدركه» في (الضحى)، وهذا مناسب لحالها وهي حمَّالة الحطب، وقد ذكرت كلامًا على أمِّ جَمِيل، واسمها، ونسبها.

(1/9069)


[باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب]
قوله: (بابٌ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ): ساق ابن المُنيِّر ما في الباب على عادته ثُمَّ قال: (حديث يعلى أقعد بالترجمة المتَقَدَّمة التي ضمَّنها نزولَ الوحي مطلقًا، وهذه خصَّها بالقرآن، فكأنَّه قصد التنبيه على أنَّ القرآن والسنة كليهما وحيٌ واحدٌ، ولسانٌ واحدٌ)، انتهى، وقد ذكر هذا ابن بطَّال قبله، وحديث يعلى هو الذي فيه: (ثُمَّ سرِّي عنه، فقال: «أين السائل عن العمرة آنفًا ... »)؛ الحديث.
تنبيه: قد رأيت بخطِّ شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ ما لفظه: (فائدة: قوله: «والعرب»: مُتَعقَّبٌ بأنَّ القرآن إنَّما نزل بلسان قريش كما ... ) وقطع الكلام بعدَه، ويدلُّ لما قاله شيخنا قول عثمان في الباب: (إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ؛ فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ)، والله أعلم.

(1/9070)


[حديث: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية ... ]
4984# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.
قوله: (وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ): تَقَدَّم الكلام على هذه الواو قريبًا وبعيدًا لأيِّ شيء أتى بها ابنُ شهابٍ الزُّهريُّ.
==========
[ج 2 ص 378]

(1/9071)


[حديث: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ... ]
4985# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العوْذيُّ الحافظ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ [1]: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، و (فلان) المُسنَد إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه مثلُ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في المذاكرة غالبًا، و (يَحْيَى) بعد مُسَدَّد: هو ابن سعيد القطَّان، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي رَباح، وقَدَّم السند الأوَّل؛ لأنَّه أعلى برَجُلٍ، فإنَّه بين البُخاريِّ وبين عطاء اثنان في الأوَّل وثلاثةٌ في الثاني، و (صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى): تَقَدَّم، وكذا والده (يَعْلَى بنُ أُمَيَّة)، صَحابيٌّ مشهور رضي الله عنه، وهو أبو خلف، ويقال: أبو صفوان يعلى بن أُمَيَّة بن أبي عبيدة _واسمه عبيد، ويقال: زيد_ ابن همَّام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ويُعرَف بابن مُنْيَة، وهي أمُّ يعلى، ويقال: جدَّته، تَقَدَّم.
قوله: (حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ويجوز بناؤه للفاعل، وبهما ضُبِط في أصلنا.
قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّمتْ بلغتيها؛ التشديد والتخفيف، وأين هي، و (أُظِلَّ) [2]: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّم الكلام على (الرَّجل)، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: (اسمه عطاء، كما تَقَدَّم في «الحج») انتهى، وما وقع فيه للقاضي عياض، وما هو الصحيح في ذلك، وعلى (مُتَضَمِّخ)، وعلى (يَغِطُّ)، وما الغطيط، وأنَّه صوت يُخرِجه النائم مع نَفَسه، وعلى (سُرِّيَ)، وأنَّه بالتخفيف والتشديد، وعلى (آنِفًا)، وأنَّه بالمدِّ والقصر؛ ومعناه: الآن والسَّاعة.
قوله: (فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ): (التُمِس)؛ بضمِّ التاء، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجلُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): تَقَدَّم الكلام عليه؛ كلُّ ذلك في (الحج).

(1/9072)


[باب: جمع القرآن]

(1/9073)


[حديث: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن]
4986# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام على هذه النسبة لماذا، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ بْن السَّبَّاقِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح السين المهملة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره قافٌ.
قوله: (مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ وقعة اليمامة كانت في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة في خلافة الصِّدِّيق، وتَقَدَّم الكلام على (اسْتَحَرَّ).
قوله: (وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على الذين كتبوا لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الوحيَ والرسائلَ في (باب الشروط) في (الجهاد)، وذكرت هناك أنَّ المداوم عليها زيدٌ، وبعد الفتح زيدٌ ومعاويةُ، قاله غير واحد من الحُفَّاظ.
قوله: (مِنَ الْعُسُبِ): تَقَدَّم أنَّه جمع (عسيب) في (سورة براءة)، قال الدِّمْياطيُّ: (والعُسُب: جريد النخل، كانوا يكشطون خوصها، ويتَّخذونها عِصِيَّ، وكانوا يكتبون في طرفها العريضِ)، انتهى.
قوله: (وَاللِّخَافِ): هو بكسر اللَّام، وبالخاء المعجمة المُخَفَّفة، وفي آخره فاءٌ، قال الدِّمْياطيُّ: (حجارةٌ بيضٌ رِقاقٌ، واحدها: لخْفة).
قوله: (وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّم في (سورة التوبة) الكلام عليه مترجمًا، ومتى تُوُفِّيَ، وسيأتي في باطنها الكلام عليه من عند الدِّمْياطيِّ، وتَقَدَّم أنَّ صاحب آية (الأحزاب): هو خزيمة بن ثابت، وأنَّ صاحب آخر (التوبة) أبو خزيمة، واختلافهم في ذلك، والله أعلم.
قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ): (غيرِه): بالجرِّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/9074)


[حديث: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب]
4987# 4988# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيلَ [1]): تَقَدَّم أعلاه، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.
قوله: (وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ): (أهلَ): منصوب مفعول، وكذا هو منصوب في أصلٍ صحيحٍ، ولفظ التِّرْمِذيِّ يوضِّح هذا الإعراب.
قوله: (فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ): هي بكسر الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء، قال ابن قُرقُول: («إِرْمِيْنِيَة»: بكسر الهمزة وتخفيف الياء، لا غير، سُمِّيَت بإرمين بن لمطي بن لَوْمَن بن يافث بن نوح، وهو أوَّل من نزلها، وقال الجوهريُّ: «إِرْمِيْنِيَة»؛ بكسر الهمزة: كورة بناحية الروم، والنسبة إليها: إِرْمَنِيِّ؛ بفتح الميم، وقال النوويُّ في «الإشارات على الروضة»: الإِرمِني؛ بكسر الهمزة والميم: منسوب إلى إِرمينيَة؛ بكسر الهمزة وتخفيف الياء: ناحية معروفة)، انتهى، وقال ابن الصلاح في «مشكله» مثله، وزاد بأنَّ مدينة خِلاط
[ج 2 ص 378]
منها، وما قاله ابن الصلاح والنوويُّ مخالف لكلام الجوهريِّ في كسر الميم، وكأنَّهما راعيا القياس، ولم يستحضرا المنقول، وقال شيخنا: («إرمينية»؛ بكسر أوله _وفَتَحَه ابن السمعانيِّ_ وتخفيف الياء، قال أبو الفرج: ومن ضمَّ الهمزة؛ فقد غلط، وبكسرها قرأته على أبي منصور اللُّغويِّ، وافتُتِحَت سنة تسع وعشرين _كما قاله الرشاطيُّ_ في خلافة عثمان على يد سلمان بن ربيعة الباهليِّ)، انتهى.

(1/9075)


قوله: (وَأَذْرَبِيجَانَ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الهمزة، وسكون الذال؛ يعني: المعجمة، قال: وفتح الراء، وكسر الباء، مع قصر الهمزة، هذا هو المشهور، ومدَّ الأصيليُّ والمهلَّب الهمزةَ؛ يعني: مع فتح الذال، قال: وفتح عبد الله بن سليمان وغيره الباء، وحكى فيه مكيٌّ: «إِذربيجان»، قال: والنسب إليه: «أَذَرِيٌّ» على غير قياسٍ، وعن المهلَّب: «آذرِيْبَجان»؛ بالمدِّ، وكسر الراء، بعدها ياءٌ ساكنةٌ مثنَّاة، بعدها باءٌ مفتوحةٌ، قال ابن الأعرابيِّ: كلام العرب: «أَذْربيجان»، هو اسم اجتمعت فيه أربعُ موانعَ من الصرف: العجمة، والتعريف، والتَّأنيث، والتركيب)، انتهى، وقال شيخنا: («وأذربيجان»: بفتح أوله، بالقصر والمدِّ، وكسر الهمزة أيضًا، حكاه ابن مكيٍّ في «تنقيبه»، بلدٌ بالجبال من بلد العراق، يلي كور إرمينية من جهة المغرب)، انتهى.
قوله: (فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ): (حذيفة): منصوب مفعول، و (اختلافُهم): مرفوع فاعل (أفزع)، وهذا ظاهرٌ، والذي أفزع حذيفة من اختلاف ألفاظ القرآن، قال بعضهم: (فإنَّه كان أُبِيح للعرب أن يقرأ كلُّ حيٍّ بلغتهم)، انتهى، كذا قاله بعضهم، والله أعلم، وسيجيء قريبًا في قوله: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) ما قاله المازري في ذلك.
قوله: (أَدْرِكْ): بفتح الهمزة وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى): (اختلافَ): منصوب؛ أي: كاختلاف.
قوله: (أَنْ أَرْسِلِي): (أنْ): بفتح الهمزة، وسكون النون، و (أرسلي) [2]؛ بفتح الهمزة، رُباعيٌّ.
قوله: (نَنْسَخهَا): يجوز فيه الجزم جواب الأمر، ويجوز رفعه، وبالرفع هو مضبوط في أصلنا.
قوله: (فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ... ) إلى آخره: ذَكَر فيه أربعةَ رجال، وفي «المقنع» لأبي عمرو الدانيِّ بسنده إلى أنس بن مالك ... ؛ فذكر قصَّة الجمع الثاني، وفيه: فأرسل عثمان إلى زيد بن ثابت، وإلى عبد الله بن عمرو بن العاصي، وإلى عبد الله بن الزُّبَير، وإلى [3] ابن العبَّاس، وإلى عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، ثُمَّ ذكر بإسناده الأربعة الذين في «البُخاريِّ»، فاجتمع من الروايتين خمسة رجال، والله أعلم، والروايتان في «المقنع»؛ رواية البُخاريِّ والرواية التي فيها عبد الله بن عمرو بن العاصي.

(1/9076)


قوله: (وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق في (كتاب العلم) كم كُتِبَت نسخة مع الاختلاف في ذلك، وإلى أين أُرسِلَت كلُّ نسخةٍ؛ فانظره، و (الأُفُق)؛ بضمِّ الهمزة والفاء وتُسكَّن: الناحية، والجمع: الآفاق.
قوله: (أَنْ يُخْرَق): هو في أصلنا بالخاء المعجمة، وفي نسخة في هامشه: بالحاء المهملة، قال ابن قُرقُول: (كذا للمروزيِّ، وللجماعة بالخاء المعجمة، والأوَّل أعرف، قال القابسيُّ: وهو الذي أَعرِف، وقد روي عن الأصيليِّ الوجهان، وقد يُحرَق بعد التمزيق)، انتهى.
تنبيه: لو وَجَد إنسانٌ اسمًا شريفًا معظَّمًا في ورقة ملقًى على الطريق؛ فعليه رفعها، وهل الأَولى تفرقة حروفه وإلقاؤه، أو غسله، أو جعله في حائط؟ قال العلامة عزُّ الدين ابن عبد السلام من الشافعيَّة: الأَولى غسله؛ لأنَّ المجعول في الجدار معرَّض لِأَنْ يسقط، فيستهان، انتهى، وقد رأيت فتوى صورتها: في مصحف بَلِيَ ولم يَصلُح للقراءة فيه؛ ماذا يُصنَع فيه؟ فكتب بعض فضلاء الحنفيَّة _ممَّن قرأت عليه درسًا واحدًا في «تصريف العزِّي» _: فيها أربعة آراء للحنفيَّة، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ... ) إلى آخره: يعني: بالسند المتَقَدِّم؛ وهو موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه، و (ابن شهاب): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وقد أخرجه البُخاريُّ أيضًا في (الجهاد)، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.
قوله: (فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ): قال الدِّمْياطيُّ: (أبو عمارة خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاريُّ الأوسيُّ الخطميُّ، وخزيمة هذا معروف بذي الشهادتين، أجاز رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم شهادته بشهادتين؛ لأنَّه شهد بتصديق النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في ابتياع الفرس حين باعه صاحبُه، شهد صفِّين مع الفئة الباغية، ثُمَّ سلَّ سيفه فقاتل حتَّى قُتِل، وكانت صفِّين سَنةً سبع وثلاثين، وشهد أحُدًا وما بعدها)، انتهى، وقد قدَّمتُ الاختلاف في الفرس التي ابتاعها صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ومَنِ البائع فيما تَقَدَّم في (سورة الأحزاب).

(1/9077)


[باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله: (بابُ كَاتِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم في (الشروط في الجهاد) من كتب له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وذكرت هناك وبعده أنَّ غير واحد من الحُفَّاظ قال: المواظب على الكتابة زيدُ بن ثابت ومعاويةُ، كذا قالوا، وينبغي أن [1] يُقيَّد في معاوية بـ (بعد الفتح)؛ لأنَّه من مسلمة الفتح.
==========
[1] زيد في (أ): (في)، ولعلَّ الصواب حذفها.
[ج 2 ص 379]

(1/9078)


[حديث: إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله فاتبع القرآن]
4989# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْثَ): هو ابن سعد، وأنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (ابْنُ السَّبَّاق): عبيد، تَقَدَّم قريبًا ضبط أبيه، وقدَّمتُ بعض ترجمته قبل ذلك.
قوله: (مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة التوبة)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجَّار بن تيم اللَّات، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان، وليس له عقب، وأخوه أبو محمَّد مسعود بن أوس، زعم أنَّ الوترَ واجبٌ، شهد بدرًا وما بعدها، ومات في خلافة عمر رضي الله عنه، وليس له عقبٌ، وقيل: إنَّه شهد صفِّين مع عليٍّ، انتهى.
قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ): (غيرِ)؛ بالجرِّ، وقد تَقَدَّم قريبًا.
==========
[ج 2 ص 379]

(1/9079)


[حديث: ادع لي زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف]
4990# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاءُ): هو ابن عَازب، وتَقَدَّم أنَّ عَازبًا صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (ادْعُ لِي زَيْدًا): تَقَدَّم أنَّه زيد بن ثابت، وكذا تَقَدَّم الكلام على (الْكَتِفِ) في (سورة النساء)، وكذا على (ابْن أُمِّ مَكْتُومٍ) فيها.
قوله: (فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا): تَقَدَّم أنَّ جبريل صعد وهبط قبل جفاف القلم، قاله مالك، ذَكَرتُه في (سورة النساء).
==========
[ج 2 ص 379]

(1/9080)


[باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف]

(1/9081)


[حديث: أقرأني جبريل على حرف فراجعته]
4991# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وأنَّ (اللَّيْثَ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بعده: هو ابن عتبة بن مسعود.
[ج 2 ص 379]
قوله: (حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ): سيأتي الكلام على هذه الأحرف قريبًا.

(1/9082)


[حديث: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه]
4992# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، مع (اللَّيْثُ)، مع (عُقَيْلٌ)، مع (ابْن شِهَاب)، قُبيل هذا؛ فانظره.
قوله: (أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (المِسْوَر)؛ بكسر الميم، وإسكان السين المهملة، وأنَّه صَحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ (مَخْرَمة) والدَه صَحابيٌّ أيضًا، وَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بتشديد الياء، منسوب إلى القارة، وقد تَقَدَّم أنَّ عَضلًا والقارة ابنا يَيْثع بن الهَوْن بن خزيمة بن مدركة، وقيل في نسبه غيرُ ذلك، قال أبو داود: أُتي به النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو طِفْل، روى عن عمر، وأبي طلحة، وأبي أيُّوب، وغيرهم، وعنه: السائب بن يزيد وهو من أقرانه، وعروة بن الزُّبَير، والأعرج، وابن شهاب الزُّهريُّ، وجماعة، وثَّقه ابن معين، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ بالمدينة سنة ثمانين، وله ثمان وسبعون سَنةً، أخرج له الجماعة.
قوله: (أُسَاوِرُهُ): هو بضمِّ الهمزة، وسين مهملة، وبعد الألف واو مكسورة، ثُمَّ راء، ثُمَّ هاء الضمير، قال ابن قُرقُول: (قال الحربيُّ: آخُذُ برأسِه، وقال غيره: أُواثِبُه؛ وهو أشبه بمساق الحديث، ورواه بعضُهم عن القابسيِّ: «أثاوره»، والمعروف بالسين)، انتهى.
قوله: (فَلَبَّبْتُهُ): تَقَدَّم أنَّه يقال بالتشديد والتخفيف، والتخفيف أعرفُ، قاله ابن قُرقُول، واقتصر الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم» في هذا الحديث على التشديد فقط، وقد قدَّمتُ ضبطَه ومعناه.
قوله: (بِرِدَائِهِ): وجاء في بعض طرقه: (بردائي)، ويُجمَع بينهما بأنَّ التلبيب وقع بالرداءين جميعًا، والله أعلم.
قوله: (أَرْسِلْهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ): قال العلماء: سبب إنزاله على سبعة أحرف التخفيفُ والتيسيرُ، ولهذا قال في رواية: «هوِّنْ على أمَّتي»، انتهى، ذكر شيخنا هنا عن أبي حاتم بن حِبَّان: أنَّه ذَكَر في قوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أُنزل القرآن على سبعة أحرف» خمسةً وثلاثين قولًا، انتهى، قال الزَّكيُ عبد العظيم: (لكنَّ جمهورَها لا يُختار)، انتهى.

(1/9083)


واختلف العلماء في المراد بـ (سبعة أحرف)؛ قال القاضي عياض: قيل: هو توسعةٌ وتسهيلٌ لم يقصد به الحصْرَ، قال: وقال الأكثرون: هو حصرٌ للعدد في سبعةٍ، ثُمَّ قيل: في سبعة من المعاني؛ كالوعد والوعيد، والمحكم والمتشابه، والحلال والحرام، والقصص والأمثال، والأمر والنهي، ثُمَّ اختَلَف هؤلاء في تعيين السبعة.
وقال آخرون: هي في صورة التلاوة، وكيفية النطق بكلماتها؛ من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة، ومدٍّ؛ لأنَّ العرب كانت مختلفةَ اللُّغات في هذه الوجوه، فيسَّر الله عليهم؛ ليقرأَ كلُّ إنسان بما يُوافق لغته، ويسهل على لسانه، وقال آخرون: هي الألفاظ والحروفُ، وإليه أشار ابن شهاب بما رواه عنه مسلم في «الكتاب»؛ يعني: «صحيحه»، ثُمَّ اختَلَف هؤلاء؛ فقيل: سبع قراءات وأوجه، وقال أبو عُبيد: سبع لغات للعرب يَمَنِها ومَعَدِّها، وهي أفصح اللُّغات وأعلاها، وقيل: السبعة كلُّها لمضر وحدها، وهي متفرِّقة في القرآن، غير مجتمعة في كلمة واحدة، وقيل: بل هي مجتمعة في بعض الكلمات؛ كقوله تعالى: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: 60]، و {نَرْتَعِ وَنَلْعَبْ} [يوسف: 12]، و {بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19]، و {بِعَذَابٍ بَيْئَسٍ} [الأعراف: 165]، وغير ذلك.
قال ابن البلاقلانيِّ: الصحيح أنَّ هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وضبطتها عنه الأُمَّة، وأثبَتَها عثمان والجماعة رضي الله عنهم، وأخبروا بصحَّتها، وإنَّما حذفوا عنها ما لم يثبت متواترًا، وأنَّ هذه الأحرف تختلف معانيها تارةً، وألفاظُها أخرى، وليست متضادَّة ولا متنافية، وذكر الطحاويُّ: أنَّ القراءة بالأحرف السبعة كانت في أوَّل الأمر خاصَّة للضرورة؛ لاختلاف لغة العرب، ومشقَّة أخذ جميع الطوائف بلغةٍ، فلمَّا كثر الناس والكُتَّاب، وارتفعت الضرورة؛ عادت إلى قراءةٍ واحدةٍ.
قال الداوديُّ: وهذه القراءات السبع التي يقرأ بها الناسُ اليوم ليس كلُّ حرف منها هو أحدَ تلك السبعة، بل قد تكون مفرَّقةً فيها، وقال ابن أبي صُفرة: هذه القراءات السبع إنَّما شُرِعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث، وهذا الذي جَمَع عثمانُ رضي الله عنه المصحفَ، وقد ذكره النَّحاس وغيره.

(1/9084)


وقال غيره: لا يمكن القراءة بالسبعة المذكورة في الحديث في ختمة واحدة، ولا يُدرَى أيُّ هذه القراءات آخرُ العَرْض على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكلُّها مستفيضةٌ عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ضبطتها [1] عنه الأمَّة، وأضافت كلَّ حرف منها إلى من أُضِيفَت إليه من الصَّحابة رضي الله عنهم؛ أي: أنَّه كان أكثر قراءته به، كما أُضِيفَت كلُّ قراءة منها إلى من أختار القراءة بها من القرَّاء السبعة وغيرهم.
قال المازريُّ: وأمَّا قول من قال: إنَّ المراد سبعة معانٍ مختلفةَ الأحكام، والأمثال، والقصص؛ فخطأٌ؛ لأنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أشار إلى جواز القراءة بكلٍّ واحد من الحروف، وإبدال حرف بحرف، وقد تقرَّر إجماع المسلمين أنَّه يُحرُم [إبدال] آية أمثال بآية أحكام، قال: وقول من قال: المراد: خواتيم الآي، فيجعل مكان {غَفُورٌ رَّحِيمٌ}: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ}؛ فأشدُّ أيضًا؛ للإجماع على منع تغيير القرآن للناس، هذا مختصر ما نقله القاضي عياض في المسألة، انتهى كلام النووي رحمهما الله.
وقد استفدنا من كلام الطَّحاويِّ، وابن أبي صفرة، وكذا قالة النحاس وغيره _كما هو مذكور فيما تَقَدَّم_: أنَّ الذي يقرؤه الناس اليوم إنَّما هو حرف واحد من السبعة، وكذا في آخر «المقنع» لأبي عمرو الدَّانيِّ: (أنَّ أبا بكر كان قد جمعه أوَّلًا على السبعة الأحرف التي أَذِن الله عزَّ وجلَّ للأمَّة في التلاوة بها، ولم يخصَّ حرفًا بعينه، فلمَّا كان زمن عثمان؛ وقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشَّام في القراءة، فأعلمه حذيفةُ بذلك، رأى هو ومن حضره من الصَّحابة أن يجمع الناس على حرف واحد من تلك الأحرف، وأن يسقط ما سواه، فيكون ذلك ممَّا يرتفع به الاختلاف، ويُوجِب الاتفاق ... ) إلى آخر كلامه، وذكر فيه أيضًا قولًا آخر، وقد ذكر في أوَّل «المقنع» أنَّه حرف زيد بن ثابت، وذكر في آخر «المقنع» سؤالًا وجوابه، وهو مفيدٌ؛ فانظره.

(1/9085)


ورأيت أيضًا في «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ في ترجمة زيد بن ثابت ما لفظه: فلمَّا اختلف الناس في القراءة زمن عثمان، واتَّفق رأيه ورأيُ الصَّحابة أن يُرَدَّ القرآنُ إلى حرف واحد؛ وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يُملَّ المصحفَ على قوم من قريش جَمَعَهم إليه، فكتبوه على ما هو اليوم بأيدي الناس، والأخبارُ بذلك متواترة المعنى وإن اختلفتْ ألفاظُها، انتهى، والله أعلم، ومثله في «التمهيد» لابن عبد البَرِّ، وفي كلامه ما يشبه أن يكون ذلك متَّفق عليه، والله أعلم.
وقد رأيت في كلام ابن قيِّم الجوزيَّة في «إغاثة اللَّهفان» ذلك، ولفظه: (ومن ذلك _أي: ومن سدِّ الذريعة_ جمعُ عثمانَ الأمَّةَ على حرفٍ واحدٍ من الأحرف السبعة؛ لئلَّا يكون اختلافهم في القرآن، ووافقه على ذلك الصَّحابة رضي الله عنهم أجمعين).
[ج 2 ص 380]
==========
[1] في (أ): (وضبطها)، والتصحيح من الموضع الشابق.

(1/9086)


[باب تأليف القرآن]
قوله: (بابُ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ): اعلم أنَّ ترتيبَ السُّور: هل هو من فعله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أو من اجتهاد المسلمين؟ قولان؛ الثاني أصحُّ، مع احتمالهما، وتأوَّلوا النهي عن تلاوة القرآن منكوسًا على من يقرؤه من آخر السورة إلى أوَّلها، وقيل: هو أن يبدأَ من آخر القرآن، فيقرأ السورة، ثُمَّ يرتفع إلى (البقرة).
وأمَّا ترتيب الآي؛ فلا خلاف أنَّه توقيفٌ من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف، والله أعلم، ذكر هذه المسألة القاضي عياض كما نقله عنه النوويُّ في «شرح مسلم» في (باب استحباب تطويل القراءة في صلاة اللَّيل) مطوَّلة، فإن أردت زيادة؛ فسارع إلى «شرح مسلم» إمَّا للقاضي وإمَّا للنوويِّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمتْ أيضًا في أوَّل (التفسير) مختصرةً.

(1/9087)


[حديث: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل]
4993# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.
قوله: (وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ): قائل هذا هو ابن جُرَيج، وقد قدَّمتُ هذه الواو؛ ما الحكمة في الإتيان بها، غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّم الكلامُ على (ماهَك)، وأنَّ الهاء مفتوحة، ولا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، ووقع في أصلنا مصروفًا بالقلم، وقد عُمِل أيضًا غير مصروف، فصار هنا بهما.
قوله: (إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ): هذا العراقيُّ لا أعرف اسمه.
قوله: (لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ): قال شيخنا: (أراد العراقيُّ تأليف القرآن على ما نزل أوَّلًا فأوَّلًا، يُقرأ المَكِّيُّ قبل المدنيِّ، والقرآن ألَّفه عَلَيهِ السَّلام عن جبريل، كما تَقَدَّم).
قوله: (أَيُّهُ [1] قَرَأْتَ): (أيُّ): مرفوعة فاعل (يضيرُ) [2]، والكاف مفعول، وفي رواية في هامش أصلنا: (أيَّةً): بتشديد المثنَّاة تحت، منصوبة منوَّنة، وفي النصب نظرٌ.
قوله: (سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ): هذه السورة المشار إليها هي (المدَّثِّر)، والمشهور أنَّ أوَّل ما نزل من القرآن: {اقْرأْ ... } إلى {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]، وقد تَقَدَّم الاختلاف في ذلك في أوَّل هذا التعليق، وقدَّمتُ بعده الاختلاف في (المفصَّل)، وذكرت فيه عَشَرة أقوال، والأصحُّ أنَّه من (الحجرات) إلى آخر القرآن، وأنَّه إنَّما سُمِّي مُفَصَّلًا؛ لكثرة فصوله، أو لقلَّة المنسوخ فيه، والله أعلم.
قوله: (ثَابَ النَّاسُ): هو بالثاء المثلَّثة في أوَّله، وفي آخره مُوَحَّدَة؛ أي: اجتمعوا.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أَيَّهُ).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرِّ، والأصيليِّ، وأبي الوقت، وروايةُ «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يضرُّ).
[ج 2 ص 381]

(1/9088)


[حديث: قال ابن مسعود في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه ... ]
4994# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي إياس العسقلانيُّ، و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبعيُّ، و (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ) بعده: هو النَّخَعيُّ، أبو بكرٍ الكوفيُّ، يروي عن عمِّه علقمة، وعن عثمان وابن مسعود، وعنه: منصور، والأعمش، وأبو إسحاق، وعدَّة، مات قبل الجماجم، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقد تَقَدَّم مترجمًا، ولكن طال العهد به.
قوله: (إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سبحان)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي).
==========
[ج 2 ص 381]

(1/9089)


[حديث: تعلمت {سبح اسم ربك} قبل أن يقدم النبي]
4995# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): تَقَدَّم أنَّه ابن عازب، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ.
==========
[ج 2 ص 381]

(1/9090)


[حديث: كان النبي يقرؤهن اثنين اثنين في كل ركعة]
4996# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبٌ له، و (أبو حَمْزَة): تَقَدَّم أنَّه بالحاء المهملة والزاي، وأنَّ اسمه محمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامِه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (شَقِيق): هو ابن سلمة، أبو وائلٍ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، وكلُّ هذا واضح، وقد تَقَدَّموا مترجَمِين.
قوله: (قَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهُنَّ آيَتَيْنِ آيَتَيْنِ [1]): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (اثنتين اثنتين)، وهذه هي الجادَّة؛ لقوله فيما مضى: (لقد عرفتُ النظائر التي كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقرُنُ بينهنَّ)، فذكر عشرين سورة من المفصَّل؛ سورتين في ركعة، وقد ذكرت السور العشرين من عند «أبي داود» في (باب الجمع بين السورتين في ركعة)، وذكرت معنى (النظائر)، ثُمَّ إنَّي نظرت في نسخة صحيحة ذَكَر فيها ثلاث روايات؛ هاتين الروايتين و (اثنين اثنين)؛ فصار فيها ثلاث روايات، والله أعلم.
قوله: (آخِرُهُنَّ الْحَوَامِيمُ): كذا قال، وقد تَقَدَّم الكلام على قول الناس: (الحواميم) في (سورة المؤمن)، وذكرت كلام الجوهريِّ في نسبة (الحواميم) إلى العامَّة، وأنَّه ليس من كلام العرب ... إلى أن قال: (والأَولى أن تُجمَع بـ «ذوات حاميم»)، وذكرتُ في الردِّ عليه هذا المكان وغيره.

(1/9091)


[باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي ... ]
قوله: (بابٌ: كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فيه تصريح بأنَّ الذي كان يقرأُ جبريلُ، ورسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يسمعُ، وهذا يأتي بعد هذا الباب من حديث أبي هريرة: (كان يعرض على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم القرآن كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرض عليه مرَّتين في العام الذي قُبِضَ فيه)، والذي كنت أفهمه: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كان يقرأُ على جبريلَ في رمضان ما نزل من القرآن في كلِّ سنةٍ مرَّةً، وفي سنة وفاته قرأه عليه مرَّتين، ويشهد لهذا الفهم ما يأتي بُعيد التبويب: (يعرض عليه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم القرآنَ)، وقد تَقَدَّم في (الصوم)، أمَّا في حالة الإنزال؛ فجبريل كان القارئَ، ورسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم المستمع، فإذا انصرف جبريلُ؛ قرأه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.
وقال ابن قُرقُول كلامًا فيه حجَّة لما بوَّبه البُخاريُّ، فإنَّه قال: (قولُه: «كان يعرض عليه القرآن»، و «يعارضه القرآن»: يقرأ عليه، والعرض على العالم: قراءتك عليه في كتابك)، وفي «النِّهاية»: (ومنه الحديث: أنَّ جبريل عَلَيهِ السَّلام كان يعارضه القرآن في كلِّ سنة مرَّةً، وأنَّه عارضه العامَ مرَّتين؛ أي: كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، مِنَ المعارَضة: المقابَلة، ومنه عارضتُ الكتاب بالكتاب؛ إذا قابلتَه به) انتهى، والجمع بين الروايتين: أنَّ جبريل تارةً كان يقرأ على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وتارة يقرأ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على جبريل هذا الذي نزل من القرآن، لا جميعه؛ لأنَّه نزل مُنَجَّمًا، وعبارة ابن الأثير مصرِّحة بذلك، وقد سألني بعضُ أئمَّة الحنفيَّة بحلبَ عن ذلك سؤالَ استفادةٍ، فقلت: الذي نزل منه فقط، لا كلُّه، وأخرجتُ له كلام ابن الأثير.
قوله: (كَانَ يُعَارِضُنِي): تَقَدَّم معناه في ظاهرها.
قوله: (وَلاَ أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي): (أُراه): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.
==========
[ج 2 ص 381]

(1/9092)


[حديث: كان النبي أجود الناس بالخير.]
4997# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الزَّاء، وبسكونها، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.
[ج 2 ص 381]
قوله: (وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي [1] رَمَضَانَ): (أجود): هنا بالرفع بلا خلاف، والخلاف إنَّما هو في قوله: (وكان أجود)، وقد قدَّمتُ أنَّ الراجحَ هناك الضَّمُّ، في أوَّل هذا التعليق، وفي (الصوم).
قوله: (يَعْرِضُ عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله، وكسر الراء، وتَقَدَّم قريبًا معنى (العرض)، وكذا يأتي قريبًا: (كان يعرِض).
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (شَهْرِ)، وحذفها موافق لرواية (ح 3554).

(1/9093)


[حديث: كان يعرض على النبي القرآن كل عام مرة]
4998# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا هو ابن عيَّاش، تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا (أَبُو حَصِينٍ) أنَّه بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، واسمه عثمان بن عاصم، وقدَّمتُ مرارًا أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُوهُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
==========
[ج 2 ص 382]

(1/9094)


[باب القراء من أصحاب النبي]
قوله: (بابُ الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كتبَ تجاهَهُ الحافظ الدِّمْياطيُّ _وهو إمام في القراءة، قرأ على الكمالِ الضريرِ السَّبعَ، وقرأ الضَّرير على الشاطبيِّ_ ما لفظه: (قراءةُ ابن كثير ونافع وأبي عمرو راجعة إلى أُبيٍّ، وقراءة ابن عامر راجعة إلى عثمان بن عفَّان، وقراءة عاصم وحمزة والكسائيِّ إلى عثمان، وعليٍّ، وابن مسعود)، انتهى.
وقالَ الدانيُّ في أوائلِ «التيسيرِ» ما ملخَّصهُ: إنَّ قراءةَ نافعٍ تنتهي إلى أبي هريرةَ، وابنِ عبَّاسٍ، وعبدِ الله بن عيَّاش بن أبي ربيعة عن أُبيِّ بن كعب، عنه عَلَيهِ السَّلام، وإنَّ قراءة ابن كثير: رجاله عبد الله بن السائب المخزوميِّ الصحابي، ومجاهد، ودِرْبَاس مولى ابن عبَّاس، وأخذ عبد الله عن أُبيٍّ، ومجاهدٌ، ودِرْبَاسٌ عن ابن عبَّاس، عن أُبيِّ وزيد بن ثابت، عنه عَلَيهِ السَّلام.
وقراءة أبي عمرو: رجاله مجاهد، وابن جُبَير، وعكرمة بن خالد، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن كثير، ومحمَّد بن عبد الرَّحمن بن مُحَيصن، وحميد بن قيس الأعرج، ويزيد بن القعقاع، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نِصاح، والحسن البصريُّ، ويحيى بن يعمر، وغيرهما، وأخذ هؤلاء عمن تَقَدَّم من الصَّحابة.
وقراءة ابن عامر: رجاله أبو الدرداء، والمغيرة بن أبي شهاب، فأبو الدرداء عنه عَلَيهِ السَّلام، والمغيرة عن عثمان عنه عَلَيهِ السَّلام.
وقراءة عاصم: رجاله أبو عبد الرَّحمن السُّلميُّ وزرُّ بن حبيش، وقرأ السُّلميُّ على عثمان، وعليٍّ، وأُبيٍّ، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، عنه عَلَيهِ السَّلام، وزرٌّ عن عثمان وابن مسعود عنه عَلَيهِ السَّلام.
وحمزة عن الأعمش، ومحمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وحُمران بن أعين، وأبي إسحاق السَّبِيعيِّ، ومنصور بن المعتمر، ومغيرة بن مقسم، وجعفر الصادق، وغيرهم.
وأخذ الأعمش عن يحيى بن وثَّابٍ، ويحيى عن جماعة من أصحاب ابن مسعود: علقمة، والأسود، وعُبِيد بن نضيلة، وزرُّ بن حبيش، وأبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ، وغيرهم عن ابن مسعود، عنه عَلَيهِ السَّلام.
وقرأ الكسائيُّ على حمزة الزَّيَّات، وعيسى بن عمر، ومحمَّد بن أبي ليلى، وغيرهم من مشيخة الكوفيِّين غير أنَّ شاذَّة قراءته، واعتماده في اختياره على حمزة، وقد ذكرتُ اتصال قراءته، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 382]

(1/9095)


[حديث: خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود ... ]
4999# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن مرَّة، تَقَدَّم، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخعيُّ.
قوله: (ذَكَرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ): أمَّا (عبد الله بن عمرو)؛ فهو ابن العاصي، وإنَّما نسبتُه؛ لأنَّ في الصَّحابة جماعةً يقال لكلٍّ منهم: عبد الله بن عمرو، وقد ذكرتُ عددهم فيما مضى، وهو مرفوع؛ لأنَّه الذاكر، و (عبدَ الله بن مسعود): منصوب مفعول؛ لأنَّه المذكور.
قوله: (خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ): فذكر منهم: سالمًا؛ وهو سالم مولى أبي حذيفة، وهو سالم أبو عبد الله، وسالم بن معقل، وقد قدَّمتُ الكلام عليه في (مناقبه) في (المناقب)، و (مُعَاذ): هو ابن جبل، وقد تَقَدَّم الكلام عليه غيرَ مرَّةٍ.
==========
[ج 2 ص 382]

(1/9096)


[حديث: والله لقد علم أصحاب النبي أني من أعلمهم بكتاب الله]
5000# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أنَّ جدَّه غياث، وتَقَدَّم ضبط غياثٍ غيرَ مرَّةٍ، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أنَّه سليمان بن مهران، و (شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ): بفتح اللام، وهو أبو وائل، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً): تَقَدَّم الكلام على (البِضع) ما هو، وأنَّه بكسر الموحَّدة وفتحها.
تنبيهٌ: جاء في حديث رواه أبو عليِّ بن الصوَّاف عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل، وروي أيضًا من طريق الطبرانيِّ في «معجمه الصغير»: (حدَّثنا عمر بن عبد الرَّحمن السُّلميُّ قالا: حدَّثنا إبراهيم بن الحجَّاج السَّاميُّ، واللفظ للأول: حدَّثنا سلَّام أبو المنذر، حدَّثنا عاصم بن بَهدَلة، عن زرِّ بن حُبَيش، عن عبد الله بن مسعود)، فذكر قصَّة إسلامه، وفي آخرها: (وأخذت من فِي رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سبعين سورةً، وأخذتُ بقيَّة القرآن من أصحابه)، ففي هذا الحديث أنَّ الباقيَ أخذه من الصَّحابة، و [من] فيه سبعين، وكأنَّه لم يذكر الكسر في هذا الحديث، وذكره في «الصحيح»، وهذا وجه الجمع، والله أعلم.
قوله: (فَجَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ): هي بكسر الحاء، وفتح اللام، جمع (حَلْقة)؛ بإسكان اللام؛ كقَصْعة وقِصَع، وهي الجماعة المستديرون [1]؛ كحلقة الباب وغيره، وقال الجوهريُّ: جمع الحلقة: حَلَق؛ بفتح الحاء على غير قياس، وحُكِيَ عن أبي عمرو: أنَّ الواحدة حلَقة؛ بالتحريك، والجمع: حَلَق، قال ثعلب: كلُّهم يجيزُه على ضعفه، وقال الشيبانيُّ: ليس في الكلام «حلَقة» بالتحريك إلَّا جمع «حالق»، وقد تَقَدَّم ذلك.
==========
[1] في (أ): (مستديرون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 382]

(1/9097)


[حديث: أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر]
5001# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): بعده هو الثوريُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخَعيُّ.
قوله: (كُنَّا بِحِمْصَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّه جاء في حديث ضعيف أنَّها من مدن الجنة، وتَقَدَّم فيها حديث في «مسند أحمد».
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ العصر: إنَّ اسمه نهيك بن سنان.
قوله: (فَقَالَ: «أَحْسَنْتَ»): هو بتاء الخطاب المفتوحة.
قوله: (وَوُجِدَ مِنْهُ رِيحُ [1] الْخَمْرِ): (وُجِدَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ريحُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ؟ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ): الظاهر أنَّ المراد بالتكذيب هنا ليس تكذيبًا يُخرِجه من الملَّة؛ لأنَّه قال: (ما هكذا أُنزلت)؛ ولهذا لم يحكم عليه بالرِّدَّة، قاله النوويُّ بنحوه.
قوله: (فَضَرَبَهُ الْحَدَّ): قال النوويُّ: (هذا محمولٌ على أنَّ ابن مسعود كان له ولاية إقامة الحدِّ؛ لكونه نائبًا للإمام عمومًا، أو في إقامة الحدود، أو في تلك الناحية، أو استأذن من له إقامة الحدِّ هناك في ذلك، ففوَّضه إليه، ويُحمَل أيضًا على أنَّ الرجل اعترف بشرب الخمر بلا عُذر، وإلا فلا يُحدُّ بمجرَّد ريحها؛ لاحتمال النسيان، أو الاشتباه، أو الإكراه، أو غير ذلك، هذا مذهب الشافعيِّ ومذهب آخَرين) انتهى، وفي المسألة خلافٌ؛ فقال مالكٌ وجمهورُ أهل الحجاز: بالحدِّ بالرائحة، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ووَجَدَ منه ريحَ).
[ج 2 ص 382]

(1/9098)


[حديث: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله]
5002# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه ابن غياث، وتَقَدَّم ضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صُبيح أبو الضحى، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

(1/9099)


[حديث: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل]
5003# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو ابن يحيى بن دينار المحلَّميُّ، أبو عبد الله البصريُّ.
قوله: (مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) ... إلى أن قال: (أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ): فذكر (أُبيَّ بن كعب، ومعاذَ بن جبل، وزيدَ بن ثابت، وأبا زيد)، وهذا من طريق قتادة، عن أنس، وسيأتي فيما يليه من طريق ثابت، وتمامه عن أنس، ذكرُ (أبي الدرداء) في الأربعة، وحذفُ (أُبيِّ بن كعب)؛ قال شيخنا: قال الداوديُّ: (زيادة أبي الدرداء لا أُراه محفوظًا)، وقال الإسماعيليُّ بعد أن ذكره: هذان الحديثان مختلفان، ولا يجوز أن يُجمَعا في «الصحيح» على تباينهما؛ أعني: ذكرَ أُبيٍّ، وذكرَ أبي الدرداء، وإنَّما الصحيح أحدهما، وابن مسعود لم يحفظ جميعَهُ في حياته عَلَيهِ السَّلام، انتهى، وقال بعضهم في أبي الدرداء: (كذا ذكره بدل أُبيٍّ، وهذا هنا انفرد به البُخاريُّ، والصواب أُبيٌّ، وقد اتفقا عليه، انتهى.
[ج 2 ص 382]
وقد ذكر ابن عبد البَرِّ في ترجمة زيد بن ثابت حديث أنسٍ: أنَّ زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهده عَلَيهِ السَّلام من الأنصار، وصحَّحه، ثُمَّ قال: وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب، عن عُبيد بن السبَّاق، عن زيد بن ثابت: أنَّ أبا بكر أمره في حين مقتل القرَّاء باليمامة بجمع القرآن، قال: فجعلت أجمع من الرِّقاع، والعُسُب، وصدور الرجال، حتَّى وجدت آخر آية من (التوبة) مع رجل يقال له: خزيمة أو أبو خزيمة، قالوا: فلو كان قد جُمِعَ على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأملاه من صدره، وما احتاج إلى ما ذكر، وأمَّا خبر جمع عثمان للمصحف؛ فإنَّما جمعه من الصحف التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر رضي الله عنه، انتهى.

(1/9100)


وقولة: (مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) مؤوَّلة؛ وذلك لأنَّي أذكر قريبًا أنَّه جمعه على عهده عليه أربعة وعشرون، فلعلَّه يريد: من الأنصار خاصَّة دون قريش وغيرهم، أو يريد: جمعَه بجميع وجوهه، ولُغاته، وحروفه، وقراءاته التي أنزلها الرَّبُّ عزَّ وجلَّ، وأَذِن للأمَّة فيها، وخيَّرها في القراءة بما شاءت منها، أو يريد: الأخذ من فِي رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تلقينًا، أو أخذًا دون واسطة، أو أنَّ هؤلاء ظهروا به، وانتصبوا لتعليمه وتلقينه، أو يريد: جمعَهُ في صحف أو مصحف، ذكرها مع غيرها أبو عمرٍو الدانيُّ، كذا قاله شيخنا، ويحتمل غير ذلك.
والمجموع من الحديثين خمسة أشخاص، قال الدِّمْياطيُّ: (ورجلان آخران ذكرهما محمَّد بن كعب القُرَظيُّ، وهما: عبادة بن الصامت وأبو أيُّوب خالد بن زيد)، وقال ابن سيرين: (جمع القرآن أربعة: أُبيٌّ، ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، واختلفوا في رجلين؛ فقيل: عثمان وتميم الداريُّ، وقيل: عثمان وأبو الدرداء) انتهى، فيجتمع من الحديثين وكلام الدِّمْياطيِّ تسعةُ أشخاص؛ وهم: أُبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد _وسيأتي اسمه بُعَيدَ هذا، وقد قدَّمتُه أيضًا_ وأبو الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وعثمان، وتميم، انتهى.
وذكر ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»: (أُبيَّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبا زيدٍ الأنصاريَّ _واسمه: سعد بن عُمير، وفي اسمه خلاف، وقد ذكرته في (باب السين من أسماء الصَّحابة)، وسيأتي قريبًا جدًا الاختلاف في اسمه، وقد تَقَدَّم_ وأبو الدرداء عويمر، وزيد بن ثابت، وذكر فيهم ابن سيرين: عثمان بن عفان، وذكر فيهم محمَّد بن كعب: عُبادة بن الصامت، وأبا أيُّوبَ الأنصاريَّ) انتهى.
وفيما قرأته على شيخنا: أنَّ أبا بكر جمعَهُ في حياته عَلَيهِ السَّلام، ذكر ذلك أبو بكر بن الطيب الباقِلَّانيُّ وأبو عمرو الدانيُّ، ثُمَّ ذكر شيخُنا: أنَّه حفظه من الصَّحابة على عهده عَلَيهِ السَّلام زيادةٌ على عشرين نفرًا وامرأة، وقد عدَّد جماعةً كثيرةً ممَّن حفظه؛ منهم أمُّ ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت عبد الله بن الحارث.

(1/9101)


وفي «الاستيعاب» في ترجمة عليٍّ: (عثمان، وعليٌّ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة)، وفيه في ترجمة حنظلة الغسيل: (زيد بن ثابت، وأبو زيد، ومعاذ، وأُبيُّ بن كعب)، قال أبو عمر: (يعني: لم يقرأه كلَّه أحدٌ منكم يا معشر الأوس، ولكن قد قرأه جماعةٌ من غير الأنصار؛ منهم: ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وغيرهم) انتهى.
فالمجموعُ إذن: الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعُبادة بن الصامت، وأبو أيُّوبَ الأنصاريُّ، وعبد الله بن عبَّاس، وأبو موسى الأشعريُّ، ومجمع بن جارية، وقيل: بقي عليه سورة أو سورتان، وقيس بن أبي صعصعة، وسعد بن المنذر، وسعد بن عُبيد، وهو غير أبي زيد؛ هذا أوسيٌّ، وأبو زيد خزرجيٌّ، وسعد بن عباد أو عبادة، وقيس بن السكن أبو زيد المذكور، وتميم، وعمرو بن العاصي، وأمُّ ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت عبد الله بن الحارث، وأُبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيدُ بن ثابت، وأبو الدرداءِ، وعبد الله بن مسعود، ذكره أبو عمر في «استيعابه» في ترجمة عليٍّ، وكذا سالم مولى أبي حذيفة، عددهم أربعة وعشرون رجلًا وامرأة، والله أعلم.
قوله: (وَأَبُو زَيْدٍ): هذا اسمه: قيس بن السكَن بن قيس الخزرجيُّ البُخاريُّ، قاله الذهبيُّ، وقال: (إنَّه شهد بدرًا)، وقد تَقَدَّم الاختلاف في اسمه في كلام ابن الجوزيِّ، وقد قُتِلَ أبو زيد هذا يوم جسر أبي عبيد الثقفيِّ في خلافة عمر رضي الله عنه سنة أربع عشرة.
قوله: (تَابَعَهُ الْفَضْلُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (الفضل) هذا: هو ابن موسى السِّينانيُّ _بكسر السين المهملة_ عن هشام بن عروة، وطبقته، وعنه: إسحاق بن راهويه، ومحمود بن غيلان، وخلقٌ، مات سنة (192 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو أحد العلماء الثقات، له ترجمة يسيرة في «الميزان»، و (حسين بن واقد)؛ بالقاف: قاضي مروَ، عن ابن بُريدة وعكرمة، وعنه: ابن المبارك، وابناه عليٌّ والعلاء، وعليُّ بن الحسن بن شقيق، قال ابن المبارك: (ومن مثله؟!)، ووثَّقه ابن معين وغيره، تُوُفِّيَ سنة (159 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، والأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان».

(1/9102)


والضمير في (تابعه) يجوز أن يعود على حفص بن عمر، ويجوز أن يعود على قتادة، والله أعلم، ومتابعة (الفضل) لم تكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكن أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن معلَّى بن أسدٍ، عن عبد الله بن المثنَّى، عن ثابت وثمامة، عن أنس به.

(1/9103)


[حديث عمر: أبي أقرؤنا وإنا لندع من لحن أبي]
5005# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): (يحيى): هذا تَقَدَّم أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان): بعده هو الثوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ الحافظ في «الكمال» ذكر الثوريَّ فيمن روى عن حبيب بن أبي ثابت، وذكر الذهبيُّ في «تذهيبه» ممَّن روى عن حبيب سفيانَ، فحملتُ المطلق على المقيَّد، و (حَبِيب بْن أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة.
قوله: (وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ،): تَقَدَّم أنَّ (اللَّحْن) بإسكان الحاء المهملة؛ اللغة، وقيَّده بعضُهم هنا وفي غيرِه بالفتح، قال الهرويُّ: (وكان أُبيٌّ يقرأ: {التابوه} [البقرة: 248]، وإنَّما ذلك؛ لما علموا من نسخ ما تركوه)، والله أعلم.
تنبيه: تَقَدَّم في التفسير أنَّ هذا الحديث ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في مسند أُبيِّ بن كعب، وعنه عمر، رضي الله عنهما.

(1/9104)


[بابُ فاتحة الكتاب]
قوله: (بَابُ فَضْلِ الفَاتِحَةِ [1]): اعلم أنَّ الحديث المرويَّ عن عكرمة عن ابن عبَّاس في فضل القرآن سورةً سورةً تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل كتاب «فضائل القرآن» أنَّه موضوعٌ، وكذا حديث أُبيٍّ اعترف واضعه بوضعه؛ فانظرهما إن أردتهما.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فَاتِحَةِ الْكِتَابِ).
[ج 2 ص 383]

(1/9105)


[حديث: ألم يقل الله {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}]
5006# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، وأنَّ (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعده: هو القطَّان، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو سَعِيد بْن المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام في أوَّل (التفسير)، وما غلط فيه بعضُهم، ومن جرى له مثلُه، وهو أُبيُّ بن كعب، وقال القاضي الحسين: لمعاذ، فالمجموع ثلاثة أشخاصٍ.
قوله: (أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ): فيه حجَّةٌ للقول بجواز تفضيل القرآن بعضِه على بعض، وتفضيله على سائر كتب الله
[ج 2 ص 383]
تعالى، قاله القاضي عياضٌ، قال: وفيه خلافٌ للعلماء؛ فمنع منه أبو الحسن الأشعريُّ، وأبو بكر الباقلانيُّ، وجماعةٌ من الفقهاء والعلماء؛ لأنَّ تفضيل بعضه يقتضي بعض المفضول، وليس في كلام الله تعالى بعضٌ، وتأوَّل هؤلاء ما ورد من إطلاق (أعظم) و (أفضل) في بعض الآياتِ والسور بمعنى: عظيمٍ وفاضلٍ، وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين، قالوا: وهو راجع إلى عِظَمِ أجر قارئ ذلك وجزيل ثوابه.
قال الشيخ محيي الدين النوويُّ رحمه الله في «شرح مسلم» بعد سياقه كلام القاضي: والمختار جواز قول: هذه الآية والسورة أعظم وأفضل؛ بمعنى: أنَّ الثوابَ المتعلِّق بها أكثر، وهو معنى الحديث؛ يعني: حديث أُبيٍّ: «أيُّ آيةٍ معك من كتاب الله أعظم؟»، والله أعلم، انتهى، وما جاء فيه يأتي في هذا الحديث، والله أعلم.
فائدة: في «مسند عبد بن حميد» بسند فيه شهر بن حوشب، عن ابن عبَّاس مرفوعًا: «فاتحة الكتاب تعدلُ بثلثي القرآن».
تنبيه: أعظم آية في القرآن آية الكرسيِّ؛ لنصِّه عَلَيهِ السَّلام على ذلك، وقال الرويانيُّ في ديباجة «بحره»: (أفضل آيات القرآن: {بِسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]) انتهى، وفيه نظر؛ لأنَّه مناقضٌ للنصِّ، والله أعلم.

(1/9106)


[حديث: وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم]
5007# قوله: (حَدَّثَنَا وَهْبٌ): هذا هو وهب بن جَرِير بن حازم الأزديُّ الحافظ، تَقَدَّم، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن حسَّان، و (محمَّد) بعده: هو ابن سيرين، و (مَعْبَد) بعده: هو أخوه معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدريِّ، وعنه: أخواه محمَّدٌ وأنسٌ، وهو ثِقةٌ، وقال ابن معين: (تعرِفُ وتنكر)، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ): هذه لا أعرف اسمها، وكذا (سَيِّدَ الْحَيِّ) لا أعرف اسمه.
قوله: (سَلِيمٌ): هو بفتح السين، وكسر اللام؛ أي: لديغ، سُمِّي سَليمًا؛ تفاؤلًا بسلامته واستسلامه لما نزل به.
قوله: (غَيَبٌ): هو بفتح الغين المعجمة، والمثنَّاة تحت، وبالموحَّدة، جمع (غائب)؛ كخدمٍ وخادمٍ، وفي نسخة في هامش أصلنا (غُيَّب)؛ بضمِّ الغين، وتشديد المثنَّاة تحت المفتوحة: جمع (غائب)، قال ابن قُرقُول: (غُيَّب؛ جمع: غائبٍ، كذا ضبطه الأصيليُّ، وضبطه غيره: «غَيَبٌ»)؛ يعني: جماعة رجالنا مسافرون.
قوله: (فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا [1]): هذا الرجل الذي قام معها هو أبو سعيدٍ راوي الحديث، قاله الخطيبُ البغداديُّ، وكذا قال أبو عمرو بن الصلاح في «علومه» تبعًا له، وكذا النوويُّ، قال شيخنا العراقيُّ فيما قرأته عليه: وفيه نظرٌ؛ من حيث إنَّ في بعض طرقه عند مسلمٍ من حديث أبي سعيدٍ: (فقام معها رجلٌ منَّا، ما كنَّا نظنُّ يحسن رقيهُ ... )؛ الحديث، وفيه: (فقلنا: أكنتَ تحسن رقيه؟ فقال: ما رقيته إلَّا بفاتحة الكتاب)، وفي روايةٍ: (ما كنَّا نأبنه برقية)، وهذا ظاهرٌ في أنَّه غيره إلَّا أن يقال: لعلَّ ذلك وقع مرتين؛ مرَّةً لغيره ومرَّةً له، والله أعلم) انتهى.
وفي «سنن ابن ماجه» من حديثه أنَّه هو الراقي، ولفظه: عن أبي سعيد الخدريِّ قال: (بعثنا رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثلاثين راكبًا في سريَّةٍ، فنزلنا بقومٍ، فسألناهم أن يقرونا، فلُدغ سيِّدهم، فأتونا، فقالوا: أفيكم أحدٌ يرقي من العقرب؟ فقلت: نعم؛ أنا، ولكن لا أرقيه حتَّى تعطونا غنمًا، قال: فإنَّا نعطيكم ثلاثين شاةً، فقبلنا، فقرأت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] سبع مرَّات ... )؛ الحديث، وساقه من طريقين آخرين، وهذا في أوَّل أبواب (التِّجارات)، والله أعلم.

(1/9107)


قوله: (مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ): (نأبُنه): بنونٍ في أوَّله، وبعد الهمزة الساكنة مُوَحَّدَةٌ مضمومة ومكسورة _كذا في «الصحاح» بهما_ ثُمَّ نون، ثُمَّ هاء الضمير، قال ابن قُرقُول: (نأبنه برقية) قيَّده بضمِّ الباء والتخفيف لا غير؛ أي: نتَّهمه ونذكره ونصِفُه بذلك؛ لما في الرواية الأخرى: (نظنُّه)، وأكثر ما تستعمل في الشرِّ، وقال بعضُهم: لا يقال إلَّا في الشرِّ، وقيل: بل يقال فيهما، وهذا الحديث يدلُّ عليه، انتهى.
قوله: (لاَ تُحْدِثُوا شَيْئًا): هو بضمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، مخفَّفًا، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًا.
قوله: (أَنَّهَا رُقْيَةٌ): تَقَدَّم الكلام على موضع الرُّقية منها، وظاهر اللفظ أنَّ جميعَها الرقية، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ الحافظ المقعدُ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا [قال]: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذهبيُّ تعليقًا، و (عَبْدُ الوَارِثِ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيدِ بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن حسَّان تَقَدَّم أعلاه، وأتى بهذا؛ لأنَّ هشامًا عنعن في الأوَّل، وكذا محمَّد بن سيرين في الطريق الأولى عنعن، وفي هذه صرَّحا بالتحديث؛ هشام من محمَّد، ومحمَّد من أخيه معبد، وإن لم يكن هشامٌ ولا محمَّد مدلِّسَيْن، لكن ليخرج من الخلاف، والله أعلم.

(1/9108)


[فضل البقرة]

(1/9109)


[حديث: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه]
5008# 5009# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش سليمان بن مهران، و (إِبْرَاهِيم) بعده: هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ) هذا: هو ابن يزيدَ النخعيُّ الكوفيُّ، و (أَبُو مَسْعُود): هو عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ تَقَدَّم مطوَّلًا، ووقع في بعض النسخ: (عن ابن مسعود)، وهو خطأ، والصواب: عن أبي مسعود، وكذا هو بعده: (عن أبي مسعود)؛ فاعلمه.
قوله: (ح) [1]: تَقَدَّم الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسيأتي في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الثوريُّ كما قيَّده هنا المِزِّيُّ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخعيُّ المشهور، تَقَدَّم.
قوله: (كَفَتَاهُ): قال ابن قُرقُول: (كفتاه)؛ أي: من كلِّ ما يحذره من هامَّةٍ وشيطانٍ، فلا يقربه ليلته، انتهى، وقال ابن الأثير: (كفتاه)؛ أي: أغنتاه عن قيام الليل، وقيل: أراد بهما: أقلَّ ما يجري من القراءة في قيام الليل، وقيل: تكفيان الشرَّ، وتقيان من المكروه، انتهى، وقيل: كفتاه من حزبه إن كان له حزبٌ من القرآن، وقيل: حسبُه بهما أجرًا وفضلًا.

(1/9110)


[معلق ابن الهيثم: صدقك وهو كذوب ذاك شيطان .. ]
5010# قوله: (وَقَالَ ابْنُ الهَيْثَمِ عُثْمَانُ [1]): هذا هو أبو عمرو عثمان بن الهيثم بن جهم بن عيسى بن حسان بن المنذر البصريُّ، مؤذِّن البصرةِ، تَقَدَّم بعضُ ترجمته في (الوكالة)، وقد ذكره كما هنا فيها، وفي (صفة إبليس)، وقد تَقَدَّم أنَّه شيخ البُخاريِّ، فكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد أخرجه النَّسائيُّ في (اليوم والليلة)، كما تَقَدَّم في (الوكالة)، وفي (صفة إبليس)، والله أعلم، و (عَوْفٌ) بعده: هو عوف بن أبي جميلة الأعرابيُّ، تَقَدَّم.
قوله: (إِذَا أَوَيْتَ): هو بقصر الهمزة على الأفصح؛ لأنَّه لازمٌ، ولو كان متعدِّيًا؛ لكان الأفصح فيه المدَّ، وقد تَقَدَّم.
تنبيه: في «التِّرْمِذيِّ» من حديث أبي أيُّوبَ: (أنَّه كانت له سهوةٌ فيها تمرٌ، وكانت تجيءُ الغول، فتأخذ منه، قال: فشكا ذلك إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «اذهب فإذا رأيتها؛ فقل: بسم الله، أجيبي رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم»، قال: فأخذها، فحلفت ألَّا تعودَ، فجرى على ذلك ثلاث مرَّاتٍ، فأخذها، فقال: ما أنا بتارككي حتَّى أذهب بك إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقالت: إنَّي ذاكرةٌ لك شيئًا؛ آية الكرسيِّ اقرأها في بيتك، فلا يقربك شيطانٌ، ولا غيره ... ) إلى أن قال: «صدقتْ وهي كَذوبٌ»، قال التِّرْمِذيُّ: (حسنٌ غريبٌ).

(1/9111)


وفي «مستدرك الحاكم» في (فضائل الصَّحابة) في ترجمة أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ خالد بن زيدٍ، عن ابن عبَّاس قال: (كان رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم نازلًا على أبي أيُّوبَ في غرفةٍ، وكان طعامُه في سلَّة من المخدع، وكانت تجيءُ من الكوَّة السِّنَّور تأخذ الطعام من السلَّة، فشكا ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «تلك الغُول، فإذا جاءت؛ فقل: عزم عليك رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن لا تبرحي»، فجاءت فقال لها أبو أيُّوبَ: عزم عليك رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن لا تبرحي، فقالت: يا أبا أيُّوبَ دعني هذه المرَّة، فوالله لا أعود، فتركها، فأتى رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخبره، قالت ذلك مرَّتين: هل لك أن أعلِّمك كلماتٍ إذا قلتهنَّ لا يقربُ بيتك شيطانٌ تلك الليلة، وذلك اليوم، ومن الغد؟ قال: نعم، قالت: اقرأ آية الكرسيِّ، فأتى رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخبره قال: «صدقتْ وهي كَذوبٌ»)، ثُمَّ ذكر له طريقًا آخر فيه ابن لَهيعة ... إلى أن قال: (عن عبد الرَّحمن بن أبي عَمرة عن أبيه أنَّ أبا أيُّوبَ كان له مربدٌ للتمر في حديقة بيته ... )؛ الحديث، ثُمَّ ذكر من طريق أخرى عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن أبي أيَّوبَ: (أنَّه كان له سهوةٌ، فكانت الغولُ تجيء فتأخذ ... )؛ الحديث، قال الذهبيُّ في «تلخيص المستدرك»: قلت: هذا أجود طرق الحديث، انتهى.
وفي «المستدرك» أيضًا من حديث أُبيِّ بن كعب: أنَّه كان له جرينُ تمرٍ، وكان يجده ينقص، فحرسه ليلةً؛ فإذا هو بمثل الغلام المحتلم، فأراه؛ فإذا يد كلبٍ وشعر كلبٍ، فقال: أجنِّيٌّ أم
إنسيٌّ؟ فقال: بل جنِّيُّ، فقال: لقد علمتِ الجنُّ أنَّه لم يكن فيهم رجلٌ أشدُّ مني، قال: ما جاء بك؟ قال: أُنبِئنا أنَّك تحبُّ الصدقة، فجئنا نصيب من طعامك، قال: ما يجيرنا منكم؟ قال: تقرأ آية الكرسي؟ قال: نعم، قال: إنَّك إنْ قرأتها غدوةً؛ أُجِرت منِّي حتَّى تمسي، وإذا قرأتها حين تمسي؛ أُجِرت منَّا حتَّى تصبح، فغدوت إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخبرته، فقال: «صدق الخبيث» قال الحاكم: (صحيح).

(1/9112)


[فضل الكهف]

(1/9113)


[حديث: تلك السكينة تنزلت بالقرآن ... ]
5011# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو زهير بن معاوية بن حُديجٍ، أبو خيثمة الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، تَقَدَّموا، وتَقَدَّم أنَّ عازبًا صَحابيٌّ.
قوله: (كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ): تَقَدَّم أنَّ هذا الرجل هو أُسيد بن الحُضير في (سورة الفتح)، وذكرت أنَّه قرأ (البقرة)، وذكرت جمعًا بينهما، فإن أردته؛ فانظره في (الفتح).
قوله: (وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ): (الحصان): بكسر الحاء؛ أي: فرسٌ مُنجِبٌ، قال الجوهريُّ: (وفرسٌ حصان؛ بالكسر: بيِّنُ التحصُّن والتحصين، ويقال: إنَّه سُمِّي حصانًا؛ لأنَّه ضُنَّ بمائه، فلم يُنْزَ إلَّا على كريمةٍ، ثُمَّ كثر ذلك حتَّى سمَّوا كلَّ ذكرٍ من الخيل حصانًا) انتهى.
قوله: (بِشَطَنَيْنِ): (الشَّطَنُ)؛ بفتح الشين المعجمة، والطاء المهملة، وبالنون: الحبلُ الطويل مضطربٌ، والشَّطن: البُعد، وفي «الصحاح»: الشَّطن: الحبل، قال الخليل: هو الحبل الطويل، والجمع: الأشطان.
قوله: (تِلْكَ السَّكِينَةُ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة) وما هي ولُغتَيها.
==========
[ج 2 ص 385]

(1/9114)


[فضل سورة الفتح]

(1/9115)


[حديث: أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره]
5012# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابن أخت الإمام مالكٍ أحدِ الأعلام.
قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا مرسلٌ، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في تفسير (الفتح)، وذكرت في الحديث سؤالًا وجوابيه في (الحُدَيْبيَة)، والله أعلم.
قوله: (كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا): تَقَدَّم أنَّ هذا السفر: هو غزوة الحُدَيْبيَة.
قوله: (فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ): تَقَدَّم ما ذلك الشيء.
قوله: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ معناه: فقدتك أمُّك، وكذا تَقَدَّم (نَزَرْتَ) وأنَّه بالتخفيف والتشديد، و (كُلَّ): وأنَّه بالنصب على الظرف، وعلى (نَشِبْتُ): ومعناها: لبِثْتُ، وعلى الصارخ الذي صرخ به أنِّي لا أعرفه.

(1/9116)


[فضل: {قل هو الله أحد}]

(1/9117)


[حديث: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن]
5013# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ مرارًا.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخلاص: 1] يُرَدِّدُهَا ... ) إلى قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): قال الدِّمْياطيُّ: الرجل _يعني: المتقالَّ، وهو السامع أيضًا_ قتادة بن النعمان، أخو أبي سعيد الخدريِّ لأمِّه، انتهى، كذا أخرج هذا الكلامَ الناقلُ عن الدِّمْياطيِّ من قوله: (وكأنَّ الرجل يتقالُّها)، والاعتماد عليه، وعليه العُهدة، وفي «الاستيعاب» في ترجمة قتادة بن النعمان ما لفظه: (وقتادة بن النعمان هو الذي كان يقرؤها؛ يعني: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وكان يتقالُّها، وعليه مخرج ذلك الحديث)، انتهى، فصريح كلام أبي عمر: أنَّه هو القارئ، وأنَّه المتقالُّ أيضًا، وقال شيخنا هنا: الذي كان يتقالُّها هو قتادة بن النعمان الظفريُّ، كما أسلفناه من «مسند ابن وهبٍ»، والذي ساقه من عند ابن وهب، عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد أنَّه قال: بات قتادة بن النعمان يقرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حتَّى أصبح، فذكرها لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «والذي نفسي بيده؛ إنَّها لتعدل ثلث القرآن أو نصفه»، قال أبو عمر: (هذا شكٌّ من الراوي، لا من الشارع، على أنَّها لفظةٌ غير محفوظةٍ في هذا الحديث ولا في غيره، والصحيح الثابت في هذا وغيره دون شكٍّ)، انتهى، وقد ذكر ابن بُشكوال في «مبهماته» حديث أبي سعيدٍ، وهو الحديث الحادي عشر منها عن أبي سعيدٍ: (أنَّه سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يردِّدها، فلمَّا أصبح؛ جاء إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكأنَّ الرجل يتقالُّها ... )؛ الحديث، قال: (الرجل القارئ قتادة بن النعمان)، وساق له شاهدًا من كتاب «الصَّحابة» للعثمانيِّ؛ فليُعلَم ذلك.
قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): هذا الرجل تَقَدَّم أعلاه كلام أبي عمرَ فيه، وما قاله الدِّمْياطيُّ وغيره: إنَّه قتادة بن النعمان، و (كأنَّ)
[ج 2 ص 385]
من أخوات إنَّ، ومعنى (يتقالُّها): يراها قليلةً.

(1/9118)


قوله: (إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ): قال القاضي عياض: قال المازريُّ: (قيل: معناه: أنَّ القرآن على ثلاثة أنحاءٍ: قصص، وأحكام، وصفات لله تعالى، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} متضمِّنة الصفات، فهي ثلثٌ، وجزء من ثلاثة أجزاءٍ، وقيل: معناه: أنَّ ثواب قراءتها يُضاعَف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير تضعيفٍ) انتهى، وحكى المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه» ستَّة أقوال: (أحدها: أنَّ القرآن العزيز ثلاثة أقسام لا رابع لها؛ وهي الإرشاد إلى تقريب ذات الله وتقديسه، أو معرفة صفاته وأسمائه، أو معرفة أفعاله وسنَّته في خلقه، فلمَّا اشتملت هذه السورة على أحد هذه الأقسام الثلاثة؛ وهي التقديس؛ وازنها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بثلث القرآن.
الثاني: أنَّ القرآن العزيز أُنزل أثلاثًا؛ فثلثٌ أحكام، وثلثٌ وعدٌ ووعيدٌ، وثلثٌ أسماءٌ وصفاتٌ، وقد جمعت {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} قسم الأسماء والصفات.
الثالث: أنَّ لقارئها عدلَ ثلث القرآن؛ لِما تضمَّنته من الإقرار بالتوحيد والإذعان للخالق.
الرابع: إنَّما قال ذلك في حقِّ شخصٍ بعينه قصدَهُ بالقول.
الخامس: أنَّ الله عزَّ وجلَّ يتفضَّل بتضعيف ثواب قارئها، ويكون منتهى التضعيف ثلث ما يستحق من الأجر على قراءة ثلث القرآن من غير تضعيفٍ.
السادس: أنَّه قال ذلك في حقِّ من يردِّدها؛ ليحصل له من تَردادها وتَكرارها ثوابُ ثلث القرآن) انتهى.

(1/9119)


فائدةٌ: في «مسند أحمد» _ورواه ابن أبي شيبة كما سيأتي قريبًا_ من حديث أنس: أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سأل رجلًا من صحابته فقال: «فلان؛ هل تزوَّجت؟»، قال: لا، وليس عندي ما أتزوَّج به، قال: «أوليس معك {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك آية الكرسيِّ؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «تزوَّج، تزوَّج»؛ ثلاث مرَّات، رواه التِّرْمِذيُّ باختصار آية الكرسيِّ، وأنَّ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} بربع القرآن، وقال: (حسن، في سنده سلمة بن وردان)، قال أحمد: (منكر الحديث)، وقال ابن معين: (ليس بشيء)، وقال أبو داود: (ضعيف)، ذكر له ابن عديٍّ هذا الحديث، قال الحاكم: (رواياته عن أنس أكثرها منكر)، وصدق الحاكم.
تنبيهٌ: روى التِّرْمِذيُّ بإسناده إلى أنس قال: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «مَن قرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ}؛ عدلت له بنصف القرآن، ومَن قرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}؛ عدلت له بربع القرآن، ومَن قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؛ عدلت له بثلث القرآن» قال التِّرْمِذيُّ: (غريب)، انتهى، في سنده الحسن بن سَلْم، قال الذهبيُّ: منكر، والحسن لا يُعرَف، ولا روى عنه سوى محمَّد بن موسى الحرشيُّ، وتَقَدَّم مِن سند عبدٍ: (أنَّ الفاتحة تعدل ثلثي القرآن)، وفي سنده شهر، وهو من حديث ابن عبَّاس، وقد تَقَدَّم قريبًا أنَّ في «مسند عبد»: (أنَّ الفاتحة تعدل بثلثي القرآن)، وفي «المستدرك» عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا: «ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كلِّ يوم؟»، قالوا: ومَن يستطيع ذلك؟! قال: «أما يستطيع أحدكم أن يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؟» رواته ثقاتٌ، وعقبة ليس بمشهور، انتهى، وهو عقبة بن محمَّد بن عقبة عن نافع.

(1/9120)


5014# قوله: (وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ... ) إلى آخره: هذا (أبو مَعْمَر): هو بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في تطريف هذا الحديث: (وقال أبو معمر _يعني: إسماعيل بن إبراهيم_ عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك)، انتهى، أمَّا (أبو معمر) إسماعيل بن إبراهيم؛ فهو الهذليُّ القَطِيعيُّ، عن إبراهيم بن سعد وطبقتِه، وعنه البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وأبو يعلى، وأممٌ، ثبت سُنِّيٌّ، لم ينصفه ابن معين، تُوُفِّيَ سنة (236 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، وتَقَدَّم أنَّ (قال فلان) إذا كان شيخَه؛ يكون أخذه عنه في حال المذاكرة.
تنبيهٌ: قال شيخنا في أبي معمر هذا: وهو شيخ البُخاريِّ عبد الله بن عمرو المقعد، كذا قاله شيخنا عن الدِّمْياطيِّ، ونقل عن شيخه مغلطاي: أنَّه إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهروي البغداديُّ، قال شيخنا: فليُحرَّر، انتهى، وقد ذكرتُ لك أنَّ المِزِّيَّ جزم بما قاله مغلطاي، والله أعلم.
و (إسماعيل بن جعفر): هو المدنيُّ، عن العلاء، وعبد الله بن دينار، وعدَّةٍ، وعنه عليُّ بن حُجْر، ومحمَّد بن زُنبور، وخلقٌ، تُوُفِّيَ سنة (180 هـ)، من ثقات العلماء، أخرج له الجماعة.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ ... ) إلى آخره: هذا الرجل تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، والله أعلم.

(1/9121)


[حديث: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة]
5015# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا عمر بن حفص بن غياث، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ وَالضَّحَّاك الْمِشْرَقِيُّ [1]): أمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد النخَعيُّ، ولم يسمع من أبي سعيد، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، انتهى، ونقل العلائيُّ في «مراسيله»: عن عليٍّ ابن المدينيِّ: أنَّ إبراهيم النخَعيَّ لم يلقَ أحدًا من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، وقد عقَّبه البُخاريُّ هنا بقوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ مُسْنَدٌ)، انتهى، وهذه نسخة وقعت في أصلنا، وعليها علامة راويها، ونقل شيخنا هنا عن الحُميديِّ قال: كذا وقع في «البُخاريِّ»، وإبراهيم عن أبي سعيد مرسلٌ، لم يلقَه، انتهى.
وأمَّا (الضَّحَّاك المشرقيُّ)؛ فقال الدِّمْياطيُّ: (أبو سعيد الضَّحَّاك بن شراحيل المِشرقيُّ مِشرق بن زيد بن جشم بن حاشد)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (والمِشرَقيُّ الضَّحَّاك بكسر الميم وفتح الراء، وقيَّدناه عن الصدفيِّ والجيَّانيِّ، قال: وقال أبو أحمد العسكريُّ: مَن فتح الميم؛ فقد صحَّف، ومِشرق: قبيلة من همْدان، وقيَّدناه عن أبي بحر بضمِّ الميم وكسر الراء، وكذا قيَّده الدارقطنيُّ وابن ماكولا)، انتهى، وهو الضَّحَّاك بن شراحيل، وقيل: ابن شرحبيل، المِشرَقيُّ، أبو سعيد الكوفيُّ، عن أبي سعيد الخدريِّ وغيرِه، وعنه: الزُّهريُّ، وحبيب بن أبي ثابت، والأعمش، وجماعةٌ، أخرج له البُخاريُّ ومسلم، حُجَّة مُقِلٌّ، ذكره في «الميزان» تمييزًا، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (المَشرِقي)، وفي (ق) معًا، وكذا في الموضع اللاحق.
[ج 2 ص 386]

(1/9122)


[المعوذات]
قوله: (الْمُعَوِّذَاتُ): تَقَدَّم أنَّها بكسر الواو.
==========
[ج 2 ص 386]

(1/9123)


[حديث: أن رسول الله كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه ... ]
5016# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (وَيَنْفثُ): هو ثُلاثيٌّ، وهو بضمِّ الفاء وكسرها، و (النفث): نفخ لطيف لا ريق معه، قاله النَّوويُّ، وقال ابن قُرقُول: مثل البُزاق، وقيل: مثل التفل، إلَّا أنَّ التفل في قول أبي عُبيد لا يكون إلَّا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء، يكون معهما ريق، وقيل: بعكس الأوَّل، وقد تَقَدَّم كلُّ ذلك.
==========
[ج 2 ص 386]

(1/9124)


[حديث: أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ... ]
5017# قوله: (حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ): هو بفتح الضاد المعجمة المشدَّدة، اسم مفعول من (فضَّله) المشدَّد، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عُقَيْل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.
قوله: (كَانَ إِذَا أَوَى): تَقَدَّم أنَّه بقصر الهمزة؛ لأنَّه لازم، وهذا هو الأفصح، ولو كان متعدِّيًا؛ لكان همزه بالمدِّ على الأفصح.
==========
[ج 2 ص 386]

(1/9125)


[باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]
قوله: (بابُ نُزُولِ السَّكِينَةِ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة) ما هي، وضبطها بِلُغَتَيها، ساق ابن المنيِّر حديث أُسيد بن حضير في قراءته (سورة الكهف)، ثُمَّ قال: ترجم على نزول السكينة والملائكة، ولم يذكر في هذا الحديث إلَّا الملائكة، لكن في حديث البراء في (سورة الكهف): «تلك السكينة نزلت»، فلمَّا أُخبِر عن نزولها عند سماع القرآن؛ فهم البُخاريُّ تلازمهما، وفهم من الظُّلَّة أنَّها السكينة، فلهذا ساقها في الترجمة، والله أعلم، وقد سبقه إلى ذلك ابن بطَّال، كما قاله شيخنا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 386]

(1/9126)


[معلق الليث: اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير]
5018# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ): تَقَدَّم أنَّ مثل هذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح على شرطه إلى المعلَّق عنه، و (الليث): هو ابن سعد، الإمام المجتهد، قال شيخنا: وصله أبو نعيم بإسناده إلى يحيى ابن بُكَيْر عن الليث به، انتهى، و (يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّم، و (محمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو التيميُّ، و (أُسَيْد): بضمِّ الهمزة، و (حُضَيْر): بضمِّ الحاء، قال البُخاريُّ في آخره: (قال ابن الهادي: وحدَّثني عبد الله بن خبَّاب عن أبي سعيد، عن أُسيد)، وقد أسند هذا الحديث النَّسائيُّ في (فضائل القرآن) عن محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، لكن عن خالد، عن ابن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله، عن عبد الله بن خبَّاب به، وعن عليِّ بن محمَّد بن عليٍّ، عن داود بن منصور، عن الليث، عن خالد به، وفي (المناقب) عن أحمد بن سعيد الرباطيِّ، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن يزيد بن الهادي، عن عبد الله بن خبَّاب، عن أبي سعيد: أنَّ أُسيد بن حُضير بينما هو ليلةً يقرأُ في مربده ... )؛ الحديث، ولم يقل: عن أُسيد، إلَّا أنَّ لفظه يدلُّ على أنَّ أبا سعيد يرويه عن [1] أُسيد، قال أبو القاسم: (وعند يزيد بن عبد الله لهذا إسناد آخر، فإنَّه يرويه عن محمَّد بن إبراهيم بن الحارث عن أُسيد، ولم يدركه، وقد جمعهما يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث)، انتهى كلام المِزِّيِّ.
قوله: (سُورَةَ الْبَقَرَةِ): كذا هنا: (سورة البقرة)، والمشهور أنَّ قصَّة أُسيد في (سورة الكهف)، وهذا الحديث فيه ذكر (البقرة)، لكنَّه معلَّق، ولعلَّهما قضيَّتان، أو أنَّه قرأ بهما، وقد تَقَدَّم في (سورة الفتح).
قوله: (وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا): (يحيى): ابن أُسيد بن حُضير الأنصاريُّ، وُلِدَ على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد حمَّره الذهبيُّ، فالصحيح عنده: أنَّه تابعيٌّ، وكذا قال أبو عمر في «الاستيعاب»: إنَّه وُلِد على عهده صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال: وكان في سنِّ مَن يحفظ، ولا أعلم له رواية، وبه كان يكنى أبوه أسيد بن حضير، انتهى.

(1/9127)


قوله: (فَلَمَّا اجْتَرَّهُ؛ رَفَعَ رَأْسَهُ): (اجترَّه): بالجيم، والمثنَّاة فوق، وتشديد الراء، كذا في أصلنا مجوَّدًا، ومعناه: جَرَّه، قال ابن قُرقُول: («فلمَّا أخَّره» كذا للقابسيِّ، ولسائرهم: «فلمَّا اجترَّه»، والأوَّل هو الوجه)، انتهى، ورأيت أنا في نسخة صحيحة: (فلمَّا أخبره)؛ من الإخبار، وعليها علامة الفربريِّ، وعليها إشارة أنَّها كذلك في إحدى عشرة [2] نسخة، وفي نسخة في هامش هذه النسخة: (أخَّره)؛ من التأخير، وعليها إشارة إلى أنَّها كذلك في ثلاث نسخ، والله أعلم.
[ج 2 ص 386]
قوله: (فَأَشْفَقْتُ): أي: خِفْتُ.
قوله: (مِثْلُ الظُّلَّةِ): هي بضمِّ الظاء المشالة، وتشديد اللام المفتوحة؛ أي: السحابة.
قوله: (فَخَرَجَتْ): هو بالتاء المضمومة تاء المتكلِّم؛ كذا لجميعهم، وصوابه: (فعَرَجَتْ)، كما في الأحاديث الأُخَر، كذا نقله بعضهم عن السفاقسيِّ، وأمَّا شيخنا؛ فذكر (فعرجت) عن مسلمٍ، ولم يصوِّب.
قوله: (قَالَ ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم قريبًا أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ الصحيح إثبات الياء فيه، وفي (العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن اليماني)، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، وهذا معروفٌ عند أهله، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، و (أُسَيْد بْن حُضَيْرٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الهمزة من (أُسيد)، وضمِّ الحاء من (حُضير).

(1/9128)


[باب من قال: لم يترك النبي إلَّا ما بين الدفتين]
قوله: (إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ): هما بدال مهملة مفتوحة، ثُمَّ فاء مشدَّدة، قال ابن قُرقُول: يعني: المصحف، والدَّفَّتان: ما تضمَّنه من جانبيه، وأصله: أنَّ الدفَّ: الجنب، وقد تكون دفَّتا المصحف من خشب وغيره.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9129)


[حديث: ما ترك إلَّا ما بين الدفتين]
5019# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سفيان) هذا هو ابن عيينة فيما يظهر، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ الحافظ في «الكمال» ذكر ابن عيينة في مشايخ قتيبة، ولم يذكر الثوريَّ، والله أعلم، وأمَّا (عَبْد الْعَزِيزِ بْن رُفَيْعٍ)؛ فقد روى عنه السفيانان، وهو بضمِّ الراء، وفتح العين، وهذا ظاهرٌ، و (شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ): بالعين المهملة، والقاف المكسورة، وليس لشدَّاد رواية في الكُتُب السِّتَّة، إنَّما جاء ذكره هنا من غير رواية، وقد روى له البُخاريُّ في كتاب «أفعال العباد»، وهو مجلَّد صغير، وهو كوفيٌّ، روى عن ابن مسعود، وعنه: عبد العزيز بن رُفَيع، والمُسَيَّب بن رافع، ذكره ابن حبَّان في «ثقاته».
قوله: (إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.
قوله: (وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ): هذا هو محمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، تَقَدَّم الكلام عليه، واسم (الحنفيَّة) خولة، تَقَدَّمت.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9130)


[باب فضل القرآن على سائر الكلام]
قوله: (بابُ فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلاَمِ): قال ابن المنيِّر: ذكر البُخاريُّ في الباب حديثَ أبي موسى: «مَثَلُ الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجَّة ... »؛ الحديث، وحديثَ ابن عمر: «إنَّما أجلكم في أجل مَن خَلا مِن الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ... »؛ الحديث، وجه مطابقة الحديثين للترجمة: أنَّه وصف حامل القرآن والعامل به بالكمال، وهو اجتماع المنظر والمخبر، ولم يُثبِت هذا الكمال لحامل غيره من الكلام، ووصف في الحديث الثاني فضل الأمَّة وخصوصيَّتها على سائر الأمم، وما اختصَّت إلَّا بالقرآن، دلَّ على أنَّه السبب في فضلها، ويُؤخَذ من ذلك فضلُ القرآن على غيره من الكتب، فكيف بالكلام؟ انتهى، وهو حسن مليح.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9131)


[حديث: مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب ... ]
5020# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الهاء، وإسكان الدال المهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، الحافظ، هَدَّابٌ، تَقَدَّم مترجمًا، و (هَمَّامٌ): بعده هو همام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الكلام على نسبته (العَوْذيِّ): أنَّه من عَوْذ بن سُود؛ بطن من الأزد، وأنَّه بفتح العين المهملة، وإسكان الواو، وبالذال المعجمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ.
قوله: (مَثَلُ): هو بفتح الميم والثاء المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ، وكذا (وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ) [خ¦5021].
قوله: (كَالأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها في (سورة يوسف) بِلُغَاتِهَا، وسأذكر في آخر «الصحيح» وجهَ التشبيه بين المؤمن والأُترجِّ، وفضيلة الأترجِّ، مطوَّلًا إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9132)


[حديث: إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين ... ]
5021# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَان): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سفيان) هذا هو ابن سعيد بن مسروق الثوريُّ.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9133)


[باب الوصاة بكتاب الله عز وجل]
قوله: (بابُ: الْوَصَاةِ بِكِتَابِ اللهِ): يقال: أوصيت له بشيء، وأوصيت إليه؛ إذا جعلتَه وصيَّك، والاسم: الوَصاية والوِصاية؛ بفتح الواو وكسرها، وأوصيته ووصَّيته أيضًا، إيصاءً وتوصيةً؛ بمعنًى، والاسم: الوصاةُ.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9134)


[حديث: سألت ابن أبي أوفى: أوصى النبي؟]
5022# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ): بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الواو، ثُمَّ لام، و (طَلْحَةُ) بعده: هو طلحة بن مصرِّف بن كعب بن عمرو الياميُّ، أبو محمَّد الكوفيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ اسمَ أبي أوفى علقمةُ بن خالد بن الحارث، وتَقَدَّم بقيَّة نسبه، وأنَّ أبا أوفى صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الوصيةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (أُمِروا): مَبنيٌّ أيضًا.
==========
[ج 2 ص 387]

(1/9135)


[باب: من لم يتغن بالقرآن]
قوله: (بَابٌ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ): ذكر ابن المنيِّر الحديث بطريقيه، ثُمَّ قال: وذكر _يعني: البُخاري_ في (كتاب الاعتصام) حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقرآن»، وزاد غيره «يجهر به»، ذكره في «باب قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]»، قال الشيخ: يُفهَم من ترجمة البُخاريِّ أنَّه يحمل التغنِّي على الاستغناء، لا على الغنى؛ لكونه أتبع الحديث بالترجمة بالآية، ومضمونها الإنكار على من لم يستغنِ بالقرآن عن غيره من الكتب السالفة، ومن المعجزات التي كانوا يقترحونها، وهو موافقٌ لتأويل ابن عيينة، لكنَّ ابن عيينة حمله على الاستغناء الذي هو ضدُّ الفقر، والبُخاريُّ حمله على الاستغناء الذي هو أعمُّ من هذا، وهو الاكتفاء به مطلقًا، ويندرج في ذلك عدم الافتقار إلى الاستظهار عليه بغيره، وعدم الافتقار أيضًا إلى الخلق، والاستغناء بالحقِّ؛ لأنَّ فيه من المواعظ والآيات والزواجر ما يزعج صاحبَهُ من حوائج الدنيا وأهلها، وأطال ابن بطَّال في نقل الردِّ على من فسَّره بالاستغناءِ، وأنَّ ذلك مخالفٌ اللغة، وقدح في الآيات التي استشهد بها المفسِّر لابن عيينة، وعندي أنَّ التفسير صحيحٌ لغةً، يدلُّ عليه قوله عَلَيهِ السَّلام في الخيل: «ورَجلٌ ربطها تغنِّيًا وتعفُّفًا»، ولا خلاف لغةً أنَّه مصدر «تغنَّى»، ثُمَّ الإشكال بعدُ أنَّ «تغنَّى» ههنا بمعنى: استغنى بها وتعفَّف، ولم أقف على هذا الاستشهاد لغيري، والله أعلم، انتهى.

(1/9136)


قوله: (بابٌ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ): (تغنى بالقرآن): أي: جهر به، وكذا هو مفسَّر فيما يأتي، وقيل: حسَّن صوته به، ويشهد لهذا الحديثُ الآخر: «زيِّنوا [القرآن] بأصواتكم»، وعند سفيان: يستغني به، قيل: عن الناس، وقيل: عن غيره من الأحاديث والكتب، قال القاضي: والقولان منقولان عن ابن عيينة، وقال الشافعيُّ: نحن أعلم بهذا، ولو أراد عَلَيهِ السَّلام الاستغناء؛ لقال: مَن لم يستغنِ، وكذا قال أبو جعفر الطبريُّ: المعروف في كلام العرب أنَّ التغنيَ: الغناءُ، ودعوى أنَّ «تغنَّيتُ» بمعنى: «استغنيت» مردودةٌ، ولا نعلم أحدًا قاله، وذكر غيرُه: أنَّ سفيان رواه عن سعد بن أبي وقاص، وهو ظاهر اختيار البُخاريِّ، وقيل: معناه: تحزين القراءة وترجيع الصوت بها، وقيل: معنى (تغنَّى به): جعله هِجِّيراه [1]، وتسلية نفسه، وذكر لسانه في كلِّ حالاته؛ كما كانت العرب تفعل ذاك بالشِّعر والحُداء والرَّجَز في قطع مسافاتها وأسفارها وحروبها، وهذا معنى قوله فيما يأتي: قال سفيان: يستغني به، والله أعلم، و (سفيان): هو ابن عيينة المذكور في السند، قال ابن الأثير: (أوَّل من قرأ بالألحان عبيدُ الله بن أبي بكرة، فورثه عنه عُبيد الله بن عمر، ولذلك يقال: قراءة العُمَريِّ، وأخذ ذلك عنه سعيد العلَّاف الإباضيُّ).

(1/9137)


[حديث: لم يأذن الله لشيء ما أذن للنبي]
5023# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): هو بضمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بِنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هَرَيْرةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (مَا أَذِنَ [1] اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ [2] يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ): أي: ما استمع لشيء كاستماعه لنبيٍّ يتغنَّى بالقرآن، والمراد: الرضا والقبولُ، والله أعلم.
[ج 2 ص 387]
قوله: (وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ: يَجْهَرُ بِهِ): وصاحبه لا أعرفه.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث اللاحق، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لمْ يأذن).
[2] زيد «اليونينيَّة» و (ق): (صلى الله عليه وسلم)، وهي ثابتة في رواية أبي الوقت وابن عساكر.

(1/9138)


[حديث: ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي أن يتغنى بالقرآن]
5024# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الخافظ، و (سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُوسَلَمَةَ)، تَقَدَّما قريبًا.
قوله: (مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ): تَقَدَّم معناه قريبًا جدًّا.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ: يَسْتَغْنِي بِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، وأنَّ (سفيان) هو ابن عيينة المذكور في السند.
==========
[ج 2 ص 388]

(1/9139)


[باب اغتباط صاحب القرآن]
قوله: (بابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ): ذكر ابن المنيِّر حديثَي الباب، وهو حديث ابن عمر: «لا حسد إلَّا على اثنتين»، وحديث أبي هريرة: «لا حسد إلَّا في اثنتين»، ثُمَّ قال: بيَّن بالترجمة أنَّ الحسد المذكور في الحديث هو الاغتباط، وقد فسَّره في الحديث بتمنِّي المماثلة في الخير، لا بتمنِّي سلب الخير عن الغير وجرِّه إليه، انتهى.
==========
[ج 2 ص 388]

(1/9140)


[حديث: لا حسد إلَّا على اثنتين]
5025# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم.
قوله: (لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي [1] اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق.
قوله: (رَجُل): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق أنَّه يجوز (رجلٍ) بالجرِّ والتنوين، والرفع معه.
قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ): (الآناء): الساعات، قال الأخفش: واحدها: إنًى؛ مثال: مِعًى، قال: وقال بعضهم: واحدها: إنْيٌ وإنْوٌ، يقال: مضى إنْيان من الليل وإنْوان، وقال أبو عبيدة: واحدها: إنْيٌ؛ مثال: نِحْيٍ، والجمع: آناء.
==========
[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (على)، ولعلَّها مصلَّحة في (ق) إلى (على).
[ج 2 ص 388]

(1/9141)


[حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن ... ]
5026# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): قال الجيَّانيُّ: روايتنا عن ابن السكن وأبي زيد وأبي أحمد: «حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم»، فقيل: إنَّه عليُّ بن إبراهيم بن عبد الحميد الواسطيُّ، وقال ابن عديٍّ: يشبه أن يكون عليَّ بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب، وقد حدَّث البُخاريُّ عن محمَّد أخيه _وكان أصغر من عليٍّ_ في (عمرة القضاء)، و (استتابة المرتدِّين)، و (مناقب الحسن والحسين)، ولم يزد الكلاباذيُّ ولا أبو مسعود على عليِّ بن إبراهيم، وكذا المِزِّيُّ، كما سأذكره قريبًا، وقال الذهبيُّ: عليُّ بن إبراهيم: هو عليُّ بن إبراهيم بن عبد المجيد، أبو الحسن اليشكريُّ الواسطيُّ، نزيل بغداد، روى عن يزيد بن هارون، ووهب بن جَرِير، وداود بن المحبَّر، وطبقتِهم، وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغويُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وغيرُهم، وثَّقه الدارقطنيُّ، قال أبو الحسين بن المنادي: مات لستٍّ بقين من رمضان سنة (274 هـ)، وقيل: هو عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم البغداديُّ، عن حجَّاج بن محمَّد، وعنه: البُخاريُّ في (النكاح)، وسئل عنه، فقال: مُتْقِنٌ، وقيل: هو عليُّ بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب، أبو الحسن العامريُّ البغداديُّ، ابن إشكاب، وهو لقب أبيه، عن أبي معاوية، وابن عُلَيَّة، وعمر بن يونس، وعليِّ بن عاصم، وطبقتِهم، وعنه: أبو داود، وابن ماجه، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو العبَّاس بن سريج القاضي، وعبد الرَّحمن بن أبي حاتم، وآخرون، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، قال ابن مَخْلد: تُوُفِّيَ لأربع بقين من شوَّال سنة (261 هـ)، والأقوال الثلاثة التي ذكرتها هي من «الذهبيِّ»، وأصلها للمِزِّيِّ في «التهذيب»، وأمَّا في «الأطراف»؛ فلم يزد على عليِّ بن إبراهيم، انتهى.
و (رَوْحٌ) بعده: هو ابن عبادة، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش، ابن مِهران، و (ذَكْوَان): أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا عبد الرَّحمن بن صخر.
قوله: (لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّم الكلام [عليه] في أوائل هذا التعليق.
قوله: (رَجُل): تَقَدَّم الكلام على إعرابه أعلاه وقبله، وأنَّه يجوز فيه (رجل)؛ بالجرِّ والتنوين، وبالرفع مع التنوين.
قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/9142)


[باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه]
قوله: (بابٌ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ): ساق ابن المنيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مطابقة الأحاديث بالترجمة بيِّنةٌ، إلَّا حديث سهل بن سعد؛ يعني: (أتت امرأة النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فقالت: إنَّها قد وهبت نفسها)، قال: فظنَّ ابن بطال أنَّ وجه مطابقته: أنَّه زوَّجه المرأةَ بحرمة القرآن، وليس كذلك، بل يعني بقوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «زوَّجتُكَها بما معك من القرآن»؛ أي: بأن تُعلِّمها ما معك من القرآن، فهو من قبيل التزويج على المنافع التي يجوز عقد الإجارة عليها، وعلى هذا حمله الأئِمَّة، وهو الذي فهمه البُخاريُّ، فأدخله في (باب تعليم القرآن)، والله أعلم، وقد ظهر بهذا الحديث فضلُ القرآن على صاحبه في الدين والدنيا؛ ينفعه في دينه بما فيه من المواعظ والآيات، وينفعه في دنياه؛ لأنَّه قام له مقام المال الذي يتوصَّل به إلى النكاح وغيره من المقاصد، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 388]

(1/9143)


[حديث: خيركم من تعلم القرآن وعلمه]
5027# قوله: (عَنْ [1] عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ): هو بفتح الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا معروفٌ عند أهله، وكذا (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبيِّعة، و (السُّلَميُّ): بضمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّم مترجمًا، وقوله: (عَنْ عُثْمَانَ): هو ابن عفَّان، وفي الصَّحابة من اسمه (عثمان) ثلاثة وعشرون نفرًا، لكن منهم من الصحيح أنَّه تابعيٌّ أربعة، ومنهم مَن هو غلطٌ واحد، فلهذا ميَّزته، وأصحاب الرواية منهم أربعة.
تنبيهٌ: رواية أبي عبد الرَّحمن السُّلَميِّ عن عثمان: قال شعبة: إنَّه لم يسمع منه، وقد أخرج له البُخاريُّ عن عثمان حديثين؛ هذا: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه»، والآخر: (أنَّ عثمان أشرف عليهم وهو محصور)، وقد عُلِم أنَّ البُخاريَّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللقيِّ، وقد عقَّب البُخاريُّ حديث: «خيركم ... » هذا، أنَّ عبد الرَّحمن جلس للإقراء في إمرة عثمان، وقد روى حسين الجعفيُّ عن محمَّد بن أبان عن علقمة بن مرثد قال: تعلَّم أبو عبد الرَّحمن القرآن من عثمان، وعرض على عليٍّ، وقال أبو عمرو الدانيُّ: أخذ أبو عبد الرَّحمن القراءة عرضًا عن عثمان، وعليٍّ، وابن مسعود، وأُبيِّ بن كعب، وزيد بن ثابت، رضي الله عنهم، انتهى، وأبو عبد الرَّحمن السُّلَميُّ ليس مدلِّسًا؛ فاعلمه، والله أعلم.

(1/9144)


[حديث: إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه]
5028# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، نصَّ عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَلْقَمَة بْن مَرْثَدٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبط أبيه، ولم يذكر في هذه الطريق سعد بن عبيدة، فإن أردت أن تنظر أيُّ الطريق أصحُّ؛ فانظر «الأطراف» للمِزِّيِّ، فإنَّه أطال فيه، ومن جملة ذلك قال: والمحفوظ رواية الجماعة عن سفيان؛ يعني: بحذف سعد بن عبيدة، قال: وهو ممَّا حُكِمَ فيه لسفيان على شعبة، والله أعلم، وتَقَدَّم أعلاه (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ)؛ فانظره.

(1/9145)


[حديث: أعطها ولو خاتمًا من حديد]
5029# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد بن درهم المشهور الإمام، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ): هذه المرأة تَقَدَّم الكلام عليها في (سورة الأحزاب)، وقد ذكرت هناك مَن قيل: إنَّها وهبت نفسها له عَلَيهِ السَّلام.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: («مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟»، قَالَ: كَذَا وَكَذَا)، وسيأتي: (مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، عَدَّدَهَا) [خ¦5087]: هذه السور التي عدَّدها هي سورة البقرة والتي تليها، كذا في «أبي داود»، وفي «الدارقطنيِّ» بسند ضعيف من حديث عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود في قصَّة الواهبة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام في الثالثة لمَّا قال الخاطب: أحفظ سورة البقرة، وسورًا من المفصَّل؛ [قال]: «أنكحتُكها [1] على أن تُقرِئَها وتُعلِّمَها، وإذا رزقك الله؛ عَوِّضْها»، فتزوَّجها الرجل على ذلك، وفي «النَّسائيِّ» من حديث عسل بن سفيان _وفيه ضعفٌ_ عن عطاء عن أبي هريرة: قال له: أحفظُ البقرة أو التي تليها، قال: «فقم فعلِّمها عشرين آيةً، وهي امرأتك»، وعند أبي داود: (والتي تليها)، وروى ابن أبي شيبة وغيرُه _وقد تَقَدَّم قريبًا عزوه إلى أحمد_ من حديث أنس رضي الله عنه: أنَّه عَلَيهِ السَّلام سأل رجلًا من أصحابه فقال: «يا فلان؛ تزوَّجت؟» قال: لا، وليس عندي ما أتزوَّج به، قال: «أليس معك: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، وفي غيره: «ثلث القرآن»، وفي رواية أبي الشيخ: «أليس معك آية الكرسيِّ؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن».
قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّم أنَّ (الخاتم) فيه لغات؛ فتح التاء وكسرها، والختام، والخاتام.
تنبيهٌ: في قوله عَلَيهِ السَّلام: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» دليلٌ على أنَّ قراءة القرآن أفضل أعمال البِرِّ كلِّها؛ لأنَّه لمَّا كان مَن تعلَّمه وعلَّمه أفضلَ الناس وخيرَهم؛ دلَّ على ذلك؛ لأنَّه إنَّما أوجب له الخيريَّة والفضل من أجل القرآن، وكان له فضل التعليم جاريًا ما دام كلُّ من علَّمه باقيًا.
فإن قلت: أيُّما أفضل؟ تعلُّم القرآن أو تعلُّم الفقه؟

(1/9146)


فالجواب: أنَّ الثاني أفضل، وعن ابن الجوزيِّ: تعلُّم اللازم منهما [2] فرضٌ على الأعيان، وتعلُّم جميعهما فرضٌ على الكفاية، إذا قام به قومٌ؛ سقط الحرج عن الباقين، وقد استويا في الحالتين، فإن فرضنا الكلام [في التزيُّد] منهما [3] على قدر الواجب في حقِّ الأعيان؛ فالتشاغل بالفقه أفضل، وذلك راجع إلى حاجة الإنسان؛ لأنَّ الفقه أفضل من القراءة؛ يعني: من الإتيان بها، وإنَّما كان الأقرأُ في زمنه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هو الأفقهَ، فلذلك قدَّم القارئَ في الصلاة، وقال عليه: «خيركم ... »؛ الحديث، والله أعلم.
[ج 2 ص 388]

(1/9147)


[باب القراءة عن ظهر القلب]

(1/9148)


[حديث: إن امرأة جاءت رسول الله فقالت: يا رسول الله جئت ... ]
5030# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً): تَقَدَّمت هذه المرأة في (سورة الأحزاب) بما فيها من الاختلاف.
قوله: (لِأَهَبَ): هو بفتح الهاء، واللام لام (كي)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ): (صعَّد) و (صوَّب): مشدَّدان، وكذا هو في أصلنا، قال شيخنا: كما نبَّه عليه ابن العربيِّ.
قوله: (ثُمَّ طَأْطَأَ): هو بهمزتين؛ الأولى ساكنة، ويجوز تسهيلها، والثانية مفتوحة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا وبعيدًا أيضًا بِلُغَاتِه.
قوله: (حَتَّى طَالَ مَجْلَسُهُ): هو بفتح اللام في أصلنا وفي أصل آخرَ صحيحٍ، وهو صحيحٌ، قال الجوهريُّ: (والمجلِس؛ يعني: بالكسر: موضع الجلوس، والمَجلَس؛ بفتح اللام: المصدر، انتهى، ولا شكَّ أنَّ الرجل لم يَطُلْ موضعُ جلوسه، إنَّما طال جلوسُه، يقال: جلس جلوسًا، وأجلسه غيره، وقوم جلوس.
قوله: (فَدُعِيَ): هو بضمِّ الدال، وكسر العين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
قوله: (مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا بما أستحضره من الروايات في ذلك.
قوله: (فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ): وفي «سنن أبي داود»: «علِّمها عشرين آيةً، وهي امرأتك»، والجمع ممكن؛ وتقديره: ببعض ما معك من القرآن.
تنبيهٌ: قوله هنا: (ملَّكْتُكَها)، وقد رُوِيَ في «الصحيح»: (ملَّكْنَاكَها)، ورُوِيَ فيه: (زوَّجناكها)، وغير ذلك، قال شيخنا في (الوكالة): قال الطرقيُّ: (أملكناكها) رواية محمَّد بن مطرِّف، ولم يقل أحد منهم: (ملَّكتكها) إلَّا ابن أبي حازم ويعقوب بن عبد الرَّحمن، وقال ابن عيينة: (أنكحتكها)، والباقون قالوا: (زوَّجتكها)، وقال الدارقطنيُّ: مَن روى: (ملَّكتكها)؛ وَهِم، ومَن روى: (زوَّجتكها)؛ الصواب، انتهى.
==========
[ج 2 ص 389]

(1/9149)


[باب استذكار القرآن وتعاهده]

(1/9150)


[حديث: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل ... ]
5031# قوله: (إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ): (مَثَل): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميم والثاء.
قوله: (الْمُعَقَّلَةِ): هو بضمِّ الميم، وفتح العين، وتشديد القاف المفتوحة، اسم مفعول، وهذا ظاهرٌ.
==========
[ج 2 ص 389]

(1/9151)


[حديث: بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ... ]
5032# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّم أنَّه بعينَين مهملتين، وراءين؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعدها تاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (مَنْصُور): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
قوله: (نَسِيتُ): هو بفتح النون، وكسر السين، وتاء مضمومة تاء المتكلِّم.
قوله: (كَيْتَ وَكَيْتَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّها بفتح التاء وكسرها، والتاء فيهما هاء في الأصل، فصارت تاءً في الوصل، وحكى في تائها ابنُ الأثير الضمَّ؛ ومعناه: كذا وكذا.
قوله: (بَلْ هُوَ [1] نُسِّيَ): هو بضمِّ النون، وكسر السين المشدَّدة، قال ابن قُرقُول: («ولكنَّه نُسِّيَ»؛ يعني: مبنيًّا للمفعول، كذا قيَّدناه عن الصدفيِّ وغيره؛ أي: ولكنَّ الله نسَّاه، كما تَقَدَّم في قوله: (أو أُنسيَ)، وضبطناه عن الأسَديِّ عن الوقَّشيِّ: (نُسِي)؛ بضمِّ النون أيضًا، ولكن مع تخفيف السين؛ أي: نُسِيَ من الخير؛ أي: تُرِك منه؛ كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى} [طه: 126]، انتهى.
تنبيهٌ: كره نسبة النسيان إلى النفس؛ لمعنيين: أحدهما: أنَّ الله تعالى هو الذي أنساه إيَّاها؛ لأنَّه المقدِّر للأشياء كلِّها، والثاني: أنَّ أصل النسيان التركُ، فكره أن يقول: تركت القرآن، أو قصدت إلى نسيانه، ولأنَّ ذلك لم يكن باختياره، يقال: نسَّاه الله وأنساه، قال ابن الأثير بعد أن ذكر حكمة النهي بما ذكرته: ولو رُوِيَ بالتخفيف؛ لكان معناه: تُرِكَ من الخير وحُرِم، ورواه أبو عبيد: بئس ما لأحدهم أن يقول: نَسيت أنَّه كيت وكيت، ليس هو نَسِيَ، ولكنَّه نُسِّيَ، وهذا اللفظ أبين من الأوَّل، واختار فيه أنَّه بمعنى الترك، انتهى، وقد قدَّمتُ لك عن ابن قُرقُول: أنَّه رُوِيَ: (نُسِيَ)؛ بالتخفيف، والله أعلم.
قوله: (تَفَصِّيًا): (التَّفَصِّي)؛ بفتح المثنَّاة فوق والفاء، وتشديد الصاد المهملة المكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت: التفلُّت والبينونة.
قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ: عَنْ [2] جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ) أمَّا (عثمان): فهو ابن أبي شيبة الحافظ، أخو الحافظ الكبير، وهو الكبير في السنِّ؛ أعني: عثمان، تَقَدَّم، وهو عثمان بن محمَّد، و (جرير): هو ابن عبد الحميد، و (منصور): هو ابن المعتمر.

(1/9152)


قوله: (تَابَعَهُ بِشْرٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ فإنَّه يعود على محمَّد بن عرعرة راويه عن شعبة، و (بِشْر): هو ابن محمَّد، بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وبشر هذا مروزيٌّ، روى عن ابن المبارك والسِّينانيِّ، وعنه: البُخاريُّ والفريابيُّ، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وأرَّخ وفاته بسنة (224 هـ)، وكذا ابن عساكر في «النبل» أرَّخها، انفرد به البُخاريُّ، و (ابن المبارك): عبد الله، ومتابعة بشر لم أرَها عنه به إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها الإسماعيليُّ بنحوها عن الفربريِّ: حدَّثنا مزاحم بن سعيد: حدَّثنا عبد الله بن المبارك: حدَّثنا شعبة، انتهى.
قوله: (وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ شَقِيقٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ): (ابن جُرَيج): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَبْدة): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن أبي لبابة، والضمير في (تابعه) يعود على منصور، راويه عن أبي وائل؛ وهو شقيق، وفي هذه المتابعة التصريح برواية أبي وائل شقيقٍ من عبد الله _هو ابن مسعود_ بالسماع؛ لأنَّه في الطريق الأولى رواه عن عبد الله بالعنعنة، وأبو وائل ليس مدلِّسًا، لكن ليخرج مِن خلاف مَن خالف فيه، وتصريح عبد الله بالسماع من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّه في الأوَّل قال: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهذه المتابعة أخرجها مسلم في (الصلاة) عن محمَّد بن حاتم، عن محمَّد بن بكر، عن ابن جُرَيج به، وأخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن محمَّد بن جُحادة، عن عَبْدة به.
==========
[1] (هو): ليست في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي ثابتة في رواية الحديث (5039).
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).
[ج 2 ص 389]

(1/9153)


[حديث: تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا ... ]
5033# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد) بعده: بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيسٍ الأشعريِّ، و (أَبُو بُرْدَة): تَقَدَّم أنَّ اسمه الحارث، وقيل: عامر، و (أَبُو مُوسَى) هنا: في نسب (بريد).
قوله: (تَفَصِّيًا): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.
==========
[ج 2 ص 389]

(1/9154)


[باب القراءة على الدابة]

(1/9155)


[حديث: رأيت رسول الله يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح]
5034# قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو إِيَاسٍ): هو بالمثنَّاة تحت، واسمه: معاوية بن قرَّة، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم ضبط والده مرارًا، وأنَّه صَحابيٌّ.
[ج 2 ص 389]

(1/9156)


[باب تعليم الصبيان القرآن]
قوله: (بابُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ): قال ابن المنيِّر بعدما ذكر ما في الباب على عادته: إنَّما ذكر قول ابن جُبَير؛ توطئةً لتفسير ابن عبَّاس المحكَم بالمفصَّل، وأنَّه تعلَّمه وهو صبيٌّ، ولو استشهد بمثل: «غطُّوا است قارئكم»، وكان طفلًا لم يلزم ستر عورته بعدًا؛ لكان أقعد بتعليم [1] الصبيان، انتهى، (والقرآن): منصوب في الترجمة؛ لأنَّه مفعول المصدر، وهو (تعليم)، (والصبيان): مجرورٌ مضاف، وهذا كلُّه ظاهرٌ.
==========
[1] في (أ): (بتلعيم)، وهو تحريف.
[ج 2 ص 390]

(1/9157)


[حديث: توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنين]
5035# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، تَقَدَّم مترجمًا.
قوله: (إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ): تَقَدَّم في (المفصَّل) عَشَرةُ أقوالٍ، وأنَّ الصحيح: أنَّه من (الحجرات) إلى [1] آخر القرآن، وأنَّه إنَّما سُمِّيَ مفصَّلًا؛ لكثرة فصوله، أو لقلَّة المنسوخ فيه.
قوله: (هُوَ الْمُحْكَمُ): هو بإسكان الحاء، وفتح الكاف، وإنَّما قيل للمفصَّل: المحكم؛ لأنَّه لم يُنسَخ منه شيء، كذا قيل، وقد قدَّمتُ أنَّ فيه منسوخًا، وقيل: (المحكم): ما لم يكن متشابهًا؛ لأنَّه أُحكِم بيانُه بنفسه، ولم يفتقر إلى غيره، والله أعلم.
قوله: (تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ): اعلم أنَّه اختُلِف في سنِّ ابن عبَّاس عبدِ الله عند وفاة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ فهنا: عشر سنينَ، كما ترى من رواية سعيد بن جُبَير، قال شيخنا عن هذه الرواية نقلًا عن الداوديِّ: إنَّها وَهَمٌ، وقد قال: تُوُفِّيَ وأنا ابن أربع عشرة، انتهى.
وفي «الصحيح» أيضًا: أنَّه كان في حجَّة الوداع قد ناهز الاحتلام، وفي رواية ابن إسحاق عن سعيد بن جُبَير عنه: (قُبِض النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأنا ختينٌ)، وفي لفظ: (وأنا ابن خمس عشرة)، وذكر الزُّبَير والواقديُّ: أنَّه وُلِدَ في الشِّعب، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنةً حين تُوُفِّيَ عَلَيهِ السَّلام، وقال ابن حبَّان: أربع عشرة، وقال عمرو بن عليٍّ: الصحيح عندنا: أنَّه تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وكان قد استوفى ثلاث عشرة، ودخل في أربع عشرة، والله أعلم.
فالحاصل في سنِّه أقوال: عشر سنين وقد وُهِّمَت، وناهز الحلم، وأيضًا وهو ختين؛ أي: مختون، وابن خمس عشرة، وثلاث عشرة سنة، وأربع عشرة، وثلاث عشرة ودخل في أربع عشرة، ورواية: (ناهز الحلم) وكذا (وأنا ختن) لا تنافي رواية من أرَّخ بالسنين، والله أعلم، فصارت الروايات: خمس عشرة، وأربع عشرة، وثلاث عشرة، وعشرة وقد وُهِّمَت.

(1/9158)


[حديث: جمعت المحكم في عهد رسول الله ... ]
5036# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقيُّ البغداديُّ الحافظ، عن هُشَيم، والدراورديِّ، وعنه: الجماعة والمحامليُّ، وله مسند، تُوُفِّيَ سنة (252 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو [1] أحد الجماعة الذين اشترك الأئِمَّة السِّتَّة في الأخذ عنهم، وقد ذكرتهم في أوائل هذا التعليق، و (هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بشير، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.
==========
[1] في (أ): (وقد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 390]

(1/9159)


[باب نسيان القرآن وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟]
قوله: (بابُ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ): ذكر ابن المنيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على نسيان القرآن، فأضاف النسيان إليه، وذكر الأحاديث التي ظاهرها التعارض، فقوله عَلَيهِ السَّلام: «أسقطتهنَّ من سورة كذا» يدلُّ على الجواز؛ لأنَّ الإسقاط نسيانٌ، وقد أضافه إلى نفسه على أنَّه الفاعل، وإلى القرآن على أنَّه المتعلَّق، وقوله: «بئس ما لأحدهم يقول: نسيت آية كذا» إنكارٌ لهذا الإطلاق، فأفهم أنَّ محمل [1] المنع غير محمل الإذن، فالذي مَنَع؛ يوهم بإطلاقه أنَّه ترك شيئًا من كتاب الله؛ لأنَّ (نسي) مشتركٌ بين «سها» وبين «ترك» قصدًا، فلمَّا كان موهمًا [2]؛ مُنِع إطلاقه، وأمَّا قوله: (أذكرني آية أسقطتها)؛ فهو صريح في السهو بقرينة قوله: (أذكرني)، فزال [3] الوَهَم، فجاز الإطلاق، وظنَّ الشارح أنَّ النهي عن قوله: (نسيت) من قبيل إلزام إضافة الأفعال إلى الله؛ لأنَّه خالقها حقيقةً، وأضافها إلى الغير مجازًا، وهذا وَهَمٌ منه؛ لأنَّه لو كان كذلك؛ لاطَّرد كلُّ فعل، ولعارض قوله: (أسقطتهنَّ)، ثُمَّ هو خلاف الإجماع في جواز إضافة أفعال العباد إليهم مع العلم بأنَّها مخلوقة لله تعالى، فليس إلَّا ما قدَّمتُه، والله أعلم، ولهذا خلص الوَهَم بقوله: (بل هو نُسِّيَ)؛ لأنَّ هذا لا يوهم الترك عمدًا من نفسه؛ فتأمَّله، انتهى، وقد تأمَّلتُه فرأيتُه حسنًا.

(1/9160)


[حديث: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً من سورة كذا]
5037# قوله: (حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى): هذا هو الأُشْنانيُّ، عن مالك بن مِغْوَل وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والكجيُّ، قال أبو حاتم: ثِقةٌ ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، و (زَائِدَةُ) بعده: هو زائدة بن قدامة.
قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ): هذ الرجل اسمه عبد الله بن يزيد الخطميُّ الأنصاريُّ، قاله الخطيب البغداديُّ، وكذا نقله عنه النَّوويُّ في «مبهماته»، انتهى، وقد وقع هذا الحديث في هذا «الصحيح» في (الشهادات)، وفيه: وزاد عبَّاد بن عبد الله عن عائشة قالت: (تهجَّد النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في بيتي، فسمع صوت عبَّاد ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّم في (باب شهادة الأعمى) أنَّ شيخنا أفاد عن ابن التين: أنَّه عبَّاد بن بشر، وأنِّي وقفت على نسخة بـ «صحيح البُخاريِّ» صحيحةٍ وفيها: عبَّاد بن تميم، وقد عُلِّم على النسب علامة الفربريِّ، والله أعلم، وقد ذكر ابنُ بشكوال الحديثَ، وهو الحديث السابع بعد المئة، وذكر زيادة عبَّاد، وأنَّه عبَّاد، ولم ينسبه، ثُمَّ قال: وقد جاء أيضًا أنَّه عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ، وشاهده في «غوامض عبد الغنيِّ الأزديِّ»، وفي «المنتخب» لعليِّ بن عبد العزيز، وقد ذكرت هناك ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ رحمه الله.
قوله: (حَدَّثَنَا عِيسَى): هذا هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، تَقَدَّم، وأنَّه أحد الأعلام في الحفظ والعبادة.
قوله: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (عليُّ بن مُسْهر)؛ فهو كوفيٌّ حافظ، كنيته أبو الحسن، يروي عن هشام والأعمش، وعنه: هنَّاد وعليُّ بن حجر، وكان فقيهًا محدِّثًا ثِقةً، أخرج له الجماعة، تَقَدَّم، وأنَّه تُوُفِّيَ سنة (189 هـ)، وأمَّا (عبْدة)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، ومتابعة عليِّ بن مُسْهر أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن بشر بن آدم عن عليٍّ به، وأمَّا متابعة عَبْدة؛ فأخرجها البُخاريُّ في (الدعوات) عن عثمان ابن أبي شيبة، ومسلم في (الصلاة) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، والنَّسائيُّ في (فضائل القرآن) عن إسحاق بن إبراهيم؛ ثلاثتهم عن عَبْدة بن سليمان به، والله أعلم، والضمير في (تابعه) يعود على عيسى؛ هو ابن يونس، والله أعلم.
[ج 2 ص 390]

(1/9161)


[حديث: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً كنت أنسيتها]
5038# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (سَمِعَ النَّبيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ [2] بِاللَّيْلِ): تَقَدَّم الكلام عليه في ظاهرها وفي (الشهادات) مطوَّلًا.
قوله: (كُنْتُ أُنْسِيتُهَا): هو بضمِّ الهمزة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/9162)


[حديث: ما لأحدهم يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي]
5039# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مَنْصُور): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
قوله: (كَيْتَ وَكَيْتَ): تَقَدَّم [الكلام] عليها قريبًا، وأنَّها مثنَّاة التاء، وأنَّ معناها: كذا وكذا.
قوله: (بَلْ هُوَ نُسِّيَ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا.
==========
[ج 2 ص 391]

(1/9163)


[باب من لم ير بأسًا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا]

(1/9164)


[حديث: الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه]
5040# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن غياث، وضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، تَقَدَّم نسبه وبعض ترجمته، وأنَّه ليس بدريًّا على الصحيح، وإنَّما كان ينزل ماء ببدر فنُسِب إليها، وتَقَدَّم انتقادُه على البُخاريِّ، في (بدر).
قوله: (كَفَتَاهُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (فضل سورة البقرة).
==========
[ج 2 ص 391]

(1/9165)


[حديث: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه]
5041# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (عُرْوَةُ): هو ابن الزُّبَير بن العوَّام بن خُوَيلد، أحد الفقهاء السبعة، مشهور، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، و (المسور): صَحابيٌّ صغير، وأنَّ مخرمة والدَه صَحابيٌّ أيضًا، (وَعَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدٍ): من غير إضافة، و (الْقَارِيُّ): بتشديد الياء، منسوب إلى القارَة؛ القبيلة المعروفة، و (هِشَام بْن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ)؛ بفتح حاء أبيه، وكسر الكاف، و (حزام): بالزاي.
قوله: (عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ): قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: بيَّنها ابن عبد البَرِّ في «التمهيد» في كلامه على هذا الحديث.
قوله: (أُسَاوِرُهُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (باب: نَزَلَ القرآن على سبعة أحرف)، وكذا (فَلَبَبْتُهُ)، وأنَّه بالتشديد والتخفيف، وكذا (عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)، في الباب المذكور أعلاه.
==========
[ج 2 ص 391]

(1/9166)


[حديث: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً أسقطتها ... ]
5042# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة.
قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِئًا يَقْرَأُ ... )؛ الحديث: تَقَدَّم الكلام على هذا القارئ مَن هو قريبًا وبعيدًا في (الشهادات).
==========
[ج 2 ص 391]

(1/9167)


[باب الترتيل في القراءة وقوله تعالى {ورتل القرآن ترتيلًا}]
قوله: (بابُ التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ): ساق ابن المنيِّر ما في الباب باختصار محذوف الأسانيد، ثُمَّ قال: الصحيح في تأويل قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106]: أنَّ المراد: نزَّلناه نجومًا، لا جملة واحدة، بخلاف الكتب المتَقَدِّمة، فإنَّها نزلت جملةً واحدةً، وهكذا معنى {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]: تقرؤه على الناس بحسب نزوله في ثلاث وعشرين سَنةً، وعلى هذا التأويل يخرج عن مقصود الترجمة، إلَّا أن يقال: لمَّا أنزله منجَّمًا مفرَّقًا، ناسب [1] هذه الأناةَ في تلاوته والمهل، [و] هو معنى الترتيل، انتهى.
قوله: (وَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ): (يُكرَه): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُهَذَّ): مبنيٌّ أيضًا، وهو بالذال المعجمة، و (كهذِّ): بالمعجمة أيضًا، تَقَدَّم في (باب الجمع بين السورتين) في (كتاب الصلاة): أنَّ فيه الحثَّ على الترتيل والتدبُّر، وبه قال جمهور العلماء، قال القاضي عياض: وأباحت طائفةٌ قليلةٌ الهذَّ، انتهى، وهنا قد قال البُخاريُّ: إنَّ الهذَّ مكروهٌ.
تنبيهٌ: اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقراءة القليل، أو السرعة مع كثرة القراءة؛ أيُّهما أفضل؟ على قولين: فمذهب ابن عبَّاس وابن مسعود وغيرهما: أنَّ الترتيل والتدبُّر مع قلَّة القراءة أفضلُ من السرعة مع كثرتها، واحتجَّ أرباب هذا القول بأشياء ذكرها الحافظ شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي» ... إلى أن قال: وقال أصحاب الشافعيِّ: كثرة القراءة أفضل، واحتجُّوا بحديث ابن مسعود: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «مَن قرأ حرفًا من كتاب الله؛ فَلَهُ حسنة ... »؛ الحديث، رواه التِّرْمِذيُّ وصحَّحه، قالوا: ولأنَّ عثمان قرأه في ركعة، وذكروا آثارًا كثيرة عن السلف في كثرة القراءة، قال ابن القيِّم: والصواب في المسألة أن يقال: إنَّ ثواب قراءة الترتيل والتدبُّر أجلُّ وأرفع قدرًا، وثواب كثرة القراءة أكثرُ عددًا، فالأوَّل: كمن تصدَّق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدًا قيمته نفيسة، والثاني: كمن تصدَّق بعدد من الدراهم، أو أعتق عددًا من العبيد قيمتهم رخيصة ... إلى آخر كلامه، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (فالسبب)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 391]

(1/9168)


[حديث: إنا قد سمعنا القراءة وإني لأحفظ القرناء ... ]
5043# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقب محمَّد عارم، وتَقَدَّم ما معنى (عارم)، و (وَاصِلٌ) هذا: هو ابن حيَّان الأحدب، كما ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقال شيخنا: هو مولى أبي عيينة، كما ذكره خلف في «أطرافه»، وعند الإسماعيليِّ: واصل الأحدب ابن حيَّان، انتهى، ومولى أبي عيينة لم يروِ له البُخاريُّ شيئًا، بل ولا له رواية عن أبي وائل عن ابن مسعود في الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي [1] قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ): هذا الرجل هو نهيك بن سنان، كذا في «مسلم»، وقد تَقَدَّم في (الصلاة).
قوله: (قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ): تَقَدَّم في المفصَّل عشَرة أقوالٍ قريبًا وبعيدًا، وأنَّ الأصحَّ: أنَّه مِن (الحجرات) إلى آخر القرآن، وتَقَدَّم لمَ قيل له: المفصَّل، وقد قال المحبُّ الطبريُّ في هذا الحديث: قيل: أراد القرآن كلَّه، ثمَّ ذكر خلافًا، ثُمَّ بعض الأقوال في المفصَّل من أين، فذكر بعض ما ذكرته فيه.
قوله: (هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ): تَقَدَّم ضبطه ومعناه أعلاه وقبله أيضًا.
[ج 2 ص 391]
قوله: (ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ، وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ {حم}): تَقَدَّم الكلام على هذه السور وتعيينُها في (باب الجمع بين السورتين) في (كتاب الصلاة).

(1/9169)


[حديث: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي ... ]
5044# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد القاضي.
قوله: (وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ): (يُعرَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 392]

(1/9170)


[باب مد القراءة]

(1/9171)


[حديث: كان يمد مدًا]
5045# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (حازمًا) بالحاء المهملة.
==========
[ج 2 ص 392]

(1/9172)


[حديث: قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد ببسم الله ويمد بالرحمن]
5046# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ [1]: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ... )؛ الحديث: كذا في أصلنا: عُمر بن حفص، وفي بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة: حدَّثنا عمرو بن عاصم، وكذا في نسخة أخرى، ونسخة أخرى، وقد راجعت «أطراف» الحافظ جمال الدين المِزِّيِّ شيخ شيوخنا فرأيته ذكر الحديث عن عمرو بن عاصم، ولم يذكر فيه خلافًا، وكذا لم يتعرَّض له أبو عليٍّ الغسَّانيُّ ولا ابن قُرقُول في «مطالعه»، فالظاهر صحَّة ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وخطأ أصلنا القاهريِّ، وقد راجعت كلام الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» فرأيته ذكر في ترجمة همَّام بن يحيى العَوْذيِّ: أنَّه روى عنه عمرو بن عاصم، ولم يذكر فيهم عمر بن حفص بن غياث، وكذا ذكر في ترجمة عمرو بن عاصم: أنَّه روى عن همَّام بن يحيى، وراجعت ترجمة عمر بن حفص بن غياث، فلم أره ذكر فيها روايته عن همَّام بن يحيى العَوْذيِّ، والله أعلم.
قوله: (يَمُدُّ بِبِسْمِ اللهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ): يعني: أنَّه يمكَّن القراءة، وليس في الثلاثة مدٌّ، والله أعلم.

(1/9173)


[باب الترجيع]
قوله: (بابُ التَّرْجِيعِ): (الترجيع) هنا: ترديد الصوت في القراءة، وقد تَقَدَّم.
==========
[ج 2 ص 392]

(1/9174)


[حديث: رأيت النبي يقرأ وهو على ناقته]
5047# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ) تَقَدَّم قريبًا أنَّه بالياء، وأنَّه معاوية بن قرَّة، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم، وتَقَدَّم ضبط أبيه، وأنَّه صَحابيٌّ أيضًا.
قوله: (قِرَاءَةً لَيِّنَةً): (اللَّيِّنة) _والله أعلم_: السهلة على اللسان، ويقال: (لِيْنَة)؛ بالتخفيف لغةٌ في (لَيِّنة)، وقد تَقَدَّمت اللُّغتان في كلام البُخاريِّ.
==========
[ج 2 ص 392]

(1/9175)


[باب حسن الصوت بالقراءة]
قوله: (بابُ: حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ لِلقُرآن): ساق ابن المنيِّر حديث الباب، ثُمَّ قال: الصوت: يُطلَق على وجهين: يُطلَق على الغُنَّة الخِلقيَّة، فهذا لا يُتَرجَم عليه؛ لأنَّه غير مكتسب ولا تكليف به، ويُطلَق على تعاطي حسن الصوت ممَّن هو خِلقة فيه، فيزيده حسنًا، ومَن ليس خلقةً فيه؛ فيتسلَّق على أن يكتسبه، وهذا يدخل تحت التكليف والترجمة، وليحذر أن يتكلَّف من ذلك ما يفسد عليه أصل صلاته إن كان مصليًّا، أو أصل الفضل إن كان تاليًا، وقد رأينا بعضهم يكثر من التنحنح، فزعم أنَّه يصقل حلقة، وذلك في أثناء الصلاة، فيبطل على نفسه وعلى مأموميه، انتهى، واعلم أنَّ التنحنح إن كان لتعذُّر قراءة الفاتحة؛ فإنَّه يجوز، وإن كان للجهر بها أو بغيرها، فإنَّه لا يجوز، وفيه وفي الضحك والبكاء والأنين والنفخ وجهان للشافعيَّة: الصحيح عندهم: إن ظهر بأحدها حرفان؛ بطلت الصلاة، وإلَّا؛ فلا، فإذا كان إمامًا وفعل ذلك الذي لا يجوز ففارقه المأموم؛ صحَّت صلاته، وإذا تمادى في القدوة؛ بطلت، والله أعلم.

(1/9176)


[حديث: يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود]
5048# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ): هو بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النسبة، قال الدِّمْياطيُّ: أبو يحيى [1] عبد الحميد بن عبد الرَّحمن، لقب عبد الرَّحمن بَشْمِين [2] الحِمَّانيُّ مولاهم، الكوفيُّ، وحِمَّانُ من تميم، وهو والد يحيى الحِمَّانيِّ، وأصله خوارزميٌّ، مات عبد الحميد سنة اثنتين ومئتين، والراوي عنه: أبو بكر محمَّد بن خلف البغداديُّ المقرئ، المعروف بالحدَّاديِّ، مات في ربيع الأوَّل سنة (262 هـ)، قاله ابن عساكر، انفرد بهما البُخاريُّ، وليس لهما في كتابه سوى هذا الحديث، انتهى.
واعلم أنَّ عبد الحميد وثَّقه ابن معين، وقال أبو داود: كان داعية في الإرجاء، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن عديٍّ: هو وابنه ممَّن يكتب حديثهما، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم في المقدِّمة، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».
وأمَّا (مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ): المعروف بالحدَّاديِّ؛ بالحاء، والدال المشدَّدة، المهملتين، وهي نسبة العجم إلى صنعة الحديد، قال الدار قطنيُّ: ثِقةٌ فاضل، وقول الدِّمْياطيِّ فيه: «مات في ربيع الأوَّل سنة اثنتين وستِّين ومئتين»، وعزاه لابن عساكر؛ فيه نظرٌ، لأنَّ الذي في «النبل» لابن عساكر: سنة إحدى وستِّين ومئتين، كذا في نسختي بـ «النبل»، وهي بخطِّ والد الشيخ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس اليعمريِّ، وكذا هو في «تذهيب الذهبيِّ»، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى): أمَّا (بُريد)؛ فهو بضمِّ الموحَّدة، مُصغَّر، وقد تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا، و (أبو بردة) جدُّه: تَقَدَّم أنَّ اسمه الحارث، وقيل: عامر، وأنَّ (أبا موسى) عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ.

(1/9177)


قوله: (مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ): (المِزمار): بكسر الميم، معروف، شبَّه حسن صوته وحلاوةَ نغمته بصوت المزمار، و (داود): هو النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وإليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة، و (الآلُ) في قوله: (آل داود) مقحمة، قيل: معناه ههنا: الشخص، وفي «مطالع ابن قُرقُول» ما لفظه: ومزمور الشيطان: مزماره، وهي من الزَّمَّار؛ وهو الصوت العالي، وقيل: الصوت الحسن، ومنه قوله: «لقد أوتيت مزمارًا»؛ أي: صوتًا حسنًا، والزَّمير: الغناء.

(1/9178)


[باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره]

(1/9179)


[حديث: إني أحب أن أسمعه من غيري]
5049# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ غِياثًا بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين المهملة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّم مِرارًا، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ؛ بفتح السين وإسكان اللَّام، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.
تنبيهٌ: ذكر هذه القصَّة لعبد الله؛ هو ابن مسعود، وكذا في «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وهذا المعروف، وذكرها في «عوارف المعارف» فيما يَتعلَّق بالسماع لأُبيِّ بن كعب، وكأنَّه غلطٌ، ويبعد تعدُّد الواقعة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 392]

(1/9180)


[باب قول المقري للقاري: حسبك]

(1/9181)


[حديث ابن مسعود: قال لي النبي: اقرأ علي ... ]
5050# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريانيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البُخاريِّ محمَّد بن يوسف، في أوائل هذا التعليق، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، و (الأَعْمَش): سليمان بن مهران، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): تَقَدَّم أعلاه.
قوله: (بابُ قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ: حَسْبُكَ): (المُقرئُ): هو الأستاذُ الشَّيخُ؛ لأنَّه مِن (أقرأ)؛ فهو مُقرِئ، اسمُ فاعل، و (القارئ): الطَّالب التلميذ؛ لأنَّه مِن (قرأ)، اسم فاعل أيضًا، و (حَسْبُك): أي: كافيك، ساق ابن المنَيِّر حديث ابن مسعود محذوف الإسناد على عادته، ثُمَّ قال: (مَدخَل هذه الترجمة في [1] الفقه: إزاحة الشُّبهة عمَّن يستمع قارئَ قرآنٍ أو حديثٍ يعرض له مانعٌ من مللٍ أو غيره؛ فله أن يكفَّ القارئ، ولا يُجرَحُ بكونه قطع عليه التلاوة، ولا يعدُّ ممَّن استخفَّ بكتاب الله؛ لأنَّ الدِّينَ يسرٌ، والله أعلم)، انتهى.
تنبيه: تَقَدَّم أعلاه تنبيهٌ على غلطٍ وقع في «عوارف المعارف» للسَّهرورديِّ، فإنَّه ذكر هذه القصَّة لأُبيِّ بن كعب، والمعروف ما قدَّمتُه أعلاه.
قوله: (تَذْرِفَانِ): تَقَدَّم الكلام عليه؛ ومعناه: تنصبَّان دمعًا [2].
==========
[1] في (أ): (من)، وكتب في الهامش: (لعلَّه: في)، وهو الموافق لمصدره.
[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) قبل قوله: (بابُ قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ: حَسْبُكَ).
[ج 2 ص 392]

(1/9182)


[باب: في كم يقرأ القرآن وقول الله تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه}]
[ج 2 ص 392]
قوله: (بابٌ فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ): (يُقرَأ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القرآن): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، كذا في أصلنا.
قوله: (وَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ): (قولُ): مرفوع؛ لأنَّه معطوف على (بابٌ) المنوَّن المرفوع، كذا في أصلنا، وهذا ظاهرٌ، ويجوز رفع (باب) من غير تنوين، فإن فعلتَ ذلك؛ فاقرأ: (وقولِ الله)؛ بالجرِّ.

(1/9183)


[حديث: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات]
5051# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله، ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (ابْنُ شُبْرُمَةَ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن شبرمة بن طفيل بن حسَّان، أبو شبرمة، الضَّبُّيُّ الكوفيُّ القاضي، الفقيه، عالم أهل الكوفة، عن أنس، وأبي الطُّفيل، والشعبيِّ، وإبراهيم النخَعيِّ، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وطائفةٍ، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وابن المبارك، وهُشَيم، وخلق، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، علَّق له البُخاريُّ، والذي ذكره هنا موقوفٌ عليه، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة يسيرة في «الميزان»، وصحَّح عليه.
وقول ابن شبرمة هنا: (كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ): قال شيخنا: لعلَّه يريد: في قيام الليل أو في الصلاة، انتهى.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ ... ) إلى آخره: هذا بالسند الذي قبله؛ وهو عليٌّ عن سفيان، وليس تعليقًا، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو مَسْعُود): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا، وأنَّه لم يشهد بدرًا، وأنَّ البُخاريَّ تُعُقِّب في عدِّه ممَّن شهدها.
قوله: (فَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذكر): أبو مسعود، (والنَّبيَّ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (كَفَتَاهُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (فضل سورة البقرة) قريبًا.
==========
[ج 2 ص 393]

(1/9184)


[حديث: صم ثلاثة أيام في الجمعة]
5052# [قوله]: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (مُغِيرَة): هو ابن مِقسم الضَّبِّيُّ تَقَدَّم، و (مُجَاهِد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): قيل: إنَّه لم يسمع منه، وقد ذكرتُ ذلك في (الصوم)، وسأذكره مطوَّلًا في (الأدب)، و (الديات)، وقد أخرج له عنه البُخاريُّ ثلاثة أحاديثَ؛ حديث: «ليس الواصل بالمكافئ»، وهذا الحديث: (أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً)، و «من قتل مُعاهدًا»، والله أعلم، و (عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو): هو ابن العاصي، وفي الصَّحابة جماعةٌ اسمُ كلِّ واحدٍ منهم عبدُ الله بنُ عمرو؛ فلهذا ميَّزتُه.
قوله: (أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ): هذه المرأة لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين: هي أمُّ محمَّد بنت محميَّة بن جزء الزبيديِّ، ذكرها ابن سعد، ولم أرها في «تجريد الذَّهبيِّ»، والله أعلم.
قوله: (ذَاتَ حَسَبٍ): هو بفتح السين، والحسب: ما يعدُّه الشخص من مفاخر آبائه، ويقال: حسبه: دِينه، ويقال: ماله، والرجل حسيب، وقد حَسُبَ _بالضمِّ_ حَسَابَة؛ مثل: (خَطُبَ خَطَابة)، قال ابن السِّكِّيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل، وإن لم يكن آباءٌ لهم شرفٌ، قال: والشرف والمجد لا يكونان إلَّا بالآباء.
قوله: (كَنَفًا): (الكَنَف) هنا _بفتح الكاف والنون_: الثوب، والكنف: الستر، وكَنَّتْ به عن الجماع، وقال ابن الأثير: (فأدخل يده في الإناء، وضرب بالماء وجهه)؛ أي: جمعها وجعلها؛ كالكِنْف؛ وهو الوعاء، ثُمَّ قال: ومنه ... ؛ فذكر هذا الحديث؛ أي: لم يدخل يده معها؛ كما يدخل الرجل يده مع زوجته في دواخل أمرها، وأكثر ما يُروَى بفتح الكاف والنون، من الكَنَف؛ وهو الجانب؛ يعني: أنَّه لم يقربها، فحاصل كلامه: أنَّه يُقرَأ بكسر الكاف وإسكان النون، وبفتحهما، وهو الأكثر، وابنُ قُرقُول لم يذكر فيه إلَّا فتح الكاف وإسكان النون، كما هو مقتضى عبارته، ونقل شيخنا عن الدِّمْياطيِّ كما قال في «النِّهاية»، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ: «الْقَنِي بِهِ»): (القني): بهمزة وصل _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وفتح القاف، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/9185)


قوله: (أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا): (أَفطِرْ): بفتح الهمزة، وكسر الطاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ، وقوله: (أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا): كذا في الأصول، وقد كنتُ استنكرت هذا اللَّفظ حين رأيته، وذلك لأنَّ قوله قبله: «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ» أكثر من هذا، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا قال ما لفظه: (قال أبو عبد الملك والداوديُّ: هذا وهم في الرواية؛ يريد: أنَّ ثلاثة أيام في الجمعة أكثر من صيام يوم بعد يومين، وهو إنَّما طلب من الشارع أن يزيده في العمل، وهذا تدريج إلى النَّقص من العمل، قال الداوديُّ: إلَّا أن يريد ثلاثة أيام من قوله: «أفطر يومًا، وصُمْ يومًا»، وهذا خروج عن الظاهر)، انتهى.
قوله: (صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ، صَوْمَ دَاوُدَ؛ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ): (صومَ داودَ): منصوب؛ لأنَّه بدل من (أفضلَ)، (وصيامَ يومٍ، وإفطارَ يومٍ): مثله منصوبان، والله أعلم، ويجوز رفع الأخيرين، والله أعلم.
قوله: (كَبِرْتُ): هو بكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (يَعْرِضُهُ): هو بكسر الراء، وفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (وَأَحْصَى): أي: حَفِظ.
قوله: (كَرَاهِيةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغةُ: كراهي.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي ثَلاَثٍ وَفِي خَمْسٍ)، وفي نسخة زيادة: (وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ) انتهى: قال شيخنا: (يشبه أن يكون أراد بـ «الثلاث» و «السبع» ما رواه الإسماعيليُّ عن البغويِّ: حدَّثنا جدِّي: حدَّثنا هُشَيم، عن حُصين ومغيرة، عن مجاهد، عن ابن عمرٍو، و «الخمس» ذكرها البزَّار، وفي «مسند أحمد»: أنَّه عَلَيهِ السَّلام نقله من أربعين ليلةً إلى سبع، زاد ابن أبي [1] داود: «ولم ينزل عن سبع»، وعنده أيضًا: «لا يفقه القرآن من قرأه في أقلَّ من ثلاث»)، انتهى.

(1/9186)


[حديث: في كم تقرأ القرآن]
5053# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو حفص الطلحيُّ الكوفيُّ، يقال له: الضَّخم، مولى آل طلحة، مات سنة خمسَ عشرةَ ومئتين، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، وليس في شيوخ البُخاريِّ من اسمه سعدٌ سواه، انتهى، و (شيبان) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كثير، و (محمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو مولى بني زُهرة، روى عن أبي سلمة وعبَّاد بن أوس، روى عنه يحيى بن أبي كثير، قال الحافظ عبد الغنيِّ: (روى له البُخاريُّ ومسلم)، انتهى، وفي «التذهيب» نحو هذا بإسقاط: (روى له البُخاريُّ ومسلم)، وزاد: (يقال: إنَّه ثوبان)، وقد رقم عليه: (م) فقط، وكذا في «الكاشف»: رقم عليه (م) فقط، وكذا في «الميزان»، قال في «الميزان»: (فيه جهالة، خرَّج له مسلم، عن أبي سلمة، وعنه: يحيى بن أبي كثير)، انتهى، وينبغي أن يرقم عليه (خ م)؛ لهذا الحديث الذي أخرجه البخاريُّ في (فضائل القرآن)
[ج 2 ص 393]
في مكانين، وصرَّح في الآخِرِ منهما أنَّه مولى بني زُهرة، كما سيأتي بُعَيد هذا فيما يليه، والله أعلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل.

(1/9187)


[حديث: اقرإ القرآن في شهر]
5054# قوله: (ح) [1]: تَقَدَّم الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا، وسأعيده في أواخر هذا التعليق.
قوله: (وَحَدَّثَنِي [2] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الصلاة» و «فضائل القرآن»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبيد الله بن موسى»، لم أجده منسوبًا لأحد من رواة الكتاب، وذكر أبو نصر أنَّ إسحاق الحنظليَّ يروي عن عبيد الله بن موسى في «الجامع»)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (شَيْبَان): تَقَدَّم قريبًا، و (محمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ): تَقَدَّم قريبًا أيضًا، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ).
قوله: (قَالَ: وَأَحْسِبُنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ): كذا في أصلنا وأصلٍ آخرَ، وما أحسنَ ما قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (قال يحيى: وأحسبُني قد سمعت أبا سلمة) انتهى، وهذا أصرح في المقصود والمراد، ومعنى (أحسبُني): أظنُّني، والله أعلم.

(1/9188)


[باب البكاء عند قراءة القرآن]

(1/9189)


[حديث: إني أشتهي أن أسمعه من غيري]
5055# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، أبو الفضل، و (يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (سُفْيَان): هو الثوريُّ، و (سُلَيْمَان): هو ابن مِهران الأعمش، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين، وكسر الموحَّدة، ابن عمرو السَّلْمانيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.
قوله: (قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (قال الأعمش: وبعضُ الحديث حدَّثني عمرو بن مرَّة، عن إبراهيم، عن [1] أبيه، عن أبي الضُّحى، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهذه أصرح في المقصود وأوضح، وسيأتي قريبًا أوضح منها، وما أحسنَ ما قاله المِزِّيُّ وأوضحَ في «أطرافه»، وزاد: (قال الأعمش: وبعض الحديث حدَّثني عمرو بن مرَّة، عن إبراهيم، وعن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله) انتهى، وقد وضَّحه الدِّمْياطيُّ فقال: (قوله: «وعن أبيه»: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، رواه عن أبيه سعيد، عن [أبي] الضُّحى مسلم بن صُبيح، ولم يدرك أبو الضُّحى ابنَ مسعود، وقد روى عن مسروق، عن ابن مسعود)، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في ترجمة مسلم بن صُبيح عن ابن مسعود في «أطرافه»: (ولم يدركه)، والله أعلم، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين، فقال: (قوله: «وعن أبيه عن أبي الضُّحى»: الضمير يعود على سفيان؛ وهو الثوريُّ؛ لأنَّه روى هذا الحديث عن الأعمش بإسنادَي الأعمش، ورواه أيضًا عن أبيه؛ وهو سعيد بن مسروق بإسناد آخرَ)، انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى): (يحيى): هذا هو القطَّان، كما تَقَدَّم أعلاه، و (سُفْيَان): هو الثوريُّ، تَقَدَّم أعلاه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم أعلاه، و (إِبْرَاهِيم)، و (عَبِيدَة)؛ بفتح العين، و (عَبْد اللهِ): تَقَدَّموا أعلاه.
قوله: (قَالَ الأَعْمَشُ: وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه؛ فانظره، والله أعلم.
قوله: (تَذْرِفَانِ): تَقَدَّم معناه.
==========
[1] في هامش (أ): (في نسخة: وعن).
[ج 2 ص 394]

(1/9190)


[حديث: إني أحب أن أسمعه من غيري.]
5056# قوله: (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ): هو قيس بن حفص بن القعقاع، أبو محمَّد، الدارميُّ مولاهم، البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، وقال: مات سنة (229 هـ)، وليس في شيوخ البُخاريِّ ثُمَّةَ السِّتَّةِ من اسمه قيسٌ غيره، وقد وثَّقه ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ، وقد أخرج عنه أبو داود في (فضائل الأنصار)، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، تَقَدَّم، وأنَّ الشيخين اجتنبا ما يُنكَر عليه، و (الأَعْمَشُ): سليمان، و (إِبْرَاهِيم): هو النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة السَّلْمَانِي): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ السَّلْمانيَّ بفتح السين، وإسكان اللَّام [1]، تَقَدَّم الكلُّ أعلاه.

(1/9191)


[باب من رايا بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به]
قوله: (بابُ مَنْ رَايَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ): (المراءاة): معروفة، وروي: (راءى)؛ ومعنى (تأكَّل): أي: أكل به عامدًا ذلك ومتحرِّيَه، ومادَّة (تفعَّل) تقتضي التَّكسُّب إلَّا أفعالًا ندرت فمعناها الطَّرحُ، وقد قدَّمتُها في أوَّل هذا التعليق في قوله: (والتحنُّث: التعبُّد)، وقد روى أبو عبيد من حديث أبي سعيد الخدريِّ مرفوعًا: «تعلَّموا القرآن واسألوا الله به قبل أن يتعلَّمه قومٌ يسألون به الدنيا، فإنَّ القرآن يتعلَّمه ثلاثةُ نفرٍ: رجلٌ يباهي به، ورجلٌ يستأكل به، ورجلٌ يقرأ لله»، وذكر أيضًا عن زاذان قال: «من قرأ القرآن ليستأكل به الناس؛ جاء يوم القيامة ووجهه عظمٌ ليس عليه لحم»، وقال ابن مسعود: (سيجيء على الناس زمان يُسأل فيه بالقرآن، فإذا سألوكم؛ فلا تعطوهم)، قاله شيخنا، انتهى.
وقد روى أحمد في «المسند» بإسناده: أنَّ معاوية كتب إلى عبد الرَّحمن بن شِبْل: أنْ علِّمِ الناس ما سمعتَ من رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فجمعهم فقال: إنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقول: «تعلَّموا القرآن، فإذا علِمْتموه؛ فلا تغلوا فيه، ولا تحفوا عنه، ولا تأكَّلوا به، ولا تستكثرونه»، وقد روى أبو يعلى الموصليُّ في «مسنده» من حديث عبد الرَّحمن بن شِبْل: أنَّه سمع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقول: «اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تحفوا عنه، ولا تأكَّلوا به، ولا تستكثروا به»، وقد تَقَدَّم هذا من «المسند» إلَّا أنَّ هذا أسقط: (ابن مسعود) وقال: (سمعت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهو صَحابيٌّ رضي الله عنه، وقد روى الحاكم في «المستدرك» في تفسير (سورة مريم) من جملة حديثٍ عن أبي سعيد: «ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن، ومنافق، وفاجر»، فقلت للوليد _يعني: ابن بشير بن أبي عمرو الخولانيَّ سأل الوليدَ_: ما هؤلاء؟ فقال: المنافق كافر، والفاجر يتأكَّل به، والمؤمن يؤمن به، صحيحٌ.
قوله: (أَوْ فَخَرَ بِهِ): كذا في أصلنا بالخاء المعجمة بالقلم، وفي طرَّة أصلنا: (فجر)؛ بالجيم، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فجر)؛ بالجيم مجوَّد بالقلم، ليس غير، وكذا رأيتهما في غير أصلنا القاهريِّ، ونقَلَهما شيخنا في «شرحه» روايتين، انتهى، ولم يذكره ابن قُرقُول بالكُليَّة.

(1/9192)


[حديث: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام .. ]
5057# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، فيما يظهر، وذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثوريَّ فيمن أخذ عنه محمَّد بن كثير، ولم يذكر ابنَ عيينة، والذهبيُّ في «التذهيب» أطلق قال: (روى عن سفيان)، فحملت المطلق على المقيَّد، وقد قدَّمتُ مثله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (خَيْثَمَةُ): هو ابن عبد الرَّحمن، و (سُوَيْدُ بْن غَفَلَةَ): بفتح الغين المعجمة والفاء واللام، وتاء التأنيث، وقد صحَّفه عبد القدَّوس الشاميُّ _كما ذكره مسلم عنه في «مقدمة مسلم» _ بـ (عقلة)، ثُمَّ اختلف الرواةُ في تصحيف عبد القدُّوس؛ فقال الأكثر: (عَقَلة)؛ بعين مهملة وقاف مفتوحتين، وعند ابن أبي جعفر: (عَفَلة)؛ بالعين المهملة والفاء، أبو أُمَيَّة الجعفيُّ، وُلِد عام الفيل، وقدم المدينة حين دَفَنوا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وسمع أبا بكر، وعليًّا، وعدَّة، وعنه: سَلمة بن كُهيل وعبْدة بن أبي لبابة، ثِقةٌ إمام، زاهد قوَّام، تُوُفِّيَ سنة (81 هـ)، روى له الجماعة.
قوله: (سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ): يعني: صغيري العقول، وقد تَقَدَّم.
[ج 2 ص 394]
قوله: (مِنَ الرَّمِيَّةِ): هي بفتح الراء، وكسر الميم، وتشديد الياء المثنَّاة تحت، وهي الصيد الذي ترميه، فتقصده، وتنفذ فيها سهمك، وقيل: كلُّ دابَّة مرميَّة، و (الحَنَاجِر): جمع (حنجرة)، وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئًا من خارج الحلق؛ ومعناه: لا ينتفعون به، وقيل: لا يعملون به.

(1/9193)


[حديث: يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم]
5058# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، و (أَبُو سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عوف، وهو أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّم مِرارًا.
قوله: (فِي الْقِدْحِ): هو بكسر القاف، وسكون الدال وبالحاء المهملتين: عود السهم إذا قوي واستوى قبل أن يُنْصل ويُرَاش، فإذا رُكِّب فيه النصل والريش؛ فهو سهم، وقيل: القدح: عود السهم نفسه.
قوله: (وَيُتَمَارَى [1]): هو بضمِّ أوَّله، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ، و (الِمراء): الجِدال.
قوله: (فِي الْفُوقِ): هو بضمِّ الفاء، وإسكان الواو، وبالقاف، وهو موضع الوَتَر من السَّهم، وهو الكاز، وقد يعبَّر به عن السهم نفسِه.

(1/9194)


[حديث: المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة، طعمها طيب .. ]
5059# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.
قوله: (كَالأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها بما فيها من اللُّغات في (سورة يوسف)، وسأذكر في آخر الكتاب _إن شاء الله تعالى_ وجهَ تشبيهِ المؤمنِ بها.
قوله: (وَرِيحُهَا مُرٌّ): يعني: الحنظلة، هذا مشكل، وما تَقَدَّم من أنَّ طعمها مرٌّ ولا ريح لها ظاهرٌ، وقد يقال: إنَّ ريحها لمَّا كان كريهًا؛ استعار للكراهة لفظ المرارة؛ لما بينهما من الكراهة المشتركة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 395]

(1/9195)


[باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم]

(1/9196)


[حديث: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم فإذا ... ]
5060# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقب محمَّد عارم، وتَقَدَّم ما العارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، و (أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ): اسمه عبد الملك بن حبيب، و (الجَوْنِيُّ): بفتح الجيم، وإسكان الواو، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ ياء النسب؛ لأنَّه من ولد الجون بن عوف بن جَذِيمة بن مالك بن الأزد، ترجمته معروفة، و (جُنْدبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الدال المهملة وفتحها.
قوله: (اقْرَؤُا الْقُرْآنَ ... ) إلى آخره: فيه الحثُّ على الألفة، والتَّحذير من الفرقة في الدِّين، فكأنَّه قال عَلَيهِ السَّلام: اقرأوا القرآن والزموا الائتلاف على ما دلَّ عليه وقاد إليه، فإذا اختلفتم؛ فقوموا عنه؛ أي: فإذا عَرَض عارض موجب للاختلاف؛ فقوموا عن الاختلاف وعمَّا أدى إليه، لا أنَّه أمرهم بترك قراءة القرآن باختلاف القراءات التي أباحها لهم؛ لأنَّه قال لابن مسعود وللرجل الذي أنكر عليه مخالفته له في القراءة: «كلاكما مُحسِن»، فدلَّ أنَّه لم ينهه عَلَيهِ السَّلام عمَّا جعله فيه مُحسِنًا، وإنَّما نهاه عن الاختلاف المؤدِّي إلى الهلاك بالفرقة في الدِّين، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 395]

(1/9197)


[حديث: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا .. ]
5061# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الحافظ، أحد الأعلام، و (سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ): بتشديد اللَّام، معروف، و (أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنيُّ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (جُنْدب).
قوله: (تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ): الضمير في (تابعه): يعود على سلَّام بن أبي مطيع، و (الحارث بن عبيد): هو أبو قدامة الإياديُّ البصريُّ، عن أبي عمران الجونيِّ وعدَّة، وعنه: يحيى بن يحيى ومُسدَّد، ليس بالقويِّ، وضعَّفه ابن معين، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان».
تنبيهٌ: هذا هو غير الحارث بن عبيد التميميِّ، عن يزيد الرُّقاشيِّ، وعنه: الوليد بن صالح النَّحَّاس.
ومتابعة الحارث بن عبيد أخرجها مسلم في (القدر)، عن يحيى بن يحيى، عن أبي قدامة الحارث بن عبيد، عن أبي عمران به، ومتابعة سعيد بن زيد لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، و (سعيد بن زيد) هذا: هو أبو الحسن، أخو حمَّاد بن زيد، ليس بالقويِّ، قاله جماعة، ووثَّقه ابن معين، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ) قبل أخيه حمَّاد، له ترجمة في «الميزان»، روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ، والله أعلم، و (أبو عمران): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الجونيُّ، وقدَّمتُ اسمه واسم أبيه.
قوله: (وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ): أمَّا (حمَّاد بن سلمة)؛ فهو مشهور، وهو أحد الأعلام، له في «مسلم» والأربعة، وقد علَّق له البُخاريُّ، وأمَّا (أبان): فقد تَقَدَّم أنَّ الصحيح صرفه، وهو ابن يزيد العطَّار، البصريُّ، أحد الأثبات المشاهير، عن الحسن، وأبي عمران الجونيِّ، ويحيى بن أبي كثير، وطائفةٍ من التابعين، وعنه: ابن المبارك، ومسلم بن إبراهيم، وهدبة بن خالد، وآخرون، قال أحمد ابن حنبل: ثبتٌ في كلِّ المشايخ، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثِقةٌ، انتهى، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/9198)


قوله: (وَقَالَ غُنْدرٌ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبطه غيرَ مرَّةٍ، وما قاله غندر لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخنا: وقول غندر أخرجه الإسماعيليُّ عن ابن عبد الكريم: حدَّثنا بندار: حدَّثنا شعبة به، و (شُعْبَة): كبيرٌ مشهورٌ، و (أَبُو عِمْرَانَ): تَقَدَّم، و (جُنْدب): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله، ولُغَتَاه.
قوله: (قَوْلَهُ): هو بالنصب؛ أي: من قوله، ويعني بهذا: أنَّه موقوفٌ عليه.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيء، قال المِزِّيُّ: قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابنُ عون في حديث قطُّ إلَّا في هذا، والصواب: عن جندب، وقال هو: عن عبد الله بن الصامت، انتهى، و (أَبُو عِمْرَانَ): تَقَدَّم أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ بْن الصَّامِتِ): يروي عن عمِّه أبي ذرٍّ الغفاريِّ وعمر، وعنه: أبو عمران الجونيُّ، وحميد بن هلال، ثِقةٌ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وما قاله ابن عون أخرجه النَّسائيُّ، عن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الله بن عون به.
قوله: (عَنْ عُمَرَ قَوْلَه): (عُمَر) هذا: هو ابن الخَطَّاب، أحد العشرة، الخليفة الفاروق، مشهور جدًّا، وقوله: (قَوْلَهُ): تَقَدَّم أنَّه بالنصب، وأنَّ معناه: من قوله؛ يعني: أنَّه موقوفٌ عليه.
قوله: (وَجُنْدبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ): (أكثر): بالثاء المثلَّثة.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).
[ج 2 ص 395]

(1/9199)


[حديث: كلاكما محسن، فاقرآ]
5062# قوله: (عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ): (النَّزَّال): بفتح النون، وتشديد الزاي، وفي آخره لامٌ، و (سَبْرَة): بإسكان الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ) هذا: هو ابن مسعود.
قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (أَكْبَرُ عِلْمِي): هو بالموحَّدة من (أكبر).

(1/9200)


((67)) (كِتَابُ النِّكَاحِ) ... إلى (بَاب لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ)
فائدةٌ: (النِّكاح): جُمِعت أسماؤه فبلغت ألفًا وأربعين اسمًا، جمعها أبو القاسم اللُّغويُّ، قاله شيخنا في بعض شروح الفقه.

(1/9201)


[الترغيب في النكاح]

(1/9202)


[حديث: أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله ... ]
5063# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بنِ محمَّد، المصريُّ، الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (محمَّد بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو محمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، و (حُمَيْد): قال في الأصل: حميد بن أبي حميد الطَّويل، وهو ابن تير، وقيل: تيرويه، أبو عبيدة البصريُّ، تَقَدَّم مِرارًا.
[ج 2 ص 395]
قوله: (جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ): هؤلاء الثَّلاثة الذين جاؤوا لا أعرفهم، وقد قرأ عليَّ بعضُ طلبة الكرد في «المصابيح» فقال لي: إنَّه عيَّنهم فلانٌ، فذكر شخصًا مِن الأعاجم له تعليق على «المصابيح» لا أستحضره الآن، فما ألقيت لكلامه بالًا، وكأنِّي ذلك الوقت ظننت أنَّه قال ذلك تكهُّنًا؛ لأنَّه ليس ذلك من شأنه، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت تعيينهم على حاشية نسخةٍ من «المصابيح»، فقال: (الأوَّل: عليُّ بن أبي طالب، والثاني: عثمان بن مظعون، والثالث: عبد الله بن رواحة)، انتهى، وهذا يحتاج إلى نقل، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هم ابن مسعود، وأبو هريرة، وعثمان بن مظعون، وقيل: هم سعد بن أبي وقَّاص، وعثمان بن مظعون، وعليُّ بن أبي طالب، وفي «مُصنَّف عبد الرَّزَّاق» من طريق سعيد بن المُسَيّب: (أنَّ منهم عليًّا وعبد الله بن عمرو بن العاصي)، انتهى، و (الرَّهْط): تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا): هو بتشديد اللَّام المضمومة؛ أي: استقلُّوها، وهو (تَفاعُلٌ)، من القِلَّة.
قوله: (أَمَّا أَنَا): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.
قوله: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي؛ فَلَيْسَ مِنِّي): معناه: مَن تركها إعراضًا عنها غير مُعتَقِد لها على ما هي عليه، أمَّا مَن ترك النِّكاح على الصِّفة التي تُستحَبُّ، أو ترك النَّوم على الفراش؛ لعجزه عنه، أو لاشتغاله بعبادةٍ مأذونٍ فيها، أو نحو ذلك؛ فلا يتناولُه هذا الذَّمُّ، والله أعلم.

(1/9203)


[حديث عروة: أنه سأل عائشة عن قوله تعالى: {وإن خفتم أن تقسطوا .. }]
5064# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، و (الزُّهْرِي): هو ابن شهاب، محمَّد بن مسلم، العالم المشهور.
قوله: (يَا بْنَ أُخْتِي): هو ابن أختها أسماءَ بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وهي أختها لأبيها، وقد تَقَدَّم الكلام على أمِّ أسماء غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّمتْ أسماء أيضًا، و (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا لا يَحتاج إليه مُحدِّثٌ؛ لأنَّه كالبديهيِّ عندهم، إلَّا أنَّ هذا الكتابَ وضعتُه للمبتدئين، والله أعلم.
قوله: (فِي حَجْرِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء وتُكسَر، وهذا معروف.
قوله: (فَنُهُوا): هو بضمِّ النُّون، مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/9204)


[باب قول النبي: من استطاع منكم الباءة فليتزوج]
قوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ): (الباءة): فيها أربع لغات؛ الفصيحة المشهورة: (الباءة)؛ بالمدِّ، والثَّانية: بلا مدٍّ، والثَّالثة: (الباء)؛ بالمدِّ بلا هاءٍ، والرَّابعة: (الباهةُ)؛ بهاءَين بلا مدٍّ، وأصلها في اللُّغة: الجماع، واختُلِف في المراد بـ (الباءة) هنا على قولين يرجعان إلى معنًى واحدٍ؛ أصحُّهُما: أنَّ المرادَ: معناها اللُّغويُّ، وهو الجماع؛ فتقديره: مَن استطاع منكم الجماع بقدرته على مُؤَنِه _وهي مُؤَنُ النِّكاح_؛ فليتزوَّج، ومَن لم يستطعِ الجماع؛ لعجزه عن مؤنه؛ فعليه بالصَّوم، والقول الثاني: المراد هنا بـ (الباءة): مُؤن النِّكاح، وسُمِّيت باسم ما يلازمها، وتقديره: مَن استطاع منكم مُؤنَ النِّكاح؛ فليتزوَّج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصَّوم، والله أعلم، وهذا القول هو ظاهرُ تبويبِ البُخاريِّ؛ لأنَّه قال فيما يأتي قريبًا: (باب مَن لم يستطعِ الباءةَ؛ فليصُم)، والله أعلم.
قوله: (مَنْ لَا أَرَبَ لَهُ): (الأرب): بفتح الهمزة والرَّاء؛ الحاجة.
==========
[ج 2 ص 396]

(1/9205)


[حديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج]
5065# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّم ضبط غياث غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، و (عَبْد اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن مسعود بن غافل.
قوله: (فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ): هذا هو ابن عفَّان الخليفة، أحد العشرة، الشَّهيد رضي الله عنه، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة مَن اسمه عثمان ثلاثةٌ وعشرون نفرًا، لكن منهم مَن الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ أربعة، وفيهم واحدٌ غلطٌ، والله أعلم، وقد تَقَدَّم ذلك قريبًا.
قوله: (أَمَا لَئِنْ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ): (المعشر): هم الطَّائفة الذين يشملهم وصفٌ، و (الشباب): معشر، و (الشيوخ): معشر، و (النِّساء): معشر، وكذا ما أشبهه، و (الشَّباب): جمع (شابٍّ)، وهو من بلغ الحلم، ولم يجاوز ثلاثين سَنةً، وفي «المُهذَّب» و «التهذيب»: أنَّ الشيوخ من جاوز أربعين سَنةً، والفتيان والشباب مَن جاوز البلوغ إلى الثَّلاثين، والمفهوم: أنَّ الكهول من الثلاثين إلى الأربعين، ونقل الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينيُّ عن الأصحاب أنَّهم قالوا: إنَّ الرجوع في ذلك إلى اللُّغة، واعتبار لون الشعر في السَّواد والبياض والاختلاط، ويختلف في ذلك باختلاف أمزجة النَّاس، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «زوائد الرَّوضة»: وهذا المنقول عن «المُهذَّب» و «التَّهذيب»، قاله أيضًا آخرون، وهو الأصحُّ المختار، وصرَّح الرُّويانيُّ وغيره: مَن جاوز الثَّلاثين إلى الأربعين، وكذا قال أهل اللُّغة أنَّه من جاوز الثَّلاثين، لكن قال ابن قتيبة: أنَّه يبقى حتَّى يبلغ خمسين سَنةً، انتهى، والله أعلم.
قوله: (الْبَاءَةَ): تَقَدَّم الكلام عليها أعلاه.
قوله: (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ): هذا إغراءٌ لغائب، وهو غير جائز عند جمهور النُّحاة، وقيل: ليس إغراءٌ لغائبٍ؛ لأنَّ الهاء في (عليه) لمَن خصَّه مِن الحاضرين بعدم الاستطاعة؛ لتعذُّر خطابه بكاف الخطاب، والله أعلم.

(1/9206)


قوله: (فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ): هو بكسر الواو وبالجيم، ممدودُ الآخر؛ وهو رضُّ الخصيتين، وقيل: غمز عروقهما، والخصاء: شقُّ الخصية واستخراجها، والجبُّ: قطع ذلك من أصله؛ والمراد هنا: أنَّ الصوم يقطع الشهوة ويقطع شرَّ المني كما يفعله الوجاء، والله أعلم، انتهى، وقال بعضهم: ورواه بعضهم بفتح الواو والقصر، كذا قال، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 396]

(1/9207)


[باب: من لم يستطع الباءة فليصم]

(1/9208)


[حديث: يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج]
5066# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مُخفَّفة، وفي آخره ثاءٌ مثلَّثةٌ، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (عُمَارَةُ) بعده: بضمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو عمارة بن عمير الكوفيُّ، ثِقةٌ مشهور، تَقَدَّم.
قوله: (شَبَابًا): تَقَدَّم مَن (الشابُّ) أعلاه، وكذا (البَاءَة).
قوله: (فَعَلَيْهِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وكذا (الوِجَاء).
==========
[ج 2 ص 396]

(1/9209)


[باب كثرة النساء]

(1/9210)


[حديث: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف ... ]
5067# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ابن جُرَيج عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج أحد الأعلام، وتَقَدَّم مُترجَمًا، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.
قوله: (جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ): هذه هي أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بُحَير بن الهُزَم، وهي خالة ابن عبَّاس، وهي أخت لبابةَ الكبرى أمِّ بني العبَّاس، ولبابة الصُّغرى: أمُّ خالد بن الوليد، تزوَّج عَلَيهِ السَّلام ميمونة في شوَّال سنة سبع، وفيها اعتمر عمرة القضيَّة في ذي القعدة، وقيل: تزوَّجها سنة ستٍّ، وقد اختلفتِ الرِّواية: هل تزوَّجها وهو حلال أو مُحرِم؟ وقد سبق ذلك في (الحجِّ)، وأنَّ الصَّحيح: أنَّه كان حلالًا، وتُوُفِّيَت بسرف سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلاث وستِّين، وقيل: سنة ستٍّ وستِّين، وهذه الأقوال الثَّلاثة ضعيفةٌ، وقال بعضهم: شاذَّة باطلة، ترجمة ميمونة معروفةٌ، فلا نُطوِّل بها رضي الله عنها.
[ج 2 ص 396]
قوله: (بِسَرِفَ): تَقَدَّم ضبطُها، وكم هي على ميلٍ مِن مَكَّة.
قوله: (وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ): قد يتوَّهم الشَّخص مِن هذا أنَّ التي لا يقسم لها ميمونة وليس كذلك، وإنَّما التي كان لا يقسم لها سودة بنت زمعة، كانت وهبت يومها لعائشة، وهذا معروفٌ عند أهله.
تنبيهٌ: قال ابن القيِّم: قال عطاء: التي لا يقسم لها صفيَّةُ، وهو مِن وَهَم ابن جُرَيج عليه، كما قاله الحُفَّاظ، انتهى، و (يَقسِم): بفتح أوَّله، وكسر ثالثه، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ، وكذا المكان الثَّاني.

(1/9211)


[حديث: أن النبي كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة]
5068# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، وقد تَقَدَّم أنَّ شيخنا في «القاموس» قال: وابن أبي العروبة؛ باللَّام، وتركها لحنٌ أو قليلٌ، وتَقَدَّم أيضًا أنَّ مَن يقال له: سعيد، ويروي عن قتادة عن أنس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها؛ هذا ابن أبي عَروبة، وسعيد بن بَشِير، وسعيد بن أبي هلال، والله أعلم.
قوله: (كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ... ) إلى قوله: (وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ): (التِّسع) اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ معروفاتٌ، وقد قدَّمتُهنَّ، فلا نُطوِّل بهنَّ، وحمل هذا الشَّافعيَّة على رضاهنَّ، وعندهم القَسْمُ عليه عَلَيهِ السَّلام كان واجبًا على الأصحِّ، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو خليفة بن خيَّاط شَبابٌ العُصفريُّ الحافظ، وهو شيخه، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ أنَّه كـ (حدَّثني)، والله أعلم، و (سَعِيدٌ): هو ابن أبي عروبة، تَقَدَّم أعلاه، وإنَّما أتى بهذه الطَّريق؛ لأنَّ قتادة مُدَلِّس، وقد عنعن في السَّند الأوَّل، وفي هذا تصريح بالتحديث من أنسٍ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 397]

(1/9212)


[حديث: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟]
5069# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: (عليُّ بن الحكم الأنصاريُّ المروزيُّ المُلْجُكانيُّ، من بعض قرى مرو، روى عنه: البُخاريُّ، وقال: مات سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، وروى النَّسائيُّ عن رجل عنه)، انتهى، هو عليُّ بن الحكم بن ظبيان الأنصاريُّ المروزيُّ المُؤذِّن عن مبارك بن فضالة، وأبي عوانة، وجرير بن حازم، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن سيَّار، وطائفة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وقال هو والبُخاريُّ: تُوُفِّيَ كما سبق، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (رَقَبَة): قال الدِّمْياطيُّ: (رقبة بن مصقلة العبديُّ الكوفيُّ، أبو عبد الله، اتَّفقا عليه عن طلحة بن مُصرِّف)، انتهى، و (طَلْحَة الْيَامِي): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (الإيامي)، قال ابن قُرقُول: (وزُبَيد _بياء واحدة_ الأيامي، وطلحة الإيامي؛ بالكسر لكافَّة الرُّواة، وقد فتحها قوم، وهو كلُّه وَهَم، وضبطه الأصيليُّ مَرَّة، والطَّبريُّ، وأبو ذرٍّ، والنَّسفيُّ، والعذريُّ: اليامي؛ من غير همز، وهو أصوب، وكذا ضبطه خليفة بن خيَّاط وغيره من أهل الضبط، ويام: بطن من هَمْدان)، انتهى.
قوله: (فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً): أراد النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّه الذي يجب علينا الاقتداءُ به واتِّباع سنَّته، وقد كان أكثرَ أمَّته نساءً؛ لأنَّه أُحِلَّ له منهنَّ تسعٌ، فأكثر بالنِّكاح، ولم يُحلَّ لأمَّته أكثرُ مِن أربع، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 397]

(1/9213)


[باب: من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة فله ما نوى]

(1/9214)


[حديث: العمل بالنية وإنما لامرئ ما نوى]
5070# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّم أنَّ (قزعة) بفتح الزَّاي، وإسكانها، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعده: هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ.
قوله: (أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا): تَقَدَّم الكلام على هذه (المرأة) في أوَّل هذا التعليق، وما سمَّاها به ابن دحية مِن أنَّها قِيْلة.
==========
[ج 2 ص 397]

(1/9215)


[باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام]
قوله: (بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالإِسْلَامُ): ساق ابن الُمنَيِّر حديث سهل: «جاءت امرأة ... »؛ الحديث _وكأنَّه وقع كذلك في روايته، والذي وقع في أصلنا القاهريِّ أشار إليه بقوله: (فيه سهل عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) _ ثُمَّ ذكر حديث ابن مسعود: (كنَّا نغزو ... ) إلى آخره، ثُمَّ قال: (مطابقة التَّرجمة لحديث ابن مسعود: نهاهم عن الاستخصاء، ووَكَلَهُم إلى النِّكاح، ولو كان المُعْسِر لا يَنكح، وهو ممنوعٌ من الاستخصاء؛ لَكُلِّف شططًا لا يُطاق، والله أعلم)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 397]

(1/9216)


[حديث: يا رسول الله ألا نستخصي فنهانا عن ذلك]
5071# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم.
قوله: (أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ): ومعنى: (نستخصي): نخصي أنفسنا؛ لنستغني عن النِّساء، والاسم: الخِصاء، وهو سلُّ الأنثيَين وإخراجُهما، وقال الكسائيُّ: (الخصيتان) _بالتَّاء_: البيضتان، و (الخصييان): الجلدتان عليهما، قاله ابن قُرقُول، انتهى، واعلم أنَّ الاختصاء في الآدميِّ حرامٌ صغيرًا كان أو كبيرًا، قال البغويُّ من الشَّافعيَّة: (وكذا يَحرُم خِصاء كلِّ حيوان لا يُؤكَل، وأمَّا المأكول؛ فإنَّه يجوز خصاؤه في صغره، ويَحرُم في كبره)، انتهى، قال أبو بكر بن المنذر: يَحرُم في الحالين، وإنَّما حُرِّم الخصاء؛ لما فيه من تغيير خلق الله، ولما فيه من قطع النَّسل، وتعذيب الحيوان، وفي «مسند الإمام أحمد ابن حنبل» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن إِخصاء الخيل والبهائم)، والله أعلم.

(1/9217)


[باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها]
قوله: (أَيَّ زَوْجَتَيَّ): هو بتشديد الياء على التَّثنية، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وستأتي تسمية إحداهما قريبًا.
==========
[ج 2 ص 397]

(1/9218)


[حديث أنس: مهيم يا عبد الرحمن؟]
5072# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُفْيَانَ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (حُمَيْد الطَّوِيل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه ابن تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّم الكلام عليه.
قوله: (وَعِنْدَ الأَنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ): امرأتا الأنصاريِّ لا أعرفهما، كما تَقَدَّم، وقد تَقَدَّم أنَّ بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن قال: هما عمرة بنت حزم بن زيد أخت عمارة وعمرٍو، والأخرى لا أعرف اسمها.
قوله: (مِنْ أَقِطٍ): (الأقط): معروف، لبنٌ مُجفَّفٌ، يابس، مُستَحجِر، يُطبَخ به، وهو بفتح الهمزة، وكسر القاف، وربما سُكِّن في الشعر، وتنقل حركة القاف إلى ما قبلها، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ.
قوله: (وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ): (الوَضَرُ)؛ بفتح الواو، والضاد المعجمة، وبالرَّاء: اللَّطخ من الطِّيب، و (وضرُ الصَّحْفة): لطخُ الدَّسم فيها والسَّمن، وأصله: الوسخ المُتلطِّخ بالإناء، ثُمَّ استُعمِل فيما يشبهه مِن دسم وطيب وغيره.
قوله: (مَهْيَمْ): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل (البيوع).
قوله: (تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً): تَقَدَّم أنَّ هذه المرأة الأنصاريَّة: قال شيخنا في (البيوع): (هي بنت أبي الحيسر أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل)،
[ج 2 ص 397]
انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام عليها في أوَّل (البيوع)، وقيل في أبيها: بشر بن رافع، قال الزُّبَير: (ولدت له القاسم وأبا عثمان عبدَ الله بن عبد الرَّحمن بن عوف)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن بعد أن ذكر بنت أبي الحيسر ما لفظه: (وقال ابن سعد في تسمية أولاد عبد الرَّحمن بن عوف: وعبد الله بن عبد الرَّحمن قُتِل بإفريقيَّة، وأمُّه بنت أبي الحسحاس بن رافع بن امرئ القيس من الأوس، ولم يسمِّها أيضًا، وفي زوجات عبد الرَّحمن بن عوف من الأنصار أيضًا: سهلة بنت عاصم بن عديِّ بن عجلان)، انتهى.
قوله: (مَا [1] سُقْتَ): تَقَدَّم، وكذا (وَزْن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (البيوع).

(1/9219)


[باب ما يكره من التبتل والخصاء]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ): (التَّبتُّل): هو الانقطاع عن النِّساء وترك النكاح، و (امرأة بتول): منقطعة عن الرجال، لا شهوة لها فيهم، وبها سُمِّيت مريمُ البتول أمُّ عيسى صلَّى الله عليهما وسلَّم، وأمَّا فاطمة بنت النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فإنَّما قيل لها: البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها فَضْلًا، ودِينًا، وحَسَبًا، وقيل: لانقطاعها عن الدُّنيا إلى الله تعالى، وقال النَّوَويُّ عن الطَّبريِّ: (إنَّ التَّبتُّل: هو ترك لذَّات الدُّنيا وشهواتها، والانقطاع إلى الله تعالى، والتَّفرُّغ لعبادته)، انتهى.
قوله: (وَالْخِصَاءِ): هو بكسر الخاء، وتخفيف الصاد، ممدود، وقد تَقَدَّم معناه قريبًا.
==========
[ج 2 ص 398]

(1/9220)


[حديث: رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل]
5073# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن الْمُسَيَّبِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ): هو أحد العشرة، وهو سعد بن مالك بن أُهَيب، ويقال: وهيب.
قوله: (عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ): تَقَدَّم أنَّه بالظَّاء المعجمة المشالة، وتَقَدَّم بعض ترجمته.
قوله: (التَّبَتُّلَ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.
قوله: (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ؛ لَاخْتَصَيْنَا): معناه: لو أذن له في الانقطاع عن النِّساء وغيرهنَّ من ملاذِّ الدُّنيا؛ لاختصينا؛ لدفع شهوة النِّساء؛ ليمكننا التَّبتُّل، وهذا محمول على أنَّهم كانوا يظنَّون جواز الاختصاء باجتهادهم، ولم يكن ظنُّهم هذا موافقًا، أو كان الخصاء جائزًا موافقًا لأصل الإباحة، ثُمَّ حُرِّم، فإنَّ الإخصاء في الآدميِّ حرامٌ صغيرًا كان أو كبيرًا، كما تَقَدَّم قريبًا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 398]

(1/9221)


[حديث: لقد رد ذلك يعني النبي على عثمان]
5074# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، و (سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه أحد العشرة رضي الله عنهم.

(1/9222)


[حديث: كنا نغزو مع رسول الله وليس لنا شيء]
5075# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابن عبد الحميد، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا قريبًا.

(1/9223)


[معلق أصبغ: يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق]
5076# قوله: (وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هذا هو إصبغ بن الفرج مشهور الترجمة، وهو شيخ البُخاريِّ، قال شيخنا: (وأمَّا ما وقع في كتاب «الطُّرقيِّ»: أصبغ بن محمَّد؛ فغير جيِّد؛ لأنَّا لا نعلم في «البُخاريِّ» شيخًا اسمه أصبغ بن محمَّد ولا في باقي السِّتَّة)، انتهى، والذي قاله صحيحٌ، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، والله أعلم، و (ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحد الأعلام عبد الله بن وهب، و (ابْن شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا، الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (الْعَنَتَ): هو الزِّنى؛ وأصله: المَشقَّة، وقيل: الهلاك، وقيل: الفجور، في تفسير الآية، وهذا راجع على الهلاك في الدِّين، قال ابن قتيبة: أصله: التَّشديد وتكليف المشقَّة، والله أعلم.
قوله: (فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ): (اختصِ): أمرٌ بالخِصاء، وهو بكسر الصَّاد، وهذا غاية في الظهور، إلَّا أنَّ بعض طلبة العجم سألني عن النُّطق به ومعناه، وهذا مثل قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]؛ لأنَّه أمرٌ بعد حظر، فهو في معنى الزَّجر والمنع، وقال ابن الجوزيِّ: ليس بأمر، وإنَّما المعنى: إن فعلت أو لم تفعل؛ فلا بدَّ مِن نفوذ القَدَر.
قوله: (أَوْ ذَرْ): هو بفتح الذَّال المعجمة، وإسكان الرَّاء؛ أي: اترك.

(1/9224)


[باب نكاح الأبكار]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّم أنَّ زهيرًا صَحَابيٌّ، تَقَدَّم بعض ترجمته.
==========
[ج 2 ص 398]

(1/9225)


[حديث: في الذي لم يرتع منها]
5077# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّم أنَّ اسم أخيه عبد الحميد بن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالك أيضًا، وهو أخو إسماعيل لأبيه وأمِّه، وتَقَدَّم بعض ترجمة عبد الحميد، وأنَّه لا عبرة بما قال فيه الأزديُّ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال.
قوله: (أُكِلَ مِنْهَا): (أُكِل): مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.
==========
[ج 2 ص 398]

(1/9226)


[حديث: أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة حرير]
5078# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ): إن قيل: متى رآها في المنام؟ فالجواب: إنَّ في ترجمتها في «الاستيعاب»: أنَّه رآها مُتوفَّى خديجةَ رضي الله عنهما.
قوله: (مَرَّتَيْنِ): ولفظه في «مسلم»: «ثلاث مرَّات»، وقد ذكرتُ بُعَيد هذا جمعًا؛ فانظره، وقد وقع في (كتاب التَّعبير)، في باب: (ثياب الحرير في المنام) روايةٌ قد يُؤخَذ منها أنَّه رآها ثلاث مرَّات، ولفظها: «رأيتُكِ قبل أن أتزوَّجك مرَّتين؛ رأيت الملك يحملك في سرقة من حرير» ... إلى أن قال: «ثُمَّ رأيتُكِ يحملك في سرقة من حرير»، والله أعلم.
قوله: (إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ): هذا الرَّجل هو الملك، كما في بعض طرقه، وهو جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كما في «التِّرْمِذيِّ»، كما سيأتي بُعَيد هذا مَعزوًّا إليه.
قوله: (فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ): (السَّرَقَة): بفتح السِّين المهملة، والرَّاء، والقاف، وبالتَّاء التي للتَّأنيث، قال ابن قُرقُول: (هو الأبيض،
[ج 2 ص 398]
والجمع: سَرَقٌ)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (أي: قطعة من جيِّد الحرير، وجمعها: سرق)، انتهى، كذا أطلق الحرير، ولم يخصَّه بالأبيض، كما قال ابن قُرقُول، وفي «الصِّحاح» ما يشهد للقولين، ولفظه: (والسَّرَق: شُقَقُ الحرير)، قال أبو عبيد: (إلَّا أنَّها البيضُ منها، وأنشد العجَّاج ... )؛ فذكر شعرًا، ثُمَّ قال: (الواحد منها: سرقة)، قال: _يعني: أبا عبيد_: (وأصلها بالفارسيَّة: سَرَه؛ أي: جيِّد، فعرَّبوه)، ويشهد للإطلاق ما في «التِّرْمِذيِّ» بسنده عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّ حبريل جاء بصورتها في خِرقة حريرٍ خضراءَ إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: هذه زوجتك في الدُّنيا والآخرة)، أخرجه التِّرْمِذيُّ وحسَّنه، أو يقال: إنَّه جاء بها في سرقة حرير مرَّتين، وجاء بصورتها مرَّة أخرى في خرقة حرير خضراء، أو أنَّ (مرَّتين) من باب مفهوم العدد، ولا حجَّة فيه عند الأكثرين، فـ (مرَّتان) داخلةٌ في ثلاث، والله أعلم.

(1/9227)


قوله: (فَأَكْشِفُهَا): هو بقطع الهمزة، مرفوعٌ، فعلٌ مضارع، والهمزة للمتكلِّم، قال ابن المُنَيِّر: (يحتمل أن يكون إنَّما رأى منها ما يجوز للخاطب أن يراه، أو يكون الضَّمير في «فأكشِفُها»، لـ «السَّرَقَة»)، انتهى، والذي يظهر لي أنَّ هذا لا يحتاج إلى جواب بالكليَّة؛ لأنَّ هذا قبل الحجاب بلا خلاف، وأيضًا كانت صغيرةً لا تُشتهى، والله أعلم.
قوله: (إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ يُمْضِهِ): قال القاضي عياض: (إن كانت هذه الرؤيا قبل النُّبوَّة، وقبل تخليصِ أحلامِه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الأضغاث؛ فمعناها: إن كانت رؤيا حقٍّ)، انتهى، وقد قدَّمتُ قبيله أنَّه رآها مُتوفَّى خديجة، فالرُّؤيا بعد النُّبوَّة بلا خلاف، قال القاضي: (وإن كانت بعد النُّبوَّة؛ فلها ثلاثةُ معانٍ؛ أحدها: أن تكون الرؤيا على وجهها، وظاهرها لا يحتاج إلى تعبير وتفسير، فسيمضيه الله تعالى وينجزه، فالشَّكُّ عائد على أنَّها رؤيا على ظاهرها لم تحتج إلى تعبيرٍ وصرفٍ عن ظاهرها، الثَّاني: أنَّ المراد: إن كانت هذه الزَّوجيَّة في الدُّنيا؛ يُمضِيها الله تعالى، فالشَّكُّ في أنَّها زوجةٌ في الدُّنيا أم في الجنَّة)، انتهى، لكن يردُّ هذا ما رواه ابن حِبَّان في «صحيحه»: (جاء بي جبريلُ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في خرقة حرير، فقال: هذه زوجتك في الدُّنيا والآخرة)، وفي لفظ: (قلت: يا رسول الله؛ مَن أزواجك في الجنَّة؟ قال: أما إنَّك منهنَّ)، انتهى، قال القاضي: (الثَّالث لم يشكَّ، ولكن أخبر على التَّحقيق، وأتى بصورة الشَّكِّ، كما قال: «أأنت أم أمُّ سالم؟» وهو نوعٌ مِن البديع عند أهل البلاغة يسمُّونه تجاهُل العارف، وسمَّاه بعضهم: مزج الشَّكِّ باليقين)، انتهى، وقال الإمام السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة بني المصطلق): (وفي قوله: «إن يكن هذا مِن عند الله؛ يُمضِه» سؤالٌ؛ لأنَّ رؤياه وحيٌ، فكيف يشكُّ أنَّها مِن عند الله؟ والجواب: أنَّه لم يشكَّ في صحَّة الرُّؤيا، ولكنَّ الرُّؤيا قد تكون على ظاهرها، وقد تكون لمَن هو نظيرُ [1] المرء أو سميُّه، فمن ههنا تطرَّق الشَّكُّ ما بين أن تكون على ظاهرها أو لها تأويل، كذلك سمعتُ شيخنا يقول في معنى هذا الحديث، ولغيره فيه قولٌ لا أرضاه)، انتهى، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (هي ونظير)، والمثبت من مصدره.

(1/9228)


[باب الثيبات]
قوله: (بَابُ الثَّيِّبَاتِ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقال ابن المُنَيِّر: (باب نكاح الثَّيِّب)، ثُمَّ ساق ابن المُنَيذِر ما في الباب مُختَصرًا، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة قوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «لا تعرضن عليَّ بناتِكنَّ» لما ترجمه: أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خاطب بذلك أزواجه، ونهاهنَّ أن يعرضن عليه ربائبه لحرمتهنَّ [1]، وهذا تحقيقُ أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تزوَّج الثَّيِّب ذات البنت مِن غيرِه)، انتهى.
قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ): هي رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، أمُّ المؤمنين، هاجرت إلى الحبشة، فهلك زوجها عبيد الله بن جحش، فزوَّجها النَّجاشيُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأمُّها صفيَّة بنت أبي العاصي بن أُمَيَّة عمَّةُ عثمان، روى عنها أخواها؛ معاوية وعنبسة، وعروة، تُوُفِّيَت سنة (44 هـ)، أخرج لها الجماعة رضي الله عنها.
قوله: (لَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ): هذا إشارة إلى أمِّ حبيبة، واسم أختها: عزَّة، وقيل غير ذلك، وستأتي، وكونها عزَّة هو في «مسلم»، وإلى بنت أمِّ سلمة درَّة، وهذا محمول على أنَّ أمَّ حبيبة لم تعلم حينئذٍ تحريمَ الجمع بين الأختَين، ولم يعلم مَن تحدَّث أنَّه يريد أن ينكح درَّة بنت أبي سلمة تحريمَ الرَّبيبة، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (ربيبته لحرمهن)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 399]

(1/9229)


[حديث جابر: قفلنا مع النبي من غزوة فتعجلت ... ]
5079# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل عارم، و (هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بشير، و (الشَّعْبِي): عامر بن شَراحيل؛ بفتح الشين المعجمة من (الشَّعبيِّ) و (شَراحيل).
قوله: (قَفَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ): هذه (الغزوة) تَقَدَّم أنَّها تبوك، وتقدَّم اختلاف الرُّواة في مقدار الثَّمن في (باب: إذا اشترط البائع ظهر الدَّابَّة إلى مكان مُسمًّى؛ جاز)، وتَقَدَّم أنَّ أبا الفتح ابنَ سَيِّد النَّاسِ ذكر قصَّة بيع الجمل في ذات الرقاع، وتَقَدَّم غير ذلك أيضًا مُطوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (قَطُوفٍ): هو بفتح القاف، وضمِّ الطَّاء المهملة المُخفَّفة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: (وهو متقارب الخطو بسرعة، وهو من عيوب الدَّوابِّ، وقيل: هو البطيء الخطوِ، وهو يرجع إلى معنًى واحدٍ؛ لأنَّ سرعة تقارب خطوه ليست بمُوجِبةٍ لسرعةِ مشيه)، انتهى.
قوله: (بِعَنَزَةٍ): تَقَدَّم الكلام عليها ضبطًا، ومقدارها، ومن أين وصلت للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في أوائل هذا التَّعليق.
قوله: (مَا يُعْجِلُكَ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان العين، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَبِكْرًا [2] أَمْ ثَيِّبًا؟): هذه المرأة التي تزوَّج بها جابر الثَّيِّب لا أعرف اسمها، إلَّا أنَّها معدودةٌ في الصَّحابيَّات، كما تَقَدَّم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين: هي سُهَيمة بنت مسعود بن أوس بن مالك الأوسيَّة، وهي والدة ابنه عبد الرَّحمن، ذكره ابن سعد، وقد تَقَدَّم عنه بنحوه.
قوله: (أَمْهِلُوا): هو بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُباعيٌّ.
قوله: (الشَّعِثَةُ): هو بكسر العين، يقال: رجلٌ شَعِثٌ، وشعرٌ شَعِثٌ، وأشعث فيهما، وامرأة شَعِثةٌ وشَعْثاءُ، وكلُّه تلبيد الشَّعر المُغبَّر.
قوله: (وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ): (الاستحداد): حلق العانة بالحديد، و (المغيبة): بضمِّ الميم، وكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث،
[ج 2 ص 399]
وهي التي غاب عنها زوجُها، فتركتِ الاستحداد.

(1/9230)


[حديث: ما لك وللعذارى ولعابها؟]
5080# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَارِبٌ): هو بالحاء المُهْمَلة، وبعد الألف راءٌ مكسورةٌ، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهو اسمُ فاعلٍ، من (حارَبَ)، وهو ابن دِثارٍ، تَقَدَّمَ.
قوله: (ثَيِّبًا): تَقَدَّمَ أنَّ امرأةَ جابرٍ هذه الثَّيِّب لا أعرفُها.
قوله: (وَلِلْعَذَارَى): (العَذارَى): الأبكار مِن النِّساء، وعُذْرَتُهُنَّ: بَكارَتُهُنَّ، وبذلك سُمِّينَ عَذارَى.
قوله: (وَلعَابِهَا): قال ابن قُرقُول: (بالكسر، ورواه أبو الهيثم بالضَّمِّ؛ كأنَّه ذهب إلى اللُّعاب الذي هو الرِّيق؛ يريد: رشْفه وامتصاصه، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها: «يقبِّلني، ويمصُّ لساني، ثُمَّ يخرج إلى الصَّلاة، وجاء: «هنَّ أعذب أفواهًا»، وأمَّا «تُلاعِبُها»؛ فمِن المُلاعَبة، هذا هو الأظهر فيه)، انتهى، قال القاضي عياض _كما نقله الشيخ مُحيِي الدين النَّوَويُّ_: (إنَّ الرِّواية في «مسلم» بالكسر لا غير؛ يعني: في «لِعابها»، وكذا اقتصر عليه ابن الأثير، ولفظه: «وللعَذارى»، و «لِعابها»؛ بالكسر؛ مثل: اللَّعب، يقال: لعِب يلعَب لَعِبًا، ولِعابًا، فهو لاعبٌ)، انتهى.
قوله: (فذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ): قائل ذلك هو شعبة.
==========
[ج 2 ص 400]

(1/9231)


[باب تزويج الصغار من الكبار]

(1/9232)


[حديث: أنت أخي في دين الله وكتابه وهي لي حلال]
5081# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (يَزِيد) بعده: هو ابن أبي حبيب، تَقَدَّمَ، و (عِرَاك): هو ابن مالك، و (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا الحديث مُرْسَلٌ هنا، ولعلَّ عروة سمع ذلك من عائشة رضي الله عنها؛ لأنَّها خالته، ولم يقع هذا المُرْسَل مُسنَدًا في الكُتُب السِّتَّة، لكن قال شيخنا: (وأمَّا أبو العَبَّاس الطُّرقيُّ؛ فأخرجه في كتابه مُسنَدًا عنه عن عائشة)، انتهى، ورأيتُ في حاشية نسخةٍ ذَكرَ كاتبُها أنَّها مِن نسخة الصَّغانيِّ، ولفظها: (قال الإسماعيليُّ: ليس في نفس الرواية ما ترجم له الباب، وأمَّا صغرُ عائشة رضي الله عنها عن كِبَر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فمعلومٌ في غير هذا الخبر، وجاء بخبر مُرْسَل، فأدخله في «الصَّحيح»، وذلك يلزمُه أن يُجرى في المراسيل على ذلك)، انتهت.
فائدةٌ: تزوَّج عليه السَّلام عائشةَ رضي الله عنها سنة عشر من النُّبوَّة، وقد ذكرت ذلك مُطَوَّلًا في مكانه، فانظره إن أردتَه.
==========
[ج 2 ص 400]

(1/9233)


[باب: إلى من ينكح؟ وأي النساء خير]
قوله: (إِلَى مَنْ يَنْكِحُ): هو بفتح أوَّله، وكسر [ثالثه]؛ لأنَّه من الثُّلاثيِّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله في التَّبويب أيضًا: (أَنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ): هو لفظ حديث أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «تخيَّروا لِنُطَفِكُم، وأَنكحوا الأكفاء»؛ الحديث، وفي سنده الحارث بن عمران مُتَّهمٌ، والحديث في ترجمته في «الميزان»، قال ابن حِبَّان: يضع الحديث على الثِّقات.
==========
[ج 2 ص 400]

(1/9234)


[حديث: خير نساء ركبن الإبل صالحو نساء قريش]
5082# [قوله]: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظُ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): بالنُّون، تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، تقدَّموا كلُّهم.
==========
[ج 2 ص 400]

(1/9235)


[باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جاريته ثم تزوجها]
قوله: (اتِّخَاذ السَّرَارِيِّ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته محذوف الأسانيد، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة حديث هاجر للترجمة: أنَّها كانت أمةً مملوكةً، ثُمَّ قد صحَّ أنَّ إبراهيم عليه السَّلام أولدها بعد أن مَلَكَها، فهي سريَّة)، انتهى.
قوله: (السَّرَارِيِّ): يجوز فيها التَّشديدُ والتَّخفيف في الياء، وقد قَدَّمْتُ أنَّ القاعدة: أنَّ المُفرَد؛ إذا كان بالتشديد؛ فلك في جمعه التشديدُ والتَّخفيف؛ كـ (ذُريَّة وذراري، وأثفيَّة وأثافي)، و (السَّريَّة): الجارية تُتَّخَذُ للوطء، وهي من السِّرِّ، وهو النِّكاح.
==========
[ج 2 ص 400]

(1/9236)


[حديث: أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها]
5083# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ أصحاب «الصَّحيحَين» تجنَّبا ما يُنكَر عليه.
قوله: (حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيُّ): هو بإسكان الميم، وبالدَّال المُهْمَلة، نسبة إلى القبيلة، وجدُّه اسمه حيٌّ، يروي عن الشعبيِّ وابن الأقمر، وعنه: ابناه الحسن وعليٌّ، وابن المبارك، ثَبْتٌ، وهو الذي يقال له: صالح ابن حيٍّ وصالح ابن حَيَّانَ، قال العِجْليُّ: صالح بن صالح بن حيٍّ ليس بقويٍّ، ووَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، والنَّسَائيُّ، وآخرون، وصحَّح عليه الذَّهبيُّ في «ميزانه»، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.
تنبيهٌ: هذا غير صالح بن حيٍّ القرشيُّ، صاحب بريدة، الكوفيُّ، هذا كوفيٌّ ضعيفٌ، ولا شيء له في الكُتُب السِّتَّة، فاعلمه، والله أعلم، وقد تقدَّم هذا أيضًا، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الشعبيُّ): بفتح الشين المُعْجَمة، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر [1] القاضي، وأبوه: هو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعريُّ.
قوله: (وَلِيدَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.
قوله: (وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ؛ يَعْنِي: بِي)؛ الحديث، قال شيخنا: (قال الداوديُّ: قوله: «من أهل الكتاب»؛ يعني: كان على دين عيسى، قال: فأمَّا اليهود، ومَن كفر مِن النصارى قبله؛ فليسوا مِن ذلك؛ لأنَّه لا يُجازى على الكفر بالخير، واستدلَّ بقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِين أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ}؛ الآية [القصص: 53 - 54])، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (قَالَ الشَّعْبِيُّ: خُذْهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ): يقول ذلك الشعبيُّ للراوي صالح بن صالح المذكور في السند.

(1/9237)


قوله: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (أبو بكر) هذا؛ فهو ابن عيَّاش، تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ، و (أبو حَصِين): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسر الصَّاد المُهْمَلتين: عثمان بن عاصم، و (أبو بردة): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، و (أبوه): أبو موسى تَقَدَّمَ قريبًا معه، قال شيخنا: (وهذا التعليق أسنده الإسماعيليُّ بنحوه)، انتهى، وليس هو في الكُتُب السِّتَّة؛ فاعلمه إلَّا ما هنا.
[ج 2 ص 400]

(1/9238)


[حديث: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات بينما ... ]
5084# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (تَلِيْدًا): بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر اللَّام، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا معروف عند أهله، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التَّعليق، وسأذكره في أواخر هذ التَّعليق أيضًا.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ): هذا هنا موقوفٌ على أبي هريرة، في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أراجع أصلنا القاهريَّ، وفي بعض النُّسخ مَرْفوعٌ، وقد تَقَدَّمَ مرفوعًا، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الأنبياء)، في (إبراهيم)، صلَّى الله عليهم وسلَّم.
قوله: (مَرَّ بِجَبَّارٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسم هذا (الجبَّار) وبلده في (باب شراء المملوك من الحربيِّ).
قوله: (فَأَعْطَاهَا هَاجَرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا رضي الله عنها، وسيأتي فيه: (آجر)، وهما لغتان.
قوله: (يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في «الأنبياء»، في (مناقب إبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم).
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 401]

(1/9239)


[حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثًا]
5085# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عنْ أَنَسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حميد الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ): (يُبنى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ، وقال الجوهريُّ: (وبنى على أهله، والعامَّة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ)، انتهى، وابن دريد قد حكاه، والله أعلم.
قوله: (بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، أمُّ المؤمنين، ووالدها (حييٌّ) بِضَمِّ الحاء وكسرها، يهوديٌّ، قُتِل في بني قريظة، تَقَدَّمَ، وأنَّها هارونيَّة.
قوله: (بِالأَنْطَاعِ): هو جمع (نِطَع)، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (النِّطَع)، وأفصحها كسر النُّون وفتح الطاء، وكذا (الأَقِط): ما هو، بلغتيه.
قوله: (وَطَّأَ [1]): هو مهموز الآخر، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (وطَّى)، ويُنظَر هامشها.
[ج 2 ص 401]

(1/9240)


[باب من جعل عتق الأمة صداقها]
قوله: (بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا): تَقَدَّمَ أنَّه اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فمنهم من جعل ذلك خصوصًا به عليه السَّلام، كما خُصَّ بالموهوبة وبالتِّسع، ومنهم مَن جعل ذلك سنَّةً لمن شاء مِن أُمَّته، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ التِّرْمِذيَّ نقله عن الشَّافِعيِّ في «جامعه»، وهذا نصٌ غريبٌ، والمعروف عند أصحابه في كتبهم أنَّه مِن الخصائص، والله أعلم.
تنبيهٌ: روى أبو الشيخ بن حَيَّانَ من حديث شاذ بن فيَّاض: حدَّثنا هاشم بن سعيد: حدَّثنا كنانة عن صفيَّة قالت: «أعتقني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وجعل عتقي صداقي»، وذكر الحربيُّ، وابنُ مندة، وأبو نُعيم، وابن عَبْدِ البَرِّ، وغيرهم: أنَّه عليه السَّلام أصدق صفيَّة جاريةً تُدعى رُزَينة، قاله شيخنا، والحديث الذي ساقه من عند أبي الشيخ مُنكَرٌ ذكره الذَّهَبيُّ في ترجمة هاشم بن سعيد في «ميزانه» عن ابن عديٍّ، انتهى، ولم يكن عندي من مُصنَّفات هؤلاء الذين نقل عنهم ذلك إلَّا «الاستيعابَ»، وقد راجعت ترجمة صفيَّة، وترجمة رُزَينة، فلم أرَ ذلك فيهما، فالله أعلم، ولعلَّ أبا عُمر ذكر ذلك في «التمهيد» أو غيرِه، وقد رأيت في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ في (معجم النِّساء) قال الطَّبَرانيُّ: حدَّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل: حدَّثني عُبيد الله بن عمر القواريريُّ: حدَّثتنا عُليلة بنت الكُميت عن أمِّها أُمينة عن أَمةِ الله بنت رُزَينة عن أمِّها رُزَينة قالت: «لمَّا كان يوم قريظة والنَّضير؛ جاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بصفيَّة بنت حُييٍّ وذراعها في يده، فلمَّا رأتِ السَّبي؛ قالت: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأنَّك رسول الله، فأرسل ذراعها مِن يده، وأعتقها، وخطبها، وتزوَّجها، وأمهرها رُزَينة»، كذا في هذه الرِّواية: (يوم قريظة والنَّضير)، والمعروف غير ذلك، وفي السَّند عُلَيلة وأمُّها لا أعرفهما، وأمَّا أمة الله؛ فذكرها الذَّهَبيُّ في الصَّحابة، فقال: (أمة الله بنت رزينة خادمة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، وقد ذكرها ابن الأثير في «أُسده» أيضًا، وقد راجعتُ «زوائد المعجمَين؛ الصَّغير والأوسط»، فلم أرَ ذلك فيهما، وقد قَدَّمْتُ لك أنِّي رأيتُه في «الكبير»، والله أعلم.

(1/9241)


[حديث: أن رسول الله أعتق صفية وجعل عتقها صداقها]
5086# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، و (ثَابِت): هو ابن أسلم البُنانيُّ، و (شُعَيْب بْن الْحَبْحَابِ): تَقَدَّمَ أنَّه بحاءَين مهملتين؛ الأولى مفتوحة، وبعدها مُوَحَّدَة ساكنة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى.
==========
[ج 2 ص 401]

(1/9242)


[باب تزويج المعسر ... ]

(1/9243)


[حديث: انظر ولو خاتمًا من حديد]
5087# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة.
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي): تَقَدَّمَ الخلاف فيها في (سورة الأحزاب).
قوله: (فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ): تَقَدَّمَ أنَّهما بالتَّشديد.
قوله: (فَقَالَ [1] رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.
قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّمَ بلغاته.
قوله: (حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلَسُهُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح اللَّام، المصدر؛ أي: جلوسه.
قوله: (مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا): تَقَدَّمَ الكلام عليهما ما هما مُطَوَّلًا.
قوله: (فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ ما قيل في (ملكتها)، وما في «أبي داود»، وما هنا، والجمع بينهما.

(1/9244)


[باب الأكفاء في الدين ... ]
قوله: (بَابُ الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ): تنبيهٌ: احتجَّ مَن منع ذلك، وخالف البُخاريَّ بأن قال: إنَّما نكحتْ هذه سالمًا، ونكحت زينبُ زيدًا قبل أن يُدْعَيَا إلى أبويهما، وهم يرون أن مَن تبنَّى أحدًا؛ فهو ابنه، والله أعلم، وكذا المقدادُ، فإنَّ الأسود تبنَّاه.
تنبيهٌ ثانٍ: في «البُويطيِّ» قولٌ: إنَّ الكفاءة في الدِّين فقط، ودليله مِن حيث [السُّنَّةُ] قَوِيٌّ بحديثين؛ أحدهما حسنٌ، والآخر صحيحٌ، وشروط الكفاءة عند الشَّافِعيَّة ستَّةٌ، وقد نظمها بعض القضاة الفقهاء فقال:
~…شَرْطُ الكَفَاءَةِ سِتَّةٌ قَدْ حُرِّرَتْ…يُنبِيكَ عَنْهَا بَيتُ شِعْرٍ مُفْرَدُ
~…نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ…فَقْدُ العُيُوبِ وفي اليَسارِ تَردُّدُ
فائدةٌ: في «البويطيِّ» قولٌ: (إنَّ الكفاءة في الدين وحده)، ودليله من السُّنَّة قويٌّ وهو قوله عليه السَّلام: «إذا جاءكم مَن ترضَون دينَه وخلقَه؛ فأَنكِحوه، إلَّا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ»، رواه الترمذيُّ مِن حديث أبي حاتم المزنيِّ، وقال: حسنٌ غريبٌ، وأخرجه أيضًا من حديث أبي هريرة، وفي «صحيح ابن حِبَّان» من حديث أبي هريرة: «يا بني بياضة [1]؛ أَنكِحوا أبا هندٍ وانكحوا إليه»، وكان حجَّامًا، فالحديثُ الأوَّل يقتضي اعتبارَ الدِّين فقط، وإن خُصَّ منه شيءٌ بدليلٍ؛ ففيما عداه، والله أعلم [2].
ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضع الاستشهاد من حديث ضُبَاعة قوله: وكانت تحت المقداد، وضُبَاعةُ: بنت الزُّبَير بن عبد المطَّلب، بنت عمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والمقدادُ: مولى حليفِ الأسود بن عبد يغوث تبنَّاه، ونُسِب إليه)، انتهى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: (نُسِب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزُّهريِّ؛ لأنَّه كان تبنَّاه، وحالفه في الجاهليَّة، فقيل: ابن الأسود، وهو المقداد بن عَمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عَمرو بن سعْدٍ البهرانيُّ، من بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وقيل: بل هو كنديٌّ، من كندة، وقال أحمد بن صالح المصريُّ: حضرميٌّ، وحالف أبوه كندةَ، فنُسِب إليها، وحالف هو بني زُهْرة، فقيل: الزُّهريُّ ... إلى أن قال أبو عمر: قد قيل: إنَّه كان عبدًا حبشيًّا للأسود بن عبد يغوث، فتبنَّاه بعد أن استلاطه، والأوَّل
[ج 2 ص 401]

(1/9245)


أصحُّ وأكثر، ولا يصحُّ قول مَن قال فيه: إنَّه عبد، والصَّحيح: أنَّه بهرانيٌّ، من بهراء)، انتهى، والظاهر أنَّ البُخاريَّ قائلٌ بأنَّه عبدٌ للأسود، فعلى ما قاله أبو عمر: لا يصحُّ الاستدلال به، ولا البُخاريُّ يقول: إنَّ غير قريش ليسوا أكفاءً لهم، ولا غير بني هاشم والمطَّلب أكفاء لهما، والله أعلم، فإن قيل: ما وجه دخول حديث: «فاظفر بذات الدِّين ... »؛ الحديث تحت تبويب البُخاريِّ؟ فالجواب: أنَّه جعل العُمدة في الزَّوجات الدِّينُ، وما هو عمدة في الزَّوجة ينبغي أن يكون عمدةً في الزَّوج، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (هند)، والمثبت من مصدره.
[2] هذه الفائدة جاءت في (أ) بورقةٍ مفردةٍ، ولعلَّ موضعها هنا.
[ج 2 ص 402]

(1/9246)


[حديث: أن أبا حذيفة تبنى سالمًا وأنكحه بنت أخيه هندًا ... ]
5088# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّموا مرارًا.
قوله: (أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا): (أبو حذيفة): اسمه مهشم، وقيل: هُشَيم، وقيل: هاشمٌ، مِن السَّابقين، وقيل: اسمه قيسٌ، ترجمته معروفة رضي الله عنه.
قوله: (تَبَنَّى سَالِمًا): تَقَدَّمَ الكلام على (سالم) هذا في (مناقبه)، وفي (باب تأليف القرآن)؛ فانظره.
قوله: (وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ في موضعٍ: (كذا رواه أبو داود من حديث يونس، والنَّسَائيُّ من حديث يحيى وشعيبٍ عن الزُّهريِّ، وقالا: هند بنت الوليد، وكذلك سمَّاها الزُّبَير، وخالفهم مالك، فرواه في «المُوطَّأ» عن الزُّهريِّ، وسمّضاها فاطمة بنت الوليد، وكذلك قال ابن عَبْدِ البَرِّ تقليدًا لمالك)، انتهى، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في «تجريده»: فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، زوجةُ سالم مولى أبي حذيفة، من المهاجرات، تزوَّجها بعد سالمٍ الحارثُ بن هشام، فيما زعم إسحاق الفَرْويُّ، وليس بشيء، وقال في (هِنْد): هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، تزوَّجها سالم مولى عمِّها أبي حذيفة، انتهى.
قوله: (وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه والاختلاف فيها في (مناقب سالم) مولى أبي حذيفة.
قوله: (كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا): هو زيد بن حارثة بن شَراحيل، وهذا غايةٌ في الظُّهور.
قوله: (فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ، ثُمَّ الْعَامِرِيِّ): (سهلة) هذه: روت عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الرخصة في رَضاع الكبير، روى عنها القاسم بن مُحَمَّد، قال ابن حِبَّان: (هي مِن مهاجرات الحبشة مع زوجها أبي حذيفة، وولدت له بالحبشة مُحَمَّد بن أبي حذيفة)، انتهى، وقد استحيضت هذه كما في «أبي داود»، وتزوَّجها عبد الرحمن بن عوف وغيره، أخرج لها أحمد في «المسند»، وأخرج لها بقيُّ بن مَخْلَد في «مسنده [1]» حديثين، والله أعلم.

(1/9247)


قوله: (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ): ولم يذكرْه البخاريُّ، بل حذفه، قال شيخنا: قال الحميديُّ: في «جمعه»: وأخرجه البرقانيُّ في كتابه بطوله مِن حديث أبي اليمان بسنده بزيادة: فكيف ترى يا رسول الله؟ قال: «أَرضعيه»، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرَّضاعة، فبذلك كانت عائشة تأمر بناتِ أختها وأخيها أن يرضعن مَن أحبَّت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرًا خمسَ رضعات، فيدخل عليها، وأَبَتْ أمُّ سلمة وسائر أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُدخِلْنَ عليهنَّ بتلك الرَّضاعة أحدًا مِن النَّاس حتَّى يكون في المهد، وقلن لعائشة رضي الله عنها: والله ما ندري لعلَّه رخصة لسالم دون النَّاس، انتهى الحديث، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: لم يَسُقْ بقيَّتَه في موضعٍ آخرَ، وقد ساقه بتمامه أبو نُعَيم في «المستخرج» من طريق الطَّبَرانيِّ في «مسند الشَّاميِّين»، انتهى، ورضاع الكبير في «مسلم»، والذي يظهر لي إنَّما حَذَفَ تكملةَ الحديثِ البُخاريُّ؛ لأنَّه غير قائل برَضاع الكبير، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (مسند)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 403]

(1/9248)


[حديث: حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني]
5089# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (دَخَلَ [1] عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ): هي ضباعة بنت الزُّبَير بن عبد المطَّلب بن هاشم، زوج المقداد، قُتِل ابنُها عبد الله يوم الجمل مع عائشة، روى عنها ابن عَبَّاس، وجابر، وأنس، وعروة، والأعرج، وغيرهم، وأخرج لها أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند»، و (الزُّبَير): هو عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، [أشهر] أولاده عبدُ الله، شهد يوم حُنَين مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وثبتَ معه، وكان فارسًا مشهورًا، كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنَّه ابن عمِّي وحِبِّي»، ومنهم مَن يروي أنَّه كان يقول: «ابن أمِّي وحبِّي»، قال أبو عمر: لا أحفظ له روايةً عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد روت أختاه ضُبَاعةُ وأمُّ الحكم، وكانت سنُّه يوم تُوُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نحوًا مِن ثلاثين سنة، وقيل: شهد أجنادِين في خلافة أبي بكر سنة ثلاثَ عشرةَ بعد أن أبلى بلاءً حسنًا، وضُباعة وصفيَّة وأمُّ الحكم وأمُّ الزُّبَير لهنَّ صحبة، ولا عقبَ لعبد الله بن الزُّبَير هذا.
قوله: (مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي): تَقَدَّمَ أنَّ (محِلِّي): بكسر الحاء وفتحها.
قوله: (وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا؛ فانظره.

(1/9249)


[حديث: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها]
5090# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، الحافظ الجِهبذ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد الله): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّمَ، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ): كَيْسَانَ، هو المقبريُّ، تَقَدَّمَ هو وأبوه.
قوله: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَلحَسَبِهَا): تَقَدَّمَ، بفتح السِّين، وقد تَقَدَّمَ ما (الحَسَبُ).
قوله: (فَاظْفَرْ): هو بهمزة وصلٍ وفتح الفاء، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (تَرِبَتْ يَدَاكَ): قال ابن قُرقُول: (قال مالك: خسرتْ يداك، وقال ابن بُكَيْر وغيره: استغنت، وأنكره أهل اللُّغة؛ إذ لا يُقال في الغِنَى إلَّا «أترب»، وقال الدَّاوديُّ: ثَرِبَت؛ أي: استغنت، وهي لغةٌ للقبط جرت على ألسنة العرب، وهي تردُّها [1] الرِّواية الصَّحيحة ومعروفُ كلام العرب، وقيل: معناه: ضعف عقلك ... ) إلى آخر كلامه، وقد ذكرتُه قبل ذلك.
==========
[1] في (أ): (ترد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب، وفي مصدره: (وهذا تردُّه الرِّوايات).
[ج 2 ص 403]

(1/9250)


[حديث: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا]
5091# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة واسمُ أبيه، هذا: عبد العزيز بن سلمة بن دينار، تقدَّما.
قوله: (مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه، قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين من المصريِّين في (الرَّقائق) ما لفظه: (والمارَّان لم يُسمَّيا، لكن في «مسند أبي يعلى» ما يُشعِرُ بأنَّ الفقير المارَّ هو جُعَيلٌ الضَّمْريُّ)، انتهى.
قوله: (فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟): وسيجيء: (فقال لرجل جالس عنده)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (المسؤول هو أبو ذرٍّ رضي الله عنه، كذلك ذكره ابن حِبَّان في «صحيحه»، وأبو يعلى في «مسنده»)، انتهى.
قوله: (حَرِيٌّ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الرَّاء، وتشديد الياء؛ أي: حقيقٌ وجديرٌ، قال ابن قُرقُول: («وفلان حَرِيٌّ بكذا»؛ أي: حقيق به وخليق، ويقال أيضًا: حَرٍ بكذا، وحَرًى بكذا؛ الواحد والاثنان والجماعة بلفظٍ واحدٍ، وكذلك المُؤنَّث؛ يعني: إذا قلت: حرًى، وأمَّا إذا قلت: حرٍ، أو حَرِيٍّ؛ فإنَّك تثنِّي، وتجمع، وتُؤنِّث، و «ما أحراه بكذا»؛ أي: ما أحقَّه، و «حَرَى أن يكون كذا»: على مثال: «عَسَى» وبمعناها، فعلٌ غير مُتصرِّف، وفلانٌ «أحرى للصَّواب»؛ أي: أقربه إليه وأدناه منه)، انتهى، وكذا قال غيره من أهل اللُّغةِ.
قوله: (إِنْ خَطَبَ؛ أَنْ يُنْكَحَ): (إِنْ): الأولى: بكسر الهمزة التي للشرط، والثانية بفتحها، والنُّون ساكنةٌ فيهما، وهذا ظاهِرٌ، و (يُنكَح): بِضَمِّ أوَّله وفتح ثالثه، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَإِنْ شَفَعَ؛ أَنْ يُشَفَّعَ): القول فيه كالقول في الذي قبله، و (شفَع): بفتح الفاء في الماضي والمستقبل.
[ج 2 ص 403]
قوله: (وَإِنْ قَالَ؛ أَنْ يُسْتَمَعَ): الكلام فيه كالكلام في الذي قبله.
قوله: (فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ): هذا (الرَّجل): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (حَرِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في ظاهرها، وكذا (إِنْ خَطَبَ أَلَّا يُنْكَحَ)، وكذا (وَإِنْ شَفَعَ أَلَّا يُشَفَّعَ).

(1/9251)


[باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية]
قوله في التَّبويب: (الْمُثْرِيَةَ): هي بِضَمِّ الميم، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي منصوبةٌ مفعولةٌ للمصدر الذي هو (التَّزويج)، و (المُثرِية): الغنيَّةُ الكثيرةُ المالِ.
==========
[ج 2 ص 404]

(1/9252)


[حديث عائشة: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} قالت: يا ابن ... ]
5092# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمامُ، و (عُقَيل): بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْنِ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (يَا بْنَ أُخْتِي): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العَوَّام، وأنَّ أمَّه أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وهي أخت عائشةَ لأبيها، أمُّ عائشة: أمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وأمُّ أسماء: قتيلة _أو قتلة_ بنت عبد العزَّى، لم تُسلِم على الصَّحيح أمُّها، وأمَّا أمُّ رُومان؛ فصحابيَّةٌ جليلةٌ، تَقَدَّمَتْ.
قوله: (فِي حجْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها، وإسكان الجيم.
قوله: (فَنُهُوا): هو بِضَمِّ النُّون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه؛ وكذا (أُمِروا): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/9253)


[باب ما يتقى من شؤم المرأة]
قوله: (بَابُ مَا يُتَّقَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (مِنْ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ): (الشَّؤْم): مهموز، وقد يُسهَّل، كذا عن السُّهيليِّ، وهي بهمزة ساكنة في عين الكلمة، فيجوز تسهيلُها، والله أعلم.

(1/9254)


[حديث: الشؤم في المرأة والدار والفرس]
5093# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وقبله مرارًا.
قوله: (الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالْفَرَسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، وفيه فوائدُ، في أوائل (كتاب الجهاد).
==========
[ج 2 ص 404]

(1/9255)


[حديث: إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس]
5094# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ): هو عُمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّمَ.

(1/9256)


[حديث: إن كان في شيء ففي الفرس والمرأة والمسكن]
5095# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه سلمة بن دينار، الأعرج، الإمامُ.

(1/9257)


[حديث: ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء]
5096# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن ملِّ، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (ملٍّ).
==========
[ج 2 ص 404]

(1/9258)


[باب الحرة تحت العبد]
قوله: (بَابُ الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ليس في حديث بريرة هذا ما يدلُّ على أنَّ زوجها كان عبدًا، وإثبات الخيار لها لا يدلُّ على المخالف؛ لأنَّ المُعتَقة تُخيَّر عنده مطلقًا تحت العبد والحُرِّ، وقد خرَّج حديثها أتمَّ مِن هذا، وفيه التَّصريح بأنَّه عبدٌ)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 404]

(1/9259)


[حديث: هو عليها صدقة ولنا هدية]
5097# قوله: (كَانَ فِي بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها رضي الله عنها وبعض ترجمتها.
قوله: (عَتَقَتْ): هو بفتح العين، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (فَخُيِّرَتْ): هو بِضَمِّ الخاء، وكسر الياء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاءُ التَّأنيث السَّاكنة.
قوله: (وَبُرْمَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (البُرْمة) ما هي.
قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ): (قُرِّب): بِضَمِّ القاف، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (خبزٌ): نائبٌ مناب الفاعل، و (أُدْمٌ): مَرْفوعٌ، معطوف عليه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَقِيلَ: لَحْمٌ): تَقَدَّمَ لحم أيِّ شيءٍ فيما مضى.
قوله: (تُصُدِّقَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وضمِّ الصَّاد، وكسر الدَّال المُشَدَّدة المُهْمَلتين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9260)


[باب: لا يتزوج أكثر من أربع ... ]
(بَابٌ: لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ) ... إلى (بَاب: لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)
قوله: (بابٌ: لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ): فائدةٌ: قال ابن عبد السَّلام الشيخ عزُّ الدين الشَّافِعيُّ في «قواعده»: (إنَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم في النِّكاح الزِّيادةُ على امرأةٍ واحدةٍ في شريعة عيسى صلَّى الله عليه وسلَّم؛ نظرًا للنِّساء؛ لئلَّا يتضرَّرن بكثرة الضَّرائر والإماء، وأجازه مِن غير حصر في شريعة موسى صلَّى الله عليه وسلَّم لمن قدر على القيام بالوطء ومُؤَنِ النِّكاح)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [الإسراء: 55]).
قوله: (وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ): هذا هو الإمام زين العابدين عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب بن عبد المطَّلب الهاشميُّ، أبو الحسين، ويقال: أبو الحسن، ويقال: أبو مُحَمَّد، ويقال: أبو عبد الله، أمُّه أمُّ ولد، تَقَدَّمَ، وترجمته أيضًا معروفةٌ.
فائدةٌ: نقلُ هذا الكلام عن زين العابدين فيه لطيفةٌ؛ وهو أنَّه سيِّدٌ مِن سادات أهل البيت ومن أجلِّهم، وكبيرٌ من كبرائهم، ففيه ردٌّ على الرَّافضة الذين جوَّزوا نكاحَ أكثرِ مِن أربعٍ، فقيل: يُباح نِكاحُ تسعٍ لكلِّ أحد، وقيل: ثمانيةَ عشرَ؛ أخذًا مِن الآية، وهو مردودٌ عليهم.
==========
[ج 2 ص 404]

(1/9261)


[حديث: اليتيمة تكون عند الرجل وهو وليها فيتزوجها على مالها]
5098# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) في (كتاب الجهاد)؛ فانظره، و (عبْدة): بإسكان الموحَّدة، وهو عبْدة بن سليمان.
قوله: (وَيُسِيءُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وهمز آخره، وهو رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 404]

(1/9262)


[باب: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}]

(1/9263)


[حديث: نعم الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة]
5099# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.
قوله: (صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ... ) إلى قوله: («أُرَاهُ فُلَانًا»، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ): هذا الرجل عمُّ حفصة لا أعرفه، و (أُراه)؛ بِضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.
قوله: (لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا، لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ ... ) إلى آخره: هذا (العمُّ): هو غير أفلح أخي أبي القعيس الذي تَقَدَّمَ قبل هذا؛ وذلك لأنَّ أخا أبي القعيس كان حيًّا، واستَفْتَتْ عنه رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا العمُّ كان قد مات، وهذا لا أعرفه، قال الشيخ مُحيِي الدين النَّوَويُّ: اختلف العلماء في عمِّ عائشة المذكور، فقال أبو الحسن القابسيُّ: هما عمَّان لعائشة من الرَّضاعة؛ أحدهما: أخو أبيها أبي بكر رضي الله عنه من الرَّضاعة، ارتُضِع هو وأبو بكرٍ
[ج 2 ص 404]
من امرأةٍ واحدةٍ، والثاني: أخو أبيها مِن الرَّضاعة الذي هو أبو القعيس، أبوها مِن الرَّضاعة، وأخوه أفلح عمُّها، وقيل: هو عمٌّ واحدٌ، وهذا غلط؛ لأنَّ عمَّها في الحديث الأوَّل ميِّتٌ، وفي الثاني حيٌّ جاء يستأذن، فالصَّواب: ما قاله القابسيُّ، وذكر القاضي القولَين، قال: وقولُ القابسيِّ أشبهُ؛ لأنَّه لو كان واحدًا؛ لَفهمتْ حكمَه مِن المرَّة الأولى، ولم تحتجب منه بعد ذلك، فإن قيل: فإذا كانا عمَّين؛ كيف سألت عن الميِّت، وأعلمها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه عمُّ لها يدخل عليها، واحتجبت عن عمِّها الآخر أخي أبي القعيس حتَّى أعلمها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّه عمُّها يدخل عليها، فهلَّا اكتفت بأحد السُّؤالين؟ فالجواب: أنَّه يحتمل أنَّ أحدهما كان عمًّا مِن أحد الأبَوَين، والآخر منهما، أو عمًّا أعلى والآخر أدنى، أو نحو ذلك مِن الاختلاف، فخافت أن تكون الإباحة مُختصَّةُ بصاحب الوصف المسؤول عنه أوَّلًا، والله أعلم، انتهى.

(1/9264)


[حديث: إنها ابنة أخي من الرضاعة]
5100# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مُسدَّد) هو ابن سعيد القَطَّان، الحافظُ.
قوله: (قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا تَتَزَوَّجُ بِنْتَ [1] حَمْزَةَ؟): الظاهر أنَّ قائل ذلك: هو عليُّ بن أبي طالب، كما جاء في بعض طرقه، وجزم به بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين، قال: (كما ثبت مِن حديثه في «مسلم»).
قوله: (بِنْتَ حَمْزَةَ): ابنة حمزة المشار إليها هنا: قال ابن الجوزيِّ في «تلقيحه» في أوائله: (هي أمامة، ويقال: عُمارة)، انتهى، وعُمارة: ولدٌ ذكرٌ لحمزة، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (أمامة، وقيل: عُمارة، وقيل: فاطمة).
قوله: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ): اعلم أنَّ أباها حمزةُ بن عبد المُطَّلب رضع مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن ثويبةَ جاريةِ أبي لهب، وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة الحافظ شمس الدِّين في أوائل «الهدْي»: (وكان حمزة مُسترضَعًا في بني سعد بن بكر، فأرضعت أمُّه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومًا، وهو عند أمِّه حليمة، وكان حمزة رضيعَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن وجهين؛ من جهة ثُوَيبة، ومن جهة السَّعديَّة)، انتهى، وقد ذكرت مراضعه عليه السَّلام فيما تَقَدَّمَ، وهنَّ: ثويبة، وحليمة، وخولة بنت المنذر، وأمُّ أيمن _ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ عن بعضهم، قال: والمعروف أنَّها مِن الحواضن_ وهذه السَّعديَّة التي ذكرها ابن القَيِّم إن لم تكن خولة بنت المنذر مرضعة إبراهيم، وقد ذكرتُ فيما مضى زيادة على هؤلاء، والله أعلم، وهنَّ العواتك.
قوله: (وقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ... ) إلى آخره: (بِشْر) هذا: هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهذا تعليق مجزوم به، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في «صحيحه» عن مُحَمَّد بن يحيى القُطَعيِّ عن بشر بن عُمر به، والحكمة في الإتيان بهذا التعليق؛ لأنَّ قتادة مُدَلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه التَّصريحَ بسماع قتادةَ من جابر بن زيد، والله أعلم، وفيه تصريحُ شعبةَ بالسَّماع مِن قتادة؛ لأنَّه في الأوَّل عنعن، ولكن قد تَقَدَّمَ أنَّ شعبة كان مِن أَكْرَهِ النَّاسِ للتَّدليس، وقال فيه ما قال ممَّا قدَّمته، والله أعلم.

(1/9265)


[حديث: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي]
5101# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو اليمان، و (شُعَيْبٌ) بعده: هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ)، وعلى أمِّها وأبيها رضي الله عنهم، وعلى (أُم حَبِيبَةَ): رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، أمِّ المؤمنين رضي الله عنها.
قوله: (انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ): أخت أمِّ حبيبة المشار إليها: تَقَدَّمَ أنَّها عزَّة، كما في «مسلم»، قال القاضي: ولا نعلم هذه في بنات أبي سفيان إلَّا في هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ، وقيل: حمنة، وقيل: درَّة، والأوَّل أصحُّ.
قوله: (أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ): (أوَتحبِّين): بفتح الواوِ على الاستفهام، و (ذلكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ): هو بِضَمِّ الميم، وإسكان الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ أي: منفردة.
قوله: (إِنَّ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.
قوله: (فَإِنَّا نُحَدَّثُ): هو بِضَمِّ النُّون، وفتح الدَّال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9266)


قوله: (بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): (بنت أبي سلمة) المشار إليها: هي دُرَّة بنت أبي سلمة عبدِ الله بن عبد الأسد، صحابيَّة مذكورة فيهنَّ، و (دُرَّة)؛ كالتَّلفُّظ بالطَّائر المعروف، وقال القاضي عياض عن بعض رواة مسلم: بفتح الذَّال المُعْجَمة، قال النَّوَويُّ: وهو تصحيف، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: بنت أمِّ سلمة درَّةُ، بلا خلاف، هذا هو المعروف، ووقع في «البَيْهَقيِّ»: قد بلغني أنَّك تخطب زينب بنت أبي سلمة، وعزاه للبخاريِّ ولم يجد ذلك فيه، انتهى، واعلم أنَّ البَيْهَقيَّ وغيرَه _كالبغويِّ في «شرح السُّنَّة» _: إذا عزَوا إلى البُخاريِّ أو مسلم؛ فإنَّما يريدون: أصلَ الحديثُ، لا لفظَه بعينه، والله أعلم، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: دُرَّة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد، ورد أيضًا أنَّ أمَّ حبيبة قالت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّا قد تحدَّثنا أنَّك ناكح درَّة بنت أبي سلمة، فقال: «لو لم أنكِح أمَّ سلمة؛ لما حلَّت لي؛ لأنَّ أباها أخي مِن الرَّضاعة، فلا تعرضن عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ»، انتهى، وسيجيء قريبًا أنَّها دُرَّة، وكذا بعده أيضًا، وكذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم» من غير طريق، والله أعلم.
تنبيهٌ: وقع في «الصَّحابة» لأبي موسى: أنَّها حمنة، ثُمَّ قال: والأشهرُ غَيْرُه.
قوله: (بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): هي منصوبة، ونصبها ظاهر.
قوله: (لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي؛ مَا حَلَّتْ لِي ... ) إلى آخره: معنى هذا الكلام: أنَّها حرام عليَّ لسببين؛ كونها ربيبة، وكونها بنت أخ، فلو فُقِد أحد السَّببَين؛ حَرُمت بالآخر، و (الحجر): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.
تنبيهٌ: تمسَّك داود بن عليِّ بن خلف الأصبهانيُّ إمامُ أهلِ الظَّاهر بظاهرِ هذا الحديث وظاهرِ الآية؛ وهي قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم} [النِّساء: 23]، فعنده أنَّ الرَّبيبة لا تَحرُم إلَّا إذا كانت في حَجر زوج أمِّها، فإن لم تكن في حَجره؛ فهي حلالٌ له، ومذهبُ العلماء كافَّةً سواهُ: أنَّها حرامٌ سواء أكانت في حجره أم لا، قالوا: والتقييد إذا خرج على سببٍ؛ لكونه الغالب؛ لم يكن له مفهومٌ يُعمَل به، فلا يُقصَر الحكمُ عليه، ونظيرُه قولُه تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ} [الأنعام: 151]، ومعلومٌ
[ج 2 ص 405]

(1/9267)


أنَّه يَحرُم قتلُهم بغير ذلك أيضًا، لكن خرج التَّقييد بالإملاق؛ لأنَّه الغالبُ، وقولِه تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النُّور: 33]، وله نظائر في القرآن والسُّنَّة، والله أعلم.
قوله: (ثُوَيْبَةُ): هي بِضَمِّ الثَّاء المُثلَّثة، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي ثويبة مولاة أبي لهب، كما سيجيء في هذا الحديث مِن كلام عروةَ، يقال: إنَّها أسلمت، فالله أعلم، قال أبو نعيم: (لا أعلم أحدًا أثبتَ إسلامها غير ابن منده)، انتهى، تُوُفِّيَت سنة سبع، قاله ابن سعد، كما أفاده الحافظ مغلطاي، وذكره في «سيرته»، ولم يعزُه لأحد، وفي «ابن بشكوال»: (تُوُفِّيَت بخيبر).
قوله: (مَوْلَاةٌ لأَبِي لَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على أبي لهب واسمه وما يتعلَّق به، ومتى هلك؛ فانظره في (التَّفسير).
قوله: (أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ): قال الإمام السُّهيليُّ: (وفي غير كتاب «البُخاريِّ»: أنَّ الذي رآه من أهله أخوه العَبَّاس بن عبد المطَّلب، قال: مكثت حولًا لا أَرَاهُ، ثُمَّ إنِّي رأيتُه في شرِّ حالٍ، قال: ما لقيتُ بعدكم راحة إلَّا أنَّ العذاب يُخفَّف عنِّي كلَّ يوم اثنين).
قوله: (بِشَرِّ حِيْبَةٍ): (الحِيْبَة): بكسر الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن الأثير: (أي: بشرِّ حال، و «الحِيبة، والحُوبة»: الهمُّ والحزن، و «الحِيبة» أيضًا: الحاجة والمسكنة)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: («حِيبة»، كذا للمستملي والحمُّوي؛ ومعناه: سوء الحال، ويقال فيه أيضًا: الحَوبة، ولغيرهما: «بشر خيبة»)، انتهى.

(1/9268)


قوله: (لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ): قال شيخنا: (قال ابن بَطَّال: أسقط من رواية: «راحة» بعد قوله: «لم ألق بعدكم»؛ لأنَّه لا يتمُّ الكلام على ما رواه البُخاريُّ)، قال: (وكذلك سقط منه: «وأشار إلى النقرة ... » إلى آخره، ولا يقوم معنى الحديث إلَّا بذلك، ولا أعلم ممَّن جاء الوَهَمُ فيه)، انتهى، وقال أبو القاسم السُّهيليُّ: (هكذا في رواية الأصيليِّ عن أبي زيد، وفي رواية غيره قال: (ما لقيت بعدكم مِن راحةٍ غيرَ أنِّي سُقِيت في مثل هذه _وأشار إلى النَّقرة ما بين السَّبابة والإبهام_ بعتقي ثُوَيبة)، انتهى، كأنَّه يُعلِّل ما ناله مِن الماء، وكونه سُقِي في النقرة المذكورة رواه البَيْهَقيُّ في «دلائله»، وعزاه هو والبغويُّ في «شرح السُّنَّة» إلى البُخاريِّ، ومرادهما: أصلُه.
قوله: (إِلَّا [1] أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ): (سُقِيت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وهذه إشارة إلى النقرة التي ذكرتُها أعلاه.
قوله: (بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ): (عَتَاقة): بفتح العين، وهذا ظاهِرٌ، و (ثويبةَ): مَنْصوبٌ، مفعول المصدر، وهذا ظاهِرٌ أيضًا، وهي غير مصروفة؛ للعلميَّة والتَّأنيث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غير).

(1/9269)


[باب من قال لا رضاع بعد حولين ... ]

(1/9270)


[حديث: انظرن ما إخوانكن؛ فإنما الرضاعة من المجاعة]
5102# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظُ، وتَقَدَّمَ مُتَرجَمًا، و (الأَشْعَث): بالثَّاء المُثلَّثة في آخره، وهو أشعث بن أبي الشَّعثاء جابرِ بن زيد، وسأذكر قريبًا بعضَ ترجمة أبيه أبي الشَّعثاء.
قوله: (دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ): هذا (الرَّجل) أخو عائشة من الرَّضاعة لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (يحتمل أن يكون هذا عبد الله بن يزيد أخا عائشة مِن الرَّضاعة، كما بيَّناه في «باب الغسل بالصَّاع»)، انتهى، وهذا الكلام فيه نظر، ولو كان كذلك؛ لكان يكون عبد الله بن يزيد صحابيًّا، وقد ذكره ابن حِبَّان في «ثقات التَّابعين»، فقال: (عبد الله بن يزيد، رضيع عائشة، يروي عن عائشة، روى عنه أبو قِلَابَة وأهل البصرة)، ثُمَّ أعاد له ترجمة كذلك، وذكره ابن أبي حاتم في «الجَرح والتَّعديل»، فقال: (عبد الله بن يزيد، رضيع عائشة، روى عن عائشة، روى عنه [أبو قلابة] [1]، سمعت أبي يقول ذلك)، انتهى، فهذا مقتضاه أيضًا أنَّه تابعيٌّ، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: لا أعرف اسم هذا الأخ، ويُحتَمل أن يكون ابنًا لأبي القعيس، وكان مات وجاء أخوه يستأذن على عائشة، كما في «الصَّحيح»، وأبطل مَن زعم أنَّه عبد الله بن يزيد رضيع عائشة؛ لأنَّه تابعيٌّ باتِّفاق الأئِمَّة، ولم يذكره أحد في الصَّحابة، ويحتمل أنَّه إنَّما كان أخا عائشة من الرَّضاعة؛ لأنَّ أباه وأمَّه كانا عاشا بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فولداه بعد، فهو رضيع عائشة باعتبار شُربها مِن لبن أبويه، والله أعلم.
==========
[1] في (أ) بدل ممَّا بين معقوفين بياض، وكذا في مصدره، والمثبت من «تهذيب الكمال».
[ج 2 ص 406]

(1/9271)


[باب لبن الفحل]

(1/9272)


[حديث: أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها ... ]
5103# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، الإمام، أحد الأعلام.
قوله: (أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبل هذا؛ فانظره.
قوله: (بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ): تَقَدَّمَ متى نزل الحجاب، والاختلاف فيه غيرَ مَرَّةٍ، فانظره من (سورة الأحزاب) وغيرِها.
==========
[ج 2 ص 406]

(1/9273)


[بابُ شهادة المرضعة]

(1/9274)


[حديث: كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك]
5104# (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بعده: هو ابن عُلَيَّةَ، الإمامُ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (عَبْد [1] اللهِ ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن [عبيد الله بن] عبد الله بن أبي مُلَيْكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحَابيٌّ.
قوله: (تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً): هذه المرأة التي تزوَّج بها عقبة بن الحارث تَقَدَّمَ أنَّها يُقال لها: أمُّ يحيى، وأنَّ اسمها غَنِيَّة بنت أبي إِهاب بن عزير بن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم، حكاه الدارقطنيُّ عن الزُّبَير بن بكَّار، وقد جاء في بعض الطرق أنَّ اسمها زينب، وذكرت ترجمة أبي إهاب بن عزير في (كتاب العلم)، وهو صَحَابيٌّ لا يُعرَف اسمه.
قوله: (فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ): هذه المرأة السوداء في بعض الطرق أنَّها أَمَةٌ، ولا أعرف اسمها، ولا أعرف إسلامها، إلَّا أنَّ الشارع أجاز شهادتها، ففيه إشعارٌ بإسلامها، والله أعلم.
قوله: (مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة [2].
قوله: (وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُلَيَّةَ إسماعيل بن إبراهيم المذكورُ في السند.
قوله: (بِإِصْبَعَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) عشر لغات؛ تثليث الهمزة والباء، والعاشرة: (أُصبوع).

(1/9275)


[باب ما يحل من النساء وما يحرم ... ]
قوله: (وَقَالَ أَنَسٌ ... ) إلى قوله: (لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ): هذا أخرجه ابن أبي شيبة _كما قاله شيخنا_ عن يحيى بن سعيد، عن التيميِّ، عن أبي مِجْلَز، عنه، قال شيخنا: قال ابن التين: وذلك ينزع الرجل أَمَتَه من عبده، وقيل: هم السبايا سُبِيَا معًا أو متفرِّقَين ينفسخ نكاحهما، وقال: هذا المعروف من مذهب مالك، وقيل: إذا سُبِيَا معًا؛ فلا فسخ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 406]

(1/9276)


[حديث: حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع]
5105# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ ابْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال لنا _أو لي_ فلان: كذا)؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، وفي روايته هنا عن الإمام أبي عبد الله أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل ردٌّ على من قال: إنَّه لم يروِ عنه نفسِهِ، وقد تَقَدَّمَ روايته عن واحد عنه في آخر «المغازي» قُبَيل (التفسير)، وهذا الحديث
[ج 2 ص 406]
انفرد به البُخاريُّ، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو القَطَّان، و (حَبِيب): بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، هو حبيب بن أبي ثابت الكوفيُّ.
تنبيهٌ: لهم حبيب آخرُ يروي أيضًا عن سعيد بن جبير عن ابن عَبَّاس، وهو حبيب بن أبي عَمْرَة، والله أعلم.
قوله: (حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]): فأمَّا السبع التي حَرُمْنَ من الصهر؛ قال الله: {وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22].
قوله: (وَجَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ): يعني: ابن أبي طالب، ترجمة (الحسن) هذا معروفةٌ مشهورةٌ.
قال شيخنا: وهذا التعليق أخرجه أبو عُبيد بن سلَّام في كتاب «النِّكاح»، وسيأتي منه مَن هما (ابنتا العَمِّ).
قوله: (بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ فِي لَيْلَةٍ [1]): بنتا العمِّ اللَّتان جمع بينهما الحسن بن الحسن هما بنت مُحَمَّد بن عليٍّ وبنتُ عُمرَ بن عليٍّ، كذا عزاه شيخنا لأبي عُبيد القاسم بن سلَّام في كتاب «النِّكاح» له، وذكر الحديثَ الحجَّةَ في ذلك، والله أعلم، ومثله لبعض حفَّاظ هذا العصر ولفظه: هما أمُّ الفضل بنت مُحَمَّد بن عليٍّ، وأمُّ موسى بنت عمر بن عليٍّ.
قوله: (وَجَمَعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ): هو ابن أبي طالب، ترجمته معروفة، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وقد قَدَّمْتُ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال له كما قال لأبيه جعفر: «أشبهت خَلقي وخُلُقي».

(1/9277)


قوله: (بَيْنَ بِنْتِ [2] عَلِيٍّ وَامْرَأَةِ عَلِيٍّ): (عليٌّ): هو ابن أبي طالب، و (بنتُ عليٍّ): هي زينب بنتُ عليٍّ من فاطمة رضي الله عنها، الهاشميَّة، وُلِدت في حياة جدِّها رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكانت عاقلةً لبيبةً، وَلَدت من عبد الله بن جعفر عليًّا، وعونًا، وعَبَّاسًا، وأمَّ كلثوم، حمَّر عليها الذَّهَبيُّ _أعني: زينب_، فالصَّحيح عنده أنَّها تابعيَّة، قال شيخنا الشارح: وقال ابن سعد: فلما تُوُفِّيَت زينب؛ تزوَّج بعدها أمَّ كلثوم بنت عليٍّ من فاطمة، كذا قال: بنت عليٍّ، وكذا نقله عن ابن سعدٍ ابنُ شيخنا البُلقينيِّ، والذي أعرفه أنَّ الذي تزوَّج بأمِّ كلثوم بعد عُمر عونُ بن جعفر، والله أعلم، فيحتمل أنَّه تزوَّج بأمِّ كلثوم بعد موت عُمر، وموت زينب، والله أعلم، وأمَّا (امرأة عليٍّ) رضي الله عنه؛ فهي ليلى بنت مسعود بن خالد النهشليِّ، فأولدها صالحًا، وموسى، وهارون، ويحيى، وأمَّ أبيها.
واعلم أنَّ أولاد عبد الله بن جعفر سبعةَ عشرَ ولدًا، وبنتين، والعقب منهم لإسماعيل، وإسحاق، وعليٍّ، ومعاوية، ولولا خوف الإطالة؛ لذكرتهم مسمَّين، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ تسمية بنت عليٍّ وامرأة عليٍّ عن ابن سعد كما ذكرتُهما.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، العالم المشهور، وقد ذكرت أولاد سيرين الذكور والإناث في أوائل هذا التعليق.
قوله: (وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ): هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ.
قوله: (جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ): هو جابر بن زيد، أبو الشعثاء الأزديُّ اليحمديُّ الخَوْفيُّ البصريُّ، والخوف ناحية بعُمَان، وقيل: درب الخوف بالبصرة، من أئمَّة التابعين، صحب ابن عَبَّاس وأكثر عنه، وعن معاوية، وابن عمر، وابن الزُّبَير، وعنه: قتادة، وعَمرو بن دينار، ويعلى بن مسلم، وأيُّوب، وآخرون، ترجمته والثناء عليه مشهورٌ جدًّا، وقد أثنى عليه ابن عَبَّاس غيرَ مَرَّةٍ، متَّفق على توثيقه، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وتسعين، وقال ابن سعد: ثلاث ومئة، وقيل: سنة أربع ومئة، والأوَّل أصحُّ.

(1/9278)


قوله: (وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ... ) إلى أن قال: (وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَمْ [3] يُتَابَعْ عَلَيْهِ): (يُروى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا صيغةُ تمريضٍ، قال الذَّهَبيُّ: (يحيى الكنديُّ، عن الشَّعبيِّ وغيره، وعنه الصَّلْت بن الحَجَّاج، قال البُخاريُّ في (النِّكاح): لم يُتابَع على هذا، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، فقال: يحيى بن قيس الكنديُّ، عن شريح، وعنه أبو عوانة وشريك، فكأنَّه هو، انتهى، هذا لفظ «التذهيب»، وقال في «الميزان»: يحيى عن الشَّعبيِّ فيمَن أدخله في صبيٍّ لا يتزوَّج بأمِّه، قال: يحيى هذا غيرُ معروفٍ، ولم يُتابَع عليه، قلت: روى عنه: الصَّلْتُ بن الحَجَّاج فقط، فقال: يحيى بن قيس الذي حدَّث عنه أبو عوانة، انتهى، وقال شيخنا: في كتاب «الثِّقات» لابن حِبَّان، «والجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، «وتاريخ البُخاريِّ»: يحيى بن قيسٍ الكنديُّ، روى عن شريح، روى عنه أبو عوانة، وشريك، والثَّوريُّ، فيجوز أن يكون هذا، انتهى، وقد رأيتُه في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.
تنبيهٌ: لو نزَّه هذا الكتاب عن هذا الكلام _أعني: من يلعب بالصَّبِيِّ_؛ كان أولى به، والله أعلم.
ورأيته في «ثقات ابن حِبَّان»، ورقم عليه الذَّهَبيُّ: (خت) فقط؛ يعني: أنَّه علَّق له البُخاريُّ؛ يريد: هذا المكان، و (الشَّعْبيُّ): هو عامر بن شراحيل، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَأَبِي جَعْفَرٍ): هذا لا أعرفه بعينه، وأبو جعفرٍ جماعةٌ، ولعلَّه الباقر مُحَمَّد بن عليِّ بن الحسين، فإن كان هو؛ فترجمته معروفةٌ.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه صيغة تمريضٍ.

(1/9279)


قوله: (عَنِ [4] ابْنِ عَبَّاسٍ): قال البُخاريُّ: (وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ سَمَاعُهِ [5] مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)، قال الذَّهَبيُّ: أبو نصرٍ الأسديُّ، بصريٌّ، عن ابن عَبَّاس، وعنه خليفة بن حُصَين المنقريُّ، وَثَّقَهُ أبو زرعة، وقال البُخاريُّ: لا يُعرَف سماعه من ابن عَبَّاس، انتهى، رقم عليه (خت)؛ يعني: البُخاري تعليقًا، ولم يخرِّج له غيره، وذكره في «الميزان»، وقال فيه: عن ابن عَبَّاس، كذلك لا يدري مَن هو؛ لأنَّه عطفه على شخصٍ ترجمه بأنَّه لا يدري مَن هو، انتهى، وقال شيخنا: هذا عرَّفه أبو زرعة بأنَّه أسديٌّ، وأنَّه ثقة، وروى عن ابن عَبَّاس أنَّه سأله عن قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1 - 2]، وهذا ظاهِرٌ في سماعه منه، لا كما قال البُخاريُّ: إنَّه لا يُعرَف سماعه منه، انتهى.
وقد رأيت في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولفظه: أبو نصر الأسديُّ الذي روى عن ابن عَبَّاس: أنَّه سأله عن: {والفجر وليال عشر}، و [روى] الثَّوريُّ عن الأغرِّ بن الصَّبَّاح، عن خليفة بن حُصَين، عن أبي نصر، عن ابن عَبَّاس، سمعت أبي يقول ذلك، قال عبد الرحمن: سُئِل أبو زرعة عن أبي نصر الأسديِّ الذي روى عن ابن عَبَّاس [6]، روى عنه خليفة بن حُصَين، فقال: كوفيٌّ، انتهى، ولا أعرف اسم أبي نصر، وهو بالصاد المُهْمَلة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ مثله لا يحتاج إلى تقييد، لكن لا يضرُّ.
قوله: (لَا [7] يُعْرَف سَمَاعُهُ): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (سماعُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ): (يُروى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه صيغة تمريضٍ، و (حُصَين) والد عِمران: بِضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلتين، تَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ، والاختلاف فيه؛ فاعلمه.
قوله: (وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه أبو الشعثاء، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (وَالْحَسَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.
قوله: (حَتَّى يُلْزِقَ بِالأَرْضِ): (يُلزِق): بِضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، رُبَاعيٌّ، مَبْنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا، وفي أصل آخرَ مَبْنيٌّ للمفعول.

(1/9280)


قوله: (يَعْنِي: يُجَامِعَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الميم، كذا في أصلنا مَبْنيٌّ للفاعل [8]، وفي أصلٍ آخرَ مَبْنيٌّ للمفعول، وقد قال شيخنا: (تُلزَق): هو بفتح الزاي، انتهى.
قوله: (وَجَوَّزَهُ ابْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ أنَّه سعيد بن المُسَيّب، وأنَّه يجوز في أبيه الفتح والكسر، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (وَعُرْوَةُ): هو ابن الزُّبَير، أحد الفقهاء السبعة.
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (قَالَ عَلِيٌّ ... ، وَهَذَا مُرْسَلٌ): يعني: أنَّ الزُّهريَّ لم يسمع من عليٍّ شيئًا، وقد قَدَّمْتُ مَن سمع منه الزُّهريُّ من الصَّحابة في (الجنائز)، وقَدَّمْتُ مولد الزُّهريِّ أنَّه سنة إحدى وخمسين، ويُقال: سنة ستٍّ وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، وعليٌّ تَقَدَّمَ أنَّه تُوُفِّيَ سنة أربعين، والله أعلم.
==========
[1] قوله: (وجمع الحسن ... في ليلة) جاء في «اليونينيَّة» لاحقًا بعد قوله: (وكرهه الحسن ... ).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ابنة).
[3] كذا في (أ) و (ق)، وعلى الواو في (ق) علامة راويها، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (لم)؛ بلا واو.
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أنَّ).
[5] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (بسماعه)، ويُنظَر هامشها.
[6] زيد في (أ): (انتهى)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.
[7] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لم).
[8] زيد في (أ): (كذا في أصلنا)، وهو تكرار.

(1/9281)


[باب: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن}]
[ج 2 ص 407]
قوله: (لأُمِّ حَبِيبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ المؤمنين، وأنَّ اسمها رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، رضي الله عنها، تَقَدَّمَتْ.
قوله: (وَهَل تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ؟): (تُسمَّى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الربيبةَ): مَنْصوبٌ مفعول ثانٍ، وهذا معروفٌ.
قوله: (رَبِيبَةً لَهُ): هذه الربيبة المدفوعة لا أعرف اسمها، وقد كان له غيرُ ربيبةٍ، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: لعلَّها زينب بنت أبي سلمة، فإنَّه قد أخذها عمَّار من أمِّها أمِّ سلمة؛ إرادة لبناء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّها كانت تشتغل بها عن ذلك، أخرجه الحاكم في ترجمة أمِّ سلمة، انتهى، وقد رأيته في (النِّكاح) في «تلخيص المستدرك» سندًا ومتنًا مثلَ الذي في ترجمتها؛ فاعلمه، وقد رأيت في (فضائل القرآن) من «المستدرك» عن فروة بن نوفل الأشجعيِّ عن أبيه: «وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم دفع إليه بنت أمِّ سلمة، وقال: «إنَّما أنت ظئري»، قال: فقدمت عليه، فقال: «ما فعلتِ الجويرية [1]؟»، قلت: عند أمِّها ... »؛ الحديث، والله أعلم، وكذا قال حافظٌ مصريٌّ متأخِّرٌ: هي زينب بنت أمِّ سلمة، كما في «مسند أحمد»، «والمستدرك»، والمدفوعة إليه عمَّار بن ياسر، وكان أخا أمِّ سلمة من الرضاعة، ثُمَّ ظهر لي أنَّ الصوابَ نوفلُ بن معاوية الديليُّ، كما أخرجه الحاكم في «المستدرك»، وبيَّنتُه في «تغليق التعليق»، انتهى.
قوله: (وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا): يعني به: الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، قال عليه السلام: «إنَّ ابني هذا سيِّدٌ».
==========
[1] في (أ): (الجورية)، والمثبت من مصدره.

(1/9282)


[حديث: لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي]
5106# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ أنَّ (الحُمَيديَّ) بِضَمِّ الحاء، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة مرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة، و (أَبُوه): عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب) هذه: هي بنت أبي سلمة عبدِ الله بن عبد الأسد، تَقَدَّمَتْ، و (أُمُّ حَبِيبَةَ): رملة بنت أبي سفيان، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وتَقَدَّمَتْ قريبًا، وهي أمُّ المؤمنين رضي الله عنها.
قوله: (هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ في «مسلم»: أنَّ اسمها عزَّة، انتهى، وقيل: دُرَّة، وقيل: حمنة.
قوله: (بِمُخْلِيَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه وضبطُه قريبًا.
قوله: (مَنْ شَرِكَنِي): هو بكسر الراء.
قوله: (قَالَ: أَبِنْتَ [1] أُمِّ سَلَمَةَ؟!): (بنتَ): مَنْصوبٌ، ونصبه معروفٌ، وقبلها همزة الاستفهام، وهو استفهامُ إنكارٍ، وبنت أمِّ سلمة المشار إليها: تَقَدَّمَ أنَّ اسمها دُرَّة، وأنَّه سيجيء قريبًا أنَّها دُرَّة، وكذا مرَّة أخرى قريبًا أنَّها دُرَّة، وكذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم».
قوله: (لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي؛ مَا حَلَّتْ لِي ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّها حَرُمت عليه لشيئين، فإذا تخلَّف أحدهما؛ حرمت بالآخَر، و (ثُوَيْبَة): تَقَدَّمَ الكلام على ضبطها، وأنَّ الصَّحيح أنَّها لم تُسلِم، ومولاة مَنْ.
قوله: (تَعْرِضْنَ): هو بفتح أوَّله، وكسر ثالثه؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ ... ) إلى آخره: هذا هو الليث بن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (هشام): هو ابن عروة المذكورُ في سند الحديث، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو على شرطه إلى المعلَّق عنه، والباقي قد يكون، وقد لا يكون، وهذا على شرطه، والله علم، وتعليق الليث عن هشام لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أرَ تخريجَه في كلام شيخِنا.
قوله: (دُرَّةَ بِنْتَ [2] أُمِّ [3] سَلَمَةَ): (دُرَّةَ): مَنْصوبٌ مفعول (يخطبُ) الذي قبله، و (بنتَ): مَنْصوبٌ أيضًا، ونصبه معروفٌ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ابنَةَ).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (درَّةُ بنتُ).

(1/9283)


[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أبي).
[ج 2 ص 408]

(1/9284)


[باب: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف}]

(1/9285)


[حديث: فوالله لو لم تكن في حجري ما حلت لي ... ]
5107# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن سعد، و (عُقَيْل): هو ابن خالد، وهو بِضَمِّ العين، وفتح القاف، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (زَيْنَب بِنْت [1] أُمِّ [2] سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ قريبًا وبعيدًا، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ بنِ المغيرة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وأبوها: أَبُو سَلَمَة عبدُ الله بن عبد الأسد رضي الله عنه، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة، و (أُمُّ حَبِيْبَةَ): أمُّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حربٍ، و (أُخْتُهَا): بنت أبي سفيان، تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها عَزَّة، وماذا قيل فيها.
قوله: (بِمُخْلِيَةٍ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه ومعناه.
قوله: (إِنَّ ذَلِكِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.
قوله: (بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟): (بنتَ): بالنصب، ونصبها معروفٌ، و (أمُّ سلمة): تَقَدَّمَ قريبًا أعلاه وبعيدًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ أنَّها آخر أمَّهات المؤمنين موتًا، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين، رضي الله عنهما.
قوله: (فِي حَجْرِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.
قوله: (مَا حَلَّتْ لِي ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ قريبًا معناه: أنَّها حرمت عليَّ لشيئين، فلو تخلَّف أحدهما؛ حرمت بالآخر.
قوله: (أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أبي سلمة)، وأنَّه عبد الله بن عبد الأسد رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام على (ثُوَيبة) ضبطًا وترجمةً، وأنَّ الصَّحيح: أنَّها لم تسلم.
==========
[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ابْنَةَ).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أبي).
[ج 2 ص 408]

(1/9286)


[باب: لا تنكح المرأة على عمتها]
قوله: (بَابٌ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 408]

(1/9287)


[حديث: نهى رسول الله أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها]
5108# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، أحد الأعلام، و (عَاصِمٌ) بعده: هو عاصم بن سليمان الأحول، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، و (الشَّعْبيُّ): بفتح الشين، وكذا (شَراحيل) بفتحها، تَقَدَّمَ، و (جَابِر): هو جابر بن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ رضي الله عنه.
[ج 2 ص 408]
قوله: (أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): بالرفع، نائبة مناب الفاعل.
قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (داود)؛ فهو ابن أبي هند، وأمَّا تعليقه؛ فأخرجه أبو داود في (النِّكاح) عن النُّفيليِّ، عن زهير، عن داود نحوه به، والتِّرْمِذيُّ فيه عن الحسن بن عليِّ، عن يزيد بن هارون، عن داود نحوه، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسَائيُّ فيه عن إسحاق بن إبراهيم، عن مُعتمر بن سليمان، عن داود نحوه.
وأمَّا (ابن عون)؛ فهو عبد الله بن عون بن أرطبان، تَقَدَّمَ، وتعليقه أخرجه النَّسَائيُّ موقوفًا عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى الصنعانيِّ، عن خالد _يعني: ابن الحارث_، عن ابن عون، عن الشَّعْبيِّ، عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/9288)


[حديث: لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها]
5109# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ.
قوله: (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا): (يُجمَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 409]

(1/9289)


[حديث: نهى النبي أن تنكح المرأة على عمتها والمرأة وخالتها.]
5110# 5111# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عبدان) لقبٌ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (قَبِيصَةُ): بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.
قوله: (أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ؛ لأَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ): (نُرَى): نظنُّ، وهو بِضَمِّ النون، وقائل ذلك هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم المذكورُ في السند، وهذا قد يعرفه بعضُهم من قوله: (لأنَّ عروة حدَّثني)، وقد ميَّز ذلك مسلمٌ في روايته وزاد فقال: (قال ابن شهاب: فنُرَى خالة أبيها وعمَّة أبيها بتلك المنزلة)، انتهى، والله أعلم.
تنبيهٌ: قال شيخنا: هذا الاستدلال من الزُّهريِّ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّه استدلَّ على تحريم مَن حَرُمت بالنسب، فلا حاجة إلى تشبيهها بما حَرُم من الرضاع، انتهى، وقال غيره: إنَّما صار إلى ذلك؛ لأنَّه حمل الخالة والعمَّة على العموم، وهو صحيحٌ، انتهى.
==========
[ج 2 ص 409]

(1/9290)


[باب الشغار]
قوله: (بَابُ الشِّغَارِ): هو بكسر الشين وتخفيف الغين المعجمتين، نكاحٌ معروفٌ في الجاهليَّة، كان يقول الرجل للرجل: شاغرني؛ أزوِجْنِي أختَك، أو بنتَك، أو مَن تلي أمرها؛ حتَّى أزوَّجك أختي، أو بنتي، أو مَن ألي أمرها، ولا يكون بينهما مهرٌ، ويكون بُضع كلِّ واحدة منهما في مقابله بُضع الأخرى، وقيل له: شِغار؛ لارتفاع المهر بينهما، من شغرَ الكلبُ؛ إذا رفع إحدى رجليه ليبول، وقيل: الشغر: البُعد.
==========
[ج 2 ص 409]

(1/9291)


[حديث: أن رسول الله نهى عن الشغار]
5112# قوله: (وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ ... ) إلى آخره: تفسير الشِّغار في هذا الحديث من قول مالكٍ، نصَّ على ذلك الخطيبُ البغداديُّ، وقال: ميَّز ذلك القعنبيُّ وابن مهديٍّ ومحرز بن عون في روايتهم عن مالكٍ، انتهى، وبيَّنه أيضًا معْنٌ في روايته عن مالكٍ، وجاء أيضًا مفسَّرًا من قول بُنْدَار، وفي «البُخاريِّ» «ومسلمٍ» مفسَّرًا من قول نافع، ونقل شيخنا رحمه الله عن الشَّافِعيِّ أنَّه قال: لا أدري تفسير الشِّغار في الحديث مِن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أو مِن ابن عُمر، أو مِن نافعٍ، أو مِن مالكٍ؟ انتهى.
==========
[ج 2 ص 409]

(1/9292)


[باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟]

(1/9293)


[حديث: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل]
5113# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الأصحُّ فيه التخفيفُ، وتَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق ما يقطع النزاعَ فيه مُطَوَّلًا، وأنَّه بالتخفيف، و (ابْنُ فُضَيْلٍ): بِضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمة، واسمه مُحَمَّد، و (هِشَامٌ) هذا: هو ابن عروة بن الزُّبَير، وهذا معروفٌ عند أربابه.
قوله: (كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) الكلامُ على مَن وهبت نفسها، أو قيل: إنَّها وهبت، ومنهنَّ خولة بنت حكيم، و (حَكِيم)؛ بفتح الحاء، وكسر الكاف: ابن أُمَيَّة، السُّلَمِيَّة، أمُّ شريك، زوجُ عثمان بن مظعون، قال عروة بن الزُّبَير: كانت ممَّن وهبت نفسها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عنها عروة، وسعد بن أبي وقَّاص، وسعيد بن المُسَيّب، وأرسل عنها عُمر بن عبد العزيز ومُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، وكانت صالحةً فاضلةً، ويُقال لها: خُوَيْلَة، أخرج لها مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، رضي الله عنها.
قوله: (أَنْ تَهَبَ): هو بفتح الهاء، تَقَدَّمَ، وهذا معروفٌ.
قوله: (رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ ... ) إلى آخره: أمَّا (أبو سعيد المؤدَّب): فهو مُحَمَّد بن مسلم بن أبي الوضَّاح المثنَّى القضاعيُّ، أبو سعيد المؤدَّب؛ من الأَدَب، نزيل بغداد، عن عبد الكريم بن مالك، وحمَّاد بن أبي سُليمان، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: عبد الرحمن بن مهديٍّ، وأبو داود الطيالسيُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، قال يعقوب الفسويُّ: هو مؤدِّب موسى الهادي، وأمَّا البُخاريُّ؛ فقال: فيه نظرٌ، تُوُفِّيَ أبو سعيد في خلافة موسى ببغداد، وكانت خلافة موسى من المحرَّم سنة تسع وستِّين ومئة إلى ربيع الأوَّل من سنة سبعين ومئة، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وما رواه عن هشام لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة، بل ولا له رواية عن هشام به في الكُتُب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا أيضًا.

(1/9294)


وأمَّا (مُحَمَّد بن بِشْر)؛ فهو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وليس في الكُتُب السِّتَّة راوٍ يقال له: مُحَمَّد بن بُسر؛ بِضَمِّ الموحَّدة، وبالسين المُهْمَلة، و (مُحَمَّد بن بشر) هذا: عبديٌّ، كنيته أبو عبد الله، ثبت، عن هشام بن عروة وخلقٍ، وعنه: عبدٌ وأحمد بن الفرات، قال أبو داود: هو أحفظ مَن كان بالكوفة، مات سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، ووَثَّقَهُ ابن معين، وما رواه مُحَمَّد بن بشر عن هشام به؛ فلم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا أيضًا.
وأمَّا (عبْدة)؛ فهو بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ، وتعليق عبْدة رواه مسلمٌ وابن ماجه؛ جميعًا عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن عبْدة به.

(1/9295)


[باب نكاح المحرم]

(1/9296)


[حديث ابن عباس: تزوج النبي وهو محرم]
5114# قوله: (أَخْبَرَنَا عَمْرٌو): هذا هو عَمرو بن دينار المَكِّيُّ، تَقَدَّمَ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ): هو أبو الشَّعثاء، تَقَدَّمَ.
قوله: (تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مُحْرِمٌ): هذه الزوجة هي ميمونة بنت الحارث الهلاليَّة، خالة ابن عَبَّاس وخالد بن الوليد، تَقَدَّمَتْ، وتَقَدَّمَ الكلام هل كان عليه السلام مُحرِمًا أم لا _وهو الأصحُّ_ مُطَوَّلًا، ومتى تزوَّجها، ومتى تُوُفِّيَت، وأين تُوُفِّيَت؛ فانظر ذلك في (الحجِّ).
==========
[ج 2 ص 409]

(1/9297)


[باب نهي رسول الله عن نكاح المتعة آخرًا]
قوله: (بَابُ نَهْيِ النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ آخِرًا): قد اختُلِف متى حُرِّم نكاح المتعة على سبع روايات: (خيبر، حُنين، الفتح، أَوطاس، تبوك، عُمرة القضاء، حجَّة الوداع)، قال شيخنا: والجمع متعيَّن؛ فيكون مَرَّاتٍ، ثُمَّ استقرَّ النَّهْيُ، كذا قال، وفيه ما فيه، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في (غزوة خيبر) بكلامٍ حَسَنٍ؛ فانظره، والله أعلم، وأنَّ الصواب أنَّها حُرِّمَت زمن الفتح، قال ابن قَيِّم الجَوزيَّة الحافظُ شمسُ الدين قال: سمعت شيخ الإسلام ابنَ تيمية يقول: نكاح المتعة خيرٌ من نكاح التحليل من عشرة وجوهٍ: أحدها: أنَّ نكاح المتعة كان مشروعًا في أوَّل الإسلام، ونكاح التحليل لم يُشرع في زمنٍ من الأزمان،
[ج 2 ص 409]

(1/9298)


الثاني: أنَّ الصَّحابة تمتَّعوا على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يكن في الصَّحابة مُحَلِّلٌ قطُّ، الثالث: أنَّ نكاح المتعة مختلف فيه بين الصَّحابة؛ فأباحه ابنُ عَبَّاس وإن [2] قيل: إنَّه رجع عنه، وأباحه ابن مسعود، ثُمَّ ساق حديثه في «الصَّحيحين»: كنَّا نغزو مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليس لنا نساءٌ ... ، ثُمَّ قال: رخَّص لنا أن ننكحَ المرأةَ بالثوب إلى أجلٍ، ثُمَّ قرأ عبد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} [المائدة: 87]»، وفتوى ابنِ عَبَّاس بها مشهورةٌ، ثُمَّ قال: الرابع: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يجِئْ عنه في لعن المستمتِع والمستمتَع بها حرفٌ واحدٌ، وجاء عنه في لعن المحلِّل والمحلَّل له وعن الصَّحابة ما تَقَدَّمَ _يعني: الأحاديثَ التي ذكرها، وآثارًا عن الصَّحابة [قد] ذكرها [3]_ الخامس: أنَّ المستمتِع له غرضٌ صحيحٌ في المرأة ولها غرضٌ معه مدَّةَ النِّكاح، فغرضه المقصود بالنِّكاح مدَّة، والمحلِّل لا غرضَ له سوى أنَّه مستعارٌ للضِّراب؛ كالتَّيس، فنكاحه غير مقصودٍ له، ولا للمرأة، ولا للوليِّ، وإنَّما هو كما قال الحسن: مسمارُ نارٍ في حدود الله، وهذه التسمية مطابقةٌ للمعنى، قال شيخ الإسلام: يريد الحسن: [أنَّ المسمار] هو [4] الذي يثبِّت الشيءَ المسمورَ، وكذلك هذا يثبِّت المرأةَ لزوجها وقد حرَّمها الله عليه، السادس: أنَّ المستمتِع لم يَحْتَلْ على تحليل ما حرَّم الله، فليس من المخادعين الذين يخادِعون الله؛ كما يخادِعون الصبيان؛ بل هو ناكحٌ ظاهرًا وباطنًا، والمحلِّل ماكرٌ مخادعٌ متَّخذٌ آيات الله هزوًا، ولذلك جاء في وعيده ولعنِه ما لم يجِئ في وعيد المستمتِع مثلُه، ولا قريبٌ منه، السابع: أنَّ المستمتع يريد المرأة لنفسه، وهذا هو سرُّ النِّكاح ومقصودُه، فيريد بنكاحه حلَّها له، ولا يطؤها حرامًا، والمحلِّل لا يريد حلَّها لنفسه، وإنَّما يريد حلَّها لغيره، ولهذا سُمِّيَ مُحَلِّلًا، وأين مَن يريد أن يحلَّ له وطء امرأةٍ يخاف أن يطأها حرامًا إلى مَن لا يريد ذلك، وإنَّما يريد بنكاحها أن يُحِلَّ وطأها لغيره؟! فهذا ضدُّ شرع الله ودِينِه، وضدُّ ما وُضِع له النِّكاح، الثامن: أنَّ الفِطَر السليمة ... ) إلى آخر كلامه، فذكر اثنَي عشرَ وجهًا، فإن أردتها؛ فانظرها، فإنَّ الكلام طال بنا فيها، والله أعلم.

(1/9299)


[حديث: إن النبي نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية]
5115# قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المسألةِ في (غزوة خيبر) مُطَوَّلًا؛ فانظره، فإنَّه حَسَنٌ.
==========
[ج 2 ص 410]

(1/9300)


[حديث: سئل ابن عباس عن متعة النساء فرخص]
5116# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو جَمْرَةَ): بالجيم والراء، تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه نصر بن عِمران الضُّبَعِيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (فَرَخَّصَ): أي: رخَّص فيها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ): هذا المولى لا أعرفه، والله أعلم، قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: هو عكرمة، ولم يذكر [مستنده] في هذا.
==========
[ج 2 ص 410]

(1/9301)


[حديث: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا]
5117# 5118# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، و (الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ) بعده: هو الحسن بن مُحَمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، المعروف أبوه بابن الحنفيَّة، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه أوَّل المرجئة، وله في ذلك تأليفٌ.
قوله: (كُنَّا فِي جَيْشٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرسول لا أعرف اسمه، وقد قَدَّمْتُ الروايات في تحريمها متى كانت قريبًا، وما الصَّحيح في ذلك في (خيبر) وقريبًا.
قوله: (قَدْ أُذِنَ لَكُمْ): (أُذِن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9302)


[معلق ابن أبي ذئب: أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما]
5119# قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئبٍ، أحد الأعلام، وتعليقه هذا ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (أسنده الإسماعيليُّ عن ابن ناجية: حدَّثنا أبو موسى مُحَمَّد بن المثنَّى _لفظه_ وبُنْدَار وحميد بن زنجويه: حدَّثنا أبو عاصم الضَّحَّاك بن مخْلد عن ابن أبي ذئب عن إياس بلفظ: (أيَّما رجل وامرأة أيَّام الحجِّ تراضيا؛ فعشرةُ ما بينهما ثلاثةُ أيَّام).

(1/9303)


[باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح]

(1/9304)


[حديث: هي خير منك رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها]
5120# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (مَرْحُومٌ) بعده: هو ابن عبد العزيز البصريُّ العطَّار، عن أبي عمران الجونيِّ، وثابت، وعنه: ابن المدينيِّ، وبُنْدَار، وأحمد بن إبراهيم الدَّورقيُّ، ثقة، عابد، متألِّه، تُوُفِّيَ سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مرحوم بن عبد العزيز بن مِهْرَان العطَّار البصريُّ مات سنة سبع وثمانين ومئة، اتَّفقا عليه)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ وفاتَه كما ذكرته، وقد ذكرها كما ذكرتُها الذَّهَبيُّ في «التَّذهيب»، والظَّاهر أنَّها في «التَّهذيب»، وأرَّخه عن حفيده بثمانٍ وثمانين، وكذا أرَّخه في «كاشفه»، ولم يذكر وفاته عبد الغنيِّ في «الكمال»، والله أعلم، و (ثَابِت) بعده: هو ابن أسلم البنانيُّ، أبو مُحَمَّد، البصريُّ.
قوله: (تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا): (تَعرِض): بفتح أوَّله، وكسر الرَّاء، ثُلاثيٌّ، وهذا يُعرَف مِن قول البُخاريِّ: (باب عَرض).
قوله: (وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ): ابنةُ أنس هذه لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ من المصريِّين: (إنَّها أمينة).
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا): تَقَدَّمَ الاختلاف فيها في (سورة الأحزاب)، وقال بعض مَن تأخَّر مِن الحُفَّاظ هنا: هي أمُّ شريك، أو خولة بنت حكيم، أو ليلى بنت قيس بن الحطيم، ثُمَّ قال: وهذا الثالث أشبه)، انتهى.
قوله: (وَاسَوْأَتَاهْ): (السَّوْءَة)؛ بفتح السِّين، وإسكان الواو، ثُمَّ همزة مفتوحة: الفعلة القبيحة.
قوله: (مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا!): (أقلَّ) و (حياءَها): منصوبان؛ تعجَّبت مِن ذلك، و (الحياء): ممدودٌ، معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التَّعليق تعريفُه في (كتاب الإيمان).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).
[ج 2 ص 410]

(1/9305)


[حديث: اذهب فالتمس ولو خاتمًا من حديد]
5121# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، واسم أبي غسَّان: مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه: سلمة بن دينار.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ [1] نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، وأنَّه تَقَدَّمَ الاختلاف فيها في (سورة الأحزاب).
قوله: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.
قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّمَتْ لغاته.
قوله: (مَجْلَسُهُ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح اللَّام؛ أي: جلوسُه.
قوله: (أَوْ دُعِي لَهُ): (دُعِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، والجمع بين الرِّوايتين فيه.
==========
[1] زيد في (أ): (عليه)، وهو تكرارٌ.
[ج 2 ص 410]

(1/9306)


[باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير]
قوله: (بَابُ عَرْضِ الإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ): (ابنتَه): منصوبة على أنَّه مفعول المصدر، وهو (عَرْض)، و (أو أختَه): معطوف عليه.

(1/9307)


[حديث: أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة ... ]
5122# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ): تَقَدَّمَ الكلام على (تأيَّمت)؛ أي: صارت أيِّمًا، و (الأيِّم): التي لا زوج لها.
[ج 2 ص 410]
قوله: (مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ): هو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، هو خنيس بن حذافة بن قيس السَّهميُّ، أخو عبد الله، بدريٌّ، له هجرتان، وتأيَّمت منه حفصة، وأصابه بأُحُد جراحةٌ، فمات منها رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.
قوله: (قَدْ بَدَا): هو بغير همز؛ أي: ظهر.
قوله: (فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا): (يَرْجِع): بفتح أوَّله، وكسر الجيم [1]، متعدٍّ، وكذا قوله: (فَلَمْ أَرْجِعْ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وكذا (أَنْ أَرْجِع)، قال الله تعالى: {فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ} [التوبة: 83]، وغير ذلك.
قوله: (كُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ): أي: أغضب.
قوله: (لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: لأُظهرَ وأُذيعَ.

(1/9308)


[حديث: أعلى أم سلمة لو لم أنكح أم سلمة ما حلت لي]
5123# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، و (يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَت [1]، وأنَّ أباها عبد الله بن عبد الأسد، صَحَابيٌّ مشهورٌ، و (أُم حَبِيْبَةَ): أمُّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب.
قوله: (دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ قريبًا رضي الله عنها.
قوله: (أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟): تَقَدَّمَ أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها.
قوله: (لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ؛ مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أنَّها حرُمت عليَّ لشيئين، فإن تخلَّف أحدهما؛ حَرَّم الآخر، وتَقَدَّمَ أنَّ أباها أبا سلمة رضع معه عليه السَّلام من ثويبة مولاة أبي لهب.
==========
[1] في (أ): (تقدَّم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 411]

(1/9309)


[باب قول الله جل وعز: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة ... }]

(1/9310)


[حديث ابن عباس: إني أريد التزويج ولوددت أنه تيسر ... ]
5124# قوله: (وَقَالَ لِي طَلْقُ بنُ غَنَّامٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّ قول البُخاريِّ: قال لي فلان؛ مثل: حدَّثني (فلان)، و (غَنَّام): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، وتشديد النُّون، و (طلقٌ): نخعيٌّ، وهو ابن عمِّ حفص بن غياث، وكاتب شريك القاضي، روى عن شيبان، ومالك بن مغول، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وعَبَّاس الدُّوريُّ، وعِدَّة، مات سنة (211 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، قال أبو داود: صالح، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (زَائِدَةُ) بعده: هو ابن قُدامة، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر.
قوله: (وَقَالَ الْقَاسِمُ): هو أحد الفقهاء السبعة، وهو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، أبو مُحَمَّد رحمه الله، مشهور الترجمة.
قوله: (إِنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ): (إنَّكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا (فِيكِ)، وكذا (إِلَيكِ).
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (يُعَرِّضُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وتشديد الرَّاء المكسورة، وهذا يُعرَف من الآية: {فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ} [البقرة: 235].
قوله: (وَلَا يَبُوحُ)؛ أي: لا يُصرِّح ولا يُظهِر غرضَه، وعن الجرجانيِّ: (ولا يتزوَّج) عوض (ولا يبوح)، وهو تصحيف منه، قاله ابن قُرقُول.
قوله: (وَأَبْشِرِي): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُبَاعيٌّ.
قوله: (وَلَا تَعِدُ): هو بكسر العين؛ من الوعْدِ.
قوله: (وَلَا يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا): (وليُّها): مَرْفوعٌ فاعل (يواعد).
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه صيغة تمريض، فلم يصحَّ عنده على شرطه عن ابن عَبَّاس، قال شيخنا: (أخرجه إسماعيل بن أبي زياد في «تفسيره» عن جُويبر، عن الضَّحَّاك، عنه)، انتهى، ولهذا مرَّضه البُخاريُّ، وقد قَدَّمْتُ ترجمة جُويبر وأنَّه متروك، وقَدَّمْتُ ترجمة الضَّحَّاك، وفيه مقالٌ، لهما ترجمتان في «الميزان».
==========
[1] (بن غنام): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزِّيادة.
[ج 2 ص 411]

(1/9311)


[باب النظر إلى المرأة قبل التزويج]

(1/9312)


[حديث: رأيتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير]
5125# قوله: (رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ): تَقَدَّمَ في هذا «الصَّحيح» أنَّه رآها في المنام مرَّتين، وذكرت أنا أنَّ في «مسلم»: رآها ثلاث مَرَّاتٍ، وذكرت أنَّه قد يؤخذ ذلك من البُخاريِّ مِن بعض رواياته، وذكرت جمعًا في ذلك فيما مضى؛ فانظره في أوائل (النِّكاح).
قوله: (يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ): تَقَدَّمَ أنَّه جبريل صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله: (فِي سَرَقَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (السَّرقة)، وعلى قوله: (إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ يُمْضِهِ).
==========
[ج 2 ص 411]

(1/9313)


[حديث: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا]
5126# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرحمن القاريُّ، و (أَبُو حَازِم)؛ بالحاء المُهْمَلة: سلمة بن دينار.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ): هذه تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة الأحزاب).
قوله: (فَصَعَّدَ النَّظَرَ [1] ... وَصَوَّبَهُ): تَقَدَّمَ أنَّهما مُشدَّدان.
قوله: (ثُمَّ طَأْطَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه مهموز، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه، وكذا تَقَدَّمَتْ لغات (الخَاتَم)، وكذا (مَجْلَسُهُ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح اللَّام، مصدرٌ، و (فَدُعِيَ): أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا)، تَقَدَّمَ الكلام عليهما ما هما.

(1/9314)


[باب من قال: لا نكاح إلَّا بولي ... ]

(1/9315)


[حديث عائشة: أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة ... ]
5127# قوله: (قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو يحيى بن سليمان بن سعيد بن مسلم الجعفيُّ المقرئُ، أبو سعيد، الكوفيُّ، نزيل مصر، عن الدَّراورديِّ، والمحاربيِّ، وأبي بكر بن عيَّاش، وابن وهب، وابن عُلَيَّةَ، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، وأبو زرعة، والحسن بن سفيان، وخلق، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأمَّا النَّسَائيُّ؛ فقال: ليس بثقة، قال ابن يونس: تُوُفِّيَ سنة سبع وثلاثين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريُّ إذا قال: (قال فلان) وفلان شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، وقد ذكره بعد التَّحويل عن أحمد بن صالح بـ (حدَّثنا)، و (ابنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَحْمَد بْن صَالِحٍ): أنَّه أبو جعفر ابن الطَّبريِّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عَنْبَسَةُ) بعده: هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، والله أعلم.
[ج 2 ص 411]
قوله: (أَنَّ [1] النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ): قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: بقي على عائشة رضي الله عنها نحوٌ لم تذكره، وذكره الله تعالى في كتابه في قوله: {وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النِّساء: 25]، كانوا يقولون: ما استَتَر؛ فلا بأس به، وما ظهر؛ فيه لوم، ونكاح المتعة أيضًا أهمله، وفي «الدَّارقطنيِّ»: (عن أبي هريرة رضي الله عنه: كان البدلُ في الجاهليَّة أن يقول الرجل للرجل: تنزِلُ لي عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك)، انتهى.
قوله: (فَيُصْدِقُهَا): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدال، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (مِنْ طَمْثِهَا): (الطَّمْث)؛ بفتح الطاء المُهْمَلة، وإسكان الميم، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة: الحيضُ، وقد قَدَّمْتُ أسماء الحيض في (الحيض).
قوله: (أَرْسِلِي): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا معروف.
قوله: (فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ): هو بالضاد المُعْجَمة، والعين المُهْمَلة، والبُضع؛ بِضَمِّ الموحَّدة: الفرج، والبُضع أيضًا والمباضعةُ: اسم الجماع، ومنه: نكاح الاستبضاع، وكان الرجلُ يقول لامرأته: استبضعي مِن فلان؛ أي: اطلبي ذلكِ منه؛ للولد.==

20.  مجلد 20. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

قوله: (فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ): (النَّجابة)؛ بفتح النُّون، والنَّجيب: الكريم بين النَّجابة والنُّجَبَة؛ مثل (الهُمَزة): النَّجيب.
قوله: (يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهط): ما دون العشرة مِن الرجال؛ كالنَّفر، غيرَ مَرَّةٍ.
قوله: (وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِيَ): كذا في أصلنا، والجادَّةُ: (ليالٍ).
قوله: (فَيُلْحَقُ [2] بِهِ وَلَدُهَا): (يُلحَقُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (ولدُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (تَكُونُ عَلَمًا): هو بفتح اللَّام، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (جُمِعُوا لَهَا): (جُمِعوا)؛ بِضَمِّ الجيم، وكسر الميم: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَدَعَوْا لَهَا [3]): (دَعَوا)؛ بفتح الدَّال والعين، و (الْقَافَةَ): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ، و (القافة): جمع، واحدهم: قائف؛ وهو الذي يتَّبع الآثارَ ويَعْرِفُها، ويَعرِف شبه الرَّجل بأخيه وأبيه، يقال: فلان يقوفُ الأثرَ ويقتافه قيافةً؛ مثل: قفا الأثر واقتفاه.
قوله: (فَالْتَاطَ بِهِ): هو بالمُثَنَّاة فوق، وبعد الألف طاءٌ مهملةٌ؛ أي: التحق به، يقال: لاط به يلوط، ويليط لوطًا، ولَيطًا، ولياطًا؛ إذا لصق به.
قوله: (وَدُعِيَ ابْنَهُ): (دُعِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (ابنَهُ): مَنْصوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ): رواه أبو داود، وقال: (إلَّا نكاح الإسلام).

(1/9317)


[حديث: هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته .. ]
5128# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا (يحيى): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف).
قوله: (كَرَاهِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء.
قوله: (أَنْ يَشْرَكَهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 412]

(1/9318)


[حديث: لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه فقلت .. ]
5129# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (حِينَ تَأَيَّمَتْ): تَقَدَّمَ؛ أي: صارت أيِّمًا، و (الأيِّم): التي لا زوج لها، وكذا تَقَدَّمَ (خُنَيس [1] بن حُذَافَةَ السَّهْمِي) رضي الله عنه [2]، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مُترجَمًا.
قوله: (بَدَا لِي): تَقَدَّمَ أنَّه بغير همز؛ أي: ظهر.
==========
[1] (خنيس): ليس في «اليونينيَّة».
[2] في (أ): (عنها)، وليس بصحيح.
[ج 2 ص 412]

(1/9319)


[حديث: زوَّجت أختًا لي من رجل فطلقها]
5130# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو): هذا هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السُّلميُّ النيسابوريُّ، قاضي نيسابور، عن أبيه وجماعة، ولم يرحل، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو حامد أحمد بن الشَّرقيِّ، وأخوه عبد الله بن الشَّرقيِّ، وخلقٌ، قال النَّسَائيُّ: صدوقٌ قليلُ الحديث، وفاته في المُحرَّم سنة ثمان وخمسين ومئتين، وقيل: سنة ستِّين، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، و (أَبُوه): حفص بن عبد الله بن راشد السُّلميُّ، قاضي نيسابور، عن مسعر وابن أبي ذئب، وعنه: ابنه أحمد، ومُحَمَّد بن عَقِيل، ومُحَمَّد بن عَمرو قَشْمَرْد، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (209 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن طهمان، و (يُونُس) بعده: هو ابن عُبَيد، و (الحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، و (مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ)؛ بفتح الميم، ثُمَّ عين ساكنة، ثُمَّ قاف مكسورة، ثُمَّ لام، و (يَسار)؛ بتقديم الياء، وبالسين المُهْمَلة: صَحَابيٌّ مشهور، تَقَدَّمَ.
قوله: (زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي): تَقَدَّمَ الكلام على أختِه هذه في (سورةِ البقرة) في (التَّفسير)، وزوجِها أيضًا في السُّورة المشار إليها.
قوله: (وَفَرَشْتُكَ): هو بفتح الراء المُخفَّفة؛ أي: جعلتها لك فراشًا.
==========
[ج 2 ص 412]

(1/9320)


[باب إذا كان الولي هو الخاطب]
قوله: (بَابٌ: إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ): (الخاطب): يجوز فيه النصب، وهو الرَّاجح، والرَّفع أيضًا يجوز، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا، فَزَوَّجَهُ): (المغيرة): صَحَابيٌّ مشهور، والمرأة المخطوبة: قال شيخنا: (ابنة عمِّه عروة بن مسعود، والرَّجل: هو عثمان بن أبي العاصي، أخرجه أبو عبيد بن سلَّام)، أفاده شيخنا، وعروة بن مسعود ثقفيٌّ صَحَابيٌّ شهيد، قتلَهُ قومُه ثقيف، وقد رثاه عمر رضي الله عنهما، وشبَّهه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمسيح ابن مريم في «مسلم»، ولمَّا استُشهِد؛ قال: «مثلُه في قومه كصاحب {يس}».
تنبيهٌ: في الصَّحابة عروة بن مسعود آخر، لكنَّه غفاريٌّ، أورده ابن شاهين، يروي عنه: الشَّعْبيُّ، وابنته هذه لا أعرفُ اسمها ولا ترجمتها، وعثمان بن أبي العاصي: صَحَابيٌّ مشهورٌ، استعمله عليه السَّلام على الطَّائف، تُوُفِّيَ سنة (51 هـ)، أخرج له مسلم والأربعة.
قوله: (لأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ): (أمُّ حَكِيم) هذه: بفتح الحاء، وكسر الكاف، و (قارِظ)؛ بالقاف، وبعد الألف راءٌ مكسورةٌ، ثُمَّ ظاء معجمة مشالة، لا أعرف ترجمتها.
[ج 2 ص 412]
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ.
قوله: (لِيُشْهِدْ): بِضَمِّ أوَّله، مجزومٌ بلام الأمر، وكذا (لِيَأْمُرْ): مجزومٌ أيضًا.
قوله: (وَقَالَ سَهْلٌ): هو سهل بن سَعْد الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ ... ) إلى قوله: (أَهَبُ لَكَ نَفْسِي): تَقَدَّمَ الاختلافُ فيها في (سورة الأحزاب)، و (الرَّجُل): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.

(1/9321)


[حديث: هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته ... ]
5131# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وأنَّ الأصحَّ فيه: التَّخفيفُ، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق، وما يقطع النِّزاع فيه، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خَازم؛ بالخاء المُعْجَمة، أبو معاوية، الضَّرير، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (فِي حجْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.
قوله: (فَيَحْبِسهَا): يجوز فيه النَّصب والرَّفع، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 413]

(1/9322)


[حديث: اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن]
5132# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المُعْجَمة، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.
قوله: (فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه [1] تَقَدَّمَتْ في (سورة الأحزاب)، وها أنا أذكره لك: قيل: خولة بنت حَكِيم، وكذا تَقَدَّمَ في هذا «الصَّحيح»، وقيل: أمُّ شريك؛ يعني: الأزديَّة، وقيل: ميمونة، وقد ذكر هذه الأقوال الثَّلاثة ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق لكلٍّ شاهدًا، وقال الأكثرون: هي أمُّ شريك غزيَّة، وقيل: غُزَيلة بنت دودان، وقيل: بنت جابر، والله أعلم.
قوله: (فَخَفَّضَ فِيهَا النَّظَرَ وَرَفَّعَهُ [2]): هما بالتَّشديد.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه مَرَّاتٍ، وكذا تَقَدَّمَتْ لغات (الخَاتَم).

(1/9323)


[باب إنكاح الرجل ولده الصغار]
قوله: (إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ): (ولدَه): مَنْصوبٌ مفعول المصدر، وهو (إنكاح)، و (الصِّغارَ)؛ بالنصب صفة لـ (ولده)، قال شيخنا: (كأنَّ البُخاريَّ أراد بهذه التَّرجمة: الرَّدَّ على ابن شبرمة، فإنَّه حُكي عنه: أنَّ تزويج الآباء الصِّغارَ لا يجوز، ولهنَّ الخيارُ إذا بلغن، قال الطَّحَّاويُّ: لم يقل به أحد مِن الفقهاء غيره، ولا يُلتَفت إليه؛ لشذوذه ومخالفته دليلَ الكتاب والسُّنَّة، وإنَّما اختلفوا في الأولياء غير الآباء إذا زوَّج الصَّغيرة، كما سلف)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 413]

(1/9324)


[حديث: أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين]
5133# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (مُحَمَّد بن يوسف) هذا: هو الفريابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التَّعليق الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، والأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سفيان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد.
قوله: (تَزَوَّجَهَا وَهْيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ... ) إلى آخره: كذا في «البُخاريِّ» «ومسلم»، وفي «مسلم» «والنَّسَائيِّ» عنها رضي الله عنها قالت: (تزوَّجني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا بنت سبع سنين)، ولعلَّها كانت بنت ستٍّ وكسرٍ، فتارة حسبتِ الكسرَ سنةً، وتارة أسقطتْه، وهو مجازٌ في الموضعين، والله أعلم.

(1/9325)


[باب تزويج الأب ابنته من الإمام]
قوله: (بَابُ تَزْوِيجِ الأَبِ ابْنَتَهُ): (ابنتَه)؛ بالنَّصب: مفعول المصدر؛ وهو (تزويج).
==========
[ج 2 ص 413]

(1/9326)


[حديث عائشة: أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين]
5134# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ مُتَرجَمًا.
قوله: (قَالَ هِشَامٌ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ): الذي أنبأ هشامًا ذلك لا أعرفه بعينه، ولعلَّه والدُه عروة بن الزُّبَير، فإنَّه مِن أعرف النَّاس بذلك؛ لأنَّ عائشة خالتُه، وسيأتي قريبًا في (بابُ مَن بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين) سندًا: عن هشام بن عروة عن عروة: (تزوَّج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عائشة وهي ابنة ستِّ سنين، وبنى بها وهي ابنة تسعٍ، ومكثتْ عندَه تسعًا) انتهى.
==========
[ج 2 ص 413]

(1/9327)


[باب: السلطان ولي ... ]

(1/9328)


[حديث: إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئًا]
5135# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلَمة بن دينار الأعرج.
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، وفي (سورة الأحزاب)، وأنَّ (الرَّجُل) لا أعرف اسمه، و (الخاتم) ولغاته، و (سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا)، تَقَدَّمَ الكلام عليها.
==========
[ج 2 ص 413]

(1/9329)


[باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها]

(1/9330)


[حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن]
5136# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنِّي رأيت مَن يضمُّه مِن مُبتدِئي الطَّلبة لهذا الفنِّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _أو إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر.
قوله: (لَا تُنْكَح الأَيِّمُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأيِّمُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (الأيِّم): هي التي مات عنها زوجها أو طلَّقها، قال ابن قُرقُول: (وقد يقال ذلك في الرِّجال أيضًا، وأكثره في النِّساء، قال: وقد استعمل «الأيِّم» فيمَن لا زوج لها بكرًا أو ثيِّبًا)، وفي «النِّهاية»: («الأيِّم أحقُّ بنفسها»: «الأيِّم» في الأصل: التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيِّبًا، مُطلَّقةً كانت أو مُتوفًّى عنها، ويريد «الأيِّم» في هذا الحديث: الثَّيِّب)، وكذا في «الصِّحاح»، ولفظه: («الأيامى»: الذين لا أزواج لهم من الرِّجال والنِّساء، وأصلها: أَيَائِمُ، فقلبت؛ لأنَّ الواحد: رجل أيِّم: سواء كان تزوَّجَ من قبلُ أو لم يتزوَّج، وامرأة أيِّم: أيضًا بكرًا كانت أو ثيِّبًا، وقد آمَتِ المرأةُ مِن زوجها ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم، وكذا (وَلَا تُنْكَح الْبِكْرُ) مثله: مَبْنيٌّ.
قوله: (حَتَّى تُسْتَأْذَنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 413]

(1/9331)


[حديث: رضاها صمتها]
5137# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، و (أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عَمرٍو مولى عائشة وخادمها، واسمه ذكوان، وكانت دبَّرتْهُ، ثقة مُتَّفق عليه، قال الهيثم بن عديٍّ: مات أيَّام الحرَّة)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحرَّة كانت سنة ثلاث وستِّين، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمة ذكوان هذا في (كتاب الصَّلاة).

(1/9332)


[باب: إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود]

(1/9333)


[حديث خنساء: أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ... ]
5138# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.
قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] وَمُجَمِّعِ [2] ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ): (مجمِّع)؛ بالخفض مِن غير تنوين، ولا يجوز تنوينه، قال ابن عبد المعطي في «ألفيَّته»:
~…وَأَلِفُ ابنٍ وابنةٍ وَصْفًا حُذِفْ…كَحَذْفِ تَنْوِينِ يَزِيدَ بنِ خَلَفْ
وإنَّما ذكرتُ هذا؛ لأنِّي سُئِلت عنه، ونقل لي بعض الطَّلبة عن شخص إمامٍ في العَربية: أنَّه يُنوِّن، و (عبد الرَّحمن): ابن يزيد بن جارية، الأنصاريُّ المدنيُّ، أبو مُحَمَّد، وأخو مُجَمِّع، و (مُجَمِّع): بِضَمِّ الميم، وفتح الجيم، ثُمَّ ميم مكسورة مُشدَّدة، وعبد الرَّحمن أخو عاصم بن عُمر بن الخطَّاب لأمِّه جَمِيلة بنت ثابت بن أبي الأقلح، وُلِد على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قصَّة خنساء بنت خذام، وقيل: عن خنساء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والروايتان في «البُخاريِّ»، فالأولى تأتي، والثَّانية هذا الحديث، قال الحافظ صلاح الدين العلائيُّ شيخ شيوخنا في «المراسيل»: (قال ابن عَبْدِ البَرِّ: وُلِد على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وله عنه رواية، قلت: أخرج البُخاريُّ له عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قصة خنساء بنت خِذَام، وأخرجه أيضًا عن خنساء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكأنَّ هذا هو الأصحُّ، قال عبد الرحمن الأعرج: ما رأيت رجلًا بعد الصَّحابة أفضل منه، وهذا يقتضي أنَّه تابعيٌّ، وكذلك قال ابن سعد وغيره)، انتهى، وقد روى عن عمِّه مُجَمِّع بن جارية، قال ابن سعد: مات سنة ثلاث وتسعين، وكان [3] ثقةً قليلَ الحديث، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وفي «التجريد» حمَّر الذَّهَبيُّ على عبد الرحمن، وقال فيه: (وُلِد على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأرسل عنه، وسمع من عمِّه)، انتهى، فهو عنده تابعيٌّ، وأمَّا مُجَمِّع؛ فقد قَدَّمْتُ ضبطَه، وهو أخو عبد الرحمن أنصاريٌّ، له صحبة ورواية عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن خنساء بنت خذام وغيرها،
[ج 2 ص 413]

(1/9334)


وهو ابن أخي مُجَمِّع بن جارية، وقيل: هما واحد، نُسِب إلى جدِّه، والله أعلم، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وفي «التَّجريد» في ترجمة مُجَمِّع بن يزيد بن جارية: (كان أبوه ممَّن اتَّخذ مسجدَ الضِّرار، وكان مُجَمِّع غلامًا، وقد جمع القرآنَ على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا سورة أو سورتَين، وله رواية)، انتهى، وجارية: بالجيم، وبعد الرَّاء مثنَّاةٌ تحت.
قوله: (عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (اسم خنساء: زينب بنت خذام بن خالد؛ لقبُه مطروفٌ، كانت تحت إياس بن قتادة بن ربيعة بن خالدٍ مطروفٍ، قُتِل يوم أُحُد، وكان قد شهد بدرًا، فزوَّجها أبوها رجلًا كُرْهًا، فرُدَّ نكاحه، وتزوَّجت بعده بأبي لُبابة بن عبد المنذر بن رفاعة بن زنبر، فولدت له السَّائب بن أبي لُبابة)، انتهى، وفي «ابن ماجه»: أنَّها تزوَّجت بعدَ الزوج المكروه أبا لُبابة كما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم، والصَّحيح: أنَّ أباها زوجها وهي ثيِّب، وسيأتي ما فيه، وقيل: وهي بكر، قال شيخنا: (وجاء في رواية لأبي موسى المدينيِّ: أنَّ اسمها «ربعة» بدل «خنساء»، واستغربه، وفي رواية: «أمُّ ربعة»).

(1/9335)


قوله: (أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْيَ كَارِهَةٌ [4] ... )؛ الحديث: زوَّجها أبوها رجلًا من بني عَمرو بن عوف بن الخزرج، كذا في «مسند أحمد»، وقد تَقَدَّمَ أنَّه رجل من مزينة، وقد تَقَدَّمَ أنَّها تزوَّجت بعده أبا لُبابة، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ: (زوَّجها أنيسَ بن قتادة، ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ مختصرًا، وهو وَهَم، فإنَّ أنيس بن قتادة هو زوجها الأوَّل، وقُتِلَ عنها يوم أُحُد، كذا رواه الواقديُّ من طريق خنساء نفسِها: أنَّها كانت تحت أنيس بن قتادة، فقُتِل عنها يوم أُحُد، فزوَّجها أبوها رجلًا من مزينة، فكرهته، فردَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نكاحه، فتزوَّجها أبو لُبابة بن عبد المنذر، ونحو ذلك رواه عبد الرَّزَّاق في «مُصنَّفه» مِن وجه آخرَ مُرْسَلٍ، لكن لم يقل: «من مزينة»، وقال: «فقالت: يا رسول الله؛ ابن عمِّ ولدي أحبُّ إليَّ»، ولم يذكر اسمه في هذه الرِّواية، بل رواه من طريق أخرى، فقال: إنَّه أبو لُبابة بن عبد المنذر، كما في رواية الواقديِّ، وروى ابن إسحاق عن حجَّاج بن السَّائب عن أبيه _هو السَّائب بن أبي لُبابة بن عبد المنذر_ عن جدَّته خنساءَ بنتِ خِذام ... إلى أن قال: فزوَّجها أبوها رجلًا من بني عوف، فجئت إلى أبي لُبابة، فارتفع شأنها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمر أباها أن يلحقها بهواها، ثُمَّ قال: قلت: فلاح مِن هذا أنَّ الزَّوج الذي أُبْهِمَ في «البُخاريِّ» لم يُسمَّ، بل فيه: «من مزينة»، وقيل فيه: «من بني عوف»، والله أعلم).
قوله: (وَهْيَ ثَيِّبٌ): قيل: هذا مُدرَج في الحديث، كذا نقله بعضهم عن ابن عَبْدِ البَرِّ، وقد أخرجه النَّسَائيُّ، وقال: وهي بكرٌ، انتهى.

(1/9336)


5139# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الشَّهادات»، و «النِّكاح»، و «الدُّعاء»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يزيد؛ يعني: ابن هارون»، لم أجده منسوبًا لأحد من شيوخنا، وقد صرَّح البُخاريُّ بنسبه في «شهود الملائكة بدرًا»، فقال: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخبرني يزيد بن هارون»؛ فذكر حديثًا)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وشيخنا لخَّصَ كلام الجَيَّانيِّ، و (يَحْيَى) بعد (يزيد) _هو ابن هارون_: هو يحيى [5] بن سعيد الأنصاريُّ، و (الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ): هو ابن أبي بكر الصِّدِّيق، أحد الفقهاء السَّبعة، مشهور الترجمة، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن يَزِيدَ وَمُجَمِّع بْن يَزِيدَ): تقدَّما قريبًا جدًّا، و (خِذَام): هو ابن وديعة من الأوس، وقيل: خِذَام بن خالد هو الذي زوَّج ابنته وهي كارهةٌ، مذكورٌ في الصَّحابة، وقد تَقَدَّمَ شيء من ذلك؛ أعني: من نسبه، أعلاه.
قوله: (أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ): تَقَدَّمَت [6] هذه (الابنة) أعلاه: أنَّها خنساء، وأنَّ خنساءَ لقبٌ لها، وتَقَدَّمَ اسمها وما قاله فيها أبو موسى أعلاه.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: عبد الرحمن هذا هو أخو عاصم بن عمر بن الخطَّاب لأمِّه جميلة بنت ثابت، ولدتهما في حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» مُصحَّحًا عليه: (مُجَمِّعٍ)؛ بالتَّنوين.
[3] في (أ): (وكأنه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وهي ثيِّب فكرهت).
[5] زيد في (أ): (هو)، ولا يستقيم.
[6] في (أ): (تقدم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9337)


[باب تزويج اليتيمة ... ]

(1/9338)


[حديث: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها]
5140# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد ذكره مُسنَدًا في (النِّكاح): عن يحيى ابن بُكَيْر، عن ليث، عن عُقَيل به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 414]

(1/9339)


[باب: إذا قال الخاطب للولي زوجني فلانة ... ]

(1/9340)


[حديث: ما لي اليوم في النساء من حاجة]
5141# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عَارمٌ، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ اسم هذه المرأة، والاختلاف فيها قريبًا، وبعيدًا في سورة (الأحزاب).
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.
قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّمَ بلغاته.

(1/9341)


[باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع]
(بَابٌ لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) ... إلى (بَاب حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ) [1]
قوله: (عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ): (الخِطبة)؛ بكسر الخاء، وهذا غاية في الظُّهور، وهي بالكسرِ: التَّكلُّمُ في الزَّواج، وطلبه مِن جهة المرأة وأوليائها، وأمَّا بالضَّمِّ؛ فعند العقد؛ كسائر الخُطَب، والله أعلم.

(1/9342)


[حديث: نهى النبي أن يبيع بعضكم على بيع بعض]
5142# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.
قوله: (عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (الخِطبة) بالكسر، وتَقَدَّمَ ما هي، وكذا الثَّانية الآتية [1].

(1/9343)


[حديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث]
5143# 5144# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وتَقَدَّمَ (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز.
قوله: (وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا): الأولى: بالجيم، والثانية: بالحاء المُهْمَلة، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (قال الحربيُّ: هنا بمعنًى واحد، وهو البحث عن بواطن الأمور، وقيل: بالجيم: إذا تخبَّر الأخبار عن غيره بالسؤال، والبحث عن عورات النَّاس، وبواطن أمورهم من قولهم، واعتقادهم فيه، وفي سواه بالحاء؛ إذا تولَّى ذلك بنفسه، ويسمعه بأذنه، وهذا قول ابن وهب، وقال ثعلب: بالحاء؛ إذا طلب ذلك لنفسه، وبالجيم؛ إذا طلبه لغيره، وقيل: إنَّ اشتقاق التَّحسُّس _ بالحاء_ من الحواسِّ؛ لطلب ذلك بها، وقيل: بالجيم؛ للشَّرِّ، وبالحاء؛ للخير والشَّرِّ جميعًا، وقد فسَّر البُخاريُّ في بعض الروايات عنه التَّحسُّس بأنَّه البحث، وهو مِن معنى ما تَقَدَّمَ مِن الاستقصاء والبحث)، انتهى.

(1/9344)


[باب تفسير ترك الخطبة]
قوله: (بَابُ تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ): ذكر ابن المُنَيِّر الحديث الذي في الباب محذوف بعض الإسناد، ثُمَّ قال: (تَقَدَّمَ له النَّهْي عن الخطبة على خِطبة أخيه حتَّى ينكح أو يَدَعَ، وذكر هنا في «تفسير ترك الخِطبة» حديث حفصة، وأورد الشارح عليه أنَّه لم يكن صلَّى الله عليه وسلَّم أعلم عمر بالخِطبة فضلًا عن التَّراكن، فكيف توقف أبو بكر عن الخِطبة أو قبولها مِن الوليِّ؟ وأجاب: بأنَّ أبا بكر علم أنَّ عُمر يجيبُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويرغب إلى ذلك، وكأنَّه قد حصل التراكن بلسان الحال، فلهذا امتنع، وبنى الشَّارح الأمر على أنَّ البُخاريَّ إنَّما ترجم على هذا التنزيل، والظَّاهر عندي: أنَّه أراد أن يحقِّق امتناع الخِطبة بامتناع أبي بكر، هذا وإن لم ينبرم الأمرُ مِن الخاطب والوليِّ، فكيف لو تراكنا؟ فكأنَّه من البُخاريِّ استدلالٌ بالأَوْلى)، انتهى، (والخِطبة) في التبويب: بكسر الخاء، وقد تَقَدَّمَ ما هي.
==========
[ج 2 ص 414]

(1/9345)


[حديث: لقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر]
5145# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
[ج 2 ص 414]
قوله: (حِينَ تَأَيَّمَتْ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك قريبًا؛ فانظره.
قوله: (لِأُفْشِيَ): هو بِضَمِّ الهمزة، رُبَاعيٌّ؛ أي: أُظهِرَ وأُذيعَ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9346)


قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على شعيب _هو ابن أبي حمزة_ و (يونس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (موسى بن عقبة): تَقَدَّمَ أيضًا، وتَقَدَّمَ أنَّه لم يسمع من الزُّهريِّ، وقد استبعدت أنا ذلك؛ لأشياء قدَّمتُها، و (ابن أبي عتيق): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بنِ عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق التَّيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافع، والزُّهريِّ، وعنه: عبد العزيز ابن الماجِشُون، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسُليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، ويزيد بن زريع، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، روى له البُخاريُّ مقرونًا بغيره كما هنا، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، والله أعلم، قال شيخنا: («تابعه يونس، وموسى بن عقبة، وابن أبي عتيق عن الزُّهريِّ»؛ يعني: أنَّهم جعلوه مِن مُسنَد ابن عمر، وقد سلف في «النِّكاح» هذا من مسند عمر)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّ هذا الحديث هنا من مسند عمر، لا ابنه، وأنَّهم تابعوا الزُّهريَّ على أنَّه مِن مُسنَد عمر، ولم أر المِزِّيَّ في «أطرافه» جعله من مسند ابن عمر، وإنَّما ذكره في مُسنَد أبي بكر، وجعله في مُسنَد عمر، والله أعلم، ولم أر _أيضًا_ المِزِّيَّ ذكر هذه المتابعات في مسند ابن عمر، وعنه سالم، وعنه الزُّهريُّ، ولمَّا ذكره من مسند أبي بكر؛ رَقَمَ عليه: (خ، س)، وقال في ترجمة عبد الله بن عمر: عن أبيه عمر، وقد راجعته، فرأيته قال: (البُخاريُّ في «المغازي»: عن أبي اليمان عن شعيب، وفي «النِّكاح»: عن عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، وعن عبد الله بن مُحَمَّد، عن هشام بن يوسف، عن مَعْمَر؛ ثلاثتهم عن الزُّهريِّ عنه به)؛ يعني بـ (عنه): عن سالم، و (به)؛ أي: ابن عمر عن عمر، وعزاه للنَّسَائيُّ في (النِّكاح) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر به، وعن مُحَمَّد بن عبد الله المخرميِّ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه به، انتهى، ولم أره تعرَّض للمتابعات، والله أعلم.

(1/9347)


[باب الخطبة]
قوله: (بَابُ الْخُطْبَةِ): هي بِضَمِّ الخاء، وهي معروفة.
==========
[ج 2 ص 415]

(1/9348)


[حديث: إن من البيان سحرًا]
5146# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا غاية في الظهور إلَّا أنِّي سمعت عن بعض العجم أنَّه قرأه بالتَّصغير، وهو قَبِيصة بن عقبة السُّوائيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _الظَّاهر أنَّه_ الثَّوريُّ، وذلك أنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ في ترجمة قَبِيصة: أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابن عيينة في مشايخه، وراجعتُ «التذهيب»؛ فرأيته ذكر في مشايخه سفيانَ، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم، وأمَّا (زيد بن أسلم)؛ فقد روى عنه السُّفيانان.
قوله: (جَاءَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا) قال الدِّمْيَاطيُّ: («المشرق» هنا: مشرقُ المدينة، و «الرَّجلان»: هما الزِّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهيم سنان، وفدا على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سنة تسعٍ مِن الهجرة في وفد بني تميم؛ سبعين، أو ثمانين، فيهم الأقرع بن حابس، وقيس بن عاصم، وعطارد بن حاجب)، انتهى، ونقل ذلك شيخنا عن ابن بَطَّال في (باب قوله: إنَّ مِن البيان سحرًا) في (كتاب الطِّبِّ، وقد ذكر ذلك بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، وعزاه للطَّبَرانيِّ في «الأوسط» من حديث أبي بكرة.

(1/9349)


قوله: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْرًا): قال ابن قُرقُول: (فيه وجهان: قيل: مقصده الذَّمُّ؛ لأنَّه يصرفُ الحقَّ إلى صورة الباطل، والباطل إلى صورة الحقِّ؛ كالسِّحر الذي يقلب الأعيانَ، وسياق الحديث وسببه يشهدُ لهذا، وقيل: بل هو مدحٌ وثناءٌ عليه، وشبَّهه بالسِّحر؛ لصرف القلوب به، ومنه قالوا: السِّحرُ الحلالُ، و «البيان»: الفهم وذكاء القلب مع اللَّسن، و «البيان» أيضًا: الظُّهور، ومنه بانَ لي كذا؛ أي: ظهر، وتبيَّن بَيْنًا، وبَيَانًا)، انتهى، وقال في (السِّين مع الحاء): (قيل: أورده مورد الذَّمِّ؛ لشبهه بعمل السِّحر؛ لقلبه القلوب، وجلبه الأفئدة، وتزيينه القبيح، وتقبيحه الحسن، وأصل السحر في كلام العرب: الصَّرف، ومنه: سحرك فلان؛ أي: صرفك، وصيَّرك كمَن سُحِرَ له، ويشهد لهذا قوله: «ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجَّته من بعض ... »؛ الحديث؛ أي: يكسب به صاحبه مِن الإثم ما يكسبه السَّاحر بعلمه، وقيل: إنَّه أورد مورد المدح؛ أي: تُمال به القلوب، ويُترَضَّى به السَّاخط، ويُستَنْزَل به الصَّعب، ولذلك قالوا فيه: «السِّحر الحلال»، ويشهد له في نفس الحديث: «إنَّ مِن الشعر لحكمةً») انتهى، وقد ذكر غيرُ واحد هذين التَّأويلَين، وقال الشَّيخ محيي الدِّين النَّوَويُّ: في «شرح مسلم»: (التَّأويل الثاني هو الصَّحيح المختار، وقد أدخل مالك هذا الحديث في «المُوطَّأ» في «باب: ما يكره من الكلام»، والله أعلم).
==========
[ج 2 ص 415]

(1/9350)


[باب ضرب الدف في النكاح والوليمة]
قوله: (بَابُ ضَرْبِ الدُّفِّ): (الدُّفُّ): معروف، وهو بِضَمِّ الدَّال، وحكى أبو عبيد عن بعضهم أنَّ الفتح فيه لغةٌ.
==========
[ج 2 ص 415]

(1/9351)


[حديث: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين]
5147# قوله: (فِي النِّكَاحِ وَالْوَلِيمَةِ): ترجم البُخاريُّ للنِّكاح والوليمة، وذكر ما يدلُّ للوليمة فقط، وكأنَّه قاس النِّكاح عليها، أو أنَّ البناء نكاحٌ، والله أعلم.
قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بشرًا): بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المُعْجَمة، و (المُفضَّل): اسم مفعول مِن (فَضَّله) المُشدَّد، و (الرُّبَيِّعُ): تَقَدَّمَ أنَّها بِضَمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مكسورة مُشدَّدة، ثُمَّ عين مهملة، وأنَّ (مُعَوِّذًا): بكسر الواو المُشَدَّدة، وتُفتَح، وهي مشهورة التَّرجمة، وقد قَدَّمْتُ بعضَها، و (عَفْرَاء): بفتح العين المُهْمَلة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء ممدودة.
قوله: (حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ): (بُنِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو بِضَمِّ الموحَّدة، وكسر النُّون؛ أي: دخل عليَّ زوجي، وهذا معروف، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين: (اسم زوجها إياس بن البكير اللَّيثيُّ).
قوله: (مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ): كذا هنا، قال بعضهم: صوابه: يوم أُحُد، انتهى، وسيأتي قريبًا تصويبُ (أُحُدٍ) أيضًا، وقال شيخنا: (وقال الكلبيُّ: يوم بعاث، وقال ابن التِّين عن النَّسَائيِّ: حديثٌ حسنٌ، وإنَّما هو: «مَن قُتِل مِن آبائي يوم أُحُد»، وفي بعض روايات البُخاريِّ: «مَن قتل آبائي»؛ بإسقاط «مِن»)، انتهى، ولعلَّهنَّ يُردْنَ: مَن قُتِلَ مِن آبائها يوم بعاث، وبدر، وأُحُد؛ لأنَّ في هذه الثَّلاث وقائعَ قُتِل فيها مِن الأنصار)، والله أعلم.

(1/9352)


[باب قول الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}]
قوله: (بَابُ قَوْلِهِ [1] تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النِّساء: 4] ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (الترجمة مطابقة إلَّا قولَه: «وأدنى ما يجوز من الصداق»، والظاهر عندي: أنَّ البُخاريَّ اختار أنْ لا حدَّ لأكثره ولا أقلِّه، وهو قول مشهور للعلماء: أنَّ المُعتبَر فيه التَّراضي، فاستدلَّ البُخاريُّ على الكثير بقوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} [النساء: 4]، وعلى القليل بقوله: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]، فإطلاقُ [2] ذلك دلَّ على أنَّه غير محدود، والله أعلم)، انتهى.
فائدةٌ: أكثر ما رأيت في الصَّداق: أنَّ معاوية بذل لأمامة بنت أبي العاصي مِن زينب بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعد موت عليٍّ رضي الله عنه مئةَ ألف دينار، فلم تتزوَّج به، والحسن بن عليٍّ تزوَّج امرأة فأرسل إليها بمئة جاريةٍ، مع كلِّ جاريةٍ ألفُ درهم، وتزوَّج مصعب بن الزُّبَير عائشة بنت طلحة فأرسل إليها ألف ألف درهم، وقال ابن إسحاق: على مئة ألف دينار، وهذا مُتَّفِقٌ مع القول الأوَّل، ويكون الدِّينار بعشرة دراهم، ثُمَّ تزوَّجها بعد مصعب ابنُ عمِّها عمر بن عبيد الله التَّيميُّ على مئة ألف دينار، وتزوَّجت فاطمةُ بنت الحسين بعبد الله بن عمرو بن عثمان على ألف ألف، واختُلِف في أقلِّ ما يجوز فيه على أقوال؛ أحدها: أدنى ما يجب القطع فيه، الثاني: لا يكون أقلَّ من عشرة دراهم، الثالث: أربعون درهمًا، الرابع: أقله خمسون درهمًا، الخامس: خمسة دراهم، السادس: لا حدَّ لأقلِّه، ويجوز ما تراضَوا عليه، والله أعلم.
وقوله: ({صَدُقَاتِهِنَّ} [النِّساء: 4]): جمع (صداق)، وفيه سبع لغات؛ فتح الصَّاد، وكسرها، و (صَدُقة)؛ بفتح الصاد وضمِّ الدَّال، وبضمِّ الصَّاد وسكون الدَّال، وبفتح الصَّاد مع سكون الدَّال، ويُفتحَان، ويُضمَّان، وفي «الصِّحاح» منها: أربع لغات؛ فتح الصَّاد وكسرها، و (الصَّدُقة): بفتح الصَّاد وضمَّ الدَّال، وضمِّ الصَّاد وإسكان الدَّال.
فائدةٌ ثانيةٌ: تَقَدَّمَ في (سورة النِّساء) أنَّ الصداق له أسماءٌ نظمها بعضهم في بيت، فقال:
~…صَدَاقٌ ومهرٌ نحلةٌ وفريضةٌ…حِباءٌ وأجرٌ ثُمَّ عُقْرٌ علائقُ

(1/9353)


وقوله: ({وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} [النِّساء: 4]): قال الجوهريُّ: (القنطار معيار، ويروى عن معاذ بن جبل أنَّه قال: هو ألف ومئتا أوقية، ويقال: هو مئة وعشرون رطلًا،
[ج 2 ص 415]
ويقال: مِلءُ مَسْكِ التَّور ذهبًا، ويقال غير ذلك، ومنه: {وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ} [آل عمران: 14])، انتهى، وقال ابن عبد السَّلام في {الْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ}: {القناطير}: جمع (قنطار)، وهو ألف ومئتا أوقية، وقيل: ألف ومئة أوقية، وقيل: ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، وقيل: أربعون ألف درهم، وقيل: ما لا يُحدُّ، {المقنطرة}: المحفوظة، أو المضاعفة، أو المنضدة، أو المدفونة، أو المضروبة دراهمَ ودنانيرَ)، انتهى، والله أعلم.
قوله: ({أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]): تَقَدَّمَ أنَّ (الفريضة): من أسماء الصداق.
قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّمَتْ لغات (الخاتم).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قول الله).
[2] في (أ): (فأطلق)، والمثبت من مصدره.

(1/9354)


[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة على وزن نواة]
5148# قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأةَ لا أعرفها، وقد ذكرت اسم والدها في أوَّل «البيوع»، وهي بنت أبي الحيسر أنسِ بن رافع.
قوله: (عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على مقدارها في أوَّل «البيوع» أيضًا.
قوله: (بَشَاشَةَ الْعَرُوسِ): هو بفتح الموحَّدة، ثُمَّ شين معجمة مُخفَّفة، ثُمَّ ألف، ثُمَّ شين أخرى مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: أَثرُه وبِشْرُه، كما قال في الطَّريق الأخرى: «وعليه وضر من صفرة»؛ أي: عبيرًا أو طيبًا مِن طيب العروس.
قوله: (وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، وقد روى هذا البُخاريُّ عن سليمان بن حرب، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس؛ فذكره، فقائل: (وعن قتادة): هو شعبة؛ فاعلمه، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9355)


[باب التزويج على القرآن وبغير صداق]

(1/9356)


[حديث: اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد]
5149# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ): تَقَدَّمَتْ قريبًا، وفي (سورة الأحزاب)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجُل) الذي تزوَّج بها لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَتْ لغات (الخَاتَم)، وتَقَدَّمَ ما معه من القرآن.

(1/9357)


[باب المهر بالعروض وخاتم من حديد]
قوله: (بَابُ الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ): (العُروض): بِضَمِّ العين، جمع (عَرْض)؛ بفتحها، وإسكان الراء، وهو المَتَاع، وكلُّ شيءٍ فهو عَرْض، سوى الدراهم والدنانير فإنَّها عينٌ، قال أبو عبيد: (العُروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيلٌ ولا وزنٌ، ولا يكون حَيَوَانًا ولا عقارًا، تقول: اشتريت المتاع بعَرْض؛ أي: بمَتاعٍ مِثْليٍّ.
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9358)


[حديث: تزوج ولو بخاتم من حديد]
5150# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (يحيى) هذا في (سورة الأعراف) في (التفسير)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، و (سُفْيَان) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.
قوله: (لِرَجُلٍ: «تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ»): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه، و (الخاتم): تَقَدَّمَتْ لغاتُه.
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9359)


[باب الشروط في النكاح]
قوله: (وَقَالَ عُمَرُ): هو عمر بن الخطَّاب، الفاروق، أحد العشرة رضي الله عنهم، وإنَّما ميَّزتُه؛ لأنَّ في الصَّحابة من اسمه عمر ثمانيةٌ وعشرون نفرًا، لكن فيهم مَن الصَّحيحُ أنَّه تابعيٌّ اثنان، وفيهم من ذِكْرُه فيهم غلطٌ أربعةٌ، وفي التابعين كثيرٌ جدًّا، وكذا في أتباعهم، وقد عزا شيخُنا تعليقَه إلى أبي عبيد، وذكر سند أبي عبيد إلى عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.
قوله: (وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المِسْور) هذا بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ والده مَخْرَمة من مُسْلِمة الفَتْح ومن المؤلَّفة، رضي الله عنهما.
قوله: (ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الصهر هو أبو العاصي بن الرَّبيع، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وبعض ترجمته، في (المناقب).
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9360)


[حديث: أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم ... ]
5151# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعدٍ، أحد الأعلام، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الْخَيْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، و (عُقْبَة): هو ابن عامر، تَقَدَّمَ رضي الله عنه، جهنيٌّ مشهورٌ.
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9361)


[باب الشروط التي لا تحل في النكاح]

(1/9362)


[حديث: لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها]
5152# قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.
قوله: (طَلَاقَ أُخْتِهَا): أي: ضرَّتها.
قوله: (مَا قُدِّرَ لَهَا): (قُدِّر): مشدَّدٌ مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9363)


[باب الصفرة للمتزوج]
قوله: (بَابُ الصُّفْرَةِ لِلْمُتَزَوِّجِ): ذكر فيه حديث أنس رضي الله عنه، وهو ظاهِرٌ فيما ترجم له، ثُمَّ ذكر بعده: (باب)، ذكر فيه حديث أنس: (أَوْلَم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب ... »؛ الحديث، وقد اعترض ابن بَطَّال فقال: الحديث ليس يتعلَّق بشيءٍ من معنى الترجمة، قال: وفي رواية النسفيِّ فيه: «بابٌ»، قال شيخنا: ولعلَّ وجهه _والله أعلم_ لينبِّه على أنَّ الصفرة للمتزوِّج ليست قصدًا، فتُرِكت في هذا، وقد يقع، كما في الحديث قبله، انتهى.

(1/9364)


[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله ... ]
5153# قوله: (وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ): الصَّحيح في معنى الحديث: أنَّه تعلَّق به أثرٌ من الزعفران وغيرُه من طِيب العروس، ولم يقصده عبد الرحمن رضي الله عنه، ولا تعمَّد التَّزَعْفُرَ، فقد ثبت في «الصَّحيح» النَّهْيُ عن التزعفر للرجال، وكذا نُهيَ الرجال عن الخَلوق؛ لأنَّه من شِعار النساء، وقد نُهِيَ الرجال عن التشبُّه بالنساء، فهذا هو الصَّحيح في معنى الحديث، وقال الشيخ محيي الدين: وهو الذي اختاره القاضي والمحقِّقون، قال القاضي: وقيل: إنَّه يُرَخَّص في ذلك للرَّجُل العروس، وقد جاء ذلك في أثرٍ ذكره أبو عبيد: أنَّهم كانوا يرخِّصون في ذلك للشابِّ أيام عرسه، قال: وقيل: لعلَّه كان يسيرًا، فلم ينكره، وقيل: كان في أوَّل الإسلام مَن تزوَّج؛ لبس ثوبًا مصبوغًا؛ علامةً لسروره وزواجه، وهذا غير معروفٍ، قال: وقيل: يحتمل أن يكون في ثيابه دون بدنه، ومذهب مالكٍ وأصحابِه: جواز لبس الثياب المزعفرة، وحكاه مالكٌ عن علماء المدينة، وهو مذهب ابن عمر وغيرِه رضي الله عنهم، وقال الشَّافِعيُّ وأبو حنيفة رحمهما الله: لا يجوز ذلك للرجل، انتهى، ويحتمل أنَّ هذا كان قبل النَّهْيِ عن التزعفر للرجال، والله أعلم.
قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه لا أعرفها، وقد ذكرت اسم أبيها في أوَّل (البيع)، وأبوها أبو الخير أنس بن رافع.
قوله: (زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوائل (البيع).
==========
[ج 2 ص 416]

(1/9365)


[باب الصفرة للمتزوج من الجائز لا من المشروط]

(1/9366)


[حديث: أولم النبي بزينب فأوسع المسلمين خيرًا فخرج]
5154# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الحاء، وأنَّه الطويل، ابن تير، وقيل: تيرويه.
قوله: (أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ): هذه هي زينب بنت جحش أمُّ المؤمنين، وإنَّما قيَّدتُها؛ لأنَّ في أمَّهات المؤمنين
[ج 2 ص 416]
زينبَ بنتَ خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مَناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قيس عيلان، كانت تُدعى أمَّ المساكين؛ لرأفتها بهم، كانت عند الطفيل بن الحارث، والطفيل صَحَابيٌّ، تُوُفِّيَ سنة (31 هـ)، بدريٌّ رضي الله عنه، فطلَّقها، فتزوجها أخوه عبيدة، فقُتِل يوم بدر شهيدًا، فخلف عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في رمضان على رأس أَحَدٍ وثلاثين شهرًا من مهاجَره، ومكثت عنده ثمانية أشهرٍ، وتُوُفِّيَت في آخر شهر ربيع الأوَّل على رأس تسعةٍ وثلاثين شهرًا من مهاجَره، وصلَّى عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ودفنها بالبقيع، وقد بلغت ثلاثين سنةً أو نحوها، ولم يمت من أزواجه عليه السلام في حياته إلَّا خديجة وهذه، وفي ريحانة خلافٌ، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: كانت قبل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند عبد الله بن جحش، حكاه عن الزُّهريِّ، قال: وقُتِل عنها فتزوَّجها عليه السلام سنة ثلاث، ولم تلبث عنده إلَّا يسيرًا؛ شهرَين أو ثلاثة، وحكى عليُّ بن عبد العزيز الجرجانيُّ: أنَّها كانت أخت ميمونة لأمِّها، قال: ولم أرَ ذلك لغيره، ترجمتها معروفة رضي الله عنها، فلا نطوِّل بها.
قوله: (فَأَوْسَعَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا): هو بالمُثَنَّاة تحت، كذا في أصلنا، وقد صُحِّحَ عليها، ولا شكَّ في صحَّتها؛ لأنَّه لو ذُكِرَ معه اللحم؛ لكان (خُبزًا)؛ بِضَمِّ الخاء المعجمة، وبالموحَّدة، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (خُبزًا)؛ بِضَمِّ الخاء، وبالموحَّدة، وصُحِّح عليها، وكُتِب في الهامش بخطٍّ يَحتمل أن يكون خطَّ ابن المقريزيِّ مُقَابِلِ هذا الأصلَ على أصل السُّمَيْسَاطِيِّ وغيره: (ولحمًا)، والله أعلم، وعلى ثبوت هذه: (ولحمًا) يتعيَّن أن يكون (خبزًا)، وإذا حُذِفَت؛ لا يتعيَّن.

(1/9367)


قوله: (فَرَأَى رَجُلَيْنِ): تَقَدَّمَ في (الأحزاب) أنِّي لا أعرفهما، وتَقَدَّمَ الكلام هناك على رواية: (ثلاثة رَهْطٍ)، وما قيل في ذلك، ووجه الجمع.

(1/9368)


[باب: كيف يدعى للمتزوج]

(1/9369)


[حديث: بارك الله لك أولم ولو بشاة]
5155# قوله: (أَثَرَ صُفْرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك قريبًا مُطَوَّلًا، وأنَّ المرأة التي تزوَّج بها لا أعرف اسمها، وعلى (وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ) في أوَّل (البيوع).
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9370)


[باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس]
قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ لِلنِّسَاءِ اللَاتِي يَهْدِينَ الْعَرُوسَ وَلِلْعَرُوسِ): اعلم أنَّه لم يأتِ في الباب بالدعاء لهنَّ، قال شيخنا: ولعلَّه أراد صفة دعائهنَّ للعروس؛ لأنَّه قال: فقلن: على الخير والبركة ... إلى آخره، وهذا خروجٌ عن الظاهر، انتهى، وقوله: (ولعله أراد صفة دعائهن)؛ يعني: أنَّ تقدير التبويب: (باب صفة الدعاء للنساء ... ) إلى آخره، والله أعلم.
قوله: (يَهْدِينَ الْعَرُوسَ): هو مفتوح الأوَّل ومضمومه، وفيه لُغتان: هديت العروس إلى زوجها، وقيل: أهديت، قاله ابن قُرقُول، وفي «الصحاح»: (والهِداء: مصدرُ قولك: هديت المرأة إلى زوجها هِداءً، وفي «أفعال ابن القطَّاع»: هديت المرأة إلى زوجها هَداء، وأهديتها لغةٌ، انتهى، فالثلاثيُّ إذن أفصح، فعليه يكون (يَهدين)؛ بالفتح، ويجوز الضمُّ على لغة الرُّبَاعيِّ، والله أعلم، و (العروس): الذكر والأنثى في اللُّغة، والله أعلم.

(1/9371)


[حديث: تزوجني النبي فأتتني أمي فأدخلتني الدار]
5156# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، ممدود الآخر.
قوله: (فَأَتَتْنِي أُمِّي): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّها أمُّ رومان؛ بِضَمِّ الراء وفتحها، وأنَّ اسمها دعدٌ، ويقال: زينب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها في (الشهادات) في (حديث الإفك).
قوله: (فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: جاء تسمية واحدةٍ من هؤلاء النسوة، ففي «أُسْد الغابة»: أسماء مُقَيِّنة عائشة، وفي «مسند أحمد» و «الطَّبَرانيِّ»: أنَّها أسماء بنت يزيد بن السكن، وفي رواية: أنَّها أسماء بنت عميس، ورُدَّت بأنَّها إذ ذاك كانت بالحبشة، ثُمَّ قال: والصواب الأوَّل، انتهى ملخَّصًا، وأسماء المُقَيِّنة ذكرها الذَّهَبيُّ في «تجريده»: أسماء؛ غير منسوبة، و (المُقَيِّنة): بِضَمِّ الميم، وفتح القاف، ثُمَّ مثناة تحت مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (التقيين): التزيين، و (المُقَيِّنة): كالماشطة في زماننا، والله أعلم.
قوله: (وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ): أي: خير حظٍّ، وتَقَدَّمَ أنَّه دعاءٌ بالسعادة، وأصله من تَفَؤُّل العرب بالطير، وقد يكون بمعنى القسم والنصيب.
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9372)


[باب من أحب البناء قبل الغزو]

(1/9373)


[حديث: غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]
5157# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ، تقدَّموا.
قوله: (غَزَا نَبِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّه يوشع بن نون.
قوله: (وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلمَّا [1] يَبْنِ بِهَا): تَقَدَّمَ إنكار الجوهريِّ ذلك قريبًا، وأنَّ ابن دُرَيد حكاه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ولم).
[ج 2 ص 417]

(1/9374)


[باب من بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين]

(1/9375)


[حديث: تزوج النبي عائشة وهي ابنة ست]
5158# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.
قوله: (عَنْ عُرْوَةً قَالَ [1]: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّه مُرْسَلٌ، وقد تَقَدَّمَ روايته له عن عائشة في (النِّكاح)، وفي (تزويج عائشة رضي الله عنها).
قوله: (وَهِي بِنْتُ سِتِّ سِنِيْن): تَقَدَّمَ ما في «مسلمٍ» «والنَّسَائيِّ»: (سبع سنين)، وتَقَدَّمَ الجمع بينهما.
==========
[1] (قال): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 417]

(1/9376)


[باب البناء في السفر]
قوله: (بَابُ الْبِنَاءِ فِي السَّفَرِ): (البناء): الدخول على الأهل.
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9377)


[حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثًا يبنى عليه بصفية]
5159# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالتخفيف على الأصحِّ، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وما يقطع النزاعَ فيه.
قوله: (يُبْنَى عَلَيْهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ): (صفيَّة) هذه: هي أمُّ المؤمنين الهارُونيَّة، تَقَدَّمَ أنَّ أباها (حُيَيًّا) بِضَمِّ الحاء وكسرها، وأنَّه قُتِل مع بني قريظة على يهوديَّته.
قوله: (أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ): تَقَدَّمَ أنَّها جمع (نطع)، وتَقَدَّمَ أنَّ في المفرد لُغاتٍ.
قوله: (فَأُلْقِيَ فِيهَا): (أُلقِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأَقِط): تَقَدَّمَ ما هو ولُغَتَاه.
قوله: (وَطَّأَ [1] لهَا): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا معروفٌ.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وطَّى).
[ج 2 ص 417]

(1/9378)


[باب البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران]

(1/9379)


[حديث: تزوجني النبي فأتتني أمي فأدخلتني الدار .. ]
5160# قوله: (حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وقبله أيضًا.
قوله: (تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ متى تزوَّجها.
قوله: (فَأَتَتْنِي أُمِّي): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّها أمُّ رومان دعدٌ، ويُقال: زينب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها في (الشهادات) في (حديث الإفك).
قوله: (فَلَمْ يَرُعْنِي): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الراء، تَقَدَّمَ معناه.

(1/9380)


[باب الأنماط ونحوها للنساء]
قوله: (بَابُ الأَنْمَاطِ): هو بفتح الهمزة، وفي آخره طاء مهملة، جمع (نَمَط)؛ بفتح النون والميم، قال ابن قُرقُول: وهو ظهر فراشٍ، وهو أيضًا يُغشى به الهودج، انتهى، وفي «النهاية»: (الأنماط: ضربٌ من البُسط، له خملٌ رقيقٌ، واحدها: نمط، ومنه حديث جابر: «وأنَّى لنا أنماط؟!»).
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9381)


[حديث: هل اتخذتم أنماطًا؟]
5161# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (سفيان) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة الهلاليُّ.
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9382)


[باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها]
قوله: (بَابُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي يَهْدِينَ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (يَهدين) فيه لُغتان: الفتح على أنَّه ثُلاثيٌّ، وهو أكثر، والضمُّ على أنَّه رُبَاعيٌّ، قريبًا.
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9383)


[حديث: يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم ... ]
5162# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هذا هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ عمرِو بن عبدالله، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «أُسْد الغابة» أنَّ الفارعة بنت أسعد بن زُرارة أوصى بها أبوها إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فزوَّجها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من نُبَيط بن جابر، من بني النَّجَّار، ثُمَّ أخرج عن لُهيَّة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أهدينا يتيمةً من الأنصار، فلمَّا رجعنا؛ قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما قلتم؟» قالت: سلَّمنا وانصرفنا»، ثُمَّ قال: هذه اليتيمة هي الفارعة بنت أسعد بن زرارة، فيحتمل تفسير المبهمة هنا بذلك، انتهى، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 417]

(1/9384)


[باب الهدية للعروس]
[ج 2 ص 417]
قوله: (بَابُ الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (العروس) يُقال للذكر والأنثى؛ والمراد هنا: الرجل، هذا ما دامَا عَروسَين، وإنَّما استُحِبَّت الهدية له؛ لأنَّه مشغولٌ بأهله؛ كما استُحِبَّت في العزاء، والله أعلم.

(1/9385)


[معلق إبراهيم: ادع لي رجالًا وادع لي من لقيت]
5163# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ _وَاسْمُهُ الْجَعْدُ_، عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن طهمان، و (الجَعْدُ): هو ابن دينار، وقيل: ابن عثمان، أبو عثمان اليشكريُّ البصريُّ الصَّيرفيُّ، صاحب الحليِّ، عن أنسٍ، وأبي رجاءٍ العطارديِّ، وغيرِهما، وعنه: شعبة، ومَعْمر، والحمَّادان، وإبراهيم بن طهمان، وعبد الوارث، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وهذا التعليق أخرجه مسلمٌ في (النِّكاح) عن قتيبة، عن جعفر بن سليمان، عن الجَعْد، عن أنسٍ، وعن مُحَمَّد بن رافع، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الجَعْد، عن أنس، وأخرجه التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسَائيُّ في (النِّكاح)، وفي (الوليمة)، وفي (التفسير)، قال شيخنا: كذا أخرجه هنا معلَّقًا، ثُمَّ وصله بقوله: حدَّثنا الصَّلْت بن مُحَمَّد: حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، عن هشام، عن مُحَمَّد بن سنان بن ربيعة، عن أنس، انتهى، والموصولُ الذي أشار إليه شيخنا هو في (الأطعمة) من «البُخاريِّ» في (باب مَن أدخل الضِّيفان عشرةً عشرة)، وهو غير هذا التعليق، فإن أردت حقيقة ذلك؛ فقابِلْ بين الحديثين؛ تجدهما غيرَين بلا نزاعٍ، والله أعلم.
قوله: (فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ): هذا المسجد هو في البصرة فيما يظهر؛ وذلك لأنَّ أبا عثمان الجَعْدَ هذا بصريٌّ، وأنسٌ سكن آخرًا البصرة، وبها مات رضي الله عنه، والله أعلم.
قوله: (إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ): (الجَنَبَات): بفتح الجيم والنون، وبالباء الموحَّدة، وفي آخره تاء؛ أي: بنواحيها، واحدها: جَنَبَة؛ وهي الناحية والجانب.
قوله: (بِزَيْنَبَ): هذه بنت جحش أمُّ المؤمنين، وقد قَدَّمْتُ أنَّه [1] تزوَّج عليه السلام أيضًا بزينب بنت خزيمة، وتُوُفِّيَت في حياته؛ فانظر ذلك قريبًا، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ): هي أمُّ أنس، وقد تَقَدَّمَتْ مع الاختلاف في اسمها، فقيل: سهلة، ويُقال: رُمَيلة، ويُقال: رميثة، ويقال: أُنَيفة، ويُقال: مُلَيكة، ويُقال: إنَّها الغُمَيصاء، ويُقال: الرُّمَيصاء، وقال أبو داود: الرُّمَيصاء أختُ أمِّ سُلَيم من الرضاعة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.

(1/9386)


قوله: (فَعَمَدَتْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وتَقَدَّمَ ما رأيته في حاشية على «البُخاريِّ»: أنَّه في «شرح الفصيح» للَّبليِّ على العكس أيضًا.
قوله: (إِلَى تَمْرٍ وَأَقِطٍ وَسَمْنٍ [2]، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً): كذا هنا في تزويجه عليه السلام بزينب، قال القاضي عياض رحمه الله: وهو وَهَمٌ من بعض الرواة، ركَّب قصَّة على أخرى، قال شيخنا: قلت: لمَ لا يجوز أن يكون المجموع وقع؟! يعني: أنَّه أشبع الناس خبزًا ولحمًا، وأنَّه أولم بشاةٍ، وأنَّه أشبعهم من حَيْس أمِّ سُلَيم، قال: فأخبر كلٌّ بما شاهده بعد انصراف الأوَّلِين، انتهى، وفي هذا نظرٌ، وقول القاضي: (ركَّب قصَّة على أخرى)؛ أي: ركَّب قصَّة وليمته عليه السلام على صفيَّة بقصَّة وليمته على زينب، والله أعلم.
تنبيهٌ: في «مستدرك الحاكم» في ترجمة صفيَّة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها عن أنس رضي الله عنه: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أطعم على صفيَّة خبزًا ولحمًا)، ثُمَّ قال: صحيحٌ، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: قلت: ذا غلطٌ، وإنَّما ذي زينبُ، انتهى.
قوله: (فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً): هي بفتح الحاء، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ سين مهمَلَتَين مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (الحَيْس): الأَقِط والتمر والسَّمْن، وقال بعضهم: ربَّما جُعِلت فيه خميرة، قال ابن وضَّاح: هو التمر يُنزَع نواه، ويُخلَط بالسَّويق، والأوَّل أعرفُ، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم.
قوله: (فِي بُرْمَةٍ): تَقَدَّمَ ما (البُرمة).
قوله: (غَاصٌّ بِأَهْلِهِ): (غاصٌّ): هو بالغين المُعْجَمة، وتشديد الصاد المُهْمَلة في آخره؛ أي: ممتلئٌ بهم.
قوله: (الْحَيْسَةِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (الحَيْسَة).
قوله: (حَتَّى تَصَدَّعُوا): أي: تفرَّقوا.
قوله: (وَبَقِيَ نَفَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (النَّفَر) ما دون العشرة من الرجال، وقد تَقَدَّمَ أنَّه (بقي ثلاثة رهط)، وفي بعضها: (اثنان)، وسيجيء: (وبقي رهط)، وهم كـ (النَّفَر)، وتَقَدَّمَ أنَّه لا منافاة بين الروايات في (سورة الأحزاب).

(1/9387)


قوله: (وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ): كذا هو في أصلنا من (الغمِّ)، قال ابن قُرقُول في (الغين المُعْجَمة): (فجعلت أغتمُّ لذلك)؛ أي: أصابني الغمُّ؛ لِتأذِّي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك، وضبطه بعضهم: (أعتم)، وفسَّره بمعنى: (أُبطِئُ)، ولا معنى له، ولا صحَّت به روايةٌ، وإنَّما ظنَّه ظنًّا لمَّا أشكل عليه، وإنَّما أراد به: اغتمَّ لغمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين أطالوا الحديث عنده، و (المغموم): المهموم الذي غَمَّ قلبَه الغمُّ؛ أي: ستره، واشتمل عليه، انتهى، قال الجوهريُّ: (العَتْمُ: الإبطاء، يُقال: جاءنا ضيفٌ عاتمٌ، وقرًى عاتمٌ؛ أي: بطيءٌ مُمْسٍ، وقد عَتَم قراه؛ أي أبطأ، وعَتَّم تعتيمًا مثلُه، انتهى، فعلى هذا؛ يُقرَأ على تلك الرواية _إن صحَّت مجيئًا_ بالتخفيف والتشديد، والله أعلم.
قوله: (فِي إِثْرِهِ): تَقَدَّمَتْ اللُّغَتان فيه: (إثْر، وأثَر)، وما قاله شيخنا، والله أعلم.
قوله: (قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ): (أبو عثمان) هذا: هو الجَعْد الذي تَقَدَّمَ قريبًا مترجمًا.

(1/9388)


[باب استعارة الثياب للعروس وغيرها]

(1/9389)


[حديث عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت ... ]
5164# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.
قوله: (أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً، فَهَلَكَتْ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه (أسماء): هي أختُها بنت أبي بكر، وأنَّها أختُها لأبيها، وتَقَدَّمَ مَن أمُّ كلِّ واحدةٍ.
قوله: (نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا): إن كان هذا العقد سقط بالأبواء؛ فقد أرسل عليه السلام في طلبه أُسَيدَ بن حُضَير والزُّبَيرَ بن العَوَّام، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وقد تَقَدَّمَ ذلك.
قوله: (فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الآية في (التيمُّم) أيُّ الآيتين؛ آية (المائدة) أم آية (النساء)؟
[ج 2 ص 418]
قوله: (فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وأنَّ (حُضَيرًا) بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، غيرَ مَرَّةٍ.

(1/9390)


[باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله]

(1/9391)


[حديث: أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله باسم الله]
5165# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان بن عبد الرحمن النَّحْويُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة مَرَّاتٍ، الصَّحيح: أنَّها إلى علم النحوِ، لا إلى القبيلة، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المعتمر.
قوله: (ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا، أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ): (قُدِّر) و (قُضِيَ): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، و (ولدٌ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالضمِّ والفتح؛ لأنَّه مضعَّفٌ.
قوله: (لَمْ يَضُرّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا): تَقَدَّمَ ما معناه في أوَّل هذا التعليق.
==========
[ج 2 ص 419]

(1/9392)


[باب: الوليمة حق]
قوله: (بَابٌ: الْوَلِيمَةُ حَقٌّ): هذه الترجمة هي لفظ حديثٍ أخرجه البَيْهَقيُّ من حديث أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «الوليمة أوَّل يومٍ حقٌّ، وفي الثاني معروفٌ، وفي الثالث رياءٌ وسُمْعَةٌ»، قال البَيْهَقيُّ: ليس بقويٍّ، فيه بكر بن خنيس تكلَّموا فيه، انتهى.
وهو في «التِّرْمِذيِّ» وضعَّفَه، لكن من حديث ابن مسعود، وفي «ابن ماجه» من حديث أبي هريرة بإسنادٍ ضعيفٍ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 419]

(1/9393)


[حديث أنس: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله المدينة]
5166# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ ... ) إلى قوله: (فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ): في «مسلم»: (خدمتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم تسعَ سنين)، وفيه أيضًا: (عشر)؛ ومعناه: تسع سنين وأشهر، فإنَّه عليه السلام أقام بالمدينة عشر سنين تحديدًا، وخدمه أنسٌ في السنة الأولى، فروايته (التسع) لم يحسب فيها الكسرَ، ورواية (عشر) _وهي الأكثر_ حسبه سنةً، وكلاهما صحيحٌ.
تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى المَوْصِلِيِّ» من حديثه: (قَدِمَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينةَ وأنا ابن ثماني سنين، فخدمته عشرَ سنين)، في سنده عليُّ بن زيد، وهو ابن جدعان، وفيه مُحَمَّد بن الحسن بن أبي يزيد الهمدانيُّ، متروكٌ، وقال ابن معين وغيرُه: كذَّابٌ، وعبَّاد المنقريُّ، مختَلَفٌ فيه، وحديث «الصَّحيح» صحيحٌ، وكذا حديث «مسلمٍ».
قوله: (يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (يواظبْنَنِي): يحملْنَنِي ويَبْعَثْنَنِي على ملازمة خدمته والمداومةِ عليها، ورُوِيَ بالطاء المُهْمَلة والهمز، من المواطأة على الشيء، انتهى، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ أخذه من ابن الأثير بلفظه، وقال ابن قُرقُول: (يواطِئْنَنِي)، كذا للقابسيِّ، من المواطأة؛ وهو الموافقة، وعند الأصيليِّ وابن السكن: (يواظبنني)، من المواظبة والملازمة، والأوَّل أوجه، ورُوِّينَاه في غير هذه الكتب: (يعاطينني)؛ أي: يُناولْنَني، و (المعاطاة): المناولة، انتهى.
ورأيت في حاشية عن الصغانيِّ اللُّغويِّ لفظُها: (كذا وقع في النُّسَخ، وليست بشيءٍ، والمواظبة لا تتعدَّى بنفسها، وروى بعضهم: «يواطئنني»؛ أي: يوافقْنَنِي، وهي إن كانت تصحُّ معنًى؛ فإنَّها لا طائل تحتها، والصواب: «يوطِّئنني»؛ من التَّوطئة، أو «يوطِنَنِّي»، [من] وَطَن نفسَه على الشيء، وروى الإسماعيليُّ: «يوطِّنَّني»؛ بنونَين، وروى أيضًا: يَحثُثَنِّي). انتهت.

(1/9394)


[باب الوليمة ولو بشاة]

(1/9395)


[حديث أنس: أولم ولو بشاة]
5167# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (حُمَيْدٌ): هو الطَّويل حميد بن تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ): (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعلٌ، و (عبدَ الرحمن): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ اسم أبيها في أوَّل (البيوع)، وهو أبو الحيسر أنسُ بن رافع، وكذا تَقَدَّمَ (وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ).
قوله: (وَعَنْ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ [1]): هذا معطوفٌ على السَّند الذي قبله، فروى هذا أيضًا البُخاريُّ، عن عليٍّ، عن سفيان، عن حُميد، عن أنسٍ، وليس تعليقًا، فاعلمه، والله أعلم.
قوله: (عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ): تَقَدَّمَ أنَّ امرأتي سعد بن الرَّبيع لا أعرفهما، وقد تَقَدَّمَ عن بعض حفَّاظ العصر في (البيوع) تسمية إحداهما.
قوله: (شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ): تَقَدَّمَ ما (الأقط) بلغتيه.
قوله: (فَتَزَوَّجَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم هذه الزَّوجة لا أعرفه، وتَقَدَّمَ اسم أبيها في أوَّل (البيوع)، وفي أعلاه، وقبله أيضًا.
==========
[1] (بن مالك): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق): علامة زيادة.
[ج 2 ص 419]

(1/9396)


[حديث: أن رسول الله أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها]
5169# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ): هذا هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (شُعَيْب) بعده: هو ابن الحبحاب الأزديُّ، أبو صالح.
قوله: (أَعْتَقَ صَفِيَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّها بنت حُييِّ بن أخطب الهارونيَّة، تَقَدَّمَتْ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا)، وهل هذا خاصٌّ به كما قالت الشَّافِعيَّة، أو هو لجميع الأمَّة؟ تَقَدَّمَ، وأنَّ التِّرْمِذيَّ نقل عن الشَّافِعيِّ في «جامعه»: أنَّه ليس خاصًّا، وتَقَدَّمَ أنَّه أصدقها رُزَينة، وما ذكرتُ فيه، والله أعلم، وتَقَدَّمَ (الحِيْس) قريبًا.

(1/9397)


[حديث: بنى النبي بامرأة فأرسلني فدعوت رجالًا إلى الطعام]
5170# قوله: (زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية، و (بَيَان) بعده: هو بيان بن بشر الأحمسيُّ الكوفيُّ، أبو بشر.
قوله: (بَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ): الظاهر أنَّها زينب بنت جحش، والله أعلم.

(1/9398)


[باب من أولم بأقل من شاة]

(1/9399)


[حديث: أولم النبي على بعض نسائه بمدين من شعير]
5172# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفِرْيابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، والأماكن التي رواها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مَنْصُور): هو ابن صفيَّة، وهو منصور بن عبد الرَّحمن بن طلحة بن الحارث العبدريُّ الحَجَبيُّ المَكِّيُّ، ابن صفيَّة بنت شيبة، عنها وعن سعيد بن جبير، وعنه: السُّفيانان، ووُهيب، وداود العطَّار، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وكان خاشعًا بكَّاءً عابدًا، مات سنة (137 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان» يسيرة، وأمَّا أمُّه؛ صفيَّة بنت شيبة الحاجبِ بالبيت ابنِ عثمان بن أبي طلحة العبدريِّ؛ يقال: لها رؤية، وقيل: لا رؤية لها [1]، عن عائشة رضي الله عنها وأمِّ حبيبة، تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا، فانظره في (الجنائز)، وقبله أيضًا في (الغسل)، قال الدِّمْيَاطيُّ: (صفيَّة بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قُتِل جدُّها يوم أُحُد كافرًا، قتله عليٌّ، الصَّحيح في رواية صفيَّة عن أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال أبو الحسن: انفرد البُخاريُّ بالإخراج عن صفيَّة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي من الأحاديث التي تعدُّ فيما أخرج مِن المراسيل، وقد اختُلِف في رؤيتها النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» عقيب تطريف هذا الحديث: ذكره خلفٌ، وأغفله أبو مسعود، وقال أبو بكر البرقانيُّ: اختُلِف فيه على الثَّوريِّ، فقال أبو أحمد الزُّبَيريُّ، ومُؤمَّل بن إسماعيل، ويحيى بن يمان: (عن الثَّوريِّ، عن منصور ابن صفيَّة، عن أمِّه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... )، ليس فيه: عن عائشة، قال البرقانيُّ: وهذا القول أصحُّ؛ لأنَّ البُخاريَّ أخرجه مِن حديث الفِرْيابيِّ عن الثَّوريِّ، عن منصور، عن أمِّه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يُخرِّج خلافه، قال: ومِن الرُّواة أيضًا مَن غلط فيه، فقال:

(1/9400)


(عن منصور ابن صفيَّة، عن صفيَّة بنت حُييٍّ، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وإنَّما هي صفيَّة بنت شيبة، قال البرقانيُّ: (وصفيَّة بنت شيبة ليست بصحابيَّة، وحديثها مُرْسَل وإن كان البُخاريُّ أخرجه، ورأيت في كتاب أبي عبد الرَّحمن أحمدَ بن شعيب النَّسَائيِّ قد نصر قول مَن لم يقل: «عن عائشة»، وأورده من حديث بُنْدَار عن ابن مهديٍّ، وقال: إنَّه مُرْسَل)، انتهى، وقد تَقَدَّمَتْ المسألة في (الجنائز)، وقبله في (كتاب الغسل)، والله أعلم.
قوله: (عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ): هذه المرأة لا أعرفها بعينها، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (لم أر تعيين هذه المرأة، لكن في «سيرة الدِّمْيَاطيِّ» في «باب أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»: «عن أمِّ سلمة قالت: «تزوَّجني النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... »؛ فذكر ما يمكن أن يكون مُستنَدًا، ثُمَّ قال: فليُتأمَّل هذا؛ هل يصحُّ تفسير هذه المرأةِ المبهمةِ به، أم لا؟ ثُمَّ ذكر عن الطَّبَرانيِّ: أنَّه عليه السَّلام أولم على أمِّ سلمة بتمر وسمن، ثُمَّ قال: وهذا ينفي ذلك الظَّنَّ السَّابق، والله أعلم)، انتهى، وجزم بعض الحُفَّاظ مِن المُتأخِّرين بأنَّها أمُّ سلمة.

(1/9401)


[باب حق إجابة الوليمة والدعوة ... ]
قوله: (بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ، وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم على جواز سبعة أيَّام، ولم يأت فيه بحديث، وقصده: الرَّدُّ على مَن أنكر اليوم الثَّالث، وقال: الثَّاني فضل، والثالث: سُمعة، فاستدلَّ البُخاريُّ على جوازه إلى سبعة ونحوها، بإطلاق الأمر بإجابة الدَّاعي غير مُقيَّدة، فاندرج فيه السَّبعة المُدَّعى أنَّها ممنوعة)، انتهى، وقد ذكر شيخنا نحوَ كلام ابن المُنَيِّر، وكأنَّه أخذه منه، ثُمَّ قال: (روى ابن أبي شيبة عن أبي أسامة، عن هشام، عن حفصة قالت: لمَّا تزوَّج أبي سيرينُ؛ دعا الصَّحابةَ سبعة أيَّام، فلمَّا كان يوم الأنصار؛ دعاهم، وفيهم أُبَيُّ بن كعب وزيد بن ثابت، قال هشام: وأظنُّها قالت: ومعاذ، فكان أُبيٌّ صائمًا، فلمَّا طعموا؛ دعا أُبَيٌّ، وأمَّن القوم، وأخرجه البَيْهَقيُّ من حديث مُحَمَّد عن حفصة: أنَّ سيرين عرَّس بالمدينة، فأولم فدعا النَّاس سبعًا،
[ج 2 ص 419]
وكان فيمَن دعا أُبَيَّ بنَ كعب وهو صائم، فدعا لهم بخير، وانصرف، وكذا ذكر حمَّاد بن زيد، إلَّا أنَّه لم يذكر حفصة في إسناده، وقال مَعْمَر عن أيُّوب: ثمانية أيَّام، والأوَّل أصحُّ، قال الدَّاوديُّ: جاء أنَّ الوليمة سبعةَ أيَّام، ودلَّ أنَّها فوقه رياء وسمعة.
قوله: (بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ): أمَّا وليمة العرس إذا دعي لها؛ فواجبٌ إتيانُها، وهو فرض عين، وقيل: كفاية، وقيل: سُنَّة، وأمَّا وليمة غير النِّكاح؛ فالإجابة إليها مُستحبَّة على المذهب، وقيل: بطرد الخلاف، ومذهبُ المُؤلِّف رحمه الله وجوبُها؛ لقوله في «مسلم»: «عرسًا كان أو نحوه».

(1/9402)


تنبيهٌ: إنَّما تجب الإجابةُ أو تستحبُّ بشروط: ألَّا يخصَّ الأغنياء، وأَن يُدعَى في اليوم الأوَّل، فإن أولم ثلاثةً؛ لم تجب في الثَّاني بلا خلاف، كما في «المُحرَّر»، «والشَّرح»، «والرَّوضة»، مع أنَّ فيه وجهًا في «التَّعجيز»، ويُكرَه في الثَّالث، وألَّا يحضر لخوف أو طمع في جاهه؛ بل يكون حضورُه لمجرَّد التَّقرُّب والتَّودُّد، وألَّا يكون ثَمَّ مَن يتأذَّى به، أو لا يليق به مجالستُه؛ كأراذل، وألَّا يكون هناك مُنكَرٌ، فإن كان يزول بحضوره؛ فليحضُر، وإن كان لا يزول بحضوره؛ فيحرُم الحضورُ على الأصحِّ، ومِن المُنكَر: إذا كان هناك داعيةٌ إلى بدعة ولا يقدِر المدعوُّ على ردِّه، وما إذا كان هناك من يُضحِك بالفحش والكذب، كما صرَّح به الغزاليُّ في «الإحياء»، وإنَّما تجب إذا خصَّه بالدَّعوة، وأن يدعوه مسلمٌ، وأن يكون طعام الدَّاعي مُباحًا، فإن دعتْه امرأةٌ؛ اشترط وجود مَحرمٍ إن كانت أجنبيَّة وكان المدعوُّ رجلًا إلى دارها، ويكون المدعوُّ غير قاض، ومِن مسقطات الإجابة أيضًا الأعذار المُرخِّصة عن الجماعة، وليس مِن المُسقِطات ألَّا يكون الدَّاعي عدوًّا للمدعوِّ، ولا أن يكون في الدَّعوة مَن هو عدوٌّ له، كما صرَّح به الماورديُّ [1]، أمَّا لو اعتذر المدعوُّ إلى صاحب الدَّعوة، فرضي بتخلُّفه؛ سقط الوجوب، ولو غلب على ظنِّ المدعوِّ أن الدَّاعي لا يتألَّم بانقطاعه؛ ففيه تردُّدٌ، حكاه في «الذخائر»، وظاهر الحديث يقتضي المنع، ولو قال الدَّاعي: إن رأيت أن تُجمِّلني؛ لزمت الإجابة، قاله في «البحر»، والشبع والزِّحام ليسا بعذرٍ، والله أعلم.
قوله: (وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ): كأنَّه لم يصحَّ عنده حديث أنس الذي ذكرته أنا في (باب الوليمة حقٌّ)، وذكرت أنَّه ضعيف، ولا الأحاديث التي جاءت مثله، والله أعلم.
==========
[1] في الأصل: (الماودي)، وهو تحريفٌ.

(1/9403)


[حديث: إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها]
5173# قوله: (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ): (دُعِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أحدكُم): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.
==========
[ج 2 ص 420]

(1/9404)


[حديث: فكوا العاني وأجيبوا الداعي وعودوا المريض]
5174# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (سُفْيَان) بعده: يحتمل أن يكون ابن عيينة، وأن يكون الثَّوريَّ، فإنَّه روى عنهما، وكذا هما رويا عن منصور، ولكنَّ أثبت النَّاس في منصور الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ [1]): هو ابن المُعتمِر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس الأشعريُّ، تقدَّموا كلُّهم مرارًا.
قوله: (فُكُّوا الْعَانِيَ): هو بالعين المُهْمَلة، وبعد الألف نونٌ، منقوصٌ؛ كـ (القاضي)، وهو الأسير؛ وأصله: الخضوع، ومنه: {وَعَنَتِ الوُجُوهُ} [طه: 111].

(1/9405)


[حديث: أمرنا النبي بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة ... ]
5175# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الهمزة، وبالحاء، والصاد المُهْمَلتين، قال الدِّمْيَاطيُّ: (سلَّام بن سُلَيم الحنفيُّ، مات سنة تسعٍ وسبعين ومئة، وفيها مات مالك بن أنس، وحمَّاد بن زيد، وخالد بن عبد الله الطَّحَّانُ)، انتهى، و (سلَّام): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد اللَّام، و (سُلَيم): بِضَمِّ السِّين وفتح اللَّام، و (الأَشْعَث): هو بالمُثلَّثة، وهو ابن أبي الشَّعثاء، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَتَسْمِيتِ العَاطِسِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمُعْجَمة والمُهْمَلة، وأنَّه الدُّعاء له؛ بقولك: يرحمك الله.
قوله: (وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ): تَقَدَّمَ أنَّه إظهارُه وإذاعتُه.
قوله: (وَعَنِ الْمَيَاثِرِ): قال ابن قُرقُول: («المياثر»: جمع «مِيْثرَة»؛ بكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي غير مهموز، قال الحربيُّ عن ابن الأعرابيِّ: هي كالمرفقة تُتَّخَذ كصُفَّة السَّرج، قال الحربيُّ: إنَّما نُهِي عنها؛ لأنَّها كانت حمراء، وقيل: هي سروج تُتَّخذُ مِن الدِّيباج، وذكر البُخاريُّ أنَّها كمثل القطائف يصفُّونها على الرِّحال، وذكر عن بُريدة أنَّها جلود السِّباع، وهذا عندي وَهَمٌ، إنَّما يجب أن يرجع هذا على تفسير النُّمور، وقال غيره: أغشية السُّروج مِن الحرير، وقال النَّضر: هي مرفقة محشوَّة ريشًا، أو قطنًا، تُجعَل في وسط الرَّحل، والمِيثَرة أيضًا: الحشية، وهي الفراش المحشوُّ، ياؤها منقلبة عن واو، وأصلها: الوثارة؛ وهي اللِّين والوِطاء، وقد قيل في جمعها: مواثر؛ على الأصل)، انتهى، وكذا في «الصِّحاح»: (والجمع: مواثر، ومياثر)، وفي «النِّهاية»: (نُهِي عن ميثرة الأرجوان، «الميثرة» _بالكسر_: «مفعلة»، من الوثارة، يقال: وثر وثارة فهو وثير؛ أي: وطيْءٌ ليِّنٌ؛ وأصلها: مِوْثرة، فقلبت الواوُ ياءً؛ لكسرةِ الميم، وهي من مراكب العجم تُعمَل من حرير أو ديباج، و «الأُرجوان»: صبغٌ أحمر، تُتَّخَذُ كالفراش الصَّغير، وتُحشَى بقطن أو صوف، يجعلها الرَّاكب تحته على الرحال فوق الجمال، ويدخل فيه مياثر السُّروج؛ لأنَّ النَّهْي يشمل كلَّ ميثرةٍ حمراءَ، سواء كانت على رحلٍ أو سرجٍ)، انتهى.

(1/9406)


قوله: (وَالْقَسِّيَّةِ): هي بفتح القاف، وتشديد السِّين المُهْمَلة، ثُمَّ ياء مُثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (و «الثِّياب القسِّيَّة»: فسَّرها في كتاب «البُخاريِّ»: «بأنَّها ثياب يُؤتَى بها مِن الشام أو من مصر، مُضلَّعة فيها حريرٌ، أمثال الأترجِّ»، قال صاحب «العين»: «القسُّ»: موضع تُنسَب إليه الثِّياب القسِّيَّة، قال ابن بكير وابن وهب: هي ثياب مُضلَّعة بالحرير، تُعمَل بالقَسِّ مِن بلاد مصر ممَّا يلي الفَرَما، وكلُّ هذا بفتح القاف، وتشديد السِّين، قال أبو عبيد: أصحاب الحديث يقولونه بكسر القاف، وأهل مصر بالفتح)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (هي ثيابٌ مِن كتَّان مخلوطٍ بحريرٍ يُؤتَى بها مِن مصر، نُسِبتْ إلى قريةٍ على ساحل البحر قريبًا من تِنِّيس، يقال لها: القَسُّ؛ بفتح القاف، وبعض أهل الحديث يكسرها، وقيل: أصل القَسِّيِّ: القزِّيُّ؛ بالزَّاي، منسوبٌ إلى القزِّ، وهو ضربٌ من الإبريسم، فأُبدِل مِن الزاي سينًا، وقيل: هو منسوب إلى القزِّ، وهو الصَّقيع؛ لبياضه)، انتهى، فقوله: (قريبًا من تِنِّيس)، وقول ابن قُرقُول فيما تَقَدَّمَ: (ممَّا يلي الفَرَما): كلُّه صحيحٌ؛ لأنَّ تونة وتنِّيس والفرما والقسَّ كلُّها قريباتٌ مِن بعضها البعض، وتونة وتنِّيس أكلهما البحرُ المَلِح، والفَرَما: خرابٌ، قريبة من الطِّينة، والقَسُّ: قريبة مِن الفَرَما، وأهلها يزرعون فيها البطِّيخ الأخضر، ويجيئُون إلى المطايب يبيعونه على السَّفارة.
قوله: (وَالإِسْتَبْرَقِ): هو غليظ الدِّيباج، فارسيٌّ معرَّب؛ أصله: إستبره، وقد ذكره الجوهريُّ في (التاء مع القاف) على أنَّ الهمزة، والسِّين، والتَّاء زوائد، وأعاد ذكره في (السِّين مع الرَّاء)، وذكره الأزهريُّ في (خماسي القاف) على أنَّ همزتها وحدَها زائدةٌ، وقال: أصلها بالفارسيَّة: (استفره)، وقال أيضًا: إنَّها وأمثالها مِن الألفاظ حروفٌ عربيَّةٌ وقع فيها وفاقٌ بين العجميَّة والعربيَّة، وقال: هذا عندي هو الصَّواب؛ وتصغيره: أُبَيْرق، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهدُ به.
قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/9407)


قوله: (تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَشْعَثَ: فِي إِفْشَاءِ السَّلَامِ): الضمير في (تابعه): يعود على أبي الأحوص سلَّام بن سُلَيم، و (أبو عوانة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله، و (الشيبانيُّ)؛ بالشين المُعْجَمة: سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، تَقَدَّمَ مِرارًا، والله أعلم، ومتابعة أبي عوانة عن أشعث أخرجها البُخاريُّ في (الأشربة) عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن أشعث به، وأخرجها مسلم في (الأطعمة) عن أبي الربيع الزَّهرانيِّ، عن أبي عوانة، عن أشعث به، وأمَّا متابعة الشيبانيِّ _وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان_ أخرجها البُخاريُّ في (الاستئذان) عن قتيبة، عن جرير، عن أبي إسحاق الشيبانيِّ، عن أشعث به، وأخرجها مسلم في (الأطعمة) عن عثمان ابن أبي شيبة، عن جرير، عن الشيبانيِّ به، وعن أبي كريب، عن ابن إدريس، عن الشيبانيِّ وليث ابن أبي سليم؛ كلاهما عن أشعث.
[ج 2 ص 420]

(1/9408)


[حديث: دعا أبو أسيد رسول الله في عرسه وكانت امرأته يومئذ ... ]
5176# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا بالحاء المُهْمَلة، وأبو حازم والده: سلمة بن دينار، تقدَّما.
قوله: (دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وفتح السِّين، وقد قيل فيه: بفتح الهمزة، وكسر السِّين، والصواب الأوَّل، وقد تَقَدَّمَ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مالك بن ربيعة، وهو آخر مَن مات مِن البدريِّين، سنة ستِّين، وله عقب بالمدينة وبغداد)، انتهى، وكذا قال ابن عَبْدِ البَرِّ: (تُوُفِّيَ سنة ستِّين، فيما قاله المدائنيُّ، وقال الواقديُّ وخليفة: مات سنة ثلاثين، وهذا تبايُنٌ كبيرٌ، وقيل: مات سنة أربعين، وأمَّا آخر مَن مات مِن البدريِّين؛ فقد ذكرتُه مع الاختلاف فيه في آخر غزوة بدر قبل ذكرهم جريدةً، والله أعلم.
قوله: (وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ): امرأة أبي أُسَيد، وستأتي بكنيتها: (أمُّ أُسَيد)، وهي معدودة في الصَّحابيَّات، ويقال لها: أمُّ المنذر أيضًا، قاله شيخنا، وقال أيضًا: (اسمها سلامة بنت وهب بن سلامة بن أُمَيَّة، ذكرها أهل النَّسب، ولم يذكرها أحدٌ في جملة الصَّحابة، وقد صحَّ أنَّ ابنَها المنذرَ حنَّكه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا جِيء به إليه، فدلَّ أنَّ لها صحبةً لا جرمَ، ذكرها الذَّهَبيُّ فيهم، ولم يذكرِ اسمَها، فقال: أمُّ أُسَيد الأنصاريَّة امرأةُ أبي أُسَيد، ذكر عرسَها سهلُ بن سعد، أخرجه البُخاريُّ)، انتهى، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد ذكر هذا الكلام: (وفي «طبقات ابن سعد»: كان لأبي أُسَيد منِ الولد: أُسَيدٌ الأكبرُ والمنذرُ، أمُّهما سلامة بنت وهب بن سلامة بن أُمَيَّة، وأُسَيد الأصغر، أمُّه أمُّ ولد)، انتهى.

(1/9409)


[باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله]

(1/9410)


[حديث: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء]
5177# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [1] أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعَامِ ... )؛ الحديث، كذا أخرجه البُخاريُّ موقوفًا على أبي هريرة، وكذا هو في كلِّ طرق مسلم غير طريقٍ واحدةٍ، فإنَّه مَرْفوعٌ فيها، وهي آخر طرقه في هذا الحديث مِن طريق ثابت الأعرج عن أبي هريرة، إلَّا أنَّ قوله: (فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ) يقتضي رفعه، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في الرَّفع والوقف، أو الوصل والإرسال، وأنَّ في كلٍّ منهما أربعةَ أقوال، والصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن وصل أو رفع، والله أعلم، وهذا الحديث فيه الإخبار بما يقع بين النَّاس بعده عليه السَّلام من مراعاة الأغنياء في الولائم، ونحوها، وتخصيصهم بالدَّعوة، وإيثارهم بطيِّب الطَّعام، ورفع مجالسهم، وتقديمهم، وغير ذلك، كما هو الغالب في الولائم، والله أعلم.
قوله: (وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ): (يُترَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الفقراءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ): هي بفتح الدَّال، وهو الطعام المدعوُّ إليه، ودِعوة النَّسب مكسورة الدَّال، كذا لكافَّة العرب إلَّا عديَّ الرِّباب _بكسر الرَّاء_ فإنَّهم يعكسون الأمر، فيكسرون دعوة الطَّعام، ويفتحون في النَّسب، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).
[ج 2 ص 421]

(1/9411)


[باب من أجاب إلى كراع]
قوله: (إِلَى كُرَاعٍ): (الكُراع): بِضَمِّ الكاف، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره عينٌ مهملةٌ، وهو كراع الشاة، وهو ما فوق الظِّلف للأنعام وتحت الساق، وقد تَقَدَّمَ بما فيه مِن غلط بعضِهم.

(1/9412)


[حديث: لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت]
5178# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدان لقبٌ، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة والزَّاي، وأنَّه اسمه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو حَازِم): بالحاء المُهْمَلة سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة.
قوله: (إِلَى كُرَاعٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وضبطه.
قوله: (وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ): (أُهدِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 421]

(1/9413)


[باب إجابة الداعي في العرس وغيرها]
قوله: (إِلَى [1] الْعُرْسِ [2] وَغَيْرِهَا): (العرس): طعام الوليمة، يُذكَّر ويُؤنَّث، قاله الجوهريُّ، وأتى به البُخاريُّ هنا على إحدى اللُّغتَين، والله أعلم.

(1/9414)


[حديث: أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها]
5179# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (البغداديُّ، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة)، انتهى، عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم البغداديُّ عن حجَّاج بن مُحَمَّد، وعنه: البُخاريُّ في (النِّكاح)، وسُئِل عنه فقال: مُتقِن، وروى البُخاريُّ حديثًا آخر عن عليِّ بن إبراهيم عن روح، فقيل: هو هذا، وقال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في «كتاب النِّكاح» في «إجابة الدَّاعي إلى العرس وغيرها»: حدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم: حدَّثنا الحَجَّاج بن مُحَمَّد، فذكر هذا المكان، قلت: جعل أبو نصر الكلاباذيُّ عليَّ بن عبد الله (عن عليِّ بن إبراهيم) الذي قبل هذا _يعني: الذي ذكرتُه في «فضائل القرآن» في «باب نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن» _ وقال أبو عبد الله الحاكم: عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم شيخ له مجهول، وربَّما قال فيه: عليُّ بن إبراهيم، فأشار إلى أنَّه رجل واحد، ولم يقل فيه أبو مسعود شيئًا)، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج)، انتهى، وهذا معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرة.
قوله: (إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا): (دُعِيتُم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 421]

(1/9415)


[باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس]

(1/9416)


[حديث أنس: اللهم أنتم من أحب الناس إلي]
5180# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ.
قوله: (فَقَامَ مُمْتِنًا): قال ابن قُرقُول: («مُمْتِنًا»: كذا في «النِّكاح» من «البُخاريِّ» عن مُتقِني شيوخنا؛ ومعناه: طويلًا، وضبطه أبو ذرٍّ: «مُمْتَنًّا»، ورواه ابن السَّكن: «يمشي» بدلًا مِن «ممتنًا»، قال القاضي أبو الفضل: وهو تصحيف، وذكره في «الفضائل»: «ممثِلًا»؛ بكسر الثَّاء؛ أي: منتصبًا قائمًا، وضبطناه في «مسلم»: «مُمْثَلًا»؛ بفتح الثاء، قال أبو القاسم: قال الوقَّشيُّ: صوابه: «مُمْثلًا»؛ أي: قائمًا، وعند الخَطَّابيِّ [1]: «مقبلًا»، وقد جاء في الرِّواية الأخرى: «فَمَثُلَ»، وهذا يُفسِّر كلَّ خلاف)، وقد تَقَدَّمَ في (فضائل الأنصار) من (المناقب)، ولكن طال العهد به.

(1/9417)


[باب: هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة؟]
قوله: (فِي الدَّعْوَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على الدَّعوة أعلاه.
[ج 2 ص 421]
قوله: (وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ صُورَةً فِي الْبَيْتِ فَرَجَعَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة على هامش أصلنا: أبو مسعود، قال ابن قُرقُول في (الهمزة) ما لفظه: (وفي «النِّكاح»: «إذا رأى مُنكَرًا في الدَّعوة»، و «رأى ابن مسعود صورة فرجع»، كذا للأصيليِّ والقابسيِّ وعبدوس، وعند الباقين: «أبو مسعود»)، انتهى، و (ابْنُ مَسْعُودٍ): هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ، من المهاجرين الأولين، مشهور، و (أبو مسعود): عقبة بن عمرٍو الأنصاريُّ البدريُّ تَقَدَّمَ رضي الله عنه [1].
قوله: (أَبَا أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا رضي الله عنه، بدريٌّ جليلٌ.
قوله: (لَا أَطْعَمُ): هو بفتح الهمزة والعين؛ أي: لا آكل.
==========
[1] زيد في (أ) مستدركًا: (تَقَدَّمَ)، وهو تكرارٌ.

(1/9418)


[حديث: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة]
5181# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.
قوله: (نمْرقَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها: الوِسادة، وقيل غير ذلك.
قوله: (الْكَرَاهِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال مِن حيث اللُّغةُ: (كراهي).
قوله: (لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ): سيأتي الكلام عليه، وقد تَقَدَّمَ أيضًا.
==========
[ج 2 ص 422]

(1/9419)


[باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس]

(1/9420)


[حديث: لما عرَّس أبو أسيد الساعدي دعا النبي وأصحابه ... ]
5182# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ): (عرَّس): بتشديد الرَّاء، كذا في أصلنا، والمعروف (أعرس)، قاله غير واحد، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ بـ «البُخاريِّ»: (الفصيح: أعرس)، انتهى، وقال ابن القطَّاع في «أفعاله»: (و «أعرس»: بنى بأهله، أو عمل عرسًا، ولا تقل: عرَّس)، انتهى، وقال الجوهريُّ: (وأعرس بأهله؛ إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها، ولا تقل: عرَّس، والعامَّة تقوله)، وقال ابن قُرقُول في قوله: («أعرستم اللَّيلة»: كذا هو الصَّواب، وضبطه الأصيليُّ بشدِّ الرَّاء، وهو غلط، إنَّما ذلك في النزول)، وقال النَّوَويُّ في «تهذيبه» بعد أن نقل بعض كلام الجوهريِّ: (ونقل غيره: «عرَّس»)، ثُمَّ ذكر هذا المكان من «البُخاريِّ» مستشهدًا به على (عرَّس) وجوازه، والله أعلم.
قوله: (أَبُو أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّ الصَّواب: ضمُّ الهمزة، وفتح السِّين، مالك بن ربيعة.
قوله: (إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وعلى اسمها ونسبها؛ فانظره.
قوله: (فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ ما هو.
قوله: (أَمَاثَتْهُ لَهُ): قال ابن قُرقُول: (قال بعضهم: الصَّواب: ماثته؛ أي: حلته، ومرسته؛ يريد: التَّمر في الماء، وأنكر الهمزة، ولم يذكر صاحب «الأفعال» إلَّا الثُّلاثيَّ، وحكى ثابت عن أبي حاتم: من قال: أماث؛ فقد أخطأ، وحكى الهرويُّ: مثْتُ، وأمَثْتُ، وقال ابن دريد: مَثْتُ أميث، ومَثْتُ أموث مَيْثًا، ومَوْثًا، وقال يعقوب: ومَوْثانًا، ولم يذكروا «أماث»)، انتهى، وفي «النهاية»: (أماثته)، هكذا رُوي، والمعروف (ماثته)، يقال: مثتُ الشيءَ أميثه، وأموثه، وانماث؛ إذا ذفَّته في الماء)، انتهى، وليس في «الصِّحاح»: أماث، ولا في «القاموس»، ولم يذكر ابن القطَّاع في «أفعاله» إلَّا الثُّلاثيَّ لهما.
==========
[ج 2 ص 422]

(1/9421)


[باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس]

(1/9422)


[حديث: أن أبا أسيد دعا النبي لعرسه ... ]
5183# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد الياء، منسوب إلى القارة؛ القبيلةُ المعروفة، لا إلى القراءة، و (أَبُو حَاِزم): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار مرارًا، و (أَبُو أُسَيْد): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ الصَّواب فيه: ضمُّ الهمزة، وفتح السِّين، وأنَّه مالك بين ربيعة، وقد تَقَدَّمَ الكلام في تاريخ وفاته قريبًا.
قوله: (فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، واسمها ونسبها، وأنَّه سلامة بنت وهب، صحابيَّة.
قوله: (مَا أَنْقَعَتْ): هو بتاء التأنيث الساكنة، وكذا الثانية: (أَنْقَعَتْ).
قوله: (فِي تَوْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه وبعيدًا، وتَقَدَّمَ ما هو.
==========
[ج 2 ص 422]

(1/9423)


[باب المداراة مع النساء ... ]
قوله: (بَابُ الْمُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ): هي في أصلنا غير مهموزة، وهي تُهمَز ولا تُهمَز، وهي المداجاة والملاينة، قاله الجوهريُّ.
قوله: (كَالضِّلَعِ): هو بكسر الضَّاد، وفتح اللَّام وتُسكَّن، وهي مؤنَّثة معروفة.
==========
[ج 2 ص 422]

(1/9424)


[حديث: المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها]
5184# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّه بالنُّون، وأنَّ (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَفِيهَا عِوَجٌ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (قال أهل اللُّغة: بالفتح في كلِّ شخص مرئيٍّ، وبالكسر فيما ليس بمرئيٍّ، إلَّا أبا عمرو الشَّيبانيَّ، فإنَّه قال: الكسر فيهما جميعًا، ومصدرهما بالفتح معًا، حكاه ثعلب عنه، وقال الجوهريُّ: العَوَج _بالتحريك_ مصدرُ قولك: عَوِجَ؛ بالكسر، فهو أعْوَجُ، والاسم: «العِوَج»؛ بكسر العين، قال ابن السِّكِّيت: كلُّ ما كان ينتصب؛ كالحائط والعود قيل فيه: عَوَج؛ بالفتح، والعِوَج؛ بالكسر:
[ج 2 ص 422]
ما كان في أرض، أو دِين، أو معاش، يقال: في دِينه عِوَج)، انتهى، والجملة الأولى التي قالها الدِّمْيَاطيُّ هي لفظ «المطالع»، وفي «القاموس» (عَوِج؛ كـ «فرح»، والاسم كـ «عِنَبٍ»، أو يقال في كلِّ منتصب؛ كالحائط والعصا: فيه عَوَج؛ مُحرَّكة، وفي نحو الأرض والدِّين؛ كـ «عِنَب»)، انتهى، وفي «النهاية»: (وهو بفتح العين، مختصٌّ بكلِّ شخص مرئيٍّ؛ كالأجسام، وبالكسر بما ليس بمرئيٍّ؛ كالرَّأي، وقيل: الكسر يقال فيهما معًا، والأوَّل أشهر، وقد اقتصر الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «رياضه» على فتح العين والواو، وفي «تهذيبه» ذكر هذا الحديث، ثُمَّ قال: واختُلِف في ضبط «عوج»، فضبطه كثيرون بفتح العين، وضبطه الحافظ أبو القاسم وآخرون من المُحقِّقين بالكسر، وهو الصَّواب الجاري على ما ذكره أهل اللُّغة كما ذكرنا)، انتهى.

(1/9425)


[باب الوصاة بالنساء]
قوله: (بَابُ الْوَصَاةِ بِالنِّسَاء): (الوصاة): تَقَدَّمَ أنَّها غير ممدودة، تقول: أوصيته، ووصَّيته أيضًا إيصاء وتوصية بمعنًى، والاسم: الوَصَاة.
==========
[ج 2 ص 423]

(1/9426)


[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره]
5185# 5186# قوله: (عَنْ زَائِدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ زائدة هذا هو ابن قدامة، أبو الصَّلت، الثقفيُّ الكوفيُّ، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مَيْسَرَة) هذا: هو الأشجعيُّ، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة.
قوله: (مِنْ ضِلَعٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الضاد وفتح اللَّام، وتُسكَّن، وتَقَدَّمَ أنَّ حوَّاء أمَّنا عليها السَّلام خُلِقت مِن ضِلَعِ آدمَ القصيرى اليسرى، نام آدم نومة، فاستلَّ المَلَك ضِلَعَه، فخُلِقت منه حوَّاء عليهما السّضلام.
قوله: (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ المراد به: اللِّسان، وقد ضربه مثلًا لأعلى المرأة؛ لأنَّ فيه اللِّسانَ، وهو الذي يُتَّقى منها، وقيل: في قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90]: إنَّه كان في لسانها طولٌ، فأُذهِب عنها ذلك، ولبعضهم:
~ هِيَ الضِّلَعُ العَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُهَا…أَلَا أَنَّ تَقْويِمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا
~أَتَجْمَعُ ضَعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الفَتَى…أَلَيسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا واقْتِدَارُهَا؟!
وقوله: (أعلاه): ولم يقل: (أعلاها)، ولا: (تقيمها)، ولا: (كسرتها)، وكذا (لم يزل أعوج)، ولم يقل: (عوجاء)، و (الضِّلع): مؤنَّثة، كما تَقَدَّمَ، إلَّا أنَّ تأنيثها ليس بحقيقيٍّ، وكسرها: طلاقها.

(1/9427)


[حديث: كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد النبي]
5187# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.
قوله: (أَنْ يُنْزَلَ فِينَا شَيْءٌ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (شيءٌ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
==========
[ج 2 ص 423]

(1/9428)


[باب: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}]

(1/9429)


[حديث: كلكم راع وكلكم مسئول فالإمام راع]
5188# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر.

(1/9430)


[باب: حسن المعاشرة مع الأهل]
(بَابُ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ) ... إلى (كِتَاب الطَّلَاق)
سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (نبَّه بهذه الترجمة على أنَّ إيراد هذه الحكاية من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليس خاليًا عن فائدة شرعيَّة؛ بل مُشتمِلًا عليها، وتلك الفائدة: الإحسان [1] في معاشرة الأهل، كما ندب الله سبحانه إليه، وفي بعض طرقه قال لها: «كنت لك كأبي زرع لأمِّ زرع، غير أنِّي لا أطلِّقك»، انتهى، فقوله: (إيراد هذه الحكاية ... ) إلى آخره: فيه نظر؛ لأنَّ الحاكيَ في «البُخاريِّ» و «مسلم»: إنَّما هي عائشة رضي الله عنها، ولكنَّه عليه السَّلام أقرَّها، وأمَّا في «النَّسَائيِّ»؛ فالكلُّ مَرْفوعٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعليه يتوجَّه كلام ابن المُنَيِّر، والله أعلم.
تنبيهٌ: وقع في هذا الحديث ألفاظٌ ليست في «صحيح البُخاريِّ»، ذكرت بعضها، ولم أستوعبْها.
وقول ابن المُنَيِّر: (وفي بعض طرقه ... ) إلى آخره: فاعلم أنَّه روى حديث أمِّ زرع بهذه الزِّيادة _أعني: «غير أنِّي لا أطلِّقك» _ الزُّبَيرُ بن بكَّار والخطيب البغداديُّ، كما عزاه شيخنا العراقيُّ إليهما، وفي «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» من حديث عائشة حديثُ أمِّ زرع، وفي آخره: «إلَّا أنَّ أبا زرع طلَّق، وأنا لا أطلِّق»، انتهى، وعزاها بعضهم إلى التِّرْمِذيِّ؛ يعني: في «الشَّمائل»، ولم أرها فيه، والحديث ليس في «جامعه».
فائدةٌ: جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» في «معجم النساء» أنَّها قالت بعد قوله عليه السَّلام: «غير أنِّي لا أطلِّقك»: (أنتَ خيرٌ لي مِن أبي زرع لأمِّ زرع)، وهو جوابُ مثلِها في علمها وفضلها، فإنَّه عليه السَّلام لمَّا أخبرها أنَّه لها كهو؛ لفرط محبَّة أمِّ زرع له، وإحسانه إليها؛ أخبرته هي أنَّه عندها أفضل وأحبُّ، والله أعلم، وفي لفظ آخر لم يكن في «المعجم»: (بأبي أنت وأمِّي، بل أنت خيرٌ لي مِن أبي زرع)، وفي لفظ: «كنتُ لكِ كأبي زرع لأمِّ زرع، في الألفة والوفاء، لا في الفرقة والخِلاء».

(1/9431)


قال المِزِّيُّ: (أخرجه النَّسَائيُّ بطوله في «عشرة النِّساء» عن عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن سلَّام، عن أبي عصمة ريحان بن سعيد بن المثنَّى، عن عبَّاد بن منصور، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا كلُّه، تابعه عقبة بن خالد عن هشام بن عروة، والمحفوظ حديث هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة)، انتهى، يعني: موقوفًا، والمرفوع منه ما ذكرتُه، والله أعلم.
ثُمَّ اعلم أنَّ هذا حديث عظيم، وهو في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وليس هو في «مسند أحمد»، وهذا شيء غريب، واعلم أنَّ المرفوع منه _كما تَقَدَّمَ قريبًا في «البُخاريِّ» و «مسلم» _ قولُه عليه السَّلام: «كنتُ لكِ كأبي زرع لأمِّ زرعٍ»، ولكنَّه في النَّسَائيِّ مَرْفوعٌ كلُّه، كما قدَّمته، وقد أفرده بالتأليف القاضي العلَّامة أبو الفضل عياض اليحصَبيُّ في مجلَّدة كانت عندي، ثُمَّ خرجت عن ملكي، وذهبت في فتنة تَمُرلنك، سمَّاه «بغية الرَّائد فيما في حديث أمِّ زرع مِن الفوائد»، ذكر فيه غرائبَ وأشياءَ حسنةً، رحمه الله ما أكثر فوائدَه وتحقيقَه! فمَن أراد زيادة على ما أذكره هنا؛ فلينظر هذا المُؤلَّف، فإنَّه بديعٌ في بابه، وقد ذكر عليه شيخنا الشارح كلامًا كثيرًا أيضًا.

(1/9432)


[حديث: كنت لك كأبي زرع لأم زرع]
5189# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ): (عبد الله) هذا: هو أخو هشام بن عروة الرَّاوي عنه.
قوله: (جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً): قال النَّوَويُّ في «مبهماته» وفي «شرح مسلم» له: (قال الخطيب البغداديُّ في «المبهمات»: لا أعلم أحدًا سمَّى النِّسوة المذكوراتِ في حديث أمِّ زرع؛ أي: ليس الطَّريق الذي أذكره، وهو غريب جدًّا، فذكره، وفيه: أنَّ الثَّانية اسمها عمرة، والثالثة: حُبَّى بنت كعب، والرَّابعة: مَهْدَدُ بنت أبي هَزُومة)، انتهى، وقد رأيتُه في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ، كما رأيتُه في نسخة صحيحة مسموعة على الحافظ أبي الحَجَّاج يوسف بن خليل الدِّمَشْقيِّ تسمية الثَّانية كما ذكر، والثالثة كذلك، وأمَّا الرابعة؛ فسمَّاها: هدد بنت أبي هرومة، قال النَّوَويُّ: (والخامسة: كبشة، والسَّادسة: هند، والسَّابعة: حُبَّى بنت علقمة، والثَّامنة: بنت أوس بن عبد، وفي «معجم الطَّبَرانيِّ» المذكور: أسماء بنت عبد، قال النَّوَويُّ في العاشرة: كبشة بنت الأرقم، وفي «المعجم» المشار إليه: كُبَيْشة؛ بالتَّصغير، والحادية عشرة: أمُّ زرع بنت أُكَيهِل، وفي «المعجم» المشار إليه: بنت أُكَيحِل؛ بالحاء المُهْمَلة، وكذا ذكره ابن بشكوال في «مبهماته»، كما ذكره النَّوَويُّ، وفي «الوشاح» لابن دريد: أنَّ أمَّ زرع اسمها عاتكة، ورأيت عن شرح بـ «مشارق الأنوار» لوجيه الدِّين الأرزجانيِّ الحنفيِّ: الأولى: مهدد بنت أبي هزومة، والثانية: عمرة بنت عمرٍو، أو رملة بنت شُمَيلة، والثالثة: كبشة بنت الأرقم، أو بنت كعب، والرابعة: مُجيبة بنت ساعدة، أو مهدد بنت أبي هرمة، والخامسة: حُبَّى بنت علقمة، والسادسة: عاتكة بنت دوس، والسابعة: هند بنت شبل، أو حُبَّى بنت علقمة، والثامنة: عمرة بنت عمرٍو، أو عجيبة بنت دوس، والتاسعة: كبشة بنت سموقة، والعاشرة: كبشة بنت الأرقم، أو حُبَّى بنت كعب، والحادية عشرة: أمُّ زرع بنت أُكَيحل بن ساعدة، وأمَّها جميلة، وفي الحاشية: وفي رواية ابن الضَّحَّاك: (هند)، وفي شرح الإمام أكمل الدين قولٌ محكيٌّ في السادسة: أنَّها هند، انتهى، وكذا ذكر الرَّافعيُّ في «التدوين تاريخ قزوين»، والله أعلم.

(1/9433)


فائدةٌ: جاء في رواية ذكرها القاضي عياض: (أنَّ هؤلاء النِّسوة من قرية من قرى اليمن)، انتهى، وذكر الإمام الرافعيُّ الشَّافِعيُّ عن الزُّبَير _وذكر سند الزُّبَير_ ما لفظه: (أنَّهن من قرية من قرى اليمن)، وهذا في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ في مسند عائشة، وفيه أيضًا: أنَّهن كنَّ في الجاهليَّة، وذكر شيخنا رواية: (أنَّهنَّ مِن قريش مِن مكَّة)، وهذا في «الدَّارقطنيِّ» في (أفراده)، قال شيخنا: (وذكر القاضي أنَّه رأى في بعض كتب الأدباء أنَّهنَّ أخواتٌ، قال: ويشبه أنَّه موضوع)، انتهى، ولا يُعرَف إسلامُهنَّ، والله أعلم.
[ج 2 ص 423]
قوله: (زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثّ): (جَمَل): بالجيم والميم المفتوحتَين، و (غَثٍّ): بفتح الغين المُعْجَمة، وتشديد الثاء المُثلَّثة؛ أي: مهزول، يقال: (غَثَّ يغِثُّ، ويغَثُّ، وأغثَّ يُغِثُّ)، ويجوز في (غثَّ): الكسرُ مع التَّنوين، والرَّفع معه، وهما روايتان.
قوله: (عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ): أي: صعبٌ الوصولُ إليه؛ فالمعنى: أنَّه قليل الخير مِن أوجه؛ منها: أنَّه كونه كلحم الجمل، لا كلحم الضَّأن، ومنها: أنَّه مع ذلك غثٌّ مهزول رديء، ومنها: أنَّه صعب المتناوَل، لا يُوصَل إليه إلَّا بمشقَّة شديدة، كذا فسَّره الجمهور.
قوله: (لَا سَهْل ... وَلَا سَمِين): يجوز في (سهل) و (سمين): الضَّمُّ مع التنوين، وهو ما في أصلنا، والكسرُ معه، وهو ما في أصلٍ آخرَ صحيحٍ، والفتحُ ولا تنوين، والثَّلاثة الأوجه مرويَّةٌ، قاله شيخنا، قال: (وأغربُها عندي الرَّفع في الكلمتين)، انتهى.
قوله: (فَيُنْتَقَلُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، قال ابن قُرقُول: (باللَّام، وعند بعض رواة مسلم والبُخاريِّ: «فينتقى»، والروايتان مشهورتان، فمعنى اللَّام: مِن النقل؛ رغبةً فيه، ومن الياء: يستخرج نِقْيُه؛ وهو شحمه، وأصله: المخُّ، أو يكون معناه: نرغب فيه ونختار، ويقال: انتقيت الشيء؛ إذا تخيَّرتَه)، انتهى، وفي «النِّهاية»: في (نقل): فينتقل؛ أي: ينقله النَّاس إلى بيوتهم فيأكلونه، وقال: في (نقا): أي: ليس له نِقْيٌ فيُستخرَج، والنِّقْيُ: المخُّ، يقال: نقيت العظم، ونقوته، وانتقيته، ويروى: فيتنقَّل، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9434)


قوله: (لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ): أي: لا أظهر، وأنشر، هو بالباء، ولم يذكر ابن قُرقُول غيره، قال شيخنا: (ورواه بعضهم بالنون، ومعناهما واحد، إلَّا أنَّ النون أكثر ما تستعمل في الشَّرِّ)، انتهى.
قوله: (أَنْ لَا أَذَرَهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (معناه: أخاف أن أصفه، ولا أقدر على تركه؛ لما بيننا من الصُّحبة والولد؛ والمعنى: أنِّي أخاف أن أذره؛ أي: أطلِّقه وأفارقه؛ لأنِّي إن ذكرتُه؛ دعتني مساوئُه إلى ذكر فواحشه، فتتحقَّق الفرقة، فالسكوت أجمل من بثِّ مساوئه، وتكون (لا) زائدةً)، انتهى، وقال النَّوَويُّ: (فيه تأويلان؛ أحدهما لابن السِّكِّيت وغيره: أنَّ الهاء عائدة إلى «خبره»؛ فالمعنى: أنَّ خبره طويل، إن شرعتُ في تفصيله؛ لا أقدر على إتمامه؛ لكثرته، والثاني: أنَّ الهاء عائدة على الزَّوج، وتكون (لا) زائدة؛ كما في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]؛ ومعناه: أبى أن يطلِّقني، فأذره.
قوله: (إِنْ أَذْكُرْهُ؛ أَذْكُرْ): (إن): هي الجازمة، و (أذكره): الشَّرط، و (أذكر): الجزاء، مجزومان، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: («العُجر والبُجر»: تَعَقُّدٌ تكون في البطن، كَنَتْ بها عن أموره المستورة القبيحة)، انتهى، قال ابن قُرقُول: و («العُجَرُ»: العُقَد المُجتمِعة في الجسد تحت الجلد، وقيل: في الظَّهر خاصَّة، و «البُجَرُ» مثلُها، وقيل: في البطن خاصَّة، وهي ههنا كناية عن العيوب المستورة)، انتهى، وقال بعضهم: أسراره.

(1/9435)


قوله: (الْعَشَنَّقُ): هو بفتح العين المُهْمَلة، وفتح الشين المُعْجَمة، ثُمَّ نون مفتوحة مُشدَّدة، ثُمَّ قاف، وقال بعضهم: ويروى بالطاء بدل القاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: («العشنَّق»: الطويل، وقيل: السَّيِّئ الخُلُق، فإن أرادتِ الخُلُق؛ فقد فسَّرتْه بأنَّه إن نطقت؛ طلَّقها، وإن سكتت؛ علَّقها، وإن أرادت الطول؛ فلأنَّ الطول يتبعه السَّفَه، وقد عُلِّل ببعد الدِّماغ من القلب، وفي لام التعريف إشارةٌ بأنَّه العشنَّق؛ أي: المعروف بهذا الخلق)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (العشنَّق: هو الطويل، قاله أبو عبيد؛ يريد: أنَّه ليس فيه خصلةٌ غير طوله، وغلَّطه ابن حبيب وقال: هو المقدام الشرس؛ بدليل بقيَّة وصفها له، وقال النَّيسابوريُّ قولًا يجمع التفسيرَين: هو الطويل النحيف، وقيل: هو الطويل العنق، كذا في «العين»، وحكى ابن الأنباريِّ عن ابن أبي أويس: أنَّه الطويل، وقد يكون القصير، كأنَّه مِن الأضداد، وهذا لا يُعرَف في اللُّغة، وإنَّما الذي قاله ابن أبي أويس: أنَّه الصقر المقدام الجريء، قال: ويقال: الطويل، فتصحَّف «الصَّقر» بـ «القصير»، والله أعلم)، انتهى.
قوله: (إِنْ أَنْطِقْ؛ أُطَلَّقْ): (إن) وشرطها وجزاؤها، و (أُطلَّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُعَلَّقْ).
قوله: (كَلَيْلِ تِهَامَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر المُثَنَّاة فوق، وهو كلُّ ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، سُمِّيت بذلك؛ لتغيُّر هوائها، يقال: تَهِمَ الدُّهْنُ؛ إذا تغيَّر ريحُه، ومكَّة من تهامة معدودة، وسيأتي معنى هذا الكلام.
قوله: (لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ): (الحَرُّ): بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد الراء، و (القُرُّ): بِضَمِّ القاف، وتشديد الراء؛ بمعنى: البرد؛ أي: معتدل، قيل: معناه: لا ذو حرِّ، ولا ذو قُرٍّ، فحُذِف؛ استخفافًا، وكونه بِضَمِّ القاف كذا ضبطه ابن قُرقُول، وكذا هو في أصلنا، وكذا هو؛ لأنَّ (القُرَّ): هو البرد، وفي «النِّهاية»: («القُرُّ»: البرد؛ أرادت أنَّه لا ذو حرٍّ ولا ذو برد، فهو مُعتدِل، يقال: قرَّ يومُنا يقَرُّ قِرَّة، ويوم قَرٌّ _ بالفتح_؛ أي: بارد، وليلة قَرَّة، وأرادت بالحرِّ والبرد: الكناية عن الأذى، فالحرُّ عن قليله، والبرد عن كثيره)، انتهى، وقال بعضهم: بِضَمِّ القاف، وقال صاحب «تثقيف اللِّسان»: (يقال: اليوم قَرٌّ؛ بفتح القاف، وضمُّها خطأ، إنَّما «القُرُّ»: البرد بعينه)، انتهى.

(1/9436)


قوله: (وَلَا سَآمَةَ): (السَّآمة): الملالة، وقال بعضهم: ورُوي: (ولا وخامة)؛ أي: لا ثقل، يقال: سئمتُ من الشَّيء أسأم سأمًا، وسأمة، وسآمًا، وسآمة؛ إذا مَلِلْتَه، ورجلٌ سَؤُومٌ، قاله الجوهريُّ، وفي رواية بعد (سآمة): (ولا وَخامة)؛ بفتح الواو، وبالخاء المُعْجَمة، وهي الثِّقل، وأصله: الوباء، وفي رواية: (ولا يُخاف خلفَه ولا أمامَه)، وفي رواية: (والغيث غيث غمامة)؛ يعني: أنَّ جوده ينهلُّ، ويحيا به الأنام؛ كغيث الغمام.
قوله: (فَهِدَ): هو بفتح الفاء، وكسر الهاء _قال شيخنا: (وقد تُسكَّن) _ وبالدَّال المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: (أي: هو كالفهد في تغافُلِه، وكثرة نومه، والفَهد: دُويبَّة كثيرة النَّوم، والغفلة بطبعه، وصَفَتْهُ بالإغضاء والسُّكون، قال الشيخ محيي الدين: (والصَّحيح المشهور التَّفسير الأوَّل)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وقيل: بل معناه: وثب عليَّ وثْب الفهد، وهو سريع الوثب، وقيل: «الفهد»: دُويبَّة ليِّنة [1] المسِّ، كثيرة السُّكون والحركة، تصفه بلين الجانب)، انتهى.
قوله: (أَسِدَ): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، وبالدال المُهْمَلتين؛ أي: صار كالأسد في الشجاعة، يقال: أَسِد، واستأسد؛ إذا اجترأ.
قوله: (وَلَا يَسْأَلُ) هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (عَمَّا عَهِدَ) هو بكسر الهاء، ومعنى (ولا يسأل عمَّا عهد): لا يستقصي عمَّا عمله في البيت مِن قوت، وذلك لسخاوة نفسه وإغضائه.
[ج 2 ص 424]
قوله: (إِنْ أَكَلَ؛ لَفَّ) هو بفتح اللَّام، وتشديد الفاء؛ أي: جمع وضمَّ؛ أي: قمش وخلط من كلِّ شيء، قال بعضهم: ورُوِي: (رفَّ)، وكذا ذكر غيرُه أنَّها رواية، ومعناها: مشَّ وترشَّف، وعن أبي عبيد: ويقال: (إنَّ «الرَّفَّ»: الإكثارُ من الأكل)، انتهى، وفيه روايةٌ أخرى: (قفَّ)، وهو قريب من اللَّفِّ، وقد يكون من (القفَّاف)؛ وهو الذي يسرق الدراهم بين أصابعه، قال بعضهم: ورُوي: (اقتفَّ)، وهو بمعناه، وبه سُمِّيت القُفَّة؛ لجمعها ما جُعِلَ فيها.

(1/9437)


قوله: (اشْتَفَّ): هو بهمزة وصلٍ، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ مُثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ فاء؛ أي: استقصى ولم يُبْقِ شيئًا، و (الشُّفافة): بقيَّة الماء في قعر الإناء، و (اشتفَّ): شَرِبَ الشُّفافة، وقد ذكره ابن قُرقُول في (الشين المُعْجَمة)، وقال ما ذكرتُه، وذكره في (السين المُهْمَلة)، فقال: («اشتفَّ»: كذا عند مسلم، وللأصيليِّ: بالسين المُهْمَلة، وهو الإكثار مِن الشُّرب، قال أبو زيد: وسَفِفتُ الماءَ؛ إذا أكثرتَ مِن شربه ولم تَرْوَ، ورواه بعض رواة البُخاريِّ: «اشتفَّ»، وهو قريب من الأوَّل، وهو الاستقصاء في الشُّرب، مأخوذ مِن «الشُّفافة»؛ وهو بقيَّة الماء تبقى في الإناء، فإذا شربها صاحبها؛ فقد اشتفَّ)، انتهى، وفي «النهاية» بعد أن فسَّر (اشتفَّ) قال: (وذكر بعض المتأخِّرين أنَّه رُوِي بالسِّين المُهْمَلة، وفسَّره بالإكثار مِن الشرب، وحكى عن أبي زيد: أنَّه قال: سَفِفتُ الماءَ؛ إذا أكثرتَ من شربه ولم تَرْوَ)، انتهى، والظاهر أنَّه أراد ابنَ قُرقُول، والله أعلم.
قوله: (وَإِنِ اضْطَجَعَ؛ الْتَفَّ)؛ أي: إذا نام؛ تلفَّف في ثوب، ونام ناحيةً عنِّي.
قوله: (وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ)؛ أي: لا يُدخِله.
قوله: (لِيَعْلَمَ الْبَثَّ [2]) هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الثَّاء المثلَّثة، قال ابن قُرقُول: (و «البثُّ» الذي أرادت: داءٌ وعيب كانت تتستَّر به ويحزنها، وكان لا يتعرَّض للاطِّلاع عليه؛ كرمًا، هذا قول أبي عبيد، وقال ابن الأعرابيِّ: بل أرادت: أنَّه لا يجامعها، ولا يضاجعها، فإنَّه كان إذا رقد؛ التفَّ، و «البثُّ» ههنا: حبُّها إيَّاه، وشدَّة حاجتها إليه، وقال غيرهما: أرادت أنَّه لا يتفقَّد مصالحها، ولا ينظر في أمورها، يقال: فلانٌ لا يُدخِل يده في هذا الأمر، وقال الدِّمْيَاطيُّ: كأنَّها ذمَّته بالنَّهَم والشَّره وقلَّة الشَّفقة عليها، وأنَّه إذا رآها؛ لم يُدخِل يده في ثوبها؛ ليجسَّها)، انتهى.

(1/9438)


قوله: (عَيَايَاءُ أَوْ غَيَايَاءُ [3]): الأولى بالعين المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاتين تحت، بينهما ألف، وبعد الثانية همزةٌ ممدودة، والثانية مثلها إلَّا أنَّها بغين معجمة، وهذا شكٌّ مِن الرَّاوي، قال شيخنا: (والشاكُّ عيسى بن يونس؛ يعني: ابن أبي إسحاق السَّبيعيَّ، وكذا قاله غيرُ شيخنا من الحُفَّاظ، وذكر حديثًا خارجَ الكتب، فيه التصريحُ بأنَّه الشَّاكُّ، وعقبة بن خالد وسائر الرُّواة يقولونه بالمُهْمَلة، وأما المُعْجَمة؛ فليس بشيء، وقال ابن قتيبة: إنَّه تصحيفٌ)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (العياياء من النَّاس والإبل: الذي عَيِيَ عن الضِّراب)، انتهى، وهذا تفسير للمهملة، ولابن قرقول في المُهْمَلة نحوُه، وكذا لابن الأثير، وقال ابن قُرقُول في المُعْجَمة: («غياياء»؛ بغين معجمة، إن كان هو الصَّحيح من الشَّكَّين؛ فهو بمعنى: طباقاء، وهو الذي تُطبَّق عليه أموره، فكأنَّها أيضًا غطَّت على عقله غَيَايةٌ مِن الجهل والحمق، وأظلَّته، وسترته، أو يكون من الغِيِّ؛ وهو الانهماك في الشَّرِّ، أو من الغَيِّ؛ وهو الخيبة، ومنه: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، قيل: خيبة، وقيل غير هذا)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن الأثير قال في المُهْمَلة نحوَ كلام ابن قُرقُول والدِّمْيَاطيَّ، وفي المُعْجَمة قال: («غياياء»: هكذا جاء في رواية؛ أي: كأنَّه في غياية أبدًا وظلمةٍ، لا يهتدي إلى مسلك ينفذ فيه، ويجوز أن تكون قد وَصَفتْهُ بِثِقَلِ الرُّوح؛ كالظِّلِّ المتكاثف المُظلِم الذي لا إشراقَ فيه)، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (وأنكر أبو عبيد وغيره المُعْجَمة، قالوا: والصَّوابُ المُهْمَلة، قال: وقال القاضي وغيره: «غياياء»؛ بالمُعْجَمة له معنًى صحيحٌ).
قوله: (طَبَاقَاءُ): هو بفتح الطاء المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وبعد الألف قاف، ثُمَّ همزة ممدودة، قال الدِّمْيَاطيُّ: و («الطَّباقاء»: المعجم الذي انطبق عليه الكلام؛ أي: انغلق، وَصَفَتْهُ بعجز الطَّرفين، وقيل: «الطَّباقاء»: الذي انطبقت [4] عليه الأمور، ولا يهتدي لوجهها)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: («والطَّباقاء»: الأحمق الذي انطبقت عليه أموره، وقيل: الذي لا يأتي النِّساء، وقيل: هو الذي ليس بصاحب غزوٍ ولا سفرٍ، وقيل: هو الغبيُّ الفَدْم، وقيل: الثَّقيل الصَّدر عند المباضعة)، انتهى.

(1/9439)


قوله: (كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ): (الدَّاء): بهمزة ممدودة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: كلُّ داء في الناس؛ فهو فيه)، انتهى، ومعنى كلامها: كلُّ عيب يكون في الرجال؛ فهو فيه، فجعلتِ العيبَ داءً، وقولها: (له داء): خبر لـ (كلُّ)، ويحتمل أن يكون صفةً لـ (داءٍ)، و (داءٌ) الثَّانية خبرٌ لـ (كلُّ)؛ أي: كلُّ داء فيه بليغٌ متناهٍ؛ كما يقال: إنَّ هذا الفرسَ فرسٌ، والله أعلم.
قوله: (شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ): (شجَّكِ): بالشين المُعْجَمة، وبالجيم المُشَدَّدة المفتوحتين، و (فلَّك): بالفاء واللَّام المُشَدَّدة المفتوحتين، قال ابن قُرقُول: (أي: جرحك، و «الشجَّة» مُختصَّة بجراح الرأس، ولا دية موفية فيها وفي الجائفة، وأصله: من الارتفاع، شجَّ البلاد: علاها)، وقال في (فلَّك): (أي: كسرك، يقال: ذهب بملكك، ويقال: كسر حِجَّتك وكلامَك بكثرة خصومته وعذله)، انتهى، وفي رواية: (بجَّك)، مِن قولهم: بجَّ القرحةَ يبجُّها بجًّا؛ أي: شقَّها، وقيل: البجُّ: الطَّعْنُ، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («والفلُّ»: الكسر؛ أرادت: أنَّه ضَرُوبٌ لامرأته، كلَّما ضربها؛ شجَّها، أو كسر عظمها، أو جمع الشجَّ والكسر معًا)، انتهى، وفي «النهاية»: («الشَّجُّ»: في الرأس خاصَّة في الأصل، وهو أن يضربه بشي فيجرحه، ويشقَّه، ثُمَّ استُعمِل في غيره من الأعضاء)، وقال في (فلل): («الفلُّ»: الكسر والضَّرب، تقول: إنَّها معه بين شجِّ رأس، أو كسر عضو، أو جمعٍ بينهما، وقيل: أرادت بـ «الفلِّ»: الخصومة).
قوله: (الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ): (المسُّ): بفتح الميم وتشديد السين المُهْمَلة في الموضعين، وصَفَتْهُ بلين الجانب وحسن الخُلُق.
قوله: (زَرْنَبٍ): (الزَّرْنَب): بفتح الزاي، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة: نوع من الطِّيب، تصفه بالثَّناء الطَّيِّب، أو بحسن العشرة، أو بطيب العرق، أو باستعماله الطِّيب، وفي «النِّهاية»: («الزَّرْنَب»: نوع من أنواع الطيب، وقيل: هو نبت طيِّب الرِّيح، وقيل: هو الزَّعفران)، انتهى.
قوله: (رَفِيعُ الْعِمَادِ): هو بكسر العين، وتخفيف الميم، وفي آخره دالٌ، مهملتين، قال ابن قُرقُول: (لأنَّ بيوت السَّادة عاليةُ الأسمِكة، مُتَّسِعة الأرجاءِ، وكذلك بيوت الكرماء، وقد يُكنَى بـ «العماد» عن البيت نفسِه؛ أي: أنَّه رفيعُه، على ما تَقَدَّمَ، ورفيعٌ موضعُه؛ ليقصده الأضياف، وقيل: المراد به: حسبه وشرف نسبه)، انتهى.
[ج 2 ص 425]

(1/9440)


قوله: (طَوِيلُ النِّجَادِ): هو بكسر النون، وتخفيف الجيم، وفي آخره دال مهملة، وهو حِمَالة السيف، وهو ما يُتَقَلَّد به في العنق، قيل: أرادت حِمَالة سيفه، وقيل: طول قامته، وهما سواءٌ؛ لأنَّ مَن طالت قامته؛ طال نِجاده.
قوله: (عَظِيمُ الرَّمَادِ): قال ابن قُرقُول: كناية عن كثرة الطبخ للضِّيفان، ويسمِّيه أهل البلاغة: الإرداف؛ وهو التعبير عن الشيء بأحد لواحقه؛ كقوله: {يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} [المائدة: 75] خبَّر به عن الحدث.
قوله: (مِنَ النَّادِ): قال ابن قُرقُول: تعني: مجلس القوم، وهو النديُّ أيضًا، والمنتدى، ومنه: دار الندوة؛ لاجتماعهم للمشورة فيها، والشريف يقرب من مجتمع القوم؛ لأنَّهم لا يعنُّونه في المشي، وقيل: الكريم يعتمد ذلك؛ ليظهر بيته للقاصدين وحيث الاجتماعُ، بخلاف البخيل الذي يتوارى وينزل من الشِّعاب حيث لا يُهتَدى إليه ولا يُرَى، وقد يكون النادي اسمًا لجماعة القوم، وقد فسَّر مسلمٌ قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق: 17]؛ أي: جماعة قومه؛ كما سُمُّوا مجلسًا في قوله:
واستبَّ بعدك يا كليبُ المجلسُ
لمَّا كانوا أهل المجلس والنادي، انتهى، وقال شيخنا: هو بحذف الياء، وهو المشهور في الرواية؛ ليتمَّ السجع وإن كان الفصيح في العربيَّة إثباتُها، انتهى.
قوله: (مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟): (ما): استفهاميَّة، وفيها معنى التعظيم والتهويل؛ أي: وما هو؟ أي: أيُّ شيءٍ هو؟! ما أعظمه وأكبره وأكرمه! ومثله قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ}؟! [الحاقة: 1 - 2]، و {الْقَارِعَةُ مَا القَارِعَةُ}؟! [القارعة: 1 - 2].
قوله: (مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ): زيادةٌ في التعظيم وتفسيرٌ لبعض الإبهام، وأنَّه خيرٌ ممَّا أُشِيرُ إليه من ثناءٍ وطِيبِ ذكرٍ، أو فوق ما أعتقده فيه من سؤددٍ وفخرٍ.
قوله: (لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ ... ) إلى آخره: قال الدِّمْيَاطيُّ: وصفته الأخرى _أي: العاشرة_ بالجود والنحر للأضياف أيضًا، وأنَّ إبله في أكثر الأحوال باركةٌ بفنائه، مُعَدَّةٌ للقِرى، وقد اعتادت أن تُنحَر إذا سمعت المِزهر، انتهى.
وقال ابن قُرقُول: (كثيرات المبارك) قيل: محبوسة في أكثر وقتها للنحر، قليلًا ما تسرح، وكثيرًا ما تبرُك، وقيل: محبوسة للحلب للأضياف، فتُقام لذلك ثُمَّ تبرك، فيتكرَّر بروكها، ويُقال: هي كثيرةٌ في مباركها لمن ينتابهنَّ من الضِّيفان والعُفاةِ، قليلةٌ في أعدادها إذا سرحت للرعي.

(1/9441)


قوله: (قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ): قال ابن قُرقُول: أي: المراعي، انتهى، وفي «النهاية»: (المسارح: جمع «مسرح»؛ وهو الموضع الذي تسرح إليه الماشية بالغداة للرعي ... )، إلى أن قال: (تصفه بكثرة الإطعام وسقي الألبان؛ أي: أنَّ إبله على كثرتها لا تغيب عن الحيِّ، ولا تسرح في المراعي، ولكنَّها تبرك بفنائه؛ ليَقْرُب الضِّيفان من لبنها ولحمها؛ خوفًا من أن ينزل به ضيفٌ وهي بعيدةٌ عازبةٌ، وقيل: معناه: أنَّ إبله كثيرةٌ في حال بروكها، فإذا سرحت؛ كانت قليلةً؛ لكثرة ما نُحِر منها في مباركها للأضياف)، انتهى.
قوله: (صَوْتَ الْمِزْهَرِ): هو بكسر الميم، وإسكان الزاي، وبالهاء المفتوحة، وهو عود الغناء، قال القاضي _كما نقله عنه النَّوَويُّ_: وقال أبو سعيد النيسابوريُّ: إنَّما هو إذا سمعن صوت المُزْهِر؛ بِضَمِّ الميم، وهو موقد النار للأضياف، قال: ولم تكن العرب تعرف المِزْهَر الذي هو العود إلَّا مَن خَالَطَ الحضر، قال القاضي: وهذا خطأ منه؛ لأنَّه لم يروه أحدٌ بِضَمِّ الميم؛ لأنَّ المِزهر _بالكسر_ مشهورٌ في أشعار العرب ... إلى آخر كلامه.
وفي رواية خارج «الصَّحيح»: (الضيف) عوض (المِزْهر)، وفي رواية بعد (هَوَالِك): (وهو أمامُ القوم في المهالك).
قوله: (زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟): هو كقول العاشرة: (زوجي مالك، وما مالك؟)، وقد تَقَدَّمَ معناه أعلاه.
قوله: (أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ): (أَناسَ): بفتح الهمزة، ثُمَّ نون، وفي آخره سين مهملة؛ أي: ملأها حُلِيًّا ينوس؛ أي: يتعلَّق فيضطرب.
قوله: (مِنْ حُلِيٍّ): هو بِضَمِّ الحاء، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وهو جمع (حَلْيٍ)؛ بفتحها وإسكان اللام؛ مثل: ثَدْي، وثُدِيٍّ، وهو (فُعُول)، وقد تكسر الحاء لمكان الياء؛ مثل: عِصِيٍّ، وقُرِئ: {مِنْ حلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا} [الأعراف: 148]؛ بالضمِّ والكسر، قرأ حمزة والكِسائيُّ بالكسر، والباقون بالضمِّ، والله أعلم.
قوله: (أُذُنَيَّ): هو مثنًّى، ولا أستحضر فيه خلافًا، وليزدوج اللفظ، وهو بِضَمِّ الذال وإسكانها، وبهما قُرِئ في السبع.
قوله: (عَضُدَيَّ): هو تثنية (عَضُد)، و (العَضُد): بين الكتف والمرفق، ولم تُرِدِ العَضُدَ وحدَه، وإنَّما أرادت الجسدَ كلَّه؛ لأنَّ العَضُد إنَّما سمنت بسمن سائر الجسد، و (العَضُد) أيضًا: القوَّة، وقيل: قصدت بذكرهما سجع الكلام.

(1/9442)


قوله: (وَبَجَّحَنِي، فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي): (بَجَّحَني): بفتح الموحَّدة، وتشديد الجيم بعدها وتُخَفَّف، ثُمَّ حاء مهملة، مفتوحتَين، ثُمَّ نون، ثُمَّ ياء الإضافة، وكذا (فبَجِحَت إليَّ نفسي): (بَجِحَت): بتاء التأنيث، وفي أوَّله مُوَحَّدَة، ثُمَّ جيم مخفَّفة مفتوحة ومكسورة، والكسر أفصح، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، و (نفسي): فاعلُ (بَجِحَت)، وقال ابن قُرقُول: («بَجَّحَني فبَجحتُ»؛ أي: فرَّحني ففرحتُ، وقيل: عظَّمني فعظُمتُ عند نفسي، قاله ابن الأنباريِّ، وحكى أيضًا: «بَجَحَني»؛ بالتخفيف أيضًا)، انتهى، ومقتضى تفسيره أن تكون (فبَجِحَتْ إليَّ نفسي): أن تكون التاء من (بجحتُ) مضمومة تاء المتكلم، و (إلى نفسي): جارٌّ ومجرور، وكذا لابن الأثير، ويُروى: (فبجُحْتُ)؛ بِضَمِّ الجيم والتاء، وسكون الحاء، و (إلى): ساكنة حرف جرٍّ، و (نفسي): مجرور؛ أي: عظُمْتُ عند نفسي.
قوله: (وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ): تصغير (غنم)، صغَّرها؛ لأنَّه أراد جماعة الغنم، أو قطعة منها؛ أي: ليسوا بذوي خيل ولا إبل، والعرب لا تعتدُّ بأصحاب الغنم، بل بأصحاب الخيل والإبل.
قوله: (بِشِقٍّ): هو بالموحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمة وفتحها _وصوَّبه الهرويُّ، وقال النَّوَويُّ: إنَّه المعروف عند أهل اللغة_ وتشديد القاف بعدها، قال ابن قُرقُول: بالكسر يقوله المحدِّثون، قال أبو عبيد الهرويُّ [5]: الصواب بالفتح، قال أبو عبيد القاسم بن سلَّام: هو موضعٌ بعينه، قال ابن الأنباريِّ: يُقال بالفتح والكسر، وقال ابن حَلَبٍ [6] وابن أبي أويس: بشقِّ [جبلٍ]؛ لقلَّتهم وقلَّة غنمهم، وهذا يصحُّ على رواية الفتح؛ أي: بشَقٍّ فيه كالغار ونحوه، وعلى رواية الكسر: في ناحية، والفتح على هذا التفسير أظهرُ، وقال القتيبيُّ ونفطويه: إنَّ (الشِّقَّ)
[ج 2 ص 426]
بالكسر ههنا: الشظف من العيش والجهد، وهو صحيحٌ، وهو أولى الوجوه عندي، قال الله تعالى: {إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ} [النحل: 7]؛ أي: بجهدها، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: يُروى بفتح الباء والشين، وبكسرهما، والتشديد في القاف، فمَن رواه بالتخفيف؛ أراد موضعًا، ومن شدَّد؛ هو الجهد، من قوله: {بِشِقِّ الأَنفُسِ}، انتهى.
قوله: (صَهِيلٍ): (الصهيل)؛ بفتح الصاد المُهْمَلة: أصوات الخيل؛ والمراد: في أهل خيلٍ.

(1/9443)


قوله: (وَأَطِيطٍ): (الأطيط): بفتح الهمزة، ثُمَّ طاءين مهملتين، بينهما مثنَّاة تحت ساكنة، والطاء الأولى مكسورة، قال الدِّمْيَاطيُّ: صوت الإبل، انتهى، والمراد: في أهل إبل.
قوله: (وَدَائِسٍ): هو بالدال، وبعد الألف مثنَّاة تحت مكسورة، ثُمَّ سين، مهملتين، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ودائس): من دياس الطعام، انتهى، وقال صاحب «المطالع»: و (الدائس: الأندر، وقيل: الذي يدوس طعامه بعد حصاده، داسه ودرسه بمعنًى).
قوله: (وَمُنَقٍّ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح النون وتُكسَر، وقاف مشدَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: و («مُنَقٍّ»: من تنقية الطعام)، انتهى، وقال ابن الأثير: هو بفتح النون الذي ينقِّي الطعام؛ أي: يخرجه من قشره وتِبْنِه، ويُروى بالكسر، وقد تَقَدَّمَ، والفتح أشهر؛ لاقترانه بالدائس، وهما مختصَّان بالطعام، وقال النَّوَويُّ: بِضَمِّ الميم، وفتح النون، وتشديد القاف، ومنهم من يكسر النون، والصَّحيح المشهور فتحُها، قال أبو عبيد: هو بفتحها، قال: والمحدِّثون يكسرونها، ولا أدري ما معناه، قال القاضي: روايتنا فيه بالفتح، ثُمَّ ذكر قول أبي عبيد، قال: وقاله ابن أبي أويسٍ بالكسر، من النقيق؛ وهو أصوات المواشي، تصفه بكثرة المواشي ... ، إلى آخر كلامه، والله أعلم.
قوله: (فَلَا أُقَبَّحُ): هو بِضَمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة المُشَدَّدة، وبالحاء المُهْمَلة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه؛ أي: لا يُقال لي: قبَّحكِ اللهُ.
قوله: (وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ): أي: أنام الصبحة، وهي نومة الضحى؛ تريد: أنَّها مخدومةٌ مكفيَّةُ المؤنة.

(1/9444)


قوله: (فَأَتَقَنَّحُ): هو بمثنَّاة فوق بعد الهمزة، ثُمَّ نون مشدَّدة، مفتوحات، ثُمَّ حاء مهملة، وقال البُخاريُّ في آخر الحديث: (قَالَ بَعْضُهُمْ: «فَأَتَقَمَّحُ»؛ بِالْمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ) كذا هو ثابتٌ في بعض النسخ، وفي أصلنا كُتِب عليها: (زائد)، ما قاله البُخاريُّ هو متابِع فيه لأبي عبيد، فإنَّه قال: لا أعرف هذا، ولا أُراه محفوظًا إلَّا بالميم، قال الدِّمْيَاطيُّ: أرادت: تشرب حتَّى تُروى وترفع رأسها رِيًّا، ويُروى: (فأتقنَّح)؛ أي: أقطع الشرب وأتمهَّل فيه، وقيل: هو الشرب بعد الرِّيِّ، انتهى، وفي «المطالع»: (فأتقمَّح): بالميم، ويُروى بالنون، وكلاهما صحيحٌ؛ بمعنى: لا يقطع عليَّ شربي؛ أي: أشرب حتَّى أُروى، وقيل: معناه: أشرب فوق حاجتي، وقيل: حتَّى إنِّي لأرى المشروب، فأصرف وجهي عنه؛ لشدَّة الرِّيِّ، وقال في (الاختلاف): (أتقنَّح) كذا لمسلمٍ والبُخاريِّ، إلَّا أنَّ البُخاريَّ زاد من قول بعضهم بالميم، وهما سواءٌ؛ كما يُقال: أنتقع، وأمتقع، وهو الشرب بعد الرِّيِّ، وقيل: الشرب على مهل، وقد تَقَدَّمَ، انتهى.
قوله: (أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟): تَقَدَّمَ الكلام على [أنَّ] (ما) استفهاميَّة، وفيها معنى التعظيم.

(1/9445)


قوله: (عُكُومُهَا رَدَاحٌ): (العُكُوم): بِضَمِّ العين المُهْمَلة والكاف، وميم بعد الواو الساكنة، و (رَداح): بفتح الراء، وبالدال، وفي آخره حاء، مهملتين، و (العُكُوم): الغَرائر، واحدها (عِكم)؛ بالكسر؛ كجِلْد، وجُلُود؛ أي: أنَّها كثيرة الخير واسعة الحال، و (الرَّداح): العظام الممتلئة، ويُقال: الثقيلة، ويحتمل أن [7] تريد بذلك كفلها ومؤخَّرها، وكنَّت عن ذلك بـ «العُكُوم»، وامرأةٌ رَداح؛ أي: عظيمة الأكفال، ثقيلتها عند الحركة إلى النهوض، قاله ابن قُرقُول، وقال في (رَداح): ثقيلةٌ بما امتلأت به، و (العُكُوم): الأعدال المشتملة على الأمتعة والأطعمة، الواحد: عِكم، تصفها بكثرة المال، والسَّعَة في الرزق، وقد تريد بذلك: كفلها؛ لامتلائه سمنًا، و (الرَّداح): اسمٌ مفرد لا يُوصَف به العُكُوم، ولا يخبر عنها؛ لأنَّه جمعٌ؛ فتقديره: كلُّ عِكْم منها رَدَاحٌ، أو يكون مصدرًا؛ كالذهاب، والطلاق، فيكون خبرًا عن العُكُوم، أو يكون على وجه التشبيه؛ أي: ذات رَداح، كما قال: {السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18]؛ أي: ذات انفطار، أو تكون ردَّته على الكفل حملًا على المعنى؛ كما قال القرشيُّ: (ثلاث شخوص)، وإنَّما كنَّ نساءً، فردَّه على «الشخص»؛ وهو مذكَّرٌ، انتهى، و (رَدَاح): بفتح الراء، قال الجوهريُّ: المرأة الثقيلة الأوراك، وكتيبة رداح: ثقيلة السير؛ لكثرتها، انتهى.
وذكر فيه شيخُنا شيئًا لا يتحرَّر لسقم [8] النسخة، وفي آخره كلام أبي عبيد، ثُمَّ ذكر بعده شيئًا، فما أدري من كلام أبي عبيد هو، أو من كلام شيخنا؟ قال: وكذا وجدته مضبوطًا عند بعض رواة الحديث بكسر الراء، انتهى.

(1/9446)


قوله: (وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ): هو بالفاء المفتوحة، وبالسين المخففة، وفي آخره حاء، مهملتين، قال ابن قُرقُول: أي: واسع، و (الفَسَاحة): السعة، أرادت سعة فَساحة المنزل، وذلك دليلٌ على الثروة، وسعة النعمة، ويحتمل أنَّها تريد خيرَ بيتها، وسعةَ ذات يدها، وكثرةَ مالها، وقولي: (بالفاء المفتوحة) كذا سمعت الناس يقرؤونه، وكذا كنت أقرؤه، وكذا هو مضبوطٌ في الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ بالقلم، وكذا ضبطه الشيخ محيي الدين باللفظ في «شرح مسلم»، فقال: بفتح الفاء، وتخفيف السين المُهْمَلة؛ أي: واسع، والفسيح مثلُه، كذا فسَّره الجمهور، قال القاضي: ويحتمل أنَّها أرادت كثرةَ الخير والنَّعْمَة، انتهى، ونقل ذلك بعض الحُفَّاظ عن ابن الأثير فقال: وقيَّده جماعةٌ بالضمِّ؛ منهم ابن الأثير، انتهى.
وفي روايةٍ: (وفِناؤها فياح)، و (الفِناء): بالفاء المكسورة والمدِّ، و (فياح): بالفاء، ثُمَّ المُثَنَّاة تحت المخفَّفة، ورُوِيَ بتشديدها، ثُمَّ الحاء المُهْمَلة، وكذا ضبطه بالفتح شيخُنا، ولم يذكر غيره، وفي «نهاية ابن الأثير» ما لفظه: (وبيتها فُساح)؛ أي: واسع، يُقال: بيت فسيح، وفُساح؛ كطويل وطُوال، انتهى.
وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين: (الفُسحة)؛ بالضمِّ: السعة، وفَسُحُ المكان؛ كـ (كَرُمَ)، وأفسح، وتفسَّح، وانفسح، فهو فَسِيحٌ، وفُسَاحٌ، وفُسُح، وفُسْحُم، انتهى، ورأيت في نسخة صحيحةٍ بـ «البُخاريِّ» مضبوطًا بالقلم في الأصل بِضَمِّ الفاء، وفي الحاشية بفتحها، وكتب عليها (دار الذهب)، و (دار الذهب) بمكان ببغداد؛ يعني: أنَّه كذا في نسخته.
قوله: (كَمَسَلِّ الشَّطْبَةِ [9]): (مَسَلُّ): بفتح الميم والسين المُهْمَلة، وتشديد اللام؛ بوزان (مَحَلٍّ)، وهو مصدر؛ بمعنى: المسلول؛ أي: ما سُلَّ من قشره، و (الشَّطْبَة): بفتح الشين المُعْجَمة، ثُمَّ طاء مهملة ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال في «المطالع»: وهي ههنا ما شُطِب من جريد النخل؛ وهو سعفه؛ تريد: أنَّه ضرب اللحم، دقيقُ الخصر، شبَّهته بالشَّطْبة؛ وهو ما شُقَّ من جريد النخل، وصُيِّر قضبانًا صغارًا يُنسَج منها الحصير، وقال ابن الأعرابيِّ: أرادت سيفًا سُلَّ من غمده شبَّهته به، والشَّطْب من السيوف: ما فيه طَرْقٌ، وسيوف اليمن كذلك، وقال ابن حبيب: (الشَّطْبَة): عودٌ محدَّد؛ كالمسلَّة، انتهى.

(1/9447)


قوله: (الْجَفْرَةِ): هو بالجيم المفتوحة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي من ولد الغنم ما مضى له أربعة أشهرٍ، وقَوِيَ على الرعي، والذكر جَفْرٌ، وقيل: الجفر: الجذع من ولد الضأن، وما قالته مدحٌ له بقلَّة الأكل، وهو مدحٌ في الرجل، وفي رواية: (وتُرويه فِيْعَة [10] اليَعْرَة): و (الفيقة): ما يجتمع في الضرع من اللبن بين الحَلْبتَين، و (اليَعْرَة): بمثناة تحت، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو الجديُ يربط في زُبْيَةِ الأَسَد، وفي رواية: (ويميس في حلَق النَّثْرة)، انتهى، و (النَّثْرة): الدِّرع الواسعة.
[ج 2 ص 427]
قوله: (طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا): وقد يُروى عوضه: (زين أبيها، وزين أمِّها).
قوله: (وَغَيْظُ جَارَتِهَا): (الجارة) هنا: المراد بها: الضَّرَّة، وعُدِل عن الضَّرَّة تحسينًا لِلَّفْظ، وسُمِّيَت الضَّرَّة ضرَّة؛ لما في اشتراكهما من الضَّرَر، وسُمِّيَت جارةً؛ لمجاورتها الأخرى، وتُسمَّى أيضًا الزوجةُ جارةً، من الجوار؛ الذي هو دنوُّ المسكن، وقد جاءت رواياتٌ عوض (وغيظ جارتها)؛ منها: (وعَقْر جارتها)، و (العَقْر): بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان القاف، وبالراء، وفُسِّر بمعنيين؛ أحدهما: تغبط جارتُها مكانَها، تصير معقورة، والثاني: تدهشها، من قولهم: عقِر الرجل _بكسر القاف_؛ إذا دُهِشَ.
قوله: (لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا): قال في «المطالع»: أي: لا تشيعه، ويُروى: (تنثُّ)؛ يعني: بالنون، قال: ولكن في غير «الصَّحيحين»، إلَّا أنَّ عند المستملي (تنثيثًا) في المصدر، والمعنى متقاربٌ، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: (لا تبثُّ حديثنا)، ويُروى بالنون بمعناه، انتهى.

(1/9448)


قوله: (وَلَا تُنَقِّثُ): هو بالمُثَنَّاة المضمومة فوق، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، قال في «المطالع»: («تُنَقِّثُ ميرَتَنا تَنْقِيثًا»؛ بكسر القاف مع الشدِّ، وعند مسلم في ضبطِ أبي بحرٍ: «تَنْقُث»؛ بِضَمِّ القاف؛ أي: لا تبدِّدها وتخرجها مسرعة بذلك، و «الميرة»: طعامهم، وقد فسَّرناه، وكان عند القاضي أبي عليٍّ وغيرِه فيه اختلافٌ في حديث الحلوانيِّ في كتاب «مسلمٍ» تَقَدَّمَ في «الباء»)، وقال في (الباء): و (لا تبقِّتُ [11]) كذا عند السجزيِّ في حديث الحلوانيِّ بالباء، وهو وَهَمٌ، وكذا عند القاضي التميميِّ، وكان عند العذريِّ فيما كتبناه عن القاضي أبي عليٍّ عنه: (ولا تنفث)؛ بالفاء والثاء المثلثة، ولا وجه له أيضًا، والصواب ما لغيرهم؛ كما في حديث عليِّ بن حُجْر، وكما ذكره البُخاريُّ أيضًا، إلَّا أنَّ فيهما: (تنقِّث ميرَتَنا تنقيثًا)؛ ومعناه: لا تبذِّرها وتخرجها مسرعةً، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ في (لا تنقِّث) ما لفظه: نفت عنها السرقة والخيانة.

(1/9449)


قوله: (وَلَا تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا): قال في «المطالع»: بعين مهملة، وفي كتاب «مسلم» عن جميعهم، ووقع فيه لبعض الرواة بالمُعْجَمة، وكلاهما صحيحٌ، ووقع في «البُخاريِّ» في حديث عيسى بن يونس بعين مهملة، ثُمَّ قال: وقال سعيد بن مسلمة عن هشام: (لا تغشش بيتنا تغشيشًا)؛ كلُّه بغين معجمة، كذا للمستملي، وهو الصواب ههنا، وعند الحمُّوي: (وغشش) هكذا، وعند القابسيِّ: (وينتعش تعشيشًا)؛ بعين مهملة في جميع ذلك، وهذا تغييرٌ وغلطٌ كبيرٌ، فمَن رواه بعين مهملة؛ كان معناه: أنَّها مصلحةٌ للبيت مهتبلةٌ لتنظيفه وإلقاءِ كناسته وإبعادِها، ولا تتركها هنا وهنا؛ كأعشاش الطير هنا وهنا، وقيل: إنَّها أرادت: لا تدع فيه [12] العشبَ والكناسةَ كأنَّه عشُّ طائرٍ لقذره، ومَن رواه بالغين؛ فهو من الغشِّ، وقيل: من النميمة، انتهى، وفي «النهاية»: (ولا تملأ بيتنا تعشيشًا)؛ أي: أنَّها لا تخوننا في طعامنا فتخبَأ منه في هذه الزاوية؛ كالطيور إذا عشَّشت في مواضعَ شتَّى، وقيل: أرادت: لاتملأ بيتنا بالمزابل؛ كأنَّه عشُّ طائرٍ، ويُروى بالغين المُعْجَمة، وفي رواية: (ولا تَنْجُث أخبارنا تنجيثًا)؛ أي: لا تستخرجها، و (النجيثة): ما يخرج من البئر من التراب، و (تَنْجُث): بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ جيم مضمومة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، وصفها بالأمانة على السرِّ والمال.
قوله: (وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ): (الأوطاب): جمع (وَطْب)، و (الوَطْب): بفتح الواو، وإسكان الطاء المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، و (الأوطاب): بفتح الهمزة، و (الوَطْب): سقاء اللبن خاصَّة، وهذا الجمع قليلٌ في (فَعْل)، إنَّما بابه (فِعَال)، وقد جاء كذلك في «النَّسَائيِّ»: (والوِطاب تُمْخَض)، وإذًا ذكره ابن السِّكِّيت في (باب نسخ الألفاظ)، قال ابن قُرقُول: وكذا في كتاب شيخنا أبي عبد الله بن سليمان في أصل خاله غانم بن وليد اللُّغويِّ، انتهى، ولم يذكر الجوهريُّ في جمع (وَطْب) غير (أَوطب) في القلَّة، و (وِطَاب) في الكثرة، وفي «القاموس»: (الوَطْب: سقاء اللبن، «ج» _يعني: الجمع_: أوطب، ووطاب، وأوطاب، و «جج» _يعني: وجمع الجمع_: أواطب)، انتهى.
قوله: (تُمْخَضُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9450)


قوله: (فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا؛ كَالْفَهْدَيْنِ): هذه المرأة لا أعرف اسمها، واحتاجت إلى ذكرهما هنا؛ لتنبِّه على أحد أسباب تزويجه لها؛ لأنَّ العرب كانت ترغب في الأولاد، وتحرص على المرأة الولود، قال شيخنا: لكن في رواية الخطيب: أنَّهما أخواها، لا ابناها، وأنَّه إنَّما تزوَّجها بكرًا، انتهى، وقد رويتُ أنَّهما أخواها في «التعقُّبات العشرة» في الجزء الثالث منها، والله أعلم.
قولها: (مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا): جاء في رواية: (من تحت صدرها).
قوله: (كَالْفَهْدَيْنِ): قال ابن قُرقُول: (أي: نارين [13] ممتلئَين، حَسَنَا الجسمِ والضَّرب، وقولها: (كالفهدين) جاء في رواية: (كالصقرين)، وفي رواية: (فمرَّ بجارية شابَّة يلعب من تحت درعها برمَّانتين).
قوله: (فَطَلَّقَنِي): يحتمل طلاقه لأمِّ زرع، أو [14] يحتمل اشتراط أمِّ الثانية طلاق أمِّ زرع، وإلَّا؛ فهو قادر على اثنتين وأكثر، وقد جاء في رواية: (فلم تزل به أمُّ زرع حتَّى طلَّقها، فتزوَّجت أمُّ زرع برجلٍ، فأكرمها).
قوله: (فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ): (نكحتُ): بِضَمِّ التَّاء على التَّكلُّم.
قوله: (رَجُلًا): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وفي رواية: (شابًّا سريًّا).
قوله: (سَرِيًّا): هو بفتح السين المُهْمَلة، وكسر الراء، وتشديد المُثَنَّاة تحت؛ أي: شريفًا، وقيل: سخيًّا ذا مروءة، والجمع: سَراة؛ بفتح السِّين، على غير قياس، وقد تُضم، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: وحكى القاضي عن ابن السِّكِّيت: أنَّه حكى فيه بالمُهْمَلة والمُعْجَمة، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (سريٍّ) وجمعه، وكلام السُّهيليِّ مع النُّحاة وغيرهم.

(1/9451)


قوله: (رَكِبَ شَرِيًّا): هو بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر الراء، ثُمَّ مُثنَّاة تحت مُشدَّدة، ولا خلاف في هذا أنَّه بالشين المُعْجَمة، بخلاف (رجلًا سَرِيًّا) كما تَقَدَّمَ؛ أي: فرسًا يستشري في جريه، وقال يعقوب: خيارًا فائقًا، و (شراة المال): خيارُه، قاله ابن قُرقُول؛ ومعنى (يستشري) في جريه: يلجُّ ويجدُّ، قال شيخنا: (ولمَّا ضبطه النَّوَويُّ بالمُعْجَمة؛ ادَّعى فيه الاتِّفاق، ويأتي على ما حكاه ابن بَطَّال عن ابن السِّكِّيت الإهمالُ أيضًا)، انتهى، وهذا الكلام فيه شيء، وكأنَّه أشار إلى ما حكاه القاضي عن ابن السِّكِّيت في (سَرِيًّا)، كما تَقَدَّمَ نقله عن القاضي، والله أعلم، ويُروى عوض (شَرِيًّا): (عربيًّا)، والعربيُّ: ضدُّ البرذون.
قوله: (وَأَخَذَ خَطِّيًّا): هو بفتح الخاء المُعْجَمة _قال النَّوَويُّ: وكسرها، والفتح أشهر، ولم يذكر الأكثرون غيره، وممَّن حكى الكسرَ أبو الفتح الهمَذَانيُّ في كتاب «الاشتقاق»، انتهى_ ثُمَّ طاء مهملة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مُشدَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: («الخطُّ»: موضع باليمامة، وهو خطُّ هَجَر، تُنسَب إليه الرِّماحُ الخَطِّيَّة، يقال: رماح خَطِّيَّة، فإذا جعلت النسبة اسمًا لازمًا؛ قلت: خِطْيَة، ولم تَذكرِ الرِّماح)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («خَطِّيًّا»؛ أي: رمحًا من الخطِّ، وهو موضع بناحية البحرين، تُجلَب إليه الرِّماحُ من الهند، وقيل: إنَّها انكسرت فيه مرَّة سفينةٌ فيها رماح، ولا يصحُّ قول مَن قال: إنَّها تَنْبُتُ فيه الرِّماحُ، وقيل: «الخطُّ»: ساحل البحر)، انتهى، وقد جاء في رواية: (وأخذ رمحًا خَطِّيًّا).
[ج 2 ص 428]
قوله: (وَأَرَاحَ عَلَيَّ نِعَمًا): أي: أعطاني.
قوله: (نِعَمًا): هو بكسر النُّون، كذا في أصلنا، وصحَّح عليه بالقلم، جمع (نعمة)، قال ابن قُرقُول: («نَعَمًا ثَرِيًّا»؛ أي: إبلًا كثيرة)؛ يعني: أنَّه بفتح النُّون والعين، قال: (ورواه بعضهم: بكسر النُّون، جمع «نعمة»، والأوَّل أشهر)، انتهى، و (النَّعَم)؛ بفتح النون والعين: الإبل والبقر والغنم أيضًا.

(1/9452)


قوله: (ثَرِيًّا): هو بفتح الثاء المُثلَّثة، وكسر الراء، ثُمَّ ياء مُشدَّدة، قال في «المطالع»: (كثيرة)، وقد تَقَدَّمَ أعلاه، قال: (يقال: أثرت الأرض؛ إذا كان ترابها كثيرًا، وأثرى بنو فلان: كثرت أموالهم، إثراء، والاسم: الثراء، والثروة: المال الواسع)، وقال: («ثريًّا»: مُذكَّر مُفرَد، وصف به النَّعم)؛ أي: من حقِّه أن يقول: ثريَّة، قال ابن قُرقُول: (لأنَّ النَّعَم قد تُذكَّر أيضًا، أو حملًا على اللَّفظ، وتقدير جمع «نَعَم»)، انتهى.
قوله: (مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ): أي: ماشية تروح عليها؛ أي: ترجع، وفي «النهاية»: (ممَّا يروح عليه مِن أصناف المال أعطاني نصيبًا وصنفًا، ويروى: «ذابحة»؛ بالذال المُعْجَمة، وبالباء)، وقال في (ذبح): (هكذا جاء في رواية؛ أي: أعطاني من كلِّ ما يجوز ذبحه من الإبل، والبقر، والغنم، وغيرِها زوجًا، وهي «فاعلة»؛ بمعنى: «مفعولة»، والرِّواية المشهورة بالرَّاء والياء؛ من الرَّواح)، انتهى، ويروى: (من كلِّ سائمة).
قوله: (زَوْجًا): (الزوج) هنا: الاثنان، ويقال للواحد: زوج، وقال ابن قُرقُول: (قيل: اثنين، وقد يقع الزَّوج على الاثنين كما يقع على الفرد، قيل: الزوج: الفرد إذا كان معه آخر، وقيل: إنَّما يقع على الفرد؛ إذا ثُنِّي، ويحتمل أنَّه أعطاها من كلِّ رائحة صنفًا أو من كلِّ شيء شِبْهَ صاحبِهِ في الجَودة، ويقال: الزَّوج: القرين).
قوله: (وَقَالَ [15] سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ): هو سعيد بن سَلَمة _بفتح اللَّام_ ابن أبي الحُسام، أبو عمرو، المدنيُّ، مولى عمر بن الخطَّاب، عن أبيه، وزيد بن أسلم، ومُحَمَّد بن المنكدر، وهشام بن عروة، وطائفة، وعنه: عبد الصمد بن عبد الوارث، ومُحَمَّد بن أبي بكر المُقدَّميُّ، وأبو سلمة التَّبُوذَكيُّ، وجماعة، قال التَّبُوذَكيُّ: ما رأيت كتابًا أصحَّ من كتابه، وضعَّفه النَّسَائيُّ، وقال: إنَّما أخرجناه للزيادة في الحديث، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، علق له البُخاريّ كما ترى، وأخرج له مسلم والنَّسَائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (هشام): هو ابن عروة المذكور في السَّند، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9453)


قوله: (تُغَشِّشُ بَيْتَنَا تَغْشِيْشًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبيل هذا، وهو في أصلنا: بالغين المُعْجَمة في الفعل والمصدر، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وفي بعض أصولي تخريجُ التعليقين في الهامش بخطِّ ابن المقريزيِّ المُحدِّث الإمام من غير تصحيح عليه، وفيه إعجام الغين في المكانين في التعليق الأوَّل، والثاني في أصلنا الذي سمعت منه على العراقيِّ: (وقَالَ [16] بَعْضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ؛ بِالمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فأتقمَّج؛ بالجيم): كذا فيه بخطِّ ابن المقريزيِّ، وصوابه: (بالميم)، فغلط الكاتب، ولم أر مَن ذكره بالجيم، والمعروف في هذه اللَّفظة روايتان: (أتقمَّح)؛ بالميم، و (أتقنَّح)؛ بالنُّون، والله أعلم، ولا رأيت في كتب اللُّغة (قمج)، وأمَّا (بعضهم)؛ فقال بعض حفَّاظ المصريِّين من المُتأخِّرين: (هو في رواية أحمد بن حباب عن عيسى بن يونس، وفي رواية سعيد بن سَلَمة بن أبي الحُسام عن هشام بن عروة).
==========
[1] في (أ): (لبيد)، والمثبت من مصدره.
[2] في هامش (ق): (الحال والحزن).
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غيَايَاءُ أَوْ عيَايَاءُ).
[4] في (أ): (انطقت)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[5] في مصدره: (والهروي).
[6] في مصدره: (حبيب).
[7] في (أ): (أنه)، والمثبت من مصدره.
[8] في (أ): (لقسم)، وهو تحريف.
[9] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (شَطْبَةٍ).
[10] كذا في (أ) مضبوطًا، وفي المصادر: (فيقة).
[11] في (أ): (تبقث)، ولعلَّه تصحيف عن المثبت من مصدره.
[12] في (أ): (في)، والمثبت من مصدره.
[13] كذا في (أ) تبعًا لمصدره، وفي هامشه: (لعله: بارعين).
[14] زيد في (أ): (لا)، ولعلَّ الصَّواب حذفها.
[15] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بغير واو.
[16] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

(1/9454)


[حديث: كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله وأنا أنظر]
5190# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف القاضي الصَّنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وهو ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
==========
[ج 2 ص 429]

(1/9455)


[باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها]

(1/9456)


[حديث: أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب إن أولئك قوم عجلوا ... ]
5191# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّموا.
قوله: (بِإِدَاوَةٍ): تَقَدَّمَ ضبطها وما هي، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل الأنصاريِّ قريبًا في (سورة الُمتحرِّم) وغيرها.
قوله: (مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ) تَقَدَّمَ أنَّ (العَوالي) بفتح العين، وكسر اللَّام، وهي من المدينة على أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وذلك أدناها، وأبعدها ثمانية، وكذا تَقَدَّمَ (فَطَفقَ)، وأنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناها: جعل.
قوله: (فَصَخِبْتُ): هو بالخاء المُعْجَمة المكسورة، و (الصَّخب) و (السَّخب): الصياح، تَقَدَّمَ.
قوله: (عَلَى امْرَأَتِي): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف امرأة عمر هذه، وقد ذكرت له زوجاتٍ في (المتحرم) وفي غيره؛ فانظره، والظاهر من كلامه أنَّها ليست أنصاريَّة، والله أعلم، وجزم بعض الحُفَّاظ من المصريِّين بأنَّها زينب بنت مظعون، وفيه نظر؛ إذ زينب تُوُفِّيَت بمكَّة قبل الهجرة.
قوله: (مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث.
قوله: (ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي): (جمع الثياب): هو لبس الثِّياب التي يُبرَز بها إلى النَّاس من الإزار والرِّداء.
قوله: (لَا تَسْتَكْثِرِي): أي: لا تكثري عليه السؤال؛ أي: تطلبي منه استخراج الكثير منه أو من الحوائج، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (مَا بَدَا لَكِ): (بدا): غير مهموز؛ أي: ظهر، و (لكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث.
قوله: (أَنْ كَانَتْ): (أَنْ)؛ بفتح الهمزة، وسكون النون، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (جَارَتُكِ): (الجارة): الضَّرَّة، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.
قوله: (أَوْضَأَ): هو مهموز الآخر؛ أي: أجمل وأحسن، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9457)


قوله: (أَنَّ غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه حيٌّ من قحطان، وفي رواية: (كنَّا نتخوَّف مَلِكَ غسَّان)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على مَلِك غسَّان؛ فانظره، وهو الحارث بن أبي شمر، وذكر بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين قال: (ومَلِك غسَّان هو جبلة بن الأيهم، رواه الطَّبَرانيُّ من حديث ابن عَبَّاس، وقد ذكرنا من رواية عائشة: أنَّه الحارث بن أبي شمر، ويُجمَع بينهما بأنَّ الحارث هو مَلِك غسَّان، وهو الذي كان أراد أن يُجهِّز إليهم جَبَلَةَ بن الأيهم)، انتهى.
قوله: (تُنْعِلُ الْخَيْلَ): (تُنْعِل)؛ بِضَمِّ أوَّله، وكسر العين، رُبَاعيٌّ؛ أي: تجعل لها نعالًا، وكذلك: أنعلت السيف، ولا يقال عند أكثره: (نعل)، وقد قيل فيهما: (نعل) أيضًا، ويقال: نعلت رحلي وأنعلتها، الثُّلاثيُّ أكثر، وذكر الرُّبَاعيَّ ابنُ القطَّاع في «أفعاله»، كما تَقَدَّمَ.
[ج 2 ص 429]
قوله: (عِشَاءً): هو بكسر العين، ممدود؛ مثل: العشيِّ، و (العَشِيُّ والعَشِيَّة): من صلاة المغرب إلى العَتَمَة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (أَثَمَّ هُوَ؟): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة والثاء، وقد تَقَدَّمَ معناه.
قوله: (طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية بعيدًا في سورة (المُتحرِّم)، وفيها: (اعتزل)، وهي الصَّواب.
قوله: (وَقَالَ عُبَيدُ بنُ حُنَينٍ: سَمِعَ ابنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فَقَالَ: اعْتَزَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ) [2]: كذا في أصلنا، وعليه: (ز)، وعلامة مَن زاده هنا، وقد ذكره في أصلنا في آخر الحديث، وكُتِب عليه أيضًا: (زائد)، ليس هذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بالكليَّة، وتعليق عُبيد بن حُنَين جزم به هنا، وقد أخرجه في (التفسير)، وفي (النِّكاح)، وفي (خبر الواحد) عن عبد العزيز بن عبد الله عن سليمان بن بلال، وفي (التفسير) أيضًا عن عليِّ بن عبد الله، وعن الحُمَيديِّ؛ كلاهما عن سفيان، وفي (اللِّباس) أيضًا وفي (خبر الواحد) عن سليمان بن حرب عن حمَّاد بن زيد، وأخرجه مسلم في (الطلاق) عن أبي بكر ابن أبي شيبة وزُهير بن حرب؛ كلاهما عن ابن عيينة، وعن هارون بنِ سعيد الأيليِّ عن ابن وهب عن سليمان بن بلال، وعن ابن المُثنَّى عن عثمان بن مسلم عن حماد بن سلمة؛ أربعتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاريِّ عن عُبَيد بن حُنين به، والله أعلم.

(1/9458)


و (عُبَيد بن حُنين): هو أبو عبد الله المدنيُّ، عن أبي موسى الأشعريِّ، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وجماعة، وعنه: عتبة بن مسلم، وسالم أبو النضر، وأبو الزِّناد، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن سعد، وقال: ليس بكثير الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قال الواقديُّ وغيره: تُوُفِّيَ سنة خمس ومئة، أخرج له الجماعة.
قوله: (يُوشِكُ): هو بكسر الشِّين؛ أي: يسرع، والعامَّة تقول: (يوشَك)؛ بفتحها، وهو لغة رديئة، كلاهما في «الصِّحاح»، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (المَشْرُبَة): ضبطها وما هي، وكذا تَقَدَّمَ (الرَّهْط): كم هم، وكذا تَقَدَّمَ (الغُلَام الأَسْوَد)، وأنَّه رَباح؛ بفتح الراء وبالموحَّدة، كذا جاء مُسمًّى في بعض طرقه في «الصَّحيح»، وكذا تَقَدَّمَ (الرِّمَال): ما هو وضبطه، و (الأَدَمُ)، وأنَّه بفتح الهمزة المقصورة، وفتح الدَّال، و (أَسْتَأْنِسُ): فعل مضارع، و (رَأَيْتُنِي [3])، تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ التاء، وكذا الثانية، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه بفتح التَّاء، وقد تَقَدَّمَ، و (جَارَتُكِ)، و (أَوْضَأَ)، و (الأَهَبَة): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة والهاء، و (فَارِس)، و (الرُّوم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّهما [4] كسرى وقيصر، وهما قريب؛ لأنَّ كسرى: ملك فارس، وقيصر: ملك الروم، (وُسِّعَ)؛ بِضَمِّ الواو، وكسر السين المُهْمَلة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُعْطُوا): مَبْنيٌّ أيضًا، وكذا (أَوَفِي): أنَّه بفتح الواو على استفهام الإنكار، وتَقَدَّمَ، ومتى تُسكَّن الواو، ومتى تُحرَّك، و (عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ): (عُجِّلوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (طيِّباتِهم): بكسر التاء مَنْصوبٌ، وعلامة النصب الكسرة، مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ، و (أَفْشَتْهُ): أظهرتْه وأذاعتْه، و (المَوْجِدَة): مصدر، من الغضب، وكذا (فَبَدَأَ بِهَا)، و (بَدَأَ [5] بِي)؛ بهمز في آخره، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) أنَّ في هذا إبطالًا لقول مَن قال: إنَّ فاطمة بنت [6] قيس أخت الضَّحَّاك الكلابيَّة لم تختره صلَّى الله عليه وسلَّم، مُطَوَّلًا؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النبيُّ).
[2] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ من رواية أبي ذرٍّ.

(1/9459)


[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (رأيتَني)؛ بفتح التَّاء، وفي (ق) معًا.
[4] في (أ): (أن)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[5] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فبدأ).
[6] تكرَّر في (أ): (بنت).

(1/9460)


[باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا]
قوله: (بَابُ صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا): طِبْق ما ترجم له حديثٌ في «سنن أبي داود» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لا تصومنَّ امرأة يومًا سوى شهر رمضان، وزوجها شاهد إلَّا بإذنه»، وحسَّنه التِّرْمِذيُّ، وصحَّحه ابن حِبَّان مع أنَّ حديث الباب يُؤخَذ منه أيضًا ذلك؛ إذ لو كان فرضًا؛ لصاماه، ولا يقال: يحتمل أن يكون زوجها مريضًا، أو قدم من سفر؛ لبُعدِه، وفي «المسند» أيضًا: «لا تصوم المرأة يومًا واحدًا وزوجها شاهد إلَّا بإذنه إلَّا رمضان»، وهذا كما تَقَدَّمَ في «الصَّحيح» إلَّا قوله: (إلَّا رمضان)، والله أعلم.

(1/9461)


[حديث: لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه]
5192# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بإسكان العين، وفتح الميمَين، وأنَّه ابن راشد.
قوله: (لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ): وهذا خبر، ومعناه النَّهْي، وهو أبلغ من النَّهْي المُجرَّد، والله أعلم.

(1/9462)


[باب: إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها]

(1/9463)


[حديث: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء ... ]
5193# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقبه بُنْدَار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (سُلَيْمَان) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن مِهْرَان الأعمش، و (أَبُو حَازِم)؛ بالحاء المُهْمَلة: تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه سليمان الأشجعيُّ.

(1/9464)


[حديث: إذا باتت المرأة مهاجرةً فراش زوجها لعنتها الملائكة]
5194# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعينين مهملتين مفتوحتين، وبعد كلِّ عين راء؛ الأولى: ساكنة، والثانية: مفتوحة، وبعدها تاء التأنيث، و (زُرَارَة) هذا: قال الدِّمْيَاطيُّ: (زرارة بن أوفى أبو حاجب العامريُّ، قاضي البصرة، مات وهو ساجد سنة ستٍّ أو ثمان ومئة)، انتهى، فقوله: (وهو ساجد سنة ستٍّ أو ثمان ومئة): الذي أعرفه أنَّه أَمَّ في صلاة الصبح، فقرأ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر: 8 - 9]؛ خرَّ ميِّتًا، وقد ذكر الحافظ أبو عيسى مُحَمَّد بن عيسى بن سَوْرَةَ التِّرْمِذيُّ في «جامعه» خبر موته كذلك بسنده في (باب ما جاء في وصف صلاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم باللَّيل)، قال مُحَمَّد بن سعد: تُوُفِّيَ سنة (93 هـ)، وقد ذكر وفاته كذلك عبد الغنيِّ في «الكمال»، وكذا ذكر الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، ولم يميِّزه، فهو في «التَّهذيب»، وذكره في «كاشفه» أيضًا، وكذا أرَّخه في «الإشارة» المُنتَقى من تاريخه «تاريخ الإسلام»، والله أعلم.

(1/9465)


[باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه]

(1/9466)


[حديث: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه]
5195# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر.
قوله: (وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ): أي: حاضر.
قوله: (يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ): (يُؤدَّى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (شطرُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ أَيْضًا عَنْ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (أبو الزناد)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالنون، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن
[ج 2 ص 430]
ذكوان)، وأمَّا (موسى عن أبيه)؛ فهو موسى بن أبي عثمان التَّبَّان، واسمه سعيد، ويقال: عثمان، مولى المغيرة بن شعبة، عن أبيه أبي عثمان، وأبي يحيى المَكِّيِّ، وإبراهيم النَّخعيِّ، وسعيد بن جُبَير، وعنه: أبو الزِّناد، وشعبة، وسفيان، وغيرهم، قال أبو حاتم: كان مُؤذِّنًا _ونِعْمَ الشَّيخُ كان_ سمع من إبراهيم، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وأمَّا أبوه؛ فقد قَدَّمْتُ أنَّه سعيد، ويقال: عثمان، فروى عن أبي هريرة، وعنه: ابنه موسى، ومنصور بن المُعتمِر، ومغيرة بن مِقْسَم، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وتعليقه هذا أخرجه النَّسَائيُّ في (الصوم)، والله أعلم.

(1/9467)


[باب النساء غالبًا ما يفعلن المنهيات المذكورة فيستوجبن النار]
قوله: (بَابٌ): كذا هو بغير ترجمة، وقد أخرج فيه حديث أسامة؛ وهو ابن زيد: «قمت على باب الجنَّة ... »؛ الحديث، والذي يظهر أنَّه ساقه في التَّحذير عن مخالفة _ يعني: المرأة_ الزَّوجِ فيما هو حقٌّ له، وقد أخبر أنَّ عامَّة مَن دخل النَّارَ النِّساءُ، قاله شيخنا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 431]

(1/9468)


[حديث: قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين]
5196# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (التَّيْمِيُّ): هو سليمان، و (أَبُو عُثْمَان): هو النَّهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، و (أُسَامَة): هو ابن زيد بن حارثة، تقدَّموا كلُّهم.
قوله: (فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ): (عامَّة) في أصلنا: مَنْصوبٌ خبر (كان)، واسمها مَرْفوعٌ: (المساكين)، ويجوز العكس؛ لأنَّهما معرفتان.
قوله: (وَأَصْحَابُ الْجَدِّ): هو بفتح الجيم، وتشديد الدال المُهْمَلة: هم أصحاب البُخوت والحظوظ الدُّنياويَّة بالمال والجاه، ويحتمل أن يريد: الملوك المُعظَّمين؛ مِن قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3]؛ أي: سلطانه وعظمته، قاله ابن قُرقُول.
قوله: (مَحْبُوسُونَ): أي: ممنوعون عن دخول الجنَّة، موقوفون للحساب، أو حتَّى يدخلها الفقراء.
==========
[ج 2 ص 431]

(1/9469)


[باب كفران العشير]
قوله: (بَابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ؛ وَهْوَ الزَّوْجُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على (العشير) في (باب ترك الحائضِ الصومَ)، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 431]

(1/9470)


[حديث: خسفت الشمس على عهد رسول الله فصلى رسول الله ... ]
5197# قوله: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخسوف) و (الكسوف) في بابه؛ فانظره إن أردته، وأنَّه كان ذلك يومَ مات إبراهيم بنُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّمَ تاريخ موته في (الكسوف) وغيره، وقد تَقَدَّمَ الكلام على أنَّ الشمس انكسفت مَرَّاتٍ أم مرَّة واحدة، وهو الأصحُّ عند المُحقِّقين من الحُفَّاظ؛ فانظر ذلك.
قوله: (تَكَعْكَعْتَ): أي: نكصت إلى خلف، هذا قول الأصمعيِّ وأبي زيد، وقيل: معناه: رجعت.
قوله: (مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا): يريد: أنَّهم كانوا يأكلون منه، ويأكل منه مَن بعدَهم حتَّى تنقضي الدُّنيا؛ لأنَّه كان لا يفنى، وقد تَقَدَّمَ في أوائل (الكسوف) مع قدر (عُنْقُود الجَنَّةِ).
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها.
قوله: (وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ): تَقَدَّمَ إعراب (أكثر)، وفيه ثلاث إعراباتٍ في أوَّل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ فيه سؤال وجوابه في أوَّل (الكسوف).
قوله: (يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب ترك الحائض الصومَ).

(1/9471)


[حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء.]
5198# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن جهم بن حسَّان بن المنذر العبدريُّ، بصريٌّ مُؤذِّن بجامعها، أبو عمرو، مات سنة عشرين ومئتين، انفرد به البُخاريُّ) انتهى، هو كما قال: عثمان بن الهيثم بن جهم بن عيسى بن حسَّان بن الأشجِّ العَصَريِّ، أشجِّ عبد القيس، أبو عمرو، البصريُّ مُؤذِّنها، عن عوف، وجعفر بن الزُّبَير الشاميِّ، وهشام بن حسَّان، وابن جُرَيج، ورؤبة بن العجَّاج، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، والذُّهْليُّ، ويعقوب الفسويُّ، والحارث بن أبي أسامة، والكَجِّيُّ، وخلق، قال أبو حاتم: صدوق غير أنَّه بأَخَرة كان يتلقَّن، له ترجمة في «الميزان»، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ في وفاته قاله ابن عساكر في «النَّبَل»، فإنَّه قال: مات لإحدى عشرة خلت من رجب سنة عشرين ومئتين، وفي «الكاشف»: تُوُفِّيَ سنة (218 هـ)، وقد تَقَدَّمَ.
و (عَوْفٌ) بعده: هو عوف الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو عوف بن أبي جَمِيلة، و (أَبُو رَجَاءٍ) بعده: قال الدِّمْيَاطيُّ: (عمران بن ملحان، أسلم بعد الفتح، وعاش مئة وعشرين سنة، وتُوُفِّيَ في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: سنة ثمان ومئة، وقيل: سنة سبعَ عشرةَ ومئةٍ) انتهى، فقوله: (ابن ملحان): هذا قول في اسم أبيه، وقُدِّم على غيره من الأسماء، وقيل غير ذلك، و (عِمْرَان): هو ابن حُصَين، تَقَدَّمَ الكلام على والده بما فيه من خلافٍ في صحبته رضي الله عنه.
قوله: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ): وكذا الثانية، تَقَدَّمَ الكلام على إعراب (أكثر)، وأنَّ فيه ثلاثَ إعراباتٍ، في أوائل هذا التعليق، وكذا تَقَدَّمَ سؤال وجوابه في قوله: «واطَّلعت في النَّار، فرأيت أكثر أهلها النِّساء» في أوَّل (الكسوف).

(1/9472)


قوله: (تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ): (سَلْم)؛ بفتح السِّين، وإسكان اللَّام، و (زَرِيْر)؛ بفتح الزاي، وكسر الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء أخرى، وقد تَقَدَّمَ، والضَّمير في (تابعه) يعود على عوف _هو الأعرابيُّ_؛ أي: تابعا عوفًا في روايته عن أبي رجاء عن عمران، وقد أخرج متابعة سَلْم بن زَرِير البُخاريُّ في (صفة الجنَّة) عن أبي الوليد، عن سَلْم، عن أبي رجاء به، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، ومتابعته أخرجها النَّسَائيُّ في (عشرة النِّساء)، وفي (الرِّقاق).
ثُمَّ اعلم أنَّ أبا مسعود الدِّمَشْقيَّ قال: إنَّما رواه عن أيُّوب كذلك عبدُ الوارث، وسائر أصحاب أيُّوب يقولون: عن أيُّوب، عن أبي رجاء، عن ابن عَبَّاس، وقد رواه أبو الأشهب، وابن أبي عروبة، وابن عُلَيَّةَ، وعاصم بن هلال، وجماعة عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، وقد رواه التِّرْمِذيُّ في (صفة جهنَّم) عن ابن بَشَّار، عن ابن أبي عديٍّ، وغندر، وعبد الوهَّاب الثَّقفيِّ؛ ثلاثتهم عن عوف به، وقال: حسن صحيح، قال: وهكذا يقول عوف: عن أبي رجاء عن عمران بن حُصَين، وكذا روى غيره، ويقول أيُّوب: عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، وكلا الإسنادين ليس فيه مقال، ويحتمل أن يكون أبو رجاء سمعه منهما، انتهى.

(1/9473)


[باب: لزوجك عليك حق]
قوله: (قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أبو جُحَيْفَة): هو بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا معروف مشهور عند أهله، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وقيل: وهب بن وهب بن سُواءة بن عامر بن صعصعة، ويقال له: وهب الخير، تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو مراهِقٌ، ووُلِّي بيتَ المال لعليٍّ رضي الله عنهما، ترجمته معروفة جدًّا، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقيل: تُوُفِّيَ سنة (74 هـ)، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (الصوم) و (الأدب)، والتِّرْمِذيُّ في (الزهد)، وقال شيخنا: (أخرجه البزَّار) مقتصرًا شيخنا على ذلك، ولا حاجة إلى إبعاد النُّجْعة، والله أعلم.

(1/9474)


[حديث ابن عمرو: يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل]
5199# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو عَمرو عبد الرحمن بن عَمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته (الأوزاعيِّ)، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى والده، وعلى ياء (العاصي)، وأنَّ الصَّحيح إثباتُها، وكذا (ابن الهادي)، و (ابن أبي الموالي)، و (اليماني)، وتَقَدَّمَ الكلام على جدِّه العاصي بن وائل السَّهميِّ، وأنَّه هلك على كفره.
[ج 2 ص 431]
قوله: (أَلَمْ أُخْبَرْ): هو بفتح الموحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9475)


[باب: المرأة راعية في بيت زوجها]

(1/9476)


[حديث: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ... ]
5200# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك.

(1/9477)


[باب قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء ... }]

(1/9478)


[حديث: إن الشهر تسع وعشرون]
5201# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الميم، وإسكان الخاء المُعْجَمة، وهذا مشهور عند أهله، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال المدنيُّ، و (حُمَيْدٌ): هو الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه، تقدَّما.
قوله: (آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ): (آلى)؛ بمدِّ الهمزة؛ أي: حلف ألَّا يدخل عليهنَّ، وإنَّما عدَّاه بـ (مِن)؛ حملًا على المعنى، وهو الامتناع من الدخول، وهو يتعدَّى بـ (مِن)، والإيلاء الذي ذكره الفقهاء معروفٌ، له أحكام تخصُّه، وعندهم لا يُسمَّى إيلاءً بدونها، وقد تَقَدَّمَ هذا، وسيأتي تاريخ إيلائه، وأتعقَّبه.
قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها.

(1/9479)


[باب هجرة النبي نساءه في غير بيوتهن ... ]
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ: «غَيْرَ أَنْ لَا تُهْجَرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): هذا ثابت في بعض الروايات، وهو نسخة في أصلنا، وأصل في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (معاوية بن حَيْدة)؛ بفتح الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث، وحَيْدة: هو ابن معاوية القشيريُّ، جدُّ بَهْزِ بن حَكِيم بن معاوية، ومعاوية صَحَابيٌّ مشهور، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له الأربعة، وأحمد في «المسند»، والحديث المشار إليه أخرجه أبو داود، والنَّسَائيُّ، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وهو من رواية حَكِيم بن معاوية بن حَيْدة عن أبيه، وليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيء في الأصول، وقد علَّق له البُخاريُّ.
قوله: (وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): يعني حديث أنس: (آلى مِن نسائه شهرًا).
==========
[ج 2 ص 432]

(1/9480)


[حديث: أن النبي حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا]
5202# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيلُ، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسيأتي أيضًا في أواخر هذا التَّعليق.
قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، وقدَّم السَّند الأوَّل؛ لعلوِّه؛ لأنَّه بينه وبين ابن جُرَيج واحدٌ، وفي الثَّاني اثنان.
قوله: (أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّ سلمة)، وأنَّها أمُّ المؤمنين، وأنَّ اسمها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وأنَّها آخر الأزواج موتًا، وتَقَدَّمَ تاريخ وفاتها، وبعض ترجمتها رضي الله عنها.
قوله: (غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ): تَقَدَّمَ [أنَّ] (الغدوَّ): من أوَّل النَّهار إلى الزَّوال، وأنَّ (الرَّواح): منه إلى آخر النَّهار.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.
[ج 2 ص 432]

(1/9481)


[حديث: لا ولكن آليت منهن شهرًا]
5203# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (أَبُو يَعْفُورٍ) هذا: قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو يعفور الصغير: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وأبو يعفور الكبير: واقد، ولقبه وقدانُ، سمع عبدَ الله بن أبي أوفى ومصعبَ بن سعد بن أبي وقَّاص)، انتهى، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مسلم بن صُبَيح؛ بِضَمِّ الصاد المُهْمَلة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.
قوله: (فَصَعِدَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر العين، وأنَّ المستقبل: بفتحها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (فَسَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ ... ) إلى آخره: الظاهر أنَّ المراد بالسلام هنا: الاستئذان؛ يعني: أنَّه استأذن ثلاثًا، فلم يجبه، كما في الحديث الآخر، فأطلق (السَّلام)، وأراد: الاستئذان، وصورة الاستئذان: السلام عليكم، أأدخلُ؟ فكرَّره ثلاثًا، قلته، ولم أر ذلك لأحدٍ، ولكن ما قلته ظاهر مُتعيِّن.
قوله: (وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا): أي: حَلفتُ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.
==========
[ج 2 ص 432]

(1/9482)


[باب ما يكره من ضرب النساء]
قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (مُبَرِّحٍ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الموحَّدة، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، وبالحاء المُهْمَلة؛ أي: غير شاقٍّ شديد.
==========
[ج 2 ص 432]

(1/9483)


[حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم]
5204# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو مُحَمَّد بن يوسف، هذا هو الفِرْيابيُّ الحافظُ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها عن البيكنديِّ، في أوائل هذا التعليق، وبعده أيضًا، و (سفيان): هو ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وقد نصَّ المِزِّيُّ على أنَّه الثَّوريُّ في «أطرافه»، و (عَبْد اللهِ بْن زَمْعَةَ): هو ابن الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العزَّى الأسديُّ، ابن أخت أمِّ سلمة، أحد الأشراف، كان يأذن على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تُوُفِّيَ عليه السلام وله خمسَ عشرةَ سنة، وعنه: عروة، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وغيرهما، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقد تَقَدَّمَ، ولكن بَعُدَ العهد به.
قوله: (وَيُجَامِعها [1]): يجوز فيه الجزم عطفًا على النَّهْي في (لَا يَجْلِد)، ويجوز النصب، ويجوز الرفع، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ثم يجامعها).
[ج 2 ص 432]

(1/9484)


[باب: لا تطيع المرأة زوجها في معصية]

(1/9485)


[حديث: لا، إنه قد لعن الموصلات]
5205# قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا): هذه (المرأة) و (ابنتها)، وكذا (زوج ابنتها) لا أعرف أسماءهم، والله أعلم، وجعل بعض حفَّاظ العصر أنَّ هذه هي الآتية في العدَّة، انتهى، وسيأتي ما ذُكِر في تلك.
قوله: (فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا): (تَمَعَّط)؛ بفتح المُثَنَّاة فوق والميم والعين المُشَدَّدة وبالطاء المُهْمَلتين؛ أي: تناثر.
قوله: (قَدْ لُعِنَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَالمُوَصِّلَاتُ [1]): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (المُوَصِّلات)؛ بِضَمِّ الميم، وفتح الواو، وتشديد الصاد المُهْمَلة المكسورة: كذا
[ج 2 ص 432]
في أصلنا، وفي نسخة في طُرَّة أصلنا: (الموصولات)، وسيجيء الكلام على الواصلة والمستوصلة إن شاء الله وقدَّره.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (المُوصلات)؛ بلا واو.

(1/9486)


[باب: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا} .. ]

(1/9487)


[حديث: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها]
5206# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في أصلنا: (مُحَمَّد بن سلَام)، وهو هو، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (مُحَمَّد بن سلَام)، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصَّحيح في (سلَام): التخفيف، وذكرته مُطَوَّلًا، وما يقطع النزاع في ذلك في أوائل هذا التعليق، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضرير مُحَمَّد بن خَازم، وأنَّه بالخاء المُعْجَمة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير.
قوله: (أَمْسِكْنِي): هو بقطع الهمزة، وهذا ظاهِرٌ معروف.

(1/9488)


[باب العزل]
قوله: (بَابُ الْعَزْلِ): اعلم أنِّي لا أذكر الأحكام إلَّا نادرًا، و (العزل): يُتشوَّف إلى معرفة حكمه، (العزل): هو أن يجامع الرَّجل حليلته، فإذا أراد الإنزال؛ نزع، وأنزل خارج الفرج، وهو مكروه عند الشَّافِعيَّة في كلِّ حال، وكلُّ امرأة سواء أرضيت أم لا؛ لأنَّه طريق إلى قطع النَّسل، ولهذا جاء في الحديث تسميتُه بالوأد الخفيِّ، وأمَّا التحريم؛ فقال أصحاب الشَّافِعيِّ: لا يحرم في مملوكته، ولا في زوجته الأَمَة، سواء أرضيتا أم لا؛ لأنَّ عليه ضررًا في مملوكته، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة، بمصير ولدها رقيقًا تَبَعًا لأمِّه، وأمَّا زوجته الحرَّة؛ فإن أذنت في ذلك؛ لم يحرم، وإلَّا؛ فوجهان؛ أصحُّهما: لا يحرم، ومَن حرَّمه بغير إذنها؛ قال: عليها ضرر فيه، فيشترط إذنها في جوازه، ثُمَّ الأحاديث الواردة في العزل تجمع بأنَّ ما ورد منها في النَّهْي؛ فمحمولٌ على كراهة التنزيه، وما ورد منها في الإذن في ذلك؛ فمحمول على أنَّه ليس بحرام، وليس معناه نفيَ الكراهة، وللسَّلف خلافٌ نحو ما ذكرته، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 433]

(1/9489)


[حديث: كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم]
5207# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ الذي قال [1] فيه الإمام أحمد: ما رأت عيناي مثل يحيى بن سعيد القَطَّان، وقد تقَدَّمَتْ ترجمته، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

(1/9490)


[حديث: كنا نعزل والقرآن ينزل]
5208# 5209# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آلِ الزُّبَير، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، ويأتي في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ: عن عليِّ بن عبد الله، عن سفيان، عن عمرٍو به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 433]

(1/9491)


[حديث: أوإنكم لتفعلون ما من نسمة كائنة إلى يوم ... ]
5210# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): هذا هو جويرية بن أسماء، والراوي عنه هنا: هو ابن أخيه عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وقد تَقَدَّمَ جويرية مُترجَمًا، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن مُحَيْرِيز): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن مُحيريز: ابن جنادة بن وهب بن لوذان، وأبو محذورة: أوس بن معير بن لوذان، وأخوه أنيس بن معير، قُتِل ببدر كافرًا، مُتَّفق عليه) انتهى، و (أَبُو سَعِيدٍ) هذا: هو سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا ومرَّةً مترجمًا.
قوله: (أَصَبْنَا سَبَايَا [1]، فَكُنَّا نَعْزِلُ): هذه (السَّبايا) التي أصابوها كانت في غزوة بني المصطلق، كما صرَّح به في بعض طرقه في «مسلم»، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوة بني المصطلق، والخلاف فيها.
قوله: (أَوَإِنَّكُمْ): هو بفتح الواو، استفهام إنكارٍ، وقد تَقَدَّمَ متى تُسكَّن الواو، ومتى تُحرَّك.
قوله: (نَسَمَةٍ): هي بفتح السِّين: النَّفس والرُّوح، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (سبيًا).
[ج 2 ص 433]

(1/9492)


[باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا]

(1/9493)


[حديث: أن النبي كان إذا خرج أقرع بين نسائه]
5211# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظُ، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ رضي الله عنه، و (الْقَاسِم): تَقَدَّمَ أنَّه ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، أحد الفقهاء السبعة.
قوله: (فَرَكِبَتْ): هو بتاء التأنيث الساكنة، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (بَيْنَ الإِذْخِرِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه نبْتٌ طيِّب الرائحة.
قوله: (عَقْرَبًا): هو الحيوان المعروف، وهو مصروف، وليس ما يمنعه من الصرف، و (عقرب): اسم جنس، وقول ابن الحاجب: وعقرب: ممتنع؛ مراده: إذا سمَّيت به رجلًا؛ لاجتماع العلميَّة والزِّيادة على ثلاثة أحرف، والحرف الرَّابع قائمٌ مقام التأنيث، والله أعلم.
قوله: (تَلْدَغُنِي): هو بفتح الدال المُهْمَلة، وضمِّ الغين المُعْجَمة، وهذا معروف.
قوله: (رَسُولكِ [1]): كذا في نسخة خارج أصلنا، ولم أره في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وهو مَرْفوعٌ ومنصوب بالقلم، قال شيخنا: (كذا وقع في بعض النُّسخ، كذا هو بالنصب بإضمار فعل؛ التقدير: وانظر رسولَك، ويجوز الرَّفع على الابتداء، وإضمار الخبر، وقد أسلفنا أنَّ في رواية الإسماعيليِّ: «ورسولك ينظرُ») انتهى.

(1/9494)


[باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها وكيف يقسم ذلك؟]
قوله: (بَابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا): (تهَب)؛ بفتح الهاء، وهذا ظاهِرٌ معروف.
==========
[ج 2 ص 433]

(1/9495)


[حديث: أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة]
5212# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو زُهير بن معاوية، أبو خيثمة، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام.
==========
[ج 2 ص 433]

(1/9496)


[باب: إذا تزوج البكر على الثيب]

(1/9497)


[حديث: السنة إذا تزوج البكر أقام عندها سبعًا]
5213# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هذا هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهو ابن المفضَّل، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، الحافظ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدَةٌ، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
قوله: (السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ): هذا مَرْفوعٌ؛ لأنَّ قول الصَّحابيِّ: (السُّنَّة كذا) أو (من السُّنَّة كذا): مَرْفوعٌ على الأصحِّ، كما هو معروف في المداخل إلى علوم الحديث، وكذا ألفاظ أخرى؛ لأنَّ الظاهر أنَّه لا يريد الصَّحابيُّ به إلَّا سنَّتَه صلَّى الله عليه وسلَّم وما يجب اتِّباعه، قال ابن الصَّبَّاغ في
[ج 2 ص 433]
«العُدَّة»: وحُكِي عن أبي بكر الصَّيرفيِّ، وأبي الحسن الكرخيِّ، وغيرهما: أنَّهم قالوا: يحتمل أن يريد به: غير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا يحمل على سنَّتِه، انتهى، ويُؤيِّد كونه مرفوعًا قولُ أبي قِلَابَة في آخر الحديث: (ولو شئتُ؛ لقلتُ: إنَّ أنسًا رفعه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ يعني: أنَّه لا فرق بين أقوال (رفعه) أو (السُّنَّة)، وكذا قول خالد في الطريق الأخرى: (ولو شئتُ؛ قلتُ: رفعه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).
تنبيهٌ هو فائدةٌ: حديث أنس كذا هو في «البُخاريِّ» «ومسلم»: (السُّنَّة)، وفي رواية لابن حِبَّان _بكسر الحاء المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة_ عن أنس: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «سبعٌ للبكر، وثلاثٌ للثَّيِّب»، ورواه كذلك الدَّارقطنيُّ والبَيْهَقيُّ، والله أعلم.

(1/9498)


[باب: إذا تزوج الثيب على البكر]

(1/9499)


[حديث: من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا]
5214# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.
قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَخَالِدٌ): أمَّا (أيُّوب)؛ فهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، وأمَّا (خالد)؛ فهو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا أنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو عبد الرَّزَّاق بن همَّام، الحافظ الكبير، و (سُفْيَانُ) بعده: الثَّوريُّ، صرَّح به المِزِّيُّ، و (أَيُّوب) و (خَالِد): تقدَّما أعلاه، وتعليق عبد الرَّزَّاق عن الثَّوريِّ أخرجه مسلم في (النِّكاح) عن مُحَمَّد بن رافع عن عبد الرَّزَّاق به.
==========
[ج 2 ص 434]

(1/9500)


[باب من طاف على نسائه في غسل واحد]
قوله: (بَابُ مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غَسْلٍ [1] وَاحِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الغَسل)؛ بالفتح: الفعل، وبالضَّمِّ: الماء [2]، وأنَّه يجوز في كلٍّ منهما الفتحُ والضَّمُّ، مُطَوَّلًا.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (غُسل)؛ بضمِّ الغين، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.
[2] زيد في الأصل: (وبالفتح: الفعل)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 434]

(1/9501)


[حديث: أن نبي الله كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة]
5215# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو سعيد بن أبي عروبة.
قوله: (كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ): يعني بهنَّ: أزواجه اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ؛ وهنَّ: سودة، وعائشة، وحفصة بنت عمر، وأمُّ سلمة _وهي هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة بن المغيرة_ وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وأمُّ حبيبة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة، واسمها رملة، وصفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب، وميمونة بنت الحارث بن حزن، وقد ذكرت زوجاتِه صلَّى الله عليه وسلَّم المدخولَ بهنَّ، ومَن لم يدخل بها، ومَن وهبت نفسها، ومَن خطبها ولم يتَّفق له عليه السَّلام نكاحُها في (كتاب الغسل)، وهذا الفعل محمول عند الشَّافِعيَّة على رضاهنَّ بذلك، أو أنَّ ذلك عند إقباله من سفر؛ حيث لا قسم يلزم؛ لأنَّه كان إذا سافر؛ أقرع بين نسائه، فإذا انصرف؛ استأنف القسم بعد ذلك، ولم تكن واحدةٌ أولى مِن صاحبتها بالبُداءة، فلمَّا استوت حقوقهنَّ كلُّهنَّ في وقت واحد ثَمَّ؛ استأنف القسم بعد ذلك، وجوابٌ ثالثٌ؛ وهو أنَّ ذلك كان في يوم فراغه من القسم بينهنَّ، فيفرغ في هذا اليوم لهنَّ أجمع، ثُمَّ يستأنف القسم بعد ذلك، قاله المهلَّب شارح «البُخاريِّ»، [ورابع ... ]، وخامسٌ ذكره ابن العربيِّ المالكيُّ: أنَّ الله تعالى خصَّ نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم بأشياء في النِّكاح؛ منها: أنَّه أعطاه ساعة لا يكون لأزواجه فيها حقٌّ، يدخل بها على جميع أزواجه فيفعل ما يريد بهنَّ، ثُمَّ يدخل عند التي يكون الدَّور لها، والله أعلم، وسيأتي ما في ذلك قريبًا، والقسم [عند] الشَّافِعيَّة: واجبٌ عليه على الصَّحيح، وهذا معروفٌ.

(1/9502)


[باب دخول الرجل على نسائه في اليوم]

(1/9503)


[حديث: كان رسول الله إذا انصرف من العصر دخل على نسائه]
5216# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي المَغْراء، وتَقَدَّمَ ضبط (المَغْرَاء)، وترجمة فروة.
قوله: (إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ؛ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ ما قاله ابن العربيِّ أعلاه، واعلم أنَّ في «الأحوذي شرح التِّرْمِذيِّ» لابن عربي عزوَ ذلك لمسلم عن ابن عَبَّاس، والحديث الذي ذكره عن ابن عَبَّاس في «مسلم» لم أقف عليه، لكن فيهما في هذا الحديث في قصة شرب العسل: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا صلَّى العصر؛ دخل على نسائه، فيدنو منهنَّ ... )؛ الحديث، وليس فيه ما يدلُّ على ما ذكره، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 434]

(1/9504)


[باب: إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له]
قوله: (فِي أَنْ يُمَرَّضَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الميم، وتشديد الرَّاء مفتوحة، وهو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 434]

(1/9505)


[حديث: أين أنا غدًا أين أنا غدًا ... ]
5217# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت الإمامِ مالكِ بن أنس المجتهدِ، أحدِ الأعلام.
قوله: (لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/9506)


[باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض]
قوله: (بَابُ حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ): (بعض) الأولى: مَنْصوبٌ مفعول المصدر، وهو (حُبُّ)، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9507)


[حديث عمر: دخل على حفصة فقال: يا بنية لا يغرنك هذه ... ]
5218# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هو ابن بلال، و (يَحْيَى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ.
قوله: (حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابه في (سورة المُتحرِّم)، وقد وعدت هناك أن أذكر بعضه هنا، فـ (حسنُها): مَرْفوعٌ، وكذا هو في أصلنا هنا وهناك، وإعراب (حسن)؛ بالرَّفع فاعلٌ، والضَّمير بعده مضافٌ إليه، و (حبُّ): مَرْفوعٌ أيضًا بدلٌ من (حسن)، وذكر شيخنا هناك شيئًا عن نسخة الدِّمْيَاطيِّ؛ فراجعه، وقال هنا: (هو بفتح النُّون من «حسنها»؛ لأنَّه مفعولٌ من أجله، و «حبُّ»: فاعل؛ تقديره: أعجبها حبُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إيَّاها؛ لأجل حسنها، وقيل: إنَّه مَرْفوعٌ؛ كـ «الحب»؛ مثل: أعجبني زيدٌ حلمُه عقلُه علمُه، وهو غير صحيح؛ لأنَّ أعجبني زيدٌ حلمُه عقلُه: هو بدلُ اشتمال، فـ «زيد»: مَرْفوعٌ، والمبدل منه: مَرْفوعٌ مثله، والضَّمير هنا الذي مع «أعجبها»: مَنْصوبٌ، لا يصحُّ بدل «الحسن» منه، ولا «الحب»؛ لأنَّهما لا يعقلان، فيصحُّ أن يَتعجَّبا، ولا يُبدَل «الحبُّ» من «الحسن» إلَّا في بدل الغلط، وهو ليس في القرآن، ولا في الكلام الفصيح، نبَّه عليه ابن التِّين)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ في (سورة المُتحرِّم) عكس هذا عن ابن التين، ولعلَّه من سقم النُّسخة، لا من ابن التين، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 434]

(1/9508)


[باب المتشبع بما لم ينل وما ينهى من افتخار الضرة]
قوله: (وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ): (يُنهَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9509)


[حديث: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور]
5219# قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (فَاطِمَةَ) بعده: هي زوجته فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير، بنت عمِّه، تَقَدَّمَتْ، وكذا جدَّتُها (أَسْمَاء) بنت أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَتْ رضي الله عنها.
قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو يحيى بن سعيد القَطَّان، و (هِشَام): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عروة، وكذا (فَاطِمَةُ) بنت المنذر بن الزُّبَير زوجة هشام، وبنت عمِّه، و (أَسْمَاءَ): بنت أبي بكر، كلُّ ذلك أعلاه وقبله أيضًا.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ لِي ضَرَّةً ... )؛ الحديث: هذه (المرأةُ)، و (ضرَّتُها)، و (زوجُها) لا أعرف أسماءهم، وقال بعض المُتأخِّرين من الحُفَّاظ المصريِّين: (إنَّها أسماء، كَنَّت في هذه الرواية عن نفسها، وزوجها: الزُّبَير، وضرَّتها: أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
==========
[ج 2 ص 434]

(1/9510)


[باب الغيرة]
قوله: (بَابُ الْغَيْرَةِ): هي بفتح الغين، وهي الأنفة، وهذا ظاهِرٌ معروف.
[ج 2 ص 434]
قوله: (وَقَالَ وَرَّادٌ): هو بفتح الواو، وتشديد الرَّاء، وفي آخره دال مهملة، وهو مولى المغيرة بن شعبة وكاتبه، كنيته أبو سعيد، ويقال: أبو الورد، يروي عن المغيرة، وعنه: الشعبيُّ، والقاسم بن مخيمرة، والمُسَيَّب بن رافع، ورجاء بن حيوة، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا يأتي في (كتاب المحاربين) و (التوحيد): عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة، قال: وقال عبيد الله بن عمرو، ومسلم في (اللِّعان): عن القواريريِّ وأبي كامل؛ كلاهما عن أبي عوانة، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن حسين بن عليٍّ، عن زائدة؛ ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير عن وَرَّاد به.
قوله: (غَيْرَ مُصْفحٍ): هو بالصَّاد، والفاء، والحاء المُهْمَلتين، قال ابن قُرقُول: (بكسر الفاء وفتحها؛ يعني: مع ضمِّ الميم، وسكون الصاد المُهْمَلة؛ أي: بحدِّه لا بعرضه؛ تأكيدًا لبيان ضربه؛ ليقتله، فمَن فتحه؛ كان وصفًا للسيف حالًا منه، ومن كسره؛ جعله حالًا من الضارب، و «صفحا السَّيف»: وجهاه العريضان، و «غِراراهُ»: حدَّاه)، انتهى، و (الغِرار)؛ بالغين المُعْجَمة المكسورة، وراءين مخفَّفتين: الحدُّ، وغِرار كلِّ شيء: حدُّه، وقال ابن الأثير في (مصفِح)؛ لغتي الكسر والفتح يرويان معًا، انتهى، ورأيته في بعض النسخ مشدَّد الفاء مفتوحها، وقال شيخنا عن ابن التين: والتشديد هو ما في سائر الأمهات، انتهى، والله أعلم.
قوله: (وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي): (الغيرة): تغيُّر القلب، وهيجان الحَفيظة، هذا في حقِّ البشر، والغيرة في وصف الله تعالى: منعه من ذلك وتحريمه، ويدلُّ عليه قوله: «ومن أجل ذلك حرَّم الفواحش»، وقوله: «وغيرته: أن يأتي المؤمن ما حرَّم الله عليه»، وقد تكون غيرة الرَّبِّ تعالى تغيير حال ذلك بعقاب.

(1/9511)


[حديث: ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش]
5220# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ ضبط (غياث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلَمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.
==========
[ج 2 ص 435]

(1/9512)


[حديث: لا شيء أغير من الله]
5222# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كثير، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.
قوله: (لَا شَيْءَ أَغْيَر مِنَ اللهِ): يُقرَأ برفع الرَّاء ونصبها، فمن نصبه؛ جعله نعتًا لـ (شيء) على إعرابه؛ لأنَّ (شيئًا) مَنْصوبٌ، ومن رفع؛ نَعَتَ موضعَ (شيء) قبل دخول (لا) عليه؛ كقوله تعالى: {مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غيرِه} [الأعراف: 59]، قُرئ بخفض {غيرِه}، ورفعِه، فالرَّفع على الموضع، والخفض على اللَّفظ، وقد قرأ الكِسائيُّ بالخفض حيث وقع؛ إذا كان قبل {إله}: {من} التي للخفض، والباقون بالرفع، ويجوز أيضًا رفع (شيء)؛ مثل: {لا لَغْوٌ فِيهَا} [الطور: 23]، و {لا بَيْعٌ} [البقرة: 254]، قاله شيخنا، وهو ظاهِرٌ.
قوله: (وَعَنْ يَحْيَى: أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، فروى هذا البُخاريُّ عن موسى بن إسماعيل، عن همام _يعني: ابن يحيى العَوْذيَّ_ عن يحيى _هو ابن أبي كثير_ عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وليس تعليقًا؛ فاعلمه، والله أعلم.

(1/9513)


[حديث: إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله]
5223# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين، الحافظ، و (شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عبد الرحمن، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كثير، و (أَبُو سَلَمَة): هو عبد الرحمن بن عوف، تَقَدَّمَ أعلاه، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخر، على الأصح من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَغَيْرَةُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الغين، وتَقَدَّمَ أعلاه ما الغيرة في حقِّ الله تعالى.
==========
[ج 2 ص 435]

(1/9514)


[حديث: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك]
5224# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] غيلان، و (أَبُو أُسَامَةَ): حمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (أَسْمَاء): هي أمُّ عروة، وهي بنت أبي بكر كما هنا، تقدَّموا كلُّهم.
قوله: (غَيْرَ نَاضِحٍ): (غير): يجوز فيها الرَّفع والنَّصب، وهما ظاهران، وكذا (غَير) الثانية، و (النَّاضِح)؛ بالنون، وبعد الألف ضادٌ معجمةٌ مكسورةٌ، ثُمَّ حاءٌ مهملةٌ، وهو البعير الذي يُستقى عليه الماءُ.
قوله: (وَأَخْرزُ): (أخرُزُ): بِضَمِّ الراء وكسرها، تقدَّما، و (الغَرْبُ): بفتح الغين المُعْجَمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهو الدَّلو.
قوله: (عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ): (الفرسخ): ربع بَريد؛ وهو ثلاثة أميال، وقد تَقَدَّمَ كم الميل، والاختلاف فيه، وذكرت فيه سبعة أقوال.
قوله: (وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ): (النفر): تَقَدَّمَ أنَّهم ما دون العشرة من الرِّجال؛ كالرَّهط، ولا أعرف أسماء هؤلاء النَّفر.
قوله: (فَقَالَ [1] إخٍّ إخٍّ): هو بكسر الهمزة، وتشديد الخاء المُعْجَمة؛ إناخة الجمل، قال شيخنا مجد الدين في «القاموس» في زياداته على «الصِّحاح»: في (أخخ): (و «أَخْ»: كلمة تكرُّهٍ وتأوُّهٍ، و «الأخُّ»: القَذَر، ويُكسَر، ولغة في «الأَخِ»، و «إخْ»؛ بالكسر: صوت إناخة الجمل)، وقال بعده في زياداته على «الصِّحاح»: («إيخٍ»: مبنيَّة على الكسر، تقال عند إناخة البعير)، وقال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم» في هذا الحديث: (أمَّا لفظة: «إِخْ»، فهي بكسر الهمزة، وإسكان الخاء المُعْجَمة، وهي كلمة تقال للبعير ليبرك)، ولم ينبِّه على أنَّها مخفَّفة أو مشدَّدة، والله أعلم.
قوله: (وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ): يعني: مَن عدا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

(1/9515)


[حديث: غارت أمكم]
5225# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو ابن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، و (ابْنُ عُلَيَّةَ) بعده: هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ أنَّه حميد الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ): تَقَدَّمَ قبيل (الشركة) أنَّها عائشة رضي الله عنها، كذا صرَّح بها التِّرْمِذيُّ في «جامعه».
قوله: (فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ): تَقَدَّمَ قبيل (الشَّركة) أنَّ المُرسِلة ماختُلِف فيها؛ فقيل: صفيَّة، كذا في «أبي داود» «والنَّسَائيِّ» بإسناد فيه مقالٌ، قاله شيخنا، وقيل: حفصة، كذا في بعض طرق الحديث خارج الكتب، وقيل: زينب بنت جحش، وقيل: أمُّ سلمة، حكاهما المحبُّ الطَّبريُّ، كما نقله شيخنا عنه، وعزا الثَّاني إلى المنذريِّ، وقد ذكرتُ هناك جمعًا بين الأقوال؛ فانظره، والله أعلم.
[ج 2 ص 435]
قوله: (بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ): تَقَدَّمَ قبيل (الشَّركة) عن «المُحَلَّى»: أنَّه كان حيسًا، وفي «سنن الدَّارميِّ أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحمن»: أنَّه كان ثريدًا، ويحتمل أنَّه كان ثريدًا عليه حيسٌ، والله أعلم.
قوله: (يَدَ الْخَادِمِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الخادم) هنا الظاهر أنَّها أنثى، والله أعلم، ولا أعرف اسمها.
قوله: (فِلَقَ الصَّحْفَةِ): (فِلَق): بكسر الفاء، وفتح اللَّام، وبالقاف، وكذا قَيَّدهُ شيخنا، ثُمَّ قال: (ولا يبعد فتح الفاء، وسكون اللَّام، قال ابن التين: وهو الظاهر)، انتهى.

(1/9516)


قوله: (غَارَتْ أُمُّكُمْ): قال شيخنا: (يريد سارةَ لمَّا غارت على هاجر حتَّى أخرج إبراهيم إسماعيل طفلًا مع أمِّه، قاله الدَّاوديُّ، وظاهر الحديث: أنَّ كاسرة الصَّحفة أمُّ المؤمنين)، انتهى، وقدَّم هذا القولَ على غيره، والظاهر: إنَّما المراد: أمُّ المؤمنين عائشة، وسارة ليست أمَّ قريش، إنَّما أمُّهم هاجر، وقد جعل القضاعيُّ ذلك له عليه السَّلام دون غيره من الأنبياء؛ أعني: أنَّ أزواجَه أمَّهات المؤمنين خاصًّا به، وقد نقل صاحب «المحكم» عن الزَّجَّاج في معنى قوله تعالى: {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78]: كنَّى ببناته عن نسائهم، ونساء أمَّة كلِّ نبيٍّ بمنزلة بناته، وأزواجُه بمنزلة أمَّهاتِهم، وحكى جماعة مِن المفسِّرين في ذلك قولين؛ أحدهما: أنَّه أراد: بنتيه حقيقةً؛ لأنَّ الجمع يقع على الاثنين، والثاني: أنَّه أراد: نساء أمَّته؛ لأنَّه وليُّ أمَّته، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى أُتِيَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا): (كُسِرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (صحفتُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (كَسَرَتْ): هو بفتح الكاف والسِّين، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.

(1/9517)


[حديث: دخلت الجنة فأبصرت قصرًا]
5226# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح الدال المُشَدَّدة، اسم مفعول، وهو نسبة إلى جدِّه مُقدَّم، و (مُعْتَمِرٌ) هذا: هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ، و (عُبَيْد اللهِ [1]) بعده: هو ابن عمر العُمريُّ، تَقَدَّمَ أيضًا، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبيد الله بن عمر بن حفص أبو عثمان، مات سنة (147 هـ)، أخو عبد الله، وعاصم، وأبي بكر العُمريُّون)، انتهى، فقوله في وفاته: سنة (147 هـ)؛ هذا قول الهيثم بن عديٍّ، وقُدِّم هذا القول على غيره، وقال غيره: مات سنة أربعٍ أو خمسٍ وأربعين ومئة، والله أعلم، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.
قوله: (أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ؟): الواو مفتوحة من (أوَ) للاستفهام، وقد تَقَدَّمَ متى تفتح الواو، ومتى تُسكَّن.
==========
[1] في هامش (ق): (عُبيد الله بن عمر بن حفص، أبو عثمان، مات سنة سبع وأربعين ومئة، أخو عَبد الله وعاصم وأبي بكر العمريون العدويون).
[ج 2 ص 436]

(1/9518)


[حديث: بينما أنا نائم رأيتني في الجنة]
5227# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدان لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْنُ المُسَيّب): سعيد، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لايجوز في يائه إلَّا الفتحُ.
قوله: (رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ التَّاء؛ أي: رأيتُ نفسي.
قوله: (تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (بَاب ما جاء في صفة الجنَّة).
قوله: (فَبَكَى عُمَرُ): تَقَدَّمَ لماذا بكى في (باب صفة الجنَّة).
قوله: (أَوَعَلَيْكَ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الواو، على الاستفهام.
==========
[ج 2 ص 436]

(1/9519)


[باب غيرة النساء ووجدهن]
قوله: (بَابُ غَيْرَةِ النِّسَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الغَيرة) بفتح الغين، وقد تَقَدَّمَ ما هي قريبًا.
قوله: (وَوَجْدِهِنَّ): (الوَجْدُ)؛ بفتح الواو، وإسكان الجيم: الغَضَبُ.
==========
[ج 2 ص 436]

(1/9520)


[حديث: إني لأعلم إذا كنت عني راضية]
5228# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا مشهور ظاهر عند أهله.
قوله: (وَإِذَا كُنْتِ عليَّ غَضْبَى): سيجيء الكلام على غضبها عليه عليه السَّلام في (كتاب الأدب) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.
قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، والجيم، وإسكان اللَّام؛ أي: نعم.
==========
[ج 2 ص 436]

(1/9521)


[حديث: ما غرت على امرأة لرسول الله كما غرت على خديجة]
5229# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالمُهْمَلة؛ لأنَّ نصرًا بالمُهْمَلة لا يجيء بالألف واللَّام؛ بخلاف (النضر)؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا [1] بهما، وهذا هو النضر بن شميل الإمامُ، تَقَدَّمَ.
قوله: (كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ): هي أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَتْ ترجمتها في (المناقب)، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَت رضي الله عنها.
قوله: (وَقَدْ أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُوحِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (بِبَيْتٍ لَهَا فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب تزويجه عليه السَّلام خديجةَ).
قوله: (مِنْ قَصَبٍ): تَقَدَّمَ أيضًا في الباب المشار إليه أعلاه.
==========
[1] في الأصل: (لا).
[ج 2 ص 436]

(1/9522)


[باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف]
قوله: (بَابُ ذَبِّ الرَّجُلِ): هو بفتح الذال المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وهو الدَّفع والمنع.
==========
[ج 2 ص 436]

(1/9523)


[حديث: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي .. ]
5230# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا انَّه ابن سعد، أحد الأجواد والأعلام، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زهيرًا صَحَابيٌّ، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين المُهْمَلة، وأنَّه صَحَابيٌّ صغير، وأنَّ أباه مَخْرَمة مِن مُسْلِمة الفَتْح.
قوله: (إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوني): (هشام بن المغيرة): هو والد أبي جهل عمرِو بن هشام بن المغيرة، قال بعض حفَّاظ العصر: (والذي استأذن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو عمُّها الحارث بن هشام، روى ابن أبي شيبة في «مناقب فاطمة» من «مصنَّفه» ما يرشد إليه)، انتهى.
قوله: (أَنْ يُنْكِحُوا): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الكاف، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (ابْنَتَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها العوراء، وقيل: جويرية، وقيل: جهدمة بنت أبي جهل، وهي صحابيَّة، وقيل: اسمها جميلة، خطبها على فاطمة، فغضب رسولُ الله
[ج 2 ص 436]
صلَّى الله عليه وسلَّم، فتزوَّجها عتَّاب بن أَسِيد رضي الله عنها وعنه.
قوله: (فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي): (البَضعة)؛ بفتح الموحَّدة: القطعة، تَقَدَّمَ.
قوله: (يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا [1]): هو بفتح أوَّله؛ (يَريبني)، وفي نسخة: (ما أرابها)، هما لغتان، والأفصح الثُّلاثيُّ، تَقَدَّمَ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أرابها).

(1/9524)


[باب: يقل الرجال ويكثر النساء]
قوله: (وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ): (تَرى): بفتح المُثَنَّاة فوق أوَّلِه، و (الرجل): مفعول مَنْصوبٌ، و (الواحد): صفة لـ (الرجل)، كذا في أصلنا، ويجوز فيه: (يُرى)؛ بِضَمِّ أوَّله، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الرجل): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الواحد): مَرْفوعٌ صفة له، والله أعلم.
قوله: (يَتْبَعُهُ): هو بإسكان المُثَنَّاة، ويجوز فتحها مع التشديد، وهما لغتان ذكرهما البُخاريُّ في (تفسير يونس)، وكذا ذكرَهما غيرُه.
قوله: (أَرْبَعُونَ امْرَأَةً): هذا مثلُ: «حتَّى يكون لخمسين امرأة القيِّمُ الواحدُ»، وإذا كان كذلك؛ فلا منافاة بين الأربعين والخمسين، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.
==========
[ج 2 ص 437]

(1/9525)


[حديث: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم.]
5231# قوله: (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وإسكان الواو، وبالضاد المُعْجَمة، ثُمَّ ياء النسبة، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ): (يُرفَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (العِلْمُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَيَكْثُرَ الزِّنَى): هو بالزاي والنُّون، معروفٌ.
قوله: (حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ): قال ابن الأثير: (قيِّم المرأة: زوجها ومن يقوم بأمرها وما تحتاج إليه)، انتهى، فيحتمل الحديث _والله أعلم_ أن يكون لخمسين امرأة زوجٌ واحدٌ، ويكون ذلك حين لا يقال في الأرض: الله الله، ويحتمل أن يكون لهنَّ قيِّمٌ واحدٌ يقوم عليهنَّ في حوائجهنَّ وتدبيرهنَّ، ثُمَّ رأيت القُرْطُبيَّ في «التَّذكرة» حكى القولين اللَّذين ذكرتُهما احتمالين بمعناهما، ثُمَّ قال: (والقول الأوَّل أشبه)؛ يعني: القول بأنَّه يقوم بأمورهنَّ وحوائجهنَّ، لا أنَّه يتزوَّج بهنَّ، وذكرهما شيخنا احتمالَين قال: (ويؤيِّد الأوَّل؛ _يعني: يقوم عليهنَّ في حوائجهنَّ وأمورهنَّ_ ما رواه عليُّ بن معبد ... )؛ فذكر حديثًا، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 437]

(1/9526)


[باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة]
قوله: (وَالدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بِضَمِّ الميم، وكسر الغين المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، يقال: امرأة مُغِيبة ومُغِيب، وفي «الصِّحاح»: (وأغابت المرأة: غاب عنها زوجها فهي مغيبة؛ بالهاء، ومُشهِد؛ بلا هاء)، انتهى، و (المُشهِد): التي زوجها حاضرٌ، وفي «القاموس»: (مغيبة ومغيب)، وفي «نهاية ابن الأثير»، والله أعلم، وفي كلام بعضهم: (المغيبة: التي غاب زوجها عن مسكنها سواء أكان في البلد أم مسافرًا)، وهذا مراد الباقين.
==========
[ج 2 ص 437]

(1/9527)


[حديث: إياكم والدخول على النساء]
5232# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو ابن سعد الإمامُ، و (يَزِيدَ بْن أَبِي حَبِيبٍ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الْخَيْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يزيد بن عبد الله اليزنيُّ.
قوله: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ): (الدُّخول): مَنْصوبٌ _ونصبه معروف ظاهر_ على التَّحذير.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.
قوله: (أَفَرَأَيْتَ الْحَمُوْ): قال ابن قُرقُول: (كذا بِضَمِّ الميم ثُمَّ بواوٍ بعدَها ساكنةٍ دون همز جاءت الرواية، وفيه لغات؛ هذه أحدها)، ثُمَّ ذكر الباقي، والمجموع فيه خمس لغات، وفي «القاموس»: (الحَمْءُ _ويحرَّك_ والحَمَا، والحَمُوْ، والحَمَ: أبو المرأة أو الواحد من أقارب الزوج والزوجة، «ج» _يعني: الجمع_ أحماء)، انتهى، في «الصحاح»: (فيه أربع لغات: حَمْءٌ، وحَمَا _ كـ «قفا» _، وحَمُو _مثل: «أَبُوْ» _، وحَمٌ؛ مثل: «أَبٌ»)، انتهى، وهو أخو الزَّوج وما أشبهه من أقارب الزوج، كابن عمِّه ونحوه، قال أهل اللُّغة: الأحماء: أقارب زوج المرأة؛ كأبيه، وعمِّه، وأخيه، وابن أخيه، وابن عمِّه، ونحوهم، والأَخْتَان: أقارب زوجة الرجل، والأصهار: يقع على النَّوعين.
قوله: (الحَمُو المَوْتُ): معناه: أنَّ الخوف منه أكثر مِن غيره، والشَّرُّ يُتوقَّع منه والفتنة أكثر من غيره؛ لتمكُّنه مِن الوصول إلى المرأة والخلوة مِن غير أن يُنكَر عليه؛ بخلاف الأجنبيِّ، والمراد هنا: أقارب الزَّوج غير آبائه وأبنائه، فأمَّا الأبناء؛ فمحارم لزوجته، يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وأمَّا الأخ، وابن الأخ، والعمُّ، وابنه، ونحوهم ممَّا ليس محرمًا، وعادة الناس المساهلة فيه، ويخلو بامرأة أخيه؛ فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبيِّ، هذا هو الصواب في معنى الحديث، وأمَّا ما حكاه المازريُّ أو ذكره من أنَّ المراد بـ (الحَمُو): أبو الزَّوج، وقال: (إذا نُهِي عن أبي الزَّوج، وهو محرم، فكيف بالغريب؟!)؛ ففاسد مردود، ولا يحمل عليه الحديث، وكذا ما نقله القاضي عن أبي عبيد، والله أعلم، قاله الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

(1/9528)


[حديث: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم]
5233# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (أَبُو مَعْبَدٍ [1]): بالموحَّدة، اسمه: نافذ؛ بالفاء والذال المُعْجَمة، تَقَدَّمَ.
قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ): هذا (الرَّجل) لا أعرف اسمه.
قوله: (امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً): هذه (المرأة) لا أعرفها.
قوله: (وَاكْتُتِبْتُ): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[1] في هامش (ق): (اسمه نافذ، مات سنة أربع ومئتين، من أفضل موالي ابن عباس).
[ج 2 ص 437]

(1/9529)


[باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس]

(1/9530)


[حديث: والله إنكن لأحب الناس إلي]
5234# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (هِشَام): هو ابن زيد بن أنس بن مالك الأنصاريُّ البصريُّ.
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه (المرأة) لا أعرفها.
سؤالٌ: إن قيل: ليس في الحديث أنَّه خلا بها عند النَّاس كما ترجم عليه، قيل: قول أنس: (فخلا بها) يدلُّ أنَّه كان مع الناس، فتنحَّى بها ناحيةً، ولا أقلَّ مِن أن يكون مع أنس راوي الحديث وناقلِ القصَّة، وجاء في بعض طرقه أنَّه كان معها صبيٌّ أيضًا، ولم يُرِدْ بقوله: (فخلا بها): أنَّه غاب عن أبصارهم، إنَّما خلا بها حيث لا يسمع الذي بالحضرة كلامها ولا شكواها إليه، ألا ترى أنَّهم سمعوا قوله: «إنَّكنَّ أحبُّ النَّاس إليَّ»، وفي رواية: (أنتم)؛ يريد: الأنصار قوم المرأة، و (إنكنَّ) نسوتها، قال شيخنا: (قلت: وكأنَّه أراد: تعليم الأُمَّة كيف الخلوة بالمرأة، والعصمة قائمة به)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 437]

(1/9531)


[باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة]
قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 437]

(1/9532)


[حديث: لا يدخلن هذا عليكم]
5235# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان الموحَّدة، وهذا هو عبدة بن سليمان، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب بِنْت أَمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ رضي الله عنها، وكذا أمُّها (أمُّ سَلَمَةَ) هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها آخر الأزواج موتًا، تُوُفِّيَت بعد مَقتَل الحسين بن عليٍّ رضي الله عنهما.
قوله: (وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (المخنّث) بكسر النُّون وفتحها، وتَقَدَّمَ في (باب غزوة الطَّائف) أنَّ هذا اسمه هيت، وتَقَدَّمَ ضبطه، وقيل: إنَّه ماتع، وتَقَدَّمَ أسماء المَخانِثَة الذين كانوا في عهده عليه السلام، وهم: هيت، وأنَّة، وهرم [1]، وماتع، وتَقَدَّمَ أنَّ الخناث ضربان، وهذا الضَّرب منه غير ملعونٍ صاحبٌه؛ فانظر ذلك، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وقيل: المخنَّث: ماتع، والمقول له: خالد بن الوليد في بادية بنت غيلان، وما في «البُخاريِّ» أصحُّ)، انتهى.
قوله: (عَلَى بِنْتِ غَيْلَان): تَقَدَّمَ في (غزوة الطَّائف) أنَّها بادية، وقيل: بادنة، وأنَّ أباها غيلان بن سلمة، أسلم على عشر نسوة، وقصَّته معروفة.
قوله: (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ): تَقَدَّمَ في (غزوة الطَّائف) مع زيادة جاءت في بعض طرقه؛ فانظرها.

(1/9533)


[باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة]
قوله: (إِلَى الْحَبَشِ): هم بفتح الحاء المُهْمَلة والموحَّدة: جنس مِن السُّودان.
==========
[ج 2 ص 437]

(1/9534)


[حديث: رأيت النبي يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون]
5236# قوله: (عَنْ عِيسَى): (عيسى) هذا: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيُّ، أحد الأعلام، و (الأَوْزَاعِي): عبد الرحمن بن عمرو، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
[ج 2 ص 437]
قوله: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بِضَمِّ تاء المتكلِّم، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (بِرِدَائِهِ): تَقَدَّمَ ما (الرداء) مَرَّاتٍ.

(1/9535)


[باب خروج النساء لحوائجهن]

(1/9536)


[حديث: قد أذن لكن أن تخرجن لحوائجكن]
5237# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المَغْراء) بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، وفي آخره همزة ممدودة.
قوله: (سَوْدَةُ بِنْتُ زَمعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ المؤمنين، و (زَمعة): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الميم وفتحها، والفتح في اللغة، ولكن نحن نقرؤه بالإسكان.
قوله: (لَعَرْقًا): (العَرْق): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الراء، وبالقاف، وتَقَدَّمَ ما هو.
==========
[ج 2 ص 438]

(1/9537)


[باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره]
قوله: (بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا): (زوجَها): بالنصب مفعول المصدر؛ وهو (استئذان)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 438]

(1/9538)


[حديث: إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها]
5238# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (إِلَى الْمَسْجِدِ، فَلَا يَمْنَعْهَا): تَقَدَّمَ الكلام على الشروط التي ذكرها فقهاء الشَّافِعيَّة في جواز خروجها إلى المسجد، في مكانه؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 438]

(1/9539)


[باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع]

(1/9540)


[حديث: إنه عمك فأذني له]
5239# قوله: (جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على عمِّ عائشة، وأنَّه أفلح أخو أبي القُعَيس، ويُقال: أفلح بن أبي قُعَيس، ويقال: أفلح أبو القُعَيس، والصَّحيح: أفلح أخو أبي القُعَيس، وكنيته أبو الجَعْد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ لها عمًّا آخر، كما قاله القابسيُّ، وأنا لا أعرف اسمه، مُطَوَّلًا، والله أعلم.
قوله: (إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ): هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ): (ضُرِب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحجابُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/9541)


[باب: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها]
قوله: (لَا تُبَاشِر الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ): (تباشر): يجوز جزمه بـ (لا) الناهية، وكسر الراء؛ لالتقاء الساكنين، ويجوز رفعه، وهو خبر، ومعناه النَّهْي.
قوله: (فَتَنْعَتهَا): يجوز رفعه ونصبه، إن جزمتَ (تباشر)؛ فانصب (تنعت)، وإن رفعت؛ فارفع، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 438]

(1/9542)


[حديث: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها]
5240# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيابيُّ، كما قاله شيخنا عن أبي نعيم وغيره، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، والأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكندي، في أوائل هذا التعليق وبعده أيضًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، كما قاله شيخنا، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلَمة.
قوله: (فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.
قوله: (فَتَنْعَتهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا): ظاهره أنَّه من قوله عليه السلام، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: نهيه عن المباشرة للوجه الذي ذكر عبدُ الله، فكأنَّه جعل قوله: (تنعتها ... ) إلى آخره من كلام ابن مسعودٍ، وظاهرُ الحديث رفعُه، انتهى [1].

(1/9543)


[حديث: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها]
5241# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ [1] بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، وأنَّه بكسر الغين المُعْجَمة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلَمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

(1/9544)


[باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائه]

(1/9545)


[حديث: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة بمائة امرأة]
5242# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (ابْن طَاوُوس): اسمه عبد الله، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (كتاب الأنبياء).
قوله: (لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِئَةِ امْرَأَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ سليمان عليه السلام [1] كان له ستُّون امرأةً، وفي رواية: (سبعون)، وفي رواية: (تسعون)، وفي رواية: (تسع وتسعون)، وفي رواية: (مئة)، وهذا كلُّه ليس بمتعارضٍ؛ لأنَّه ليس في ذكر القليل ما ينفي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، ولا يُعمَل به عند جمهور الأصوليِّين، وقال شيخنا عن ابن التين: إنَّه جاء في بعض الروايات: (بألف)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على أزواجه وسراريه في (كتاب الأنبياء) مُطَوَّلًا، وما قاله ابن عَبَّاس، وما قاله غيرُه، وما رأيته أنا، والله أعلم.
قوله: (فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ): هذا فاصل للنزاع، وفي رواية في «الصَّحيح»: (فقال له صاحبه)؛ والمراد به: الملَك، كما هنا، وهو الظاهر، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، وأبعدَ من قال: خاطره، والصَّحيح الأوَّل؛ لمجيئه كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلم».
قوله: (فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ): الظاهر أنَّ (النسيان) هنا المراد به: الترك، لا النسيان المشهور؛ لأنَّ في هذه المدَّة القريبة بعيدٌ نسيانَ سليمان قول المَلَك، والله أعلم.
قوله: (نِصْفَ إِنْسَانٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.
==========
[1] زيد في (أ): (أنه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.
[ج 2 ص 438]

(1/9546)


[باب: لا يطرق أهله ليلًا إذا أطال الغيبة مخافة أن يخونهم ... ]
قوله: (بَابٌ: لَا يَطْرُق أَهْلَهُ لَيْلًا): (يطرق): مجزوم بـ (لا) الناهية، ويجوز رفعه على أنَّه خبرٌ معناه النَّهْي؛ أي: لا يأتيهم من سفرٍ ليلًا بغتةً؛ ليستغفلهم، ويطلب عثراتهم، والاطِّلاع على خلواتهم، كما فُسِّر ذلك في قوله: (يتخوَّنهم بذلك)، و (الطروق) بالليل حقيقةٌ، وبالنهار مجازٌ، وذَكَر الليل في التبويب تبعًا للحديث؛ لأنَّ الحديث الآتي كذلك بعد الحديث الأوَّل، وكأنَّه تأكيدٌ أو لرفع المجاز، وقد قال ابن فارس عن بعضهم: إنَّ الطروق يكون في النهار، فعلى هذا؛ يكون (ليلًا) على البيان، والله أعلم.
قوله في الترجمة: (مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (يخوِّنهنَّ) و (عثراتهنَّ)، قال شيخنا: أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن جابر قال: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يطرق الرجل أهله ليلًا، يتخوَّنهم، أو يلتمس عثراتهم) انتهى.

(1/9547)


[حديث: كان النبي يكره أن يأتي الرجل أهله طروقًا]
5243# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي إياس، و (مُحَارِبٌ): اسم فاعل من (حارب)، و (دِثَار): بكسر الدال المُهْمَلة، وتخفيف الثاء المثلَّثة، وفي آخره راء.
قوله: (طُرُوقًا): هو بِضَمِّ الطاء، مصدرٌ في موضع الحال.
==========
[ج 2 ص 438]

(1/9548)


[حديث: إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلًا]
5244# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الشين، وأنَّ اسمه عامر بن شَراحيل، وتَقَدَّمَ مترجمًا.
[ج 2 ص 438]

(1/9549)


[باب طلب الولد]

(1/9550)


[حديث جابر: كنت مع رسول الله في غزوة فلما قفلنا ... ]
5245# قوله: (عَنْ هُشَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هُشَيم بن بَشِير، حافظ بغدادَ، و (سَيَّار): هو ابن سلامة الرِّياحيُّ؛ بكسر الراء، وبالمُثَنَّاة تحت، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه عامر بن شَراحيلَ.
قوله: (فِي غَزْوَةٍ): تَقَدَّمَ ما كانت هذه الغزاة، وفيها بيعُ جَمَلِه، والاختلاف فيها، ففي هذا «الصَّحيح» معلَّقًا: أنَّها غزوة تبوك، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن إسحاق ذكر قصَّة بيع الجمل في (غزوة ذات الرقاع)، وتَقَدَّمَ أنَّه لمَّا كان بصرار، وتَقَدَّمَ غير ذلك، والله أعلم.
قوله: (قَطُوفٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وضمِّ الطاء المُهْمَلة المخفَّفة، وتَقَدَّمَ ما (القَطُوف).
قوله: (مَا يُعْجِلُكَ؟): هو بِضَمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، رُبَاعيٌّ متعدٍّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا؟): تقديره: أبكرًا؛ لأنَّ (أم) لا يُعطَف بها إلَّا بعد همزة الاستفهام، والله أعلم.
قوله: (قُلْتُ: لَا [1]، بَلْ ثَيِّبًا): تَقَدَّمَ أنَّ زوجة جابر هذه الثيِّب لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في تسميتها من أنَّها سُهَيمة بنت مسعود بن أوسٍ الأوسيَّة، والله أعلم.
قوله: (الشَّعِثَةُ): تَقَدَّمَ ضبطها، وكذا (الْمُغِيبَةُ)، وكذا (تَسْتَحِدَّ).
قوله: (وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ): قائل ذلك لا أعرفه، ولا (الثقة) أيضًا، وشيخُنا لم يذكرهما أيضًا.
قوله: (الْكَيْسَ الْكَيْسَ): هو بفتح الكاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ بالسين المُهْمَلة، مَنْصوبٌ على الإغراء، وقيل: على التحذير من العجز عن الجماع، وهو راجعٌ إلى الإغراء؛ لتضمُّنه الحثَّ على الجماع، قال ابن قُرقُول: يريد: الولدَ وطلبَ النسل، يُقال: كاس الرجل في عمله: حذق، وكاس: وَلَدَ كَيْسًا، وقال الكِسائيُّ: أكاس: وُلِد له كَيْس، وفي «النهاية»: قيل: أراد: الجماعَ.

(1/9551)


[حديث: إذا دخلت ليلًا فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة]
5246# قوله: (عَنْ سَيَّارٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن سلامة الرِّياحيُّ، وتَقَدَّمَ ضبط (الرِّياحيِّ) أعلاه، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عامر بن شَراحيل.
قوله: (حَتَّى تَسْتَحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاستحدادَ) حلقُ العانة بالحديد، و (الشَّعِثَةُ): تَقَدَّمَ ضبطها.
قوله: (تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على سيَّار فيما يظهر، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر العُمريُّ، و (وَهْب): هو ابن كيسان، ومتابعة عبيد الله هذه أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن بُنْدَار، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ، عن عبيد الله بن عمر به، وفي (الشروط): قال عبيد الله وابن إسحاق عن وهب، عن جابر، وأخرجها مسلمٌ في (الصلاة) مختصرًا، وفي (النِّكاح) بتمامه عن أبي موسى، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 439]

(1/9552)


[باب: تستحد المغيبة وتمتشط]
قوله: (بَابٌ: تَسْتَحِدُّ الْمُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ): تَقَدَّمَ الكلُّ.
==========
[ج 2 ص 439]

(1/9553)


[حديث: فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك]
5247# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أدناها أعلاه أنَّه ابن بَشِير، و (سَيَّارٌ): هو ابن سلامة، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل.
قوله: (فِي غَزْوَةٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في هذه الغزوة أعلاه وقبله مُطَوَّلًا، وكذا تَقَدَّمَ (القَطُوف) ضبطًا، وما هو، و (العَنَزَة): تَقَدَّمَ ما هي، وزوجة جابر الثيِّب: تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفها.
قوله: (أَمْهِلُوا): هو بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (الشَّعِثَةُ) و (الْمُغِيبَةُ): تقدَّما.
==========
[ج 2 ص 439]

(1/9554)


[باب: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن}]

(1/9555)


[حديث: اختلف الناس بأي شيء دووي جرح رسول الله]
5248# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (بِأَيِّ شَيْءٍ دُوْوِيَ جُرْحُ [1] النَّبيِّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟): يعني: جرحه يوم أُحُد، وقد تَقَدَّمَ مَن فعل به ذلك في (غزوة أحد) وغيرِها.
قوله: (فَسَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سهل بن سعد): تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وثمانين، وهو ابن بضع وتسعين سنةً، وقال الواقديُّ وجماعةٌ: تُوُفِّيَ سنة إحدى وتسعين، وهو آخر مَن مات بالمدينة، انتهى [3]
قوله: (فَأُخِذَ حَصِيرٌ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن قَيِّم الجَوزيَّة مقتضى كلامه أن يكون من بُرْديٍّ، و (أُخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (حصيرٌ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ): (حُشِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (جرحُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/9556)


[بابٌ: {والذين لم يبلغوا الحلم}]

(1/9557)


[حديث: شهدت مع رسول الله العيد أضحى أو فطرًا؟]
5249# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، مردويه السِّمْسَار، أبو العَبَّاس، عن ابن المبارك، وجرير بن عبد الحميد، وإسحاق الأزرق، وعنه: البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ وقال: لا بأس به، تُوُفِّيَ سنة (235 هـ)، أخرج له مِن الأئِمَّة مَن روى عنه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَابِسٍ): بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ يشتبه مَن به، وهو عبد الرحمن بن عائش؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمة.
قوله: (سَأَلَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ؟): الرجل السائل لابن عَبَّاس لا أعرفه.
قوله: (يهْوِينَ): هو بِضَمِّ الياء وفتحها، رُبَاعيٌّ وثُلَاثيٌّ، تَقَدَّمَ، وقد اقتصر شيخنا هنا على الضمِّ فقط.
==========
[ج 2 ص 439]

(1/9558)


[باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟]
قوله: (بَابُ طَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِي الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ): كذا هذا التبويب في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟ وطَعْن الرجلِ ابنتَه في الخاصرة عند العتاب)، وكذا ذكره ابن المُنَيِّر في «تراجمه»، قال ابن المُنَيِّر: فيه عائشة: (عاتَبَني أبو بكر، وجعل يطعُنُني ... )؛ الحديث، ثُمَّ قال في أوَّل الترجمة: من [1] حديث أبي طلحة لمَّا تُوُفِّيَ ابنُه، أخرجه في (العقيقة)، ولم يخرِّجه هنا، وساقه مع طعن الرجل ابنتَه في الخاصرة، والجامع بينهما: أنَّ كِلَا الأمرَين يُستَثنى في بعض الحالات، فإمساك الرجل بخاصرة ابنته ممنوعٌ إلَّا بمثل هذه الحاجة، وسؤال الرجل صاحبَهُ عمَّا فعله في كسرِ بيته مع أهله ممنوعٌ، وقد ورد النَّهْيُ فيه إلَّا في مثل هذه الحالة المقتضيةِ للبسط ولتسلية المصاب، ولا سيَّما مع الصلاح، وانتفاء المظنَّة، وسقط المزاح.
و (ابنتَه) في الترجمة: مَنْصوبٌ مفعول المصدر؛ وهو (طَعْن)، و (الرجلِ): مجرورٌ مضافٌ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] في (أ): (في)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 439]

(1/9559)


[حديث: عاتبني أبو بكر وجعل يطعنني بيده في خاصرتي ... ]
5250# قوله: (وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ): قال شيخنا: وفي رواية أبي زيد: (بيديه)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (يطعن): يجوز في عينه الضمُّ والفتح؛ لُغَتان، وقال شيخنا هنا: إنَّه بالضمِّ؛ لأنَّه باليد، والطعن بالقول: بالفتح، ذكره ابن فارس عن بعضهم، انتهى.

(1/9560)


((68)) (كِتَابُ الطَّلَاقِ) ... إلى (بَاب الخُلْعِ)
فائدةٌ: مَن طلَّقها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أزواجه أو قيل: إنَّه طلَّقها: طلَّق حفصة، هذا لا شكَّ فيه، وقد قيل: إنَّه طلَّق سودة، وكذا ريحانة على القول بأنَّها زوجةٌ، وقيل: إنَّه طلَّق سنَّا، وكذا العالية تزوَّجها، فكانت عنده ما شاء الله، ثُمَّ طلَّقها، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ، وقال غيره: الأصحُّ أنَّه لم يدخل بها، وقيل: إنَّه طلَّق عمرة بنت الجون، وسيأتي في باطنها الاختلاف في اسم المستعيذة، وفي هذا «الصَّحيح»: أنَّها ابنة الجون، والله أعلم.
[ج 2 ص 439]

(1/9561)


[قول الله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}]

(1/9562)


[حديث: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض]
5251# قوله: (أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ امرأةَ ابن عمر المطلَّقة اسمُها آمنة بنت غفار، كذا ذكرها النَّوَويُّ في «مبهماته»، وفي «تهذيبه» ذكرها كذلك عن ابن باطيش، وكذا ذكرها الذَّهَبيُّ عن النَّوَويِّ، والله أعلم.
قوله: (أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ): (تُطلَّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النساءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 440]

(1/9563)


[باب: إذا طلقت الحائض يعتد بذلك الطلاق]
قوله: (بَابٌ: إِذَا طُلِّقَتِ الْحَائِضُ): (طُلِّقت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحائضُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (هَلْ [1] يُعْتَدُّ): (يُعتَدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[1] (هل): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 440]

(1/9564)


[حديث: مره فليراجعها]
5252# قوله: (تُحْتَسَبُ): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة تحت في أوَّله، وفتح السين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (فَمَهْ): يحتمل الزجر، ثُمَّ استأنف، ويحتمل (ما) التي للاستفهام، وقف عليها بالهاء؛ أي: فأيُّ شيء يكون حكمه إن عجز وتحامق؟ أما يلزمه الطلاق؟! قاله ابن قُرقُول.
قوله: (وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وقد روى هذا البُخاريُّ عن سليمان بن حرب، عن شعبة، عن قتادة به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.
قوله: (أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ؟): أي: عن النطق بالرجعة، أو ذهب عقلُه عنها.
قوله: (وَاسْتَحْمَقَ): (استَحْمَق): بفتح التاء، قال ابن الأثير: ويُروى (استُحْمِق)؛ على ما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والأوَّل أولى _يعني: الذي بفتح التاء مبنيًّا للفاعل_؛ ليزاوج (عَجَز)، ومعنى (استحمق): فَعَل فِعْلَ الحمقى، وقال بعضهم عن القُرْطُبيِّ: لا يجوز بناؤه للمفعول؛ لأنَّه غير متعدٍّ، انتهى، وما قاله صحيحٌ، وهو لازمٌ، لكنِّي رأيتُ عن سيبويه جوازَ بناء اللازم، والله أعلم.
5253# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، أبو مَعْمَر المنقريُّ الحافظ المُقْعَد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال أبو معمر)، وقد تَقَدَّمَ أن (قال) إذا عزاها لشيخه كهذا؛ فإنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.
قوله: (حُسِبَتْ عَلَيَّ تَطْلِيقَةً [2]): (حُسِبتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتاء في آخره ساكنة علامة التأنيث، و (عليَّ): جارٌّ ومجرور.

(1/9565)


[باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟]
قوله: (بَابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ؟): أمَّا ما ترجم له من المواجهة بالطلاق؛ فهو موجودٌ في حديث عائشة _دون حديث أبي أُسَيد وابن عمر_ صريحًا، ولا شكَّ في جواز ذلك، لكنَّ تركه أولى؛ لأنَّه أَرْفَقُ وأَلْطَفُ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 440]

(1/9566)


[حديث: لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك]
5254# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (الْوَلِيدُ) بعده: هو ابن مسلم، أحد الأعلام، الدِّمَشْقيُّ، و (الأَوْزَاعِيُّ): عبد الرحمن بن عمرو، أبو عمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام المشهورين.
قوله: (أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ): اختُلف في اسم المستعيذة منه صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال النَّوَويُّ في «تهذيبه»: والأصحُّ أنَّ اسمها أميمة، قال: ورُوِّينا في آخر كتاب «دلائل النبوَّة» للبيهقيِّ قال: ورُوِّينا في حديث أبي أُسَيد في قصَّة الجونيَّة التي استعاذت: أنَّ اسمها أميمة بنت النعمان بن شَراحيل، انتهى، ويأتي قريبًا أنَّه أتى بالجونيَّة، فأُنزِلت في بيت أميمة بنت النعمان بن شَراحيل، فصريحه أنَّ المستعيذة ابنة الجون، وأنَّها غير أميمة بنت النعمان بن شَراحيل، وفي «مستدرك الحاكم» في (المناقب) في ترجمة الكلابيَّة: ثُمَّ قالت لها إحداهما _يعني: عائشة أو حفصة_: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعجبه من المرأةِ إذا دخلت عليه؛ أن تقول: أعوذُ بالله منكَ ... ) إلى آخره، ثُمَّ تعقَّبه الذَّهَبيُّ بأنَّ سنده واهٍ، وقال بعض مشايخي: وفي «مستدرك الحاكم» بسند الواقديِّ: أنَّ القائل لها ذلك [إمَّا] عائشةُ وإمَّا حفصة، انتهى.
وذكر الحاكم في ترجمتها أيضًا قبل هذا حديثًا فيه الواقديُّ فقال: (ودخل عليها داخلٌ من النساء فعلَّمها ذلك)، وذكر هذا أيضًا شيخُنا عن الحاكم، وسيأتي قريبًا شيءٌ من ذلك، قال النَّوَويُّ: قال _يعني: البَيْهَقي_: وذكر ابن منده في كتاب «المعرفة» اسمها أميمة بنت النعمان، وأنَّه يُقال: إنَّها فاطمة بنت الضَّحَّاك، ويُقال: إنها مُلَيكة الليثيَّة، قال: والصَّحيح أنَّها أميمة، قال النَّوَويُّ: قلت: وقيل: اسمها عمرة، قال الخطيب في «الأسماء المبهمة»: اسمها أسماء، قال هشام بن مُحَمَّد الكلبيُّ: اسمها أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شَراحيل بن عبدِ بن الجون، انتهى.

(1/9567)


وذكر شيخنا في شرحه لهذا الكتاب في اسمها أقوالًا، وقال في «تخريج أحاديث الرافعيِّ؛ الخلاصة» _وقد قرأتُها عليه أجمع_: فيها سبعة أقوالٍ: أميمة، أو أسماء، أو عمرة، أو فاطمة، أو مليكة، أو سَبَا، أو العالية، انتهى، و (سَبَا): بالسين المُهْمَلة المفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة خفيفة، وهي بنت الصَّلْت السُّلَميَّة، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده» في (سبا): ويُقال: سنا _يعني: بالنون_ ذكر ابن الكلبيِّ: أنَّه عليه السلام تزوَّج بها فماتت قبل الدخول، انتهى.
ورأيت في «تذهيب الذَّهَبيِّ» والظاهر أنَّه في أصله في ترجمة النوَّاس بن سمعان ما لفظه: وقد وفد أبوه _يعني: سمعان_ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فزوَّجه ناجية؛ وهي الكلابيَّة التي تعوَّذت من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فتركها، انتهى، ولا أعلم أنا أحدًا من الصَّحابيَّات اسمها ناجية، والله أعلم.
قوله: (قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ): اعلم أنَّه وقع في «الوسيط» للغزاليِّ: فعلَّمها نساؤه كلمةً؛ يعني: الاستعاذة، قال النَّوَويُّ في «مبهمات التهذيب» عقيب تسمية المستعيذة: هذا باطلٌ، ليس بصحيحٍ، وقد رواه مُحَمَّد بن سعد في «طبقاته» بهذه الزيادة، وإسنادُه ضعيفٌ، انتهى، وقد قَدَّمْتُ لك ما في «المستدرك» والكلام عليه.
سؤالٌ: على تقدير صحَّة ما رواه ابن سعد في «الطبقات» وما رواه الحاكم، وهو إذا كان علَّمها نساؤه أن تقول ذلك؛ فلِمَ عاقبها بالطلاق وهي لا تعلم؟ وجوابه: أنَّها إذا لم تعلم قبح هذه اللفظة؛ لا تصلح أن تكون من أزواجه، خصوصًا من يخاطب أفضل الأنبياء بل أفضل الخلق بهذا الخطاب، كما سيأتي أنَّها قالت له قبل الاستعاذة: وهل تَهَبُ الملكة نفسها للسُّوقة؟! والله أعلم.
قوله: (الْحَقِي بِأَهْلِكِ): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها، وبفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
[ج 2 ص 440]

(1/9568)


قوله: (رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): (حجَّاج بن أبي مَنِيع): هو حجَّاج بن يوسف بن أبي مَنِيع عبيدِ الله بن أبي زياد الرُّصافيُّ، أبو مُحَمَّد، مولى بني أُمَيَّة، وقيل: حجَّاج بن أبي مَنِيع يوسفَ بن عبيد [1] الله بن أبي زياد، عن جدِّه عبيد الله عن الزُّهريِّ نسخة كثيرة، وعن موسى بن أعين، وعنه: الذُّهْليّ، وابن وَارَةَ، وأبو أسامة عبدُ الله بن مُحَمَّد الحلبيُّ، وطائفة، سكن حلب، قال هلال: كان مِن أعلم الناس بالأرض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفرس مِن ناصيته إلى حافره، وبالبعير مِن سَنامه إلى خُفِّه، وهو ثقة، قال الذُّهْليُّ: لم أر لعبيد الله راويةً غير ابن ابنه حجَّاج، أخرج إليَّ جزءًا مِن أحاديث الزُّهريِّ، فوجدتها صحاحًا، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، علَّق له البُخاريُّ فقط، وأمَّا (جدُّه)؛ فعبيد الله بن أبي زياد الرُّصافيُّ الشاميُّ، صاحب الزُّهريِّ، روى عنه حفيدُه حجَّاج بن أبي مَنِيع وحده، قال ابن سعد: كان أخا امرأة هشام بن عبد الملك من الرَّضاعة، ولمَّا قدم الزُّهريُّ على هشام بالرصافة؛ لزمه عبيد الله وسمع كتبه، سمعها منه ولده أبو مَنِيع يوسف، وابن ابنه حجَّاج، تُوُفِّيَ سنة ثمان أو تسع وخمسين ومئة، عن نيِّف وثمانين سنةً، قال مُحَمَّد بن يحيى الذُّهْليُّ: عبيد الله بن أبي زياد لا أعلم له روايةً غير ابن ابنه حجَّاج، وذكر ما ذكرته في ترجمة حجَّاج، وقال الدَّارقطنيُّ وغيره: ثقة، علَّق له البُخاريُّ فقط، ذكر الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: عبيد الله بن أبي زياد الرُّصافيُّ عن الزُّهريِّ، فقال: له عنه نسخةٌ، ما روى عنه سوى حفيدِه حجَّاج بن أبي مَنِيع يوسف بن عبيد الله، قال الذُّهْليُّ: هو من رُصافة الشام، لا أعلم له راويًا غير ابن ابنه الحَجَّاج، وذكر كلامه كما ذكرته، ثُمَّ قال: فهذا مجهول مُقارِب الحديث، وقال الدَّارقطنيُّ: هو ثقة، قلت: وعلَّق البُخاريُّ له شيئًا في (الطَّلاق)، انتهى، وقد رأيته في «الثِّقات» لابن حِبَّان، ولم يذكر عنه راويًا سوى الحَجَّاج هذا ابن ابنه، والله أعلم.
قال شيخنا: (وهذا التعليق رواه الفسويُّ يعقوب بن سفيان في «مُنتخبه» عن حجَّاج به، وليس فيه ذكر للجونيَّة، إنَّما فيه أنَّها كلابيَّة، ثُمَّ ذكره، وسمَّاها فيه: العالية، ونَسَبَها).
==========
[1] في (أ): (عبد)، وليس بصحيح.

(1/9569)


[حديث: يا أبا أسيد اكسها رازقيتين وألحقها بأهلها]
5255# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ غَسِيلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، وكسر السين المُهْمَلة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة، ابن الغسيل، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (حَمْزَة بْن أَبِي أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ، و (أبو أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّ الصواب أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وفتح السِّين: مالك بن ربيعة أو هلال بن ربيعة، ومالك أشهر، بدريٌّ مشهور رضي الله عنه.
قوله: (يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ): هو بفتح الشين المُعْجَمة، وإسكان الواو، وبالطاء المُهْمَلة، ولا أعلم في إهمالها خلافًا، وقد ذكره ابن الأثير في «نهايته» مع الشَّوط الذي هو الطَّوفة، وقد رأيت في كلام بعضهم أنَّه بالظَّاء المشالة، وهذا تصحيف فيما أَخال، والله أعلم، اسم حائط من بساتين المدينة المُشرَّفة.
قوله: (إِلَى حَائِطَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الحائط) مُطَوَّلًا.
قوله: (حَتَّى [1] أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الجونيَّة): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.
قوله: (وَمَعَهَا دَايَتُهَا): (داية الجونيَّة) لا أعرف اسمها.
قوله: (وَهَلْ تَهَبُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهاء.
قوله: (لِلسُّوقَةِ): هو بِضَمِّ السِّين، وإسكان الواو، قال في «النِّهاية»: (السُّوقة من الناس: الرَّعيَّة دون الملِك، وكثير مِن الناس يظنُّون أنَّ السُّوقةَ أهلُ الأسواق)، انتهى، وقال الجواليقيُّ: وليس كما يذهب إليه عَوامُّ النَّاس إلى أنَّهم أهل السُّوق، وسمُّوا سوقة؛ لأنَّ الملك يسوقهم، فيُساقون له، ويصرفهم عن مرادهم، يقال للواحد منهم والاثنين: سُوْقة، وربَّما جُمِعَ: سُوْقَى، وأمَّا أهل السُّوق؛ فالواحد منهم: سُوقيٌّ، والجماعة: سوقيُّون، قاله شيخنا.

(1/9570)


قوله: (اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ [2]): (الرَّازقيُّ): بالرَّاء، وبعد الألف زايٌ مكسورةٌ، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ياء مُشدَّدة مفتوحة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ثياب كتَّان بيضٍ)، انتهى، وما قاله هو لفظ «الصِّحاح» للجوهريِّ، وفي «المطالع»: (ثياب من الكتَّان بيض طوال، قاله أبو عبيد، وقال غيره: داخلتْ بياضَها زُرقةٌ)، انتهى، وفي «النهاية»: («رازقيَّين»، وفي رواية: «رازقيَّتَين»: الرَّازقيَّة: ثياب بيض كتَّان، والرَّازقيُّ: الضَّعيف من كلِّ شيء)، انتهى، ورواية (رازقيَّتين) تأتي قريبًا معلَّقة، ثُمَّ أسندها، وقال: (بهذا)، ولم يسق لفظه، وأظنُّها على إرادة الشُّقَّة أو الخرقة، والله أعلم.
قوله: (وَأَلْحِقْهَا): هو بفتح الهمزة، وكسر الحاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9571)


[حديث: تزوج النبي أميمة بنت شراحيل]
5256# 5257# قوله: (وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ): هو الحُسين بن الوليد النيسابوريُّ، أبو عبد الله، ويقال: أبو عليٍّ، الفقيه، مولى قريش، عن ابن جُرَيج، وابن أبي ذئب، وعكرمة بن عمَّار، ومالك، وشعبة، وطبقتهم، وعنه: أحمد، وابن راهويه، ومُحَمَّد بن يحيى، قال أحمد: ثقة، وقال الدَّارقطنيُّ: ثقة، قال الحاكم: كان شيخ بلدنا في عصره، وكان أسخى النَّاس، وأورعهم، وأقرأهم للقرآن، قرأ على الكِسائيِّ وعلى عيسى بن طهمان، وكان يغزو التُّرك في كلِّ ثلاث سنين، ويحجُّ كلَّ خمس سنين، مات سنة (202 هـ)، وقد زرت قبره، وقال البُخاريُّ: مات سنة (203 هـ)، انتهى، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له النَّسَائيُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ أعلاه، و (عَبَّاسِ بْن سَهْلٍ)؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، مشهور جدًّا عند أهله، و (أَبُو أُسَيد): بِضَمِّ الهمزة على الصَّواب، تَقَدَّمَ أعلاه وقبل ذلك أيضًا، وتعليق الحسين: لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
قوله: (أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا؛ فانظره.
قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ [1] إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ): هذا هو المسنديُّ، قال الكلاباذيُّ في «كتابه في رجال البُخاريِّ» في أواخره قال: (ومنهم مَن أورده البُخاريُّ مقرونًا في إسناد واحد، أو أورده في إسناد مضموم إلى إسنادٍ آخرَ قبل متن الحديث أو مُعقَّبًا بعد إسناد الحديث الذي تَقَدَّمَ إلى آخر التَّرجمة، فمنهم مَن أعرفه باسمه؛ منهم من أوَّل الحرف مِن اسمه «الألف»: إبراهيم بن أبي الوزير، واسمه عمر ... إلى أن قال: حدَّث عن عبد الرحمن ابن الغسيل، روى البُخاريُّ عن عبد الله بن مُحَمَّد المسنديُّ عنه في «الطَّلاق»)، انتهى؛ فهذا هو المسنديُّ، والله أعلم.

(1/9572)


[قوله]: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ): هو إبراهيم بن أبي الوزير عمرَ بن مُطرِّف، مولى بني هشام، مكِّيٌّ، نزل البصرة، عن عبد الرحمن ابن الغسيل _وهو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاريُّ، والغسيل: حنظلة بن أبي عامر_، ونافعِ بن عمر، وشريك، ومالك، وفليح، وجماعة، وعنه: مُحَمَّد بن المثنَّى، وبُنْدَار، وزيد بن أخزم، وبكَّار بن قتيبة القاضي، وخلق، قال أبو حاتم وغيره: لا بأس به، وقال بعضهم: مات بعد أبي عاصم النَّبِيل، قال خليفة وجماعة في وفاة أبي عاصم النَّبيل: تُوُفِّيَ في ذي الحجَّة سنة اثنتي عشرة ومئتين، قال ابن سعد: في رابعَ عشرةَ، وغلط مَن قال: سنة ثلاثَ عشرةَ، وأمَّا البُخاريُّ؛ فقال: مات سنة أربعَ عشرةَ في آخرها، وقد رأيت في «التذهيب» رقم عليه: (خ 4)، وكذا في نسخة صحيحة مقروءة من «الكاشف»، وفي نسختي من «الكاشف»: رقم عليه: (خ مقرونًا 4)، وهذا المذكور هنا قرن، و (عبد الرَّحمن): هو ابن سليمان ابنُ الغسيل المذكور أعلاه، والله أعلم.
قوله: (وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا): هذا معطوفٌ على السَّند قبله، وقد رواه البخاريُّ بإسناده إلى عبدِ الرَّحمن؛ وهو ابن الغسيل، وهو القائل.
[ج 2 ص 441]
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

(1/9573)


[حديث: تعرف ابن عمر إن ابن عمر طلق امرأته ... ]
5258# قوله: (عَنْ أَبِي غَلَّابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ): (أبو غَلَّاب): هو بفتح الغين المُعْجَمة، وتشديد اللَّام، وفي آخره مُوَحَّدَة.
قوله: (قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): هذا السُّؤال إن كان على حقيقة؛ فلا أعرف هذا الرَّجل وإن كان لم يقع وإنَّما هو مثال وفرضٌ كما يفعل أهل العلم اليوم؛ فلا يُسأَل عن الرَّجل.
قوله: (طَلَّقَ ابنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على امرأة ابن عمر المطلَّقة، وأنَّها آمنة بنت غِفَار قريبًا.
قوله: (فَإِذَا طَهُرَتْ): هو بفتح الهاء وضمِّها، وهذا معروف.
قوله: (أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟!): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وما قيل في (استحمق) من جهة أنَّه مَبْنيٌّ للمفعول.

(1/9574)


[باب من أجاز طلاق الثلاث]
قوله: (بَابُ مَنْ أَجَازَ طَلَاقَ الثَّلَاثِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (لزوم الثَّلاث إذا وقعت متفرِّقات لا خلاف فيه، فإن وقعت في كلمة واحدة؛ فالمذهب أيضًا كذلك؛ اللُّزوم، ونقلُ عدمِ اللُّزوم شاذٌّ عن الحَجَّاج بن أرطاة وابن إسحاق، وإنَّما ساق البُخاريُّ الترجمة؛ للردِّ على المخالف، فذكر الحديث فيه إرسال الثَّلاث دفعةً، وأحاديثَ فيها لزوم الثلاث، ولم يذكرِ الكيفيَّة [1]؛ هل مجتمعات أو متفرِّقات؟ ولمَّا قام الدليل عنده على تساوي الصور؛ كفاه الدليل في بعضها دليلًا في الجميع، والله أعلم، وكأنَّه أثبت حكم الأصل بالنصِّ، وألحق الفرع بقياس نفي الفارق)، انتهى، فقوله: (في كلمةٍ واحدةٍ): كذلك الحكم إذا قال: أنتِ طالق، وطالق، وطالق، وقصد الاستئناف، كذا قاله أبو العَبَّاس ابن تيمية، وهما المسألة المعروفة، أمَّا حديث سهل بن سعد؛ ففيه إرسال الثَّلاث دفعةً واحدةً، وأمَّا حديث عائشة في امرأة رفاعة؛ ففيه إرسال البتات، وأمَّا الحديث الثَّالث؛ ففيه إرسال الثلاث من غير بيان لذكر الكيفيَّة، هل هنَّ مجتمعاتٌ أو متفرِّقاتٌ؟ لكن في (باب التَّبسُّم والضَّحك) من (كتاب الأدب): (إنَّ رفاعة طلَّقني آخر ثلاث تطليقات)، فبان بذلك أنَّها كانت مُتفرِّقات، ولم تكن في كلمة، فلا حجَّة فيه هنا، وكذلك ما ذكره عن ابن الزُّبَير، فيحتمل أن يكون في كلمة أو أكثر، وأن يكون خُلْعًا، وكذا قاله شيخنا فيهما، والكلامُ فيما إذا طلق ثلاثًا بلفظ واحد، وكذا إذا قال: أنت طالق، وطالق، وطالق، وقَصَدَ الاستئناف؛ معروفٌ، وللنَّاس في ذلك خلاف، وقد أطال فيها أبو العَبَّاس ابن تيمية الكلام، ولخَّصه ابن قَيِّم الجَوزيَّة في غير مكان مِن كتبه؛ في «الهدْي»، وفي «إغاثة اللَّهفان»، ومذهبهما في المسألة معروفٌ، وقد تكلَّم النَّاس مع ابن تيمية في المسألة، وردُّوا عليه، وقد رأيت في كلام ابن القَيِّم في «معاليم المُوقِّعين»: (أنَّ ابن تيمية له فيها نحوُ ألفي ورقةٍ قال: وبلغتِ الوجوه التي استدلَّ بها عليها من الكتاب، والسُّنَّة، وأقوال الصَّحابة، والقياس، وقواعد إمامه _يعني: أحمد ابن حنبل_ خاصَّة، وغيره من الأئِمَّة زهاء ألفين دليلًا)، انتهى.

(1/9575)


وفي عصرنا بلغنا أنَّ الإمام الرَّئيس القاضي برهان الدين ابنُ جماعة قاضي القضاة بدمشق عزَّر مَن أفتى بها مِن الحنابلة، وكان المُعزَّر رجلًا صالحًا، وهو من أصحابنا، وممَّن سمع بقراءتي، وسمعت بقراءته، وكذلك بلغنا أنَّه عُزِّر قبله بعض مُفْتِي الحنابلة عليها ممَّن سمعت عليه حديثًا.
وتحرَّر في المسألة أربعةَ أقوال: الوقوعُ، وعدمُه _وحكَوه عن الحَجَّاج بن أرطاة، وابن إسحاق، والإماميَّة، وعن جماعةٍ مِن أهل البيت_، ووقوعُ واحدةٍ فقط، الرَّابع: الفرق بين المدخول بها وغيرها؛ فغير المدخول بها تقع واحدة، والمدخول بها الثَّلاث، وفيه حديث في «سنن أبي داود»، ومذهب الأئِمَّة الأربعة: الإمضاء، هذا الذي نعرفه، وحكى ابن القَيِّم عن جدِّ الشيخ _يعني: أبا الرِّكاب عبد السلام ابن تيمية صاحب «المنتقى»، و «المُحرَّر» _ اختيارَه: أنَّه واحدة، قال: ولا أقلَّ من أن يكون صاحبَ وجه، وقد نقل ابن القَيِّم أيضًا أنَّه لم يَسلَم عصرٌ مِن مُخالِف فيها مُطَوَّلًا، والمسألة معروفة، والدَّليل لابن تيمية: حديثٌ في «صحيح مسلم»؛ فانظره إن أردته، والذي نعتقده مذهبُ الجماعة الأكثرين؛ وهو الوقوع، والله أعلم [2].
قوله: (وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، الصَّحابيُّ المشهور، ابن الصَّحابيِّ المشهور رضي الله عنهما.
قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الشين المُعْجَمة، وأنَّه عامر بن شراحيل مرارًا.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): هو عبد الله بن شُبرمة بن طُفَيل بن حسَّان، أبو شُبرمة، الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، عالم أهل الكوفة، تابعيٌّ مشهور، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وقد علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه.
قوله: (تَزَوَّجُ): هو بفتح التَّاء، محذوف إحدى التَّاءين؛ أي: تتزوَّج، وقد طرأ في أصلنا ضمُّ التاء، فيبقى مبنيًّا للمفعول، وهذا ظاهِرٌ أيضًا جائزٌ.
قوله: (الزَّوْجُ الآخِرُ [3]): هو بكسر الخاء بالقلم في أصلنا، وطرأ على أصلنا فتحُ الخاء، وهو جائز.
==========
[1] في (أ): (الفقيه)، والمثبت من مصدره.
[2] تكرَّر في الأصل: (والله أعلم).
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (الآخَرُ)؛ بفتح الخاء، وفي (ق) بالضبطين معًا.
[ج 2 ص 442]

(1/9576)


[حديث: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها]
5259# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ): تَقَدَّمَ، وأنَّه صَحَابيٌّ مشهور، في (سورة النُّور).
قوله: (فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا)؛ لِمَا فيها مِن هتك المسلم.
قوله: (حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ): (كَبُر): بفتح الكاف، وضمِّ الموحَّدة، وهذا معروف ظاهر.
قوله: (الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا): (سألْتُه): بِضَمِّ التاء على التكلُّم.
قوله: (وَسطَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال بالإسكان والتَّحريك.
قوله: (قَدْ أُنْزِلَ [1] فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (صاحبته): زوجته، وقد ذكرت في (النور) ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ فيها، وذكرت هناك أنَّ هذا يوهم أنَّ آية اللِّعان أُنزِلت فيه، والجوابُ عنه، والصَّحيح: أنَّها أُنزِلت في هلال بن أُمَيَّة وزوجتِه، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ [2] سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام في (سورة النُّور)، وهذا المكان ممَّا يُبيِّن الإدراج.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (أَنْزَلَ اللهُ).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (تِلْكَ).
[ج 2 ص 442]

(1/9577)


[حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة]
5260# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ ... ) إلى أن قال: (فنَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ): قال الشَّيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «تهذيبه»: امرأة رفاعة التي تزوَّج بها عبد الرحمن بن الزَّبِير اختُلِف فيها؛ فقيل: سُهَيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، حكى الأقوال الثلاثة ابنُ الأثير في مواضعَ مِن كتابه، وذكرها في «حرف التَّاء»: تميمة بنت وهب أبي عبيد القرظيَّة، مُطلَّقة رفاعة القُرظيِّ، وقال فيها القلعيُّ: تُمَيمة _بِضَمِّ التاء_ بنت وهب الفزاريُّ، وذكرها الخطيب في «الأسماء المبهمة»، فقال: هي تميمة، وقيل: سُهيمة بنت وهب بن عبيد، وذكر غيرهم أنَّه يقال فيها: تَميمة _بفتح التاء_ وتُميمة؛ بضمِّها)، انتهى، وقال شيخنا
[ج 2 ص 442]
في غير هذا «الشَّرح» فيما قرأته عليه: (اختُلِف في اسمها؛ فقيل: سُهيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة _بِضَمِّ التَّاء وفتحها_ وقيل: أُميمة، وقيل: نعيمة، وقيل: أُمَيَّة، وقيل: الرُّميصاء، وقيل: الغُميصاء)، انتهى؛ واقتصر ابن شيخنا البلقينيِّ على أنَّها تميمة، فقال: (تَقَدَّمَ أنَّها تميمة بنت وهب؛ تضمُّ تاؤها وتُفتَح)، انتهى.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ): هو رفاعة بن سَمْوال؛ بسين مهملة تُفتَح وتُكسَر، ثُمَّ ميم ساكنة، وقيل: رفاعة بن رفاعة القرظيُّ المدنيُّ، من بني قريظة، وهو خال أمُّ المؤمنين صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب؛ لأنَّ أمَّها برَّة بنت سَمْوال، رفاعة: صَحَابيٌّ معروفٌ رضي الله عنه.

(1/9578)


قوله: (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الزَّبِيرِ): هو بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة بلا خلاف، وهو الزَّبِير بن باطا، وقيل: باطيا، و (عبد الرحمن): صَحَابيٌّ مشهور، و (الزَّبِير): والده هو الذي قتله الزُّبَير بن العَوَّام، يوم بني قريظة على يهوديَّته، والزَّبِير؛ بفتح الزَّاي: هو الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى، قاله الجوهريُّ في «صحاحه»، هذا هو المشهور: أنَّ عبد الرحمن الذي تزوَّج امرأة رفاعة هو ابن الزَّبِير بن باطا، وقيل: باطيا، وكذا ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ وغيره، وقال ابن منده وأبو نعيم: هو عبد الرحمن بن الزَّبِير بن زيد بن أُمَيَّة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، والصَّواب الأوَّل، والله أعلم.
قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): هي بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، هذه اللُّغة الفصيحة، قال الجوهريُّ: (ويقال: بِضَمِّ الدال أيضًا في لغة، ويقال: هُدْب؛ بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال، من غير هاءٍ في آخره، وهي طرف مِن سدا الثَّوب لم تُلحَم؛ أرادت: أنَّ متاعَه رخوٌ مثلُ طرف الثَّوب لا يُغنِي عنها شيئًا.
قوله: (حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ... ) إلى آخره: (العُسيلة): تصغير (عَسَل)، وكنَّى به عن لذَّة الجماع، وكأنَّه أراد: لعقة عسل؛ فأنَّث، وإلَّا؛ فهو مُذكَّر، وقياسه: عُسَيل، وقيل: بل أنَّث على معنى النُّطفة، وقيل: إنَّ العسل يؤنَّث، واعلم أنَّ في «النَّسَائيِّ» عن عائشة مرفوعًا: (العُسَيلة: الجماع)، وكذا رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» حديثًا عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «العُسَيلة: الجماع»، وذكره أيضًا بسند آخر عنها مرفوعًا.

(1/9579)


واعلم أنَّ الإنزال لا يُشترَط في التَّحليل؛ بل دخول الحشفة فقط، أو قدرها من مقطوعها، واشترطه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، وهو شاذٌّ، وأمَّا العقد وحده؛ فقال جميع العلماء من الصَّحابة والتابعين فمَن بعدهم: لا يكفي، وانفرد سعيد بن المُسَيّب بأنَّه يكفي فقال: إذا عقد عليها الثاني ثُمَّ فارقها؛ حلَّت للأوَّل، ولا يُشترَط وطء الثاني؛ لقوله تعالى: {حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، والنِّكاح حقيقة في العقد على الصَّحيح، وأجاب الجمهور بأنَّ هذا الحديث مخصِّصٌ لعموم الآية، ومُبيِّنٌ للمراد بها، واعتُذِر عن ابن المُسَيّب بأنَّه لم يبلغه الحديث، قال القاضي عياض: لم يقل أحد بقول ابن المُسَيّب: إلَّا طائفة من الخوارج، والله أعلم.

(1/9580)


[حديث: لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول]
5261# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بشارًا) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهُ): هو ابن عمر العمريُّ.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا): الظَّاهر أنَّ (الرَّجل) هو رفاعة، وأنَّ (امرأته [1]): هي التي اختُلِف في اسمها قريبًا، والحديثان من رواية عائشة، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين: (حديث عائشة: «أنَّ رجلًا طلَّق امرأته ثلاثًا فتزوَّجت، فطلَّق»، وأعاده بعد بابين بلفظ آخر: الزَّوج: هو رفاعة القُرظيُّ، والثاني: عبد الرحمن بن الزَّبِير، كما في «الصَّحيح»، والمرأة: اسمها تميمة بنت وهب، وقيل: سهيمة _ بالسِّين_ وقيل: أميمة بنت الحارث، وقيل: عائشة بنت عبد الرَّحمن بن عقيل، ووقع في «السِّيرة» لابن إسحاق، و «المعرفة» لابن منده مقلوبًا أنَّ الأوَّل: عبد الرحمن، والثاني: رفاعة، ويحتمل أن يكون مَن أُبهِم في حديث عائشةَ هذا عين هذه القصَّة، فقد روى النَّسَائيُّ من طريق عائشة أيضًا: (أنَّ عمرو بن حزم طلَّق الرُّميصاء، فنكحها رجل، فطلَّقها قبل أن يمسَّها)، وأشار التِّرْمِذيُّ في الباب إلى رواية الرُّميصاء هذه، والله أعلم.

(1/9581)


[باب: من خير نساءه ... ]
قوله: (بَابُ مَنْ خَيَّرَ نِساءَهُ): هذا الباب ذكره ردَّ به على مَن يقول: إنَّ التَّخيير نفسَه طلاقٌ، والقائل به فيما رُوِي عن عليٍّ، وزيد بن ثابت، والحسن، واللَّيث: أنَّ نفس التَّخيير يقع به طلقة ثانية سواء اختارت زوجها أم لا، وحكاه الخَطَّابيُّ وغيره عن مذهب مالك، قال القاضي: لا يصحُّ عنه، وقال ربيعة: يقع رجعيًّا وإن اختارت زوجها، والمسألة طويلة ويكفي هذا منها.
==========
[ج 2 ص 443]

(1/9582)


[حديث: خيرنا رسول الله فاخترنا الله ورسوله]
5262# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ ضبط (غياث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صبيح، أبو الضُّحى، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا): (يَعُدَّ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ العين، وتشديد الدَّال المُهْمَلتين، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9583)


[حديث: خيرنا النبي أفكان طلاقًا؟]
5263# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، الحافظ، و (إِسْمَاعِيل) بعده: هو ابن أبي خالد، و (عَامِرٌ): هو الشعبيُّ عامر بن شَراحيل.
قوله: (عَنِ الْخِيَرَةِ): هي بكسر الخاء المُعْجَمة، وفتح المُثَنَّاة تحت؛ أي: عن تخيير الرَّجل امرأتَه.
قوله: (قَالَ مَسْرُوقٌ: لَا أُبَالِي خَيَّرْتُهَا [1] وَاحِدَةً أَوْ مِئَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي): قال شيخنا: (فيه تقديم وتأخير، وذلك أنَّه قال: لا أبالي بعد أن تختارني أكنت خيَّرتها واحدة أو مئة؟ ذكره ابن التِّين)، انتهى.
قوله: (أَنَّ أَبَوَيَّ): تَقَدَّمَ أنَّ أبويها أبو بكر عبد الله بن عثمان الصِّدِّيق، وأُمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وهذا ظاهِرٌ جليٌّ.

(1/9584)


[باب من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام]
قوله: (إِذَا [1] قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ): أصول المذاهب في هذه المسألة أربعةَ عشرَ مذهبًا، ذكرها النَّوَويُّ في «شرح مسلم» عن القاضي عياضٍ، وذكرها ابن القَيِّم ثلاثةَ عشرَ، وأطال فيها الكلام، ومذهب الشَّافِعيِّ إن نوى طلاقًا؛ فطلاقٌ، أو ظهارًا؛ فظهارٌ [2]، فإن نواهما؛ تخيَّر، وثبت ما اختاره على الصَّحيح، أو تحريم عينها؛ لم تحرُم، وعليه كفَّارة يمين، وكذا إن لم يكن له نيَّةٌ في الأظهر، والثاني لغوٌ، والله أعلم، ويتفرَّع إلى أكثر مِن عشرين مذهبًا.
قوله: (قَالَ الْحَسَنُ: نِيَّتُهُ): هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَنْ).
[2] في الأصل: (فظهارًا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 443]

(1/9585)


[حديث: لو طلقت مرةً أو مرتين فإن النبي أمرني بهذا]
5264# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي [1] نَافِعٌ قَالَ [2]: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ... )؛ فذكره، هذا ذكره البُخاريُّ في (الطلاق) عن قتيبة، عن اللَّيث بن سعد به، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، وقتيبة، وابن رمح؛ ثلاثتهم عن اللَّيث به، وأخرجه أبو داود عن قتيبة عنه، وهذا الذي عزوته أصلُ الحديث، وعزاه شيخنا لمسلم فقط.
قوله: (فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا)؛ أي: أمرني بالمراجَعة؛ لأجل الحيض، وإن طلَّقت ثلاثًا؛ لم يكن لك مراجعة؛ لأنَّها لا تحلُّ لك إلَّا بعد زوجٍ، وكذا جاء مُفسَّرًا في رواية أخرى، كما نبَّه عليه القُرْطُبيُّ، وأمَّا رواية من روى أنَّ ابن عمر طلَّق ثلاثًا؛ فوَهَمٌ، وكأنَّ البُخاريَّ أراد بإيراد هذا: أنَّ فيه لفظة: «حَرُمتْ عليك»، وإلَّا؛ فلا مناسبةَ له في الباب، قاله شيخنا، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا: (عن).
[2] كذا في (أ) و (ق)، وعليها في (ق) علامة راويها، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، و (قال): ليس في رواية «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 443]

(1/9586)


[حديث: لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك]
5265# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أحد) في (باب ما أصاب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الجراج يوم أُحُد).
قوله: (طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ): الظاهر أنَّ المُطلِّق هو رفاعة القرظيُّ، و (المرأة): تَقَدَّمَ الاختلاف فيها قبل هذا بقليل، والحديثان مِن رواية عائشة، والله أعلم.
قوله: (فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا): (الزَّوج الثاني (: هو عبد الرحمن بن الزَّبِير فيما يظهر، وتَقَدَّمَ أعلاه ما ذُكِر فيه، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا وضبطه، وما قاله بعض حفَّاظ العصر في ذلك.
قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا معنًى وضبطًا.
قوله: (إِلَّا هَنَةً وَاحِدَةً [1]): هو بفتح الهاء، وتخفيف النُّون بعدها، ثُمَّ تاء التأنيث، كذا في أصلنا؛ أي: مرَّة واحدة، و (الهنة)؛ بتخفيف النُّون وتشديدها: كلمة يُكنى بها عن الشيء الذي لا يُذكَر اسمه، وقد رُوِي بالموحَّدة المفتوحة المُشَدَّدة، ذكره ابن قُرقُول في (الهاء مع الباء): (كذا لابن السَّكن؛ أي: مرَّة واحدة، وقيل: الهبَّة: الوقعة،، يقال: احذر هبَّة السيف؛ أي: وقعته، فهو كناية عن المواقعة بالجماع، ويُسمَّى الوقاع، وقيل: هو مِن هباب الجمل أو التَّيس إذا هاج للجماع وصاح، ورواية الكافَّة: «هنة»؛ بالنون، قال ابن عبد الحكم: أي: مرَّة، قلت: فكأنَّها تشير إلى تحقيرها ونزارتها)، انتهى، وقول ابن قُرقُول: (مرَّة واحدة ووطأة واحدة)؛ يُرِيد بذلك: إلى أنَّه جلس بين شعبها، وهَمَّ بها فلم ينتشر عليه، أو انتشر انتشارًا يسيرًا، ولم يمكنه أن يدخله فيها، والله أعلم، وابن الأثير لم يذكر اللَّفظة إلَّا في (الهاء مع الباء).
[ج 2 ص 443]
قوله: (حَتَّى يَذُوقَ الأَخِير)، وفي نسخة: (الآخِر)؛ بكسر الخاء مِن غير ياء.
قوله: (عُسَيْلَتَكِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (العُسَيلة) ما هي.

(1/9587)


[باب: {لم تحرم ما أحل الله لك}]

(1/9588)


[حديث ابن جبير: أنه سمع ابن عباس يقول: إذا حرَّم امرأته ليس بشيء]
5266# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ): هذا هو معاوية بن سلَّام؛ بتشديد اللَّام، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف وكسر المُثلَّثة.
قوله: (فَلَيْسِ [1] بِشَيْءٍ)؛ أي: فليس بتحريم مُؤبَّد، وعليه كفَّارة يمين، ورُويَ عنه: أنَّ عليه كفَّارةَ ظِهارٍ، قاله شيخنا.
قوله: ({أسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): تَقَدَّمَ أنَّ (الأسوة)؛ بِضَمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ليس)؛ بلا فاء.
[ج 2 ص 444]

(1/9589)


[حديث: لا بل شربت عسلًا عند زينب ابنة جحش ولن أعود له]
5267# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هذا هو الحَجَّاج بن مُحَمَّد الأعور المصِّيصيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا): هي حفصة.
قوله: (رِيحَ مَغَافِيرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة المُتحرِّم).
==========
[ج 2 ص 444]

(1/9590)


[حديث: سقتني حفصة شربة عسل]
5268# قوله: (حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المَغْراء) بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، ممدود الآخر.
قوله: (يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَل [1]): (الحلواء): بالمدِّ، قال ابن قُرقُول: (ممدود عند أكثرهم، والأصمعيُّ يقصرها، وحكى أبو عليٍّ الوجهين، وقال اللَّيث: «الحلواء»: ممدود، وهو كلُّ شيءٍ حلوٌ)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (و «الحلواء» التي تُؤكَل: تُمدُّ وتُقصَر)، انتهى، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (الظاهر أنَّ المراد بالحلواء في الحديث: التَّمر)، ثُمَّ استدلَّ عليه، وسيجيء في (باب الحلواء والعسل) إن شاء الله تعالى وقدَّره.
قوله: (فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ ... ) إلى أن قال: (سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ): قال القاضي عياض كلامًا وفي آخره: (والأوَّل أصحُّ)؛ يعني: أنَّ شرب العسل كان عند زينب، لا حفصة، قال: (قال النَّسَائيُّ: إسناد حديث حجَّاج صحيحٌ جيِّدٌ غاية، قال الأصيليُّ: حديث حجَّاج أصحُّ، وهو أولى بظاهر كتاب الله، وأكمل فائدةً؛ يريد: قوله تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4]، فهما ثنتان، لا ثلاث، وأنَّهما عائشة وحفصة، وكما اعترف عمر رضي الله عنه، وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى، كما أنَّ الصَّحيح في نزول الآية أنَّها نزلت في قصَّة العسل، لا في قصَّة مارية المرويِّ [2] في غير «الصَّحيحين»)، قال القاضي: (ولم تأتِ قصَّة مارية في حديث صحيح، قال النَّسَائيُّ: إسناد حديث عائشة في العسل صحيح غاية)، ثُمَّ قال القاضي بعد ذلك: (هذا هو الصَّواب: أنَّ شرب العسل كان عند زينب)، انتهى، قال شيخنا: (وفي «تفسير عبد بن حميد» أنَّها سودة؛ يعني: التي شرب عندها كان لها أقاربُ أهدَوا لها من اليمن عسلًا)، انتهى، وقد ذكر أيضًا شيخنا في (الحِيل) عن الدَّاوديِّ: (أنَّ «حفصة» غلطٌ، وإنَّما الشرب عند صفيَّة بنت حييٍّ، وقيل: عند زينب)، ثُمَّ قال: (والأصحُّ أنَّه عند زينب)، والظَّاهر من كلام شيخنا أنَّ التصحيح من كلام شيخنا: أنَّ الصَّحيح أنَّ الشرب كان عند زينب، والله أعلم.
قوله: (أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا): هذه المرأة لا أعرفها.
قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

(1/9591)


قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): تَقَدَّمَ ما (المغافير) في (سورة المُتحرِّم).
قوله: (جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ): (جَرَسَتْ): بالجيم، والرَّاء، والسِّين المُهْمَلة المفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ أي: أكلت ورعت، و (العُرْفُط): بِضَمِّ العين، وإسكان الراء، وضمِّ الفاء، وبالطاء المُهْمَلتين، قال الدِّمْيَاطيُّ: («العُرْفُط»: شجر الطلح، وهو شجر عظام من شجر العضاه، وله صمغٌ: هو المغافير، كريه الرائحة، واحده: مُغْفُور)، انتهى.
قوله: (وَسَأَقُولُ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف، خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَنْ أُبَادِئَهُ [3]): هو بالباء الموحَّدة بعد الهمزة المضمومة، وهمزة مفتوحة قبل هاء الضمير، قال ابن قُرقُول: («أُبادئَه»؛ بالباء: أسابقَه الكلامَ وأبتدئَه؛ مثل: أبادره، وليس من النداء)، وقال في (الاختلاف): («أبادئه»؛ بالباء للكافَّة، وللنَّسفيِّ وأبي الهيثم: «أناديه»؛ بالنُّون، من النداء، وفي كتاب «مسلم» في «باب: أكلت مغافير؟»: لابن الحَذَّاء: «لقد كدت أن أناديه»؛ بالنون، ولسائرهم بالباء)، انتهى.
قوله: (فَرَقًا مِنْكِ): (الفَرَق)؛ بفتح الفاء، والراء، وبالقاف: الفزع.
قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): تَقَدَّمَ في (سورة المُتحرِّم)، و (جَرَسَتْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (العُرْفُط).
قوله: (لَقَدْ حَرَمْنَاهُ): (حَرَمه): يتعدَّى، و (أحرمه): لغة أيضًا.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يُحِبُّ العَسَل والحَلْوَاءَ).
[2] في الأصل: (المروري)، وهو تحريفٌ.
[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أُبَادِيَه).
[ج 2 ص 444]

(1/9592)


[باب: لا طلاق قبل النكاح ... ]
قوله: (لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ ... ) إلى أن قال: (وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيّب ... ) إلى آخر كلامه في ذلك: قال شيخنا: (هذه التعاليق أوردها بصيغة تمريض، وليس كذلك في أكثرها كما ستعلمه، أخرج أكثرها ابن أبي شيبة ... إلى أن قال في أَثَرِ سعيد بن المُسَيّب: أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة ... إلى أن قال: وهذا إسناد جيِّدٌ، والله أعلم)، وقد أخرج شيخُنا غالبَ هذه التَّعاليق، وعزاها إلى كتبها.
قوله: (وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.
قوله: (وَأَبُو بَكْرِ بْن عَبْدِ الْرَّحْمَنِ): هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ المدنيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة على قول، قيل: اسمه مُحَمَّد، وقيل: أبو بكر اسمه، وكنيته أبو عبد الرحمن، وكان ضريرًا، وله إخوة، ثقة فقيه عالم سخيٌّ، كثير الحديث، تُوُفِّيَ سنة (94 هـ) على الأصحِّ، أخرج له الجماعة.
قوله: (وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ): ابنِ مَسْعُودٍ، أحد الفقهاء السبعة، الأعمى، عن عائشة، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وعنه: الزُّهريُّ، وأبو
[ج 2 ص 444]
الزِّناد، وصالح بن كيسان، وخلق، وهو معلِّم ابن عمر بن عبد العزيز، وكان مِن بحور العلم، تُوُفِّيَ سنة (98 هـ)، أخرج له الجماعة، فقيه عالم ثقة كثير العلم والحديث شاعر.
قوله: (وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبان) الصَّحيح صرفُه، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وهو أبان بن عثمان بن عَفَّانَ الأمويُّ، أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الله، عن أبيه، وزيد بن ثابت، وغيرهما، وعنه: ابنه عبد الرحمن، والزُّهريُّ، وأبو الزِّناد، ونُبَيه بن وهب، وأشعب الطامع، وجماعة، قال عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب: ما رأيت أحدًا أعلمَ بحديث ولا فقه منه، وقال يحيى القَطَّان: كان فقهاء المدينة عشرةً؛ منهم: أبان بن عثمان، وسعيد بن المُسَيّب، وذكر الباقين، وقال العِجْليُّ: تابعيٌّ ثقة، تُوُفِّيَ سنة (105 هـ)، أخرج له مسلم، والأربعة.

(1/9593)


قوله: (وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ): هذا عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ زين العابدين، قال الزُّهريُّ: ما رأيت قرشيًّا أفضل منه، تُوُفِّيَ سنة (94 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَشُرَيْحٍ): هو بالشين المُعْجَمة، والحاء المُهْمَلة، وهو شريح بن الحارث القاضي، أبو أُمَيَّة، الكنديُّ، ولَّاه عمر قضاء الكوفة، أخرج له النَّسَائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (78 هـ)، وقيل سنة (80 هـ) تَقَدَّمَ.
قوله: (وَالْحَسَنِ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَعَطَاء): هو ابن أبي رباح، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَعَامِر بْن سَعْدٍ): هو عامر بن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب الزُّهريُّ، ثقة كثير الحديث، مات سنة (103 هـ)، وقيل: سنة (96 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَسَالِمٍ): هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، أحد فقهاء التابعين، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول، قال مالك: لم يكن أحد في زمن سالمٍ أشبهَ مَن مضى في الزُّهد، والفضل، والعيش الحسن منه، تُوُفِّيَ سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (وَمُحَمَّدِ [1] بْن جُبَيْرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جبير بن مطعم النَّوفليُّ، عن أبيه، وعنه: الزُّهريُّ وطائفة، بقي إلى سنة مئة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ العِجْليُّ وغيره.
قوله: (وَمُحَمَّد بْن كَعْبٍ): هذا هو مُحَمَّد بن كعب القرظيُّ، أبو حمزة، ويقال: أبو عبد الله، المدنيُّ، من حلفاء الأوس، وأبوه من سبي بني قريظة، سكن الكوفة، ثُمَّ رجع إلى المدينة، أرسل عن أبي ذرٍّ، وأبي الدرداء، وروى عن فَضالة بن عُبيد، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وغيرهم، وعنه: ابن المنكدر، وموسى بن عُبيدة، ويزيد بن الهادي، والحكم بن عتيبة، وخلق، قال ابن سعد: كان ثقة عالمًا ورعًا كثيرَ الحديث، وقال ابن المدينيِّ وغيره: ثقة، تُوُفِّيَ سنة ثمان ومئة، ويقال: سنة سبعَ عشرةَ ومئة، وقيل: سنة عشرين ومئة، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة.

(1/9594)


قوله: (وَسُلَيْمَان بْن يَسَارٍ): هو سليمان بن يسار؛ بالمُثَنَّاة تحت في أوَّله، مولى ميمونة أمِّ المؤمنين، عنها، وأبي هريرة، وعائشة، وعنه: يحيى بن سعيد، وربيعة الرَّأي، وصالح بن كيسان، وكان من فقهاء المدينة السَّبعة، قال الحسن بن مُحَمَّد ابن الحنفيَّة: هو عندنا أفهم من سعيد بن المُسَيّب، وقال أبو زرعة: ثقة مأمون عابد فاضل، في وفاته أقوالٌ؛ منها: سنة (170 هـ)، أخرج له الجماعة.
قوله: (وَعَمْرِو بْن هَرِم): قال شيخنا: (لم أره)؛ يعني: لم يرَ تعليقه، قال: (وذكره البَيْهَقيُّ عن كتاب عمرو بن حزم في الكتاب الذي كتبه له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال ابن حزم: وصحَّ عن طاووس، وسعيد بن المُسَيّب، وعطاء، ومجاهد، وابن جبير، وقتادة، والحسن، ووهب بن مُنبِّه، وعليِّ بن الحسين، والقاسم بن عبد الرحمن، وشريح)، انتهى، و (عمرو بن هرم): شخص روى له مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وهو عمرو بن هرم الأزديُّ البصريُّ، يروي عن سعيد بن جبير، وربعيِّ بن حِراش، وأبي الشَّعثاء، وعكرمة، وجماعة، وعنه: أبو بشر، وسالم المراديُّ، وغيرهما، وَثَّقَهُ أحمد وجماعة، وليس بابن هرم بن حَيَّانَ العبديِّ، وذكر صاحبَ التَّرجمة ابنُ حِبَّان في «الثِّقات»، والظاهر أنَّ المراد هذا، وليس بعمرو بن هرم الصَّحابيِّ، يقال: إنَّه من البكائِّين الذين نزلت فيهم الآية في غزوة تبوك، ولو أراد هذا الصَّحابيَّ؛ لقدَّمه مع عليٍّ، والله أعلم.
قوله: (وَالشَّعْبِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، والله أعلم.

(1/9595)


إن قلت: لِمَ اقتصر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ في هذا الباب على هذه الآثار، ولم يذكر فيها حديثًا؟ وجوابه: أنَّ الأحاديث التي في هذا الباب ليست على شرطه، مُتكلَّم بها، نعم؛ في السُّنَن الأربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه _وهذا إسناد ليس على شرط البُخاريِّ أيضًا، وإن قال البُخاريُّ عن عمرو بن شعيب: إنَّ حديثه ما معناه أنَّه صحيحٌ، لكن لم يخرِّج له شيئًا في «الصَّحيح»، وفي الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أقوالٌ معروفةٌ_ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا طلاق إلَّا فيما تملك»، وأخرجه الحاكم في «مستدركه»، وقال: صحيح الإسناد، وأخرجه ابن الجارود في «منتقاه»، وقال التِّرْمِذيُّ: حسن صحيح، وهو أحسن شيء رُوِي في الباب، وقال أيضًا [سألت] مُحَمَّدَ بن إسماعيل _ يعني: البُخاري_: فقلت: أي شيء أصحُّ في الطَّلاق قبل النِّكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، ذكر ذلك شيخنا، وذكر أحاديثَ عدَّةً في الباب، وتكلَّم عليها، وذكر آثارًا غير ذلك، فإن أردتها؛ فانظرها من «شرحه»، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نافع)، وهما أخوان.

(1/9596)


[باب: إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شيء عليه]
قوله: (بَابٌ: إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ): أراد بهذا التبويب: ردَّ قول مَن نهى عن أن يقول الرجل لامرأته: يا أختي؛ لأنَّه روى عبد الرَّزَّاق عن الثَّوريِّ، عن خالد الحَذَّاء، عن أبي تميمة الهُجيميِّ قال: (مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على رجل وهو يقول لامرأته: يا أخيَّة، فزجره)، ومعنى كراهة ذلك: خوف ما يدخل على مَن قال لامرأته: يا أختي، أو أنت أختي؛ بمنزلة مَن قال: أنت عليَّ كظهر أمِّي في التَّحريم، إذا قصد إلى ذلك، فأرشده الشارع إلى اجتناب الألفاظ المُشكِلة التي يُتطَرَّق بها إلى تحريم المُحَلَّلات، وليس يعارض هذا قولُ إبراهيم عليه السَّلام في زوجته: (هذه أختي)؛ لأنَّه إنَّما أراد بها: أخته في الدين والإيمان، فمن قال لامرأته: إنَّها أخته وهو ينوي ما نوى إبراهيم من أخوَّة الدين؛ فلا يضرُّه شيئًا عند جماعة العلماء؛ لأنَّ بساط الحال يقضي على قوله، ذكر ذلك شيخنا، وذكر في ذلك حديثًا من عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه»، وذكر في ذلك أثرًا عن الحسن، ثُمَّ قال: وقال أبو يوسف: إن لم يكن لدينه؛ فهو تحريم، وقال مُحَمَّد بن الحسن: هو ظهار إذا لم يكن لدينه، ذكره الخَطَّابيُّ، ثُمَّ قال في باب آخر: «لم يكذب إبراهيم إلَّا ثلاث كذبات؛ ثنتين في ذات الله، وواحدة في ذات نفسه»، وهو أشبه؛ لأنَّه إنَّما خاف على نفسه، انتهى.
قوله: (وَهْوَ مُكْرَهٌ): هو بفتح الرَّاء، اسم مفعول، وهذا معروفٌ.

(1/9597)


[باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون ... ]
قوله: (بَابُ الطَّلَاقِ فِي الإِغْلَاقِ): لفظ الترجمة حديثٌ، وهو «لا طلاق في إغلاق»، رواه أبو داود، وابن ماجه، وصحَّحه الحاكم على شرط مسلم، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: (أنَّه ليس بثابت)، وتعقَّبه، و (الإغلاق): بكسر الهمزة، وبالغين المُعْجَمة، وفي آخره قافٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: («الإغلاق»: الإكراه؛ لأنَّ المُكرَه مُغلَقٌ عليه في أمره، ومُضيَّق عليه في تصرُّفه، كما يُغلَق الباب على الإنسان، ومنه: «لا يَغْلَقُ الرَّهنُ»، وغُلوقُه: إذا بقي في يد المُرتِهن ولا يقدر صاحبه على تخليصه؛ والمعنى: أنَّه لا يستحقُّه المرتهِن إذا لم يفكَّه صاحبُه،
[ج 2 ص 445]
كان هذا من فعل الجاهليَّة إذا لم يؤدِّ ما عليه في الوقت المُعيَّن؛ ملك المرتهِنُ الرَّهنَ، فأبطله الإسلام)، انتهى، وما قاله أخذه من «النِّهاية» لابن الأثير مِن مكانَين، وقال ابن قُرقُول: (لا طلاقَ في إغلاقٍ): هو الإكراه، وهو مِن «أَغْلَقْتُ الباب»، وإلى هذا ذهب مالكٌ)، انتهى، وذهب إليه خمسةٌ مِن الصَّحابة: عُمر، وعليٌّ، وابن عمر، وابن عَبَّاس، وزيد بن ثابت، كما نقله البَيْهَقيُّ عنهم، قال: (ولا مخالفَ لهم مِن الصَّحابة، فصار إجماعًا)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وقيل: «الإغلاق» هنا: الغضب، وإليه ذهب أهل العراق، وقيل: معناه: النَّهْي عن إيقاع الطلاق الثلاث بمرَّة، وهو نهيٌ عن فعله، وليس بنفي لحكمه إذا وقع، ولكن ليطلِّق للسُّنَّة كما أمره الله)، انتهى، وفي «مجمع الغرائب» للفارسيِّ تغليطُ قولِ مَن قال: إنَّه الغضب؛ لأنَّ أكثر طلاق النَّاس في حال الغضب، إنَّما هو الإكراه)، انتهى، وفسَّره بعضُهم بالجنون، والظَّاهر مِن عبارة البُخاريِّ: أنَّ الإغلاق غير الإكراه وغير الجنون؛ لأنَّه عطفهما عليه، فهما غيره عنده، فبقي في المسألة قولان، وهو لم يقل بأنَّه النَّهْيُ عن فعل الثَّلاث، فما بقي إلَّا أنَّه عنده الغضب، والله أعلم، ويحتمل أن يفسِّره هو بشيء آخرَ غير ما قيل فيه، ويأتي في (كتاب الأيمان) ما مقتضاه: أنَّ اليمين في الغضب مُنعقِدة عنده، ويحتمل أن يُفرِّق بين الطَّلاق واليمين، والله أعلم.

(1/9598)


وقال بعض المُتأخِّرين ممَّن يتكلَّم على طريق الاجتهاد _وهو ابن القَيِّم، وظاهر حاله أنَّه أخذه من أبي العَبَّاس ابن تيمية_: حقيقة الإغلاق: أن يُغلَق على الرجل قلبُه، فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به؛ كأنَّه انغلق عليه قصده وإرادته، قال: والغضب ثلاثة أقسام؛ أحدها: ما يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع، الثاني: ما يكون في مبادئه؛ بحيث لا يَمنَع صاحبَه مِن تصوُّر ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه، الثالث: أن يستحكم ويشتدَّ به، فلا يزيل عقله بالكليَّة، ولكن يحول بينه وبين نيَّته؛ بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، فهذا محلُّ نظر، وعدم الوقوع في هذه الحالة قويٌّ مُتَّجه، والله أعلم، وقال الإمام أحمد: الغضب، نصَّ عليه، حكاه عنه الجلال وأبو بكر في «الشَّافي» و «زاد المسير»، هذا تفسير أحمد للحديث، وقال أبو داود في «سننه»: أظنُّه الغضب، وترجم عليه: (باب الطَّلاق على غلط)، وفسَّره أبو عبيد وغيره بأنَّه الإكراه، وفسَّره غيرهما بالجنون، وقيل: هو نهي عن إيقاع الطلقات الثلاث دفعةً واحدةً، فيُغلَق عليه الطَّلاقُ حتَّى لا يبقى منه شيء؛ كغلق الرَّهن، حكاه أبو عبيد الهرويُّ، وقال أبو العَبَّاس ابن تيمية: وحقيقة الإغلاق: أن يُغلَق على الرجل قلبُه، فلا يقصد الكلام ولا يعلم به؛ كأنَّه انغلق عليه قصده وإرادته، قال: فيدخل في ذلك طلاقُ المُكرَه، والمجنون، ومن زال عقله بسكر أو غضب، وكلُّ مَن لا قصد له ولا معرفة له بما قال.
فائدةٌ: الأشياء التي لا يُؤاخَذ بها الإنسان عشرةٌ؛ أحدها: الخطأ مِن شدَّة الغضب، والخطأ مِن شدَّة الفرح، الثالث: في حال السُّكر، والخطأ، والنسيان، والمُكرَه، واللَّغو، وسَبْق اللِّسان بما لم يُردْهُ المُتكلِّم، والإغلاق، والجهل بالمعنى، فهذه عشرة أشياءَ ذكرها ابن قَيِّم الجَوزيَّة الحافظ شمس الدِّين في «معاليم المُوقِّعين» أنَّ الشخص لا يؤاخذه الله بها؛ لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخَذُ به، ثُمَّ ذكر أدلَّتها في الكتاب المذكور، فإن أردتها؛ فانظره.
ومسألة السُّكر: الأصحُّ عند الشَّافِعيَّة: أنَّه مُؤاخَذٌ بما يقول فيه أو يفعل إذا أثم به سواء كان شرابًا أو دواء، له وعليه، قولًا وفعلًا.
قوله: (وَالْكرْهِ): هو بِضَمِّ الكاف وفتحها، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الكِسائيَّ قال: (الكَره والكُره: لغتان)، انتهى، وقيل: بالفرق بينهما.

(1/9599)


قوله: (وَالشِّرْكِ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا في الدِّمَشْقيِّ، قال شيخنا: (ووقع في كثير من النُّسخ: («والنِّسيان في الطَّلاق والشِّرك»، وهو خطأ، والصَّواب: «والشَّكُّ» مكان «الشِّرك»)، انتهى، وهذا لم أره في «المطالع»، ولكنَّه كلام معقول، وأمَّا (الشرك)؛ فليس له معنًى طائلٌ، ثُمَّ ذكر شيخنا بعد كلام النَّاس في الشَّكِّ في الطَّلاق قال: (ولا يجوز عندهم أن يُرفَع يقينُ النِّكاح بشكٍّ، وإليه أشار البُخاريُّ)، انتهى، وقال بعضهم: (والشرك)، ويروى: (والشَّكُّ)، وهو أليق.
قوله: (وَتَلَا الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعبيُّ، وأنَّه بفتح الشين، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مَنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ): هو بكسر الواو الثَّانية، ولا يقال بفتحها، وهو مَن غلب عليه الوسواس.
قوله: (لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ: أَبِكَ جُنُونٌ؟!): يريد بهذا: ماعزَ بن مالك المرجوم في الزِّنى رضي الله عنه، وسيأتي قريبًا.
قوله: (شَارِفَيَّ): هو تثنية (شارف)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الشَّارف).
قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا بكسر الفاء [1] وفتحها؛ وأنَّ معناه: جعل.
قوله: (قَدْ ثَمِلَ)، وكذا قوله: (أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ): هو بفتح الثاء المُثلَّثة، وكسر الميم؛ أي: سكر، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان قبل تحريم الخمر، بل قُتِل حمزة شهيدًا رضي الله عنه والخمر ما حُرِّمت بعدُ.
قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ): هو عثمان بن عَفَّانَ، أحد العشرة، الخليفة المقتول ظلمًا رضي الله عنه، وفي الصَّحابة مَن اسمه عثمان نيِّفٌ وعشرون شخصًا، ولكن فيهم مَن الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك رضي الله عنهم.
قوله: (وَالْمُسْتَكْرَهِ): هو بفتح الرَّاء [2]، اسم مفعول، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ): هذا الظاهر أنَّه هو الصَّحابيُّ عقبة بن عامر بن عبس بن عمرٍو الجهنيُّ، مشهور نبيل شريف فصيح مُقرِئٌ فَرَضِي شاعرٌ، وُلِّي غزوَ البحر، تُوُفِّيَ بمصر سنة (58 هـ)، وقد زرت قبره بالقرافة، وفي الصَّحابة شخصٌ آخرُ اسمه عقبة بن عامر بن نابي الأنصاريُّ السَّلِميُّ، بدريٌّ، شهد العقبة الأولى، وقُتِل باليمامة، والظاهر أنَّ هذا ليس المرادَ، والله أعلم.
قوله: (طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بكسر الواو الثانية، ولا يجوز فتحها، وتَقَدَّمَ مَن هو.

(1/9600)


قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.
قوله: (إِذَا بَدَأَ): هو بهمزة في آخره.
قوله: (إِذَا بَدَأَ بِالطَّلَاقِ؛ فَلَهُ شَرْطُهُ): يريد: مثل قوله: أنت طالق إن فعلتِ كذا، وشبهه، وذُكِر عن بعضهم أنَّه لا ينتفع بشرطه، قاله شيخنا.
قوله: (نَافِعٌ): هذا هو نافع مولى ابن عمر، وهو أحد الأعلام، مِن المغرب، وقيل: من نيسابور، وقيل: من سبي كابل، وقيل: كان اسم أبيه هرمز، مشهور الترجمة رحمه الله تعالى.
قوله: (طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ألْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ؛ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ): (الرجل) و (امرأته) لا أعرفهما، و (بُتَّتْ منه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام المشهورين رحمة الله عليه.
[ج 2 ص 446]
قوله: (يُسْألُ) هو بِضَمِّ أوَّله، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ): (قلبُه): مَرْفوعٌ، فاعل (عقد)، وكذا (قَلْبُهُ) الثانية، قال شيخنا: (يريد: إذا لم يحلف بحضرةِ بيِّنة، ولا يُقبَل ذلك منه؛ إذا حضرتِ البيِّنةُ يمينَهُ)، انتهى.
قوله: (جُعِلَ ذَلِكَ): (جُعِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (فِي دِينِهِ): بكسر الدَّال، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، الفقيه الكوفيُّ، أحد الأعلام، مشهور الترجمة.
قوله: (فِيكِ): هو بكسر الكاف، خطابٌ لمُؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ): (طلاقُ): مَرْفوعٌ مبتدأٌ، و (بلسانهم): خبره.
قوله: (يَغْشَاهَا): أي: يجامعها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.
قوله: (الْحَقِي): هو بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأت بها؛ كسرتها_ وفتحِ الحاء، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (عَنْ وَطَرٍ): هو بفتح الواو والطَّاء المُهْمَلة، وبالراء، قال الجوهريُّ: («الوَطَر»: الحاجة، ولا يُبنَى منه فعلٌ، والجمع: الأوطار)، انتهى.
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، أحد الأعلام.

(1/9601)


قوله: (وَقَالَ عَلِيٌّ [3]: أَلَمْ تَعْلَمْ ... ) إلى آخره: هذا حديث مَرْفوعٌ، وكأنَّه لم يصحَّ رفعه عنده، إنَّما صحَّ عنه وقفُه على عليٍّ رضي الله عنه، أخرجه الأربعة في «سننهم» مرفوعًا، وحسَّنه التِّرْمِذيُّ، وقال: غريبٌ مِن هذا الوجه، ولا نعلم للحسن سماعًا من عليٍّ رضي الله عنه، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم، وزاد: (على شرط الشَّيخين)، وأخرجه أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا أيضًا، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم وزاد: (على شرط مسلم)، وقال ابن المنذر: ثابت.
قوله: (إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ): هو المجنون المُصاب بعقله، و (عُتِهَ)، فهو معتوه، وقال شيخنا: (النَّاقص العقل).
==========
[1] في (أ): (القاف)، وليس بصحيح.
[2] في (أ): (الكاف)، وليس بصحيح.
[3] الترضية: ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/9602)


[حديث: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها]
5269# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه النسبة إلى جدِّه فُرهود، والنِّسبة إليه: فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسهَا): يجوز [1] في سين (أنفسها): الضَّمُّ والفتح، فالضَّمُّ: على أنَّ النَّفس فاعلة (حدَّثت)، والنصب على أنَّها مفعوله، قال ابن قُرقُول: («أنفسَها»؛ بالفتح، ويدلُّ عليه قوله: «إنَّ أحدنا يحدِّث نفسه»، قال الطَّحَّاويُّ: وأهل اللُّغة يرفعون السين؛ أي: بغير اختيار، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16]، وفي الحديث الآخر: «ما وسوست به أنفسُها»، فالنَّفس: لفظ يقع على الذَّات، والرُّوح، والحياة).
قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ؛ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ): هذا عزاه شيخنا في «شرحه» إلى ابن أبي شيبة أنَّه أخرجه، ثُمَّ اعلم أنَّ ابن سيرين سُئِل عمَّن طلَّق في نفسه، فقال: أليس قد علم الله ما في نفسك؟! فقال: بلى، قال: فلا أقول فيها شيئًا، وهذا قولٌ في مسألة ما إذا طلَّق في نفسه، وهو التوقُّف، والقول الثاني: وقوعه إذا جزم عليه، وهذا رواية أشهب عن مالك، ورُوي عن الزُّهريِّ، وحجَّة هذا القول: قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات»، وأنَّ من كَفَر في نفسه؛ فهو كُفْر، وقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ} [البقرة: 284]، وأنَّ المُصر على المعصية فاسقٌ مُؤاخَذٌ وإن لم يفعلها، وبأنَّ أعمال القلوب في الثواب والعقاب كأعمال الجوارح، ولهذا يُثابُ على الحبِّ والبغض والموالاة والمعاداة في الله، وعلى التَّوكُّل والرِّضا، والعزم على الطَّاعة، ويُعاقَب على الكِبْر، والحسد، والعُجْب، والرياء، وظنِّ السُّوء بالأبرياء، ولا حجَّة في شيء مِن هذا على وقوع الطلاق والعتاق بمجرَّد النِّيَّة مِن غير تلفُّظ، والجواب عمَّا ذَكَرَ مذكورٌ في «الهدْي» لابن قَيِّم الجَوزيَّة، فإن أردته؛ فانظره، والله أعلم.
==========
[1] في الأصل: (يجو).
[ج 2 ص 447]

(1/9603)


[حديث: هل بك جنون هل أحصنت]
5270# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن): هو ابن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ ... )؛ الحديث: هذا الرجل هو ماعز بن مالك الأسلميُّ، مشهور جدًّا، قال ابن بشكوال في «مبهماته»: قال أبو الوليد الفرضي: ماعز لقبٌ، واسمه عَرِيْب بن مالك، وكذا قاله الرَّشيد العطَّار الحافظ عن ابن بشكوال، وقد رأيت بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين ما لفظه: (ذكر ابن الفرضيِّ عن ابن السَّكن أنَّ ماعزًا لقبٌ، واسمه عَرِيب؛ بعين مهملة)، انتهى.
في الصَّحابة مَن اسمه ماعزٌ آخر تميميٌّ، نزل البصرة، صَحَابيٌّ، له في «مسند أحمد»، روى عنه يزيد ابن الشِّخِّير، وآخر يقال له: ماعز البكَّائيُّ بصريٌّ، رُوِيَ عن ابنه عبد الله عنه، قيل: إنَّه المُتقدِّم قبله، والثَّالث: ماعز بن مَخْلد بن ثور البكَّائيُّ، له وفادةٌ، ذكره ابن الكلبيِّ، والله أعلم.
فائدةٌ: المرأة التي زنى بها ماعزٌ اسمُها فاطمةُ جارية هزَّال.

(1/9604)


[حديث: اذهبوا به فارجموه]
5271# 5272# قوله: (إِنَّ الأَخِرَ): هو بفتح الهمزة مقصورة، _قال ابن قُرقُول: (وبعض المشايخ: يمدُّها، وكذا رُوِي عن الأصيليِّ في «المُوطَّأ»، وهو خطأ) _، وكسر الخاء، (ومَن فتحَها؛ فقد أخطأ)، قاله ابن قُرقُول، يعني: الأبعد، على الذَّمِّ، ويقال: الأرذل الخسيس.
قوله: (قِبَلَهُ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا الثَّانية.
قوله: (وَكَانَ قَدْ أحْصنَ): هو بفتح الهمزة والصَّاد، ويجوز ضمُّ الهمزة، وكسر الصَّاد، والإحصان: المنع، وكذلك يأتي بمعنى: العفَّة والنِّكاح _وهو المراد هنا_، والإسلام، والحرِّيَّة؛ لأنَّ بكلِّ واحدة مِن هذه الخصال يمتنع الإنسان مِن الفاحشة، يقال: أَحصَن، فهو مُحصِن، وأُحصِن، فهو مُحصَن، والمرأة مُحْصَنة، وكلُّ هذا في القرآن والسُّنَّة.
قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): هذا معطوف على السند الذي قبله، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (زاد البُخاريُّ ومسلم في حديثهما: «قال الزُّهريُّ: حدَّثني من سمع جابرًا قال: كنت فيمَن رجمه»، رواه غير واحد عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة، عن جابر، وقد مضى)، انتهى، فالشيخ المُبهَم للزُّهريِّ الظاهر أنَّه أبو سلمة، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: (قيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن)، فجزم به، وحديث الزُّهريِّ عن أبي سلمة عن جابر أخرجه البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ.
قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ [1]): هو بفتح الهمزة، وإسكان الذَّال المُعْجَمة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ قاف مفتوحة [2]، ثُمَّ تاء التَّأنيث السَّاكنة، ثُمَّ هاء الضمير، كذا ذكره بالذال المُعْجَمة ابن قُرقُول وابن الأثير، ونقل بعضهم عن ابن مُغيث في «الوثائق» أنَّه قال: (يُروَى بذال معجمة، وصوابه: بمهملة، مِن الاندلاق)، انتهى؛ وهذا غريبٌ يُحفَظ، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (أذلقته: بلغت منه الجهد حتى قلِقَ).
[2] في (أ): (ساكنة)، ولا يستقيم.
[ج 2 ص 447]

(1/9605)


[باب الخلع ... ]
[ج 2 ص 447]
(بَابُ الْخُلْعِ) ... إلى (بَاب الظِّهَارِ)
فائدةٌ: أوَّل خُلْعٍ كان في الإسلام خُلْعُ ثابت بن قيس مِن أخت عبد الله بن أُبيٍّ.
قوله: (بَابُ الْخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلَاقُ فِيهِ): كأنَّ مراده بهما بيان الخلع، وأنَّه طلقة بائنة، وقد اختلف العلماء في البينونة بالخلع على قولين، والله أعلم.
قوله: (وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا): يعني: أنَّ يأخذ منها الزَّوجُ كلَّ مالها إلى أن يكشف رأسها، فيترك لها قناعها وشبهه ممَّا لا كبير قيمةٍ له)، انتهى، و (العِقاص): بكسر العين، تَقَدَّمَ ما هو، وقال ابن قُرقُول: (معنى ذلك: بكلِّ شيء حتَّى بعِقاص رأسها وغيره)، قال ابن قُرقُول: (وعندي أنَّ معناه: بما سوى عِقاص رأسها؛ أي: أنَّ الخلع جائز بكلِّ ما تملكه المرأة، وتجوز المعاوضة به، وانتقالها عنه إلى غيرها)، انتهى.
قوله: (فِيمَا افْترضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا): (افترض): مَبْنيٌّ للفاعِل، وللمفعول أيضًا.
قوله: (وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ)؛ أي: لم يقل طاووس قول السُّفهاء: لا تحلُّ ... إلى آخره؛ يريد: أنَّ قول السُّفهاء: إنَّ الخلع لا يحلُّ حتَّى تقول المرأة ذلك؛ أي: تمنعه [1] أن يطأَها، وظاهر ما في «البُخاريِّ» أنَّ قوله: (لم يقل ... ) إلى آخره: من كلام البُخاريِّ، ونقل غيرُه بعض هذا الكلام عن ابن جُرَيج، ويجوز أن يكون البُخاريُّ ظهر له ما قال ابن جُرَيج، فنَسبه إلى نفسه، قاله ابن التِّين، نقله شيخنا.
قوله: (لَا أَغْتَسِلُ لَكِ [2] مِنْ جَنَابَةٍ): كذا في أصلنا (لكِ): مكسور الكاف على الخطاب للمرأة، ومقتضى ما ذكرته في جلِّ كلام طاووس: أن يكون (لكَ)؛ بفتح الكاف، خطابٌ للرَّجل، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (لمنعه)، والمثبت من مصدره.
[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لكَ).

(1/9606)


[حديث: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة.]
5273# قوله: (حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ): هو بفتح الجيم، وكسر الميم، وهذا معروف عند أهله، و (خَالِدٌ) بعد (عبد الوهَّاب): هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (امرأة ثابت): ستأتي أنَّها أخت عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، وسيأتي في آخر هذ الباب عن عكرمة: (أنَّ جَميلة ... )؛ فذكر الحديث، وجَمِيلة: بفتح الجيم، وكسر الميم، وقد اجتمع لنا من الأحاديث المذكورة في هذا الباب: أنَّ زوجة ثابت المُختَلِعةَ منه جميلةُ أختِ عبد الله بن أُبيٍّ، قال الدِّمْيَاطيُّ في قوله: (إنَّ أخت عبد الله): (صوابه: جميلة بنت عبد الله، لا أخته)، انتهى، وكذا قاله ابن منده فيما وقفت عليه من كلام الذَّهَبيِّ، ووهَّمه، وصوَّب: (أخت)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ أيضًا تجاه قوله: (جميلة) ما لفظه: (هي جميلة بنت عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، وَلَدتْ لثابتٍ مُحَمَّدًا [1]، ثُمَّ خلف عليها بعد ثابت مالكُ بن الدُّحشم، فولدت له الفُريعةَ، ثُمَّ خلف عليها بعد مالك خُبَيب بن إساف، فولدت له أبا كثير عبدَ الله، هذا رواية أهل البصرة: أنَّ المختلعة هي جميلة مِن ثابت، وكانت [2] نشزت عليه؛ لدمامته، وأهل المدينة يقولون: إنَّ المختلِعةَ من ثابت حبيبةُ بنت سهل بن ثعلبة الأنصاريَّة، وكان في خُلُق ثابت شدَّة فضربها، فأتتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: لا أنا ولا ثابت، فاختلعت منه بكلِّ ما أعطاها، ثُمَّ تزوَّجها أُبيُّ بن كعب، قال أبو عمر: وجائز أن تكون حبيبةُ وجميلةُ اختلعتا مِن ثابت بن قيس بن شمَّاس)، انتهى.

(1/9607)


وحاصل مَن وقفت عليها أنَّها اختلعت من ثابت: جميلة أخت عبد الله أو بنت عبد الله؛ على الخلاف في ذلك، أو زينب بنت عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، وعُزِيَ إلى «سنن الدارقطنيِّ»، أو حبيبة بنت سهل، كذا في «سنن ابن ماجه»، أو جميلة بنت سهل، كما في «المهذَّب» للشيخ أبي إسحاق، وهو وَهَمٌ، وصحَّح الشيخ محيي الدين في «تهذيبه»: أنَّها حبيبة بنت سهل، وأطال الكلام في ذلك، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر: إنَّها حبيبة بنت سهل، رواه الشَّافِعيُّ وأبو داود، انتهى، أو مريم المغاليَّة، وهذا أيضًا في «ابن ماجه»، وهي منسوبةٌ إلى بني مغالة، هذا مجموع مَن وقفت عليه، وفي «جزء عليِّ بن حرب» من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: كانت أمُّ حبيبة تحت ثابت بن قيس بن شمَّاس، فكرهته ... ؛ فذكر حديث الخُلْع.

(1/9608)


و (ثابت) هذا: هو ثابت بن قيس بن شمَّاس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، وقيل: أبو عبد الرحمن، خطيب الأنصار، شهد أحدًا، وقُتِل باليمامة، وهو الذي انقطع في بيته حزينًا، وقال: كنت أرفع صوتي فوق صوت النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأنا من أهل النار، فرجع إليه رسولُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ببشارةٍ عظيمةٍ من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: لست من أهل النار، ولكنَّك من أهل الجنَّة، وهو الذي رُؤِيَ في النوم بعد قتله، وأُجِيزَت وصيَّتُه، وها أنا أذكر لك المنام، وهو غريبٌ، رُويَ عن عطاء الخراسانيِّ قال: قَدِمْتُ المدينة، فدخلت على ابنة ثابت بن قيس، فقلت: حدِّثيني عن ثابتٍ يرحمك الله، قالت: لمَّا كان يوم اليمامة؛ خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذَّاب، فلمَّا لقي أصحابَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ حمل عليهم فانكشفوا، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنَّا نقاتل مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ حفر كلُّ واحد منهما لنفسه حُفرة، وحمل عليهم القوم، فثبتا، وقاتلا حتَّى قُتِلا، قال: وعلى ثابتٍ يومئذ درعٌ له نفيسةٌ، فمرَّ به رجلٌ من المسلمين فأخذها، فبينا رجلٌ من المسلمين نائمٌ؛ إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه فقال له: إنِّي موصيك بوصيَّة، فإياَّك أن تقول: هذه حلم، فتضيِّعها، إنِّي لمَّا قُتِلت أمس؛ مرَّ بي رجلٌ من المسلمين، فأخذ درعي، ومنزله في أقصى العسكر، وعند خبائه فرسٌ يستنُّ في طِوَلِه، وقد كفأ على الدرع بُرمة، وجعل فوق البُرمة رحله، فائتِ خالدًا، فمُرْه يبعث إلى درعي فيأخذها، فإذا قَدِمْتَ على خليفة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فقل له: إنَّ عليَّ من الدَّين كذا وكذا، ولي من الدَّين كذا وكذا، وفلان من رقيقي حرٌّ، وفلان ... إلى أن قال: فلا نعلم أحدًا أُجِيزت وصيَّته بعد موته غير ثابت بن قيس، انتهى، والرائي: هو بلال بن رَباح، والعبدان المعتقان: سعْدٌ ومباركٌ، وله شاهدٌ في كتاب «الردة» للواقديِّ، والله أعلم.
قوله: (مَا أَعْتبُ عَلَيْهِ): (أعتب): بِضَمِّ التاء المُثَنَّاة من فوق وكسرها، لُغَتان مشهورتان.
قوله: (فِي خُلُقٍ): هو بِضَمِّ الخاء واللام.
[ج 2 ص 448]

(1/9609)


قوله: (وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ): الظاهر _والله أعلم_: أنَّها من شدَّة ما حصل عندها منه من البغض خافت أن تكفر العشير، وتجحدَ نعمته، هذا ما ظهر لي، ولم أرَ فيه كلامًا لأحد، والله أعلم.
5274# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ): الأوَّل: الطَّحَّان خالد بن عبد الله، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومن جملة ترجمته: أنَّه اشترى نفسه من الله تعالى بزنته فضَّةً ثلاث مَرَّاتٍ، و (خالدٌ) الثاني: هو الحَذَّاء، كما في أصلنا، وهو خالد بن مِهْرَان.
قوله: (أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بِهَذَا): تَقَدَّمَ الكلام على أخت عبد الله، واسمها، أو هي بنته، قريبًا.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ): (إبراهيم بن طهمان): هو أبو سعيد الخراسانيُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وعنه: يحيى بن أبي بُكير، ومُحَمَّد بن سنان العَوَقيُّ، وخلقٌ، وكان من أئمَّة الإسلام غير أنَّ فيه إرجاءً، تَقَدَّمَ، و (خالدٌ) بعده: هو ابن مِهْرَان الحَذَّاء، وتعليق إبراهيم هذا المُرْسَل ليس في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وأصل الحديث أخرجه البُخاريُّ في (الطلاق) عن أزهر بن جميل، عن الثقفيِّ، عن خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس، وهنا عن إسحاق الواسطيِّ، عن خالد، عن خالد، عن عكرمة: (أنَّ أخت عبد الله [بن] أُبَيٍّ بهذا)، وقد أخرجه النَّسَائيُّ في (الطلاق) عن أزهر بن جميل به، والله أعلم.
5275# قوله: (وَعَنِ ابْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): هذا تعليقٌ، و (ابن أبي تميمة): هو أيوب السَّخْتيَانيُّ، وسيأتي فيما يليه مسندًا عن مُحَمَّد بن عبد الله بن المبارك المُخَرِّميِّ.
قوله: (لَا أَعْتبُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق وكسرها.
قوله: (وَلَا خُلُقٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بِضَمِّ الخاء واللام.
قوله: (وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُهُ): أي: من بغضي إيَّاه، وقد جاء في رواية قتادة عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس: (لا أطيقه بُغضًا).

(1/9610)


[حديث: فتردين عليه حديقته؟]
5276# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ ياء النسبة، وهذه النسبة إلى المُخَرِّم؛ محلَّة ببغداد، هذا حافظٌ مشهورٌ، قاضي حُلوان، عن أبي معاوية، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وإسحاق الأزرق، وابن مهديٍّ، وخلقٍ كثير، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وإبراهيم الحربيُّ، وابن أبي الدُّنيا، وابن خزيمة، وآخرون، قال الباغنديُّ: كان حافظًا متقنًا، وقال أبو حاتم والنَّسَائيُّ: ثقة، وقال الدارقطنيُّ: كان ثقةً حافظًا، قال الخطيب: كان المُخَرِّميُّ من أحفظ الناس للأثر، قال ابن قانع: تُوُفِّيَ سنة (254 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، و (قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ): بِضَمِّ القاف، وتخفيف الراء، وبدال مهملة في آخره، واسمه عبد الرحمن بن غزوان البغداديُّ، عن عوف ويونس بن أبي إسحاق، وعنه: أحمد، وابن معين، والحارث بن أبي أسامة، وَثَّقَهُ ابن المدينيِّ، وكان حافظًا، وله مناكير، تُوُفِّيَ سنة (207 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.
قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ ابْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم المرأة التي اختلعت منه قريبًا؛ فانظره.
قوله: (مَا أَنْقِمُ): هو بفتح الهمزة، وكسر القاف، وتُفتَح أيضًا على لغة.
قوله: (وَلَا خُلُقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الخاء واللام.
قوله: (إِلَّا أَنِّي أَخَافُ الْكُفْرَ): تَقَدَّمَ ما ظهر لي في معناه قريبًا؛ فانظره.
5277# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو ابن حرب: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، وقد قَدَّمْتُ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ حمادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو مُحَمَّد بن الفضل عَارم؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانَ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب بن خالد، و (أَيُّوب): ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (جَمِيلَة): تَقَدَّمَ ضبطها، وكلام الدِّمْيَاطيِّ فيها قبل ذلك؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 449]

(1/9611)


[باب الشقاق ... ]
قوله: (بَابُ الشِّقَاقِ، وَهَلْ يُشِيرُ بِالْخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ؟): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ويحتمل أن يكون استدلاله بقوله: «إلَّا أن يريد عليٌّ أن يطلِّق ابنتي»، كما قال الشارح، ويحتمل أن يستدلَّ بقوله: «فلا آذن»، ووجه الدليل: أنَّه أشار على عليٍّ بتقدير [1] نكاح ابنتهم، ومنعه من ذلك؛ إذ عُلِم من ذلك أنَّه موقوفٌ على إذنه، ولم يأذن صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لضرورة صيانة فاطمة عليها السلام عن التعرُّض لما جُبِلَت عليه النفوس من الغَيرة وأحوالها، فإذا استقرَّ جواز الإشارة بعدم التزويج؛ التحق جواز الإشارة بقطع النِّكاح لمصلحة، والله أعلم، انتهى، وقال شيخنا: هذا الحديث _يعني: حديث المِسْوَر بن مَخْرَمة_ سلف، ولا يظهر دلالته لِما ترجم له، وحاول البُخاريُّ إدخاله في الباب بأن يجعل قوله: «فلا آذن» خُلْعًا، كما ادَّعاه المهلَّب، ثُمَّ قال: ولا يقوى هذا المعنى؛ لأنَّه قال في الحديث: «إلَّا أن يريدَ ابنُ أبي طالب أن يطلِّق ابنتي»، فدلَّ على الطلاق، فإن أراد أن يستدلَّ من كامل الطلاق على الخُلع؛ فهو دليلٌ من دليلٍ، وذلك ضعيفٌ، وإنَّما فيه الشقاق والإشارة بالطلاق من خوفه، وأقرَّه عليه ابن بَطَّال، ثُمَّ ذكر شيخُنا كلامَ ابن المُنَيِّر إلى آخره، وقد قدَّمته، انتهى.
==========
[1] في مصدره: (بعدم).
[ج 2 ص 449]

(1/9612)


[حديث: إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن]
5278# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، و (المِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه مَخْرَمة من مُسْلِمة الفَتْح.
قوله: (إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا): تَقَدَّمَ أنَّ (المغيرة) هو جدُّ أبي جهلٍ عَمرِو بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، وتَقَدَّمَ قريبًا أنَّ الذي استأذن هو الحارث بن هشام.
قوله: (أَنْ يَنْكِحَ عَلِيٌّ ابْنَتَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه الابنة هي ابنة أبي جهل، واسمها العوراء، وقيل: اسمها جويرية، وقيل: جهدمة، وقيل: جُميلة، صحابيَّة رضي الله عنها.
==========
[ج 2 ص 449]

(1/9613)


[باب: لا يكون بيع الأمة طلاقًا]
قوله: (بَابٌ: لَا يَكُونُ بَيْعُ الأَمَةِ طَلَاقًا): ما ترجم له هو مذهب كافَّة الفقهاء، وخالفت فيه طائفةٌ، رُوِيَ عن ابن مسعود، وابن عَبَّاس، وأُبيِّ بن كعب، ومن التابعين سعيد بن المُسَيّب، والحسن، ومجاهد، واحتجُّوا بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، فحرَّم علينا المزوَّجات من النساء، [إلَّا] إذا ملكتهنَّ أيماننا؛ فهنَّ حلالٌ لنا؛ لأنَّ البيع لها حدوثُ ملكٍ فيها، فوجب أن يرتفع حكم النِّكاح ويبطلَ، [دليله]: الأَمَة المسبيَّة ذاتُ الزوج، وحجَّة الجماعة: قصَّة بريرة: أنَّها أُعتِقَت فخُيِّرَت في زوجها، فلو كان طلاقها يقع ببيعها؛ لم يخيِّرْها الشارع بعد ذلك عند العتق، ويقول لها: إن شئت أقمت تحته، وأيضًا فإنَّه عقدٌ على منفعة، والإجارة كذلك، ثُمَّ إنَّ البيع لا يبطلها، فكذا النِّكاح، قاله شيخنا، وحذفتُ منه شيئًا من آخره، والله أعلم.
[ج 2 ص 449]

(1/9614)


[حديث: الولاء لمن أعتق]
5279# قوله: (كَانَ فِي بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها رضي الله عنها.
قوله: (أُعْتِقَتْ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر التاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتي أعتقتها هي عائشة رضي الله عنها.
قوله: (فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا): (خُيِّرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (زوجها): اسمه مُغِيْث؛ بِضَمِّ الميم، وكسر الغين المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، قال ابن منده وأبو نعيم: هو مولى أبي أحمد بن جحشٍ على المشهور، وأبو أحمد أَسَديٌّ، من أسد بن خزيمة، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: هو مولى بني مطيع، وبنو مطيع من عديِّ قريش، ذكره ابن الأثير، وقيل: كان مولًى لبني مخزوم، فهو قرشيٌّ بالولاء على قول مَن قال: إنَّ مُغِيْثًا كان عبدًا حال عتق بريرة، ثبت ذلك عن عائشة في «الصَّحيح»، وقيل: كان حرًّا، وجاء ذلك في روايةٍ لمسلم، والمشهور: أنَّه كان عبدًا، وفي هذا «الصَّحيح» فيما يأتي قريبًا جدًّا عن عكرمة عن ابن عَبَّاس: (أنَّ زوج بريرة كان عبدًا أسودَ يُقال له: مُغِيْث، كأنِّي أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ... )؛ الحديث، ومُغِيْث هذا صَحَابيٌّ، قال شيخنا في «تخريج أحاديث الرافعيِّ» فيما قرأته عليه: إنَّ اسمه برير، وقيل: مِقْسَم، حكاه أبو موسى، انتهى، وسيأتي في (الفرائض): (قَالَ الْحَكَمُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)، قال البُخاريُّ عقيبه: (وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا)، ثُمَّ يأتي قريبًا منه في (الفرائض) أيضًا: (قَالَ الأَسْوَدُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)، وتعقَّبه البُخاريُّ فقال: (قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا، أَصَحُّ)، انتهى.
وأمَّا رواية الأسود عن عائشة؛ فقد عارضها من هو ألصقُ بعائشة وأقعدُ بها من الأسود، وهو القاسم بن مُحَمَّد وعروة بن الزُّبَير، فروَيَا عنها: أنَّه كان عبدًا، والأسود سمع منها من وراء حجابٍ، وعروةُ والقاسمُ كانا يسمعان منها بغير حجابٍ؛ لأنَّها خالة عروة، وعمَّة القاسم، فهما أقعد بها من الأسود، قال شيخنا: قال ابن المنذر: ورواية اثنين أولى من رواية واحدٍ مع رواية ابن عَبَّاس من الطرق الثابتة: أنَّه كان عبدًا، انتهى.
قوله: (وَالْبُرْمَةُ): تَقَدَّمَ ما (البُرمة).

(1/9615)


قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ): (قُرِّب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (خبزٌ): نائب مناب الفاعل، و (أُدْمٌ): معطوف عليه.
قوله: (تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ): (تُصُدِّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو مشدَّد الدال المكسورة، وقد تَقَدَّمَ أيُّ لحمٍ كان.

(1/9616)


[باب خيار الأمة تحت العبد]

(1/9617)


[حديث ابن عباس: رأيته عبدًا يعني زوج بريرة]
5280# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ.
قوله: (رَأَيْتُهُ عَبْدًا): يعني: زوج بريرة، تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.
==========
[ج 2 ص 450]

(1/9618)


[حديث ابن عباس: ذاك مغيث عبد بني فلان كأني أنظر إليه يتبعها ... ]
5281# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.
قوله: (ذَاكَ مُغِيثٌ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، والكلام عليه.
قوله: (عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ): تَقَدَّمَ أعلاه الخلاف في مواليه.
==========
[ج 2 ص 450]

(1/9619)


[حديث ابن عباس: كان زوج بريرة عبدًا أسود يقال له مغيث عبدًا ... ]
5282# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.
قوله: (يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، والكلام عليه، والاختلاف في مواليه؛ فانظره.
==========
[ج 2 ص 450]

(1/9620)


[باب شفاعة النبي في زوج بريرة]
قوله: (بَابُ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (مدخله في الفقه: تشريعُ الشفاعة للحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقُّه، وإشارته عليه بالترك أو الصلح إذا سلم إليه القصد، ولا يعدُّ من التضجيع في الأحكام) انتهى، و (التضجيع) في كلامه: بالضاد المُعْجَمة، والجيم، والعين المُهْمَلة في آخره، في الأمر: التقصير فيه، انتهى.
قوله: (فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه مُغِيْث، أو برير، أو مِقْسَم، أعلاه؛ فانظره.

(1/9621)


[حديث: يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة]
5283# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (الجنائز)، و (المناقب)، و (الطلاق)، و (التوحيد)، وغير ذلك: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الوهَّاب)، نسبه ابن السكن في بعضها: ابن سلَام، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في (الأضاحي) وفي غير موضع، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدَّثنا عبد الوهَّاب)، وذكر أبو نصر أنَّ البُخاريَّ يروي في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلَام، وبُنْدَار مُحَمَّد بن بَشَّار، وأبي موسى مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب الطائفيِّ، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك فيما مضى، ولكن طال به العهد، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه».
و (عبد الوهَّاب): تَقَدَّمَ في كلام الجَيَّانيِّ أنَّه الثقفيُّ، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان.
قوله: (أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، والاختلاف في اسمه، ومَن مواليه؛ فانظره.
قوله: (لَوْ رَاجَعْتِهِ): هو بكسر التاء من غير ياءٍ.

(1/9622)


[باب في التخيير]

(1/9623)


[حديث: اشتريها وأعتقيها؛ فإنما الولاء لمن أعتق]
5284# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو الحكم بن عتيبة القاضي الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيدَ النَّخَعِيُّ.
قوله: (فَأَبَى مَوَالِيهَا): تَقَدَّمَ الاختلاف في مواليها؛ فانظر ذلك.
قوله: (وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ هذا (اللحم) لحمُ أيِّ شيء كان.
قوله: (مَا تُصُدِّقَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
[ج 2 ص 450]
قوله: (فَخُيِّرَتْ): هو بِضَمِّ الخاء، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9624)


[باب قول الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ... }]
[قوله]: (بَابُ قَوْلِهِ [1] تَعَالَى: {وَلَا تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} ... )؛ الآية [البقرة: 221]: هذا يعمُّ العبد والوطء بالملك، قيل: المراد: مشركات العرب، وقيل: عامٌّ نُسِخَ في الكتابيَّة، أو خُصَّت منه الكتابيَّة، وإنَّما سُمِّيَت مشركةً؛ لقولها: عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ، وقيل: عامٌّ محكمٌ لم يتناول الكتابيَّات، وسيأتي ما يشهد لهذا في الموقوف الذي أخرجه عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقد جاءت الآثار عن الصَّحابة والتابعين وأهلِ العلم بعدهم: أنَّ نكاح الكتابيَّات حلالٌ، وبه قال مالكٌ، والأوزاعيُّ، والثَّوريُّ، والكوفيُّون، والشَّافِعيُّ، وعامَّةُ العلماء، ولا يُروى خلافُ ذلك إلَّا عن ابن عمر، فإنَّه شذَّ عن جماعة الصَّحابة والتابعين، وخالفَ ظاهر قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} [المائدة: 5]، ولم يلتفت أحدٌ من العلماء إلى قوله، قال أبو عبيدٍ: والمسلمون اليوم على الرخصة في نساء أهل الكتاب، قاله شيخُنا مُطَوَّلًا، أنا اختصرته، انتهى.
نزلت الآية المذكورة في مرثد الغنويِّ، كان يهوى في الجاهليَّة امرأةً، فدعته بعدما أسلم، فاستأذن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فنزلت، وقيل: في ابن رَواحة، فأعتق أَمَةً له فتزوَّجها، والذي ظهر لي من عادة البُخاريِّ: أنَّه قائلٌ بمقالة ابن عمر، وإلَّا؛ فما كان به حاجةٌ أن يبوِّب عليه، ولو لم يكن قائلًا [2] بمقالته؛ لقال: باب جواز نكاح المشركات، أو: باب جواز نكاح نساء أهل الكتاب، ويذكر آية (المائدة)، ويكون في التبويب والآية ردٌّ على ابن عمر، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قولِ الله).
[2] في (أ): (قائل)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 451]

(1/9625)


[حديث: إن الله حرم المشركات على المؤمنين]
5285# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو الليث بن سعد الإمام، أحد الأعلام.
==========
[ج 2 ص 451]

(1/9626)


[باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن]

(1/9627)


[حديث: كان المشركون على منزلتين من النبي]
5286# 5287# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ ... ) إلى آخره [1]، قال: (وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) أيضًا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى حديثٍ آخرَ، في (تفسير سورة نوح)؛ فانظره، فإنَّه مكانٌ حسنٌ، والله أعلم.
قوله: (لَمْ تُخْطَبْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَإِذَا طَهرَتْ): هو بفتح الهاء وضمِّها، لُغَتان تقدَّمتا.
قوله: (رُدَّتْ إِلَيْهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ): قال بعض حفَّاظ المصريِّين: أشار إلى حديثه المُرْسَل، وهو في «مصنَّف عبد الرَّزَّاق» وغيرِه من طريقه، انتهى [2].
قوله: (لَمْ يُرَدُّوا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (أثمانُهم): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح، وتَقَدَّمَ ما فيه في (سورة نوح) في (التفسير)، وهذا معطوفٌ على الحديث الذي قبله بالسند، لا تعليقٌ، والله أعلم.

(1/9628)


قوله: (كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ): (قَرِيبة) هذه: صحابيَّة، وهي أخت أمِّ سَلَمة، وهي بفتح القاف، وكسر الراء، قال الذَّهَبيُّ في «المشتبه»: لم أجد أحدًا بالضمِّ، وكذا هو بالفتح في نسخة الدِّمْيَاطيِّ بالقلم، كما تَقَدَّمَ، وأمَّا هنا في أصلنا؛ فهي مضمومةٌ في أصلنا بالقلم، وفي الهامش مفتوحةٌ، وعليها (صح)، وقال شيخنا هنا ما لفظه: و (قُرَيْبة) هذه: بقاف مضمومة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ ياء مثنَّاة تحت، ثُمَّ مُوَحَّدَة، قال: ورأيت بخطِّ الدِّمْيَاطيِّ فتح القاف، وكسر الراء، وهي أخت أمِّ المؤمنين أمِّ سَلَمة ... إلى آخر كلامه، انتهى، وضبطها أيضًا شيخُنا فيما تَقَدَّمَ بفتح القاف أيضًا عن خطِّ الدِّمْيَاطيِّ، وقال: قال ابن التين: ضبطها بعضهم بالضمِّ، وبعضهم بالفتح، انتهى، وفي «القاموس»: وقَرِيبة؛ كـ «حَبِيبة»: بنت زيدٍ، صحابيَّة، وكـ «جُهَينة»: بنت الحارث، وبنت أبي قحافة، وبنت أبي أُمَيَّة، وقد تُفتَح هذه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ كلُّ هذا بزيادةٍ في (باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب)، والله أعلم.
قوله: (وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ ابْنَةُ أَبِي سُفْيَانَ): هي أمُّ الحكم بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، أسلمت يوم الفتح، وهي أمُّ عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثَّقفيِّ ابن أمِّ الحكم، وهي أخت معاوية وأمِّ حبيبة لأبيهما، وقال ابن سعد: أمُّها هند بنت عتبة بن ربيعة، انتهى؛ يعني: فهي أختهما لأبويهما، وعبد الرَّحمن ابنها الصَّحيحُ: أنَّه تابعيٌّ، وقيل: صَحَابيٌّ، وأبوه عبد الله بن عثمان الثقفيُّ، صَحَابيٌّ، روى عنه: الحسن.
قوله: (وَكَانَتْ ... تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الْفِهْرِيِّ): (عياض) هذا: هو عياض بن غَنْمِ بن زهير بن أبي شدَّاد بن ربيعة الفهريُّ، ابن أخي عياض، وقريب أبي عبيدة، وابن امرأته، والذي افتتح الجزيرة، وأجاز درب الرُّوم غازيًّا، وكان أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك هو، وأبو عُبيدة، وخالد، وشرحبيل ابن حَسَنَة، ويزيد بن أبي سفيان، ترجمته معروفة رضي الله عنه.
قوله: (فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه صَحَابيٌّ، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9629)


[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة سابقًا بعد قوله: (وعطاء: هو ابن أبي رباح).
[ج 2 ص 451]

(1/9630)


[باب: إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي]
قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): أمَّا (عبد الوارث)؛ فهو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ، و (خالد): هو الحَذَّاء، وهو خالد بن مِهْرَان، وأثر ابن عَبَّاس: قال شيخنا: (أسنده ابن أبي شيبة ... )، فذكر سنده إليه.
قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ [1] عَطَاءٍ): اعلم أنَّ اثنين كلٌّ منهما اسمه داود يرويان عن إبراهيم الصائغ؛ أحدهما: داود بن عبد الرحمن المَكِّيُّ العطَّار، والثاني: داود بن أبي الفرات، والظاهر: أنَّ هذا هو العطَّار أبو سليمان، مشهور التَّرجمة، أخرج له الجماعة، وقال ابن معين: ثقة، تُوُفِّيَ سنة (175 هـ)، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وداود بن أبي الفرات الكنديُّ المروزيُّ، عن ابن بريدة وعلياء بن أحمرَ، وعنه: ابن مهديٍّ وعَفَّانَ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (إبراهيم الصائغ): هو إبراهيم بن ميمون الصَّائغ المروزيُّ، أبو إسحاق، عن عطاء بن أبي رَباح، ونافع، وأبي الزُّبَير، وأبي إسحاق السَّبيعيِّ، وعنه: إبراهيم بن أدهم، وحسَّان بن إبراهيم الكرمانيُّ، وأبو حمزة السُّكَّريُّ، وداود بن عبد الرحمن العطَّار، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال أبو زرعة والنَّسَائيُّ: لا بأس به، وقال أبو حاتم: لا يُحتجَّ به، قيل: قتله أبو مسلم الخراسانيُّ سنة (131 هـ)، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود والنَّسَائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عطاء): هو ابن أبي رَباح.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.
قوله: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ): هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ، العالم المشهور.
قوله: (أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا؟): (يُعاوَضُ)؛ بفتح الواو: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (زوجُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/9631)


قوله: (هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ): يعني: صلح الحديبية، وقد تَقَدَّمَ متى كان صلح الحديبية، وكم المدَّة التي اصطلحوا عليها في أوَّل هذا التعليق، وذكرتُ فيها ثلاثةَ أقوال، والأصحٌّ: عشر سنين.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (سُئِل).
[ج 2 ص 451]

(1/9632)


[حديث: انطلقن فقد بايعتكن]
5288# قوله: (حَدَّثَنَا يَحيَى ابْنُ بُكَيْر): هو بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
[ج 2 ص 451]
قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ): هذا هو إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسَد الأسَديُّ الحزاميُّ، من كبار العلماء والمحدِّثين بالمدينة، وخالد بن حزام جدُّه أسلم قديمًا وهاجر إلى الحبشة فلُدِغ، ونزلت فيه: {وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا ... }؛ الآية [النساء: 100]، وهو _أعني: إبراهيم_ شيخ البُخاريِّ وابن ماجه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، والمُسنَد إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه بمنزلة (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، كذا هو في أصلنا: (وقال إبراهيم بن المنذر)، وكذا ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»، ونقل فيه عن أبي مسعود أنَّه قال فيه: (عن إبراهيم بن المنذر)، وقد أخرج هذا مسلم في (المغازي) عن أبي الطاهر بن السَّرح، والنَّسائيُّ في (التَّفسير) وفي (البيعة) عن يونس بن عبد الأعلى، وابنُ ماجه في (الجهاد): عن ابن السَّرح؛ ثلاثتهم عن ابن وهب به، والله أعلم، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (لَا وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام على بيعة النِّساء كيف كانت، وهذا هو الصَّحيح فيها، وذكرت قولين آخرين في (الممتحنة) في (التَّفسير)؛ فانظر ذلك إن أردتَه.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

(1/9633)


[باب قول الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر}]

(1/9634)


[حديث: الشهر تسع وعشرون]
5289# قوله: (عَنْ أَخِيهِ): أخو إِسمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس عبد الله، وأنَّهما أخوان لأب وأمٍّ، وأمُّهما أخت مالك المجتهد أحدِ الأعلام، وتَقَدَّمَتْ ترجمة عبد الحميد بما قال فيه الأزديُّ، وهو مردود عليه، و (سُلَيْمَان) بعده: هو ابن بلال المدنيُّ، و (حُمَيْد): هو الطَّويل ابن تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (آلى): معناه: حلف عليهنَّ، وإنَّما عدَّاه بـ (من)؛ حملًا على المعنى؛ وهو الامتناع مِن الدُّخول عليهنَّ، وهو يتعدَّى بـ (من)، وللإيلاء في الفقه أحكام تخصُّه لا يُسمَّى بدونها إيلاءً.
فائدةٌ: إيلاؤه عليه السَّلام مِن نسائه كان في السَّنة التاسعة من الهجرة، ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ في الحوادث، وكذا قال مغلطاي والعراقيُّ في «سيرتَيهما»، وفيه نظر، وذلك لأنَّ في «مسلم» في (الإيلاء): (قبل أن يُؤمَرن بالحجاب)؛ يعني: إيلاءَه عليه السَّلام مِن نسائه، والحجابُ إنَّما أُنزِل على الصَّحيح في مُبتَنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب بنت جحش، وأكثر ما قيل في مبتناه بها سنة خمس، والله أعلم، ولكن يعكِّر عليه ما تَقَدَّمَ من حديث ابن عَبَّاس: (أصبحنا يومًا ونساء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم يبكين ... ) إلى أن قال: «ولكن آليتُ منهنَّ شهرًا»، وظاهر الحديث: أنَّ ابن عَبَّاس حضر ذلك، وابن عَبَّاس إنَّما جاء مع أبيه وأمِّه في السَّنة الثَّامنة في رمضان قبيل الفتح بأيَّام يسيرة، ويحتمل أنَّ قوله: (أصبحنا يومًا)؛ أي: أصبح الصَّحابة، فيكون مُرسَلَ صَحَابيٍّ، وغالبُ رواية ابن عَبَّاس عن الصَّحابة، ولم يسمع منه عليه السَّلام إلَّا أحاديث قليلة، أذكر عددَها قريبًا.
قوله: (فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ ما (المشرُبة)، وضبطُها، واللُّغتان فيها.
==========
[ج 2 ص 452]

(1/9635)


[حديث: إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق]
5291# قوله: (وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (إسماعيل) هذا: هو ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ فإنَّه بمنزلة (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.
قوله: (يُوقَفُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذه صيغة تمريض، فكأنَّه لم يصحَّ عنده ذلك على شرطه عَن هؤلاء المذكورين، قال شيخنا: (ما ذكره عن عثمان فمَن بَعدَهُ بصيغة تمريضٍ أسانيدُهم جيِّدةٌ، أخرجها ابن أبي شيبة، قال في الأوَّل)، ثُمَّ ساق أثر عثمان، وعليٍّ، وأبي الدَّرداء، وعائشة من عند ابن أبي شيبة، ثُمَّ قال: (والتَّعليق عن الاثني عشر سلف منه ما تَقَدَّمَ عن زيد بن ثابت)، ثُمَّ تكلَّم على بقيَّة ذلك، والله أعلم، و (أبو الدَّرداء): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عُويمِر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة، وأنَّه تأخَّر إسلامُه إلى عقب بدر، وأنَّ عمر ألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، وأنَّه تُوُفِّيَ سنة (32 هـ).
==========
[ج 2 ص 452]

(1/9636)


[باب حكم المفقود في أهله وماله]
قوله: (بَابُ حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (هذه الترجمة وما ساقه فيها مِن الآثار والحديث دليلٌ واضحٌ على فضله وحِدَّة نظره، وذلك أنَّه وجد الأحاديث مُتعارِضةً بالنِّسبة إلى المفقود، فحديث ضالَّة الغنم يدلُّ على جواز التصرُّف في ماله في الجملة وإن لم تُتَحقَّق وفاتُه، وينقاس عليه تصرُّف المرأة في نفسها بعد إيقاف الحاكم، وتطليقه بشروطه، والحديث عن ابن مسعود وما معه يُؤيِّده، ويقابل هذا على المعارضة حديث الضَّالَّة [في الإبل]، فمقتضاه بقاء ملكه أبدًا حتَّى تُتَحقَّقَ وفاتُه بالتَّعمير أو غيره، وبحسب هذا التعارُض اختلف العلماء في الجملة؛ واختار البُخاريُّ إيقافَ الأهل أبدًا إلى الوفاة يقينًا أو التعمير، ونبَّه على أنَّ الغنم إنَّما يُتصرَّف فيها؛ خشية الضَّياع بدليل التعليل في الإبل، والإبل في معنى الأهل؛ لأنَّ بقاء العصمة مُمكنٌ؛ كبقاء الإبل مملوكةً له) انتهى.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن المُسَيّب، وأنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيّب لا يجوز فيها إلَّا الفتح.
قوله: (إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ): (فُقِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (جَارِيَةً، وَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا [سَنَةً]، فَلَمْ يَجِدْهُ): (الجارية) و (صاحبها): لا أعرف اسميهما، قال شيخنا: (أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد جيِّد عن شريك، عن عامر، عن شقيق بن عامر، عن أبي وائل قال: «اشترى عبد الله جارية بسبع مئة درهم، فغاب صاحبها، فأنشده حولًا أو قال: سنة، ثُمَّ خرج إلى المسجد، فجعل يتصدَّق ويقول: اللَّهمَّ؛ فله، فإنَّ أبى؛ فعليَّ، ثُمَّ قال: هكذا فافعلوا باللُّقطة وبالضَّالة») انتهى.
قوله: (فَإِن أَبَى فُلَانٍ؛ فَلِي [1] وَعَليَّ ... ) إلى قوله: (فَلِي): هو في بعض الروايات، والرواية التي في أصلنا: (اللَّهمَّ؛ عن فلان وعليَّ)، ومعنى
[ج 2 ص 452]
الكلامِ؛ (فإن أبى فلان) يحتمل: أي: إن أبى أجرَ الصدقة يوم القيامة؛ فلي الأجرُ، وعليَّ حقُّه، ويحتمل أيضًا إن جاء في الدُّنيا، وأبى الصَّدقة عنه بها؛ فلي الأجر، وعليَّ حقُّه أوفيه إيَّاه، والله أعلم.

(1/9637)


قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرةً أنَّه العالم المشهور أحد الأعلام مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (يُعْلَمُ مَكَانُهُ): (يُعلَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (مكانُه)؛ بالرَّفع: نائب مناب الفاعل، وكذا: (لا يُقْسَمَ مَالُهُ).
قوله: (فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ): (سنَّتُهُ سنَّةُ): مبتدأ وخبر مرفوعان.

(1/9638)


[حديث: خذها فإنَّما هي لك أو لأخيك أو للذئب]
5292# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (يَزِيد مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ): هو بِضَمِّ الميم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ عين مهملة مكسورة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، تَقَدَّمَ.
قوله: (عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: هذا مُرْسَل؛ لأنَّ يزيد تابعيٌّ، ثُمَّ أسنده عقيبه عن زيدِ بن خالد الجهنيِّ.
قوله: (مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.
قوله: (يَلْقَاهَا رَبُّهَا): أي: مالكها، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (الوكَاء) و (العِفَاص) ضبطًا ومعنًى.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة، أحد الأعلام الذي قال فيه الشَّافِعيُّ: (لولا سفيان ومالك؛ لذهب علم الحجاز).
قوله: (رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ربيعة الرَّأي، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَيَقُولُ [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).
[ج 2 ص 453]

(1/9639)


[باب: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}]
(بَابُ الظِّهَارِ) ... إلى (بَاب اللِّعَانِ)
فائدةٌ: كان الظِّهار في السَّنة السَّادسة مِن الهجرة.
مسألةٌ: إن قيل: لم يذكر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ في الباب حديثًا، وجوابه: أنَّه لم يجده على شرطه، وأمَّا الحاكم؛ فأخرجه على شرطهما، وقال ابن العربيِّ: ليس في الظهار حديث صحيح يُعَوَّل عليه.
قوله: ({قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]): هذه المرأة هي خولة بنت مالك بن ثعلبة راوية كفَّارة الظِّهار، وهي المجادلة، وفي بعض كتب الفقه: خولة بنت مالك بن ثعلبة، وفي بعضها: خويلة؛ بزيادة ياء، وهما مَرويَّان، ورواية أبي داود بالياء، وفي بعض الروايات: خولة بنت ثعلبة بن أصرم، وفي بعضها: خولة بنت ثعلبة بن مالك، وفي بعضها: خُوَيلةُ بنت خُوَيلِد؛ بالتَّصغير فيهما، وهي أنصاريَّة زوجة أوس بن الصَّامت، ويقال: إنَّها جَمِيلة؛ بفتح الجيم، كذا جاء في رواية لأبي داود، والبَيْهَقيِّ، وغيرهما، وقال شيخنا في التي نزلت فيها الآية: كانت أمة لعبد الله بن أُبيٍّ، وهي التي نزل فيها: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ} [النور: 33]، انتهى، وزوجها أوس بن الصَّامت أخو عبادة بن الصَّامت بن قيس الخزرجيُّ، شهد بدرًا والمشاهد، ونزل الشَّام، تُوُفِّيَ سنة (32 هـ) بالرَّملة، وقيل: سنة (72 هـ) رضي الله عنه.
قوله: (وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرةً أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ أنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/9640)


قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ): هو الحسن بن الحرِّ بن الحكم النَّخعيُّ، ويقال: الجعفيُّ الكوفيُّ، أبو مُحَمَّد، ويقال: أبو الحكم، وقد يُنسَب إلى جدِّه، نزيل دمشق، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة، وخاله عبدة بن أبي لبابة، والشعبيِّ، والقاسم بن مُخيمِرة، وطائفة، وعنه: ابن أخيه حسين الجعفيُّ، وزهير بن معاوية، وحُمَيد بن عبد الرَّحمن، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وابن خِراش، وقال الحاكم: ثقة مأمون مشهور، وقال ابن سعد: مات بمكَّة سنة (133 هـ)، أخرج له أبو داود والنَّسَائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان».
قوله: (وَفِي الْعَرَبِيَّةِ: {لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3]؛ أَيْ: فِيمَا قَالُوا، وَفِي بَعْضِ مَا قَالُوا): قال ابن قُرقُول: («وفي بعض ما قالوا»: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «وفي نقض» مكان «بعض»، والأوَّل هو الصَّواب)، انتهى، وقوله: (وفي العربية: {لِمَا قَالُوا}): هذا في «المعاني» للفرَّاء، وقال الأخفش: المعنى على التَّقديم والتَّأخير: وَالَّذِينَ يظَّهَّرون مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ؛ لِمَا قَالُوا، قال شيخنا: (وهو قول حسن)، كما قاله ابن بَطَّال، وذكر شيخنا فيه وجهين آخرين، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 453]

(1/9641)


[باب الإشارة فِي الطَّلاق والأمور]
قوله: (فَأَوْمَأَتْ): كذا في أصلنا، وهو مهموزٌ، (أومأ)، ويجوز (ومأ)، والله أعلم، وكذا: (فَأَوْمَأتْ) الثَّانية فيه.
قوله: (وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعمان أو عمرو، فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

(1/9642)


[حديث: طاف رسول الله على بعيره وكان كلما أتى على الركن أشار إليه]
5293# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، و (أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو) بعده: هو العَقَديُّ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إبراهيم بن طهمان)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث بن أسماء بن خارجة، أبو إسحاق، الفزاريُّ، مات سنة خمس أو ثمان وثمانين ومئة)، انتهى، وشيخنا أخذه من الدِّمْيَاطيِّ مِن حاشيته، فذكره مقتصرًا عليه، انتهى، و (خَالِد) بعده: هو ابن مِهْرَان الحَذَّاء.
قوله: (وَقَالَتْ زَيْنَبُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ... »)؛ الحديث: (زينب) هذه: هي بنت جحش أمُّ المؤمنين زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وحديثها هذا في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسَائيِّ»، و «ابن ماجه».
قوله: (وَعَقَدَ تِسْعِينَ): كذا في «البُخاريِّ» مِن حديثها، وفي «مسلم» مِن حديثها: (فُتِح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد سفيان عشرةً)، وفي لفظٍ آخرَ: (وحلَّق بإصبعيه؛ الإبهام والتي تليها)، وبعده من حديث أبي هريرة: (فُتِحَ اليوم مِن ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد وُهَيب بيده تسعين»، وحديث أبي هريرة في «البُخاريِّ»، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (أمَّا رواية يونس وسفيان؛ فمتَّفقتان في المعنى؛ يعني: رواية: «عشرة»، ورواية: «حلَّق بإصبعيه؛ الإبهام والتي تليها») انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الأنبياء) عن ابن التِّين أنَّه قال: ليس عقد التسعين في الحساب مثل التحليق، والله أعلم، قال: (وأمَّا رواية أبي هريرة؛ فمُخالِفة لهما؛ لأنَّ عقد التسعين أضيقُ مِن عقد العشرة، قال القاضي: لعلَّ حديث أبي هريرة مُتقدِّم، فزاد قدرُ الفتحِ بعدُ هذا القدرَ، قال: ويكون المراد: التقريب بالتمثيل، لا حقيقة التجديد)، انتهى، وقد علمت أنَّ في رواية زينب في بعض طرقها: (تسعين)، كما روى أبو هريرة، لكنَّ الجواب أنَّها روت الشيئَين، فمرَّة حدَّثت بهذا، ومرَّة بهذا، وسأذكر ذلك في (الفتن) مُطَوَّلًا بزيادة رواية أخرى وقعت في حديث زينب، والله أعلم، وأذكر هناك صورةَ التِّسعين والعشرة عند أهل الحساب إن شاء الله تعالى وقدَّره.
[ج 2 ص 453]

(1/9643)


[حديث: في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلي]
5294# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وبالشين المُعْجَمة، و (الُمفضَّل): اسم مفعول من المُشَدَّدة، وقد تقدَّما.
قوله: (فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على ساعة الإجابة في يوم الجمعة في (الجمعة)، مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (أَنْمَلَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الأنملة) تسعَ لغاتٍ: تثليثَ الهمزة، وتثليثَ الميم، والعاشرة: أنمولة، وهي معروفة.
قوله: (يُزَهِّدُهَا): أي: يقلِّلها.
==========
[ج 2 ص 454]

(1/9644)


[معلق الأويسي: عدا يهودي في عهد رسول الله على جارية فأخذ أوضاحًا.]
5295# قوله: (وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أوس بن سعد بن أبي سرح القرشيُّ العامريُّ، أبو القاسم، الأويسيُّ المدنيُّ الفقيه، ترجمته معروفة، وعنه: البُخاريُّ وأبو زرعة، ثقة مُكثِر، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان كذا)، وفلانٌ المُسنَد إليه القول شيخُه؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة.
قوله: (عَدَا يَهُودِيٌّ): هو بالعين المُهْمَلة، وكذا الدَّال؛ من العدوان؛ وهو تجاوز الحدِّ في الظُّلم، واليهوديُّ: لا أعرف اسمه، وكذا (الجَارِيَة) المقتولة.
قوله: (فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا): (الأوْضاح)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ضاد معجمة، وبعد الألف حاءٌ مهملةٌ، قال أبو عبيد: الحلي من الفضَّة، الواحدة: وضَحة، قيل: هي حَلْيٌ من حجارة، وقال الحربيُّ: الأوضاح: الخلاخيل، وفي «الصِّحاح»: الوضَح: الدرهم الصَّحيح، والأوضاح: حَلْيٌ من الدَّراهم الصِّحاح، انتهى.
قوله: (وَقَدْ أُصْمِمَتْ [1]): هو بِضَمِّ الهمزة، ساكن تاء التأنيث؛ أي: أُسكِتَت، وفي نسخة صحيحة: (أَصمَمَت)؛ بفتح الهمزة بالقلم، وصُحِّح عليها، وفي هامشها: مضموم الهمزة، وكذا هو مضبوط في «صحاح الجوهريِّ» بالقلم في نسخة صحيحة، وهو مقتضى التصنيف، وكذا في «القاموس»، ولفظه: (وأصمَتَه وصمَّته، لازمان مُتعدِّيان)، انتهى، فيقال فيه: أَصمَمَتْ وأُصمِمَتْ، والله أعلم.
قوله: (غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا): (غيرِ)؛ بالجرِّ: بدل من (آخر) المجرور، وعلامة الجرِّ في (آخَرَ) الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرِف.
قوله: (فَرُضِخَ رَأْسُهُ): (رُضِخ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رأسُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/9645)


[حديث: الفتنة من هنا]
5296# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، أحد الأعلام.
==========
[ج 2 ص 454]

(1/9646)


[حديث: إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم]
5297# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ [1]): اسم (أبي إسحاق) هذا: سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان أبو إسحاق الشَّيبانيُّ؛ بالشين المُعْجَمة، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى والده أبي أوفى، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا كابنه، وأنَّ اسمه علقمة بن خالد بن الحارث، ورفعتُ في نسبه رضي الله عنهما.
قوله: (قَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي): (الرجل): تَقَدَّمَ أنَّه بلال، وتَقَدَّمَ الكلام على (الجدح).

(1/9647)


[حديث: لا يمنعن أحدًا منكم نداء بلال]
5298# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): هذا هو النهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ).
قوله: (مِنْ سَحُورِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على سينِه، وهو معروف.
قوله: (لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ): (يَرجعَ)؛ بفتح أوَّله، مُتَعدٍّ، و (قائمَكم): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وكان في أصلنا مضبوطًا بالقلم: بالفتح والضَّمِّ [1]، ثُمَّ أُزيلَت الضَّمَّة، وكلاهما صحيح إن ساعدته الرواية، ويؤيِّد النصب قولُه في طريق أخرى: (وليُنبَّه نائمُكم)، والله أعلم.
==========
[1] زيد في (أ): (بالقلم)، ولعلَّه تكرارٌ.
[ج 2 ص 454]

(1/9648)


[حديث: مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد]
5299# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا التعليق مجزوم به، وقد تَقَدَّمَ كذلك في (الزكاة)، وليس هو في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا و (الزكاة).
قوله: (جُبَّتَانِ): هو بالموحَّدة في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على رواية: (جبَّتَين) و (جنَّتين) في (الزَّكاة)، وأنَّ الصَّحيح: بالنُّون.
قوله: (إِلَى تَرَاقِيهِمَا): تَقَدَّمَ أنَّه جمع (ترقوة)، وقد تَقَدَّمَ ما هي في (الزَّكاة).
قوله: (إِلَّا مَادَّتْ عَلَيهِ): هو بفتح الدَّال المُهْمَلة المُشَدَّدة، ثُمَّ تاء التَّأنيث الساكنة.
قوله: (حَتَّى تُجِنَّ): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وكسر الجيم، مُشدَّد النُّون، رُبَاعيٌّ، ويجوز فتح التاء، وضمُّ الجيم، ومعناه معروف.
قوله: (بَنَانَهُ): (البَنان)؛ بفتح الموحَّدة: الأصابع، وقيل: أطرافها، قال ابن قُرقُول: (كذا للكافَّة، ورواه بعضهم عن ابن الحَذَّاء: «ثيابه»، كذا في أصل مُحَمَّد بن عيسى، وهو غلط، وبالأوَّل يستقلُّ التَّشبيه، ويستقيم الكلام، كما في الحديث الآخر: «تعفو أنامله») انتهى.
قوله: (وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ): أي: تَمحاهُ وتذهبه، و (عفا): يتعدَّى ولا يتعدَّى، يقال: عفتِ الريحُ المنزلَ: درسته، وعفا المنزل يعفو: دَرَس.
قوله: (كُلُّ حَلْقَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بإسكان اللَّام وتُفتَح، وتَقَدَّمَ جمع كلِّ واحدة من اللُّغتين.
قوله: (وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ): (يُشير)؛ بِضَمِّ أوَّله، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، و (الإصبع): تَقَدَّمَ عشرُ لغاتٍ فيها.
==========
[ج 2 ص 454]

(1/9649)


[باب اللعان ... ]
(بَابُ اللِّعَانِ) ... إلى (بَاب: إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَمْ يَمَسَّهَا)
فائدةٌ: نزلت آية اللِّعان في شعبان في السنة التَّاسعة من الهجرة.
ثانيةٌ: لم يكنِ اللِّعان بالمدينة بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا في أيَّام عمر بن عبد العزيز.
ثُمَّ اعلم أنَّ (اللِّعان): هو مصدر: (لاعَنَ يلاعِنُ لعانًا)، وإطلاق اللِّعان في جانب المرأة مِن مجاز التغليب،
[ج 2 ص 454]
وهو مشتقٌّ من اللَّعن؛ وهو الطَّرد والإبعاد؛ لبعدهما مِن الرحمة أو لبعد كلٍّ منهما عن الآخر، فلا يجتمعان أبدًا، وهل أُنزِلتِ الآية في عويمر العجلانيِّ أو في هلال بن أُمَيَّة، قولان؛ أرجحهما: أنَّها أُنزِلت في هلال، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (سورة النُّور)، وفي «مسلم»: (فكان أوَّل رجل لاعنَ في الإسلام)، وقوله عليه السَّلام لعويمر: «إنَّ الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك»؛ فمعناه: ما نزل في قصَّة هلال، قال النَّوَويُّ: (ويحتمل أنَّها نزلت في ذا وذاك، فإنَّ هلالًا أوَّلُ مُلاعِن)، انتهى.
تنبيهٌ: قصَّة هلال في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» مِن حديث عبد الله بن عَبَّاس، وفيها: جاء هلال بن أُمَيَّة وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء مِن أرضه عشاء، فوجد عند أهله رجلًا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يهجد حتَّى أصبح، فغدا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فذكر قصَّته أنَّه رأى بعينه، وسمع بأذنيه، وقصَّة هلال في «الصَّحيح»، ولكن ليست بهذا السياق، والله أعلم، ولم يكن بالمدينة بعده عليه السَّلام لعانٌ إلَّا في أيَّام عمر بن عبد العزيز، كما قدَّمته.
قوله: (فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِنَايةٍ [1]): هو بالنُّون قبل الألف، وبعد الألف مثنَّاة تحت، كذا في أصلنا، والذي أحفظه: (بكتابة)؛ بمثنَّاة فوق، وبعد الألف مُوَحَّدَة، وعليه يدلُّ ما بعده في موضعين، والله أعلم، ويدلُّ له أيضًا أنَّ شيخنا لمَّا ساق ما في الباب؛ قال: (فإذا قذف الأخرس امرأته بكتاب ... )، وكذا حلَّه على ذلك، والله أعلم.

(1/9650)


قوله: (وَقَالَ الضَّحَّاكُ): هو الضَّحَّاك بن مزاحم البلخيُّ، المُفسِّر، أبو القاسم، كنَّاه ابن معين، وأمَّا الفَلَّاس؛ فكنَّاه: أبا مُحَمَّد، وكان يُؤدِّب، ترجمته معروفة، ويقال: إنَّه كان في مكتبه ثلاثة [2] آلاف صبيٍّ، وكان يطوف عليهم على حمار، وهو مُتكلَّم فيه، وقد وثِّق، تُوُفِّيَ سنة (105 هـ)، أخرج له الأربعة.
قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ): اختلف العلماء في لعان الأخرس؛ فقال الشَّافِعيُّ، ومالك، وأبو ثور: يُلاعِن الأخرسُ؛ إذا عقل الإشارة، وفهم الكتابة، وعُلِم ما يقول وفُهِم، وكذلك الخرساء تلاعِن أيضًا بالكتاب، وقال الكوفيُّون: لا يصحُّ قذفه ولا لعانه، فإذا قذف الأخرس امرأته بإشارة؛ لم يُحَدَّ ولم يُلاعِن، وكذلك لو قذف بكتاب، ورُوِي مثله عن الشَّعبيِّ، وبه قال الأوزاعيُّ، وأحمد، وإسحاق، ومأخذهم معروف، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): هو عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور.
قوله: (وَقَالَ حَمَّادٌ) ....
قوله: (الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ؛ جَازَ): كذا في أصلنا: (إن قال)، والجادَّة: قالا، ومعنى ما في الأصل: إن قال كلُّ واحد منهما برأسه؛ جاز، والله أعلم.

(1/9651)


[حديث: ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا بلى بنو النجار ... ]
5300# قوله: (بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ): يعني: قبائلها وعشائرها المجتمعة في المحلَّة، فتُسمَّى المحلَّة: دارًا، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 455]

(1/9652)


[حديث: بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتين]
5301# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلة، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز في (السَّاعة) الرفعُ والنصبُ، قال بعضهم عن أبي البقاء: يتحتَّم النَّصبُ، ولو رفع؛ فسد المعنى، إذ لا يقال: بعثت السَّاعة، وقال القاضي: الأحسن الرفع عطفًا على الضمير، ويجوز النصب مفعولًا معه، أو بمضمر؛ أي: فانتظرِ السَّاعة.
==========
[ج 2 ص 455]

(1/9653)


[حديث: الشهر هكذا وهكذا وهكذا]
5302# قوله: (حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): هو بِضَمِّ السِّين وفتح الحاء المُهْمَلتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، وهذا معروف مشهور عند أهله.
==========
[ج 2 ص 455]

(1/9654)


[حديث: الإيمان هاهنا _ مرتين _ ألا وإن القسوة وغلظ القلوب ... ]
5303# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، تقدَّموا كلُّهم، وفي نسخة على أصلنا على قوله: (عن أبي مسعود) كتب ابن قصَّار: (عن ابن مسعود)، وعلى (ابن) علامة راويها، ولم يذكرِ الحديثَ المِزِّيُّ إلَّا في ترجمة أبي مسعود عقبة بن عمرو؛ فاعلمه.
قوله: (فِي الْفَدَّادِينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (قَرْنَا الشَّيْطَانِ).
==========
[ج 2 ص 455]

(1/9655)


[حديث: وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا]
5304# قوله: (عَنْ [1] عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسم (أبي حَازم) سلمة بن دينار.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).
[ج 2 ص 455]

(1/9656)


[باب إذا عرض بنفى الولد]
قوله: (إِذَا عَرَّضَ بِنَفْيِ الْوَلَدِ): (عرَّض)؛ بتشديد الرَّاء، وهذا ظاهِرٌ، ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ثُمَّ قال: (ذكر البُخاريُّ التَّعريض عقيب الإشارة، وقد تَقَدَّمَ له فيها أنَّها كاللَّفظ؛ لاشتراكهما في إفهام المقصود، وقد كان ينبغي أن يكون التَّعريض مثل اللَّفظ الظاهر في المقصود بطريق المنطوق؛ لمشاركته إيَّاها في إفهام المقصود، وهو مذهب مالك، وتبويب البُخاريِّ على الحديث بأنَّه تعريض يدلُّ على أنَّ مذهبه إهدارُ التَّعريض، وذلك مناقض لمذهبه في الإشارة، والتَّحقيق: أنَّ الحديث المذكور ليس بتعريض، فإنَّ التَّعريض هو [1] إفهام البتِّ [2] بالقذف، وهذا السائل إنَّما جاء مستريبًا مستشيرًا، فلمَّا ضُرِب له المثل؛ زالتِ الرِّيبة، والله أعلم)، انتهى، وقد فرَّق بعضهم فقال: (الشرع أعمل الإشارة عند الحاجة، ولم يُعمِلِ التَّعريضَ في إلزام شيء، فلا وجهَ للتسوية بينهما)، انتهى.
==========
[1] في (أ): (فهو)، والمثبت من مصدره.
[2] في (أ): (البثُّ)، ولعلَّه تصحيف عن المثبت من مصدره.
[ج 2 ص 455]

(1/9657)


[حديث: أن رجلًا أتى النبي فقال: يا رسول الله ولد لي غلام أسود .. ]
5305# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف والزاي، ويجوز إسكانُها، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (سَعْيِد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها [1]، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ): هذا الرَّجل هو ضمضم بن قتادة، قاله عبد الغنيِّ بن سعيد الأزديُّ في «الغوامض والمبهمات»، وساق له شاهدًا، وفيه زيادة: (فَقَدِمْنَ عجائزُ من بني عجل، وأخبرن أنَّه كان للمرأة جدَّةٌ سوداء)، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (ضمضم بن قتادة وُلِد له وَلد أسود، فاستوحش، وشكا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فبيَّن له)، انتهى، وقال ابن شيخنا العراقيِّ: (وامرأته من بني عجل)، انتهى، والله أعلم.
[ج 2 ص 455]
قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ): هذا (الغلام): لا أعرفُ اسمه.
قوله: (مِنْ أَوْرَقَ): (الوُرقة) في الإبل: لون يُضرَب إلى الخضرة؛ كلون الرَّماد، وقيل: إلى السَّواد.
قوله: (نَزَعَهُ عِرْقٌ)، انتهى: تَقَدَّمَ أنَّه كان كذلك، فإنَّ له جدَّةٌ سوداءُ، كما تَقَدَّمَ قريبًا.

(1/9658)


[باب إحلاف الملاعن]

(1/9659)


[حديث: أن رجلًا من الأنصار قذف امرأته فأحلفهما النبي]
5306# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جويرية بن أسماء، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر بن الخطَّاب، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ في (النُّور) مِن حديث ابن عمر، والظاهر: أنَّه عويمرُ العجلانيُّ وامرأته، وقد جزم بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين بأنَّه عويمر العجلانيُّ، وقال: (كما سيأتي مِن رواية ورقاء: «مِن أحد بني العجلان»، كما تَقَدَّمَ، ومن حديث سهل بن سعد قريبًا)، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام في (تفسير النُّور): أنَّها خولة بنت قيس، وتَقَدَّمَ ما في ذلك، وإنَّما قلت: إنَّه عويمر وامرأته؛ وذلك لأنَّه سيأتي من حديثه: (فرَّق النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أخوي بني العجلان)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (يصحُّ تفسيره بعويمر العجلانيِّ وامرأتِه، وبهلال بن أُمَيَّة وامرأته خولة بنت عاصم)، انتهى، وما قاله حَسَنٌ، ولكنَّ التفسير الأوَّلَ أحسنُ وأصنعُ.
==========
[ج 2 ص 456]

(1/9660)


[باب: يبدأ الرجل بالتلاعن]

(1/9661)


[حديث: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب]
5307# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ.
قوله: (أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ): هو الواقفيُّ، أحدُ الثَّلاثة المُتخلِّفين عن تبوك الذين تِيبَ عليهم، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (قَذَفَ امْرَأَتَهُ): امرأة هلال بن أُمَيَّة تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة النُّور)، وتَقَدَّمَ أعلاه تسميتُها.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[ج 2 ص 456]

(1/9662)


[باب اللعان، ومن طلق بعد اللعان]

(1/9663)


[حديث: قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها]
5308# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة النُّور).
قوله: (فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا)؛ لِمَا فيها مِن هتك المسلم.
قوله: (سَأَلْتُهُ عَنْهَا): (سألتُه): بِضَمِّ التاء؛ تاء المتكلِّم.
قوله: (وَسَطَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: بإسكان السين وفتحها، وتَقَدَّمَ الفرق بينهما مُطَوَّلًا.
قوله: (وَفِي صَاحِبَتِكَ): أي: امرأتك، وقد تَقَدَّمَ في سورة [النُّور] أنِّي لا أعرف زوجة عويمر، وتَقَدَّمَ ما قاله ابن شيخنا فيها في (النُّور).
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة النُّور)، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

(1/9664)


[باب التلاعن في المسجد]

(1/9665)


[حديث: قد قضى الله فيك وفي امرأتك]
5309# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في سورة {اقرأ}، وقبل ذلك أيضًا، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ في (سورة النُّور) أنَّ الظاهر مِن القصة أنَّه عويمر، والله أعلم.
قوله: (مَعَ امْرَأَتِهِ): تَقَدَّمَ في (النور) أنَّ امرأة عويمر لا أعرفها، وتَقَدَّمَ ما قاله فيها ابن شيخنا البلقينيِّ، وهو أنَّها خولة بنت قيس.
قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وقوله: (وَكَانَتْ حَامِلًا): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه من كلام الزُّهريِّ، وتَقَدَّمَ في (سورة النُّور) مِن كلام سهل بن سعد.
قوله: (وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لأُمِّهِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الابن) في (سورة النُّور).
قوله: (ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللهُ): الذي ظهر لي أنَّ ذلك من كلام الزُّهريِّ، وهو في سند هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ الكلام ما إذا قال التابعيُّ: (السُّنَّة كذا)؛ ومثله: (جرتِ السُّنَّة) ما هو، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في (ميراثها) منه، هل تحوزه إذا لم يكن له غيرُها أم لا، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وهذا معطوف على سند الحديث الذي قبله فيما ظهر لي، وقد رواه البُخاريُّ عن يحيى، عن عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيج به، والله أعلم.
قوله: (كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): هو بفتح الواو والحاء المُهْمَلة والرَّاء، ثُمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ ما هي في (النور).
قوله: (فَلَا أُرَاهَا): هو بِضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّها، وكذا (أُرَاهُ) الثَّانية.
==========
[ج 2 ص 456]

(1/9666)


[باب قول النبي: لو كنت راجمًا بغير بينة]

(1/9667)


[حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة رجمت هذه]
5310# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (ذُكِرَ التَّلَاعُنُ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (التَّلاعنُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): (الرَّجل): هو عويمر العجلانيُّ، كما جاء مُبيَّنًا في الأحاديثِ الأخر.
قوله: (أَنَّهُ [1] وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا): تَقَدَّمَ أنَّ امرأة عويمر لا أعرف اسمها، وقد تَقَدَّمَ ما قاله ابن شيخنا فيها أعلاه، وفي (النور).
قوله: (مَا ابْتُلِيتُ): هو بِضَمِّ التاء، وكسر اللَّام، وضمِّ تاء المُتكلِّم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (سَبْطَ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ الكلام على (السبوطة) ما هي، وعلى (آدَم)؛ أي: أسمر.
قوله: (خَدْلًا): هو بفتح الخاء المُعْجَمة، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، كذا هو في أصلنا، قال الدِّمْيَاطيُّ: (بسكون الدَّال لأكثر الرُّواة، وبكسرها للأصيليِّ، قاله عياض؛ ومعناه: الغليظ الممتلئ الساقين، وهو مثل قوله: «خدلج») انتهى، ونحوه لابن قُرقُول، وسيأتي في آخر هذا الحديث: (وقال أبو صالح وعبد الله بن يوسف: خَدِلًا)؛ يعني: بكسر الدَّال، وسيأتي قريبًا ما فيه.
قوله: (فَقَالَ [2] رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): هذا الرجل جاءت تسميته في (كتاب التمنِّي) من هذا «الصَّحيح» في (باب ما يجوز من اللَّوِّ): (فقال عبد الله بن شدَّاد ... ) إلى آخره، والله أعلم.
[ج 2 ص 456]
قوله: (لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ ... ) إلى آخره: هذه المرأة لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين من المصريِّين: (والمرأة لم أعرفها، لكن في «سنن النَّسَائيِّ» في «الفرائض» من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه ما يدلُّ على أنَّها الملاعنة)، انتهى، ومراده: الملاعنة في حديث عويمر العجلانيِّ، فإنَّه ذكر ذلك عقيب قصَّته، فتكون خولة بنت قيس، والله أعلم.

(1/9668)


قوله: (وَقَالَ [3] أَبُو صَالِحٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ: خَدِلًا): أمَّا (أبو صالح)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن صالح بن مُحَمَّد بن مسلم الجهنيُّ، كاتب اللَّيث، عن اللَّيث وغيره، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصَّحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه أيضًا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في (سورة الفتح) وغيرها، وكلام المِزِّيِّ، وتَقَدَّمَتْ ترجمة عبد الله بن صالح، و (عبد الله بن يوسف): هو التِّنِّسيُّ، وهما شيخا [4] البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذين_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخذُه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.
قوله: (خَدِلًا): هو بكسر الدَّال، كما قدَّمته قريبًا، وقال شيخنا في هذا المكان بعد أن فسَّره، وأنَّه بفتح الخاء، وسكون الدَّال في أصل الحديث، ثُمَّ قال: (وقال ابن التِّين: ضُبِط في بعض الكتب: بكسر الدَّال، وتخفيف اللَّام، وفي بعضها: بتشديد اللَّام، وفي بعضها: بسكون الدَّال، وكذلك هو في كتب أهل اللُّغة، وكذلك ضُبِط في رواية أبي صالح وابن يوسف)، انتهى.

(1/9669)


[باب صداق الملاعنة]

(1/9670)


[حديث: لا مال لك إن كنت صادقًا فقد دخلت بها ... ]
5311# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، الإمام، أحد الأعلام، و (أَيُّوب) بعده: هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيِّ كيسانَ، الإمامُ.
قوله: (فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ): هما: عويمر العجلانيُّ وامرأته، وقد تَقَدَّمَ الكلام على [عويمر] في (سورة النُّور)، وأنَّ امرأتَه لا أعرفها، وتَقَدَّمَ ما قاله فيها ابن شيخنا البلقينيِّ هنا، وفي (النور).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).
[ج 2 ص 457]

(1/9671)


[باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب فهل منكما تائب]

(1/9672)


[حديث: حسابكما على الله أحدكما كاذب]
5312# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سفيان بن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار.
قوله في حديث ابن عمر: (قَالَ [1] لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ): (المتلاعنان): عويمر العجلانيُّ وامرأته، وقد صرَّح به في الباب قبل هذا: (فرَّق النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أخوي بني العجلان ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ أنَّ امرأة عويمر لا أعرفها، وتَقَدَّمَ أعلاه وفي (النور) ما قاله ابن شيخنا فيها.
قوله: (قَالَ أَيُّوبُ): قائله هو سفيان بن عيينة.
قوله: (فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ): تَقَدَّمَ أنَّهما عويمر وامرأته، وامرأته لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ قريبًا ما قاله ابن شيخنا فيها، وبعيدًا في (النور).
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
[ج 2 ص 457]

(1/9673)


[باب التفريق بين المتلاعنين]

(1/9674)


[حديث: أن رسول الله فرق بين رجل وامرأة قذفها وأحلفهما]
5313# قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَذَفَهَا، وَأَحْلَفَهُمَا): وسيأتي أنَّهما مِن الأنصار، الظاهر أنَّ مراده: عُوَيمرٌ وامرأته، وسبق قريبًا ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ.

(1/9675)


[حديث: لاعن النبي بين رجل وامرأة من الأنصار وفرق بينهما]
5314# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ) بعده: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.
قوله: (بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه عويمر وامرأته، وتَقَدَّمَ [ما] قاله ابن شيخنا البلقينيِّ.
==========
[ج 2 ص 457]

(1/9676)


[باب: يلحق الولد بالملاعنة]
قوله: (يُلْحَقُ [1] الْوَلَدُ بِالْمُلَاعِنَةِ): (يُلحَق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الولدُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يَلْحَق).
[ج 2 ص 457]

(1/9677)


[حديث: أن النبي لاعن بين رجل وامرأته]
5315# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر.
قوله: (لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه عويمر وامرأته.
قوله: (وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الولد في (النور)؛ فانظره.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وامرأته).
[ج 2 ص 457]

(1/9678)


[باب قول الإمام: اللهم بين]

(1/9679)


[حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة لرجمت هذه]
5316# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المُجتَهِد، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعد (مالك): هو الأنصاريُّ القاضي.
قوله: (ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المتلاعنان): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): هذا (الرجل) الذي جاء عاصم بن عديٍّ: هو عويمر العجلانيُّ، كما جاء في الأحاديث، والله أعلم.
قوله: (وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ امرأة عويمر لا أعرف اسمها.
قوله: (سَبْطَ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ الكلام في (السبوطة) ما هي، وكذا (خَدلًا) ضبطًا قريبًا.
قوله: (جَعْدًا قَطَطًا): (الجَعْد)؛ بفتح الجيم، وإسكان العين وبالدَّال المُهْمَلتين: الشعر الجعد، وهو ضدُّ السَّبط، وهو الذي فيه عزَّة ورجوع في نفسه، ليس باللَّيِّن في استرساله، فإذا وُصِفَ بالقطط؛ كان الشَّديد الجعودة؛ كشعور السُّودان، و (القَطَط)؛ بالقاف المفتوحة، وطاءين مهملتين؛ الأولى مفتوحة ومكسورة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه شديد الجعودة.
قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الله بن شدَّاد.
قوله: (لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوءَ فِي الإِسْلَامِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها.
==========
[ج 2 ص 457]

(1/9680)


[باب: إذا طلقها ثلاثًا ثم تزوجت بعد العدة زوجًا غيره فلم يمسها]
(بَابٌ: إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ... ) إلى آخر التَّرجمة ... إلى (كِتَاب النَّفَقَات)
==========
[ج 2 ص 457]

(1/9681)


[حديث: لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك]
5317# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو الفَلَّاس، الحافظ، أبو حفص، أحدُ الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير.
قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان الموحَّدة، وأنَّه ابن سليمان.
قوله: (أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ): تَقَدَّمَ أنَّه رِفاعة بن سَمْوال، وأنَّ (سمْوال)؛ بالسين المُهْمَلة المفتوحة وتُكسَر، وسكون الميم، وقيل: رفاعة بن رفاعة القرظيُّ، خال صفيَّة أمِّ المؤمنين، صَحَابيٌّ مشهور.
[ج 2 ص 457]
قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا): تَقَدَّمَ الكلام على اسم هذه المرأة، والخلاف فيه في (باب مَن أجاز الطَّلاق الثَّلاث) قريبًا.
قوله: (فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ): هذا (الآخر): هو عبد الرحمن بن الزَّبِير، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه ونسبه، والخلاف فيه في (باب مَن أجاز الطَّلاق الثَّلاث).

(1/9682)


[باب: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}]

(1/9683)


[حديث: توفي عنها وهي حبلى فخطبها أبو السنابل بن بعكك]
5318# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ ترجمتها، وأنَّ أباها (أبا سلمة) عبدُ الله بن عبد الأسد تَقَدَّمَ، و (أُمهَا أُم سَلَمَةَ): هي أمُّ المؤمنين هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هي امرأة سعد بن خولة مولى بني عامر بن لؤيٍّ، كان مِن اليمن هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ بمكَّة في حجَّة الوداع، رثى له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن مات بمكَّة، ووضعت امرأتُه سُبَيعةُ بعد وفاته بليالٍ، قيل: خمس وعشرون ليلة، وقيل: أقلُّ مِن ذلك)، انتهى، تَقَدَّمَ الكلام على (سُبَيعة) وضبطها، ومتى تُوُفِّيَ زوجها سعد بن خولة، وكم لبثت بعده حتَّى وضعت في (سورة الطَّلاق) في (التَّفسير)؛ فانظره.
قوله: (فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: («أبو السَّنَابِل»: اسمه حبَّة على الصَّحيح، أسلم يوم الفتح، وكان شاعرًا، ومات بمكَّة، وكان أسلم يوم بدر) انتهى، كذا بخطِّ الناقل عن الدِّمْيَاطيِّ، وإنَّما صوابه: (أُسِر يوم بدر)، لا (أسلم)، وقد تَقَدَّمَ في (سورة التَّغابن) و (الطلاق): أنَّ (بَعْكَك)؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ كافَين؛ الأولى مفتوحة، مصروف، وقد قَدَّمْتُ نسبه والاختلاف في اسمه، وقد تَقَدَّمَ أيضًا قبل (سورة الطلاق)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وفي بعض النسخ: «فخطبها آخر»، والخاطب الآخر: هو أبو البشر بن الحارث)، انتهى، وقد رأيت في «تجريد الذَّهَبيِّ»: (أبا بشر بن الحارث العبدريَّ خطب سُبَيعةَ الأسلميَّة، قاله ابن الدَّبَّاغ)، انتهى.

(1/9684)


قوله: (حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأَجَلَيْنِ): يعني: أنَّها كانت حاملًا، فوضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام، فإنَّ عدَّتها تكون بانقضاء الأشهر، وإنَّ كانت حاملًا وانقضت الأشهر؛ فعدَّتها بوضع الحمل، وهذا مذهب معروف، تَقَدَّمَ مَن ذهب إليه؛ منهم: ابن عَبَّاس وعليٌّ.
==========
[ج 2 ص 458]

(1/9685)


[حديث: أفتاها النبي فقالت أفتاني إذا وضعت أن أنكح]
5319# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وتَقَدَّمَ (اللَّيْث): أنَّه ابن سعد، و (يَزِيد): هو ابن أبي حَبِيب، كذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقال الدِّمْيَاطيُّ في حاشية نسخته من «صحيح البُخاريِّ»: (هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي)، انتهى، وفيما قاله نظر، قال شيخنا: (وقد صرَّح أبو نعيم بأنَّه ابن أبي حَبِيب، وكذا الطَّبَرانيُّ، وكذا أبو مسعود في «أطرافه»)، انتهى، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (كَتَبَ إِلَيْهِ): يعني: أنَّ ابن شهاب كتب إلى يزيد؛ هو ابن أبي حَبِيب ... إلى قوله: (أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الأَرْقَمِ): تَقَدَّمَ الكلام على جواز الرواية بالكتابة، وسواء كانت مقرونًا بها الإجازة أم لا، وأنَّ الصَّحيح: جوازُ الرِّواية بها عند أهل الحديث، وهي عندهم معدودة في المسند الموصول، وهو قول كثير مِن المُتقدِّمين والمُتأخِّرين، مُطَوَّلًا؛ فانظره، و (ابن الأرقم): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زُهْرة، أسلم عام الفتح، وكتب للنَّبيِّ صلى عليه وسلم، ثُمَّ لأبي بكر، ثُمَّ لعمر، واستعمله على بيت المال، ثُمَّ عثمان سنتين، ثُمَّ استعفاه، فأعفاه، قال عمر: ما رأيت أخشى لله مِن عبد الله بن الأرقم)، انتهى، (عبد الله) هذا: ترجمته معروفة، أخرج له أصحاب السُّنَن الأربعة، وأحمد في «المسند»، وبقيٌّ أخرج له في «مسنده» حديثين، وقد أضرَّ قبل موته، وقد ذكرته في جماعة العميان مِن الصَّحابة رضي الله عنهم.

(1/9686)


[حديث: أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها ... ]
5320# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف والزاي، وتُسكَّن، و (المِسْوَر بْن مَخْرَمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين، وفتح الواو، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه مَخْرَمة مِن مُسْلِمة الفَتْح.
قوله: (نُفِسَتْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بِضَمِّ النُّون وفتحها، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَوْجهَا)، وأنَّه سعد بن خولة، وتَقَدَّمَ الكلام على المُدَّة التي نُفِسَت فيها بعد وفاته، والاختلاف فيها في (سورة الطَّلاق).

(1/9687)


[باب قول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}]
قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ): (تَزوَّج): هو بفتح أوَّله، وتشديد الواو المفتوحة، وهو فعل ماضٍ.
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام.
قوله: (وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ): يعني: قول الزُّهريِّ، و (سفيان) هذا: ظاهر كلام شيخنا في نقله المذهبَين في المسألة: أنَّه الثَّوريُّ، فإنَّه صرَّح بأنَّه مذهب الثَّوريِّ مِن جملة مَن قاله، والله أعلم.
قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): هو بفتح الميمَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، قال شيخنا: (وهو أبو عبيدة اللُّغويُّ الإمام، وقد ذكره كذلك في «مجازه»، والله أعلم)، انتهى، وكذا قال غيره، وهو أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنَّى، التَّيميُّ بالولاء؛ تَيْم قريشٍ، البصريُّ، الإمام اللُّغويُّ، قال الجاحظ: (لم يكن في الأرض خارجيٌّ ولا جماعيٌّ أعلمَ بجميع العلوم
[ج 2 ص 458]
منه، وكان الغالبُ عليه الغريبَ، وأخبار العرب وأيَّامها، وكان مع فضيلته لم يُقِمِ البيتَ إذا أنشده حتَّى يَكسِره، ويُخطِئ إذا قرأ القرآن نظرًا، وكان يبغض العرب، وألَّف في مثالبها كُتُبًا، وكان يرى رأي الخوارج، وأقدمه هارونُ الرَّشيد البصرةَ في سنة ثمان وثمانين ومئة، وقرأ عليه بها شيئًا من كتبه، وأسند الحديث إلى هشام بن عروة وغيره، وروى عنه: عليُّ بن المغيرة الأثرم، وأبو عبيد القاسم بن سلَّام، وأبو عثمان المازنيُّ، وأبو حاتم السجستانيُّ، وغيرهم، ولم يزل يُصنِّف حتَّى مات، وتصانيفه تقارب مئتي مُصنَّف في علوم شتَّى، وكان ممَّن يُتَّقى لسانُه، وكان وسخًا ألثغ مدخول النَّسب والدِّين، ولمَّا مات؛ لم يحضر أحدٌ جنازته؛ لأنَّه لم يَسلَم مِن لسانه شريفٌ ولا غيرُه، وكان لا يقبل شهادتَه أحدٌ مِن الحكَّام؛ لأنَّه كان يُتَّهم بالغلمان، ووُجِد يومًا على الأُسطوانة التي يجلس بإزائها في المسجد على نحو سبعة أذرع:
~…صَلَّى الإِلَهُ عَلَى لُوطٍ وَشِيْعَتِهِ…أَبَا عُبَيدَةَ قُلْ بِاللهِ آمِينَا
وثاني بيتٍ:
~…فَأَنْتَ عِنْدِي بِلَا شَكٍ بَقِيَّتُهُمْ…مُنْذُ احْتَلَمْتَ وَقَدْ جَاوَزْتَ سَبْعِينَا

(1/9688)


فحمل الأصمعيُّ على هذه حتَّى مسحه، وقد أثقله، فقال له: قد قطعت ظهري، فقال: قد بقيت الطَّاء، قال: هي شرُّ حروف هذا البيت، وأخباره كثيرة، وتُوُفِّيَ سنة تسع ومئتين بالبصرة، وقيل: عشر، وقيل: إحدى عشرة، وكان سببُ موته: أنَّ مُحَمَّد بن القاسم بن سهل النُّوْشَجَانيَّ أطعمه موزًا فمات، وجدُّه يهوديٌّ مِن أهل ماجروان، وهي قرية مِن أعمال البَلِّيخ من أعمال الرَّقَّة، وقد ذكره الذَّهَبيُّ في «الميزان»، وأرَّخ وفاته لعشر ومئتين، وذكر في ترجمته كلام الجاحظ، ونقل عن يعقوب بن شيبة أنَّه قال: سمعت ابن المدينيِّ يصحِّح رواية أبي عبيدة، وقال المبرِّد: كان أكمل القوم، وقال الدَّراقطنيُّ: لا بأس به إلَّا أنَّه يُتَّهم بشيء مِن رأي الخوارج، ويُتَّهم بالأحداث)، انتهى، والله أعلم.
قوله: (أَقْرَأَتْ): هو بهمزة مفتوحة بعد الرَّاء، وكذا (أَقْرَأَتْ) الثَّانية.
قوله: (مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام [عليه] في (سورة النور).

(1/9689)


[باب قصة فاطمة بنت قيس ... ]
قوله: (بَابُ قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ): هي فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة الفهريَّة القرشيَّة، وهي أخت الضَّحَّاك بن قيس، قيل: كانت أكبر منه بعشر سنين، وكانت مِن المهاجرات الأُوَل، ذات عقل وافرٍ، وفي بيتها اجتمع أهل الشُّورى، بقيت إلى خلافة ابن الزُّبَير، وترجمتها معروفة، أخرج لها الجماعة وأحمد في «المسند»، فإن قيل: من الزَّوج المُطلِّق لها؟ فالجواب: أنَّه أبو عمرو بن حفص، كذا في «مسلم» في حديثها، وقيل فيه: أبو حفص بن عمرو، وقيل: أبو حفص بن المغيرة، واختُلِف في اسمه؛ فالأكثرون على أنَّ اسمه عبد الحميد، وقال النَّسَائيُّ: اسمه أحمد، وقيل: اسمه كنيته، قيل: مات باليمن حين أرسله عليه السَّلام مع عليٍّ إليها، وقيل: إنَّه كلَّم عمرَ بالجابية، وأغلظ له حين عزل خالدًا، وصحَّح هذا الذَّهَبيُّ في «كاشفه»، وفي غيره حكاه بعد القول الأوَّل بصيغة: (وقيل)؛ فهو تناقُضٌ، وكونه طلَّقها هو الصَّحيح المشهور الذي رواه الحُفَّاظ، واتَّفق على روايته الثِّقات على اختلاف ألفاظهم في أنَّه طلَّقها ثلاثًا، وجاء في آخرِ «مسلم» في حديث الجسَّاسة ما يُوهِم أنَّه مات عنها، قال العلماء: وليست هذه الرواية على ظاهرها، بل وَهَمٌ أو مُؤَوَّلةٌ، وجاء في رواية: (أنَّه طلَّقها ثلاثًا)، وفي أخرى: (طلَّقها ألبتَّة)، وفي رواية: (ثلاث تطليقات)، وفي أخرى: (طلَّقها طلقة بقيت مِن طلاقها)، وفي أخرى: (طلَّقها)، ولم يذكر عددًا، والجمع بين الروايات أنَّه طلَّقها قبل هذا تطليقتين، ثُمَّ طلَّقها هذه المرَّة الثَّالثة، فمَن روى: (طلَّقها) وأطلق، أو (طلَّقها واحدة)، أو (طلَّقها آخِرَ ثلاثِ تطليقاتٍ)؛ فهو ظاهر، ومَن روى (ألبتَّة)؛ فمراده: طلَّقها طلاقًا صارت مبتوتة بالثَّلاث، ومَن روى: (ثلاثًا)؛ أراد: تمام الثلاث، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 459]

(1/9690)


[حديث: أن يحيى بن سعيد طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم ... ]
5321# 5322# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعد (مالك): هو الأنصاريُّ، و (سُلَيْمَان بْن يَسَارٍ)؛ بتقديم المُثَنَّاة تحت.
قوله: (أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي طَلَّقَ ابْنَةَ [1] عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ): (ابنة عبد الرحمن) لا أعرف اسمها، وقال حافظ عصري: (هي عمرة فيما أظنُّ)، انتهى، و (يحيى بن سعيد بن العاصي): هو ابن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة الأمويُّ المدنيُّ، أخو عمرٍو الأشدق، وعنبسة، وأبان، وعبد الله، عن أبيه، وعثمان، وعائشة، وعنه: الزُّهريُّ والربيع بن سبرة، وقد لحق بعد قتل أخيه الأشدقِ بابن الزُّبَير، ثُمَّ خرج في الأمان، وولده بالكوفة، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، وقيل: إنَّ عبد الملك نال منه، وقال: إنَّك أشبه النَّاس بإبليس، فقال: ولم تُنكِر أن يُشبَّه سيِّد الإنس بسيِّد الجنِّ، له في «الكتابين» حديثٌ في (مناقب عثمان)، أخرج له مسلم، وأخرج له البُخاريُّ في «الأدب المفرد».
قوله: (فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ): تَقَدَّمَتْ ترجمة (مروان)، وأنَّه لم ير النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فهو تابعيٌّ، وقد تَقَدَّمَتْ وفاته [2].
قوله: (إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِي بِالحُجَّةِ [3]): أي: احتجَّ عليَّ بالشرِّ الذي كان بينهما، وكانت كفاطمة بنت قيس، و (عبد الرَّحمن) هذا ...

(1/9691)


[حديث: ما لفاطمة ألا تتقي الله يعني في قولها لا سكنى ولا نفقة]
5323# 5324# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَارٌ، وتَقَدَّمَ ضبط (غُنْدرٌ)، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

(1/9692)


[حديث: ألم ترين إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت]
5325# 5326# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالموحَّدة، والسِّين المُهْمَلة، وأنَّه ليس في الكتب (عمرو بن عيَّاش)؛ بالمُثَنَّاة، والشين المُعْجَمة، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحمن أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.
قوله: (إِلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها أعلاه، وأنَّ حافظًا عصريًّا قال: (هي عمرة فيما أظنُّ)، انتهى.
قوله: (أَمَا إِنَّهُ): (أمَا)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه)؛ بالكسر؛ لأنَّ (أَمَا)؛ كـ (أَلَا) التي للاستفتاح، و (إنَّ) بعدها مكسورةٌ.
قوله: (وَزَادَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ): هو بالنُّون، وهو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن ذكوان، أبو مُحَمَّد المدنيُّ، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمَتْ، علَّق له البُخاريُّ كما ترى؛ لأنَّ (زاد)؛ مثل: (قال)، وأخرج له مسلم في المُقدِّمة، والأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان».
فائدةٌ: ما زاده ابن أبي الزِّناد أخرجه أبو داود وابن ماجه؛ أبو داود في (الطَّلاق) عن سليمان بن داود عن ابن وهب، وابن ماجه فيه عن مُحَمَّد بن يحيى الذُّهْليِّ، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسيِّ؛ كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد نحوَه، قال شيخنا: قال ابن حزم: حديث باطل؛ لأنَّه مِن رواية ابن أبي الزِّناد، وهو ضعيف، وأوَّل مَن ضعَّفه جدًّا مالكٌ، قال: وهو يردُّ حديث ابنِ إسحاق؛ لأنَّه كان مِن أجل لسانِها، فقد بطل بهذا الذي علَّل به هنا أنَّها كانت في مكان وَحْشٍ، وفي «مسلم» مِن حديث هشام عن أبيه عن فاطمة قالت: (قلت: يا رسول الله؛ إنَّ زوجي طلَّقني ثلاثًا، وأنا أخاف أن يقتحم عليَّ، قال: فأمرها، فتحوَّلت)، قال ابن حزم: (فأمرها، فتحوَّلت): ليس مِن كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا من كلام فاطمة، فإن كان هنا هو أصل هذا الخبر؛ فهو مُنقطِع، أو يكون عروة سمعه منها ولا حجَّة فيه أيضًا؛ لأنَّه ليس فيه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إنَّما آمرك بالتَّحوُّل مِن خوف الاقتحام، انتهى [1]
[ج 2 ص 459]
قوله: (فِي مَكَانٍ وَحْشٍ [2]): هو بإسكان الحاء المُهْمَلة؛ أي: خلاء.

(1/9693)


[باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها ... ]
قوله: (بَابُ الْمُطَلَّقَةِ إِذَا خُشِيَ عَلَيْهَا فِي مَسْكَنِ زَوْجِهَا ... ) إلى آخر التَّرجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب، ثُمَّ قال: (ذكر البُخاريُّ في الترجمة علَّتين؛ أحدهما: الخوفُ مِن الزَّوج عليها، والأخرى: الخوف منها على أهل الزَّوج أن تبذوَ عليهم بفاحشةٍ، وذكر حديث فاطمة وما فيه إلَّا الخوف عليها، وقد ورد قول عائشة لها: «إنَّما أخرجك هذا اللِّسانُ»، ولكنَّ البُخاريَّ لمَّا لم توافق هذه الزِّيادةُ شرطَه؛ أسقطها مِن الحديث، وضمَّنها الترجمة؛ لأنَّ الخوف عليها إذا اقتضى خروجها؛ فمثله الخوفُ منها، ولعلَّه أَوْلى في إخراجها، فلمَّا صحَّت عنده الزِّيادةُ بالمعنى؛ ضمَّنها التَّرجمة)، انتهى.
قوله: (إِذَا خُشِيَ عَلَيْهَا): (خُشِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (يُقْتَحَمَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (أَوْ تَبْذُوَ): هو بالذَّال المُعْجَمة؛ أي: تُفحِشَ في القول.
==========
[ج 2 ص 461]

(1/9694)


[حديث: أن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة]
5327# 5328# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حِبَّان بن موسى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ ثلاثةً بكسر الحاء: هذا في «البُخاريِّ» «ومسلم»، وحِبَّان بن عَطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقة، أمَّا ابن عَطيَّة؛ فله ذكر في «البُخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بلتعة، وحِبَّان بن موسى هذا روى عنه البُخاريُّ ومسلم في «صحيحَيهما»، وابن العَرِقة كافرٌ معروف، له ذِكْرٌ في «البُخاريِّ» «ومسلم»، والباقي بالفتح، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.
==========
[ج 2 ص 461]

(1/9695)


[باب قول الله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله ... }]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ} [البقرة: 228] ... ) إلى آخر التَّرجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على قاعدته، ثُمَّ قال: (استدلالُه بالحديث على التَّرجمة لطيفٌ، وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رتَّب على مُجرَّد قول صفيَّة أنَّها حائض لزومَ أن يحتبس عليها، وهذا حكم مُتعدٍّ عنها إلى الزَّوج، فمُقاسٌ عليه تصديقُها في الحيضِ والحمل باعتبار رجعة الزَّوج وسقوطها، والتحاق الحمل به، والله أعلم)، انتهى.
قوله: (مِنَ الحَيْضِ وَالْحَمِلِ): وفي نسخة وعليها (صح) في هامش أصلنا: (والحبل)، وهما واحدٌ.

(1/9696)


[حديث: عقرى إنك لحابستنا أكنت أفضت يوم النحر]
5329# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة الإمامُ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (إِذَا صَفِيَّةُ): هي صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.
قوله: (خِبَائِهَا): هو بكسر الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وفي آخره همزةٌ ممدودةٌ: بيتٌ مِن بيوت الأعراب، ثُمَّ يُستعمَل في غيرها مِن منازلهم ومساكنهم، قاله أبو عبيد، و (الخِباء): من وبرٍ وصوفٍ، ولا يكون مِن شعرٍ، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (عَقْرَى حَلْقَى): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (أهل الحديث يروونه غير منوَّن، بوزن «غَضْبَى»، والمعروف في اللُّغة التَّنوينُ على أنَّه مصدرُ فعلٍ متروكٍ؛ تقديره: عقرها الله عقرًا، وحلقها حلقًا؛ والمعنى: عقرها الله وحلقها؛ أي: أصابها بوجعٍ في حلقها)، انتهى.
قوله: (أَكُنْتِ أَفَضْتِ؟): أي: طفتِ طوافَ الإفاضة.

(1/9697)


[باب: {وبعولتهن أحق بردهن}]
قوله: (وَكَيْفَ تُرَاجَعُ الْمَرْأَةُ؟ [1]): (تُراجَع): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مرفوعةٌ نائبةٌ مناب الفاعل، ويجوز بناؤه للفاعل، و (المرأة): منصوبةٌ، مفعولٌ، وفي (يراجِع) ضميرٌ: هو فاعل.
==========
[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يُراجِع المرأةَ)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.
[ج 2 ص 461]

(1/9698)


[حديث: زوج معقل أخته فطلقها تطليقة]
5330# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [2] عَبْد الوَهَّابِ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الصلاة»، و «الجنائز»، و «المناقب»، و «الطلاق»، و «التوحيد»، وغير ذلك: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الوهَّاب»، نسبه ابن السَّكن في بعضها: ابن سلَام، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في «الأضاحي» وغير موضع، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدَّثنا عبد الوهَّاب»، وذكر أبو نصر أنَّ البُخاريَّ يروي في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلَام، وبُنْدَار مُحَمَّد بن بَشَّار، وأبي موسى مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب الطَّائفيِّ عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ)، انتهى، وهذا تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.
و (يُونُسُ): هو ابن عبيد، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.
تنبيهٌ: السَّند الأوَّل مُرْسَل؛ لأنَّ الحسن لم يدرك تزويج مَعْقل أختَه، ولهذا عقَّبه بالسند الثاني المُتَّصِل، و (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى): هو أبو موسى العنزيُّ، الحافظ الزَّمِنُ، شيخُ الأئمَّة السِّتَّة، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، و (سَعِيدٌ [3]): هو ابن أبي عَروبة مِهرانَ، و (الْحَسَنُ): هو البصريُّ ابن أبي الحسن، و (مَعْقِل بْن يَسَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين المُهْمَلة، و (يسار)؛ بتقديم الياء، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.
قوله: (زَوَّجَ مَعْقلٌ أُخْتَهُ): (أخت مَعْقلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها جُمَيل، وقيل غير ذلك في (سورة البقرة) مُطَوَّلًا، صحابيَّة مشهورة، وتَقَدَّمَ اسم زوجها في (سورة البقرة)، وما فيه، وما سمَّاه ابن عبد السَّلام الشيخ عزُّ الدين في «مجازه»؛ فانظر ذلك.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخبرنا).
[3] في هامش (ق): (ابن أبي عروبة اليشكريُّ).
[ج 2 ص 461]

(1/9699)


[حديث: أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها ثم خلى عنها]
5331# قوله: (ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا): (خَلَّى)؛ بفتح الخاء، وتشديد اللَّام.
قوله: (فَحَمِيَ مَعْقِلٌ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الميم؛ أي: غضب وأنف.
قوله: (وَاسْتَقَادَ لأَمْرِ اللهِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (واسترادَّ)؛ ومعناها: رجع ولان وانقاد، قال شيخنا: (وذكره ابن التين بلفظ: «واستعادَّ»، وقال: كذا وقع عند الشيخ أبي الحسن؛ بتشديد الدَّال، والألف، ولا يتبيَّن لي وجهُه؛ لأنَّ ألف «الفَاعلة» لا تجتمع مع سين «الاستفعال»، وعند أبي ذرٍّ: «واستقاد»؛ أي: أذعن وأطاع، وهو بيِّنٌ)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 461]

(1/9700)


[حديث: أن ابن عمر طلق امرأة له وهي حائض تطليقةً واحدةً فأمره ... ]
5332# قوله: (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ [1] طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة بنت غِفار، و (ابن عمر): هو عبد الله.
قوله: (أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ): (تُطلَّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النِّساءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ): (غيرُه): لا أعرف مَن هو، ولعلَّه مُحَمَّد بن رمح، فإنَّ مسلمًا أخرجه مِن طريقه هو وقُتَيبةَ، ثُمَّ قال: (وزاد ابن رمح في روايته _يعني: عن اللَّيث_: وكان عبد الله إذا سُئِل عن ذلك؛ قال لأحدهم: أمَّا أنت طلَّقتَ امرأتك مرَّةً أو مرَّتين، فإنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمرني بهذا، وإن كنت طلَّقتَها ثلاثًا؛ فقد حرمت عليك حتَّى تنكح زوجًا غيرك، وعصيتَ الله فيما أمرك به مِن طلاقِ امرأتك) انتهى، وقال حافظٌ عصريٌّ: (هو أبو الجهم العلاء بن موسى)، انتهى، وقد رأيتُه في «جزء أبي الجهم»، و (مُحَمَّد بن رمح): هو مُحَمَّد بن رمح بن المهاجر التُّجِيبيُّ مولاهم، المصريُّ الحافظ، أبو عبد الله، عن اللَّيث بن سعد وابن لهيعة، وحكى عن مالك، وعنه: مسلم، وابن ماجه، وبقيُّ بن مَخْلَد، وعليُّ بن الحُسين بن الجُنَيد، والحسن بن سفيان، وخلقٌ، قال ابن الجُنَيد: كان أوثقَ مِن ابن زغبة، وقال أبو داود: ثقة، وقال النَّسَائيُّ: ما أخطأ في حديث واحد، وقال ابن يونس: ثقةٌ ثَبْتٌ، كان أعلمَ الناس بأخبار البلد ووقفه، وكان إذا شهد في دار؛ عَلِم أهلُ البلد أنَّها طيِّبة الأصل، تُوُفِّيَ يوم أحد وعشرين مِن شوَّال سنة اثنتين وأربعين ومئتين، وقال ابن حِبَّان: سنة ثلاث، والصَّحيح الأوَّل، والله أعلم.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).
[ج 2 ص 461]

(1/9701)


[باب مراجعة الحائض]

(1/9702)


[حديث: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي فأمره ... ]
5333# قوله: (مِنْ قُبُلِ عِدَّتِهَا): هو بِضَمِّ القاف والموحَّدة.
قوله: (فَيُعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ): (يُعتَدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي رواية: بناؤه للفاعل [1].
قوله: (إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ): تَقَدَّمَ الكلام على (عجز) وعلى (استحمق)، وهل هو مَبْنيٌّ للفاعل أو المفعول، وما معناه، وما معناهما.
==========
[1] وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي (ق) بالرِّوايتين معًا.
[ج 2 ص 461]

(1/9703)


[باب: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا]
قوله: (بَابٌ: تُحِدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا): (تُحِدُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه يجوز الرُّبَاعيُّ والثُّلاثيُّ، يقال: حَدَّت وأحدَّت، وتَقَدَّمَ ما (الإحداد).
[ج 2 ص 461]
قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم، أحد الأعلام المشهورين.
قوله: (أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ): (تَقْرَب)؛ بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه: مَبْنيٌّ للفاعل، و (الصَّبيَّةُ): بالرَّفع فاعله، و (الطِّيبَ): مَنْصوبٌ مفعولٌ.

(1/9704)


[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت ... ]
5334# 5335# 5336# 5337# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها [1] صحابيَّة، ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَقَدَّمَ أنَّ أباها أبا سلمة صَحَابيٌّ جليلٌ، عبد الله بن عبد الأسد، وأمُّها أمُّ المؤمنين هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ سلمة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنهم.
قوله: (دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وقوله: (حِينَ تُوُفِي أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ في (الجنائز) متى تُوُفِّيَ، وتَقَدَّمَ (الخَلُوق) ما هو، وتَقَدَّمَ أنَّ (الجَارِيَة) لا أعرف اسمها، و (تُحِدَّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه رُبَاعيٌّ وثلاثيٌّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَيْنَبَ بِنْتِ [2] جَحْشٍ)، وكذا على قوله: (حِيْنَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا) كلامًا طويلًا؛ فانظره في (باب حدِّ المرأة على غير زوجها) في (الجنائز)، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: (وأخو زينب بنت جحش: هو أبو أحمد)، و (أَمَا)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله كلامٌ على (أمِّ سَلَمَةَ) أمِّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعضُ ترجمتها.

(1/9705)


قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ [3] زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا): هذه المرأة المُستفتِية: عاتكة بنت عبد الله بن نُعَيم، والحُجَّة لذلك مسوقةٌ في «مبهمات ابن بشكوال»، وهي في «ابن وهب»، وسمَّاها الذَّهَبيُّ في «تجريده»: عاتكة بنت نُعَيم بن عبد الله، قال ابن بشكوال: (والرجل المُتوفَّى المغيرةُ المخزوميُّ)، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: (المغيرة بن شهاب المخزوميُّ، شيخ بني عامر، قيل: إنَّه وُلِد سنة اثنتين من الهجرة أو قبلها، وهو مجهولٌ)، انتهى، وكونُه وُلِد سنة اثنتين مِن الهجرة؛ فيه بعد أن يكون زوجَ هذه المرأة وإن كان يحتمل، ويحتمل أن يكون وُلِد قبل ذلك، والله أعلم، ولكن يبعده قوله: (شيخ بني عامر)، وابنة المرأة المستفتية لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ من المصريِّين المتأخِّرين بعد أن ذكر تسمية المرأة المستفتية بما ذكرتُه، وذكر الزوج كذلك وعزاهما، قال: (وروى الإسماعيليُّ في «مسند يحيى بن سعيد الأنصاريِّ» تأليفَه مِن طريق يحيى المذكورِ عن حميد بن نافع عن زينب بنت أمِّ سلمة قالت: «جاءتِ امرأة من قريش»، قال يحيى: لا أدري ابنة النَّحام أو أمُّها بنت سعد؟ ورواه الإسماعيليُّ من طرق كثيرة فيها التَّصريحُ بأنَّ البنت هي عاتكة، فعلى هذا؛ فأمُّها لم تُسمَّ)، انتهى.
قوله: (وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا [4]): (عينُها)؛ بالرَّفع، وبه ضبطه النَّوَويُّ مقتصرًا عليه، قال: (وفي بعض الأصول _ يعني لـ «مسلم» _: «عيناها») انتهى، وبالنَّصب والرَّفع ضُبِط في أصلنا بالقلم، وفي أصلنا بـ «سنن ابن ماجه» ضُبِط بالقلم بالنَّصب، وأنا أحفظه بهما، وقال شيخنا: (يجوز ضمُّ النون؛ أنَّها مشتكية، وفتحها؛ أنَّ في «اشتكت» ضميرَ الفاعل، وهي الجادَّة، ورُجِّح الأوَّل بما وقع في بعض الرِّوايات: «عيناها») انتهى، وفي «شرح العمدة» للعلَّامة أبي الفتح القشيريِّ المشهور بابن دقيق العيد ما لفظه: (يجوز في «عينها» وجهان؛ أحدهما: ضمُّ النُّون على الفاعليَّة على أن تكون العين هي المُشتَكِية، والثاني: فتحها، ويكون المُستكِنُّ في «اشتكت» ضميرَ الفاعل هي المرأة، وقد رُجِّح هذا، ووقع في بعض الروايات: «عيناها») انتهى.
قوله: (أَفَنَكْحُلُهَا؟ [5]): هو بِضَمِّ الحاء.

(1/9706)


قوله: (كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا): (كلَّ): مَنْصوبٌ على الظرف؛ أي: في كلِّ ذلك يقول: لا.
قوله: (تَرْمِي بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ): سأذكر الكلام عليه قريبًا جدًّا.
قوله: (قَالَتْ [6] زَيْنَبُ): هي زينب بنت أمِّ سلمة المذكورة في السَّند.
قوله: (دَخَلَتْ حِفْشًا): (الحِفْش)؛ بكسر الحاء المُهْمَلة، وإسكان الفاء، وبالشين المُعْجَمة، تَقَدَّمَ الكلام عليه.
قوله: (تُؤْتَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (فَتَفْتَضُّ بِهِ): قال ابن قُرقُول: (بالفاء، كذا الرواية في هذه الكتب، إلَّا أنَّ المروزيَّ رواه بالقاف في «كتاب الطَّلاق»، ونقله بعضهم عنه: «فتقبض»؛ بالباء؛ ومعنى الفاء: فتمسح بها قُبُلَها، فتموت؛ لقبحِ ريحِها وقذارتها، وسُمِّي فعلها ذلك افتضاضًا؛ كأنَّه كسر لعدَّتها وما كانت فيه بفعلها ذلك، والفضُّ: الكسر، وقيل: «تفتضُّ»: تنفرج ممَّا كانت فيه وتزيله عنها، أو تزول بذلك مِن مكانها، وحفشها الذي اعتدَّت فيه، و «الفضُّ»: التَّفرُّق، ومنه: {لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، و {انفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11]، وقيل: كلُّ شيء يفعلونه؛ كالنُّشرة، قال مالك: تمسح به جلدها؛ كالنُّشرة، وقال البرقيُّ: (تفتضُّ): تمسح بيدها على ظهره، وقيل: هو مشتقٌّ مِن الفضَّة؛ كأنَّها تتنظَّف بما تفعله بذلك ممَّا كانت فيه، وتغتسل بعده، وتتنقَّى مِن دَرنها حتَّى تصير كالفضَّة، و «تقتضَّ» قريبٌ مِن التفسير الأوَّل؛ لأنَّ «الفضَّ [7]»: الكسر، وقد رواه الشَّافِعيُّ رحمه الله عن مالك: «فتقبص»؛ بالقاف مع الباء، وبالصاد المُهْمَلة، وقد فسَّره بأنَّها تأخذ بأطراف أصابعها، والمعروف الأوَّل)، انتهى، وقد قرأ الحسن: (فقبصت قبصة)؛ بالصاد المُهْمَلة، والقاف، وفي «النِّهاية»: («فتفتض به»؛ أي: تكسر ما هي فيه من العدَّة ... ) إلى أن قال: (ويُروَى بالقاف والموحَّدة، وسيجيء)، ثُمَّ ذكر في (قبص)؛ بالقاف، والموحَّدة، والصاد المُهْمَلة، فنقل عن الأزهريِّ أنَّ الشَّافِعيَّ رواه بالقاف، والباء المُعْجَمة بواحدة، والصَّاد المُهْمَلة؛ أي: تعدو مسرعةً نحو منزل أبويها؛ كالمُستحيِية مِن قبح منظرها، قال ابن الأثير: (والمشهور في الرواية بالفاء، والتاء المُثَنَّاة، والضاد المُعْجَمة، وقد تَقَدَّمَ)، انتهى.

(1/9707)


قوله: (فَتُعْطَى بَعَرَةً): (تُعطَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (بعرةً): مَنْصوبٌ مُنوَّن، ونصبه معروف؛ ومعنى (تُعطَى بعرةً): أي: مِن بعر الغنم أو الإبل.
قوله: (فَتَرْمِي بِهَا [8]): معنى (رميها بالبعرة): إعلامٌ لها أنَّ صبرَها عامًا أهونُ عليها من رميها بالبعرة، قاله شيخنا، ثُمَّ قال بعده بقليل: (وقوله: «ترمي بالبعرة»؛ يعني: رمت بالعدَّة، وخرجت كانفصالها مِن هذه البعرة، ورميها بها، وقيل: إشارةٌ إلى ما فعلت وصبرت عليه من الاعتداد سنة)، انتهى.

(1/9708)


[باب الكحل للحادة]
قوله: (بَابُ الْكُحْلِ لِلْحَادَّةِ)، وبعده هذا: (بَابُ الْقُسْطِ لِلْحَادَّةِ)، وبعده: (بَابٌ تَلْبِسُ الحَادَّة): كذا في هذه الأبواب بالهاء، قال شيخنا: («باب الكحل للحادِّ»: هو الصَّواب، وفي «شرح ابن بَطَّال»: «الحادَّة»، والصَّواب الأوَّل؛ مثل: طالق، وطامث، وحائض؛ لأنَّه نعت للمؤنَّث لا يشركه فيه الرِّجال)، انتهى، وقد راجعتُ أنا كتبًا في اللُّغة؛ فلم أر (حادَّة)؛ بإثبات الهاء، والله أعلم، والذي أعرفه مِن كلام أهل اللُّغة: أنَّ صفاتِ المُؤنَّث التي لا تكون للمُذكَّر لا تحتاج إلى إلحاق الهاء فيه؛ للفرق، بخلاف: مسلمة وقائمة، وقد حكى الجوهريُّ عن الفرَّاء: (حائضة)، والله أعلم.
[ج 2 ص 462]

(1/9709)


[حديث: لا تكحل قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها]
5338# 5339# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ، و (أُمهَا): أمُّ سلمة هند، وأبوها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد رضي الله عنهم، وأنَّ زينب ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله: (أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا [1] زَوْجُهَا): تَقَدَّمَ قريبًا أنِّي لا أعرف اسمها، وقد قَدَّمْتُ اسم أمِّها وزوجها قريبًا.
قوله: (فَخَشُوا): هو بِضَمِّ الشين، وأصله: (خَشِيُوا)؛ مثل: عَلِمُوا، استُثقِلت الضَّمَّةُ على الياء، فحُذِفَت، واجتمع ساكنان؛ الياءُ والواوُ، فحُذِفتِ الياءُ؛ لاجتماع السَّاكنَين، وضُمَّتِ الشين؛ لتصحَّ الواو.
قوله: (فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا): هو بالحاء والسِّين المُهْمَلتين؛ أي: أدنى ثيابها، وأصله: مِن الحلس؛ وهو كساءٌ أو لبد يُجعَل على ظهر البعير تحت القَتب يلازمه، ومنه قيل: فلان حلس بيته؛ أي: يلازمه، ونحن أحلاس الخيل؛ أي: المُلازِمون لظهورها.
قوله: (رَمَتْ بِبَعَرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.
قوله: (وَسَمِعْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ): قائل ذلك هو حُمَيد بن نافع المذكورُ في السَّند، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.
قوله: (أَنْ تُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه رُبَاعيٌّ وثلاثيٌّ.
==========
[1] (عنها): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة نسخة.
[ج 2 ص 463]

(1/9710)


[حديث: نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج]
5340# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهو ابن المُفضَّل، وتَقَدَّمَ أنَّ (المفضَّل): اسم مفعول مِن (فضَّله)؛ المُشدَّد، و (أُمُّ عَطِيَّةَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها [1] نُسَيبة؛ بِضَمِّ النُّون على الصَّحيح.
قوله: (أَنْ نُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه رُبَاعيٌّ وثلاثيٌّ، وكذا الثَّانية [خ¦5341]: (أن نُحِدَّ).
==========
[1] في الأصل: (وأنَّه).
[ج 2 ص 463]

(1/9711)


[باب القسط للحادة عند الطهر]
قوله: (بَابُ الْقُسْطِ لِلْحَادَّةِ): (القُسْط): بخورٌ معروفٌ، يقال: قُسْط وكُسْت، وقد ذكرهما البُخاريُّ كما سيأتي قريبًا جدًّا، ويقال: قُسْت، وهذه ذكرها مع اللَّتَين قبلها ابن قُرقُول في «مطالعه»، وقال ابن الأثير في قوله: (من قسط وأظفار) _وفي رواية: (من قسط أظفار) _: («القسط»: ضربٌ مِن الطِّيب، وقيل: هو العود، والقُسْط: عقار معروف في الأدوية، طيِّب الرِّيح تتبخَّر به النِّساء [1] والأطفال [2]، وهو أشبه بالحديث؛ لإضافته إلى «الأظفار»)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ فيما يأتي قريبًا: («القسط»: معلوم، وكذلك «الأظفار»، وهي شيءٌ مِن العطر شبيهة بالظفر، ولا يصحُّ: قسط أظفار؛ على الإضافة، ولا وجه له، ويقال: قسط ظفارِ؛ منسوب إلى مدينة باليمن يقال لها: ظفار)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (النُّفساء).
[2] في (أ): (الأظفار)، ولعلَّه تحريف عن المثبت من مصدره.
[ج 2 ص 463]

(1/9712)


[حديث: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ... ]
5341# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (حَفْصَة): هي بنت سيرين، تَقَدَّمَتْ أنَّها مِن أفضل نساء التَّابعين، وأنَّ أفضل نساء التابعين ثلاثةٌ: حفصة، وعَمرة، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى، و (أُم عَطِيَّة): نُسَيبة؛ بِضَمِّ النُّون، على الصَّحيح، تَقَدَّمَتْ.
قوله: (نُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على قول الصَّحابيِّ: (أُمِرنا بكذا) أو (نُهينا عن كذا) أنَّه مِن نوع المرفوعِ والمسندِ عندَ أصحاب الحديث، وهو الصَّحيحُ وقولُ أكثر أهل العلم، قاله أبو عمرو ابن الصَّلاح؛ لأنَّ مُطلَقَ ذلك ينصرفُ بظاهره إلى مَن إليه الأمر والنهي، وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: (وخالف في ذلك فريقٌ؛ منهم: أبو بكر الإسماعيليُّ)، انتهى، وجزم به أبو بكر الصَّيرفيُّ في «الدلائل»، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وذكرت أنَّ بعضهم خصَّ الخلاف بما إذا كان القائل غيرَ الصِّدِّيق، وهو قيدٌ حَسَنٌ، والله أعلم.
قوله: (أَنْ نُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ غيرَ مَرَّةٍ أعلاه وقبله.
قوله: (إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بفتح العين وإسكان الصاد المُهْمَلتين في (الحيض)، وذكرت رواية فيه عن النَّسَائيِّ والبَيْهَقيِّ، وذكرت ما قاله البَيْهَقيُّ فيها، والله أعلم.
قوله: (وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ويأتي فيه ما يأتي في (أُمِرْنا بكذا) أو (نُهينا عن كذا) أعلاه وقبله غيرَ مَرَّةٍ.
قوله: (فِي نُبْذَةٍ): هي بِضَمِّ النُّون، وإسكان الموحَّدة، ثُمَّ ذال معجمة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ القطعة من ذلك؛ لأنَّه يطرح البَخور في النَّار، وقيل: (النُّبْذة): الشيء القليل.
قوله: (مِنْ كُسْتٍ أَظْفَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الكُسْتَ): القُسْط، وهو مجرورٌ منوَّنٌ في أصلنا، وكذا (أظفار) مُنوَّن، وقد تَقَدَّمَ كلام ابن الأثير أعلاه أنَّه مضاف إلى (الأظفار)، فعلى هذا: يكون مجرورًا مِن غير تنوين، وقد تَقَدَّمَ كلام الدِّمْيَاطيِّ أنَّه لا يقال: قُسطِ أظفارٍ؛ على الإضافة، والله أعلم.

(1/9713)


[باب: تلبس الحادة ثياب العصب]
قوله: (تَلْبَسُ الْحَادَّةُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الهاء أعلاه، وكذا تَقَدَّمَ (الْعَصْبِ) في (الحيض).

(1/9714)


[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث]
5342# قوله: (عَنْ هِشَام): هذا هو هشام بن حسَّان، الأزديُّ مولاهم، الحافظ، و (حَفْصَة): هي بنت سيرين، تَقَدَّمَتْ، و (أُمُّ عَطِيَّةَ): نُسَيبة، تَقَدَّمَتْ.
قوله: (أَنْ تُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيُّ؛ لغتان، وكذا (العَصْب) تَقَدَّمَ في (الحيض).
==========
[ج 2 ص 463]

(1/9715)


[معلق الأنصاري: ولا تمس طيبًا إلا أدنى طهرها إذا طهرت]
5343# قوله: (وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ): (الأنصاريُّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله بن أنس بن مالك بن النضر الأنصاريُّ، الفقيه البصريُّ، قاضي البصرة، وقد وُلِّي قضاء بغداد، وهو شيخ البُخاريِّ، وروى عنه الباقون بواسطة، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمَتْ أيضًا، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (هشام): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن حسَّان، وهذا أعلى مِن السند الذي قبله بواحد، أخرج أوَّلًا النَّازل، ثُمَّ ذكر العالي، وهذا من باب التَّرقِّي، وحفصةُ روى عنها هشام في السَّند الأوَّل بـ (عن)، وصرَّح هنا عنها بالتَّحديث، وكذلك حفصةُ عنعنتْ في السَّند الأوَّل عن أمِّ عَطيَّة، وفي الثَّاني صرَّحت بالتحديث منها، وإن كان هشام وحفصة غيرَ مُدلِّسَين إلَّا ليخرج مِن الخلاف، فأفاد في السَّند الثَّاني فوائدَ، والله أعلم.
[ج 2 ص 463]
قوله: (وَلَا تَمسّ طِيبًا): يجوز في سين (تمسّ) الضَّمُّ والفتح، وهذا ظاهِرٌ معروف، ويجوز في ميمِه الفتحُ والضَّمُّ.
قوله: (إِذَا طَهرَتْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهاء وضمِّها؛ لغتان، وكذا تَقَدَّمَ (النُّبْذَة) ضبطًا، وأنَّها القطعة، وتَقَدَّمَ (القُسْط) و (الأَظْفَار)، وكلام الدِّمْيَاطيِّ ذكره هنا، فقدَّمتُه أنا إلى هناك.
قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: القُسْطُ والكُسْتُ؛ مِثْلُ: الكَافُورِ وَالقَافُورِ [1]): تَقَدَّمَ الكلامُ على لغاته قريبًا، وكلام البُخاريِّ هذا ثابتٌ في بعض النُّسخ، وهو على روايةٍ في أصلنا، وليس مِن سماعنا فيها.
==========
[1] قول أبي عبد الله: ليس في رواية «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ، وعليه في (ق) علامة زيادة وعلامة راويه.

(1/9716)


[باب: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا}]

(1/9717)


[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت ... ]
5345# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانَ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام، و (زَيْنَب بِنْت أَمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ، وكذا (أُمُّ حَبِيْبَة بِنْتُ أَبِي سُفْيَان): صخر بن حرب، واسمها رملة، أمُّ المؤمنين.
قوله: (نَعِيُّ أَبِيهَا): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: نعْي ونَعِيٌّ؛ وهو خبر الموت، وتَقَدَّمَ في (الجنائز) متى تُوُفِّيَ أبوها أبو سفيان، بالشَّام أو بالمدينة المُشرَّفة.
==========
[ج 2 ص 464]

(1/9718)


[حديث مجاهد في قوله {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا}]
5344# قوله: (حَدَّثَنَا شِبْلٌ): هو بكسر الشين المُعْجَمة، وإسكان الموحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عبَّاد المَكِّيُّ، انفرد به البُخاريُّ عن عبد الله بن أبي نَجِيح)، انتهى، واسم أبي نَجِيح يسارٌ، تَقَدَّمَ.
قوله: (قَالَ عَطَاء): هو ابن أبي رَباح الإمام المَكِّيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا): (نَسَخَت)؛ بفتح النون والسين والخاء، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، و (الآيةُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (عدَّتَها): مَنْصوبٌ مفعول.
قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، الإمامُ.
قوله: (فَنَسَخَ السُّكْنَى): (نَسَخ)؛ بفتح النُّون والسِّين، و (السُّكنى): مفعول مَنْصوبٌ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 464]

(1/9719)


[باب مهر البغي والنكاح الفاسد]
قوله: (بَابُ مَهْرِ الْبَغِيِّ): (البغيُّ): هي الزَّانية الفاجرة، وهذا معروف.
قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام المشهورين.
قوله: (تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الحاء المُهْمَلة، وفتح الرَّاء المُشَدَّدة، مُنوَّن مَنْصوبٌ مفعول، كذا في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: («مَحْرَمَهُ»؛ بفتح الميم، وسكون الحاء، وفتح الرَّاء [1] والميم بعدها، وهاء الضَّمير مضمومةٌ، ومنهم مَن يجعلها تاءً مفتوحةً، فيقول: «مَحْرَمَةً»، وكذا رأيتُه في نسخةٍ عتيقة مِن نُسخ أبي ذرٍّ، ولم أروِه، ومنهم مَن يقول: «مُحَرَّمةً»، وهي روايتنا عن الأصيليِّ عن أبي ذرٍّ، والأوَّل عن أبي أحمد، ووهم القاضي فقَيَّدهُ: «مُحْرِمَةً») انتهى، وقد رأيتُ أنا في نسخةٍ بغداديَّةٍ صحيحةٍ: (مَحْرَمه)، كما ضبطه ابن قُرقُول في الأوَّل في الأصل، وفي الطُّرَّة: (محرِمًا)؛ بكسر الرَّاء بالقلم، وفي أخرى: (مُحرِمة)؛ بكسر الرَّاء بالقلم، والله أعلم.
قوله: (وَهْوَ لَا يَشْعُرُ): أي: لا يعلم، وهذا معروف.
قوله: (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا): (فُرِّق)؛ بِضَمِّ الفاء، وكسر الرَّاء مُشدَّدة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[1] في الأصل: (الحاء).
[ج 2 ص 464]

(1/9720)


[حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب وحلوان الكاهن]
5346# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرٍو الأنصاريُّ البدريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (نَهَى [1] عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه جاء في رواية: (إلَّا كلبَ صيد)، وأنَّها ضعيفة، وأنَّ ما يروى فيه عن عثمان في التغريم لكلب الصَّيد ضعيفٌ أيضًا.
قوله: (وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ): هو بِضَمِّ الحاء، وإسكان اللَّام؛ وهو ما يأخذه الكاهن رُشوة على تكهُّنه، والحلوان أيضًا: الشيء الحلو، و (الكاهن): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ أجرته حرام بالإجماع، وقد حكى في تحريمها الإجماعَ غيرُ واحد، وقال الماورديُّ: إنَّه يُؤدَّبُ الآخِذُ والمُعطِي في المكتَسب بالكهانة واللَّهو، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (وَمَهْرِ الْبَغِيِّ): هو ما تأخذه الزَّانية على زناها.

(1/9721)


[حديث: لعن النبي الواشمة والمستوشمة]
5347# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه آدم بن أبي إياس، وتَقَدَّمَ (عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ)، وضبط (أبي جُحَيْفَة)، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ.
==========
[ج 2 ص 464]

(1/9722)


[حديث: نهى النبي عن كسب الإماء.]
5348# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ): هو بِضَمِّ الجيم، وتخفيف الحاء، وبعد الألف دالٌ مهملةٌ مفتوحةٌ، ثُمَّ تاء، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمان الأشجعيُّ.
قوله: (عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ): هكذا جاء مطلقًا في رواية أبي هريرة، وفي رواية رافع بن خَدِيج مُقيَّدًا: (حتَّى يعلم مِن أين هو)، وفي رواية أخرى: (إلَّا ما عملتْ بيدِها)، ووجه الإطلاق: أنَّه كان لأهل مكَّة والمدينة إماءٌ عليهنَّ ضرائبُ يخدمن النَّاسَ، ويأخذن أجرهنَّ، ويؤدِّين ضرائبهنَّ، ومَن تكون مبتذلةً داخلةً خارجةً عليها ضريبةٌ، فلا يُؤمَن أن تبدُوَ منها زلَّةٌ، إمَّا للاستزادة في المعاش، وإمَّا لشهوة تَغلِب، أو لغير ذلك، والمعصوم قليل، فنُهِيَ عن كسبهنَّ مُطلَقًا؛ تنزُّهًا عنه، هكذا إذا كان للأمة وجهٌ معلومٌ تَكتَسِب منه، فكيف إذا لم يكن لها وجه معلوم؟! والله أعلم، قاله ابن الأثير.
==========
[ج 2 ص 464]

(1/9723)


[باب المهر للمدخول عليها]
قوله: (بَابُ الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا ... ) إلى آخر التَّرجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ومن جملة الحديث: (قال الرجل: مالي، قال: لا مالَ لك ... )؛ الحديث، ثُمَّ قال: (وجه المطابقة للترجمة أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم جعل الدُّخول عليها استحقاقًا بجميع المهر، فاستحقاق المدخول بها المهرَ كاملًا مَن المنطوق، وعدم استحقاق غير المدخول بها من المفهوم، فبالمنطوق والمفهوم يطابق الحديث قِسْمَي التَّرجمة جميعًا، والله أعلم).
[ج 2 ص 464]
قوله: (وَكَيْفَ الدُّخُولُ؟ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ): تقديره: أو كيف طلاقها؟ فاكتفى بذكر الفعل عن المصدر؛ لدلالته عليه؛ كقوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ} ... إلى قوله: {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران: 110]، فأقام {تُؤْمِنُونَ} _وهو فعل_ مقامَ (الإيمان)، وهو مصدر، والله أعلم.

(1/9724)


[حديث: الله يعلم أن أحدكما كاذب]
5349# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، الإمامُ، أحد الأعلام، سبق، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة كيسانَ السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه عويمر وامرأتُه، وأنَّ امرأته لا أعرف اسمها، وانَّ ابن شيخنا سمَّاها.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخبرنا).
[ج 2 ص 465]

(1/9725)


[باب المتعة للتي لم يفرض لها]
قوله: (لَمْ يُفْرَضْ لَهَا): (يُفْرَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 465]

(1/9726)


[حديث: حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها]
5350# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه ابن عيينة، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر ابن عيينة في مشايخ قُتيبةَ، ولم يذكرِ الثَّوريَّ، والله أعلم، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.
قوله: (لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ): المراد بـ (المُتلاعَنين): عويمر وامرأته، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 465]

(1/9727)


((69)) (كِتَابُ النَّفَقَاتِ) ... إلى (كِتَاب الأَطْعِمَةِ)

(1/9728)


[حديث: إذا أنفق المسلم نفقةً على أهله وهو يحتسبها]
5351# قوله: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عامر الأنصاريُّ البدريُّ، وأنَّه لم يشهد بدرًا، وإنَّما كان ينزل ماءً هناك، فنُسِب إليها، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.
قوله: (وَهْوَ يَحْتَسِبُهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (الاحتساب): ادِّخار الثَّواب عند الله مِن غير رياء ولا سمعة، وقد تَقَدَّمَ في (الصَّوم).
==========
[ج 2 ص 465]

(1/9729)


[حديث: قال الله: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك]
5352# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّمَ (أَبُو الزِّنَادِ) مرارًا: أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ.
قوله: (أَنْفِقْ [1] ... ؛ أُنْفِقْ عَلَيْكَ): هو أمرٌ مجزومٌ، وجوابه مجزوم أيضًا، والأولى: بفتح الهمزة، والثانية: بضمِّها؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يا بن آدم).
[ج 2 ص 465]

(1/9730)


[حديث: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله]
5353# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ بفتح الزَّاي وإسكانها، وتَقَدَّمَ (أَبُو الغَيْثِ): أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، وأنَّ اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع العدويِّ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسَائيُّ، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ): (اللَّيل) و (النَّهار): منصوبان؛ لأنَّهما مفعولا اسم الفاعل، وفي أصلنا: كلاهما مجروران بالقلم، وقد طرأ عليهما النَّصبُ أيضًا، وكلاهما جائز، ولكنَّ الرَّاجح النَّصبُ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 465]

(1/9731)


[حديث: الثلث والثلث كثير أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة]
5354# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ لأنَّ عبد الغنيِّ ذكر في مشايخ مُحَمَّد بن كَثِير الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، والذَّهَبيُّ في «تذهيبه» ذكر في مشايخه سفيانَ، وأطلقَ، فحملتُ المُطلَقَ على المُقيَّد، و (سَعْد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّمَ، و (عَامِر بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة رضي الله عنهم.
قوله: (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ): هو بالثَّاء المُثلَّثة، كذا في أصلنا هنا، وقال ابن قُرقُول: («كَبِير»؛ بالباء، ويُروى: بالثَّاء، وفي بعضها: «أو كَثِير»، على الشَّكِّ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (أَنْ تَدَعَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أن تذرَ)، وهذا مثله، وكذا تَقَدَّمَ (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ).
==========
[ج 2 ص 465]

(1/9732)


[باب وجوب النفقة على الأهل والعيال]

(1/9733)


[حديث: أفضل الصدقة ما ترك غنى]
5355# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وأنَّ غِيَاثًا؛ بكسر الغين المُعْجَمة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثةٌ، وهذا معروف عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (مَا تَرَكَ غِنًى): وفي رواية في «الصَّحيح»: (عن ظهر غنًى)، فسَّره أيُّوب في الحديث: عن فضل عيال، وبيانه مِن وراء ما يحتاج إليه العيال؛ كالشيء الذي يُطرَح خلف الظهر، ويفسِّره قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ابدأْ بمَن تَعُول»، وقد يكون قوله: (عن ظهر غنًى)؛ بمعنى: بيان الغنى عن المسألة، ويردُّ هذا قولُه: «ابدأْ بمَن تَعُول»، وأنَّه خرج على سبب، وهو أنَّ رجلًا تصدَّق بأحد ثوبين كانا له قد تُصِدِّق بهما عليه، فنهاه عن ذلك، وقال: «خير الصَّدقة ما كان عن ظهر غنًى»، والله أعلم، قاله ابن قُرقُول.
قوله: (وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى): تَقَدَّمَ الكلام على (اليد العليا) و (اليد السُّفلى) في (الزَّكاة) مُطَوَّلًا، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضهم قال: إنَّ التَّفسير مدرجٌ.

(1/9734)


قوله: (تَقُولُ الْمَرْأَةُ ... ) إلى آخر ما قال: (لَا، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ): سُئِل عن هذا شيخُنا الحافظ العراقيُّ بحضوري: أمرفوع هذا أم لا؟ فقال: لا، ليس بمرفوع، أو ما هذا معناه، وكنتُ أنا تلك الساعة توقَّفتُ فيه، ثُمَّ ظهر لي ما قاله شيخُنا أنَّه موقوف هنا على أبي هريرة، قال شيخنا الشارح فيما قرأتُه عليه في «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ»: رواه أحمد في «مسنده»، والدَّارقطنيُّ بإسناد صحيح ومُتَّفقٍ عليه، لكن يَجعَل الزِّيادةَ المعتبرةَ مِن قول أبي هريرة، وقال في هذا «الشَّرح»: إنَّه مِن قول أبي هريرة، وقد رأيت في «الهدي» لابن قَيِّم الجَوزيَّة: أنَّ في «النَّسَائيَّ» هذا الذي قاله أبو هريرة مرفوعًا، وفيه: «وابدأْ بمَن تَعُول»، فقيل: مَن أعولُ يا رسول الله؟ قال: «امرأتك، تقول: أطعِمْني، وإلَّا؛ فارقني، خادمُك يقول: أطعِمْني واستعملْني، ولدك يقول: أطعِمني، إلى مَن تتركني؟!»، وهذا في جميع النُّسخ في كتاب «النَّسَائيِّ» هكذا، وهو عنده مِن حديث سعيد بن أيُّوب عن مُحَمَّد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وسعيد ومُحَمَّد ثقتان، انتهى، وكذا رأيت المِزِّيَّ ذكره في «أطرافه»، وهو في «النَّسَائيِّ الكبير»، وقد راجعتُ «الصَّغير»؛ فلم أره فيه، و «الكبير» ليس بحلب منه نسخة فيما أعلم، وقال لي الإمام زين الدين القرشيُّ: إنَّ دمشق ليس بها منه إلَّا هذه النسخة؛ يعني: نسخةً كان أعارها للإمام صدر الدين الياسوفيِّ مغربيَّة في جلدٍ واحدٍ، ومنها سمعت أنا بعضَه بقراءة الياسوفيِّ بدمشق على ابن الفصيح تاج الدين الحنفيِّ، ومُؤذِّنِ اليعموريَّة، والله أعلم، قال ابن القَيِّم: (وقال الدَّارقطنيُّ: حدَّثنا أبو بكر الشَّافِعيُّ: حدَّثنا مُحَمَّد بن بشر بن مطر: حدَّثنا شيبان بن فرُّوخ: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «المرأة تقول لزوجها: أطعمني أو طلِّقني ... »؛ الحديث، وقال الدَّارقطنيُّ: حدَّثنا عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك وعبد الباقي بن قانع
[ج 2 ص 465]

(1/9735)


وإسماعيل بن عليٍّ قالوا: أخبرنا أحمد بن عليٍّ الحدانيُّ: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الباورديُّ: حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثلَه)، انتهى، قال شيخنا الشارح: (وفي رواية للنَّسائيِّ: «قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: «امرأتك تقول: أطعمني، وإلَّا؛ فارقني ... »؛ الحديث).
قوله: (مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ): هو بكسر الكاف في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: (كذا رواه الكافَّة؛ أي: ممَّا عنده مِن العلم المُقتَنى في قلبه، كما يُقتَنى المالُ في الكِيس، ورواه الأصيليُّ: بفتح الكاف؛ أي: مِن فقهه وفطنته، لا من روايته)، انتهى.

(1/9736)


[حديث: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى.]
5356# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمامُ الجواد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، والمُسَيّب: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.
قوله: (مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى): تَقَدَّمَ قريبًا.
==========
[ج 2 ص 466]

(1/9737)


[باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله وكيف نفقات العيال]

(1/9738)


[حديث: أن النبي كان يبيع نخل بني النضير]
5357# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرنَا وَكِيعٌ): (مُحَمَّد) هذا: وقع في أصلنا منسوبًا: (ابن سلَام)، والنسبة ملحقة في الهامش، لكن صُحِّح عليها، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: (البخاريُّ عن مُحَمَّد بن سلَام)، انتهى، ومقتضى ذلك: أنَّه كذلك وقع له، وكذا قال شيخنا الشارح: (ذكر فيه _أي: في الباب_ حديثَ مُحَمَّد بن سلَام)، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد.
قوله: (أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ): (بعض): مجرور معطوف على المضاف إليه، وهو (سَنَتِهِمْ)، و (ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْريُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَالِك بْن أَوْسٍ): هو ابن الحَدَثَان النَّصريُّ، تَقَدَّمَ في (باب فرض الخُمُس).
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (بْنُ سَلَامٍ).
[ج 2 ص 466]

(1/9739)


[حديث: انطلقت حتى أدخل على عمر إذ أتاه حاجبه]
5358# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وبعيدًا مرارًا، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء والدَّال المُهْمَلتين، ثُمَّ مُثَلَّثة، وهذا معروفٌ عند أهله.
قوله: (إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فرض الخمس) مُطَوَّلًا، وأنَّ الصَّحيح: أنَّه غير مهموز، وكذا تَقَدَّمَ (الرَّهْطُ): أنَّهم ما دون العشرة مِن الرجال؛ كالنَّفر.
قوله: (اتَّئِدُوا): تَقَدَّمَ في (فرض الخمس)، و (أَنْشُدُكُمْ): بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكم، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) في (فرض الخمس).
قوله: (إِنَّ اللهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة، وتشديد النُّون على الابتداء، وتَقَدَّمَ ما (المالُ) الذي خصَّ الله رسوله به في (فرض الخمس)، وكذا (اسْتَأْثَرَ).
==========
[ج 2 ص 466]

(1/9740)


[باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد]
قوله: (بَابُ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ): أخرج في هذا الباب حديث هند زوجِ أبي سفيان، وقد سبق أنَّه لم يكن غائبًا، بل كان حاضرًا وقت السُّؤال والجواب، وها أنا أذكر ذلك لك، قال السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة الفتح): (إنَّ هندًا بنت عتبة امرأة أبي سفيان بايعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على الصَّفا يوم الفتح ... ) إلى قوله: (لكن يا رسول الله؛ أبو سفيان رجل مِسِّيكٌ، ربَّما أخذت مِن ماله بغير علمه ما يصلح ولده، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، ثُمَّ قال: «أئنَّك لأنت هند؟» قالت: نعم؛ يا رسول الله؛ اعف عني، عفا الله عنك، وكان أبو سفيان حاضرًا، فقال: أنت في حلٍّ ممَّا أخذت، فلمَّا قال: «{وَلَا يَزْنِينَ} [الممتحنة: 12]»، قالت: وهل تزني الحُرَّة يا رسول الله؟! فلمَّا قال: «{وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]»؛ قالت: بأبي وأمِّي ما أكرمَك وأحسنَ ما دعوتَ إليه! فلمَّا سمعت: «{وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [الممتحنة: 12]»؛ قالت: قد والله ربَّيناهم صغارًا حتَّى قتلتَهم كبارًا أنت وأصحابُك ببدر، قال: فضحك عمر مِن قولها حتَّى مال) انتهى، فلا يصحُّ استدلالُ مَن استدلَّ به على القضاء على الغائب، وهذا مكانٌ حسنٌ جدًّا، ولم أر أحدًا تَقَدَّمَ السُّهيليَّ في ذلك، ومرَّ عليه حفَّاظ كثيرون ولم ينتبهوا له، وكأنَّ مدركَ البُخاريِّ رحمه الله إن كان وقف على الرواية التي ذكرها السُّهيليُّ: أنَّها إذا جاز لها أن تأخذ وهو حاضر ولولدها؛ فلَأَنْ يجوز وهو غائب بطريقٍ أَولى، وهذا مِن باب مفهوم الموافقة، والله أعلم، وقال شيخنا في هذا الباب: (ذكر فيه حديثَ هند السَّالف، وليس مطابقًا لما ترجم له إلَّا في نفقة الولد فقط؛ لأنَّه كان حاضرًا في المدينة، فلا ينبغي أن يُستَدلَّ به على القضاء على الغائب وإن استدلَّ به ابن بَطَّال وغيره)، انتهى، ومراده بالمدينة: مكَّة، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 466]

(1/9741)


[حديث: جاءت هند بنت عتبة فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان ... ]
5359# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مقاتل، أبو الحسن، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنِ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها والدة معاوية، وليست [1] بأمِّ أمِّ حبيبة، أمُّ أمِّ حبيبة صفيَّة بنت أبي العاصي بن أُمَيَّة عمَّةُ عثمان، تَقَدَّمَتْ، و (أَبُو سُفْيَانَ): صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، تَقَدَّمَ.
قوله: (رَجُلٌ مِسِّيكٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ رواية المُتقِنين: (مَسِيْك)، ورواية أكثر المُحدِّثين: (مِسِّيك).
==========
[1] في (أ): (ليس)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 466]

(1/9742)


[حديث: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره]
5360# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا المكان تَقَدَّمَ الكلام عليه في (التَّفسير) في سورة {اقرأ}، وقبل ذلك أيضًا، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (البُخاريُّ في «البيوع» وفي «النَّفقات» عن يحيى بن جعفر، ولم ينسبه في «النَّفقات») انتهى، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنبِّه بن كامل الأبناويُّ.
==========
[ج 2 ص 466]

(1/9743)


[باب: وقال الله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ... }]
قوله: (وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرَيِّ) [1]: (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهري): ابن شهاب، مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (غِذَاءً): هو بكسر الغين وبالذَّال المعجمتين، ممدودٌ، مَنْصوبٌ مُنوَّن، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[1] قول يونس جاء في «اليونينيَّة» مقدَّمًا ضمن بابه (باب {والوالدات يرضعن}) على (باب نفقة المرأة ... )، وعليهما في (ق) علامةُ تقديم وتأخير، وهي رواية أبي ذرٍّ.
[ج 2 ص 466]

(1/9744)


[باب عمل المرأة في بيت زوجها]

(1/9745)


[حديث: ألا أدلكما على خير مما سألتما]
5361# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة، القاضي الإمامُ، و (ابْنِ أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن أبي ليلى، أبو عيسى الأنصاريُّ.
قوله: (مِنَ الرَّحَى): هو بالقصر معروفة مُؤنَّثة.
[ج 2 ص 466]
قوله: (أَوْ أَوَيْتُمَا): تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا _ كهذا_؛ يكون الأفصحُ فيه قصرَ الهمزة، وإذا كان مُتعدِّيًا؛ الأفصحُ فيه مدُّ الهمزة، وأنَّ هذه لغةُ القرآن.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

(1/9746)


[باب خادم المرأة]

(1/9747)


[حديث: ألا أخبرك ما هو خير لك منه]
5362# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّ (الحُمَيدي)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح الميم، وتَقَدَّمَ في أوَّل هذا التَّعليق لماذا نُسِب، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة.
قوله: (قِيلَ: لَهُ [1] وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟): القائل له ذلك هو ابن أبي ليلى عبد الرحمن، كما رواه مسلم في «صحيحه»، وفي «مسند أحمد» السائلُ له ابن الكوَّاء، واسمه عبد الله، فيحتمل أنَّهما سألاه معًا أو في مجلسَين، والله أعلم.
قوله: (صِفِّينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها موضعٌ بقرب الفرات معروفٌ، بين الرَّقَّة وبالس، وهي بكسر الصَّاد، وتشديد الفاء، ومنهم مَن يقول: صِفُّون، في حالة الرَّفع، شبَّهها بالجموع المُعربة، وفي الحديث: «وبئست صِفُّون».
==========
[1] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 467]

(1/9748)


[باب خدمة الرجل في أهله]

(1/9749)


[حديث: ما كان النبي يصنع في البيت قالت كان في مهنة أهله]
5363# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ): هو بالمُثَنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، تصغير (عتبة)، وهذا معروف عند أهله ظاهر جدًّا، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (فِي مهْنَةِ أَهْلِهِ): هو بفتح الميم وكسرها؛ أي: عمل أهله وخدمتهم، وما يصلحهم، قال ابن الأثير في قوله عليه السلام: «سِوَى ثَوبَي مِهْنَتِهِ»: (أي: بذلته وخدمته، والرِّواية: بفتح الميم، وقد تُكسَر، قال الزَّمخشريُّ: وهو عند الأثبات خطأٌ، قال الأصمعيٌّ: بفتح الميم: هي الخدمة، ولا يقال: مِهنة؛ بالكسر، وكان القياس لو قيل: مثل: جلسة وخدمة، إلَّا أنَّه جاء على فَعلة واحدة، يقال: مهنت القوم أُمهِنهم وأَمهُنُهم، وامتهنوني: ابتذلوني في الخدمة)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (المَهْنة؛ بالفتح: الخدمة، وحكى أبو زيد عن الكِسائيِّ: المِهنة؛ بالكسر، وأنكره الأصمعيُّ).

(1/9750)


[باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها ... ]

(1/9751)


[حديث: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف]
5364# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القَطَّان، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد [1]، و (هِنْد بِنْت عُتْبَةَ): تَقَدَّمَتْ، وكذا (أَبُو سَفْيَانَ): صخر بن حرب.
==========
[1] في (أ): (خولد)، ولعلَّه تحريفٌ.
[ج 2 ص 467]

(1/9752)


[باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة]

(1/9753)


[حديث: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش]
5365# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عيينة، و (ابْنُ طَاوْوس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله.
قوله: (وَأَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا بأنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، وقائل ذلك هو سفيان بن عيينة، روى هذا الحديث عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه عن أبي الزِّناد عبدُ الله بن ذكوان، عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة؛ فاعلمه.
قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ [1] رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكأنَّه لم يكن على شرطه، فلهذا ذكره بصيغة تمريض.
==========
[1] (رضي الله عنهما): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).
[ج 2 ص 467]

(1/9754)


[باب كسوة المرأة بالمعروف]
قوله: (بَابُ كِسْوَةِ الْمَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد على عادته، ثُمَّ قال: (موضع المطابقة: تشقيقه الحلَّة بين نسائه، وهذا مِن الاقتصاد بالمعروف بحسب الحالة، لا بالإسراف والتَّغليل [1]؛ لأنَّ الذي ناب فاطمة عليها السَّلام مِن هذه الحلَّة خرقةٌ رضيت بها وقبلتها)، انتهى.
قوله: (بَابُ كسْوَةِ): هي بكسر الكاف وضمِّها.
==========
[1] في مصدره: (التَّغالي).
[ج 2 ص 467]

(1/9755)


[حديث: آتى إلي النبي حلةً سيراء فلبستها]
5366# قوله: (آتَى إِلَيَّ [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّة سِيَرَاءَ): قال ابن قُرقُول: («آتى»؛ بمدِّ الهمزة؛ لأنَّه بمعنى: أعطى، و «إليَّ»: مُشدَّد الياء، وبقيَّة الحديث تدلُّ عليه، وفي رواية النَّسفيِّ: «بعث إليَّ»، وضبطه بعضهم: «بُعِث إليَّ»، وقال بعضهم: هو وَهَمٌ)، قال ابن قُرقُول: (بل له وجهٌ في العربيَّة، وفي كتاب عُبدوس: «أهدى إليَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم») انتهى.
قوله: (حُلَّة سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلَّة) وعلى (السِّيَرَاء) ما هما، وأنَّه يقال بالإضافة وبالصِّفة مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي): تَقَدَّمَ أنَّ الظَّاهر أنَّ المراد بـ (نسائِه): الفواطمُ الأربعُ، كما في الحديث الآخر: «اقسمه بين الفواطم»، وقد ذكرتهنَّ قبل هذا في (الهبة)، والحامل لي على هذا التَّأويل: أنَّ عليًّا لم يتزوَّج في حياة فاطمةَ عليها.
==========
[1] في هامش (ق): (فائد: حمل «آتى» على «بعث»، أو على «أهدى»، فعداهُ «إلى»).
[ج 2 ص 467]

(1/9756)


[باب عون المرأة زوجها في ولده]

(1/9757)


[حديث: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك]
5367# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن دينار، تَقَدَّمَ.
قوله: (هَلَكَ أَبِي): هو بفتح الهمزة، وكسر الموحَّدة، وهو عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ، نقيبٌ بدريٌّ كبيرٌ، استُشهِد بأُحُد رضي الله عنه.
قوله: (وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ): هذا شكٌّ مِن الراوي، وقد جُزِم في بعض الطُّرق بأنَّهنَّ تسعٌ، والله أعلم.
قوله: (فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا): تَقَدَّمَ أنَّ (امرأة) هذه الثَّيِّب: تَقَدَّمَ أنَّها سُهَيمة بنت مسعود بن أوس.
قوله: (إِنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ): تَقَدَّمَ أنَّه والدُه عبدُ الله بن عَمرو بن حَرام.
قوله: (وَتَرَكَ بَنَاتٍ): تَقَدَّمَ أنَّهنَّ تسعٌ مِن كلام جابر، ولكنَّ الراوي شكَّ، والصَّواب مِن أحد الشَّكَّين: أنَّهنَّ تسعٌ، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 467]

(1/9758)


[باب نفقة المعسر على أهله]
قوله: (بَابُ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته بغير إسناد، وهو حديث المجامع في رمضان، ثُمَّ قال: (وجهُ الاستدلال: أنَّ الكفَّارة واجبة، ومع هذا أسقطها عنه في الحال؛ لمعارضة ما هو أقوى منها، وهو الإنفاق على الزَّوجة وإن كان مُعسِرًا، ولو لم تكنِ النَّفقةُ واجبةً عليه؛ ما سقط بها الواجبُ) انتهى.

(1/9759)


[حديث: فوالذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا]
5368# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نسبه إلى جدِّه، أحمدُ بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (حُمَيد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحمن الحميريَّ ليس له في «البُخاريِّ» عن أبي هريرة شيء، إنَّما روى عنه مسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهرُ الله المُحرَّم»؛ فاعلمه، وليس للحميريِّ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ» شيءٌ، والله أعلم.
قوله: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ اسم هذا (الرَّجل) في (الصوم)؛ فانظره.
[ج 2 ص 467]
قوله: (ولِمَ؟): هو بكسر اللَّام وفتح الميم، على الاستفهام.
قوله: (أَعْتِقْ [1]): هو بفتح الهمزة، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي)؛ بِضَمِّ الهمزة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم) مَن جاء به؛ فانظره.
قوله: (بِعَرَقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين المُهْمَلة والرَّاء، وقد تُسكَّن، وبالقاف، وقد تَقَدَّمَ في (الصَّوم) ما هو (العَرَق).

(1/9760)


[باب: {وعلى الوارث مثل ذلك} ... ]
قوله: (بَابٌ: {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجه المطابقة يَبينُ بمقصوده، وإنَّما قصد الرَّدَّ على مَن زعم أنَّ الأمَّ يجب عليها نفقةُ ولدِها بعد أَبيه وإرضاعها؛ لدخولها في إطلاق: {وَعَلَى الوَارِثِ}، فبيَّن البُخاريُّ أنَّ الأمَّ كانت كَلًّا على الأب واجبةَ النَّفقة عليه، ومَن هو كَلٌّ بالأصالة لا يقدر على شيء في الغالب؛ كيف يتوجَّب عليه أن يُنفِق على غيره؟ قال: وبحديث أمِّ سلَمة؛ فإنَّه صريح في إنفاقها على بنيها، فضلٌ وتطوُّعٌ [1]، وبحديث هند؛ فإنَّه أوجب لها أن تأخذ مِن مال زوجها نفقة بنيه من حيث لا يشعر، وإذا كانت ساقطةً عنها في حياته؛ فالأصل استصحاب السقوط بعد الوفاة)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (فضلًا وتطوُّعًا).
[ج 2 ص 468]

(1/9761)


[حديث: نعم لك أجر ما أنفقت عليهم]
5369# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ هي، وأمُّها أُمُّ سَلَمَةَ هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هي أمُّ المؤمنين، وابنتها زينب ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله: (فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ): (بنو أبي سلَمة) عبدِ اللهِ بن عبد الأسد: زينب ولدتها أمُّ سلَمة بأرض الحبشة، وولدت له بعد ذلك دُرَّة، وأمَّ كلثوم، ولا أعرف اسمها، وعمرَ، وسلمةَ، وسلمة وُلِد بمكَّة قبل هجرة أبيه وأمِّه إلى الحبشة، ولم يذكر بعض حفَّاظ هذا العصر أمَّ كلثوم، وقال: وقيل: فيهم مُحَمَّد، ولمَّا كان أولاد أبي سلَمة ثلاثةَ ذكورٍ على ما يأتي، وثلاثَ إناث؛ غلَّبت عليهنَّ الذُّكور، هذا الذي يحضرني مِن أولاد أبي سلَمة، والله أعلم.
قوله: (لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابه في (الزَّكاة).
==========
[ج 2 ص 468]

(1/9762)


[حديث: خذي بالمعروف]
5370# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو الفِرْيابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سفيان): هو الثَّوريُّ.
قوله: (قَالَتْ هِنْدُ): هي بنت عتبة بن ربيعة، أمُّ معاوية، من مُسْلِمة الفَتْح، تَقَدَّمَتْ، و (أَبُو سُفْيَان) زوجها: صخر بن حرب، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 468]

(1/9763)


[قول النبي: من ترك كلًا أو ضياعًا فإليَّ]
قوله: (مَنْ تَرَكَ كَلًّا [1]): (الكَلُّ)؛ بفتح الكاف، وتشديد اللَّام: يُطلَق على الواحد والجميع، والذكر والأنثى، وقد جمعه بعضهم على (كلول)؛ ومعناه: الثَّقيل ومَن لا يقدر على شيء؛ كالعيال، واليتيم، والمسافر، والمُعْيَى، هذا أصله مِن الكلال؛ وهو الإعياء، ثُمَّ استُعمِل في كلٍّ ضائع وأمر مُثْقِلٍ، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (أَوْ ضَيَاعًا): هو بفتح الضاد المُعْجَمة، قال ابن قُرقُول: (بفتح الضاد: هم العيال، سُمُّوا باسم الفعل: ضاع الشيء ضياعًا؛ أي: مَن ترك عيالًا عالة، وأطفالًا يَضِيْعُون بعده، وأمَّا بكسر الضاد؛ فجمع «ضائع»، والرواية عندنا: بالفتح، وقد رُوِي: «من ترك ضيعة»؛ أي: ذوي ضيعة؛ أي: قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو أيضًا مصدر: ضاع العيال ضيعة وضياعًا، وأضعتهم: تركتهم)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[1] في هامش (ق): (أي: عيالًا).
[ج 2 ص 468]

(1/9764)


[حديث: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم]
5371# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (كَانَ يُؤْتَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (فَإِنْ حُدِّثَ): هو بتشديد الدَّال المكسورة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (فَلَمَّا فُتِحَ [1] عَلَيْهِ الْفُتُوحُ): (فُتِح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الفتوحُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَتَحَ اللهُ).
[ج 2 ص 468]

(1/9765)


[باب المراضع من المواليات وغيرهنَّ]
قوله: (بَابُ الْمَرَاضِعِ مِنَ الْمَوَالِيَاتِ وَغَيْرِهِنَّ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (يشير بقوله: «المواليات وغيرهنَّ»: إلى أنَّ حرمة الرَّضاع تنتشر كانت المرضعة حرَّةً أصليَّة أو مولاة أو أمة؛ لأنَّ ثويبةَ كانت مولاةً لأبي لهب)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه يحتمل أنَّه إنَّما ترجم عليه؛ ليردَّ كلام العرب في أوَّل أمرها؛ لأنَّها كانت تكره رضاع الإماء، وتقتصر على العربيَّات؛ طلبًا لنجابة الولد، فأتاهم الشارع بأنْ قد رضع مِن غير العربيَّات، وأنَّ رضاع الإماء لا يُهجِّن؛ أعني: لا يجعل الرَّضيعَ هَجِينًا، و (الهجين): الذي أمُّه عجميَّة، وأبوه عربيٌّ، عكس المُقْرِف، والله أعلم.
قوله: (الْمَوَالِيَاتِ): هو بفتح الميم، وتخفيف الياء، وكسر اللَّام قبلها، ورأيت في نسخة صحيحة: (المُواليات)؛ بِضَمِّ الميم بالقلم، قال شيخنا: (قال ابن بَطَّال: كان الأقرب أن يقول: «المولَيات»: جمع «مولاة»، و «المواليات»: جمع «مولًى» جمع التَّكسير، ثُمَّ جمع «موالي» جمع السَّلامة بالألف والتاء، فصار «موليات» جمع الجمع، وقال ابن التِّين: ضُبِط بِضَمِّ الميم وفتحها، والوجه الضَّمُّ؛ لأنَّه اسم فاعل من «والَتْ تُوالِي»).
==========
[ج 2 ص 468]

(1/9766)


[حديث: فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي]
5372# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأدناها أعلاه، وكذا الباقي تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ أختها هي عزَّة، كما في «مسلم»، انتهى، وقيل: حمنة، وقيل: درَّة، وقد تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ.
قوله: (ذَلِكِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثانية الآتية في الحديث نفسه، وكذا تَقَدَّمَ (مُخْليَة) ضبطًا ومعنًى، وتَقَدَّمَ الكلام على (دُرَّة بِنْت [1] أَبِي سَلَمَةَ)، وكذا على قوله: (لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي؛ مَا حَلَّتْ لِي)، وهو أنَّه علَّل الحكم بعلَّتين، فإن تخلَّفت إحداهما؛ قامتِ الأخرى، وتَقَدَّمَ أنَّ (الحجْر)؛ بفتح الحاء وكسرها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (ثُوَيْبَة) ضبطًا وبعض ترجمة.
[ج 2 ص 468]

(1/9767)


((70)) (كِتَابُ الأَطْعِمَةِ) ... إلى (بَاب الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ)
قوله في الآية الثانية التي تلاها: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمَشْقيُّ، والتِّلاوة: {أَنفِقُوا} [البقرة: 267]، وقد تَقَدَّمَ الكلام في مثل هذه المسألة في أوَّل هذا التعليق في قوله: (و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64])؛ فانظر ذلك، والله أعلم.

(1/9768)


[قول الله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} ... ]

(1/9769)


[حديث: أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني]
5373# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، هذا فيما يظهر؛ وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ ذكر الثَّوريَّ في مشايخ مُحَمَّد بن كَثِير، ولم يذكرِ ابن عيينة، والذَّهَبيُّ ذكر في مشايخه سفيانَ، وأطلق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، و (مَنْصُور) روى عنه: السُّفيانان؛ وهو ابن المُعتمِر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى) كذلك: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، وتقدَّموا مُترجَمِين.
قوله: (أَطْعِمُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، قد رأيتُ بخطِّ شيخنا البلقينيِّ فائدةً: (ليس في إطعام الجائع ما يدلُّ على الأطعمة المُترجَم عليها المَتلوِّ فيها الآيات المذكورة)، انتهت، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (مطابقة الآيات والترجمة مُتَّجهٌ لمن له فطنةٌ)، انتهى.
قوله: (وَفُكُّوا الْعَانِيَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالعين المُهْمَلة، ونون بعد الألف، منقوص؛ كـ (القاضي)، قال سفيان هنا: (وَالْعَانِي: الأَسِيرُ)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (سفيان): الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، والله أعلم.

(1/9770)


[حديث: ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض]
5374# 5375# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء، وأنَّ اسمه سلمانُ مولى عزَّة الأشجعيَّة.
قوله: (وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هو معطوف على السَّند الذي قبله بلا شكٍّ، وقائله هو فُضَيل بن غزوان، ورأيت بخطِّ شيخنا البلقينيِّ ما لفظه: (فائدةٌ: قوله: «وعن أبي حَازم، عن أبي هريرة»: لا يمكن عطفه على قوله: «عن أبيه»؛ لأنَّه يلزم عليه إسقاطُ فُضَيل، فيكون منقطعًا؛ لأنَّه يصير التَّقدير: عن أبيه وعن أبي حَازم، ولا يمكن عطفه على قوله: «عن أبي حَازم»؛ لأنَّ المُحدِّث الذي أتى بـ «عن»: هو مُحَمَّد بن فُضَيل، فيلزم الانقطاعُ، كما في الذي قبله، وإن كان قوله: «وعن أبي حَازم» معطوفًا على الجملة السابقة؛ كان مُعلَّقًا، وقد ذكره في «الأطراف» في «المُسنَد» بالسند الأوَّل، فكان اللَّائقُ أن يقول: (وبه إلى أبي حَازم عن أبي هريرة) انتهت، ورأيت بخطِّ بعض الحُفَّاظ العصريِّين ما لفظه: (قوله: «لا يمكن عطفه على أبي حَازم» مردودٌ، بل هو ممكنٌ واضحٌ، فإنَّه يصير هكذا: مُحَمَّد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حَازم، عن أبي هريرة بكذا، وعن مُحَمَّد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حَازم ... إلى آخره، فحذف من «مُحَمَّد ... » إلى «أبيه»، فصارت: «وعن»، ولا فرق بين أن يقول: «وعن أبي حَازم»، أو «وعن أبيه عن أبي حَازم»، أو «وعن مُحَمَّد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حَازم»؛ بل ولو قال: «وعن أبيه»؛ لكان سائغًا)، انتهى.
قوله: (أَصَابَنِي جهْدٌ شَدِيدٌ): (الجهد)؛ بِضَمِّ الجيم وفتحها؛ لغتان، وقيل: بالفرق بينهما.

(1/9771)


قوله: (فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] ... ) إلى آخره: هذه الآية لا أعرفها بعينها، قال شيخنا الشارح: (كان من عادتهم إذا استقرأ أحدُهم صاحبَه القرآنَ؛ أن يحمله إلى بيته، ويطعمه ما تيسَّر عنده، والله أعلم، ولم يحمل عمرُ أبا هريرة حين استقرأه، إمَّا لشغل كان به، أو أنَّه لم يتيسَّر له حينئذٍ ما يُطعِمه، وقد رُوِي عن أبي هريرة قال: «والله لقد استقرأت عمر الآية وأنا أقرأ منه إلَّا طمعًا في أن يذهب ويُطعمُني»، وهو زائد على ما في «البُخاريِّ»)، انتهى، وسيأتي قريبًا ما قاله أبو هريرة لعمر بعد ذلك، والله أعلم، وسيأتي الكلام على قوله: (وأنا أقرأُ منه).
قوله: (إِلَى رَحْلِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه المَنزِل والمأوى.
قوله: (فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ): هو بِضَمِّ العين، وبالسين المُهْمَلة المُشَدَّدة؛ وهو القدح الضخم، وجمعه: عساس وأعساس.
قوله: (كَالْقِدْحِ): هو بكسر القاف، وإسكان الدَّال وبالحاء المُهْمَلتين، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عود السهم إذا قُوِّم واستوى قبل أن يُنصَل ويُراشَ، فإذا رُكِّب فيه النَّصلُ والرِّيشُ؛ فهو سهم، وقيل: (القدح): عود السهم نفسه؛ والمراد هنا: امتلأ واعتدل.
قوله: (تَوَلَّى اللهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ): كذا لهم، وعند النَّسفيِّ: (تولَّى والله)، وعند ابن السَّكن: (ولَّى الله ذلك)، وهو أبين؛ أي: جعله مُتولِّيَ صنعِه وإحسانِه.
قوله: (لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَلأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ): رأيت بخطِّ شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ حاشيةً لفظها: (فائدةٌ: يبعد أن يقول هذا أبو هريرة؛ لحرمة عمر، ولعدم اطِّلاع أبي هريرة على ذلك)، انتهت، قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: هذا الاستبعاد عجيب؛ لأنَّ قول أبي هريرة ذلك لعمر لا بدَّ أن يكون سبق له اطِّلاع على أنَّه أقرأ لعمر منها، إمَّا لكون عمر ما كان يحفظها كلَّها؛ لغيبته، وحضر أبو هريرة مثلًا عند نزولها كلِّها فحفظها كلَّها، أو لغير ذلك مِن المحتملات، وأمَّا كونه لا يقول ذلك لعمر؛ هيبةً له، فمحمول أنَّه خاطبه في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لا بعد أن وُلِّي عمر الخلافة)، انتهى، وهذا الظَّاهر مِن الحديث.
قوله: (مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ): (حُمْر)؛ بإسكان الميم: جمع (أحمر)؛ يعني: الإبل، وحُمْرها أفضلها عند العرب، وقد تَقَدَّمَ.
==========

(1/9772)


[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».
[ج 2 ص 469]

(1/9773)


[باب التسمية على الطعام والأكل باليمين]

(1/9774)


[حديث: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك]
5376# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (الْوَلِيدُ بْنُ كَثِير): بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المُثلَّثة.
قوله: (فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (حجرًا) بفتح الحاء وكسرِها.
قوله: (وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ): أي: تتحرَّك وتضطرب.
قوله: (فِي الصَّحْفَةِ): هو إناء؛ كالقصعة المبسوطة، وجمعها: صحاف.
قوله: (طِعْمَتِي): هو بكسر الطَّاء؛ أي: صفة أكلي، كذا صرَّح بكسرها ابن الأثير، ولم يذكر فيها غير الكسر، وكذا هي بالكسر على مقتضى كلام ابن قُرقُول، ولكنَّها في أصلنا بـ «البُخاريِّ» مضمومة الطَّاء، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ بالكسر، وكلاهما في أصلنا، وكذا هو بهما في نسخة صحيحة أخرى، و (الطُّعمة)؛ بالضمِّ؛ الأكلة، وبالكسر: وجه الكسب وهيئته، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن الأثير: («الطّعمة»؛ بالكسر والضَّمِّ: وجه الكسب، يقال: هو طيِّب الطعمة، وخبيث الطعمة).
==========
[ج 2 ص 469]

(1/9775)


[الأكل مما يليه]

(1/9776)


[حديث ابن أبي سلمة: كل مما يليك]
5377# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ): (حَلْحَلَة): بحاءَين مهملتَين مفتوحتَين، بعد كلِّ واحدة لامٌ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعدها تاء التأنيث، تَقَدَّمَ، و (وَهْب بن كَيْسَانَ): أبو نُعَيمٍ، مُؤدِّب، يروي عن ابن عَبَّاس وجابر، وعنه: مالك وابن الماجشون، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/9777)


[حديث: سم الله وكل مما يليك]
5378# قوله: (عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ ... )؛ الحديث: هذا مُرْسَل، والعمدةُ المُسنَد المُتَّصلُ: المُتقدِّمُ؛ وهو مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة عن وهب بن كيسان، عن عمر بن أبي سلمة، فمالكٌ أرسله، وابنُ حلحلة أسنده، لكن أخرجه النَّسَائيُّ من طريق مالك عن وهب مسندًا، رواه النَّسَائيُّ كذلك عن أبي داود الحرَّانيِّ، عن خالد بن مَخْلد، عن مالك كذلك، وعن قتيبة عن مالك مُرْسَلًا، والله أعلم.
قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسول): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
==========
[ج 2 ص 469]

(1/9778)


[باب من تتبع حوالى القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية]
قوله: (بَابُ مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ): (حوالَي): بفتح اللَّام، ثُمَّ كسرة؛ لالتقاء الساكنين، تقول: (قعدت حولَه، وحوالَه، وحولَيه، وحوالَيْه)، ولا تقل: (حوالِيه)؛ بكسر اللَّام.
قوله: (الْقَصْعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح القاف، ولا تُكسَر.
قوله: (إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً): (يَعرِف): مَبْنيٌّ للفاعل، و (كراهية): مَنْصوبٌ مُنوَّنٌ مفعول (يَعرف)، و (الكراهية): تَقَدَّمَ أنَّها بتخفيف الياء.
[ج 2 ص 469]

(1/9779)


[حديث: إن خياطًا دعا رسول الله لطعام صنعه قال أنس]
5379# قوله: (إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الخيَّاط) لا أعرف اسمه، وسيجيء في (باب الثَّريد) مِن هذا «الصَّحيح» مِن حديث أنس: «دخلت مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على غلام له خيَّاط»، ويجيء أيضًا في (باب: الدُّبَّاء): (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتى مولًى له خيَّاطًا)، كلُّه مِن حديث أنس، وقد قَدَّمْتُ مواليه صلَّى الله عليه وسلَّم قبل هذا في (مناقب زيد بن حارثة)؛ فانظرهم، ولا أعرف هذا بعينه.
قوله: (يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ): هو بِضَمِّ الدَّال المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة، ممدودٌ ومقصورٌ: القَرع، جمع (دُبَّاءة)؛ بالمدِّ والقصر أيضًا.
قوله: (مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (حوالَيِ): بفتح الحاء واللَّام، ثُمَّ كسرةٍ؛ لالتقاء السَّاكنين، و (القصعة): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح القاف، ولا تُكسَر.
==========
[ج 2 ص 470]

(1/9780)


[باب التيمن في الأكل وغيره]

(1/9781)


[حديث: كان النبي يحب التيمن ما استطاع في طهوره وتنعله]
5380# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدان لقب، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (أَشْعَث): بالثاء المُثلَّثة، وهو أشعث بن أبي الشَّعثاء، وتَقَدَّمَ أنَّ اسم (أَبِي الشَّعْثَاءِ): سُلَيم بن أسود المحاربيُّ _وسُلَيم: بِضَمِّ السين وفتح اللَّام_ الكوفيُّ، تقدَّما.
قوله: (فِي طُهُورِهِ): هو بِضَمِّ الطَّاء، ويجوز فتحها، وتَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (وَتَرَجُّلِهِ): (التَّرجُّل): تسريح الرأس بماء، أو دهن، أو شيء ممَّا يُليِّنه، ويُرسِل ثائره، ويردُّ مُنْقَبِضَه.
قوله: (وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطٍ): قال شيخنا: (الظاهر أنَّ المراد بهذا القائل: شعبة، فإنَّه واسطيٌّ وإن سكن البصرة)، انتهى.
قوله: (بِوَاسِطٍ): قال الجوهريُّ: (و «واسط»: بلد سُمِّي بالقصر الذي بناه الحَجَّاج بين الكوفة والبصرة، وهو مُذكَّر مصروفٌ؛ لأنَّ أسماء البلدان الغالب عليها التَّأنيث وترك الصَّرف إلَّا منًى، والشام، والعراق، وواسط، ودابق، وفلج، وهجر [1]، فإنَّها تُذكَّر وتُصرَف، ويجوز أن تريد بها: البقعة أو البلدة، فلا تصرفه)، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (منًى، والشَّام، والعراق، وواسطًا، ودابقًا، وفلجًا، وهجرًا).
[ج 2 ص 470]

(1/9782)


[باب من أكل حتى شبع]
قوله: (بَابُ مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (تَقَدَّمَ له في جملة التَّراجم «بابُ شُربِ البَرَكَة»، وساق قول أنس رضي الله عنه: «فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه»، نبَّه ثَمَّ على أنَّ شربَ أنسٍ ليس مِن الإكثار المكروه؛ لأنَّ هذا شراب خاصُّ لبَرَكَتِهِ، فرغب فيه تبرُّكًا لا تَكثُّرًا [1]، ولم يتعرَّض في ترجمة الشِّبَع هنا لهذا المعنى، فيحتمل أنَّ شبعهم منه كان على عادتهم في الاقتصاد [2] على ما يملأ ثلث المِعَى، ويحتمل الشِّبع الذي هو الامتلاء؛ لأنَّه طعام بَرَكَةٍ؛ كشرب البَرَكَةِ، والله تعالى أعلم)، انتهى، والذي ظفرت به الآن إنَّما هو حديث جابر في آخر (باب الأشربة): (باب شرب البَرَكَة والماءَ المُبارَك)، وهو في آخر (كتاب الأشربة)، وهذا الكتاب لم يأت بعد، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (ثلث)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من مصدره.
[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (الاقتصار).
[ج 2 ص 470]

(1/9783)


[حديث: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله ضعيفًا]
5381# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالك بن أنس المجتهدِ، و (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ ببعض ترجمته، وأنَّ اسمه زيد بن سهل النَّجَّاريُّ، بدريٌّ نقيبٌ رضي الله عنه، و (أُم سُلَيْم): تَقَدَّمَتْ، والاختلاف في اسمها: سهلة، أو رُميلة، أو مُلَيكة، أو غير ذلك ممَّا تَقَدَّمَ رضي الله عنها.
قوله: (أَأَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟): هو بمدِّ الهمز على الاستفهام، ويجوز تحقيق الهمز، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (مَا نُطْعِمُهُمْ): هو بِضَمِّ النُّون، كذا في أصلنا.
قوله: (هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ): هذا على لغة أهل نجد، فإنَّهم يصرفون (هلمَّ)، فيقولون للاثنين: هلمَّا، وللجميع: هلمُّوا، وللمرأة: هلمِّي، وأمَّا أهل الحجاز: فإنَّهم يستوي عندهم الواحد والجمع والتأنيث، قال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18]، وقد تَقَدَّمَ ذلك.
قوله: (فَفُتَّ): هو بِضَمِّ الفاء الثانية، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (عُكَّةً لَهَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (وعاء مِن جلود يكون فيه السَّمن والعسل يختصُّ بهما، وهو بالسَّمن أخصُّ)، انتهى، وهذا أخذه مِن ابن الأثير.
قوله: (فآدَمَتْهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: خلطته وجعلت فيه إدامًا يُؤكَل، يقال بالمدِّ والقصر [1]، ورُوِي بتشديد الدَّال على التَّكثير)، انتهى، وأصرح مِن هذا ما قاله ابن قُرقُول، فإنَّه قال: («فآدمَتْه»؛ بمدِّ الهمزة، كذا أكثرُ ما ضبطناه قراءة، ويقال أيضًا: «أدْمته»؛ مُخفَّف الدَّال مقصور الألف؛ لغتان، ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ، ورواه القنازعيُّ في «المُوطَّأ»: «فأدَّمَتْه»؛ بتشديد الدَّال، ووجهه: تكثير الإدام)، انتهى.

(1/9784)


[حديث: هل مع أحد منكم طعام؟]
5382# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (مُعْتَمِرٌ): هذا هو ابن سليمان بن طرخان، تقدَّما، و (أَبُو عُثْمَان): هذا هو النَّهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، وقد تَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ)، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة أبي عثمان، وقوله: (وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ): الظَّاهر أنَّ هذا الحديث كان معطوفًا على حديث قبله، فحُذِف ذلك، وحُدِّث بهذا، والله أعلم.
قوله: (فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، و (الصَّاع): تَقَدَّمَ كم هو [من] مُدٍّ، وكم زنة المُدِّ بالرَّطل، وكم الرَّطل، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَوْ نَحْوُهُ): هو بكسر الواو في أصلنا، والذي يظهر الرَّفعُ؛ أي: معه صاع أو نحوُه، لا نحو الطعام، وقد طرأ على أصلنا الرَّفعُ كما قلت، والظاهر أنَّه أُخِذ ذلك منِّي، والله أعلم.
قوله: (فَعُجِنَ): هو بِضَمِّ العين وكسر الجيم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ): هذا (الرَّجل المُشرِك) لا أعرف اسمه.
قوله: (مُشْعَانٌّ): هو بِضَمِّ الميم، وإسكان الشين المُعْجَمة، ثُمَّ عين مهملة، وفي آخره نونٌ مُشدَّدةٌ، هو المُنتفِش الشَّعر الثَّائر الرأس، يقال: شعر مُشعانٌّ، ورجل مُشعانٌّ، ومشعانُّ الرأس، والميم زائدة، وقال المستملي كما نقله ابن قُرقُول: (هو الطويل جدًّا، البعيد العهد بالدُّهن، الشعِث)، انتهى.
قوله: (فَصُنِعَتْ): هو بِضَمِّ الصاد، وكسر النُّون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
[ج 2 ص 470]
قوله: (بِسَوَادِ الْبَطْنِ): قال ابن قُرقُول: («سواد البطن»: قيل: الكبد خاصَّة، وقيل: حشو البطن كلِّها)، انتهى، و (البطن): مُذكَّرٌ وحُكِي تأنيثُه.
قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام على همزته، وأنَّها همزة وصل، وقيل: قطع، وقد تَقَدَّمَ ما معناه.
قوله: (خَبَأَهَا لَهُ): (خبأ): بهمزة مفتوحة في آخره.
قوله: (قَصْعَتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ القصعة بالفتح، ولا تُكسَر.

(1/9785)


قوله: (وَفَضَلَ): بفتح الضاد، يقال: (فضَل يفضُل)؛ كـ (دخَل يدخُل)، وفيه لغة أخرى: (فضِل _بكسر الضَّاد_ يفضَل)؛ بفتحها؛ مثل: (حذِر يحذَر)، حكاها ابن السِّكِّيت، وفيه لغة ثالثة مُركَّبة منهما: (فضِل _ بالكسر_ يفضُل)؛ بالضَّمِّ، وهو شاذٌّ لا نظير له، قال سيبويه: (هذا عند أصحابنا إنَّما يجيء على لغتين ... ) إلى آخر كلامه، قاله الجوهريُّ في «صحاحه»، وقد قَدَّمْتُ فيما مضى ذلك أنَّ في (فضل) ثلاثَ لغاتٍ.

(1/9786)


[حديث: توفي النبي حين شبعنا من الأسودين التمر والماء]
5383# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ، الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة: أنَّها إلى جدِّه فُرهود، والنِّسبة إليه: فُرهوديٌّ، وفراهيديٌّ، و (وُهَيْبٌ) بعده: هو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ): هو منصور بن صفيَّة بنت شيبة بن عثمان، وهو منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث، وتَقَدَّمَ الاختلاف في صحبة أمِّه مُطَوَّلًا في (الغسل) و (الجنائز).
==========
[ج 2 ص 471]

(1/9787)


[باب: {ليس على الأعمى حرج} ... ]
قوله: (بَابٌ: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} [النُّور: 61]): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم له _يعني: للحديث المذكور في الباب_: «باب السويق»، ثُمَّ قال: موضع المطابقة من الترجمة وسط الآية؛ وهو قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} ... ، وذكر الحديث، وهو أصل في جواز أكل المُحَارَجة في حقِّ الأسخياء، لا السُّفهاء).
==========
[ج 2 ص 471]

(1/9788)


[حديث: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر فلما كنا بالصهباء]
5384# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ سفيانَ بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المدينيِّ_: ابنُ عيينة، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (بُشَيْر بْن يَسَارٍ): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمة، و (يسار): بفتح الياء قبل السِّين.
قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر، والخلاف في تاريخها.
قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطها.
قوله: (قَالَ يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن سعيد الأنصاريُّ.
قوله: (عَلَى رَوْحَةٍ): هي بفتح الرَّاء، وإسكان الواو، وحاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهي المرحلة.
قوله: (فَمَا أُتِيَ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر التَّاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (إِلَّا بِسَوِيقٍ [1]): تَقَدَّمَ ما (السَّوِيق).
قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ فيه ثلاثَ لغات؛ (ولم يتوضَّ، ويتوضَّأْ، ويتوضَّا) مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة المذكور في السَّند، و (سَمِعْتُهُ مِنْهُ)؛ يعني: من يحيى بن سعيد الأنصاريِّ.
قوله: (عَوْدًا وَبَدْءًا): هما مصدران، في موضع الحال؛ يعني: مرَّتين، و (بَدْءًا): بفتح الموحَّدة، وإسكان الدال المُهْمَلة، ثُمَّ همزة، مَنْصوبٌ مُنوَّن، وقد قَدَّمْتُ في أوَّله لِمَ ذاك، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9789)


[باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة]
قوله: (وَالأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ): هو بكسر الخاء، ويُضمُّ، والإخوان: المائدة ما لم يكن عليها طعامٌ.
قوله: (وَالسُّفْرَةِ): أصل (السُّفرة): طعام المسافر، وسُمِّيت هذه الآلة التي يُعمَل فيها سفرةً؛ إذا كانت مِن جلدٍ، وقد تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 471]

(1/9790)


[حديث: ما أكل النبي خبزًا مرققًا ولا شاة مسموطة]
5385# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ): (خبَّاز أنس) لا أعرف اسمه.
==========
[ج 2 ص 471]

(1/9791)


[حديث: ما علمت النبي أكل على سكرجة قط]
5386# قوله: (عَنْ يُونُسَ _قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ الإِسْكَافُ_): هذا هو يونس بنُ أبي الفرات، الإسكافُ البصريُّ، يروي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز، وعنه: هشام الدَّستوائيُّ، والبرسانيُّ، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وهو ثقة، وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به؛ لغلبة المناكير في حديثه، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ في «ميزانه» بأن قال: بل الاحتجاج به واجب؛ لثقته، وقوله: (قال عليٌّ: هو الإسكاف): يعني: أنَّ عليَّ بن عبد الله ابن المدينيِّ شيخَ البُخاريِّ في هذا الحديث نَسبَ يونسَ فقال: الإسكاف، وهذا توضيح مِن عليٍّ، لا من هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيِّ الرَّاوي عنه؛ فاعلمه، وقد سألني عن هذا المكانِ بعضُ مَن يقرأ «البُخاريَّ» بحلبَ، والله أعلم.
قوله: (عَلَى سُكُرُجَةٍ): قال ابن قُرقُول: (بِضَمِّ السين والكاف والراء قيَّدناه، وقال ابن مكِّيٍّ: صوابه بفتح الراء، وهي قصاع صغار يُؤكَل فيها، وليست بعربيَّة، فيها كبيرة وصغيرة، فالكبيرة تحمل قدر ستَّةِ أواقيَّ، وقيل: أربعة مثاقيل، وقيل: ما بين ثلثي أوقية؛ ومعنى ذلك: أنَّ العجم كانت تستعملها في الكواميخ وما أشبهها من الجوارشنات [1] على الموائد حول الأطعمة؛ للتَّشهِّي، فأخبر أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يأكل على هذه الصِّفة قطُّ، وقال الدَّاوديُّ: هي قصعة صغيرة مدهونة، قلت: ورأيت لبعضهم أنَّها قصعةٌ ذات قوائم مِن عود؛ كمائدة صغيرة)، انتهى، وفي «النهاية»: (هي بِضَمِّ السِّين والكاف والرَّاء والتَّشديد: إناء صغير يُؤكَل
[ج 2 ص 471]
فيه الشيء القليل من الأُدم، وهي فارسيَّة، وأكثر ما يُوضَع فيها الكواميخُ ونحوها)، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: (إنَّها بِضَمِّ السِّين والكاف وفتح الراء المُشَدَّدة، نقله عن شيخه أبي منصور اللُّغويِّ قال: وكان بعض أهل اللُّغة يقول: الصواب: أسكرَجة؛ بالألف، وفتح الرَّاء، وهي فارسيَّة مُعرَّبة، وترجمتها: مقرب الخلِّ، وقد تكلَّمت بها العرب).
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، ولغاتها.
قوله: (وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ): (خُبِزَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (مُرقَّق): مَرْفوعٌ مُنوَّن نائب مناب الفاعل.
قوله: (وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ): تَقَدَّمَ ما (الخوان) قريبًا بلغاته.
==========
[1] في مصدره: (الجوارشات).

(1/9792)


[حديث: قام النبي يبني بصفية فدعوت المسلمين إلى وليمته]
5387# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن مُحَمَّد بن سالم الجمحيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، و (حُمَيْدٌ): هو الطويل، وهو حميد بن أبي حميد، وهو حميد بن تير، ويقال: تيرويه.
قوله: (يَبْنِي بِصَفِيَّةَ): فيه ردٌّ على الجوهريِّ؛ حيث قال: وبنى على أهله: زفَّها، والعامَّة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن دريد حكى: بنى بأهله.
قوله: (فَبُسِطَتْ): هو بِضَمِّ الموحَّدة، وكسر السين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا): مَبْنيٌّ أيضًا.
قوله: (وَالأَقِطُ): تَقَدَّمَ ما هو بِلُغَتَيه.
قوله: (وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ أَنَسٍ): هو عمرو بن أبي عمرٍو، مولى المطَّلب بن عبد الله بن حنطب، وحديثه أسنده البُخاريُّ في (المغازي) وفي (البيوع) عن عبد الغفَّار بن داود، وفي (الجهاد) عن قتيبة، وفي (المغازي) عن أحمد عن ابن وهب؛ ثلاثتهم عن يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو به، وفي (الأطعمة) وفي (الدعوات) عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرٍو به بطوله، وأخرجه أبو داود في (الخراج) ببعضه.
فائدةٌ: من اسمه (عمرو) ويروي عن أنسٍ في الكُتُب السِّتَّة أو بعضِها: صاحب الترجمة عمرو بن أبي عمرو، وعمرو بن سعيد أبو سعيد القرشيُّ، ويُقال: الثقفيُّ مولاهم، وعمرو بن عامر الأنصاريُّ الكوفيُّ، وليس بوالد أسد بن عمرو، وعمرو بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُّ، وعمرو بن عبد الله الهمدانيُّ أبو إسحاق السبيعيُّ، وعمرو بن الوليد بن عبْدة السهميُّ المصريُّ، والله أعلم.
قوله: (صَنَعَ حَيْسًا): (الحَيْس): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو.

(1/9793)


[حديث أسماء: يا بني إنهم يعيرونك بالنطاقين ... ]
5388# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: هو [ابن] سلَام؛ بالتخفيف على الأصحِّ، قال شيخنا: كما نصَّ عليه أبو نعيم، وذكر الكلاباذيُّ أنَّ مُحَمَّد بن سلَام ومُحَمَّد بن المثنَّى يرويان عن أبي معاوية مُحَمَّدِ بن خازم الضرير، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه.
قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ): (هشام) هذا: هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، وقد روى هذا الحديث عن أبيه عروة ووهب بن كيسان؛ كلاهما عن أسماء، والذي ظهر لي في الحكمة في أنَّه أعاد الجارَّ في قوله: (وعن وهب بن كيسان)، ولم يقل: عن أبيه ووهب بن كيسان: أنَّه سمعه منهما متفرِّقَين لا مجتمعَين، فلو لم يُعْدِ الجارَّ؛ لفُهِم منه أنَّه سمعه منهما في مجلسٍ مجتمعَين، والله أعلم.
قوله: (يَا بْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (ذات النطاقين)، وما (النطاق).
قوله: (يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ): الأفصح تعديته بنفسه، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (إِيهًا): هو بكسر الهمزة منوَّن، كلمة تصديق وارتضاء، ورُويَ: (إيهٍ)؛ وهي كلمة استزادة؛ ومعناه: زدني من هذا الكلام، وقد تأتي (إيهًا) بمعنى: كيف.
قوله: (تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا): وفي بعض النسخ: (فتلك شكاة ... ) إلى آخره، هذا عجز بيت من قصيد، أوَّل هذا البيت:
~…وَعَيَّرَهَا الوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا…وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
وهي لأبي ذُؤيب الهذليِّ في نسيبة [2] الهذليَّة، قاله شيخنا، وفي كلام ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة أسماء بنت أبي بكر، قال ما لفظه: لمَّا بلغ ابن الزُّبَير أنَّ الحَجَّاج يعيِّره بـ «ابن ذات النِّطَاقَين»؛ أنشد قول الهذليِّ، فذكر بيتين؛ البيت الأوَّل:
وَعَيَّرَهَا الوَاشُونَ .................
البيت، والبيت الثاني:
~…فَإِنْ أَعْتَذِرْ مِنْهَا فَإنِّي مُذْنِبٌ…وَإِنْ تَعْتَذِرْ تَرْدُدْ عَلَيْكَ اعتِذَارَهَا
ففي هذا الكلام أنَّه تمثَّل به ولم يبتدئه، وقال شيخنا: قال ابن قتيبة: لست أدري أخذ ابن الزُّبَير هذا من قول أبي ذؤيب أو ابتدأه؟ انتهى، وقد تَقَدَّمَ كلام ابن عَبْدِ البَرِّ، والله أعلم، و (ظاهرٌ) معناه: زائلٌ، قال الأصمعيُّ: ظهر عنه العار: زال وذهب؛ أي: لا عارَ عليَّ فيه.

(1/9794)


قوله: (وتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا): فإن كان ابتدأه؛ فـ (تلكَ) و (عنكَ) بفتح الكاف، يخاطِب نفسه، وهو في أصلنا بالفتح فيهما، وكذا أحفظه أنا في «الصَّحيح»، وإن كان تمثَّل به؛ فتُكسَر الكاف من (تلكِ)، وكسرها من (عنكِ)؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).
[2] في هامش (أ): (لعلَّه: نبيشة).
[ج 2 ص 472]

(1/9795)


[حديث: أن أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت إلى النبي سمنًا .. ]
5389# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه _كما قال الدِّمْيَاطيُّ_: مُحَمَّد بن الفضل، الملقَّب بعارم، انتهى، و (أَبُو عَوَانَةَ) كما قال الدِّمْيَاطيُّ: إنَّه الوضَّاح بن عبد الله، انتهى، و (أَبُو بِشْرٍ): بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، قال الدِّمْيَاطيُّ: أبو بشرٍ جعفر بن إياس، انتهى.
قوله: (أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ): (أمُّ حُفَيد)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح الفاء، والباقي معروفٌ: هزيلة بنت الحارث بن حزن الهلاليَّة، من أخوات ميمونة، وسيأتي قريبًا ما وقع في «البُخاريِّ».
قوله: (وَأَقِطًا): تَقَدَّمَ ما هو بِلُغَتَيه.
قوله: (وَأَضُبًّا): جمع (ضبٍّ)، و (الضَّبُّ): دويبَّة معروفة مأكولة عند جماعة كبيرة، ومنع أكلها آخرون، وقد جوَّزت أكلَها السُّنَّةُ.
[ج 2 ص 472]
قوله: (فَأُكِلْنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا قوله: (مَا أُكِلْنَ): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/9796)


[باب السويق]
قوله: (بَابُ السَّوِيقِ): تَقَدَّمَ ما (السويق).
==========
[ج 2 ص 473]

(1/9797)


[حديث: أنهم كانوا مع النبي بالصهباء وهي على روحة من خيبر]
5390# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، مشهورٌ، وقد قَدَّمْتُ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ (سليمان بن حرب) الراوي هنا إذا أطلق الرواية عن حمَّاد؛ فهو ابن زيد، وكذا إذا أطلقه عارم مُحَمَّد بن الفضل، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، أو عَفَّانُ، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حمَّاد بن سلمة علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وأنَّ البُخاريَّ لم يروِ له في الأصول، و (يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، و (بُشَيْر بْن يَسَارٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمة، و (يسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت.
قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطها وأين هي، وتَقَدَّمَ أنَّها على روحة من خيبر، وكذا هنا، و (الروحة): المرحلة؛ وهي المنقلة.
قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه يجوز: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا)، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 473]

(1/9798)


[باب: ما كان النبي لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو]
قوله: (مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ): قد يُستَشْكَل دخولُ النفي على النفي، وجوابه: أنَّ الثاني مؤكِّدٌ، والأصل: كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يأكل حتَّى يُسمَّى له، وقد ثبت في بعض الأصول: (ما كان يأكل حتَّى يُسمَّى له).
قوله: (حَتَّى يُسَمَّى لَهُ): (يُسمَّى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 473]

(1/9799)


[حديث: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه]
5391# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ): اسمه أسعد، له إدراكٌ، وُلِدَ في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وسُمِّيَ باسم جدِّه لأمِّه أسعد بن زرارة النقيب، أرسل عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن أبيه، وعمر، وعائشة، وأبي هريرة، وجماعةٍ، وعنه: سعد بن إبراهيم، وأبو الزِّناد، والزُّهريُّ، ويحيى بن سعيد، وابناه مُحَمَّد وسهل ابنا أبي أمامة، وآخرون، قال جماعة: تُوُفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة.
قوله: (فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا): أي: مشويًّا، كما جاء في بعض الروايات: (بضبَّين مشويَّين)، وسيجيء في تبويب البُخاريِّ: (باب الشواء، [و] قول الله تعالى: فـ {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69 ٍ]؛ أَيْ مَشْوِيٍّ)، انتهى، وقوله: {حَنِيذ}: قيل: على الحجارة المحمَّاة بالنار، وقيل: هو الشواء المغموم، وقيل: هو الشواء الذي لم يبالغ في نُضْجِه، والله أعلم.
قوله: (قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ): كذا هنا (أختها حُفيدة)، والمعروف ما تَقَدَّمَ في الرواية: (أمُّ حُفيد)، وقد تَقَدَّمَ نسبُها.
قوله: (حَتَّى يُحَدَّثَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الدال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا قوله: (وَيُسَمَّى لَهُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ): هذه (المرأة): في «صحيح مسلم»: (فنادت امرأة من نساء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّه لحمُ ضبٍّ ... )، ثُمَّ ساق مسلمٌ بعد ذلك بطرقٍ: (قالت له ميمونة: إنَّه لحم ضبٍّ)، وفي «الطَّبَرانيِّ الأوسط» أصرح منه عن ابن عَبَّاس قال: (أُتِيَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في بيت ميمونة وعنده خالد بن الوليد بِلَحْمٍ، فقالت ميمونة: أخبروا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما هو ... )؛ الحديث.
قوله: (فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ): (أَجدُني): بفتح الهمزة، مضمومة الدال، ثُمَّ نون، ثُمَّ ياء الإضافة، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَعَافُهُ): أي: أكرهُه.

(1/9800)


[باب: طعام الواحد يكفي الاثنين]
قوله: (بَابٌ: طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاِثْنَيْنِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (إن قلت: كيف تطابق الترجمة الحديث، ومقتضاها أنَّ الواحد إذا قنع بنصف شبعة؛ توفَّر نصف طعامه للآخَر، والحديث لا يقتضي ذلك، وإنَّما يقتضي أنَّ الذي يمكنه تركه من شبعه إنَّما هو الثلث، وما يلزم من إمكان ترك [1] الثلث إمكان ترك النصف؛ لأنَّه تجحُّفٌ؟ قلت: قد ورد في حديثٍ بلفظ الترجمة، لكنَّه لم يوافق شرط البُخاريِّ، فاستُقرِئ معناه على الجملة من هذا الحديث، وإنَّ مَن أمكنه ترك الثلث؛ أمكنه ترك النصف؛ لتقاربهما، والله أعلم، انتهى، ولفظ الترجمة أخرجه التِّرْمِذيُّ وابن ماجه من حديث أبي الزُّبَير عن جابر مرفوعًا: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية»، وأخرجه مسلمٌ، وسند ابن ماجه ليس على شرطه، والله أعلم؛ لأنَّه من رواية أبي الزُّبَير عن جابر، والله أعلم، و (أبو الزُّبَير): مُحَمَّد بن مسلم بن تدرس، لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما قرنه.
قوله: (بَابٌ: طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاِثْنَيْنِ): أي: ما يشبعه يقوتُهما.
==========
[1] في (أ): (من ترك إمكان)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.
[ج 2 ص 473]

(1/9801)


[حديث: طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة]
5392# قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه كتابة وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسيأتي الكلام عليها في آخر هذا التعليق أيضًا.
قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالكٍ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجِ): عبد الرحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (كَافِي الثَّلَاثَةِ): (الثلاثةِ): بالجرِّ مضاف، وكذا (الأَرْبَعَةِ): بالجرِّ أيضًا؛ لأنَّه مضاف.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.
[ج 2 ص 473]

(1/9802)


[باب: المؤمن يأكل في معى واحد]
قوله: (فِي مِعًى وَاحِدٍ): (مِعًى): بكسر الميم، منوَّن، و (المعى): واحد (الأمعاءِ).
==========
[ج 2 ص 473]

(1/9803)


[حديث: المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء]
5393# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقبه (بُنْدَار)، و (عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابنُ عبد الوارث الحافظ الحجَّة، تَقَدَّمَ، و (وَاقِد بْن مُحَمَّدٍ): بالقاف.
قوله: (فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (لعلَّ هذا الرجلَ أبو نَهِيك المذكورُ في الثانية)، انتهى، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر من المصريِّين: (هو أبو نَهِيك، كما أخرجه المصنِّف من وجهٍ آخرَ)، انتهى، وأبو نَهِيك: لا أعرف ترجمته ولا اسمه.
قوله: (وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ): نظم هذه الأمعاءَ السبعةَ شيخُنا الحافظُ العراقيُّ، _وقد أنشدني ذلك_ فقال:
~…سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ لِكُلِّ آدَمِي…مَعِدَةٌ بَوَّابُهَا مَعَ صَائِمِ
~…مَعَ الرَّقِيقِ أَعْوَرٌ قَيْلُونُ مَعْ…المُسْتَقِيمِ مَسْلَكِ المَطَاعِمِ
[ج 2 ص 473]
قال الجوهريُّ حين ذكر هذا الحديث: (فِي مِعًى) ما لفظه: وهو مَثَلٌ؛ لأنَّ المؤمن لا يأكل إلَّا من الحلال، ويتوقَّى الحرامَ والشُّبهة، والكافر لا يبالي بما أكل، ومن أين أكل، وكيف أكل، انتهى، وفي «النهاية»: هذا مَثَلٌ ضربه للمؤمن وزهدِه في الدنيا، والكافر وحرصه عليها، وليس معناه كثرة الأكلِ دون الاتِّساع في الدنيا، ولهذا قيل: الرُّغب شؤمٌ؛ لأنَّه يحمل صاحبَهُ على النار، وقيل: هو تخصيصٌ للمؤمن، وتحامي ما يجرُّه الشِّبَع من القسوة وطاعة الشهوة، ووصفَ الكافرَ بكثرة الأكل؛ إغلاظًا على المؤمن وتأكيدًا لما رُسِمَ له، وقيل: هو خاصٌّ في رجلٍ بعينِه كان يأكل كثيرًا، فأسلم، فقلَّ أكلُه، و «المعى»: واحد «الأمعاء»؛ وهي المصارينُ، انتهى.
فائدةٌ: هذا قاله عليه السلام في جهجاهِ بن مسعود، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: جهجاه بن سعد بن حرام هو صاحب حديث: «المؤمن يأكل في مِعًى واحدٍ»، وقيل: إنَّ ذلك قيل في غيره، انتهى، فقيل: إنَّه ثمامة بن أثال الحنفيُّ، ذكره ابن إسحاق، وقيل: بل هو أبو بصرة الغفاريُّ؛ قاله أبو عُبيد، وقيل: نضلة بن عمرو، وقيل: أبو غزوان؛ ذكرهما ابن بشكوال في «مبهماته» مع أبي بصرة وثمامة، وفي «مبهمات الخطيب»: (هذا الرجل أبو بصرة)، انتهى، وقد رأيت أنا ذلك في «مسند أحمد ابن حنبل» من حديثه، والله أعلم.

(1/9804)


[حديث: إن المؤمن يأكل في معى واحد]
5394# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأصحَّ فيه التخفيفُ، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وما يفصل النزاعَ فيه، و (عَبْدَةُ): بإسكان الموحَّدة، وهو عبْدة بن سليمان الكلابيُّ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، تقدَّما، وهو (عُبَيْد اللهِ) المذكورُ بعده.
قوله: (لَا [2] أَدْرِي أيَّهُمَا قَالَ): (أيَّهما): بالنصب.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ): هو يحيى بن عبد الله بن بكير الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَلا).
[ج 2 ص 474]

(1/9805)


[حديث: إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء]
5395# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المدينيِّ) _عليِّ بن عبد الله_ يكون ابن عيينة، و (عَمْرو) بعد (سفيان): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، وقد تَقَدَّمَ هذا مرارًا.
قوله: (كَانَ أَبُو نَهِيكٍ): هو بفتح النون، وكسر الهاء، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ كاف، ولا أعرف اسمه ولا ترجمته، والله أعلم، كما تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 474]

(1/9806)


[حديث: يأكل المسلم في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء]
5396# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وهو ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَادِ): بالنون، تَقَدَّمَ مِرارًا، واسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
==========
[ج 2 ص 474]

(1/9807)


[حديث أبي هريرة: إن المؤمن يأكل في معى واحد]
5397# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمَه سلمانُ مولى عزَّة الأشجعيَّة.
قوله: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ [1] كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ، فَكَانَ يَأْكُلُ [2] قَلِيلًا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه جهجاه، وقيل: ثمامة بن أثال، وقيل: أبو بصرة الغفاريُّ، وقيل غيرُهم ممَّن تَقَدَّمَ.
قوله: (وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ): تَقَدَّمَ معناه أعلاه.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق): (أَكْلًا).
[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أَكْلًا).
[ج 2 ص 474]

(1/9808)


[باب الأكل متكئًا]
قوله: (بَابُ الأَكْلِ مُتَّكِئًا:) ذكر الحديث الذي فيه: «لا آكل متَّكئًا»، اعلم أنَّ أكله عليه السلام متَّكئًا؛ هل هو حرام عليه أو مكروه، كما هو في حقِّنا؟ فيه وجهان لأصحاب الشَّافِعيِّ، أشبههما _كما قاله الرافعيُّ_ الثاني؛ يعني: أنَّه مكروه، وجزم بالأوَّل صاحبُ «التلخيص»؛ أي: لما فيه من الكِبر والعُجْب، وعُلِّل الأوَّل بأنَّه لم يثبت فيه ما يقتضي التحريم، واجتنابه عليه السلام الشيءَ واختيارُه غيرَه لا يدلُّ على كونه محرَّمًا عنده.
ثُمَّ ما المراد بـ (المتَّكئ) في الحديث؟ قال الخَطَّابيُّ: (المراد به هنا: الجالس المعتمد على وِطاءٍ تحته)، وأقرَّه البَيْهَقيُّ عليه في «سننه»، وكذا قال صاحبُ «الشفا»، فإنَّه فسَّره بما فسَّره به الخَطَّابيُّ، ثُمَّ قال: (وليس هو الميل إلى شقٍّ عند المحقِّقِين)، وكذا قال ابن دحية في «المستوفَى في أسماء المصطفى»: (إنَّ الاتِّكاء في اللغة هو التمكُّن في الأكل)، ونقل ابن قُرقُول الكلامَ المتقدِّم عن الخَطَّابيِّ، وأقرَّه عليه، وقال ابن الأثير في «نهايته»: (المتَّكئ في العربيَّة: كلُّ مَن استوى قاعدًا على وِطَاء متمكِّنًا، والعامَّة لا تعرف المتَّكئ إلَّا مَن مال في قعوده معتمدًا على أحد شقَّيه، والتاء فيه بدلٌ من الواو، وأصله من «الوكاء»؛ وهو ما يُشَدُّ به الكيس، كأنَّه أوكأ مقعدته وشدَّها بالقعود على الوِطاء التي تحته، ومعنى الحديث: إنَّي إذا أكلت؛ لم أقعد متمكِّنًا فعلَ من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بُلْغَةً، فيكون قعودي مستوفزًا، ومَن حمل الاتِّكاء على الميل إلى أحد الشقَّين؛ تأوَّله على مذهب الطبِّ؛ فإنَّه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلًا، ولا يُسيغه هنيًّا، وربَّما تأذَّى به) انتهى، وأنكر ابن الجوزيِّ المعتمد، وقال: (المراد به: المائل [1] على جنبٍ)، والله أعلم.

(1/9809)


[حديث: لا آكل متكئًا]
5398# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكين، و (مِسْعَرٌ) بعده: بكسر الميم وإسكان السين المُهْمَلة، ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ الكوفيُّ العَلَمُ، و (أَبُو جُحَيْفَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلة، واسمه وهب بن عبد الله، ويُقال: وهب بن وهب، السُّوائيُّ؛ من سواءة بن عامر بن صعصعة، تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ رضي الله عنه.
==========
[ج 2 ص 474]

(1/9810)


[حديث: لا آكل وأنا متكئ]
5399# قوله: (حَدَّثَنَا [1] جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم وكسر الراء، ابن عبد الحميد الضبِّيُّ، و (مَنْصُور) بعده: هو ابن المعتمر، و (أَبُو جُحَيْفَة): تَقَدَّمَ أعلاه.
[ج 2 ص 474]
قوله: (فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

(1/9811)


[باب الشواء]
قوله: (باب: الشِّوَاءِ، وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: فـ {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]): تَقَدَّمَ الكلام على {حَنيذ} قريبًا.

(1/9812)


[حديث: لا ولكنه لا يكون بأرض قومي فأجدني أعافه]
5400# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّه] بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ): تَقَدَّمَ في ظاهرها.
قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي أتى به أمُّ حُفيد خالةُ ابن عَبَّاس وخالدٍ قريبًا.
قوله: (بِضَبٍّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الضبَّ): دابَّةٌ معروفةٌ اختُلِف في أكلها، وجوَّزت السُّنَّةُ أكلَها.
قوله: (فَأَجِدُنِي): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا، وكذا (أَعَافُهُ)، ومعناه: أكرهه.

(1/9813)


[باب الخزيرة]
قوله: (الخَزِيْرَةِ): هي بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الزاي، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال البُخاريُّ هنا: (قَالَ النَّضْرُ)؛ يعني: ابن شميل الإمام اللُّغَويَّ، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته: (الْخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالْحَرِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ)، انتهى، و (الخزيرة) التي من النُّخَالة: بالخاء المُعْجَمة، كما قَدَّمْتُ ضبطه، والتي من اللَّبن بالحاء المُهْمَلة، والراء المكسورة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الخزيرة: لحمٌ يقطع صِغارًا، ويُصَبُّ عليه ماءٌ كثير، فإذا نضج؛ ذُرَّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحمٌ؛ فهي عَصِيدةٌ، وقيل: إذا كان من دقيق؛ فهو حريرةٌ، وإن كان من نخالة؛ فهي خزيرة، والتلبينة والتلبين: حساء [1] يُعمَل من دقيقٍ أو نخالة، وربَّما جُعِل فيها عسلٌ، سُمِّيَت تشبيهًا باللبن؛ لبياضها ورقَّتها، وقيل: دقيقٌ ولبن)، انتهى، وما قاله أخذه من ابن الأثير، أمَّا الكلام على (الخزيرة)؛ فبالحروف، وأمَّا الكلام على (التلبينة)؛ فبالحروف أيضًا، غير أنَّه زاد عليه قوله: (وقيل: دقيق ولبن)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الخزيرة) في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.
==========
[1] في (أ): (فحساء)، والمثبت من حاشية الدمياطيِّ.
[ج 2 ص 475]

(1/9814)


[حديث عتبان: أين تحب أن أصلي من بيتك.؟]
5401# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأنَّ (بُكَيرًا) بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا): بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (مَحْمُود بْن الرَّبِيع): تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وأنَّ له رؤيةً، وهو خزرجيٌّ، وقد عَقِل المجَّة وهو ابن خمس سنين، أو أربع سنين، في (كتاب العلم) في (باب متى يصحُّ سماع الصبيِّ)، وتَقَدَّمَ (عِتْبَان بْن مَالِكٍ): الخزرجيُّ السالميُّ البدريُّ، وأنَّه تُوُفِّيَ زمان معاوية.
قوله: (فَوَدِدْتُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الدَّال الأولى، مضموم تاء المُتكلِّم.
قوله: (وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ): (حبسناه)؛ أي: أخَّرناه، و (الخزير): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أيضًا.
قوله: (فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ): (ثاب)؛ بالثاء المُثلَّثة في أوَّله؛ أي: اجتمع، وقد تَقَدَّمَ، و (أَهْل الدَّارِ): المحلَّة، تَقَدَّمَ، والقائل (أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟): تَقَدَّمَ أنيَّ لا أعرفه، وتَقَدَّمَ الكلام على (مالك)، واللُّغات في (الدُّخْشُن)، وكذا تَقَدَّمَ القائل (ذَاكَ [1] مُنَافِقٌ): أنيَّ لا أعرفه، وأنَّ شيخنا قال: (إنَّه عتبان بن مالك)، وتَقَدَّمَ ما في ذلك، وقال هنا بعضُ حفَّاظ هذا العصر ما لفظه: (تَقَدَّمَ في «الصَّلاة» أنَّ بعضهم قال: إنَّ القائل هو عتبان بن مالك) انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْحُصَيْن بْن مُحَمَّدٍ): وأنَّه بِضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلتين، وأنَّه شبهُ مجهولٍ، وهو مُحتجٌّ به في «البُخاريِّ» و «مسلم»، في (باب المساجد في البيوت)، قال الذَّهَبيُّ: (لا يَكاد يُعرَف)، وتَقَدَّمَ الكلام على (سَرَاتِهِمْ)، وذكرت كلام السُّهَيليِّ مع كلامه مع النحُّاة وغيرهم.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ذلك).
[ج 2 ص 475]

(1/9815)


[باب الأقط]
قوله: (بَابُ الأَقِطِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وما هو بلُغَتَيه.
قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ ... ) إلى آخره: هذا هو عمرو بن أبي عمرٍو، مولى المطَّلب بن عبد الله بن حنطب، يروي عن أنسٍ وعكرمة، وعنه: مالكٌ، والدَّراورديُّ، وعِدَّة، صدوق، قال ابن معين وأبو داود: ليس بالقويِّ، وقال أحمد: ليس به بأسٌ، قال ابن سعد: (تُوُفِّيَ في أوَّل خلافة المنصور)، قال النَّسَائيُّ في «الصغرى»: ليس هو بالقويِّ وإن كان قد روى عنه مالك، له ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمته، أخرج له الجماعة، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ وأبو داود.
قوله: (حَيْسًا): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو غيرَ مَرَّةٍ قريبًا وبعيدًا.

(1/9816)


[حديث: أهدت خالتي إلى النبي ضبابًا وأقطًا ولبنًا]
5402# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، الحافظ، و (أَبُو بِشْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّةَ إياسٍ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.
قوله: (أَهْدَتْ خَالَتِي): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ حُفَيد بنت الحارث بن حَزَن، ووقع في هذا «الصَّحيح» قريبًا أنَّها حُفَيدة، وليس بمعروف، وقَدَّمْتُ أنَّ اسمها هُزَيلة.
قوله: (فَوُضِعَ الضَّبُّ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الضَّبُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعلِ.
==========
[ج 2 ص 475]

(1/9817)


[باب السلق والشعير]

(1/9818)


[حديث: إن كنا لنفرح بيوم الجمعة كانت لنا عجوز تأخذ]
5403# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلة،
[ج 2 ص 475]
وأنَّه سلمة بن دينار.
قوله: (كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ): تَقَدَّمَ أنَّي لا أعرف اسم هذه العجوز.

(1/9819)


[باب النهس وانتشال اللحم]
قوله: (بَابُ النَّهْشِ): هو بالإعجام في أصلنا، قال الدِّمْيَاطيُّ: («النَّهس»؛ _يعني: بالإهمال_: الأخذ بأطراف الأسنان، و «النَّهش» _يعني: بالإعجام_: الأخذ بجميعها) انتهى، وهذا قول في ذلك، وقال ابن قُرقُول في (نهس منها نَهْسَةً): (بالسِّين والشِّين ... ) إلى أن قال: (ومعناهما واحدٌ، وقيل: بالمُهْمَلة: الأخذ بأطراف الأسنان، وبالمُعْجَمة: بالأضراس، وقال الخَطَّابيُّ: بالعكس، وقال ثعلب: «النَّهس: سرعة الأكل»)، وقد تَقَدَّمَ ذلك، والله أعلم.
قوله: (وَانْتِشَالِ اللَّحْمِ): قال ابن قُرقُول: (وانتشل عرقًا؛ أي: رفعه، وأخرجه، وقيل: نهشه بفمه وبعرقه) انتهى، ومعنى (انتشال اللَّحم): أخذه مِن القِدر قبل النُّضج؛ قاله ابن الأثير بمعناه.
==========
[ج 2 ص 476]

(1/9820)


[حديث: تعرق رسول الله كتفًا ثم قام فصلى ولم يتوضأ]
5404# 5405# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو ابن زيد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): بعده هو ابن سيرين، وليس لابن سيرين مُحَمَّدٍ عن ابن عَبَّاس في «البُخاريِّ» غيرُ هذا الواحد، وليس هو في «مسلم»، إذا علمتَ ذلك؛ فاعلم [أنَّ] أحمد ابن حنبل وعليَّ ابن المَدينيِّ قالا: لم يسمع مُحَمَّد بن سيرين من ابن عَبَّاس شيئًا، قال أحمد: (إنَّما يقول: نُبِّئتُ عن ابن عَبَّاس)، وقد سمع مَن سمع عن ابن عَبَّاس؛ إنَّما سمعه مِن عكرمة، لقيه أيَّام المختار بالكوفة، نقل ذلك شيخ شيوخي الحافظُ صلاح الدين العلائيُّ في كتابه «المراسيل»، ونقل شيخنا الشارح عن ابن بَطَّال الجزمَ بأنَّه لا يصحُّ له سماع منه، والله أعلم، وهذا مكان حسن، وقد ذكره المِزِّيُّ والذَّهَبيُّ في ترجمة مُحَمَّد بن سيرين أنَّه روى عن ابن عَبَّاس، ونقلا بعد ذلك كلامَ أحمد، ثُمَّ قالا: وقال خالد الحَذَّاء: (كلُّ شيء يقول: نُبِّئت عن ابن عَبَّاس؛ إنَّما سمعه من عكرمة أيَّام المختار)، وقال الذَّهَبيُّ: (قلت: وذلك في حياة ابن عَبَّاس) انتهى، وأنا أستبعد دخول مثل ذلك على البُخاريِّ مع اشتراطه اللُّقيَّ، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين ما لفظه: (لم يعتمدِ البُخاريُّ على طريق ابن سيرين عن ابن عَبَّاس، ولم يخفَ ذلك عليه، وهو مِن تنبيهات شيخه عليِّ ابن المدينيِّ، بل اعتمد على إسناد أيُّوب وعاصم عن عكرمة، ورمز إلى صحَّة ما قال خالد الحَذَّاء: إنَّ راوية ابن سيرين، عن ابن عَبَّاس هي من حديث عكرمة)، انتهى.
تنبيهٌ: ولأجلِ ما قِيل في ذلك عقَّبه البُخاريُّ بقوله: (وعن أيُّوب)؛ يعني: بالسَّند المُتقدِّم، وهو عبد الله بن عبد الوهَّاب، عن حمَّاد، عن أيُّوبَ وعاصم _يعني: ابن سُليمان الأحول_ عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس، قال: (انتشل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عَرْقًا)، والله أعلم.
قوله: (تَعَرَّقَ النَّبيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يأتي الكلام عليه قريبًا.
قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يجوز فيه: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا)؛ ثلاثة ضبوط، مُطَوَّلًا.
قوله: (انْتَشَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْقًا): تَقَدَّمَ معنى (انتشل) أعلاه.

(1/9821)


قوله: (عَرْقًا): هو بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الرَّاء [2]، وبالقاف: هو العظم بما عليه مِن بقيَّة اللَّحم يقال: عرَّقتُه، وتعرَّقتُه، واعترقتُه؛ إذا أكلتَ ما عليه بأسنانك، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (العَرْق).
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).
[2] في (أ): (العين)، وهو سبق قلم.
[ج 2 ص 476]

(1/9822)


[باب تعرق العضد]
قوله: (بَابُ تَعَرُّقِ الْعَضُدِ): تَقَدَّمَ ما (التعرُّق) أعلاه.
==========
[ج 2 ص 476]

(1/9823)


[حديث: خرجنا مع النبي نحو مكة]
5406# 5407# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّه] بِضَمِّ الفاء وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سُليمان، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَبُو حَازِمٍ) بعده: بالحاء المُهْمَلة سلمة بن دينار، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ أبا قتادة الحارث بن ربعيٍّ، وقيل فيه غير ذلك، فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قوله: (نَحْوَ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان في عمرة الحديبية، وأنَّها كانت في ذي القعدة سنة ستٍّ.
قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسيأتي في الكلام عليها أيضًا في أواخره إن شاء الله تعالى.
قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلَمةُ بن دينار، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن ربعيٍّ، وقيل غير ذلك.
قوله: (السَّلَمِيِّ): هو بفتح السِّين واللَّام؛ نسبةً إلى بني سلِمة؛ بكسر اللَّام، ويجوز كسر اللَّام أيضًا في النَّسب، على لغة، وأهل العربيَّة يفتحون؛ لكراهة توالي الكسرات؛ كنمَرِيٍّ، وشَقَرِيٍّ، وصَدَفِيٍّ، وأهل الحديث يكسرونها؛ قاله ابن السَّمعانيِّ، قال ابن الصَّلاح في «علومه»: (وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللَّام على الأصل، وهو لحنٌ)، واقتصر ابن باطيش في «مشتبه النِّسبة» على كسر اللَّام، وجعل المفتوح نسبة إلى سَلَمِيَّة مِن عَمل حماةَ.
قوله: (وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على عدم إحرام أبي قتادة في (الحجِّ) مُطَوَّلًا؛ فانظره.
قوله: (فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم فرسه الجرادةُ.
قوله: (فَعَقَرْتُهُ): تَقَدَّمَ معناه.
قوله: (شَكُّوا): هو بتشديد الكاف، من الشكِّ المعروف، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بإسكان الكاف، والضمير مَرْفوعٌ فاعل، و (رسولَ): مَنْصوبٌ مفعول.
قوله: (حَتَّى تَعَرَّقَهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

(1/9824)


قوله: (قَالَ مُحَمَّدُ [2] بْنُ جَعْفَرٍ): كذا في الأصل، وعلى (مُحَمَّد) علامة نسخة، بقي: (قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: مِثْلَهُ)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ مثل ما في أصلنا القاهريِّ: (وقال مُحَمَّد بن جعفر)، من غير تردُّد، (ابن جعفر) وقع في الأصيليِّ والقابسيِّ عن المروزيِّ: (قال أبو جعفر) مُكَنًّى، وهو وَهَمٌ، وإنَّما هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير الذي تَقَدَّمَ في السَّند، وكذا قال ابن السَّكن في روايته: هو أخو إسماعيل بن جعفر المدنيُّ؛ قاله الغسَّانيُّ في «تقييده»، والله أعلم، وهذا ليس تعليقًا، وإنَّما رواه البُخاريُّ بالسَّند المُتقدِّم: (عن عبد العزيز بن عبد الله، عن مُحَمَّد بن جعفر)، ورواه مُحَمَّد بن جعفر بسندَين؛ الأوَّل: عن أبي حازم، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، والثاني: عن مُحَمَّد بن جعفر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة، وقوله: (مثلَهُ): مَنْصوبٌ؛ أي: مثل الحديث الذي قبله، والله أعلم.
==========
[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.
[2] (محمَّد): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.
[ج 2 ص 476]

(1/9825)


[باب قطع اللحم بالسكين]
قوله: (بَابُ قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ): إنَّما بوَّب بهذا؛ ردًّا على الحديث الذي جاء فيه النَّهْي عن قطع اللَّحم بالسِّكِّين، فإنَّه مِن صنيع الأعاجم، والمراد: المطبوخ، وهو في «أبي داود» من حديث عائشة رضي الله عنها، تعقَّبه المِزِّيُّ في «أطرافه» بقوله: قال النَّسَائيُّ: (أبو معشر له أحاديثُ مناكيرُ؛ منها: هذا، ومنها: حديث أبي هريرة: ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ) انتهى، قال النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (الوضوء ممَّا مسَّت النَّار): (قالوا: ويُكرَه قطع اللَّحم بالسِّكِّين من غير حاجة) انتهى،
[ج 2 ص 476]
وقال شيخنا في «شرح هذا الكتاب» في (الجهاد): (إنَّما يُكرَه قطعُ الخبز بالسِّكِّين، ففي «شُعَب الإيمان» للبيهقيِّ مِن حديث أمِّ سلمة: (لا تقطعوا الخبز بالسِّكِّين، كما تفعله الأعاجم) انتهى، وما في «الصَّحيح» هو الصَّحيح، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (حديث النَّهْي عن قطع اللَّحم بالسِّكِّين أقوى من حديث النَّهْي عن قطع الخبز فقوله: «إنَّما» حصرٌ مُعترَضٌ)، انتهى.

(1/9826)


[حديث عمرو بن أمية: رأى النبي يحتز من كتف شاة]
5408# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.
قوله: (فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ): (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ فيه ثلاثةَ ضبوطٍ: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا) مُطَوَّلًا.
==========
[ج 2 ص 477]

(1/9827)


[باب: ما عاب النبي طعامًا]

(1/9828)


[حديث: ما عاب النبي طعامًا قط إن اشتهاه أكله.]
5409# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وقد قَدَّمْتُ مدركي في ذلك، وهو أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ في مشايخ مُحَمَّد بن كثير، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، والذَّهَبيُّ في «تذهيبه» ذكر في مشايخ مُحَمَّد بن كثير سفيانَ، وأَطلَق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو حَازِمٍ): سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة، تقدَّموا.
==========
[ج 2 ص 477]

(1/9829)


[باب النفخ في الشعير]

(1/9830)


[حديث: هل رأيتم في زمان النبي النقي؟]
5410# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [1] سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء: سلمة بن دينار.
قوله: (النَّقِيَّ): هو بفتح النُّون، وكسر القاف، وتشديد الياء، وهو الحُوَّارَيُّ، و (الحُوَّارَيُّ)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وتشديد الواو، وفتح الرَّاء، وهو الدَّرْمَك.
==========
[1] زيد في (أ): (أنَّه)، وهو تكرار.
[ج 2 ص 477]

(1/9831)


[باب ما كان النبي وأصحابه يأكلون]

(1/9832)


[حديث: قسم النبي يومًا بين أصحابه تمرًا فأعطى]
5411# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، ولقبُ مُحَمَّدٍ عارمٌ، و (عَبَّاس الْجُرَيْرِي [1]): بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، وهو العَبَّاس بن فرُّوخ الجُريريُّ؛ بِضَمِّ الجيم، بصريٌّ، عن أبي عثمان النَّهديِّ وعمرو بن شعيب، وعنه: شعبة والحمَّادان، ثقةٌ، مات كهلًا بعدَ العشرين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ).
قوله: (فَأَعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ): كذا هنا، وذكر بعد ذلك أنَّه أعطاه خمسًا، قال شيخنا: (قال ابن التِّين: فإمَّا أن تكون إحداهما فيها وَهَم، أو كان مرَّتين)، انتهى، ويحتمل أن السَّبع مِن نوعين، والخمس مِن نوعٍ واحدٍ، والله أعلم.
قوله: (إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الشين، واحدة «الحشف»، وقيل: معناه: صُلبةٌ، وهذا إنَّما يصحُّ على تسكين الشِّين، والمُتحشِّف: المتقبِّض) انتهى، وفي «النهاية»: (الحشف: اليابس الفاسد مِن التمر، وقيل: الضَّعيف الذي لا نوى له؛ كالشِّيص).
قوله: (أَعْجَبَ): مَنْصوبٌ خبر (كان)، و (تَمْرَةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ، الاسمُ.
قوله: (فِي مَضَاغِي): قال ابن قُرقُول: («في مِضاغي»، وعند الأصيليِّ: بفتح الميم)، انتهى، وهو في أصلنا: بفتح الميم وكسرها بالقلم، وعلى كلٍّ واحدٍ منهما: (صح)، وفي «النِّهاية»: («المَضاغ»؛ بالفتح: الطَّعام يُمضَغ، وقيل: هو المَضغُ نفسُه، يقال: لقمة ليِّنة المضاغ، وشديدة المضاغ؛ أراد أنَّها كان فيها قوَّةٌ عند مضغها)، انتهى.

(1/9833)


[حديث: رأيتني سابع سبعة مع النبي ما لنا طعام إلا ورق الحبلة]
5412# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ، وقد تَقَدَّمَ، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، و (إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (سَعْد): هو ابن أبي وقَّاصٍ مالكِ بن أُهَيب، ويقال: وُهَيب، أحد العشرة.
تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّ (قيسًا) هذا: هو ابن أبي حازم، وأنَّ (سعدًا): هو أحد العشرة، ابنُ أبي وقَّاص، ووقع في «شرح شيخنا»: (قيس بن سعد عن أبيه)؛ فذكره، فاجتنبه، وأنَّه ظنَّه قيس بن سعد بن عبادة بن دُلَيم، ثُمَّ تنبَّه شيخنا في الكلام عليه، ولم يغيِّره، وهذا الحديث ذكره أصحاب الأطراف في ترجمة قيس بن أبي حَازم عن سعد بن أبي وقَّاص، وليس بسعد بن أبي وقَّاص ابنٌ يُقال [له]: قيسٌ، وله عدَّة أولاد ذكرهم ابن الجوزيِّ وغيرُه؛ فاعلمْه واجتنبْه، والله أعلم.
قوله: (رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ): هو بِضَمِّ التَّاء من (رأيتُني)، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ): قال ابن قُرقُول: («الحُبْلة»؛ بِضَمِّ الحاء، وسكون الموحَّدة: كذا هو في «مسلم»؛ وهو السَّمُر، كذا هو عند عامَّة الرواة، وعند التَّميميِّ والطَّبريِّ وقال: السَّمُر، وعند البُخاريِّ: ورق السَّمُر، قال ابن الأعرابيِّ: «الحبلة»: ثمر السَّمُر، تشبه اللُّوبياء، وقيل: ثمر العِضاه، والأوَّل هو المعروفُ، وضبطه الإمام الأصيليُّ في «كتاب الرَّقائق»: «الحَبُلة»، ورأيتُ بعضَهم صوَّبه)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (بِضَمِّ الحاء، وسكون الباء، وفسَّره: ثمر السَّمُر، وقيل: ثمر العِضاه)، ثُمَّ قال ابن قُرقُول: (وفي «كتاب الأطعمة»: «الحُبلة أو الحَبَلة»، ولم يكن عند الأصيليِّ في الأولى إلَّا ضمَّةٌ واحدةٌ، والذي ذكرناه أوَّلًا ذكره أبو عُبَيد، وكذلك قيَّدناه)، انتهى.
قوله: (أَوِ الْحَبَلَةِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وفي الموحَّدة الفتحُ، وربَّما سُكِّنت: الأصل أو القضيب من شجر الأعناب، وفي أصلنا تجاه (أو الحبلة) ما لفظه: (ورق الكرم) انتهى.
قوله: (بَنُو أَسَدٍ): هو بفتح السين، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن أبي وقَّاص).
قوله: (تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ): تَقَدَّمَ معناه في (مناقب سعد بن أبي وقَّاص).

(1/9834)


[حديث: ما رأى رسول الله النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله]
5413# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرَّحمن القاريُّ، و (أبو حَازم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.
قوله: (النَّقِيَّ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه وما هو.
قوله: (مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ): يجوز في (حينَ) الفتح، وهو أفصح، ويجوز الكسر، والله أعلم.
[ج 2 ص 477]
قوله: (مُنْخُلًا): هو بِضَمِّ الميم والخاء، ويجوز فتحها: ما يُنخَل به، وهو أحد ما جاء في الأدوات، على (مُفْعُلٍ)، و (المُنخَلُ) لغةٌ فيه، قاله الجوهريُّ.
قوله: (مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ): يجوز في (حين) الفتح، وهو أفصح، ويجوز الكسرُ، كما تَقَدَّمَ في التي قبلها.
قوله: (ثَرَّيْنَاهُ): هو بتشديد الرَّاء؛ أي: ندَّيناه بالماء، فصيَّرناه كالثَّرى، وهو التُّراب النَّدِيُّ.

(1/9835)


[حديث: خرج رسول الله من الدنيا ولم يشبع من الخبز الشعير]
5414# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وحكى بعضهم ضمَّها؛ و (عُبَادة) بِضَمِّ العين وتخفيف الموحَّدة، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام.
قوله: (مَرَّ بِقَوْمٍ): هؤلاء (القوم) لا أعرفهم.
قوله: (مَصْلِيَّةٌ): هي بفتح الميم، وإسكان الصَّاد، وبعد اللَّام المكسورة مثنَّاةٌ تحت مُشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: مشويَّة، صَليْتُها: شَويْتُها.
==========
[ج 2 ص 478]

(1/9836)


[حديث: ما أكل النبي على خوان ولا في سكرجة]
5415# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (يُونُس): هو ابن أبي الفرات، الإسكاف البصريُّ، تقدَّموا.
قوله: (عَلَى خِوَانٍ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الخِوان) بلغتيه، وكذا (السُّكْرُجَة) بلغاتها، وما هي، وكذا (السُّفَر): واحدها (سُفرة)، تَقَدَّمَتْ.
==========
[ج 2 ص 478]

(1/9837)


[حديث: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال]
5416# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.
قوله: (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّ المراد بـ (آله): أهل بيته؛ أزواجُه وأتباعُهنَّ، والله أعلم.
قوله: (حَتَّى قُبِضَ): هو بِضَمِّ القاف، وكسر الموحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9838)


[باب التلبينة]
قوله: (بَابُ التَّلْبِينَةِ): هي بفتح المُثَنَّاة فوقُ، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ في (باب الخزيرة) كلامُ الدِّمْيَاطيِّ على (التَّلبينة) ما هي، وذكر فيها قولين، وقال ابن قُرقُول: (حساء مِن دقيق أو نخالة، سُمِّيت من اللَّبن؛ لبياضها، وقد يُجعَل فيها اللَّبنُ والعَسل)، انتهى، وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهَدْي» لمَّا ذكر الأحاديث التي فيها ذكر التَّلبينة: («التَّلبين»: هو الحساء الرَّقيق الذي هو في قوام اللَّبن، ومنه اشتُقَّ اسمُه، قال الهرويُّ: سُمِّيت تلبينةً؛ لشبهها باللَّبن؛ لبياضها ورقَّتها، وهذا الغذاء النَّافع للعليل، وهو الرَّقيق النَّضيج، لا الغليظ النَّيْء، وإذا شئتَ أنْ تعرف فضل التَّلبينة؛ فاعرف فضل ماء الشَّعير، بل هي ماء الشَّعير لهم، فإنَّها حساء مُتَّخذ مِن دقيق الشَّعير، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنَّه يُطبَخ صحاحًا، والتَّلبينة تُطبَخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه؛ لخروج خاصِّيَّة الشَّعير بالطَّحن، وقد تَقَدَّمَ أنَّ للعادات تأثيرًا في الانتفاع بالأدوية والأغذية، وكانت عادة القوم أنْ يتَّخذوا ماء الشعير منه مطحونًا، لا صِحاحًا، وهو أكثر تغذيةً وأقوى فعلًا، وأعظم جِلاءً، وإنَّما اتَّخذه أطبَّاء المدن منه صحاحًا؛ ليكون أرقَّ وألطفَ؛ فلا يثقل على طبيعة المريض، وهذا بحسب طبائع أهل المدن ورَخاوتها، وثقل ماء الشعير المطبوخ عليها ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم.

(1/9839)


[حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن]
5417# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل): بِضَمِّ العين وفتح القاف، ابنُ خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.
قوله: (إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا): هو بالنَّصب، و (خاصَّتها): معطوف عليه، ويجوز (أهلُها) بالرَّفع [1]، و (خاصَّتُها): معطوف عليه، والله أعلم.
قوله: (بِبُرْمَةٍ): تَقَدَّمَ [ما] (البُرْمةُ)، وتَقَدَّمَ ما (التَّلْبِينَة).
قوله: (فَطُبِخَتْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (صُنِعَ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (ثَرِيدٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن، نائب مناب الفاعل، وكذا (فَصُبَّتِ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (التَّلْبِينَةُ): مَرْفوعٌ، نائب مناب الفاعل.
قوله: (مَجمَّةٌ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الجيم وكسرها مع فتح الميم، فإن ضممْتَ الميم؛ كسرتَ الجيم لا غيرُ، وفي حديثٍ آخرَ: «تَجمُّ فؤادَ الحَزِين»؛ أي: تُريحه، وقيل: تفتَحه، وقيل: تجمَعه)، انتهى، وقال ابن القَيِّم في (مَجمَّة): (تُروَى بوجهين؛ بفتح الميم والجيم، وبضمِّ الميم وكسر الجيم، والأوَّل أشهر، ومعناه: أنَّها مُريحة له؛ أي: تريحه وتُسكنه، مِن الإجمام؛ وهو الراحة)، وذكر شيخنا عن ابن بَطَّال أنَّه قال: (ويُروى: «تخمُّ»؛ يعني بالخاء المُعْجَمة، قال: ومعنى «تخمُّ»: تنقِّي، والمِخمَّة: المِكنسة، ثُمَّ ذكر مِن هذه المادة حديث: «صادق اللِّسان المخموم القلب») انتهى.

(1/9840)


قوله: (تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ): قال ابن القَيِّم في «الهدْي»: (هذا _والله أعلم_ لأنَّ الغمَّ والحزن يُبرِّدان المزاج، ويُضعِفان الحرارة الغريزيَّة؛ لميل الرُّوح الخامل لها إلى جهة القلب الذي هو منشؤها، وهذا الحساء يقوِّي الحرارة الغريزيَّة، بزيادة في مادتها، فتزيل أكثر ما عرض له مِن الغمِّ والحزن، وقد يقال _وهو أقرب_: إنَّها تُذهِب ببعض الحزن بخاصِّيَّةٍ فيها من جنس خواصِّ الأغذية المُفرِحة، فإنَّ مِن الأغذية ما يُفرِح بالخاصِّيَّة، والله أعلم، وقد يقال: قِوى الحزين تضعف باستيلاء اليُبس على أعضائه وعلى معدته خاصَّة لتقليل الغذاء، وهذا الحساء يرطِّبها ويقوِّيها ويغذِّيها، وتفعل مثل ذلك في فؤاد المريض، لكنَّ المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خلطٌ مراريٌّ أوبلغميٌّ وصديديٌّ، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة، ويسروه، ويحدره، ويمنعه، ويعدل كيفيَّته، ويكسر سَورته؛ فيُريحها ولا سيَّما لمن عادته الاغتذاء بخبز الشَّعير، وهي عادة أهل المدينة إذ ذاك، وكان هو غالبَ قُوْتِهم، وكانت الحنطةُ عزيزةً عندهم، والله أعلم)، انتهى.

(1/9841)


[باب الثريد]
[ج 2 ص 478]
قوله: (بَابُ الثَّرِيدِ): ذكر حديث: «كفضل الثَّريد على سائر الطَّعام»، قال ابن الأثير لمَّا ذكر هذا الحديث: (لم يُرِدْ عينَ الثَّريد، وإنما أراد الطَّعام المُتَّخذ من اللَّحم والثَّريد معًا؛ لأنَّ الثَّريد غالبًا لا يكون إلَّا مِن لحم، والعرب قَلَّمَا تتَّخذ طبيخًا ولا سيَّما بلحم، ويقال: الثَّريد: أحد اللَّحمين، بل اللَّذَّة والقوَّة؛ إذا كان اللَّحم نضيجًا في المرق أكثر ممَّا في نفس اللَّحم)، انتهى، وهذا تَقَدَّمَ، وكذا قال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهدْي»، ولفظه: (الثَّريد: الخبز واللَّحم، وأنشد قولَ الشاعر: [من الوافر]
~…إِذَا مَا الخُبْزُ تَأْدَمُه بِلَحْمٍ…فَذَاكَ أَمَانَةُ اللهِ الثَّرِيدُ
انتهى، وقال الجوهريُّ: (ثردت الخبزَ ثَرْدًا؛ كسرتُه؛ فهو ثريدٌ ومثرودٌ، والاسم: الثُّردة؛ بالضَّمِّ، وكذلك أثردتُ الخبزَ)، وفي «القاموس»: (ثرد الخبز: فتَّه، كـ «اتَّرده» و «اثَّرَدَه»؛ على «افتَعَله»؛ بالتَّاء والثَّاء)، انتهى، ورأيتُ في بعض التَّفاسير أنَّ (الثَّريد): الخبزُ والتَّمر.

(1/9842)


[حديث: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم]
5418# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بُنْدَار، وهو لقبٌ له، وتَقَدَّمَ ما معنى (بُنْدَار)، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطُه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (عَمْرو بْن مُرَّةَ الْجَمَلِي): بفتح الجيم والميم، منسوب إلى جملٍ؛ فخذٌ مِن مراد، وقيل فيه: الجهنيُّ، وهو خطأ، و (مُرَّة الْهَمْدَانِي): تَقَدَّمَ أنَّه مُرَّة بن شَراحيل الهمْدانيُّ الطَّيِّب، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (الهمْدانيُّ): بإسكان الميم وبالدال المُهْمَلة، إلى القبيلة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار، الأمير، تقدَّم مُتَرجَمًا.
قوله: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ): تَقَدَّمَ أنَّه مُثلَّث الميم، والكسر أردؤها، وتَقَدَّمَ ما معناه.
قوله: (وَلَمْ يَكْمُلْ): تَقَدَّمَ أيضًا.
==========
[ج 2 ص 479]

(1/9843)


[حديث أنس: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد]
5419# قوله: (عَنْ أَبِي طُوَالَةَ): هو بِضَمِّ الطاء، وتخفيف الواو، قال الدِّمْيَاطيُّ: (اسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حزم، قاضي المدينة، مات في خلافة السَّفَّاح، مُتَّفق عليه)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (في «بَابِ الثَّريد»: «خالد بن عبد الله عن ابن أبي طوالة»، كذا للأصيليِّ والقابسيِّ، ولغيرهما: «عن أبي طوالة»، قال أبو ذرٍّ والأصيليُّ والقابسيُّ: الصَّواب: عن أبي طوالة)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 479]

(1/9844)


[حديث: دخلت مع النبي على غلام له خياط]
5420# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بِضَمِّ الميم وكسر النُّون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون ابن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، و (ثُمَامَة بْن أَنَسٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك روى له الجماعة)، انتهى، وهذا واضح، ولكن شرطي أنْ أذكر حواشي الدِّمْيَاطيِّ التي وقفتُ عليها في هوامش أصلنا، والله أعلم.
قوله: (عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.
قوله: (قَصْعَةً): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بفتح القاف، وكذا تَقَدَّمَ (الدُّبَّاء) ضبطًا.
==========
[ج 2 ص 479]

(1/9845)


[باب شاة مسموطة والكتف والجنب]
قوله: (بَابُ شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ وَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ظنَّ الشَّارح أنَّ مقصود التَّرجمة: تحقيقُ أنَّه أكل السَّميط، فأورد عليه حديث أنس: «أنَّه ما رأى سميطًا قطُّ»، واعتقد أنَّ البُخاريَّ أراد ذلك وتلقَّاه مِن حزِّها بالسِّكِّين إذا شُوِيَتْ بجلدها، وجمع بينهما أنَّ المنفيَّ سمطُ جميع الشَّاة، والمُثبَتَ سمطُ بعضها، وذلك كلُّه وَهَمٌ، ليس في حزِّ الكتف ما يدلُّ على أنَّها كانت مسموطة، إنَّما حزَّها؛ لأنَّ عادة العرب في الغالب ألَّا تُنضِجَ اللَّحم، والشِّواء الهِضَبُّ يتمادحون [1] بأكله، وهو الذي لم ينضج؛ فلعدم نضجها احتِيج إلى حزَّها، والحديثان مُتَّفِقان)، انتهى.
==========
[1] في مصدره: (المهضب يتمادحون).
[ج 2 ص 479]

(1/9846)


[حديث أنس: كلوا فما أعلم النبي رأى رغيفًا مرققًا حتى لحق بالله]
5421# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا واضح، ويقال له: هَدَّاب، و (هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى): هو العوذيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (خبَّاز أنس) لا أعرف اسمه.
قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَتْ بلغاتها في أوائل هذا التعليق.
==========
[ج 2 ص 479]

(1/9847)


[حديث: رأيت رسول الله يحتز من كتف شاة فأكل منها]
5422# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ فيه ثلاثةَ ضبوطٍ: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأ)، (ولم يتوضَّا)، والله أعلم.

(1/9848)


[باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام ... ]
قوله: (بَابُ مَا كَانَ السَّلَفُ): (السَّلَف): هم المُتقدِّمون، والجمع أسلاف، وسلف الرجل: أباؤه المتقدِّمون، و (السَّلف): العمل الصالح يقدِّمه الإنسان، والله أعلم.
قوله: (صَنَعْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ سُفْرَةً): تَقَدَّمَ أنَّ (السُّفرة): طعام المسافر، وبه سُمِّيت الآلة التي يُعمَل فيها سفرةً؛ إذا كانت مِن جلد.
==========
[ج 2 ص 479]

(1/9849)


[حديث: أنهى النبي أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟]
5423# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ خلَّاد بن يحيى الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، وذكر في عبد الرَّحمن بن عابس أنَّه روى عنه الثَّوريُّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، والذَّهَبيُّ ذكر في ترجمة عبد الرَّحمن بن عابس أنَّه روى عنه سفيان وأَطلق، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَابِسٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه بالموحَّدة والسِّين المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ ما يشتبه به، وهو عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمُثَنَّاة والشين المُعْجَمة، شاميٌّ، مُختلَف في صحبته، له في «التِّرْمِذيِّ» حديث الرؤية، وصحَّحه التِّرْمِذيُّ، وأبوه عابس بن ربيعة النَّخعيُّ، يروي عن عمر وعليٍّ، وعنه: ابنه عبد الرحمن، وإبراهيم، وأبو إسحاق، قال النَّسَائيُّ: (ثقةٌ).
قوله: (لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الكاف، وتخفيف الراء، وتَقَدَّمَ ما هو.
[ج 2 ص 479]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، وهو مُحَمَّد بن كثير العبديُّ، البصريُّ، أبو عبد الله، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخٌه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّه الغالب أخذُه عنه في حال المذاكرة، والحكمة في المجيء بهذا؛ لأنَّ سفيان _هو الثَّوريُّ_ مُدَلِّسٌ، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريحَ سفيانَ بالتَّحديث من عبد الرحمن بن عابس، وفي الأوَّل عنعن، والله أعلم.
==========
[1] في هامش (ق): (اتفقا عليه وعلى أبيه).

(1/9850)


[حديث: كنا نتزود لحوم الهدي على عهد النبي]
5424# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، صرَّح به المِزِّيُّ في «أطرافه»، وسيجيء التَّصريح به في المتابعة مِن عند البُخاريِّ، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.
قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ عن ابن عُيَيْنَةَ): قال شيخنا هو ابن سلَام، قاله أبو نعيم.
قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاء): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح، وتعليق ابن جُرَيج أخرجه البُخاريُّ في (الحجِّ) عن مُسدَّد عن يحيى، ومسلم في (الأضاحي) عن أبي بكر عن عليِّ بن مسهر، وعن يحيى بن أيُّوب عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وعن مُحَمَّد بن حاتم عن يحيى، والنَّسَائيُّ في (الحجِّ) عن عمرو بن عليٍّ عن يحيى، وعن عمران بن يزيد عن شُعَيب؛ أربعتهم عن ابن جُرَيج به.
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9851)


[باب الحيس]
قوله: (بَابُ الْحَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحيس) ضبطًا، وما هو غيرَ مَرَّةٍ.
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9852)


[حديث: التمس غلامًا من غلمانكم يخدمني]
5425# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ): (حَنْطَب)؛ بفتح الحاء، وإسكان النُّون، ثُمَّ طاء مفتوحة مهملتين، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وقد تَقَدَّمَ أنِّي كذلك أحفظه، ولم أره في كتب اللُّغة، وليس له معنًى، وأنِّي رأيتُه في نسخة بـ «البُخاريِّ» قُرِئت على شيخنا الإمام غياث الدين ابن العامريِّ أنَّه حُنْظب؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ نونٍ ساكنة، ثُمَّ ظاءٍ معجمة مُشَالة، ويجوز فتحُها، وقد ذكرتُ ما معناه في هذا التَّعليق، والله أعلم، والظاهر أنَّ هذا الضَّبطَ هو الصَّواب.
قوله: (لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهل، وتَقَدَّمَ نسبُه وبعضُ ترجمته رضي الله عنه.
قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): يأتي الكلام عليه في (الدَّعوات): هل هما غيِّران أو واحد؟ وتَقَدَّمَ أيضًا الكلام عليهما، والله أعلم.
قوله: (وَالْبُخْلِ): يقال: (بُخْل وبَخَل)؛ لغتان معروفتان.
قوله: (وَالْجُبْنِ): هو ضدَّ الشَّجاعة.
قوله: (وَضَلَعِ الدَّيْنِ): هو بفتح الضَّاد المُعْجَمة واللَّام، وبالعين المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: (شدَّتُه وثقل حمله، ورُوِي عن الأصيليِّ في موضع بالظَّاء، ووهَّمه بعضُهم، والذي حكى ابن العربيِّ بالضَّاد)، انتهى، وقوله: (بالظَّاء): يعني المُعْجَمة المشالة.
قوله: (يُحَوِّي): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه في (الجهاد).
قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطُها، وأين هي، وأنَّها على روحة مِن خيبر، وكذا تَقَدَّمَ (الحَيْس): ما هو وضبطه، وكذا (النِّطَع): بلغاته، وأنَّ أفصحها كسرُ النُّون وفتح الطَّاء.
قوله: (بَدَا لَهُ أُحُدٌ): (بدا): غير مهموز؛ أي: ظهر.
قوله: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ): تَقَدَّمَ الكلام على محبَّة أُحُد في أواخر (غزوة أُحُد)، وأنَّ الصَّحيح أنَّه حقيقةٌ؛ إذ لا مانع منها، مُطَوَّلًا.

(1/9853)


[باب الأكل في إناء مفضض]
(بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ) ... إلى (كِتَاب الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ)
قوله: (بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ): والحديث في آنية الفضَّة، إلَّا أن يراد أنَّ الإناء كان مضبَّبًا وأنَّ الماء كان فيه، أو في موضع الشِّفة، على أنَّ الأصحَّ عند الشَّافِعيَّة أنَّه لا فرق بين أنْ يكون في موضع الاستعمال أو غيره، والله أعلم، ولعلَّ البُخاريَّ يميل إلى أنَّه لا يحرُم الأكلُ في إناء مُضبَّب، إنَّما يحرُم ذلك في الإناء الخالص مِن الذَّهب أو الفضَّة، ويكون التبويب تقديره: باب جواز الأكل في إناء مُفضَّض، واستدلَّ بالحديث على أنَّه لا يحرُم إلَّا الخالص، لا في المُضبَّب، والله أعلم، وهذا نظير ما قيل في ثوب الحرير؛ فلا يحرُم المُركَّب مِن إبريسيم وغيره إلَّا إذا زاد وزن الإبريسم، أمَّا إذا كان الغالب المباح أو استويا؛ فإنَّه يحلُّ، هذا من حيثُ مذهبُ الشَّافِعيِّ، ويكون نظيرَ حديث ابن عَبَّاس: (إنَّما نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الثوب المُصمَّت مِن الحرير، أمَّا العَلَم وسداء الثَّوب؛ فلا بأسَ به)؛ رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، ورواه الحاكم بلفظ: (إنَّما نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن المُصمَّت إذا كان حريرًا)، ثُمَّ قال: (صحيحٌ على شرط الشَّيخين، ولم يخرِّجاه)، انتهى.
تنبيهٌ: جاء في حديث: «مَن شرب في أنية الذَّهب والفضَّة، أو إناء فيه شيء مِن ذلك؛ فإنَّما يجرجر في جوفه نار جهنَّم» رواه الدَّارقطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والحاكم في «علومه» مِن رواية ابن عمر، وهو حديث ضعيف لا يصِحُّ، كما قاله ابن القَطَّان في «علله»، قال البَيْهَقيُّ: (المشهور عن ابن عمر في المُضبَّب موقوفًا عليه أنَّه كان لا يشرب في قدحٍ فيه حلقة فضَّة ولا ضبَّة فضَّة) انتهى، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في ترجمة يحيى بن مُحَمَّد: الجاري أنَّ هذا حديث مُنكَر، وعزا الحديث إلى الدَّارقطنيِّ فقط، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9854)


[حديث: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب ... ]
5426# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حِسْلٍ أو حُسيلٍ، تقدَّما.
قوله: (وَلَا الدِّيبَاجَ): تَقَدَّمَ الكلامُ عليه.
قوله: (فِي صِحَافِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (الصِّحاف) جمع (صحفة)، وتَقَدَّمَ ما (الصَّحفة).
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9855)


[باب ذكر الطعام]
قوله: (بَابُ ذِكْرِ الطَّعَامِ)، ثمَّ ذكر حديث: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ... ) إلى آخره: وجهُ تخريج هذا الحديث في هذا الباب: قولُه: (طَعْمُهَا طَيِّبٌ)؛ لأنَّ الطَّعم يُطلَق لغةً على الطَّعام، والثاني: على ما يُشتَهى من الطعام، قاله بمعناه الجوهريُّ في «صحاحه»، فلهذا بوَّب عليه بذلك.
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9856)


[حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ... ]
5427# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّمَ (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار مُترجَمًا.
قوله: (الأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّمَ ضبطها ولغاتها في (سورة يوسف) في (التفسير).
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9857)


[حديث: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.]
5428# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (خالد) هذا: هو ابن عبد الله الواسطيُّ، الطَّحَّان، الرَّجل الصالح، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن مَعمَر بن حزم، أبو طُوَالة الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (كَفَضْلِ الثَّرِيدِ): تَقَدَّمَ ما (الثَّريد) قريبًا وبعيدًا.
==========
[ج 2 ص 480]

(1/9858)


[حديث: السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه]
5429# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بالسِّين المُهْمَلة، وزان (عُلَيٍّ)؛ المُصغَّر، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.
قوله: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ): تَقَدَّمَ في (الحجِّ) وغيره لِمَ كان قطعة مِن العذاب، وجواب إمام الحرمين، وجواب المحبِّ الطَّبريِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ بعض أشياخنا الحلبيِّين المُحدِّثين أنَّه أخبرني: أنَّه مرَّ به في بعض الأجزاء: أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: (لولا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «السفر قطعةٌ مِن العذاب»؛ لقلت: العذابُ قطعةٌ من السفر).
قوله: (نَهْمَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّها شهوته ورغبته، وأنَّها بفتح النُّون، ونقل بعضهم عن ابن التِّين أنَّه قال: (وضبطناه أيضًا بكسرها) انتهى.

(1/9859)


[باب الأدم]
[ج 2 ص 480]
قوله: (بَابُ الأُدْمِ): هو بِضَمِّ الهمزة، وإسكان الدَّال المُهْمَلة: ما يُؤكَل مع الخبز، أيَّ شيء كان، وكذا (الإِدام)؛ بكسر الهمزة.

(1/9860)


[حديث: لو شئت شرطتيه لهم فإنما الولاء لمن أعتق]
5430# قوله: (عَنْ رَبِيعَةَ): هو ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن فرُّوخٍ، مَولى آل المُنكَدر، فقيه المدينة، أبو عثمان، صاحب الرَّأي، عن السائب ابن يزيد وأنس وابن المُسَيّب، وعنه: مالك واللَّيث وأبو ضمرة وغيرهم، تُوُفِّيَ بالأنبار سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، تَقَدَّمَ.
قوله: (سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ): هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، وهو هنا مِن كلام القاسم، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) و (الطَّلاق): (عن القاسم، عن عائشة: كان في بَريرة ... )؛ الحديث.
تنبيهٌ: قال شيخنا: (اعترض الدَاوديُّ، فقال: يشتمل على نحو ثلاثين، قلت: وُصِّلت إلى نحو أربع مئةٍ، وأُفرِدت بالتَّأليف، والجواب: أنَّ هذه الثَّلاث مهمَّاتٌ)، انتهى.
قوله: (فَقَالَ أَهْلُهَا): تَقَدَّمَ (أهلُها)، والاختلاف في مواليها.
قوله: (وَأُعْتِقَتْ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر التّضاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتي أعتقتْها عائشةُ رضي الله عنهما.
قوله: (فَخُيِّرَتْ): تَقَدَّمَ أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (أَنْ تَقِرَّ): هو بفتح التَّاء، وكسر القاف وفتحها أيضًا، وهو لازمٌ، ولا يُبْنَى منه.
قوله: (تَحْتَ زَوْجِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (زوجها) اسمُه مغيثٌ _وتَقَدَّمَ ضبطه_ أو برير، أو مِقْسم، والاختلاف في أنَّه عبدٌ _وهو الصَّحيح_ أو حُرٌّ.
قوله: (بُرْمَةٌ): تَقَدَّمَ ما (البرمة).
قوله: (فَأُتِيَ بِخُبْزٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
قوله: (وَأُدْمٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، وكذا (الإِدام).
قوله: (أَلَمْ أَرَ لَحْمًا): تَقَدَّمَ أيُّ لحمٍ كان، وأنَّه بقر.
قوله: (تُصُدِّقَ): هو بِضَمِّ أوَّله وثانيه، وكسر ثالثه مُشدَّدًا، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
==========
[ج 2 ص 481]

(1/9861)


[باب الحلواء والعسل]
قوله: (بَابُ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته ثُمَّ قال: (وجه مطابقة الترجمة لحديث أبي هريرة _يعني: الحديث الذي فيه: (كنت ألزم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... ) إلى أنْ قال: (ليخرج إلينا العكَّة ليس فيها شيءٌ، فنشقَّها ونلعقَ ما فيها) _ قال: إنَّه أراد التَّنبيهَ على أنَّ الحلواء المذكورة ليستِ المعهودةَ الآن على وجه الإسراف واجتماع المفردات الكثيرة، وإنَّما هي الحلو ولو نبيذ التَّمر، ونبَّه بحديث أبي هريرة على خشونة العيش التي لا تُناسب هذه الحلواءَ المعهودةَ، والله أعلم)، انتهى.
قوله: (بَابُ الْحَلْوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحلواء)؛ ممدودة ومقصورة، وأنَّها كلُّ شيء حلوٍ، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» في (ذكر حبِّه صلَّى الله عليه وسلَّم الحلواءَ والعسلَ) قال ما لفظه: (والظَّاهر أنَّ المراد بالحلواء في الحديث: التمر، يدلُّ عليه ما رُويِ مِن قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لعليٍّ رضي الله عنه: «أتأكل الحلواء وأنت أرمد؟!»، وكان يأكل تمرًا) انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9862)


[حديث: كان رسول الله يحب الحلواء والعسل]
5431# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير.
==========
[ج 2 ص 481]

(1/9863)


[حديث: كنت ألزم النبي لشبع بطني حين لا آكل الخمير]
5432# [قوله]: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، أبو بكر القرشيُّ مولاهم، روى عنه البُخاريُّ، وروى النَّسَائيُّ عن رجل عنه)، انتهى، قال أبو زرعة: لم يكن بين تحديثه وبين موته كثيرُ شيءٍ، اختلفتُ إلى بيته عشرين ليلة أنظر في كتبه، وقال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: ربَّما خالف، وقال أبو بكر بن أبي داود: ضعيف، تُوُفِّيَ في حدود العشرين ومئتين، له ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ والنَّسَائيُّ فقط، و (ابْنُ أَبِي فُدَيْكِ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك؛ بِضَمِّ الفاء، وفتح الدال المُهْمَلة، الدِّيليُّ مولاهم، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، و (ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ): مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الْمَقْبُرِي): سعيدٌ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر.
قوله: (لِشِبْعِ [2] بَطْنِي): هو بإسكان الموحَّدة، و (الشِّبْع): بكسر الشين، وإسكان الموحَّدة، اسم ما أشبعك مِن شيء، وأمَّا (الشِّبَع) بتحريكها؛ فهو نقيض الجوع، وقد تَقَدَّمَ، وفي أصلنا هنا بفتح الموحَّدة بالقلم، وفيه نظر.
قوله: (حِينَ لَا آكُلُ الْخَمِيرَ): هكذا هو في «الصَّحيح» بلا خلاف، وقال ابن الأثير في «نهايته» في (الخاء _يعني: المُعْجَمة_ والباء _يعني الموحَّدة_ والراء؛ يعني المُهْمَلة) ما لفظه: (وفي حديث أبي هريرة: «حين لا آكل الخبير»، هكذا جاء في رواية؛ أي: الخبز المأدوم، و «الخبير والخُبرة»: الإِدام، وقيل: هي الطَّعام مِن اللَّحم وغيره، ويقال: اخبِر طعامك؛ أي: دسِّمه، وأتانا بخُبْزة ولم يأتِنا بخُبْرة)، انتهى، وقد علَّم عليه: (س)؛ يعني: أنَّه في «غريب أبي موسى المدينيِّ»، والله أعلم.
قوله: (وَأُلْصِقُ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر الصَّاد، رُبَاعيٌّ.
قوله: (بِالْحَصْبَاءِ): هو بفتح الحاء، وإسكان الصَّاد المُهْمَلتين، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ممدودٌ، وهو الحَصَى الصِّغار.
قوله: (لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ): تَقَدَّمَ ما (العُكَّة).

(1/9864)


قوله: (فَنَشُقُّهَا [3]): كذا هو في أصلنا، وفي هامشه نسخةٌ وهي: «فَنَشْتَفُّهَا»، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: «فنشتقُّها»، وهذه وإنْ كانت في الهامش فعليها: (صح)، قال ابن قُرقُول: («فنستفُّها»، كذا لهم؛ أي: نتقصَّى ما فيها من بقيَّة؛ كما جاء: «فنلعق ما فيها»، ورواه المروزيُّ والبلخيُّ بالشِّين والقاف وهو أوجه مِن قوله: «فنلعق ما فيها») انتهى، قال شيخنا: (قال ابن التين: لأبي الحسن، بالمُعْجَمة والفاء، ورُوِي بالقاف، والثاني أظهر ... ) إلى آخر كلامه.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الفُدَيك).
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لِشِبَعِ)؛ بفتح الباء.
[3] كذا في (أ) و (ق)، وعليها في (ق) علامة نسخة، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (فَنَشْتَقُّهَا).
[ج 2 ص 481]

(1/9865)


[باب الدباء]
[ج 2 ص 481]
قوله: (بَابُ الدُّبَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه القرع.

(1/9866)


[حديث: أن رسول الله أتى مولى له خياطًا فأتي بدباء]
5433# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ): كذا في أصلنا، وهو خطأ، وصوابه: (عَمرو [2])؛ بفتح العين وزيادة واوٍ، وهو الفَلَّاس، وليس في مشايخ أصحاب الكُتُب السِّتَّة أحدٌ يقال له: عمر بن عليٍّ، وفي الكُتُب السِّتَّة عمر بن عليٍّ اثنان؛ أحدهما: عمر بن عليِّ بن أبي طالب، أخرج له الأربعة، تُوُفِّيَ سنة (67 هـ)، والثَّاني: عمر بن عليِّ بن عطاء بن مُقدَّم المُقدَّميُّ، أخرج له السِّتَّة، تُوُفِّيَ سنة (190 هـ)، والذي في أصلنا خطأ محضٌ، وقد ضببتُ عليه، وكتبت في الهامش: صوابه: عمرو بن عليٍّ، والله أعلم، و (ابن عون): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر؛ هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.
قوله: (أَتَى مَوْلًى لَهُ خَيَّاطًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا المولى الذي للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الخيَّاطَ لا أعرفه، وقد ذكرت مواليه عليه السَّلام في (المناقب) في (زيد بن حارثة).
قوله: (فَأُتِيَ بِدُبَّاءٍ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، كذا في أصلنا، ويجوز بناؤه للفاعل، وهو أحسن، ولكنَّ الروايةَ المُتَّبعةُ، و (الدُّبَّاء): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر في الجمع والمُفرَد، وأنَّه القرع.
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثنا).
[2] كذا هو في «اليونينيَّة» على الصَّواب.
[ج 2 ص 482]

(1/9867)


[باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه]
قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يَتَكَلَّفُ الطَّعَامَ لإِخْوَانِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم لهذا الحديث بصيغة التَّكلُّف، ولم يترجم كذلك لحديث أبي طلحة، وسرُّ ذلك أنَّه قال لغلامه: اصنع لي طعامًا لخمسة، فكانت نيَّته في الأصالة التَّحديدَ، ولهذا لم يأذن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للسادس حتَّى أذن له أبو شعيب، وأمَّا حديث أبي طلحة؛ فإنَّه استصحب معه أُمَّة كثيرة ولم يدْعُها أبو طلحة؛ لاسترسال نيَّة أبي طلحة مِن الأوَّل، والمعروف أنَّ التحديدَ يُنَافي البركة، والاسترسال بلاغها، والتَّحديد في الطعام حال الُمتكلِّف، والله أعلم)، انتهى.
==========
[ج 2 ص 482]

(1/9868)


[حديث: إنك دعوتنا خامس خمسة وهذا رجل قد تبعنا]
5434# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيابيُّ، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليق الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سَلَمَة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، تقدَّموا كلُّهم.
قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ [1] يُقَال لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ): (أبو شعيب): معدود في الصَّحابة، وهو من الأنصار، كما هنا، ولا أعرف اسمه، وأمَّا (غلامه)؛ فلا أعرف اسمه أيضًا، والله أعلم.
قوله: (فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ): هذا (الرَّجل التَّابع) لا أعرف اسمه.
قوله: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنْ يُوسُف: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا _يَعْنِي: ابِن إِسْمَاعِيل_ يَقُول ... ) إلى آخر كلامه: كذا هو في بعض النُّسخ، وعليه في أصلنا علامة: (مِن ... إلى)؛ مِن أوَّل هذا الكلام إلى آخره، وعليه علامة راويه، ولم يكن في روايتنا، وليس هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (مُحَمَّد بن يوسف): قائل ذلك هو الفِرَبْريُّ، راوي «الصَّحيح» عن البُخاريِّ، و (مُحَمَّد) بعده _الذي فيه: (يعني: ابن إسماعيل) _: هو البخاريُّ، وقوله: (يعني: ابن إسماعيل) هو مِن توضيح مَن دون الفِرَبْريِّ، وضَّحه، والله أعلم.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كان مِن الأنصار رجلٌ).
[ج 2 ص 482]

(1/9869)


[باب من أضاف رجلًا إلى طعام وأقبل هو على عمله]

(1/9870)


[حديث: كنت غلامًا أمشي مع رسول الله فدخل رسول الله ... ]
5435# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بِضَمِّ الميم، وكسر النُّون، ثُمَّ مثنّضاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، و (النَّضْرَ): بالمُعْجَمة، ولا يَحتاج إلَّا تقييد، كما تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ، وهو ابن شميل، الإمامُ، و (ابْنُ عَوْنٍ): عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، ذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الغلام) لا أعرفه، و (القَصْعَة): تَقَدَّمَتْ أنَّها بفتح القاف، ولا تُكسَر، وتَقَدَّمَ (الدُّبَّاء): أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه القرع.
==========
[ج 2 ص 482]

(1/9871)


[باب المرق]

(1/9872)


[حديث: أن خياطًا دعا النبي لطعام صنعه فذهبت مع النبي]
5436# قوله: (أَنَّ خَيَّاطًا): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه، و (حَوَالَيِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح اللَّام، ثُمَّ كسرة؛ لالتقاء الساكنَين، و (الْقَصْعَةِ): بالفتح، ولا تُكسَر.

(1/9873)


[باب القديد]

(1/9874)


[حديث: رأيت النبي أتي بمرقة فيها دباء وقديد]
5437# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ.
قوله: (أُتِيَ بِمَرَقَةٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.
==========
[ج 2 ص 482]

(1/9875)


[حديث: ما فعله إلا في عام جاع الناس أراد أن يطعم الغني الفقير]
5438# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهِرٌ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بمُوحَّدة، وسين مهملة، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين عبد الرَّحمن [بن] عائش؛ بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمة، وأنَّ هذا الثاني شخصٌ مُختلَف في صحبته، أخرج له التِّرْمِذيُّ، وصحَّح حديثه عن معاذ، رواه: عبد الرَّحمن بن عائش، عن مالك بن يُخامِر، عن معاذ، والله أعلم.
قوله: (الْكُرَاعَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الكاف، وتخفيف الرَّاء، وهذا ظاهِرٌ.
قوله: (وَمَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّ المراد بـ (الآل): الزَّوجات، أمَّهات المؤمنين، والظاهر: وأتباعهنَّ في بيوتهنَّ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، والله أعلم.

(1/9876)


[باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئًا]
قوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليُّ، التَّميميُّ مولاهم، المروزيُّ، شيخ خراسان، أبوه تركيٌّ، وأمُّه خُوارزميَّة، تُوُفِّيَ في رمضان سنة (181 هـ)، وقبره بهيت يُزار، وهو أشهر مِن أنْ يُترجَم، رحمة الله عليه.
==========
[ج 2 ص 482]

(1/9877)


[حديث: إن خياطًا دعا رسول الله لطعام صنعه.]
5439# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، شيخِ الإسلام.
قوله: (إِنَّ خَيَّاطًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الخيَّاط) لا أعرفه، و (الدُّبَّاء): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر: القرع.
==========
[ج 2 ص 482]

(1/9878)


[باب الرطب بالقثاء]
قوله: (بَابُ الرُّطَبِ بالْقِثَّاءِ): هو بكسر القاف وضمِّها، والمدِّ، وقد قرأ يحيى بن وثَّاب وطلحة بن مُصرِّف بالضَّمِّ، وكذا الأشعثُ العُقيليُّ، وهو معروف، وفي «صحاح الجوهريِّ»: (الخيار: القثَّاء)، ذكره في (خير)، وإنَّما هو نوع آخرُ غيره، هذا الذي نعرفه.
[ج 2 ص 482]

(1/9879)


[حديث: رأيت النبي يأكل الرطب بالقثاء]
5440# قوله: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ القِثَّاءِ بِالرُّطَبِ [1]): كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم» من حديث عبد الله بن جعفر، وفي غيرهما زيادةٌ: قال: «يَكسر حر هذا برد هذا».
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الرُّطب بالقِثَّاء).
[ج 2 ص 483]

(1/9880)


[باب التمر]

(1/9881)


[حديث: تضيفت أبا هريرة سبعًا فكان هو وامرأته وخادمه ... ]
5441# قوله: (عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ): (عَبَّاس): تَقَدَّمَ أنَّه بموحَّدة وسين مهملة، و (الجُرَيريُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الجيم وفتح الراء، واسم والده فرُّوخ، وليس عَبَّاس هذا بأخٍ لسعيد الجريريِّ، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَتْ [1] اللُّغات في (مَلٍّ).
قوله: (تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ): (تضيَّفه): إذا اتَّخذه ضيفًا.
قوله: (فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ): امرأة أبي هريرة، وكذا خادمه لا أعرف اسمَيهما، وقال بعض حفَّاظ العصر: (امرأته: بُسرة بنت غزوان)، ثُمَّ رأيت الذَّهَبيَّ ذكر في «تجريده» ما لفظه: (بُسرة بنت غزوان التي كان أبو هريرة أجيرها، ثُمَّ تزوَّجها، ما رأيت أحدًا ذكرها)، انتهى.
قوله: (فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ): وفي الحديث الآخر الآتي قريبًا: (فأصابني منه خمس تمرات)، وقد قَدَّمْتُ الكلام في ذلك، وجمعًا قريبًا، والله أعلم.
قوله: (إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا؛ فانظره.
قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن، البصريُّ، و (أَبُو عُثْمَان): عبد الرحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ).
قوله: (فَأَصَابَنِي مِنْهُ خَمْسٌ [2] تَمَرَاتٍ): تَقَدَّمَ جمعٌ بين هذا وبين (سبع) قبل هذا؛ فانظره، وكذا قوله: (وَحَشَفَةٌ)، وضبطها.
==========
[1] زيد في (أ): (في)، وهو تكرارٌ.
[2] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (أربع).
[ج 2 ص 483]

(1/9882)


[باب الرطب والتمر ... ]

(1/9883)


[معلق ابن يوسف: توفي رسول الله وقد شبعنا من الأسودين التمر والماء]
5442# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان ... ) إلى آخره: أمَّا (مُحَمَّد بن يوسف)؛ فهو الفِرْيابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ، و (مَنْصُور): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة الحَجَبِيُّ)، انتهى، وأمُّه (صَفِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها: هل هي صحابيَّة أم لا؟ في (الجنائز) وقبله، وفي (النِّكاح)، وهي صفيَّة بنت شيبة الحاجب، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان: كذا)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ والذَّهَبيُّ تعليقًا، وعلى كلِّ تقدير؛ فقد تَقَدَّمَ هذا مُسنَدًا عن مسلم بن إبراهيم، عن وُهَيب، عن منصور به، وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن يحيى، وسعيد بن منصور؛ كلاهما عن داود بن عبد الرَّحمن، عن منصور بن عبد الرَّحمن به، وعن ابن مثنًّى عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، وعن أبي كريب عن الأشجعيِّ، وعن نصر بن عليٍّ عن أبي أحمد الزُّبَيريِّ؛ ثلاثتهم عن سفيان، عن منصور به، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 483]

(1/9884)


[حديث: امشوا نستنظر لجابر من اليهودي]
5443# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، سلمة بن دينار.
قوله: (كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ [1] يُسْلِفُنِي): هذا اليهوديُّ قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (إنَّه هو أبو الشحم)، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (لم أعرف اسمه، ويحتمل أنْ يكون هو [أبو] الشَّحم).
قوله: (إِلَى الْجِدَادِ): هو بفتح الجيم وكسرها، وهو معروف.
قوله: (رُومَةَ): هي بِضَمِّ الرَّاء، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ميم مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، قال ابن قُرقُول: («رُوْمة»: اسم بئر عثمان بالمدينة، وفي الحديث: «وأرض جابر بطريق رومة»، ولعلَّها تلك)، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على (رومة) صاحب البئر.
قوله: (فَجَلَسَتْ، فَخَلَا عَامًا [2]): كذا في أصلنا، وفي هامش أصلنا نسخة: (فخاست نخلُها عامًا)، وفي نسخة أخرى لم تكن بأصلنا: (فحبست)، وقد ذكر ابن قُرقُول الروايات الثَّلاث في (الجيم مع اللَّام) وقال: (وصواب ذلك: ما رواه أبو الهيثم؛ يعني: «فخاست نخلها»؛ أي: خالفت معهود حملها) ... إلى أنْ قال: (وكان أبو مروان بن سراج يُصوِّب رواية القابسيِّ)؛ يعني: (فجلست، فخلا عامًا)، قال: (إلَّا أنَّه يُصلِح ضبطَها: «فجلست»؛ أي: فجلست عن القضاء، «فخلا»؛ يعني: السَّلف، «عامًا»، لكنَّ ذكرَه للأرض في أوَّل الحديث يدلُّ على أنَّ الخبر عنها، لا عن نفسه، والله أعلم) انتهى مُلخَّصًا، وفي «النِّهاية»: (في «خنس» _يعني: بالخاء المُعْجَمة، ثُمَّ النُّون، ثُمَّ السِّين المُهْمَلة_ ما لفظه: (وفي حديث جابر أنَّه كان له نخل فخنستِ النَّخل؛ أي: تأخَّرت عن قبول التَّلقيح؛ فلم يُؤثِّر فيها، ولم تحمل تلك السَّنة) انتهى، وهذه في هامش أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.
قوله: (أَسْتَنْظِرُهُ): أي: أطلب منه الإِنظار؛ وهو الَّتأخير.
قوله: (فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُخبِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ، نائب مناب الفاعل.
قوله: (امْشُوا): هو بهمزة وصل، فإنْ ابتدأت بها؛ كسرتَها [3].

(1/9885)


قوله: (لَا أُنْظِرُهُ): هو بِضَمِّ الهمزة وكسر الظَّاء، رُبَاعيٌّ؛ أي: لا أُؤَخِّره.
قوله: (أَيْنَ عَرِيشُكَ): هو بفتح العين، وكسر الرَّاء، وفي آخره شينٌ معجمةٌ، وهو بيت في النخيل مِن سعفه؛ مثل الكوخ، يقيمون فيه، يأكلون مدَّة حمل الرُّطب إلى أنْ يُصرِم.
قوله: (بِقُبْضَةٍ أُخْرَى): (القُبضة): ما قبضتَ عليه مِن شيء، يقال: أعطاه قُبضة من سويق أو تمر؛ أي: كفًّا منه، وربَّما جاء بالفتح [4]، وهو في أصلنا مفتوحُ القاف بالقلم، وقد قال الجوهريُّ: (إنَّه قليل)، والله أعلم.
قوله: (فِي الرِّطَابِ): هو بكسر الرَّاء، قال ابن قُرقُول: («فقام في الرِّطاب في النَّخل ثانية»، كذا جاء في «الأطعمة» عند أكثر الرواة، وعند ابن السَّكن: «فقام فطاف في النخل ثانية»، وكأنَّه الأشبه)، انتهى، و (الرُّطب) مِن التمر معروفٌ، الواحدة: رُطَبة، وجمع الرُّطب: أرطاب ورِطاب أيضًا؛ مثل: ربع ورِباع، وجمع الرُّطبة: رطبات، ورُطَب.
قوله: (فَوَقَفَ فِي الْجدَادِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالكسر والفتح.
قوله: (وَفَضَلَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الضَّاد وكسرها، وفي مجموعه ثلاثُ لغات، تَقَدَّمَتْ.

(1/9886)


[باب أكل الجمار]
قوله: (بَابُ أَكْلِ الْجُمَّارِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الجيم، وتشديد الميم، وفي آخره راءٌ، وهو الكَثَرُ، وهو رخْصُ طلع النَّخل وما يُؤكَل من غلقته [1].
[ج 2 ص 483]

(1/9887)


[حديث: إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم]
5444# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غِياثًا)؛ بكسر الغين وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثةٌ، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، الكاهليُّ القارئ.
قوله: (إِذْ أُتِيَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الجُمَّار): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو قريبًا جدًّا.
قوله: (لَمَا بَرَكَتُهُ): هو بفتح اللَّام وتخفيف الميم، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.
قوله: (أَنَا أَحْدَثُهُمْ): أي: أصغرهم سنًّا، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9888)


[باب العجوة]

(1/9889)


[حديث: من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوةً لم يضره ... ]
5445# قوله: (حَدَّثَنَا جُمْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ [1]): هو جمعة بن عبد الله بن زياد السُّلَميُّ البلخيُّ، أبو بكر، وقيل: اسمه يحيى، وجمعة لقبه، عن هشيم، ومروان بن معاوية، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، والحسن بن سفيان، وغيرهما، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأنَّه مِن دُعاة السُّنَّة، وتُوُفِّيَ سنة (233 هـ)، انفرد به البُخاريُّ عن أصحاب الكُتُب السِّتَّة، و (مروان): هو ابن معاوية.
قوله: (مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً ... )؛ الحديث: هو في أصلنا: (تمراتٍ عجوةً)، وفي نسخة: (تمراتِ عجوةٍ)، واعلم أنَّه يجوز فيه الإضافةُ وتركُها، قال ابن مالك: ويجوز نصبه على التمييز، و (العجوة): نوع مِن التَّمر، واعلم أنَّ هذا ورد مُقيَّدًا في «مسلم»، وكلاهما من رواية سعد بن أبي وقَّاص، ولفظه: «مَن أكل سبع تمرات ممَّا بين لابتيها حين يصبح؛ لم يضرَّه سمٌّ حتَّى يُمسِي ... »؛ الحديث، وفي «مسلم» أيضًا من حديثه الإطلاقُ كما هنا، وفي «المستدرك» وقال: صحيح الإسناد: «مَن تصبَّح ... » إلى أنْ قال: «مِن البرنيِّ»، وفي «الدَّارميِّ»: «لم يضرَّه ذلك اليومَ شيءٌ حتَّى يمسي»، وأخرج مسلم مِن حديث عائشة رضي الله عنها: «إنَّ في عجوة العالية شفاءً _ أو إنَّها ترياقٌ_ أوَّل البُكرة»، والحاصل: أنَّه ليس مراده العجوة من حيث هي، بل عجوة أرضٍ مخصوصةٍ، وقد بوَّب عليه الشيخ محي الدين في «شرح مسلم»: (باب فضل تمر المدينة)، و (اللَّابتان): الحرَّتان، وظاهر تبويب البُخاريِّ: أنَّه أراد مُطلَق العجوة؛ وذلك لأنَّه فيما يأتي في (الطِّبِّ) قال: (باب الدَّواء بالعجوة للسِّحر)، والظَّاهر من حاله: أنَّه وقف على رواية التَّقييد، ولو رضيَها؛ لقال في (الطِّبِّ): (باب الدواء بعجوة كذا للسِّحر)، وقد نقل شيخنا في (كتاب الطِّبِّ) في (باب الدَّواء بالعجوة): (عن الفرَّاء: أنَّها ممَّا غرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة، قال: وكذا قال ابن الأثير: إنَّها نوع مِن تمر المدينة، أكبر من الصيحانيِّ، يقرب إلى السَّواد، مِنْ غرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، ثُمَّ رأيت الذي قاله عن ابن الأثير في «نهايته» في حديث: «العجوة من الجنَّة»، ولم يقوَ فهمي أنَّه أراد: عجوة المدينة خاصَّةً مِن كلامه)، والله أعلم.

(1/9890)


قوله: (لَمْ يَضُرَّهُ): هو بفتح الراء المُشَدَّدة، ونصَّ سيبويه على ضمِّها، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (السّمَّ) مثلَّث السين، وأردؤها الكسر، وقد أُنكِر.
تنبيهٌ: قال الخَطَّابيُّ وغيرُه: وكونها عُوذة من السمِّ والسحر إنَّما هو ببركة دعوة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم التي سيقت فيها، لا لأنَّ التمر يصنع شيئًا من ذلك، انتهى.
==========
[1] في هامش (ق): (في «التذهيب»: اسمه يحيى، قيل: جمعة لقبه، واسمه عبيد بن عبد الله بن زياد بن شداد أبو بكر السلميُّ البلخيُّ، انفرد به البخاري عن الخمسة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، توفي يوم الخميس لخمس مضين من جمادى الآخرة).
[ج 2 ص 484]

(1/9891)


[باب القران في التمر]

(1/9892)


[حديث: نهى النبي عن القران]
5446# قوله: (حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): هو بِضَمِّ السين وفتح الحاء المُهْمَلتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم.
قوله: (أَصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (السنة): القَحْط والجَدْب.
قوله: (مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، الصَّحابيُّ المشهور، ابن الصَّحابيِّ، أحد العشرة.
قوله: (عَنِ الإِقْرَان): كذا في أصلنا وعليه علامة نسخة وراويه، وفي الهامش: (القِران) وعليه (صح)، قال ابن قُرقُول: (نهى عن القران في التمر): وجاء في أحاديثَ كثيرةٍ في الصَّحيحين: (عن الإقران)، والأوَّل هو المعروف، انتهى، وقد رأيت في حواشي الحافظ زكيِّ الدين بن عبد العظيم بن عبد القويِّ المنذريِّ على «أبي داود»: نقل ذلك عن أبي بكر المعافريِّ _هو القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ_: أنَّه يُقال: قرن بين الشيئين وأقرن؛ إذا جمع بينهما، انتهى، وفي «النهاية»: (نهى عن القران إلَّا أنَّ يستأذن الرجلُ صاحبَه)، ويُروى: (الإقران)، والأوَّل أصحُّ، وهو أنَّ يقرن بين التمرتين في الأكل، وإنما نهى عنه؛ لأنَّ فيه شرهًا، وذلك يُزري بفاعله، أو لأنَّ فيه غُبنًا لصاحبه، وقيل: إنَّما نهى عنه لما كانوا فيه من شدَّة العيش، وقلَّة الطعام، وكانوا مع هذا يواسون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل؛ آثر بعضُهم بعضًا على نفسه، وقد يكون في القوم من قد اشتدَّ جوعه، فربما قرن بين التمرتين، أو عظَّم اللقمة، فأرشدهم إلى الإذن فيه؛ لتطيب به أنفس الباقين، انتهى.

(1/9893)


واعلم أنَّه اختُلِف في هذا النَّهْي؛ أهو على التحريم أو الكراهة؟ قال النَّوَويُّ رحمه الله: والصواب التفصيل: فإنْ كان الطعام مشتركًا بينهم؛ فالقران حرامٌ إلَّا برضاهم، ويحصل الرضا بتصريحهم، أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حالٍ وإدلال عليهم، بحيث يعلم يقينًا أو ظنًّا قويًّا أنَّهم يرتضون به، ومتى شكَّ فى رضاهم؛ فهو حرامٌ، وإنْ كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم؛ اشتُرط رضاه وحده، فإنْ قرن بغير رضاه؛ فحرام، ويستحبُّ أنْ يستأذنَ الآكلين معه، ولا يجب، وإنْ كان الطعام لنفسه وقد ضيَّفهم به؛ فلا يحرم عليه القران، ثُمَّ إنْ كان فى الطعام قلَّةٌ؛ فحسنٌ ألَّا يقرن؛ ليُساويَهم، وإنْ كان كثيرًا بحيث يفضل عنهم؛ فلا بأس بقرانه، لكنَّ الأدب مطلق التأدُّب في الأكل وترك الشَّرَه، إلَّا أنْ يكون مستعجلًا ويريد الإسراع لشغل ... إلى آخر كلامه، وذكر أيضًا (الإقران) فقال: هكذا هو فى الأصول، والمعروف فى اللغة: القران، والله أعلم.
قوله: (إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، قَالَ شُعْبَةُ: الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ): ولفظ شعبة في «مسلم»: (لا أُرى هذه الكلمة إلَّا من كلمة ابن عمر)؛ يعني بـ (الكلمة): الكلام، وهذا معروفٌ سائغٌ، قال النَّوَويُّ:
[ج 2 ص 484]
وما قاله شعبة لا يؤثِّر في رفع الاستئذان؛ لأنَّه نفاه بظنٍّ في «مسلم»، وكأنَّه قَوِيَ ظنُّه مرَّة أخرى، فجزم به، كما هنا، ولكن أثبته سفيان في «صحيح مسلم» ولفظه: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يقرن الرجلُ بين التمرتين حتَّى يستأذن أصحابه)، انتهى، وقال الخطيب البغداديُّ: إنَّ هذا من قول ابن عمر، وليس من قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، نقله عنه المحبُّ الطبريُّ، وقد تَقَدَّمَ كلامٌ على هذا الموضع، والله أعلم.

(1/9894)


[باب بركة النخل]

(1/9895)


[حديث: من الشجر شجرة تكون مثل المسلم وهي النخلة]
5448# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زُبَيْد)؛ بالموحَّدة: هو ابن الحارث الياميُّ، تَقَدَّمَ.
==========
[ج 2 ص 485]

(1/9896)


[باب القثاء]
قوله: (بَابُ الْقثَّاءِ) [1]: تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسرِ [2] القاف وضمِّها، وتَقَدَّمَ مَن قرأ بِضَمِّ القاف، وتَقَدَّمَ ما وقع للجوهريِّ فيه.

(1/9897)


[باب جمع اللونين أو الطعامين بمرة]
قوله: (بَابُ جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَوِ الطَّعَامَيْنِ بِمَرَّةٍ): قال شيخنا: قال المهلَّب: لا أعلم مَن نهى عن خلط الأدم إلَّا شيئًا يُروى عن عمر رضي الله عنه، ويمكن أنْ يكون ذلك من السَّرَف _ والله أعلم_؛ لأنَّه كان يمكن أنْ يأتدم بأحدهما ويرفع الآخر إلى مرَّة أخرى، ولم يحرِّم ذلك عمرُ رضي الله عنه؛ لأجل الاتِّباع في أكل الرطب بالقثَّاء، والقديد مع الدُّبَّاء، وقد رُوِيَ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما يبيِّن هذا، روى عبيد الله بن عمر القواريريُّ، وساق سندًا إلى سلمة بن حنيف عن أهل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (أنَّه عليه الصلاة والسلام نزل قباء ... )؛ فذكر حديثًا، إلى أنْ قال عليه السلام: «ما شرابك هذا؟» قال: لبنٌ وعسلٌ يا رسول الله، قال: «إنِّي لا أحرِّمه، ولكن أدعه تواضعًا لله، فإنَّه من تواضع لله؛ رفعه الله، ومَن تكبَّر؛ قصمه الله، ومَن بذَّر؛ أفقره الله، ومَن اقتصد؛ أغناه الله، ومَن ذكر الله؛ أحبَّه الله»، انتهى.
وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» بسنده حديثًا في الجمع بين إدامين عن عائشة رضي الله عنها قالت: أُتِيَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بقدح لبن وعسل، فقال: «أشربتان في شربة، وأُدمان في أدم وقدح؟! لا حاجة لي فيه، أمَا إنِّي لا أزعم أنَّه حرامٌ، ولكنِّي أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضع، فمَن تواضع لله؛ رفعه الله، ومَن تكبَّر؛ وضعه الله، ومَن استغنى؛ أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله؛ أحبَّه الله»، قال ابن الجوزيِّ: تفرَّد به نعيم، ثُمَّ ذكر جرحه عن جماعةٍ، انتهى.
وفي «المستدرك» في (الأطعمة): (عن أنس رضي الله عنه: أُتِيَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقعب فيه لبنٌ [وشيء] [1] من عسل، فقال: «أُدمان في إناء؟! لا آكله ولا أحرِّمه»، صحيحٌ)، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: بل منكرٌ واهٍ، رواه مُحَمَّد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب: حدَّثَني عمِّي عبد السلام عن أبيه عن أنس، ولم أرَ فيهم مجروحًا، انتهى، والله أعلم.
وتقدير تبويب البُخاريِّ: باب جواز جمع اللَّونَين، أو باب جمع اللَّونَين ... إلى آخره، هل جاء فيه شيء؟ وقد ذكر فيه دليلَ الجوازِ.
==========
[1] ما بين معقوفين بياض في (أ)، وكُتِبَ فوقها: (كذا)، والمثبت من مصدره.
[ج 2 ص 485]

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب الحافظ ابن حجر العسقلاني

تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب - مؤسسة قرطبة المؤلف الحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمة المؤلف اسم المصنف: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلا...